islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

فتح القدير
20341

50-ق

ق وَالْقُرْآَنِ الْمَجِيدِ

هي خمس وأربعون آية وهي مكية كلها في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر. وروي عن ابن عباس وقتادة أنها مكية إلا آية، وهي قوله: "ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب" وهي أول المفصل على الصحيح، وقيل من الحجرات. وأخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال: نزلت سورة ق بمكة. وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله. وقد أخرج مسلم وغيره عن قطبة بن مالك قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الفجر في الركعة الأولى "ق والقرآن المجيد"". وأخرج أحمد ومسلم وأهل السنن عن أبي واقد الليثي قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيد بقاف واقتربت" وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود وابن ماجه والبيهقي عن أم هشام ابنة حارثة قالت: ما أخذت ق والقرآن المجيد إلا من في رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يقرأ بها في كل جمعة على المنبر إذا خطب الناس، وهو في صحيح مسلم. قوله: 1- "ق والقرآن المجيد" الكلام في إعراب هذا كالكلام الذي قدمنا في قوله: "ص والقرآن ذي الذكر" وفي قوله: " حم * والكتاب المبين " واختلف في معنى ق، فقال الواحدي: قال المفسرون: هو اسم جبل يحيط بالدنيا من زبرجد والسماء مقببة عليه وهو وراء الحجاب الذي تغيب الشمس من ورائه بمسيرة سنة. قال الفراء: كان يجب على هذا أن يظهر الإعراب في ق لأنه اسم، وليس بهجاء. قال: ولعل القاف وحدها ذكرت من اسمه كقول القائل: قلت لها قفي، فقالت قاف، أي أنا واقفة. وحكى الفراء والزجاج: أن قوماً قالوا معنى ق: قضي الأمر وقضي ما هو كائن، كما قيل في حم: حم الأمر. وقيل هو اسم من أسماء الله أقسم به. وقال قتادة: هو اسم من أسماء القرآن. وقال الشعبي: فاتحة السورة. وقال أبو بكر الوراق معناه: قف عند أمرنا ونهينا ولا تعدهما، وقيل غير ذلك مما هو أضعف منه. والحق أنه من المتشابه الذي استأثر الله بعلمه كما حققنا ذلك في فاتحة سورة البقرة، ومعنى المجيد: أنه ذو مجد وشرف على سائر الكتب المنزلة. وقال الحسن: الكريم، وقيل الرفيع القدر، وقيل الكبير القدر، وجواب القسم قال الكوفيون هو قوله: "بل عجبوا" وقال الأخفش: جوابه محذوف كأنه قال: ق والقرآن المجيد لتبعثن، يدل عليه " أإذا متنا وكنا ترابا " وقال ابن كيسان جوابه "ما يلفظ من قول" وقيل هو "قد علمنا ما تنقص الأرض منهم" بتقدير اللام: أي لقد علمنا، وقيل هو محذوف وتقديره أنزلناه إليك لتنذر، كأنه قيل ق والقرآن المجيد أنزلناه إليك لتنذر به الناس. قرأ الجمهور قاف بالسكون. وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق ونصر بن عاصم بكسر الفاء. وقرأ عيسى الثقفي بفتح الفاء: وقرأ هارون ومحمد بن السميفع بالضم.

بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ

2- "بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم" "بل" للإضراب عن الجواب على اختلاف الأقوال، وأن في موضع نصب على تقدير: لأن جاءهم. والمعنى: بل عجب الكفار لأن جاءهم منذر منهم وهو محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يكتفوا بمجرد الشك والرد، بل جعلوا ذلك من الأمور العجيبة، وقيل هو إضراب عن وصف القرآن بكونه مجيداً وقد تقدم تفسير هذا فس سورة ص. ثم فسر ما حكاه عنهم من كونهم عجبوا بقوله: "فقال الكافرون هذا شيء عجيب" وفيه زيادة تصريح وإيضاح. قال قتادة: عجبهم أن دعوا إلى إله واحد، وقيل تعجبهم من البعث.

أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ

فيكون لف هذا إشارة إلى مبهم يفسره ما بعده من قوله: " أإذا متنا " الخ، والأول أولى. قال الرازي: الظاهر أن قولهم هذا إشارة إلى مجيء المنذر، ثم قالوا: " أإذا متنا " وأيضاً قد وجد هاهنا بعد الاستبعاد بالاستفهام أمر يؤدي معنى التعجب، وهو قولهم: "ذلك رجع بعيد" فإنه استبعاد وهو كالتعجب، فلو كان التعجب بقولهم: "هذا شيء عجيب" عائداً إلى قولهم: أئذا لكان كالتكرار، فإن قيل التكرار الصريح يلزم من قولك هذا شيء عجيب أنه يعود إلى مجيء المنذر، فإن تعجبهم منه علم من قولهم: وعجبوا أن جاءهم، فقوله: "هذا شيء عجيب" يكون تكراراً، فنقول ذلك ليس بتكرار بل هو تقرير لأنه لما قال بل عجبوا بصيغة الفعل وجاز أن يتعجب الإنسان مما لا يكون عجباً كقوله: "أتعجبين من أمر الله" ويقال في العرف: لا وجه لتعجبك مما ليس بعجب، فكأنهم لما عجبوا قيل لهم: لا معنى لتعجبكم، فقالوا: "هذا شيء عجيب" فكيف لا نعجب منه، ويدل على ذلك قوله هاهنا "فقال الكافرون" بالفاء، فإنها تدل على أنه مترتب على ما تقدم، قرأ الجمهور " أإذا متنا " بالاستفهام. وقرأ ابن عامر في رواية عنه وأبو جعفر والأعمش والأعرج بهمزة واحدة، فيحتمل الاستفهام كقراءة الجمهور، وهمزة الاستفهام مقدرة، ويحتمل أن معناه الإخبار. والعامل في الظرف مقدر: أي أيبعثنا، أو أنرجع إذا متنا لدلالة ما بعده عليه، هذا على قراءة الجمهور، وأما على القراءة الثانية فجواب إذاً محذوف: أي رجعنا، وقيل ذلك رجع، والمعنى: استنكارهم للبعث بعد موتهم ومصيرهم تراباً. ثم جزموا باستبعادهم للبعث فقالوا: "ذلك" أي للبعث "رجع بعيد" أي بعيد عن العقول أو الأفهام أو العادة أو الإمكان، يقال رجعته أرجعه رجعاً ورجع هو يرجع رجوعاً.

قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ

ثم رد سبحانه ما قالوه فقال: 4- "قد علمنا ما تنقص الأرض منهم" أي ما تأكل من أجسادهم فلا يضل عنا شيء من ذلك ومن أحاط علمه بكل شيء حتى انتهى إلى علم ما يذهب من أجساد الموتى في القبور لا يصعب عليه البعث ولا يستبعد منه، وقال السدي: النقص هنا الموت، يقول: قد علمنا من يموت منهم ومن يبقى، لأن من مات دفن، فكأن الأرض تنقص من الأموات، وقيل المعنى: من يدخل في الإسلام من المشركين، والأول أولى "وعندنا كتاب حفيظ" أي حافظ لعدتهم وأسمائهم ولكل شيء من الأشياء، وهو اللوح المحفوظ: أي محفوظ من الشياطين، أو محفوظ فيه كل شيء.

بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ

ثم أضرب سبحانه عن كلامهم الأول وانتقل إلى ما هو أشنع منه فقال: 5- "بل كذبوا بالحق" فإنه تصريح منهم بالتكذيب بعد ما تقدم عنهم من الاستعباد، والمراد بالحق هنا القرآن. قال الماوردي في قول الجميع، وقيل هو الإسلام، وقيل محمد، وقيل النبوة الثابتة بالمعجزات "لما جاءهم" أي وقت مجيئه إليهم من غير تدبر ولا تفكر ولا إمعان نظر، قرأ الجمهور بفتح اللام وتشديد الميم. وقرأ الجحدري بكسر اللام وتخفيف الميم "فهم في أمر مريج" أي مختلط مضطرب، يقولون مرة ساحر ومرة شاعر ومرة كاهن: قاله الزجاج وغيره. وقال قتادة مختلف. وقال الحسن ملتبس، والمعنى متقارب، وقيل فاسد والمعاني متقاربة. ومنه قولهم: مرجب أمانات الناس: أي فسدت، ومرج الدين والأمر اختلط.

أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ

6- "أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم" الاستفهام للتقريع والتوبيخ: أي كيف غفلوا عن النظر إلى السماء فوقهم "كيف بنيناها" وحعلناها على هذه الصفة مرفوعة بغير عماد تعتمد عليه "وزيناها" بما جعلنا فيها من المصابيح "وما لها من فروج" أي فتوق وشقوق وصدوع، وهو جمع فرج، ومنه قول امرئ القيس: يسد به فرجاً من دبر قال الكسائي ليس فيها تفاوت ولا اختلاف ولا فتوق.

وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ

7- "والأرض مددناها" أي بسطناها "وألقينا فيها رواسي" أي جبالاً ثوابت، وقد تقدم تفسير هذا في سورة الرعد "وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج" أي من كل صنف حسن وقد تقدم تفسير هذا في سورة الحج.

تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ

8- "تبصرة وذكرى لكل عبد منيب" هما علتان لما تقدم منتصبان بالفعل الأخير منها، أو بمقدر: أي فعلنا ما فعلنا للتبصير والتذكير قاله الزجاج. وقال أبو حاتم: انتصبا على المصدرية أي جعلنا ذلك تبصرة وذكرى. والمنيب الراجع إلى الله بالتوبة المتدبر في بديع صنعه وعجائب مخلوقاته. وفي سياق هذه الآية تذكير لمنكري البعث وإيقاظ لهم عن سنة الغفلة، وبيان لإمكان ذلك وعدم امتناعه، فإن القادر على مثل هذه الأمور يقدر عليه.

وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ

وهكذا قوله: 9- "ونزلنا من السماء ماءً مباركاً" أي نزلنا من السحاب ماء كثير البركة لانتفاع الناس به في غالب أمورهم "فأنبتنا به جنات" أي أنبتنا بذلك الماء بساتين كثيرة "وحب الحصيد" أي ما يقتات ويحصد من الحبوب، والمعنى: وحب الزرع الحصيد، وخص الحب لأنه المقصود، كذا قال البصريون. وقال الكوفيون: هو من باب إضافة الشيء إلى نفسه كمسجد الجامع، حكاه الفراء: قال الضحاك: حب الحصيد البر والشعير، وقيل كل حب يحصد ويدخر ويقتات.

وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ

10- "والنخل باسقات لها طلع نضيد" هو معطوف على جنات: أي وأنبتنا به النخل، وتخصيصها بالذكر مع دخولها في الجنات للدلالة على فضلها على سائر الأشجار، وانتصاب باسقات على الحال، وهي حال مقدرة لأنها وقت الإنبات لم تكن باسقة. قال مجاهد وعكرمة وقتادة: الباسقات الطوال، وقال سعيد بن جبير: مستويات. وقال الحسن وعكرمة والفراء: موافير حوامل، يقال للشاة إذا بسقت ولدت، والأشهر في لغة العرب الأول، يقال بسقت النخلة بسوقاً: إذا طالت، ومنه قول الشاعر: ‍‌لنـــا خمـر وليسـت خمر كرم ولكن من نتاج الباسقات كرام في السماء ذهبن طولاً وفات ثمارها أيدي الجنات وجملة "لها طلع نضيد" في محل نصب على الحال من النخل، الطلع هو أول ما يخرج من ثمر النخل، يقال طلع الطلع طلوعاً، والنضيد المتراكب الذي نضد بعضه على بعض، وذلك قبل أن ينفتح فهو نضيد في أكمامه فإذا خرج من أكمامه فليس بنضيد.

رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ

11- "رزقاً للعباد" انتصابه على المصدرية: أي رزقناهم رزقاً، أو على العلة: أي أنبتنا هذه الأشياء للرزق "وأحيينا به بلدة ميتاً" أي أحيينا بذلك الماء بلدة مجدبة لا ثمار فيها ولا زرع، وجملة "كذلك الخروج" مستأنفة لبيان أن الخروج من القبور عند البعث كمثل هذا الإحياء الذي أحيا الله به الأرض الميتة، قرأ الجمهور "ميتاً" على التخفيف، وقرأ أبو جعفر وخالد بالتثقيل.

كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ

ثم ذكر سبحانه الأمم المكذبة فقال 12- "كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس" هم قوم شعيب كما تقدم بيانه، وقيل هم الذين جاءهم من أقصى المدينة رجل يسعى، وهم من قوم عيسى وقيل هم أصحاب الأخدود. والرسل: إما موضع نسبوا إليه، أو فعل، وهو حفر البئر، يقال رس: إذا حفر بئراً.

وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ

13- " نوح وعاد وفرعون " أي فرعون وقومه "وإخوان لوط" جعلهم إخوانه لأنهم كانوا أصهاره، وقيل هم من قوم إبراهيم وكانوا من معارف لوط.

وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ

14- "وأصحاب الأيكة" تقدم الكلام على الأيكة واختلاف القراء فيها في سورة الشعراء مستوفى، ونبيهم الذي بعثه الله إليهم شعيب "وقوم تبع" هو تبع الحميري الذي تقدم ذكره في قوله: "أهم خير أم قوم تبع" واسمه سعد أبو كرب، وقيل أسعد؟ قال قتادة: ذم الله قوم تبع، ولم يذمه "كل كذب الرسل" التنوين عوض عن المضاف إليه: أي كل واحد من هؤلاء كذب رسوله الذي أرسله الله إليه، وكذب ما جاء به من الشرع، واللام في الرسل تكون للعهد، ويجوز أن تكون للجنس: أي كل طائفة من هذه الطوائف كذبت جميع الرسل، وإفراد الضمير في كذب باعتبار لفظ كل، وفي هذا تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه قيل له: لا تحزن ولا تكر غمك لتكذيب هؤلاء لك، فهذا شأن من تقدمك من الأنبياء، فإن قومهم كذبوهم ولم يصدقهم إلا القليل منهم "فحق وعيد" أي وجب عليهم وعيدي وحقت عليهم كلمة العذاب، وحل بهم ما قدره الله عليهم من الخسف والمسخ والإهلاك بالأنواع التي أنزلها الله بهم من عذابه.

أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ

15- "أفعيينا بالخلق الأول" الاستفهام للتقريع والتوبيخ، والجملة مستأنفة لتقرير أمر البعث الذي أنكرته الأمم: أي أفعجزنا بالخلق حين خلقناهم أولاً ولم يكونوا شيئاً، فكيف نعجز عن بعثهم، يقال عييت بالأمر: إذا عجزت عنه ولم أعرف وجهه. قرأ الجمهور بكسر الياء الأول بعدها ياء ساكنة. قرأ ابن أبي عبلة بتشديد الياء من غير إشباع. ثم ذكر أنهم في شك من البعث، فقال: "بل هم في لبس من خلق جديد" أي في شك وحيرة واختلاط من خلق مستأنف، وهو بعث الأموات، ومعنى الإضراب أنهم غير منكرين لقدرة الله على الخلق الأول "بل هم في لبس من خلق جديد". وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: "ق" قال: هو اسم من أسماء الله. وأخرج ابن أبي حاتم عنه قال: خلق الله من وراء هذه الأرض بحراً محيطاً، ثم خلق وراء ذلك جبلاً يقال له ق السماء الدنيا مرفرفة عليه، ثم خلق من وراء ذلك الجبل أرضاً مثل تلك الأرض سبع مرات، ثم خلق من وراء ذلك بحراً محيطاً بها، ثم خلق وراء ذلك جبلاً يقال له قاف السماء الثاني مرفرفة عليه، حتى عد سبع أرضين وسبعة أبحر وسبعة أجبل وسبع سموات، قال: وذلك قوله: "والبحر يمده من بعده سبعة أبحر" قال ابن كثير: لا يصح سنده عن ابن عباس. وقال أيضاً: وفيه انقطاع. وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ عنه أيضاً قال: هو جبل وعروقه إلى الصخرة التي عليها الأرض، فإذا أراد الله أن يزلزل قرية أمر ذلك الجبل فحرك ذلك العرق الذي يلي تلك القرية فيزلزلها ويحركها، فمن ثم يحرك القرية دون القرية. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عنه أيضاً "والقرآن المجيد" قال: الكريم. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال: القرآن المجيد ليس شيء أحسن منه ولا أفضل. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً "قد علمنا ما تنقص الأرض منهم" قال: أجسادهم وما يذهب منها. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في الآية قال: ما تأكل من لحومهم وعظامهم وأشعارهم. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عنه أيضاً قال: المريج الشيء المتغير. وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه عن قطبة قال: "سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصبح ق. فلما أتى على هذه الآية "والنخل باسقات" فجعلت أقول: ما بسوقها؟ قال: طولها". وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله: "والنخل باسقات" قال الطول. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه في قوله: "لها طلع نضيد" قال: متراكم بعضه على بعض. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله: "أفعيينا بالخلق الأول" يقول لم يعيينا الخلق الأول، وفي قوله: "بل هم في لبس من خلق جديد" في شك من البعث.

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ

قوله: 16- "ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه" هذا كلام مبتدأ يتضمن ذكر بعضه القدرة الربانية، والمراد بالإنسان الجنس، وقيل آدم والوسوسة هي في الأصل الصوت الخفي، والمراد بها هنا ما يختلج في سره وقلبه وضميره: أي نعلم ما يخفي ويكن في نفسه، ومن استعمال الوسوسة في الصوت الخفي قول الأعشى: تسمع للحلى وسواساً إذا انصرفت فاستعمل لما خفي من حديث النفس "ونحن أقرب إليه من حبل الوريد" هو حبل العاتق، وهو ممتد من ناحية حلقه إلى عاتقه، وهما وريدان من عن يمين وشمال. وقال الحسن: الوريد الوتين، وهو عرق معلق بالقلب. وهو تمثيل للقرب بقرب ذلك العرق من الإنسان: أي نحن أقرب إليه من حبل وريده، والإضافة بيانية: أي حبل هو الوريد. وقيل الحبل هو نفس الوريد، فهو من باب مسجد الجامع.

إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ

ثم ذكر سبحانه أنه مع علمه به وكل به ملكين يكتبان ويحفظان عليه عمله إلزاماً للحجة فقال: 17- "إذ يتلقى المتلقيان" الظرف منتصب بما في أقرب من معنى الفعل، ويجوز أن يكون منصوباً بمقدر هو اذكر، والمعنى: أنه أقرب إليه من حبل وريده حين يتلقى المتلقيان، وهما الملكان الموكلان به ما يلفظ به وما يعمل به: أي يأخذان ذلك ويثبتانه. والتلقي الأخذ: أي نحن أعلم بأحواله غير محتاجين إلى الحفظة الموكلين به. وإنما جعلنا ذلك إلزاماً للحجة وتوكيداً للأمر. قال الحسن وقتادة ومجاهد: المتلقيان ملكان يتلقيان عملك أحدهما عن يمينك يكتب حسناتك، والآخر عن شمالك يكتب سيئاتك. وقال مجاهد أيضاً: وكل الله بالإنسان ملكين بالليل وملكين بالنهار يحفظان عمله ويكتبان أثره "عن اليمين وعن الشمال قعيد" إنما قال قعيد ولم يقل قعيدان وهما اثنان، لأن المراد عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد، فحذف الأول لدلالة الثاني عليه، كذا قال سيبويه كقول الشاعر: نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض والرأي مختلف وقول الفرزدق: وأتى وكان وكنت غير عذور أي وكان غير عذور وكنت غير عذور، وقال الأخفش والفراء: إن لفظ قعيد يصلح للواحد والاثنين والجمع ولا يحتاج إلى تقدير في الأول. قال الجوهري وغيره من أئمة اللغة والنحو: فعيل وفعول مما يستوي فيه الواحد والاثنان والجمع، والقعيد المقاعد كالجليس بمعنى المجالس.

مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ

18- "ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد" أي ما يتكلم من كلام، فيلفظه ويرميه من فيه إلا لديه: أي أن ذلك اللافظ رقيب: أي ملك يرقب قوله ويكتبه، والرقيب: الحافظ المتتبع لأمور الإنسان الذي يكتب ما يقوله من خير وشر. فكاتب الخير هو ملك اليمين، وكاتب الشر ملك الشمال. والعتيد: الحاضر المهيأ. قال الجوهري: العتيد الحاضر المهيأ، يقال عتده تعتيداً وأعتده اعتداداً: أي أعده، ومنه " وأعتدت لهن متكئا " والمراد هنا أنه معد للكتابة مهيؤ لها.

وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ

19- "وجاءت سكرة الموت بالحق" لما بين سبحانه أن جميع أعماله محفوظة مكتوبة ذكر بعده ما ينزل بهم من الموت، والمراد بسكرة الموت شدته وغمرته التي تغشى الإنسان وتغلب على عقله، ومعنى بالحق: أنه عند الموت يتضح له الحق ويظهر له صدق ما جاءت به الرسل من الإخبار بالبعث والوعد والوعيد، وقيل الحق هو الموت، وقيل في الكلام تقديم وتأخير: أي وجاءت سكرة الحق بالموت، وكذا قرأ أبو بكر الصديق وابن مسعود. والسكرة هي الحق، فأضيفت إلى نفسها لاختلاف اللفظين، وقيل الباء للملابسة كالتي في قوله: "تنبت بالدهن" أي ملتسة بالحق: أي بحقيقة الحال، والإشارة بقوله: "ذلك" إلى الموت، والحيد الميل: أي ذلك الموت الذي كنت تميل عنه وتفر منه، يقال: حاد عن الشيء يحيد حيوداً وحيدة وحيدودة: مال عنه وعدل، ومنه قول طرفة: أبو منذر رمت الوفاء فهبته وحدت كما حاد البعير عن الدحض وقال الحسن: تحيد تهرب.

وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ

20- "ونفخ في الصور" عبر عنه بالماضي لتحقق وقوعه، وهذه هي النفخة الآخرة للبعث "ذلك يوم الوعيد" أي ذلك الوقت الذي يكون فيه النفخ في الصور يوم الوعيد الذي أوعد الله به الكفار. قال مقاتل: يعني بالوعيد العذاب في الآخرة، وخصص الوعيد مع كون اليوم هو يوم الوعد والوعيد جميعاً لتهويله.

وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ

21- "وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد" أي جاءت كل نفس من النفوس معها من يسوقها ومن يشهد لها أو عليها. واختلف في السائق والشهيد، فقال الضحاك: السائق من الملائكة، والشهيد من أنفسهم: يعني الأيدي والأرجل. وقال الحسن وقتادة: سائق يسوقها وشاهد يشهد عليها بعملها. وقال ابن مسلم: السائق قرينها من الشياطين، سمي سائقاً لأنه يتبعها وإن لم يحثها. وقال مجاهد: السائق والشهيد ملكان. وقيل السائق الملك والشهيد العمل، وقيل السائق كاتب السيئات، والشهيد كاتب الحسناب، ومحل الجملة النصب على الحال.

لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ

22- "لقد كنت في غفلة من هذا" أي يقال له: لقد كنت في غفلة من هذا أي يقال له: لقد كنت في غفلة من هذا، والجملة في محل نصب على الحال من نفس أو مستأنفة كأنه قيل ما يقال له. قال الضحاك: المراد بهذا المشركون لأنهم كانوا في غفلة من عواقب أمورهم. وقال ابن زيد: الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم: أي لقد كنت يا محمد في غفلة من الرسالة. وقال أكثر المفسرين: المراد به جميع الخلق برهم وفاجرهم، واختار هذا ابن جرير. قرأ الجمهور بفتح التاء من "كنت" وفتح الكاف في "غطاءك" و"بصرك" حملاً على ما في لفظ كل من التذكير. وقرأ الجحدري وطلحة بن مصرف بالكسر في الجميع على أن المراد النفس "فكشفنا عنك غطاءك" الذي كان في الدنيا: يعني رفعنا الحجاب الذي كان بينك وبين أمور الآخرة، ورفعنا ما كنت فيه من الغفلة عن ذلك "فبصرك اليوم حديد" أي نافذ تبصر به ما كان يخفى عليك من الدنيا. قال السدي: المراد بالغطاء أنه كان في بطن أمه فودل، وقيل إنه كان في القبر فنشر، والأول أولى. والبصر قيل هو بصر القلب وقيل بصر العين. وقال مجاهد: بصرك إلى لسان ميزانك حين توزن حسناتك وسيئاتك وبه قال الضحاك.

وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ

23- "وقال قرينه هذا ما لدي عتيد" أي قال الملك الموكل به هذا ما عندي من كتاب عملك عتيد حاضر قد هيأته، كذا قال الحسن وقتادة والضحاك. وقال مجاهد: إن الملك يقول للرب سبحانه هذا الذي وكلتني به من بني آدم قد أحضرته وأحضرت ديوان عمله. وروي عنه أنه قال: إن قرينه من الشياطين، يقول ذلك: أي هذا ما قد هيأته لك بإغوائي وإضلالي. وقال ابن زيد: إن المراد هنا قرينه من الإنس، وعتيد مرفوع على أنه صفة لما إن كانت موصوفة، وإن كانت موصولة فهو خبر بعد خبر، أو خبر مبتدأ محذوف.

أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ

24- "ألقيا في جهنم كل كفار عنيد" هذا خطاب من الله عز وجل للسائق والشهيد. قال الزجاج: هذا أمر للملكين الموكلين به وهما السائق والشاهد: كل كفار للنعم عنيد مجانب للإيمان.

مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ

25- "مناع للخير" لا يبذل خيراً "معتد" ظالم لا يقر بتوحيد الله "مريب" شاك في الحق، من قولهم أراب الرجل: إذا صار ذا ريب. وقيل هو خطاب للملكين من خزنة النار. وقيل هو خطاب لواحد على تنزيل تثنية الفاعل منزلة تثنية الفعل وتكريره. قال الخليل والأخفش: هذا كلام العرب الصحيح أن يخاطب الواحد بلفظ الاثنين يقولون: ارحلاها وازجراها وخذاه وأطلقاه للواحد. قال الفراء: العرب تقول للواحد قوماً عنا. وأصل ذلك أن أدنى أعوان الرجل في إبله وغنمه ورفقته في سفره اثنان: فجرى كلام الرجل للواحد على ذلك، ومنه قولهم للواحد في الشعر كما قال امرؤ القيس: خليلي مرا بي على أم جندب نقض لبانات الفؤاد المعذب وقوله: قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول فحومل وقول الآخر: فإن تزجراني يابن عفان أنزجر وإن تدعواني أحم عرضاً ممنعا قال المازني: قوله: "ألقيا" يدل على ألق ألق. قال المبرد: هي تثنية على التوكيد، فناب ألقيا مناب ألق ألق. قال مجاهد وعكرمة: العنيد المعاند للحق، وقيل المعرض عن الحق، يقال عند يعند بالكسر عنوداً: إذا خالف الحق.

الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ

26- "الذي جعل مع الله إلهاً آخر" يجوز أن يكون بدلاً من كل أو منصوباً على الذم، أو بدلاً من كفار، أو مرفوعاً بالابتداء أو الخير "فألقياه في العذاب الشديد" تأكيد للأمر الأول أو بدل منه.

قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ

27- "قال قرينه ربنا ما أطغيته" هذه الجملة مستأنفة لبيان ما يقوله القرين، والمراد بالقرين هنا الشيطان الذي قيض لهذا الكافر، أنكر أن يكون أطغاه، ثم قال: "ولكن كان في ضلال بعيد" أي عن الحق فدعوته فاستجاب لي، ولو كان من عبادك المخلصين لم أقد عليه، وقيل إن قرينه الملك الذي كان يكتب سيئاته وإن الكافر يقول: رب إنه أعجلني فيجيبه بهذا، كذا قال مقاتل وسعيد بن جبير. والأول أولى.

قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ

وبه قال الجمهور: 28- "قال لا تختصموا لدي" هذه الجملة مستأنفة جواب سؤال مقدر كأنه قيل، فماذا قال الله؟ فقيل: "قال لا تختصموا لدي" يعني الكافرين وقرناءهم، نهاهم سبحانه عن الاختصام في موقف الحساب، وجملة "وقد قدمت إليكم بالوعيد" في محل نصب على الحال: أي والحال أن قدمت إليكم بالوعيد بإرسال الرسل وإنزال الكتب، والباء في بالوعيد مزيدة للتأكيد أو على تضمين قدم معنى تقدم.

مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ

29- "ما يبدل القول لدي" أي لا خلف لوعدي، بل هو كائن لا محالة، وقد قضيت عليكم بالعذاب فلا تبديل له، وقيل هذا القول هو قوله: "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها".

يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ

30- " يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد " قرا الجمهور " نقول " بالنون . وقرأ نافع و أبو بكر بالياء . وقرأ الحسن أقول . وقرأ الأعمش يقال والعامل في الظرف ما يبدل القول لدي أو محذوف أي اذكر أو أنذرهم ، وهذا الكلام على طريقة التمثيل والتخييل ، ولا سؤال ولا جواب ، كذا قيل ، ولأولى أنه على طريقة التحقيق ولا يمنع من ذلك عقل ولا شرع . قال الواحدي . قال المفسرون : أراها الله تصديق قوله : " لأملأن جهنم " فلما امتلأت قال لها : " هل امتلأت وتقول هل من مزيد " أي قد امتلأت ولم يبقى في موضع لم يمتلىء . وبهذا قال عطاء و مجاهد و مقاتل بن سليمان . وقيل إن هذا الإستفهام بمعنى الإستزاده : أي إنها تطلب الزيادة على من قد صار فيها . وقيل: إن المعنى أنها طلبت أن يزداد في سعتها لتضايقها بأهلها ، والمزيد إما مصدر كالمحيد أو اسم مفعول كالمنيع ، فالأول بمعنى هل من زيادة ، والثاني بمعنى هل من شيء تزيدونيه .

وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ

ثم لما فرغ من بيان حال الكافرين شرع في بيان حال المؤمنين فقال: 31- "وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد" أي قربت الجنة للمتقين تقريباً غير بعيد أو مكان غير بعيد منهم بحيث يشاهدونها في الموقف، وينظرون ما فيها مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ويجوز أن يكون انتصاب "غير بعيد" على الحال. وقيل المعنى: أنها زينت قلوبهم في الدنيا بالترغيب والترهيب، فصارت قريبة من قلوبهم، والأول أولى.

هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ

والإشارة بقوله: 32- "هذا ما توعدون" إلى الجنة بتقدير القول: أي ويقال لهم هذا ما توعدون. قرأ الجمهور "توعدون" بالفوقية. وقرأ ابن كثير بالتحتية "لكل أواب حفيظ" هو بدل من للمتقين بإعادة الخافض أو متعلق بقول محذوف هو حال: أي مقولاً لهم لكل أواب، والأواب الرجاع إلى الله تعالى بالتوبة عن المعصية، وقيل هو المسبح، وقيل هو الذاكر لله في الخلة. قال الشعبي ومجاهد: هو الذي يذكر ذنوبه في الخلوة فيستغفر الله منها. وقال عبيد بن عمير هو الذي لا يجلس مجلساً حتى يستغفر الله فيه، والحفيظ: هو الحافظ لذنوبه حتى يتوب منها. وقال قتادة: هو الحافظ لما استودعه الله من حقه ونعمته، قاله مجاهد. وقيل هو الحافظ لأمر الله. وقال الضحاك: هو الحافظ لوصية الله له بالقبول.

مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ

33- "من خشي الرحمن بالغيب" الموصول في محل جر بدلاً أو بياناً لكل أواب، وقيل يجوز أن يكون بدلاً بعد بدل من المتقين، وفيه نظر لأنه لا يتكرر البدل والمبدل منه واحد، ويجوز أن يكون في محل رفع على الاستئناف والخبر ادخلوها بتقدير يقال لهم ادخلوها، والخشية بالغيب أن يخاف الله ولم يكن رآه. وقال الضحاك والسدي: يعني الخلوة حيث لا يراه أحد. قال الحسن: إذا أرخى الستر وأغلق الباب، وبالغيب متعلق بمحذوف هو حال أو صفة لمصدر خشي "وجاء بقلب منيب" أي راجع إلى الله مخلص لطاعته، وقيل المنيب المقبل على الطاعة، وقيل السليم.

ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ

34- "ادخلوها" هو بتقدير القول: أي يقال لهم ادخلوها، والجمع باعتبار معنى من: أي ادخلوا الجنة "بسلام" أي بسلامة من العذاب، وقيل بسلام من الله وملائكته، وقيل بسلامة من زوال النعم، وهو متعلق بمحذوف هو حال: أي ملتبسين بسلام، والإشارة بقوله: "ذلك" إلى زمن ذلك اليوم كما قال أبو البقاء، وخبره "يوم الخلود" وسماه يوم الخلود لأنه لا انتهاء له، بل هو دائم أبداً.

لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ

35- " لهم ما يشاؤون فيها " أي في الجنة ما تشتهي أنفسهم وتلذ أعينهم من فنون النعم وأنواع الخير "ولدينا مزيد" من النعم التي لم تخطر لهم على بال ولا مرت لهم في خيال. وقد أخرج ابن مردويه عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "نزل الله من ابن آدم أربع منازل: هو أقرب إليه من حبل الوريد، وهو يحول بين المرء وقلبه، وهو آخذ بناصية كل دابة، وهو معهم أينما كانوا". وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "من حبل الوريد" قال: عروق العنق. وأخرج ابن المنذر عنه قال: هو نياط القلب. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضاً، في قوله: "ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد" قال: يكتب كل ما تكلم به من خير أو شر حتى إنه ليكتب قوله أكلت وشربت، ذهبت، جئت، رأيت، حتى إذا كان يوم الخميس عرض قوله وعمله فأقر منه ما كان من خير أو شر وألقى سائره، فذلك قوله: " يمحو الله ما يشاء ويثبت ". وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه من طريق عكرمة عن ابن عباس في الآية قال: إنما يكتب الخير والشر، لا يكتب يا غلام اسرج الفرس، يا غلام اسقني الماء. وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله غفر لهذه الأمة ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم". وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد والحكيم الترمذي وأبو نعيم والبيهقي في الشعب عن عمرو بن ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عند لسان كل قائل، فليتق الله عبد ولينظر ما يقول". وأخرج الحكيم الترمذي عن ابن عباس مرفوعاً مثله. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم في الكنى، وابن مردويه والبيهقي في البعث، وابن عساكر عن عثمان بن عفان أنه قرأ "وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد" قال: سائق يسوقها إلى أمر الله. وشهيد يشهد عليها بما عملت. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم في الكنى وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة في الآية قال: السائق الملك، والشهيد العمل. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال: السائق من الملائكة، والشهيد شاهد عليه من نفسه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه "لقد كنت في غفلة من هذا" قال: هو الكافر. وأخرجابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضاً "فكشفنا عنك غطاءك" قال: الحياة بعد الموت. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً، و"قال قرينه" قال شيطانه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم في قوله: "لا تختصموا لدي" قال: إنهم اعتذروا بغير عذر فأبطل الله حجتهم ورد عليهم قولهم. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً. في قوله: "وما أنا بظلام للعبيد" قال: ما أنا بمعذب من لم يجترم. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً، في قوله: "يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد" قال: وهل في من مكان يزداد في. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه، فينزوي بعضها إلى بعض وتقول قط قط، وعزتك وكرمك ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشئ الله لها خلقاً آخر فيسكنهم في فضول الجنة". وأخرجا أيضاً من حديث أبي هريرة نحوه، وفي الباب أحاديث. وأخرج ابن جرير والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله: "لكل أواب حفيظ" قال: حفظ ذنوبه حتى رجع عنها. وأخرج البزار وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور عن أنس، في قوله: "ولدينا مزيد" قال: يتجلى لهم الرب تبارك وتعالى في كل جمعة. وأخرج البيهقي في الرؤية والديلمي عن علي في الآية قال: يتجلى لهم الرب عز وجل، وفي الباب أحاديث.

وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ

خوف سبحانه أهل مكة بما اتفق للقرون الماضية 36- "قبلهم" أي قبل قريش ومن وافقهم "من قرن" أي من أمة "هم أشد منهم بطشاً" أي قوة كعاد وثمود وغيرهما "فنقبوا في البلاد" أي ساروا وتقلبوا فيها وطافوا بقاعها وأصله من النقب، وهو الطريق. قال مجاهد: ضربوا وطافوا. وقال النضر بن شميل: دوروا. وقال المؤرج: تباعدوا. والأول أولى، ومنه قول امرئ القيس: وقد نقبت في الآفاق حتى رضيت من الغنيمة بالإياب ومثله قول الحارث بن حلزة: نقبوا في البلاد من حذر المو ت وجالوا في الأرض كل مجال وقرأ ابن عباس والحسن وأبو العالية وأبو عمرو في رواية "نقبوا" بفتح القاف مخففة، والنقب هو الخرق والطريق في الجبل وكذا المنقب والمنقبة، كذا قال ابن السكيت، وجمع النقب نقوب. وقرأ السلمي ويحيى بن يعمر بكسر القاف مشددة على الأمر للتهديد: أي طوفوا فيها وسيروا في جوانبها. وقرأ الباقون بفتح القاف مشددة على الماضي "هل من محيص" أي هل لهم من مهرب يهربون إليه، أو مخلص يتخلصون به من العذاب. قال الزجاج: لم يروا محيصاً من الموت، والمحيص مصدر حاص عنه يحيص حيصاً وحيوصاً ومحيصاً ومحاصاً وحيصاناً: أي عدل وحاد، والجملة مستأنفة لبيان أنه لا مهرب لهم، وفي هذا إنذار لأهل مكة أنهم مثل من قبلهم القرون لا يجدون من الموت والعذاب مفراً.

إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ

37- "إن في ذلك لذكرى" أي فيما ذكر من قصتهم تذكرة وموعظة "لمن كان له قلب" أي عقل. قال الفراء: وهذا جائز في العربية، تقول ما لك قلب وما قلبك معك: أي مالك عقل وما عقلك معك، وقيل المراد القلب نفسه، لأنه إذا كان سلمياً أدرك الحقائق وتفكر كما ينبغي. وقيل لمن كان له حياة ونفس مميزة، فعبر عن ذلك بالقلب لأنه وطنها ومعدن حياتها، ومنه قول امرئ القيس: أغرك مني أن حبك قاتلي وأنك مهما تأمري النفس تفعل "أو ألقى السمع" أي استمع ما يقال له، يقال ألقى سمعك إلي: أي استمع مني، والمعنى: أنه ألقى السمع إلى ما يتلى عليه من الوحي الحاكي لما جرى على تلك الأمم. قرأ الجمهور "ألقى" مبنياً للفاعل. وقرأ السلمي وطلحة والسدي على البناء للمفعول ورفع السمع "وهو شهيد" أي حاضر الفهم أو حاضر القلب لأن من لا يفهم في حكم الغائب وإن حضر بجسمه فهو لم يحضر بفهمه. قال الزجاج: أي وقلبه حاضر فيما يسمع. قال سفيان: أي لا يكون حاضراً وقلبه غائب. قال مجاهد وقتادة: هذه الآية في أهل الكتاب وكذا قال الحسن. وقال محمد بن كعب وأبو صالح: إنها في أهل القرآن خاصة.

وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ

38- "ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام" قد تقدم تفسير هذه الآية في سورة الأعراف وغيرها "وما مسنا من لغوب" اللغوب: التعب والإعياء، تقول غب يلغب بالضم لغوباً. قال الواحدي: قال جماعة المفسير إن اليهود قالوا: خلق الله السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، أولها الأحد وآخرها الجمعة، واستراح يوم السبت.

فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ

فأكذبهم الله تعالى بقوله: 39- " وما مسنا من لغوب * فاصبر على ما يقولون " تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم وأمر لهم بالصبر على ما يقوله المشركون: أي هون عليك، ولا تحزن لقولهم وتلق ما يرد عليك منه بالصبر "وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب" أي نزه الله عما لا يليق به بجنابه العالي ملتبساً بحمده وقت الفجر ووقت العصر، وقيل المراد صلاة الفجر وصلاة العصر، وقيل الصلوات الخمس، وقيل صل ركعتين. قبل طولع الشمس وركعتين قبل غروبها، والأول أولى.

وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ

40- "ومن الليل فسبحه" من للتبعيض: أي سبحه بعض الليل، وقيل هي صلاة الليل، وقيل ركعتا الفجر، وقيل صلاة العشاء، والأول أولى " وأدبار السجود " أي وسبحه أعقاب الصلوات. قرأ الجمهور "أدبار" بفتح الهمزة جمع دبر. وقرأ نافع وابن كثير وحمزة بكسرها على المصدر، من أدبر الشيء إدباراً: إذا ولى. وقال جماعة من الصحابة والتابعين: إدبار السجود الركعتان بعد المغرب، وإدبار النجوم الركعتان قبل الفجر. وقد اتفق القراء السبعة في "إدبار النجوم" أنه بكسر الهمزة كما سيأتي.

وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ

41- "واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب" أي استمع ما يوحى إليك من أحوال القيامة: يوم ينادي المناد، وهو إسرافيل أو جبريل، وقيل استمع النداء أو الصوت أو الصيحة، وهي صيحة القيامة: أعني النفخة الثانية في الصور من إسرافيل، وقيل إسرافيل ينفخ، وجبريل ينادي أهل المحشر، ويقول: هلموا للحساب، فالنداء على هذا في المحشر. قال مقاتل: هو إسرافيل ينادي بالحشر فيقول: يا أيها الناس هلموا للحساب "من مكان قريب" بحيث يصل النداء إلى كل فرد من أفراد أهل المحشر. قال قتادة: كنا نحدث أنه ينادي من صخرة بيت المقدس. قال الكلبي: وهي أقرب الأرض إلى السماء باثني عشر ميلاً. وقال كعب: بثمانية عشر ميلاً.

يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ

42- " يوم يسمعون الصيحة بالحق " هو بدل من يوم ينادي : يعني صيحة البعث ، وبالحق متعلق بالصيحة " ذلك يوم الخروج " أي يوم الخروج من القبور . قال الكلبي : معنى بالحق بالبعث . قال مقاتل : يعني أنها كائنة حقا .

إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ

43- "إنا نحن نحيي ونميت" أي نحيي في الآخرة ونميت في الدنيا لا يشاركنا في ذلك مشارك، والجملة مستأنفة لتقرير أمر البعث "وإلينا المصير" فنجازي كل عامل بعمله.

يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ

44- "يوم تشقق الأرض عنهم" قرأ الجمهور بإدغام التاء في الشين. وقرأ الكوفيون بتخفيف الشين على حذف إحدى التاءين تخفيفاً. وقرأ زيد بن علي: تتشقق بإثبات التاءين على الأصل، وقرئ على البناء للمفعول، وانتصاب "سراعاً" على أنه حال من الضمير في عنهم، والعامل في الحال تشقق، وقيل العامل في الحال هو العامل في يوم: أي مسرعين إلى المنادي الذي ناداهم "ذلك حشر" أي بعث وجمع "علينا يسير" هين.

نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ

ثم عزى الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: 45- "نحن أعلم بما يقولون" يعني من تكذيبك فيما جئت به ومن إنكار البعث والتوحيد "وما أنت عليهم بجبار" أي بمسلك يجبرهم ويقهرهم على الإيمان، والآية منسوخة بآية السيف "فذكر بالقرآن من يخاف وعيد" أي من يخاف وعيدي لعصاتي بالعذاب، وأما من عداهم فلا تشتغل بهم، ثم أمره الله سبحانه بعد ذلك بالقتال. وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس "وما مسنا من لغوب" قال: من نصب. وأخرج الطبراني في الأوسط وابن عساكر عن جرير بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس" صلاة الصبح "وقبل الغروب" صلاة العصر. وأخرج الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس قال: "بت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ركعتين خفيفتين قبل صلاة الفجر، ثم خرج إلى الصلاة فقال: يابن عباس ركعتان قبل صلاة الفجر إدبار النجوم وركعتان بعد المغرب إدبار السجود". وأخرج مسدد في مسنده وابن المنذر وابن مردويه عن علي بن أبي طالب قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إدبار النجوم وإدبار السجود، فقال: إدبار السجود ركعتان بعد المغرب، وإدبار النجوم الركعتان قبل الغداة". وأخرج محمد بن نصر في الصلاة وابن المنذر عن عمر بن الخطاب: إدبار السجود ركعتان بعد المغرب، وإدبار النجوم ركعتان قبل الفجر. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن نصر وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الأسماء والصفات عن علي بن أبي طالب مثله. وأخرج البخاري وغيره عن مجاهد قال: قال ابن عباس: أمره أن يسبح في أدبار الصلوات كلها. وأخرج ابن جرير عنه "واستمع يوم يناد المناد" قال: هي الصيحة. وأخرج الواسطي عنه أيضاً "من مكان قريب" قال: من صخرة بيت المقدس. وأخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر عنه أيضاً "ذلك يوم الخروج" قال: يوم يخرجون إلى البعث من القبور. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال: قالوا: يا رسول الله لو خوفتنا، فنزلت: "فذكر بالقرآن من يخاف وعيد".


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس