{ فَكَيْف كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ : فَانْظُرُوا يَا مَعْشَر كُفَّار قُرَيْش , كَيْفَ كَانَ عَذَابِي قَوْمَ عَاد , إِذْ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ , وَكَذَّبُوا رَسُوله , فَإِنَّ ذَلِكَ سُنَّة اللَّه فِي أَمْثَالهمْ , وَكَيْفَ كَانَ إِنْذَارِي بِهِمْ مَنْ أَنْذَرْت .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآن لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِر } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَلَقَدْ سَهَّلْنَا الْقُرْآنَ وَهَوَّنَّاهُ لِمَنْ أَرَادَ التَّذَكُّر بِهِ وَالِاتِّعَاظ { فَهَلْ مِنْ مُدَّكِر } يَقُول : فَهَلْ مِنْ مُتَّعِظ وَمُنْزَجِر بِآيَاتِهِ .
وَقَوْله : { كَذَّبَتْ ثَمُود بِالنُّذُرِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ : كَذَّبَتْ ثَمُود قَوْم صَالِح بِنُذُرِ اللَّه الَّتِي أَتَتْهُمْ مِنْ عِنْده , فَقَالُوا تَكْذِيبًا مِنْهُمْ لِصَالِحٍ رَسُول رَبّهمْ : أَبَشَرًا مِنَّا نَتَّبِعُهُ نَحْنُ الْجَمَاعَة الْكَبِيرَة , وَهُوَ وَاحِد ؟ .
وَقَوْله : { إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَال وَسُعُر } يَقُول : قَالُوا : إِنَّا إِذًا بِاتِّبَاعِنَا صَالِحًا إِنْ اتَّبَعْنَاهُ وَهُوَ بَشَر مِنَّا وَاحِد لَفِي ضَلَال : يَعْنُونَ : لَفِي ذَهَاب عَنْ الصَّوَاب وَأَخْذ عَلَى غَيْر اسْتِقَامَة وَسُعُر : يَعْنُونَ بِالسُّعُرِ : جَمْع سَعِير . وَكَانَ قَتَادَة يَقُول : عَنَى بِالسُّعُرِ : الْعَنَاء . 25374 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَال وَسُعُر } : فِي عَنَاء وَعَذَاب . )* حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَال وَسُعُر } قَالَ : ضَلَال وَعَنَاء .)
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَأُلْقِيَ الذِّكْر عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ مُخْبِرًا عَنْ قِيلِ مُكَذِّبِي رَسُولِهِ صَالِحٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْمه ثَمُود : أَأُلْقِيَ عَلَيْهِ الذِّكْر مِنْ بَيْنِنَا , يَعْنُونَ بِذَلِكَ : أَنَزَلَ الْوَحْي وَخُصَّ بِالنُّبُوَّةِ مِنْ بَيْنِنَا وَهُوَ وَاحِد مِنَّا , إِنْكَارًا مِنْهُمْ أَنْ يَكُون اللَّه يُرْسِل رَسُولًا مِنْ بَنِي آدَم .|بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ|وَقَوْله : { بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ } يَقُول : قَالُوا : مَا ذَلِكَ كَذَلِكَ , بَلْ هُوَ كَذَّاب أَشِر , يَعْنُونَ بِالْأَشِرِ : الْمَرِح ذَا التَّجَبُّر وَالْكِبْرِيَاء , وَالْمَرَح مِنَ النَّشَاط . وَقَدْ : 25375 - حَدَّثَنِي الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد الْقُرَشِيّ , قَالَ : قُلْت لِعَبْدِ الرَّحْمَن بْن أَبِي حَمَّاد : (مَا الْكَذَّاب الْأَشِر ؟ قَالَ : الَّذِي لَا يُبَالِي مَا قَالَ , وَبِكَسْرِ الشِّين مِنَ الْأَشَرِ وَتَخْفِيف الرَّاء قَرَأَتْ قُرَّاء الْأَمْصَار , وَذُكِرَ عَنْ مُجَاهِد أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأهُ : | كَذَّاب أَشُرٌ | بِضَمِّ الشِّين وَتَخْفِيف الرَّاء , وَذَلِكَ فِي الْكَلَام نَظِير الْحَذِر وَالْحَذُر وَالْعَجِل وَالْعَجُل. )وَالصَّوَاب مِنَ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا مَا عَلَيْهِ قُرَّاء الْأَمْصَار ; لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهِ .
وَقَوْله : { سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّاب الْأَشِر } يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ : قَالَ اللَّه لَهُمْ : سَتَعْلَمُونَ غَدًا فِي الْقِيَامَة مَنْ الْكَذَّاب الْأَشِر مِنْكُمْ مَعْشَر ثَمُود , وَمِنْ رَسُولِنَا صَالِح حِين تُرَدُّونَ عَلَى رَبّكُمْ , وَهَذَا التَّأْوِيل تَأْوِيل مَنْ قَرَأَهُ | سَتَعْلَمُونَ | بِالتَّاءِ , وَهِيَ قِرَاءَة عَامَّة أَهْل الْكُوفَة سِوَى عَاصِم وَالْكِسَائِيّ . أَمَّا تَأْوِيل ذَلِكَ عَلَى قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ بِالْيَاءِ , وَهِيَ قِرَاءَة عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَعَاصِم وَالْكِسَائِيّ , فَإِنَّهُ قَالَ اللَّه : { سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّاب الْأَشِر } وَتُرِكَ مِنَ الْكَلَام ذِكْر قَالَ اللَّه , اسْتِغْنَاءً بِدَلَالَةِ الْكَلَام عَلَيْهِ. وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ , قَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا عُلَمَاء مِنَ الْقُرَّاء , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب ; لِتَقَارُبِ مَعْنَيَيْهِمَا , وَصِحَّتهمَا فِي الْإِعْرَاب وَالتَّأْوِيل .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَة } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ : إِنَّا بَاعِثُو النَّاقَة الَّتِي سَأَلَتْهَا ثَمُود صَالِحًا مِنَ الْهَضْبَة الَّتِي سَأَلُوهُ بَعْثَتَهَا مِنْهَا آيَةً لَهُمْ , وَحُجَّة لِصَالِحٍ عَلَى حَقِيقَة نُبُوَّته وَصِدْق قَوْله.|فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ|وَقَوْله : { فِتْنَة لَهُمْ } يَقُول : ابْتِلَاء لَهُمْ وَاخْتِبَارًا , هَلْ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَيَتَّبِعُونَ صَالِحًا وَيُصَدِّقُونَهُ بِمَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ مِنْ تَوْحِيد اللَّه إِذَا أَرْسَلَ النَّاقَة , أَمْ يُكَذِّبُونَهُ وَيَكْفُرُونَ بِاللَّهِ ؟ وَقَوْله : { فَارْتَقِبْهُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ لِصَالِحٍ : إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَة فِتْنَة لَهُمْ فَانْتَظِرْهُمْ , وَتَبَصَّرْ مَا هُمْ صَانِعُوهُ بِهَا { وَاصْطَبِرْ } وَأَصْل الطَّاء تَاء , فَجُعِلَتْ طَاء , وَإِنَّمَا هُوَ افْتَعِلْ مِنَ الصَّبْر .
وَقَوْله : { وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاء قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ : نَبِّئْهُمْ : أَخْبِرْهُمْ أَنَّ الْمَاء قِسْمَة بَيْنهمْ , يَوْم غَبّ النَّاقَة , وَذَلِكَ أَنَّهَا كَانَتْ تَرِدُ الْمَاء يَوْمًا , وَتَغِبّ يَوْمًا , فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِصَالِحٍ : أَخْبِرْ قَوْمك مِنْ ثَمُود أَنَّ الْمَاء يَوْمَ غَبّ النَّاقَة قِسْمَة بَيْنهمْ , فَكَانُوا يَقْتَسِمُونَ ذَلِكَ يَوْم غِبِّهَا , فَيَشْرَبُونَ مِنْهُ ذَلِكَ الْيَوْم , وَيَتَزَوَّدُونَ فِيهِ مِنْهُ لِيَوْمِ وُرُودِهَا. وَقَدْ وَجَّهَ تَأْوِيلَ ذَلِكَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْمَاء قِسْمَة بَيْنهمْ وَبَيْن النَّاقَة يَوْمًا لَهُمْ وَيَوْمًا لَهَا , وَأَنَّهُ إِنَّمَا قِيلَ بَيْنهمْ , وَالْمَعْنَى : مَا ذَكَرْت عِنْدَهُمْ ; لِأَنَّ الْعَرَب إِذَا أَرَادَتِ الْخَبَر عَنْ فِعْل جَمَاعَة بَنِي آدَم مُخْتَلِطًا بِهِمُ الْبَهَائِم , جَعَلُوا الْفِعْل خَارِجًا مَخْرَج فِعْل جَمَاعَة بَنِي آدَم ; لِتَغْلِيبِهِمْ فِعْل بَنِي آدَم عَلَى فِعْل الْبَهَائِم .|كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ|وَقَوْله : { كُلّ شِرْب مُحْتَضَر } يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ : كُلّ شِرْب مِنْ مَاء يَوْم غِبّ النَّاقَة , وَمِنْ لَبَن يَوْم وُرُودهَا مُحْتَضَر يَحْتَضِرُونَهُ . كَمَا : 25376 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { كُلّ شِرْب مُحْتَضَر } قَالَ : يَحْضُرُونَ بِهِمُ الْمَاء إِذَا غَابَتْ , وَاذَا جَاءَتْ حَضَرُوا اللَّبَن . * حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { كُلّ شِرْب مُحْتَضَر } قَالَ : يَحْضُرُونَ بِهِمْ الْمَاء إِذَا غَابَتْ , وَإِذَا جَاءَتْ حَضَرُوا اللَّبَن .)
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ : فَنَادَتْ ثَمُود صَاحِبَهُمْ عَاقِرَ النَّاقَة قِدَار بْن سَالِف لِيَعْقِرَ النَّاقَة حَضًّا مِنْهُمْ لَهُ عَلَى ذَلِكَ .|فَتَعَاطَى فَعَقَرَ|وَقَوْله : { فَتَعَاطَى فَعَقَرَ } يَقُول : فَتَنَاوَلَ النَّاقَة بِيَدِهِ فَعَقَرَهَا .
وَقَوْله : { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِقُرَيْشٍ : فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي إِيَّاهُمْ مَعْشَرَ قُرَيْش حِين عَذَّبْتهمْ أَلَمْ أُهْلِكْهُمْ بِالرَّجْفَةِ . وَنُذُرِ : يَقُول : فَكَيْفَ كَانَ إِنْذَارِي مَنْ أَنْذَرْت مِنْ الْأُمَم بَعْدهمْ بِمَا فَعَلْت بِهِمْ وَأَحْلَلْت بِهِمْ مِنَ الْعُقُوبَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25377 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { فَتَعَاطَى فَعَقَرَ } قَالَ : تَنَاوَلَهَا بِيَدِهِ { فَكَيْف كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ } قَالَ : يُقَال : إِنَّهُ وَلَد زَنْيَة فَهُوَ مِنَ التِّسْعَة الَّذِينَ كَانُوا يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض , وَلَا يُصْلِحُونَ , وَهُمْ الَّذِينَ قَالُوا لِصَالِحٍ { لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ } [27 49 ], وَلَنَقْتُلَنَّهُم .)
وَقَوْله : { إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَة وَاحِدَة } وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى أَمْر الصَّيْحَة , وَكَيْفَ أَتَتْهُمْ , وَذَكَرْنَا مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْآثَار , فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع .|فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ|وَقَوْله : { فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِر } يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ فَكَانُوا بِهَلَاكِهِمْ بِالصَّيْحَةِ بَعْد نَضَارَتِهِمْ أَحْيَاء , وَحُسْنهمْ قَبْل بَوَارهمْ كَيُبْسِ الشَّجَر الَّذِي حَظَرْته بِحَظِير حَظَرْته بَعْد حُسْن نَبَاته , وَخُضْرَة وَرَقِهِ قَبْل يُبْسِهِ . وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنِيّ بِقَوْلِهِ : { كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِر } فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى بِذَلِكَ : الْعِظَام الْمُحْتَرِقَة , وَكَأَنَّهُمْ وَجَّهُوا مَعْنَاهُ إِلَى أَنَّهُ مِثْل هَؤُلَاءِ الْقَوْم بَعْد هَلَاكهمْ وَبَلَائِهِمْ بِالشَّيْءِ الَّذِي أَحْرَقَهُ مُحْرِق فِي حَظِيرَتِهِ . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 255378 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَان بْن عَبْد الْجَبَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن الصَّلْت , قَالَ ثنا أَبُو كُدَيْنَة , قَالَ : ثنا قَابُوس , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس ( { كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِر } قَالَ : كَالْعِظَامِ الْمُحْتَرِقَة . )25379 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِر } قَالَ : الْمُحْتَرِق , وَلَا بَيَان عِنْدنَا فِي هَذَا الْخَبَر عَنِ ابْن عَبَّاس , كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَتُهُ ذَلِكَ , إِلَّا أَنَّا وَجَّهْنَا مَعْنَى قَوْله هَذَا عَلَى النَّحْو الَّذِي جَاءَنَا مِنْ تَأْوِيله قَوْله : { كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِر } إِلَى أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ ذَلِكَ كَنَحْوِ قِرَاءَة الْأَمْصَار , وَقَدْ يَحْتَمِل تَأْوِيله ذَلِكَ كَذَلِكَ أَنْ يَكُون قِرَاءَتُهُ كَانَتْ بِفَتْحِ الظَّاء مِنْ الْمُحْتَظَر , عَلَى أَنَّ الْمُحْتَظَر نَعْت لِلْهَشِيمِ , أُضِيفَ إِلَى نَعْتِهِ , كَمَا قِيلَ : { إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ } [56 95 ]قَدْ ذُكِرَ عَنِ الْحَسَن وَقَتَادَة أَنَّهُمَا كَانَا يَقْرَآنِ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَيَتَأَوَّلَانِهِ هَذَا التَّأْوِيل الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنِ ابْن عَبَّاس . )25380 - حَدَّثَنِي عَبْد الْوَارِث بْن عَبْد الصَّمَد بْن عَبْد الْوَارِث , قَالَ : ثني أَبِي , عَنِ الْحَسَن , قَالَ : كَانَ قَتَادَة يَقْرَأ ( { كَهَشِيمِ الْمُحْتَظَر } يَقُول : الْمُحْتَرِق . )* حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { فَكَأَنَّهُ كَهَشِيمِ الْمُحْتَظَر } يَقُول : كَهَشِيمٍ مُحْتَرِق. )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِذَلِكَ التُّرَاب . الَّذِي يَتَنَاثَر مِنَ الْحَائِط . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25381 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ يَعْقُوب , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر ( { كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِر } قَالَ : التُّرَاب الَّذِي يَتَنَاثَر مِنَ الْحَائِط. )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ حَظِيرَة الرَّاعِي لِلْغَنَمِ . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25382 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق وَأَسْنَدَهُ , قَالَ ( { الْمُحْتَظِر } حَظِيرَة الرَّاعِي لِلْغَنَمِ. )25383 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِر } الْمُحْتَظِر : الْحَظِيرَة تُتَّخَذ لِلْغَنَمِ فَتَيْبَس , فَتَصِير كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِر , قَالَ : هُوَ الشَّوْك الَّذِي تَحْظُر بِهِ الْعَرَب حَوْل مَوَاشِيهَا مِنَ السِّبَاع وَالْهَشِيم : يَابِس الشَّجَر الَّذِي فِيهِ شَوْك ذَلِكَ الْهَشِيم . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِهِ هَشِيم الْخَيْمَة , وَهُوَ مَا تَكَسَّرَ مِنْ خَشَبِهَا. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25384 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِر } قَالَ : الرَّجُل يَهْشِمُ الْخَيْمَة. )* وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِر } الْهَشِيم : الْخَيْمَة . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ الْوَرَق الَّذِي يَتَنَاثَرُ مِنْ خَشَب الْحَطَب . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25385 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان ( { كَهَشِيمِ } قَالَ : الْهَشِيم : إِذَا ضَرَبْت الْحَظِيرَةَ بِالْعَصَا تَهَشَّمَ ذَاكَ الْوَرَق فَيَسْقُط , وَالْعَرَب تُسَمِّي كُلّ شَيْء كَانَ رَطْبًا فَيَبِسَ هَشِيمًا .)
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآن لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِر } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَلَقَدْ هَوَّنَّا الْقُرْآن بَيَّنَّاهُ لِلذِّكْرِ : يَقُول : لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَذَكَّر بِهِ فَيَتَّعِظ { فَهَلْ مِنْ مُدَّكِر } يَقُول : فَهَلْ مِنْ مُتَّعِظ بِهِ وَمُعْتَبِر فَيَعْتَبِر بِهِ , فَيَرْتَدِع عَمَّا يَكْرَهُهُ اللَّه مِنْهُ .
وَقَوْله : { كَذَّبَتْ قَوْم لُوط بِالنُّذُرِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : كَذَّبَتْ قَوْم لُوط بِآيَاتِ اللَّه الَّتِي أَنْذَرَهُمْ وَذَكَّرَهُمْ بِهَا .
وَقَوْله : { إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ : إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَة , وَقَوْله : { إِلَّا آلَ لُوط نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ } يَقُول : غَيْر آل لُوط الَّذِينَ صَدَّقُوهُ وَاتَّبَعُوهُ عَلَى دِينه فَإِنَّا نَجَّيْنَاهُمْ مِنْ الْعَذَاب الَّذِي عَذَّبْنَا بِهِ قَوْمَهُ الَّذِينَ كَذَّبُوهُ , وَالْحَاصِب الَّذِي حَصَبْنَاهُمْ بِهِ بِسَحَرٍ : بِنِعْمَةٍ مِنْ عِنْدِنَا : يَقُول : نِعْمَة أَنْعَمْنَاهَا عَلَى لُوط وَآله , وَكَرَامَة أَكْرَمْنَاهُمْ بِهَا مِنْ عِنْدنَا.
وَقَوْله : { كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ } يَقُول : وَكَمَا أَثَبْنَا لُوطًا وَآلَهُ , وَأَنْعَمْنَا عَلَيْهِ , فَأَنْجَيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابِنَا بِطَاعَتِهِمْ إِيَّانَا كَذَلِكَ نُثِيبُ مَنْ شَكَرَنَا عَلَى نِعْمَتِنَا عَلَيْهِ , فَأَطَاعَنَا وَانْتَهَى إِلَى أَمْرِنَا وَنَهْيِنَا مِنْ جَمِيع خَلْقنَا , وَأَجْرَى قَوْله بِسَحَرٍ ; لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ , وَإِذَا قَالُوا : فَعَلْت هَذَا سَحَرَ بِغَيْرِ بَاءٍ لَمْ يُجْرُوهُ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَلَقَدْ أَنْذَرَ لُوطٌ قَوْمَهُ بَطْشَتَنَا الَّتِي بَطَشْنَاهَا قَبْل ذَلِكَ { فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ } يَقُول : فَكَذَّبُوا بِإِنْذَارِهِ مَا أَنْذَرَهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَكًّا مِنْهُمْ فِيهِ . وَقَوْله : { فَتَمَارَوْا } تَفَاعَلُوا مِنَ الْمِرْيَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل : ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25386 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ } لَمْ يُصَدِّقُوهُ)
وَقَوْله : { وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفه } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَلَقَدْ رَاوَدَ لُوطًا قَوْمُهُ عَنْ ضَيْفه الَّذِينَ نَزَلُوا بِهِ حِين أَرَادَ اللَّه إِهْلَاكهمْ { فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ } يَقُول : فَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنهمْ حَتَّى صَيَّرْنَاهَا كَسَائِرِ الْوَجْه لَا يَرَى لَهَا شَقٌّ , فَلَمْ يُبْصِرُوا ضَيْفَهُ , وَالْعَرَب تَقُول : قَدْ طَمَسَتْ الرِّيح الْأَعْلَام : إِذَا دَفَنَتْهَا بِمَا تَسْفِي عَلَيْهَا مِنَ التُّرَاب , كَمَا قَالَ كَعْب بْن زُهَيْر : <br>مِنْ كُلِّ نَضَّاخَة الذِّفْرَى إِذَا اعْتَرَقَتْ .......... عُرْضَتُهَا طَامِسُ الْأَعْلَامِ مَجْهُولُ <br>يَعْنِي بِقَوْلِهِ : { طَامِس الْأَعْلَام } : مُنْدَفِن الْأَعْلَام . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25387 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفه فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ } قَالَ : عَمَّى اللَّه عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَة حِين دَخَلُوا عَلَى لُوط . )25388 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفه فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ } وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام اسْتَأْذَنَ رَبّه فِي عُقُوبَتهمْ لَيْلَة أَتَوْا لُوطًا , وَأَنَّهُمْ عَالَجُوا الْبَاب لِيَدْخُلُوا عَلَيْهِ , فَصَفَقَهُمْ بِجَنَاحِهِ , وَتَرَكَهُمْ عُمْيًا يَتَرَدَّدُونَ. )25389 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْل اللَّه : ( { وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفه فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ } قَالَ : هَؤُلَاءِ قَوْم لُوط حِين رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفه , طَمَسَ اللَّه أَعْيُنَهُمْ , فَكَانَ يَنْهَاهُمْ عَنْ عَمَلِهِمُ الْخَبِيث الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ , فَقَالُوا : إِنَّا لَا نَتْرُك عَمَلَنَا فَإِيَّاكَ أَنْ تُنْزِل أَحَدًا أَوْ تُضِيفَهُ , أَوْ تَدَعَهُ يَنْزِل عَلَيْك , فَإِنَّا لَا نَتْرُكُهُ وَلَا نَتْرُكُ عَمَلَنَا. قَالَ : فَلَمَّا جَاءَهُ الْمُرْسَلُونَ , خَرَجَتْ امْرَأَته الشَّقِيَّة مِنْ الشِّقّ , فَأَتَتْهُمْ فَدَعَتْهُمْ , وَقَالَتْ لَهُمْ : تَعَالَوْا فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَ قَوْمٌ لَمْ أَرَ قَطُّ أَحْسَنَ وُجُوهًا مِنْهُمْ , وَلَا أَحْسَنَ ثِيَابًا , وَلَا أَطْيَبَ أَرْوَاحًا مِنْهُمْ , قَالَ : فَجَاءُوهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ , فَقَالَ : إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي , فَاتَّقُوا اللَّه وَلَا تُخْزُونِي فِي ضَيْفِي , قَالُوا : أَوَلَمْ نَنْهَك عَنْ الْعَالَمِينَ ؟ أَلَيْسَ قَدْ تَقَدَّمْنَا إِلَيْك وَأَعْذَرْنَا فِيمَا بَيْنَنَا بَيْنَك ؟ قَالَ : هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام : مَا يَهُولُك مِنْ هَؤُلَاءِ ؟ قَالَ : أَمَا تَرَى مَا يُرِيدُونَ ؟ فَقَالَ : إِنَّا رُسُل رَبّك لَنْ يَصِلُوا إِلَيْك , لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوك وَأَهْلَك إِلَّا امْرَأَتَك , لَتَصْنَعَنَّ هَذَا الْأَمْر سِرًّا , وَلَيَكُونَنَّ فِيهِ بَلَاء ; قَالَ : فَنَشَرَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام جَنَاحًا مِنْ أَجْنِحَتِهِ , فَاخْتَلَسَ بِهِ أَبْصَارَهُمْ , فَطَمَسَ أَعْيُنَهُمْ , فَجَعَلُوا يَجُولُ بَعْضهمْ فِي بَعْض , فَذَلِكَ قَوْل اللَّه : { فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ } . )25390 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفه } جَاءَتْ الْمَلَائِكَة فِي صُوَر الرِّجَال , وَكَذَلِكَ كَانَتْ تَجِيءُ , فَرَآهُمْ قَوْم لُوط حِين دَخَلُوا الْقَرْيَة , وَقِيلَ : إِنَّهُمْ نَزَلُوا بِلُوطٍ , فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِمْ يُرِيدُونَهُمْ , فَتَلَقَّاهُمْ لُوطٌ يُنَاشِدُهُمُ اللَّهَ أَنْ لَا يُخْزُوهُ فِي ضَيْفه , فَأَبَوْا عَلَيْهِ وَجَاءُوا لِيَدْخُلُوا عَلَيْهِ , فَقَالَتْ الرُّسُل لِلُوطٍ خَلِّ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الدُّخُول , فَإِنَّا رُسُل رَبّك , لَنْ يَصِلُوا إِلَيْك , فَدَخَلُوا الْبَيْت , وَطَمَسَ اللَّه عَلَى أَبْصَارِهِمْ , فَلَمْ يَرَوْهُمْ ; وَقَالُوا : قَدْ رَأَيْنَاهُمْ حِين دَخَلُوا الْبَيْت , فَأَيْنَ ذَهَبُوا ؟ فَلَمْ يَرَوْهُمْ وَرَجَعُوا.)|فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ|وَقَوْله : { فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ : فَذُوقُوا مَعْشَر قَوْم لُوط مِنْ سَدُوم , عَذَابِي الَّذِي حَلَّ بِكُمْ , وَإِنْذَارِي الَّذِي أَنْذَرْت بِهِ غَيْرَكُمْ مِنَ الْأُمَم مِنَ النَّكَال وَالْمَثُلَات .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَة عَذَاب مُسْتَقِرّ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَقَدْ صَبَّحَ قَوْمَ لُوطٍ بُكْرَة ذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عِنْد طُلُوع الْفَجْر. 25391 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان ( { بُكْرَة } قَالَ : عِنْد طُلُوع الْفَجْر . )وَقَوْله : { عَذَاب } وَذَلِكَ قَلْب الْأَرْض بِهِمْ , وَتَصْيِير أَعْلَاهَا أَسْفَلَهَا بِهِمْ , ثُمَّ إِتْبَاعُهُمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيل مَنْضُود . كَمَا : 25392 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان ( { وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَة عَذَاب } قَالَ : حِجَارَة رُمُوا بِهَا . )وَقَوْله : { مُسْتَقِرّ } يَقُول : اسْتَقَرَّ ذَلِكَ الْعَذَاب فِيهِمْ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى يُوَافُوا عَذَاب اللَّه الْأَكْبَر فِي جَهَنَّم . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25393 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَة عَذَاب مُسْتَقِرّ } يَقُول : صَبَّحَهُمْ عَذَاب مُسْتَقِرّ , اسْتَقَرَّ بِهِمْ إِلَى نَار جَهَنَّم . )25394 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَة } . .. الْآيَة , قَالَ : ثُمَّ صَبَّحَهُمْ بَعْد هَذَا , يَعْنِي بَعْد أَنْ طَمَسَ اللَّه أَعْيُنَهُمْ , فَهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْعَذَاب إِلَى يَوْم الْقِيَامَة , قَالَ : وَكُلّ قَوْمه كَانُوا كَذَلِكَ , أَلَا تَسْمَع قَوْله حِين يَقُول : { أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُل رَشِيد } [11 78 ])25395 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان ( { مُسْتَقِرّ } اسْتَقَرَّ .)
وَقَوْله { فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ لَهُمْ : فَذُوقُوا مَعْشَر قَوْم لُوط عَذَابِي الَّذِي أَحْلَلْته بِكُمْ , بِكُفْرِكُمْ بِاللَّهِ وَتَكْذِيبِكُمْ رَسُولَهُ , وَإِنْذَارِي بِكُمْ الْأُمَمَ سِوَاكُمْ بِمَا أَنْزَلْته بِكُمْ مِنْ الْعِقَاب .
وَقَوْله { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآن لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِر } يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَلَقَدْ سَهَّلْنَا الْقُرْآن لِلذِّكْرِ لِمَنْ أَرَادَ التَّذَكُّر بِهِ فَهَلْ مِنْ مُتَّعِظ وَمُعْتَبِر بِهِ فَيَنْزَجِر بِهِ عَمَّا نَهَاهُ اللَّه عَنْهُ إِلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ وَأَذِنَ لَهُ فِيهِ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْن النُّذُر } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَلَقَدْ جَاءَ أَتْبَاعَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ إِنْذَارُنَا بِالْعُقُوبَةِ بِكُفْرِهِمْ بِنَا وَبِرَسُولِنَا مُوسَى { كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ كَذَّبَ آلُ فِرْعَوْن بِأَدِلَّتِنَا الَّتِي جَاءَتْهُمْ مِنْ عِنْدِنَا , وَحُجَجِنَا الَّتِي أَتَتْهُمْ بِأَنَّهُ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَحْدَهُ كُلِّهَا { فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذ عَزِيز مُقْتَدِر } يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ : فَعَاقَبْنَاهُمْ بِكُفْرِهِمْ بِاللَّهِ عُقُوبَةَ شَدِيدٍ لَا يُغْلَب , مُقْتَدِرٍ عَلَى مَا يَشَاء , غَيْرِ عَاجِز وَلَا ضَعِيف . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25396 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذ عَزِيز مُقْتَدِر } يَقُول : عَزِيز فِي نِقْمَتِهِ إِذَا انْتَقَمَ .)
يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَلَقَدْ جَاءَ أَتْبَاع فِرْعَوْن وَقَوْمه إِنْذَارُنَا بِالْعُقُوبَةِ بِكُفْرِهِمْ بِنَا وَبِرَسُولِنَا مُوسَى { كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ كَذَّبَ آل فِرْعَوْن بِأَدِلَّتِنَا الَّتِي جَاءَتْهُمْ مِنْ عِنْدنَا , وَحُجَجِنَا الَّتِي أَتَتْهُمْ بِأَنَّهُ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَحْدَهُ كُلِّهَا { فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذ عَزِيز مُقْتَدِر } يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ : فَعَاقَبْنَاهُمْ بِكُفْرِهِمْ بِاللَّهِ عُقُوبَةَ شَدِيدٍ لَا يُغْلَب , مُقْتَدِر عَلَى مَا يَشَاء , غَيْر عَاجِز وَلَا ضَعِيف . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25396 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذ عَزِيز مُقْتَدِر } يَقُول : عَزِيز فِي نِقْمَتِهِ إِذَا انْتَقَمَ .)