islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

تفسير القرطبى
16330

48-الفتح

إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا

أَيْ يُقَال لِلزَّبَانِيَةِ خُذُوهُ ; يَعْنِي الْأَثِيم .|فَاعْتِلُوهُ|أَيْ جُرُّوهُ وَسُوقُوهُ . وَالْعُتُلّ : أَنْ تَأْخُذ بِتَلَابِيب الرَّجُل فَتَعْتِلهُ , أَيْ تَجُرّهُ إِلَيْك لِتَذْهَب بِهِ إِلَى حَبْس أَوْ بَلِيَّة . عَتَلْت الرَّجُل أَعْتِلهُ وَأَعْتُلُهُ عَتْلًا إِذَا جَذَبْته جَذْبًا عَنِيفًا . وَرَجُل , مِعْتَل ( بِالْكَسْرِ ) . وَقَالَ يَصِف فَرَسًا : <br>نَفْرَعهُ فَرْعًا وَلَسْنَا نَعْتِلهُ <br>وَفِيهِ لُغَتَانِ ; عَتَلَهُ وَعَتَنَهُ ( بِاللَّامِ وَالنُّون جَمِيعًا ) , قَالَهُ اِبْن السِّكِّيت . وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ وَأَبُو عَمْرو | فَاعْتِلُوهُ | بِالْكَسْرِ . وَضَمَّ الْبَاقُونَ .|إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ|وَسَط الْجَحِيم .

لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا

قَالَ مُقَاتِل : يَضْرِب مَالِك خَازِن النَّار ضَرْبَة . عَلَى رَأْس أَبِي جَهْل بِمَقْمَعٍ مِنْ حَدِيد , فَيَتَفَتَّت رَأْسه عَنْ دِمَاغه , فَيَجْرِي دِمَاغه عَلَى جَسَده , ثُمَّ يَصُبّ الْمَلَك فِيهِ مَاء حَمِيمًا قَدْ اِنْتَهَى حَرّه فَيَقَع فِي بَطْنه ; فَيَقُول الْمَلَك : ذُقْ الْعَذَاب . وَنَظِيره | يُصَبّ مِنْ فَوْق رُءُوسهمْ الْحَمِيم | [ الْحَجّ : 19 ] .

وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا

قَالَ اِبْن الْأَنْبَارِيّ : أَجْمَعَتْ الْعَوَامّ عَلَى كَسْر | إِنَّ | وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَن عَنْ عَلِيّ رَحِمَهُ اللَّه | ذُقْ أَنَّك | بِفَتْحِ | أَنَّ | , وَبِهَا قَرَأَ الْكِسَائِيّ . فَمَنْ كَسَرَ | إِنَّ | وَقَفَ عَلَى ذُقْ | . وَمَنْ فَتَحَهَا لَمْ يَقِف عَلَى | ذُقْ | ; لِأَنَّ الْمَعْنَى ذُقْ لِأَنَّك وَبِأَنَّك أَنْتَ الْعَزِيز الْكَرِيم . قَالَ قَتَادَة : نَزَلَتْ فِي أَبِي جَهْل وَكَانَ قَدْ قَالَ : مَا فِيهَا أَعَزّ مِنِّي وَلَا أَكْرَم ; فَلِذَلِكَ قِيلَ لَهُ : | ذُقْ إِنَّك أَنْتَ الْعَزِيز الْكَرِيم | . وَقَالَ عِكْرِمَة : اِلْتَقَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو جَهْل فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّه أَمَرَنِي أَنْ أَقُول لَك أَوْلَى لَك فَأَوْلَى ) فَقَالَ : بِأَيِّ شَيْء تُهَدِّدنِي ! وَاَللَّه مَا تَسْتَطِيع أَنْتَ وَلَا رَبّك أَنْ تَفْعَلَا بِي شَيْئًا , إِنِّي لَمِنْ أَعَزّ هَذَا الْوَادِي وَأَكْرَمه عَلَى قَوْمه ; فَقَتَلَهُ اللَّه يَوْم بَدْر وَأَذَلَّهُ وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة . أَيْ يَقُول لَهُ الْمَلَك : ذُقْ إِنَّك أَنْتَ الْعَزِيز الْكَرِيم بِزَعْمِك . وَقِيلَ : هُوَ عَلَى مَعْنَى الِاسْتِخْفَاف وَالتَّوْبِيخ وَالِاسْتِهْزَاء وَالْإِهَانَة وَالتَّنْقِيص ; أَيْ قَالَ لَهُ : إِنَّك أَنْتَ الذَّلِيل الْمُهَان . وَهُوَ كَمَا قَالَ قَوْم شُعَيْب لِشُعَيْبٍ : | إِنَّك لَأَنْتَ الْحَلِيم الرَّشِيد | [ هُود : 87 ] يَعْنُونَ السَّفِيه الْجَاهِل فِي أَحَد التَّأْوِيلَات عَلَى مَا تَقَدَّمَ . وَهَذَا قَوْل سَعِيد بْن جُبَيْر .

هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا

أَيْ تَقُول لَهُمْ الْمَلَائِكَة : إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ تَشُكُّونَ فِيهِ فِي الدُّنْيَا .

لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا

لَمَّا ذَكَرَ مُسْتَقَرّ الْكَافِرِينَ وَعَذَابهمْ ذَكَرَ نُزُل الْمُؤْمِنِينَ وَنَعِيمهمْ . وَقَرَأَ نَافِع وَابْن عَامِر | فِي مُقَام | بِضَمِّ الْمِيم . الْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ . قَالَ الْكِسَائِيّ : الْمُقَام الْمَكَان , وَالْمُقَام الْإِقَامَة , كَمَا قَالَ : <br>عَفَتْ الدِّيَار مَحَلّهَا فَمُقَامهَا <br>قَالَ الْجَوْهَرِيّ : وَأَمَّا الْمَقَام وَالْمُقَام فَقَدْ يَكُون كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا بِمَعْنَى الْإِقَامَة , وَقَدْ يَكُون بِمَعْنَى مَوْضِع الْقِيَام ; لِأَنَّك إِذَا جَعَلْته مِنْ قَامَ يَقُوم فَمَفْتُوح , وَإِنْ جَعَلْته مِنْ أَقَامَ يُقِيم فَمَضْمُوم , لِأَنَّ الْفِعْل إِذَا جَاوَزَ الثَّلَاث فَالْمَوْضِع مَضْمُوم الْمِيم , لِأَنَّهُ مُشَبَّه بِبَنَاتِ الْأَرْبَعَة , نَحْو دَحْرَجَ وَهَذَا مُدَحْرِجنَا . وَقِيلَ : الْمَقَام ( بِالْفَتْحِ ) الْمَشْهَد وَالْمَجْلِس , و ( بِالضَّمِّ ) يُمْكِن أَنْ يُرَاد بِهِ الْمَكَان , وَيُمْكِن أَنْ يَكُون مَصْدَرًا وَيُقَدَّر فِيهِ الْمُضَاف , أَيْ فِي مَوْضِع إِقَامَة . | أَمِين | يُؤْمِن فِيهِ مِنْ الْآفَات

وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا

بَدَل | مِنْ مَقَام أَمِين | .

وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا

لَا يَرَى بَعْضهمْ قَفَا بَعْض , مُتَوَاجِهِينَ يَدُور بِهِمْ مَجْلِسهمْ حَيْثُ دَارُوا . وَالسُّنْدُس : مَا رَقَّ مِنْ الدِّيبَاج . وَالْإِسْتَبْرَق : مَا غَلُظَ مِنْهُ . وَقَدْ مَضَى فِي | الْكَهْف | .

إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا

أَيْ الْأَمْر كَذَلِكَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ . فَيُوقَف عَلَى | كَذَلِكَ | . وَقِيلَ : أَيْ كَمَا أَدْخَلْنَاهُمْ الْجَنَّة وَفَعَلْنَا بِهِمْ مَا تَقَدَّمَ ذِكْره , كَذَلِكَ أَكْرَمْنَاهُمْ بِأَنْ|وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ|وَقَدْ مَضَى الْكَلَام فِي الْعِين فِي | وَالصَّافَّات | . وَالْحُور : الْبِيض ; فِي قَوْل قَتَادَة وَالْعَامَّة , جَمْع حَوْرَاء . وَالْحَوْرَاء : الْبَيْضَاء الَّتِي يُرَى سَاقهَا مِنْ وَرَاء ثِيَابهَا , وَيَرَى النَّاظِر وَجْهه فِي كَعْبهَا ; كَالْمِرْآةِ مِنْ دِقَّة الْجِلْد وَبَضَاضَة الْبَشَرَة وَصَفَاء اللَّوْن . وَدَلِيل , هَذَا التَّأْوِيل أَنَّهَا فِي حَرْف اِبْن مَسْعُود | بِعِيسٍ عِين | . وَذَكَرَ أَبُو بَكْر الْأَنْبَارِيّ أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن الْحُسَيْن قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْن قَالَ حَدَّثَنَا عَمَّار بْن مُحَمَّد قَالَ : صَلَّيْت خَلْف مَنْصُور بْن الْمُعْتَمِر فَقَرَأَ فِي | حم | الدُّخَان | بِعِيسٍ عِين . لَا يَذُوقُونَ طَعْم الْمَوْت إِلَّا الْمَوْتَة الْأُولَى | . وَالْعِيس : الْبِيض ; وَمِنْهُ قِيلَ لِلْإِبِلِ الْبِيض : عِيس , وَاحِدهَا بَعِير أَعْيَس وَنَاقَة عَيْسَاء . قَالَ اِمْرُؤُ الْقَيْس : <br>يَرُعْنَ إِلَى صَوْتِي إِذَا مَا سَمِعْنَهُ .......... كَمَا تَرْعَوِي عِيط إِلَى صَوْت أَعْيَسَا <br>فَمَعْنَى الْحُور هُنَا : الْحِسَان الثَّاقِبَات الْبَيَاض بِحُسْنٍ . وَذَكَرَ اِبْن الْمُبَارَك أَخْبَرَنَا مَعْمَر عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ عَمْرو بْن مَيْمُون الْأَوْدِيّ عَنْ اِبْن مَسْعُود قَالَ : إِنَّ الْمَرْأَة مِنْ الْحُور الْعِين لَيُرَى مُخّ سَاقهَا مِنْ وَرَاء اللَّحْم وَالْعَظْم , وَمِنْ تَحْت سَبْعِينَ حُلَّة , كَمَا يُرَى الشَّرَاب الْأَحْمَر فِي الزُّجَاجَة الْبَيْضَاء . وَقَالَ مُجَاهِد : إِنَّمَا سُمِّيَتْ الْحُور حُورًا لِأَنَّهُنَّ يَحَار الطَّرْف فِي حُسْنهنَّ وَبَيَاضهنَّ وَصَفَاء لَوْنهنَّ . وَقِيلَ : إِنَّمَا قِيلَ لَهُنَّ حُور لِحُورِ أَعْيُنهنَّ . وَالْحُور : شِدَّة بَيَاض الْعَيْن فِي شِدَّة سَوَادهَا . اِمْرَأَة حَوْرَاء بَيِّنَة الْحُور . يُقَال : اِحْوَرَّتْ عَيْنه اِحْوِرَارًا , وَاحْوَرَّ الشَّيْء اِبْيَضَّ . قَالَ الْأَصْمَعِيّ : مَا أَدْرِي مَا الْحُور فِي الْعِين ؟ وَقَالَ أَبُو عَمْرو : الْحُور أَنْ تَسْوَدّ الْعَيْن كُلّهَا مِثْل أَعْيُن الظِّبَاء وَالْبَقَر . قَالَ : وَلَيْسَ فِي بَنِي آدَم حُور ; وَإِنَّمَا قِيلَ لِلنِّسَاءِ : حُور الْعِين لِأَنَّهُنَّ يُشْبِهْنَ بِالظِّبَاءِ وَالْبَقَر . وَقَالَ الْعَجَّاج : <br>بِأَعْيُنٍ مُحَوَّرَات حُور <br>يَعْنِي الْأَعْيُن النَّقِيَّات الْبَيَاض الشَّدِيدَات سَوَاد الْحَدْق . وَالْعِين جَمْع عَيْنَاء ; وَهِيَ الْوَاسِعَة الْعَظِيمَة الْعَيْنَيْنِ . وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مُهُور الْحُور الْعِين قَبَضَات التَّمْر وَفِلَق الْخُبْز ) . وَعَنْ أَبِي قِرْصَافَة سَمِعْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : ( إِخْرَاج الْقُمَامَة مِنْ الْمَسْجِد مُهُور الْحُور الْعِين ) . وَعَنْ أَنَس أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( كَنْس الْمَسَاجِد مُهُور الْحُور الْعِين ) ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيّ رَحِمَهُ اللَّه . وَقَدْ أَفْرَدْنَا لِهَذَا الْمَعْنَى بَابًا مُفْرَدًا فِي ( كِتَاب التَّذْكِرَة ) وَالْحَمْد لِلَّهِ . وَاخْتُلِفَ أَيّمَا أَفْضَل فِي الْجَنَّة ; نِسَاء الْآدَمِيَّات أَمْ الْحُور ؟ فَذَكَرَ اِبْن الْمُبَارَك قَالَ : وَأَخْبَرَنَا رِشْدِين عَنْ اِبْن أَنْعُم عَنْ حِبَّان بْن أَبِي جَبَلَة قَالَ : إِنَّ نِسَاء الْآدَمِيَّات مَنْ دَخَلَ مِنْهُنَّ الْجَنَّة فُضِّلْنَ عَلَى الْحُور الْعِين بِمَا عَمِلْنَ فِي الدُّنْيَا . وَرُوِيَ مَرْفُوعًا إِنَّ ( الْآدَمِيَّات أَفْضَل مِنْ الْحُور الْعِين بِسَبْعِينَ أَلْف ضِعْف ) . وَقِيلَ : إِنَّ الْحُور الْعِين أَفْضَل ; لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَام فِي دُعَائِهِ : ( وَأَبْدِلْهُ زَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجه ) . وَاَللَّه أَعْلَم . وَقَرَأَ عِكْرِمَة | بِحُورِ عِين | مُضَاف . وَالْإِضَافَة وَالتَّنْوِين فِي | بِحُورٍ عِين | سَوَاء .

لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا

قَالَ قَتَادَة : | آمِنِينَ | مِنْ الْمَوْت وَالْوَصَب وَالشَّيْطَان . وَقِيلَ : آمِنِينَ مِنْ اِنْقِطَاع مَا هُمْ فِيهِ مِنْ النَّعِيم , أَوْ مِنْ أَنْ يَنَالهُمْ مِنْ أَكْلهَا أَذًى أَوْ مَكْرُوه .

إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا

أَيْ لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْت الْبَتَّة لِأَنَّهُمْ خَالِدُونَ فِيهَا . ثُمَّ قَالَ : | إِلَّا الْمَوْتَة الْأُولَى | عَلَى الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطِع ; أَيْ لَكِنَّ الْمَوْتَة الْأُولَى قَدْ ذَاقُوهَا فِي الدُّنْيَا . وَأَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ : <br>مَنْ كَانَ أَسْرَعَ فِي تَفَرُّق فَالِج .......... فَلَبُونه جَرِبَتْ مَعًا وَأَغَدَّتِ <br>ثُمَّ اِسْتَثْنَى بِمَا لَيْسَ مِنْ الْأَوَّل فَقَالَ : <br>إِلَّا كَنَاشِرَةِ الَّذِي ضَيَّعْتُمْ .......... كَالْغُصْنِ فِي غُلَوَائِهِ الْمُتَنَبَّت <br>وَقِيلَ : إِنَّ | إِلَّا | بِمَعْنَى بَعْد ; كَقَوْلِك : مَا كَلَّمْت رَجُلًا الْيَوْم إِلَّا رَجُلًا عِنْدك , أَيْ بَعْد رَجُل عِنْدك . وَقِيلَ : | إِلَّا | بِمَعْنَى سِوَى , أَيْ سِوَى الْمَوْتَة الَّتِي مَاتُوهَا فِي الدُّنْيَا , كَقَوْلِهِ تَعَالَى : | وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ | [ النِّسَاء : 22 ] . وَهُوَ كَمَا تَقُول : مَا ذُقْت الْيَوْم طَعَامًا سِوَى مَا أَكَلْت أَمْس . وَقَالَ الْقُتَبِيّ : | إِلَّا الْمَوْتَة الْأُولَى | مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُؤْمِن إِذَا أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْت اِسْتَقْبَلَتْهُ مَلَائِكَة الرَّحْمَة وَيَلْقَى الرَّوْح وَالرَّيْحَان , وَكَانَ مَوْته فِي الْجَنَّة لِاتِّصَافِهِ بِأَسْبَابِهَا , فَهُوَ اِسْتِثْنَاء صَحِيح . وَالْمَوْت عَرَض لَا يُذَاق , وَلَكِنْ جُعِلَ كَالطَّعَامِ الَّذِي يُكْرَه ذَوْقه , فَاسْتُعِيرَ فِيهِ لَفْظ الذَّوْق . | وَوَقَاهُمْ عَذَاب الْجَحِيم . فَضْلًا مِنْ رَبّك | أَيْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ تَفَضُّلًا مِنْهُ عَلَيْهِمْ . ف | فَضْلًا | مَصْدَر عَمَل فِيهِ | يَدْعُونَ | . وَقِيلَ : الْعَامِل فِيهِ | وَوَقَاهُمْ | وَقِيلَ : فِعْل مُضْمَر . وَقِيلَ : مَعْنَى الْكَلَام الَّذِي قَبْله , لِأَنَّهُ تَفَضُّل مِنْهُ عَلَيْهِمْ , إِذْ وَفَّقَهُمْ فِي الدُّنْيَا إِلَى أَعْمَال يَدْخُلُونَ بِهَا الْجَنَّة .

سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُ

أَيْ السَّعَادَة وَالرِّبْح الْعَظِيم وَالنَّجَاة الْعَظِيمَة . وَقِيلَ : هُوَ مِنْ قَوْلك فَازَ بِكَذَا , أَيْ نَالَهُ وَظَفِرَ بِهِ .

بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا

يَعْنِي الْقُرْآن , أَيْ سَهَّلْنَاهُ بِلُغَتِك عَلَيْك وَعَلَى مَنْ يَقْرَؤُهُ ( لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) أَيْ يَتَّعِظُونَ وَيَنْزَجِرُونَ . وَنَظِيره : | وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآن لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِر | [ الْقَمَر : 17 ] فَخَتَمَ السُّورَة بِالْحَثِّ عَلَى اِتِّبَاع الْقُرْآن وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَذْكُورًا , كَمَا قَالَ فِي مُفْتَتَح السُّورَة : | إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة مُبَارَكَة | [ الدُّخَان : 3 ] , | إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقَدْر | [ الْقَدْر : 1 ] عَلَى مَا تَقَدَّمَ .

وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا

أَيْ اِنْتَظِرْ مَا وَعَدْتُك مِنْ النَّصْر عَلَيْهِمْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ لَك الْمَوْت ; حَكَاهُ النَّقَّاش . وَقِيلَ : اِنْتَظِرْ الْفَتْح مِنْ رَبّك إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ بِزَعْمِهِمْ قَهْرك . وَقِيلَ : اِنْتَظِرْ أَنْ يَحْكُم اللَّه بَيْنك وَبَيْنهمْ فَإِنَّهُمْ يَنْتَظِرُونَ بِك رَيْب الْحَدَثَانِ . وَالْمَعْنَى مُتَقَارِب . وَقِيلَ : اِرْتَقِبْ مَا وَعَدْتُك مِنْ الثَّوَاب فَإِنَّهُمْ كَالْمُنْتَظِرِينَ لِمَا وَعَدْتهمْ مِنْ الْعِقَاب . وَقِيلَ : اِرْتَقِبْ يَوْم الْقِيَامَة فَإِنَّهُ يَوْم الْفَصْل , وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدُوا وُقُوع الْقِيَامَة , جُعِلُوا كَالْمُرْتَقِبِينَ لِأَنَّ عَاقِبَتهمْ ذَلِكَ . وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم .

وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا

سُورَة الْجَاثِيَة مَكِّيَّة كُلّهَا فِي قَوْل الْحَسَن وَجَابِر وَعِكْرِمَة . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَقَتَادَة : إِلَّا آيَة , هِيَ | قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّام اللَّه | [ الْجَاثِيَة : 14 ] نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ فِي عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ; ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيّ . وَقَالَ الْمَهْدَوِيّ وَالنَّحَّاس عَنْ اِبْن عَبَّاس : إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , شَتَمَهُ رَجُل مِنْ الْمُشْرِكِينَ بِمَكَّة قَبْل الْهِجْرَة . فَأَرَادَ أَنْ يَبْطِش بِهِ , فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : | قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّام اللَّه | [ الْجَاثِيَة : 14 ] ثُمَّ نُسِخَتْ بِقَوْلِهِ : | فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ | [ التَّوْبَة : 5 ] . فَالسُّورَة كُلّهَا مَكِّيَّة عَلَى هَذَا مِنْ غَيْر خِلَاف . وَهِيَ سَبْع وَثَلَاثُونَ آيَة . وَقِيلَ سِتّ .</p><p>اُخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ ; فَقَالَ عِكْرِمَة : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( | حم | اِسْم مِنْ أَسْمَاء اللَّه تَعَالَى وَهِيَ مَفَاتِيح خَزَائِن رَبّك ) قَالَ اِبْن عَبَّاس : | حم | اِسْم اللَّه الْأَعْظَم . وَعَنْهُ : | الر | و | حم | و | ن | حُرُوف الرَّحْمَن مُقَطَّعَة . وَعَنْهُ أَيْضًا : اِسْم مِنْ أَسْمَاء اللَّه تَعَالَى أَقْسَمَ بِهِ . وَقَالَ قَتَادَة : إِنَّهُ اِسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن . مُجَاهِد : فَوَاتِح السُّوَر . وَقَالَ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ : الْحَاء اِفْتِتَاح اِسْمه حَمِيد وَحَنَّان وَحَلِيم وَحَكِيم , وَالْمِيم اِفْتِتَاح اِسْمه مَلِك وَمَجِيد وَمَنَّان وَمُتَكَبِّر وَمُصَوِّر ; يَدُلّ عَلَيْهِ مَا رَوَى أَنَس أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا | حم | فَإِنَّا لَا نَعْرِفهَا فِي لِسَاننَا ؟ فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( بَدْء أَسْمَاء وَفَوَاتِح سُوَر ) وَقَالَ الضَّحَّاك وَالْكِسَائِيّ : مَعْنَاهُ قُضِيَ مَا هُوَ كَائِن . كَأَنَّهُ أَرَادَ الْإِشَارَة إِلَى تَهَجِّي | حم | ; لِأَنَّهَا تَصِير حُمّ بِضَمِّ الْحَاء وَتَشْدِيد الْمِيم ; أَيْ قُضِيَ وَوَقَعَ . وَقَالَ كَعْب بْن مَالِك : <br>فَلَمَّا تَلَاقَيْنَاهُمْ وَدَارَتْ بِنَا الرَّحَى .......... وَلَيْسَ لِأَمْرٍ حَمَّهُ اللَّه مَدْفَعُ <br>وَعَنْهُ أَيْضًا : إِنَّ الْمَعْنَى حم أَمْر اللَّه أَيْ قَرُبَ ; كَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>قَدْ حُمَّ يَوْمِي فَسُرَّ قَوْم .......... قَوْم بِهِمْ غَفْلَة وَنَوْمُ <br>وَمِنْهُ سُمِّيَتْ الْحُمَّى ; لِأَنَّهَا تُقَرِّب مِنْ الْمَنِيَّة . وَالْمَعْنَى الْمُرَاد قُرْب نَصْره لِأَوْلِيَائِهِ , وَانْتِقَامه مِنْ أَعْدَائِهِ كَيَوْمِ بَدْر . وَقِيلَ : حُرُوف هِجَاء ; قَالَ الْجَرْمِيّ : وَلِهَذَا تُقْرَأ سَاكِنَة الْحُرُوف فَخَرَجَتْ مَخْرَج التَّهَجِّي وَإِذَا سُمِّيَتْ سُورَة بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْحُرُوف أُعْرِبَتْ ; فَتَقُول : قَرَأْت | حم | فَتَنْصِب ; قَالَ الشَّاعِر : <br>يُذَكِّرنِي حَامِيم وَالرُّمْح شَاجِر .......... فَهَلَّا تَلَا حَامِيم قَبْل التَّقَدُّم <br>وَقَرَأَ عِيسَى بْن عُمَر الثَّقَفِيّ : | حم | بِفَتْحِ الْمِيم عَلَى مَعْنَى اِقْرَأْ حم أَوْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ . اِبْن أَبِي إِسْحَاق وَأَبُو السَّمَّال بِكَسْرِهَا . وَالْإِمَالَة وَالْكَسْر لِلِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ , أَوْ عَلَى وَجْه الْقَسَم . وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَر بِقَطْعِ الْحَاء مِنْ الْمِيم . الْبَاقُونَ بِالْوَصْلِ . وَكَذَلِكَ فِي | حم . عسق | . وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو وَأَبُو بَكْر وَحَمْزَة وَالْكِسَائِيّ وَخَلَف وَابْن ذَكْوَان بِالْإِمَالَةِ فِي الْحَاء . وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عَمْرو بَيْن اللَّفْظَيْنِ وَهِيَ قِرَاءَة نَافِع وَأَبِي جَعْفَر وَشَيْبَة . الْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ مُشْبَعًا .

سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَ

| حم | مُبْتَدَأ و | تَنْزِيل | خَبَره .</p><p>وَقَالَ بَعْضهمْ : | حم | اِسْم السُّورَة . و | تَنْزِيل الْكِتَاب | مُبْتَدَأ . وَخَبَره | مِنْ اللَّه | . وَالْكِتَاب الْقُرْآن .|الْعَزِيزِ|الْمَنِيع .|الْحَكِيمِ|الْحَكِيم فِي فِعْله

قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيم

أَيْ فِي خَلْقهمَا

لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا

| وَمَا يَبُثّ مِنْ دَابَّة آيَات | وَتَصْرِيف الرِّيَاح آيَات | بِالرَّفْعِ فِيهِمَا . وَقَرَأَ حَمْزَة وَالْكِسَائِيّ بِكَسْرِ التَّاء فِيهِمَا . وَلَا خِلَاف فِي الْأَوَّل أَنَّهُ بِالنَّصْبِ عَلَى اِسْم | إِنَّ | وَخَبَرهَا | فِي السَّمَوَات | . وَوَجْه الْكَسْر فِي | آيَات | الثَّانِي الْعَطْف عَلَى مَا عَمِلَتْ فِيهِ ; التَّقْدِير : إِنَّ فِي خَلْقكُمْ وَمَا يَبُثّ مِنْ دَابَّة آيَات . فَأَمَّا الثَّالِث فَقِيلَ : إِنَّ وَجْه النَّصْب فِيهِ تَكْرِير | آيَات | لَمَّا طَالَ الْكَلَام ; كَمَا تَقُول : ضَرَبَ زَيْدًا زَيْدًا . وَقِيلَ : إِنَّهُ عَلَى الْحَمْل عَلَى مَا عَمِلْت فِيهِ | إِنَّ | عَلَى تَقْدِير حَذْف | فِي | ; التَّقْدِير : وَفِي اِخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار آيَات . فَحُذِفَتْ | فِي | لِتَقَدُّمِ ذِكْرهَا . وَأَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ فِي الْحَذْف : <br>أَكُلّ اِمْرِئٍ تَحْسِبِينَ اِمْرَأً .......... وَنَارًا تُوقِد بِاللَّيْلِ نَارَا <br>فَحَذَفَ | كُلّ | الْمُضَاف إِلَى نَار الْمَجْرُورَة لِتَقَدُّمِ ذِكْرهَا . وَقِيلَ : هُوَ مِنْ بَاب الْعَطْف عَلَى عَامِلَيْنِ . وَلَمْ يُجِزْهُ سِيبَوَيْهِ , وَأَجَازَهُ الْأَخْفَش وَجَمَاعَة مِنْ الْكُوفِيِّينَ ; فَعَطَفَ | وَاخْتِلَاف | عَلَى قَوْله : ( وَفِي خَلْقكُمْ ) ثُمَّ قَالَ : ( وَتَصْرِيف الرِّيَاح آيَات ) فَيَحْتَاج إِلَى الْعَطْف عَلَى عَامِلَيْنِ , وَالْعَطْف عَلَى عَامِلَيْنِ قَبِيح مِنْ أَجْل أَنَّ حُرُوف الْعَطْف تَنُوب مَنَاب الْعَامِل , فَلَمْ تَقْوَ أَنْ تَنُوب مَنَاب عَامِلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ ; إِذْ لَوْ نَابَ مَنَاب رَافِع وَنَاصِب لَكَانَ رَافِعًا نَاصِبًا فِي حَال . وَأَمَّا قِرَاءَة الرَّفْع فَحَمْلًا عَلَى مَوْضِع | إِنَّ | مَعَ مَا عَمِلَتْ فِيهِ . وَقَدْ أَلْزَمَ النَّحْوِيُّونَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا الْعَطْف عَلَى عَامِلَيْنِ ; لِأَنَّهُ عَطْف | وَاخْتِلَاف | عَلَى | وَفِي خَلْقكُمْ | , وَعَطَفَ | آيَات | عَلَى مَوْضِع | آيَات | الْأَوَّل , وَلَكِنَّهُ يُقَدَّر عَلَى تَكْرِير | فِي | . وَيَجُوز أَنْ يُرْفَع عَلَى الْقَطْع مِمَّا قَبْله فَيُرْفَع بِالِابْتِدَاءِ , وَمَا قَبْله خَبَره , وَيَكُون عَطْف جُمْلَة عَلَى جُمْلَة . وَحَكَى الْفَرَّاء رَفْع | وَاخْتِلَاف | و | آيَات | جَمِيعًا , وَجَعَلَ الِاخْتِلَاف هُوَ الْآيَات .

لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا

يَعْنِي الْمَطَر|فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ|| وَتَصْرِيف الرِّيَاح آيَات | بِالرَّفْعِ وَقَرَأَ حَمْزَة وَالْكِسَائِيّ بِكَسْرِ التَّاء فِيهِمَا . وَلَا خِلَاف فِي الْأَوَّل أَنَّهُ بِالنَّصْبِ عَلَى اِسْم | إِنَّ | وَخَبَرهَا | فِي السَّمَوَات | . وَوَجْه الْكَسْر فِي | آيَات | الثَّانِي الْعَطْف عَلَى مَا عَمِلَتْ فِيهِ ; التَّقْدِير : إِنَّ فِي خَلْقكُمْ وَمَا يَبُثّ مِنْ دَابَّة آيَات . فَأَمَّا الثَّالِث فَقِيلَ : إِنَّ وَجْه النَّصْب فِيهِ تَكْرِير | آيَات | لَمَّا طَالَ الْكَلَام ; كَمَا تَقُول : ضَرَبَ زَيْدًا زَيْدًا . وَقِيلَ : إِنَّهُ عَلَى الْحَمْل عَلَى مَا عَمِلَتْ فِيهِ | إِنَّ | عَلَى تَقْدِير حَذْف | فِي | ; التَّقْدِير : وَفِي اِخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار آيَات . فَحُذِفَتْ | فِي | لِتَقَدُّمِ ذِكْرهَا . وَأَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ فِي الْحَذْف : <br>أَكُلّ اِمْرِئٍ تَحْسِبِينَ اِمْرَأً .......... وَنَارًا تُوقِد بِاللَّيْلِ نَارَا <br>فَحَذَفَ | كُلّ | الْمُضَاف إِلَى نَار الْمَجْرُورَة لِتَقَدُّمِ ذِكْرهَا . وَقِيلَ : هُوَ مِنْ بَاب الْعَطْف عَلَى عَامِلَيْنِ . وَلَمْ يُجِزْهُ سِيبَوَيْهِ , وَأَجَازَهُ الْأَخْفَش وَجَمَاعَة مِنْ الْكُوفِيِّينَ ; فَعَطَفَ | وَاخْتِلَاف | عَلَى قَوْله : ( وَفِي خَلْقكُمْ ) ثُمَّ قَالَ : ( وَتَصْرِيف الرِّيَاح آيَات ) فَيَحْتَاج إِلَى الْعَطْف عَلَى عَامِلَيْنِ , وَالْعَطْف عَلَى عَامِلَيْنِ قَبِيح مِنْ أَجْل أَنَّ حُرُوف الْعَطْف تَنُوب مَنَاب الْعَامِل , فَلَمْ تَقْوَ أَنْ تَنُوب مَنَاب عَامِلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ ; إِذْ لَوْ نَابَ مَنَاب رَافِع وَنَاصِب لَكَانَ رَافِعًا نَاصِبًا فِي حَال . وَأَمَّا قِرَاءَة الرَّفْع فَحَمْلًا عَلَى مَوْضِع | إِنَّ | مَعَ مَا عَمِلَتْ فِيهِ . وَقَدْ أَلْزَمَ النَّحْوِيُّونَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا الْعَطْف عَلَى عَامِلَيْنِ ; لِأَنَّهُ عَطْف | وَاخْتِلَاف | عَلَى | وَفِي خَلْقكُمْ | , وَعَطَفَ | آيَات | عَلَى مَوْضِع | آيَات | الْأَوَّل , وَلَكِنَّهُ يُقَدَّر عَلَى تَكْرِير | فِي | . وَيَجُوز أَنْ يُرْفَع عَلَى الْقَطْع مِمَّا قَبْله فَيُرْفَع بِالِابْتِدَاءِ , وَمَا قَبْله خَبَره , وَيَكُون عَطْف جُمْلَة عَلَى جُمْلَة . وَحَكَى الْفَرَّاء رَفْع | وَاخْتِلَاف | و | آيَات | جَمِيعًا , وَجَعَلَ الِاخْتِلَاف هُوَ الْآيَات .

وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا

أَيْ هَذِهِ آيَات اللَّه أَيْ حُجَجه وَبَرَاهِينه الدَّالَّة عَلَى وَحْدَانِيّته وَقُدْرَته .|نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ|أَيْ بِالصِّدْقِ الَّذِي لَا بَاطِل وَلَا كَذِب فِيهِ . وَقُرِئَ | يَتْلُوهَا | بِالْيَاءِ .|فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ|أَيْ بَعْد حَدِيث اللَّه وَقِيلَ بَعْد قُرْآنه|وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ|وَقِرَاءَة الْعَامَّة بِالْيَاءِ عَلَى الْخَبَر . وَقَرَأَ اِبْن مُحَيْصِن وَأَبُو بَكْر عَنْ عَاصِم وَحَمْزَة وَالْكِسَائِيّ | تُؤْمِنُونَ | بِالتَّاءِ عَلَى الْخِطَاب .

وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا

| وَيْل | وَادٍ فِي جَهَنَّم . تَوَعَّدَ مَنْ تَرَكَ الِاسْتِدْلَال بِآيَاتِهِ . وَالْأَفَّاك : الْكَذَّاب . وَالْإِفْك الْكَذِب . ( أَثِيم ) أَيْ مُرْتَكِب لِلْإِثْمِ . وَالْمُرَاد فِيمَا رُوِيَ : النَّضْر بْن الْحَارِث وَعَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ الْحَارِث بْن كَلْدَة . وَحَكَى الثَّعْلَبِيّ أَنَّهُ أَبُو جَهْل وَأَصْحَابه .

وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا

يَعْنِي آيَات الْقُرْآن .|ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا|أَيْ يَتَمَادَى عَلَى كُفْره مُتَعَظِّمًا فِي نَفْسه عَنْ الِانْقِيَاد مَأْخُوذ مِنْ صَرَّ الصُّرَّة إِذَا شَدَّهَا . قَالَ مَعْنَاهُ اِبْن عَبَّاس وَغَيْره . وَقِيلَ : أَصْله مِنْ إِصْرَار الْحِمَار عَلَى الْعَانَة وَهُوَ أَنْ يَنْحَنِي عَلَيْهَا صَارًّا أُذُنَيْهِ . وَ | أَنْ | مِنْ | كَأَنْ | مُخَفَّفَة مِنْ الثَّقِيلَة ; كَأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعهَا , وَالضَّمِير ضَمِير الشَّأْن ; كَمَا فِي قَوْله : <br>كَأَنْ ظَبْيَة تَعْطُو إِلَى نَاضِر السَّلَمْ <br>وَمَحَلّ الْجُمْلَة النَّصْب , أَيْ يُصِرّ مِثْل غَيْر السَّامِع . وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّل | لُقْمَان | الْقَوْل فِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَة|فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ|أَيْ مُؤْلِم .

وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا

نَحْو قَوْله فِي الزَّقُّوم : إِنَّهُ الزُّبْد وَالتَّمْر وَقَوْله فِي خَزَنَة جَهَنَّم : إِنْ كَانُوا تِسْعَة عَشَرَ فَأَنَا أَلْقَاهُمْ وَحْدِي .|أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ|مُذِلّ مُخْزٍ .

سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا

أَيْ مِنْ وَرَاء مَا هُمْ فِيهِ مِنْ التَّعَزُّز فِي الدُّنْيَا وَالتَّكَبُّر عَنْ الْحَقّ جَهَنَّم . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : | مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّم | أَيْ أَمَامهمْ , نَظِيره : | مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّم وَيُسْقَى مِنْ مَاء صَدِيد | [ إِبْرَاهِيم : 16 ] أَيْ مِنْ أَمَامه . قَالَ : <br>أَلَيْسَ وَرَائِي إِنْ تَرَاخَتْ مَنِيَّتِي .......... أَدُبّ مَعَ الْوِلْدَان أَزْحَف كَالنَّسْرِ<br>|وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا|أَيْ مِنْ الْمَال وَالْوَلَد ; نَظِيره : | لَنْ تُغْنِي عَنْهُمْ أَمْوَالهمْ وَلَا أَوْلَادهمْ مِنْ اللَّه شَيْئًا | [ آل عِمْرَان : 10 ] أَيْ مِنْ الْمَال وَالْوَلَد .|وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ|يَعْنِي الْأَصْنَام .|وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ|أَيْ دَائِم مُؤْلِم .

وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا

اِبْتِدَاء وَخَبَر ; يَعْنِي الْقُرْآن . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : يَعْنِي كُلّ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .|وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ|أَيْ جَحَدُوا دَلَائِله .|لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ|الرِّجْز الْعَذَاب ; أَيْ لَهُمْ عَذَاب مِنْ عَذَاب أَلِيم دَلِيله قَوْله تَعَالَى : | فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنْ السَّمَاء | [ الْبَقَرَة : 59 ] أَيْ عَذَابًا . وَقِيلَ : الرِّجْز الْقَذَر مِثْل الرِّجْس ; وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : | وَيُسْقَى مِنْ مَاء صَدِيد | [ إِبْرَاهِيم : 16 ] أَيْ لَهُمْ عَذَاب مِنْ تَجَرُّع الشَّرَاب الْقَذِر . وَضَمَّ الرَّاء مِنْ الرِّجْز اِبْن مُحَيْصِن حَيْثُ وَقَعَ . وَقَرَأَ اِبْن كَثِير وَابْن مُحَيْصِن وَحَفْص | أَلِيم | بِالرَّفْعِ ; عَلَى مَعْنَى لَهُمْ عَذَاب أَلِيم مِنْ رِجْز . الْبَاقُونَ بِالْخَفْضِ نَعْتًا لِلرِّجْزِ .

هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْ

إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ | ذَكَرَ كَمَال قُدْرَته وَتَمَام نِعْمَته عَلَى عِبَاده , وَبَيَّنَ أَنَّهُ خَلَقَ مَا خَلَقَ لِمَنَافِعِهِمْ .

إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ

يَعْنِي أَنَّ ذَلِكَ فِعْله وَخَلْقه وَإِحْسَان مِنْهُ وَإِنْعَام . وَقَرَأَ اِبْن عَبَّاس وَالْجَحْدَرِيّ وَغَيْرهمَا | جَمِيعًا مِنَّهًا | بِكَسْرِ الْمِيم وَتَشْدِيد النُّون وَتَنْوِين الْهَاء , مَنْصُوبًا عَلَى الْمَصْدَر . قَالَ أَبُو عَمْرو : وَكَذَلِكَ سَمِعْت مَسْلَمَة يَقْرَؤُهَا | مِنْهُ | أَيْ تَفَضُّلًا وَكَرَمًا . وَعَنْ مَسْلَمَة بْن مُحَارِب أَيْضًا | جَمِيعًا مَنّه | عَلَى إِضَافَة الْمَنّ إِلَى هَاء الْكِنَايَة . وَهُوَ عِنْد أَبِي حَاتِم خَبَر اِبْتِدَاء مَحْذُوف , أَيْ ذَلِكَ , أَوْ هُوَ مِنْهُ . وَقِرَاءَة الْجَمَاعَة ظَاهِرَة .

لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا

جُزِمَ عَلَى جَوَاب | قُلْ | تَشْبِيهًا بِالشَّرْطِ وَالْجَزَاء كَقَوْلِك : قُمْ تُصِبْ خَيْرًا . وَقِيلَ : هُوَ عَلَى حَذْف اللَّام . وَقِيلَ : عَلَى مَعْنَى قُلْ لَهُمْ اِغْفِرُوا يَغْفِرُوا ; فَهُوَ جَوَاب أَمْر مَحْذُوف دَلَّ الْكَلَام عَلَيْهِ ; قَالَهُ عَلِيّ بْن عِيسَى وَاخْتَارَهُ اِبْن الْعَرَبِيّ . وَنَزَلَتْ الْآيَة بِسَبَبِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ قُرَيْش شَتَمَ عُمَر بْن الْخَطَّاب فَهَمَّ أَنْ يَبْطِش بِهِ . قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : وَهَذَا لَمْ يَصِحّ . وَذَكَرَ الْوَاحِدِيّ وَالْقُشَيْرِيّ وَغَيْرهمَا عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّ الْآيَة نَزَلَتْ فِي عُمَر مَعَ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ فِي غَزْوَة بَنِي الْمُصْطَلِق , فَإِنَّهُمْ نَزَلُوا عَلَى بِئْر يُقَال لَهَا | الْمُرَيْسِيع | فَأَرْسَلَ عَبْد اللَّه غُلَامه لِيَسْتَقِيَ , وَأَبْطَأَ عَلَيْهِ فَقَالَ : مَا حَبَسَك ؟ قَالَ : غُلَام عُمَر بْن الْخَطَّاب قَعَدَ عَلَى فَم الْبِئْر , فَمَا تَرَكَ أَحَدًا يَسْتَقِي حَتَّى مَلَأَ قِرَب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقِرَب أَبِي بَكْر , وَمَلَأَ لِمَوْلَاهُ . فَقَالَ عَبْد اللَّه : مَا مَثَلنَا وَمَثَل هَؤُلَاءِ إِلَّا كَمَا قِيلَ : سَمِّنْ كَلْبك يَأْكُلك . فَبَلَغَ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَوْل , فَاشْتَمَلَ عَلَى سَيْفه يُرِيد التَّوَجُّه إِلَيْهِ لِيَقْتُلهُ ; فَأَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَة . هَذِهِ رِوَايَة عَطَاء عَنْ اِبْن عَبَّاس . وَرَوَى عَنْهُ مَيْمُون بْن مِهْرَان قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ | مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِض اللَّه قَرْضًا حَسَنًا | [ الْبَقَرَة : 245 ] قَالَ يَهُودِيّ بِالْمَدِينَةِ يُقَال لَهُ فِنْحَاص : اِحْتَاجَ رَبّ مُحَمَّد ! قَالَ : فَلَمَّا سَمِعَ عُمَر بِذَلِكَ اِشْتَمَلَ عَلَى سَيْفه وَخَرَجَ فِي طَلَبه ; فَجَاءَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( إِنَّ رَبّك يَقُول لَك قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّام اللَّه ) . وَاعْلَمْ أَنَّ عُمَر قَدْ اِشْتَمَلَ عَلَى سَيْفه وَخَرَجَ فِي طَلَب الْيَهُودِيّ , فَبَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَلَبه , فَلَمَّا جَاءَ قَالَ : ( يَا عُمَر , ضَعْ سَيْفك ) قَالَ : يَا رَسُول اللَّه , صَدَقْت . أَشْهَد أَنَّك أُرْسِلْت بِالْحَقِّ . قَالَ : ( فَإِنَّ رَبّك يَقُول : قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّام اللَّه ) قَالَ : لَا جَرَمَ ! وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ لَا تَرَى الْغَضَب فِي وَجْهِي . قُلْت : وَمَا ذَكَرَهُ الْمَهْدَوِيّ وَالنَّحَّاس فَهُوَ رِوَايَة الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس , وَهُوَ قَوْل الْقُرَظِيّ وَالسُّدِّيّ , وَعَلَيْهِ يَتَوَجَّه النَّسْخ فِي الْآيَة . وَعَلَى أَنَّ الْآيَة نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ أَوْ فِي غَزْوَة بَنِي الْمُصْطَلِق فَلَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ . وَمَعْنَى | يَغْفِرُوا | يَعْفُوا وَيَتَجَاوَزُوا . وَمَعْنَى : | لَا يَرْجُونَ أَيَّام اللَّه | أَيْ لَا يَرْجُونَ ثَوَابه . وَقِيلَ : أَيْ لَا يَخَافُونَ بَأْس اللَّه وَنِقَمه . وَقِيلَ : الرَّجَاء بِمَعْنَى الْخَوْف ; كَقَوْلِهِ : | مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا | [ نُوح : 13 ] أَيْ لَا تَخَافُونَ لَهُ عَظَمَة . وَالْمَعْنَى : لَا تَخْشَوْنَ مِثْل عَذَاب الْأُمَم الْخَالِيَة . وَالْأَيَّام يُعَبَّر بِهَا عَنْ الْوَقَائِع . وَقِيلَ : لَا يَأْمُلُونَ نَصْر اللَّه لِأَوْلِيَائِهِ وَإِيقَاعه بِأَعْدَائِهِ . وَقِيلَ : الْمَعْنَى لَا يَخَافُونَ الْبَعْث .|لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ|قِرَاءَة الْعَامَّة | لِيَجْزِيَ | بِالْيَاءِ عَلَى مَعْنَى لِيَجْزِيَ اللَّه . وَقَرَأَ حَمْزَة وَالْكِسَائِيّ وَابْن عَامِر | لِنَجْزِيَ | بِالنُّونِ عَلَى التَّعْظِيم . وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَر وَالْأَعْرَج وَشَيْبَة | لِيُجْزَى | بِيَاءٍ مَضْمُومَة وَفَتْح الزَّاي عَلَى الْفِعْل الْمَجْهُول , | قَوْمًا | بِالنَّصْبِ . قَالَ أَبُو عَمْرو : وَهَذَا لَحْن ظَاهِر . وَقَالَ الْكِسَائِيّ : مَعْنَاهُ لِيَجْزِيَ الْجَزَاء قَوْمًا , نَظِيره : | وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ | عَلَى قِرَاءَة اِبْن عَامِر وَأَبِي بَكْر فِي سُورَة | الْأَنْبِيَاء | . قَالَ الشَّاعِر : <br>وَلَوْ وَلَدَتْ قَفِيرَة جَرْو كَلْب .......... لَسَبَّ بِذَلِكَ الْجَرْو الْكِلَابَا <br>أَيْ لَسُبَّ السَّبّ .

هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا

| مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ | شَرْط وَجَوَابه</p><p>| وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا | شَرْط وَجَوَابه . وَاَللَّه جَلَّ وَعَزَّ مُسْتَغْنٍ عَنْ طَاعَة الْعِبَاد , فَمَنْ أَطَاعَ فَالثَّوَاب لَهُ , وَمَنْ أَسَاءَ فَالْعِقَاب عَلَيْهِ .

مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ و

يَعْنِي التَّوْرَاة .|وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ|الْحُكْم : الْفَهْم فِي الْكِتَاب . وَقِيلَ : الْحُكْم عَلَى النَّاس وَالْقَضَاء . وَ | النُّبُوَّة | يَعْنِي الْأَنْبِيَاء مِنْ وَقْت يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى زَمَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام .|وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ|أَيْ الْحَلَال مِنْ الْأَقْوَات وَالثِّمَار وَالْأَطْعِمَة الَّتِي كَانَتْ بِالشَّامِ . وَقِيلَ : يَعْنِي الْمَنّ وَالسَّلْوَى فِي التِّيه .|وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ|أَيْ عَلَى عَالَمِي زَمَانهمْ . عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي | الدُّخَان | بَيَانه


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس