{ عَمّ } عَنْ أَيّ شَيْء { يَتَسَاءَلُونَ } يَسْأَل بَعْض قُرَيْش بَعْضًا
{ عَنْ النَّبَإِ الْعَظِيم } بَيَان لِذَلِكَ الشَّيْء وَالِاسْتِفْهَام لِتَفْخِيمِهِ وَهُوَ مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْقُرْآن الْمُشْتَمِل عَلَى الْبَعْث وَغَيْره
{ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ } فَالْمُؤْمِنُونَ يُثْبِتُونَهُ وَالْكَافِرُونَ يُنْكِرُونَهُ
{ كَلَّا } رَدْع { سَيَعْلَمُونَ } مَا يَحِلّ بِهِمْ عَلَى إِنْكَارهمْ لَهُ
{ ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ } تَأْكِيد وَجِيءَ فِيهِ بِثُمَّ لِلْإِيذَانِ بِأَنَّ الْوَعِيد الثَّانِي أَشَدّ مِنْ الْأَوَّل , ثُمَّ أَوْمَأَ تَعَالَى إِلَى الْقُدْرَة عَلَى الْبَعْث فَقَالَ : { أَلَمْ نَجْعَل الْأَرْض مِهَادًا }
{ أَلَمْ نَجْعَل الْأَرْض مِهَادًا } فِرَاشًا كَالْمَهْدِ
{ وَالْجِبَال أَوْتَادًا } تَثْبُت بِهَا الْأَرْض كَمَا تَثْبُت الْخِيَام بِالْأَوْتَادِ , وَالِاسْتِفْهَام لِلتَّقْرِيرِ
{ وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا } ذُكُورًا وَإِنَاثًا
{ وَجَعَلْنَا نَوْمكُمْ سُبَاتًا } رَاحَة لِأَبْدَانِكُمْ
{ وَجَعَلْنَا اللَّيْل لِبَاسًا } سَاتِرًا بِسَوَادِهِ
{ وَجَعَلْنَا النَّهَار مَعَاشًا } وَقْتًا لِلْمَعَايِشِ
{ وَبَنَيْنَا فَوْقكُمْ سَبْعًا } سَبْع سَمَاوَات { شِدَادًا } جَمْع شَدِيدَة , أَيْ قَوِيَّة مُحْكَمَة لَا يُؤَثِّر فِيهَا مُرُور الزَّمَان
{ وَجَعَلْنَا سِرَاجًا } مُنِيرًا { وَهَّاجًا } وَقَّادًا : يَعْنِي الشَّمْس
{ وَأَنْزَلْنَا مِنْ الْمُعْصِرَات } السَّحَابَات الَّتِي حَانَ لَهَا أَنْ تُمْطِر , كَالْمُعْصِرِ الْجَارِيَة الَّتِي دَنَتْ مِنْ الْحَيْض { مَاء ثَجَّاجًا } صَبَّابًا
{ لِنُخْرِج بِهِ حَبًّا } كَالْحِنْطَةِ { وَنَبَاتًا } كَالتِّينِ
{ وَجَنَّات } بَسَاتِين { أَلْفَافًا } مُلْتَفَّة , جَمْع لَفِيف كَشَرِيفِ وَأَشْرَاف
{ إِنَّ يَوْم الْفَصْل } بَيْن الْخَلَائِق { كَانَ مِيقَاتًا } وَقْتًا لِلثَّوَابِ وَالْعِقَاب
{ يَوْم يُنْفَخ فِي الصُّور } الْقَرْن بَدَل مِنْ يَوْم الْفَصْل أَوْ بَيَان لَهُ وَالنَّافِخ إِسْرَافِيل { فَتَأْتُونَ } مِنْ قُبُوركُمْ إِلَى الْمَوْقِف { أَفْوَاجًا } جَمَاعَات مُخْتَلِفَة
{ وَفُتِحَتْ السَّمَاء } بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف شُقِّقَتْ لِنُزُولِ الْمَلَائِكَة { فَكَانَتْ أَبْوَابًا } ذَات أَبْوَاب
{ وَسُيِّرَتْ الْجِبَال } ذُهِبَ بِهَا عَنْ أَمَاكِنهَا { فَكَانَتْ سَرَابًا } هَبَاء , أَيْ مِثْله فِي خِفَّة سَيْرهَا
{ إِنَّ جَهَنَّم كَانَتْ مِرْصَادًا } رَاصِدَة أَوْ مُرْصَدَة
{ لِلطَّاغِينَ } الْكَافِرِينَ فَلَا يَتَجَاوَزُونَهَا { مَآبًا } مَرْجِعًا لَهُمْ فَيَدْخُلُونَهَا
{ لَابِثِينَ } حَال مُقَدَّرَة , أَيْ مُقَدَّرًا لُبْثهمْ { فِيهَا أَحْقَابًا } دُهُورًا لَا نِهَايَة لَهَا جَمْع حُقْب بِضَمِّ أَوَّله
{ لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا } نَوْمًا فَإِنَّهُمْ لَا يَذُوقُونَهُ { وَلَا شَرَابًا } مَا يُشْرَب تَلَذُّذًا
{ إِلَّا } لَكِنْ { حَمِيمًا } مَاء حَارًّا غَايَة الْحَرَارَة { وَغَسَّاقًا } بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد مَا يَسِيل مِنْ صَدِيد أَهْل النَّار فَإِنَّهُمْ يَذُوقُونَهُ جُوزُوا بِذَلِكَ
