وَقَوْله : { فِيهَا سُرَر مَرْفُوعَة } وَالسُّرَر : جَمْع سَرِير , مَرْفُوعَة لِيَرَى الْمُؤْمِن إِذَا جَلَسَ عَلَيْهَا جَمِيع مَا خَوَّلَهُ رَبّه مِنْ النَّعِيم وَالْمُلْك فِيهَا , وَيَلْحَق جَمِيع ذَلِكَ بَصَره . وَقِيلَ : عُنِيَ بِقَوْلِ مَرْفُوعَة : مَوْضُونَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28694 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { فِيهَا سُرَر مَرْفُوعَة } يَعْنِي : مَوْضُونَة , كَقَوْلِهِ : سُرَر مَصْفُوفَة , بَعْضهَا فَوْق بَعْض .)
وَقَوْله : { وَأَكْوَاب } وَهِيَ جَمْع كُوب , وَهِيَ الْأَبَارِيق الَّتِي لَا آذَان لَهَا . وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِيمَا مَضَى , وَذَكَرْنَا مَا فِيهِ مِنْ الرِّوَايَة , بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته .|مَوْضُوعَةٌ|وَعُنِيَ بِقَوْلِهِ : { مَوْضُوعَة } : أَنَّهَا مَوْضُوعَة عَلَى حَافَّة الْعَيْن الْجَارِيَة , كُلَّمَا أَرَادُوا الشُّرْب , وَجَدُوهَا مَلْأَى مِنْ الشَّرَاب .
وَقَوْله : { وَنَمَارِق مَصْفُوفَة } يَعْنِي بِالنَّمَارِقِ : الْوَسَائِد وَالْمَرَافِق ; وَالنَّمَارِق : وَاحِدهَا نُمْرُقَة , بِضَمِّ النُّون . وَقَدْ حُكِيَ عَنْ بَعْض كَلْب سَمَاعًا نِمْرِقَة , بِكَسْرِ النُّون وَالرَّاء . وَقِيلَ : مَصْفُوفَة لِأَنَّ بَعْضهَا بِجَنْبِ بَعْض . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28695 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَنَمَارِق مَصْفُوفَة } يَقُول : الْمَرَافِق . )28696 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَنَمَارِق مَصْفُوفَة } يَعْنِي بِالنَّمَارِقِ : الْمَجَالِس )28697 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَنَمَارِق مَصْفُوفَة } وَالنَّمَارِق : الْوَسَائِد .)
وَقَوْله : { وَزَرَابِيّ مَبْثُوثَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَفِيهَا طَنَافِس وَبُسُط كَثِيرَة مَبْثُوثَة مَفْرُوشَة , وَالْوَاحِدَة : زِرْبِيَّة , وَهِيَ الطَّنْفَسَة الَّتِي لَهَا خَمْل رَقِيق . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28698 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مَنْصُور , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ سُفْيَان , قَالَ : ثَنَا تَوْبَة الْعَنْبَرِيّ , عَنْ عِكْرِمَة بْن خَالِد , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمَّار , قَالَ : (رَأَيْت عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يُصَلِّي عَلَى عَبْقَرِيّ , وَهُوَ الزَّرَابِيّ .) 28699 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ . ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَزَرَابِيّ مَبْثُوثَة } : الْمَبْسُوطَة .)
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِل كَيْف خُلِقَتْ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِمُنْكِرِي قُدْرَته عَلَى مَا وَصَفَ فِي هَذِهِ السُّورَة , مِنْ الْعِقَاب وَالنَّكَال الَّذِي أَعَدَّهُ لِأَهْلِ عَدَاوَته , وَالنَّعِيم وَالْكَرَامَة الَّتِي أَعَدَّهَا لِأَهْلِ وِلَايَته : أَفَلَا يَنْظُر هَؤُلَاءِ الْمُنْكِرُونَ قُدْرَة اللَّه عَلَى هَذِهِ الْأُمُور , إِلَى الْإِبِل كَيْف خَلَقَهَا , وَسَخَّرَهَا لَهُمْ وَذَلَّلَهَا , وَجَعَلَهَا تَحْمِل حِمْلهَا بَارِكَة , ثُمَّ تَنْهَض بِهِ , وَاَلَّذِي خَلَقَ ذَلِكَ غَيْر عَزِيز عَلَيْهِ أَنْ يَخْلُق مَا وَصَفَ مِنْ هَذِهِ الْأُمُور فِي الْجَنَّة وَالنَّار , يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِل , فَيَعْتَبِرُونَ بِهَا , وَيَعْلَمُونَ أَنَّ الْقُدْرَة الَّتِي قَدَرَ بِهَا عَلَى خَلْقهَا , لَنْ يُعْجِزهُ خَلْق مَا شَابَهَهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28700- حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : (لَمَّا نَعَتَ اللَّه مَا فِي الْجَنَّة , عَجَّبَ مِنْ ذَلِكَ أَهْل الضَّلَالَة , فَأَنْزَلَ اللَّه : { أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِل كَيْف خُلِقَتْ } فَكَانَتْ الْإِبِل مِنْ عَيْش الْعَرَب وَمِنْ خَوَلهمْ . )28701 -حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَمَّنْ سَمِعَ شُرَيْحًا يَقُول : (اُخْرُجُوا بِنَا نَنْظُر إِلَى الْإِبِل كَيْف خُلِقَتْ .)
وَقَوْله : { وَإِلَى السَّمَاء كَيْف رُفِعَتْ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : أَفَلَا يَنْظُرُونَ أَيْضًا إِلَى السَّمَاء كَيْف رَفَعَهَا الَّذِي أَخْبَرَكُمْ أَنَّهُ مُعِدّ لِأَوْلِيَائِهِ مَا وَصَفَ , وَلِأَعْدَائِهِ مَا ذَكَرَ , فَيَعْلَمُوا أَنَّ قُدْرَته الْقُدْرَة الَّتِي لَا يُعْجِزهُ فِعْل شَيْء أَرَادَ فِعْله .
وَقَوْله : { وَإِلَى الْجِبَال كَيْف نُصِبَتْ } يَقُول : وَإِلَى الْجِبَال كَيْف أُقِيمَتْ مُنْتَصِبَة لَا تَسْقُط , فَتَنْبَسِط فِي الْأَرْض , وَلَكِنَّهَا جَعَلَهَا بِقُدْرَتِهِ مُنْتَصِبَة جَامِدَة , لَا تَبْرَح مَكَانهَا , وَلَا تَزُول عَنْ مَوْضِعهَا . وَقَدْ : 28702 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَإِلَى الْجِبَال كَيْف نُصِبَتْ } تَصَاعَدْ إِلَى الْجَبَل الصَّيْخُود عَامَّة يَوْمك , فَإِذَا أَفْضَيْت إِلَى أَعْلَاهُ , أَفْضَيْت إِلَى عُيُون مُتَفَجِّرَة , وَثِمَار مُتَهَدِّلَة ثَمَّ لَمْ تَحْرُثهُ الْأَيْدِي وَلَمْ تَعْمَلهُ , نِعْمَة مِنْ اللَّه , وَبُلْغَة الْأَجَل .)
وَقَوْله : { وَإِلَى الْأَرْض كَيْف سُطِحَتْ } يَقُول : وَإِلَى الْأَرْض كَيْف بُسِطَتْ , يُقَال : جَبَل مُسَطَّح : إِذَا كَانَ فِي أَعْلَاهُ اِسْتِوَاء . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28703 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَإِلَى الْأَرْض كَيْف سُطِحَتْ } : أَيْ بُسِطَتْ , يَقُول : أَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ هَذَا بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُق مَا أَرَادَ فِي الْجَنَّة .)