الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الر } </subtitle>قَالَ أَبُو جَعْفَر : اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : تَأْوِيله أَنَا اللَّه أَرَى . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13588 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن دَاوُد بْن مَيْمُون الْوَاسِطِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو أُسَامَة , عَنْ أَبِي رَوْق , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْله : ( { الر } : أَنَا اللَّه أَرَى . )13589 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا شَرِيك , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { الر } قَالَ : أَنَا اللَّه أَرَى . )وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ حُرُوف مِنْ اِسْم اللَّه الَّذِي هُوَ الرَّحْمَن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13590 - حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن شَبُّويَة , قَالَ : ثَنَا عَلِيّ بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ يَزِيد , عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( الر , وحم , وَنُون | حُرُوف الرَّحْمَن مُقَطَّعَة . )13591 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا عِيسَى بْن عُبَيْد عَنْ الْحُسَيْن بْن عُثْمَان , قَالَ : (ذَكَرَ سَالِم بْن عَبْد اللَّه : | الر , وحم وَنُون | فَقَالَ : اِسْم الرَّحْمَن مُقَطَّع . ثُمَّ قَالَ : الرَّحْمَن . )13592 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا أَبِي حَمَّاد , قَالَ : ثَنَا مَنْدَل , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : ( الر , وحم , وَنُون | هُوَ اِسْم الرَّحْمَن. )13593 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا سُوَيْد بْن عَمْرو الْكَلْبِيّ , عَنْ أَبِي عَوَانَة , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن سَالِم , عَنْ عَامِر أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ : ( الر , وحم , وص | قَالَ : هِيَ أَسْمَاء اللَّه مُقَطَّعَة بِالْهِجَاءِ , فَإِذَا وَصَلْتهَا كَانَتْ اِسْمًا مِنْ أَسْمَاء اللَّه تَعَالَى . )وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ اِسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13594 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { الر } اِسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن . )وَقَدْ ذَكَرْنَا اِخْتِلَاف النَّاس وَمَا إِلَيْهِ ذَهَبَ كُلّ قَائِل فِي الَّذِي قَالَ فِيهِ , وَمَا الصَّوَاب لَدَيْنَا مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ فِي نَظِيره , وَذَلِكَ فِي أَوَّل سُورَة الْبَقَرَة , فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع. وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْمَوْضِع الْقَدْر الَّذِي ذَكَرْنَا لِمُخَالَفَةِ مَنْ ذَكَرْنَا قَوْله فِي هَذَا قَوْل فِي { الم } , فَأَمَّا الَّذِينَ وَفَّقُوا بَيْن مَعَانِي جَمِيع ذَلِكَ , فَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْلهمْ هُنَاكَ مُكْتَفِيًا عَنْ الْإِعَادَة هَاهُنَا .|كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ|وَأَمَّا قَوْله : { كِتَاب أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْك } فَإِنَّ مَعْنَاهُ : هَذَا كِتَاب أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْك يَا مُحَمَّد ; يَعْنِي الْقُرْآن . { لِتُخْرِج النَّاس مِنْ الظُّلُمَات إِلَى النُّور } يَقُول : لِتَهْدِيَهُمْ بِهِ مِنْ ظُلُمَات الضَّلَالَة وَالْكُفْر إِلَى نُور الْإِيمَان وَضِيَائِهِ , وَتُبَصِّر بِهِ أَهْل الْجَهْل وَالْعَمَى سُبُل الرَّشَاد وَالْهُدَى .|بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ|وَقَوْله : { بِإِذْنِ رَبّهمْ } يَعْنِي : بِتَوْفِيقِ رَبّهمْ لَهُمْ بِذَلِكَ وَلُطْفه بِهِمْ . { إِلَى صِرَاط الْعَزِيز الْحَمِيد } يَعْنِي : إِلَى طَرِيق اللَّه الْمُسْتَقِيم , وَهُوَ دِينه الَّذِي اِرْتَضَاهُ وَشَرَعَهُ لِخَلْقِهِ . وَالْحَمِيد : فَعِيل , صُرِفَ مِنْ مَفْعُول إِلَى فَعِيل , وَمَعْنَاهُ : الْمَحْمُود بِآلَائِهِ , وَأَضَافَ تَعَالَى ذِكْره إِخْرَاج النَّاس مِنْ الظُّلُمَات إِلَى النُّور بِإِذْنِ رَبّهمْ لَهُمْ بِذَلِكَ إِلَى نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهُوَ الْهَادِي خَلْقه وَالْمُوَفِّق مَنْ أَحَبَّ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ , إِذْ كَانَ مِنْهُ دُعَاؤُهُمْ إِلَيْهِ , وَتَعْرِيفهمْ مَا لَهُمْ فِيهِ وَعَلَيْهِمْ , فَبَيَّنَ بِذَلِكَ صِحَّة قَوْل أَهْل الْإِثْبَات الَّذِينَ أَضَافُوا أَفْعَال الْعِبَاد إِلَيْهِمْ كَسْبًا , وَإِلَى اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنْشَاء وَتَدْبِيرًا , وَفَسَاد قَوْل أَهْل الْقَدَر الَّذِينَ أَنْكَرُوا أَنْ يَكُون لِلَّهِ فِي ذَلِكَ صُنْع . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15590 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { لِتُخْرِج النَّاس مِنْ الظُّلُمَات إِلَى النُّور } : أَيْ مِنْ الضَّلَالَة إِلَى الْهُدَى .)
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { اللَّه الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي وَالْأَرْض وَوَيْل لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَاب شَدِيد } </subtitle>اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالشَّام : { اللَّه الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات } بِرَفْعِ اِسْم اللَّه عَلَى الِابْتِدَاء , وَتَصْيِير قَوْله : { الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات } خَبَره . وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْعِرَاق وَالْكُوفَة وَالْبَصْرَة : { اللَّه الَّذِي } بِخَفْضِ اِسْم اللَّه عَلَى إِتْبَاع ذَلِكَ { الْعَزِيز الْحَمِيد } وَهُمَا خَفْض. وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي تَأْوِيله إِذَا قُرِئَ كَذَلِكَ , فَذُكِرَ عَنْ أَبِي عَمْرو بْن الْعَلَاء أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهُ بِالْخَفْضِ وَيَقُول : مَعْنَاهُ : بِإِذْنِ رَبّهمْ إِلَى صِرَاط الْعَزِيز الْحَمِيد , الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات , وَيَقُول : هُوَ مِنْ الْمُؤَخَّر الَّذِي مَعْنَاهُ التَّقْدِيم , وَيُمَثِّلهُ بِقَوْلِ الْقَائِل : مَرَرْت بِالظَّرِيفِ عَبْد اللَّه , وَالْكَلَام الَّذِي يُوضَع مَكَان الِاسْم : النَّعْت , ثُمَّ يُجْعَل الِاسْم مَكَان النَّعْت , فَيَتْبَع إِعْرَابه إِعْرَاب النَّعْت الَّذِي وُضِعَ مَوْضِع الِاسْم كَمَا قَالَ بَعْض الشُّعَرَاء : <br>لَوْ كُنْت ذَا نَبْل وَذَا شَرِيب .......... مَا خِفْت شَدَّات الْخَبِيث الذِّيب <br>وَأَمَّا الْكِسَائِيّ فَإِنَّهُ كَانَ يَقُول فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ مَنْ خَفَضَ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلهُ كَلَامًا وَاحِدًا وَأَتْبَعَ الْخَفْض الْخَفْض , وَبِالْخَفْضِ كَانَ يَقْرَأهُ. وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي , أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ قَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا أَئِمَّة مِنْ الْقُرَّاء مَعْنَاهُمَا وَاحِد , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب . وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُون الَّذِي قَرَأَهُ بِالرَّفْعِ , أَرَادَ مَعْنَى مَنْ خَفَضَ فِي إِتْبَاع الْكَلَام بَعْضه بَعْضًا , وَلَكِنَّهُ رَفَعَ لِانْفِصَالِهِ مِنْ الْآيَة الَّتِي قَبْله , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { إِنَّ اللَّه اِشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسهمْ وَأَمْوَالهمْ } إِلَى آخِر الْآيَة , ثُمَّ قَالَ : { التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ } . وَمَعْنَى قَوْله : { اللَّه الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الْأَرْض } اللَّه الَّذِي يَمْلِك جَمِيع مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الْأَرْض يَقُول لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنْزَلْنَا إِلَيْك هَذَا الْكِتَاب لِتَدْعُوَ عِبَادِي إِلَى عِبَادَة مَنْ هَذِهِ صِفَته , وَيَدَعُوا عِبَادَة مَنْ لَا يَمْلِك لَهُمْ وَلَا لِنَفْسِهِ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا مِنْ الْآلِهَة وَالْأَوْثَان . ثُمَّ تَوَعَّدَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مَنْ كَفَرَ بِهِ وَلَمْ يَسْتَجِبْ لِدُعَاءِ رَسُوله إِلَى مَا دَعَاهُ إِلَيْهِ مِنْ إِخْلَاص التَّوْحِيد لَهُ , فَقَالَ : { وَوَيْل لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَاب شَدِيد } يَقُول : الْوَادِي الَّذِي يَسِيل مِنْ صَدِيد أَهْل جَهَنَّم , لِمَنْ جَحَدَ وَحْدَانِيّته وَعَبَدَ مَعَهُ غَيْره , مِنْ عَذَاب اللَّه الشَّدِيد.
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاة الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَة وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيل اللَّه وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَال بَعِيد } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاة الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَة } الَّذِينَ يَخْتَارُونَ الْحَيَاة الدُّنْيَا وَمَتَاعهَا وَمَعَاصِي اللَّه فِيهَا عَلَى طَاعَة اللَّه وَمَا يُقَرِّبهُمْ إِلَى رِضَاهُ مِنْ الْأَعْمَال النَّافِعَة فِي الْآخِرَة . { وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيل اللَّه } يَقُول : وَيَمْنَعُونَ مَنْ أَرَادَ الْإِيمَان بِاَللَّهِ وَاتِّبَاع رَسُوله عَلَى مَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه مِنْ الْإِيمَان بِهِ وَاتِّبَاعه . { وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا } يَقُول : وَيَلْتَمِسُونَ سَبِيل اللَّه , وَهِيَ دِينه الَّذِي اِبْتَعَثَ بِهِ رَسُوله عِوَجًا : تَحْرِيفًا وَتَبْدِيلًا بِالْكَذِبِ وَالزُّور . | وَالْعِوَج | بِكَسْرِ الْعَيْن وَفَتْح الْوَاو فِي الدِّين وَالْأَرْض وَكُلّ مَا لَمْ يَكُنْ قَائِمًا , فَأَمَّا فِي كُلّ مَا كَانَ قَائِمًا كَالْحَائِطِ وَالرُّمْح وَالسِّنّ فَإِنَّهُ يُقَال بِفَتْحِ الْعَيْن وَالْوَاو جَمِيعًا | عَوَج | يَقُول اللَّه عَزَّ ذِكْره : { أُولَئِكَ فِي ضَلَال بَعِيد } يَعْنِي : هَؤُلَاءِ الْكَافِرِينَ الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاة الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَة , يَقُول : هُمْ فِي ذَهَاب عَنْ الْحَقّ بَعِيد , وَأَخْذ عَلَى غَيْر هُدًى , وَجَوْر عَنْ قَصْد السَّبِيل. وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه دُخُول | عَلَى | فِي قَوْله : { عَلَى الْآخِرَة } فَكَانَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة يَقُول : أَوْصَلَ الْفِعْل بِ | عَلَى | , كَمَا قِيلَ : ضَرَبُوهُ فِي السَّيْف , يُرِيد بِالسَّيْفِ , ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْحُرُوف يُوصَل بِهَا كُلّهَا وَتُحْذَف , نَحْو قَوْل الْعَرَب : نَزَلْت زَيْدًا , وَمَرَرْت زَيْدًا , يُرِيدُونَ : مَرَرْت بِهِ , وَنَزَلْت عَلَيْهِ . وَقَالَ بَعْضهمْ : إِنَّمَا أَدْخَلَ ذَلِكَ , لِأَنَّ الْفِعْل يُؤَدِّي عَنْ مَعْنَاهُ مِنْ الْأَفْعَال , فَفِي قَوْله : { يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاة الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَة } لِذَلِكَ أُدْخِلَتْ | عَلَى | . وَقَدْ بَيَّنْت هَذَا وَنَظَائِره فِي غَيْر مَوْضِع مِنْ الْكِتَاب بِمَا أَغْنَى عَنْ الْإِعَادَة .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُول إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمه لِيُبَيِّن لَهُمْ فَيُضِلّ اللَّه مَنْ يَشَاء وَيَهْدِي مَنْ يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَّة مِنْ الْأُمَم يَا مُحَمَّد مِنْ قَبْلك وَمِنْ قَبْل قَوْمك رَسُولًا إِلَّا بِلِسَانِ الْأُمَّة الَّتِي أَرْسَلْنَاهُ إِلَيْهَا وَلُغَتهمْ , { لِيُبَيِّن لَهُمْ } يَقُول : لِيُفَهِّمهُمْ مَا أَرْسَلَهُ اللَّه بِهِ إِلَيْهِمْ مِنْ أَمْره وَنَهْيه , لِيُثَبِّت حُجَّة اللَّه عَلَيْهِمْ , ثُمَّ التَّوْفِيق وَالْخِذْلَان بِيَدِ اللَّه , فَيَخْذُل عَنْ قَبُول مَا أَتَاهُ بِهِ رَسُوله مِنْ عِنْده مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ , وَيُوَفِّق لِقَبُولِهِ مَنْ شَاءَ ; وَلِذَلِكَ رَفَعَ | فَيُضِلّ | , لِأَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ الِابْتِدَاء لَا الْعَطْف عَلَى مَا قَبْله , كَمَا قِيلَ : { لِنُبَيِّن لَكُمْ وَنُقِرّ فِي الْأَرْحَام مَا نَشَاء } وَهُوَ الْعَزِيز الَّذِي لَا يَمْتَنِع مِمَّا أَرَادَهُ مِنْ ضَلَال أَوْ هِدَايَة مَنْ أَرَادَ ذَلِكَ بِهِ , وَالْحَكِيم فِي تَوْفِيقه لِلْإِيمَانِ مَنْ وَفَّقَهُ لَهُ وَهِدَايَته لَهُ مَنْ هَدَاهُ إِلَيْهِ , وَفِي إِضْلَاله مَنْ أَضَلَّ عَنْهُ , وَفِي غَيْر ذَلِكَ مِنْ تَدْبِيره . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15591 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُول إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمه } : أَيْ بِلُغَةِ قَوْمه مَا كَانَتْ , قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { لِيُبَيِّن لَهُمْ } الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ لِيَتَّخِذ بِذَلِكَ الْحُجَّة , قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { فَيُضِلّ اللَّه مَنْ يَشَاء وَيَهْدِي مَنْ يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم } )
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِأَدِلَّتِنَا وَحُجَجنَا مِنْ قَبْلك يَا مُحَمَّد , كَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَى قَوْمك بِمِثْلِهَا مِنْ الْأَدِلَّة وَالْحُجَج . كَمَا : 15592 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح | ح | ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن الْأَشْيَب , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد | ح | ; وَحَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا شَبَابَة , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : ( { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا } قَالَ : بِالْبَيِّنَاتِ . )15593 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا } قَالَ : التِّسْع الْآيَات : الطُّوفَان وَمَا مَعَهُ . )- حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , : ( { أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا } قَالَ : التِّسْع الْبَيِّنَات . )* حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله.|أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ|وَقَوْله : { أَنْ أَخْرِجْ قَوْمك مِنْ الظُّلُمَات إِلَى النُّور } كَمَا أَنْزَلْنَا إِلَيْك يَا مُحَمَّد هَذَا الْكِتَاب , لِتُخْرِج النَّاس مِنْ الظُّلُمَات إِلَى النُّور { بِإِذْنِ رَبّهمْ } , وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { أَنْ أَخْرِجْ قَوْمك مِنْ الظُّلُمَات إِلَى النُّور } : أَيْ اُدْعُهُمْ مِنْ الضَّلَالَة إِلَى الْهُدَى , وَمِنْ الْكُفْر إِلَى الْإِيمَان . كَمَا : 15594 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : ( { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمك مِنْ الظُّلُمَات إِلَى النُّور } يَقُول : مِنْ الضَّلَالَة إِلَى الْهُدَى . )15595 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا هِشَام , عَنْ عَمْرو , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , مِثْله .|وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ|وَقَوْله : { وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّه } يَقُول عَزَّ وَجَلَّ : وَعِظْهُمْ بِمَا سَلَفَ مِنْ نِعَمِي عَلَيْهِمْ فِي الْأَيَّام الَّتِي خَلَتْ . فَاجْتَزَأَ بِذِكْرِ الْأَيَّام مِنْ ذِكْر النِّعَم الَّتِي عَنَاهَا , لِأَنَّهَا أَيَّام كَانَتْ مَعْلُومَة عِنْدهمْ , أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِمْ فِيهَا نِعَمًا جَلِيلَة , أَنْقَذَهُمْ فِيهَا مِنْ آل فِرْعَوْن بَعْدَمَا كَانُوا فِيمَا كَانُوا مِنْ الْعَذَاب الْمَهِين , وَغَرَّقَ عَدُوّهُمْ فِرْعَوْن وَقَوْمه , وَأَوْرَثَهُمْ أَرْضهمْ وَدِيَارهمْ وَأَمْوَالهمْ . وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة يَقُول : مَعْنَاهُ : خَوِّفْهُمْ بِمَا نَزَلَ بِعَادٍ وَثَمُود وَأَشْبَاههمْ مِنْ الْعَذَاب , وَبِالْعَفْوِ عَنْ الْآخَرِينَ . قَالَ : وَهُوَ فِي الْمَعْنَى كَقَوْلِك : خُذْهُمْ بِالشِّدَّةِ وَاللِّين. وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ : قَدْ وَجَدْنَا لِتَسْمِيَةِ النِّعَم بِالْأَيَّامِ شَاهِدًا فِي كَلَامهمْ . ثُمَّ اِسْتَشْهَدَ لِذَلِكَ بِقَوْلِ عَمْرو بْن كُلْثُوم : <br>وَأَيَّام لَنَا غُرّ طِوَال .......... عَصَيْنَا الْمَلْك فِيهَا أَنْ نَدِينَا <br>وَقَالَ : فَقَدْ يَكُون إِنَّمَا جَعَلَهَا غُرًّا طِوَالًا لِإِنْعَامِهِمْ عَلَى النَّاس فِيهَا . وَقَالَ : فَهَذَا شَاهِد لِمَنْ قَالَ : { وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّه } بِنِعَمِ اللَّه . ثُمَّ قَالَ : وَقَدْ يَكُون تَسْمِيَتهَا غُرًّا , لِعُلُوِّهِمْ عَلَى الْمَلِك وَامْتِنَاعهمْ مِنْهُ , فَأَيَّامهمْ غُرّ لَهُمْ وَطِوَال عَلَى أَعْدَائِهِمْ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَلَيْسَ لِلَّذِي قَالَ هَذَا الْقَوْل , مِنْ أَنَّ فِي هَذَا الْبَيْت دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الْأَيَّام مَعْنَاهَا النِّعَم وَجْه , لِأَنَّ عَمْرو بْن كُلْثُوم إِنَّمَا وَصَفَ مَا وَصَفَ مِنْ الْأَيَّام بِأَنَّهَا غُرّ , لِعِزِّ عَشِيرَته فِيهَا , وَامْتِنَاعهمْ عَلَى الْمَلِك مِنْ الْإِذْعَان لَهُ بِالطَّاعَةِ , وَذَلِكَ كَقَوْلِ النَّاس : مَا كَانَ لِفُلَانٍ قَطُّ يَوْم أَبْيَض , يَعْنُونَ بِذَلِكَ : أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْم مَذْكُور بِخَيْرٍ . وَأَمَّا وَصْفه إِيَّاهَا بِالطُّولِ , فَإِنَّهَا لَا تُوصَف بِالطُّولِ إِلَّا فِي حَال شِدَّة , كَمَا قَالَ النَّابِغَة : <br>كِلِينِي لِهَمٍّ يَا أُمَيْمَة نَاصِب .......... وَلَيْل أُقَاسِيه بَطِيء الْكَوَاكِب <br>فَإِنَّمَا وَصَفَهَا عَمْرو بِالطُّولِ لِشِدَّةِ مَكْرُوههَا عَلَى أَعْدَاء قَوْمه , وَلَا وَجْه لِذَلِكَ غَيْر مَا قُلْت . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15596 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن طَلْحَة الْيَرْبُوعِيّ , قَالَ : ثَنَا فُضَيْل بْن عِيَاض , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّه } قَالَ : بِأَنْعُمِ اللَّه . )- حَدَّثَنِي إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن حَبِيب بْن الشَّهِيد . قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عُبَيْد الْمُكَتَّب , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّه } قَالَ : بِنِعَمِ اللَّه . )* حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ عُبَيْد الْمُكَتَّب , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * حَدَّثَنَا أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا عَبْثَر , عَنْ حُصَيْن , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى | ح | ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { بِأَيَّامِ اللَّه } قَالَ : بِنِعَمِ اللَّه . )* حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا شَبَابَة , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله. * حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله. 15597 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّه } قَالَ : بِالنِّعَمِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْهِمْ : أَنْجَاهُمْ مِنْ آل فِرْعَوْن , وَفَلَقَ لَهُمْ الْبَحْر , وَظَلَّلَ عَلَيْهِمْ الْغَمَام , وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمْ الْمَنّ وَالسَّلْوَى . )15598 - حَدَّثَنَا أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا حَبِيب بْن حَسَّان , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : ( { وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّه } قَالَ : بِنِعَمِ اللَّه . )15599 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّه } يَقُول : ذَكِّرْهُمْ بِنِعَمِ اللَّه عَلَيْهِمْ . )* حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّه } قَالَ : بِنِعَمِ اللَّه . )15600 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْل اللَّه : ( { وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّه } قَالَ : أَيَّامه الَّتِي اِنْتَقَمَ فِيهَا مِنْ أَهْل مَعَاصِيه مِنْ الْأُمَم خَوِّفْهُمْ بِهَا , وَحَذِّرْهُمْ إِيَّاهَا , وَذَكِّرْهُمْ أَنْ يُصِيبهُمْ مَا أَصَابَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ . )15601 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن أَبَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ سَعْد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس . عَنْ أُبَيّ , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( { وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّه } قَالَ : | نِعَم اللَّه | ). 15602 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنْ الثَّوْرِيّ , عَنْ عُبَيْد اللَّه أَوْ غَيْره , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّه } قَالَ : بِنِعَمِ اللَّه .)|إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ| { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات لِكُلِّ صَبَّار شَكُور } يَقُول : إِنَّ فِي الْأَيَّام الَّتِي سَلَفَتْ بِنِعَمِي عَلَيْهِمْ , يَعْنِي عَلَى قَوْم مُوسَى لَآيَات , يَعْنِي : لَعِبَرًا وَمَوَاعِظ لِكُلِّ صَبَّار شَكُور : يَقُول : لِكُلِّ ذِي صَبْر عَلَى طَاعَة اللَّه وَشُكْر لَهُ عَلَى مَا أَنْعَمَ عَلَيْهِ مِنْ نِعَمه . 15603 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا هِشَام , عَنْ عَمْرو , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : ( { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات لِكُلِّ صَبَّار شَكُور } قَالَ : نِعْمَ الْعَبْد , عَبْد إِذَا اُبْتُلِيَ صَبَرَ وَإِذَا أُعْطِيَ شَكَرَ.)
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اُذْكُرُوا نِعْمَة اللَّه عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آل فِرْعَوْن يَسُومُونَكُمْ سُوء الْعَذَاب وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَاذْكُرْ يَا مُحَمَّد إِذْ قَالَ مُوسَى بْن عِمْرَان لِقَوْمِهِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل : { اُذْكُرُوا نِعْمَة اللَّه عَلَيْكُمْ } الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْكُمْ { إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آل فِرْعَوْن } يَقُول : حِين أَنْجَاكُمْ مِنْ أَهْل دِين فِرْعَوْن وَطَاعَته . { يَسُومُونَكُمْ سُوء الْعَذَاب } : أَيْ يُذِيقُونَكُمْ شَدِيد الْعَذَاب . { وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ } وَأُدْخِلَتْ الْوَاو فِي هَذَا الْمَوْضِع لِأَنَّهُ أُرِيدَ بِقَوْلِهِ : { وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ } الْخَبَر عَنْ أَنَّ آل فِرْعَوْن كَانُوا يُعَذِّبُونَ بَنِي إِسْرَائِيل بِأَنْوَاعٍ مِنْ الْعَذَاب غَيْر التَّذْبِيح وَبِالتَّذْبِيحِ . وَأَمَّا فِي مَوْضِع آخَر مِنْ الْقُرْآن , فَإِنَّهُ جَاءَ بِغَيْرِ الْوَاو : { يَسُومُونَكُمْ سُوء الْعَذَاب يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ } فِي مَوْضِع ; وَفِي مَوْضِع : { يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ } , وَلَمْ تَدْخُل الْوَاو فِي الْمَوَاضِع الَّتِي لَمْ تَدْخُل فِيهَا لِأَنَّهُ أُرِيدَ بِقَوْلِهِ : { يُذَبِّحُونَ } وَبِقَوْلِهِ : { يُقَتِّلُونَ } تَبْيِينه صِفَات الْعَذَاب الَّذِي كَانُوا يَسُومُونَهُمْ , وَكَذَلِكَ الْعَمَل فِي كُلّ جُمْلَة أُرِيدَ تَفْصِيلهَا فَبِغَيْرِ الْوَاو تَفْصِيلهَا , وَإِذَا أُرِيدَ الْعَطْف عَلَيْهَا بِغَيْرِهَا وَغَيْر تَفْصِيلهَا فَالْوَاو . 15604 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر , عَنْ اِبْن عُيَيْنَة , فِي قَوْله : ( { وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اُذْكُرُوا نِعْمَة اللَّه عَلَيْكُمْ } : أَيَادِي اللَّه عِنْدكُمْ وَأَيَّامه .)|وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ|وَقَوْله : { وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ } يَقُول : وَيُبْقُونَ نِسَاءَكُمْ فَيَتْرُكُونَ قَتْلهنَّ ; وَذَلِكَ اِسْتِحْيَاؤُهُمْ كَانَ إِيَّاهُنَّ . وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع , وَمَعْنَاهُ : يَتْرُكُونَهُمْ , وَالْحَيَاة : هِيَ التَّرْك . وَمِنْهُ الْخَبَر الَّذِي رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : | اُقْتُلُوا شُيُوخ الْمُشْرِكِينَ وَاسْتَحْيُوا شَرْخهمْ | بِمَعْنَى : اِسْتَبْقُوهُمْ فَلَا تَقْتُلُوهُمْ . { وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاء مِنْ رَبّكُمْ عَظِيم } يَقُول تَعَالَى : وَفِيمَا يَصْنَع بِكُمْ آل فِرْعَوْن مِنْ أَنْوَاع الْعَذَاب بَلَاء لَكُمْ مِنْ رَبّكُمْ عَظِيم : أَيْ اِبْتِلَاء وَاخْتِبَار لَكُمْ مِنْ رَبّكُمْ عَظِيم . وَقَدْ يَكُون الْبَلَاء فِي هَذَا الْمَوْضِع نَعْمَاء , وَقَدْ يَكُون مَعْنَاهُ : مِنْ الْبَلَاء الَّذِي قَدْ يُصِيب النَّاس فِي الشَّدَائِد وَغَيْرهَا .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبّكُمْ } </subtitle>يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَاذْكُرُوا أَيْضًا حِين آذَنكُمْ رَبّكُمْ . وَتَأَذَّنَ : تَفَعَّلَ مِنْ أَذِنَ , وَالْعَرَب رُبَّمَا وَضَعَتْ | تَفَعَّلَ | مَوْضِع | أَفْعَلَ | , كَمَا قَالُوا : أَوْعَدْته وَتَوَعَّدْته بِمَعْنًى وَاحِد , وَآذَنَ : أَعْلَمَ , كَمَا قَالَ الْحَارِث بْن حِلِّزَة : <br>آذَنَتْنَا بِبَيْنِهَا أَسْمَاء .......... رُبّ ثَاوٍ يُمَلّ مِنْهُ الثَّوَاء <br>يَعْنِي بِقَوْلِهِ : آذَنَتْنَا : أَعْلَمَتْنَا . وَذُكِرَ عَنْ اِبْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبّكُمْ } | وَإِذْ قَالَ رَبّكُمْ | . 15605 - حَدَّثَنِي بِذَلِكَ الْحَارِث , قَالَ : ثَنِي عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش عَنْهُ ; حَدَّثَنِي يُونُس قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبّكُمْ } : وَإِذْ قَالَ رَبّكُمْ ذَلِكَ التَّأَذُّن .)|لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ|وَقَوْله : { لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ } يَقُول : لَئِنْ شَكَرْتُمْ رَبّكُمْ بِطَاعَتِكُمْ إِيَّاهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ وَنَهَاكُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ فِي أَيَادِيه عِنْدكُمْ وَنِعَمه عَلَيْكُمْ عَلَى مَا قَدْ أَعْطَاكُمْ مِنْ النَّجَاة مِنْ آل فِرْعَوْن وَالْخَلَاص مِنْ عَذَابهمْ . وَقِيلَ فِي ذَلِكَ قَوْل غَيْره , وَهُوَ مَا : 15606 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن بْن الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : سَمِعْت عَلِيّ بْن صَالِح , يَقُول فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : ( { لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ } قَالَ : أَيْ مِنْ طَاعَتِي . )* حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك قَالَ : سَمِعْت عَلِيّ بْن صَالِح , فَذَكَرَ نَحْوه . 15607 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان : ( { لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ } قَالَ : مِنْ طَاعَتِي . )15608 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثَنَا مَالِك بْن مِغْوَل , عَنْ أَبَان بْن أَبِي عَيَّاش , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : ( { لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ } قَالَ : مِنْ طَاعَتِي. )وَلَا وَجْه لِهَذَا الْقَوْل يُفْهَم , لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرِ لِلطَّاعَةِ فِي هَذَا الْمَوْضِع ذِكْر , فَيُقَال : إِنْ شَكَرْتُمُونِي عَلَيْهَا زِدْتُكُمْ مِنْهَا , وَإِنَّمَا جَرَى ذِكْر الْخَبَر عَنْ إِنْعَام اللَّه عَلَى قَوْم مُوسَى بِقَوْلِهِ : { وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اُذْكُرُوا نِعْمَة اللَّه عَلَيْكُمْ } ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ اللَّه أَعْلَمَهُمْ إِنْ شَكَرُوهُ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَة زَادَهُمْ , فَالْوَاجِب فِي الْمَفْهُوم أَنْ يَكُون مَعْنَى الْكَلَام : زَادَهُمْ مِنْ نِعَمه , لَا مِمَّا لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْر مِنْ الطَّاعَة , إِلَّا أَنْ يَكُون أُرِيدَ بِهِ : لَئِنْ شَكَرْتُمْ فَأَطَعْتُمُونِي بِالشُّكْرِ لَأَزِيدَنَّكُمْ مِنْ أَسْبَاب الشُّكْر مَا يُعِينكُمْ عَلَيْهِ , فَيَكُون ذَلِكَ وَجْهًا .|وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ|وَقَوْله : { وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيد } يَقُول : وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ أَيّهَا الْقَوْم نِعْمَة اللَّه , فَجَحَدْتُمُوهَا , بِتَرْكِ شُكْره عَلَيْهَا , وَخِلَافه فِي أَمْره وَنَهْيه وَرُكُوبكُمْ مَعَاصِيه ; { إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيد } : أُعَذِّبكُمْ كَمَا أُعَذِّب مَنْ كَفَرَ بِي مِنْ خَلْقِي. وَكَانَ بَعْض الْبَصْرِيِّينَ يَقُول فِي مَعْنَى قَوْله : { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبّكُمْ } وَيَقُول : | إِذْ | مِنْ حُرُوف الزَّوَائِد . وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى فَسَاد ذَلِكَ فِيمَا مَضَى قَبْل .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْض جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّه لَغَنِيّ حَمِيد } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَقَالَ مُوسَى } لِقَوْمِهِ : { إِنْ تَكْفُرُوا } أَيّهَا الْقَوْم , فَتَجْحَدُوا نِعْمَة اللَّه الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَيْكُمْ أَنْتُمْ , وَيَفْعَل فِي ذَلِكَ مِثْل فِعْلكُمْ { مَنْ فِي الْأَرْض جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّه لَغَنِيّ } عَنْكُمْ وَعَنْهُمْ مِنْ جَمِيع خَلْقه , لَا حَاجَة بِهِ إِلَى شُكْركُمْ إِيَّاهُ عَلَى نِعَمه عِنْد جَمِيعكُمْ , { حَمِيد } ذُو حَمْد إِلَى خَلْقه بِمَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِمْ . كَمَا : 15609 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن هَاشِم , قَالَ : أَخْبَرَنَا سَيْف , عَنْ أَبِي رَوْق , عَنْ أَبِي أَيُّوب , عَنْ عَلِيّ : ( { فَإِنَّ اللَّه لَغَنِيّ } قَالَ : غَنِيّ عَنْ خَلْقه , { حَمِيد } قَالَ : مُسْتَحْمَد إِلَيْهِمْ .)