{ جَزَاء وِفَاقًا } مُوَافِقًا لِعَمَلِهِمْ فَلَا ذَنْب أَعْظَم مِنْ الْكُفْر وَلَا عَذَاب أَعْظَم مِنْ النَّار
{ إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ } يَخَافُونَ { حِسَابًا } لِإِنْكَارِهِمْ الْبَعْث
{ وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا } الْقُرْآن { كِذَّابًا } تَكْذِيبًا
{ وَكُلّ شَيْء } مِنْ الْأَعْمَال { أَحْصَيْنَاهُ } ضَبَطْنَاهُ { كِتَابًا } كَتْبًا فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ لِنُجَازِيَ عَلَيْهِ وَمِنْ ذَلِكَ تَكْذِيبهمْ بِالْقُرْآنِ
{ فَذُوقُوا } أَيْ فَيُقَال لَهُمْ فِي الْآخِرَة عِنْد وُقُوع الْعَذَاب ذُوقُوا جَزَاءَكُمْ { فَلَنْ نَزِيدكُمْ إِلَّا عَذَابًا } فَوْق عَذَابكُمْ
{ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا } مَكَان فَوْز فِي الْجَنَّة
{ حَدَائِق } بَسَاتِين بَدَل مِنْ مَفَازًا أَوْ بَيَان لَهُ { وَأَعْنَابًا } عَطْف عَلَى مَفَازًا
{ وَكَوَاعِب } جَوَارِي تَكَعَّبَتْ ثُدِيّهنَّ جَمْع كَاعِب { أَتْرَابًا } عَلَى سِنّ وَاحِد , جَمْع تِرْب بِكَسْرِ التَّاء وَسُكُون الرَّاء
{ وَكَأْسًا دِهَاقًا } خَمْرًا مَالِئَة مَحَالّهَا , وَفِي سُورَة الْقِتَال : { وَأَنْهَار مِنْ خَمْر }
{ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا } أَيْ الْجَنَّة عِنْد شُرْب الْخَمْر وَغَيْرهَا مِنْ الْأَحْوَال { لَغْوًا } بَاطِلًا مِنْ الْقَوْل { وَلَا كِذَّابًا } بِالتَّخْفِيفِ , أَيْ : كَذِبًا , وَبِالتَّشْدِيدِ أَيْ تَكْذِيبًا مِنْ وَاحِد لِغَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا يَقَع فِي الدُّنْيَا عِنْد شُرْب الْخَمْر
{ جَزَاء مِنْ رَبّك } أَيْ جَزَاهُمْ اللَّه بِذَلِكَ جَزَاء { عَطَاء } بَدَل مِنْ جَزَاء { حِسَابًا } أَيْ كَثِيرًا , مِنْ قَوْلهمْ : أَعْطَانِي فَأَحْسَبنِي , أَيْ أَكْثَر عَلَيَّ حَتَّى قُلْت حَسْبِي
{ رَبّ السَّمَاوَات وَالْأَرْض } بِالْجَرِّ وَالرَّفْع { وَمَا بَيْنهمَا الرَّحْمَن } كَذَلِكَ وَبِرَفْعِهِ مَعَ جَرّ رَبّ { لَا يَمْلِكُونَ } أَيْ الْخَلْق { مِنْهُ } تَعَالَى { خِطَابًا } أَيْ لَا يَقْدِر أَحَد أَنْ يُخَاطِبهُ خَوْفًا مِنْهُ
{ يَوْم } ظَرْف ل { لَا يَمْلِكُونَ } { يَقُوم الرُّوح } جِبْرِيل أَوْ جُنْد اللَّه { وَالْمَلَائِكَة صَفًّا } حَال , أَيْ مُصْطَفِّينَ { لَا يَتَكَلَّمُونَ } أَيْ الْخَلْق { إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَن } فِي الْكَلَام { وَقَالَ } قَوْلًا { صَوَابًا } مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَة كَأَنْ يَشْفَعُوا لِمَنْ اِرْتَضَى
{ ذَلِكَ الْيَوْم الْحَقّ } الثَّابِت وُقُوعه وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة { فَمَنْ شَاءَ اِتَّخَذَ إِلَى رَبّه مَآبًا } مَرْجِعًا , أَيْ رَجَعَ إِلَى اللَّه بِطَاعَتِهِ لِيَسْلَم مِنْ الْعَذَاب فِيهِ
{ إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ } يَا كُفَّار مَكَّة { عَذَابًا قَرِيبًا } عَذَاب يَوْم الْقِيَامَة الْآتِي , وَكُلّ آتٍ قَرِيب { يَوْم } ظَرْف لَعِذَابًا بِصِفَتِهِ { يَنْظُر الْمَرْء } كُلّ اِمْرِئٍ { مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ } مِنْ خَيْر وَشَرّ { وَيَقُول الْكَافِر يَا } حَرْف تَنْبِيه { لَيْتَنِي كُنْت تُرَابًا } يَعْنِي فَلَا أُعَذَّب يَقُول ذَلِكَ عِنْدَمَا يَقُول اللَّه تَعَالَى لِلْبَهَائِمِ بَعْد الِاقْتِصَاص مِنْ بَعْضهَا : كُونِي تُرَابًا .