islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

تفسير الطبرى
15465

79-النازعات

وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيل إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيل } إِنَّا بَيَّنَّا لَهُ طَرِيق الْجَنَّة , وَعَرَّفْنَاهُ سَبِيله , إِنْ شَكَرَ , أَوْ كَفَرَ . وَإِذَا وُجِّهَ الْكَلَام إِلَى هَذَا الْمَعْنَى , كَانَتْ إِمَّا وَإِمَّا فِي مَعْنَى الْجَزَاء . وَقَدْ يَجُوز أَنْ تَكُون إِمَّا وَإِمَّا بِمَعْنًى وَاحِد , كَمَا قَالَ : { إِمَّا يُعَذِّبهُمْ وَإِمَّا يَتُوب عَلَيْهِمْ } فَيَكُون قَوْله : { إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا } حَالًا مِنْ الْهَاء الَّتِي فِي هَدَيْنَاهُ ; فَيَكُون مَعْنَى الْكَلَام إِذَا وُجِّهَ ذَلِكَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيل : إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيل , إِمَّا شَقِيًّا وَإِمَّا سَعِيدًا . وَكَانَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة يَقُول ذَلِكَ كَمَا قَالَ : | إِمَّا الْعَذَاب وَإِمَّا السَّاعَة | كَأَنَّك لَمْ تَذْكُر إِمَّا ; قَالَ : وَإِنْ شِئْت اِبْتَدَأْت مَا بَعْدهَا فَرَفَعْته . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27711 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيل } قَالَ : الشِّقْوَة وَالسَّعَادَة . )27712 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيل إِمَّا شَاكِرًا } لِلنِّعَمِ { وَإِمَّا كَفُورًا } . لَهَا . )27713 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { مِنْ نُطْفَة أَمْشَاج نَبْتَلِيه } . .. إِلَى { إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيل } قَالَ : نَنْظُر أَيّ شَيْء يَصْنَع , أَيْ الطَّرِيقَيْنِ يَسْلُك , وَأَيّ الْأَمْرَيْنِ يَأْخُذ , قَالَ : وَهَذَا الِاخْتِبَار .)

وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا

وَقَوْله : { إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِل } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّا أَعْتَدْنَا لِمَنْ كَفَرَ نِعْمَتنَا وَخَالَفَ أَمْرنَا سَلَاسِل يَسْتَوْثِق بِهَا مِنْهُمْ شَدًّا فِي الْجَحِيم .|وَأَغْلَالًا|يَقُول : وَتُشَدّ بِالْأَغْلَالِ فِيهَا أَيْدِيهمْ إِلَى أَعْنَاقهمْ .|وَسَعِيرًا|وَقَوْله { وَسَعِيرًا } يَقُول : وَنَارًا تُسَعَّر عَلَيْهِمْ فَتَتَوَقَّد .

وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الْأَبْرَار يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْس } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ الَّذِينَ بَرُّوا بِطَاعَتِهِمْ رَبّهمْ فِي أَدَاء فَرَائِضه , وَاجْتِنَاب مَعَاصِيه , يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْس , وَهُوَ كُلّ إِنَاء كَانَ فِيهِ شَرَاب .|كَانَ مِزَاجُهَا|يَقُول : كَانَ مِزَاج مَا فِيهَا مِنْ الشَّرَاب .|كَافُورًا|يَعْنِي : فِي طَيِّب رَائِحَتهَا كَالْكَافُورِ . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ الْكَافُور اِسْم لِعَيْنِ مَاء فِي الْجَنَّة ; فَمَنْ قَالَ ذَلِكَ , جَعَلَ نَصْب الْعَيْن عَلَى الرَّدّ عَلَى الْكَافُور , تِبْيَانًا عَنْهُ , وَمَنْ جَعَلَ الْكَافُور صِفَة لِلشَّرَابِ نَصَبَهَا , أَعْنِي الْعَيْن عَنْ الْحَال , وَجَعَلَ خَبَر كَانَ قَوْله { كَافُورًا } , وَقَدْ يَجُوز نَصْب الْعَيْن مِنْ وَجْه ثَالِث , وَهُوَ نَصْبهَا بِإِعْمَالِ يَشْرَبُونَ فِيهَا فَيَكُون مَعْنَى الْكَلَام : إِنَّ الْأَبْرَار يَشْرَبُونَ عَيْنًا يَشْرَب بِهَا عِبَاد اللَّه , مِنْ كَأْس كَانَ مِزَاجهَا كَافُورًا . وَقَدْ يَجُوز أَيْضًا نَصْبهَا عَلَى الْمَدْح , فَأَمَّا عَامَّة أَهْل التَّأْوِيل فَإِنَّهُمْ قَالُوا : الْكَافُور صِفَة لِلشَّرَابِ عَلَى مَا ذَكَرْت . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27714 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { مِزَاجهَا كَافُورًا } قَالَ : تُمْزَج . )27715 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { إِنَّ الْأَبْرَار يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْس كَانَ مِزَاجهَا كَافُورًا } قَالَ : قَوْم تُمْزَج لَهُمْ بِالْكَافُورِ , وَتُخْتَم لَهُمْ بِالْمِسْكِ .)

فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا

وَقَوْله : { عَيْنًا يَشْرَب بِهَا عِبَاد اللَّه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : كَانَ مِزَاج الْكَأْس الَّتِي يَشْرَب بِهَا هَؤُلَاءِ الْأَبْرَار كَالْكَافُورِ فِي طَيِّب رَائِحَته مِنْ عَيْن يَشْرَب بِهَا عِبَاد اللَّه الَّذِينَ يُدْخِلهُمْ الْجَنَّة . وَالْعَيْن عَلَى هَذَا التَّأْوِيل نُصِبَ عَلَى الْحَال مِنْ الْهَاء الَّتِي فِي | مِزَاجهَا | وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ { يَشْرَب بِهَا عِبَاد اللَّه } يُرْوَى بِهَا وَيُنْتَقَع . وَقِيلَ : يَشْرَب بِهَا وَيَشْرَبهَا بِمَعْنًى وَاحِد . وَذَكَرَ الْفَرَّاء أَنَّ بَعْضهمْ أَنْشَدَهُ : <br>شَرِبْنَ بِمَاءِ الْبَحْر ثُمَّ تَرَفَّعَتْ .......... مَتَى لَجَج خُضْر لَهُنَّ نَئِيج <br>وَعَنَى بِقَوْلِهِ : | مَتَى لَجَج | مِنْ , وَمِثْله : إِنَّهُ يَتَكَلَّم بِكَلَامٍ حَسَن , وَيَتَكَلَّم كَلَامًا حَسَنًا .|يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا|وَقَوْله : { يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره يُفَجِّرُونَ تِلْكَ الْعَيْن الَّتِي يَشْرَبُونَ بِهَا كَيْف شَاءُوا وَحَيْثُ شَاءُوا مِنْ مَنَازِلهمْ وَقُصُورهمْ تَفْجِيرًا , وَيَعْنِي بِالتَّفْجِيرِ : الْإِسَالَة وَالْإِجْرَاء . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27716 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا } قَالَ : يَعْدِلُونَهَا حَيْثُ شَاءُوا . )27717 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا } قَالَ : يَقُودُونَهَا حَيْثُ شَاءُوا . )27718 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا } قَالَ : مُسْتَقِيد مَاؤُهَا لَهُمْ يُفَجِّرُونَهَا حَيْثُ شَاءُوا . )27719 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان ( { يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا } قَالَ : يَصْرِفُونَهَا حَيْثُ شَاءُوا .)

فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يُوفُونَ بِالنَّذْرِ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ الْأَبْرَار الَّذِينَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْس كَانَ مِزَاجهَا كَافُورًا , بَرُّوا بِوَفَائِهِمْ لِلَّهِ بِالنُّذُورِ الَّتِي كَانُوا يُنْذِرُونَهَا فِي طَاعَة اللَّه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27720 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { يُوفُونَ بِالنَّذْرِ } قَالَ : إِذَا نَذَرُوا فِي حَقّ اللَّه . )27721 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { يُوفُونَ بِالنَّذْرِ } قَالَ : كَانُوا يُنْذِرُونَ طَاعَة اللَّه مِنْ الصَّلَاة وَالزَّكَاة , وَالْحَجّ وَالْعُمْرَة , وَمَا اِفْتَرَضَ عَلَيْهِمْ , فَسَمَّاهُمْ اللَّه بِذَلِكَ الْأَبْرَار , فَقَالَ : { يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرّه مُسْتَطِيرًا } . )* - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { يُوفُونَ بِالنَّذْرِ } قَالَ : بِطَاعَةِ اللَّه , وَبِالصَّلَاةِ , وَبِالْحَجِّ , وَبِالْعُمْرَةِ . )27722 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , قَوْله : ( { يُوفُونَ بِالنَّذْرِ } قَالَ : فِي غَيْر مَعْصِيَة . )وَفِي الْكَلَام مَحْذُوف اُجْتُزِئَ بِدَلَالَةِ الْكَلَام عَلَيْهِ مِنْهُ , وَهُوَ كَانَ ذَلِكَ . وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : إِنَّ الْأَبْرَار يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْس كَانَ مِزَاجهَا كَافُورًا , كَانُوا يُوفُونَ بِالنَّذْرِ , فَتَرَك ذِكْر كَانُوا لِدَلَالَةِ الْكَلَام عَلَيْهَا ; وَالنَّذْر : هُوَ كُلّ مَا أَوْجَبَهُ الْإِنْسَان عَلَى نَفْسه مِنْ فِعْل , وَمِنْهُ قَوْل عَنْتَرَة : <br>الشَّاتِمَيْ عِرْضِي وَلَمْ أَشْتُمهُمَا .......... وَالنَّاذِرَيْنِ إِذَا لَمْ أَلْقَهُمَا دَمِي<br>|وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا|وَقَوْله : { وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرّه مُسْتَطِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيَخَافُونَ عِقَاب اللَّه بِتَرْكِهِمْ الْوَفَاء بِمَا نَذَرُوا لِلَّهِ مِنْ بِرّ فِي يَوْم كَانَ شَرّه مُسْتَطِيرًا , مُمْتَدًّا طَوِيلًا فَاشِيًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27723 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرّه مُسْتَطِيرًا } اِسْتَطَارُوا اللَّه شَرّ ذَلِكَ الْيَوْم حَتَّى مَلَأَ السَّمَوَات وَالْأَرْض . )وَأَمَّا رَجُل يَقُول عَلَيْهِ نَذْر أَنْ لَا يَصِل رَحِمًا , وَلَا يَتَصَدَّق , وَلَا يَصْنَع خَيْرًا , فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُكَفِّر عَنْهُ , وَيَأْتِي ذَلِكَ , وَمِنْهُ قَوْلهمْ : اِسْتَطَارَ الصَّدْع فِي الزُّجَاجَة وَاسْتَطَالَ : إِذَا اِمْتَدَّ , وَلَا يُقَال ذَلِكَ فِي الْحَائِط ; وَمِنْهُ قَوْل الْأَعْشَى : <br>فَبَانَتْ وَقَدْ أَثَأَرَتْ فِي الْفُؤَا .......... د صَدْعًا عَلَى نَأْيهَا مُسْتَطِيرًا <br>يَعْنِي : مُمْتَدًّا فَاشِيًا .

يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ

وَقَوْله : { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَام عَلَى حُبّه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : كَانَ هَؤُلَاءِ الْأَبْرَار يُطْعِمُونَ الطَّعَام عَلَى حُبّهمْ إِيَّاهُ , وَشَهْوَتهمْ لَهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27724 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن طَلْحَة الْيَرْبُوعِيّ , قَالَ : ثَنَا فُضَيْل بْن عِيَاض , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَام عَلَى حُبّه } قَالَ : وَهُمْ يَشْتَهُونَهُ . )27725 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا أَبُو الْعُرْيَان , قَالَ : سَأَلْت سُلَيْمَان بْن قَيْس أَبَا مُقَاتِل بْن سُلَيْمَان , عَنْ قَوْله : ( { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَام عَلَى حُبّه مِسْكِينًا } قَالَ : عَلَى حُبّهمْ لِلطَّعَامِ .)|مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا|وَقَوْله : { مِسْكِينًا } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ مِسْكِينًا : ذَوِي الْحَاجَة الَّذِينَ قَدْ أَذَلَّتْهُمْ الْحَاجَة , { وَيَتِيمًا } وَهُوَ الطِّفْل الَّذِي قَدْ مَاتَ أَبُوهُ وَلَا شَيْء لَهُ { وَأَسِيرًا } وَهُوَ الْحَرْبِيّ مِنْ أَهْل دَار الْحَرْب يُؤْخَذ قَهْرًا بِالْغَلَبَةِ , أَوْ مِنْ أَهْل الْقِبْلَة يُؤْخَذ فَيُحْبَس بِحَقٍّ ; فَأَثْنَى اللَّه عَلَى هَؤُلَاءِ الْأَبْرَار بِإِطْعَامِهِمْ هَؤُلَاءِ تَقَرُّبًا بِذَلِكَ إِلَى اللَّه وَطَلَب رِضَاهُ , وَرَحْمَة مِنْهُمْ لَهُمْ . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي الْأَسِير الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّه فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْضهمْ : بِمَا : 27726 - حَدَّثَنَا بِهِ بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَام عَلَى حُبّه مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا } قَالَ : لَقَدْ أَمَرَ اللَّه بِالْأُسَرَاءِ أَنْ يُحْسَن إِلَيْهِمْ , وَإِنَّ أَسْرَاهُمْ يَوْمئِذٍ لِأَهْلِ الشِّرْك . )27727 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { وَأَسِيرًا } قَالَ : كَانَ أَسْرَاهُمْ يَوْمئِذٍ الْمُشْرِك , وَأَخُوك الْمُسْلِم أَحَقّ أَنْ تُطْعِمهُ . )27728 - قَالَ : ثَنَا الْمُعْتَمِر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي عَمْرو إِنَّ عِكْرِمَة قَالَ فِي قَوْله : ( { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَام عَلَى حُبّه مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا } زَعَمَ أَنَّهُ قَالَ : كَانَ الْأَسْرَى فِي ذَلِكَ الزَّمَان الْمُشْرِك . )27729 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثَنَا أَشْعَث , عَنْ الْحَسَن ( { وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا } قَالَ : مَا كَانَ أَسْرَاهُمْ إِلَّا الْمُشْرِكِينَ . )وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِذَلِكَ : الْمَسْجُون مِنْ أَهْل الْقِبْلَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27730 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (الْأَسِير : الْمَسْجُون . )27731 - حَدَّثَنِي أَبُو شَيْبَة بْن أَبِي شَيْبَة , قَالَ : ثَنَا عُمَر بْن حَفْص , قَالَ : ثَنِي أَبِي عَنْ حَجَّاج , قَالَ : ثَنِي عَمْرو بْن مُرَّة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْله اللَّه : ( { مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا } مِنْ أَهْل الْقِبْلَة وَغَيْرهمْ , فَسَأَلْت عَطَاء , فَقَالَ مِثْل ذَلِكَ . )27732 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَهْل الرَّمْلِيّ , ثَنَا يَحْيَى يَعْنِي اِبْن عِيسَى , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { وَأَسِيرًا } قَالَ : الْأَسِير : هُوَ الْمَحْبُوس . )27733 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه وَصَفَ هَؤُلَاءِ الْأَبْرَار بِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي الدُّنْيَا يُطْعِمُونَ الْأَسِير , وَالْأَسِير الَّذِي قَدْ وَصَفْت صِفَته ; وَاسْم الْأَسِير قَدْ يَشْتَمِل عَلَى الْفَرِيقَيْنِ , وَقَدْ عَمَّ الْخَبَر عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يُطْعِمُونَهُمْ , فَالْخَبَر عَلَى عُمُومه حَتَّى يَخُصّهُ مَا يَجِب التَّسْلِيم لَهُ . وَأَمَّا قَوْل مَنْ قَالَ : لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَسِير يَوْمئِذٍ إِلَّا أَهْل الشِّرْك , فَإِنَّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ , فَلَمْ يُخَصَّص بِالْخَبَرِ الْمُوفُونَ بِالنَّذْرِ يَوْمئِذٍ , وَإِنَّمَا هُوَ خَبَر مِنْ اللَّه عَنْ كُلّ مَنْ كَانَتْ هَذِهِ صِفَته يَوْمئِذٍ وَبَعْده إِلَى يَوْم الْقِيَامَة , وَكَذَلِكَ الْأَسِير مَعْنِيّ بِهِ أَسِير الْمُشْرِكِينَ وَالْمُسْلِمِينَ يَوْمئِذٍ , وَبَعْد ذَلِكَ إِلَى قِيَام السَّاعَة .

تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ

وَقَوْله : { إِنَّمَا نُطْعِمكُمْ لِوَجْهِ اللَّه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَقُولُونَ : إِنَّمَا نُطْعِمكُمْ إِذَا هُمْ أَطْعَمُوهُمْ لِوَجْهِ اللَّه , يَعْنُونَ طَلَب رِضَا اللَّه , وَالْقُرْبَة إِلَيْهِ .|لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا|يَقُولُونَ لِلَّذِينَ يُطْعِمُونَهُمْ ذَلِكَ الطَّعَام : لَا نُرِيد مِنْكُمْ أَيّهَا النَّاس عَلَى إِطْعَامِنَاكُمْ ثَوَابًا وَلَا شُكُورًا . وَفِي قَوْله : { وَلَا شُكُورًا } وَجْهَانِ مِنْ الْمَعْنَى : أَحَدهمَا أَنْ يَكُون جَمْع الشُّكْر كَمَا الْفُلُوس جَمْع فَلْس , وَالْكُفُور جَمْع كُفْر . وَالْآخَر : أَنْ يَكُون مَصْدَرًا وَاحِدًا فِي مَعْنَى جَمْع , كَمَا يُقَال : قَعَدَ قُعُودًا , وَخَرَجَ خُرُوجًا . وَقَدْ : 27734 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ سُفْيَان , عَنْ سَالِم , عَنْ مُجَاهِد ( { إِنَّمَا نُطْعِمكُمْ لِوَجْهِ اللَّه لَا نُرِيد مِنْكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا } قَالَ : أَمَا إِنَّهُمْ مَا تَكَلَّمُوا بِهِ , وَلَكِنْ عَلِمَهُ اللَّه مِنْ قُلُوبهمْ , فَأَثْنَى بِهِ عَلَيْهِمْ لِيَرْغَب فِي ذَلِكَ رَاغِب . )27735 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سِنَانِ الْقَزَّاز , قَالَ : ثَنَا مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن مُسْلِم بْن أَبِي الْوَضَّاح , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر ( { إِنَّمَا نُطْعِمكُمْ لِوَجْهِ اللَّه لَا نُرِيد مِنْكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا } قَالَ : أَمَا وَاَللَّه مَا قَالُوهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ , وَلَكِنْ عَلِمَهُ اللَّه مِنْ قُلُوبهمْ , فَأَثْنَى عَلَيْهِمْ لِيَرْغَب فِي ذَلِكَ رَاغِب .)

قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّا نَخَاف مِنْ رَبّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتهمْ إِنَّهُمْ يَقُولُونَ لِمَنْ أَطْعَمُوهُ مِنْ أَهْل الْفَاقَة وَالْحَاجَة : مَا نُطْعِمكُمْ طَعَامًا نَطْلُب مِنْكُمْ عِوَضًا عَلَى إِطْعَامِنَاكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا , وَلَكِنَّا نُطْعِمكُمْ رَجَاء مِنَّا أَنْ يُؤَمِّننَا رَبّنَا مِنْ عُقُوبَته فِي يَوْم شَدِيد هَوْله , عَظِيم أَمْره , تَعْبِس فِيهِ الْوُجُوه مِنْ شِدَّة مَكَارِهه , وَيَطُول بَلَاء أَهْله , وَيَشْتَدّ . وَالْقَمْطَرِير : هُوَ الشَّدِيد , يُقَال : هُوَ يَوْم قَمْطَرِير , أَوْ يَوْم قَمْطَرِير , وَيَوْم عَصِيب . وَعَصَبْصَب , وَقَدْ اِقْمَطَرَّ الْيَوْم يُقَمْطِر اِقْمِطْرَارًا , وَذَلِكَ أَشَدّ الْأَيَّام وَأَطْوَله فِي الْبَلَاء وَالشِّدَّة ; وَمِنْهُ قَوْل بَعْضهمْ . <br>بَنِي عَمّنَا هَلْ تَذْكُرُونَ بَلَاءَنَا .......... عَلَيْكُمْ إِذَا مَا كَانَ يَوْم قُمَاطِر <br>وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل عَلَى اِخْتِلَاف مِنْهُمْ فِي الْعِبَارَة عَنْ مَعْنَاهُ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ أَنْ يَعْبِس أَحَدهمْ , فَيُقَبِّض بَيْن عَيْنَيْهِ حَتَّى يَسِيل مِنْ بَيْن عَيْنَيْهِ مِثْل الْقَطِرَان . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27736 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا مُصْعَب بْن سَلَّام التَّمِيمِيّ , عَنْ سَعِيد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا } قَالَ : يَعْبِس الْكَافِر يَوْمئِذٍ حَتَّى يَسِيل مِنْ بَيْن عَيْنَيْهِ عَرَق مِثْل الْقَطِرَان . )27737 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثَنَا مُؤَمَّل , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ هَارُون بْن عَنْتَرَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله ( { يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا } قَالَ : الْقَمْطَرِير : الْمُقْبَض بَيْن عَيْنَيْهِ . )27738 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَان بْن عَبْد الْجَبَّار , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن الصَّلْت , قَالَ : ثَنَا أَبُو كُدَيْنَة , عَنْ قَابُوس , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : سَأَلْت اِبْن عَبَّاس , عَنْ قَوْله ( { قَمْطَرِيرًا } قَالَ : يُقَبِّض مَا بَيْن الْعَيْنَيْنِ . )27739 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ هَارُون بْن عَنْتَرَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس ( { يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا } قَالَ : يُقَبِّض مَا بَيْن الْعَيْنَيْنِ . )27740 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { إِنَّا نَخَاف مِنْ رَبّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا } قَالَ : يَوْم يُقَبِّض فِيهِ الرَّجُل مَا بَيْن عَيْنَيْهِ وَوَجْهه . )27741 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { إِنَّا نَخَاف مِنْ رَبّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا } عَبَسَتْ فِيهِ الْوُجُوه , وَقَبَضَتْ مَا بَيْن أَعْيُنهَا كَرَاهِيَة ذَلِكَ الْيَوْم . )* - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { قَمْطَرِيرًا } قَالَ : تُقَبِّض فِيهِ الْجِبَاه ; وَقَوْم يَقُولُونَ : الْقَمْطَرِير : الشَّدِيد . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ سُفْيَان , عَنْ هَارُون بْن عَنْتَرَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (الْمُقَبِّض مَا بَيْن الْعَيْنَيْنِ . )27742 - قَالَ : وَثَنًا وَكِيع , عَنْ عُمَر بْن ذَرّ , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (هُوَ الْمُقَبِّض مَا بَيْن عَيْنَيْهِ . )27743 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا الْمُعْتَمِر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي عَمْرو , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : (الْقَمْطَرِير : مَا يَخْرُج مِنْ جِبَاههمْ مِثْل الْقَطِرَان , فَيَسِيل عَلَى وُجُوهِهِمْ . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { قَمْطَرِيرًا } قَالَ : يُقَبِّض الْوَجْه بِالْبُسُورِ . )وَقَالَ آخَرُونَ : الْعَبُوس : الضَّيِّق , وَالْقَمْطَرِير : الطَّوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27744 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { عَبُوسًا } يَقُول : ضَيِّقًا . وَقَوْله : { قَمْطَرِيرًا } يَقُول : طَوِيلًا . )وَقَالَ آخَرُونَ : الْقَمْطَرِير : الشَّدِيد . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 27745 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي : ( { إِنَّا نَخَاف مِنْ رَبّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا } قَالَ : الْعَبُوس : الشَّرّ , وَالْقَمْطَرِير : الشَّدِيد .)

أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ

وَقَوْله : { فَوَقَاهُمْ اللَّه شَرّ ذَلِكَ الْيَوْم وَلَقَّاهُمْ نَضْرَة وَسُرُورًا } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَدَفَعَ اللَّه عَنْهُمْ مَا كَانُوا فِي الدُّنْيَا يَحْذَرُونَ مِنْ شَرّ الْيَوْم الْعَبُوس الْقَمْطَرِير بِمَا كَانُوا فِي الدُّنْيَا يَعْمَلُونَ مِمَّا يَرْضَى عَنْهُمْ رَبّهمْ , لَقَّاهُمْ نَضْرَة فِي وُجُوههمْ , وَسُرُورًا فِي قُلُوبهمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل , ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27746 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَبِي رَجَاء , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : ( { وَلَقَّاهُمْ نَضْرَة وَسُرُورًا } قَالَ : نَضْرَة فِي الْوُجُوه , وَسُرُورًا فِي الْقُلُوب . )27747 - حَدَّثَنِي بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَلَقَّاهُمْ نَضْرَة وَسُرُورًا } نَضْرَة فِي وُجُوههمْ , وَسُرُورًا فِي قُلُوبهمْ . )27748 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَلَقَّاهُمْ نَضْرَة وَسُرُورًا } قَالَ : نِعْمَة وَسُرُورًا .)

يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّة وَحَرِيرًا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَثَابَهُمْ اللَّه بِمَا صَبَرُوا فِي الدُّنْيَا عَلَى طَاعَته , وَالْعَمَل بِمَا يُرْضِيه عَنْهُمْ جَنَّة وَحَرِيرًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27749 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّة وَحَرِيرًا } يَقُول : وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا عَلَى طَاعَة اللَّه , وَصَبَرُوا عَنْ مَعْصِيَته وَمَحَارِمه , جَنَّة وَحَرِيرًا .)

أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً

وَقَوْله : { مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِك } يَقُول : مُتَّكِئِينَ فِي الْجَنَّة عَلَى السُّرَر فِي الْحِجَال , وَهِيَ الْأَرَائِك وَاحِدَتهَا أَرِيكَة . وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ بِشَوَاهِدِهِ , وَمَا فِيهِ مِنْ أَقْوَال أَهْل التَّأْوِيل فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته , غَيْر أَنَّا نَذْكُر فِي هَذَا الْمَوْضِع مِنْ الرِّوَايَة بَعْض مَا لَمْ نَذْكُرهُ إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى قَبْل . 27750 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِك } يَعْنِي : الْحِجَال . )27751 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِك } كُنَّا نُحَدَّث أَنَّهَا الْحِجَال فِيهَا الْأَسِرَّة . )27752 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الْحُصَيْن , عَنْ مُجَاهِد ( { مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِك } قَالَ : السُّرُر فِي الْحِجَال . )وَنُصِبَ { مُتَّكِئِينَ } فِيهَا عَلَى الْحَال مِنْ الْهَاء وَالْمِيم .|لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا|وَقَوْله { لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا فَيُؤْذِيهِمْ حَرّهَا , وَلَا زَمْهَرِيرًا , وَهُوَ الْبَرْد الشَّدِيد , فَيُؤْذِيهِمْ بَرْدهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27753 - حَدَّثَنَا زِيَاد بْن عَبْد اللَّه الْحَسَّانِيّ , قَالَ : ثَنَا مَالِك بْن سُعَيْر , قَالَ : ثَنَا الْأَعْمَش , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (الزَّمْهَرِير : الْبَرْد الْمُفْظِع . )27754 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ اللَّه : ( { لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا } يَعْلَم أَنَّ شِدَّة الْحَرّ تُؤْذِي , وَشِدَّة الْقَرّ تُؤْذِي , فَوَقَاهُمْ اللَّه أَذَاهُمَا . )27755 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا وَهْب بْن جَرِير , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ مُرَّة بْن عَبْد اللَّه قَالَ فِي (الزَّمْهَرِير : إِنَّهُ لَوْن مِنْ الْعَذَاب , قَالَ اللَّه : { لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا } . )27756 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ أَبِي سَلَمَة , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : ( اِشْتَكَتْ النَّار إِلَى رَبّهَا , فَقَالَتْ رَبّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا , فَنَفِّسْنِي , فَأَذِنَ لَهَا فِي كُلّ عَام بِنَفَسَيْنِ ; فَأَشَدّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الْبَرْد مِنْ زَمْهَرِير جَهَنَّم وَأَشَدّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الْحَرّ مِنْ حَرّ جَهَنَّم | .)

قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَدَانِيَة عَلَيْهِمْ ظِلَالهَا } </subtitle>يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { وَدَانِيَة عَلَيْهِمْ ظِلَالهَا } وَقُرِّبَتْ مِنْهُمْ ظِلَال أَشْجَارهَا . وَلِنَصْبِ دَانِيَة أَوْجُه : أَحَدهَا : الْعَطْف بِهِ عَلَى قَوْله { مُتَّكِئِينَ فِيهَا } . وَالثَّانِي : الْعَطْف بِهِ عَلَى مَوْضِع قَوْله { لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا } لِأَنَّ مَوْضِعه نَصْب , وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَاهُ : مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِك , غَيْر رَائِينَ فِيهَا شَمْسًا . وَالثَّالِث : نَصْبه عَلَى الْمَدْح , كَأَنَّهُ قِيلَ : مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِك , وَدَانِيَة بَعْد عَلَيْهِمْ ظِلَالهَا , كَمَا يُقَال : عِنْد فُلَان جَارِيَة جَمِيلَة , وَشَابَّة بَعْد طَرِيَّة , تُضْمِر مَعَ هَذِهِ الْوَاو فِعْلًا نَاصِبًا لِلشَّابَّةِ , إِذَا أُرِيدَ بِهِ الْمَدْح , وَلَمْ يُرَدْ بِهِ النَّسَق ; وَأُنِّثَتْ دَانِيَة لِأَنَّ الظِّلَال جَمْع . وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه بِالتَّذْكِيرِ : | وَدَانِيَة عَلَيْهِمْ ظِلَالهَا | وَإِنَّمَا ذُكِّرَ لِأَنَّهُ فِعْل مُتَقَدِّم , وَهِيَ فِي قِرَاءَة فِيمَا بَلَغَنِي : | وَدَانٍ | رُفِعَ عَلَى الِاسْتِئْنَاف .|وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا|وَقَوْله : { وَذُلِّلَتْ قُطُوفهَا تَذْلِيلًا } يَقُول : وَذُلِّلَ لَهُمْ اِجْتِنَاء ثَمَر شَجَرهَا , كَيْف شَاءُوا قُعُودًا وَقِيَامًا وَمُتَّكِئِينَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27757 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { وَذُلِّلَتْ قُطُوفهَا تَذْلِيلًا } قَالَ : إِذَا قَامَ اِرْتَفَعَتْ بِقَدْرِهِ , وَإِنْ قَعَدَ تَدَلَّتْ حَتَّى يَنَالهَا , وَإِنْ اِضْطَجَعَ تَدَلَّتْ حَتَّى يَنَالهَا , فَذَلِكَ تَذْلِيلهَا . )27758 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَدَانِيَة عَلَيْهِمْ ظِلَالهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفهَا تَذْلِيلًا } قَالَ : لَا يَرُدّ أَيْدِيهمْ عَنْهَا بُعْد وَلَا شَوْك . )27759 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { قُطُوفهَا دَانِيَة } قَالَ : الدَّانِيَة : الَّتِي قَدْ دَنَتْ عَلَيْهِمْ ثِمَارهَا . )27760 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان ( { وَذُلِّلَتْ قُطُوفهَا تَذْلِيلًا } قَالَ : يَتَنَاوَلهُ كَيْف شَاءَ جَالِسًا وَمُتَّكِئًا .)

فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ

وَقَوْله : { وَيُطَاف عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيُطَاف عَلَى هَؤُلَاءِ الْأَبْرَار بِآنِيَةٍ مِنْ الْأَوَانِي الَّتِي يَشْرَبُونَ فِيهَا شَرَابهمْ , هِيَ مِنْ فِضَّة كَانَتْ قَوَارِير , فَجَعَلَهَا فِضَّة , وَهِيَ فِي صَفَاء الْقَوَارِير , فَلَهَا بَيَاض الْفِضَّة وَصَفَاء الزُّجَاج . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27761 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَيُطَاف عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّة وَأَكْوَاب كَانَتْ قَوَارِيرًا } يَقُول : آنِيَة مِنْ فِضَّة , وَصَفَاؤُهَا وَتَهَيُّؤُهَا كَصَفَاءِ الْقَوَارِير . )27762 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مُجَاهِد مِنْ فِضَّة , قَالَ : (فِيهَا رِقَّة الْقَوَارِير فِي صَفَاء الْفِضَّة . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { قَوَارِيرًا مِنْ فِضَّة } قَالَ : صَفَاء الْقَوَارِير وَهِيَ مِنْ فِضَّة . )27763 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَيُطَاف عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّة } أَيْ صَفَاء الْقَوَارِير فِي بَيَاض الْفِضَّة .)|وَأَكْوَابٍ|وَقَوْله : { وَأَكْوَاب } يَقُول : وَيُطَاف مَعَ الْأَوَانِي بِجِرَارٍ ضِخَام فِيهَا الشَّرَاب , وَكُلّ جَرَّة ضَخْمَة لَا عُرْوَة لَهَا فَهِيَ كُوب , كَمَا : 27764 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد ( { وَأَكْوَاب } قَالَ : لَيْسَ لَهَا آذَان . )وَقَدْ : * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان بِهَذَا الْحَدِيث بِهَذَا الْإِسْنَاد عَنْ مُجَاهِد , فَقَالَ : (الْأَكْوَاب : الْأَقْدَاح .)|كَانَتْ قَوَارِيرَ|وَقَوْله : { وَكَانَتْ قَوَارِير } يَقُول : كَانَتْ هَذِهِ الْأَوَانِي وَأَكْوَاب قَوَارِير , فَحَوَّلَهَا اللَّه فِضَّة . وَقِيلَ : إِنَّمَا قِيلَ : وَيُطَاف عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّة , لِيَدُلّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ أَرْض الْجَنَّة فِضَّة , لِأَنَّ كُلّ آنِيَة تُتَّخَذ , فَإِنَّمَا تُتَّخَذ مِنْ تُرْبَة الْأَرْض الَّتِي فِيهَا , فَدَلَّ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِوَصْفِهِ الْآنِيَة مَتَى يُطَاف بِهَا عَلَى أَهْل الْجَنَّة أَنَّهَا مِنْ فِضَّة , لِيُعْلِم عِبَاده أَنَّ تُرْبَة أَرْض الْجَنَّة فِضَّة . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله | قَوَارِير , وَسَلَاسِل | , فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْكُوفَة غَيْر حَمْزَة : سَلَاسِل , وَقَوَارِيرًا { قَوَارِيرًا } بِإِثْبَاتِ الْأَلِف وَالتَّنْوِين وَكَذَلِكَ هِيَ فِي مَصَاحِفهمْ ; وَكَانَ حَمْزَة يُسْقِط الْأَلْقَاب مِنْ ذَلِكَ كُلّه , وَلَا يُجْرِي شَيْئًا مِنْهُ ; وَكَانَ أَبُو عَمْرو يُثْبِت الْأَلِف فِي الْأُولَى مِنْ قَوَارِير , وَلَا يُثْبِتهَا فِي الثَّانِيَة , وَكُلّ ذَلِكَ عِنْدنَا صَوَاب , غَيْر أَنَّ الَّذِي ذَكَرْت عَنْ أَبِي عَمْرو أَعْجَبهُمَا إِلَيَّ , وَذَلِكَ أَنَّ الْأَوَّل مِنْ الْقَوَارِير رَأْس آيَة , وَالتَّوْفِيق بَيْن ذَلِكَ وَبَيْن سَائِر رُءُوس آيَات السُّورَة أَعْجَب إِلَيَّ إِذْ كَانَ ذَلِكَ بِإِثْبَاتِ الْأَلِفَات فِي أَكْثَرهَا .

فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَوَارِيرًا مِنْ فِضَّة } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { قَوَارِير } فِي صَفَاء الصَّفَاء مِنْ فِضَّة الْفِضَّة مِنْ الْبَيَاض , كَمَا : 27765 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَبِي رَجَاء , قَالَ : قَالَ الْحَسَن , فِي قَوْله : ( { كَانَتْ قَوَارِير قَوَارِير مِنْ فِضَّة } قَالَ : صَفَاء الْقَوَارِير فِي بَيَاض الْفِضَّة . )* - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن كَثِير , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي رَجَاء , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله اللَّه : ( { قَوَارِير مِنْ فِضَّة } قَالَ : بَيَاض الْفِضَّة فِي صَفَاء الْقَوَارِير . )27766 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي صَالِح , فِي قَوْله : ( { كَانَتْ قَوَارِير قَوَارِيرًا مِنْ فِضَّة } قَالَ : كَانَ تُرَابهَا مِنْ فِضَّة . )وَقَوْله : { قَوَارِير مِنْ فِضَّة } قَالَ : صَفَاء الزُّجَاج فِي بَيَاض الْفِضَّة . 27767 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا سُلَيْمَان , قَالَ : ثَنَا أَبُو هِلَال , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { قَوَارِير قَوَارِير مِنْ فِضَّة } قَالَ : لَوْ اِحْتَاجَ أَهْل الْبَاطِل أَنْ يَعْمَلُوا إِنَاء مِنْ فِضَّة يَرَى مَا فِيهِ مَنْ خَلْفه , كَمَا يُرَى مَا فِي الْقَوَارِير مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ . )27768 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { قَوَارِير مِنْ فِضَّة } قَالَ : هِيَ مِنْ فِضَّة , وَصَفَاؤُهَا : صَفَاء الْقَوَارِير فِي بَيَاض الْفِضَّة . )27769 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { قَوَارِير مِنْ فِضَّة } قَالَ : عَلَى صَفَاء الْقَوَارِير , وَبَيَاض الْفِضَّة .)|قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا|وَقَوْله : { قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا } يَقُول : قَدَّرُوا تِلْكَ الْآنِيَة الَّتِي يُطَاف عَلَيْهِمْ بِهَا تَقْدِيرًا عَلَى قَدْر رَيّهمْ لَا تَزِيد وَلَا تَنْقُص عَنْ ذَلِكَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27770 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَبِي رَجَاء , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : ( { قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا } قَالَ : قُدِّرَتْ لِرَيِّ الْقَوْم . )27771 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا اِبْن يَمَان , عَنْ أَشْعَث , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد , فِي قَوْله : ( { قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا } قَالَ : قَدْر رَيّهمْ . )27772 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا عُمَر بْن عُبَيْد , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { قَوَارِير مِنْ فِضَّة قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا } قَالَ : لَا تَنْقُص وَلَا تُفِيض . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا } قَالَ : لَا تَتْرَع فَتُهْرَاق , وَلَا يَنْقُصُونَ مِنْ مَائِهَا فَتَنْقُص فَهِيَ مَلْأَى . )27773 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا } لِرَيِّهِمْ . )* - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا } قُدِّرَتْ عَلَى رَيّ الْقَوْم . )27774 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { مِنْ فِضَّة قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا } قَالَ : قَدَّرُوهَا لِرَيِّهِمْ عَلَى قَدْر شُرْبهمْ أَهْل الْجَنَّة . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله ( { قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا } قَالَ : مُمْتَلِئَة لَا تُهْرَاق , وَلَيْسَتْ بِنَاقِصَةٍ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : قَدَّرُوهَا عَلَى قَدْر الْكَفّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27775 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , ( { قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا } قَالَ : قُدِّرَتْ لِلْكَفِّ . )وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله { قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار : { قَدَّرُوهَا } بِفَتْحِ الْقَاف , بِمَعْنَى : قَدَّرُوهَا لَهُمْ السُّقَاة الَّذِينَ يَطُوفُونَ بِهَا عَلَيْهِمْ . وَرُوِيَ عَنْ الشَّعْبِيّ وَغَيْره مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُمْ قَرَءُوا ذَلِكَ بِضَمِّ الْقَاف , بِمَعْنَى : قُدِّرَتْ عَلَيْهِمْ , فَلَا زِيَادَة فِيهَا وَلَا نُقْصَان . وَالْقِرَاءَة الَّتِي لَا أَسْتَجِيز الْقِرَاءَة بِغَيْرِهَا فَتْح الْقَاف , لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهِ .

هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى

وَقَوْله : { وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيُسْقَى هَؤُلَاءِ الْقَوْم الْأَبْرَار فِي الْجَنَّة كَأْسًا , وَهِيَ كُلّ إِنَاء كَانَ فِيهِ شَرَاب , فَإِذَا كَانَ فَارِغًا مِنْ الْخَمْر لَمْ يُقَلْ لَهُ كَأْس , وَإِنَّمَا يُقَال لَهُ إِنَاء , كَمَا يُقَال لِلطَّبَقِ الَّذِي تُهْدَى فِيهِ الْهَدِيَّة الْمُهْدَى مَقْصُورًا مَا دَامَتْ عَلَيْهِ الْهَدِيَّة فَإِذَا فَرَغَ مِمَّا عَلَيْهِ كَانَ طَبَقًا أَوْ خِوَانًا , وَلَمْ يَكُنْ مُهْدًى .|كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا|يَقُول : كَانَ مِزَاج شَرَاب الْكَأْس الَّتِي يُسْقَوْنَ مِنْهَا زَنْجَبِيلًا . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : يُمْزَج لَهُمْ شَرَابهمْ بِالزَّنْجَبِيلِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27776 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { مِزَاجهَا زَنْجَبِيلًا } قَالَ : تُمْزَج بِالزَّنْجَبِيلِ . )27777 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { كَانَ مِزَاجهَا زَنْجَبِيلًا } قَالَ : يَأْثُر لَهُمْ مَا كَانُوا يَشْرَبُونَ فِي الدُّنْيَا . زَادَ الْحَارِث فِي حَدِيثه : فَيُحَبِّبهُ إِلَيْهِمْ . )وَقَالَ بَعْضهمْ : الزَّنْجَبِيل : اِسْم لِلْعَيْنِ الَّتِي مِنْهَا مِزَاج شَرَاب الْأَبْرَار . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27778 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجهَا زَنْجَبِيلًا عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلَا } رَقِيقَة يَشْرَبهَا الْمُقَرَّبُونَ صِرْفًا , وَتُمْزَج لِسَائِرِ أَهْل الْجَنَّة .)

إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى

وَقَوْله : { عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : عَيْنًا فِي الْجَنَّة تُسَمَّى سَلْسَبِيلَا . قِيلَ : عُنِيَ بِقَوْلِهِ سَلْسَبِيلَا : سَلِسَة مُنْقَادًا مَاؤُهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27779 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلَا } عَيْنًا سَلِسَة مُسْتَقِيدًا مَاؤُهَا . )* - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { تُسَمَّى سَلْسَبِيلَا } قَالَ : سَلِسَة يَصْرِفُونَهَا حَيْثُ شَاءُوا . )وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِذَلِكَ أَنَّهَا شَدِيدَة الْجِرْيَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27780 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلَا } قَالَ : حَدِيدَة الْجِرْيَة . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا الْأَشْجَعِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - قَالَ : ثَنَا أَبُو أُسَامَة , عَنْ شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (سَلِسَة الْجِرْيَة . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلَا } حَدِيدَة الْجِرْيَة . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي مَعْنَى السَّلْسَبِيل وَفِي إِعْرَابه , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة , قَالَ بَعْضهمْ : إِنَّ سَلْسَبِيل صِفَة لِلْعَيْنِ بِالتَّسَلْسُلِ . وَقَالَ بَعْضهمْ : إِنَّمَا أَرَادَ عَيْنًا تُسَمَّى سَلْسَبِيلَا : أَيْ تُسَمَّى مِنْ طِيبهَا السَّلْسَبِيل : أَيْ تُوصَف لِلنَّاسِ , كَمَا تَقُول : الْأَعْوَجِيّ وَالْأَرْحَبِيّ وَالْمُهْرِيّ مِنْ الْإِبِل , وَكَمَا تُنْسَب الْخَيْل إِذَا وُصِفَتْ إِلَى الْخَيْل الْمَعْرُوفَة الْمَنْسُوبَة كَذَلِكَ تُنْسَب الْعَيْن إِلَى أَنَّهَا تُسَمَّى , لِأَنَّ الْقُرْآن نَزَلَ عَلَى كَلَام الْعَرَب , قَالَ : وَأَنْشَدَنِي يُونُس : <br>صَفْرَاء مِنْ نَبْع يُسَمَّى سَهْمهَا .......... مِنْ طُول مَا صَرَعَ الصَّيُود الصَّيِّب <br>فَرُفِعَ الصَّيِّب لِأَنَّهُ لَمْ يُرَدْ أَنْ يُسَمَّى بِالصَّيِّبِ , إِنَّمَا الصَّيِّب مِنْ صِفَة الِاسْم وَالسَّهْم . وَقَوْله : | يُسَمَّى سَهْمهَا | أَيْ يُذْكَر سَهْمهَا . قَالَ : وَقَالَ بَعْضهمْ : لَا , بَلْ هُوَ اِسْم الْعَيْن , وَهُوَ مَعْرِفَة , وَلَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ رَأْس آيَة , وَكَانَ مَفْتُوحًا , زِيدَتْ فِيهِ الْأَلِف , كَمَا قَالَ : كَانَتْ قَوَارِيرًا . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : السَّلْسَبِيل : نَعْت أَرَادَ بِهِ سَلَس فِي الْحَلْق , فَلِذَلِكَ حَرِيّ أَنْ تُسَمَّى بِسَلَاسَتِهَا . وَقَالَ آخَر مِنْهُمْ : ذَكَرُوا أَنَّ السَّلْسَبِيل اِسْم لِلْعَيْنِ , وَذَكَرُوا أَنَّهُ صِفَة لِلْمَاءِ لِسَلَسِهِ وَعُذُوبَته ; قَالَ : وَنَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ اِسْمًا لِلْعَيْنِ لَكَانَ تَرْك الْإِجْرَاء فِيهِ أَكْثَر , وَلَمْ نَرَ أَحَدًا تَرَكَ إِجْرَاءَهَا وَهُوَ جَائِز فِي الْعَرَبِيَّة , لِأَنَّ الْعَرَب تُجْرِي مَا لَا يَجْرِي فِي الشِّعْر , كَمَا قَالَ مُتَمِّم بْن نُوَيْرَة : <br>فَمَا وَجَدَ أَظْآر ثَلَاث رَوَائِم .......... رَأَيْنَ مُخَرًّا مِنْ حُوَر وَمَصْرَعًا <br>فَأَجْرَى رَوَائِم , وَهِيَ مِمَّا لَا يُجْرَى . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ قَوْله : { تُسَمَّى سَلْسَبِيلَا } صِفَة لِلْعَيْنِ , وُصِفَتْ بِالسَّلَاسَةِ فِي الْحَلْق , وَفِي حَال الْجَرْي , وَانْقِيَادهَا لِأَهْلِ الْجَنَّة يَصْرِفُونَهَا حَيْثُ شَاءُوا , كَمَا قَالَ مُجَاهِد وقَتَادَة . وَإِنَّمَا عُنِيَ بِقَوْلِهِ { تُسَمَّى } تُوصَف . وَإِنَّمَا قُلْت ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ لِإِجْمَاعِ أَهْل التَّأْوِيل عَلَى أَنَّ قَوْله : { سَلْسَبِيلَا } صِفَة لَا اِسْم .

اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَطُوف عَلَيْهِمْ وِلْدَان مُخَلَّدُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيَطُوف عَلَى هَؤُلَاءِ الْأَبْرَار وِلْدَان , وَهُمْ الْوُصَفَاء , مُخَلَّدُونَ . اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى : { مُخَلَّدُونَ } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : أَنَّهُمْ لَا يَمُوتُونَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27781 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَيَطُوف عَلَيْهِمْ وِلْدَان مُخَلَّدُونَ } أَيْ لَا يَمُوتُونَ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِذَلِكَ { وِلْدَان مُخَلَّدُونَ } مُسَوَّرُونَ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِهِ أَنَّهُمْ مُقَرَّطُونَ . وَقِيلَ : عُنِيَ بِهِ أَنَّهُمْ دَائِم شَبَابهمْ , لَا يَتَغَيَّرُونَ عَنْ تِلْكَ السِّنّ . وَذُكِرَ عَنْ الْعَرَب أَنَّهَا تَقُول لِلرَّجُلِ إِذَا كَبِرَ وَثَبَتَ سَوَاد شَعْره : إِنَّهُ لَمُخَلَّد ; كَذَلِكَ إِذَا كَبِرَ وَثَبَتَتْ أَضْرَاسه وَأَسْنَانه قِيلَ : إِنَّهُ لَمُخَلَّد , يُرَاد بِهِ أَنَّهُ ثَابِت الْحَال , وَهَذَا تَصْحِيح لِمَا قَالَ قَتَادَة مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ : لَا يَمُوتُونَ , لِأَنَّهُمْ إِذَا ثَبَتُوا عَلَى حَال وَاحِدَة فَلَمْ يَتَغَيَّرُوا بِهَرَمٍ وَلَا شَيْب وَلَا مَوْت , فَهُمْ مُخَلَّدُونَ . وَقِيلَ : إِنَّ مَعْنَى قَوْله : { مُخَلَّدُونَ } مُسَوَّرُونَ بِلُغَةِ حِمْيَر ; وَيُنْشَد لِبَعْضِ شُعَرَائِهِمْ : <br>وَمُخَلَّدَات بِاللُّجَيْنِ كَأَنَّمَا .......... أَعْجَازهنَّ أَقَاوِز الْكُثْبَان<br>|إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا|وَقَوْله : { إِذَا رَأَيْتهمْ حَسِبْتهمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِذَا رَأَيْت يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْوِلْدَان مُجْتَمَعِينَ أَوْ مُفْتَرِقِينَ , تَحْسَبهُمْ فِي حُسْنهمْ , وَنَقَاء بَيَاض وُجُوههمْ , وَكَثْرَتهمْ , لُؤْلُؤًا مُبَدَّدًا , أَوْ مُجْتَمِعًا مَصْبُوبًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27782 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا } قَالَ : مِنْ كَثْرَتهمْ وَحُسْنهمْ . )27783 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله ( { إِذَا رَأَيْتهمْ حَسِبْتهمْ } مِنْ حُسْنهمْ وَكَثْرَتهمْ { لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا } )وَقَالَ قَتَادَة عَنْ أَبِي أَيُّوب , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , قَالَ : (مَا مِنْ أَهْل الْجَنَّة مِنْ أَحَد إِلَّا وَيَسْعَى عَلَيْهِ أَلْف غُلَام , كُلّ غُلَام عَلَى عَمَل مَا عَلَيْهِ صَاحِبه . )27784 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , قَالَ : ( { حَسِبْتهمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا } قَالَ : فِي كَثْرَة اللُّؤْلُؤ وَبَيَاض اللُّؤْلُؤ .)

فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى

وَقَوْله : { وَإِذَا رَأَيْت ثَمَّ رَأَيْت نَعِيمًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَإِذَا نَظَرْت بِبَصَرِك يَا مُحَمَّد , وَرَمَيْت بِطَرْفِك فِيمَا أُعْطِيَ هَؤُلَاءِ الْأَبْرَار فِي الْجَنَّة مِنْ الْكَرَامَة . وَعُنِيَ بِقَوْلِهِ : { ثَمَّ } الْجَنَّة { رَأَيْت نَعِيمًا } , وَذَلِكَ أَنَّ أَدْنَاهُمْ مَنْزِلَة مَنْ يَنْظُر فِي مُلْكه فِيمَا قِيلَ فِي مَسِيرَة أَلْفَيْ عَام , يَرَى أَقْصَاهُ , كَمَا يَرَى أَدْنَاهُ . وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي السَّبَب الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ لَمْ يَذْكُر مَفْعُول رَأَيْت الْأَوَّل , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُرِيد رُؤْيَة لَا تَتَعَدَّى , كَمَا تَقُول : ظَنَنْت فِي الدَّار , أَخْبَرَ بِمَكَانِ ظَنّه , فَأَخْبَرَ بِمَكَانِ رُؤْيَته . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ : وَإِذَا رَأَيْت مَا ثَمَّ رَأَيْت نَعِيمًا ; قَالَ : وَصَلُحَ إِضْمَار مَا كَمَا قِيلَ : لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنكُمْ , يُرِيد : مَا بَيْنكُمْ ; قَالَ : وَيُقَال : إِذَا رَأَيْت ثَمَّ يُرِيد : إِذَا نَظَّرْت ثَمَّ , أَيْ إِذَا رَمَيْت بِبَصَرِك هُنَاكَ رَأَيْت نَعِيمًا .|وَمُلْكًا كَبِيرًا|وَقَوْله : { وَمُلْكًا كَبِيرًا } يَقُول : وَرَأَيْت مَعَ النَّعِيم الَّذِي تَرَى لَهُمْ ثَمَّ مُلْكًا كَبِيرًا . وَقِيلَ : إِنَّ ذَلِكَ الْمُلْك الْكَبِير : تَسْلِيم الْمَلَائِكَة عَلَيْهِمْ , وَاسْتِئْذَانهمْ عَلَيْهِمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27785 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا مُؤَمَّل , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , قَالَ : ثَنِي مِنْ سَمِعَ مُجَاهِدًا يَقُول : ( { وَإِذَا رَأَيْت ثَمَّ رَأَيْت نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا } قَالَ : تَسْلِيم الْمَلَائِكَة . )27786 - قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : سَمِعْت سُفْيَان يَقُول فِي قَوْله : ( { مُلْكًا كَبِيرًا } قَالَ : بَلَغَنَا أَنَّهُ تَسْلِيم الْمَلَائِكَة . )27787 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا الْأَشْجَعِيّ , فِي قَوْله : ( { وَإِذَا رَأَيْت ثَمَّ رَأَيْت نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا } قَالَ : فَسَّرَهَا سُفْيَان قَالَ : تَسْتَأْذِن الْمَلَائِكَة عَلَيْهِمْ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان ( { وَإِذَا رَأَيْت ثَمَّ رَأَيْت نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا } قَالَ اِسْتِئْذَان الْمَلَائِكَة عَلَيْهِمْ .)

وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { عَالِيهمْ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَوْقهمْ , يَعْنِي فَوْق هَؤُلَاءِ الْأَبْرَار ثِيَاب سُنْدُس . وَكَانَ بَعْض أَهْل التَّأْوِيل يَتَأَوَّل قَوْله : { عَالِيهمْ } فَوْق حِجَالهمْ الْمُثَبَّتَة عَلَيْهِمْ { ثِيَاب سُنْدُس } وَلَيْسَ ذَلِكَ بِالْقَوْلِ الْمَدْفُوع , لِأَنَّ ذَلِكَ إِذَا كَانَ فَوْق حِجَال هُمْ فِيهَا , فَقَدْ عَلَاهُمْ فَهُوَ عَالِيهمْ . وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل الْقِرَاءَة فِي قِرَاءَة ذَلِكَ فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْكُوفَة وَبَعْض قُرَّاء مَكَّة : | عَالِيهمْ | بِتَسْكِينِ الْيَاء . وَكَانَ عَاصِم وَأَبُو عَمْرو وَابْن كَثِير يَقْرَءُونَهُ بِفَتْحِ الْيَاء , فَمَنْ فَتَحَهَا جَعَلَ قَوْله { عَالِيهَا } اِسْمًا مُرَافِعًا لِلثِّيَابِ , مِثْل قَوْل الْقَائِل : ظَاهِرهمْ ثِيَاب سُنْدُس . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب .|ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ|وَقَوْله : { ثِيَاب سُنْدُس } يَعْنِي : ثِيَاب دِيبَاج رَقِيق حَسَن , وَالسُّنْدُس : هُوَ مَا رَقَّ مِنْ الدِّيبَاج . وَقَوْله : { خُضْر } اِخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَهُ أَبُو جَعْفَر الْقَارِئ وَأَبُو عَمْرو بِرَفْعِ { خُضْر } عَلَى أَنَّهَا نَعْت لِلثِّيَابِ , وَخَفْض | إِسْتَبْرَق | عَطْفًا بِهِ عَلَى السُّنْدُس , بِمَعْنَى : وَثِيَاب إِسْتَبْرَق . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَاصِم وَابْن كَثِير : | خُضْر | خَفْضًا { وَإِسْتَبْرَق } رَفْعًا , عَطْفًا بِالْإِسْتَبْرَقِ عَلَى الثِّيَاب , بِمَعْنَى : عَالِيهمْ إِسْتَبْرَق , وَتَصْيِيرًا لِلْخُضْرِ نَعْتًا لِلسُّنْدُسِ . وَقَرَأَ نَافِع ذَلِكَ : { خُضْر } رَفْعًا عَلَى أَنَّهَا نَعْت لِلثِّيَابِ { وَإِسْتَبْرَق } رَفْعًا عَطْفًا بِهِ عَلَى الثِّيَاب . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة : | خُضْر وَإِسْتَبْرَق | خَفْضًا كِلَاهُمَا . وَقَرَأَ ذَلِكَ اِبْن مُحَيْصِن بِتَرْكِ إِجْرَاء الْإِسْتَبْرَق : | وَإِسْتَبْرَق | بِالْفَتْحِ بِمَعْنَى : وَثِيَاب إِسْتَبْرَق , وَفَتَحَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ وَجَّهَهُ إِلَى أَنَّهُ اِسْم أَعْجَمِيّ . وَلِكُلِّ هَذِهِ الْقِرَاءَات الَّتِي ذَكَرْنَاهَا وَجْه وَمَذْهَب , غَيْر الَّذِي سَبَقَ ذِكْرنَا عَنْ اِبْن مُحَيْصِن , فَإِنَّهَا بَعِيدَة مِنْ مَعْرُوف كَلَام الْعَرَب , وَذَلِكَ أَنَّ الْإِسْتَبْرَق نَكِرَة , وَالْعَرَب تُجْرِي الْأَسْمَاء النَّكِرَة وَإِنْ كَانَتْ أَعْجَمِيَّة , وَالْإِسْتَبْرَق : هُوَ مَا غَلُظَ مِنْ الدِّيبَاج . وَقَدْ ذَكَرْنَا أَقْوَال أَهْل التَّأْوِيل فِي ذَلِكَ فِيمَا مَضَى قَبْل , فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَته هَا هُنَا . 27788 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : (الْإِسْتَبْرَق : الدِّيبَاج الْغَلِيظ .)|وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ|وَقَوْله : { وَحُلُّوا أَسَاوِر مِنْ فِضَّة } يَقُول : وَحَلَّاهُمْ رَبّهمْ أَسَاوِر , وَهِيَ جَمْع أَسْوِرَة مِنْ فِضَّة .|وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا|وَقَوْله : { وَسَقَاهُمْ رَبّهمْ شَرَابًا طَهُورًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَسَقَى هَؤُلَاءِ الْأَبْرَار رَبّهمْ شَرَابًا طَهُورًا , وَمِنْ طُهْره أَنَّهُ لَا يَصِير بَوْلًا نَجِسًا , وَلَكِنَّهُ يَصِير رَشْحًا مِنْ أَبْدَانهمْ كَرَشْحِ الْمِسْك , كَاَلَّذِي : 27789 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن سَعِيد وَعَبْد الرَّحْمَن , قَالَا : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ ( { وَسَقَاهُمْ رَبّهمْ شَرَابًا طَهُورًا } قَالَ : عَرَق يُفِيض مِنْ أَعْرَاضهمْ مِثْل رِيح الْمِسْك . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ , مِثْله . 27790 - قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ , قَالَ : (إِنَّ الرَّجُل مِنْ أَهْل الْجَنَّة يُقْسَم لَهُ شَهْوَة مِائَة رَجُل مِنْ أَهْل الدُّنْيَا , وَأَكْلهمْ وَهِمَّتهمْ , فَإِذَا أَكَلَ سُقِيَ شَرَابًا طَهُورًا , فَيَصِير رَشْحًا يَخْرُج مِنْ جِلْده أَطْيَب رِيحًا مِنْ الْمِسْك الْأَذْفَر , ثُمَّ تَعُود شَهْوَته . )27791 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { شَرَابًا طَهُورًا } قَالَ : مَا ذَكَرَ اللَّه مِنْ الْأَشْرِبَة . )27792 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ أَبَان , عَنْ أَبِي قِلَابَة : (إِنَّ أَهْل الْجَنَّة إِذَا أَكَلُوا وَشَرِبُوا مَا شَاءُوا دَعَوْا بِالشَّرَابِ الطَّهُور فَيَشْرَبُونَهُ , فَتَطْهُر بِذَلِكَ بُطُونهمْ وَيَكُون مَا أَكَلُوا وَشَرِبُوا رَشْحًا وَرِيح مِسْك , فَتُضْمَر لِذَلِكَ بُطُونهمْ . )27793 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثَنَا حَجَّاج , قَالَ : ثَنَا أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنْسَ , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة الرِّيَاحِيّ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَوْ غَيْره | شَكَّ أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ | قَالَ : (صَعِدَ جِبْرَائِيل بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَة أُسْرِيَ بِهِ إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة , فَاسْتَفْتَحَ , فَقِيلَ لَهُ : مَنْ هَذَا ؟ فَقَالَ : جِبْرَائِيل ; قِيلَ : وَمَنْ مَعَك ؟ قَالَ : مُحَمَّد , قَالُوا : أَوَ قَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالُوا : حَيَّاهُ اللَّه مِنْ أَخ وَخَلِيفَة , فَنِعْمَ الْأَخ وَنِعْمَ الْخَلِيفَة , وَنِعْمَ الْمَجِيء جَاءَ ; قَالَ : فَدَخَلَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ أَشَمَط جَالِس عَلَى كُرْسِيّ عِنْد بَاب الْجَنَّة , وَعِنْده قَوْم جُلُوس بِيض الْوُجُوه أَمْثَال الْقَرَاطِيس , وَقَوْم فِي أَلْوَانهمْ شَيْء , فَقَامَ الَّذِينَ فِي أَلْوَانهمْ شَيْء , فَدَخَلُوا نَهَرًا فَاغْتَسَلُوا فِيهِ , فَخَرَجُوا وَقَدْ خَلَصَ مِنْ أَلْوَانهمْ شَيْء ثُمَّ دَخَلُوا نَهَرًا آخَر فَاغْتَسَلُوا فِيهِ , فَخَرَجُوا وَقَدْ خَلَصَتْ أَلْوَانهمْ , فَصَارَتْ مِثْل أَلْوَان أَصْحَابهمْ , فَجَاءُوا فَجَلَسُوا إِلَى أَصْحَابهمْ , فَقَالَ : يَا جِبْرِيل مَنْ هَذَا الْأَشْمَط , وَمَنْ هَؤُلَاءِ الْبِيض الْوُجُوه , وَمَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ فِي أَلْوَانهمْ شَيْء , وَمَا هَذِهِ الْأَنْهَار الَّتِي اِغْتَسَلُوا فِيهَا , فَجَاءُوا وَقَدْ صَفَتْ أَلْوَانهمْ ؟ قَالَ : هَذَا أَبُوك إِبْرَاهِيم , أَوَّل مَنْ شُمِطَ عَلَى الْأَرْض , وَأَمَّا هَؤُلَاءِ الْبِيض الْوُجُوه , فَقَوْم لَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانهمْ بِظُلْمٍ . وَأَمَّا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ فِي أَلْوَانهمْ شَيْء فَقَوْم خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَر سَيِّئًا فَتَابُوا , فَتَابَ اللَّه عَلَيْهِمْ . وَأَمَّا الْأَنْهَار , فَأَوَّلهَا رَحْمَة اللَّه , وَالثَّانِي نِعْمَة اللَّه , وَالثَّالِث سَقَاهُمْ رَبّهمْ شَرَابًا طَهُورًا .)