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأ الَّذِينَ مِنْ قَبْلكُمْ قَوْم نُوح وَعَاد وَثَمُود وَاَلَّذِينَ مِنْ بَعْدهمْ لَا يَعْلَمهُمْ إِلَّا اللَّه } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل مُوسَى لِقَوْمِهِ : يَا قَوْم { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأ الَّذِينَ مِنْ قَبْلكُمْ } يَقُول : خَبَر الَّذِينَ مِنْ قَبْلكُمْ مِنْ الْأُمَم الَّتِي مَضَتْ قَبْلكُمْ , { قَوْم نُوح وَعَاد وَثَمُود } وَقَوْم عَاد فَبَيَّنَ بِهِمْ عَنْ | الَّذِينَ | , وَعَاد مَعْطُوف بِهَا عَلَى قَوْم نُوح. { وَاَلَّذِينَ مِنْ بَعْدهمْ } يَعْنِي : مِنْ بَعْد قَوْم نُوح وَعَاد وَثَمُود . { لَا يَعْلَمهُمْ إِلَّا اللَّه } يَقُول : لَا يُحْصِي عَدَدهمْ وَلَا يَعْلَم مَبْلَغهمْ إِلَّا اللَّه . كَمَا : 15610 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ عَمْرو بْن مَيْمُون : ( { وَعَاد وَثَمُود وَاَلَّذِينَ مِنْ بَعْدهمْ لَا يَعْلَمهُمْ إِلَّا اللَّه } قَالَ : كَذَبَ النَّسَّابُونَ . )15611 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ عَمْرو بْن مَيْمُون , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود بِمِثْلِ ذَلِكَ . 15612 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا شَبَابَة , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ عَمْرو بْن مَيْمُون , قَالَ : (ثَنَا اِبْن مَسْعُود , أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا : | وَعَادًا وَثَمُود وَاَلَّذِينَ مِنْ بَعْدهمْ لَا يَعْلَمهُمْ إِلَّا اللَّه | ثُمَّ يَقُول : كَذَبَ النَّسَّابُونَ . )- حَدَّثَنِي اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عِيسَى بْن جَعْفَر , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ عَمْرو بْن مَيْمُون , عَنْ عَبْد اللَّه , مِثْله.|جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ|وَقَوْله : { جَاءَتْهُمْ رُسُلهمْ بِالْبَيِّنَاتِ } يَقُول : جَاءَتْ هَؤُلَاءِ الْأُمَم رُسُلهمْ الَّذِينَ أَرْسَلَهُمْ اللَّه إِلَيْهِمْ بِدُعَائِهِمْ إِلَى إِخْلَاص الْعِبَادَة لَهُ بِالْبَيِّنَاتِ , يَعْنِي بِالْحُجَجِ الْوَاضِحَات وَالدَّلَالَات الْبَيِّنَات الظَّاهِرَات عَلَى حَقِيقَة مَا دَعَوْهُمْ إِلَيْهِ مِنْ مُعْجِزَات .|فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ|وَقَوْله : { فَرَدُّوا أَيْدِيهمْ فِي أَفْوَاههمْ } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : فَعَضُّوا عَلَى أَصَابِعهمْ تَغَيُّظًا عَلَيْهِمْ فِي دُعَائِهِمْ إِيَّاهُمْ مَا دَعَوْهُمْ إِلَيْهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15613 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار وَمُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَا : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ ثَنَا سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ أَبِي الْأَحْوَص , عَنْ عَبْد اللَّه : ( { فَرَدُّوا أَيْدِيهمْ فِي أَفْوَاههمْ } قَالَ : عَضُّوا عَلَيْهَا تَغَيُّظًا . )- حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ أَبِي الْأَحْوَص , عَنْ عَبْد اللَّه , فِي قَوْله : ( { فَرَدُّوا أَيْدِيهمْ فِي أَفْوَاههمْ } قَالَ : غَيْظًا هَكَذَا . وَعَضَّ يَده . )- حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ أَبِي الْأَحْوَص , عَنْ عَبْد اللَّه : ( { فَرَدُّوا أَيْدِيهمْ فِي أَفْوَاههمْ } قَالَ : عَضُّوهَا )- حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن رَجَاء الْبَصْرِيّ , قَالَ : ثَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ أَبِي الْأَحْوَص , عَنْ عَبْد اللَّه فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : ( { فَرَدُّوا أَيْدِيهمْ فِي أَفْوَاههمْ } قَالَ : عَضُّوا عَلَى أَصَابِعهمْ . )- حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثَنَا شَرِيك , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ أَبِي الْأَحْوَص , عَنْ عَبْد اللَّه : ( { فَرَدُّوا أَيْدِيهمْ فِي أَفْوَاههمْ } قَالَ : عَضُّوا عَلَى أَطْرَاف أَصَابِعهمْ . )- حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ هُبَيْرَة , عَنْ عَبْد اللَّه أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { فَرَدُّوا أَيْدِيهمْ فِي أَفْوَاههمْ } قَالَ : أَنْ يَحْمِل إِصْبَعه فِي فِيهِ. )- حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَا : ثَنَا أَبُو قَطَن , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ هُبَيْرَة , عَنْ عَبْد اللَّه فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : ( { فَرَدُّوا أَيْدِيهمْ فِي أَفْوَاههمْ } وَوَضَعَ شُعْبَة أَطْرَاف أَنَامِله الْيُسْرَى عَلَى فِيهِ . )- حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن عَبَّاد , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاق , عَنْ هُبَيْرَة , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه ( { فَرَدُّوا أَيْدِيهمْ فِي أَفْوَاههمْ } قَالَ : هَكَذَا , وَأَدْخَلَ أَصَابِعه فِي فِيهِ . )- حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا عَفَّان , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , قَالَ أَبُو إِسْحَاق : أَنْبَأَنَا عَنْ هُبَيْرَة , عَنْ عَبْد اللَّه أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { فَرَدُّوا أَيْدِيهمْ فِي أَفْوَاههمْ } قَالَ أَبُو عَلِيّ : وَأَرَانَا عَفَّان , وَأَدْخَلَ أَطْرَاف أَصَابِع كَفّه مَبْسُوطَة فِي فِيهِ , وَذَكَرَ أَنَّ شُعْبَة أَرَاهُ كَذَلِكَ . )- حَدَّثَنَا أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان وَإِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ أَبِي الْأَحْوَص , عَنْ عَبْد اللَّه : ( { فَرَدُّوا أَيْدِيهمْ فِي أَفْوَاههمْ } قَالَ : عَضُّوا عَلَى أَنَامِلهمْ . وَقَالَ سُفْيَان : عَضُّوا غَيْظًا. )15614 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { فَرَدُّوا أَيْدِيهمْ فِي أَفْوَاههمْ } فَقَرَأَ : { عَضُّوا عَلَيْكُمْ الْأَنَامِل مِنْ الْغَيْظ } قَالَ : وَمَعْنَى : { رَدُّوا أَيْدِيهمْ فِي أَفْوَاههمْ } قَالَ : أَدْخَلُوا أَصَابِعهمْ فِي أَفْوَاههمْ , وَقَالَ : إِذَا اِغْتَاظَ الْإِنْسَان عَضَّ يَد . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : أَنَّهُمْ لَمَّا سَمِعُوا كِتَاب اللَّه عَجِبُوا مِنْهُ , وَوَضَعُوا أَيْدِيهمْ عَلَى أَفْوَاههمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15615 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { فَرَدُّوا أَيْدِيهمْ فِي أَفْوَاههمْ } قَالَ : لَمَّا سَمِعُوا كِتَاب اللَّه عَجِبُوا وَرَجَعُوا بِأَيْدِيهِمْ إِلَى أَفْوَاههمْ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ كَذَّبُوهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15616 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد | ح | وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : ( { فَرَدُّوا أَيْدِيهمْ فِي أَفْوَاههمْ } قَالَ : رَدُّوا عَلَيْهِمْ قَوْلهمْ وَكَذَّبُوهُمْ . )* حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا شَبَابَة , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 15617 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { جَاءَتْهُمْ رُسُلهمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيهمْ فِي أَفْوَاههمْ } يَقُول : قَوْمهمْ كَذَّبُوا رُسُلهمْ وَرَدُّوا عَلَيْهِمْ مَا جَاءُوا بِهِ مِنْ الْبَيِّنَات وَرَدُّوا عَلَيْهِمْ بِأَفْوَاهِهِمْ , وَقَالُوا : { إِنَّا لَفِي شَكّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيب } . )15618 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { فَرَدُّوا أَيْدِيهمْ فِي أَفْوَاههمْ } قَالَ : رَدُّوا عَلَى الرُّسُل مَا جَاءَتْ بِهِ . )وَكَأَنَّ مُجَاهِدًا وَجَّهَ قَوْله : { فَرَدُّوا أَيْدِيهمْ فِي أَفْوَاههمْ } إِلَى مَعْنَى : رَدُّوا أَيَادِي اللَّه الَّتِي لَوْ قَبِلُوهَا كَانَتْ أَيَادٍ وَنِعَمًا عِنْدهمْ فَلَمْ يَقْبَلُوهَا . وَوَجَّهَ قَوْله : { فِي أَفْوَاههمْ } إِلَى مَعْنَى : بِأَفْوَاهِهِمْ , يَعْنِي : بِأَلْسِنَتِهِمْ الَّتِي فِي أَفْوَاههمْ . وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ بَعْض الْعَرَب سَمَاعًا : أَدْخَلَك اللَّه بِالْجَنَّةِ , يَعْنُونَ فِي الْجَنَّة , وَيُنْشِد هَذَا الْبَيْت : <br>وَأَرْغَب فِيهَا عَنْ لَقِيط وَرَهْطه .......... وَلَكِنَّنِي عَنْ سِنْبِسٍ لَسْت أَرْغَب <br>يُرِيد : وَأَرْغَب فِيهَا : يَعْنِي أَرْغَب بِهَا عَنْ لَقِيط وَلَا أَرْغَب بِهَا عَنْ قَبِيلَتِي . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : أَنَّهُمْ كَانُوا يَضَعُونَ أَيْدِيهمْ عَلَى أَفْوَاه الرُّسُل رَدًّا عَلَيْهِمْ قَوْلهمْ , وَتَكْذِيبًا لَهُمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : هَذَا مَثَل , وَإِنَّمَا أُرِيدَ أَنَّهُمْ كَفُّوا عَمَّا أُمِرُوا بِقَبُولِهِ مِنْ الْحَقّ وَلَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ وَلَمْ يُسْلِمُوا , وَقَالَ : يُقَال الرَّجُل إِذَا أَمْسَكَ عَنْ الْجَوَاب فَلَمْ يُجِبْ : رَدَّ يَده فِي فَمه . وَذَكَرَ بَعْضهمْ أَنَّ الْعَرَب تَقُول : كَلَّمْت فُلَانًا فِي حَاجَة فَرَدَّ يَده فِي فِيهِ : إِذَا سَكَتَ عَنْهُ فَلَمْ يُجِبْ . وَهَذَا أَيْضًا قَوْل لَا وَجْه لَهُ لِأَنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ذِكْره قَدْ أَخْبَرَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا : إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ . فَقَدْ أَجَابُوا بِالتَّكْذِيبِ . وَأَشْبَه هَذِهِ الْأَقْوَال عِنْدِي بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيل هَذِهِ الْآيَة الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود أَنَّهُمْ رَدُّوا أَيْدِيهمْ فِي أَفْوَاههمْ , فَعَضُّوا عَلَيْهَا غَيْظًا عَلَى الرُّسُل , كَمَا وَصَفَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِهِ إِخْوَانهمْ مِنْ الْمُنَافِقِينَ , فَقَالَ : { وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمْ الْأَنَامِل مِنْ الْغَيْظ } فَهَذَا هُوَ الْكَلَام الْمَعْرُوف وَالْمَعْنَى الْمَفْهُوم مِنْ رَدّ الْيَد إِلَى الْفَم .|وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ|وَقَوْله : { وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ } يَقُول عَزَّ وَجَلَّ : وَقَالُوا لِرُسُلِهِمْ : إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أَرْسَلَكُمْ بِهِ مَنْ أَرْسَلَكُمْ مِنْ الدُّعَاء إِلَى تَرْك عِبَادَة الْأَوْثَان وَالْأَصْنَام وَإِنَّا لَفِي شَكّ مِنْ حَقِيقَة مَا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مِنْ تَوْحِيد اللَّه . { مُرِيب } يَقُول : يُرِيبنَا ذَلِكَ الشَّكّ : أَيْ يُوجِب لَنَا الرِّيبَة وَالتُّهْمَة فِيهِ , يُقَال مِنْهُ : أَرَابَ الرَّجُل : إِذَا أَتَى بِرِيبَةٍ , يُرِيب إِرَابَة .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَتْ رُسُلهمْ أَفِي اللَّه شَكّ فَاطِر السَّمَاوَات وَالْأَرْض يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِر لَكُمْ مِنْ ذُنُوبكُمْ وَيُؤَخِّركُمْ إِلَى أَجَل مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَر مِثْلنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُد آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِين } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَتْ رُسُل الْأُمَم الَّتِي أَتَتْهَا رُسُلهَا : أَفِي اللَّه أَنَّهُ الْمُسْتَحِقّ عَلَيْكُمْ أَيّهَا النَّاس الْأُلُوهَة وَالْعِبَادَة دُون جَمِيع خَلْقه , شَكّ ؟ وَقَوْله : { فَاطِر السَّمَاوَات وَالْأَرْض } يَقُول : خَالِق السَّمَاوَات وَالْأَرْض . { يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِر لَكُمْ مِنْ ذُنُوبكُمْ } يَقُول : يَدْعُوكُمْ إِلَى تَوْحِيده وَطَاعَته . { لِيَغْفِر لَكُمْ مِنْ ذُنُوبكُمْ } يَقُول : فَيَسْتُر عَلَيْكُمْ بَعْض ذُنُوبكُمْ بِالْعَفْوِ عَنْهَا , فَلَا يُعَاقِبكُمْ عَلَيْهَا . { وَيُؤَخِّركُمْ } يَقُول : وَيُنْسِئ فِي آجَالكُمْ , فَلَا يُعَاقِبكُمْ فِي الْعَاجِل فَيُهْلِككُمْ , وَلَكِنْ يُؤَخِّركُمْ إِلَى الْوَقْت الَّذِي كُتِبَ فِي أُمّ الْكِتَاب أَنَّهُ يَقْبِضكُمْ فِيهِ , وَهُوَ الْأَجَل الَّذِي سَمَّى لَكُمْ . فَقَالَتْ الْأُمَم لَهُمْ : { إِنْ أَنْتُمْ } أَيّهَا الْقَوْم { إِلَّا بَشَر مِثْلنَا } فِي الصُّورَة وَالْهَيْئَة , وَلَسْتُمْ مَلَائِكَة , وَإِنَّمَا تُرِيدُونَ بِقَوْلِكُمْ هَذَا الَّذِي تَقُولُونَ لَنَا { أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُد آبَاؤُنَا } يَقُول : إِنَّمَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصْرِفُونَا بِقَوْلِكُمْ عَنْ عِبَادَة مَا كَانَ يَعْبُدهُ مِنْ الْأَوْثَان آبَاؤُنَا : { فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِين } يَقُول : فَأْتُونَا بِحُجَّةٍ عَلَى مَا تَقُولُونَ تُبَيِّن لَنَا حَقِيقَته وَصِحَّته , فَنَعْلَم أَنَّكُمْ فِيمَا تَقُولُونَ مُحِقُّونَ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَتْ لَهُمْ رُسُلهمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَر مِثْلكُمْ وَلَكِنَّ اللَّه يَمُنّ عَلَى مَنْ يَشَاء مِنْ عِبَاده وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّه وَعَلَى اللَّه فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَتْ الرُّسُل لِأُمَمِهِمْ الَّتِي أُرْسِلُوا إِلَيْهَا { إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَر مِثْلكُمْ } صَدَقْتُمْ فِي قَوْلكُمْ { إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَر مِثْلنَا } فَمَا نَحْنُ إِلَّا بَشَر مِنْ بَنِي آدَم إِنْس مِثْلكُمْ , { وَلَكِنَّ اللَّه يَمُنّ عَلَى مَنْ يَشَاء مِنْ عِبَاده } يَقُول : وَلَكِنَّ اللَّه يَتَفَضَّل عَلَى مَنْ يَشَاء مِنْ خَلْقه , فَيَهْدِيه وَيُوَفِّقهُ لِلْحَقِّ , وَيُفَضِّلهُ عَلَى كَثِير مِنْ خَلْقه . { وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ } يَقُول : وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيكُمْ بِحُجَّةٍ وَبُرْهَان عَلَى مَا نَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ { إِلَّا بِإِذْنِ اللَّه } يَقُول : إِلَّا بِأَمْرِ اللَّه لَنَا بِذَلِكَ. { وَعَلَى اللَّه فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ } يَقُول : وَبِاَللَّهِ فَلْيَثِقْ بِهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَأَطَاعَهُ فَإِنَّا بِهِ نَثِق وَعَلَيْهِ نَتَوَكَّل. 15619 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَا : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِين } قَالَ : السُّلْطَان الْمُبِين : الْبُرْهَان وَالْبَيِّنَة . وَقَوْله : { مَا لَمْ يُنَزِّل بِهِ سُلْطَانًا } قَالَ : بَيِّنَة وَبُرْهَانًا .)
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّل عَلَى اللَّه وَقَدْ هَدَانَا سُبُلنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّه فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُتَوَكِّلُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل الرُّسُل لِأُمَمِهِمْ : { وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّل عَلَى اللَّه } فَنَثِق بِهِ وَبِكِفَايَتِهِ وَدِفَاعه إِيَّاكُمْ عَنَّا , { وَقَدْ هَدَانَا سُبُلنَا } يَقُول : وَقَدْ بَصُرْنَا طَرِيق النَّجَاة مِنْ عَذَابه , فَبَيَّنَ لَنَا . { وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا } فِي اللَّه وَعَلَى مَا نَلْقَى مِنْكُمْ مِنْ الْمَكْرُوه فِيهِ بِسَبَبِ دُعَائِنَا إِلَيْكُمْ إِلَى مَا نَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ مِنْ الْبَرَاءَة مِنْ الْأَوْثَان وَالْأَصْنَام وَإِخْلَاص الْعِبَادَة لَهُ . { وَعَلَى اللَّه فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُتَوَكِّلُونَ } يَقُول : وَعَلَى اللَّه فَلْيَتَوَكَّلْ مَنْ كَانَ بِهِ وَاثِقًا مِنْ خَلْقه , فَأَمَّا مَنْ كَانَ بِهِ كَافِرًا فَإِنَّ وَلِيّه الشَّيْطَان .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتنَا } </subtitle>يَقُول عَزَّ ذِكْره : وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِاَللَّهِ لِرُسُلِهِمْ الَّذِينَ أُرْسِلُوا إِلَيْهِمْ حِين دَعَوْهُمْ إِلَى تَوْحِيد اللَّه وَإِخْلَاص الْعِبَادَة لَهُ وَفِرَاق عِبَادَة الْآلِهَة وَالْأَوْثَان : { لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضنَا } يَعْنُونَ : مِنْ بِلَادنَا , فَنَطْرُدكُمْ عَنْهَا . { أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتنَا } يَعْنُونَ : إِلَّا أَنْ تَعُودُوا فِي دِيننَا الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَة الْأَصْنَام . وَأُدْخِلَتْ فِي قَوْله : { لَتَعُودُنَّ } لَام , وَهُوَ فِي مَعْنَى شَرْط , كَأَنَّهُ جَوَاب لِلْيَمِينِ. وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَام : لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضنَا أَوْ تَعُودُنَّ فِي مِلَّتنَا , وَمَعْنَى | أَوْ | هَاهُنَا مَعْنَى | إِلَّا | أَوْ مَعْنَى | حَتَّى | كَمَا يُقَال فِي الْكَلَام : لَأَضْرِبَنَّك أَوْ تُقِرّ لِي , فَمِنْ الْعَرَب مَنْ يَجْعَل مَا بَعْد | أَوْ | فِي مِثْل هَذَا الْمَوْضِع عَطْفًا عَلَى مَا قَبْله جَزْمًا جَزَمُوهُ , وَإِنْ كَانَ نَصْبًا نَصَبُوهُ , وَإِنْ كَانَ فِيهِ لَام جَعَلُوا فِيهِ لَامًا , إِذْ كَانَتْ | أَوْ | حَرْف نَسَق. وَمِنْهُمْ مِنْ يَنْصِب | مَا | بَعْد | أَوْ | بِكُلِّ حَال , لِيُعْلِم بِنَصْبِهِ أَنَّهُ عَنْ الْأَوَّل مُنْقَطِع عَمَّا قَبْله , كَمَا قَالَ اِمْرُؤُ الْقَيْس : <br>بَكَى صَاحِبِي لَمَّا رَأَى الدَّرْب دُونه .......... وَأَيْقَنَ أَنَّا لَاحِقَانِ بِقَيْصَرَا <br><br>فَقُلْت لَهُ : لَا تَبْكِ عَيْنك إِنَّمَا .......... نُحَاوِل مُلْكًا أَوْ نَمُوت فَنُعْذَرَا <br>فَنَصَبَ | نَمُوت فَنُعْذَرَا | وَقَدْ رَفَعَ | نُحَاوِل | , لِأَنَّهُ أَرَادَ مَعْنَى : الْآن نَمُوت , أَوْ حَتَّى نَمُوت , وَمِنْهُ قَوْل الْآخَر : <br>لَا أَسْتَطِيع نُزُوعًا عَنْ مَوَدَّتهَا .......... أَوْ يَصْنَع الْحُبّ بِي غَيْر الَّذِي صَنَعَا<br>|فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ|وَقَوْله : { فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبّهمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ } الَّذِي ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ , فَأَوْجَبُوا لَهَا عِقَاب اللَّه بِكُفْرِهِمْ وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُون قِيلَ لَهُمْ : الظَّالِمُونَ لِعِبَادَتِهِمْ , مَنْ لَا تَجُوز عِبَادَته مِنْ الْأَوْثَان وَالْآلِهَة , فَيَكُون بِوَضْعِهِمْ الْعِبَادَة فِي غَيْر مَوْضِعهَا إِذْ كَانَ ظُلْمًا سُمُّوا بِذَلِكَ ظَالِمِينَ .
وَقَوْله : { وَلَنُسْكِنَنَّكُم الْأَرْض مِنْ بَعْدهمْ } هَذَا وَعْد مِنْ اللَّه مَنْ وَعَدَ مِنْ أَنْبِيَائِهِ النَّصْر عَلَى الْكَفَرَة بِهِ مِنْ قَوْمه , يَقُول : لَمَّا تَمَادَتْ أُمَم الرُّسُل فِي الْكُفْر , وَتَوَعَّدُوا رُسُلهمْ بِالْوُقُوعِ بِهِمْ , أَوْحَى اللَّه إِلَيْهِمْ بِإِهْلَاكِ مَنْ كَفَرَ بِهِمْ مِنْ أُمَمهمْ وَوَعَدَهُمْ النَّصْر . وَكُلّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ اللَّه وَعِيدًا وَتَهْدِيدًا لِمُشْرِكِي قَوْم نَبِيّنَا مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى كُفْرهمْ بِهِ وَجَرَاءَتهمْ عَلَى نَبِيّه , وَتَثْبِيتًا لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمْرًا لَهُ بِالصَّبْرِ عَلَى مَا لَقِيَ مِنْ الْمَكْرُوه فِيهِ مِنْ مُشْرِكِي قَوْمه , كَمَا صَبَرَ مَنْ كَانَ قَبْله مِنْ أُولِي الْعَزْم مِنْ رُسُله , وَمَعْرِفَة أَنَّ عَاقِبَة أَمْر مَنْ كَفَرَ بِهِ الْهَلَاك وَعَاقِبَته النَّصْر عَلَيْهِمْ , { سُنَّة اللَّه فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْل } . 15620 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { وَلَنُسْكِنَنَّكُم الْأَرْض مِنْ بَعْدهمْ } قَالَ : وَعَدَهُمْ النَّصْر فِي الدُّنْيَا , وَالْجَنَّة فِي الْآخِرَة .)|ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ|وَقَوْله : { ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : هَكَذَا فَعَلَيَّ لِمَنْ خَافَ مَقَامه بَيْن يَدَيَّ , وَخَافَ وَعِيدِي فَاتَّقَانِي بِطَاعَتِهِ وَتَجَنَّبَ سَخَطِي , أَنْصُرهُ عَلَى مَنْ أَرَادَ بِهِ سُوءًا وَبَغَاهُ مَكْرُوهًا مِنْ أَعْدَائِي , أُهْلِك عَدُوّهُ وَأَخْزِيهِ وَأُوَرِّثهُ أَرْضه وَدِيَاره . وَقَالَ : { لِمَنْ خَافَ مَقَامِي } وَمَعْنَاهُ مَا قُلْت مِنْ أَنَّهُ لِمَنْ خَافَ مَقَامه بَيْن يَدَيَّ بِحَيْثُ أُقِيمهُ هُنَالِكَ لِلْحِسَابِ , كَمَا قَالَ : { وَتَجْعَلُونَ رِزْقكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } مَعْنَاهُ : وَتَجْعَلُونَ رِزْقِي إِيَّاكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ , وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَب تُضِيف أَفْعَالهَا إِلَى أَنْفُسهَا , وَإِلَى مَا أَوْقَعَتْ عَلَيْهِ , فَتَقُول : قَدْ سُرِرْت بِرُؤْيَتِك وَبِرُؤْيَتِي إِيَّاكَ , فَكَذَلِكَ ذَلِكَ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلّ جَبَّار عَنِيد } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاسْتَفْتَحَتْ الرُّسُل عَلَى قَوْمهَا : أَيْ اِسْتَنْصَرَتْ اللَّه عَلَيْهَا . { وَخَابَ كُلّ جَبَّار عَنِيد } يَقُول : هَلَكَ كُلّ مُتَكَبِّر جَائِر حَائِد عَنْ الْإِقْرَار بِتَوْحِيدِ اللَّه وَإِخْلَاص الْعِبَادَة لَهُ . وَالْعَنِيد وَالْعَانِد وَالْعَنُود بِمَعْنًى وَاحِد , وَمِنْ الْجَبَّار تَقُول : هُوَ جَبَّار بَيِّن الْجَبْرِيَّة وَالْجَبَرُوتِيَّة وَالْجَبْرُوَّة وَالْجَبَرُوت . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15621 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَاسْتَفْتَحُوا } قَالَ : الرُّسُل كُلّهَا , يَقُول : اِسْتَنْصَرُوا عَلَى أَعْدَائِهِمْ وَمُعَانِدِيهِمْ : أَيْ عَلَى مَنْ عَانَدَ عَنْ اِتِّبَاع الْحَقّ وَتَجَنَّبَهُ. )* حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا شَبَابَة , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , | ح | ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { وَاسْتَفْتَحُوا } قَالَ : الرُّسُل كُلّهَا اِسْتَنْصَرُوا . { وَخَابَ كُلّ جَبَّار عَنِيد } قَالَ : مُعَانِد لِلْحَقِّ مُجَانِبه . )* حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله. وَقَالَ اِبْن جُرَيْج : اِسْتَفْتَحُوا عَلَى قَوْمهمْ . 15622 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلّ جَبَّار عَنِيد } قَالَ : كَانَتْ الرُّسُل وَالْمُؤْمِنُونَ يَسْتَضْعِفهُمْ قَوْمهمْ , وَيَقْهَرُونَهُمْ , وَيُكَذِّبُونَهُمْ , وَيَدْعُونَهُمْ إِلَى أَنْ يَعُودُوا فِي مِلَّتهمْ , فَأَبَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لِرُسُلِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَعُودُوا فِي مِلَّة الْكُفْر , وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَتَوَكَّلُوا عَلَى اللَّه , وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَفْتِحُوا عَلَى الْجَبَابِرَة , وَوَعَدَهُمْ أَنْ يُسْكِنهُمْ الْأَرْض مِنْ بَعْدهمْ , فَأَنْجَزَ اللَّه لَهُمْ مَا وَعَدَهُمْ , وَاسْتَفْتَحُوا كَمَا أَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَفْتِحُوا . { وَخَابَ كُلّ جَبَّار عَنِيد } . )15623 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا الْحَجَّاج بْن الْمِنْهَال , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَوَانَة , عَنْ الْمُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , فِي قَوْله : ( { وَخَابَ كُلّ جَبَّار عَنِيد } قَالَ : هُوَ النَّاكِب عَنْ الْحَقّ ; أَيْ الْحَائِد عَنْ اِتِّبَاع طَرِيق الْحَقّ . )- حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا مُطَرِّف , عَنْ بِشْر , عَنْ هُشَيْم , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ سِمَاك , عَنْ إِبْرَاهِيم : ( { وَخَابَ كُلّ جَبَّار عَنِيد } قَالَ : النَّاكِب عَنْ الْحَقّ . )15624 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَاسْتَفْتَحُوا } يَقُول : اِسْتَنْصَرَتْ الرُّسُل عَلَى قَوْمهَا , قَوْله : { وَخَابَ كُلّ جَبَّار عَنِيد } وَالْجَبَّار الْعَنِيد : الَّذِي أَبَى أَنْ يَقُول : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه . )- حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { وَاسْتَفْتَحُوا } قَالَ : اِسْتَنْصَرَتْ الرُّسُل عَلَى قَوْمهَا . { وَخَابَ كُلّ جَبَّار عَنِيد } يَقُول : بَعِيد عَنْ الْحَقّ مُعْرِض عَنْهُ . )- حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله , (وَزَادَ فِيهِ : مُعْرِض عَنْهُ , أَبَى أَنْ يَقُول : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه . )15625 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَخَابَ كُلّ جَبَّار عَنِيد } قَالَ : الْعَنِيد عَنْ الْحَقّ الَّذِي يَعْنِد عَنْ الطَّرِيق , قَالَ : وَالْعَرَب تَقُول : شَرّ الْإِبِل الْعَنِيد الَّذِي يَخْرُج عَنْ الطَّرِيق . )15626 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلّ جَبَّار عَنِيد } قَالَ : الْجَبَّار : هُوَ الْمُتَجَبِّر. )وَكَانَ اِبْن زَيْد يَقُول فِي مَعْنَى قَوْله : { وَاسْتَفْتَحُوا } خِلَاف قَوْل هَؤُلَاءِ , وَيَقُول : إِنَّمَا اِسْتَفْتَحَتْ الْأُمَم , فَأُجِيبَتْ. 15627 حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَاسْتَفْتَحُوا } قَالَ : اِسْتِفْتَاحهمْ بِالْبَلَاءِ , قَالُوا : اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي أَتَى بِهِ مُحَمَّد هُوَ الْحَقّ مِنْ عِنْدك فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَة مِنْ السَّمَاء كَمَا أَمْطَرْتهَا عَلَى قَوْم لُوط , أَوْ اِئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيم ! قَالَ : كَانَ اِسْتِفْتَاحهمْ بِالْبَلَاءِ كَمَا اِسْتَفْتَحَ قَوْم هُود . { اِئْتِنَا بِمَا تَعِدنَا إِنْ كُنْت مِنْ الصَّادِقِينَ } قَالَ : فَالِاسْتِفْتَاح : الْعَذَاب . قَالَ : قِيلَ لَهُمْ : إِنَّ لِهَذَا أَجَلًا , حِين سَأَلُوا اللَّه أَنْ يُنَزِّل عَلَيْهِمْ , فَقَالَ : بَلْ نُؤَخِّرهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَص فِيهِ الْأَبْصَار , فَقَالُوا : لَا نُرِيد أَنْ نُؤَخَّر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة { رَبّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطّنَا } عَذَابنَا { قَالَ يَوْم الْحِسَاب } . وَقَرَأَ : { وَيَسْتَعْجِلُونَك بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَل مُسَمًّى لَجَاءَهُمْ الْعَذَاب } حَتَّى بَلَغَ : { وَمِنْ تَحْت أَرْجُلهمْ وَيَقُول ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } .)
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّم } </subtitle>يَقُول عَزَّ ذِكْره : { مِنْ وَرَائِهِ } مِنْ أَمَام كُلّ جَبَّار { جَهَنَّم } يَرِدُونَهَا . وَوَرَاء فِي هَذَا الْمَوْضِع : يَعْنِي أَمَام , كَمَا يُقَال : إِنَّ الْمَوْت مِنْ وَرَائِك : أَيْ قُدَّامك , وَكَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>أَتُوعِدُنِي وَرَاء بَنِي رِيَاح .......... كَذَبْت لَتَقْصُرَّنَّ يَدَاك دُونِي <br>يَعْنِي وَرَاء بَنِي رِيَاح : قُدَّام بَنِي رِيَاح وَأَمَامهمْ . وَكَانَ بَعْض نَحْوِيِّي أَهْل الْبَصْرَة يَقُول : إِنَّمَا يَعْنِي بِقَوْلِهِ : { مِنْ وَرَائِهِ } أَيْ مِنْ أَمَامه , لِأَنَّهُ وَرَاء مَا هُوَ فِيهِ , كَمَا يَقُول لَك : وَكُلّ هَذَا مِنْ وَرَائِك : أَيْ سَيَأْتِي عَلَيْك , وَهُوَ مِنْ وَرَاء مَا أَنْتَ فِيهِ لِأَنَّ مَا أَنْتَ فِيهِ قَدْ كَانَ قَبْل ذَلِكَ وَهُوَ مِنْ وَرَائِهِ . وَقَالَ : { وَرَاءَهُمْ مَلِك يَأْخُذ كُلّ سَفِينَة غَصْبًا } مِنْ هَذَا الْمَعْنَى : أَيْ كَانَ وَرَاء مَا هُمْ فِيهِ أَمَامهمْ . وَكَانَ بَعْض نَحْوِيِّي أَهْل الْكُوفَة يَقُول : أَكْثَر مَا يَجُوز هَذَا فِي الْأَوْقَات , لِأَنَّ الْوَقْت يَمُرّ عَلَيْك فَيَصِير خَلْفك إِذَا جُزْته , وَكَذَلِكَ كَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِك , لِأَنَّهُمْ يَجُوزُونَهُ فَيَصِير وَرَاءَهُمْ . وَكَانَ بَعْضهمْ يَقُول : هُوَ مِنْ حُرُوف الْأَضْدَاد , يَعْنِي وَرَاء يَكُون قُدَّامًا وَخَلْفًا.|وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ|وَقَوْله : { وَيُسْقَى مِنْ مَاء صَدِيد } يَقُول : وَيُسْقَى مِنْ مَاء , ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ الْمَاء جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَمَا هُوَ , فَقَالَ : هُوَ صَدِيد ; وَلِذَلِكَ رَدَّ الصَّدِيد فِي إِعْرَابه عَلَى الْمَاء , لِأَنَّهُ بَيَان عَنْهُ , وَالصَّدِيد : هُوَ الْقَيْح وَالدَّم . وَكَذَلِكَ تَأَوَّلَهُ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ 15628 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن ; قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء | ح | ; وَحَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا شَبَابَة , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { مِنْ مَاء صَدِيد } قَالَ قَيْح وَدَم . )* حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 15629 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَيُسْقَى مِنْ مَاء صَدِيد } وَالصَّدِيد : مَا يَسِيل مِنْ دَمه وَلَحْمه وَجِلْده. )- حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { وَيُسْقَى مِنْ مَاء صَدِيد } قَالَ : مَا يَسِيل مِنْ بَيْن لَحْمه وَجِلْده . )15630 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا هِشَام , عَمَّنْ ذَكَرَهُ , عَنْ الضَّحَّاك : ( { وَيُسْقَى مِنْ مَاء صَدِيد } قَالَ : يَعْنِي بِالصَّدِيدِ : مَا يَخْرُج مِنْ جَوْف الْكَافِر قَدْ خَالَطَ الْقَيْح وَالدَّم .)
وَقَوْله : { يَتَجَرَّعهُ } يَتَحَسَّاهُ , { وَلَا يَكَاد يُسِيغُهُ } يَقُول : وَلَا يَكَاد يَزْدَرِدهُ مِنْ شِدَّة كَرَاهَته , وَهُوَ يُسِيغُهُ مِنْ شِدَّة الْعَطَش. وَالْعَرَب تَحْمِل | لَا يَكَاد | فِيمَا قَدْ فَعَلَ , وَفِيمَا لَمْ يَفْعَل . فَأَمَّا مَا قَدْ فَعَلَ فَمِنْهُ هَذَا , لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ جَعَلَ لَهُمْ ذَلِكَ شَرَابًا ; وَأَمَّا مَا لَمْ يَفْعَل وَقَدْ دَخَلَتْ فِيهِ | كَادَ | فَقَوْله : { حَتَّى إِذَا أَخْرَجَ يَده لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا } فَهُوَ لَا يَرَاهَا. وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ مَعْنَى قَوْله : { وَلَا يَكَاد يُسِيغُهُ } وَهُوَ يُسِيغُهُ , جَاءَ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ذِكْر الرِّوَايَة بِذَلِكَ : 15631 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِبْرَاهِيم أَبُو إِسْحَاق الطَّالْقَانِيّ , قَالَ : ثَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ صَفْوَان بْن عَمْرو , عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن بُسْر , عَنْ أَبِي أُمَامَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْله : ( { وَيُسْقَى مِنْ مَاء صَدِيد يَتَجَرَّعهُ } : | فَإِذَا شَرِبَهُ قَطَّعَ أَمْعَاءَهُ حَتَّى يَخْرُج مِنْ دُبُره | يَقُول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ } , وَيَقُول : { وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوه بِئْسَ الشَّرَاب } )- حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مَعْمَر , عَنْ اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : ثَنَا صَفْوَان بْن عَمْرو , عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن بُسْر , عَنْ أَبِي أُمَامَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فِي قَوْله : ( { وَيُسْقَى مِنْ مَاء صَدِيد } فَذَكَرَ مِثْله , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ { سُقُوا مَاء حَمِيمًا } )- حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن خَلَف الْعَسْقَلَانِيّ , قَالَ : ثَنَا حَيْوَة بْن شُرَيْح الْحِمْصِيّ , قَالَ : ثَنَا بَقِيَّة , عَنْ صَفْوَان بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنِي عُبَيْد اللَّه بْن بُسْر , عَنْ أَبِي أُمَامَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْله سَوَاء .|وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ|وَقَوْله : { وَيَأْتِيه الْمَوْت مِنْ كُلّ مَكَان وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ } فَإِنَّهُ يَقُول : وَيَأْتِيه الْمَوْت مِنْ بَيْن يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفه , وَعَنْ يَمِينه وَشِمَاله , وَمِنْ كُلّ مَوْضِع مِنْ أَعْضَاء جَسَده . { وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ } لِأَنَّهُ لَا تَخْرُج نَفْسه فَيَمُوت فَيَسْتَرِيح , وَلَا يَحْيَا لِتَعَلُّقِ نَفْسه بِالْحَنَاجِرِ , فَلَا تَرْجِع إِلَى مَكَانهَا . كَمَا : 15632 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { يَتَجَرَّعهُ وَلَا يَكَاد يُسِيغهُ وَيَأْتِيه الْمَوْت مِنْ كُلّ مَكَان وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ } قَالَ : تَعْلَق نَفْسه عِنْد حَنْجَرَته , فَلَا تَخْرُج مِنْ فِيهِ فَيَمُوت وَلَا تَرْجِع إِلَى مَكَانهَا مِنْ جَوْفه فَيَجِد لِذَلِكَ رَاحَة فَتَنْفَعهُ الْحَيَاة )15633 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا يَزِيد بْن هَارُون , قَالَ : ثَنَا الْعَوَّام بْن حَوْشَب , عَنْ إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ قَوْله : ( { وَيَأْتِيه الْمَوْت مِنْ كُلّ مَكَان } قَالَ : مِنْ تَحْت كُلّ شَعْرَة فِي جَسَده .)|وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ|وَقَوْله : { وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَاب غَلِيظ } يَقُول : وَمِنْ وَرَاء مَا هُوَ فِيهِ مِنْ الْعَذَاب , يَعْنِي أَمَامه وَقُدَّامه عَذَاب غَلِيظ
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مَثَل الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالهمْ كَرَمَادٍ اِشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيح فِي يَوْم عَاصِف لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْء } </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي رَافِع مَثَل , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : إِنَّمَا هُوَ كَأَنَّهُ قَالَ : وَمِمَّا نَقُصّ عَلَيْك { مَثَل الَّذِينَ كَفَرُوا } , ثُمَّ أَقْبَلَ يُفَسِّر كَمَا قَالَ : { مَثَل الْجَنَّة } , وَهَذَا كَثِير . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفِيِّينَ , : إِنَّمَا الْمَثَل لِلْأَعْمَالِ , وَلَكِنَّ الْعَرَب تُقَدِّم الْأَسْمَاء لِأَنَّهَا أَعْرَف , ثُمَّ تَأْتِي بِالْخَبَرِ الَّذِي تُخْبِر عَنْهُ مَعَ صَاحِبه . وَمَعْنَى الْكَلَام : مَثَل أَعْمَال الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ كَرَمَادٍ , كَمَا قِيلَ : { وَيَوْم الْقِيَامَة تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّه وُجُوههمْ مُسْوَدَّة } وَمَعْنَى الْكَلَام : تَرَى يَوْم الْقِيَامَة وُجُوه الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّه مُسْوَدَّة. قَالَ : وَلَوْ خَفَضَ الْأَعْمَال جَازَ , كَمَا قَالَ : { يَسْأَلُونَك عَنْ الشَّهْر الْحَرَام قِتَال فِيهِ } الْآيَة . وَقَوْله : { مَثَل الْجَنَّة الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار } قَالَ : فَتَجْرِي هُوَ فِي مَوْضِع الْخَبَر , كَأَنَّهُ قَالَ : أَنْ تَجْرِي , وَأَنْ يَكُون كَذَا وَكَذَا , فَلَوْ أَدْخَلَ | أَنْ | جَازَ , قَالَ : وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : <br>ذَرِينِي إِنَّ أَمْرك لَنْ يُطَاعَا .......... وَمَا أَلْفَيْتنِي حِلْمِي مُضَاعَا <br>قَالَ : فَالْحِلْم مَنْصُوب بِ | أَلْفَيْت | عَلَى التَّكْرِير , قَالَ : وَلَوْ رَفَعَهُ كَانَ صَوَابًا . قَالَ : وَهَذَا مَثَل ضَرَبَهُ اللَّه لِأَعْمَالِ الْكُفَّار , فَقَالَ : مَثَل أَعْمَال الَّذِينَ كَفَرُوا يَوْم الْقِيَامَة الَّتِي كَانُوا يَعْمَلُونَهَا فِي الدُّنْيَا يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ اللَّه بِهَا , مَثَل رَمَاد عَصَفَتْ الرِّيح عَلَيْهِ فِي يَوْم رِيح عَاصِف , فَنَسَفَتْهُ وَذَهَبَتْ بِهِ , فَكَذَلِكَ أَعْمَال أَهْل الْكُفْر بِهِ يَوْم الْقِيَامَة , لَا يَجِدُونَ مِنْهَا شَيْئًا يَنْفَعهُمْ عِنْد اللَّه فَيُنَجِّيهِمْ مِنْ عَذَابه , لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْمَلُونَهَا لِلَّهِ خَالِصًا , بَلْ كَانُوا يُشْرِكُونَ فِيهَا الْأَوْثَان وَالْأَصْنَام , يَقُول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { ذَلِكَ هُوَ الضَّلَال الْبَعِيد } يَعْنِي أَعْمَالهمْ الَّتِي كَانُوا يَعْمَلُونَهَا فِي الدُّنْيَا الَّتِي يُشْرِكُونَ فِيهَا مَعَ اللَّه شُرَكَاء , هِيَ أَعْمَال عُمِلَتْ عَلَى غَيْر هُدًى وَاسْتِقَامَة , بَلْ عَلَى جَوْر عَنْ الْهُدَى بَعِيد , وَأَخْذ عَلَى غَيْر اِسْتِقَامَة شَدِيد . وَقِيلَ : { فِي يَوْم عَاصِف } فَوُصِفَ بِالْعُصُوفِ , وَهُوَ مِنْ صِفَة الرِّيح , لِأَنَّ الرِّيح تَكُون فِيهِ كَمَا يُقَال : يَوْم بَارِد , وَيَوْم حَارّ , لِأَنَّ الْبَرْد وَالْحَرَارَة يَكُونَانِ فِيهِ ; وَكَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>يَوْمَيْنِ غَيْمَيْنِ وَيَوْمًا شَمْسًا <br>فَوَصَفَ الْيَوْمَيْنِ بِالْغَيْمَيْنِ , وَإِنَّمَا يَكُون الْغَيْم فِيهِمَا . وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُون أُرِيدَ بِهِ فِي يَوْم عَاصِف الرِّيح , فَحُذِفَتْ الرِّيح لِأَنَّهَا قَدْ ذُكِرَتْ قَالَ ذَلِكَ , فَيَكُون ذَلِكَ نَظِير قَوْل الشَّاعِر : <br>إِذَا جَاءَ يَوْم مُظْلِم الشَّمْس كَاسِف <br>يُرِيد : كَاسِف الشَّمْس. وَقِيلَ : هُوَ مِنْ نَعْت الرِّيح خَاصَّة , غَيْر أَنَّهُ لَمَّا جَاءَ بَعْد الْيَوْم اِتَّبَعَ إِعْرَابه , وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَب تُتْبِع الْخَفْض الْخَفْض فِي النُّعُوت , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>تُرِيك سُنَّة وَجْه غَيْر مُقْرِفَة .......... مَلْسَاء لَيْسَ بِهَا خَال وَلَا نَدَب <br>فَخَفَضَ | غَيْر | إِتْبَاعًا لِإِعْرَابِ الْوَجْه , وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ نَعْت السُّنَّة , وَالْمَعْنَى : سُنَّة وَجْه غَيْر مُقْرِفَة , وَكَمَا قَالُوا : هَذَا جُحْر ضَبّ خَرِب . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15634 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , فِي قَوْله : ( { كَرَمَادٍ اِشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيح } قَالَ : حَمَلَتْهُ الرِّيح { فِي يَوْم عَاصِف } . )15635 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { مَثَل الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالهمْ كَرَمَادٍ اِشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيح فِي يَوْم عَاصِف } يَقُول : الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَعَبَدُوا غَيْره , فَأَعْمَالهمْ يَوْم الْقِيَامَة كَرَمَادٍ اِشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيح فِي يَوْم عَاصِف , لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْء مِنْ أَعْمَالهمْ يَنْفَعهُمْ , كَمَا لَا يَقْدِر عَلَى الرَّمَاد إِذَا أُرْسِلَ عَلَيْهِ الرِّيح فِي يَوْم عَاصِف)|ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ|وَقَوْله : { ذَلِكَ هُوَ الضَّلَال الْبَعِيد } : أَيْ الْخَطَأ الْبَيِّن الْبَعِيد عَنْ طَرِيق الْحَقّ.
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّه خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيد } </subtitle>يَقُول عَزَّ ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَلَمْ تَرَ يَا مُحَمَّد بِعَيْنِ قَلْبك , فَتَعْلَم أَنَّ اللَّه أَنْشَأَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض بِالْحَقِّ مُنْفَرِدًا بِإِنْشَائِهَا بِغَيْرِ ظَهِير وَلَا مُعِين . { إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيد } يَقُول : إِنَّ الَّذِي تَفَرَّدَ بِخَلْقِ ذَلِكَ وَإِنْشَائِهِ مِنْ غَيْر مُعِين وَلَا شَرِيك , إِنْ هُوَ شَاءَ أَنْ يُذْهِبكُمْ فَيُفْنِيكُمْ أَذْهَبَكُمْ وَأَفْنَاكُمْ , وَيَأْتِ بِخَلْقٍ آخَر سِوَاكُمْ مَكَانكُمْ , فَيُجَدِّد خَلْقهمْ .
{ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّه بِعَزِيزٍ } يَقُول : وَمَا إِذْهَابكُمْ وَإِفْنَاؤُكُمْ وَإِنْشَاء خَلْق آخَر سِوَاكُمْ مَكَانكُمْ عَلَى اللَّه بِمُمْتَنِعٍ وَلَا مُتَعَذِّر , لِأَنَّهُ الْقَادِر عَلَى مَا يَشَاء . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّه خَلَقَ } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ : | خَلَقَ | عَلَى | فَعَلَ | . وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْكُوفَة | خَالِق | عَلَى | فَاعِل | , وَهُمَا قِرَاءَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ قَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا أَئِمَّة مِنْ الْقُرَّاء مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب.
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اِسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَاب اللَّه مِنْ شَيْء قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّه لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيص } </subtitle>يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا } وَظَهَرَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِهِ يَوْم الْقِيَامَة مِنْ قُبُورهمْ فَصَارُوا بِالْبَرَاز مِنْ الْأَرْض جَمِيعًا , يَعْنِي كُلّهمْ . { فَقَالَ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اِسْتَكْبَرُوا } يَقُول : فَقَالَ التُّبَّاع مِنْهُمْ لِلْمَتْبُوعِينَ , وَهُمْ الَّذِينَ كَانُوا يَسْتَكْبِرُونَ فِي الدُّنْيَا عَنْ إِخْلَاص الْعِبَادَة لِلَّهِ وَاتِّبَاع الرُّسُل الَّذِينَ أُرْسِلُوا إِلَيْهِمْ : { إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا } فِي الدُّنْيَا , وَالتَّبَع : جَمْع تَابِع , كَمَا الْغَيَب جَمْع غَائِب . وَإِنَّمَا عَنَوْا بِقَوْلِهِمْ : { إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا } أَنَّهُمْ كَانُوا أَتْبَاعهمْ فِي الدُّنْيَا يَأْتَمِرُونَ لِمَا يَأْمُرُونَهُمْ بِهِ مِنْ عِبَادَة الْأَوْثَان وَالْكُفْر بِاَللَّهِ , وَيَنْتَهُونَ عَمَّا نَهَوْهُمْ عَنْهُ مِنْ اِتِّبَاع رُسُل اللَّه . { فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَاب اللَّه مِنْ شَيْء } يَعْنُونَ : فَهَلْ أَنْتُمْ دَافِعُونَ عَنَّا الْيَوْم مِنْ عَذَاب اللَّه مِنْ شَيْء . وَكَانَ اِبْن جُرَيْج يَقُول نَحْو ذَلِكَ . 15636 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : ( { وَقَالَ الضُّعَفَاء } قَالَ : الْأَتْبَاع { لِلَّذِينَ اِسْتَكْبَرُوا } قَالَ : لِلْقَادَةِ . وَقَوْله : { لَوْ هَدَانَا اللَّه لَهَدَيْنَاكُمْ } يَقُول عَزَّ ذِكْره : قَالَتْ الْقَادَة عَلَى الْكُفْر بِاَللَّهِ لِتُبَّاعِهَا : { لَوْ هَدَانَا اللَّه } يَعْنُونَ : لَوْ بَيَّنَ لَنَا شَيْئًا نَدْفَع بِهِ عَذَابه عَنَّا الْيَوْم , { لَهَدَيْنَاكُمْ } لَبَيَّنَّا ذَلِكَ لَكُمْ حَتَّى تَدْفَعُوا الْعَذَاب عَنْ أَنْفُسكُمْ , وَلَكِنَّا قَدْ جَزِعْنَا مِنْ الْعَذَاب فَلَمْ يَنْفَعنَا جَزَعنَا مِنْهُ وَصَبْرنَا عَلَيْهِ. { سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيص } يَعْنُونَ : مَا لَهُمْ مِنْ مَزَاغ يَزُوغُونَ عَنْهُ , يُقَال مِنْهُ : حَاصَ عَنْ كَذَا إِذَا زَاغَ عَنْهُ يَحِيص حَيْصًا وَحُيُوصًا وَحَيَصَانًا . )15637 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ الْحَكَم , عَنْ عُمَر بْن أَبِي لَيْلَى أَحَد بَنِي عَامِر , قَالَ : سَمِعْت مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ يَقُول : (بَلَغَنِي أَوْ ذُكِرَ لِي أَنَّ أَهْل النَّار قَالَ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ : يَا هَؤُلَاءِ , إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ بِكُمْ مِنْ الْعَذَاب وَالْبَلَاء مَا قَدْ تَرَوْنَ , فَهَلُمَّ فَلْنَصْبِرْ , فَلَعَلَّ الصَّبْر يَنْفَعنَا كَمَا صَبَرَ أَهْل الدُّنْيَا عَلَى طَاعَة اللَّه فَنَفَعَهُمْ الصَّبْر إِذْ صَبَرُوا ! قَالَ : فَيَجْمَعُونَ رَأْيهمْ عَلَى الصَّبْر , قَالَ : فَصَبَرُوا فَطَالَ صَبْرهمْ , ثُمَّ جَزِعُوا فَنَادَوْا : { سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيص } أَيْ مَنْجَى . )15638 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيص } قَالَ : إِنَّ أَهْل النَّار قَالَ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ : تَعَالَوْا , فَإِنَّمَا أَدْرَكَ أَهْل الْجَنَّة الْجَنَّة بِبُكَائِهِمْ وَتَضَرُّعهمْ إِلَى اللَّه , فَتَعَالَوْا نَبْكِي وَنَتَضَرَّع إِلَى اللَّه ! قَالَ : فَبَكَوْا , فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ لَا يَنْفَعهُمْ قَالُوا : تَعَالَوْا , فَمَا أَدْرَكَ أَهْل الْجَنَّة الْجَنَّة إِلَّا بِالصَّبْرِ , تَعَالَوْا نَصْبِر ! فَصَبَرُوا صَبْرًا لَمْ يُرَ مِثْله , فَلَمْ يَنْفَعهُمْ ذَلِكَ فَعِنْد ذَلِكَ قَالُوا { سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيص } .)
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالَ الشَّيْطَان لَمَّا قُضِيَ الْأَمْر إِنَّ اللَّه وَعَدَكُمْ وَعْد الْحَقّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَان إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْت بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْل إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَاب أَلِيم } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَ إِبْلِيس لَمَّا قُضِيَ الْأَمْر , يَعْنِي لَمَّا أُدْخِلَ أَهْل الْجَنَّة الْجَنَّة وَأَهْل النَّار النَّار وَاسْتَقَرَّ بِكُلِّ فَرِيق مِنْهُمْ قَرَارهمْ : إِنَّ اللَّه وَعَدَكُمْ أَيّهَا الْأَتْبَاع النَّار , وَوَعَدْتُكُمْ النُّصْرَة فَأَخْلَفْتُكُمْ وَعْدِي , وَوَفَّى اللَّه لَكُمْ بِوَعْدِهِ . { وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَان } يَقُول : وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ فِيمَا وَعَدْتُكُمْ مِنْ النُّصْرَة مِنْ حُجَّة تَثْبُت لِي عَلَيْكُمْ بِصِدْقِ قَوْلِي ; { إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ } وَهَذَا الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطِع عَنْ الْأَوَّل كَمَا تَقُول : مَا ضَرَبْته إِلَّا أَنَّهُ أَحْمَق , وَمَعْنَاهُ : وَلَكِنْ دَعَوْتُكُمْ { فَاسْتَجَبْتُمْ لِي } يَقُول : إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ إِلَى طَاعَتِي وَمَعْصِيَة اللَّه , فَاسْتَجَبْتُمْ لِدُعَائِي . { فَلَا تَلُومُونِي } عَلَى إِجَابَتكُمْ إِيَّايَ { وَلُومُوا أَنْفُسكُمْ } عَلَيْهَا . { مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ } يَقُول : مَا أَنَا بِمُغِيثِكُمْ { وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ } وَلَا أَنْتُمْ بِمُغِيثِيَّ مِنْ عَذَاب اللَّه فَمُنَجًّى مِنْهُ . { إِنِّي كَفَرْت بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْل } يَقُول : إِنِّي جَحَدْت أَنْ أَكُون شَرِيكًا لِلَّهِ فِيمَا أَشْرَكْتُمُونِي فِيهِ مِنْ عِبَادَتكُمْ مِنْ قَبْل فِي الدُّنْيَا. { إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَاب أَلِيم } يَقُول : إِنَّ الْكَافِرِينَ بِاَللَّهِ لَهُمْ عَذَاب أَلِيم مِنْ اللَّه مُوجِع , يُقَال : أَصْرَخْت الرَّجُل : إِذَا أَغَثْته إِصْرَاخًا , وَقَدْ صَرَخَ الصَّارِخ يَصْرُخ , وَيَصْرَخ قَلِيلَة وَهُوَ الصَّرِيخ وَالصُّرَاخ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15639 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا دَاوُد , عَنْ عَامِر فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْت بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْل } قَالَ : خَطِيبَانِ يَقُومَانِ يَوْم الْقِيَامَة : إِبْلِيس , وَعِيسَى اِبْن مَرْيَم ; فَأَمَّا إِبْلِيس فَيَقُوم فِي حِزْبه فَيَقُول هَذَا الْقَوْل ; وَأَمَّا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَيَقُول : { مَا قُلْت لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتنِي بِهِ أَنْ اُعْبُدُوا اللَّه رَبِّي وَرَبّكُمْ وَكُنْت عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْت فِيهِمْ , فَلَمَّا تَوَفَّيْتنِي كُنْت أَنْتَ الرَّقِيب عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلّ شَيْء شَهِيد } . )- حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ دَاوُد , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : (يَقُوم خَطِيبَانِ يَوْم الْقِيَامَة : أَحَدهمَا عِيسَى , وَالْآخَر إِبْلِيس ; فَأَمَّا إِبْلِيس فَيَقُوم فِي حِزْبه فَيَقُول : { إِنَّ اللَّه وَعَدَكُمْ وَعْد الْحَقّ } فَتَلَا دَاوُد حَتَّى بَلَغَ : { بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْل } فَلَا أَدْرِي أَتَمَّ الْآيَة أَمْ لَا ؟ وَأَمَّا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَيُقَال لَهُ : { أَأَنْت قُلْت لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُون اللَّه } فَتَلَا حَتَّى بَلَغَ : { إِنَّك أَنْتَ الْعَزِيز الْحَكِيم } . )- حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا عَلِيّ بْن عَاصِم , عَنْ دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ عَامِر , قَالَ : (يَقُوم خَطِيبَانِ يَوْم الْقِيَامَة عَلَى رُءُوس النَّاس , يَقُول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : يَا عِيسَى ابْن مَرْيَم { أَأَنْت قُلْت لِلنَّاسِ اِتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُون اللَّه } إِلَى قَوْله : { هَذَا يَوْم يَنْفَع الصَّادِقِينَ صِدْقهمْ } قَالَ : وَيَقُوم إِبْلِيس فَيَقُول : { وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَان إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ , فَاسْتَجَبْتُمْ لِي , فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ } مَا أَنَا بِمُغِيثِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُغِيثِيَّ . )- حَدَّثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا سَعِيد بْن مَنْصُور , قَالَ : ثَنِي خَالِد , عَنْ دَاوُد , عَنْ الشَّعْبِيّ , فِي قَوْله : ( { مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ } قَالَ : خَطِيبَانِ يَقُومَانِ يَوْم الْقِيَامَة ; فَأَمَّا إِبْلِيس فَيَقُول هَذَا ; وَأَمَّا عِيسَى فَيَقُول : { مَا قُلْت لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتنِي بِهِ } . )15640 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ رِشْدِين بْن سَعْد , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْد الرَّحْمَن بْن زِيَاد , عَنْ دُخَيْن الْعَنَوِيّ , عَنْ عُقْبَة بْن عَامِر , عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ذَكَرَ الْحَدِيث قَالَ : ( يَقُول عِيسَى : ذَلِكُمْ النَّبِيّ الْأُمِّيّ فَيَأْتُونَنِي , فَيَأْذَن اللَّه لِي أَنْ أَقُوم فَيَثُور مِنْ مَجْلِسِي مِنْ أَطْيَب رِيح شَمَّهَا أَحَد حَتَّى آتِي رَبِّي , فَيُشَفِّعنِي , وَيَجْعَل لِي نُورًا إِلَى نُور مِنْ شَعْر رَأْسِي إِلَى ظُفْر قَدَمِي , ثُمَّ يَقُول الْكَافِرُونَ : قَدْ وَجَدَ الْمُؤْمِنُونَ مَنْ يَشْفَع لَهُمْ فَقُمْ أَنْتَ فَاشْفَعْ لَنَا , فَإِنَّك أَنْتَ أَضْلَلْتنَا , فَيَقُوم فَيَثُور مِنْ مَجْلِسه أَنْتَن رِيح شَمَّهَا أَحَد , ثُمَّ يَعْظُم نَحِيبهمْ , وَيَقُول عِنْد ذَلِكَ : إِنَّ اللَّه وَعَدَكُمْ وَعْد الْحَقّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ الْآيَة . )15641 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ رَجُل , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : ( { وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَان } قَالَ : إِذَا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة , قَامَ إِبْلِيس خَطِيبًا عَلَى مِنْبَر مِنْ نَار , فَقَالَ : { إِنَّ اللَّه وَعَدَكُمْ وَعْد الْحَقّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ } إِلَى قَوْله : { وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ } قَالَ : بِنَاصِرِيَّ ; { إِنِّي كَفَرْت بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْل } قَالَ : بِطَاعَتِكُمْ إِيَّايَ فِي الدُّنْيَا . )15624 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك عَمَّنْ ذَكَرَهُ , قَالَ : سَمِعْت مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , قَالَ فِي قَوْله : ( { وَقَالَ الشَّيْطَان لَمَّا قُضِيَ الْأَمْر إِنَّ اللَّه وَعَدَكُمْ وَعْد الْحَقّ } قَالَ : قَامَ إِبْلِيس يَخْطُبهُمْ فَقَالَ : { إِنَّ اللَّه وَعَدَكُمْ وَعْد الْحَقّ } إِلَى قَوْله : { مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ } يَقُول : بِمُغْنٍ عَنْكُمْ شَيْئًا , { وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْت بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْل } قَالَ : فَلَمَّا سَمِعُوا مَقَالَته مَقَتُوا أَنْفُسهمْ , قَالَا : فَنُودُوا : { لَمَقْت اللَّه أَكْبَر مِنْ مَقْتكُمْ أَنْفُسكُمْ } الْآيَة . )15643 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ } مَا أَنَا بِمُغِيثِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُغِيثِيَّ . )وَقَوْله : { إِنِّي كَفَرْت بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْل } يَقُول : عَصَيْت اللَّه قَبْلكُمْ . 15644 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْت بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْل } قَالَ : هَذَا قَوْل إِبْلِيس يَوْم الْقِيَامَة , يَقُول : مَا أَنْتُمْ بِنَافِعِيَّ وَمَا أَنَا بِنَافِعِكُمْ , إِنِّي كَفَرْت بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْل ! قَالَ : شَرِكَته : عِبَادَته . )15645 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { بِمُصْرِخِيَّ } قَالَ : بِمُغِيثِيَّ . )* حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا شَبَابَة , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله. 15646 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ أَبِي جَعْفَر الرَّازِيّ , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس , قَالَ : (مَا أَنَا بِمُنَجِّيكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُنَجِّيَّ . )15647 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , قَالَ : (خَطِيب السُّوء إِبْلِيس الصَّادِق , أَفَرَأَيْتُمْ صَادِقًا لَمْ يَنْفَعهُ صِدْقه { إِنَّ اللَّه وَعَدَكُمْ وَعْد الْحَقّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَان } أَقْهَركُمْ بِهِ , { إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي } قَالَ : أَطَعْتُمُونِي , { فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسكُمْ } حِين أَطَعْتُمُونِي , { مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ } مَا أَنَا بِنَاصِرِكُمْ وَلَا مُغِيثكُمْ , { وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ } : وَمَا أَنْتُمْ بِنَاصِرِيَّ وَلَا مُغِيثِيَّ لِمَا بِي , { إِنِّي كَفَرْت بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْل إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَاب أَلِيم } . )15648 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا سُوَيْد , قَالَ : ثَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ الْحَكَم , عَنْ عَمْرو بْن أَبِي لَيْلَى أَحَد بَنِي عَامِر , قَالَ : سَمِعْت مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ يَقُول : ( { وَقَالَ الشَّيْطَان لَمَّا قُضِيَ الْأَمْر } قَالَ : قَامَ إِبْلِيس عِنْد ذَلِكَ , يَعْنِي حِين قَالَ أَهْل جَهَنَّم : { سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيص } , فَخَطَبَ فَقَالَ : { إِنَّ اللَّه وَعَدَكُمْ وَعْد الْحَقّ , وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ } إِلَى قَوْله : { مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ } يَقُول : بِمُغْنٍ عَنْكُمْ شَيْئًا , { وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْت بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْل } قَالَ : فَلَمَّا سَمِعُوا مَقَالَته مَقَتُوا أَنْفُسهمْ , قَالَ : فَنُودُوا : { لَمَقْت اللَّه أَكْبَر مِنْ مَقْتكُمْ } .)
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبّهمْ تَحِيَّتهمْ فِيهَا سَلَام } </subtitle>يَقُول عَزَّ ذِكْره : وَأُدْخِلَ الَّذِينَ صَدَقُوا اللَّه وَرَسُوله فَأَقَرُّوا بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّه وَبِرِسَالَةِ رُسُله وَأَنَّ مَا جَاءَتْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه حَقّ , { وَعَمِلُوا الصَّالِحَات } يَقُول : وَعَمِلُوا بِطَاعَةِ اللَّه فَانْتَهَوْا إِلَى أَمْر اللَّه وَنَهْيه , { جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار } بَسَاتِين تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار , { خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبّهمْ } يَقُول : أُدْخِلُوهَا بِأَمْرِ اللَّه لَهُمْ بِالدُّخُولِ . { تَحِيَّتهمْ فِيهَا سَلَام } وَذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّه كَمَا : 15649 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَهُ : قَوْله . ( { تَحِيَّتهمْ فِيهَا سَلَام } قَالَ : الْمَلَائِكَة يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِمْ فِي الْجَنَّة .)
وَقَوْله : { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّه مَثَلًا كَلِمَة طَيِّبَة كَشَجَرَةٍ طَيِّبَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَلَمْ تَرَ يَا مُحَمَّد بِعَيْنِ قَلْبك فَتَعْلَم كَيْفَ مَثَّلَ اللَّه مَثَلًا وَشَبَّهَ شَبَهًا كَلِمَة طَيِّبَة , وَيَعْنِي بِالطَّيِّبَةِ : الْإِيمَان بِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : كَشَجَرَةٍ طَيِّبَة الثَّمَرَة , وَتَرَكَ ذِكْر الثَّمَرَة اِسْتِغْنَاء بِمَعْرِفَةِ السَّامِعِينَ عَنْ ذِكْرهَا بِذِكْرِ الشَّجَرَة . وَقَوْله : { أَصْلهَا ثَابِت وَفَرْعهَا فِي السَّمَاء } يَقُول عَزَّ ذِكْره : أَصْل هَذِهِ الشَّجَرَة ثَابِت فِي الْأَرْض , وَفَرْعهَا , وَهُوَ أَعْلَاهَا فِي السَّمَاء : يَقُول : مُرْتَفِع عُلُوًّا نَحْو السَّمَاء . وَقَوْله : { تُؤْتِي أُكُلهَا كُلّ حِين بِإِذْنِ رَبّهَا } يَقُول : تُطْعِم مَا يُؤْكَل مِنْهَا مِنْ ثَمَرهَا , { كُلّ حِين بِإِذْنِ رَبّهَا وَيَضْرِب اللَّه الْأَمْثَال لِلنَّاسِ } يَقُول : وَيُمَثِّل اللَّه الْأَمْثَال لِلنَّاسِ وَيُشَبِّه لَهُمْ الْأَشْيَاء , { لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } يَقُول : لِيَتَذَكَّرُوا حُجَّة اللَّه عَلَيْهِمْ , فَيَعْتَبِرُوا بِهَا وَيَتَّعِظُوا , فَيَنْزَجِرُوا عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْكُفْر بِهِ إِلَى الْإِيمَان . وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنِيِّ بِالْكَلِمَةِ الطَّيِّبَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِهَا : إِيمَان الْمُؤْمِن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15650 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { كَلِمَة طَيِّبَة } شَهَادَة أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , { كَشَجَرَةٍ طَيِّبَة } وَهُوَ الْمُؤْمِن , { أَصْلهَا ثَابِت } يَقُول : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه ثَابِت فِي قَلْب الْمُؤْمِن , { وَفَرْعهَا فِي السَّمَاء } يَقُول : يُرْفَع بِهَا عَمَل الْمُؤْمِن إِلَى السَّمَاء . )15651 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس : ( { كَلِمَة طَيِّبَة } قَالَ : هَذَا مَثَل الْإِيمَان , فَالْإِيمَان : الشَّجَرَة الطَّيِّبَة , وَأَصْله الثَّابِت الَّذِي لَا يَزُول : الْإِخْلَاص لِلَّهِ , وَفَرْعه فِي السَّمَاء , فَرْعه : خَشْيَة اللَّه . )15652 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ مُجَاهِد : ( { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّه مَثَلًا كَلِمَة طَيِّبَة كَشَجَرَةٍ طَيِّبَة } قَالَ : كَنَخْلَةٍ . )قَالَ اِبْن جُرَيْج : وَقَالَ آخَرُونَ : الْكَلِمَة الطَّيِّبَة أَصْلهَا ثَابِت فِي ذَات أَصْل فِي الْقَلْب { وَفَرْعهَا فِي السَّمَاء } تَعْرُج فَلَا تُحْجَب حَتَّى تَنْتَهِي إِلَى اللَّه. وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِهَا الْمُؤْمِن نَفْسه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15653 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعِيد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : ( { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّه مَثَلًا كَلِمَة طَيِّبَة كَشَجَرَةٍ طَيِّبَة أَصْلهَا ثَابِت وَفَرْعهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلهَا كُلّ حِين بِإِذْنِ رَبّهَا } , يَعْنِي بِالشَّجَرَةِ الطَّيِّبَة : الْمُؤْمِن , وَيَعْنِي بِالْأَصْلِ الثَّابِت : فِي الْأَرْض , وَبِالْفَرْعِ فِي السَّمَاء : يَكُون الْمُؤْمِن يَعْمَل فِي الْأَرْض , وَيَتَكَلَّم فَيَبْلُغ عَمَله وَقَوْله السَّمَاء وَهُوَ فِي الْأَرْض . )15654 - حَدَّثَنَا أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا فُضَيْل بْن مَرْزُوق , عَنْ عَطِيَّة الْعَوْفِيّ فِي قَوْله : ( { ضَرَبَ اللَّه مَثَلًا كَلِمَة طَيِّبَة كَشَجَرَةٍ طَيِّبَة } قَالَ : ذَلِكَ مَثَل الْمُؤْمِن , لَا يَزَال يَخْرُج مِنْهُ كَلَام طَيِّب وَعَمَل صَالِح يَصْعَد إِلَيْهِ . )15655 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس , قَالَ : ( أَصْلهَا ثَابِت فِي الْأَرْض | وَكَذَلِكَ كَانَ يَقْرَؤُهَا , قَالَ : ذَلِكَ الْمُؤْمِن ضَرَبَ مَثَله , قَالَ : الْإِخْلَاص لِلَّهِ وَحْده وَعِبَادَته , لَا شَرِيك لَهُ . قَالَ : { أَصْلهَا ثَابِت } قَالَ : أَصْل عَمَله ثَابِت فِي الْأَرْض { وَفَرْعهَا فِي السَّمَاء } قَالَ : ذِكْره فِي السَّمَاء . )وَاخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ الشَّجَرَة الَّتِي جُعِلَتْ لِلْكَلِمَةِ الطَّيِّبَة مَثَلًا , فَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ النَّخْلَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15656 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ مُعَاوِيَة بْن قُرَّة قَالَ : سَمِعْت أَنَس بْن مَالِك فِي هَذَا الْحَرْف : ( { كَشَجَرَةٍ طَيِّبَة } قَالَ : هِيَ النَّخْلَة . )* حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا أَبُو قَطَن , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ مُعَاوِيَة بْن قُرَّة , عَنْ أَنَس , مِثْله . - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا شَبَابَة , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ مُعَاوِيَة بْن قُرَّة , قَالَ : سَمِعْت أَنَس بْن مَالِك يَقُول : ( { كَلِمَة طَيِّبَة كَشَجَرَةٍ طَيِّبَة } قَالَ : النَّخْل . )15657 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب وَالْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَا : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : ثَنَا شُعَيْب , قَالَ : (قَالَ خَرَجْت مَعَ أَبِي الْعَالِيَة نُرِيد أَنَس بْن مَالِك , قَالَ : فَأَتَيْنَاهُ , فَدَعَا لَنَا بِقِنْوٍ عَلَيْهِ رُطَب , فَقَالَ : كُلُوا مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَة الَّتِي قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { ضَرَبَ اللَّه مَثَلًا كَلِمَة طَيِّبَة كَشَجَرَةٍ طَيِّبَة أَصْلهَا ثَابِت وَفَرْعهَا فِي السَّمَاء } . وَقَالَ الْحَسَن فِي حَدِيثه : بِقِنَاعٍ . )15658 - حَدَّثَنَا خَلَّاد بْن أَسْلَمَ , قَالَ : أَخْبَرَنَا النَّضْر بْن شُمَيْل , قَالَ : أَخْبَرَنَا حَمَّاد بْن سَلَمَة , قَالَ : أَخْبَرَنَا شُعَيْب بْن الْحَبْحَاب , عَنْ أَنَس : (أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِقِنَاعِ بُسْر , فَقَالَ : | مَثَل كَلِمَة طَيِّبَة كَشَجَرَةٍ طَيِّبَة | قَالَ : | هِيَ النَّخْلَة . )- حَدَّثَنَا سِوَار بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : ثَنَا أَبِي , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ شُعَيْب بْن الْحَبْحَاب , عَنْ أَنَس : (أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِقِنَاعٍ فِيهِ بُسْر , فَقَالَ : | مَثَل كَلِمَة طَيِّبَة كَشَجَرَةٍ طَيِّبَة | قَالَ : | هِيَ النَّخْلَة | قَالَ شُعَيْب , فَأَخْبَرْت بِذَلِكَ أَبَا الْعَالِيَة , فَقَالَ : كَذَلِكَ كَانُوا يَقُولُونَ . )15659 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا حَجَّاج , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ شُعَيْب بْن الْحَبْحَاب , قَالَ : (كُنَّا عِنْد أَنَس , فَأُتِينَا بِطَبَقٍ أَوْ قُنْع عَلَيْهِ رُطَب , فَقَالَ : كُلْ يَا أَبَا الْعَالِيَة , فَإِنَّ هَذَا مِنْ الشَّجَرَة الَّتِي ذَكَرَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابه { ضَرَبَ اللَّه مَثَلًا كَلِمَة طَيِّبَة كَشَجَرَةٍ طَيِّبَة أَصْلهَا ثَابِت } . )- حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا الْحَجَّاج بْن الْمِنْهَال , قَالَ : ثَنَا مَهْدِيّ بْن مَيْمُون , عَنْ شُعَيْب بْن الْحَبْحَاب , قَالَ : (كَانَ أَبُو الْعَالِيَة يَأْتِينِي , فَأَتَانِي يَوْمًا فِي مَنْزِلِي بَعْدَمَا صَلَّيْت الْفَجْر , فَانْطَلَقْت مَعَهُ إِلَى أَنَس بْن مَالِك , فَدَخَلْنَا مَعَهُ إِلَى أَنَس بْن مَالِك , فَجِيءَ بِطَبَقٍ عَلَيْهِ رُطَب , فَقَالَ أَنَس لِأَبِي الْعَالِيَة : كُلْ يَا أَبَا الْعَالِيَة , فَإِنَّ هَذِهِ مِنْ الشَّجَرَة الَّتِي قَالَ اللَّه فِي كِتَابه : { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّه مَثَلًا كَلِمَة طَيِّبَة كَشَجَرَةٍ طَيِّبَة أَصْلهَا ثَابِت } . قَالَ : هَكَذَا قَرَأَهَا يَوْمئِذٍ أَنَس . )15660 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا طَلْق , قَالَ : ثَنَا شَرِيك , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ مُرَّة , عَنْ عَبْد اللَّه , مِثْله . 15661 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ ثَنَا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْغَفَّار بْن الْقَاسِم , عَنْ جَامِع بْن أَبِي رَاشِد , عَنْ مُرَّة بْن شَرَاحِيل الْهَمْدَانِيّ , عَنْ مَسْرُوق : ( { كَشَجَرَةٍ طَيِّبَة } قَالَ : النَّخْلَة . )15662 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى | ح | وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا شَبَابَة , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء | ح | ; وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله. * حَدَّثَنَا أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ مُرَّة , عَنْ عَبْد اللَّه , مِثْله . 15663 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُعَلَّى بْن أَسَد , قَالَ : ثَنَا خَالِد , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : ( { كَشَجَرَةٍ طَيِّبَة } قَالَ : هِيَ النَّخْلَة لَا تَزَال فِيهَا مَنْفَعَة . )15664 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَغْرَاء , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْله : ( { كَشَجَرَةٍ طَيِّبَة } قَالَ : ضَرَبَ اللَّه مَثَل الْمُؤْمِن كَمَثَلِ النَّخْلَة تُؤْتِي أُكُلهَا كُلّ حِين . )15665 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { مَثَلًا كَلِمَة طَيِّبَة كَشَجَرَةٍ طَيِّبَة } كُنَّا نُحَدَّث أَنَّهَا النَّخْلَة )* حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { كَشَجَرَةٍ طَيِّبَة } قَالَ : يَزْعُمُونَ أَنَّهَا النَّخْلَة . )15666 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { تُؤْتِي أُكُلهَا كُلّ حِين } قَالَ : هِيَ النَّخْلَة . )15667 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن عُبَيْد , قَالَ : ثَنَا الْأَعْمَش , عَنْ الْمِنْهَال بْن عَمْرو , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { وَفَرْعهَا فِي السَّمَاء } قَالَ : النَّخْلَة . )- قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا سَعِيد بْن مَنْصُور , قَالَ : ثَنَا خَالِد , عَنْ الشَّيْبَانِيّ , عَنْ عِكْرِمَة : ( { تُؤْتِي أُكُلهَا كُلّ حِين } قَالَ : هِيَ النَّخْلَة . )- حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , قَالَ : قَالَ شُعَيْب بْن الْحَبْحَاب , عَنْ أَنَس بْن مَالِك : (الشَّجَرَة الطَّيِّبَة : النَّخْلَة . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هِيَ شَجَرَة فِي الْجَنَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15668 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا عَفَّان , قَالَ : ثَنَا أَبُو كُدَيْنَة , قَالَ : ثَنَا قَابُوس بْن أَبِي ظَبْيَان , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : ( { ضَرَبَ اللَّه مَثَلًا كَلِمَة طَيِّبَة كَشَجَرَةٍ طَيِّبَة أَصْلهَا ثَابِت وَفَرْعهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلهَا كُلّ حِين بِإِذْنِ رَبّهَا } قَالَ : هِيَ شَجَرَة فِي الْجَنَّة . )وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ , قَوْل مَنْ قَالَ : | هِيَ النَّخْلَة | لِصِحَّةِ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا : 15669 - حَدَّثَنَا بِهِ الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان بْن عُيَيْنَة , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : صَحِبْت اِبْن عُمَر إِلَى الْمَدِينَة , فَلَمْ أَسْمَعهُ يُحَدِّث عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا حَدِيثًا وَاحِدًا , قَالَ : (كُنَّا عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأُتِيَ بِجُمَّارٍ , فَقَالَ : | مِنْ الشَّجَر شَجَرَة مَثَلهَا مَثَل الرَّجُل الْمُسْلِم | فَأَرَدْت أَنْ أَقُول : هِيَ النَّخْلَة , فَإِذَا أَنَا أَصْغَر الْقَوْم , فَسَكَتّ . )- حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا يَزِيد بْن هَارُون , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُلَيْمَان , عَنْ يُوسُف بْن سَرْح , عَنْ رَجُل , عَنْ اِبْن عُمَر , (أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : | هَلْ تَدْرُونَ مَا الشَّجَرَة الطَّيِّبَة ؟ | قَالَ اِبْن عُمَر : فَأَرَدْت أَنْ أَقُول هِيَ النَّخْلَة , فَمَنَعَنِي مَكَان عُمَر , فَقَالُوا : اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | هِيَ النَّخْلَة . )- حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن حَمَّاد , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن دِينَار , عَنْ اِبْن عُمَر , قَالَ : (قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا لِأَصْحَابِهِ : | إِنَّ شَجَرَة مِنْ الشَّجَر لَا يُطْرَح وَرَقهَا مَثَل الْمُؤْمِن |. قَالَ : فَوَقَعَ النَّاس فِي شَجَر الْبَدْو , وَوَقَعَ فِي قَلْبِي أَنَّهَا النَّخْلَة , فَاسْتَحْيَيْت حَتَّى قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | هِيَ النَّخْلَة . )- حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا عَاصِم بْن عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْعَزِيز بْن مُسْلِم الْقَسْمَلِيّ , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن دِينَار , عَنْ اِبْن عُمَر , (أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : | إِنَّ مِنْ الشَّجَر شَجَرَة لَا يَسْقُط وَرَقهَا وَهِيَ مَثَل الْمُؤْمِن , فَتُحَدِّثُونِي مَا هِيَ ؟ فَذَكَرَ نَحْوه . )- حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن سَعْد , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد اللَّه , قَالَ : ثَنِي نَافِع , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَخْبِرُونِي بِشَجَرَةٍ كَمَثَلِ الرَّجُل الْمُسْلِم تُؤْتِي أُكُلهَا كُلّ حِين لَا يَتَحَاتّ وَرَقهَا ! | قَالَ : فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَة , فَكَرِهْت أَنْ أَتَكَلَّم وَثَمَّ أَبُو بَكْر وَعُمَر , فَلَمَّا لَمْ يَتَكَلَّمُوا , قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | هِيَ النَّخْلَة . )- حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن الصَّبَّاح , قَالَ : ثَنَا إِسْمَاعِيل , عَنْ عُبَيْد اللَّه , عَنْ نَافِع , عَنْ اِبْن عُمَر , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , نَحْوه .
وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الْحِين الَّذِي ذَكَرَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذَا الْمَوْضِع فَقَالَ : { تُؤْتِي أُكُلهَا كُلّ حِين بِإِذْنِ رَبّهَا } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : تُؤْتِي أُكُلهَا كُلّ غَدَاة وَعَشِيَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15670 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , قَالَ : ثَنَا الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي ظَبْيَان , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (الْحِين قَدْ يَكُون غُدْوَة وَعَشِيَّة . )- حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن عُبَيْد , قَالَ : ثَنَا الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي ظَبْيَان , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : ( { تُؤْتِي أُكُلهَا كُلّ حِين بِإِذْنِ رَبّهَا } قَالَ : غُدْوَة وَعَشِيَّة . )* حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي ظَبْيَان , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . * حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ شُعْبَة , عَنْ سُلَيْمَان , عَنْ أَبِي ظَبْيَان , عَنْ اِبْن عَبَّاس , بِمِثْلِهِ . * حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا طَلْق , عَنْ زَائِدَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي ظَبْيَان , عَنْ اِبْن عَبَّاس مِثْله . - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا عَلِيّ بْن الْجَعْد , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي ظَبْيَان , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { تُؤْتِي أُكُلهَا كُلّ حِين بِإِذْنِ رَبّهَا } قَالَ : بُكْرَة وَعَشِيًّا . )- حَدَّثَنَا أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا شَرِيك , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي ظَبْيَان , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { تُؤْتِي أُكُلهَا كُلّ حِين بِإِذْنِ رَبّهَا } قَالَ : بُكْرَة وَعَشِيَّة. )- حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { تُؤْتِي أُكُلهَا كُلّ حِين بِإِذْنِ رَبّهَا } قَالَ : يَذْكُر اللَّه كُلّ سَاعَة مِنْ اللَّيْل وَالنَّهَار . )- حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا عَفَّان , قَالَ : ثَنَا أَبُو كُدَيْنَة , قَالَ : ثَنَا قَابُوس , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { تُؤْتِي أُكُلهَا كُلّ حِين بِإِذْنِ رَبّهَا } قَالَ : غُدْوَة وَعَشِيَّة . )15671 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَغْوَاء , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْله : ( { تُؤْتِي أُكُلهَا كُلّ حِين بِإِذْنِ رَبّهَا } قَالَ : الْمُؤْمِن يُطِيع اللَّه بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار , وَفِي كُلّ حِين. )15672 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس : ( { تُؤْتِي أُكُلهَا كُلّ حِين بِإِذْنِ رَبّهَا } يَصْعَد عَمَله أَوَّل النَّهَار وَآخِره . )- حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس : ( { تُؤْتِي أُكُلهَا كُلّ حِين بِإِذْنِ رَبّهَا } قَالَ : يَصْعَد عَمَله غُدْوَة وَعَشِيَّة . )15673 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , قَالَ : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { تُؤْتِي أُكُلهَا كُلّ حِين بِإِذْنِ رَبّهَا } قَالَ : تَخْرُج ثَمَرَتهَا كُلّ حِين . وَهَذَا مَثَل الْمُؤْمِن يَعْمَل كُلّ حِين كُلّ سَاعَة مِنْ النَّهَار , وَكُلّ سَاعَة مِنْ اللَّيْل وَبِالشِّتَاءِ وَالصَّيْف بِطَاعَةِ اللَّه . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : تُؤْتِي أُكُلهَا كُلّ سِتَّة أَشْهُر مِنْ بَيْن صِرَامهَا إِلَى حَمْلهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15674 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ طَارِق بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (الْحِين : سِتَّة أَشْهُر. )15675 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَيُّوب , قَالَ : قَالَ عِكْرِمَة : (سُئِلْت عَنْ رَجُل حَلَفَ أَنْ لَا يَصْنَع كَذَا وَكَذَا إِلَى حِين , فَقُلْت : إِنَّ مِنْ الْحِين حِينًا يُدْرَك , وَمِنْ الْحِين حِينًا لَا يُدْرَك , فَالْحِين الَّذِي لَا يُدْرَك قَوْله : { وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْد حِين } وَالْحِين الَّذِي يُدْرَك : { تُؤْتِي أُكُلهَا كُلّ حِين بِإِذْنِ رَبّهَا } قَالَ : وَذَلِكَ مِنْ حِين تُصْرَم النَّخْلَة إِلَى حِين تَطْلُع , وَذَلِكَ سِتَّة أَشْهُر . )15676 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن الْأَصْبَهَانِيّ , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : (الْحِين : سِتَّة أَشْهُر . )15677 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا سَعِيد بْن مَنْصُور , قَالَ : ثَنَا خَالِد , عَنْ الشَّيْبَانِيّ , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : ( { تُؤْتِي أُكُلهَا كُلّ حِين بِإِذْنِ رَبّهَا } قَالَ : هِيَ النَّخْلَة , وَالْحِين : سِتَّة أَشْهُر. )15678 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا كَثِير بْن هِشَام , قَالَ : ثَنَا جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا عِكْرِمَة : ( { تُؤْتِي أُكُلهَا كُلّ حِين بِإِذْنِ رَبّهَا } قَالَ : هُوَ مَا بَيْن حَمْل النَّخْلَة إِلَى أَنْ تُحْرَز. )* حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا قَبِيصَة بْن عُقْبَة , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , قَالَ : قَالَ عِكْرِمَة : (الْحِين : سِتَّة أَشْهُر . )15679 - حَدَّثَنَا أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا قَيْس , عَنْ طَارِق بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , (أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُل حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّم أَخَاهُ حِينًا , قَالَ : الْحِين : سِتَّة أَشْهُر , ثُمَّ ذَكَرَ النَّخْلَة مَا بَيْن حَمْلهَا إِلَى صِرَامهَا سِتَّة أَشْهُر . )15680 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ سُفْيَان , عَنْ طَارِق , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : ( { تُؤْتِي أُكُلهَا كُلّ حِين } قَالَ : سِتَّة أَشْهُر . )15681 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { تُؤْتِي أُكُلهَا كُلّ حِين بِإِذْنِ رَبّهَا } وَالْحِين : مَا بَيْن السَّبْعَة وَالسِّتَّة , وَهِيَ تُؤْكَل شِتَاء وَصَيْفًا . )15682 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , قَالَ : قَالَ الْحَسَن : (مَا بَيْن السِّتَّة الْأَشْهُر وَالسَّبْعَة ; يَعْنِي الْحِين . )- حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْأَصْبَهَانِيّ , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : (الْحِين : سِتَّة أَشْهُر. )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الْحِين هَاهُنَا سَنَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15683 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ أَبِي مُكَيْن , عَنْ عِكْرِمَة : (أَنَّهُ نَذَرَ أَنْ يَقْطَع يَد غُلَامه أَوْ يَحْبِسهُ حِينًا , قَالَ : فَسَأَلَنِي عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز , فَقُلْت : لَا تَقْطَع يَده , وَيَحْبِسهُ سَنَة , وَالْحِين : سَنَة . ثُمَّ قَرَأَ : { لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِين } , وَقَرَأَ : { تُؤْتِي أُكُلهَا كُلّ حِين بِإِذْنِ رَبّهَا } . )15684 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , قَالَ : وَزَادَ أَبُو بَكْر الْهُذَلِيّ , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : (الْحِين حِينَانِ : حِين يُعْرَف , وَحِين لَا يُعْرَف ; فَأَمَّا الْحِين الَّذِي لَا يُعْرَف : { وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْد حِين } . وَأَمَّا الْحِين الَّذِي يُعْرَف فَقَوْله : { تُؤْتِي أُكُلهَا كُلّ حِين بِإِذْنِ رَبّهَا } . )15685 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , قَالَ : سَأَلْت حَمَّادًا وَالْحَكَم , عَنْ (رَجُل حَلَفَ أَلَّا يُكَلِّم رَجُلًا إِلَى حِين , قَالَا : الْحِين : سَنَة. )15686 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى | ح | ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء | ح | ; وَحَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا شَبَابَة , قَالَ : ثَنِي وَرْقَاء | ح | ; وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { كُلّ حِين } قَالَ : كُلّ سَنَة. )15687 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { تُؤْتِي أُكُلهَا كُلّ حِين } قَالَ : كُلّ سَنَة . )15688 - حَدَّثَنَا أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا سَلَّام , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , (عَنْ رَجُل مِنْهُمْ , أَنَّهُ سَأَلَ اِبْن عَبَّاس , فَقَالَ : حَلَفْت أَلَّا أُكَلِّم رَجُلًا حِينًا , فَقَرَأَ اِبْن عَبَّاس : { تُؤْتِي أُكُلهَا كُلّ حِين } فَالْحِين : سَنَة . )- حَدَّثَنَا أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا اِبْن غَسِيل , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : (أَرْسَلَ إِلَيَّ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز فَقَالَ : يَا مَوْلَى اِبْن عَبَّاس , إِنِّي حَلَفْت أَنْ لَا أَفْعَل كَذَا وَكَذَا. حِينًا , فَمَا الْحِين الَّذِي يُعْرَف بِهِ ؟ قُلْت : إِنَّ مِنْ الْحِين حِينًا لَا يُدْرَك , وَمِنْ الْحِين حِين يُدْرَك ; فَأَمَّا الْحِين الَّذِي لَا يُدْرَك فَقَوْل اللَّه : { هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَان حِين مِنْ الدَّهْر لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا } : وَاَللَّه مَا يُدْرَى كَمْ أَتَى لَهُ إِلَى أَنْ خُلِقَ. وَأَمَّا الَّذِي يُدْرَك فَقَوْله : { تُؤْتِي أُكُلهَا كُلّ حِين بِإِذْنِ رَبّهَا } , فَهُوَ مَا بَيْن الْعَام إِلَى الْعَام الْمُقْبِل . فَقَالَ : أَصَبْت يَا مَوْلَى اِبْن عَبَّاس , مَا أَحْسَن مَا قُلْت ! . )- حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ عَطَاء , قَالَ : أَتَى رَجُل اِبْن عَبَّاس , فَقَالَ : (إِنِّي نَذَرْت أَنْ لَا أُكَلِّم رَجُلًا حِينًا , فَقَالَ اِبْن عَبَّاس : { تُؤْتِي أُكُلهَا كُلّ حِين } فَالْحِين : سَنَة . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الْحِين فِي هَذَا الْمَوْضِع : شَهْرَانِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15689 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن مُسْلِم الطَّائِفِيّ , عَنْ إِبْرَاهِيم بْن مَيْسَرَة , قَالَ : (جَاءَ رَجُل إِلَى سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , فَقَالَ : إِنِّي حَلَفْت أَنْ لَا أُكَلِّم فُلَانًا حِينًا , فَقَالَ : قَالَ اللَّه تَعَالَى : { تُؤْتِي أُكُلهَا كُلّ حِين بِإِذْنِ رَبّهَا } قَالَ : هِيَ النَّخْلَة لَا يَكُون مِنْهَا أُكُلهَا إِلَّا شَهْرَيْنِ , فَالْحِين شَهْرَانِ . )وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : عُنِيَ بِالْحِينِ فِي هَذَا الْمَوْضِع : غُدْوَة وَعَشِيَّة , وَكُلّ سَاعَة ; لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره ضَرَبَ مَا تُؤْتِي هَذِهِ الشَّجَرَة كُلّ حِين مِنْ الْأَكْل لِعَمَلِ الْمُؤْمِن وَكَلَامه مَثَلًا , وَلَا شَكّ أَنَّ الْمُؤْمِن يُرْفَع لَهُ إِلَى اللَّه فِي كُلّ يَوْم صَالِح مِنْ الْعَمَل وَالْقَوْل , لَا فِي كُلّ سَنَة أَوْ فِي كُلّ سِتَّة أَشْهُر أَوْ فِي كُلّ شَهْرَيْنِ . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَلَا شَكّ أَنَّ الْمَثَل لَا يَكُون خِلَافًا لِلْمُمَثَّلِ بِهِ فِي الْمَعْنَى . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ بَيِّنًا صِحَّة مَا قُلْنَا . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَأَيّ نَخْلَة تُؤْتِي فِي كُلّ وَقْت أُكُلًا صَيْفًا وَشِتَاء ؟ قِيلَ : أَمَّا فِي الشِّتَاء فَإِنَّ الطَّلْع مِنْ أُكُلهَا , وَأَمَّا فِي الصَّيْف فَالْبَلَح وَالْبُسْر وَالرُّطَب وَالتَّمْر , وَذَلِكَ كُلّه مِنْ أُكُلهَا . وَقَوْله : { تُؤْتِي أُكُلهَا } فَإِنَّهُ كَمَا : 15690 - حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { تُؤْتِي أُكُلهَا كُلّ حِين بِإِذْنِ رَبّهَا } قَالَ : يُؤْكَل ثَمَرهَا فِي الشِّتَاء وَالصَّيْف . )* حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { تُؤْتِي أُكُلهَا كُلّ حِين } قَالَ : هِيَ تُؤْكَل شِتَاء وَصَيْفًا. )15691 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس : ( { تُؤْتِي أُكُلهَا كُلّ حِين بِإِذْنِ رَبّهَا } يَصْعَد عَمَله , يَعْنِي عَمَل الْمُؤْمِن مِنْ أَوَّل النَّهَار وَآخِره .)
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَثَل كَلِمَة خَبِيثَة كَشَجَرَةٍ خَبِيثَة } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَثَل الشِّرْك بِاَللَّهِ , وَهِيَ الْكَلِمَة الْخَبِيثَة , كَشَجَرَةٍ خَبِيثَة . اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِيهَا أَيّ شَجَرَة هِيَ ؟ فَقَالَ أَكْثَرهمْ : هِيَ الْحَنْظَل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15692 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ مُعَاوِيَة بْن قُرَّة , قَالَ : سَمِعْت أَنَس بْن مَالِك , قَالَ فِي هَذَا الْحَرْف : ( { وَمَثَل كَلِمَة خَبِيثَة كَشَجَرَةٍ خَبِيثَة } قَالَ : الشَّرْيَان . فَقُلْت : مَا الشَّرْيَان ؟ قَالَ رَجُل عِنْده : الْحَنْظَل. فَأَقَرَّ بِهِ مُعَاوِيَة . )- حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا شَبَابَة , قَالَ : أَخْبَرَنَا شُعْبَة , عَنْ مُعَاوِيَة بْن قُرَّة , قَالَ : سَمِعْت أَنَس بْن مَالِك يَقُول : ( { وَمَثَل كَلِمَة خَبِيثَة كَشَجَرَةٍ خَبِيثَة } قَالَ : الْحَنْظَل . )- حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن الْهَيْثَم , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ مُعَاوِيَة بْن قُرَّة , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , قَالَ : (الشَّرْيَان : يَعْنِي الْحَنْظَل . )- حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مَنْصُور , قَالَ : ثَنَا نُعَيْم بْن حَمَّاد , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ حِبَّان بْن شُعْبَة , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , فِي قَوْله : ( { كَشَجَرَةٍ خَبِيثَة } قَالَ : الشَّرْيَان , قُلْت لِأَنَسٍ : مَا الشَّرْيَان ؟ قَالَ : الْحَنْظَل . )- حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : ثَنَا شُعَيْب , قَالَ : خَرَجْت مَعَ أَبِي الْعَالِيَة , نُرِيد أَنَس بْن مَالِك , فَأَتَيْنَاهُ , فَقَالَ : ( { وَمَثَل كَلِمَة خَبِيثَة كَشَجَرَةٍ خَبِيثَة } تِلْكُمْ الْحَنْظَل . )- حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم , عَنْ شُعَيْب بْن الْحَبْحَاب , عَنْ أَنَس , مِثْله . - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى قَالَ : ثَنَا آدَم الْعَسْقَلَانِيّ , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , قَالَ : ثَنَا أَبُو إِيَاس , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , قَالَ : (الشَّجَرَة الْخَبِيثَة : الشَّرْيَان , فَقُلْت : وَمَا الشَّرْيَان ؟ قَالَ : الْحَنْظَل . )- حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا الْحَجَّاج , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد , عَنْ شُعَيْب , عَنْ أَنَس , قَالَ : (تِلْكُمْ الْحَنْظَل . )- حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا الْحَجَّاج , قَالَ : ثَنَا مَهْدِيّ بْن مَيْمُون , عَنْ شُعَيْب , قَالَ : قَالَ أَنَس : ( { وَمَثَل كَلِمَة خَبِيثَة كَشَجَرَةٍ خَبِيثَة } الْآيَة , قَالَ : تِلْكُمْ الْحَنْظَل , أَلَمْ تَرَوْا إِلَى الرِّيَاح كَيْفَ تَصْفِقهَا يَمِينًا وَشِمَالًا ؟ . )15693 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { كَشَجَرَةٍ خَبِيثَة } : الْحَنْظَلَة. )وَقَالَ آخَرُونَ : هَذِهِ الشَّجَرَة لَمْ تُخْلَق عَلَى الْأَرْض . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15694 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد الزَّعْفَرَانِيّ , قَالَ : ثَنَا عَفَّان , قَالَ : ثَنَا أَبُو كُدَيْنَة , قَالَ : ثَنَا قَابُوس , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَمَثَل كَلِمَة خَبِيثَة كَشَجَرَةٍ خَبِيثَة اُجْتُثَّتْ مِنْ فَوْق الْأَرْض مَا لَهَا مِنْ قَرَار } قَالَ : هَذَا مَثَل ضَرَبَهُ اللَّه , وَلَمْ تُخْلَق هَذِهِ الشَّجَرَة عَلَى وَجْه الْأَرْض . )وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَصْحِيحِ قَوْل مَنْ قَالَ : هِيَ الْحَنْظَلَة خَبَر , فَإِنْ صَحَّ فَلَا قَوْل يَجُوز أَنْ يُقَال غَيْره , وَإِلَّا فَإِنَّهَا شَجَرَة بِالصِّفَةِ الَّتِي وَصَفَهَا اللَّه بِهَا . ذِكْر الْخَبَر الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : 15695 - حَدَّثَنَا سِوَار بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : ثَنَا أَبِي , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ شُعَيْب بْن الْحَبْحَاب , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( { وَمَثَل كَلِمَة خَبِيثَة كَشَجَرَةٍ خَبِيثَة اُجْتُثَّتْ مِنْ فَوْق الْأَرْض مَا لَهَا مِنْ قَرَار } قَالَ : هِيَ الْحَنْظَلَة | . قَالَ شُعَيْب : وَأَخْبَرْت بِذَلِكَ أَبَا الْعَالِيَة , فَقَالَ : كَذَلِكَ كَانُوا يَقُولُونَ .)|اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ|وَقَوْله : { اُجْتُثَّتْ مِنْ فَوْق الْأَرْض } يَقُول : اُسْتُؤْصِلَتْ , يُقَال مِنْهُ : اِجْتَثَثْت الشَّيْء أَجْتَثّهُ اِجْتِثَاثًا : إِذَا اِسْتَأْصَلْته. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15696 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { اُجْتُثَّتْ مِنْ فَوْق الْأَرْض } قَالَ : اُسْتُؤْصِلَتْ مِنْ فَوْق الْأَرْض . { مَا لَهَا مِنْ قَرَار } يَقُول : مَا لِهَذِهِ الشَّجَرَة مِنْ قَرَار وَلَا أَصْل فِي الْأَرْض تَنْبُت عَلَيْهِ وَتَقُوم . وَإِنَّمَا ضُرِبَتْ هَذِهِ الشَّجَرَة الَّتِي وَصَفَهَا اللَّه بِهَذِهِ الصِّفَة لِكُفْرِ الْكَافِر وَشِرْكه بِهِ مَثَلًا , يَقُول : لَيْسَ لِكُفْرِ الْكَافِر وَعَمَله الَّذِي هُوَ مَعْصِيَة اللَّه فِي الْأَرْض ثَبَات , وَلَا لَهُ فِي السَّمَاء مَصْعَد , لِأَنَّهُ لَا يَصْعَد إِلَى اللَّه مِنْهُ شَيْء . )وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15697 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَمَثَل كَلِمَة خَبِيثَة كَشَجَرَةٍ خَبِيثَة اُجْتُثَّتْ مِنْ فَوْق الْأَرْض مَا لَهَا مِنْ قَرَار } ضَرَبَ اللَّه مَثَل الشَّجَرَة الْخَبِيثَة كَمَثَلِ الْكَافِر , يَقُول : إِنَّ الشَّجَرَة الْخَبِيثَة اُجْتُثَّتْ مِنْ فَوْق الْأَرْض مَا لَهَا مِنْ قَرَار : يَقُول : الْكَافِر لَا يُقْبَل عَمَله وَلَا يَصْعَد إِلَى اللَّه , فَلَيْسَ لَهُ أَصْل ثَابِت فِي الْأَرْض وَلَا فَرْع فِي السَّمَاء , يَقُول : لَيْسَ لَهُ عَمَل صَالِح فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَة. )15698 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَمَثَل كَلِمَة خَبِيثَة كَشَجَرَةٍ خَبِيثَة اُجْتُثَّتْ مِنْ فَوْق الْأَرْض مَا لَهَا مِنْ قَرَار } قَالَ قَتَادَة : إِنَّ رَجُلًا لَقِيَ رَجُلًا مِنْ أَهْل الْعِلْم , فَقَالَ : مَا تَقُول فِي الْكَلِمَة الْخَبِيثَة ؟ فَقَالَ : مَا أَعْلَم لَهَا فِي الْأَرْض مُسْتَقَرًّا وَلَا فِي السَّمَاء مَصْعَدًا إِلَّا أَنْ تَلْزَم عُنُق صَاحِبهَا , حَتَّى يُوَافِي بِهَا يَوْم الْقِيَامَة . )15699 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة : (أَنَّ رَجُلًا خَالَجَتْ الرِّيح رِدَاءَهُ فَلَعَنَهَا , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | لَا تَلْعَنهَا فَإِنَّهَا مَأْمُورَة , وَإِنَّهُ مَنْ لَعَنَ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ رَجَعَتْ اللَّعْنَة عَلَى صَاحِبهَا . )15700 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس : ( { وَمَثَل كَلِمَة خَبِيثَة كَشَجَرَةٍ خَبِيثَة } قَالَ : هَذَا الْكَافِر لَيْسَ لَهُ عَمَل فِي الْأَرْض وَذِكْر فِي السَّمَاء . { اُجْتُثَّتْ مِنْ فَوْق الْأَرْض مَا لَهَا مِنْ قَرَار } قَالَ : لَا يَصْعَد عَمَله إِلَى السَّمَاء وَلَا يَقُوم عَلَى الْأَرْض . فَقِيلَ : فَأَيْنَ تَكُون أَعْمَالهمْ ؟ قَالَ : يَحْمِلُونَ أَوْزَارهمْ عَلَى ظُهُورهمْ. )15701 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا فُضَيْل بْن مَرْزُوق , عَنْ عَطِيَّة الْعَوْفِيّ : ( { وَمَثَل كَلِمَة خَبِيثَة كَشَجَرَةٍ خَبِيثَة اُجْتُثَّتْ مِنْ فَوْق الْأَرْض } قَالَ : مَثَل الْكَافِر لَا يَصْعَد لَهُ قَوْل طَيِّب وَلَا عَمَل صَالِح . )15702 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : ( { وَمَثَل كَلِمَة خَبِيثَة } وَهِيَ الشِّرْك , { كَشَجَرَةٍ خَبِيثَة } يَعْنِي الْكَافِر . قَالَ : { اُجْتُثَّتْ مِنْ فَوْق الْأَرْض مَا لَهَا مِنْ قَرَار } ي قَوْل : الشِّرْك لَيْسَ لَهُ أَصْل يَأْخُذ بِهِ الْكَافِر وَلَا بُرْهَان , وَلَا يَقْبَل اللَّه مَعَ الشِّرْك عَمَلًا. )- حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع : ( { وَمَثَل كَلِمَة خَبِيثَة كَشَجَرَةٍ خَبِيثَة } قَالَ : مَثَل الشَّجَرَة الْخَبِيثَة مَثَل الْكَافِر , لَيْسَ لِقَوْلِهِ وَلَا لِعَمَلِهِ أَصْل وَلَا فَرْع , وَلَا قَوْله وَلَا عَمَله يَسْتَقِرّ عَلَى الْأَرْض وَلَا يَصْعَد إِلَى السَّمَاء . )15703 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول : (ضَرَبَ اللَّه مَثَل الْكَافِر كَشَجَرَةٍ خَبِيثَة اُجْتُثَّتْ مِنْ فَوْق الْأَرْض مَا لَهَا مِنْ قَرَار , يَقُول : لَيْسَ لَهَا أَصْل وَلَا فَرْع , وَلَيْسَتْ لَهَا ثَمَرَة , وَلَيْسَ فِيهَا مَنْفَعَة , كَذَلِكَ الْكَافِر لَيْسَ يَعْمَل خَيْرًا وَلَا يَقُولهُ , وَلَمْ يَجْعَل اللَّه فِيهِ بَرَكَة وَلَا مَنْفَعَة .)
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يُثَبِّت اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَة } </subtitle>يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { يُثَبِّت اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا } يُحَقِّق اللَّه أَعْمَالهمْ وَإِيمَانهمْ { بِالْقَوْلِ الثَّابِت } يَقُول : بِالْقَوْلِ الْحَقّ , وَهُوَ فِيمَا قِيلَ : شَهَادَة أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّه. وَأَمَّا قَوْله : { فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل اِخْتَلَفُوا فِيهِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِذَلِكَ أَنَّ اللَّه يُثَبِّتهُمْ فِي قُبُورهمْ قَبْل قِيَام السَّاعَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15704 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب سَلْم بْن جُنَادَة , قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ سَعْد بْن عُبَيْدَة , عَنْ الْبَرَاء بْن عَازِب , فِي قَوْله : ( { يُثَبِّت اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } قَالَ : التَّثْبِيت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا إِذَا أَتَاهُ الْمَلَكَانِ فِي الْقَبْر , فَقَالَا لَهُ : مَنْ رَبّك ؟ فَقَالَ : رَبِّيَ اللَّه , فَقَالَا لَهُ : مَا دِينك ؟ قَالَ : دِينِي الْإِسْلَام , فَقَالَا لَهُ : مَنْ نَبِيّك ؟ قَالَ : نَبِيِّي مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَذَلِكَ التَّثْبِيت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا. )* حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا جَابِر بْن نُوح , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ سَعْد بْن عُبَيْدَة , عَنْ الْبَرَاء بْن عَازِب , بِنَحْوٍ مِنْهُ فِي الْمَعْنَى. 15705 - حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن إِسْحَاق النَّاقِد الْوَاسِطِيّ , قَالَ : ثَنَا وَهْب بْن جَرِير , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ عَلْقَمَة بْن مَرْثَد , عَنْ سَعْد بْن عُبَيْدَة , عَنْ الْبَرَاء , قَالَ : (ذَكَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِن وَالْكَافِر , فَقَالَ : وَإِنَّ الْمُؤْمِن إِذَا سُئِلَ فِي قَبْره قَالَ : رَبِّيَ اللَّه , فَذَلِكَ قَوْله : { يُثَبِّت اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة . )- حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا هِشَام بْن عَبْد الْمَلِك , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَلْقَمَة بْن مَرْثَد قَالَ : سَمِعْت سَعْد بْن عُبَيْدَة , عَنْ الْبَرَاء بْن عَازِب , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ الْمُسْلِم إِذَا سُئِلَ فِي الْقَبْر يَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّه | قَالَ : | فَذَلِكَ قَوْله { يُثَبِّت اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة . )15706 - وَحَدَّثَنِي الْحُسَيْن بْن سَلَمَة بْن أَبِي كَبْشَة , وَمُحَمَّد بْن مَعْمَر الْبَحْرَانِيّ , وَاللَّفْظ لِحَدِيثِ اِبْن أَبِي كَبْشَة , قَالَا : ثَنَا أَبُو عَامِر عَبْد الْمَلِك بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا عَبَّاد بْن رَاشِد , عَنْ دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ أَبِي نَضْرَة , عَنْ أَبِي سَعِيد , قَالَ : (كُنَّا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَة , فَقَالَ : | يَا أَيّهَا النَّاس إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّة تُبْتَلَى فِي قُبُورهَا , فَإِذَا الْإِنْسَان دُفِنَ وَتَفَرَّقَ عَنْهُ أَصْحَابه , جَاءَهُ مَلَك بِيَدِهِ مِطْرَاق فَأَقْعَدَهُ , فَقَالَ : مَا تَقُول فِي هَذَا الرَّجُل ؟ فَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا قَالَ : أَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْده وَرَسُوله ! فَيَقُول لَهُ : صَدَقْت ! فَيُفْتَح لَهُ بَاب إِلَى النَّار , فَيُقَال : هَذَا مَنْزِلك لَوْ كَفَرْت بِرَبِّك ; فَأَمَّا إِذْ آمَنْت بِهِ , فَإِنَّ اللَّه أَبْدَلَك بِهِ هَذَا . ثُمَّ يُفْتَح لَهُ بَاب إِلَى الْجَنَّة , فَيُرِيد أَنْ يَنْهَض لَهُ , فَيُقَال لَهُ : اُسْكُنْ ! ثُمَّ يُفْسَح لَهُ فِي قَبْره . وَأَمَّا الْكَافِر أَوْ الْمُنَافِق , فَيُقَال لَهُ مَا تَقُول فِي هَذَا الرَّجُل ؟ فَيَقُول : مَا أَدْرِي , فَيُقَال لَهُ : لَا دَرَيْت وَلَا تَلَيْت وَلَا اِهْتَدَيْت ثُمَّ يُفْتَح لَهُ بَاب إِلَى الْجَنَّة , فَيُقَال لَهُ : هَذَا كَانَ مَنْزِلك لَوْ آمَنْت بِرَبِّك ; فَأَمَّا إِذْ كَفَرْت فَإِنَّ اللَّه أَبْدَلَك هَذَا . ثُمَّ يُفْتَح لَهُ بَاب إِلَى النَّار , ثُمَّ يَقْمَعهُ الْمَلَك بِالْمِطْرَاقِ قَمْعَة يَسْمَعهُ خَلْق اللَّه كُلّهمْ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ | . قَالَ بَعْض أَصْحَابه : يَا رَسُول اللَّه مَا مِنَّا أَحَد يَقُوم عَلَى رَأْسه مَلَك بِيَدِهِ مِطْرَاق إِلَّا هِيلَ عِنْد ذَلِكَ ؟ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { يُثَبِّت اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة وَيُضِلّ اللَّه الظَّالِمِينَ وَيَفْعَل اللَّه مَا يَشَاء } . )15707 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا أَبُو بَكْر بْن عَيَّاش , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ الْمِنْهَال , عَنْ زَاذَان , عَنْ الْبَرَاء : أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ , (وَذَكَرَ قَبْض رُوح الْمُؤْمِن : | فَتُعَاد رُوحه فِي جَسَده وَيَأْتِيه مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فِي قَبْره , فَيَقُولَانِ مَنْ رَبّك ؟ فَيَقُول : رَبِّيَ اللَّه , فَيَقُولَانِ : مَا دِينك ؟ فَيَقُول دِينِي الْإِسْلَام , فَيَقُولَانِ لَهُ : مَا هَذَا الرَّجُل الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ ؟ فَيَقُول : هُوَ رَسُول اللَّه , فَيَقُولَانِ : مَا يُدْرِيك ؟ فَيَقُول : قَرَأْت كِتَاب اللَّه فَآمَنْت بِهِ , وَصَدَّقْت . فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ السَّمَاء : أَنْ صَدَقَ عَبْدِي | قَالَ : | فَذَلِكَ قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ { يُثَبِّت اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة } . )- حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , قَالَ : ثَنَا الْأَعْمَش , عَنْ الْمِنْهَال , عَنْ زَاذَان , عَنْ الْبَرَاء , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بِنَحْوِهِ . - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثَنَا جَرِير , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ الْمِنْهَال , عَنْ زَاذَان , عَنْ الْبَرَاء , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بِنَحْوِهِ . - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن نُمَيْر , قَالَ : ثَنَا الْأَعْمَش , قَالَ : ثَنَا الْمِنْهَال بْن عَمْرو , عَنْ زَاذَان , عَنْ الْبَرَاء , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بِنَحْوِهِ . - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا الْحَكَم بْن بَشِير , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن قَيْس , عَنْ يُونُس بْن خَبَّاب , عَنْ الْمِنْهَال , عَنْ زَاذَان , عَنْ الْبَرَاء بْن عَازِب , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , نَحْوه . - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر ; وَحَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد بْن مَنْصُور , قَالَ : ثَنَا مَهْدِيّ بْن مَيْمُون جَمِيعًا , عَنْ يُونُس بْن خَبَّاب , عَنْ الْمِنْهَال بْن عَمْرو , عَنْ زَاذَان , عَنْ الْبَرَاء بْن عَازِب , قَالَ : (قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَذَكَرَ قَبْض رُوح الْمُؤْمِن , قَالَ : | فَيَأْتِيه آتٍ فِي قَبْره فَيَقُول : مَنْ رَبّك وَمَا دِينك وَمَنْ نَبِيّك ؟ فَيَقُول : رَبِّيَ اللَّه وَدِينِي الْإِسْلَام وَنَبِيِّي مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَيَنْتَهِرهُ , فَيَقُول : مَنْ رَبّك , وَمَا دِينك ؟ فَهِيَ آخِر فِتْنَة تُعْرَض عَلَى الْمُؤْمِن , فَذَلِكَ حِين يَقُول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { يُثَبِّت اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة } , فَيَقُول : رَبِّيَ اللَّه , وَدِينِي الْإِسْلَام , وَنَبِيِّي مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَيُقَال لَهُ : صَدَقْت | . وَاللَّفْظ لِحَدِيثِ اِبْن عَبْد الْأَعْلَى . )15708 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن خَلَف الْعَسْقَلَانِيّ , قَالَ : ثَنَا آدَم , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَمْرو , عَنْ أَبِي سَلَمَة , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : (تَلَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { يُثَبِّت اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة } قَالَ : وَذَاكَ إِذَا قِيلَ فِي الْقَبْر : مَنْ رَبّك ؟ وَمَا دِينك ؟ فَيَقُول : رَبِّيَ اللَّه , وَدِينِي الْإِسْلَام , وَنَبِيِّي مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , جَاءَ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ عِنْد اللَّه , فَآمَنْت بِهِ وَصَدَّقْت ! فَيُقَال لَهُ : صَدَقْت ! عَلَى هَذَا عِشْت وَعَلَيْهِ مِتّ , وَعَلَيْهِ تُبْعَث . )15709 - حَدَّثَنَا مُجَاهِد بْن مُوسَى , وَالْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَا : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , عَنْ أَبِي سَلَمَة , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : ( إِنَّ الْمَيِّت لَيَسْمَع خَفْق نِعَالهمْ حِين يُوَلُّونَ عَنْهُ مُدْبِرِينَ فَإِذَا كَانَ مُؤْمِنًا , كَانَتْ الصَّلَاة عِنْد رَأْسه وَالزَّكَاة عَنْ يَمِينه , وَكَانَ الصِّيَام عَنْ يَسَاره , وَكَانَ فِعْل الْخَيْرَات مِنْ الصَّدَقَة وَالصِّلَة وَالْمَعْرِفَة وَالْإِحْسَان إِلَى النَّاس عِنْد رِجْلَيْهِ , فَيُؤْتَى مِنْ عِنْد رَأْسه , فَتَقُول الصَّلَاة : مَا قِبَلِي مَدْخَل ! فَيُؤْتَى عَنْ يَمِينه , فَتَقُول الزَّكَاة : مَا قِبَلِي مَدْخَل ! فَيُؤْتَى عَنْ يَسَاره , فَيَقُول الصِّيَام : مَا قِبَلِي مَدْخَل ! فَيُؤْتَى مِنْ عِنْد رِجْلَيْهِ , فَيَقُول فِعْل الْخَيْرَات مِنْ الصَّدَقَة وَالصِّلَة وَالْمَعْرُوف وَالْإِحْسَان إِلَى النَّاس : مَا قِبَلِي مَدْخَل ! فَيُقَال لَهُ : اِجْلِسْ ! فَيَجْلِس , قَدْ مُثِّلَتْ لَهُ الشَّمْس قَدْ دَنَتْ لِلْغُرُوبِ , فَيُقَال لَهُ : أَخْبِرْنَا عَمَّا نَسْأَلك ! فَيَقُول : دَعُونِي حَتَّى أُصَلِّي ! فَيَقُول : إِنَّك سَتَفْعَلُ فَأَخْبِرْنَا عَمَّا نَسْأَلك عَنْهُ . فَيَقُول : وَعَمّ تَسْأَلُونَ ؟ فَيُقَال : أَرَأَيْت هَذَا الرَّجُل الَّذِي كَانَ فِيكُمْ ؟ مَاذَا تَقُول فِيهِ وَمَاذَا تَشْهَد بِهِ عَلَيْهِ ؟ فَيَقُول : أَمُحَمَّد ؟ فَيُقَال لَهُ : نَعَمْ . فَيَقُول : أَشْهَد أَنَّهُ رَسُول اللَّه , وَأَنَّهُ جَاءَ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ عِنْد اللَّه , فَصَدَّقْنَاهُ ! فَيُقَال لَهُ : عَلَى ذَلِكَ حَيِيت وَعَلَى ذَلِكَ مِتّ وَعَلَى ذَلِكَ تُبْعَث إِنْ شَاءَ اللَّه . ثُمَّ يُفْسَح لَهُ فِي قَبْره سَبْعُونَ ذِرَاعًا , وَيُنَوَّر لَهُ فِيهِ , ثُمَّ يُفْتَح لَهُ بَابه إِلَى الْجَنَّة , فَيُقَال لَهُ : اُنْظُرْ إِلَى مَا أَعَدَّ اللَّه لَك فِيهَا ! فَيَزْدَاد غِبْطَة وَسُرُورًا . ثُمَّ يُفْتَح لَهُ بَاب إِلَى النَّار , فَيُقَال لَهُ : اُنْظُرْ مَا صَرَفَ اللَّه عَنْك لَوْ عَصَيْته ! فَيَزْدَاد غِبْطَة وَسُرُورًا. ثُمَّ يَجْعَل نَسَمه فِي النَّسَم الطَّيِّب , وَهِيَ طَيْر خُضْر تُعَلَّق بِشَجَرِ الْجَنَّة وَيُعَاد جَسَده إِلَى مَا بُدِئَ مِنْهُ مِنْ التُّرَاب , وَذَلِكَ قَوْل اللَّه تَعَالَى : { يُثَبِّت اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة } |. )15710 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا أَبُو قَطَن , قَالَ : ثَنَا الْمَسْعُودِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مُخَارِق , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : (إِنَّ الْمُؤْمِن إِذَا مَاتَ أُجْلِسَ فِي قَبْره , فَيُقَال لَهُ : مَنْ رَبّك , وَمَا دِينك , وَمَنْ نَبِيّك ؟ فَيُثَبِّتهُ اللَّه , فَيَقُول : رَبِّيَ اللَّه , وَدِينِي الْإِسْلَام , وَنَبِيِّي مُحَمَّد . قَالَ : فَقَرَأَ عَبْد اللَّه : { يُثَبِّت اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة } . )15711 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا أَبُو خَالِد الْقُرَشِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِيهِ ; وَحَدَّثَنَا أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ خَيْثَمَة , عَنْ الْبَرَاء , فِي قَوْله : ( { يُثَبِّت اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } قَالَ : عَذَاب الْقَبْر . )15712 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا عَفَّان , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ عَلْقَمَة بْن مَرْثَد , عَنْ سَعْد بْن عُبَيْدَة , عَنْ الْبَرَاء , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى : ( { يُثَبِّت اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة } قَالَ شُعْبَة : شَيْئًا لَمْ أَحْفَظهُ , قَالَ : | فِي الْقَبْر . )15713 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { يُثَبِّت اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِت } إِلَى قَوْله : { وَيُضِلّ اللَّه الظَّالِمِينَ } قَالَ : إِنَّ الْمُؤْمِن إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْت شَهِدَتْهُ الْمَلَائِكَة فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وَبَشَّرُوهُ بِالْجَنَّةِ , فَإِذَا مَاتَ مَشَوْا فِي جِنَازَته , ثُمَّ صَلَّوْا عَلَيْهِ مَعَ النَّاس , فَإِذَا دُفِنَ أُجْلِسَ فِي قَبْره , فَيُقَال لَهُ : مَنْ رَبّك ؟ فَيَقُول : رَبِّيَ اللَّه , وَيُقَال لَهُ : مَنْ رَسُولك ؟ فَيَقُول مُحَمَّد , فَيُقَال لَهُ : مَا شَهَادَتك ؟ فَيَقُول : أَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّه . فَيُوَسَّع لَهُ فِي قَبْره مَدّ بَصَره . )15714 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج , سَمِعْت اِبْن طَاوُس يُخْبِر عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : (لَا أَعْلَمهُ إِلَّا قَالَ : هِيَ فِي فِتْنَة الْقَبْر فِي قَوْله : { يُثَبِّت اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِت } . )15715 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير عَنْ الْعَلَاء بْن الْمُسَيِّب , عَنْ أَبِيهِ , أَنَّهُ كَانَ يَقُول فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { يُثَبِّت اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة } : هِيَ فِي صَاحِب الْقَبْر . )- حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ الْعَوَّام , عَنْ الْمُسَيِّب بْن رَافِع : ( { يُثَبِّت اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة } قَالَ : نَزَلَتْ فِي صَاحِب الْقَبْر . )* حَدَّثَنَا أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا عَبَّاد بْن الْعَوَّام , عَنْ الْعَلَاء بْن الْمُسَيِّب , عَنْ أَبِيهِ الْمُسَيِّب بْن رَافِع نَحْوه . 15716 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ , عَنْ الرَّبِيع , فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى : ( { يُثَبِّت اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة } قَالَ : بَلَغَنَا أَنَّ هَذِهِ الْأُمَّة تُسْأَل فِي قُبُورهَا , فَيُثَبِّت اللَّه الْمُؤْمِن فِي قَبْره حِين يُسْأَل . )- حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو رَبِيعَة فَهْد , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَوَانَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ الْمِنْهَال بْن عَمْرو , عَنْ زَاذَان , عَنْ الْبَرَاء بْن عَازِب , قَالَ : (قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَذَكَرَ قَبْض رُوح الْمُؤْمِن , قَالَ : | فَتَرْجِع رُوحه فِي جَسَده , وَيَبْعَث اللَّه إِلَيْهِ مَلَكَيْنِ شَدِيدِي الِانْتِهَار , فَيُجْلِسَانِهِ وَيَنْتَهِرَانِهِ , يَقُولَانِ : مَنْ رَبّك ؟ قَالَ : فَيَقُول : اللَّه , وَمَا دِينك ؟ قَالَ : الْإِسْلَام , قَالَ : فَيَقُولَانِ لَهُ : مَا هَذَا الرَّجُل أَوْ النَّبِيّ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ ؟ فَيَقُول مُحَمَّد رَسُول اللَّه , قَالَ : فَيَقُولَانِ لَا : وَمَا يُدْرِيك ؟ قَالَ : فَيَقُول : قَرَأْت كِتَاب اللَّه فَآمَنْت بِهِ وَصَدَّقْت , فَذَلِكَ قَوْل اللَّه { يُثَبِّت اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة } . )15717 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { يُثَبِّت اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة } قَالَ : نَزَلَتْ فِي الْمَيِّت الَّذِي يُسْأَل فِي قَبْره عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . )15718 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : فِي قَوْل اللَّه : ( { يُثَبِّت اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة } قَالَ : بَلَغَنَا أَنَّ هَذِهِ الْأُمَّة تُسْأَل فِي قُبُورهَا , فَيُثَبِّت اللَّه الْمُؤْمِن حَيْثُ يُسْأَل . )15719 - حَدَّثَنَا أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا شَرِيك , عَنْ إِبْرَاهِيم بْن مُهَاجِر , عَنْ مُجَاهِد : ( { يُثَبِّت اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة } قَالَ : هَذَا فِي الْقَبْر مُخَاطَبَته { وَفِي الْآخِرَة } مِثْل ذَلِكَ . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : يُثَبِّت اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا بِالْإِيمَانِ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا , وَهُوَ الْقَوْل الثَّابِت , وَفِي الْآخِرَة : الْمَسْأَلَة فِي الْقَبْر. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15720 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ اِبْن طَاوُس , عَنْ أَبِيهِ : ( { يُثَبِّت اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } قَالَ : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه. { وَفِي الْآخِرَة } الْمَسْأَلَة فِي الْقَبْر . )15721 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { يُثَبِّت اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } أَمَّا الْحَيَاة الدُّنْيَا , فَيُثَبِّتهُمْ بِالْخَيْرِ وَالْعَمَل الصَّالِح. وَقَوْله : { فِي الْآخِرَة } أَيْ فِي الْقَبْر . )وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ مَا ثَبَتَ بِهِ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ , وَهُوَ أَنَّ مَعْنَاهُ : يُثَبِّت اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا , وَذَلِكَ تَثْبِيته إِيَّاهُمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا بِالْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَبِرَسُولِهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَفِي الْآخِرَة بِمِثْلِ الَّذِي ثَبَّتَهُمْ بِهِ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا , وَذَلِكَ فِي قُبُورهمْ حِين يُسْأَلُونَ عَنْ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ مِنْ التَّوْحِيد وَالْإِيمَان بِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .|وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ|وَأَمَّا قَوْله : { وَيُضِلّ اللَّه الظَّالِمِينَ } فَإِنَّهُ يَعْنِي أَنَّ اللَّه لَا يُوَفِّق الْمُنَافِق وَالْكَافِر فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة عِنْد الْمَسْأَلَة فِي الْقَبْر لِمَا هُدِيَ لَهُ مِنْ الْإِيمَان الْمُؤْمِن بِاَللَّهِ وَرَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15722 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (أَمَّا الْكَافِر فَتَنْزِل الْمَلَائِكَة إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْت , فَيَبْسُطُونَ أَيْدِيهمْ - وَالْبَسْط : هُوَ الضَّرْب - يَضْرِبُونَ وُجُوههمْ وَأَدْبَارهمْ عِنْد الْمَوْت . فَإِذَا أُدْخِلَ قَبْره أُقْعِدَ , فَقِيلَ لَهُ : مَنْ رَبّك ؟ فَلَمْ يُرْجِع إِلَيْهِمْ شَيْئًا , وَأَنْسَاهُ اللَّه ذِكْر ذَلِكَ , وَإِذَا قِيلَ لَهُ : مَنْ الرَّسُول الَّذِي بُعِثَ إِلَيْك ؟ لَمْ يَهْتَدِ لَهُ وَلَمْ يُرْجِع إِلَيْهِ شَيْئًا . يَقُول : { وَيُضِلّ اللَّه الظَّالِمِينَ } . )15723 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا فَهْد بْن عَوْف أَبُو رَبِيعَة , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَوَانَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ الْمِنْهَال بْن عَمْرو , عَنْ زَاذَان , عَنْ الْبَرَاء , قَالَ : (قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَذَكَرَ الْكَافِر حِين تُقْبَض رُوحه , قَالَ : | فَتُعَاد رُوحه فِي جَسَده | , قَالَ : | فَيَأْتِيه مَلَكَانِ شَدِيدَا الِانْتِهَار , فَيُجْلِسَانِهِ فَيَنْتَهِرَانِهِ , فَيَقُولَانِ لَهُ : مَنْ رَبّك ؟ فَيَقُول : لَا أَدْرِي , قَالَ : فَيَقُولَانِ لَهُ : مَا دِينك ؟ فَيَقُول : لَا أَدْرِي , قَالَ : فَيُقَال لَهُ : مَا هَذَا النَّبِيّ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ ؟ قَالَ : فَيَقُول : سَمِعْت النَّاس يَقُولُونَ ذَلِكَ , لَا أَدْرِي , قَالَ : فَيَقُولَانِ : لَا دَرَيْت ! قَالَ : وَذَلِكَ قَوْل اللَّه { وَيُضِلّ اللَّه الظَّالِمِينَ , وَيَفْعَل اللَّه مَا يَشَاء } | .)|وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ|وَقَوْله : { وَيَفْعَل اللَّه مَا يَشَاء } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِذَلِكَ : وَبِيَدِ اللَّه الْهِدَايَة وَالْإِضْلَال , فَلَا تُنْكِرُوا أَيّهَا النَّاس قُدْرَته وَلَا اِهْتِدَاء مَنْ كَانَ مِنْكُمْ ضَالًّا وَلَا ضَلَال مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُهْتَدِيًا , فَإِنَّ بِيَدِهِ تَصْرِيف خَلْقه وَتَقْلِيب قُلُوبهمْ , يَفْعَل فِيهِمْ مَا يَشَاء .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمهمْ دَار الْبَوَار } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَلَمْ تَنْظُر يَا مُحَمَّد { إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا } يَقُول : غَيَّرُوا مَا أَنْعَمَ اللَّه بِهِ عَلَيْهِمْ مِنْ نِعَمه , فَجَعَلُوهَا كُفْرًا بِهِ . وَكَانَ تَبْدِيلهمْ نِعْمَة اللَّه كُفْرًا فِي نَبِيّ اللَّه مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنْعَمَ اللَّه بِهِ عَلَى قُرَيْش , فَأَخْرَجَهُ مِنْهُمْ وَابْتَعَثَهُ فِيهِمْ رَسُولًا , رَحْمَة لَهُمْ وَنِعْمَة مِنْهُ عَلَيْهِمْ , فَكَفَرُوا بِهِ , وَكَذَّبُوهُ , فَبَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه عَلَيْهِمْ بِهِ كُفْرًا . وَقَوْله : { وَأَحَلُّوا قَوْمهمْ دَار الْبَوَار } يَقُول : وَأَنْزَلُوا قَوْمهمْ مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْش دَار الْبَوَار , وَهِيَ دَار الْهَلَاك , يُقَال مِنْهُ : بَارَ الشَّيْء يَبُور بَوْرًا : إِذَا هَلَكَ وَبَطَلَ ; وَمِنْهُ قَوْل اِبْن الزِّبَعْرَى , وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ لِأَبِي سُفْيَان بْن الْحَارِث بْن عَبْد الْمُطَّلِب : <br>يَا رَسُول الْمَلِيك إِنَّ لِسَانِي .......... رَاتِق مَا فَتَقْت إِذْ أَنَا بُور <br>ثُمَّ تَرْجَمَ عَنْ دَار الْبَوَار وَمَا هِيَ , فَقِيلَ : { جَهَنَّم يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَار } يَقُول : وَبِئْسَ الْمُسْتَقَرّ هِيَ جَهَنَّم لِمَنْ صَلَاهَا. وَقِيلَ : إِنَّ الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا : بَنُو أُمَيَّة , وَبَنُو مَخْزُوم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15724 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار وَأَحْمَد بْن إِسْحَاق , قَالَا : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ عَلِيّ بْن زَيْد , عَنْ يُوسُف بْن سَعْد , عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب , فِي قَوْله : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمهمْ دَار الْبَوَار جَهَنَّم } قَالَ : هُمَا الْأَفْجَرَانِ مِنْ قُرَيْش : بَنُو الْمُغِيرَة , وَبَنُو أُمَيَّة ; فَأَمَّا بَنُو الْمُغِيرَة فَكُفِيتُمُوهُمْ يَوْم بَدْر , وَأَمَّا بَنُو أُمَيَّة فَمُتِّعُوا إِلَى حِين . )- حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو نُعَيْم الْفَضْل بْن دُكَيْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا حَمْزَة الزَّيَّات , عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة , قَالَ : (قَالَ اِبْن عَبَّاس لِعُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا : يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ , هَذِهِ الْآيَة : { الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمهمْ دَار الْبَوَار } ؟ قَالَ : هُمْ الْأَفْجَرَانِ مِنْ قُرَيْش أَخْوَالِي وَأَعْمَامك , فَأَمَّا أَخْوَالِي فَاسْتَأْصَلَهُمْ اللَّه يَوْم بَدْر , وَأَمَّا أَعْمَامك فَأَمْلَى اللَّه لَهُمْ إِلَى حِين . )15725 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة , عَنْ عَلِيّ : ( { وَأَحَلُّوا قَوْمهمْ دَار الْبَوَار } قَالَ : الْأَفْجَرَانِ مِنْ قُرَيْش . )* حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة , عَنْ عَلِيّ , مِثْله . 15726 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان وَشَرِيك , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة , عَنْ عَلِيّ , قَوْله : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمهمْ دَار الْبَوَار } قَالَ : بَنُو الْمُغِيرَة وَبَنُو أُمَيَّة ; فَأَمَّا بَنُو الْمُغِيرَة فَقَطَعَ اللَّه دَابِرهمْ يَوْم بَدْر ; وَأَمَّا بَنُو أُمَيَّة فَمُتِّعُوا إِلَى حِين . )- حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , قَالَ : سَمِعْت عَمْرو بْن مُرَّة , قَالَ : سَمِعْت عَلِيًّا يَقُول فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمهمْ دَار الْبَوَار } قَالَ : الْأَفْجَرَانِ مِنْ بَنِي أَسَد وَبَنِي مَخْزُوم. )- حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , عَنْ أَبِي الطُّفَيْل , عَنْ عَلِيّ , قَالَ : (هُمْ كُفَّار قُرَيْش . يَعْنِي فِي قَوْله : { وَأَحَلُّوا قَوْمهمْ دَار الْبَوَار جَهَنَّم } . )- حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , عَنْ أَبِي الطُّفَيْل أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب , وَسَأَلَهُ اِبْن الْكَوَّاء عَنْ هَذِهِ الْآيَة : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمهمْ دَار الْبَوَار } قَالَ : هُمْ كُفَّار قُرَيْش يَوْم بَدْر . )- حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبُو النَّضْر هَاشِم بْن الْقَاسِم , عَنْ شُعْبَة , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , قَالَ : سَمِعْت أَبَا الطُّفَيْل , قَالَ : سَمِعْت عَلِيًّا , فَذَكَرَ نَحْوه . - حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن سُمَيْع , عَنْ مُسْلِم الْبَطِين , عَنْ أَبِي أَرْطَأَة , عَنْ عَلِيّ فِي قَوْله : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا } قَالَ : هُمْ كُفَّار قُرَيْش . هَكَذَا قَالَ أَبُو السَّائِب مُسْلِم الْبَطِين عَنْ أَبِي أَرْطَأَة . )- حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد الزَّعْفَرَانِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة الضَّرِير , قَالَ : ثَنَا إِسْمَاعِيل بْن سُمَيْع , عَنْ مُسْلِم بْن أَرْطَأَة , عَنْ عَلِيّ , فِي قَوْله تَعَالَى : ( { الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا } قَالَ : كُفَّار قُرَيْش . )- حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا يَعْقُوب بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , عَنْ أَبِي الطُّفَيْل , عَنْ عَلِيّ , قَالَ فِي قَوْل اللَّه : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمهمْ دَار الْبَوَار } قَالَ : هُمْ كُفَّار قُرَيْش . )- حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا شَبَابَة , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , قَالَ : سَمِعْت أَبَا الطُّفَيْل يُحَدِّث , قَالَ : سَمِعْت عَلِيًّا يَقُول فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمهمْ دَار الْبَوَار } قَالَ : كُفَّار قُرَيْش يَوْم بَدْر . )15727 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا الْفَضْل بْن دُكَيْن , قَالَ : ثَنَا بَسَّام الصَّيْرَفِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو الطُّفَيْل عَامِر بْن وَاثِلَة , ذَكَرَ (أَنَّ عَلِيًّا قَامَ عَلَى الْمِنْبَر فَقَالَ : سَلُونِي قَبْل أَنْ لَا تَسْأَلُونِي , وَلَنْ تَسْأَلُوا بَعْدِي مِثْلِي ! فَقَامَ اِبْن الْكَوَّاء فَقَالَ : مَنْ { الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمهمْ دَار الْبَوَار } ؟ قَالَ : مُنَافِقُو قُرَيْش . )- حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن عُبَيْد , قَالَ : ثَنَا بَسَّام , عَنْ رَجُل قَدْ سَمَّاهُ الطَّنَافِسِيّ , قَالَ : (جَاءَ رَجُل إِلَى عَلِيّ , فَقَالَ : يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ : مَنْ { الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمهمْ دَار الْبَوَار } ؟ قَالَ : فِي قُرَيْش . )- حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا بَسَّام الصَّيْرَفِيّ , عَنْ أَبِي الطُّفَيْل , عَنْ عَلِيّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَة : ( { الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا } قَالَ : مُنَافِقُو قُرَيْش . )15728 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا عَفَّان , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن دِينَار , أَنَّ اِبْن عَبَّاس قَالَ فِي قَوْله : ( { وَأَحَلُّوا قَوْمهمْ دَار الْبَوَار } قَالَ : هُمْ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَهْل بَدْر . )15729 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْجَبَّار , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ عَمْرو , قَالَ : سَمِعْت عَطَاء يَقُول : سَمِعْت اِبْن عَبَّاس يَقُول : (هُمْ وَاَللَّه أَهْل مَكَّة { الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمهمْ دَار الْبَوَار } . )- حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا صَالِح بْن عُمَر , عَنْ مُطَرِّف بْن طَرِيف , عَنْ أَبَى إِسْحَاق قَالَ : سَمِعْت عَمْرو بْن مُرَّة يَقُول : سَمِعْت عَلِيًّا يَقُول عَلَى الْمِنْبَر , وَتَلَا هَذِهِ الْآيَة : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمهمْ دَار الْبَوَار } . قَالَ : هُمَا الْأَفْجَرَانِ مِنْ قُرَيْش ; فَأَمَّا أَحَدهمَا فَقَطَعَ اللَّه دَابِرهمْ يَوْم بَدْر ; وَأَمَّا الْآخَر فَمُتِّعُوا إِلَى حِين . )15730 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن ; قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء ; وَحَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا شَبَابَة , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد قَوْله : ( { بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا } قَالَ : كُفَّار قُرَيْش . )* حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْوَهَّاب , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (كُفَّار قُرَيْش . )* حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا } كُفَّار قُرَيْش . )* حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ عَطَاء , قَالَ : سَمِعْت اِبْن عَبَّاس يَقُول : (هُمْ وَاَللَّه { الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمهمْ دَار الْبَوَار } قُرَيْش. أَوْ قَالَ : أَهْل مَكَّة . )15731 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع وَابْن بَشَّار , قَالَا : ثَنَا غُنْدَر , عَنْ شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمهمْ دَار الْبَوَار } قَالَ : قَتْلَى يَوْم بَدْر . )15732 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنِي عَبْد الصَّمَد , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمهمْ دَار الْبَوَار } قَالَ : هُمْ كُفَّار قُرَيْش . )15733 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار وَمُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَا : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , عَنْ حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك وَسَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَا : (هُمْ قَتْلَى بَدْر مِنْ الْمُشْرِكِينَ . )- حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ عَمْرو , عَنْ عَطَاء , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمهمْ دَار الْبَوَار } قَالَ : هُمْ وَاَللَّه أَهْل مَكَّة . قَالَ : أَبُو كُرَيْب : قَالَ سُفْيَان : يَعْنِي كُفَّارهمْ . )- حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا الْحَجَّاج , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { وَأَحَلُّوا قَوْمهمْ دَار الْبَوَار } قَالَ : هُمْ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَهْل بَدْر . )- حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَصْحَاب عَلِيّ , عَنْ عَلِيّ , فِي قَوْله : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا } قَالَ : هُمْ الْأَفْجَرَانِ مِنْ قُرَيْش مِنْ بَنِي مَخْزُوم وَبَنِي أُمَيَّة ; أَمَّا بَنُو مَخْزُوم فَإِنَّ اللَّه قَطَعَ دَابِرهمْ يَوْم بَدْر ; وَأَمَّا بَنُو أُمَيَّة فَمُتِّعُوا إِلَى حِين . )15734 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُعَلَّى بْن أَسَد , قَالَ : أَخْبَرَنَا خَالِد , عَنْ حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك , فِي قَوْل اللَّه : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا } قَالَ : هُمْ الْقَادَة مِنْ الْمُشْرِكِينَ يَوْم بَدْر . )- حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك وَسَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَا : (هُمْ كُفَّار قُرَيْش مَنْ قُتِلَ بِبَدْرٍ . )15735 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : (هُمْ كُفَّار قُرَيْش , مَنْ قُتِلَ بِبَدْرٍ . )- حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك , يَقُول فِي قَوْله : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا } الْآيَة , قَالَ : هُمْ مُشْرِكُو أَهْل مَكَّة . )15736 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة بْن الْفَضْل , قَالَ : أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَصْحَابه , عَنْ عَطَاء بْن يَسَار , قَالَ : (نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي الَّذِينَ قُتِلُوا مِنْ قُرَيْش : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمهمْ دَار الْبَوَار } الْآيَة . )15737 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثَنَا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمهمْ دَار الْبَوَار } كُنَّا نُحَدَّث أَنَّهُمْ أَهْل مَكَّة : أَبُو جَهْل وَأَصْحَابه الَّذِينَ قَتَلَهُمْ اللَّه يَوْم بَدْر , قَالَ اللَّه : { جَهَنَّم يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَار } . )- حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { وَأَحَلُّوا قَوْمهمْ دَار الْبَوَار } قَالَ : هُمْ قَادَة الْمُشْرِكِينَ يَوْم بَدْر , أَحَلُّوا قَوْمهمْ دَار الْبَوَار { جَهَنَّم يَصْلَوْنَهَا } . )15738 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمهمْ دَار الْبَوَار } قَالَ : هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَهْل بَدْر . )وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ , بِمَا : 15739 - حَدَّثَنِي بِهِ مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمهمْ دَار الْبَوَار جَهَنَّم يَصْلَوْنَهَا } فَهُوَ جَبَلَة بْن الْأَيْهَم , وَاَلَّذِينَ اِتَّبَعُوهُ مِنْ الْعَرَب فَلَحِقُوا بِالرُّومِ. )وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْله : { وَأَحَلُّوا قَوْمهمْ دَار الْبَوَار } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15740 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك : ( { وَأَحَلُّوا قَوْمهمْ دَار الْبَوَار } قَالَ : أَحَلُّوا مَنْ أَطَاعَهُمْ مِنْ قَوْمهمْ . )15741 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { دَار الْبَوَار } قَالَ : الْهَلَاك . قَالَ اِبْن جُرَيْج , قَالَ مُجَاهِد : { وَأَحَلُّوا قَوْمهمْ دَار الْبَوَار } قَالَ : أَصْحَاب بَدْر . )15742 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { دَار الْبَوَار } النَّار . قَالَ : وَقَدْ بَيَّنَ اللَّه ذَلِكَ وَأَخْبَرَك بِهِ , فَقَالَ : { جَهَنَّم يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَار } . )15743 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { دَار الْبَوَار جَهَنَّم يَصْلَوْنَهَا } هِيَ دَارهمْ فِي الْآخِرَة .)
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا } . </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَجَعَلَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا لِرَبِّهِمْ أَنْدَادًا , وَهِيَ جِمَاع نِدّ , وَقَدْ بَيَّنْت مَعْنَى النِّدّ فِيمَا مَضَى بِشَوَاهِدِهِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته , وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاء ; كَمَا : 15744 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : قَوْله : ( { وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا } وَالْأَنْدَاد : الشُّرَكَاء.)|لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ|وَقَوْله : { لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيله } اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ : { لِيُضِلُّوا } بِمَعْنَى : كَيْ يُضِلُّوا النَّاس عَنْ سَبِيل اللَّه بِمَا فَعَلُوا مِنْ ذَلِكَ . وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْبَصْرَة : | لِيُضِلُّوا | بِمَعْنَى : كَيْ يُضِلّ جَاعِلُو الْأَنْدَاد لِلَّهِ عَنْ سَبِيل اللَّه . وَقَوْله : { قُلْ تَمَتَّعُوا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ يَا مُحَمَّد لَهُمْ : تَمَتَّعُوا فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا ! وَعِيدًا مِنْ اللَّه لَهُمْ لَا إِبَاحَة لَهُمْ التَّمَتُّع بِهَا وَلَا أَمْرًا عَلَى وَجْه الْعِبَادَة , وَلَكِنْ تَوْبِيخًا وَتَهَدُّدًا وَوَعِيدًا , وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : { فَإِنَّ مَصِيركُمْ إِلَى النَّار } يَقُول : اِسْتَمْتَعُوا فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا , فَإِنَّهَا سَرِيعَة الزَّوَال عَنْكُمْ , وَإِلَى النَّار تَصِيرُونَ عَنْ قَرِيب , فَتَعْلَمُونَ هُنَالِكَ غِبّ تَمَتُّعكُمْ فِي الدُّنْيَا بِمَعَاصِي اللَّه وَكُفْركُمْ فِيهَا بِهِ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاة وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَة مِنْ قَبْل أَنْ يَأْتِي يَوْم لَا بَيْع فِيهِ وَلَا خِلَال } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قُلْ } يَا مُحَمَّد { لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا } بِك وَصَدَّقُوا أَنَّ مَا جِئْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْدِي { يُقِيمُوا الصَّلَاة } يَقُول : قُلْ لَهُمْ : فَلْيُقِيمُوا الصَّلَوَات الْخَمْس الْمَفْرُوضَة عَلَيْهِمْ بِحُدُودِهَا , وَلْيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ فَخَوَّلْنَاهُمْ مِنْ فَضْلنَا سِرًّا وَعَلَانِيَة , فَلْيُؤَدُّوا مَا أَوْجَبْت عَلَيْهِمْ مِنْ الْحُقُوق فِيهَا سِرًّا وَإِعْلَانًا . { مِنْ قَبْل أَنْ يَأْتِي يَوْم لَا بَيْع فِيهِ } يَقُول : لَا يُقْبَل فِيهِ فِدْيَة وَعِوَض مِنْ نَفْس وَجَبَ عَلَيْهَا عِقَاب اللَّه بِمَا كَانَ مِنْهَا مِنْ مَعْصِيَة رَبّهَا فِي الدُّنْيَا , فَيَقْبَل مِنْهَا الْفِدْيَة , وَتُتْرَك فَلَا تُعَاقَب . فَسَمَّى اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْفِدْيَة عِوَضًا , إِذْ كَانَ أَخْذ عِوَض مِنْ مُعْتَاض مِنْهُ . وَقَوْله : { وَلَا خِلَال } يَقُولَا : وَلَيْسَ , هُنَاكَ مُخَالَّة خَلِيل , فَيَصْفَح عَمَّنْ اِسْتَوْجَبَ الْعُقُوبَة عَنْ الْعِقَاب لِمُخَالَّتِهِ , بَلْ هُنَالِكَ الْعَدْل وَالْقِسْط , فَالْخِلَال مَصْدَر مِنْ قَوْل الْقَائِل : خَالَلْت فُلَانًا فَأَنَا أُخَالّهُ مُخَالَّة وَخِلَالًا ; وَمِنْهُ قَوْل اِمْرِئِ الْقَيْس : <br>صَرَفْت الْهَوَى عَنْهُنَّ مِنْ خَشِيَهُ الرَّدَى .......... وَلَسْت بِمَقْلِيِّ الْخِلَال وَلَا قَالِي <br>وَجَزَمَ قَوْله : { يُقِيمُوا الصَّلَاة } بِتَأْوِيلِ الْجَزَاء ; وَمَعْنَاهُ الْأَمْر , يُرَاد : قُلْ لَهُمْ لِيُقِيمُوا الصَّلَاة . 15745 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاة } يَعْنِي الصَّلَوَات الْخَمْس . { وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَة } : يَقُول : زَكَاة أَمْوَالهمْ . )15746 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا هِشَام , عَنْ عَمْرو , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { مِنْ قَبْل أَنْ يَأْتِي يَوْم لَا بَيْع فِيهِ وَلَا خِلَال } قَالَ قَتَادَة : إِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ عَلِمَ أَنَّ فِي الدُّنْيَا بُيُوعًا وَخِلَالًا يَتَخَالُّونَ بِهَا فِي الدُّنْيَا , فَيَنْظُر رَجُل مَنْ يُخَالِل وَعَلَامَ يُصَاحِب , فَإِنْ كَانَ لِلَّهِ فَلْيُدَاوِمْ , وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ اللَّه فَإِنَّهَا سَتَنْقَطِعُ .)
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { اللَّه الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَأَنْزَلَ مِنْ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنْ الثَّمَرَات رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمْ الْفُلْك لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْر بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمْ الْأَنْهَار } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : اللَّه الَّذِي أَنْشَأَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض مِنْ غَيْر شَيْء أَيّهَا النَّاس , وَأَنْزَلَ مِنْ السَّمَاء غَيْثًا أَحْيَا بِهِ الشَّجَر وَالزَّرْع , فَأَثْمَرَتْ رِزْقًا لَكُمْ تَأْكُلُونَهُ , { وَسَخَّرَ لَكُمْ الْفُلْك } وَهِيَ السُّفُن { لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْر بِأَمْرِهِ } لَكُمْ تَرْكَبُونَهَا , وَتَحْمِلُونَ فِيهَا أَمْتِعَتكُمْ مِنْ بَلَد إِلَى بَلَد ; { وَسَخَّرَ لَكُمْ الْأَنْهَار } مَاؤُهَا شَرَاب لَكُمْ , يَقُول تَعَالَى ذِكْره : الَّذِي يَسْتَحِقّ عَلَيْكُمْ الْعِبَادَة وَإِخْلَاص الطَّاعَة لَهُ , مَنْ هَذِهِ صِفَته , لَا مَنْ لَا يَقْدِر عَلَى ضُرّ وَلَا نَفْع لِنَفْسِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ مِنْ أَوْثَانكُمْ أَيّهَا الْمُشْرِكُونَ وَآلِهَتكُمْ. 15747 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ ثَنَا وَرْقَاء ; وَحَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , يَعْنِي الزَّعْفَرَانِيّ , قَالَ : ثَنَا شَبَابَة , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء ; وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه ; وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { وَسَخَّرَ لَكُمْ الْأَنْهَار } قَالَ : بِكُلِّ بَلْدَة.)
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَسَخَّرَ لَكُمْ الشَّمْس وَالْقَمَر دَائِبَيْنِ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { اللَّه الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض } وَفَعَلَ الْأَفْعَال الَّتِي وَصَفَ . { وَسَخَّرَ لَكُمْ الشَّمْس وَالْقَمَر } يَتَعَاقَبَانِ عَلَيْكُمْ أَيّهَا النَّاس بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار لِصَلَاحِ أَنْفُسكُمْ وَمَعَاشكُمْ . { دَائِبَيْنِ } فِي اِخْتِلَافهمَا عَلَيْكُمْ. وَقِيلَ : مَعْنَاهُ : أَنَّهُمَا دَائِبَانِ فِي طَاعَة اللَّه . 15748 - حَدَّثَنَا خَلَف بْن وَاصِل , عَنْ رَجُل , عَنْ مُقَاتِل بْن حَيَّان , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { وَسَخَّرَ لَكُمْ الشَّمْس وَالْقَمَر دَائِبَيْنِ } قَالَ : دُءُوبهمَا فِي طَاعَة اللَّه .)|وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ|وَقَوْله : { وَسَخَّرَ لَكُمْ اللَّيْل وَالنَّهَار } يَخْتَلِفَانِ عَلَيْكُمْ بِاعْتِقَابٍ , إِذَا ذَهَبَ هَذَا جَاءَ هَذَا بِمَنَافِعِكُمْ وَصَلَاح أَسْبَابكُمْ , فَهَذَا لَكُمْ لِتَصَرُّفِكُمْ فِيهِ لِمَعَاشِكُمْ , وَهَذَا لَكُمْ لِلسَّكَنِ تَسْكُنُونَ فِيهِ , وَرَحْمَة مِنْهُ بِكُمْ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَآتَاكُمْ مِنْ كُلّ مَا سَأَلْتُمُوهُ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَعْطَاكُمْ مَعَ إِنْعَامه عَلَيْكُمْ بِمَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْكُمْ مِنْ تَسْخِير هَذِهِ الْأَشْيَاء الَّتِي سَخَّرَهَا لَكُمْ وَالرِّزْق الَّذِي رَزَقَكُمْ مِنْ نَبَات الْأَرْض وَغُرُوسِهَا مِنْ كُلّ شَيْء سَأَلْتُمُوهُ وَرَغِبْتُمْ إِلَيْهِ شَيْئًا . وَحَذَفَ الشَّيْء الثَّانِي اِكْتِفَاء بِ | مَا | الَّتِي أُضِيفَتْ إِلَيْهَا | كُلّ | ; وَإِنَّمَا جَازَ حَذْفه , لِأَنَّ | مِنْ | تُبَعِّض مَا بَعْدهَا , فَكَفَتْ بِدَلَالَتِهَا عَلَى التَّبْعِيض مِنْ الْمَفْعُول , فَلِذَلِكَ جَازَ حَذْفه , وَمِثْله قَوْله تَعَالَى : { وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلّ شَيْء } يَعْنِي بِهِ : وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلّ شَيْء فِي زَمَانهَا شَيْئًا. وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا قِيلَ عَلَى التَّكْثِير , نَحْو قَوْل الْقَائِل : فُلَان يَعْلَم كُلّ شَيْء , وَأَتَاهُ كُلّ النَّاس , وَهُوَ يَعْنِي بَعْضهمْ , وَكَذَلِكَ قَوْله : { فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَاب كُلّ شَيْء } . وَقِيلَ أَيْضًا : إِنَّهُ لَيْسَ شَيْء إِلَّا وَقَدْ سَأَلَهُ بَعْض النَّاس , فَقِيلَ : { وَآتَاكُمْ مِنْ كُلّ مَا سَأَلْتُمُوهُ } أَيْ قَدْ أَتَى بَعْضكُمْ مِنْهُ شَيْئًا , وَأَتَى آخَر شَيْئًا مِمَّا قَدْ سَأَلَهُ . وَهَذَا قَوْل بَعْض نَحْوِيِّي أَهْل الْبَصْرَة . وَكَانَ بَعْض نَحْوِيِّي أَهْل الْكُوفَة يَقُول : مَعْنَاهُ : وَآتَاكُمْ مِنْ كُلّ مَا سَأَلْتُمُوهُ لَوْ سَأَلْتُمُوهُ , كَأَنَّهُ قِيلَ : وَآتَاكُمْ مِنْ كُلّ سُؤْلكُمْ ; وَقَالَ : أَلَا تَرَى أَنَّك تَقُول لِلرَّجُلِ لَمْ يَسْأَلك شَيْئًا : وَاَللَّه لَأُعْطِيَنَّك سُؤْلك مَا بَلَغْت مَسْأَلَتك ! وَإِنْ لَمْ يَسْأَل ؟ فَأَمَّا أَهْل التَّأْوِيل , فَإِنَّهُمْ اِخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : وَآتَاكُمْ مِنْ كُلّ مَا رَغِبْتُمْ إِلَيْهِ فِيهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15749 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء ; وَحَدَّثَنِي الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا شَبَابَة , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد : ( { مِنْ كُلّ مَا سَأَلْتُمُوهُ } وَرَغِبْتُمْ إِلَيْهِ فِيهِ . )- حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ; وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ; وَحَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله. 15750 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن : ( { وَآتَاكُمْ مِنْ كُلّ مَا سَأَلْتُمُوهُ } قَالَ : مِنْ كُلّ الَّذِي سَأَلْتُمُوهُ. )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَآتَاكُمْ مِنْ كُلّ الَّذِي سَأَلْتُمُوهُ وَاَلَّذِي لَمْ تَسْأَلُوهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15751 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا خَلَف , يَعْنِي اِبْن هِشَام , قَالَ : ثَنَا مَحْبُوب , عَنْ دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ رُكَانَة بْن هَاشِم : ( { مِنْ كُلّ مَا سَأَلْتُمُوهُ } وَقَالَ : مَا سَأَلْتُمُوهُ وَمَا لَمْ تَسْأَلُوهُ . )وَقَرَأَ ذَلِكَ آخَرُونَ : | وَآتَاكُمْ مِنْ كُلّ مَا سَأَلْتُمُوهُ | بِتَنْوِينِ | كُلّ | وَتَرَكَ إِضَافَتهَا إِلَى | مَا | بِمَعْنَى : وَآتَاكُمْ مِنْ كُلّ شَيْء لَمْ تَسْأَلُوهُ وَلَمْ تَطْلُبُوهُ مِنْهُ. وَذَلِكَ أَنَّ الْعِبَاد لَمْ يَسْأَلُوهُ الشَّمْس وَالْقَمَر وَاللَّيْل وَالنَّهَار , وَخَلَقَ ذَلِكَ لَهُمْ مِنْ غَيْر أَنْ يَسْأَلُوهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15752 - حَدَّثَنِي أَبُو حُصَيْن , عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن يُونُس , قَالَ : ثَنَا بَزِيغ , عَنْ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم فِي هَذِهِ الْآيَة : ( وَآتَاكُمْ مِنْ كُلّ مَا سَأَلْتُمُوهُ | قَالَ : مَا لَمْ تَسْأَلُوهُ . )15753 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد , عَنْ الضَّحَّاك أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ : ( مِنْ كُلّ مَا سَأَلْتُمُوهُ | وَيُفَسِّرهُ : أَعْطَاكُمْ أَشْيَاء مَا سَأَلْتُمُوهَا وَلَمْ تَلْتَمِسُوهَا , وَلَكِنْ أَعْطَيْتُكُمْ بِرَحْمَتِي وَسَعَتِي . قَالَ الضَّحَّاك : فَكَمْ مِنْ شَيْء أَعْطَانَا اللَّه مَا سَأَلْنَا وَلَا طَلَبْنَاهُ . )- حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( وَآتَاكُمْ مِنْ كُلّ مَا سَأَلْتُمُوهُ | يَقُول : أَعْطَاكُمْ أَشْيَاء مَا طَلَبْتُمُوهَا وَلَا سَأَلْتُمُوهَا , صَدَقَ اللَّه كَمْ مِنْ شَيْء أَعْطَانَاهُ اللَّه مَا سَأَلْنَاهُ إِيَّاهُ وَلَا خَطَرَ لَنَا عَلَى بَال . )15754 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( وَآتَاكُمْ مِنْ كُلّ مَا سَأَلْتُمُوهُ | قَالَ : لَمْ تَسْأَلُوهُ مِنْ كُلّ الَّذِي آتَاكُمْ. )وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا , الْقِرَاءَة الَّتِي عَلَيْهَا قُرَّاء الْأَمْصَار , وَذَلِكَ إِضَافَة | كُلّ | إِلَى | مَا | بِمَعْنَى : وَآتَاكُمْ مِنْ سُؤْلكُمْ شَيْئًا , عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّا قَبْل , لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهَا وَرَفْضهمْ الْقِرَاءَة الْأُخْرَى .|وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَة اللَّه لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَان لَظَلُوم كَفَّار } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِنْ تَعُدُّوا أَيّهَا النَّاس نِعْمَة اللَّه الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَيْكُمْ لَا تُطِيقُوا إِحْصَاء عَدَدهَا وَالْقِيَام بِشُكْرِهَا إِلَّا بِعَوْنِ اللَّه لَكُمْ عَلَيْهَا . { إِنَّ الْإِنْسَان لَظَلُوم كَفَّار } يَقُول : إِنَّ الْإِنْسَان الَّذِي بَدَّلَ نِعْمَة اللَّه كُفْرًا لَظَلُوم : يَقُول : لَشَاكِر غَيْر مَنْ أَنْعَمَ عَلَيْهِ , فَهُوَ بِذَلِكَ مِنْ فِعْله وَاضِع الشُّكْر فِي غَيْر مَوْضِعه ; وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه هُوَ الَّذِي أَنْعَمَ عَلَيْهِ بِمَا أَنْعَمَ وَاسْتَحَقَّ عَلَيْهِ إِخْلَاص الْعِبَادَة لَهُ , فَعَبَدَ غَيْره وَجَعَلَ لَهُ أَنْدَادًا لِيُضِلّ عَنْ سَبِيله , وَذَلِكَ هُوَ ظُلْمه . وَقَوْله : { كَفَّار } يَقُول : هُوَ جُحُود نِعْمَة اللَّه الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْهِ لِصَرْفِهِ الْعِبَادَة إِلَى غَيْر مَنْ أَنْعَمَ عَلَيْهِ , وَتَرْكه طَاعَة مَنْ أَنْعَمَ عَلَيْهِ . 15755 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا يَزِيد بْن هَارُون , قَالَ : ثَنَا مِسْعَر , عَنْ سَعْد بْن إِبْرَاهِيم , عَنْ طَلْق بْن حَبِيب , قَالَ : (إِنَّ حَقّ اللَّه أَثْقَل مِنْ أَنْ تَقُوم بِهِ الْعِبَاد , وَإِنَّ نِعَم اللَّه أَكْثَر مِنْ أَنْ تُحْصِيهَا الْعِبَاد ; وَلَكِنْ أَصْبِحُوا تَوَّابِينَ وَأَمْسُوا تَوَّابِينَ.)
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيم رَبّ اِجْعَلْ هَذَا الْبَلَد آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُد الْأَصْنَام } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَ } اُذْكُرْ يَا مُحَمَّد { إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيم رَبّ اِجْعَلْ هَذَا الْبَلَد آمِنًا } يَعْنِي الْحَرَم , بَلَدًا آمِنًا أَهْله وَسُكَّانه. { وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُد الْأَصْنَام } يُقَال مِنْهُ : جَنَبْته الشَّرّ فَأَنَا أَجْنُبهُ جَنْبًا وَجَنَّبْته الشَّرّ , فَأَنَا أُجَنِّبهُ تَجْنِيبًا , وَأَجْنَبْته ذَلِكَ فَأَنَا أُجْنِبهُ إِجْنَابًا . وَمِنْ | جَنَبْت | قَوْل الشَّاعِر : <br>وَتَنْفُض مَهْده شَفَقًا عَلَيْهِ .......... وَتَجْنُبهُ قَلَائِصنَا الصِّعَابَا <br>وَمَعْنَى ذَلِكَ : أَبْعِدْنِي وَبَنِيَّ مِنْ عِبَادَة الْأَصْنَام , وَالْأَصْنَام : جَمْع صَنَم , وَالصَّنَم : هُوَ التِّمْثَال الْمُصَوَّر , كَمَا قَالَ رُؤْبَة بْن الْعَجَّاج فِي صِفَة اِمْرَأَة : <br>وَهْنَانَة كَالزُّونِ يُجْلَى صَنَمه .......... تَضْحَك عَنْ أَشْنَب عَذْب مَلْثَمه <br>وَكَذَلِكَ كَانَ مُجَاهِد يَقُول : 15756 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيم رَبّ اِجْعَلْ هَذَا الْبَلَد آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُد الْأَصْنَام } قَالَ : فَاسْتَجَابَ اللَّه لِإِبْرَاهِيم دَعْوَته فِي وَلَده , قَالَ : فَلَمْ يَعْبُد أَحَد مِنْ وَلَده صَنَمًا بَعْد دَعْوَته . وَالصَّنَم : التِّمْثَال الْمُصَوَّر , مَا لَمْ يَكُنْ صَنَمًا فَهُوَ وَثَن . قَالَ : وَاسْتَجَابَ اللَّه لَهُ , وَجَعَلَ هَذَا الْبَلَد آمِنًا , وَرَزَقَ أَهْله مِنْ الثَّمَرَات , وَجَعَلَهُ إِمَامًا , وَجَعَلَ مِنْ ذُرِّيَّته مَنْ يُقِيم الصَّلَاة , وَتَقَبَّلَ دُعَاءَهُ , فَأَرَاهُ مَنَاسِكه , وَتَابَ عَلَيْهِ. )15757 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , قَالَ : كَانَ إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ يَقُصّ , وَيَقُول فِي قَصَصه : (مَنْ يَأْمَن مِنْ الْبَلَاء بَعْد خَلِيل اللَّه إِبْرَاهِيم , حِين يَقُول : رَبّ { وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُد الْأَصْنَام } ؟
وَقَوْله : { رَبّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنْ النَّاس } يَقُول : يَا رَبّ إِنَّ الْأَصْنَام أَضْلَلْنَ : يَقُول : أَزَلْنَ كَثِيرًا مِنْ النَّاس عَنْ طَرِيق الْهُدَى وَسَبِيل الْحَقّ حَتَّى عَبَدُوهُنَّ , وَكَفَرُوا بِك . (15758 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ) { إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنْ النَّاس } يَعْنِي الْأَوْثَان . (- حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا هِشَام , عَنْ عَمْرو , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ) { إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنْ النَّاس } قَالَ : الْأَصْنَام .(فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ|وَقَوْله : { فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي } يَقُول : فَمَنْ تَبِعَنِي عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ مِنْ الْإِيمَان بِك وَإِخْلَاص الْعِبَادَة لَك وَفِرَاق عِبَادَة الْأَوْثَان , فَإِنَّهُ مِنِّي : يَقُول : فَإِنَّهُ مُسْتَنّ بِسُنَّتِي , وَعَامِل بِمِثْلِ عَمَلِي . { وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّك غَفُور رَحِيم } يَقُول : وَمَنْ خَالَفَ أَمْرِي فَلَمْ يَقْبَل مِنِّي مَا دَعَوْته إِلَيْهِ , وَأَشْرَكَ بِك , فَإِنَّهُ غَفُور لِذُنُوبِ الْمُذْنِبِينَ الْخَطَّائِينَ بِفَضْلِك , رَحِيم بِعِبَادِك تَعْفُو عَمَّنْ تَشَاء مِنْهُمْ . كَمَا : 15759 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : ( { فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّك غَفُور رَحِيم } اِسْمَعُوا إِلَى قَوْل خَلِيل اللَّه إِبْرَاهِيم , لَا وَاَللَّه مَا كَانُوا طَعَّانِينَ وَلَا لَعَّانِينَ ! كَانَ يُقَال : إِنَّ مِنْ أَشَرّ عِبَاد اللَّه كُلّ طَعَّان لَعَّان , قَالَ نَبِيّ اللَّه اِبْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام : { إِنْ تُعَذِّبهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادك وَإِنْ تَغْفِر لَهُمْ فَإِنَّك أَنْتَ الْعَزِيز الْحَكِيم } . )15760 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَصْبَغ بْن الْفَرَج , قَالَ : أَخْبَرَنِي اِبْن وَهْب , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن الْحَارِث أَنَّ بَكْر بْن سَوَادَة , حَدَّثَهُ عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن جُبَيْر , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ , (أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَا قَوْل إِبْرَاهِيم : { رَبّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنْ النَّاس فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّك غَفُور رَحِيم } , وَقَالَ عِيسَى : { إِنْ تُعَذِّبهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادك وَإِنْ تَغْفِر لَهُمْ فَإِنَّك أَنْتَ الْعَزِيز الْحَكِيم } فَرَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ أُمَّتِي , اللَّهُمَّ أُمَّتِي ! وَبَكَى . فَقَالَ اللَّه تَعَالَى : يَا جَبْرَائِيل اِذْهَبْ إِلَى مُحَمَّد - وَرَبّك أَعْلَم - فَاسْأَلْهُ مَا يُبْكِيه ؟ فَأَتَاهُ جَبْرَائِيل فَسَأَلَهُ , فَأَخْبَرَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَ. قَالَ : فَقَالَ اللَّه : يَا جَبْرَائِيل اِذْهَبْ إِلَى مُحَمَّد وَقُلْ لَهُ : إِنَّا سَنُرْضِيك فِي أُمَّتك وَلَا نَسُوءك !)
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { رَبّنَا إِنِّي أَسْكَنْت مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْر ذِي زَرْع عِنْد بَيْتك الْمُحَرَّم رَبّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاة فَاجْعَلْ أَفْئِدَة مِنْ النَّاس تَهْوِي إِلَيْهِمْ } </subtitle>وَقَالَ إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن هَذَا الْقَوْل حِين أَسْكَنَ إِسْمَاعِيل وَأُمّه هَاجَر - فِيمَا ذِكْر - مَكَّة . كَمَا : 15761 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم وَالْحَسَن بْن مُحَمَّد قَالَا : ثَنَا إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم , عَنْ أَيُّوب , قَالَ : نُبِّئْت عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (إِنَّ أَوَّل مَنْ سَعَى بَيْن الصَّفَا وَالْمَرْوَة لِأُمّ إِسْمَاعِيل ; وَإِنَّ أَوَّل مَا أَحْدَثَ نِسَاء الْعَرَب جَرّ الذُّيُول لَمِنْ أُمّ إِسْمَاعِيل. قَالَ : لَمَّا فَرَّتْ مِنْ سَارَة , أَرْخَتْ مِنْ ذَيْلهَا لِتَعْفِي أَثَرهَا , فَجَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيم وَمَعَهَا إِسْمَاعِيل حَتَّى اِنْتَهَى بِهِمَا إِلَى مَوْضِع الْبَيْت , فَوَضَعَهُمَا ثُمَّ رَجَعَ , فَاتَّبَعَتْهُ , فَقَالَتْ : إِلَى أَيّ شَيْء تَكِلنَا ؟ إِلَى طَعَام تَكِلنَا ؟ إِلَى شَرَاب تَكِلنَا ؟ فَجَعَلَ لَا يَرُدّ عَلَيْهَا شَيْئًا , فَقَالَتْ : اللَّه أَمَرَك بِهَذَا ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالَتْ : إِذَنْ لَا يُضَيِّعنَا. قَالَ : فَرَجَعَتْ وَمَضَى حَتَّى إِذَا اِسْتَوَى عَلَى ثَنِيَّة كَدَاء , أَقْبَلَ عَلَى الْوَادِي فَدَعَا , فَقَالَ : { رَبّ إِنِّي أَسْكَنْت مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْر ذِي زَرْع عِنْد بَيْتك الْمُحَرَّم رَبّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاة فَاجْعَلْ أَفْئِدَة مِنْ النَّاس تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنْ الثَّمَرَات لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ } قَالَ : وَمَعَ الْإِنْسَانَة شَنَّة فِيهَا مَاء فَنَفِدَ الْمَاء فَعَطِشَتْ وَانْقَطَعَ لَبَنهَا , فَعَطِشَ الصَّبِيّ , فَنَظَرَتْ أَيّ الْجِبَال أَدْنَى مِنْ الْأَرْض , فَصَعِدَتْ بِالصَّفَا , فَتَسَمَّعَتْ هَلْ تَسْمَع صَوْتًا أَوْ تَرَى أَنِيسًا ; فَلَمْ تَسْمَع , فَانْحَدَرَتْ , فَلَمَّا أَتَتْ عَلَى الْوَادِي سَعَتْ وَمَا تُرِيد السَّعْي , كَالْإِنْسَانِ الْمَجْهُود الَّذِي يَسْعَى وَمَا يُرِيد السَّعْي , فَنَظَرَتْ أَيّ الْجِبَال أَدْنَى مِنْ الْأَرْض , فَصَعِدَتْ الْمَرْوَة فَتَسَمَّعَتْ هَلْ تَسْمَع صَوْتًا , أَوْ تَرَى أَنِيسًا ; فَسَمِعَتْ صَوْتًا , فَقَالَتْ كَالْإِنْسَانِ الَّذِي يُكَذِّب سَمْعه : صَهٍ ! حَتَّى اِسْتَيْقَنَتْ , فَقَالَتْ : قَدْ أَسْمَعْتنِي صَوْتك فَأَغِثْنِي , فَقَدْ هَلَكْت وَهَلَكَ مَنْ مَعِي ! فَجَاءَ الْمَلَك فَجَاءَ بِهَا حَتَّى اِنْتَهَى بِهَا إِلَى مَوْضِع زَمْزَم , فَضَرَبَ بِقَدَمِهِ فَفَارَتْ عَيْنًا , فَعَجَّلَتْ الْإِنْسَانَة فَجَعَلَتْ فِي شَنَّتهَا , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | رَحِمَ اللَّه أُمّ إِسْمَاعِيل لَوْلَا أَنَّهَا عَجَّلَتْ لَكَانَتْ زَمْزَم عَيْنًا مَعِينًا | . وَقَالَ لَهَا الْمَلَك : لَا تَخَافِي الظَّمَأ عَلَى أَهْل هَذَا الْبَلَد , فَإِنَّمَا هِيَ عَيْن لِشُرْبِ ضِيفَان اللَّه . وَقَالَ : إِنَّ أَبَا هَذَا الْغُلَام سَيَجِيءُ , فَيَبْنِيَانِ لِلَّهِ بَيْتًا هَذَا مَوْضِعه. قَالَ : وَمَرَّتْ رُفْقَة مِنْ جُرْهُم تُرِيد الشَّام , فَرَأَوْا الطَّيْر عَلَى الْجَبَل , فَقَالُوا : إِنَّ هَذَا الطَّيْر لَعَائِف عَلَى مَاء , فَهَلْ عَلِمْتُمْ بِهَذَا الْوَادِي مِنْ مَاء ؟ فَقَالُوا : لَا . فَأَشْرَفُوا فَإِذَا هُمْ بِالْإِنْسَانَةِ , فَأَتَوْهَا فَطَلَبُوا إِلَيْهَا أَنْ يَنْزِلُوا مَعَهَا , فَأَذِنَتْ لَهُمْ . قَالَ : وَأَتَى عَلَيْهَا مَا يَأْتِي عَلَى هَؤُلَاءِ النَّاس مِنْ الْمَوْت , فَمَاتَتْ , وَتَزَوَّجَ إِسْمَاعِيل اِمْرَأَة مِنْهُمْ , فَجَاءَ إِبْرَاهِيم فَسَأَلَ عَنْ مَنْزِل إِسْمَاعِيل حَتَّى دُلَّ عَلَيْهِ , فَلَمْ يَجِدهُ , وَوَجَدَ اِمْرَأَة لَهُ فَظَّة غَلِيظَة , فَقَالَ لَهَا : إِذَا جَاءَ زَوْجك فَقُولِي لَهُ : جَاءَ هَاهُنَا شَيْخ مِنْ صِفَته كَذَا وَكَذَا , وَإِنَّهُ يَقُول لَك : إِنِّي لَا أَرْضَى لَك عَتَبَة بَابك فَحَوِّلْهَا ! وَانْطَلَقَ ; فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيل أَخْبَرَتْهُ , فَقَالَ : ذَاكَ أَبِي وَأَنْتِ عَتَبَة بَابِي , فَطَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَ اِمْرَأَة أُخْرَى مِنْهُمْ . وَجَاءَ إِبْرَاهِيم حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى مَنْزِل إِسْمَاعِيل , فَلَمْ يَجِدهُ , وَوَجَدَ اِمْرَأَة لَهُ سَهْلَة طَلِيقَة , فَقَالَ لَهَا : أَيْنَ اِنْطَلَقَ زَوْجك ؟ فَقَالَتْ : اِنْطَلَقَ إِلَى الصَّيْد , قَالَ : فَمَا طَعَامكُمْ ؟ قَالَتْ : اللَّحْم وَالْمَاء , قَالَ : اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي لَحْمهمْ وَمَائِهِمْ ! اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي لَحْمهمْ وَمَائِهِمْ ! ثَلَاثًا . وَقَالَ لَهَا : إِذَا جَاءَ زَوْجك فَأَخْبِرِيهِ , قُولِي : جَاءَ هَاهُنَا شَيْخ مِنْ صِفَته كَذَا وَكَذَا , وَإِنَّهُ يَقُول لَك : قَدْ رَضِيت لَك عَتَبَة بَابك , فَأَثْبِتْهَا ! فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيل أَخْبَرَتْهُ . قَالَ : ثُمَّ جَاءَ الثَّالِثَة , فَرَفَعَا الْقَوَاعِد مِنْ الْبَيْت . )- حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنِي يَحْيَى بْن عَبَّاد , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (جَاءَ نَبِيّ اللَّه إِبْرَاهِيم بِإِسْمَاعِيل وَهَاجَر , فَوَضَعَهُمَا بِمَكَّة فِي مَوْضِع زَمْزَم ; فَلَمَّا مَضَى نَادَتْهُ هَاجَر : يَا إِبْرَاهِيم إِنَّمَا أَسْأَلك ثَلَاث مَرَّات : مَنْ أَمَرَك أَنْ تَضَعنِي بِأَرْضٍ لَيْسَ فِيهَا ضَرْع وَلَا زَرْع وَلَا أَنِيس وَلَا زَاد وَلَا مَاء ؟ قَالَ : رَبِّي أَمَرَنِي , قَالَتْ : فَإِنَّهُ لَنْ يُضَيِّعنَا . قَالَ : فَلَمَّا قَفَا إِبْرَاهِيم قَالَ : { رَبّنَا إِنَّك تَعْلَم مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِن } يَعْنِي مِنْ الْحَزَن { وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّه مِنْ شَيْء فِي الْأَرْض وَلَا فِي السَّمَاء } . فَلَمَّا ظَمِئَ إِسْمَاعِيل جَعَلَ يَدْحَض الْأَرْض بِعَقِبِهِ , فَذَهَبَتْ هَاجَر حَتَّى عَلَتْ الصَّفَا , وَالْوَادِي يَوْمئِذٍ لَاخٍ - يَعْنِي عَمِيق - فَصَعِدَتْ الصَّفَا , فَأَشْرَفَتْ لِتَنْظُر هَلْ تَرَى شَيْئًا ; فَلَمْ تَرَ شَيْئًا , فَانْحَدَرَتْ فَبَلَغَتْ الْوَادِي , فَسَعَتْ فِيهِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْهُ , فَأَتَتْ الْمَرْوَة , فَصَعِدَتْ فَاسْتَشْرَفَتْ هَلْ تَرَ شَيْئًا , فَلَمْ تَرَ شَيْئًا . فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْع مَرَّات , ثُمَّ جَاءَتْ مِنْ الْمَرْوَة إِلَى إِسْمَاعِيل , وَهُوَ يَدْحَض الْأَرْض بِقَلْبِهِ , وَقَدْ نَبَعَتْ الْعَيْن وَهِيَ زَمْزَم . فَجَعَلَتْ تَفْحَص الْأَرْض بِيَدِهَا عَنْ الْمَاء , فَكُلَّمَا اِجْتَمَعَ مَاء أَخَذَتْهُ بِقَدَحِهَا , وَأَفْرَغَتْهُ فِي سِقَائِهَا . قَالَ : فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | يَرْحَمهَا اللَّه لَوْ تَرَكَتْهَا لَكَانَتْ عَيْنًا سَائِحَة تَجْرِي إِلَى يَوْم الْقِيَامَة | . قَالَ : وَكَانَتْ جُرْهُم يَوْمَئِذٍ بِوَادٍ قَرِيب مِنْ مَكَّة ; قَالَ : وَلَزِمَتْ الطَّيْر الْوَادِي حِين رَأَتْ الْمَاء ; فَلَمَّا رَأَتْ جُرْهُم الطَّيْر لَزِمَتْ الْوَادِي , قَالُوا : مَا لَزِمَتْهُ إِلَّا وَفِيهِ مَاء , فَجَاءُوا إِلَى هَاجَر , فَقَالُوا : إِنْ شِئْت كُنَّا مَعَك وَآنَسْنَاك وَالْمَاء مَاؤُك , قَالَتْ : نَعَمْ . فَكَانُوا مَعَهَا حَتَّى شَبَّ إِسْمَاعِيل , وَمَاتَتْ هَاجَر فَتَزَوَّجَ إِسْمَاعِيل اِمْرَأَة مِنْهُمْ ; قَالَ : فَاسْتَأْذَنَ إِبْرَاهِيم سَارَة أَنْ يَأْتِي , هَاجَر , فَأَذِنَتْ لَهُ وَشَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنْزِل , فَقَدِمَ إِبْرَاهِيم وَقَدْ مَاتَتْ هَاجَر , فَذَهَبَ إِلَى بَيْت إِسْمَاعِيل , فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ : أَيْنَ صَاحِبك ؟ قَالَتْ : لَيْسَ هَاهُنَا ذَهَبَ يَتَصَيَّد , وَكَانَ إِسْمَاعِيل يَخْرُج مِنْ الْحَرَم فَيَتَصَيَّد ثُمَّ يَرْجِع , فَقَالَ إِبْرَاهِيم : هَلْ عِنْدك ضِيَافَة , هَلْ عِنْدك طَعَام أَوْ شَرَاب ؟ قَالَتْ : لَيْسَ عِنْدِي , وَمَا عِنْدِي أَحَد . فَقَالَ إِبْرَاهِيم : إِذَا جَاءَ زَوْجك فَأَقْرِئِيهِ السَّلَام وَقُولِي لَهُ : فَلْيُغَيِّرْ عَتَبَة بَابه ! وَذَهَبَ إِبْرَاهِيم , وَجَاءَ إِسْمَاعِيل , فَوَجَدَ رِيح أَبِيهِ , فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ : هَلْ جَاءَك أَحَد ؟ فَقَالَتْ : جَاءَنِي شَيْخ كَذَا وَكَذَا , كَالْمُسْتَخِفَّةِ بِشَأْنِهِ , قَالَ : فَمَا قَالَ لَك ؟ قَالَتْ : قَالَ لِي : أَقْرِئِي زَوْجك السَّلَام وَقُولِي لَهُ : فَلْيُغَيِّرْ عَتَبَة بَابه , فَطَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَ أُخْرَى. فَلَبِثَ إِبْرَاهِيم مَا شَاءَ اللَّه أَنْ يَلْبَث , ثُمَّ اِسْتَأْذَنَ سَارَة أَنْ يَزُور إِسْمَاعِيل , فَأَذِنَتْ لَهُ , وَشَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنْزِل , فَجَاءَ إِبْرَاهِيم حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى بَاب إِسْمَاعِيل , فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ : أَيْنَ صَاحِبك ؟ قَالَتْ : ذَهَبَ يَصِيد , وَهُوَ يَجِيء الْآن إِنْ شَاءَ اللَّه , فَانْزِلْ يَرْحَمك اللَّه ! قَالَ لَهَا : هَلْ عِنْدك ضِيَافَة ؟ قَالَتْ : نَعَمْ , قَالَ : هَلْ عِنْدك خُبْز أَوْ بُرّ أَوْ تَمْر أَوْ شَعِير ؟ قَالَتْ : لَا . فَجَاءَتْ بِاللَّبَنِ وَاللَّحْم , فَدَعَا لَهُمَا بِالْبَرَكَةِ , فَلَوْ جَاءَتْ يَوْمئِذٍ بِخُبْزٍ أَوْ بُرّ أَوْ شَعِير أَوْ تَمْر لَكَانَتْ أَكْثَر أَرْض اللَّه بُرًّا وَشَعِيرًا وَتَمْرًا , فَقَالَتْ لَهُ : اِنْزِلْ حَتَّى أَغْسِل رَأْسك ! فَلَمْ يَنْزِل , فَجَاءَتْهُ بِالْمَقَامِ فَوَضَعَتْهُ عَنْ شِقّه الْأَيْمَن , فَوَضَعَ قَدَمه عَلَيْهِ , فَبَقِيَ أَثَر قَدَمه عَلَيْهِ , فَغَسَلَتْ شِقّ رَأْسه الْأَيْمَن , ثُمَّ حَوَّلَتْ الْمَقَام إِلَى شِقّه الْأَيْسَر فَغَسَلَتْ شِقّه - الْأَيْسَر , فَقَالَ لَهَا : إِذَا جَاءَ زَوْجك فَأَقْرِئِيهِ السَّلَام , وَقُولِي لَهُ : قَدْ اِسْتَقَامَتْ عَتَبَة بَابك ! فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيل وَجَدَ رِيح أَبِيهِ , فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ : هَلْ جَاءَك أَحَد ؟ فَقَالَتْ : نَعَمْ , شَيْخ أَحْسَن النَّاس وَجْهًا وَأَطْيَبه رِيحًا , فَقَالَ لِي كَذَا وَكَذَا , وَقُلْت لَهُ كَذَا وَكَذَا , وَغَسَلْت رَأْسه , وَهَذَا مَوْضِع قَدَمه عَلَى الْمَقَام . قَالَ : وَمَا قَالَ لَك ؟ قَالَتْ : قَالَ لِي : إِذَا جَاءَ زَوْجك فَأَقْرِئِيهِ السَّلَام وَقُولِي لَهُ : قَدْ اِسْتَقَامَتْ عَتَبَة بَابك , قَالَ : ذَاكَ إِبْرَاهِيم , فَلَبِثَ مَا شَاءَ اللَّه أَنْ يَلْبَث , وَأَمَرَهُ اللَّه بِبِنَاءِ الْبَيْت , فَبَنَاهُ هُوَ وَإِسْمَاعِيل ; فَلَمَّا بَنَيَاهُ قِيلَ : أَذِّنْ فِي النَّاس بِالْحَجِّ ! فَجَعَلَ لَا يَمُرّ بِقَوْمٍ إِلَّا قَالَ : أَيّهَا النَّاس إِنَّهُ قَدْ بُنِيَ لَكُمْ بَيْت فَحُجُّوهُ , فَجَعَلَ لَا يَسْمَعهُ أَحَد , صَخْرَة وَلَا شَجَرَة وَلَا شَيْء , إِلَّا قَالَ : لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ . قَالَ : وَكَانَ بَيْن قَوْله : { رَبّنَا إِنِّي أَسْكَنْت مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْر ذِي زَرْع عِنْد بَيْتك الْمُحَرَّم } وَبَيْن قَوْله : { الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَر إِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق } كَذَا وَكَذَا عَامًا , لَمْ يَحْفَظ عَطَاء . )15762 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { رَبّنَا إِنِّي أَسْكَنْت مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْر ذِي زَرْع عِنْد بَيْتك الْمُحَرَّم } وَإِنَّهُ بَيْت طَهَّرَهُ اللَّه مِنْ السُّوء , وَجَعَلَهُ قِبْلَة , وَجَعَلَهُ حَرَمه , اِخْتَارَهُ نَبِيّ اللَّه إِبْرَاهِيم لِوَلَدِهِ . )15763 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { غَيْر ذِي زَرْع } قَالَ : مَكَّة لَمْ يَكُنْ بِهَا زَرْع يَوْمئِذٍ . )15764 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي اِبْن كَثِير , قَالَ الْقَاسِم فِي حَدِيثه : قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرو بْن كَثِير | قَالَ أَبُو جَعْفَر | : فَغَيَّرْته أَنَا فَجَعَلْته : قَالَ أَخْبَرَنِي اِبْن كَثِير , وَأَسْقَطْت عَمْرًا , لِأَنِّي لَا أَعْرِف إِنْسَانًا يُقَال لَهُ عَمْرو بْن كَثِير حَدَّثَ عَنْهُ اِبْن جُرَيْج , وَقَدْ حَدَّثَ بِهِ مَعْمَر عَنْ كَثِير بْن كَثِير بْن الْمُطَّلِب بْن أَبِي وَدَاعَة , وَأَخْشَى أَنْ يَكُون حَدِيث اِبْن جُرَيْج أَيْضًا عَنْ كَثِير بْن كَثِير , قَالَ : (كُنْت أَنَا وَعُثْمَان بْن أَبِي سُلَيْمَان فِي أُنَاس مَعَ سَعِيد بْن جُبَيْر لَيْلًا , فَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر لِلْقَوْمِ : سَلُونِي قَبْل أَلَّا تَسْأَلُونِي ! فَسَأَلَهُ الْقَوْم فَأَكْثَرُوا , وَكَانَ فِيمَا سُئِلَ عَنْهُ أَنْ قِيلَ لَهُ : أَحَقّ مَا سَمِعْنَا فِي الْمَقَام ؟ فَقَالَ سَعِيد : مَاذَا سَمِعْتُمْ ؟ قَالُوا : سَمِعْنَا أَنَّ إِبْرَاهِيم رَسُول اللَّه حِين جَاءَ مِنْ الشَّام , كَانَ حَلَفَ لِامْرَأَتِهِ أَنْ لَا يَنْزِل مَكَّة حَتَّى يَرْجِع , فَقُرِّبَ لَهُ الْمَقَام , فَنَزَلَ عَلَيْهِ. فَقَالَ سَعِيد : لَيْسَ كَذَاك : حَدَّثَنَا اِبْن عَبَّاس , وَلَكِنَّهُ حَدَّثَنَا حِين كَانَ بَيْن أُمّ إِسْمَاعِيل وَسَارَة مَا كَانَ أَقْبَلَ بِإِسْمَاعِيل , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْل حَدِيث أَيُّوب غَيْر أَنَّهُ زَادَ فِي حَدِيثه , قَالَ : قَالَ أَبُو الْقَاسِم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | وَلِذَلِكَ طَافَ النَّاس بَيْن الصَّفَا وَالْمَرْوَة | . ثُمَّ حَدَّثَ وَقَالَ : قَالَ أَبُو الْقَاسِم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | طَلَبُوا النُّزُول مَعَهَا وَقَدْ أَحَبَّتْ أُمّ إِسْمَاعِيل الْأُنْس , فَنَزَلُوا وَبَعَثُوا إِلَى أَهْلهمْ فَقَدِمُوا , وَطَعَامهمْ الصَّيْد , يَخْرُجُونَ مِنْ الْحَرَم وَيَخْرُج إِسْمَاعِيل مَعَهُمْ يَتَصَيَّد ; فَلَمَّا بَلَغَ أَنْكَحُوهُ , وَقَدْ تُوُفِّيَتْ أُمّه قَبْل ذَلِكَ | . قَالَ : وَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | لَمَّا دَعَا لَهُمَا أَنْ يُبَارَك لَهُمْ فِي اللَّحْم وَالْمَاء , قَالَ لَهَا : هَلْ مِنْ حَبّ أَوْ غَيْره مِنْ الطَّعَام ؟ قَالَتْ : لَا , وَلَوْ وَجَدَ يَوْمئِذٍ لَهَا حَبًّا لَدَعَا لَهَا بِالْبَرَكَةِ فِيهِ | . قَالَ اِبْن عَبَّاس : ثُمَّ لَبِثَ مَا شَاءَ اللَّه أَنْ يَلْبَث , ثُمَّ جَاءَ فَوَجَدَ إِسْمَاعِيل قَاعِدًا تَحْت دَوْحَة إِلَى نَاحِيَة الْبِئْر يَبْرِي نَبْلًا لَهُ , فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَنَزَلَ إِلَيْهِ , فَقَعَدَ مَعَهُ وَقَالَ : يَا إِسْمَاعِيل , إِنَّ اللَّه قَدْ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ . قَالَ إِسْمَاعِيل : فَأَطِعْ رَبّك فِيمَا أَمَرَك ! قَالَ إِبْرَاهِيم : أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِي لَهُ بَيْتًا . قَالَ إِسْمَاعِيل : اِبْنِ ! قَالَ اِبْن عَبَّاس : فَأَشَارَ لَهُ إِبْرَاهِيم إِلَى أَكَمَة بَيْن يَدَيْهِ مُرْتَفِعَة عَلَى مَا حَوْلهَا يَأْتِيهَا السَّيْل مِنْ نَوَاحِيهَا , وَلَا يَرْكَبهَا. قَالَ : فَقَامَا يَحْفِرَانِ عَنْ الْقَوَاعِد يَرْفَعَانِهَا وَيَقُولَانِ : { رَبّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّك أَنْتَ السَّمِيع الْعَلِيم } رَبّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّك سَمِيع الدُّعَاء . وَإِسْمَاعِيل يَحْمِل الْحِجَارَة عَلَى رَقَبَته , وَالشَّيْخ إِبْرَاهِيم يَبْنِي . فَلَمَّا اِرْتَفَعَ الْبُنْيَان وَشَقَّ عَلَى الشَّيْخ تَنَاوُله , قَرَّبَ إِلَيْهِ إِسْمَاعِيل هَذَا الْحَجَر , فَجَعَلَ يَقُوم عَلَيْهِ وَيَبْنِي , وَيُحَوِّلهُ فِي نَوَاحِي الْبَيْت حَتَّى اِنْتَهَى . يَقُول اِبْن عَبَّاس : فَذَلِكَ مَقَام إِبْرَاهِيم وَقِيَامه عَلَيْهِ . )15765 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ شَرِيك , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { رَبّنَا إِنِّي أَسْكَنْت مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْر ذِي زَرْع } قَالَ : أَسْكَنَ إِسْمَاعِيل وَأُمّه مَكَّة . )15766 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا شَرِيك , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : ( { إِنِّي أَسْكَنْت مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْر ذِي زَرْع } قَالَ : حِين وُضِعَ إِسْمَاعِيل . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : فَتَأْوِيل الْكَلَام إِذَنْ : رَبّنَا إِنِّي أَسْكَنْت بَعْض وَلَدِي بِوَادٍ غَيْر ذِي زَرْع. وَفِي قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَلِيل عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ يَوْمئِذٍ مَاء , لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ هُنَالِكَ مَاء لَمْ يَصِفهُ بِأَنَّهُ غَيْر ذِي زَرْع عِنْد بَيْتك الَّذِي حَرَّمْته عَلَى جَمِيع خَلْقك أَنْ يَسْتَحِلُّوهُ. وَكَانَ تَحْرِيمه إِيَّاهُ فِيمَا ذُكِرَ كَمَا : 15767 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّ عُمَر بْن الْخَطَّاب قَالَ فِي خُطْبَته : (إِنَّ هَذَا الْبَيْت أَوَّل مَنْ وَلِيَهُ أُنَاس مِنْ طَسْم , فَعَصَوْا رَبّهمْ وَاسْتَحَلُّوا حُرْمَته , وَاسْتَخَفُّوا بِحَقِّهِ , فَأَهْلَكَهُمْ اللَّه. ثُمَّ وَلِيَهُمْ أُنَاس مِنْ جُرْهُم فَعَصَوْا رَبّهمْ وَاسْتَحَلُّوا حُرْمَته وَاسْتَخَفُّوا بِحَقِّهِ , فَأَهْلَكَهُمْ اللَّه . ثُمَّ وُلِّيتُمُوهُ مَعَاشِر قُرَيْش , فَلَا تَعْصُوا رَبّه , وَلَا تَسْتَحِلُّوا حُرْمَته , وَلَا تَسْتَخِفُّوا بِحَقِّهِ ! فَوَاَللَّهِ لَصَلَاة فِيهِ أَحَبّ إِلَيَّ مِنْ مِائَة صَلَاة بِغَيْرِهِ , وَاعْلَمُوا أَنَّ الْمَعَاصِي فِيهِ عَلَى نَحْو مِنْ ذَلِكَ . )وَقَالَ : { إِنِّي أَسْكَنْت مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْر ذِي زَرْع } وَلَمْ يَأْتِ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْفِعْل , وَذَلِكَ أَنَّ حَظّ الْكَلَام أَنْ يُقَال : إِنِّي أَسْكَنْت مِنْ ذُرِّيَّتِي جَمَاعَة , أَوْ رَجُلًا , أَوْ قَوْمًا , وَذَلِكَ غَيْر جَائِز مَعَ | مِنْ | لِدَلَالَتِهَا عَلَى الْمُرَاد مِنْ الْكَلَام , وَالْعَرَب تَفْعَل ذَلِكَ مَعَهَا كَثِيرًا , فَتَقُول : قَتَلْنَا مِنْ بَنِي فُلَان , وَطَعِمْنَا مِنْ الْكَلَأ , وَشَرِبْنَا مِنْ الْمَاء ; وَمِنْهُ قَوْل اللَّه تَعَالَى : { أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنْ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّه } . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْفَ قَالَ إِبْرَاهِيم حِين أَسْكَنَ اِبْنه مَكَّة { إِنِّي أَسْكَنْت مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْر ذِي زَرْع عِنْد بَيْتك الْمُحَرَّم } وَقَدْ رُوِيَتْ فِي الْأَخْبَار الَّتِي ذَكَرْتهَا أَنَّ إِبْرَاهِيم بَنَى الْبَيْت بَعْد ذَلِكَ بِمُدَّةٍ ؟ قِيلَ : قَدْ قِيلَ فِي ذَلِكَ أَقْوَال قَدْ ذَكَرْتهَا فِي سُورَة الْبَقَرَة , مِنْهَا أَنَّ مَعْنَاهُ : عِنْد بَيْتك الْمُحَرَّم الَّذِي كَانَ قَبْل أَنْ تَرْفَعهُ مِنْ الْأَرْض حِين رَفَعْته أَيَّام الطُّوفَان , وَمِنْهَا : عِنْد بَيْتك الْمُحَرَّم الَّذِي قَدْ مَضَى فِي سَابِق عِلْمك أَنَّهُ يَحْدُث فِي هَذَا الْبَلَد . وَقَوْله { الْمُحَرَّم } عَلَى مَا قَالَهُ قَتَادَة مَعْنَاهُ : الْمُحَرَّم مِنْ اِسْتِحْلَال حُرُمَات اللَّه فِيهِ , وَالِاسْتِخْفَاف بِحَقِّهِ . وَقَوْله : { رَبّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاة } يَقُول : فَعَلْت ذَلِكَ يَا رَبّنَا كَيْ تُؤَدَّى فَرَائِضك مِنْ الصَّلَاة الَّتِي أَوْجَبْتهَا عَلَيْهِمْ فِي بَيْتك الْمُحَرَّم . وَقَوْله : { فَاجْعَلْ أَفْئِدَة مِنْ النَّاس تَهْوِي إِلَيْهِمْ } يُخْبِر بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْره. عَنْ خَلِيله إِبْرَاهِيم أَنَّهُ سَأَلَهُ فِي دُعَائِهِ أَنْ يَجْعَل قُلُوب بَعْض خَلْقه تَنْزِع إِلَى مَسَاكِن ذُرِّيَّته الَّذِينَ أَسْكَنَهُمْ بِوَادٍ غَيْر ذِي زَرْع عِنْد بَيْته الْمُحَرَّم . وَذَلِكَ مِنْهُ دُعَاء لَهُمْ بِأَنْ يَرْزُقهُمْ حَجّ بَيْته الْحَرَام ; كَمَا : 15768 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا حَكَّام بْن سَلْم , عَنْ عَمْرو بْن أَبِي قَيْس , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : ( { أَفْئِدَة مِنْ النَّاس تَهْوِي إِلَيْهِمْ } وَلَوْ قَالَ : | أَفْئِدَة النَّاس تَهْوِي إِلَيْهِمْ | لَحَجَّتْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس , وَلَكِنَّهُ قَالَ : { أَفْئِدَة مِنْ النَّاس تَهْوِي إِلَيْهِمْ } فَهُمْ الْمُسْلِمُونَ . )15769 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد : ( { فَاجْعَلْ أَفْئِدَة مِنْ النَّاس تَهْوِي إِلَيْهِمْ } قَالَ : لَوْ كَانَتْ | أَفْئِدَة النَّاس | لَازْدَحَمَتْ عَلَيْهِ فَارِس وَالرُّوم , وَلَكِنَّهُ | أَفْئِدَة مِنْ النَّاس . )- حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثَنَا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد : ( { فَاجْعَلْ أَفْئِدَة مِنْ النَّاس تَهْوِي إِلَيْهِمْ } قَالَ : لَوْ قَالَ : | أَفْئِدَة النَّاس تَهْوِي إِلَيْهِمْ | , لَازْدَحَمَتْ عَلَيْهِمْ فَارِس وَالرُّوم . )* حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا عَلِيّ , يَعْنِي بْن الْجَعْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 15770 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ الْحَكَم , قَالَ : سَأَلْت عِكْرِمَة عَنْ هَذِهِ الْآيَة : ( { فَاجْعَلْ أَفْئِدَة مِنْ النَّاس تَهْوِي إِلَيْهِمْ } فَقَالَ : قُلُوبهمْ تَهْوِي إِلَى الْبَيْت . )15771 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ شُعْبَة , عَنْ الْحَكَم , عَنْ عِكْرِمَة وَعَطَاء وَطَاوُس : ( { فَاجْعَلْ أَفْئِدَة مِنْ النَّاس تَهْوِي إِلَيْهِمْ } الْبَيْت تَهْوِي إِلَيْهِ قُلُوبهمْ يَأْتُونَهُ . )- حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن عَبَّاد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ الْحَكَم , قَالَ : سَأَلْت عَطَاء وَطَاوُسًا وَعِكْرِمَة , عَنْ قَوْله : ( { فَاجْعَلْ أَفْئِدَة مِنْ النَّاس تَهْوِي إِلَيْهِمْ } قَالُوا : الْحَجّ . )- حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا شَبَابَة وَعَلِيّ بْن الْجَعْد , قَالَا : أَخْبَرَنَا سَعِيد , عَنْ الْحَكَم , عَنْ عَطَاء وَطَاوُس وَعِكْرِمَة فِي قَوْله : ( { فَاجْعَلْ أَفْئِدَة مِنْ النَّاس تَهْوِي إِلَيْهِمْ } قَالَ : هَوَاهُمْ إِلَى مَكَّة أَنْ يَحُجُّوا. )- حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا آدَم , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ الْحَكَم , قَالَ : سَأَلْت طَاوُسًا وَعِكْرِمَة وَعَطَاء اِبْن أَبِي رَبَاح , عَنْ قَوْله : ( { فَاجْعَلْ أَفْئِدَة مِنْ النَّاس تَهْوِي إِلَيْهِمْ } فَقَالُوا : اِجْعَلْ هَوَاهُمْ الْحَجّ . )15772 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن عَبَّاد , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (لَوْ كَانَ إِبْرَاهِيم قَالَ : | فَاجْعَلْ أَفْئِدَة النَّاس تَهْوِي إِلَيْهِمْ | لَحَجَّهُ الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالنَّاس كُلّهمْ , وَلَكِنَّهُ قَالَ : { أَفْئِدَة مِنْ النَّاس تَهْوِي إِلَيْهِمْ } . )15773 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { فَاجْعَلْ أَفْئِدَة مِنْ النَّاس تَهْوِي إِلَيْهِمْ } قَالَ : تَنْزِع إِلَيْهِمْ . )* حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْوَهَّاب بْن عَطَاء , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . * حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَا : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّمَا دَعَا لَهُمْ أَنْ يَهْوُوا السُّكْنَى بِمَكَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15774 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { فَاجْعَلْ أَفْئِدَة مِنْ النَّاس تَهْوِي إِلَيْهِمْ } قَالَ : إِنَّ إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن سَأَلَ اللَّه أَنْ يَجْعَل أُنَاسًا مِنْ النَّاس يَهْوُونَ سُكْنَى أَوْ سَكَن مَكَّة.)|وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ|وَقَوْله : { وَارْزُقْهُمْ مِنْ الثَّمَرَات } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَارْزُقْهُمْ مِنْ ثَمَرَات النَّبَات وَالْأَشْجَار مَا رَزَقْت سُكَّان الْأَرْيَاف وَالْقُرَى الَّتِي هِيَ ذَوَات الْمِيَاه وَالْأَنْهَار , وَإِنْ كُنْت أَسْكَنْتهمْ وَادِيًا غَيْر ذِي زَرْع وَلَا مَاء . فَرَزَقَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ذَلِكَ , كَمَا : 15775 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا هِشَام , قَالَ : قَرَأْت عَلَى مُحَمَّد بْن مُسْلِم الطَّائِفِيّ (أَنَّ إِبْرَاهِيم لَمَّا دَعَا لِلْحَرَمِ : { وَارْزُقْ أَهْله مِنْ الثَّمَرَات } نَقَلَ اللَّه الطَّائِف مِنْ فِلَسْطِين .)|لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ|وَقَوْله : { لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ } يَقُول : لِيَشْكُرُوك عَلَى مَا رَزَقْتهمْ وَتُنْعِم بِهِ عَلَيْهِمْ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { رَبّنَا إِنَّك تَعْلَم مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِن وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّه مِنْ شَيْء فِي الْأَرْض وَلَا فِي السَّمَاء } </subtitle>وَهَذَا خَبَر مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره عَنْ اِسْتِشْهَاد خَلِيله إِبْرَاهِيم إِيَّاهُ عَلَى مَا نَوَى وَقَصَدَ بِدُعَائِهِ وَقِيله { رَبّ اِجْعَلْ هَذَا الْبَلَد آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُد الْأَصْنَام } الْآيَة , وَأَنَّهُ إِنَّمَا قَصَدَ بِذَلِكَ رِضَا اللَّه عَنْهُ فِي مَحَبَّته أَنْ يَكُون وَلَده مِنْ أَهْل الطَّاعَة لِلَّهِ , وَإِخْلَاص الْعِبَادَة لَهُ عَلَى مِثْل الَّذِي هُوَ لَهُ , فَقَالَ : رَبّنَا إِنَّك تَعْلَم مَا تُخْفِي قُلُوبنَا عِنْد مَسْأَلَتنَا مَا نَسْأَلك , وَفِي غَيْر ذَلِكَ مِنْ أَحْوَالنَا , وَمَا نُعْلِن مِنْ دُعَائِنَا , فَنَجْهَر بِهِ وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالنَا , وَمَا يَخْفَى عَلَيْك يَا رَبّنَا مِنْ شَيْء يَكُون فِي الْأَرْض وَلَا فِي السَّمَاء ; لِأَنَّ ذَلِكَ كُلّه ظَاهِر لَك مُتَجَلٍّ بَادٍ , لِأَنَّك مُدَبِّره وَخَالِقه , فَكَيْفَ يَخْفَى عَلَيْك .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَر إِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق إِنَّ رَبِّي لَسَمِيع الدُّعَاء } </subtitle>يَقُول : الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي رَزَقَنِي عَلَى كِبَر مِنْ السِّنّ وَلَدًا إِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق. { إِنَّ رَبِّي لَسَمِيع الدُّعَاء } يَقُول : إِنَّ رَبِّي لَسَمِيع دُعَائِي الَّذِي أَدْعُوهُ بِهِ , وَقَوْلِي : { اِجْعَلْ هَذَا الْبَلَد آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُد الْأَصْنَام } وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ دُعَائِي وَدُعَاء غَيْرِي , وَجَمِيع مَا نَطَقَ بِهِ نَاطِق لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْء . 15776 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن فُضَيْل , عَنْ ضِرَار بْن مُرَّة , قَالَ : سَمِعْت شَيْخًا يُحَدِّث سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (بُشِّرَ إِبْرَاهِيم بَعْد سَبْع عَشْرَة وَمِائَة سَنَة .)
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { رَبّ اِجْعَلْنِي مُقِيم الصَّلَاة وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ } </subtitle>يَقُول : رَبّ اِجْعَلْنِي مُؤَدِّيًا مَا أَلْزَمْتنِي مِنْ فَرِيضَتك الَّتِي فَرَضْتهَا عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاة . { وَمِنْ ذُرِّيَّتِي } يَقُول : وَاجْعَلْ أَيْضًا مِنْ ذُرِّيَّتِي مُقِيمِي الصَّلَاة لَك . { رَبّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ } يَقُول : رَبّنَا وَتَقَبَّلْ عَمَلِي الَّذِي أَعْمَلهُ لَك وَعِبَادَتِي إِيَّاكَ . وَهَذَا نَظِير الْخَبَر الَّذِي رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : | إِنَّ الدُّعَاء هُوَ الْعِبَادَة | ثُمَّ قَرَأَ : { وَقَالَ رَبّكُمْ اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّم دَاخِرِينَ } .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { رَبّنَا اِغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْم يَقُوم الْحِسَاب } </subtitle>وَهَذَا دُعَاء مِنْ إِبْرَاهِيم صَلَوَات اللَّه عَلَيْهِ لِوَالِدَيْهِ بِالْمَغْفِرَةِ , وَاسْتِغْفَار مِنْهُ لَهُمَا . وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّه عَزَّ ذِكْره أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ { اِسْتِغْفَار إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَة وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيم لَأَوَّاه حَلِيم } . وَقَدْ بَيَّنَّا وَقْت تَبَرُّئِهِ مِنْهُ فِيمَا مَضَى , بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته . وَقَوْله : { وَلِلْمُؤْمِنِينَ } يَقُول : وَلِلْمُؤْمِنِينَ بِك مِمَّنْ تَبِعَنِي عَلَى الدِّين الَّذِي أَنَا عَلَيْهِ , فَأَطَاعَك فِي أَمْرك وَنَهْيك . وَقَوْله : { يَوْم يَقُوم الْحِسَاب } يَعْنِي : يَقُوم النَّاس لِلْحِسَابِ ; فَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْحِسَاب مِنْ ذِكْر النَّاس , إِذْ كَانَ مَفْهُومًا مَعْنَاهُ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّه غَافِلًا عَمَّا يَعْمَل الظَّالِمُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّه } يَا مُحَمَّد { غَافِلًا } سَاهِيًا { عَمَّا يَعْمَل } هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قَوْمك , بَلْ هُوَ عَالِم بِهِمْ وَبِأَعْمَالِهِمْ مُحْصِيهَا عَلَيْهِمْ , لِيَجْزِيَهُمْ جَزَاءَهُمْ فِي الْحِين الَّذِي قَدْ سَبَقَ فِي عِلْمه أَنَّهُ يَجْزِيهِمْ فِيهِ . 15777 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا عَلِيّ بْن ثَابِت , عَنْ جَعْفَر بْن بَرْقَان , عَنْ مَيْمُون بْن مِهْرَان فِي قَوْله : ( { وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّه غَافِلًا عَمَّا يَعْمَل الظَّالِمُونَ } قَالَ : هِيَ وَعِيد لِلظَّالِمِ وَتَعْزِيَة لِلْمَظْلُومِ .)|إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّمَا يُؤَخِّرهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَص فِيهِ الْأَبْصَار } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّمَا يُؤَخِّر رَبّك يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الظَّالِمِينَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَك وَيَجْحَدُونَ نُبُوَّتك , لِيَوْمٍ تَشْخَص فِيهِ الْأَبْصَار . يَقُول : إِنَّمَا يُؤَخِّر عِقَابهمْ وَإِنْزَال الْعَذَاب بِهِمْ , إِلَى يَوْم تَشْخَص فِيهِ أَبْصَار الْخَلْق ; وَذَلِكَ يَوْم الْقِيَامَة , كَمَا : 15778 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { لِيَوْمٍ تَشْخَص فِيهِ الْأَبْصَار } شَخَصَتْ فِيهِ وَاَللَّه أَبْصَارهمْ , فَلَا تَرْتَدّ إِلَيْهِمْ .)
