أَيْ الْوَاحِد الْوِتْر , الَّذِي لَا شَبِيه لَهُ , وَلَا نَظِير وَلَا صَاحِبَة , وَلَا وَلَد وَلَا شَرِيك . وَأَصْل | أَحَد | : وَحَد ; قُلِبَتْ الْوَاو هَمْزَة . وَمِنْهُ قَوْل النَّابِغَة : <br>بِذِي الْجَلِيل عَلَى مُسْتَأْنِس وَحَد <br>وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَة | الْبَقَرَة | الْفَرْق بَيْن وَاحِد وَأَحَد , وَفِي كِتَاب | الْأَسْنَى , فِي شَرْح أَسْمَاء اللَّه الْحُسْنَى | أَيْضًا مُسْتَوْفًى . وَالْحَمْد لِلَّهِ . و | أَحَد | مَرْفُوع , عَلَى مَعْنَى : هُوَ أَحَد . وَقِيلَ : الْمَعْنَى : قُلْ : الْأَمْر وَالشَّأْن : اللَّه أَحَد . وَقِيلَ : | أَحَد | بَدَل مِنْ قَوْله : | اللَّه | . وَقَرَأَ جَمَاعَة | أَحَد اللَّه | بِلَا تَنْوِين , طَلَبًا لِلْخِفَّةِ , وَفِرَارًا مِنْ اِلْتِقَاء السَّاكِنَيْنِ ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : <br>وَلَا ذَاكِر اللَّه إِلَّا قَلِيلَا<br>
أَيْ الَّذِي يُصْمَد إِلَيْهِ فِي الْحَاجَات . كَذَا رَوَى الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : الَّذِي يُصْمَد إِلَيْهِ فِي الْحَاجَات ; كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : | ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمْ الضُّرّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ | [ النَّحْل : 53 ] . قَالَ أَهْل اللُّغَة : الصَّمَد : السَّيِّد الَّذِي يُصْمَد إِلَيْهِ فِي النَّوَازِل وَالْحَوَائِج . قَالَ : <br>أَلَا بَكَّرَ النَّاعِي بِخَيْرِ بَنِي أَسَدْ .......... بِعَمْرِو بْن مَسْعُود وَبِالسَّيِّدِ الصَّمَدْ <br>وَقَالَ قَوْم : الصَّمَد : الدَّائِم الْبَاقِي , الَّذِي لَمْ يَزَلْ وَلَا يُزَال . وَقِيلَ : تَفْسِيره مَا بَعْده | لَمْ يَلِد وَلَمْ يُولَد | .قَالَ أُبَيّ بْن كَعْب : الصَّمَد : الَّذِي لَا يَلِد وَلَا يُولَد ; لِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْء إِلَّا سَيَمُوتُ , وَلَيْسَ شَيْء يَمُوت إِلَّا يُورَث . وَقَالَ عَلِيّ وَابْن عَبَّاس أَيْضًا وَأَبُو وَائِل شَقِيق بْن سَلَمَة وَسُفْيَان : الصَّمَد : هُوَ السَّيِّد الَّذِي قَدْ اِنْتَهَى سُؤْدُده فِي أَنْوَاع الشَّرَف وَالسُّؤْدُد ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : <br>عَلَوْته بِحُسَامٍ ثُمَّ قُلْت لَهُ .......... خُذْهَا حُذَيْف فَأَنْتَ السَّيِّد الصَّمَد <br>وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة : إِنَّهُ الْمُسْتَغْنِي عَنْ كُلّ أَحَد , وَالْمُحْتَاج إِلَيْهِ كُلّ أَحَد . وَقَالَ السُّدِّيّ : إِنَّهُ : الْمَقْصُود فِي الرَّغَائِب , وَالْمُسْتَعَان بِهِ فِي الْمَصَائِب . وَقَالَ الْحُسَيْن بْن الْفَضْل : إِنَّهُ : الَّذِي يَفْعَل مَا يَشَاء وَيَحْكُم مَا يُرِيد . وَقَالَ مُقَاتِل : إِنَّهُ : الْكَامِل الَّذِي لَا عَيْب فِيهِ ; وَمِنْهُ قَوْل الزِّبْرِقَان : <br>سِيرُوا جَمِيعًا بِنِصْفِ اللَّيْل وَاعْتَمِدُوا .......... وَلَا رَهِينَة إِلَّا سَيِّد صَمَد <br>وَقَالَ الْحَسَن وَعِكْرِمَة وَالضَّحَّاك وَابْن جُبَيْر : الصَّمَد : الْمُصْمَت الَّذِي لَا جَوْف لَهُ ; قَالَ الشَّاعِر : <br>شِهَاب حُرُوب لَا تُزَال جِيَاده .......... عَوَابِس يَعْلُكْنَ الشَّكِيم الْمُصَمَّدَا <br>قُلْت : قَدْ أَتَيْنَا عَلَى هَذِهِ الْأَقْوَال مُبَيَّنَة فِي الصَّمَد , فِي ( كِتَاب الْأَسْنَى ) وَأَنَّ الصَّحِيح مِنْهَا . مَا شَهِدَ لَهُ الِاشْتِقَاق ; وَهُوَ الْقَوْل الْأَوَّل , ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيّ . وَقَدْ أَسْقَطَ مِنْ هَذِهِ السُّورَة مَنْ أَبْعَدَهُ اللَّه وَأَخْزَاهُ , وَجَعَلَ النَّار مَقَامه وَمَثْوَاهُ , وَقَرَأَ | اللَّه الْوَاحِد الصَّمَد | فِي الصَّلَاة , وَالنَّاس يَسْتَمِعُونَ , فَأَسْقَطَ : | قُلْ هُوَ | , وَزَعَمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْقُرْآن . وَغَيْر لَفْظ | أَحَد | , وَادَّعَى أَنَّ هَذَا هُوَ الصَّوَاب , وَاَلَّذِي عَلَيْهِ النَّاس هُوَ الْبَاطِل وَالْمُحَال , فَأَبْطَلَ مَعْنَى الْآيَة ; لِأَنَّ أَهْل التَّفْسِير قَالُوا : نَزَلَتْ الْآيَة جَوَابًا لِأَهْلِ الشِّرْك لَمَّا قَالُوا لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : صِفْ لَنَا رَبّك , أَمِنْ ذَهَب هُوَ أَمْ مِنْ نُحَاس أَمْ مِنْ صُفْر ؟ فَقَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ رَدًّا عَلَيْهِمْ : | قُلْ هُوَ وَاَللَّه أَحَد | فَفِي | هُوَ | دَلَالَة عَلَى مَوْضِع الرَّدّ , وَمَكَان الْجَوَاب ; فَإِذَا سَقَطَ بَطَلَ مَعْنَى الْآيَة , وَصَحَّ الِافْتِرَاء عَلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ , وَالتَّكْذِيب لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَرَوَى التِّرْمِذِيّ عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب : أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اُنْسُبْ لَنَا رَبّك ; فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : | قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد . اللَّه الصَّمَد | .وَالصَّمَد : الَّذِي لَمْ يَلِد وَلَمْ يُولَد ; لِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْء يُولَد إِلَّا سَيَمُوتُ , وَلَيْسَ شَيْء يَمُوت إِلَّا سَيُورَثُ , وَأَنَّ اللَّه تَعَالَى لَا يَمُوت وَلَا يُورَث . | وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَد | قَالَ : لَمْ يَكُنْ لَهُ شَبِيه وَلَا عَدْل , وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء . وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَة : إِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ آلِهَتهمْ فَقَالُوا : اُنْسُبْ لَنَا رَبّك . قَالَ : فَأَتَاهُ جِبْرِيل بِهَذِهِ السُّورَة | قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد | , فَذَكَرَ نَحْوه , وَلَمْ يَذْكُر فِيهِ عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب , وَهَذَا صَحِيح ; قَالَهُ التِّرْمِذِيّ .</p><p>قُلْت : فَفِي هَذَا الْحَدِيث إِثْبَات لَفْظ | قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد | وَتَفْسِير الصَّمَد , وَقَدْ تَقَدَّمَ . وَعَنْ عِكْرِمَة نَحْوه . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : | لَمْ يَلِد | كَمَا وُلِدَتْ مَرْيَم , وَلَمْ يُولَد كَمَا وُلِدَ عِيسَى وَعُزَيْر . وَهُوَ رَدّ عَلَى النَّصَارَى , وَعَلَى مَنْ قَالَ : عُزَيْر اِبْن اللَّه .
أَيْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلًا أَحَد . وَفِيهِ تَقْدِيم وَتَأْخِير ; تَقْدِيره : وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَد ; فَقَدَّمَ خَبَر كَانَ عَلَى اِسْمهَا , لِيَنْسَاقَ أَوَاخِر الْآي عَلَى نَظْم وَاحِد . وَقُرِئَ | كُفُوًا | بِضَمِّ الْفَاء وَسُكُونهَا , وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي | الْبَقَرَة | أَنَّ كُلّ اِسْم عَلَى ثَلَاثَة أَحْرُف أَوَّله مَضْمُوم , فَإِنَّهُ يَجُوز فِي عَيْنه الضَّمّ وَالْإِسْكَان ; إِلَّا قَوْله تَعَالَى : | وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَاده جُزْءًا | [ الزُّخْرُف : 15 ] لِعِلَّةٍ تَقَدَّمَتْ . وَقَرَأَ حَفْص | كُفُوًا | مَضْمُوم الْفَاء غَيْر مَهْمُوز . وَكُلّهَا لُغَات فَصِيحَة . <subtitle>الْقَوْل فِي الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي فَضْل هَذِهِ السُّورَة ; وَفِيهِ ثَلَاث مَسَائِل :</subtitle></p><p>الْأُولَى : ثَبَتَ فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ : أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأ | قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد | يُرَدِّدهَا ; فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ , وَكَانَ الرَّجُل يَتَقَالُّهَا ; فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِل ثُلُث الْقُرْآن ] . وَعَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ : [ أَيَعْجِزُ أَحَدكُمْ أَنْ يَقْرَأ ثُلُث الْقُرْآن فِي لَيْلَة ] فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ , وَقَالُوا : أَيّنَا يُطِيق ذَلِكَ يَا رَسُول اللَّه ؟ فَقَالَ : [ اللَّه الْوَاحِد الصَّمَد ثُلُث الْقُرْآن ] خَرَّجَهُ مُسْلِم مِنْ حَدِيث أَبِي الدَّرْدَاء بِمَعْنَاهُ . وَخَرَجَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [ اِحْشِدُوا فَإِنِّي سَأَقْرَأُ عَلَيْكُمْ ثُلُث الْقُرْآن ] , فَحَشَدَ مَنْ حَشَدَ ; ثُمَّ خَرَجَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَ | قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد | ثُمَّ دَخَلَ فَقَالَ بَعْضنَا لِبَعْضٍ : إِنِّي أَرَى هَذَا خَبَرًا جَاءَهُ مِنْ السَّمَاء , فَذَاكَ الَّذِي أَدْخَلَهُ . ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ : [ إِنِّي قُلْت لَكُمْ سَأَقْرَأُ عَلَيْكُمْ ثُلُث الْقُرْآن , أَلَا إِنَّهَا تَعْدِل ثُلُث الْقُرْآن ] قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء : إِنَّهَا عَدَلَتْ ثُلُث الْقُرْآن لِأَجْلِ هَذَا الِاسْم , الَّذِي هُوَ | الصَّمَد | , فَإِنَّهُ لَا يُوجَد فِي غَيْرهَا مِنْ السُّوَر . وَكَذَلِكَ | أَحَد | . وَقِيلَ : إِنَّ الْقُرْآن أُنْزِلَ أَثْلَاثًا , ثُلُثًا مِنْهُ أَحْكَام , وَثُلُثًا مِنْهُ وَعْد وَوَعِيد , وَثُلُثًا مِنْهُ أَسْمَاء وَصِفَات , وَقَدْ جَمَعَتْ | قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد | أَحَد الْأَثْلَاث , وَهُوَ الْأَسْمَاء وَالصِّفَات . وَدَلَّ عَلَى هَذَا التَّأْوِيل مَا فِي صَحِيح مُسْلِم , مِنْ حَدِيث أَبِي الدَّرْدَاء عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : [ إِنَّ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ جَزَّأَ الْقُرْآن ثَلَاثَة أَجْزَاء , فَجَعَلَ | قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد | جُزْءًا مِنْ أَجْزَاء الْقُرْآن ] . وَهَذَا نَصّ ; وَبِهَذَا الْمَعْنَى سُمِّيَتْ سُورَة الْإِخْلَاص , وَاَللَّه أَعْلَم .</p><p>الثَّانِيَة : رَوَى مُسْلِم عَنْ عَائِشَة : أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّة , وَكَانَ يَقْرَأ لِأَصْحَابِهِ فِي صَلَاتهمْ , فَيَخْتِم | بِقُلْ هُوَ اللَّه أَحَد | ; فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : [ سَلُوهُ لِأَيِّ شَيْء يَصْنَع ذَلِكَ ] ؟ فَسَأَلُوهُ فَقَالَ : لِأَنَّهَا صِفَة الرَّحْمَن , فَأَنَا أُحِبّ أَنْ أَقْرَأ بِهَا . فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [ أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يُحِبّهُ ] . وَرَوَى التِّرْمِذِيّ عَنْ أَنَس بْن مَالِك قَالَ : كَانَ رَجُل مِنْ الْأَنْصَار يَؤُمّهُمْ فِي مَسْجِد قُبَاء , وَكَانَ كُلَّمَا اِفْتَتَحَ سُورَة يَقْرَؤُهَا لَهُمْ فِي الصَّلَاة فَقَرَأَ بِهَا , اِفْتَتَحَ | بِقُلْ هُوَ اللَّه أَحَد | ; حَتَّى يَفْرُغ مِنْهَا , ثُمَّ يَقْرَأ بِسُورَةٍ أُخْرَى مَعَهَا , وَكَانَ يَصْنَع ذَلِكَ فِي كُلّ رَكْعَة , فَكَلَّمَهُ أَصْحَابه , فَقَالُوا : إِنَّك تَقْرَأ بِهَذِهِ السُّورَة , ثُمَّ لَا تَرَى مِنْهَا تَجْزِيك حَتَّى تَقْرَأ بِسُورَةٍ أُخْرَى , فَإِمَّا أَنْ تَقْرَأ بِهَا , وَإِمَّا أَنْ تَدَعهَا وَتَقْرَأ بِسُورَةٍ أُخْرَى ؟ قَالَ : مَا أَنَا بِتَارِكِهَا وَإِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ أَؤُمّكُمْ بِهَا فَعَلْت , وَإِنْ كَرِهْتُمْ تَرَكْتُكُمْ ; وَكَانُوا يَرَوْنَهُ أَفْضَلهمْ , وَكَرِهُوا أَنْ يَؤُمّهُمْ غَيْره , فَلَمَّا أَتَاهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبِرُوهُ الْخَبَر , فَقَالَ : [ يَا فُلَان مَا يَمْنَعك مِمَّا يَأْمُر بِهِ أَصْحَابك ؟ وَمَا يَحْمِلك أَنْ تَقْرَأ هَذِهِ السُّورَة فِي كُلّ رَكْعَة ] ؟ فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه , إِنِّي أُحِبّهَا ; فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [ إِنَّ حُبّهَا أَدْخَلَك الْجَنَّة ] . قَالَ : حَدِيث حَسَن غَرِيب صَحِيح . قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : فَكَانَ هَذَا دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ يَجُوز تَكْرَار سُورَة فِي كُلّ رَكْعَة . وَقَدْ رَأَيْت عَلَى بَاب الْأَسْبَاط فِيمَا يُقَرِّب مِنْهُ , إِمَامًا مِنْ جُمْلَة الثَّمَانِيَة وَالْعِشْرِينَ إِمَامًا , كَانَ يُصَلِّي فِيهِ التَّرَاوِيح فِي رَمَضَان بِالْأَتْرَاكِ ; فَيَقْرَأ فِي كُلّ رَكْعَة | الْحَمْد لِلَّهِ | و | قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد | حَتَّى يُتِمّ التَّرَاوِيح ; تَخْفِيفًا عَلَيْهِ , وَرَغْبَة فِي فَضْلهَا وَلَيْسَ مِنْ السُّنَّة خَتْم الْقُرْآن فِي رَمَضَان .</p><p>قُلْت : هَذَا نَصّ قَوْل مَالِك , قَالَ مَالِك : وَلَيْسَ خَتْم الْقُرْآن فِي الْمَسَاجِد بِسُنَّةٍ .</p><p>الثَّالِثَة : رَوَى التِّرْمِذِيّ عَنْ أَنَس بْن مَالِك قَالَ : أَقْبَلْت مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأ | قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد | ; فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَجَبَتْ ) . قُلْت : وَمَا وَجَبَتْ ؟ قَالَ : [ الْجَنَّة ] . قَالَ : هَذَا حَدِيث حَسَن صَحِيح . قَالَ التِّرْمِذِيّ : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مَرْزُوق الْبَصْرِيّ قَالَ حَدَّثَنَا حَاتِم بْن مَيْمُون أَبُو سَهْل عَنْ ثَابِت الْبُنَانِيّ عَنْ أَنَس بْن مَالِك عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : [ مَنْ قَرَأَ كُلّ يَوْم مِائَتَيْ مَرَّة قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد , مُحِيَ عَنْهُ ذُنُوب خَمْسِينَ سَنَة , إِلَّا أَنْ يَكُون عَلَيْهِ دَيْن ] . وَبِهَذَا الْإِسْنَاد عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنَام عَلَى فِرَاشه , فَنَامَ عَلَى يَمِينه , ثُمَّ قَرَأَ | قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد | مِائَة مَرَّة , فَإِذَا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة يَقُول الرَّبّ : يَا عَبْدِي , اُدْخُلْ عَلَى يَمِينك الْجَنَّة ) . قَالَ : هَذَا حَدِيث غَرِيب مِنْ حَدِيث , ثَابِت عَنْ أَنَس . وَفِي مُسْنَد أَبِي مُحَمَّد الدَّارِمِيّ , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [ مَنْ قَرَأَ | قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد | خَمْسِينَ مَرَّة , غُفِرَتْ لَهُ ذُنُوب خَمْسِينَ سَنَة ] قَالَ : وَحَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن يَزِيد قَالَ حَدَّثَنَا حَيْوَة قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو عُقَيْل : أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب يَقُول : إِنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : [ مَنْ قَرَأَ | قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد | عَشْرَة مَرَّات بُنِيَ لَهُ قَصْر فِي الْجَنَّة . وَمَنْ قَرَأَهَا عِشْرِينَ مَرَّة بُنِيَ لَهُ بِهَا قَصْرَانِ فِي الْجَنَّة . وَمَنْ قَرَأَهَا ثَلَاثِينَ مَرَّة بُنِيَ لَهُ بِهَا ثَلَاثَة قُصُور فِي الْجَنَّة ] . فَقَالَ عُمَر بْن الْخَطَّاب : وَاَللَّه يَا رَسُول اللَّه إِذًا لَنُكْثِرَنَّ قُصُورنَا ; فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [ اللَّه أَوْسَع مِنْ ذَلِكَ ] قَالَ أَبُو مُحَمَّد : أَبُو عُقَيْل زُهْرَة بْن مَعْبَد , وَزَعَمُوا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْأَبْدَال . وَذَكَرَ أَبُو نُعَيْم الْحَافِظ مِنْ حَدِيث أَبِي الْعَلَاء يَزِيد بْن عَبْد اللَّه بْن الشِّخِّيرِ عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [ مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد فِي مَرَضه الَّذِي يَمُوت فِيهِ , لَمْ يُفْتَن فِي قَبْره . وَأَمِنَ مِنْ ضَغْطَة الْقَبْر . وَحَمَلَتْهُ الْمَلَائِكَة يَوْم الْقِيَامَة بِأَكُفِّهَا , حَتَّى تُجِيزهُ مِنْ الصِّرَاط إِلَى الْجَنَّة ] . قَالَ : هَذَا حَدِيث غَرِيب مِنْ حَدِيث يَزِيد , تَفَرَّدَ بِهِ نَصْر بْن حَمَّاد الْبَجَلِيّ . وَذَكَرَ أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن ثَابِت الْحَافِظ عَنْ عِيسَى بْن أَبِي فَاطِمَة الرَّازِيّ قَالَ : سَمِعْت مَالِك بْن أَنَس يَقُول : إِذَا نُقِسَ بِالنَّاقُوسِ اِشْتَدَّ غَضَب الرَّحْمَن , فَتَنْزِل الْمَلَائِكَة , فَيَأْخُذُونَ بِأَقْطَارِ الْأَرْض , فَلَا يَزَالُونَ يَقْرَءُونَ | قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد | حَتَّى يَسْكُن غَضَبه جَلَّ وَعَزَّ . وَخَرَجَ مِنْ حَدِيث مُحَمَّد بْن خَالِد الْجَنَدِيّ عَنْ مَالِك عَنْ نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [ مَنْ دَخَلَ يَوْم الْجُمْعَة