islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

تفسير القرطبى
16217

91-الشمس

وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا

قَالَ مُجَاهِد : | وَضُحَاهَا | أَيْ ضَوْءُهَا وَإِشْرَاقهَا . وَهُوَ قَسَم ثَانٍ . وَأَضَافَ الضُّحَى إِلَى الشَّمْس ; لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَكُون بِارْتِفَاعِ الشَّمْس . وَقَالَ قَتَادَة : بَهَاؤُهَا . السُّدِّيّ : حَرّهَا . وَرَوَى الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس : | وَضُحَاهَا | قَالَ : جَعَلَ فِيهَا الضَّوْء وَجَعَلَهَا حَارَّة . وَقَالَ الْيَزِيدِيّ : هُوَ اِنْبِسَاطهَا . وَقِيلَ : مَا ظَهَرَ بِهَا مِنْ كُلّ مَخْلُوق فَيَكُون الْقَسَم بِهَا وَبِمَخْلُوقَاتِ الْأَرْض كُلّهَا . حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيّ وَالضُّحَا : مُؤَنَّثَة . يُقَال : اِرْتَفَعَتْ الضُّحَا , وَهِيَ فَوْق الضَّحْو . وَقَدْ تُذَكَّر . فَمَنْ أَنَّثَ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهَا جَمْع ضَحْوَة . وَمَنْ ذَكَّرَ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ اِسْم عَلَى فِعْل , نَحْو صُرَد وَنُغَر . وَهُوَ ظَرْف غَيْر مُتَمَكِّن مِثْل سَحَر . تَقُول : لَقِيته ضُحًا وَضُحَا إِذَا أَرَدْت بِهِ ضُحَا يَوْمك لَمْ تُنَوِّنْهُ . وَقَالَ الْفَرَّاء : الضُّحَا هُوَ النَّهَار كَقَوْلِ قَتَادَة . وَالْمَعْرُوف عِنْد الْعَرَب أَنَّ الضُّحَا : النَّهَار كُلّه , فَذَلِكَ لِدَوَامِ نُور الشَّمْس , وَمَنْ قَالَ : إِنَّهُ نُور الشَّمْس أَوْ حَرّهَا , فَنُور الشَّمْس لَا يَكُون إِلَّا مَعَ حَرّ الشَّمْس . وَقَدْ اِسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ : إِنَّ الضُّحَى حَرّ الشَّمْس بِقَوْلِهِ تَعَالَى : | وَلَا تَضْحَى | [ طه : 119 ] أَيْ لَا يُؤْذِيك الْحَرّ . وَقَالَ الْمُبَرِّد : أَصْل الضُّحَا مِنْ الضِّحّ , وَهُوَ نُور الشَّمْس , وَالْأَلِف مَقْلُوبَة مِنْ الْحَاء الثَّانِيَة . تَقُول : | ضَحْوَة وَضَحَوَات , وَضَحَوَات وَضُحَا , فَالْوَاو مِنْ ضَحْوَة مَقْلُوبَة عَنْ الْحَاء الثَّانِيَة , وَالْأَلِف فِي ضُحَا مَقْلُوبَة عَنْ الْوَاو . وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم : الضِّحّ : نَقِيض الظِّلّ , وَهُوَ نُور الشَّمْس عَلَى وَجْه الْأَرْض , وَأَصْله الضُّحَا فَاسْتَثْقَلُوا الْيَاء مَعَ سُكُون الْحَاء , فَقَلَبُوهَا أَلِفًا .

وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا

أَيْ تَبِعَهَا : وَذَلِكَ إِذَا سَقَطَتْ رِيءَ الْهِلَال . يُقَال : تَلَوْت فُلَانًا : إِذَا تَبِعْته . قَالَ قَتَادَة : إِنَّمَا ذَلِكَ لَيْلَة الْهِلَال , إِذَا سَقَطَتْ الشَّمْس رِيءَ الْهِلَال . وَقَالَ اِبْن زَيْد : إِذَا غَرَبَتْ الشَّمْس فِي النِّصْف الْأَوَّل مِنْ الشَّهْر , تَلَاهَا الْقَمَر بِالطُّلُوعِ , وَفِي آخِر الشَّهْر يَتْلُوهَا بِالْغُرُوبِ . الْقُرَّاء : | تَلَاهَا | : أَخَذَ مِنْهَا , يَذْهَب إِلَى أَنَّ الْقَمَر يَأْخُذ مِنْ ضَوْء الشَّمْس . وَقَالَ قَوْم : | وَالْقَمَر إِذَا تَلَاهَا | حِين اِسْتَوَى وَاسْتَدَارَ , فَكَانَ مِثْلهَا فِي الضِّيَاء وَالنُّور وَقَالَهُ الزَّجَّاج .

وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا

أَيْ كَشَفَهَا . فَقَالَ قَوْم : جَلَّى الظُّلْمَة وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْر كَمَا تَقُول : أَضْحَتْ بَارِدَة , تُرِيد أَضْحَتْ غَدَاتُنَا بَارِدَة . وَهَذَا قَوْل الْفَرَّاء وَالْكَلْبِيّ وَغَيْرهمَا . وَقَالَ قَوْم : الضَّمِير فِي | جَلَّاهَا | لِلشَّمْسِ وَالْمَعْنَى : أَنَّهُ يُبَيِّن بِضَوْئِهِ جِرْمهَا . وَمِنْهُ قَوْل قَيْس بْن الْخَطِيم : <br>تَجَلَّتْ لَنَا كَالشَّمْسِ تَحْتَ غَمَامَةً .......... بَدَا حَاجِبٌ مِنْهَا وَضَنَّتْ بِحَاجِبِ <br>وَقِيلَ : جَلَّى مَا فِي الْأَرْض مِنْ حَيَوَانهَا حَتَّى ظَهَرَ , لِاسْتِتَارِهِ لَيْلًا وَانْتِشَاره نَهَارًا . وَقِيلَ : جَلَّى الدُّنْيَا . وَقِيلَ : جَلَّى الْأَرْض وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْر وَمِثْله قَوْله تَعَالَى : | حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ | [ ص : 32 ] عَلَى مَا تَقَدَّمَ آنِفًا .

وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا

أَيْ يَغْشَى الشَّمْس , فَيَذْهَب بِضَوْئِهَا عِنْد سُقُوطهَا قَالَهُ مُجَاهِد وَغَيْره . وَقِيلَ : يَغْشَى الدُّنْيَا بِالظُّلْمِ , فَتُظْلِم الْآفَاق . فَالْكِنَايَة تَرْجِع إِلَى غَيْر مَذْكُور .

وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا

أَيْ وَبُنْيَانِهَا . فَمَا مَصْدَرِيَّة كَمَا قَالَ : | بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي | [ يس : 27 ] أَيْ بِغُفْرَانِ رَبِّي قَالَهُ قَتَادَة , وَاخْتَارَهُ الْمُبَرِّد . وَقِيلَ : الْمَعْنَى وَمَنْ بَنَاهَا|قَالَهُ الْحَسَن وَمُجَاهِد وَهُوَ اِخْتِيَار الطَّبَرِيّ . أَيْ وَمَنْ خَلَقَهَا وَرَفَعَهَا , وَهُوَ اللَّه تَعَالَى . وَحُكِيَ عَنْ أَهْل الْحِجَاز : سُبْحَانَ مَا سَبَّحْت لَهُ أَيْ سُبْحَانَ مَنْ سَبَّحْت لَهُ .

وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا

أَيْ وَطَحْوِهَا . وَقِيلَ : وَمَنْ طَحَاهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا . أَيْ بَسَطَهَا كَذَا قَالَ عَامَّة الْمُفَسِّرِينَ مِثْل دَحَاهَا . قَالَ الْحَسَن وَمُجَاهِد وَغَيْرهمَا : طَحَاهَا وَدَحَاهَا : وَاحِد أَيْ بَسَطَهَا مِنْ كُلّ جَانِب . وَالطَّحْو : الْبَسْط طَحَا يَطْحُو طَحْوًا , وَطَحَى يَطْحَى طَحْيًا , وَطُحِيَتْ : اِضْطَجَعَتْ عَنْ أَبِي عَمْرو . وَعَنْ اِبْن عَبَّاس : طَحَاهَا : قَسَمَهَا . وَقِيلَ : خَلَقَهَا قَالَ الشَّاعِر : <br>وَمَا تَدْرِي جَذِيمَة مَنْ طَحَاهَا .......... وَلَا مِنْ سَاكِن الْعَرْش الرَّفِيع <br>الْمَاوَرْدِيّ : وَيَحْتَمِل أَنَّهُ مَا خَرَجَ مِنْهَا مِنْ نَبَات وَعُيُون وَكُنُوز ; لِأَنَّهُ حَيَاة لِمَا خَلَقَ عَلَيْهَا . وَيُقَال فِي بَعْض أَيْمَان الْعَرَب : لَا , وَالْقَمَر الطَّاحِي أَيْ الْمُشْرِف الْمَشْرِق الْمُرْتَفِع . قَالَ أَبُو عَمْرو : طَحَا الرَّجُل : إِذَا ذَهَبَ فِي الْأَرْض . يُقَال : مَا أَدْرِي أَيْنَ طَحَا ! وَيُقَال : طَحَا بِهِ قَلْبه : إِذَا ذَهَبَ بِهِ فِي كُلّ شَيْء . قَالَ عَلْقَمَة : <br>طَحَا بِك قَلْب فِي الْحِسَانِ طَرُوبُ .......... بُعَيْد الشَّبَاب عَصْر حَانَ مَشِيبُ<br>

وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا

قِيلَ : الْمَعْنَى وَتَسْوِيَتِهَا . | فَمَا | : بِمَعْنَى الْمَصْدَر . وَقِيلَ : الْمَعْنَى وَمَنْ سَوَّاهَا , وَهُوَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ . وَفِي النَّفْس قَوْلَانِ : أَحَدهمَا آدَم . الثَّانِي : كُلّ نَفْس مَنْفُوسَة . وَسَوَّى : بِمَعْنَى هَيَّأَ . وَقَالَ مُجَاهِد : سَوَّاهَا : سَوَّى خَلْقهَا وَعَدَّلَ . وَهَذِهِ الْأَسْمَاء كُلّهَا مَجْرُورَة عَلَى الْقَسَم . أَقْسَمَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِخَلْقِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ عَجَائِب الصَّنْعَة الدَّالَّة عَلَيْهِ .

فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا

قَوْله تَعَالَى : | فَأَلْهَمَهَا | أَيْ عَرَّفَهَا كَذَا رَوَى اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد . أَيْ عَرَّفَهَا طَرِيق الْفُجُور وَالتَّقْوَى وَقَالَهُ اِبْن عَبَّاس . وَعَنْ مُجَاهِد أَيْضًا : عَرَّفَهَا الطَّاعَة وَالْمَعْصِيَة . وَعَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب قَالَ : إِذَا أَرَادَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِعَبْدِهِ خَيْرًا , أَلْهَمَهُ الْخَيْر فَعَمِلَ بِهِ , وَإِذَا أَرَادَ بِهِ السُّوء , أَلْهَمَهُ الشَّرّ فَعَمِلَ بِهِ . وَقَالَ الْفَرَّاء : | فَأَلْهَمَهَا | قَالَ : عَرَّفَهَا طَرِيق الْخَيْر وَطَرِيق الشَّرّ كَمَا قَالَ : | وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ | [ الْبَلَد : 10 ] . وَرَوَى الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : أَلْهَمَ الْمُؤْمِنَ الْمُتَّقِيَ تَقْوَاهُ , وَأَلْهَمَ الْفَاجِر فُجُوره . وَعَنْ سَعِيد عَنْ قَتَادَة قَالَ : بَيَّنَ لَهَا فُجُورهَا وَتَقْوَاهَا . وَالْمَعْنَى مُتَقَارِب . وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَرَأَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - | فَأَلْهَمَهَا فُجُورهَا وَتَقْوَاهَا | قَالَ : [ اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا , وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْر مَنْ زَكَّاهَا , أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا ] . وَرَوَاهُ جُوَيْبِر عَنْ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس : أَنَّ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا قَرَأَ هَذِهِ الْآيَة : | فَأَلْهَمَهَا فُجُورهَا وَتَقْوَاهَا | رَفَعَ صَوْته بِهَا , وَقَالَ : [ اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا , أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا , وَأَنْتَ خَيْر مَنْ زَكَّاهَا ] . وَفِي صَحِيح مُسْلِم , عَنْ أَبِي الْأَسْوَد الدُّؤَلِيّ قَالَ : قَالَ لِي عِمْرَان بْن حُصَيْن : أَرَأَيْت مَا يَعْمَل النَّاس الْيَوْم , وَيَكْدَحُونَ فِيهِ , أَشَيْء قُضِيَ وَمَضَى عَلَيْهِمْ مِنْ قَدَر سَبَقَ , أَوْ فِيمَا يَسْتَقْبِلُونَ مِمَّا أَتَاهُمْ بِهِ نَبِيّهمْ , وَثَبَتَتْ الْحُجَّة عَلَيْهِمْ ؟ فَقُلْت : بَلْ شَيْء قُضِيَ عَلَيْهِمْ , وَمَضَى عَلَيْهِمْ . قَالَ فَقَالَ : أَفَلَا يَكُون ظُلْمًا ؟ قَالَ : فَفَزِعْت مِنْ ذَلِكَ فَزَعًا شَدِيدًا , وَقُلْت : كُلّ شَيْء خَلْق اللَّه وَمِلْك يَده , فَلَا يُسْأَل عَمَّا يَفْعَل وَهُمْ يُسْأَلُونَ . فَقَالَ لِي : يَرْحَمُك اللَّه إِنِّي لَمْ أُرِدْ بِمَا سَأَلْتُك إِلَّا لِأَحْزِرَ عَقْلَك , إِنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ مُزَيْنَة أَتَيَا رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَا : يَا رَسُول اللَّه , أَرَأَيْت مَا يَعْمَل النَّاس الْيَوْم وَيَكْدَحُونَ فِيهِ : أَشَيْء قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى فِيهِمْ مِنْ قَدَر قَدْ سَبَقَ , أَوْ فِيمَا يَسْتَقْبِلُونَ بِهِ مِمَّا أَتَاهُمْ بِهِ نَبِيّهمْ . وَثَبَتَتْ الْحُجَّة عَلَيْهِمْ ؟ فَقَالَ : ( لَا بَلْ شَيْء قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى فِيهِمْ . وَتَصْدِيق ذَلِكَ فِي كِتَاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : | وَنَفْس وَمَا سَوَّاهَا . فَأَلْهَمَهَا فُجُورهَا وَتَقْوَاهَا | ) . وَالْفُجُور وَالتَّقْوَى : مَصْدَرَانِ فِي مَوْضِع الْمَفْعُول بِهِ .

قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا

| قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا | هَذَا جَوَاب الْقَسَم , بِمَعْنَى : لَقَدْ أَفْلَحَ . قَالَ الزَّجَّاج : اللَّام حُذِفَتْ ; لِأَنَّ الْكَلَام طَالَ , فَصَارَ طُوله عِوَضًا مِنْهَا . وَقِيلَ : الْجَوَاب مَحْذُوف أَيْ وَالشَّمْس وَكَذَا وَكَذَا لَتُبْعَثُنَّ . الزَّمَخْشَرِيّ : تَقْدِيره لَيُدَمْدِمَنَّ اللَّه عَلَيْهِمْ أَيْ عَلَى أَهْل مَكَّة , لِتَكْذِيبِهِمْ رَسُولَ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا دَمْدَمَ عَلَى ثَمُود ; لِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا صَالِحًا . وَأَمَّا | قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا | فَكَلَام تَابِع لِأَوَّلِهِ لِقَوْلِهِ : | فَأَلْهَمَهَا فُجُورهَا وَتَقْوَاهَا | عَلَى سَبِيل الِاسْتِطْرَاد , وَلَيْسَ مِنْ جَوَاب الْقَسَم فِي شَيْء . وَقِيلَ : هُوَ عَلَى التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير بِغَيْرِ حَذْف وَالْمَعْنَى : قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا , وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا , وَالشَّمْس وَضُحَاهَا . | أَفْلَحَ | فَازَ . | مَنْ زَكَّاهَا | أَيْ مَنْ زَكَّى اللَّهُ نَفْسه بِالطَّاعَةِ .

وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا

أَيْ خَسِرَتْ نَفْسٌ دَسَّهَا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِالْمَعْصِيَةِ . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : خَابَتْ نَفْس أَضَلَّهَا وَأَغْوَاهَا . وَقِيلَ : أَفْلَحَ مَنْ زَكَّى نَفْسه بِطَاعَةِ اللَّه , وَصَالِح الْأَعْمَال , وَخَابَ مَنْ دَسَّ نَفْسه فِي الْمَعَاصِي قَالَهُ قَتَادَة وَغَيْره . وَأَصْل الزَّكَاة : النُّمُوّ وَالزِّيَادَة , وَمِنْهُ زَكَا الزَّرْع : إِذَا كَثُرَ رِيعُهُ , وَمِنْهُ تَزْكِيَة الْقَاضِي لِلشَّاهِدِ ; لِأَنَّهُ يَرْفَعهُ بِالتَّعْدِيلِ , وَذِكْر الْجَمِيل . وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى فِي أَوَّل سُورَة | الْبَقَرَة | مُسْتَوْفًى . فَمُصْطَنِع الْمَعْرُوف وَالْمُبَادِر إِلَى أَعْمَال الْبِرّ , شَهَرَ نَفْسه وَرَفَعَهَا . وَكَانَتْ أَجْوَاد الْعَرَب تَنْزِلُ الرُّبَا وَارْتِفَاع الْأَرْض , لِيَشْتَهِرَ مَكَانهَا لِلْمُعْتِفِينَ , وَتُوقَد النَّار فِي اللَّيْل لِلطَّارِقِينَ . وَكَانَتْ اللِّئَام تَنْزِل الْأَوْلَاج وَالْأَطْرَاف وَالْأَهْضَام , لِيَخْفَى مَكَانهَا عَنْ الطَّالِبِينَ . فَأُولَئِكَ عَلَّوْا أَنْفُسهمْ وَزَكَّوْهَا , وَهَؤُلَاءِ أَخْفَوْا أَنْفُسهمْ وَدَسُّوهَا . وَكَذَا الْفَاجِر أَبَدًا خَفِيُّ الْمَكَان , زَمِر الْمُرُوءَة غَامِض الشَّخْص , نَاكِس الرَّأْس بِرُكُوبِ الْمَعَاصِي . وَقِيلَ : دَسَّاهَا : أَغْوَاهَا . قَالَ : <br>وَأَنْتَ الَّذِي دَسَّيْتَ عَمْرًا فَأَصْبَحَتْ .......... حَلَائِلُهُ مِنْهُ أَرَامِلَ ضُيَّعَا <br>قَالَ أَهْل اللُّغَة : وَالْأَصْل : دَسَّسَهَا , مِنْ التَّدْسِيس , وَهُوَ إِخْفَاء الشَّيْء , فَأُبْدِلَتْ سِينُهُ يَاء كَمَا يُقَال : قَصَّيْتُ أَظْفَارِي وَأَصْله قَصَّصْتُ أَظْفَارِي . وَمِثْله قَوْلهمْ فِي تَقَضَّضَ : تَقَضَّى . وَقَالَ اِبْن الْأَعْرَابِيِّ : | وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا | أَيْ دَسَّ نَفْسه فِي جُمْلَة الصَّالِحِينَ وَلَيْسَ مِنْهُمْ .

كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا

أَيْ بِطُغْيَانِهَا , وَهُوَ خُرُوجهَا عَنْ الْحَدّ فِي الْعِصْيَان قَالَهُ مُجَاهِد وَقَتَادَة وَغَيْرهمَا . وَعَنْ اِبْن عَبَّاس | بِطَغْوَاهَا | أَيْ بِعَذَابِهَا الَّذِي وُعِدَتْ بِهِ . قَالَ : وَكَانَ اِسْم الْعَذَاب الَّذِي جَاءَهَا الطَّغْوَى ; لِأَنَّهُ طَغَى عَلَيْهِمْ . وَقَالَ مُحَمَّد بْن كَعْب : | بِطَغْوَاهَا | بِأَجْمَعِهَا . وَقِيلَ : هُوَ مَصْدَر , وَخَرَجَ عَلَى هَذَا الْمَخْرَج ; لِأَنَّهُ أَشْكَلَ بِرُءُوسِ الْآي . وَقِيلَ : الْأَصْل بِطَغْيَاهَا , إِلَّا أَنَّ | فَعَلَى | إِذَا كَانَتْ مِنْ ذَوَات الْيَاء أُبْدِلَتْ فِي الِاسْم وَاوًا , لِيُفْصَل بَيْن الِاسْم وَالْوَصْف . وَقِرَاءَة الْعَامَّة بِفَتْحِ الطَّاء . وَقَرَأَ الْحَسَن وَالْجَحْدَرِيّ وَحَمَّاد بْن سَلَمَة ( بِضَمِّ الطَّاء ) عَلَى أَنَّهُ مَصْدَر كَالرُّجْعَى وَالْحُسْنَى وَشِبْهِهِمَا فِي الْمَصَادِر . وَقِيلَ : هُمَا لُغَتَانِ .

إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا

أَيْ نَهَضَ .|أَشْقَاهَا|لِعَقْرِ النَّاقَة . وَاسْمه قُدَارُ بْن سَالِف . وَقَدْ مَضَى فِي | الْأَعْرَاف | بَيَان هَذَا , وَهَلْ كَانَ وَاحِدًا أَوْ جَمَاعَة . وَفِي الْبُخَارِيّ عَنْ عَبْد اللَّه بْن زَمْعَة أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُب , وَذَكَرَ النَّاقَة وَاَلَّذِي عَقَرَهَا , فَقَالَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : [ أَتَدْرِي مَنْ أَشْقَى الْأَوَّلِينَ ] قُلْت : اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم . قَالَ : [ عَاقِرُ النَّاقَة , قَالَ : أَتَدْرِي مَنْ أَشْقَى الْآخِرِينَ ؟ قُلْت اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم . قَالَ : قَاتِلُك ] .

فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا

يَعْنِي صَالِحًا .|نَاقَةَ اللَّهِ|| نَاقَةَ | مَنْصُوب عَلَى التَّحْذِير كَقَوْلِك : الْأَسَدَ الْأَسَدَ , وَالصَّبِيَّ الصَّبِيَّ , وَالْحِذَارَ الْحِذَارَ . أَيْ أَحُذِرُوا نَاقَةَ اللَّه أَيْ عَقْرَهَا . وَقِيلَ : ذَرُوا نَاقَة اللَّه , كَمَا قَالَ : | هَذِهِ نَاقَة اللَّه لَكُمْ آيَة فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْض اللَّه وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَاب أَلِيم | . [ الْأَعْرَاف : 73 ] .|وَسُقْيَاهَا|أَيْ ذَرُوهَا وَشِرْبَهَا . وَقَدْ مَضَى فِي سُورَة | الشُّعَرَاء | بَيَانه وَالْحَمْد لِلَّهِ . وَأَيْضًا فِي سُورَة | اِقْتَرَبَتْ السَّاعَة | [ الْقَمَر : 1 ] . فَإِنَّهُمْ لَمَّا اِقْتَرَحُوا النَّاقَة , وَأَخْرَجَهَا لَهُمْ مِنْ الصَّخْرَة , جَعَلَ لَهُمْ شِرْب يَوْم مِنْ بِئْرهمْ , وَلَهَا شِرْب يَوْم مَكَان ذَلِكَ , فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ .

فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا

أَيْ كَذَّبُوا صَالِحًا عَلَيْهِ السَّلَام فِي قَوْله لَهُمْ : [ إِنَّكُمْ تُعَذَّبُونَ إِنْ عَقَرْتُمُوهَا ] .|فَعَقَرُوهَا|أَيْ عَقَرَهَا الْأَشْقَى . وَأُضَيِّف إِلَى الْكُلّ ; لِأَنَّهُمْ رَضُوا بِفِعْلِهِ . وَقَالَ قَتَادَة : ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ لَمْ يَعْقِرْهَا حَتَّى تَابَعَهُ صَغِيرُهُمْ وَكَبِيرُهُمْ , ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ . وَقَالَ الْفَرَّاء : عَقَرَهَا اِثْنَانِ : وَالْعَرَب تَقُول : هَذَانِ أَفْضَل النَّاس , وَهَذَانِ خَيْر النَّاس , وَهَذِهِ الْمَرْأَة أَشْقَى الْقَوْم فَلِهَذَا لَمْ يَقُلْ : أَشْقَيَاهَا .|فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ|أَيْ أَهْلَكَهُمْ وَأَطْبَقَ عَلَيْهِمْ الْعَذَاب بِذَنْبِهِمْ الَّذِي هُوَ الْكُفْر وَالتَّكْذِيب وَالْعَقْر . وَرَوَى الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : دَمْدَمَ عَلَيْهِمْ قَالَ : دَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَبّهمْ بِذَنْبِهِمْ أَيْ بِجُرْمِهِمْ . وَقَالَ الْفَرَّاء : دَمْدَمَ أَيْ أَرْجَفَ . وَحَقِيقَة الدَّمْدَمَة تَضْعِيف الْعَذَاب وَتَرْدِيده . وَيُقَال : دَمَمْت عَلَى الشَّيْء أَيْ أَطْبَقْت عَلَيْهِ , وَدَمَمَ عَلَيْهِ الْقَبْر : أَطْبَقَهُ . وَنَاقَة مَدُومَة : أَلْبَسَهَا الشَّحْم . فَإِذَا كَرَّرْت الْإِطْبَاق قُلْت : دَمْدَمْت . وَالدَّمْدَمَة : إِهْلَاك بِاسْتِئْصَالِ قَالَهُ الْمُؤَرِّج . وَفِي الصِّحَاح : وَدَمْدَمْت الشَّيْء : إِذَا أَلْزَقْتُهُ بِالْأَرْضِ وَطَحْطَحْته . وَدَمْدَمَ اللَّه عَلَيْهِمْ : أَيْ أَهْلَكَهُمْ . الْقُشَيْرِيّ : وَقِيلَ دَمْدَمْت عَلَى الْمَيِّت التُّرَاب : أَيْ سَوَّيْت عَلَيْهِ . فَقَوْله : | فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ | أَيْ أَهْلَكَهُمْ , فَجَعَلَهُمْ تَحْت التُّرَاب . وَقَالَ اِبْن الْأَنْبَارِيّ : دَمْدَمَ أَيْ غَضِبَ . وَالدَّمْدَمَة : الْكَلَام الَّذِي يُزْعِج الرَّجُل . وَقَالَ بَعْض اللُّغَوِيِّينَ : الدَّمْدَمَة : الْإِدَامَة تَقُول الْعَرَب : نَاقَة مُدَمْدَمَة أَيْ سَمِينَة .|فَسَوَّاهَا|أَيْ سَوَّى عَلَيْهِمْ الْأَرْض . وَعَلَى الْأَوَّل | فَسَوَّاهَا | أَيْ فَسَوَّى الدَّمْدَمَة وَالْإِهْلَاك عَلَيْهِمْ . وَذَلِكَ أَنَّ الصَّيْحَة أَهْلَكَتْهُمْ , فَأَتَتْ عَلَى صَغِيرهمْ وَكَبِيرهمْ . وَقِيلَ : | فَسَوَّاهَا | أَيْ فَسَوَّى الْأُمَّة فِي إِنْزَال الْعَذَاب بِهِمْ , صَغِيرِهِمْ وَكَبِيرِهِمْ , وَضِيعِهِمْ وَشَرِيفِهِمْ , وَذَكَرِهِمْ وَأُنْثَاهُمْ . وَقَرَأَ اِبْن الزُّبَيْر | فَدَهْدَمَ | وَهُمَا , لُغَتَانِ كَمَا يُقَال : اِمْتَقَعَ لَوْنه وَانْتَقَعَ .

وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا

أَيْ فَعَلَ اللَّه ذَلِكَ بِهِمْ غَيْرَ خَائِف أَنْ تَلْحَقَهُ تَبِعَة الدَّمْدَمَة مِنْ أَحَد قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَالْحَسَن وَقَتَادَة وَمُجَاهِد . وَالْهَاء فِي | عُقْبَاهَا | تَرْجِع إِلَى الْفِعْلَة كَقَوْلِهِ : ( مَنْ اِغْتَسَلَ يَوْم الْجُمْعَة فَبِهَا وَنِعْمَتْ ) أَيْ بِالْفِعْلَةِ وَالْخَصْلَة . قَالَ السُّدِّيّ وَالضَّحَّاك وَالْكَلْبِيّ : تَرْجِع إِلَى الْعَاقِر أَيْ لَمْ يَخَفْ الَّذِي عَقَرَهَا عُقْبَى مَا صَنَعَ . وَقَالَهُ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا . وَفِي الْكَلَام تَقْدِيم وَتَأْخِير , مَجَازه : إِذْ اِنْبَعَثَ أَشْقَاهَا وَلَا يَخَاف عُقْبَاهَا . وَقِيلَ : لَا يَخَاف رَسُول اللَّه صَالِح عَاقِبَة إِهْلَاك قَوْمه , وَلَا يَخْشَى ضَرَرًا يَعُود عَلَيْهِ مِنْ عَذَابهمْ ; لِأَنَّهُ قَدْ أَنْذَرَهُمْ , وَنَجَّاهُ اللَّه تَعَالَى حِين أَهْلَكَهُمْ . وَقَرَأَ نَافِع وَابْن عَامِر | فَلَا | بِالْفَاءِ , وَهُوَ الْأَجْوَد ; لِأَنَّهُ يَرْجِع إِلَى الْمَعْنَى الْأَوَّل أَيْ فَلَا يَخَاف اللَّه عَاقِبَة إِهْلَاكهمْ . وَالْبَاقُونَ بِالْوَاوِ , وَهِيَ أَشْبَهُ بِالْمَعْنَى الثَّانِي أَيْ وَلَا يَخَاف الْكَافِر عَاقِبَة مَا صَنَعَ . وَرَوَى اِبْن وَهْب وَابْن الْقَاسِم عَنْ مَالِك قَالَا : أَخْرَجَ إِلَيْنَا مَالِك مُصْحَفًا لِجَدِّهِ , وَزَعَمَ أَنَّهُ كَتَبَهُ فِي أَيَّام عُثْمَان بْن عَفَّان حِين كَتَبَ الْمَصَاحِف , وَفِيهِ : | وَلَا يَخَاف | بِالْوَاوِ . وَكَذَا هِيَ فِي مَصَاحِف أَهْل مَكَّة وَالْعِرَاقِيِّينَ بِالْوَاوِ , وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْد وَأَبُو حَاتِم , اِتِّبَاعًا لِمُصْحَفِهِمْ .


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس