1-" يسبح لله ما في السموات وما في الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم " وقد قرئ الصفات الأربع بالرفع على المدح .
2-" هو الذي بعث في الأميين " أي في العرب لأن أكثرهم لا يكتبون ولا يقرؤون . " رسولاً منهم " من جملتهم أمياً مثلهم . " يتلو عليهم آياته " من كونه أمياً مثلهم لم يعهد منه قراءة ولا تعلم " ويزكيهم " من خبائث العقائد والأعمال " ويعلمهم الكتاب والحكمة " القرآن والشريعة ، أو معالم الدين من المنقول والمعقول ، ولو لم يكن له سواه معجزة لكفاه . " وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين " من الشرك وخبث الجاهلية ، وهو بيان لشدة احتياجهم إلى نبي يرشدهم ،وإزاحة لما يتوهم أن الرسول تعلم ذلك من معلم ، و " إن " هي المخففة واللام تدل عليها .
3-" وآخرين منهم " عطف على " الأميين " ، أو المنصوب في " يعلمهم " وهم الذين جاؤوا بعد الصحابة إلى يوم الدين ، فإن دعوته وتعليمه يعم الجميع . " لما يلحقوا بهم " لم يلحقوا بهم بعد وسيلحقون " وهو العزيز " في تمكينه من هذا الأمر الخارق للعادة . " الحكيم " في اختياره وتعليمه .
4-" ذلك فضل الله " ذلك الفضل الذي امتاز به عن أقرانه فضله . " يؤتيه من يشاء " تفضلاً وعطية . "والله ذو الفضل العظيم " الذي يستحقر دونه نعيم الدنيا ، أو نعيم الآخرة أو نعيمهما .
5-" مثل الذين حملوا التوراة " علموها وكلفوا العمل بها " ثم لم يحملوها " لم يعلموا بها أو لم ينتفعوا بما فيها . "كمثل الحمار يحمل أسفاراً " كتباً من العلم بتعب في حملها ولا ينتفع بها . ويحمل حال والعامل فيه معنى المثل أو صفة إذ ليس المراد من " الحمار " معيناً . " بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله " أي مثل الذين كذبوا وهم اليهود المكذبون بآيات الله الدالة على نبوة محمد عليه الصلاة والسلام ، ويجوظ أن يكون الذين صفة للقوم والمخصوص بالذم محذوفاً . " والله لا يهدي القوم الظالمين " .
6-" قل يا أيها الذين هادوا " تهودوا . " إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس " إذ كانوا يقولون نحن أبناء الله وأحباؤه . " فتمنوا الموت " فتمنوا من الله أن يميتكم وينقلكم من دار البلية إلى محل الكرامة . " إن كنتم صادقين " في زعمكم .
7-" ولا يتمنونه أبداً بما قدمت أيديهم " بسبب ما قدموا من الكفر والمعاصي . " والله عليم بالظالمين " فيجازيهم على أعمالهم .
8-" قل إن الموت الذي تفرون منه " وتخافون أن تتمنوه بلسانكم مخافة أن يصيبكم فتؤخذوا بأعمالكم . " فإنه ملاقيكم " لاحق بكم لا تفوتونه ، والفاء لتضمن الاسم معنى الشرط باعتبار الوصف ،و كأن فرارهم يسرع لحوقه بهم . وقد قرئ بغير فاء ويجوز أن يكون الموصول خبراً والفاء عاطفة . " ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون " بأن يجازيكم عليه .
9-" يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة " أي إذا أذن لها . " من يوم الجمعة " بيان لـ " إذا " وإنما سمي جمعة لاجتماع الناس فيه للصلاة ، وكانت العرب تسميه العروبة . وقيل سماه كعب من لؤي لاجتماع الناس فيه إليه ، وأول جمعة جمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لما قدم المدينة نزل قباء بها إلى الجمعة ، ثم دخل المدينة وصلى الجمعة في واد لبني سالم بن عوف . " فاسعوا إلى ذكر الله " فامضوا إليه مسرعين قصداً فإن السعي دون العدو ، والـ " ذكر" الخطبة ، وقيل الصلاة والأمر بالعسي إليها يدل على وجوبها . " وذروا البيع " واتركوا المعاملة . "ذلكم " أي السعي إلى ذكر الله " خير لكم " من المعاملة فإن نفع الآخرة خير وأبقى " إن كنتم تعلمون " الخير والشر الحقيقيين ، أو إن كنتم من أهل العلم .
10-" فإذا قضيت الصلاة " أديت وفرغ منها ." فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله " إطلاق لما حظر عليهم ، واحتج به من جعل الأمر بعد الحظر للإباحة . وفي الحديث " ابتغوا من فضل الله ليس بطلب الدنيا وإنما هو عيادة مريض وحضور جنازة وزيارة أخ في الله " .
11-" وإذا رأوا تجارةً أو لهواً انفضوا إليها " روي "أنه عليه الصلاة والسلام كان يخطب للجمعة فمرت عليه عير تحمل الطعام ، فخرج الناس إليهم إلا اثني عشر رجلاً فنزلت" . وإفراد التجارة برد الكناية لأنها المقصودة ، فإن المراد من اللهو الطبل الذي كانوا يستقبلون به العير ، والترديد للدلالة على أن منهم من انفض لمجرد سماعت الطبل ورؤيته ، أو للدلالة على أن الانفضاض إلى التجارة مع الحاجة إليها والانتفاع بها إذا كان مذموماً كان الانفضاض إلى اللهو أولى بذلك . وقيل تقديره إذا رأوا تجارة انفضوا إليها وإذا رأوا لهواً انفضوا إليه . "وتركوك قائماً " أي على المنبر " قل ما عند الله " من الثواب . " خير من اللهو ومن التجارة " فإن ذلك محقق مخلد بخلاف ما تتوهمون من نفعهما " والله خير الرازقين " فتوكلوا عليه واطلبوا الرزق منه . عن النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة الجمعة أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من أتى الجمعة ومن لم يأتها في أمصار المسلمين " .