وَأَمَّا قَوْله : { مُهْطِعِينَ } فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل اِخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُ ; فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : مُسْرِعِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15779 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا هَاشِم بْن الْقَاسِم , عَنْ أَبِي سَعِيد الْمُؤَدِّب , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : ( { مُهْطِعِينَ } قَالَ : النَّسَلَان , وَهُوَ الْخَبَب - أَوْ مَا دُون الْخَبَب , شَكَّ أَبُو سَعِيد - يَخْبُونَ وَهُمْ يَنْظُرُونَ . )15780 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { مُهْطِعِينَ } قَالَ : مُسْرِعِينَ . )15781 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { مُهْطِعِينَ } يَقُول : مُنْطَلِقِينَ عَامِدِينَ إِلَى الدَّاعِي . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : مُدِيمِي النَّظَر. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15782 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { مُهْطِعِينَ } يَعْنِي بِالْإِهْطَاعِ : النَّظَر مِنْ غَيْر أَنْ يَطْرِف. )15783 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ سَعِيد بْن مَسْرُوق , عَنْ أَبِي الضُّحَى : ( { مُهْطِعِينَ } قَالَ : الْإِهْطَاع : التَّحْمِيج الدَّائِم الَّذِي لَا يَطْرِف. )15784 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ أَبِي الْخَيْر بْن تَمِيم بْن حَذْلَم , عَنْ أَبِيهِ , فِي قَوْله : ( { مُهْطِعِينَ } قَالَ : الْإِهْطَاع : التَّحْمِيج. )15785 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا الْمُحَارِبِيّ , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك : ( { مُهْطِعِينَ } قَالَ : شِدَّة النَّظَر الَّذِي لَا يَطْرِف . )- حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَمْرو , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْله : ( { مُهْطِعِينَ } قَالَ : شِدَّة النَّظَر فِي غَيْر طَرْف . )- حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { مُهْطِعِينَ } الْإِهْطَاع : شِدَّة النَّظَر فِي غَيْر طَرْف . )15786 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا شَبَابَة , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء ; وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { مُهْطِعِينَ } قَالَ : مُدِيمِي النَّظَر . )* حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَا يَرْفَع رَأْسه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15787 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { مُهْطِعِينَ } قَالَ : الْمُهْطِع الَّذِي لَا يَرْفَع رَأْسه . )وَالْإِهْطَاع فِي كَلَام الْعَرَب بِمَعْنَى الْإِسْرَاع أَشْهَر مِنْهُ بِمَعْنَى إِدَامَة النَّظَر , وَمِنْ الْإِهْطَاع بِمَعْنَى الْإِسْرَاع , قَوْل الشَّاعِر : <br>وَبِمُهْطِعٍ سُرُح كَأَنَّ زِمَامه .......... فِي رَأْس جِذْع مِنْ أَوَال مُشَذَّب <br>وَقَوْل الْآخَر : <br>بِمُسْتَهْطَعٍ رَسْل كَأَنَّ جَدِيله .......... بِقَيْدُوم رَعْن مِنْ صَوَام مُمَنَّع<br>|مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ|وَقَوْله : { مُقْنِعِي رُءُوسهمْ } يَعْنِي رَافِعِي رُءُوسهمْ . وَإِقْنَاع الرَّأْس : رَفْعه ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّمَّاخ : <br>يُبَاكِرْنَ الْعِضَاه بِمُقْنَعَاتٍ .......... نَوَاجِذهنَّ كَالْحَدَإِ الْوَقِيع <br>يَعْنِي : أَنَّهُنَّ يُبَاكِرْنَ الْعِضَاه بِرُؤْسِهِنَّ مَرْفُوعَات إِلَيْهَا لِتَتَنَاوَل مِنْهَا , وَمِنْهُ أَيْضًا قَوْل الرَّاجِز . <br>أَنْغَضَ نَحْوِي رَأْسه وَأَقْنَعَا .......... كَأَنَّمَا أَبْصَرَ شَيْئًا أَطْمَعَا <br>وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15788 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { مُقْنِعِي رُءُوسهمْ } قَالَ : الْإِقْنَاع : رَفْع رُءُوسهمْ . )15789 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , وَقَالَ الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء ; وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { مُقْنِعِي رُءُوسهمْ } قَالَ : رَافِعِيهَا . )* حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد مِثْله . 15790 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا أَبُو بَكْر , عَنْ أَبِي سَعْد , قَالَ : قَالَ الْحَسَن : (وُجُوه النَّاس يَوْم الْقِيَامَة إِلَى السَّمَاء لَا يَنْظُر أَحَد إِلَى أَحَد . )15791 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ عُثْمَان بْن الْأَسْوَد , أَنَّهُ سَمِعَ مُجَاهِدًا يَقُول فِي قَوْله : ( { مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسهمْ } قَالَ : رَافِع رَأْسه هَكَذَا , { لَا يَرْتَدّ إِلَيْهِمْ طَرْفهمْ } . )15792 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ جُوَيْبِر عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْله : ( { مُقْنِعِي رُءُوسهمْ } قَالَ : رَافِعِي رُءُوسهمْ . )15793 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { مُقْنِعِي رُءُوسهمْ } قَالَ : الْإِقْنَاع رَفْع رُءُوسهمْ . )- حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { مُقْنِعِي رُءُوسهمْ } قَالَ : الْمُقْنِع الَّذِي يَرْفَع رَأْسه شَاخِصًا بَصَره لَا يَطْرِف. )- حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله : ( { مُقْنِعِي رُءُوسهمْ } قَالَ : رَافِعِيهَا . )15794 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { مُقْنِعِي رُءُوسهمْ } قَالَ : الْمُقْنِع الَّذِي يَرْفَع رَأْسه . )* حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا الْمُحَارِبِيّ , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك : ( { مُقْنِعِي رُءُوسهمْ } قَالَ : رَافِعِي رُءُوسهمْ . )15795 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا هَاشِم بْن الْقَاسِم , عَنْ أَبِي سَعِيد , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد : ( { مُقْنِعِي رُءُوسهمْ } قَالَ : رَافِعِي رُءُوسهمْ .)|لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ|وَقَوْله : { لَا يَرْتَدّ إِلَيْهِمْ طَرْفهمْ } يَقُول : لَا تَرْجِع إِلَيْهِمْ لِشِدَّةِ النَّظَر أَبْصَارهمْ . كَمَا : 15796 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله (: { لَا يَمْتَدّ إِلَيْهِمْ طَرْفهمْ وَأَفْئِدَتهمْ هَوَاء } قَالَ : شَاخِصَة أَبْصَارهمْ .)|وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ|وَقَوْله : { وَأَفْئِدَتهمْ هَوَاء } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : مُتَخَرِّقَة لَا تَعِي مِنْ الْخَيْر شَيْئًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15797 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ مُرَّة , فِي قَوْله : ( { وَأَفْئِدَتهمْ هَوَاء } قَالَ : مُتَخَرِّقَة لَا تَعِي شَيْئًا . )* حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا مَالِك بْن مِغْوَل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ مُرَّة , بِمِثْلِ ذَلِكَ . * حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ مُرَّة , مِثْله . * مُحَمَّد بْن عُمَارَة , قَالَ : ثَنَا سَهْل بْن عَامِر , قَالَ : ثَنَا مَالِك وَإِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ مُرَّة , مِثْله . - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ مُرَّة : ( { وَأَفْئِدَتهمْ هَوَاء } قَالَ : مُتَخَرِّقَة لَا تَعِي شَيْئًا مِنْ الْخَيْر . )- حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن عَبَّاد , قَالَ : ثَنَا مَالِك , يَعْنِي اِبْن مِغْوَل , قَالَ : سَمِعْت أَبَا إِسْحَاق , عَنْ مُرَّة إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : (لَا تَعِي شَيْئًا . وَلَمْ يَقُلْ مِنْ الْخَيْر . )* حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا شَبَابَة , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ مُرَّة , مِثْله . - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا مَالِك بْن مِغْوَل , وَإِسْرَائِيل عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ مُرَّة : ( { وَأَفْئِدَتهمْ هَوَاء } قَالَ أَحَدهمَا : خَرِبَة , وَقَالَ الْآخَر : مُتَخَرِّقَة لَا تَعِي شَيْئًا . )15798 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد ; قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَأَفْئِدَتهمْ هَوَاء } قَالَ : لَيْسَ فِيهَا شَيْء مِنْ الْخَيْر فَهِيَ كَالْخَرِبَةِ . )15799 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (لَيْسَ مِنْ الْخَيْر شَيْء فِي أَفْئِدَتهمْ , كَقَوْلِك لِلْبَيْتِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ شَيْء إِنَّمَا هُوَ هَوَاء . )15800 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَأَفْئِدَتهمْ هَوَاء } قَالَ : الْأَفْئِدَة : الْقُلُوب هَوَاء كَمَا قَالَ اللَّه , لَيْسَ فِيهَا عَقْل وَلَا مَنْفَعَة . )15801 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ أَبِي بَكْرَة , عَنْ أَبِي صَالِح : ( { وَأَفْئِدَتهمْ هَوَاء } قَالَ : لَيْسَ فِيهَا شَيْء مِنْ الْخَيْر . )وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّهَا لَا تَسْتَقِرّ فِي مَكَان تُرَدَّد فِي أَجْوَافهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15802 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع وَأَحْمَد بْن إِسْحَاق , قَالَا : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد : ( { وَأَفْئِدَتهمْ هَوَاء } قَالَ : تَمُور فِي أَجْوَافهمْ , لَيْسَ لَهَا مَكَان تَسْتَقِرّ فِيهِ . )* حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا هَاشِم بْن الْقَاسِم , عَنْ أَبِي سَعِيد , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد بِنَحْوِهِ . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : أَنَّهَا خَرَجَتْ مِنْ أَمَاكِنهَا فَنَشِبَتْ بِالْحُلُوقِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15803 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع وَأَحْمَد بْن إِسْحَاق , قَالَا : ثَنَا أَبُو أَحْمَد الزُّبَيْرِيّ , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ سَعِيد , عَنْ مَسْرُوق عَنْ أَبِي الضُّحَى : ( { وَأَفْئِدَتهمْ هَوَاء } قَالَ : قَدْ بَلَغَتْ حَنَاجِرهمْ . )15804 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { وَأَفْئِدَتهمْ هَوَاء } قَالَ : هَوَاء لَيْسَ فِيهَا شَيْء , خَرَجَتْ مِنْ صُدُورهمْ فَنَشِبَتْ فِي حُلُوقهمْ . )15805 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَأَفْئِدَتهمْ هَوَاء } اُنْتُزِعَتْ حَتَّى صَارَتْ فِي حَنَاجِرهمْ لَا تَخْرُج مِنْ أَفْوَاههمْ , وَلَا تَعُود إِلَى أَمْكِنَتهَا . )وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال عِنْدِي بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيل ذَلِكَ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : أَنَّهَا خَالِيَة لَيْسَ فِيهَا شَيْء مِنْ الْخَيْر , وَلَا تَعْقِل شَيْئًا ; وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَب تُسَمِّي كُلّ أَجْوَف خَاوٍ : هَوَاء ; وَمِنْهُ قَوْل حَسَّان بْن ثَابِت : <br>أَلَا أَبْلِغْ أَبَا سُفْيَان عَنِّي .......... فَأَنْتَ مُجَوَّف نَخِب هَوَاء <br>وَمِنْهُ قَوْل الْآخَر : <br>وَلَا تَكُ مِنْ أَخْدَانِ كُلّ يَرَاعَة .......... هَوَاء كَسَقْبِ الْبَان جُوف مَكَاسِرُهْ<br>
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأَنْذِرْ النَّاس يَوْم يَأْتِيهِمْ الْعَذَاب فَيَقُول الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَل قَرِيب نُجِبْ دَعْوَتك وَنَتَّبِع الرُّسُل } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَنْذِرْ يَا مُحَمَّد النَّاس الَّذِينَ أَرْسَلْتُك إِلَيْهِمْ دَاعِيًا إِلَى الْإِسْلَام مَا هُوَ نَازِل بِهِمْ , يَوْم يَأْتِيهِمْ عَذَاب اللَّه فِي الْقِيَامَة. { فَيَقُول الَّذِينَ ظَلَمُوا } يَقُول : فَيَقُول الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ , فَظَلَمُوا بِذَلِكَ أَنْفُسهمْ : { رَبّنَا أَخِّرْنَا } : أَيْ أَخِّرْ عَنَّا عَذَابك , وَأَمْهِلْنَا { إِلَى أَجَل قَرِيب نُجِبْ دَعْوَتك } الْحَقّ , فَنُؤْمِن بِك , وَلَا نُشْرِك بِك شَيْئًا ; { وَنَتَّبِع الرُّسُل } يَقُولُونَ : وَنُصَدِّق رُسُلك فَنَتَّبِعهُمْ عَلَى مَا دَعْوَتنَا إِلَيْهِ مِنْ طَاعَتك وَاتِّبَاع أَمْرك . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15806 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { وَأَنْذِرْ النَّاس يَوْم يَأْتِيهِمْ الْعَذَاب } قَالَ : يَوْم الْقِيَامَة { فَيَقُول الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَل قَرِيب } قَالَ : مُدَّة يَعْمَلُونَ فِيهَا مِنْ الدُّنْيَا . )15807 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { وَأَنْذِرْ النَّاس يَوْم يَأْتِيهِمْ الْعَذَاب } يَقُول : أَنْذِرْهُمْ فِي الدُّنْيَا قَبْل أَنْ يَأْتِيهِمْ الْعَذَاب. )وَقَوْله : { فَيَقُول الَّذِينَ ظَلَمُوا } رُفِعَ عَطْفًا عَلَى قَوْله : { يَأْتِيهِمْ } فِي قَوْله : { يَأْتِيهِمْ الْعَذَاب } وَلَيْسَ بِجَوَابٍ لِلْأَمْرِ , وَلَوْ كَانَ جَوَابًا لِقَوْلِهِ : { وَأَنْذِرْ النَّاس } جَازَ فِيهِ الرَّفْع وَالنَّصْب . أَمَّا النَّصْب فَكَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>يَا نَاق سِيرِي عَنَقًا فَسِيحًا .......... إِلَى سُلَيْمَان فَنَسْتَرِيحَا <br>وَالرَّفْع عَلَى الِاسْتِئْنَاف. وَذُكِرَ عَنْ الْعَلَاء بْن سَيَابَة أَنَّهُ كَانَ يُنْكِر النَّصْب فِي جَوَاب الْأَمْر بِالْفَاءِ , قَالَ الْفَرَّاء : وَكَانَ الْعَلَاء هُوَ الَّذِي عَلَّمَ مُعَاذًا وَأَصْحَابه .|أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْل مَا لَكُمْ مِنْ زَوَال } </subtitle>وهَذَا تَقْرِيع مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره لِلْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْش بَعْد أَنْ دَخَلُوا النَّار بِإِنْكَارِهِمْ فِي الدُّنْيَا الْبَعْث بَعْد الْمَوْت . يَقُول لَهُمْ إِذْ سَأَلُوهُ رَفْع الْعَذَاب عَنْهُمْ وَتَأْخِيرهمْ لِيُنِيبُوا وَيَتُوبُوا : { أَوَلَمْ تَكُونُوا } فِي الدُّنْيَا { أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْل مَا لَكُمْ مِنْ زَوَال } يَقُول : مَا لَكُمْ مِنْ اِنْتِقَال مِنْ الدُّنْيَا إِلَى الْآخِرَة , وَأَنَّكُمْ إِنَّمَا تَمُوتُونَ , ثُمَّ لَا تُبْعَثُونَ ؟ كَمَا : 15808 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : ( { أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْل } كَقَوْلِهِ : { وَأَقْسَمُوا بِاَللَّهِ جَهْد أَيْمَانهمْ لَا يَبْعَث اللَّه مَنْ يَمُوت بَلَى } . ثُمَّ قَالَ : { مَا لَكُمْ مِنْ زَوَال } قَالَ : الِانْتِقَال مِنْ الدُّنْيَا إِلَى الْآخِرَة . )15809 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء ; وَحَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا شَبَابَة , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء ; وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة ; وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { مَا لَكُمْ مِنْ زَوَال } قَالَ : لَا تَمُوتُونَ لِقُرَيْشٍ . )15810 - حَدَّثَنِي الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ الْحَكَم , عَنْ عَمْرو بْن أَبِي لَيْلَى أَحَد بَنِي عَامِر , قَالَ : سَمِعْت مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ يَقُول : بَلَغَنِي , أَوْ ذُكِرَ لِي (أَنَّ أَهْل النَّار يُنَادَوْنَ : { رَبّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَل قَرِيب نُجِبْ دَعْوَتك وَنَتَّبِع الرُّسُل } فَرَدَّ عَلَيْهِمْ : { أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْل مَا لَكُمْ مِنْ زَوَال وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِن الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ } إِلَى قَوْله : { لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال } .)
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِن الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمْ الْأَمْثَال } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَسَكَنْتُمْ فِي الدُّنْيَا فِي مَسَاكِن الَّذِينَ كَفَرُوا بِاَللَّهِ , فَظَلَمُوا بِذَلِكَ أَنْفُسهمْ مِنْ الْأُمَم الَّتِي كَانَتْ قَبْلكُمْ . { وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ } يَقُول : وَعَلِمْتُمْ كَيْفَ أَهْلَكْنَاهُمْ حِين عَتَوْا عَلَى رَبّهمْ وَتَمَادَوْا فِي طُغْيَانهمْ وَكُفْرهمْ . { وَضَرَبْنَا لَكُمْ الْأَمْثَال } يَقُول : وَمَثَّلْنَا لَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ الشِّرْك بِاَللَّهِ مُقِيمِينَ الْأَشْبَاه , فَلَمْ تُنِيبُوا وَلَمْ تَتُوبُوا مِنْ كُفْركُمْ , فَالْآن تَسْأَلُونَ التَّأْخِير لِلتَّوْبَةِ حِين نَزَلَ بِكُمْ مَا قَدْ نَزَلَ بِكُمْ مِنْ الْعَذَاب , إِنَّ ذَلِكَ لَغَيْر كَائِن . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَوْل أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15811 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِن الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ } يَقُول : سَكَنَ النَّاس فِي مَسَاكِن قَوْم نُوح وَعَاد وَثَمُود , وَقُرُون بَيْن ذَلِكَ كَثِيرَة مِمَّنْ هَلَكَ مِنْ الْأُمَم . { وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْف فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمْ الْأَمْثَال } قَدْ وَاَللَّه بَعَثَ رُسُله , وَأَنْزَلَ كُتُبه , ضَرَبَ لَكُمْ الْأَمْثَال , فَلَا يَصَمّ فِيهَا إِلَّا أَصَمّ , وَلَا يَخِيب فِيهَا إِلَّا الْخَائِب , فَاعْقِلُوا عَنْ اللَّه أَمْره . )15812 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِن الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ } قَالَ : سَكَنُوا فِي قُرَاهُمْ مَدْيَن وَالْحِجْر وَالْقُرَى الَّتِي عَذَّبَ اللَّه أَهْلهَا , وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلَ اللَّه بِهِمْ , وَضَرَبَ لَهُمْ الْأَمْثَال . )15813 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا شَبَابَة , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبَى نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { الْأَمْثَال } قَالَ : الْأَشْبَاه . )* حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرهمْ وَعِنْد اللَّه مَكْرهمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرهمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَدْ مَكَرَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ , فَسَكَنْتُمْ مِنْ بَعْدهمْ فِي مَسَاكِنهمْ , مَكْرهمْ . وَكَانَ مَكْرهمْ الَّذِي مَكَرُوا مَا : 15814 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , قَالَ : ثَنَا أَبُو إِسْحَاق , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبَان قَالَ : سَمِعْت عَلِيًّا يَقْرَأ : ( وَإِنْ كَانَ مَكْرهمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال | قَالَ : كَانَ مَلِك فَرِه أَخَذَ فُرُوخ النُّسُور , فَعَلَفهَا اللَّحْم حَتَّى شَبَّتْ وَاسْتَعْلَجَتْ وَاسْتَغْلَظَتْ , فَقَعَدَ هُوَ وَصَاحِبه فِي التَّابُوت وَرَبَطُوا التَّابُوت بِأَرْجُلِ النُّسُور , وَعَلَّقُوا اللَّحْم فَوْق التَّابُوت , فَكَانَتْ كُلَّمَا نَظَرَتْ إِلَى اللَّحْم صَعِدَتْ وَصَعِدَتْ , فَقَالَ لِصَاحِبِهِ : مَا تَرَى ؟ قَالَ : أَرَى الْجِبَال مِثْل الدُّخَان , قَالَا : مَا تَرَى ؟ قَالَ : مَا أَرَى شَيْئًا , قَالَ : وَيْحك صَوِّبْ صَوِّبْ ! قَالَ : فَذَلِكَ قَوْله : | وَإِنْ كَانَ مَكْرهمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال . )15815 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن وَاصِل , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب , مِثْل حَدِيث يَحْيَى بْن سَعِيد , وَزَادَ فِيهِ : وَكَانَ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود يَقْرَؤُهَا : ( وَإِنْ كَانَ مَكْرهمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال . )- حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ شُعْبَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن وَاصِل أَنَّ عَلِيًّا قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : ( وَإِنْ كَانَ مَكْرهمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال | قَالَ : أَخَذَ ذَلِكَ الَّذِي حَاجّ إِبْرَاهِيم فِي رَبّه نَسْرَيْنِ صَغِيرَيْنِ فَرَبَّاهُمَا , ثُمَّ اِسْتَغْلَظَا وَاسْتَعْلَجَا وَشَبَّا ; قَالَ : فَأَوْثَقَ رِجْل كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا بِوَتِدٍ إِلَى تَابُوت , وَجَوَّعَهُمَا , وَقَعَدَ هُوَ وَرَجُل آخَر فِي التَّابُوت , قَالَ : وَرَفَعَ فِي التَّابُوت عَصًا عَلَى رَأْسه اللَّحْم , قَالَ : فَطَارَا , وَجَعَلَ يَقُول لِصَاحِبِهِ : اُنْظُرْ مَاذَا تَرَى ؟ قَالَ : أَرَى كَذَا وَكَذَا , حَتَّى قَالَ : أَرَى الدُّنْيَا كَأَنَّهَا ذُبَاب , فَقَالَ : صَوِّبْ الْعَصَا ! فَصَوَّبَهَا فَهَبَطَا . قَالَ : فَهُوَ قَوْل اللَّه تَعَالَى : | وَإِنْ كَانَ مَكْرهمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال | قَالَ أَبُو إِسْحَاق : وَكَذَلِكَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : | وَإِنْ كَانَ مَكْرهمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال . )15816 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( وَإِنْ كَانَ مَكْرهمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال | مَكْر فَارِس . وَزُعِمَ أَنَّ بُخْتَنَصَّر خَرَجَ بِنُسُورٍ , وَجَعَلَ لَهُ تَابُوتًا يَدْخُلهُ , وَجَعَلَ رِمَاحًا فِي أَطْرَافهَا وَاللَّحْم فَوْقهَا - أَرَاهُ قَالَ : فَعَلَتْ تَذْهَب نَحْو اللَّحْم - حَتَّى اِنْقَطَعَ بَصَره مِنْ الْأَرْض وَأَهْلهَا , فَنُودِيَ : أَيّهَا الطَّاغِيَة أَيْنَ تُرِيد ؟ فَفَرِقَ , ثُمَّ سَمِعَ الصَّوْت فَوْقه , فَصَوَّبَ الرِّمَاح , فَتَصَوَّبَتْ النُّسُور , فَفَزِعَتْ الْجِبَال مِنْ هَدَّتهَا , وَكَادَتْ الْجِبَال أَنْ تَزُول مِنْهُ مِنْ حِسّ ذَلِكَ , فَذَلِكَ قَوْله : { وَإِنْ كَانَ مَكْرهمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال } . )- حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج , قَالَ مُجَاهِد : ( وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرهمْ وَعِنْد اللَّه مَكْرهمْ وَإِنْ كَادَ مَكْرهمْ | كَذَا قَرَأَهَا مُجَاهِد : | كَادَ مَكْرهمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال | وَقَالَ : إِنَّ بَعْض مَنْ مَضَى جَوَّعَ نُسُورًا , ثُمَّ جَعَلَ عَلَيْهَا تَابُوتًا فَدَخَلَهُ , ثُمَّ جَعَلَ رِمَاحًا فِي أَطْرَافهَا لَحْم , فَجَعَلَتْ تَرَى اللَّحْم فَتَذْهَب , حَتَّى اِنْتَهَى بَصَره , فَنُودِيَ : أَيّهَا الطَّاغِيَة أَيْنَ تُرِيد ؟ فَصَوَّبَ الرِّمَاح , فَتَصَوَّبَتْ النُّسُور , فَفَزِعَتْ الْجِبَال , وَظَنَّتْ أَنَّ السَّاعَة قَدْ قَامَتْ , فَكَادَتْ أَنْ تَزُول , فَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى : | وَإِنْ كَانَ مَكْرهمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال . )قَالَ اِبْن جُرَيْج : أَخْبَرَنِي عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب , أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ : { وَإِنْ كَادَ مَكْرهمْ لَتَزُول مِنْهُ الْجِبَال } . 15817 - حَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيث أَحْمَد بْن يُوسُف , قَالَ : ثَنَا الْقَاسِم بْن سَلَّام , قَالَ : ثَنَا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , (أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ عَلَى نَحْو : | لَتَزُول | بِفَتْحِ اللَّام الْأُولَى وَرَفْع الثَّانِيَة . )15818 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن دَانِيل قَالَ : سَمِعْت عَلِيًّا يَقُول : ( وَإِنْ كَانَ مَكْرهمْ لَتَزُول مِنْهُ الْجِبَال . )- حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن دَانِيل , قَالَ : سَمِعْت عَلِيًّا يَقُول : ( وَإِنْ كَانَ مَكْرهمْ لَتَزُول مِنْهُ الْجِبَال | قَالَ : ثُمَّ أَنْشَأَ عَلِيّ يُحَدِّث فَقَالَ : نَزَلَتْ فِي جَبَّار مِنْ الْجَبَابِرَة قَالَ : لَا أَنْتَهِي حَتَّى أَعْلَم مَا فِي السَّمَاء , ثُمَّ اِتَّخَذَ نُسُورًا فَجَعَلَ يُطْعِمهَا اللَّحْم حَتَّى غَلُظَتْ وَاسْتَعْلَجَتْ وَاشْتَدَّتْ , وَذَكَرَ مِثْل حَدِيث شُعْبَة . )15819 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبُو دَاوُد الْحَضْرَمِيّ , عَنْ يَعْقُوب , عَنْ حَفْص بْن حُمَيْد أَوْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : ( وَإِنْ كَانَ مَكْرهمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال | قَالَ : نُمْرُود صَاحِب النُّسُور , أَمَرَ بِتَابُوتٍ فَجُعِلَ وَجَعَلَ مَعَهُ رَجُلًا , ثُمَّ أَمَرَ بِالنُّسُورِ فَاحْتُمِلَ , فَلَمَّا صَعِدَ قَالَ لِصَاحِبِهِ : أَيّ شَيْء تَرَى ؟ قَالَ : أَرَى الْمَاء وَجَزِيرَة - يَعْنِي الدُّنْيَا - ثُمَّ صَعِدَ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ : أَيّ شَيْء تَرَى ؟ قَالَ : مَا نَزْدَاد مِنْ السَّمَاء إِلَّا بُعْدًا , قَالَ : اِهْبِطْ - وَقَالَ غَيْره : نُودِيَ - أَيّهَا الطَّاغِيَة أَيْنَ تُرِيد ؟ قَالَ : فَسَمِعَتْ الْجِبَال حَفِيف النُّسُور , فَكَانَتْ تَرَى أَنَّهَا أَمْر مِنْ السَّمَاء , فَكَادَتْ تَزُول , فَهُوَ قَوْله : | وَإِنْ كَانَ مَكْرهمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال . )15820 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس , أَنَّ أَنَسًا كَانَ يَقْرَأ : ( وَإِنْ كَادَ مَكْرهمْ لَتَزُول مِنْهُ الْجِبَال . )وَقَالَ آخَرُونَ : كَانَ مَكْرهمْ شِرْكهمْ بِاَللَّهِ وَافْتِرَاءَهُمْ عَلَيْهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15821 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَإِنْ كَانَ مَكْرهمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال } يَقُول : شِرْكهمْ , كَقَوْلِهِ : { تَكَاد السَّمَاوَات يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ } . )15822 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا الْمُحَارِبِيّ , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك : ( وَإِنْ كَانَ مَكْرهمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال | قَالَ : هُوَ كَقَوْلِهِ : { وَقَالُوا اِتَّخَذَ الرَّحْمَن وَلَدًا لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا تَكَاد السَّمَاوَات يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقّ الْأَرْض وَتَخِرّ الْجِبَال هَدًّا } . )- حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْله : ( { وَإِنْ كَانَ مَكْرهمْ } ثُمَّ ذَكَرَ مِثْله . )15823 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , أَنَّ الْحَسَن كَانَ يَقُول : (كَانَ أَهْوَن عَلَى اللَّه وَأَصْغَر مِنْ أَنْ تَزُول مِنْهُ الْجِبَال , يَصِفهُمْ بِذَلِكَ . قَالَ قَتَادَة : وَفِي مُصْحَف عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود : | وَإِنْ كَادَ مَكْرهمْ لَتَزُول مِنْهُ الْجِبَال | , وَكَانَ قَتَادَة يَقُول عِنْد ذَلِكَ : { تَكَاد السَّمَاوَات يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقّ الْأَرْض وَتَخِرّ الْجِبَال هَدًّا } : أَيْ لِكَلَامِهِمْ ذَلِكَ . )15824 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( وَإِنْ كَانَ مَكْرهمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال | قَالَ ذَلِكَ حِين دَعَوْا لِلَّهِ وَلَدًا . وَقَالَ فِي آيَة أُخْرَى : { تَكَاد السَّمَاوَات يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقّ الْأَرْض وَتَخِرّ الْجِبَال هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا } . )- حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { وَإِنْ كَانَ مَكْرهمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال } فِي حَرْف اِبْن مَسْعُود : | وَإِنْ كَادَ مَكْرهمْ لَتَزُول مِنْهُ الْجِبَال | هُوَ مِثْل قَوْله : { تَكَاد السَّمَاوَات يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقّ الْأَرْض وَتَخِرّ الْجِبَال هَدًّا } . )وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز وَالْمَدِينَة وَالْعِرَاق مَا خَلَا الْكِسَائِيّ : { وَإِنْ كَانَ مَكْرهمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال } بِكَسْرِ اللَّام الْأُولَى وَفَتْح الثَّانِيَة , بِمَعْنَى : وَمَا كَانَ مَكْرهمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال . وَقَرَأَهُ الْكِسَائِيّ : | وَإِنْ كَانَ مَكْرهمْ لَتَزُول مِنْهُ الْجِبَال | بِفَتْحِ اللَّام الْأُولَى وَرَفْع الثَّانِيَة عَلَى تَأْوِيل قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ : | وَإِنْ كَادَ مَكْرهمْ لَتَزُول مِنْهُ الْجِبَال | مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ الَّذِينَ ذُكِرَتْ أَقْوَالهمْ , بِمَعْنَى : اِشْتَدَّ مَكْرهمْ حَتَّى زَالَتْ مِنْهُ الْجِبَال , أَوْ كَادَتْ تَزُول مِنْهُ . وَكَانَ الْكِسَائِيّ يُحَدِّث عَنْ حَمْزَة , عَنْ شِبْل عَنْ مُجَاهِد , أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ ذَلِكَ عَلَى مِثْل قِرَاءَته : | وَإِنْ كَانَ مَكْرهمْ لَتَزُول مِنْهُ الْجِبَال | بِرَفْعِ تَزُول. 15825 - حَدَّثَنِي بِذَلِكَ الْحَارِث عَنْ الْقَاسِم عَنْهُ . وَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَة عِنْدنَا , قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ : { وَإِنْ كَانَ مَكْرهمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال } بِكَسْرِ اللَّام الْأُولَى وَفَتْح الثَّانِيَة , بِمَعْنَى : وَمَا كَانَ مَكْرهمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ هُوَ الصَّوَاب , لِأَنَّ اللَّام الْأُولَى إِذَا فُتِحَتْ , فَمَعْنَى الْكَلَام : وَقَدْ كَانَ مَكْرهمْ تَزُول مِنْهُ الْجِبَال , وَلَوْ كَانَتْ زَالَتْ لَمْ تَكُنْ ثَابِتَة , وَفِي ثُبُوتهَا عَلَى حَالَتهَا مَا يُبِين عَنْ أَنَّهَا لَمْ تَزُلْ . وَأُخْرَى إِجْمَاع الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَى ذَلِكَ , وَفِي ذَلِكَ كِفَايَة عَنْ الِاسْتِشْهَاد عَلَى صِحَّتهَا وَفَسَاد غَيْرهَا بِغَيْرِهِ . فَإِنْ ظَنَّ ظَانّ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِإِجْمَاعٍ مِنْ الْحُجَّة إِذْ كَانَ مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَإِنَّ الْأَمْر بِخِلَافِ مَا ظَنَّ فِي ذَلِكَ , وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ بِفَتْحِ اللَّام الْأُولَى وَرَفْع الثَّانِيَة قَرَءُوا : | وَإِنْ كَادَ مَكْرهمْ | بِالدَّالِ , وَهِيَ إِذَا قُرِئَتْ كَذَلِكَ , فَالصَّحِيح مِنْ الْقِرَاءَة مَعَ : { وَإِذْ كَادَ } فَتْح اللَّام الْأُولَى وَرَفْع الثَّانِيَة عَلَى مَا قَرَءُوا , وَغَيْر جَائِز عِنْدنَا الْقِرَاءَة كَذَلِكَ , لِأَنَّ مَصَاحِفنَا بِخِلَافِ ذَلِكَ , وَإِنَّمَا خَطّ مَصَاحِفنَا وَإِنْ كَانَ بِالنُّونِ لَا بِالدَّالِ . وَإِذْ كَانَتْ كَذَلِكَ , فَغَيْر جَائِز لِأَحَدٍ تَغْيِير رَسْم مَصَاحِف الْمُسْلِمِينَ , وَإِذَا لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ الصِّحَاح مِنْ الْقِرَاءَة إِلَّا مَا عَلَيْهِ قُرَّاء الْأَمْصَار دُون مَنْ شَذَّ بِقِرَاءَتِهِ عَنْهُمْ . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي مَعْنَى : { وَإِنْ كَانَ مَكْرهمْ } قَالَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15826 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرهمْ وَعِنْد اللَّه مَكْرهمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرهمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال } يَقُول : مَا كَانَ مَكْرهمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال. )15827 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , قَالَ : قَالَ الْحَسَن , فِي قَوْله : ( { وَإِنْ كَانَ مَكْرهمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال } مَا كَانَ مَكْرهمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال . )- حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ عَوْف , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : (مَا كَانَ مَكْرهمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال . )- حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا حَجَّاج , عَنْ هَارُون , عَنْ يُونُس وَعَمْرو , عَنْ الْحَسَن : ( { وَإِنْ كَانَ مَكْرهمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال } قَالَا : وَكَانَ الْحَسَن يَقُول : وَإِنْ كَانَ مَكْرهمْ لَأَوْهَن وَأَضْعَف مِنْ أَنْ تَزُول مِنْهُ الْجِبَال . )15828 - قَالَ : قَالَ هَارُون : وَأَخْبَرَنِي يُونُس , عَنْ الْحَسَن قَالَ : أَرْبَع فِي الْقُرْآن : ( { وَإِنْ كَانَ مَكْرهمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال } : مَا كَانَ مَكْرهمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال. وَقَوْله : { لَاِتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ } : مَا كُنَّا فَاعِلِينَ . وَقَوْله : { إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَد فَأَنَا أَوَّل الْعَابِدِينَ } : مَا كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَد . وَقَوْله : { وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ } : مَا مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ . )15829 - قَالَ : هَارُون : وَحَدَّثَنِي بِهِنَّ عَمْرو بْن أَسْبَاط , عَنْ الْحَسَن , وَزَادَ فِيهِنَّ وَاحِدَة : ( { فَإِنْ كُنْت فِي شَكّ } : مَا كُنْت فِي شَكّ { مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْك } . )فَالْأَوْلَى مِنْ الْقَوْل بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيل الْآيَة , إِذْ كَانَتْ الْقِرَاءَة الَّتِي ذُكِرَتْ هِيَ الصَّوَاب لِمَا بَيَّنَّا مِنْ الدَّلَالَة فِي قَوْله : { وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرهمْ وَعِنْد اللَّه مَكْرهمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرهمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال } وَقَدْ أَشْرَكَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ بِرَبِّهِمْ وَافْتَرَوْا عَلَيْهِ فِرْيَتهمْ عَلَيْهِ , وَعِنْد اللَّه عِلْم شِرْكهمْ بِهِ وَافْتِرَائِهِمْ عَلَيْهِ , وَهُوَ مُعَاقِبهمْ عَلَى ذَلِكَ عُقُوبَتهمْ الَّتِي هُمْ أَهْلهَا , وَمَا كَانَ شِرْكهمْ وَفِرْيَتهمْ عَلَى اللَّه لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال , بَلْ مَا ضَرُّوا بِذَلِكَ إِلَّا أَنْفُسهمْ , وَلَا عَادَتْ بُغْيَة مَكْرُوهَة إِلَّا عَلَيْهِمْ . 15830 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا وَكِيع بْن الْجَرَّاح , قَالَ : ثَنَا الْأَعْمَش , عَنْ شِمْر , عَنْ عَلِيّ , قَالَ : (الْغَدْر مَكْر , وَالْمَكْر كُفْر .)
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّه مُخْلِف وَعْده رُسُله } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّه مُخْلِف وَعْده } الَّذِي وَعَدَهُمْ مَنْ كَذَّبَهُمْ , وَجَحَدَ مَا أَتَوْهُمْ بِهِ مِنْ عِنْده . وَإِنَّمَا قَالَهُ تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ تَثْبِيتًا وَتَشْدِيدًا لِعَزِيمَتِهِ , وَمُعَرِّفه أَنَّهُ مُنْزِل مِنْ سَخَطه بِمَنْ كَذَّبَهُ وَجَحَدَ نُبُوَّته , وَرَدَّ عَلَيْهِ مَا أَتَاهُ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه , مِثَال مَا أَنْزَلَ بِمَنْ سَلَكُوا سَبِيلهمْ مِنْ الْأُمَم الَّذِينَ كَانُوا قَبْلهمْ عَلَى مِثْل مِنْهَاجهمْ مِنْ تَكْذِيب رُسُلهمْ وَجُحُود نُبُوَّتهمْ وَرَدّ مَا جَاءُوهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه عَلَيْهِمْ .|إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ|وَقَوْله : { إِنَّ اللَّه عَزِيز ذُو اِنْتِقَام } يَعْنِي بِقَوْلِهِ : { إِنَّ اللَّه عَزِيز } : لَا يُمَانَع مِنْهُ شَيْء أَرَادَ عُقُوبَته , قَادِر عَلَى كُلّ مَنْ طَلَبَهُ , لَا يَفُوتهُ بِالْهَرَبِ مِنْهُ . { ذُو اِنْتِقَام } مِمَّنْ كَفَرَ بِرُسُلِهِ وَكَذَّبَهُمْ , وَجَحَدَ نُبُوَّتهمْ , وَأَشْرَكَ بِهِ وَاِتَّخَذَ مَعَهُ إِلَهًا غَيْره . وَأُضِيفَ قَوْله : { مُخْلِف } إِلَى الْوَعْد , وَهُوَ مَصْدَر ; لِأَنَّهُ وَقَعَ مَوْقِع الِاسْم , وَنَصَبَ قَوْله : { رُسُله } بِالْمَعْنَى ; وَذَلِكَ أَنَّ الْمَعْنَى : فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّه مُخْلِف رُسُله وَعْده . فَالْوَعْد وَإِنْ كَانَ مَخْفُوضًا بِإِضَافَةِ | مُخْلِف | إِلَيْهِ , فَفِي مَعْنَى النَّصْب , وَذَلِكَ أَنَّ الْإِخْلَاف يَقَع عَلَى مَنْصُوبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ , كَقَوْلِ الْقَائِل : كَسَوْت عَبْد اللَّه ثَوْبًا , وَأَدْخَلْته دَارًا . وَإِذَا كَانَ الْفِعْل كَذَلِكَ يَقَع عَلَى مَنْصُوبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ , جَازَ تَقْدِيم أَيّهمَا قُدِّمَ , وَخَفْض مَا وَلِيَ الْفِعْل الَّذِي هُوَ فِي صُورَة الْأَسْمَاء وَنَصْب الثَّانِي , فَيُقَال : أَنَا مُدْخِل عَبْد اللَّه الدَّار , وَأَنَا مُدْخِل الدَّار عَبْد اللَّه , إِنْ قَدَّمْت الدَّار إِلَى الْمُدْخِل وَأَخَّرْت عَبْد اللَّه خَفَضْت الدَّار , إِذْ أُضِيفَ مُدْخِل إِلَيْهَا , وَنُصِبَ عَبْد اللَّه ; وَإِنْ قُدِّمَ عَبْد اللَّه إِلَيْهِ , وَأَخَّرْت الدَّار , خُفِضَ عَبْد اللَّه بِإِضَافَةِ مُدْخِل إِلَيْهِ , وَنَصْب الدَّار ; وَإِنَّمَا فِعْل ذَلِكَ كَذَلِكَ , لِأَنَّ الْفِعْل - أَعْنِي مُدْخِل - يَعْمَل فِي كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا نَصْبًا نَحْو عَمَله فِي الْآخَر ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : <br>تَرَى الثَّوْر فِيهَا مُدْخِل الظِّلّ رَأْسه .......... وَسَائِره بَادٍ إِلَى الشَّمْس أَجْمَع <br>أَضَافَ مُدْخِل إِلَى الظِّلّ , وَنَصَبَ الرَّأْس ; وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَام : مُدْخِل رَأْسه الظِّلّ . وَمِنْهُ قَوْل الْآخَر : <br>فَرِشْنِي بِخَيْرٍ لَا أَكُون وَمِدْحَتِي .......... كَنَاحِتِ يَوْم صَخْرَة بِعَسِيلِ <br>وَالْعَسِيل : الرِّيشَة جُمِعَ بِهَا الطِّيب , وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَام : كَنَاحِتِ صَخْرَة يَوْمًا بِعَسِيلٍ , وَكَذَلِكَ قَوْل الْآخَر : <br>رُبَّ اِبْن عَمّ لِسُلَيْمَى مُشْمَعِل .......... طَبَّاخ سَاعَات الْكَرَى زَادَ الْكَسِل <br>وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَام : طَبَّاخ زَادَ الْكَسِل سَاعَات الْكَرَى . فَأَمَّا مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ : { فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّه مُخْلِف وَعْده رُسُله } فَقَدْ بَيَّنَّا وَجْه بُعْده مِنْ الصِّحَّة فِي كَلَام الْعَرَب فِي سُورَة الْأَنْعَام , عِنْد قَوْله : { وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ قَتْل أَوْلَادهمْ شُرَكَاؤُهُمْ } , بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَوْم تُبَدَّل الْأَرْض غَيْر الْأَرْض وَالسَّمَاوَات } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّه ذُو اِنْتِقَام { يَوْم تُبَدَّل الْأَرْض غَيْر الْأَرْض وَالسَّمَاوَات } مِنْ مُشْرِكِي قَوْمك يَا مُحَمَّد مِنْ قُرَيْش , وَسَائِر مَنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ وَجَحَدَ نُبُوَّتك وَنُبُوَّة رُسُله مِنْ قَبْلك . ف | يَوْم | مِنْ صِلَة | الِانْتِقَام | . وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى قَوْله : { يَوْم تُبَدَّل الْأَرْض غَيْر الْأَرْض } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : يَوْم تُبَدَّل الْأَرْض الَّتِي عَلَيْهَا النَّاس الْيَوْم فِي دَار الدُّنْيَا غَيْر هَذِهِ الْأَرْض , فَتَصِير أَرْضًا بَيْضَاء كَالْفِضَّةِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15831 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , قَالَ : سَمِعْت عَمْرو بْن مَيْمُون يُحَدِّث , عَنْ عَبْد اللَّه أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { يَوْم تُبَدَّل الْأَرْض غَيْر الْأَرْض وَالسَّمَاوَات } قَالَ : أَرْض كَالْفِضَّةِ نَقِيَّة لَمْ يَسِلْ فِيهَا دَم , وَلَمْ يُعْمَل فِيهَا خَطِيئَة , يُسْمِعهُمْ الدَّاعِي , وَيَنْفُذهُمْ الْبَصَر , حُفَاة عُرَاة قِيَامًا - أَحْسِب قَالَ : - كَمَا خُلِقُوا , حَتَّى يُلَجِّمهُمْ الْعَرَق قِيَامًا وَحْده . )15832 - قَالَ : شُعْبَة : ثُمَّ سَمِعْته يَقُول : سَمِعْت عَمْرو بْن مَيْمُون , وَلَمْ يَذْكُر عَبْد اللَّه ثُمَّ عَاوَدْته فِيهِ , قَالَ : حَدَّثَنِيهِ هُبَيْرَة , عَنْ عَبْد اللَّه . - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن عَبَّاد , قَالَ : أَخْبَرَنَا شُعْبَة , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاق , قَالَ : سَمِعْت عَمْرو بْن مَيْمُون وَرُبَّمَا قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه : وَرُبَّمَا لَمْ يَقُلْ , فَقُلْت لَهُ : عَنْ عَبْد اللَّه ؟ قَالَ : سَمِعْت عَمْرو بْن مَيْمُون يَقُول : ( { يَوْم تُبَدَّل الْأَرْض غَيْر الْأَرْض } قَالَ : أَرْض كَالْفِضَّةِ بَيْضَاء نَقِيَّة , لَمْ يَسِلْ فِيهَا دَم , وَلَمْ يُعْمَل فِيهَا خَطِيئَة , فَيَنْفُذهُمْ الْبَصَر , وَيُسْمِعهُمْ الدَّاعِي , حُفَاة عُرَاة كَمَا خُلِقُوا . قَالَ : أَرَاهُ قَالَ : قِيَامًا حَتَّى يُلَجِّمهُمْ الْعَرَق . )15833 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا شَبَابَة , قَالَ : ثَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ عَمْرو بْن مَيْمُون , عَنْ اِبْن مَسْعُود , فِي قَوْله : { يَوْم تُبَدَّل الْأَرْض غَيْر الْأَرْض وَالسَّمَاوَات } قَالَ : تُبَدَّل أَرْضًا بَيْضَاء نَقِيَّة كَأَنَّهَا فِضَّة , لَمْ يُسْفَك فِيهَا دَم حَرَام , وَلَمْ يُعْمَل فِيهَا خَطِيئَة . - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : أَخْبَرَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ عَمْرو بْن مَيْمُون , عَنْ عَبْد اللَّه , فِي قَوْله : { يَوْم تُبَدَّل الْأَرْض غَيْر الْأَرْض } قَالَ : أَرْض الْجَنَّة بَيْضَاء نَقِيَّة , لَمْ يُعْمَل فِيهَا خَطِيئَة , يُسْمِعهُمْ الدَّاعِي , وَيَنْفُذهُمْ الْبَصَر , حُفَاة عُرَاة قِيَامًا يُلَجِّمهُمْ الْعَرَق . 15834 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ عَمْرو بْن مَيْمُون : ( { يَوْم تُبَدَّل الْأَرْض غَيْر الْأَرْض } قَالَ : أَرْض بَيْضَاء كَالْفِضَّةِ لَمْ يُسْفَك فِيهَا دَم حَرَام , وَلَمْ يُعْمَل فِيهَا خَطِيئَة . )15835 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن عَبَّاد , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد بْن زَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَاصِم بْن بَهْدَلَة , عَنْ زِرّ بْن حُبَيْش , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , أَنَّهُ تَلَا هَذِهِ الْآيَة : ( { يَوْم تُبَدَّل الْأَرْض غَيْر الْأَرْض وَالسَّمَاوَات وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِد الْقَهَّار } قَالَ : يُجَاء بِأَرْضٍ بَيْضَاء كَأَنَّهَا سَبِيكَة فِضَّة لَمْ يُسْفَك فِيهَا دَم , وَلَمْ يُعْمَل عَلَيْهَا خَطِيئَة , قَالَ : فَأَوَّل مَا يُحْكَم بَيْن النَّاس فِيهِ فِي الدِّمَاء. )15836 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا مُعَاوِيَة بْن هِشَام , عَنْ سِنَان , عَنْ جَابِر الْجُعْفِيّ , عَنْ أَبِي جُبَيْرَة , عَنْ زَيْد , قَالَ : (أَرْسَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَهُود , فَقَالَ : | هَلْ تَدْرُونَ لِمَ أَرْسَلْت إِلَيْهِمْ ؟ | قَالُوا : اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم. قَالَ : | فَإِنِّي أَرْسَلْت إِلَيْهِمْ أَسْأَلهُمْ عَنْ قَوْل اللَّه { يَوْم تُبَدَّل الْأَرْض غَيْر الْأَرْض } إِنَّهَا تَكُون يَوْمئِذٍ بَيْضَاء مِثْل الْفِضَّة | . فَلَمَّا جَاءُوا سَأَلَهُمْ , فَقَالُوا : تَكُون بَيْضَاء مِثْل النَّقِيّ . )15837 - حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيل التِّرْمِذِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي اِبْن لَهِيعَة , عَنْ يَزِيد بْن أَبِي حَبِيب , عَنْ سِنَان بْن سَعْد , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , أَنَّهُ تَلَا هَذِهِ الْآيَة : ( { يَوْم تُبَدَّل الْأَرْض غَيْر الْأَرْض } قَالَ : يُبَدِّلهَا اللَّه يَوْم الْقِيَامَة بِأَرْضٍ مِنْ فِضَّة لَمْ يُعْمَل عَلَيْهَا الْخَطَايَا , يَنْزِلهَا الْجَبَّار تَبَارَكَ تَعَالَى . )15838 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء ; وَحَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا شَبَابَة , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { يَوْم تُبَدَّل الْأَرْض غَيْر الْأَرْض } قَالَ : أَرْض كَأَنَّهَا الْفِضَّة . زَادَ الْحَسَن فِي حَدِيثه عَنْ شَبَابَة : وَالسَّمَاوَات كَذَلِكَ أَيْضًا كَأَنَّهَا الْفِضَّة. )- حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : ( { يَوْم تُبَدَّل الْأَرْض غَيْر الْأَرْض } قَالَ : أَرْض كَأَنَّهَا الْفِضَّة , وَالسَّمَاوَات كَذَلِكَ أَيْضًا . )15839 - حَدَّثَنَا اِبْن الْبَرْقِيّ , قَالَ : ثَنَا اِبْن أَبِي مَرْيَم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنِي أَبُو حَازِم , قَالَ : سَمِعْت سَهْل بْن سَعْد يَقُول : سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : ( يُحْشَر النَّاس يَوْم الْقِيَامَة عَلَى أَرْض بَيْضَاء عَفْرَاء كَقُرْصَةِ النَّقِيّ | . قَالَ سَهْل أَوْ غَيْره : | لَيْسَ فِيهَا مَعْلَم لِغَيْرِهِ . )وَقَالَ آخَرُونَ : تُبَدَّل نَارًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15840 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا اِبْن فُضَيْل , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ الْمِنْهَال بْن عَمْرو , عَنْ قَيْس بْن السَّكَن , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه : (الْأَرْض كُلّهَا نَار يَوْم الْقِيَامَة , وَالْجَنَّة مِنْ وَرَائِهَا تُرَى أَكْوَابهَا وَكَوَاعِبهَا ; وَاَلَّذِي نَفْس عَبْد اللَّه بِيَدِهِ , إِنَّ الرَّجُل لَيُفِيض عَرَقًا حَتَّى يَرْشَح فِي الْأَرْض قَدَمه , ثُمَّ يَرْتَفِع حَتَّى يَبْلُغ أَنْفه وَمَا مَسَّهُ الْحِسَاب ! فَقَالُوا : مِمَّ ذَاكَ يَا أَبَا عَبْد الرَّحْمَن ؟ قَالَ : مِمَّا يَرَى النَّاس وَيَلْقَوْنَ . )- حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ خَيْثَمَة , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه : (الْأَرْض كُلّهَا يَوْم الْقِيَامَة نَار , وَالْجَنَّة مِنْ وَرَائِهَا تُرَى كَوَاعِبهَا وَأَكْوَابهَا , وَيُلَجِّم النَّاس الْعَرَق , أَوْ يَبْلُغ مِنْهُمْ الْعِرْق , وَلَمْ يَبْلُغُوا الْحِسَاب . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ تُبَدَّل الْأَرْض أَرْضًا مِنْ فِضَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15841 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , قَالَ : سَمِعْت الْمُغِيرَة بْن مَالِك يُحَدِّث عَنْ الْمُجَاشِع - أَوْ الْمُجَاشِعِيّ , شَكَّ أَبُو مُوسَى - عَمَّنْ سَمِعَ عَلِيًّا يَقُول فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { يَوْم تُبَدَّل الْأَرْض غَيْر الْأَرْض } قَالَ : الْأَرْض مِنْ فِضَّة , وَالْجَنَّة مِنْ ذَهَب . )- حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ شُعْبَة , عَنْ الْمُغِيرَة بْن مَالِك , قَالَ : ثَنِي رَجُل مِنْ بَنِي مُجَاشِع , يُقَال لَهُ عَبْد الْكَرِيم - أَوْ اِبْن عَبْد الْكَرِيم - قَالَ : ثَنِي هَذَا الرَّجُل أَرَاهُ بِسَمَرْقَنْد , أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب قَرَأَ هَذِهِ الْآيَة : ( { يَوْم تُبَدَّل الْأَرْض غَيْر الْأَرْض } قَالَ : الْأَرْض مِنْ فِضَّة , وَالْجَنَّة مِنْ ذَهَب . )- حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ شُعْبَة , عَنْ مُغِيرَة بْن مَالِك , عَنْ رَجُل مِنْ بَنِي مُجَاشِع , يُقَال لَهُ عَبْد الْكَرِيم - أَوْ يُكَنَّى أَبَا عَبْد الْكَرِيم - قَالَ : أَقَامَنِي عَلَى رَجُل بِخُرَاسَان , فَقَالَ : حَدَّثَنِي هَذَا أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب , فَذَكَرَ نَحْوه . 15842 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { يَوْم تُبَدَّل الْأَرْض غَيْر الْأَرْض } الْآيَة , فَزَعَمَ أَنَّهَا تَكُون فِضَّة . 15843 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي اِبْن لَهِيعَة , عَنْ يَزِيد بْن أَبِي حَبِيب , عَنْ سِنَان بْن سَعْد , عَنْ أَنَس بْن مَالِك قَالَ : (يُبَدِّلهَا اللَّه يَوْم الْقِيَامَة بِأَرْضٍ مِنْ فِضَّة. )وَقَالَ آخَرُونَ : يُبَدِّلهَا خُبْزَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15844 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو سَعِيد بْن دَلّ مِنْ صَغَانِيَان , قَالَ : ثَنَا الْجَارُود بْن مُعَاذ التِّرْمِذِيّ , قَالَ : ثَنَا وَكِيع بْن الْجَرَّاح , عَنْ عُمَر بْن بِشْر الْهَمْدَانِيّ , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْله : ( { يَوْم تُبَدَّل الْأَرْض غَيْر الْأَرْض } قَالَ : تُبَدَّل خُبْزَة بَيْضَاء يَأْكُل الْمُؤْمِن مِنْ تَحْت قَدَمَيْهِ. )15845 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ أَبَى مَعْشَر , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , أَوْ عَنْ مُحَمَّد بْن قَيْس : ( { يَوْم تُبَدَّل الْأَرْض غَيْر الْأَرْض } قَالَ : خُبْزَة يَأْكُل مِنْهَا الْمُؤْمِنُونَ مِنْ تَحْت أَقْدَامهمْ. )وَقَالَ آخَرُونَ : تُبَدَّل الْأَرْض غَيْر الْأَرْض . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15846 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثَنَا حَجَّاج بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا أَبُو جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس , عَنْ كَعْب فِي قَوْله : ( { يَوْم تُبَدَّل الْأَرْض غَيْر الْأَرْض وَالسَّمَاوَات } قَالَ : تَصِير السَّمَاوَات جِنَانًا وَيَصِير مَكَان الْبَحْر النَّار . قَالَ : وَتُبَدَّل الْأَرْض غَيْرهَا . )15847 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد الْمُحَارِبِيّ , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَافِع الْعَدَنِيّ , عَنْ يَزِيد , عَنْ رَجُل مِنْ الْأَنْصَار , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , عَنْ رَجُل مِنْ الْأَنْصَار , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يُبَدِّل اللَّه الْأَرْض غَيْر الْأَرْض وَالسَّمَاوَات , فَيَبْسُطهَا وَيَسْطَحهَا وَيَمُدّهَا مَدّ الْأَدِيم الْعُكَاظِيّ , لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا , ثُمَّ يَزْجُر اللَّه الْخَلْق زَجْرَة , فَإِذَا هُمْ فِي هَذِهِ الْمُبَدَّلَة فِي مِثْل مَوَاضِعهمْ مِنْ الْأُولَى , مَا كَانَ فِي بَطْنهَا فَفِي بَطْنهَا وَمَا كَانَ عَلَى ظَهْرهَا كَانَ عَلَى ظَهْرهَا , وَذَلِكَ حِين يَطْوِي السَّمَاوَات كَطَيِّ السِّجِلّ لِلْكِتَابِ , ثُمَّ يَدْحُو بِهِمَا , ثُمَّ تُبَدَّل الْأَرْض غَيْر الْأَرْض وَالسَّمَاوَات |. )15848 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا الْحَكَم بْن بَشِير , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن قَيْس , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ عَمْرو بْن مَيْمُون الْأَوْدِيّ , قَالَ : (يُجْمَع النَّاس يَوْم الْقِيَامَة فِي أَرْض بَيْضَاء , لَمْ يُعْمَل فِيهَا خَطِيئَة مِقْدَار أَرْبَعِينَ سَنَة يُلَجِّمهُمْ الْعَرَق. )وَقَالَتْ عَائِشَة فِي ذَلِكَ , مَا : 15849 - حَدَّثَنَا اِبْن أَبِي الشَّوَارِب وَحُمَيْد بْن مَسْعَدَة وَابْن بَزِيع , قَالُوا : ثَنَا يَزِيد بْن زُرَيْع , عَنْ دَاوُد , عَنْ عَامِر , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : قُلْت : يَا رَسُول اللَّه , (إِذَا بُدِّلَتْ الْأَرْض غَيْر الْأَرْض , وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِد الْقَهَّار , أَيْنَ النَّاس يَوْمئِذٍ قَالَ : | عَلَى الصِّرَاط . )- حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة وَابْن بَزِيع , قَالَ : ثَنَا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثَنَا دَاوُد , عَنْ عَامِر , عَنْ عَائِشَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوه . 15850 - حَدَّثَنِي إِسْحَاق بْن شَاهِين , قَالَ : ثَنَا خَالِد , عَنْ دَاوُد , عَنْ عَامِر , عَنْ مَسْرُوق , قَالَ : قُلْت لِعَائِشَة : (يَا أُمّ الْمُؤْمِنِينَ أَرَأَيْت قَوْل اللَّه : { يَوْم تُبَدَّل الْأَرْض غَيْر الْأَرْض وَالسَّمَاوَات وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِد الْقَهَّار } أَيْنَ النَّاس يَوْمئِذٍ ؟ فَقَالَتْ : سَأَلْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ , فَقَالَ : | عَلَى الصِّرَاط . )- حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن بْن عَنْبَسَة الْوَرَّاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحِيم , يَعْنِي اِبْن سُلَيْمَان الرَّازِيّ عَنْ دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ عَامِر , عَنْ مَسْرُوق , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : (سَأَلْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , عَنْ قَوْل اللَّه : { يَوْم تُبَدَّل الْأَرْض غَيْر الْأَرْض } قُلْت : يَا رَسُول اللَّه , إِذَا بُدِّلَتْ الْأَرْض غَيْر الْأَرْض , أَيْنَ يَكُون النَّاس ؟ قَالَ : | عَلَى الصِّرَاط . )- حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا عَاصِم بْن عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا إِسْمَاعِيل بْن زَكَرِيَّا , عَنْ دَاوُد , عَنْ عَامِر , عَنْ مَسْرُوق , عَنْ عَائِشَة بِنَحْوِهِ . - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا دَاوُد , عَنْ عَامِر , عَنْ عَائِشَة أُمّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ (: | أَنَا أَوَّل النَّاس سَأَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الْآيَة | ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه . )- حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا رِبْعِيّ بْن إِبْرَاهِيم الْأَسَدِيّ أَخُو إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم , عَنْ دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ عَامِر , قَالَ : قَالَتْ عَائِشَة : (يَا رَسُول اللَّه , أَرَأَيْت إِذَا بُدِّلَتْ الْأَرْض غَيْر الْأَرْض , أَيْنَ النَّاس يَوْمئِذٍ ؟ قَالَ : | عَلَى الصِّرَاط . )15851 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا عَلِيّ بْن الْجَعْد , قَالَ : أَخْبَرَنِي الْقَاسِم , قَالَ : سَمِعْت الْحَسَن , قَالَ : قَالَتْ عَائِشَة : (يَا رَسُول اللَّه { يَوْم تُبَدَّل الْأَرْض غَيْر الْأَرْض } فَأَيْنَ النَّاس يَوْمئِذٍ ؟ قَالَ : | إِنَّ هَذَا الشَّيْء مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَد | , قَالَ : | عَلَى الصِّرَاط يَا عَائِشَة . )- حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنِي الْوَلِيد , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ حَسَّان بْن بِلَال الْمُزَنِيّ , عَنْ عَائِشَة : (أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , عَنْ قَوْل اللَّه : { يَوْم تُبَدَّل الْأَرْض غَيْر الْأَرْض وَالسَّمَاوَات } قَالَ : قَالَتْ : يَا رَسُول اللَّه , فَأَيْنَ النَّاس يَوْمئِذٍ ؟ قَالَ : | لَقَدْ سَأَلْتنِي عَنْ شَيْء مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَد مِنْ أُمَّتِي , ذَاكَ إِذَا النَّاس عَلَى جِسْر جَهَنَّم . )- حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { يَوْم تُبَدَّل الْأَرْض غَيْر الْأَرْض وَالسَّمَاوَات } ذُكِرَ لَنَا أَنَّ عَائِشَة قَالَتْ : يَا رَسُول اللَّه : فَأَيْنَ النَّاس يَوْمئِذٍ ؟ فَقَالَ : | لَقَدْ سَأَلْت عَنْ شَيْء مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَد مِنْ أُمَّتِي قَبْلك | . قَالَ : | هُمْ يَوْمئِذٍ عَلَى جِسْر جَهَنَّم . )- حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , أَنَّ عَائِشَة (سَأَلَتْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَذَكَرَ نَحْوه , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : | عَلَى الصِّرَاط . )15852 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير , عَنْ أَسْمَاء , عَنْ ثَوْبَان , قَالَ : (سَأَلَ حَبْر مِنْ الْيَهُود رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : أَيْنَ النَّاس يَوْم تُبَدَّل الْأَرْض غَيْر الْأَرْض ؟ قَالَ : | هُمْ فِي الظُّلْمَة دُون الْجِسْر . )- حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَوْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو الْمُغِيرَة , قَالَ : ثَنَا اِبْن أَبِي مَرْيَم , قَالَ : ثَنَا سَعِيد بْن ثَوْبَان الْكُلَاعِيّ , عَنْ أَبِي أَيُّوب الْأَنْصَارِيّ , قَالَ : (أَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَبْر مِنْ الْيَهُود , وَقَالَ : أَرَأَيْت إِذْ يَقُول اللَّه فِي كِتَابه : { يَوْم تُبَدَّل الْأَرْض غَيْر الْأَرْض وَالسَّمَاوَات } فَأَيْنَ الْخَلْق عِنْد ذَلِكَ ؟ قَالَ : | أَضْيَاف اللَّه فَلَنْ يُعْجِزهُمْ مَا لَدَيْهِ . )وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ , قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : يَوْم تُبَدَّل الْأَرْض الَّتِي نَحْنُ عَلَيْهَا الْيَوْم يَوْم الْقِيَامَة غَيْرهَا , وَكَذَلِكَ السَّمَاوَات الْيَوْم تُبَدَّل غَيْرهَا , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ . وَجَائِز أَنْ تَكُون الْمُبَدَّلَة أَرْضًا أُخْرَى مِنْ فِضَّة , وَجَائِز أَنْ تَكُون نَارًا وَجَائِز أَنْ تَكُون خُبْزًا , وَجَائِز أَنْ تَكُون غَيْر ذَلِكَ , وَلَا خَبَر فِي ذَلِكَ عِنْدنَا مِنْ الْوَجْه الَّذِي يَجِب التَّسْلِيم لَهُ أَيّ ذَلِكَ يَكُون , فَلَا قَوْل فِي ذَلِكَ يَصِحّ إِلَّا مَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِر التَّنْزِيل . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْله : { وَالسَّمَاوَات } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15853 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : ( { يَوْم تُبَدَّل الْأَرْض غَيْر الْأَرْض } قَالَ : أَرْضًا كَأَنَّهَا الْفِضَّة { وَالسَّمَاوَات } كَذَلِكَ أَيْضًا .)|وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ|وَقَوْله : { وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِد الْقَهَّار } يَقُول : وَظَهَرُوا لِلَّهِ الْمُنْفَرِد بِالرُّبُوبِيَّةِ , الَّذِي يَقْهَر كُلّ شَيْء فَيَغْلِبهُ وَيَصْرِفهُ لِمَا يَشَاء كَيْفَ يَشَاء , فَيُحْيِي خَلْقه إِذَا شَاءَ , وَيُمِيتهُمْ إِذَا شَاءَ , لَا يَغْلِبهُ شَيْء , وَلَا يَقْهَرهُ مِنْ قُبُورهمْ أَحْيَاء لِمَوْقِفِ الْقِيَامَة.
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَاد } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَتُعَايِن الَّذِينَ كَفَرُوا بِاَللَّهِ , فَاجْتَرَمُوا فِي الدُّنْيَا الشِّرْك يَوْمئِذٍ , يَعْنِي : يَوْم تُبَدَّل الْأَرْض غَيْر الْأَرْض وَالسَّمَاوَات . { مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَاد } يَقُول : مُقَرَّنَة أَيْدِيهمْ وَأَرْجُلهمْ إِلَى رِقَابهمْ بِالْأَصْفَادِ , وَهِيَ الْوَثَاق مِنْ غُلّ وَسِلْسِلَة , وَاحِدهَا : صَفَد , يُقَال مِنْهُ : صَفَدْته فِي الصَّفَد صَفْدًا وَصِفَادًا , وَالصِّفَاد : الْقَيْد , وَمِنْهُ قَوْل عَمْرو بْن كُلْثُوم . <br>فَآبُوا بِالنِّهَابِ وَبِالسَّبَايَا .......... وَأُبْنَا بِالْمُلُوكِ مُصَفَّدِينَا <br>وَمَنْ جَعَلَ الْوَاحِد مِنْ ذَلِكَ صِفَادًا جَمَعَهُ : صُفُدًا لَا أَصْفَادًا . وَأَمَّا مِنْ الْعَطَاء , فَإِنَّهُ يُقَال مِنْهُ : أَصْفَدْته إِصْفَادًا , كَمَا قَالَ الْأَعْشَى : <br>تَضَيَّفْتُهُ يَوْمًا فَأَكْرَمَ مَجْلِسِي .......... وَأَصْفَدَنِي عِنْد الزَّمَانَة قَائِدَا <br>وَقَدْ قِيلَ فِي الْعَطَاء أَيْضًا : صَفَدَنِي صَفْدًا , كَمَا قَالَ النَّابِغَة الذُّبْيَانِيّ : <br>هَذَا الثَّنَاء فَإِنْ تَسْمَع لِقَائِلِهِ .......... فَمَا عَرَضْت أَبَيْت اللَّعْن بِالصَّفَدِ <br>وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْله : { مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَاد } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15854 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنِي عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَاد } يَقُول : فِي وَثَاق . )15855 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عِيسَى الدَّامَغَانِيّ , قَالَ : ثَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : (الْأَصْفَاد : السَّلَاسِل )15856 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَاد } قَالَ : مُقَرَّنِينَ فِي الْقُيُود وَالْأَغْلَال . )15857 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا عَلِيّ بْن هَاشِم بْن الْبَرِيد , قَالَ : سَمِعْت الْأَعْمَش , يَقُول : (الصَّفَد : الْقَيْد. )15858 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَاد } قَالَ : صُفِّدَتْ فِيهَا أَيْدِيهمْ وَأَرْجُلهمْ وَرِقَابهمْ , وَالْأَصْفَاد : الْأَغْلَال .)
وَقَوْله : { سَرَابِيلهمْ } يَقُول : قُمُصُهُمْ الَّتِي يَلْبَسُونَهَا , وَاحِدهَا : سِرْبَال , كَمَا قَالَ اِمْرُؤُ الْقَيْس : <br>لَعُوب تُنَسِّينِي إِذَا قُمْت سِرْبَالِي <br>15859 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { سَرَابِيلهمْ مِنْ قَطِرَان } قَالَ : السَّرَابِيل : الْقُمُص .)|مِنْ قَطِرَانٍ|وَقَوْله : { مِنْ قَطِرَان } : يَقُول : مِنْ الْقَطِرَان الَّذِي يُهَنَّأ بِهِ الْإِبِل , وَفِيهِ لُغَات ثَلَاث : يُقَال : قَطِرَان وَقَطْرَان بِفَتْحِ الْقَاف وَتَسْكِين الطَّاء مِنْهُ . وَقِيلَ : إِنَّ عِيسَى بْن عُمَر كَانَ يَقْرَأ : { مِنْ قِطْرَان } بِكَسْرِ الْقَاف وَتَسْكِين الطَّاء ; وَمِنْهُ قَوْل أَبِي النَّجْم . <br>جَوْن كَأَنَّ الْعَرَق الْمَنْتُوحَا .......... لَبَّسَهُ الْقِطْرَان وَالْمُسُوحَا <br>بِكَسْرِ الْقَاف , وَقَالَ أَيْضًا : <br>كَأَنَّ قِطْرَانًا إِذَا تَلَاهَا .......... تَرْمِي بِهِ الرِّيح إِلَى مَجْرَاهَا <br>بِالْكَسْرِ . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَاهُ فِي ذَلِكَ يَقُول مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ كَذَلِكَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15860 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْوَهَّاب , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن : ( { مِنْ قَطِرَان } يَعْنِي : الْخَضْخَاض هِنَاء الْإِبِل . )* حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن : ( { مِنْ قَطِرَان } قَالَ : قَطِرَان الْإِبِل . )وَقَالَ بَعْضهمْ : الْقَطِرَان : النُّحَاس . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15861 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : قَطِرَان : نُحَاس , قَالَ اِبْن جُرَيْج : قَالَ اِبْن عَبَّاس : ( { مِنْ قَطِرَان } : نُحَاس. )15862 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { مِنْ قَطِرَان } قَالَ : هِيَ نُحَاس . )وَبِهَذِهِ الْقِرَاءَة : أَعْنِي بِفَتْحِ الْقَاف وَكَسْر الطَّاء وَتَصْيِير ذَلِكَ كُلّه كَلِمَة وَاحِدَة , قَرَأَ ذَلِكَ جَمِيع قُرَّاء الْأَمْصَار , وَبِهَا نَقْرَأ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهِ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْض الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ ذَلِكَ : | مِنْ قَطْر آنٍ | بِفَتْحِ الْقَاف وَتَسْكِين الطَّاء وَتَنْوِين الرَّاء وَتَصْيِير | آنٍ | مِنْ نَعْته , وَتَوْجِيه مَعْنَى | الْقَطْر | إِلَى أَنَّهُ النُّحَاس وَمَعْنَى | الْآن | إِلَى أَنَّهُ الَّذِي قَدْ اِنْتَهَى حَرّه فِي الشِّدَّة . وَمِمَّنْ كَانَ يَقْرَأ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِيمَا ذُكِرَ لَنَا عِكْرِمَة مَوْلَى اِبْن عَبَّاس . 15863 - حَدَّثَنِي بِذَلِكَ أَحْمَد بْن يُوسُف , قَالَ : ثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن عَنْهُ. ذِكْر مَنْ تَأَوَّلَ ذَلِكَ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَة التَّأْوِيل الَّذِي ذَكَرْت فِيهِ : 15864 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَعْقُوب , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد , فِي قَوْله : ( سَرَابِيلهمْ مِنْ قَطْر آنٍ | قَالَ : قَطْر , وَالْآن : الَّذِي قَدْ اِنْتَهَى حَرّه . )* حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا دَاوُد بْن مِهْرَان , عَنْ يَعْقُوب , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر نَحْوه . * حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا هِشَام , قَالَ : ثَنَا يَعْقُوب الْقُمِّيّ , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد , بِنَحْوِهِ . 15865 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حَمَّاد , قَالَ : ثَنَا يَعْقُوب الْقُمِّيّ , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ : ( سَرَابِيلهمْ مِنْ قَطْر آنٍ . )15866 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا عَفَّان , قَالَ : ثَنَا الْمُبَارَك بْن فَضَالَة , قَالَ : سَمِعْت الْحَسَن يَقُول : (كَانَتْ الْعَرَب تَقُول لِلشَّيْءِ إِذَا اِنْتَهَى حَرّه : قَدْ أَنَى حَرّ هَذَا , قَدْ أُوقِدَتْ عَلَيْهِ جَهَنَّم مُنْذُ خُلِقَتْ فَأَنَى حَرّهَا . )15867 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعِيد , قَالَ : ثَنَا أَبُو جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس فِي قَوْله : ( سَرَابِيلهمْ مِنْ قَطْر آنٍ | قَالَ : الْقَطْر : النُّحَاس , وَالْآن : يَقُول : قَدْ أَنَى حَرّه , وَذَلِكَ أَنَّهُ يَقُول : حَمِيم آن . )15868 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا عَفَّان بْن مُسْلِم , قَالَ : ثَنَا ثَابِت بْن يَزِيد , قَالَ : ثَنَا هِلَال بْن خَبَّاب , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي هَذِهِ الْآيَة : ( سَرَابِيلهمْ مِنْ قَطْر آنٍ | قَالَ : مِنْ نُحَاس , قَالَ : آنٍ أَنَى لَهُمْ أَنْ يُعَذَّبُوا بِهِ . )15869 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ حُصَيْن , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : ( مِنْ قَطْر آنٍ | قَالَ : الْآنِي : الَّذِي قَدْ اِنْتَهَى حَرّه. )15870 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( مِنْ قَطْر آنٍ | قَالَ : هُوَ النُّحَاس الْمُذَاب . )15871 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْوَهَّاب بْن عَطَاء , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( مِنْ قَطْر آنٍ | يَعْنِي : الصُّفْر الْمُذَاب . )15872 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ قَتَادَة : ( سَرَابِيلهمْ مِنْ قَطْر آنٍ | قَالَ : مِنْ نُحَاس. )- حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا هِشَام , قَالَ : ثَنَا أَبُو حَفْص , عَنْ هَارُون , عَنْ قَتَادَة أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ : ( مِنْ قَطْر آنٍ | قَالَ : مِنْ صُفْر قَدْ اِنْتَهَى حَرّه . )وَكَانَ الْحَسَن يَقْرَؤُهَا : | مِنْ قَطْر آنٍ | .|وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ|وَقَوْله : { وَتَغْشَى وُجُوههمْ النَّار } يَقُول : وَتَلْفَح وُجُوههمْ النَّار فَتُحْرِقهَا
{ لِيَجْزِيَ اللَّه كُلّ نَفْس مَا كَسَبَتْ } يَقُول : فَعَلَ اللَّه ذَلِكَ بِهِمْ جَزَاء لَهُمْ بِمَا كَسَبُوا مِنْ الْآثَام فِي الدُّنْيَا , كَيْمَا يُثِيب كُلّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ مِنْ خَيْر وَشَرّ , فَيَجْزِي الْمُحْسِن بِإِحْسَانِهِ , وَالْمُسِيء بِإِسَاءَتِهِ. { إِنَّ اللَّه سَرِيع الْحِسَاب } يَقُول : إِنَّ اللَّه عَالِم بِعَمَلِ كُلّ عَامِل , فَلَا يَحْتَاج فِي إِحْصَاء أَعْمَالهمْ إِلَى عَقْد كَفّ وَلَا مُعَانَاة , وَهُوَ سَرِيع حِسَابه لِأَعْمَالِهِمْ , قَدْ أَحَاطَ بِهَا عِلْمًا , لَا يَعْزُب عَنْهُ مِنْهَا شَيْء , وَهُوَ مُجَازِيهمْ عَلَى جَمِيع ذَلِكَ صَغِيره وَكَبِيره .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { هَذَا بَلَاغ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَه وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُولُوا الْأَلْبَاب } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَذَا الْقُرْآن بَلَاغ لِلنَّاسِ , أَبْلَغَ اللَّه بِهِ إِلَيْهِمْ فِي الْحُجَّة عَلَيْهِمْ , وَأَعْذَرَ إِلَيْهِمْ بِمَا أَنْزَلَ فِيهِ مِنْ مَوَاعِظه وَعِبَره . { وَلِيُنْذَرُوا بِهِ } يَقُول : وَلِيُنْذَرُوا عِقَاب اللَّه , وَيَحْذَرُوا بِهِ نَقَمَاته , أَنْزَلَهُ إِلَى نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . { وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَه وَاحِد } يَقُول : وَلِيَعْلَمُوا بِمَا اِحْتَجَّ بِهِ عَلَيْهِمْ مِنْ الْحُجَج فِيهِ أَنَّمَا هُوَ إِلَه وَاحِد , لَا آلِهَة شَتَّى , كَمَا يَقُولهُ الْمُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ , وَأَنْ لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الْأَرْض , الَّذِي سَخَّرَ لَهُمْ الشَّمْس وَالْقَمَر وَاللَّيْل وَالنَّهَار وَأَنْزَلَ مِنْ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنْ الثَّمَرَات رِزْقًا لَهُمْ , وَسَخَّرَ لَهُمْ الْفُلْك لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْر بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَهُمْ الْأَنْهَار. { وَلِيَذَّكَّر أُولُوا الْأَلْبَاب } يَقُول : وَلِيَتَذَكَّر فَيَتَّعِظ بِمَا اِحْتَجَّ اللَّه بِهِ عَلَيْهِ مِنْ حُجَجه الَّتِي فِي هَذَا الْقُرْآن , فَيَنْزَجِر عَنْ أَنْ يَجْعَل مَعَهُ إِلَهًا غَيْره , وَيُشْرِك فِي عِبَادَته شَيْئًا سِوَاهُ أَهْل الْحِجَى وَالْعُقُول , فَإِنَّهُمْ أَهْل الِاعْتِبَار وَالِادِّكَار , دُون الَّذِينَ لَا عُقُول لَهُمْ وَلَا أَفْهَام , فَإِنَّهُمْ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلّ سَبِيلًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15873 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { هَذَا بَلَاغ لِلنَّاسِ } قَالَ : الْقُرْآن . { وَلِيُنْذَرُوا بِهِ } : قَالَ : بِالْقُرْآنِ . { وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَه وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُولُوا الْأَلْبَاب } )آخِر تَفْسِير سُورَة إِبْرَاهِيم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالْحَمْد لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ.