سُورَة الْجُمُعَة [ مَدَنِيَّة وَآيَاتهَا إحْدَى عَشْرَة ] {يُسَبِّح اللَّه} يُنَزِّههُ فَاللَّام زَائِدَة {مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الْأَرْض} فِي ذِكْر مَا تَغْلِيب لِلْأَكْثَرِ {الْمَلِك الْقُدُّوس} الْمُنَزَّه عَمَّا لَا يَلِيق بِهِ {الْعَزِيز الْحَكِيم} فِي مُلْكه وَصُنْعه
{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ} الْعَرَب وَالْأُمِّيّ : مَنْ لَا يَكْتُب وَلَا يَقْرَأ كِتَابًا {رَسُولًا مِنْهُمْ} هُوَ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاته} الْقُرْآن {وَيُزَكِّيهِمْ} يُطَهِّرهُمْ مِنْ الشِّرْك {وَيُعَلِّمهُمْ الْكِتَاب} الْقُرْآن {وَالْحِكْمَة} مَا فِيهِ مِنْ الْأَحْكَام {وَإِنْ} مُخَفَّفَة مِنْ الثَّقِيلَة وَاسْمهَا مَحْذُوف أَيْ وَإِنَّهُمْ {كَانُوا مِنْ قَبْل} قَبْل مَجِيئِهِ {لَفِي ضَلَال مُبِين} بَيِّن
{وَآخَرِينَ} عَطْف عَلَى الْأُمِّيِّينَ أَيْ الْمَوْجُودِينَ {مِنْهُمْ} وَالْآتِينَ مِنْهُمْ بَعْدهمْ {لَمَّا} لَمْ {يَلْحَقُوا بِهِمْ} فِي السَّابِقَة وَالْفَضْل {وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم} فِي مُلْكه وَصُنْعه وَهُمْ التَّابِعُونَ وَالِاقْتِصَار عَلَيْهِمْ كَاف فِي بَيَان فَضْل الصَّحَابَة الْمَبْعُوث فِيهِمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ عَدَاهُمْ مِمَّنْ بَعَثَ إلَيْهِمْ وَآمَنُوا بِهِ مِنْ جَمِيع الْإِنْس وَالْجِنّ إلَى يَوْم الْقِيَامَة لِأَنَّ كُلّ قَرْن خَيْر مِمَّنْ يَلِيه
{ذَلِكَ فَضْل اللَّه يُؤْتِيه مَنْ يَشَاء} النَّبِيّ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ
{مَثَل الَّذِينَ حَمِّلُوا التَّوْرَاة} كُلِّفُوا الْعَمَل بِهَا {ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا} لَمْ يَعْمَلُوا بِمَا فِيهَا مِنْ نَعْته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ {كَمَثَلِ الْحِمَار يَحْمِل أَسْفَارًا} أَيْ كُتُبًا فِي عَدَم انْتِفَاعه بِهَا {بِئْسَ مَثَل الْقَوْم الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّه} الْمُصَدِّقَة لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمَخْصُوص بِالذَّمِّ مَحْذُوف تَقْدِيره هَذَا الْمَثَل {وَاَللَّه لَا يَهْدِي الْقَوْم الظَّالِمِينَ} الْكَافِرِينَ
{قُلْ يَا أَيّهَا الَّذِينَ هَادُوا إنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِنْ دُون النَّاس فَتَمَنَّوْا الْمَوْت إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} تَعَلَّقَ بِتَمَنَّوْا الشَّرْطَانِ عَلَى أَنَّ الْأَوَّل قَيْد فِي الثَّانِي أَيْ إنْ صَدَقْتُمْ فِي زَعْمكُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء اللَّه وَالْوَلِيّ يُؤْثِر الْآخِرَة وَمَبْدَؤُهَا الْمَوْت فَتَمَنَّوْهُ
{وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهمْ} مِنْ كُفْرهمْ بِالنَّبِيِّ الْمُسْتَلْزِم لِكَذِبِهِمْ {وَاَللَّه عَلِيم بِالظَّالِمِينَ} الْكَافِرِينَ
{قُلْ إنَّ الْمَوْت الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ} الْفَاء زَائِدَة {مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إلَى عَالِم الْغَيْب وَالشَّهَادَة} السِّرّ وَالْعَلَانِيَة {فَيُنَبِّئكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} فَيُجَازِيكُمْ بِهِ
{يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ} بِمَعْنَى فِي {يَوْم الْجُمُعَة فَاسْعَوْا} فَامْضُوا {إلَى ذِكْر اللَّه} لِلصَّلَاةِ {وَذَرُوا الْبَيْع} اُتْرُكُوا عَقْده {ذَلِكُمْ خَيْر لَكُمْ إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} أَنَّهُ خَيْر فَافْعَلُوا
{فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلَاة فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْض} أَمْر إبَاحَة {وَابْتَغُوا} اُطْلُبُوا الرِّزْق {مِنْ فَضْل اللَّه وَاذْكُرُوا اللَّه} ذِكْرًا {كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} تَفُوزُونَ كَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُب يَوْم الْجُمُعَة فَقَدِمَتْ عِير وَضُرِبَ لِقُدُومِهَا الطَّبْل عَلَى الْعَادَة فَخَرَجَ لَهَا النَّاس مِنْ الْمَسْجِد غَيْر اثْنَيْ عَشَر رَجُلًا فَنَزَلَتْ
{وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَة أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إلَيْهَا} أَيْ التِّجَارَة لِأَنَّهَا مَطْلُوبهمْ دُون اللَّهْو {وَتَرَكُوك} فِي الْخُطْبَة {قَائِمًا قُلْ مَا عِنْد اللَّه} مِنْ الثَّوَاب {خَيْر} لِلَّذِينَ آمَنُوا {مِنْ اللَّهْو وَمِنْ التِّجَارَة وَاَللَّه خَيْر الرَّازِقِينَ} يُقَال : كُلّ إنْسَان يَرْزُق عَائِلَته أَيْ مِنْ رِزْق اللَّه تَعَالَى