islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

تفسير البيضاوى
16554

78-النبأ

عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ

1-" عم يتساءلون " أصله عما فحذف الألف لما مر ، ومعنى هذا الاستفهام تفخيم شأن ما يتساءلون عنه كأنه لفخامته خفي جنسه فيسأل عنه ، والضمير لأهل مكة كانوا يتساءلون عن البعث فيما بينهم ، أو يسألون الرسول عليه الصلاة والسلام والمؤمنين عنه استهزاء كقولهم : يتداعونهم ويتراءونهم أي يدعونهم ويرونهم ، أو للناس .

عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ

2-" عن النبإ العظيم " بيان لشأن المفخم أو صلة " يتساءلون " و" عم " متعلق بمضمر مفسر به ، ويدل عليه قراءة يعقوب : عمه .

الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ

3-" الذي هم فيه مختلفون " بجزم النفي والشك فيه ، أو بالإقرار والإنكار .

كَلَّا سَيَعْلَمُونَ

4-" كلا سيعلمون " رجع عن التساؤل ووعيد عليه .

ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ

5-" ثم كلا سيعلمون " تكرير للمبالغة و " ثم " للإشعار بأن الوعيد الثاني أشد وقيل الأول عند النزع والثاني في القيامة ، أو الأول للبعث والثاني للجزاء . وعن ابن عامر ستعلمون بالتاء على تقدير قل لهم ستعلمون .

أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا

6-" ألم نجعل الأرض مهاداً " .

وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا

7-" والجبال أوتاداً " تذكير ببعض ما عاينوا من عجائب صنعه الدالة على كمال قدرته ليستدلوا بذلك على صحة البعث كما مر تقريره مراراً ، وقرئ مهداً أي أنها لهم كالمهد للصبي مصدر سمي به ما يمهد لينوم عليه .

وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا

8-" وخلقناكم أزواجاً " ذكراً وأنثى .

وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا

9-" وجعلنا نومكم سباتاً " قطعاً عن الإحساس والحركة استراحة للقوى الحيوانية وإزاحة لكلاهما ، أو موتاً لأنه أحد التوفيين ومنه المسبوت للميت،وأصله القطع أيضاً .

وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا

10-" وجعلنا الليل لباساً " غطاء يستتر بظلمته من أراد الاختفاء .

وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا

11-" وجعلنا النهار معاشاً " وقت معاش تتقلبون فيه لتحصيل ما تعيشون به ، أو حياة تنبعثون فيها عن نومكم .

وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا

12-" وبنينا فوقكم سبعاً شداداً " سبع سموات أقوياء محكمات لا يؤثر فيها مرور الدهور .

وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا

13-" وجعلنا سراجاً وهاجاً " متلألئاً وقاداً من وهجت النار إذا أضاءت ، أو بالغاً في الحرارة من الوهج وهو الحر والمراد الشمس .

وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا

14-" وأنزلنا من المعصرات " السحائب إذا أعصرت أي شارفت أن تعصرها الرياح فتمر كقولك : احصد الزرع إذا حان له أن يحصد ، ومنه أعصرت الجارية إذا دنت أن تحيض ، أو من الرياح التي حان لها أن تعصر السحاب ، أو الرياح ذوات الأعاصير ، وإنما جعلت مبدأ للإنزال لأنها تنشئ السحاب وتدرأ خلافه ، ويؤيده أنه قرئ بالمعصرات . " ماءً ثجاجاً " منصباً بكثرة يقال ثجه وثج بنفسه . وفي الحديث " أفضل الحج العج والثج " أي رفع الصوت بالتلبية وصب دماء الهدي ، وقرئ ثجاجاً ومثاجج الماء مصابه .

لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا

15-" لنخرج به حباً ونباتاً " ما يقتات به وما يعتلف من التبن والحشيش .

وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا

16-" وجنات ألفافاً " ملتفة بعضها ببعض جمع لف كجذع . قال : جنة لف وعيش مغدق وندامى كلهم بيض زهر أو لفيف كشريف أو لف جمع لفاء كخضراء وخضر وأخضار أو متلفة بحذف الزوائد .

إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا

17-" إن يوم الفصل كان " في علم الله تعالى أو في حكمه . "ميقاتاً " حداً تؤقت به الدنيا وتنتهي عنده ، أو حداً للخلائق ينتهون إليه .

يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا

18-" يوم ينفخ في الصور " بدل أو بيان ليوم الفصل . " فتأتون أفواجاً " جماعات من القبور إلى المحشر . روي " أنه صلى الله عليه وسلم سئل عنه فقال : يحشر عشرة أصناف من أمتي بعضهم على صورة القردة ، وبعضهم على صورة الخنازير ، وبعضهم منكسون يسبحون على وجوههم ، وبعضهم عمي وبعضهم صم بكم ، وبعضهم يمضغون ألسنتهم فهي مدلاة على صدورهم فيسيل القيح من أفواههم يتقذرهم أهل الجمع ، وبعضهم مقطعة أيديهم وأرجلهم ، وبعضهم مصلوبون على جذوع من نار ، وبعضهم أشد نتناً من الجيف ، وبعضهم ملبسون جباباً سابغة من قطران لازقه بجلودهم " ثم فسرها بالقتات وأهل السحت وأكلة الربا والجائرين في الحكم والمعجبين بأعمالهم ، والعلماء الذين خالف قولهم عملهم ، والمؤذين جيرانهم والساعين بالناس إلى السلطان ، والتابعين للشهوات المانعين حق الله تعالى ، والمتكبرين الخيلاء .

وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا

19-" وفتحت السماء " وشققت وقرأ الكوفيون بالتخفيف ." فكانت أبواباً " فصارت من كثرة الشقوق كأن الكل أبواب أو فصارت ذات أبواب .

وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا

20-" وسيرت الجبال " أي في الهواء كالهباء . " فكانت سراباً " مثل سراب إذ ترى على صورة الجبال ولم تبق على حقيقتها لتفتت أجزائها وانبثاثها .

إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا

21-" إن جهنم كانت مرصاداً " موضع رصد يرصد فيه حزنة النار الكفار ، أو حزنة الجنة المؤمنين ليحرسوهم من فيحها في مجازهم عليه ، كالمضمار فإنه الموضع الذي تضمر فيه الخيل ، أو مجدة في ترصد الكفرة لئلا يشذ منها واحد كالمطعان ، وقرئ " أن " بالفتح على التعليل لقيام الساعة .

لِلطَّاغِينَ مَآَبًا

22-" للطاغين مآباً " مرجعاً ومأوى .

لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا

23-" لابثين فيها " وقرأ حمزة و روح لبثين وهو أبلغ " أحقاباً " دهوراً متتابعة ، وليس فيها ما يدل على خروجهم منها إذ لو صح أن الحقب ثمانون سنة أو سبعون ألف سنة ، فليس فيه ما يتقضي تناهي تلك الأحقاب لجواز أن يكون المراد أحقاباً مترادفة كلما مضى حقب تبعه آخر ، وإن كان فمن قبيل المفهوم فلا يعارض المنطق الدال على خلود الكفار ، ولو جعل قوله :

لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا

24-" لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا " .

إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا

25-" إلا حميماً وغساقاً " حالاً من المستكن في " لابثين " أو نصب " أحقاباً " بـ" لا يذوقون " احتمل أن يلبثوا فيها أحقاباً غير ذائقين إلا حميماً وغساقاً ، ثم يبدلون جنساً آخر من العذاب ، ويجوز أن يكون جمع حقب من حقب الرجل إذا أخطأه الرزق ، وحق العام إذا قل مطره وخيره فيكون حالاً بمعنى لابثين فيها حقبين ، وقوله " لا يذوقون " تفسير له والمراد بالبرد ما يروحهم وينفس عنهم حر النار أو النوم ، وبالغساق ما يغسق أي يسيل من صديدهم ،وقيل الزمهرير وهو مستثنى من البرد إلا أنه أخر ليتوافق رؤوس الآي ، وقرأ حمزة و الكسائي و حفص بالتشديد .

جَزَاءً وِفَاقًا

26-" جزاءً وفاقاً " أي جوزوا بذلك جزاء ذا وفاق لأعمالهم ، أوموافقاً لها أو وافقها وفاقاً ، وقرئ وفاقاً فعال من وفقه كذا .

إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا

27-" إنهم كانوا لا يرجون حساباً " بيان لما وافقه هذا الجزاء .

وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كِذَّابًا

27-" وكذبوا بآياتنا كذاباً " تكذيباً وفعال بمعنى تفعيل مطرد شائع في كلام الفصحاء . وقرئ بالتخفيف وهو بمعنى الكذب كقوله : فصدقتها وكذبتها والمرء ينفعه كذابه وإنما أقيم مقام التكذيب للدلالة على أنها كذبوا في تكذيبهم ، أو المكاذبة فإنهم كانوا عند المسلمين كاذبين وكان المسلمين كاذبين عندهم فكان بينهم مكاذبة ، أو كانوا مبالغين في الكذب فيه ، وعلى المعنيين يجوز أن يكون حالاً بمعنى كاذبين أو مكاذبين ، ويؤيده أنه قرئ كذاباً وهو جمع كاذب ، ويجوز أن يكون للمبالغة فيكون صفه للمصدر أي تكذيباً مفرطاً كذبه .

وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا

29-" وكل شيء أحصيناه " وقرئ بالرفع على الابتداء . " كتاباً " مصدر لأحصيناه إن الأحصاء والكتبة ينشاركون في معنى الضبط أو لفعله المقدر أو حال بمعنى مكتوباً في اللوح ، أو صحف الحفظة والجملة اعتراض وقوله :

فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا

30-" فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذاباً " مسبب عن كفرهم بالحساب وتكذيبهم بالآيات مجيئه على طريقة الالتفات للمبالغة ، وفي الحديث " هذه الآية أشد ما في القرآن على أهل النار " .

إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا

31-" إن للمتقين مفازاً " فوزاً أو موضع فوز .

حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا

32-" حدائق وأعناباً " بساتين فيها أنواع الأشجار المثمرة بدل من " مفازاً " بدل الاشتمال والبعض .

وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا

33-" وكواعب " نساء فلكت ثديهن" أتراباً " لدات .

وَكَأْسًا دِهَاقًا

34-" وكأساً دهاقاً " ملآناً وأدهق الحوض ملآه .

لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا

35-" لا يسمعون فيها لغواً ولا كذاباً " وقرأ الكسائي بالتخفيف أي كذباً أو مكاذبة ، إذ لا يكذب بعضهم بعض .

جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا

36-" جزاءً من ربك " . بمقتضى وعده . " عطاءً " تفضلاً منه إذ لا يجب عليه شيء، وهو بدل من " جزاء " ، وقيل منتصب به نصب المفعول به ." حساباً " كافياً من أحسبه الشيء إذا كفاه حتى قال حسبي ، أو على حسب أعمالهم وقرئ حساباً أي محسباً كالدراك بمعنى المدرك .

رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا

37-" رب السموات والأرض وما بينهما " بدل من ربك وقد رفعه الحجازيان و أبو عمرو على الابتداء . " الرحمن " بالجر صفة له وكذا في قراءة ابن عامر و عاصم و يعقوب بالرفع في قراءة أبي عمرو ن وفي قراءة حمزة و الكسائي بجر الأول ورفع الثاني على أنه خبر محذوف ، أو مبتدأ خبره : " لا يملكون منه خطاباً " والواو لأهل السموات والأرض أي لا يملكون خطابه ، والاعتراض عليه في ثواب أو عقاب لأنهم مملوكون له على الاطلاق فلا يستحقون عليه اعتراضاً وذلك لا ينافي الشفاعة بإذنه.

يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا

38-" يوم يقوم الروح والملائكة صفاً لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صواباً " تقرير وتوكيد لقوله " لا يملكون " ،فإن هؤلاء الذين هم أفضل الخلائق وأقربهم من الله إذا لم يقدروا أن يتكلموا بما يكون صواباً كالشفاعة لمن ارتضى إلا بإذنه ، فكيف يملكه غيرهم و " يوم " ظرف لـ" لا يملكون " ، أو لـ" يتكلمون " و " الروح " ملك موكل على الأرواح أو جنسها ، أو جبريل عليه السلام أو خلق أعظم من الملائكة .

ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآَبًا

39-" ذلك اليوم الحق " الكائن لا محالة . " فمن شاء اتخذ إلى ربه " إلى ثوابه . "مآباً " بالإيمان والطاعة .

إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا

40-" إنا أنذرناكم عذاباً قريباً " يعني عذاب الآخرة ،وقربه لتحققه فإن كل ما هو آت قريب ولأن مبدأه الموت . " يوم ينظر المرء ما قدمت يداه " يرى ما قدمه من خير أو شر ، و " المرء " عام وقيل هو الكافر لقوله : " إنا أنذرناكم " فيكون الكافر ظاهراً وضع موضع الضمير لزيادة الذم ، و " ما " موصولة منصوبة بينظر أو استفهامية منصوبة بـ" قدمت " ، أي ينظر أي شيء قدمت يداه . " ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً " في الدنيا فلم أخلق ولم أكلف ، أو في هذا اليوم فلم أبعث ، وقيل يحشر سائر الحيوانات للاقتصاص ثم ترد تراباً فيود الكافر حالها . عن النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة عم سقاه الله برد الشراب يوم القيامة " .


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس