سُورَة الْمُرْسَلَات [ مَكِّيَّة وَآيَاتهَا خَمْسُونَ ] {وَالْمُرْسَلَات عُرْفًا} أَيْ الرِّيَاح مُتَتَابِعَة كَعُرْفِ الْفَرَس يَتْلُو بَعْضه بَعْضًا وَنَصْبه عَلَى الْحَال
{فَالْعَاصِفَات عَصْفًا} الرِّيَاح الشَّدِيدَة
{وَالنَّاشِرَات نَشْرًا} الرِّيَاح تَنْشُر الْمَطَر
{فَالْفَارِقَات فَرْقًا} أَيْ آيَات الْقُرْآن تَفْرُق بَيْن الْحَقّ وَالْبَاطِل وَالْحَلَال وَالْحَرَام
{فَالْمُلْقِيَات ذِكْرًا} أَيْ الْمَلَائِكَة تَنْزِل بِالْوَحْيِ إلَى الْأَنْبِيَاء وَالرُّسُل يُلْقُونَ الْوَحْي إلَى الْأُمَم
{عُذْرًا أَوْ نُذْرًا} أَيْ لِلْإِعْذَارِ وَالْإِنْذَار مِنْ اللَّه تَعَالَى وَفِي قِرَاءَة بِضَمِّ ذَال نُذْرًا وَقُرِئَ بِضَمِّ ذَال عُذْرًا
{إنَّمَا تُوعَدُونَ} أَيْ يَا كُفَّار مَكَّة مِنْ الْبَعْث وَالْعَذَاب {لَوَاقِع} كَائِن لَا مَحَالَة
{فَإِذَا النُّجُوم طُمِسَتْ} مُحِيَ نُورهَا
{وَإِذَا السَّمَاء فُرِجَتْ} شُقَّتْ
{وَإِذَا الْجِبَال نُسِفَتْ} فُتِّتَتْ وَسُيِّرَتْ
{وَإِذَا الرُّسُل أُقِّتَتْ} أُقِّتَتْ بِالْوَاوِ وَبِالْهَمْزَةِ بَدَلًا مِنْهَا أَيْ جُمِعَتْ لِوَقْتٍ
{لِأَيّ يَوْم} لِيَوْمٍ عَظِيم {أُجِّلَتْ} لِلشَّهَادَةِ عَلَى أُمَمهمْ بِالتَّبْلِيغِ
{لِيَوْمِ الْفَصْل} بَيْن الْخَلْق وَيُؤْخَذ مِنْهُ جَوَاب إذَا أَيْ وَقَعَ الْفَصْل بَيْن الْخَلَائِق
{وَمَا أَدْرَاك مَا يَوْم الْفَصْل} تَهْوِيل لِشَأْنِهِ
{وَيْل يَوْمئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} هَذَا وَعِيد لَهُمْ
{أَلَمْ نُهْلِك الْأَوَّلِينَ} بِتَكْذِيبِهِمْ أَيْ أَهْلَكْنَاهُمْ
{ثُمَّ نُتْبِعهُمْ الْآخِرِينَ} مِمَّنْ كَذَّبُوا كَكُفَّارِ مَكَّة فَنُهْلِكهُمْ
{كَذَلِكَ} مِثْل مَا فَعَلْنَا بِالْمُكَذِّبِينَ {نَفْعَل بِالْمُجْرِمِينَ} بِكُلِّ مَنْ أَجْرَمَ فِيمَا يَسْتَقْبِل فَنُهْلِكهُمْ
{وَيَلِ يَوْمئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} تَأْكِيد
{أَلَمْ نَخْلُقكُمْ مِنْ مَاء مَهِين} ضَعِيف وَهُوَ الْمَنِيّ
{فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَار مَكِين} حَرِيز وَهُوَ الرَّحِم
{إلَى قَدَر مَعْلُوم} وَهُوَ وَقْت الْوِلَادَة
{فَقَدَرنَا} عَلَى ذَلِكَ {فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ} نَحْنُ
لم يرد في لهذه الأية تفسير
{كِفَاتًا} مَصْدَر كَفَتَ بِمَعْنَى ضَمَّ أَيْ ضَامَّة
{أَحْيَاء} عَلَى ظَهْرهَا {وَأَمْوَاتًا} فِي بَطْنهَا
{وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِي شَامِخَات} جِبَالًا مُرْتَفِعَات {وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاء فُرَاتًا} عَذْبًا
{وَيَلِ يَوْمئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} وَيُقَال لِلْمُكَذِّبِينَ يَوْم الْقِيَامَة
{انْطَلِقُوا إلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ} مِنْ الْعَذَاب
{انْطَلِقُوا إلَى ظِلّ ذِي ثَلَاث شُعَب} هُوَ دُخَان جَهَنَّم إذَا ارْتَفَعَ افْتَرَقَ ثَلَاث فِرَق لِعِظَمِهِ
{لَا ظَلِيل} كَنِين يُظِلّهُمْ مِنْ حَرّ ذَلِكَ الْيَوْم {وَلَا يُغْنِي} يَرُدّ عَنْهُمْ شَيْئًا {مِنْ اللَّهَب} النَّار
{إنَّهَا} أَيْ النَّار {تَرْمِي بِشَرَرٍ} هُوَ مَا تَطَايَرَ مِنْهَا {كَالْقَصْرِ} مِنْ الْبِنَاء فِي عِظَمه وَارْتِفَاعه
{كَأَنَّهُ جِمَالَات} جِمَالَات جَمْع جَمَل وَفِي قِرَاءَة جِمَالَت {صُفْر} فِي هَيْئَتهَا وَلَوْنهَا وَفِي الْحَدِيث {شِرَار النَّاس أَسْوَد كَالْقِيرِ} وَالْعَرَب تُسَمِّي سُود الْإِبِل صُفْرًا لِشَوْبِ سَوَادهَا بِصُفْرَةٍ فَقِيلَ صُفْر فِي الْآيَة بِمَعْنَى سُود لِمَا ذُكِرَ وَقِيلَ لَا وَالشَّرَر : جَمْع شَرَارَة وَالْقِير : الْقَار
لم يرد في لهذه الأية تفسير
{هَذَا} أَيْ يَوْم الْقِيَامَة {يَوْم لَا يَنْطِقُونَ} فِيهِ بِشَيْءٍ
{وَلَا يُؤْذَن لَهُمْ} فِي الْعُذْر {فَيَعْتَذِرُونَ} عَطْف عَلَى يُؤْذَن مِنْ غَيْر تَسَبُّب عَنْهُ فَهُوَ دَاخِل فِي حَيِّز النَّفْي أَيْ لَا إذْن فَلَا اعْتِذَار
لم يرد في لهذه الأية تفسير
{هَذَا يَوْم الْفَصْل جَمَعْنَاكُمْ} أَيّهَا الْمُكَذِّبُونَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّة {وَالْأَوَّلِينَ} مِنْ الْمُكَذِّبِينَ قَبْلكُمْ فَتُحَاسَبُونَ وَتُعَذَّبُونَ جَمِيعًا
{فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْد} حِيلَة فِي دَفْع الْعَذَاب عَنْكُمْ {فَكِيدُونِ} فَافْعَلُوهَا
لم يرد في لهذه الأية تفسير
{إنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَال} أَيْ تَكَاثُف أَشْجَار إذْ لَا شَمْس يُظِلّ مِنْ حَرّهَا {وَعُيُون} نَابِعَة مِنْ الْمَاء
{وَفَوَاكِه مِمَّا يَشْتَهُونَ} فِيهِ إعْلَام بِأَنَّ الْمَأْكَل وَالْمَشْرَب فِي الْجَنَّة بِحَسَبِ شَهَوَاتهمْ بِخِلَافِ الدُّنْيَا فَبِحَسَبِ مَا يَجِد النَّاس فِي الْأَغْلَب وَيُقَال لَهُمْ :
{كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا} حَال أَيْ مُتَهَنِّئِينَ {بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} مِنْ الطَّاعَة
{إنَّا كَذَلِكَ} كَمَا جَزَيْنَا الْمُتَّقِينَ
لم يرد في لهذه الأية تفسير
{كُلُوا وَتَمَتَّعُوا} خِطَاب لِلْكُفَّارِ فِي الدُّنْيَا {قَلِيلًا} مِنْ الزَّمَان وَغَايَته إلَى الْمَوْت وَفِي هَذَا تَهْدِيد لَهُمْ
لم يرد في لهذه الأية تفسير
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ارْكَعُوا} صَلُّوا {لَا يَرْكَعُونَ} لَا يُصَلُّونَ
لم يرد في لهذه الأية تفسير
{فَبِأَيِّ حَدِيث بَعْده} أَيْ الْقُرْآن {يُؤْمِنُونَ} أَيْ لَا يَمْكَن إيمَانهمْ بِغَيْرِهِ مِنْ كُتُب اللَّه بَعْد تَكْذِيبهمْ بِهِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْإِعْجَاز الَّذِي لَمْ يَشْتَمِل عَلَيْهِ غَيْره .