islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

فتح القدير
19418

49-الحجرات

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ

هي ثماني عشرة آية، وهي مدنية قال القرطبي: بالإجماع. وأخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس وابن الزبير أنها نزلت بالمدينة. قوله: 1- "يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله" قرأ الجمهور "تقدموا" بضم المثناة الفوقية وتشديد الدال مكسورة. وفيه وجهان: أحدهما أنه متعد وحذف مفعوله لقصد التعميم، أو ترك المفعول للقصد إلى نفس الفعل كقولهم هو يعطي ويمنع. والثاني أنه لازم نحو وجه وتوجه، ويعضده قراءة ابن عباس والضحاك ويعقوب تقدموا بفتح التاء والقاف والدال. قال الواحدي: قد هاهنا بمعنى تقدم، وهو لازم. قال أبو عبيدة: العرب تقول لا تقدم بين يدي الإمام وبين يدي الأب: أي لا تعجل بالأمر دونه والنهي لأن المعنى: لا تقدموا قبل أمرهما ونهيهما، وبين يدي الإمام عبارة عن الإمام لا ما بين يدي الإنسان، ومعنى الآية: لا تقطعوا أمراً دون الله ورسوله ولا تعجلوا به. وقيل المراد معنى بين يدي فلان بحضرته، لأن ما يحضره الإنسان فهو بين يديه "واتقوا الله" في كل أموركم، ويدخل تحتها الترك للتقدم بين يدي الله ورسوله دخولاً أولياً. ثم علل ما أمر به من التقوى بقوله: "إن الله سميع" لكل مسموع "عليم" بكل معلوم.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ

2- "يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي" يحتمل أن المراد حقيقة رفع الصوت، لأن ذلك يدل على قلة الاحتشام وترك الاحترام، لأن خفض الصوت وعدم رفعه من لوازم التعظيم والتوقير. ويحتمل أن يكون المراد المنع من كثرة الكلام ومزيد اللغط، والأول أولى. والمعنى لا ترفعوا أصواتكم إلى حد يكون فوق ما يبلغه صوت النبي صلى الله عليه وسلم. قال المفسرون: المراد من الآية تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم وتوقيره وأن لا ينادوه كما ينادي بعضهم بعضاً "ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض" أي لا تجهروا بالقول إذا كلمتموه كما تعتادونه من الجهر بالقول إذا كلم بعضكم بعضاً. قال الزجاج: أمرهم الله بتجليل نبيه وأن يغضوا أصواتهم ويخاطبوه بالسكينة والوقار، وقيل المراد بقوله: "ولا تجهروا له بالقول" لا تقولوا يا محمد ويا أحمد، ولكن يا نبي الله ويا رسول الله توقيراً له، والكاف في محل نصب على أنها نعت مصدر محذوف: أي جهراً مثل جهر بعضكم لبعض، وليس المراد برفع الصوت وبالجهر في القول هو ما يقع على طريقة الاستخفاف فإن ذلك كفر، وإنما المراد أن يكون الصوت في نفسه غير مناسب لما يقع في مواقف من يجب تعظيمه وتوقيره. والحاصل أن النهي هنا وقع عن أمور: الأول عن التقدم بين يديه بما لا يأذن به من الكلام. والثاني عن رفع الصوت البالغ إلى حد يكون فوق صوته سواء كان في خطابه أو في خطاب غيره. والثالث ترك [الجفاء] في مخاطبته ولزوم الأدب في مجاورته، لأن المقاولة المجهورة إنما تكون بين الأكفاء الذين ليس لبعضهم على بعض مزية توجب احترامه وتوقيره. ثم علل سبحانه ما ذكره بقوله: "أن تحبط أعمالكم" قال الزجاج: أن تحبط أعمالكم التقدير لأن تحبط أعمالكم أي فتحبط، فاللام المقدرة لا المصيرورة كذا قال، وهذه العلة يصح أن تكون للنهي: أي نهاكم الله عن الجهر خشية أن تحبط، أو كراهة أن تحبط، أو علة للمنهي: أي لا تفعلوا الجهر فإنه يؤدي إلى الحبوط، فكلام الزجاج ينظر إلى الوجه الثاني لا إلى الوجه الأول، وجملة "وأنتم لا تشعرون" في محل نصب على الحال، وفيه تحذير شديد ووعيد عظيم. قال الزجاج: وليس المراد وأنتم لا تشعرون يوجب أن يكفر الإنسان وهو لا يعلم، فكما لا يكون الكافر مؤمناً إلا باختياره الإيمان على الكف، كذلك لا يكون الكافر كافراً من حيث لا يعلم.

إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ

ثم رغب سبحانه في امتثال ما أمر به، فقال: 3- "إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله" أصل الغض النقص من كل شيء، ومنه نقص الصوت "أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى" قال الفراء: أخلص قلوبهم للتقوى كما يمتحن الذهب بالنار، فيخرج جيده من رديئه ويسقط خبيثه. وبه قال مقاتل ومجاهد وقتادة. وقال الأخفش: اختصها للتقوى، وقيل طهرها من كل قبيح، وقيل وسعها وسرحها، من منحت الأديم: إذا وسعته. وقال أبو عمرو: كل شيء جهدته فقد منحته، واللام في للتقوى متعلقة بمحذوف: أي صالحة للتقوى كقولك أنت صالح لكذا، أو للتعليل الجاري مجرى بيان السبب، كقولك جئتك لأداء الواجب: أي ليكون مجيئي سبباً لأداء الواجب "لهم مغفرة وأجر عظيم" أي أولئك لهم، فهو خبر آخر لاسم الإشارة، ويجوز أن يكون مستأنفاً لبيان ما أعد الله لهم في الآخرة.

إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ

4- "إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون" هم جفاة بني تميم كما سيأتي بيانه، ووراء الحجرات خارجها وخلفها: والحجرات جمع حجرة، كالغرفات جمع غرفة، والظلمات جمع ظلمة، وقيل الحجرات جمع حجرة، والحجر جمع حجرة، فهو جمع الجمع: والحجرة الرقعة من الأرض المحجورة بحائط يحوط عليها ، وهي فعيلة بمعنى مفعولة . قرأ الجمهور " الحجرات " بضم الجيم. وقرأ أبو جعفر بن القعقاع وشيبة بفتحها تخفيفاً، وقرأ ابن أبي عبلة بإسكانها، وهي لغات، ومن في من وراء لابتدائه الغاية، ولا وجه للمنع من جعلها لهذا المعنى "أكثرهم لا يعقلون" لغلبة الجهل عليهم وكثرة الجفاء في طباعهم.

وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ

5- "ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيراً لهم" أي لو انتظروا خروجك ولم يعجلوا بالمناداة لكان أصلح لهم في دينهم ودنياهم، لما في ذلك من رعاية حسن الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورعاية جانبه الشريف والعمل بما يستحقه من التعظيم والتجليل. وقيل إنهم جاءوا شفعاء في أسارى، فأعتق رسول الله صلى الله عليه وسلم نصفهم وفادى نصفهم، ولو صبروا لأعتق الجميع، ذكر معناه مقاتل "والله غفور رحيم" كثير المغفرة والرحمة بليغهما لا يؤاخذ مثل هؤلاء فيما فرط منهم من إساءة الأدب.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ

6- " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا " قرأ الجمهور "فتبينوا" من التبين، وقرأ حمزة والكسائي " فتبينوا " من التثبت، والمراد من التبين التعرف والتفحص، ومن التثبت الأناة وعدم العجلة، والتبصر في الأمر الواقع والخبر الوارد حتى يتضح ويظهر. قال المفسرون: إن هذه الآية نزلت في الويد بن عقبة بن أبي معيط كما سيأتي بيانه إن شاء الله. وقوله: "أن تصيبوا قوماً بجهالة" مفعول له: أي كراهة أن تصيبوا، أو لئلا تصيبوا، أو لئلا تصيبوا لأن الخطأ ممن لم يتبين الأمر ولم يثبت فيه هو الغالب وهو جهالة، لأنه لم يصدر عن علم، والمعنى: ملتبسين بجهالة بحالهم "فتصبحوا على ما فعلتم" بهم من إصابتهم بالخطأ "نادمين" على ذلك مغتمين له مهتمين به.

وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّا

ثم وعظهم الله سبحانه فقال: 7- "واعلموا أن فيكم رسول الله" فلا تقولوا قولاً باطلاً ولا تتسرعوا عند وصول الخبر إليكم من غير تبين، وأن وما في حيزها سادة مسد مفعولي اعلموا، وجملة "لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم" في محل نصب على الحال من ضمير فيكم أو مستأنفة، والمعنى: لو يطيعكم في كثير مما تخبرونه به من الأخبار الباطلة، وتشيرون به عليه من الآراء التي ليست بصواب لوقعتم في العنت، وهو التعب والجهد. والإثم والهلاك، ولكنه لا يطيعكم في غالب ما تريدون قبل وضوح وجهه له، ولا يسارع إلى العمل بما يبلغه قبل النظر فيه "ولكن الله حبب إليكم الإيمان" أي جعله أحب الأشياء إليكم، أو محبوباً لديكم فلا يقع منكم إلا ما يوافقه ويقتضيه من الأمور الصالحة وترك التسرع في الأخبار وعدم التثبت فيها، قيل والمراد بهؤلاء من عدا الأولين لبيان براءتهم عن أوصاف الأولين، والظاهر أنه تذكير للكل بما يقتضيه الإيمان وتوجبه محبته التي جعلها الله في قلوبهم " وزينه في قلوبكم " أي حسنه بتوفيقه حتى جروا على ما يقتضيه في الأقوال والأفعال "وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان" أي جعل كل ما هو من جنس الفسوق ومن جنس العصيان مكروهاً عندكم. وأصل الفسق الخروج عن الطاعة، والعصيان جنس ما يعصى الله به، وقيل أراد بذلك الكذب خاصة، والأول أولى "أولئك هم الراشدون" أي الموصوفون بما ذكرهم الراشدون. والرشد: الاستقامة على طريق الحق مع تصلب، مع الرشادة: وهي الصخرة.

فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ

8- "فضلاً من الله ونعمة" أي لأجل فضله وإنعامه، والمعنى: أنه حبب إليكم ما حبب وكره ماكره لأجل فضله وإنعامه، أو جعلكم راشدين لأجل ذلك، وقيل النصب بتقدير فعل: أي تبتغون فضلاً ونعمة "والله عليم" بكل معلوم "حكيم" في كل ما يقضي به بين عباده ويقدر لهم. وقد أخرج البخاري وغيره عن عبد الله بن الزبير قال: "قدم ركب من بني تميم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: أمر القعقاع بن معبد، وقال عمر: بل أمر الأقرع بن حابس، فقل أبو بكر ما أردت إلا خلافي، فقال عمر: ما أردت خلافك، فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما، فأنزل الله: "يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله" حتى انقضت الآية". وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: "لا تقدموا بين يدي الله ورسوله" قال: نهوا أن يتكلموا بين يدي كلامه. وأخرج ابن مردويه عن عائشة في الآية قالت: لا تصوموا قبل أن يصوم نبيكم. وأخرج البخاري في تاريخه عنها قالت: كان أناس يتقدمون بين يدي رمضان بصيام: يعني يوماً أو يومين، فأنزل الله: "يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله". وأخرج الطبراني وابن مردويه عنها أيضاً أن ناساً كانوا يتقدمون الشهر فيصومون قبل النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله: "يا أيها الذين آمنوا" الآية. وأخرج البزار وابن عدي والحاكم وابن مردويه عن أبي بكر الصديق قال: أنزلت هذه الآية. "يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي" قلت: يا رسول الله: والله لا أكلمك إلا كأخي السرار، وفي إسناده حصين بن عمر، وهو ضعيف، ولكنه يؤيده ما أخرجه عبد بن حميد والحاكم وصححه من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة قال: لما نزلت "إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله" قال أبو بكر: والذي أنزل عليك الكتاب يا رسول الله لا أكلمك إلا كأخي السرار حتى ألقى الله. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال: "لما نزلت "يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي" إلى قوله: "وأنتم لا تشعرون" وكان ثابت بن قيس بن شماس رفيع الصوت فقال: أنا الذي كنت أرفع صوتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، حبط عملي، أنا من أهل النار وجلس في بيته حزيناً، ففقده رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق بعض القوم إليه فقالوا: فقدك رسول الله صلى الله عليه وسلم، مالك؟ قال: أنا الذي أرفع صوتي فوق صوت النبي وأجهر له بالقول، حبط عملي، أنا من أهل النار، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه بذلك، فقال: لا، بل هو من أهل الجنة، فلما كان يوم اليمامة قتل". وفي الباب أحاديث بمعناه. وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود في قوله: "لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي" الآية: قال: نزلت في ثابت بن قيس بن شماس: وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة في قوله: "أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى" قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منهم ثابت بن قيس بن شماس. وأخرج أحمد وابن جرير وأبو القاسم والغوي والطبراني وابن مردويه قال السيوطي: بسند صحيح من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن الأقرع بن حابس "أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد اخرج إلينا، فلم يجبه، فقال: يا محمد إن حمدي زين وإن ذمي شين، فقال ذاك الله، فأنزل الله: "إن الذين ينادونك من وراء الحجرات"". قال ابن منيع: لا أعلم روى الأقرع مسنداً غير هذا. وأخرج الترمذي وحسنه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن البراء بن عازب في قوله: "إن الذين ينادونك من وراء الحجرات" قال: جاء رجل فقال: يا محمد إن حمدي زين وإن ذمي شين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ذاك الله. وأخرج ابن راهويه ومسدد وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه قال السيوطي: بإسناد حسن عن زيد بن أرقم قال: اجتمع ناس من العرب فقالوا: انطلقوا إلى هذا الرجل فإن يك نبياً فنحن أسعد الناس به، وإن يك ملكاً نعش بجناحه، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما قالوا، فجاءوا إلى حجرته فجعلوا ينادونه يا محمد يا محمد فأنزل الله: "إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون" فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذني وجعل يقول: لقد صدق الله قولك يا زيد، لقد صدق الله قولك يا زيد. وفي الباب أحاديث. وأخرج أحمد وابن أبي حاتم والطبراني وابن منده وابن مردويه قال السيوطي بسند جيد عن الحارث بن ضرار الخزاعي قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاني إلى الإسلام، فدخلت فيه وأقررت به، ودعاني إلى الزكاة فأقررت بها، وقلت: يا رسول الله أرجع إلى قومي فأدعوهم إلى الإسلام وأداء الزكاة، فمن استجاب لي جمعت زكاته وترسل إلي يا رسول الله رسولاً لإبان كذا وكذا ليأتيك ما جمعت من الزكاة، فلما جمع الحارث الزكاة ممن استجاب له وبلغ الإبان الذي أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليه احتبس الرسول فلم يأت، فظن الحارث أن قد حدث فيه سخطة من الله ورسوله، فدعا سروات قومه فقال لهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان وقت لي وقتاً يرسل إلي رسوله إلى من سخطة، فانطلقوا فنأتي رسول الله، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الوليد بن عقبة إلى الحارث ليقبض ما كان عنده مما جمع من الزكاة، فلما أن سار الوليد حتى بلغ بعض الطريق فرق فرجع، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الحارث منعني الزكاة وأراد قتلي، فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم البعث إلى الحارث، فأقبل الحارث بأصحابه حتى إذا استقل البعث وفصل عن المدينة لقيهم الحارث، فقالوا هذا الحارث؟ فلما غشيهم قال لهم: إلى من بعثتم؟ قالوا إليك. قال ولم؟ قالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إليك الوليد بن عقبة، فزعم أنك منعته الزكاة وأردت قتله، قال: لا والذي بعث محمداً بالحق ما رأيته بتة ولا أتاني، فلما دخل الحارث على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: منعت الزكاة وأردت قتل رسولي؟ قال: لا والذي بعثك بالحق ما رأيته ولا رآني، وما أقبلت إلا حين احتبس علي رسزل رسول الله صلى الله عليه وسلم خشيت أن تكون كانت سخطة من الله ورسوله، فنزل: " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ " إلى قومه: "حكيم" قال ابن كثير: هذا من أحسن ما روي في سبب نزول الآية. وقد رويت روايات كثيرة متفقة على أنه سبب نزول الآية، وأنه المراد بها وإن اختلفت القصص.

وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ

قوله: 9- "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا" قرأ الجمهور اقتتلوا باعتبار كل فرد من أفراد الطائفتين كقوله "هذان خصمان اختصموا" والضمير في قوله بينهما عائد إلى الطائفتين باعتبار اللفظ. وقرأ ابن أبي عبلة اقتتلتا اعتباراً بلفظ طائفتان، وقرأ زيد بن علي وعبيد بن عمير [اقتتلا] وتذكير الفعل في هذه القراءة باعتبار الفريقين أو الرهطين. والبغي: التعدي بغير حق والامتناع من الصلح الموافق للصواب، والفيء: الرجوع والمعنى: أنه إذا تقاتل فريقان من المسلمين فعلى المسلمين أن يسعوا بالصلح بينهم ويدعوهم إلى حكم الله، فإن حصل بعد ذلك التعدي من إحدى الطائفتين على الأخرى ولم تقبل الصلح ولا دخلت فيه كان على المسلمين أن يقاتلوا هذه الطائفة الباغية حتى ترجع إلى أمر الله وحكمه، فإن رجعت تلك الطائفة الباغية عن بغيها وأجابت الدعوة إلى كتاب الله وحكمه، فعلى المسلمين أن يعدلوا بين الطائفتين في الحكم ويتحروا الصواب المطابق لحكم الله ويأخذوا على يد الطائفة [الظالمة] حتى تخرج من الظلم وتؤدي ما يجب عليها للأخرى. ثم أمر الله سبحانه المسلمين أن يعدلوا في كل أمورهم بعد أمرهم بهذا العدل الخاص بالطائفتين المقتتلتين فقال: "وأقسطوا إن الله يحب المقسطين" أي واعدلوا إن الله يحب العادلين، ومحبته لهم تستلزم مجازاتهم بأحسن الجزاء. قال الحسن وقتادة والسدي "فأصلحوا بينهم" بالدعاء إلى حكم كتاب الله والرضى بما فيه لهما وعليهما "فإن بغت إحداهما" وطلبت ما ليس لها ولم ترجع إلى الصلح "فقاتلوا التي تبغي" حتى ترجع إلى طاعة الله والصلح الذي أمر الله به.

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ

وجملة 10- "إنما المؤمنون إخوة" مستأنفة مقررة لما قبلها من الأمر بالإصلاح، والمعنى: أنهم راجعون إلى أصل واحد وهو الإيمان. قال الزجاج: الدين يجمعهم، فهم إخوة إذا كانوا متفقين في دينهم فرجعوا بالاتفاق في الدين إلى أصل النسب لأنهم لآدم وحواء "فأصلحوا بين أخويكم" يعنى كل مسلمين تخاصما وتقاتلا، وتخصيص الاثنين بالذكر لإثبات وجوب الإصلاح فيما فوقهما بطريق الأولى. قرأ الجمهور "بين أخويكم" على التثنية، وقرأ زيد بن ثابت وعبد الله بن مسعود والحسن وحماد بن سلمة وابن سيرين إخوانكم بالجمع، وروي عن أبي عمر ونصر بن عاصم وأبي العالية والجحدري ويعقوب أنهم قرءوا " بيوت أخواتكم " بالفوقية على الجمع أيضاً. قال أبو علي الفارسي في توجيه قراءة الجمهور: أراد بالأخوين الطائفتين، لأن لفظ التثنية قد يرد ويراد به الكثرة. وقال أبو عبيدة: أي أصلحوا بين كل أخوين "واتقوا الله" في كل أموركم "لعلكم ترحمون" بسبب التقوى، والترجي باعتبار المخاطبين: أي راجين أن ترحموا، وفي هذه الآية دليل على قتال الفئة الباغية إذا تقرر بغيها على الإمام، أو على أحد من المسلمين، وعلى فساد قول من فال بعدم الجواز مستدلاً بقوله صلى الله عليه وسلم: "قتال المسلم كفر" فإن المراد بهذا الحديث وما ورد في معناه قتال المسلم الذي لم يبغ. قال ابن جرير: لو كان الواجب في كل اختلاف يكون بين فريقين من المسلمين الهرب منه ولزوم المنازل لما أقيم حق، ولا أبطل باطل ولوجد أهل النفاق والفجور سبباً إلى استحلال كل ما حرم الله عليهم من أموال المسلمين وسبي نسائهم وسفك دمائهم بأن يتحزبزا عليهم، ولكف المسلمين أيديهم عنهم، وذلك مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم: "خذوا على أيدي سفهائكم". قال ابن العربي: هذه الآية أصل في قتال المسلمين، وعمدة في حرب المتأولين، وعليها عول الصحابة، وإليها لجأ الأعيان من أهل الملة، وإياها عنى النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "تقتل عماراً الفئة الباغية"، وقوله صلى الله عليه وسلم في شأن الخوارج: "يخرجون على حين فرقة من الناس تقتلهم أولى الطائفتين بالحق".

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ

11- "يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم" السخرية: الاستهزاء: وحكى أبو زيد: سخرت به وضحكت به وهزأت به. وقال الأخفش: سخرت منه وسخرت به، وضحكت منه وضحكت به، وهزأت منه وهزأت به، كل ذلك يقال، والاسم السخرية والسخرى، وقرئ بهما في "ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً"، ومعنى الآية: النهي للمؤمنين عن أن يستهزئ بعضهم ببعض، وعلل هذا النهي بقوله: "عسى أن يكونوا خيراً منهم" أي أن يكون المسخور بهم عند الله خيراً من الساخرين بهم، ولما كان لفظ قوم مختصاً بالرجال، لأنهم القوم على النساء أفرد النساء بالذكر فقال: "ولا نساء من نساء" أي ولا يسخر نساء من نساء "عسى أن يكن" المسخور بهن "خيراً منهن" يعني خيراً من الساخرات منهن، وقيل أفرد النساء بالذكر لأن السخرية منهن أكثر "ولا تلمزوا أنفسكم" اللمز العيب، وقد مضى تحقيقه في سورة براءة عند قوله: "ومنهم من يلمزك في الصدقات" قال ابن جرير: اللمز باليد والعين واللسان والإشارة، والهمز لا يكون إلا باللسان، ومعنى "لا تلمزوا أنفسكم" لا يلمز بعضكم بعضاً كما في قوله: "ولا تقتلوا أنفسكم" وقوله : " فسلموا على أنفسكم " قال مجاهد وقتادة وسعيد بن جبير : لا يطعن بعضكم على بعض . وقال الضحاك : لا يلعن بعضكم بعضا " ولا تنابزوا بالألقاب " التنابز: التفاعل من النبز بالتسكين وهو المصدر، والنبز بالتحريك اللقب، والجمع أنباز، والألقاب جمع لقب، وهو اسم غير الذي سمي به الإنسان، والمراد هنا لقب السوء، والتنابز بالألقاب أن يلقب بعضهم بعضاً. قال الواحدي: قال المفسرون: هو أن يقول لأخيه المسلم يا فاسق يا منافق، أو يقول لمن أسلم يا يهودي يا نصراني، قال عطاء: هو كل شيء أخرجت به أخاك من الإسلام، كقولك يا كلب يا حمار يا خنزير. قال الحسن ومجاهد: كان الرجل يعير بكفره، فيقال له يا يهودي يا نصراني فنزلت، وبه قال قتادة وأبو العالية وعكرمة "بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان" أي بئس الاسم الذي يذكروا بالفسق بعد دخولهم في الإيمان، والاسم هنا بمعنى الذكر. قال ابن زيد: أي بئس أن يسمى الرجل كافراً أو زانياً بعد إسلامه وتوبته. وقيل المعنى: أن من فعل ما نهي عنه من السخرية واللمز والنبذ فهو فاسق. قال القرطبي: إنه يستثنى من هذا من غلب عليه الاستعمال كالأعرج والأحدب ولم يكن له سبب يجد في نفسه منه عليه، فجوزته الأئمة واتفق على قوله أهل اللغة اهـ، "ومن لم يتب" عما نهى الله عنه " فأولئك هم الظالمون " لارتكابهم ما نهى الله عنه وامتناعهم من التوبة، فظلموا من لقبوه، وظلمهم أنفسهم بما لزمهم من الإثم.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ

12- "يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن" الظن هنا: هو مجرد التهمة التي لا سبب لها كمن يتهم غيره بشيء من الفواحش ولم يظهر عليه ما يقتضي ذلك، وأمر سبحانه باجتناب الكثير ليفحص المؤمن عن كل ظن يظنه حتى يعلم وجهه، لأن من الظن ما يجب اتباعه، فإن أكثر الأحكام الشرعية مبنية على الظن، كالقياس وخبر الواحد ودلالة العموم، ولكن هذا الظن الذي يجب العمل به قد قوي بوجه من الوجوه الموجبة للعمل به فارتفع عن الشك والتهمة. قال الزجاج: هو أن يظن بأهل الخير سواءاً، فأما أهل السوء والفسوق فلنا أن نظن بهم مثل الذي ظهر منهم. قال مقاتل بن سليمان ومقاتل بن حيان: هو أن يظن بأخيه المسلم سوءاً، ولا بأس به ما لم يتكلم به، فإن تكلم بذلك الظن وأبداه أثم. وحكى القرطبي عن أكثر العلماء: أن الظن القبيح بمن ظاهره الخير لا يجوز، وأنه لا حرج في الظن القبيح بمن ظاهره القبيح، وجملة "إن بعض الظن إثم" تعليل لما قبلها من الأمر باجتناب كثير من الظن، وهذا البعض هو ظن السوء بأهل الخير، والإثم هو ما يستحقه الظان من العقوبة. ومما يدل على تفييد هذا الظن المأمور باجتنابه بظن السوء قوله تعالى: "وظننتم ظن السوء وكنتم قوماً بوراً" فلا يدخل في الظن المأمور باجتنابه بشيء من الظن المأمور باتباعه في مسائل الدين، فإن الله قد تعبد عباده باتباعه، وأوجب العمل به جمهور أهل العلم، ولم ينكر ذلك إلا بعض طوائف المبتدعة كياداً للدين وشذوذاً عن جمهور المسلمين، وقد جاء التعبد بالظن في كثير من الشريعة المطهرة بل في أكثرها. ثم لما أمرهم الله سبحانه باجتناب كثير من الظن نهاهم عن التجسس فقال: "ولا تجسسوا" التجسس: البحث عما ينكتم عنك من عيوب المسلمين وعوراتهم، نهاهم الله سبحانه عن البحث عن معايب الناس ومثالبهم. قرأ الجمهور تجسسوا بالجيم، ومعناه ما ذكرنا. وقرأ الحسن وأبو رجاء وابن سيرين بالحاء. قال الأخفش: ليس يبعد أحدهما من الآخر، لأن التجسس بالجيم: البحث عما يكتم عنك، والتحسس بالحاء: طلب الأخبار والبحث عنها. وقيل إن التجسس بالجيم هو البحث، ومنه قيل رجل جاسوس: إذا كان يبحث عن الأمور، وبالحاء ما أدركه الإنسان ببعض حواسه. وقيل إنه بالحاء فيما يطلبه الإنسان لنفسه، وبالجيم أن يكون رسولاً لغيره قاله ثعلب: "ولا يغتب بعضكم بعضاً" أي لا يتناول بعضكم بعضاً بظهر الغيب بما يسوءه، والغيبة: أن تذكر الرجل بما يكرهه، كما في حديث أبي هريرة الثابت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره، فقيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ فقال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته" "أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً" مثل سبحانه الغيبة بأكل الميتة، لأن الميت لا يعلم بأكل لحمه، كما أن الحي لا يعلم بغيبة من اغتابه. ذكر معناه الزجاج. وفيه إشارة إلى أن عرض الإنسان كلحمه، وأنه كما يحرم أكل لحمه يحرم الاستطالة في عرضه، وفي هذا من التنفير عن الغيبة والتوبيخ لفاعلها والتشنيع عليه ما لا يخفى، فإن لحم الإنسان مما تنفر عن أكله الطباع الإنسانية، وتستكرهه الجبلة البشرية، فضلاً عن كونه محرماً شرعاً "فكرهتموه" قال الفراء: تقديره فقد كرهتموه فلا تفعلوا، والمعنى: فكما كرهتم هذا فاجتنبوا ذكره بالسوء غائباً قال الرازي: الفاء في تقدير جواب كلام. كأنه قال: لا يحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه فكرهتموه إذن. وقال أبو البقاء: هو معطوف على محذوف تقديره: عرض عليكم ذلك فكرهتموه "واتقوا الله" بترك ما أمركم باجتنابه "إن الله تواب رحيم" لمن اتقاه عما فرط منه من الذنب ومخالفة الأمر. وقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم "لو أتيت عبد الله بن أبي، فانطلق إليه وركب حماراً وانطلق المسلمون يمشون وهي أرض سبخة، فلما انطلق إليه قال: إليك عني، فوالله لقد آذاني ريح حمارك، فقال رجل من الأنصار: والله لحمار رسول الله صلى الله عليه وسلم أطيب ريحاً منك، فغضب لعبد الله رجال من قومه، فغضب لكل منهما أصحابه فكان بينهم ضرب بالجريد والأيدي والنعال، فنزلت فيهم "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا" الآية". وقد روي نحو هذا من وجوه أخر. وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عمر قال: ما وجدت في نفسي من شيء ما وجت في نفسي من هذه الآية، إني لم أقاتل هذه الفئة الباغية كما أمرني الله. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال: إن الله أمر النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين إذا اقتتلت طائفة من المؤمنين أن يدعوهم إلى حكم الله وينصف بعضهم من بعض، فإذا أجابوا حكم فيهم بحكم كتاب الله حتى ينصف المظلوم، فمن أبى منهم أن يجيب فهو باغ، وحق على إمام المؤمنين والمؤمنين أن يقاتلوهم حتى يفيئوا إلى أمر الله ويقروا بحكم الله. وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا" االآية. قال: كان قتال بالنعال والعصي، فأمرهم أن يصلحوا بينهما. وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن عائشة قالت. ما رأيت مثل ما رغبت عنه هذه الأمة في هذه الآية: "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما". وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله: "يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم" قال: نزلت في قوم من بني تميم استهزؤا من بلال وسليمان وعمار وخباب وصهيب وابن فهيرة وسالم مولى أبي حذيفة. وأخرج عبد بن حميد والبخاري في الأدب وابن أبي الدنيا في ذم الغيبة وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله: "ولا تلمزوا أنفسكم" قال: لا يطعن بعضكم على بعض. وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري في الأدب، وأهل السنن الأربع وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي جبيرة بن الضحاك قال: فينا نزلت في بني سلمة "ولا تنابزوا بالألقاب" قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس فينا رجل إلا وله اسمان أو ثلاثة، فكان إذا دعا واحداً منهم باسم من تلك الأسماء قالوا: يا رسول الله إنه يكرهه، فنزلت "ولا تنابزوا بالألقاب". وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس نحوه. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: التنابز بالألقاب: أن يكون الرجل عمل السيئات ثم تاب منها وراجع الحق، فنهى الله أن يعير بما سلف من عمله. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن مسعود في الآية قال: إذا كان الرجل يهودياً فأسلم فيقول: يا يهودي يا نصراني يا مجوسي، ويقول للرجل المسلم: يا فاسق. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن ابي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله :" يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن " قال : نهى الله المؤمن ان يظن بالمؤمن سوءا . وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك". وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله: "ولا تجسسوا" قال: نهى الله المؤمن أن يتتبع عورات المؤمن. وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو داود وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن زيد بن وهب قال: أتى ابن مسعود فقيل هذا فلان تفطر لحيته خمراً، فقال ابن مسعود: إنا قد نهينا عن التجسس، ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذه. وقد وردت أحاديث في النهي عن تتبع عورات المسلمين والتجسس عن عيوبهم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله: "ولا يغتب بعضكم بعضاً" الآية قال: حرم الله أن يغتاب المؤمن بشيء كما حرم الميتة. والأحاديث في تحريم الغيبة كثيرة جداً معروفة في كتب الحديث.

يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

قوله: 13- "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى" هما آدم وحواء، والمقصود أنهم متاوون لاتصالهم بنسب واحد وكونه يجمعهم أب واحد وأم واحدة، وأنه لا موضع للتفاخر بينهم بالأنساب، وقيل المعنى: أن كل واحد منكم من أب وأم فالكل سواء "وجعلناكم شعوباً وقبائل" الشعوب جمع شعب بفتح الشين، وهو الحي العظيم: مثل مضر وربيعة، والقبائل دونها كبني بكر من ربيعة، وبني تميم من مضر. قال الواحدي: هذا قول جماعة من المفسرين، سموا شعباً لتشعبهم واجتماعهم كشعب أغصان الشجرة، والشعب من أسماء الأضداد: يقال شعبته: إذا جمعته: وشعبته إذا فرقته، ومنه سميت المنية شعوباً لأنها مفرقة، فأما الشعب بالكسر فهو الطريق في الجبل. قال الجوهري: الشعب ما تشعب من قبائل العرب والعجم، والجمع الشعوب. وقال مجاهد: الشعوب البعيد من النسب، والقبائل دون ذلك. وقال قتادة: الشعوب النسب والأقرب. وقيل إن الشعوب عرب اليمن من قحطان، والقبائل من ربيعة ومضر وسائر عدنان. وقيل الشعوب بطون العجم، والقبائل بطون العرب. وحكى أبو عبيد أن الشعب أكثر من القبيلة، ثم القبيلة ثم العمارة ثم البطن ثم الفخذ ثم الفصيلة ثم العشيرة. ومما يؤيد ما قاله الجمهور من أن الشعب أكثر من القبيلة قول الشاعر: قبائل من شعوب ليس فيهم كريم قد يعد ولا نجيب قرأ الجمهور "لتعارفوا" بتخفيف التاء وأصله لتتعارفوا فحذفت إحدى التاءين. وقرأ البزي بتشديدها على الإدغام. وقرأ الأعمش بتاءين واللام متعلقة بخلقناكم: أي خلقناكم كذلك ليعرف بعضكم بعضاً. وقرأ ابن عباس لتعرفوا مضارع عرف. والفائدة في التعارف أن ينتسب كل واحد منهم إلى نسبه ولا يعتري إلى غيره. والمقصود من هذا أن الله سبحانه خلقهم كذلك لهذه الفائدة لا للتفاخر بأنسابهم ودعوى أن هذا الشعب أفضل من هذا الشعب، وهذه القبيلة أكرم من هذه القبيلة، وهذا البطن أشرف من هذا البطن. ثم علل سبحانه ما يدل عليه الكلام من النهي عن التفاخر فقال: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" أي إن التفاضل بينكم إنما هو بالتقوى، فمن تلبس بها فهو المستحق لأن يكون أكرم ممن لم يلتبس بها وأشرف وأفضل، فدعوا ما أنتم فيه من التفاخر بالأنساب، فإن ذلك لا يوجب كرماً ولا يثبت شرفاً ولا يقتضي فضلاً. قرأ الجمهور "إن أكرمكم" بكسر إن. وقرأ ابن عباس بفتحها: أي لأن أكرمكم "إن الله عليم" بكل معلوم ومن ذلك أعمالكم "خبير" بما تسرون وما تعلنون لا [تخفى] عليه من ذلك خافية.

قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ

ولما ذكر سبحانه أن أكرم الناس عند الله أتقاهم له وكان أصل التقوى الإيمان ذكر ما كانت تقوله العرب من دعوى الإيمان ليثبت لهم الشرف والفضل فقال: 14- "قالت الأعراب آمنا" وهو بنو أسد أظهروا الإسلام في سنة مجدبة يريدون الصدقة، فأمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم أن يرد عليهم فقال: "قل لم تؤمنوا" أي لم تصدقوا تصديقاً صحيحاً عن اعتقاد قلب وخلوص نية وطمأنينة "ولكن قولوا أسلمنا" أي استسلمنا خوف القتل والسبي أو للطمع في الصدقة، وهذه صفة المنافقين لأنهم أسلموا في ظاهر الأمر ولم تؤمن قلوبهم، ولهذا قال سبحانه "ولما يدخل الإيمان في قلوبكم" أي لم يكن ما أظهرتموه بألسنتكم عن مواطأة قلوبكم، بل مجرد قول باللسان من دون اعتقاد صحيح ولا نية خالصة، والجملة إما مستأنفة لتقرير ما قبلها، أو في محل نصب على الحال، وفي لما ممعنى التوقع. قال الزجاج: الإسلام إظهار الخضوع وقبول ما أتى به النبي، وبذلك يحقن الدم، فإن كان مع ذلك الإظهار اعتقاد وتصديق بالقلب فذلك الإيمان وصاحبه المؤمن. وقد أخرج هؤلاء من الإيمان بقوله: "ولما يدخل الإيمان في قلوبكم" أي لم تصدقوا وإنما أسلمتم تعوذاً من القتل "وإن تطيعوا الله ورسوله" طاعة صحيحة صادرة عن نيات خالصة، وقلوب مصدقة غير منافقة "لا يلتكم من أعمالكم شيئاً" يقال لات يلت: إذا نقص، ولاته يليته ويلوته: إذا نقصه، والمعنى: لا ينقصكم من أعمالكم شيئاً. قرأ الجمهور "يلتكم" من لاته يليته كباع يبيعه. وقرأ أبو عمرو " لا يلتكم " بالهمز من ألته يألته بالفتح في الماضي والكسر في المضارع، واختار قراءة أبي عمرو وأبو حاتم لقوله: "وما ألتناهم من عملهم من شيء" وعليها قول الشاعر: أبلغ بني أسد عني مغلغلة جهر الرسالة لا ألتا ولا كذبا واختار أبو عبيدة قراءة الجمهور، وعليها قول رؤبة بن العجاج: وليلة ذات ندى سريت ولم يلتني عن سراها ليت وهما لغتان فصيحتان "إن الله غفور" أي بليغ المغفرة لمن فرط منه ذنب "رحيم" بليغ الرحمة لهم.

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ

ثم لما ذكر سبحانه أن أولئك الذين قالوا آمنا لمن يؤمنوا ولا دخل الإيمان في قلوبهم بين المؤمنين المستحقين لإطلاق اسم الإيمان عليهم فقال: 15- " إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله " يعني إيماناً صحيحاً خالصاً عن مواطأة القلب واللسان "ثم لم يرتابوا" [أي] لم يدخل قلوبهم شيء من الريب ولا خالطهم شك من الشكوك "وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله" أي في طاعته وابتغاء مرضاته، ويدخل في الجهاد الأعمال الصالحة التي أمر الله بها، فإنها من جملة ما يجاهد المرء نفسه حتى يقوم به ويؤيده كما أمر الله سبحانه، والإشارة بقوله: "أولئك" إلى الجامعين بين الأمور المذكورة وهو مبتدأ، وخبره قوله: "هم الصادقون" أي الصادقون في الاتصاف بصفة الإيمان والدخول في عداد أهله، لا من عداهم ممن أظهر الإسلام بلسانه. وادعى أنه مؤمن، ولم يطمئن بالإيمان قلبه، ولا وصل إليه معناه، ولا عمل بأعمال أهله، وهم الأعراب الذين تقدم ذكرهم وسائر أهل النفاق.

قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ

ثم أمر الله سبحانه رسوله أن يقول لأولئك الأعراب وأمثالهم قولاً آخر لما ادعوا أنهم مؤمنون فقال: 16- "قل أتعلمون الله بدينكم" التعليم هاهنا بمعنى الإعلام، ولهذا دخلت الباء في بدينكم: أي أخبرونه بذلك حيث قلتم آمنا "والله يعلم ما في السموات وما في الأرض" فكيف يخفى عليه بطلان ما تدعونه من الإيمان، والجملة في محل النصب على الحال من مفعول تعلمون "والله بكل شيء عليم" لا تخفى عليه من ذلك خافية، وقد علم ما تبطنونه من الكفر وتظهرونه من الإسلام لخوف الضراء ورجاء النفع.

يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ

ثم أخبر الله سبحانه رسوله بما يقوله لهم عند المن عليه منهم بما يدعونه من الإسلام فقال: 17- "يمنون عليك أن أسلموا" أي يعدون إسلامهم منة عليك حيث قالوا جئناك بالأثقال والعيال، ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان وبنو فلان "قل لا تمنوا علي إسلامكم" أي لا تعدوه منة علي، فإن الإسلام هو المنة التي لا يطلب وليها ثواباً لمن أنعم بها عليه، ولهذا قال: "بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان" أي أرشدكم إليه وأراكم طريقه سواء وصلتم إلى المطرب أم تصلوا إليه، وانتصاب إسلامكم إما على أنه مفعول به على تضمين يمنون معنى يعدون، أو بنزع الخافض: أي لأن أسلموا، وهكذا قوله: "أن هداكم للإيمان" فإنه يحتمل الوجهين "إن كنتم صادقين" فيما تدعونه، والجواب محذوف يدل عليه ما قبله: أي إن كنتم صادقين فلله المنة عليكم. قرأ الجمهور "أن هداكم" بفتح أن، وقرأ عاصم بكسرها.

إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ

18- "إن الله يعلم غيب السموات والأرض" أي ما غاب فيهما "والله بصير بما تعملون" لا يخفى عليه من ذلك شيء، فهو مجازيكم بالخير خيراً وبالشر شراً. قرأ الجمهور "تعملون" على الخطاب، وقرأ ابن كثير على الغيبة. وقد أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن أبي مليكة قال: لما كان يوم الفتح رقي بلال فأذن على الكعبة، فقال بعض الناس: أهذا العبد الأسود يؤذن على ظهر الكعبة. وقال بعضهم: إن يسخط الله هذا يغيره، فنزلت "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى". وأخرج ابن المنذر عن ابن جريح نحوه. وأخرج أبو داود في مراسيله وابن مردويه والبيهقي في سننه عن الزهري قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بني بياضة أن يزوجوا أبا هند امرأة منهم فقالوا: يا رسول الله، أنزوج بناتنا موالينا؟ فنزلت هذه الآية. وأخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب أن هذه الآية "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى" هي مكية، وهي للعرب خاصة الموالي: أي قبيلة لهم، وأي شعاب، وقوله: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" فقال: أتقاكم للشرك. وأخرج البخاري وابن جرير عن ابن عباس قال: الشعوب القبائل العظام، والقبائل البطون. وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم عنه قال: الشعوب الجماع، والقبائل الأفخاذ التي يتعارفون بها. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي هريرة قال: "سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس أكرم؟ قال: أكرمهم عند الله أتقاهم. قالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: فأكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله. قالوا ليس عن هذا نسألك. قال:فعن معادن العرب تسألوني؟ قالوا نعم. قال: خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا" وقد وردت أحاديث في الصحيح وغيره أن التقوى هي التي يتفاضل بها العباد. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله: "قالت الأعراب آمنا" قال أعراب بني أسد وخزيمة، وفي قوله: "ولكن قولوا أسلمنا" مخافة القتل والسبي. وأخرج ابن جرير عن قتادة أنها نزلت في بني أسد. وأخرج ابن المنذر الطبراني وابن مردويه قال السيوطي بسند حسن عن عبد الله بن أبي أوفى: أن ناساً من العرب قالوا: يا رسول الله أسلمنا ولم نقاتلك بنو فلان، فأنزل الله "يمنون عليك أن أسلموا". وأخرج النسائي والبزار وابن مردويه عن ابن عباس نحوه. وذكر أنهم بنو أسد.


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس