{ وَالنَّازِعَات } الْمَلَائِكَة تَنْزِع أَرْوَاح الْكُفَّار { غَرْقًا } نَزْعًا بِشِدَّةٍ
{ وَالنَّاشِطَات نَشْطًا } الْمَلَائِكَة تَنْشِط أَرْوَاح الْمُؤْمِنِينَ , أَيْ تَسُلّهَا بِرِفْقٍ
{ وَالسَّابِحَات سَبْحًا } الْمَلَائِكَة تَسْبَح مِنْ السَّمَاء بِأَمْرِهِ تَعَالَى , أَيْ تَنْزِل
{ فَالسَّابِقَات سَبْقًا } الْمَلَائِكَة تَسْبِق بِأَرْوَاحِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الْجَنَّة
{ فَالْمُدَبِّرَات أَمْرًا } الْمَلَائِكَة تُدَبِّر أَمْر الدُّنْيَا , أَيْ تَنْزِل بِتَدْبِيرِهِ , وَجَوَاب هَذِهِ الْأَقْسَام مَحْذُوف , أَيْ لَتُبْعَثُنَّ يَا كُفَّار مَكَّة وَهُوَ عَامِل فِي { يَوْم تَرْجُف الرَّاجِفَة }
{ يَوْم تَرْجُف الرَّاجِفَة } النَّفْخَة الْأُولَى بِهَا يَرْجُف كُلّ شَيْء , أَيْ يَتَزَلْزَل فَوُصِفَتْ بِمَا يَحْدُث مِنْهَا
{ تَتْبَعهَا الرَّادِفَة } النَّفْخَة الثَّانِيَة وَبَيْنهمَا أَرْبَعُونَ سَنَة , وَالْجُمْلَة حَال مِنْ الرَّاجِفَة , فَالْيَوْم وَاسِع لِلنَّفْخَتَيْنِ وَغَيْرهمَا فَصَحَّ ظَرْفِيَّته لِلْبَعْثِ الْوَاقِع عَقِب الثَّانِيَة
{ قُلُوب يَوْمئِذٍ وَاجِفَة } خَائِفَة قَلِقَة
{ أَبْصَارهَا خَاشِعَة } ذَلِيلَة لِهَوْلِ مَا تَرَى
{ يَقُولُونَ } أَيْ أَرْبَاب الْقُلُوب وَالْأَبْصَار اِسْتِهْزَاء وَإِنْكَارًا لِلْبَعْثِ { أَئِنَّا } بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ وَتَسْهِيل الثَّانِيَة وَإِدْخَال أَلِف بَيْنهمَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ { لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَة } أَيْ أَنُرَدُّ بَعْد الْمَوْت إِلَى الْحَيَاة , وَالْحَافِرَة : اِسْم لِأَوَّلِ الْأَمْر , وَمِنْهُ رَجَعَ فُلَان فِي حَافِرَته : إِذَا رَجَعَ مِنْ حَيْثُ جَاءَ
{ أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَة } وَفِي قِرَاءَة نَاخِرَة بَالِيَة مُتَفَتِّتَة نَحْيَا
{ قَالُوا تِلْكَ } أَيْ رَجْعَتنَا إِلَى الْحَيَاة { إِذًا } إِنْ صَحَّتْ { كَرَّة } رَجْعَة { خَاسِرَة } ذَات خُسْرَان
{ فَإِنَّمَا هِيَ } أَيْ الرَّادِفَة الَّتِي يَعْقُبهَا الْبَعْث { زَجْرَة } نَفْخَة { وَاحِدَة } فَإِذَا نُفِخَتْ
{ فَإِذَا هُمْ } أَيْ كُلّ الْخَلَائِق { بِالسَّاهِرَةِ } بِوَجْهِ الْأَرْض أَحْيَاء بَعْدَمَا كَانُوا بِبَطْنِهَا أَمْوَاتًا
{ هَلْ أَتَاك } يَا مُحَمَّد { حَدِيث مُوسَى } عَامِل فِي { إِذْ نَادَاهُ رَبّه بِالْوَادِ الْمُقَدَّس طُوًى }
{ إِذْ نَادَاهُ رَبّه بِالْوَادِ الْمُقَدَّس طُوًى } اِسْم الْوَادِي بِالتَّنْوِينِ وَتَرْكه
{ اِذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْن إِنَّهُ طَغَى } تَجَاوَزَ الْحَدّ فِي الْكُفْر
{ فَقُلْ هَلْ لَك } أَدْعُوك { إِلَى أَنْ تَزَكَّى } وَفِي قِرَاءَة بِتَشْدِيدِ الزَّاي بِإِدْغَامِ التَّاء الثَّانِيَة فِي الْأَصْل فِيهَا : تَتَطَهَّر مِنْ الشِّرْك بِأَنْ تَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه
{ وَأَهْدِيَك إِلَى رَبّك } أَدُلّك عَلَى مَعْرِفَته بِبُرْهَانٍ { فَتَخْشَى } فَتَخَافهُ
{ فَأَرَاهُ الْآيَة الْكُبْرَى } مِنْ آيَاته السَّبْع وَهِيَ الْيَد أَوْ الْعَصَا
{ فَكَذَّبَ } فِرْعَوْن مُوسَى { وَعَصَى } اللَّه تَعَالَى
{ ثُمَّ أَدْبَرَ } عَنْ الْإِيمَان { يَسْعَى } فِي الْأَرْض بِالْفَسَادِ
{ فَحَشَرَ } جَمَعَ السَّحَرَة وَجُنْده { فَنَادَى }
{ فَقَالَ أَنَا رَبّكُمْ الْأَعْلَى } لَا رَبّ فَوْقِي
{ فَأَخَذَهُ اللَّه } أَهْلَكَهُ بِالْغَرَقِ { نَكَال } عُقُوبَة { الْآخِرَة } أَيْ هَذِهِ الْكَلِمَة { وَالْأُولَى } أَيْ قَوْله قَبْلهَا : { مَا عَلِمْت لَكُمْ مِنْ إِلَه غَيْرِي } وَكَانَ بَيْنهمَا أَرْبَعُونَ سَنَة
{ إِنَّ فِي ذَلِكَ } الْمَذْكُور { لَعِبْرَةٌ لِمَنْ يَخْشَى } اللَّه تَعَالَى
{ أَأَنَتُّمْ } بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ وَإِبْدَال الثَّانِيَة أَلِفًا وَتَسْهِيلهَا وَإِدْخَال أَلِف بَيْن الْمُسَهَّلَة وَالْأُخْرَى وَتَرْكه , أَيْ مُنْكِرُو الْبَعْث { أَشَدّ خَلْقًا أَمْ السَّمَاء } أَشَدّ خَلْقًا { بَنَاهَا } بَيَان لِكَيْفِيَّةِ خَلْقهَا
{ رَفَعَ سَمْكهَا } تَفْسِير لِكَيْفِيَّةِ الْبِنَاء , أَيْ جَعَلَ سَمْتهَا فِي جِهَة الْعُلُوّ رَفِيعًا , وَقِيلَ سَمْكهَا سَقْفهَا { فَسَوَّاهَا } جَعَلَهَا مُسْتَوِيَة بِلَا عَيْب
{ وَأَغْطَشَ لَيْلهَا } أَظْلَمَهُ { وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا } أَبْرَزَ نُور شَمْسهَا وَأُضِيفَ إِلَيْهَا اللَّيْل لِأَنَّهُ ظِلّهَا وَالشَّمْس لِأَنَّهَا سِرَاجهَا
{ وَالْأَرْض بَعْد ذَلِكَ دَحَاهَا } بَسَطَهَا وَكَانَتْ مَخْلُوقَة قَبْل السَّمَاء مِنْ غَيْر دَحْو
{ أَخْرَجَ } حَال بِإِضْمَارِ قَدْ أَيْ مُخْرِجًا { مِنْهَا مَاءَهَا } بِتَفْجِيرِ عُيُونهَا { وَمَرْعَاهَا } مَا تَرْعَاهُ النَّعَم مِنْ الشَّجَر وَالْعُشْب وَمَا يَأْكُلهُ النَّاس مِنْ الْأَقْوَات وَالثِّمَار , وَإِطْلَاق الْمَرْعَى عَلَيْهِ اِسْتِعَارَة
{ وَالْجِبَال أَرْسَاهَا } أَثْبَتَهَا عَلَى وَجْه الْأَرْض لِتَسْكُن
{ مَتَاعًا } مَفْعُول لَهُ لِمُقَدَّرٍ , أَيْ فَعَلَ ذَلِكَ مُتْعَة أَوْ مَصْدَر أَيْ تَمْتِيعًا { لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ } جَمْع نَعَم وَهِيَ الْإِبِل وَالْبَقَر وَالْغَنَم
{ فَإِذَا جَاءَتْ الطَّامَّة الْكُبْرَى } النَّفْخَة الثَّانِيَة
{ يَوْم يَتَذَكَّر الْإِنْسَان } بَدَل مِنْ إِذَا { مَا سَعَى } فِي الدُّنْيَا مِنْ خَيْر وَشَرّ
{ وَبُرِّزَتْ } أُظْهِرَتْ { الْجَحِيم } النَّار الْمُحْرِقَة { لِمَنْ يَرَى } لِكُلِّ رَاءٍ وَجَوَاب إِذَا : { فَأَمَّا مَنْ طَغَى }
{ فَأَمَّا مَنْ طَغَى } كَفَرَ
{ وَآثَرَ الْحَيَاة الدُّنْيَا } بِاتِّبَاعِ الشَّهَوَات
{ فَإِنَّ الْجَحِيم هِيَ الْمَأْوَى } مَأْوَاهُ
{ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَام رَبّه } قِيَامه بَيْن يَدَيْهِ { وَنَهَى النَّفْس } الْأَمَّارَة { عَنْ الْهَوَى } الْمُرْدِي بِاتِّبَاعِ الشَّهَوَات
{ فَإِنَّ الْجَنَّة هِيَ الْمَأْوَى } وَحَاصِل الْجَوَاب : فَالْعَاصِي فِي النَّار وَالْمُطِيع فِي الْجَنَّة
{ يَسْأَلُونَك } أَيْ كُفَّار مَكَّة { عَنْ السَّاعَة أَيَّانَ مُرْسَاهَا } مَتَى وُقُوعهَا وَقِيَامهَا
{ فِيمَ } فِي أَيّ شَيْء { أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا } أَيْ لَيسَ عِنْدك عِلْمهَا حَتَّى تَذْكُرهَا
{ إِلَى رَبّك مُنْتَهَاهَا } مُنْتَهَى عِلْمهَا لَا يَعْلَمهُ غَيْره
{ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِر } إِنَّمَا يَنْفَع إِنْذَارك { مَنْ يَخْشَاهَا } يَخَافهَا
{ كَأَنَّهُمْ يَوْم يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا } فِي قُبُورهمْ { إِلَّا عَشِيَّة أَوْ ضُحَاهَا } عَشِيَّة يَوْم أَوْ بُكْرَته وَصَحَّ إِضَافَة الضُّحَى إِلَى الْعَشِيَّة لِمَا بَيْنهمَا مِنْ الْمُلَابَسَة إِذْ هُمَا طَرَفَا النَّهَار , وَحَسَّنَ الْإِضَافَة وُقُوع الْكَلِمَة الْفَاصِلَة .