الْمَسْجِد , فَصَلَّى أَرْبَع رَكَعَات يَقْرَأ فِي كُلّ رَكْعَة بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب و | قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد | خَمْسِينَ مَرَّة فَذَلِكَ مِائَتَا مَرَّة فِي أَرْبَع رَكَعَات , لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَرَى مَنْزِله فِي الْجَنَّة أَوْ يُرَى لَهُ ] . وَقَالَ أَبُو عُمَر مَوْلَى جَرِير بْن عَبْد اللَّه الْبَجَلِيّ , عَنْ جَرِير قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [ مَنْ قَرَأَ | قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد | حِين يَدْخُل مَنْزِله , نَفَتْ الْفَقْر عَنْ أَهْل ذَلِكَ الْمَنْزِل وَعَنْ الْجِيرَان ] وَعَنْ أَنَس قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [ مَنْ قَرَأَ | قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد | مَرَّة بُورِكَ عَلَيْهِ , وَمَنْ قَرَأَهَا مَرَّتَيْنِ بُورِكَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْله , وَمَنْ قَرَأَهَا ثَلَاث مَرَّات بُورِكَ عَلَيْهِ وَعَلَى جَمِيع جِيرَانه , وَمَنْ قَرَأَهَا اِثْنَتَيْ عَشْرَة بَنَى اللَّه لَهُ اِثْنَيْ عَشَرَ قَصْرًا فِي الْجَنَّة , وَتَقُول الْحَفَظَة اِنْطَلِقُوا بِنَا نَنْظُر إِلَى قَصْر أَخِينَا , فَإِنْ قَرَأَهَا مِائَة مَرَّة كَفَّرَ اللَّه عَنْهُ ذُنُوب خَمْسِينَ سَنَة , مَا خَلَا الدِّمَاء وَالْأَمْوَال , فَإِنْ قَرَأَهَا أَرْبَعمِائَةِ مَرَّة كَفَّرَ اللَّه عَنْهُ ذُنُوب مِائَة سَنَة , فَإِنْ قَرَأَهَا أَلْف مَرَّة لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَرَى مَكَانه فِي الْجَنَّة أَوْ يُرَى لَهُ ] . وَعَنْ سَهْل بْن سَعْد السَّاعِدِيّ قَالَ : شَكَا رَجُل إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَقْر وَضِيق الْمَعِيشَة ; فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [ إِذَا دَخَلْت الْبَيْت فَسَلِّمْ إِنْ كَانَ فِيهِ أَحَد , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَحَد فَسَلِّمْ عَلَيَّ , وَاقْرَأْ | قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد | مَرَّة وَاحِدَة ] فَفَعَلَ الرَّجُل فَأَدَرَّ اللَّه عَلَيْهِ الرِّزْق , حَتَّى أَفَاضَ عَلَيْهِ جِيرَانه . وَقَالَ أَنَس : كُنَّا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَبُوك , فَطَلَعَتْ الشَّمْس بَيْضَاء لَهَا شُعَاع وَنُور , لَمْ أَرَهَا فِيمَا مَضَى طَلَعَتْ قَطُّ كَذَلِكَ , فَأَتَى جِبْرِيل , فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [ يَا جِبْرِيل , مَا لِي أَرَى الشَّمْس طَلَعَتْ بَيْضَاء بِشُعَاعٍ لَمْ أَرَهَا طَلَعَتْ كَذَلِكَ فِيمَا مَضَى قَطُّ ] ؟ فَقَالَ : [ ذَلِكَ لِأَنَّ مُعَاوِيَة اللَّيْثِيّ تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ الْيَوْم , فَبَعَثَ اللَّه سَبْعِينَ أَلْف مَلَك يُصَلُّونَ عَلَيْهِ ] . قَالَ [ وَمِمَّ ذَلِكَ ] ؟ قَالَ : [ كَانَ يُكْثِر قِرَاءَة | قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد | آنَاء اللَّيْل وَآنَاء النَّهَار , وَفِي مَمْشَاهُ وَقِيَامه وَقُعُوده , فَهَلْ لَك يَا رَسُول اللَّه أَنْ أَقْبِض لَك الْأَرْض . فَتُصَلِّي عَلَيْهِ ] ؟ قَالَ [ نَعَمْ ] فَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ . ذَكَرَهُ