فَأَرَاهُ الْآَيَةَ الْكُبْرَى

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يُقَال لِهَؤُلَاءِ الْأَبْرَار حِينَئِذٍ : إِنَّ هَذَا الَّذِي أَعْطَيْنَاكُمْ مِنْ الْكَرَامَة كَانَ لَكُمْ ثَوَابًا عَلَى مَا كُنْتُمْ فِي الدُّنْيَا تَعْمَلُونَ مِنْ الصَّالِحَات .|وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا|يَقُول : كَانَ عَمَلكُمْ فِيهَا مَشْكُورًا , حَمِدَكُمْ عَلَيْهِ رَبّكُمْ , وَرَضِيَهُ لَكُمْ , فَأَثَابَكُمْ بِمَا أَثَابَكُمْ بِهِ مِنْ الْكَرَامَة عَلَيْهِ . 27794 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء وَكَانَ سَعْيكُمْ مَشْكُورًا } غَفَرَ لَهُمْ الذَّنْب , وَشَكَرَ لَهُمْ الْحَسَن . )27795 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : تَلَا قَتَادَة ( { وَكَانَ سَعْيكُمْ مَشْكُورًا } قَالَ : لَقَدْ شَكَرَ اللَّه سَعْيًا قَلِيلًا .)

فَكَذَّبَ وَعَصَى

وَقَوْله : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْك الْقُرْآن تَنْزِيلًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْك يَا مُحَمَّد هَذَا الْقُرْآن تَنْزِيلًا , اِبْتِلَاء مِنَّا وَاخْتِبَارًا .

ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى

يَقُول : اِصْبِرْ لِمَا اِمْتَحَنَك بِهِ رَبّك مِنْ فَرَائِضه , وَتَبْلِيغ رِسَالَاته , وَالْقِيَام بِمَا أَلْزَمَك الْقِيَام بِهِ فِي تَنْزِيله الَّذِي أَوْحَاهُ إِلَيْك .|وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا|يَقُول : وَلَا تُطِعْ فِي مَعْصِيَة اللَّه مِنْ مُشْرِكِي قَوْمك آثِمًا يُرِيد بِرُكُوبِهِ مَعَاصِيه , أَوْ كَفُورًا : يَعْنِي جُحُودًا لِنِعَمِهِ عِنْده , وَآلَائِهِ قَبْله , فَهُوَ يَكْفُر بِهِ , وَيَعْبُد غَيْره . وَقِيلَ : إِنَّ الَّذِي عُنِيَ بِهَذَا الْقَوْل أَبُو جَهْل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27796 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا } قَالَ : نَزَلَتْ فِي عَدُوّ اللَّه أَبِي جَهْل . )27797 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة أَنَّهُ بَلَغَهُ (أَنَّ أَبَا جَهْل قَالَ : لَئِنْ رَأَيْت مُحَمَّدًا يُصَلِّي لَأَطَأَنَّ عُنُقه , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا } . )27798 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا } قَالَ : الْآثِم : الْمُذْنِب الظَّالِم وَالْكَفُور , هَذَا كُلّه وَاحِد . )وَقِيلَ : { أَوْ كَفُورًا } وَالْمَعْنَى : وَلَا كَفُورًا . قَالَ الْفَرَّاء : | أَوْ | هَهُنَا بِمَنْزِلَةِ الْوَاو , وَفِي الْجَحْد وَالِاسْتِفْهَام وَالْجَزَاء تَكُون بِمَعْنَى | لَا | , فَهَذَا مِنْ ذَلِكَ مَعَ الْجَحْد ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : <br>لَا وَجْد ثَكْلَى كَمَا وَجَدْت وَلَا .......... وَجْد عُجُول أَضَلَّهَا رُبَع <br><br>أَوْ وَجْد شَيْخ أَضَلَّ نَاقَته .......... يَوْم تَوَافَى الْحَجِيج فَانْدَفَعُوا <br>أَرَادَ : وَلَا وَجْد شَيْخ , قَالَ : وَقَدْ يَكُون فِي الْعَرَبِيَّة : لَا تُطِيعَن مِنْهُمْ مَنْ أَثِمَ أَوْ كَفَرَ , فَيَكُون الْمَعْنَى فِي أَوْ قَرِيبًا مِنْ مَعْنَى الْوَاو , كَقَوْلِك لِلرَّجُلِ : لَأُعْطِيَنَّك سَأَلْت أَوْ سَكَتّ , مَعْنَاهُ : لَأُعْطِيَنَّك عَلَى كُلّ حَال .

فَحَشَرَ فَنَادَى

يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَاذْكُرْ } يَا مُحَمَّد { اِسْم رَبّك } فَادْعُهُ بِهِ بُكْرَة فِي صَلَاة الصُّبْح , وَعَشِيًّا فِي صَلَاة الظُّهْر وَالْعَصْر .

فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى

يَقُول : وَمِنْ اللَّيْل فَاسْجُدْ لَهُ فِي صَلَاتك , فَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا , يَعْنِي : أَكْثَر اللَّيْل , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { قُمْ اللَّيْل إِلَّا قَلِيلًا نِصْفه أَوْ اُنْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ } . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27799 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَمِنْ اللَّيْل فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا } يَعْنِي : الصَّلَاة وَالتَّسْبِيح . )27800 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَاذْكُرْ اِسْم رَبّك بُكْرَة وَأَصِيلًا } قَالَ : بُكْرَة : صَلَاة الصُّبْح وَأَصِيلًا صَلَاة الظُّهْر الْأَصِيل . )وَقَوْله : { وَمِنْ اللَّيْل فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا } قَالَ : كَانَ هَذَا أَوَّل شَيْء فَرِيضَة . وَقَرَأَ : { يَا أَيّهَا الْمُزَّمِّل قُمْ اللَّيْل إِلَّا قَلِيلًا نِصْفه } , ثُمَّ قَالَ : { إِنَّ رَبّك يَعْلَم أَنَّك تَقُوم أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيْ اللَّيْل وَنِصْفه وَثُلُثه } . .. إِلَى قَوْله { فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآن } . .. إِلَى آخِر الْآيَة , ثُمَّ قَالَ : مُحِيَ هَذَا عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ النَّاس , وَجَعَلَهُ نَافِلَة فَقَالَ : { وَمِنْ اللَّيْل فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَة } قَالَ : فَجَعَلَهَا نَافِلَة .

فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآَخِرَةِ وَالْأُولَى

وَقَوْله : { إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاَللَّهِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَة , يَعْنِي الدُّنْيَا , يَقُول : يُحِبُّونَ الْبَقَاء فِيهَا وَتُعْجِبهُمْ زِينَتهَا .|وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا|يَقُول : وَيَدَعُونَ خَلْف ظُهُورهمْ الْعَمَل لِلْآخِرَةِ , وَمَا لَهُمْ فِيهِ النَّجَاة مِنْ عَذَاب اللَّه يَوْمئِذٍ ; وَقَدْ تَأَوَّلَهُ بَعْضهمْ بِمَعْنَى : وَيَذَرُونَ أَمَامهمْ يَوْمًا ثَقِيلًا ; وَلَيْسَ ذَلِكَ قَوْلًا مَدْفُوعًا , غَيْر أَنَّ الَّذِي قُلْنَاهُ أَشْبَه بِمَعْنَى الْكَلِمَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27801 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان ( { وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا } قَالَ : الْآخِرَة .)

إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى

يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ } هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاَللَّهِ الْمُخَالِفِينَ أَمْره وَنَهْيه .|وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ|وَشَدَدْنَا خَلْقهمْ , مِنْ قَوْلهمْ : قَدْ أُسِرَ هَذَا الرَّجُل فَأُحْسِنَ أَسْره , بِمَعْنَى : قَدْ خُلِقَ فَأُحْسِنَ خَلْقه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27802 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبَى , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرهمْ } يَقُول : شَدَدْنَا خَلْقهمْ . )27803 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد قَوْله : ( { وَشَدَدْنَا أَسْرهمْ } قَالَ : خَلْقهمْ . )27804 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَشَدَدْنَا أَسْرهمْ } خَلْقهمْ . )* - حَدَّثَنَا بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : الْأَسْر : الْمَفَاصِل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27805 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , سَمِعْته , يَعْنِي خَلَّادًا يَقُول : سَمِعْت أَبَا سَعِيد , وَكَانَ قَرَأَ الْقُرْآن عَلَى أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : (مَا قَرَأْت الْقُرْآن إِلَّا عَلَى أَبِي هُرَيْرَة , هُوَ أَقْرَأَنِي , وَقَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة { وَشَدَدْنَا أَسْرهمْ } قَالَ : هِيَ الْمَفَاصِل . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ الْقُوَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27806 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَشَدَدْنَا أَسْرهمْ } قَالَ : الْأَسْر : الْقُوَّة . )وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ الْقَوْل الَّذِي اِخْتَرْنَاهُ , وَذَلِكَ أَنَّ الْأَسْر , هُوَ مَا ذَكَرْت عِنْد الْعَرَب ; وَمِنْهُ قَوْل الْأَخْطَل : <br>مِنْ كُلّ مُجْتَنَب شَدِيد أَسْره .......... سَلِس الْقِيَاد تَخَالهُ مُخْتَالَا <br>وَمِنْهُ قَوْل الْعَامَّة : خُذْهُ بِأَسْرِهِ : أَيْ هُوَ لَك كُلّه .|وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا|وَقَوْله : { وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالهمْ تَبْدِيلًا } يَقُول : وَإِذَا نَحْنُ شِئْنَا أَهْلَكْنَا هَؤُلَاءِ وَجِئْنَا بِآخَرِينَ سِوَاهُمْ مِنْ جِنْسهمْ أَمْثَالهمْ مِنْ الْخَلْق , مُخَالِفِينَ لَهُمْ فِي الْعَمَل . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27807 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { بَدَّلْنَا أَمْثَالهمْ تَبْدِيلًا } قَالَ : بَنِي آدَم الَّذِينَ خَالَفُوا طَاعَة اللَّه , قَالَ : وَأَمْثَالهمْ مِنْ بَنِي آدَم .)

أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا

وَقَوْله : { إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَة } يَقُول : إِنَّ هَذِهِ السُّورَة تَذْكِرَة لِمَنْ تَذَكَّرَ وَاتَّعَظَ وَاعْتَبَرَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27808 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : ( { إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَة } قَالَ : إِنَّ هَذِهِ السُّورَة تَذْكِرَة .)|فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا|وَقَوْله : { فَمَنْ شَاءَ اِتَّخَذَ إِلَى رَبّه سَبِيلًا } يَقُول : فَمَنْ شَاءَ أَيّهَا النَّاس اِتَّخَذَ إِلَى رِضَا رَبّه بِالْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ , وَالِانْتِهَاء إِلَى أَمْره وَنَهْيه , سَبِيلًا .

رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاء اللَّه } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَمَا تَشَاءُونَ } اِتِّخَاذ السَّبِيل إِلَى رَبّكُمْ أَيّهَا النَّاس { إِلَّا أَنْ يَشَاء اللَّه } ذَلِكَ لَكُمْ لِأَنَّ الْأَمْر إِلَيْهِ لَا إِلَيْكُمْ ; وَهُوَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه فِيمَا ذُكِرَ : | وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه | .|إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا|وَقَوْله { إِنَّ اللَّه كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا } فَلَنْ يَعْدُو مِنْكُمْ أَحَد مَا سَبَقَ لَهُ فِي عِلْمه بِتَدْبِيرِكُمْ .

وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا

وَقَوْله : { يُدْخِل مَنْ يَشَاء فِي رَحْمَته } يَقُول : يُدْخِل رَبّكُمْ مَنْ يَشَاء مِنْكُمْ فِي رَحْمَته , فَيَتُوب عَلَيْهِ حَتَّى يَمُوت تَائِبًا مِنْ ضَلَالَته , فَيَغْفِر لَهُ ذُنُوبه , وَيُدْخِلهُ جَنَّته .|وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا|يَقُول : الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ , فَمَاتُوا عَلَى شِرْكهمْ , أَعَدَّ لَهُمْ فِي الْآخِرَة عَذَابًا مُؤْلِمًا مُوجِعًا , وَهُوَ عَذَاب جَهَنَّم . وَنُصِبَ قَوْله : { وَالظَّالِمِينَ } لِأَنَّ الْوَاو ظَرْف لِأَعَدَّ , وَالْمَعْنَى : وَأَعَدَّ لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا . وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : | وَلِلظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ | بِتَكْرِيرِ اللَّام , وَقَدْ تَفْعَل الْعَرَب ذَلِكَ , وَيُنْشَد لِبَعْضِهِمْ : <br>أَقُول لَهَا إِذَا سَأَلَتْ طَلَاقًا .......... إِلَامَ تُسَارِعِينَ إِلَى فِرَاقِي ؟ <br>وَلِآخَر : <br>فَأَصْبَحْنَ لَا يَسْأَلْنَهُ عَنْ بِمَا بِهِ .......... أَصْعَد فِي غَاوِي الْهَوَى أَمْ تَصَوَّبَا ؟ <br>بِتَكْرِيرِ الْبَاء , وَإِنَّمَا الْكَلَام لَا يَسْأَلْنَهُ عَمَّا بِهِ . آخِر تَفْسِير سُورَة الْإِنْسَان .

وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالْمُرْسَلَات عُرْفًا } </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْل اللَّه : { وَالْمُرْسَلَات عُرْفًا } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَالرِّيَاح الْمُرْسَلَات يَتْبَع بَعْضهَا بَعْضًا , قَالُوا : وَالْمُرْسَلَات : هِيَ الرِّيَاح . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27809 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا الْمُحَارِبِيّ , عَنْ الْمَسْعُودِيّ , عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْل , عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ أَنَّهُ سَأَلَ اِبْن مَسْعُود فَقَالَ : ( { وَالْمُرْسَلَات عُرْفًا } قَالَ : الرِّيح . )* - حَدَّثَنَا خَلَّاد بْن أَسْلَم , قَالَ : ثَنَا النَّضْر بْن شُمَيْل , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيّ , عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْل , عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ أَنَّهُ سَأَلَ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , فَذَكَرَ نَحْوه . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْل , عَنْ مُسْلِم , عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ , قَالَ : سَأَلْت عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , فَذَكَرَ نَحْوه . 27810 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله ( { وَالْمُرْسَلَات عُرْفًا } يَعْنِي الرِّيح . )27811 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن مُعَاذ , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ شُعْبَة , عَنْ إِسْمَاعِيل السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي صَالِح صَاحِب الْكَلْبِيّ فِي قَوْله ( { وَالْمُرْسَلَات عُرْفًا } قَالَ : هِيَ الرِّيَاح . )27812 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { وَالْمُرْسَلَات عُرْفًا } قَالَ : الرِّيح . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ سُفْيَان , عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْل , عَنْ مُسْلِم الْبَطِين , عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ , قَالَ : (سَأَلْت عَبْد اللَّه عَنْ { الْمُرْسَلَات عُرْفًا } قَالَ : الرِّيح . )27813 - ثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَالْمُرْسَلَات عُرْفًا } قَالَ : هِيَ الرِّيح . )* - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله 0 وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : الْمَلَائِكَة الَّتِي تُرْسَل بِالْعُرْفِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27814 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ مُسْلِم , قَالَ : كَانَ مَسْرُوق يَقُول فِي (الْمُرْسَلَات : هِيَ الْمَلَائِكَة . )27815 - حَدَّثَنَا إِسْرَائِيل بْن أَبِي إِسْرَائِيل , قَالَ : أَخْبَرَنَا النَّضْر بْن شُمَيْل , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت أَبَا الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوق , عَنْ عَبْد اللَّه فِي قَوْله : ( { وَالْمُرْسَلَات عُرْفًا } قَالَ : الْمَلَائِكَة . )27816 - ثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا جَابِر بْن نُوح وَوَكِيع عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي صَالِح فِي قَوْله : ( { وَالْمُرْسَلَات عُرْفًا } قَالَ : هِيَ الرُّسُل تُرْسَل بِالْعُرْفِ . )* - حَدَّثَنَا عَبْد الْحَمِيد بْن بَيَان السُّكَّرِيّ , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن يَزِيد , عَنْ إِسْمَاعِيل , قَالَ : سَأَلْت أَبَا صَالِح عَنْ قَوْله ( { وَالْمُرْسَلَات عُرْفًا } قَالَ : هِيَ الرُّسُل تُرْسَل بِالْمَعْرُوفِ . )قَالُوا : فَتَأْوِيل الْكَلَام وَالْمَلَائِكَة الَّتِي أُرْسِلَتْ بِأَمْرِ اللَّه وَنَهْيه , وَذَلِكَ هُوَ الْعُرْف . وَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِقَوْلِهِ { عُرْفًا } مُتَتَابِعًا كَعُرْفِ الْفَرَس , كَمَا قَالَتْ الْعَرَب : النَّاس إِلَى فُلَان عُرْف وَاحِد , إِذَا تَوَجَّهُوا إِلَيْهِ فَأَكْثَرُوا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27817 - حَدَّثَنَا عَنْ دَاوُد بْن الزِّبْرِقَان , عَنْ صَالِح بْن بُرَيْدَة , فِي قَوْله : ( { عُرْفًا } قَالَ : يَتْبَع بَعْضهَا بَعْضًا . )وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره أَقْسَمَ بِالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا , وَقَدْ تُرْسَل عُرْفًا الْمَلَائِكَة , وَتُرْسَل كَذَلِكَ الرِّيَاح , وَلَا دَلَالَة تَدُلّ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى بِذَلِكَ أَحَد الْحِزْبَيْنِ دُون الْآخَر ; وَقَدْ عَمَّ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِإِقْسَامِهِ بِكُلِّ مَا كَانَتْ صِفَته مَا وَصَفَ , فَكُلّ مَنْ كَانَ صِفَته كَذَلِكَ , فَدَاخِل فِي قَسَمه ذَلِكَ مَلَكًا أَوْ رِيحًا أَوْ رَسُولًا مِنْ بَنِي آدَم مُرْسَلًا .

أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا

وَقَوْله : { فَالْعَاصِفَات عَصْفًا } يَقُول جَلَّ ذِكْره : فَالرِّيَاح الْعَاصِفَات عَصْفًا , يَعْنِي الشَّدِيدَات الْهُبُوب السَّرِيعَات الْمَمَرّ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27818 - حَدَّثَنَا هَنَّاد , قَالَ : ثَنَا أَبُو الْأَحْوَص , عَنْ سِمَاك , عَنْ خَالِد , عَنْ عَرْعَرَة (أَنَّ رَجُلًا قَامَ إِلَى عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , فَقَالَ : مَا الْعَاصِفَات عَصْفًا ؟ قَالَ : الرِّيح . )27819 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا الْمُحَارِبِيّ , عَنْ الْمَسْعُودِيّ , عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْل , عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ أَنَّهُ سَأَلَ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , فَقَالَ : (مَا الْعَاصِفَات عَصْفًا ؟ قَالَ : الرِّيح . )* - حَدَّثَنَا خَلَّاد بْن أَسْلَم , قَالَ : أَخْبَرَنَا النَّضْر بْن شُمَيْل , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيّ , عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْل , عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ , عَنْ عَبْد اللَّه , مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْل , عَنْ مُسْلِم الْبَطِين , عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ قَالَ : سَأَلْت عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , فَذَكَرَ مِثْله . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ سُفْيَان , عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْل , عَنْ مُسْلِم الْبَطِين , عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ , قَالَ : سَأَلْت عَبْد اللَّه , فَذَكَرَ مِثْله . 27820 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : ( { فَالْعَاصِفَات عَصْفًا } قَالَ : الرِّيح . )27821 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 27822 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا جَابِر بْن نُوح , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي صَالِح ( { فَالْعَاصِفَات عَصْفًا } قَالَ : هِيَ الرِّيَاح . )* - حَدَّثَنَا عَبْد الْحَمِيد بْن بَيَان , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن يَزِيد , عَنْ إِسْمَاعِيل قَالَ : سَأَلْت أَبَا صَالِح عَنْ قَوْله : ( { فَالْعَاصِفَات عَصْفًا } قَالَ : هِيَ الرِّيَاح . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن مُعَاذ , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ شُعْبَة , عَنْ إِسْمَاعِيل السُّدِّيّ عَنْ أَبِي صَالِح صَاحِب الْكَلْبِيّ , فِي قَوْله ( { فَالْعَاصِفَات عَصْفًا } قَالَ : هِيَ الرِّيَاح . )* - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن سَعِيد الْجَوْهَرِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة الضَّرِير وَسَعِيد بْن مُحَمَّد , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي صَالِح , فِي قَوْله ( { فَالْعَاصِفَات عَصْفًا } قَالَ : هِيَ الرِّيح . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي صَالِح , مِثْله . * - قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ سِمَاك , عَنْ خَالِد بْن عَرْعَرَة , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ( { فَالْعَاصِفَات عَصْفًا } قَالَ : الرِّيح . )27823 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { فَالْعَاصِفَات عَصْفًا } قَالَ : الرِّيَاح . )* - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله .

وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا

وَقَوْله : { وَالنَّاشِرَات نَشْرًا } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا : الرِّيح . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27824 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا الْمُحَارِبِيّ , عَنْ الْمَسْعُودِيّ , عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْل , عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ أَنَّهُ سَأَلَ اِبْن مَسْعُود عَنْ ( { النَّاشِرَات نَشْرًا } قَالَ : الرِّيح . )* - حَدَّثَنَا خَلَّاد بْن أَسْلَم , قَالَ : أَخْبَرَنَا النَّضْر بْن شُمَيْل , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيّ , عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْل , عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ , عَنْ اِبْن مَسْعُود , مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْل , عَنْ مُسْلِم , عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ , قَالَ : سَأَلْت عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , فَذَكَرَ مِثْله . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ سُفْيَان , عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْل , عَنْ مُسْلِم الْبَطِين , عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ , قَالَ : سَأَلْت عَبْد اللَّه , فَذَكَرَ مِثْله . 27825 - قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { وَالنَّاشِرَات نَشْرًا } قَالَ : الرِّيح . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 27826 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن مُعَاذ , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ شُعْبَة , عَنْ إِسْمَاعِيل السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي صَالِح صَاحِب الْكَلْبِيّ , فِي قَوْله : ( { وَالنَّاشِرَات نَشْرًا } قَالَ : هِيَ الرِّيَاح . )27827 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { وَالنَّاشِرَات نَشْرًا } قَالَ : الرِّيَاح . )وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ الْمَطَر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27828 - حَدَّثَنَا عَبْد الْحَمِيد بْن بَيَان , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن يَزِيد , عَنْ إِسْمَاعِيل , قَالَ : سَأَلْت أَبَا صَالِح , عَنْ قَوْله ( { وَالنَّاشِرَات نَشْرًا } قَالَ الْمَطَر . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا جَابِر بْن نُوح , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي صَالِح ( { وَالنَّاشِرَات نَشْرًا } قَالَ : هِيَ الْمَطَر . )* - قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي صَالِح , مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هِيَ الْمَلَائِكَة الَّتِي تَنْشُر الْكُتُب . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27829 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن هِشَام , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي صَالِح ( { وَالنَّاشِرَات نَشْرًا } قَالَ : الْمَلَائِكَة تَنْشُر الْكُتُب . )وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ عِنْدنَا بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره أَقْسَمَ بِالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا , وَلَمْ يُخَصِّص شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ دُون شَيْء , فَالرِّيح تَنْشُر السَّحَاب , وَالْمَطَر يَنْشُر الْأَرْض , وَالْمَلَائِكَة تَنْشُر الْكُتُب , وَلَا دَلَالَة مِنْ وَجْه يَجِب التَّسْلِيم لَهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَاد مِنْ ذَلِكَ بَعْض دُون بَعْض , فَذَلِكَ عَلَى كُلّ مَا كَانَ نَاشِرًا .

مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ

وَقَوْله : { فَالْفَارِقَات فَرْقًا } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَاهُ , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِذَلِكَ : الْمَلَائِكَة الَّتِي تُفَرِّق بَيْن الْحَقّ وَالْبَاطِل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27830 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا جَابِر بْن نُوح , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي صَالِح ( { فَالْفَارِقَات فَرْقًا } قَالَ : الْمَلَائِكَة . )* - قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي صَالِح ( { فَالْفَارِقَات فَرْقًا } قَالَ : الْمَلَائِكَة . )27831 - قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ إِسْمَاعِيل , مِثْله . 27832 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس ( { فَالْفَارِقَات فَرْقًا } قَالَ : الْمَلَائِكَة . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ الْقُرْآن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27833 - حَدَّثَنِي بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { فَالْفَارِقَات فَرْقًا } يَعْنِي الْقُرْآن مَا فَرَّقَ اللَّه فِيهِ بَيْن الْحَقّ وَالْبَاطِل . )وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : أَقْسَمَ رَبّنَا جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِالْفَارِقَاتِ , وَهِيَ الْفَاصِلَات بَيْن الْحَقّ وَالْبَاطِل , وَلَمْ يُخَصِّص بِذَلِكَ مِنْهُنَّ بَعْضًا دُون بَعْض , فَذَلِكَ قَسَم بِكُلِّ فَارِقَة بَيْن الْحَقّ وَالْبَاطِل , مَلَكًا كَانَ أَوْ قُرْآنًا , أَوْ غَيْر ذَلِكَ .

فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى

وَقَوْله : { فَالْمُلْقِيَات ذِكْرًا } يَقُول : فَالْمُبَلِّغَات وَحْي اللَّه رُسُله , وَهِيَ الْمَلَائِكَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27834 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس ( { فَالْمُلْقِيَات ذِكْرًا } يَعْنِي : الْمَلَائِكَة . )27835 - ثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { فَالْمُلْقِيَات ذِكْرًا } قَالَ : هِيَ الْمَلَائِكَة , تُلْقِي الذِّكْر عَلَى الرُّسُل وَتُبَلِّغهُ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { فَالْمُلْقِيَات ذِكْرًا } قَالَ : الْمَلَائِكَة تُلْقِي الْقُرْآن . )27836 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان ( { فَالْمُلْقِيَات ذِكْرًا } قَالَ : الْمَلَائِكَة .)

يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى

وَقَوْله : { عُذْرًا أَوْ نُذْرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَالْمُلْقِيَات ذِكْرًا إِلَى الرُّسُل إِعْذَارًا مِنْ اللَّه إِلَى خَلْقه , وَإِنْذَارًا مِنْهُ لَهُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27837 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { عُذْرًا أَوْ نُذْرًا } قَالَ : عُذْرًا مِنْ اللَّه , وَنُذْرًا مِنْهُ إِلَى خَلْقه . )* - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله ( { عُذْرًا أَوْ نُذْرًا } عُذْرًا لِلَّهِ عَلَى خَلْقه , وَنُذْرًا لِلْمُؤْمِنِينَ يَنْتَفِعُونَ بِهِ , وَيَأْخُذُونَ بِهِ . )27838 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس ( { عُذْرًا أَوْ نُذْرًا } يَعْنِي : الْمَلَائِكَة . )وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالشَّام وَبَعْض الْمَكِّيِّينَ وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ : { عُذْرًا } بِالتَّخْفِيفِ , أَوْ نُذْرًا بِالتَّثْقِيلِ . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة وَبَعْض الْبَصْرِيِّينَ بِتَخْفِيفِهِمَا , وَقَرَأَهُ آخَرُونَ مِنْ أَهْل الْبَصْرَة بِتَثْقِيلِهِمَا وَالتَّخْفِيف فِيهِمَا أَعْجَب إِلَيَّ وَإِنْ لَمْ أَدْفَع صِحَّة التَّثْقِيل لِأَنَّهُمَا مَصْدَرَانِ بِمَعْنَى الْإِعْذَار وَالْإِنْذَار .

وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِع } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَالْمُرْسَلَات عُرْفًا , إِنَّ الَّذِي تُوعَدُونَ أَيّهَا النَّاس مِنْ الْأُمُور لَوَاقِع , وَهُوَ كَائِن لَا مَحَالَة , يَعْنِي بِذَلِكَ يَوْم الْقِيَامَة , وَمَا ذَكَرَ اللَّه أَنَّهُ أَعَدَّ لِخَلْقِهِ يَوْمئِذٍ مِنْ الثَّوَاب وَالْعَذَاب .

فَأَمَّا مَنْ طَغَى

وَقَوْله : { فَإِذَا النُّجُوم طُمِسَتْ } يَقُول : فَإِذَا النُّجُوم ذَهَبَ ضِيَاؤُهَا , فَلَمْ يَكُنْ لَهَا نُور وَلَا ضَوْء .

وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا

يَقُول : وَإِذَا السَّمَاء شُقِّقَتْ وَصُدِّعَتْ .

فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى

يَقُول : وَإِذَا الْجِبَال نُسِفَتْ مِنْ أَصْلهَا , فَكَانَتْ هَبَاء مُنْبَثًّا .

وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى

يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِذَا الرُّسُل أُجِّلَتْ لِلِاجْتِمَاعِ لِوَقْتِهَا يَوْم الْقِيَامَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27839 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَإِذَا الرُّسُل أُقِّتَتْ } يَقُول : جُمِعَتْ . )27840 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : ( { أُقِّتَتْ } قَالَ : أُجِّلَتْ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , قَالَ : قَالَ مُجَاهِد ( { وَإِذَا الرُّسُل أُقِّتَتْ } قَالَ : أُجِّلَتْ . )27841 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع ; وَحَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , جَمِيعًا عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور عَنْ إِبْرَاهِيم ( { وَإِذَا الرُّسُل أُقِّتَتْ } قَالَ : أُوعِدَتْ . )27842 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَإِذَا الرُّسُل أُقِّتَتْ } قَالَ : أُقِّتَتْ لِيَوْمِ الْقِيَامَة , وَقَرَأَ : { يَوْم يَجْمَع اللَّه الرُّسُل } [5 109 ]قَالَ : وَالْأَجَل : الْمِيقَات , وَقَرَأَ : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَهِلَّة قُلْ هِيَ مَوَاقِيت لِلنَّاسِ وَالْحَجّ } , [2 189 ]وَقَرَأَ : { إِلَى مِيقَات يَوْم مَعْلُوم } [56 50 ]قَالَ : إِلَى يَوْم الْقِيَامَة , قَالَ : لَهُمْ أَجَل إِلَى ذَلِكَ الْيَوْم حَتَّى يَبْلُغُوهُ . )27843 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم , فِي قَوْله : ( { وَإِذَا الرُّسُل أُقِّتَتْ } قَالَ : وُعِدَتْ . )وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة غَيْر أَبِي جَعْفَر , وَعَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة : { أُقِّتَتْ } بِالْأَلِفِ وَتَشْدِيد الْقَاف , وَقَرَأَهُ بَعْض قُرَّاء الْبَصْرَة بِالْوَاوِ وَتَشْدِيد الْقَاف : | وُقِّتَتْ | وَقَرَأَهُ أَبُو جَعْفَر : | وُقِتَتْ | بِالْوَاوِ وَتَخْفِيف الْقَاف . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : إِنَّ كُلّ ذَلِكَ قِرَاءَات مَعْرُوفَات وَلُغَات مَشْهُورَات بِمَعْنًى وَاحِد , فَبِأَيَّتِهَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب , وَإِنَّمَا هُوَ فُعِّلَتْ مِنْ الْوَقْت , غَيْر أَنَّ مِنْ الْعَرَب مَنْ يَسْتَثْقِل ضَمَّة الْوَاو , كَمَا يَسْتَثْقِل كَسْرَة الْيَاء فِي أَوَّل الْحَرْف فَيَهْمِزهَا , فَيَقُول : هَذِهِ أُجُوه حِسَان بِالْهَمْزَةِ , وَيُنْشِد بَعْضهمْ : <br>يَحُل أَحِيدَه وَيُقَال بَعْل .......... وَمِثْل تَمَوُّل مِنْهُ اِفْتِقَار<br>

فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى

وَقَوْله : { لِأَيِّ يَوْم أُجِّلَتْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُعَجِّبًا عِبَاده مِنْ هَوْل ذَلِكَ الْيَوْم وَشِدَّته : لِأَيِّ يَوْم أُجِّلَتْ الرُّسُل وَوُقِّتَتْ , مَا أَعْظَمه وَأَهْوَله .

يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا

ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ : وَأَيّ يَوْم هُوَ ؟ فَقَالَ : أُجِّلَتْ { لِيَوْمِ الْفَصْل } يَقُول : لِيَوْمِ يَفْصِل اللَّه فِيهِ بَيْن خَلْقه الْقَضَاء , فَيَأْخُذ لِلْمَظْلُومِ مِنْ الظَّالِم , وَيَجْزِي الْمُحْسِن بِإِحْسَانِهِ , وَالْمُسِيء بِإِسَاءَتِهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27844 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { لِأَيِّ يَوْم أُجِّلَتْ لِيَوْمِ الْفَصْل } يَوْم يَفْصِل فِيهِ بَيْن النَّاس بِأَعْمَالِهِمْ إِلَى الْجَنَّة وَإِلَى النَّار .)

فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا

وَقَوْله : { وَمَا أَدْرَاك مَا يَوْم الْفَصْل } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَأَيّ شَيْء أَدْرَاك يَا مُحَمَّد مَا يَوْم الْفَصْل , مُعَظِّمًا بِذَلِكَ أَمْره , وَشِدَّة هَوْله , كَمَا : 27845 - حَدَّثَنِي بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَمَا أَدْرَاك مَا يَوْم الْفَصْل } تَعْظِيمًا لِذَلِكَ الْيَوْم .)

إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا

وَقَوْله : { وَيْل يَوْمئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : الْوَادِي الَّذِي يَسِيل فِي جَهَنَّم مِنْ صَدِيد أَهْلهَا لِلْمُكَذِّبِينَ بِيَوْمِ الْفَصْل . 27846 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَيْل يَوْمئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ } وَيْل وَاَللَّه طَوِيل .)

إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا

يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَلَمْ نُهْلِك الْأُمَم الْمَاضِينَ الَّذِينَ كَذَّبُوا رُسُلِي , وَجَحَدُوا آيَاتِي مِنْ قَوْم نُوح وَعَاد وَثَمُود .

كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا

ثُمَّ نُتْبِعهُمْ الْآخِرِينَ بَعْدهمْ , مِمَّنْ سَلَكَ سَبِيلهمْ فِي الْكُفْر بِي وَبِرَسُولِي , كَقَوْمِ إِبْرَاهِيم وَقَوْم لُوط , وَأَصْحَاب مَدْيَن , فَنُهْلِكهُمْ كَمَا أَهْلَكْنَا الْأَوَّلِينَ قَبْلهمْ .


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس