islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

تفسير الطبرى
13297

46-الأحقاف

حم

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { حم } </subtitle>قَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَاف أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعَانِي حُرُوف الْهِجَاء الَّتِي افْتُتِحَتْ بِهَا أَوَائِل مَا افْتُتِحَ بِهَا مِنْ سُوَر الْقُرْآن , وَبَيَّنَّا الصَّوَاب مِنْ قَوْلهمْ فِي ذَلِكَ عِنْدنَا بِشَوَاهِدِهِ الْمُغْنِيَة عَنْ إِعَادَتهَا فِي هَذَا الْمَوْضِع إِذْ كَانَتْ هَذِهِ الْحُرُوف نَظِيرَة الْمَاضِيَة مِنْهَا . وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ حُذَيْفَة فِي مَعْنَى هَذِهِ خَاصَّة قَوْلًا , وَهُوَ مَا : 23635 - حَدَّثَنَا بِهِ أَحْمَد بْن زُهَيْر , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب بْن نَجْدَة الْحَوَطِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو الْمُغِيرَة عَبْد الْقُدُّوس بْن الْحَجَّاج الْحِمْصِيّ , عَنْ أَرْطَاة بْن الْمُنْذِر قَالَ : (جَاءَ رَجُل إِلَى ابْن عَبَّاس , فَقَالَ لَهُ وَعِنْده حُذَيْفَة بْن الْيَمَان , أَخْبِرْنِي عَنْ تَفْسِير قَوْل اللَّه : { حم عسق } قَالَ : فَأَطْرَقَ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهُ , ثُمَّ كَرَّرَ مَقَالَته فَأَعْرَضَ فَلَمْ يُجِبْهُ بِشَيْءٍ وَكَرِهَ مَقَالَته , ثُمَّ كَرَّرَهَا الثَّالِثَة فَلَمْ يُجِبْهُ شَيْئًا , فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَة : أَنَا أُنَبِّئك بِهَا , قَدْ عَرَفْت بِمَ كَرِهَهَا ; نَزَلَتْ فِي رَجُل مِنْ أَهْل بَيْته يُقَال لَهُ عَبْد الْإِلَه أَوْ عَبْد اللَّه يَنْزِل عَلَى نَهَر مِنْ أَنْهَار الْمَشْرِق , تُبْنَى عَلَيْهِ مَدِينَتَانِ يَشُقّ النَّهَر بَيْنهمَا شَقًّا , فَإِذَا أَذِنَ اللَّه فِي زَوَال مُلْكهمْ , وَانْقِطَاع دَوْلَتهمْ وَمُدَّتهمْ , بَعَثَ اللَّه عَلَى إِحْدَاهُمَا نَارًا لَيْلًا , فَتُصْبِح سَوْدَاء مُظْلِمَة قَدْ احْتَرَقَتْ , كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مَكَانهَا , وَتُصْبِح صَاحِبَتهَا مُتَعَجِّبَة , كَيْفَ أَفْلَتَتْ , فَمَا هُوَ إِلَّا بَيَاض يَوْمهَا ذَلِكَ حَتَّى يَجْتَمِع فِيهَا كُلّ جَبَّار عَنِيد مِنْهُمْ , ثُمَّ يَخْسِف اللَّه بِهَا وَبِهِمْ جَمِيعًا , فَذَلِكَ قَوْله : { حم عسق } يَعْنِي : عَزِيمَة مِنَ اللَّه وَفِتْنَة وَقَضَاء حم , عَيْن : يَعْنِي عَدْلًا مِنْهُ , سِين : يَعْنِي سَيَكُونُ , وَقَاف : يَعْنِي وَاقِع بِهَاتَيْنِ الْمَدِينَتَيْنِ . )وَذُكِرَ عَنِ ابْن عَبَّاس أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأهُ | حم . سق | بِغَيْرِ عَيْن , وَيَقُول : إِنَّ السِّين : عُمْر كُلّ فِرْقَة كَائِنَة وَإِنَّ الْقَاف : كُلّ جَمَاعَة كَائِنَة ; وَيَقُول : إِنَّ عَلِيًّا إِنَّمَا كَانَ يَعْلَم الْعَيْن بِهَا , وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي مُصْحَف عَبْد اللَّه عَلَى مِثْل الَّذِي ذُكِرَ عَنِ ابْن عَبَّاس مِنْ قِرَاءَته مِنْ غَيْر عَيْن.

تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ

قَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَاف أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعَانِي حُرُوف الْهِجَاء الَّتِي افْتُتِحَتْ بِهَا أَوَائِل مَا افْتُتِحَ بِهَا مِنْ سُوَر الْقُرْآن , وَبَيَّنَّا الصَّوَاب مِنْ قَوْلهمْ فِي ذَلِكَ عِنْدنَا بِشَوَاهِدِهِ الْمُغْنِيَة عَنْ إِعَادَتهَا فِي هَذَا الْمَوْضِع إِذْ كَانَتْ هَذِهِ الْحُرُوف نَظِيرَة الْمَاضِيَة مِنْهَا . وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ حُذَيْفَة فِي مَعْنَى هَذِهِ خَاصَّة قَوْلًا , وَهُوَ مَا : 23635 - حَدَّثَنَا بِهِ أَحْمَد بْن زُهَيْر , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب بْن نَجْدَة الْحَوَطِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو الْمُغِيرَة عَبْد الْقُدُّوس بْن الْحَجَّاج الْحِمْصِيّ , عَنْ أَرْطَاة بْن الْمُنْذِر قَالَ : (جَاءَ رَجُل إِلَى ابْن عَبَّاس , فَقَالَ لَهُ وَعِنْده حُذَيْفَة بْن الْيَمَان , أَخْبِرْنِي عَنْ تَفْسِير قَوْل اللَّه : { حم عسق } قَالَ : فَأَطْرَقَ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهُ , ثُمَّ كَرَّرَ مَقَالَته فَأَعْرَضَ فَلَمْ يُجِبْهُ بِشَيْءٍ وَكَرِهَ مَقَالَته , ثُمَّ كَرَّرَهَا الثَّالِثَة فَلَمْ يُجِبْهُ شَيْئًا , فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَة : أَنَا أُنَبِّئك بِهَا , قَدْ عَرَفْت بِمَ كَرِهَهَا ; نَزَلَتْ فِي رَجُل مِنْ أَهْل بَيْته يُقَال لَهُ عَبْد الْإِلَه أَوْ عَبْد اللَّه يَنْزِل عَلَى نَهَر مِنْ أَنْهَار الْمَشْرِق , تُبْنَى عَلَيْهِ مَدِينَتَانِ يَشُقّ النَّهَر بَيْنهمَا شَقًّا , فَإِذَا أَذِنَ اللَّه فِي زَوَال مُلْكهمْ , وَانْقِطَاع دَوْلَتهمْ وَمُدَّتهمْ , بَعَثَ اللَّه عَلَى إِحْدَاهُمَا نَارًا لَيْلًا , فَتُصْبِح سَوْدَاء مُظْلِمَة قَدْ احْتَرَقَتْ , كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مَكَانهَا , وَتُصْبِح صَاحِبَتهَا مُتَعَجِّبَة , كَيْفَ أَفْلَتَتْ , فَمَا هُوَ إِلَّا بَيَاض يَوْمهَا ذَلِكَ حَتَّى يَجْتَمِع فِيهَا كُلّ جَبَّار عَنِيد مِنْهُمْ , ثُمَّ يَخْسِف اللَّه بِهَا وَبِهِمْ جَمِيعًا , فَذَلِكَ قَوْله : { حم عسق } يَعْنِي : عَزِيمَة مِنَ اللَّه وَفِتْنَة وَقَضَاء حم , عَيْن : يَعْنِي عَدْلًا مِنْهُ , سِين : يَعْنِي سَيَكُونُ , وَقَاف : يَعْنِي وَاقِع بِهَاتَيْنِ الْمَدِينَتَيْنِ . )وَذُكِرَ عَنِ ابْن عَبَّاس أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأهُ | حم . سق | بِغَيْرِ عَيْن , وَيَقُول : إِنَّ السِّين : عُمْر كُلّ فِرْقَة كَائِنَة وَإِنَّ الْقَاف : كُلّ جَمَاعَة كَائِنَة ; وَيَقُول : إِنَّ عَلِيًّا إِنَّمَا كَانَ يَعْلَم الْعَيْن بِهَا , وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي مُصْحَف عَبْد اللَّه عَلَى مِثْل الَّذِي ذُكِرَ عَنِ ابْن عَبَّاس مِنْ قِرَاءَته مِنْ غَيْر عَيْن .

مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ

وَقَوْله : { كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْك وَإِلَى الَّذِي مِنْ قَبْلك اللَّهُ الْعَزِيز الْحَكِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَكَذَا يُوحِي إِلَيْك يَا مُحَمَّد وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلك مِنْ أَنْبِيَائِهِ . وَقِيلَ : إِنَّ حم عَيْن سِين قَدْ أُوحِيَتْ إِلَى كُلّ نَبِيّ بُعِثَ , كَمَا أُوحِيَتْ إِلَى نَبِيّنَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلِذَلِكَ قِيلَ : { كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْك وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلك اللَّه الْعَزِيز } فِي انْتِقَامه مِنْ أَعْدَائِهِ { الْحَكِيم } فِي تَدْبِيره خَلْقه .

قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَهُ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الْأَرْض وَهُوَ الْعَلِيّ الْعَظِيم } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لِلَّهِ مُلْك { مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الْأَرْض } مِنَ الْأَشْيَاء كُلّهَا { وَهُوَ الْعَلِيّ } يَقُول : وَهُوَ ذُو عُلُوّ وَارْتِفَاع عَلَى كُلّ شَيْء , وَالْأَشْيَاء كُلّهَا دُونه ; لِأَنَّهُمْ فِي سُلْطَانه , جَارِيَة عَلَيْهِمْ قُدْرَته , مَاضِيَة فِيهِمْ مَشِيئَته { الْعَظِيم } الَّذِي لَهُ الْعَظَمَة وَالْكِبْرِيَاء وَالْجَبْرِيَّة .

وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ

وَقَوْله : { تَكَاد السَّمَوَات يَتَفَطَّرَن مِنْ فَوْقهنَّ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : تَكَاد السَّمَوَات يَتَشَقَّقَن مِنْ فَوْق الْأَرَضِينَ , مِنْ عَظَمَة الرَّحْمَن وَجَلَاله. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23636 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { تَكَاد السَّمَوَات يَتَفَطَّرَن مِنْ فَوْقهنَّ } قَالَ : يَعْنِي مِنْ ثِقَل الرَّحْمَن وَعَظَمَته تَبَارَكَ وَتَعَالَى . )23637 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { تَكَاد السَّمَوَات يَتَفَطَّرَن مِنْ فَوْقهنَّ } : أَيْ مِنْ عَظَمَة اللَّه وَجَلَاله . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . 23638 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ ( { تَكَاد السَّمَوَات يَتَفَطَّرَن } قَالَ : يَتَشَقَّقَن فِي قَوْله : { مُنْفَطِر بِهِ } [73 18 ]قَالَ : مُنْشَقّ بِهِ . )23639 - حَدَّثَنَا عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : (سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله : { يَتَفَطَّرَن مِنْ فَوْقهنَّ } يَقُول : يَتَصَدَّعْنَ مِنْ عَظَمَة اللَّه . )23640 -حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مَنْصُور الطُّوسِيّ , قَالَ : ثنا حُسَيْن بْن مُحَمَّد , عَنْ أَبِي مَعْشَر , عَنْ مُحَمَّد بْن قَيْس , قَالَ : (جَاءَ رَجُل إِلَى كَعْب فَقَالَ : يَا كَعْب أَيْنَ رَبّنَا ؟ فَقَالَ لَهُ النَّاس : دَقَّ اللَّهُ تَعَالَى , أَفَتَسْأَل عَنْ هَذَا ؟ فَقَالَ كَعْب : دَعُوهُ , فَإِنْ يَكُ عَالِمًا ازْدَادَ , وَإِنْ يَكُ جَاهِلًا تَعَلَّمَ . سَأَلْت أَيْنَ رَبّنَا , وَهُوَ عَلَى الْعَرْش الْعَظِيم مُتَّكِئ , وَاضِع إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى , وَمَسَافَة هَذِهِ الْأَرْض الَّتِي أَنْتَ عَلَيْهَا خَمْسمِائَةِ سَنَة وَمِنَ الْأَرْض إِلَى الْأَرْض مَسِيرَة خَمْسمِائَة سَنَة , وَكَثَافَتهَا خَمْسمِائَة سَنَة , حَتَّى تَمَّ سَبْع أَرَضِينَ , ثُمَّ مِنْ الْأَرْض إِلَى السَّمَاء مَسِيرَة خَمْسمِائَة سَنَة , وَكَثَافَتهَا خَمْسمِائَة سَنَة , وَاللَّه عَلَى الْعَرْش مُتَّكِئ , ثُمَّ تَفَطَّرَ السَّمَوَات , ثُمَّ قَالَ كَعْب : اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ { تَكَاد السَّمَوَات يَتَفَطَّرَن مِنْ فَوْقهنَّ } . ... )الْآيَة .|وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ|وَقَوْله : { وَالْمَلَائِكَة يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَالْمَلَائِكَة يُصَلُّونَ بِطَاعَةِ رَبّهمْ وَشُكْرهمْ لَهُ مِنْ هَيْبَة جَلَاله وَعَظَمَته , كَمَا : 23641 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس ( { وَالْمَلَائِكَة يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهمْ } قَالَ : وَالْمَلَائِكَة يُسَبِّحُونَ لَهُ مِنْ عَظَمَته .)|وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ|وَقَوْله : { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْض } يَقُول : وَيَسْأَلُونَ رَبّهمُ الْمَغْفِرَة لِذُنُوبِ مَنْ فِي الْأَرْض مِنْ أَهْل الْإِيمَان بِهِ , كَمَا : 23642 -حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ , فِي قَوْله : ( { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْض } قَالَ : لِلْمُؤْمِنِينَ .)|أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ|يَقُول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : أَلَا إِنَّ اللَّه هُوَ الْغَفُور لِذُنُوبِ مُؤْمِنِي عِبَاده , الرَّحِيم بِهِمْ أَنْ يُعَاقِبهُمْ بَعْد تَوْبَتهمْ مِنْهَا .

وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونه أَوْلِيَاء اللَّه حَفِيظ عَلَيْهِمْ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا } يَا مُحَمَّد مِنْ مُشْرِكِي قَوْمك { مِنْ دُونه أَوْلِيَاء } آلِهَة يَتَوَلَّوْنَهَا وَيَعْبُدُونَهَا { اللَّه حَفِيظ عَلَيْهِمْ } يُحْصِي عَلَيْهِمْ أَفْعَالهمْ , وَيَحْفَظ أَعْمَالهمْ , لِيُجَازِيَهُمْ بِهَا يَوْم الْقِيَامَة جَزَاءَهُمْ.|وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ|يَقُول : وَلَسْت أَنْتَ يَا مُحَمَّد بِالْوَكِيلِ عَلَيْهِمْ بِحِفْظِ أَعْمَالهمْ , إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِر , فَبَلِّغْهُمْ مَا أُرْسِلْت بِهِ إِلَيْهِمْ , فَإِنَّمَا عَلَيْك الْبَلَاغ وَعَلَيْنَا الْحِسَاب .

وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْك قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلهَا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَهَكَذَا { أَوْحَيْنَا إِلَيْك } يَا مُحَمَّد { قُرْآنًا عَرَبِيًّا } بِلِسَانِ الْعَرَب ; لِأَنَّ الَّذِينَ أَرْسَلْنَاك إِلَيْهِمْ قَوْم عَرَب , فَأَوْحَيْنَا إِلَيْك هَذَا الْقُرْآن بِأَلْسِنَتِهِمْ ; لِيَفْهَمُوا مَا فِيهِ مِنْ حُجَج اللَّه وَذِكْره ; لِأَنَّا لَا نُرْسِل رَسُولًا إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمه , لِيُبَيِّنَ لَهُمْ { لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى } وَهِيَ مَكَّة { وَمَنْ حَوْلهَا } يَقُول : وَمَنْ حَوْل أُمّ الْقُرَى مِنْ سَائِر النَّاس. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23643 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ , فِي قَوْله : ( { لِتُنْذِر أُمَّ الْقُرَى } قَالَ : مَكَّة .)|وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ|وَقَوْله : { وَتُنْذِر يَوْم الْجَمْع } يَقُول عَزَّ وَجَلَّ : وَتُنْذِر عِقَاب اللَّه فِي يَوْم الْجَمْع عِبَاده لِمَوْقِفِ الْحِسَاب وَالْعَرْض , وَقِيلَ : وَتُنْذِر يَوْم الْجَمْع , وَالْمَعْنَى : وَتُنْذِرهُمْ يَوْم الْجَمْع , كَمَا قِيلَ : يُخَوِّف أَوْلِيَاءَهُ , وَالْمَعْنَى : يُخَوِّفكُمْ أَوْلِيَاءَهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23644 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ ( { وَتُنْذِر يَوْم الْجَمْع } قَالَ : يَوْم الْقِيَامَة. )وَقَوْله : { لَا رَيْب فِيهِ } يَقُول : لَا شَكَّ فِيهِ .|فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ|وَقَوْله : { فَرِيق فِي الْجَنَّة وَفَرِيق فِي السَّعِير } يَقُول : مِنْهُمْ فَرِيق فِي الْجَنَّة , وَهُمُ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاتَّبَعُوا مَا جَاءَهُمْ بِهِ رَسُوله { وَفَرِيق فِي السَّعِير } يَقُول : وَمِنْهُمْ فَرِيق فِي الْمُوقَدَة مِنْ نَار اللَّه الْمَسْعُورَة عَلَى أَهْلهَا , وَهُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِاللَّهِ , وَخَالَفُوا مَا جَاءَهُمْ بِهِ رَسُوله , وَقَدْ : * - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرو بْن الْحَارِث , عَنْ أَبِي قَبِيل الْمَعَافِرِيّ , عَنْ شُفَيّ الْأَصْبَحِيّ , عَنْ رَجُل مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ (خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي يَده كِتَابَانِ , فَقَالَ : | هَلْ تَدْرُونَ مَا هَذَا ؟ | فَقُلْنَا : لَا , إِلَّا أَنْ تُخْبِرنَا يَا رَسُول اللَّه , قَالَ : | هَذَا كِتَاب مِنْ رَبّ الْعَالَمِينَ , فِيهِ أَسْمَاء أَهْل الْجَنَّة , وَأَسْمَاء آبَائِهِمْ وَقَبَائِلهمْ | , ثُمَّ أُجْمِلَ , عَلَى آخِرهمْ , | فَلَا يُزَاد فِيهِمْ وَلَا يُنْقَص مِنْهُمْ أَبَدًا , وَهَذَا كِتَاب أَهْل النَّار بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاء آبَائِهِمْ | , ثُمَّ أُجْمِلَ عَلَى آخِرهمْ , | فَلَا يُزَاد وَلَا يُنْقَص مِنْهُمْ أَبَدًا | , قَالَ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَفِيمَ إِذَنْ نَعْمَل إِنْ كَانَ هَذَا أَمْر قَدْ فُرِغَ مِنْهُ ؟ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | بَلْ سَدِّدُوا وَقَارِبُوا , فَإِنَّ صَاحِب الْجَنَّة يُخْتَم لَهُ بِعَمَلِ الْجَنَّة وَإِنْ عَمِلَ أَيّ عَمَل , وَصَاحِب النَّار يُخْتَم لَهُ بِعَمَلِ النَّار وَإِنْ عَمِلَ أَيّ عَمَل , فَرَغَ رَبّكُمْ مِنْ الْعِبَاد | ثُمَّ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيْهِ فَنَبَذَهُمَا : | فَرَغَ رَبّكُمْ مِنَ الْخَلْق , فَرِيق فِي الْجَنَّة , وَفَرِيق فِي السَّعِير | قَالُوا : سُبْحَان اللَّه , فَلِمَ نَعْمَل وَنَنْصَب ؟ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | الْعَمَل إِلَى خَوَاتِمه |. )23645 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرو بْن الْحَارِث وَحَيْوَة بْن شُرَيْح , عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي أُسَيْد , أَنَّ أَبَا فِرَاس حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو يَقُول : (إِنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره لَمَّا خَلَقَ آدَم نَفَضَهُ نَفْض الْمِزْوَد , فَأَخْرَجَ مِنْهُ كُلّ ذُرِّيَّة , فَخَرَجَ أَمْثَال النَّغَف , فَقَبَضَهُمْ قَبْضَتَيْنِ , ثُمَّ قَالَ : شَقِيّ وَسَعِيد , ثُمَّ أَلْقَاهُمَا , ثُمَّ قَبَضَهُمَا فَقَالَ : { فَرِيق فِي الْجَنَّة وَفَرِيق فِي السَّعِير } . )23646 - قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرو بْن الْحَارِث , عَنْ أَبِي شَبُّويَة , حَدَّثَهُ عَنْ (ابْن حُجَيْرَة أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ مُوسَى قَالَ : يَا رَبّ خَلْقك الَّذِينَ خَلَقْتهمْ , جَعَلْت مِنْهُمْ فَرِيقًا فِي الْجَنَّة , وَفَرِيقًا فِي السَّعِير , لَوْ مَا أَدْخَلْتهمْ كُلّهمُ الْجَنَّة قَالَ : يَا مُوسَى ارْفَعْ زَرْعك , فَرَفَعَ , قَالَ : قَدْ رَفَعْت , قَالَ : ارْفَعْ , فَرَفَعَ , فَلَمْ يَتْرُك شَيْئًا , قَالَ : يَا رَبّ قَدْ رَفَعْت , قَالَ : ارْفَعْ , قَالَ : قَدْ رَفَعْت إِلَّا مَا لَا خَيْر فِيهِ , قَالَ : كَذَلِكَ أُدْخِل خَلْقِي كُلّهمُ الْجَنَّة إِلَّا مَا لَا خَيْر فِيهِ , وَقِيلَ : { فَرِيق فِي الْجَنَّة وَفَرِيق فِي السَّعِير } فَرَفَعَ . )وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَام قَبْل ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : { لِتُنْذِر أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلهَا } بِالنَّصْبِ ; لِأَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ الِابْتِدَاء , كَمَا يُقَال : رَأَيْت الْعَسْكَر مَقْتُول أَوْ مُنْهَزِم , بِمَعْنَى : مِنْهُمْ مَقْتُول , وَمِنْهُمْ مُنْهَزِم .

أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَوْ شَاءَ اللَّه لَجَعَلَهُمْ أُمَّة وَاحِدَة } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَوْ أَرَادَ اللَّه أَنْ يَجْمَع خَلْقه عَلَى هُدًى , وَيَجْعَلهُمْ عَلَى مِلَّة وَاحِدَة لَفَعَلَ , و { لَجَعَلَهُمْ أُمَّة وَاحِدَة } يَقُول : أَهْل مِلَّة وَاحِدَة , وَجَمَاعَة مُجْتَمِعَة عَلَى دِين وَاحِد .|وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ|يَقُول : لَمْ يَفْعَل ذَلِكَ فَيَجْعَلهُمْ أُمَّة وَاحِدَة , وَلَكِنْ يُدْخِل مَنْ يَشَاء , مِنْ عِبَاده فِي رَحْمَته , يَعْنِي أَنَّهُ يُدْخِلهُ فِي رَحْمَته بِتَوْفِيقِهِ إِيَّاهُ لِلدُّخُولِ فِي دِينه , الَّذِي ابْتَعَثَ بِهِ نَبِيّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .|وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ|يَقُول : وَالْكَافِرُونَ بِاللَّهِ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيّ يَتَوَلَّاهُمْ يَوْم الْقِيَامَة , وَلَا نَصِير يَنْصُرهُمْ مِنْ عِقَاب اللَّه حِين يُعَاقِبهُمْ , فَيُنْقِذهُمْ مِنْ عَذَابه , وَيَقْتَصّ لَهُمْ مِمَّنْ عَاقَبَهُمْ , وَإِنَّمَا قِيلَ هَذَا لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيَة لَهُ عَمَّا كَانَ يَنَالهُ مِنَ الْهَمّ بِتَوْلِيَةِ قَوْمه عَنْهُ , وَأَمْرًا لَهُ بِتَرْكِ إِدْخَال الْمَكْرُوه عَلَى نَفْسه مِنْ أَجْل إِدْبَار مَنْ أَدْبَرَ عَنْهُ مِنْهُمْ , فَلَمْ يَسْتَجِبْ لِمَا دَعَاهُ إِلَيْهِ مِنْ الْحَقّ , وَإِعْلَامًا لَهُ أَنَّ أُمُور عِبَاده بِيَدِهِ , وَأَنَّهُ الْهَادِي إِلَى الْحَقّ مَنْ شَاءَ , وَالْمُضِلّ مَنْ أَرَادَ دُونه , وَدُون كُلّ أَحَد سِوَاهُ .

قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونه أَوْلِيَاء } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَمِ اتَّخَذَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ أَوْلِيَاء مِنْ دُون اللَّه يَتَوَلَّوْنَهُمْ .|فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ|يَقُول : فَاللَّه هُوَ وَلِيّ أَوْلِيَائِهِ , وَإِيَّاهُ فَلْيَتَّخِذُوا وَلِيًّا لَا الْآلِهَة وَالْأَوْثَان , وَلَا مَا لَا يَمْلِك لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا .|وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى|يَقُول : وَاللَّه يُحْيِي الْمَوْتَى مِنْ بَعْد مَمَاتهمْ , فَيَحْشُرهُمْ يَوْم الْقِيَامَة .|وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ|يَقُول : وَاللَّه الْقَادِر عَلَى إِحْيَاء خَلْقه مِنْ بَعْد مَمَاتهمْ وَعَلَى غَيْر ذَلِكَ , إِنَّهُ ذُو قُدْرَة عَلَى كُلّ شَيْء .

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآَمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ

وَقَوْله : { وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْء فَحُكْمه إِلَى اللَّه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا اخْتَلَفْتُمْ أَيّهَا النَّاس فِيهِ مِنْ شَيْء فَتَنَازَعْتُمْ بَيْنكُمْ , فَحُكْمه إِلَى اللَّه. يَقُول : فَإِنَّ اللَّه هُوَ الَّذِي يَقْضِي بَيْنكُمْ وَيَفْصِل فِيهِ الْحُكْم . كَمَا. 23647 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْء فَحُكْمه إِلَى اللَّه } قَالَ ابْن عَمْرو فِي حَدِيثه : فَهُوَ يَحْكُم فِيهِ , وَقَالَ الْحَارِث : فَاللَّه يَحْكُم فِيهِ .)|ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ|وَقَوْله : { ذَلِكُمُ اللَّه رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْت } يَقُول لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ هَذَا الَّذِي هَذِهِ الصِّفَات صِفَاته رَبِّي , لَا آلِهَتكُمْ الَّتِي تَدْعُونَ مِنْ دُونه , الَّتِي لَا تَقْدِر عَلَى شَيْء { عَلَيْهِ تَوَكَّلْت } فِي أُمُورِي , وَإِلَيْهِ فَوَّضْت أَسْبَابِي , وَبِهِ وَثِقْت { وَإِلَيْهِ أُنِيب } يَقُول : وَإِلَيْهِ أَرْجِع فِي أُمُورِي وَأَتُوب مِنْ ذُنُوبِي .

وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَاطِر السَّمَوَات وَالْأَرْض } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { فَاطِر السَّمَوَات وَالْأَرْض } , خَالِق السَّمَوَات السَّبْع وَالْأَرْض . كَمَا : 23648 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَوْله : ( { فَاطِر السَّمَوَات وَالْأَرْض } قَالَ : خَالِق .)|جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا|وَقَوْله : { جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسكُمْ أَزْوَاجًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : زَوَّجَكُمْ رَبّكُمْ مِنْ أَنْفُسكُمْ أَزْوَاجًا. وَإِنَّمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { مِنْ أَنْفُسكُمْ } لِأَنَّهُ خَلَقَ حَوَّاء مِنْ ضِلْع آدَم , فَهُوَ مِنْ الرِّجَال .|وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا|يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَام أَزْوَاجًا مِنَ الضَّأْن اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْز اثْنَيْنِ وَمِنَ الْإِبِل اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَر اثْنَيْنِ , ذُكُورًا وَإِنَاثًا , وَمِنْ كُلّ جِنْس مِنْ ذَلِكَ .|يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ|يَقُول : يَخْلُقكُمْ فِيمَا جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجكُمْ , وَيُعِيشكُمْ فِيمَا جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَام . وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله : { يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ } فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : يَخْلُقكُمْ فِيهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23649 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ } قَالَ : نَسْل بَعْد نَسْل مِنَ النَّاس وَالْأَنْعَام . )23650 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ , قَوْله : ( { يَذْرَؤُكُمْ } قَالَ : يَخْلُقكُمْ. )* - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنِ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ } قَالَ : نَسْلًا بَعْد نَسْل مِنَ النَّاس وَالْأَنْعَام. )23651 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مَنْصُور , (أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ } قَالَ : يَخْلُقكُمْ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَاهُ : يُعِيشكُمْ فِيهِ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23652 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَام أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ } يَقُول : يَجْعَل لَكُمْ فِيهِ مَعِيشَة تَعِيشُونَ بِهَا . )23653 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ } قَالَ : يُعِيشكُمْ فِيهِ . )* - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ } قَالَ : عَيْش مِنَ اللَّه يُعِيشكُمْ فِيهِ. )وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي اللَّفْظ مِنْ قَائِلِيهِمَا فَقَدْ يَحْتَمِل تَوْجِيههمَا إِلَى مَعْنًى وَاحِد , وَهُوَ أَنْ يَكُون الْقَائِل فِي مَعْنَاهُ يُعِيشكُمْ فِيهِ , أَرَادَ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ : يُحْيِيكُمْ بِعَيْشِكُمْ بِهِ كَمَا يُحْيِي مَنْ لَمْ يَخْلُق بِتَكْوِينِهِ إِيَّاهُ , وَنَفْخه الرُّوح فِيهِ حَتَّى يَعِيش حَيًّا . وَقَدْ بَيَّنْت مَعْنَى ذَرْء اللَّه الْخَلْق فِيمَا مَضَى بِشَوَاهِدِهِ الْمُغْنِيَة عَنْ إِعَادَته .|لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ|وَقَوْله : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء } فِيهِ وَجْهَانِ : أَحَدهمَا أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ : لَيْسَ هُوَ كَشَيْءٍ , وَأَدْخَلَ الْمِثْل فِي الْكَلَام تَوْكِيدًا لِلْكَلَامِ إِذَا اخْتَلَفَ اللَّفْظ بِهِ وَبِالْكَافِ , وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِد , كَمَا قِيلَ : <br>مَا إِنْ نَدِيت بِشَيْءٍ أَنْتَ تَكْرَههُ <br>فَأَدْخَلَ عَلَى | مَا | وَهِيَ حَرْف جَحْد | إِنَّ | وَهِيَ أَيْضًا حَرْف جَحَدَ , لِاخْتِلَافِ اللَّفْظ بِهِمَا , وَإِنْ اتَّفَقَ مَعْنَاهُمَا تَوْكِيدًا لِلْكَلَامِ , وَكَمَا قَالَ أَوْس بْن حَجَر : <br>وَقَتْلَى كَمِثْلِ جُذُوع النَّخِيل .......... تَغَشَّاهُمْ مُسْبِل مُنْهَمِر <br>وَمَعْنَى ذَلِكَ : كَجُذُوعِ النَّخِيل , وَكَمَا قَالَ الْآخَر : <br>سَعْد بْن زَيْد إِذَا أَبْصَرْت فَضْلهمْ .......... مَا إِنْ كَمِثْلِهِمْ فِي النَّاس مِنْ أَحَد <br>وَالْآخَر : أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ : لَيْسَ مِثْل شَيْء , وَتَكُون الْكَاف هِيَ الْمُدْخَلَة فِي الْكَلَام , كَقَوْلِ الرَّاجِز : <br>وَصَالِيَات كَكَمَا يُؤْثَفَيْنِ <br>فَأَدْخَلَ عَلَى الْكَاف كَافًا تَوْكِيدًا لِلتَّشْبِيهِ , وَكَمَا قَالَ الْآخَر : <br>تَنْفِي الْغَيَادِيقُ عَلَى الطَّرِيق .......... قَلَّصَ عَنْ كَبَيْضَةٍ فِي نِيق <br>فَأَدْخَلَ الْكَاف مَعَ | عَنْ | , وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي مَوْضِع غَيْر هَذَا الْمَكَان بِشَرْحٍ هُوَ أَبْلَغ مِنْ هَذَا الشَّرْح , فَلِذَلِكَ تَجَوَّزْنَا فِي الْبَيَان عَنْهُ فِي هَذَا الْمَوْضِع .|وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ|وَقَوْله : { وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَاصِفًا نَفْسه بِمَا هُوَ بِهِ , وَهُوَ يَعْنِي نَفْسه : السَّمِيع لِمَا تَنْطِق بِهِ خَلْقه مِنْ قَوْل , الْبَصِير لِأَعْمَالِهِمْ , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْء , وَلَا يَعْزُب عَنْهُ عِلْم شَيْء مِنْهُ , وَهُوَ مُحِيط بِجَمِيعِهِ , مُحْصٍ صَغِيره وَكَبِيره { لِتُجْزَى كُلّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ } [45 22 ]مِنْ خَيْر أَوْ شَرّ .

وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَهُ مَقَالِيد السَّمَوَات وَالْأَرْض } </subtitle>يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { لَهُ مَقَالِيد السَّمَوَات وَالْأَرْض } : لَهُ مَفَاتِيح خَزَائِن السَّمَوَات وَالْأَرْض وَبِيَدِهِ مَغَالِيق الْخَيْر وَالشَّرّ وَمَفَاتِيحهَا , فَمَا يَفْتَح مِنْ رَحْمَة فَلَا مُمْسِك لَهَا , وَمَا يُمْسِك فَلَا مُرْسِل لَهُ مِنْ بَعْده . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23654 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { لَهُ مَقَالِيد السَّمَوَات وَالْأَرْض } قَالَ : مَفَاتِيح بِالْفَارِسِيَّةِ . )23655 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { لَهُ مَقَالِيد السَّمَوَات وَالْأَرْض } قَالَ : مَفَاتِيح السَّمَوَات وَالْأَرْض . )* - وَعَنْ الْحَسَن بِمِثْلِ ذَلِكَ . 23656 - ثنا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ { لَهَا مَقَالِيد السَّمَوَات وَالْأَرْض } قَالَ : خَزَائِن السَّمَوَات وَالْأَرْض .|يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ|وَقَوْله : { يَبْسُط الرِّزْق لِمَنْ يَشَاء وَيَقْدِر } يَقُول : يُوَسِّع رِزْقه وَفَضْله عَلَى مَنْ يَشَاء مِنْ خَلْقه , وَيَبْسُط لَهُ , وَيُكْثِر مَاله وَيُغْنِيه . وَيَقْدِر : يَقُول : وَيُقَتِّر عَلَى مَنْ يَشَاء مِنْهُمْ فَيُضَيِّقهُ وَيُفْقِرهُ .|إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ|يَقُول : إِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِكُلِّ مَا يَفْعَل مِنْ تَوْسِيعه عَلَى مَنْ يُوَسِّع , وَتَقْتِيره عَلَى مَنْ يُقَتِّر , وَمَنْ الَّذِي يَصْلُحهُ الْبَسْط عَلَيْهِ فِي الرِّزْق , وَيُفْسِدهُ مِنْ خَلْقه , وَالَّذِي يُصْلِحهُ التَّقْتِير عَلَيْهِ وَيُفْسِدهُ , وَغَيْر ذَلِكَ مِنَ الْأُمُور , ذُو عِلْم لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مَوْضِع الْبَسْط وَالتَّقْتِير وَغَيْره , مِنْ صَلَاح تَدْبِير خَلْقه. يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَإِلَى مَنْ لَهُ مَقَالِيد السَّمَوَات وَالْأَرْض الَّذِي صِفَته مَا وَصَفْت لَكُمْ فِي هَذِهِ الْآيَات أَيّهَا النَّاس فَارْغَبُوا , وَإِيَّاهُ فَاعْبُدُوا مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين لَا الْأَوْثَان وَالْآلِهَة وَالْأَصْنَام , الَّتِي لَا تَمْلِك لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا .

إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّين مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْك وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيم وَمُوسَى وَعِيسَى } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { شَرَعَ لَكُمْ } رَبّكُمْ أَيّهَا النَّاس { مِنَ الدِّين مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا } أَنْ يَعْمَلهُ { وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْك } يَقُول لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَشَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّين الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْك يَا مُحَمَّد , فَأَمَرْنَاك بِهِ { وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيم وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّين } يَقُول : شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّين , أَنْ أَقِيمُوا الدِّين | فَأَنْ | إِذْ كَانَ ذَلِكَ مَعْنَى الْكَلَام , فِي مَوْضِع نَصْب عَلَى التَّرْجَمَة بِهَا عَنْ | مَا | الَّتِي فِي قَوْله : { مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا } . وَيَجُوز أَنْ تَكُون فِي مَوْضِع خَفْض رَدًّا عَلَى الْهَاء الَّتِي فِي قَوْله : { بِهِ } , وَتَفْسِيرًا عَنْهَا , فَيَكُون مَعْنَى الْكَلَام حِينَئِذٍ : شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّين مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا , أَنْ أَقِيمُوا الدِّين وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ , وَجَائِز أَنْ تَكُون فِي مَوْضِع رَفْع عَلَى الِاسْتِئْنَاف , فَيَكُون مَعْنَى الْكَلَام حِينَئِذٍ : شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّين مَا وَصَّى بِهِ , وَهُوَ أَنْ أَقِيمُوا الدِّين . وَإِذْ كَانَ مَعْنَى الْكَلَام مَا وَصَفْت , فَمَعْلُوم أَنَّ الَّذِي أَوْصَى بِهِ جَمِيع هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاء وَصِيَّة وَاحِدَة , وَهِيَ إِقَامَة الدِّين الْحَقّ , وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23657 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا } قَالَ : مَا أَوْصَاك بِهِ وَأَنْبِيَائِهِ , كُلّهمْ دِين وَاحِد . )23658 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , فِي قَوْله : ( { شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّين مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا } قَالَ : هُوَ الدِّين كُلّه. )23659 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّين مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا } بُعِثَ نُوح حِين بُعِثَ بِالشَّرِيعَةِ بِتَحْلِيلِ الْحَلَال , وَتَحْرِيم الْحَرَام { وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيم وَمُوسَى وَعِيسَى } . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّين مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا } قَالَ : الْحَلَال وَالْحَرَام . )23660 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّين مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا } . ... إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : حَسْبك مَا قِيلَ لَك .)|أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ|وَعَنَى بِقَوْلِهِ : { أَنْ أَقِيمُوا الدِّين } أَنْ اعْمَلُوا بِهِ عَلَى مَا شَرَعَ لَكُمْ وَفَرَضَ , كَمَا قَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى قَبْل فِي قَوْله : { أَقِيمُوا الصَّلَاة } . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23661 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ , فِي قَوْله : ( { أَنْ أَقِيمُوا الدِّين } قَالَ : اعْمَلُوا بِهِ .)|وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ|وَقَوْله : { وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ } يَقُول : وَلَا تَخْتَلِفُوا فِي الدِّين الَّذِي أُمِرْتُمْ بِالْقِيَامِ بِهِ , كَمَا اخْتَلَفَ الْأَحْزَاب مِنْ قَبْلكُمْ. كَمَا : 23662 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ } تَعْلَمُوا أَنَّ الْفُرْقَة هَلَكَة , وَأَنَّ الْجَمَاعَة ثِقَة .)|كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ|وَقَوْله : { كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ مِنْ قَوْمك يَا مُحَمَّد مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ مِنْ إِخْلَاص الْعِبَادَة لِلَّهِ , وَإِفْرَاده بِالْأُلُوهِيَّةِ وَالْبَرَاءَة مِمَّا سِوَاهُ مِنَ الْآلِهَة وَالْأَنْدَاد . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23663 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ } قَالَ : أَنْكَرَهَا الْمُشْرِكُونَ , وَكَبُرَ عَلَيْهِمْ شَهَادَة أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , فَصَادَمَهَا إِبْلِيس وَجُنُوده , فَأَبَى اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَّا أَنْ يُمْضِيهَا وَيَنْصُرهَا وَيَفْلُجهَا وَيُظْهِرهَا عَلَى مَنْ نَاوَأَهَا .)|اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ|وَقَوْله : { اللَّه يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيب } يَقُول : اللَّه يَصْطَفِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاء مِنْ خَلْقه , وَيَخْتَار لِنَفْسِهِ , وَوِلَايَته مَنْ أَحَبَّ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23664 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ ثنا عِيسَى , وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { اللَّه يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيب } يَقُول : وَيُوَفِّق لِلْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ , وَاتِّبَاع مَا بَعَثَ بِهِ نَبِيّه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام مِنَ الْحَقّ مَنْ أَقْبَلَ إِلَى طَاعَته , وَرَاجَعَ التَّوْبَة مِنْ مَعَاصِيه . )كَمَا : 23665 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ ( { وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيب } : مَنْ يُقْبِل إِلَى طَاعَة اللَّه .)

أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْد مَا جَاءَهُمُ الْعِلْم بَغْيًا بَيْنهمْ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا تَفَرَّقَ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ فِي أَدْيَانهمْ فَصَارُوا أَحْزَابًا , إِلَّا مِنْ بَعْد مَا جَاءَهُمُ الْعِلْم , بِأَنَّ الَّذِي أَمَرَهُمْ اللَّه بِهِ , وَبَعَثَ بِهِ نُوحًا , هُوَ إِقَامَة الدِّين الْحَقّ , وَأَنْ لَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ. 23666 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْد مَا جَاءَهُمُ الْعِلْم } فَقَالَ : إِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَة فَإِنَّهَا هَلَكَة { بَغْيًا بَيْنهمْ } يَقُول : بَغْيًا مِنْ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض وَحَسَدًا وَعَدَاوَة عَلَى طَلَب الدُّنْيَا .)|وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى|يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَلَوْلَا قَوْل سَبَقَ يَا مُحَمَّد مِنْ رَبّك لَا يُعَاجِلهُمْ بِالْعَذَابِ , وَلَكِنَّهُ أَخَّرَ ذَلِكَ إِلَى أَجَل مُسَمًّى , وَذَلِكَ الْأَجَل الْمُسَمَّى فِيمَا ذُكِرَ : يَوْم الْقِيَامَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23667 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ ( { وَلَوْلَا كَلِمَة سَبَقَتْ مِنْ رَبّك إِلَى أَجَل مُسَمًّى } قَالَ : يَوْم الْقِيَامَة .)|لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ|وَقَوْله : { لَقُضِيَ بَيْنهمْ } يَقُول : لَفَرَغَ رَبّك مِنَ الْحُكْم بَيْن هَؤُلَاءِ الْمُخْتَلِفِينَ فِي الْحَقّ الَّذِي بَعَثَ بِهِ نَبِيّه نُوحًا مِنْ بَعْد عِلْمهمْ بِهِ , بِإِهْلَاكِهِ أَهْل الْبَاطِل مِنْهُمْ , وَإِظْهَاره أَهْل الْحَقّ عَلَيْهِمْ .|وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ|وَقَوْله : { وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَاب مِنْ بَعْدهمْ } يَقُول : وَإِنَّ الَّذِينَ أَتَاهُمْ اللَّه مِنْ بَعْد هَؤُلَاءِ الْمُخْتَلِفِينَ فِي الْحَقّ كِتَابه التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْله : { وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَاب مِنْ بَعْدهمْ } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23668 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَوْله : ( { وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَاب مِنْ بَعْدهمْ } قَالَ : الْيَهُود وَالنَّصَارَى .)|لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ|يَقُول : لَفِي شَكّ مِنْ الدِّين الَّذِي وَصَّى اللَّه بِهِ نُوحًا , وَأَوْحَاهُ إِلَيْك يَا مُحَمَّد , وَأَمَرَكُمَا بِإِقَامَتِهِ مُرِيب .

وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْت } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَإِلَى ذَلِكَ الدِّين الَّذِي شُرِعَ لَكُمْ , وَوَصَّى بِهِ نُوحًا , وَأَوْحَاهُ إِلَيْك يَا مُحَمَّد , فَادْعُ عِبَاد اللَّه , وَاسْتَقِمْ عَلَى الْعَمَل بِهِ , وَلَا تَزِغْ عَنْهُ , وَاثْبُتْ عَلَيْهِ كَمَا أَمَرَك رَبّك بِالِاسْتِقَامَةِ , وَقِيلَ : فَلِذَلِكَ فَادْعُ , وَالْمَعْنَى : فَإِلَى ذَلِكَ , فَوُضِعَتْ اللَّام مَوْضِع إِلَى , كَمَا قِيلَ : { بِأَنَّ رَبّك أَوْحَى لَهَا } [99 5 ]وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي غَيْر مَوْضِع مِنْ كِتَابنَا هَذَا , وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة يُوَجِّهُ مَعْنَى ذَلِكَ , فِي قَوْله : { فَلِذَلِكَ فَادْعُ } إِلَى مَعْنَى هَذَا , وَيَقُول : مَعْنَى الْكَلَام : فَإِلَى هَذَا الْقُرْآن فَادْعُ وَاسْتَقِمْ . وَالَّذِي قَالَ مِنْ هَذَا الْقَوْل قَرِيب الْمَعْنَى مِمَّا قُلْنَاهُ , غَيْر أَنَّ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْكَلَام ; لِأَنَّهُ فِي سِيَاق خَبَر اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَمَّا شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّين لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِقَامَتِهِ , وَلَمْ يَأْتِ مِنْ الْكَلَام مَا يَدُلّ عَلَى انْصِرَافه عَنْهُ إِلَى غَيْره .|وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ|وَقَوْله : { وَلَا تَتَّبِع أَهْوَاءَهُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَا تَتَّبِع يَا مُحَمَّد أَهْوَاء الَّذِينَ شَكُّوا فِي الْحَقّ الَّذِي شَرَعَهُ اللَّه لَكُمْ مِنْ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَاب مِنْ بَعْد الْقُرُون الْمَاضِيَة قَبْلهمْ , فَتَشُكّ فِيهِ , كَالَّذِي شَكُّوا فِيهِ .|وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ|يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّد : صَدَّقْت بِمَا أَنْزَلَ اللَّه مِنْ كِتَاب كَائِنًا مَا كَانَ ذَلِكَ الْكِتَاب , تَوْرَاة كَانَ أَوْ إِنْجِيلًا أَوْ زَبُورًا أَوْ صُحُف إِبْرَاهِيم , لَا أَكْذِب بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ تَكْذِيبكُمْ بِبَعْضِهِ مَعْشَر الْأَحْزَاب , وَتَصْدِيقكُمْ بِبَعْضٍ .|وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ|وَقَوْله : { وَأُمِرْت لِأَعْدِلَ بَيْنكُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّد : وَأَمَرَنِي رَبِّي أَنْ أَعْدِل بَيْنكُمْ مَعْشَر الْأَحْزَاب , فَأَسِير فِيكُمْ جَمِيعًا بِالْحَقِّ الَّذِي أَمَرَنِي بِهِ وَبَعَثَنِي بِالدُّعَاءِ إِلَيْهِ. كَالَّذِي : 23669 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَأُمِرْت لِأَعْدِلَ بَيْنكُمْ } قَالَ : أُمِرَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَعْدِل , فَعَدَلَ حَتَّى مَاتَ صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِ , وَالْعَدْل مِيزَان اللَّه فِي الْأَرْض , بِهِ يَأْخُذ لِلْمَظْلُومِ مِنْ الظَّالِم , وَلِلضَّعِيفِ مِنْ الشَّدِيد , وَبِالْعَدْلِ يُصَدِّق اللَّهُ الصَّادِقَ , وَيُكَذِّبُ الْكَاذِبَ , وَبِالْعَدْلِ يَرُدُّ الْمُعْتَدِيَ وَيُوَبِّخهُ. )ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام : كَانَ يَقُول : ثَلَاث مَنْ كُنَّ فِيهِ أَعْجَبَنِي جِدًّا : الْقَصْد فِي الْفَاقَة وَالْغِنَى , وَالْعَدْل فِي الرِّضَا وَالْغَضَب , وَالْخَشْيَة فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة ; وَثَلَاث مَنْ كُنَّ فِيهِ أَهْلَكَهُ : شُحّ مُطَاع , وَهَوًى مُتَّبَع , وَإِعْجَاب الْمَرْء بِنَفْسِهِ , وَأَرْبَع مَنْ أُعْطِيَهُنَّ فَقَدْ أُعْطِيَ خَيْر الدُّنْيَا وَالْآخِرَة : لِسَان ذَاكِرٌ , وَقَلْب شَاكِر , وَبَدَن صَابِر , وَزَوْجَة مُؤْمِنَة . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي مَعْنَى اللَّام الَّتِي فِي قَوْله : { وَأُمِرْت لِأَعْدِلَ بَيْنكُمْ } فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : مَعْنَاهَا : كَيْ , وَأُمِرْت كَيْ أَعْدِل ; وَقَالَ غَيْره : مَعْنَى الْكَلَام : وَأُمِرْت بِالْعَدْلِ , وَالْأَمْر وَاقِع عَلَى مَا بَعْده , وَلَيْسَتْ اللَّام الَّتِي فِي لِأَعْدِلَ بِشَرْطٍ ; قَالَ : { وَأُمِرْت } تَقَع عَلَى | أَنَّ | وَعَلَى | كَيْ | وَاللَّام أُمِرْت أَنْ أَعْبُد , وَكَيْ أَعْبُد , وَلِأَعْبُد . قَالَ : وَكَذَلِكَ كُلّ مَنْ طَالَبَ الِاسْتِقْبَال , فَفِيهِ هَذِهِ الْأَوْجُه الثَّلَاثَة . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ الْأَمْر عَامِل فِي مَعْنَى لِأَعْدِل ; لِأَنَّ مَعْنَاهُ : وَأُمِرْت بِالْعَدْلِ بَيْنكُمْ .|اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ|وَقَوْله : { اللَّه رَبّنَا وَرَبّكُمْ } يَقُول : اللَّه مَالِكنَا وَمَالِككُمْ مَعْشَر الْأَحْزَاب مِنْ أَهْل الْكِتَابَيْنِ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل .|لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ|يَقُول : لَنَا ثَوَابُ مَا اكْتَسَبْنَاهُ مِنْ الْأَعْمَال , وَلَكُمْ ثَوَاب مَا اكْتَسَبْتُمْ مِنْهَا .|لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ|وَقَوْله : { لَا حُجَّة بَيْننَا وَبَيْنكُمْ } يَقُول : لَا خُصُومَة بَيْننَا وَبَيْنكُمْ. كَمَا : 23670 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَالْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { لَا حُجَّة بَيْننَا وَبَيْنكُمْ } قَالَ : لَا خُصُومَة . )23671 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : ( { لَا حُجَّة بَيْننَا وَبَيْنكُمْ } لَا خُصُومَة بَيْننَا وَبَيْنكُمْ , وَقَرَأَ : { وَلَا تُجَادِلُوا أَهْل الْكِتَاب إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن } .... [29 46 ]إِلَى آخِر الْآيَة .)|اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا|وَقَوْله : { اللَّه يَجْمَع بَيْننَا } يَقُول : اللَّه يَجْمَع بَيْننَا يَوْم الْقِيَامَة , فَيَقْضِي بَيْننَا بِالْحَقِّ فِيمَا اخْتَلَفْنَا فِيهِ .|وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ|يَقُول : وَإِلَيْهِ الْمُعَاد وَالْمَرْجِع بَعْد مَمَاتنَا .

أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّه مِنْ بَعْد مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتهمْ دَاحِضَة عِنْد رَبّهمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَب وَلَهُمْ عَذَاب شَدِيد } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَالَّذِينَ يُخَاصِمُونَ فِي دِين اللَّه الَّذِي ابْتَعَثَ بِهِ نَبِيّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَعْد مَا اسْتَجَابَ لَهُ النَّاس , فَدَخَلُوا فِيهِ مِنْ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَاب { حُجَّتهمْ دَاحِضَة } يَقُول : خُصُومَتهمْ الَّتِي يُخَاصِمُونَ فِيهِ بَاطِلَة ذَاهِبَة عِنْد رَبّهمْ { وَعَلَيْهِمْ غَضَب } يَقُول : وَعَلَيْهِمْ مِنَ اللَّه غَضَب , وَلَهُمْ فِي الْآخِرَة عَذَاب شَدِيد , وَهُوَ عَذَاب النَّار . وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي قَوْم مِنَ الْيَهُود خَاصَمُوا أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دِينهمْ , وَطَمِعُوا أَنْ يَصُدُّوهُمْ عَنْهُ , وَيَرُدُّوهُمْ عَنْ الْإِسْلَام إِلَى الْكُفْر. ذِكْر الرِّوَايَة عَمَّنْ ذُكِرَ ذَلِكَ عَنْهُ : 23672 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّه مِنْ بَعْد مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتهمْ دَاحِضَة عِنْد رَبّهمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَب وَلَهُمْ عَذَاب شَدِيد } قَالَ : هُمْ أَهْل الْكِتَاب كَانُوا يُجَادِلُونَ الْمُسْلِمِينَ , وَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ الْهُدَى مِنْ بَعْد مَا اسْتَجَابُوا لِلَّهِ , وَقَالَ : هُمْ أَهْل الضَّلَالَة كَانَ اسْتُجِيبَ لَهُمْ عَلَى ضَلَالَتهمْ , وَهُمْ يَتَرَبَّصُونَ بِأَنْ تَأْتِيهِمُ الْجَاهِلِيَّة. )23673 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّه مِنْ بَعْد مَا اسْتُجِيبَ لَهُ } قَالَ : طَمِعَ رِجَال بِأَنْ تَعُود الْجَاهِلِيَّة . )23674 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة ( { وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّه مِنْ بَعْد مَا اسْتُجِيبَ لَهُ } قَالَ : بَعْد مَا دَخَلَ النَّاس فِي الْإِسْلَام . )23675 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّه مِنْ بَعْد مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتهمْ دَاحِضَة عِنْد رَبّهمْ } قَالَ : هُمُ الْيَهُود وَالنَّصَارَى , قَالُوا : كِتَابنَا قَبْل كِتَابكُمْ , وَنَبِيُّنَا قَبْل نَبِيّكُمْ , وَنَحْنُ خَيْر مِنْكُمْ . )* - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّه مِنْ بَعْد مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتهمْ دَاحِضَة } . .... الْآيَة , قَالَ : هُمُ الْيَهُود وَالنَّصَارَى حَاجُّوا أَصْحَاب نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالُوا : كِتَابنَا قَبْل كِتَابكُمْ , وَنَبِيّنَا قَبْل نَبِيّكُمْ , وَنَحْنُ أَوْلَى بِاللَّهِ مِنْكُمْ. )23676 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّه } . ... إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : نَهَاهُ عَنِ الْخُصُومَة .)

وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آَمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { اللَّه الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَاب بِالْحَقِّ وَالْمِيزَان } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { اللَّه الَّذِي أَنْزَلَ } هَذَا { الْكِتَاب } يَعْنِي الْقُرْآن { بِالْحَقِّ وَالْمِيزَان } يَقُول : وَأَنْزَلَ الْمِيزَان وَهُوَ الْعَدْل , لِيَقْضِيَ بَيْن النَّاس بِالْإِنْصَافِ , وَيَحْكُم فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّه الَّذِي أَمَرَ بِهِ فِي كِتَابه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23677 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنَا الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { أَنْزَلَ الْكِتَاب بِالْحَقِّ وَالْمِيزَان } قَالَ : الْعَدْل . )23678 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَاب بِالْحَقِّ وَالْمِيزَاب } قَالَ : الْمِيزَان : الْعَدْل.)|وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ|وَقَوْله : { وَمَا يُدْرِيك لَعَلَّ السَّاعَة قَرِيب } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَيّ شَيْء يُدْرِيك وَيُعْلِمك , لَعَلَّ السَّاعَة الَّتِي تَقُوم فِيهَا الْقِيَامَة قَرِيب

أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ

يَقُول : يَسْتَعْجِلك يَا مُحَمَّد بِمَجِيئِهَا الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ بِمَجِيئِهَا , ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّهَا غَيْر جَائِيَة|وَالَّذِينَ آمَنُوا|يَقُول : وَالَّذِينَ صَدَّقُوا بِمَجِيئِهَا , وَوَعْد اللَّه إِيَّاهُمُ الْحَشْر فِيهَا ,|مُشْفِقُونَ مِنْهَا|يَقُول : وَجِلُونَ مِنْ مَجِيئِهَا , خَائِفُونَ مِنْ قِيَامهَا , لِأَنَّهُمْ لَا يَدْرُونَ مَا اللَّه فَاعِل بِهِمْ فِيهَا|وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ|يَقُول : وَيُوقِنُونَ أَنَّ مَجِيئَهَا الْحَقّ الْيَقِين , لَا يَمْتَرُونَ فِي مَجِيئِهَا|أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ|يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُخَاصِمُونَ فِي قِيَام السَّاعَة وَيُجَادِلُونَ فِيهِ|لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ|يَقُول : لَفِي جَوْر عَنْ طَرِيق الْهُدَى , وَزَيْغ عَنْ سَبِيل الْحَقّ وَالرَّشَاد , بَعِيد مِنْ الصَّوَاب.

وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { اللَّه لَطِيف بِعِبَادِهِ يَرْزُق مِنْ يَشَاء } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : اللَّه ذُو لُطْف بِعِبَادِهِ , يَرْزُق مَنْ يَشَاء فَيُوَسِّع عَلَيْهِ وَيُقَتِّر عَلَى مَنْ يَشَاء مِنْهُمْ .|وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ| { وَهُوَ الْقَوِيّ } الَّذِي لَا يَغْلِبهُ ذُو أَيْدٍ لِشِدَّتِهِ , وَلَا يَمْتَنِع عَلَيْهِ إِذَا أَرَادَ عِقَابه بِقُدْرَتِهِ { الْعَزِيز } فِي انْتِقَامه إِذَا انْتَقَمَ مِنْ أَهْل مَعَاصِيه .

وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْ

{ مَنْ كَانَ يُرِيد حَرْث الْآخِرَة نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَنْ كَانَ يُرِيد بِعَمَلِهِ الْآخِرَة نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثه : يَقُول : نَزِدْ لَهُ فِي عَمَله الْحَسَن , فَنَجْعَل لَهُ بِالْوَاحِدَةِ عَشْرًا , إِلَى مَا شَاءَ رَبّنَا مِنْ الزِّيَادَة { وَمَنْ كَانَ يُرِيد حَرْث الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا { يَقُول : وَمَنْ كَانَ يُرِيد بِعَمَلِهِ الدُّنْيَا وَلَهَا يَسْعَى لَا لِلْآخِرَةِ , نُؤْتِهِ مِنْهَا مَا قَسَمْنَا لَهُ مِنْهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23679 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { مَنْ كَانَ يُرِيد حَرْث الْآخِرَة نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثه } . . . إِلَى { وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَة مِنْ نَصِيب } قَالَ : يَقُول : مَنْ كَانَ إِنَّمَا يَعْمَل لِلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا . )23680 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { مَنْ كَانَ يُرِيد حَرْث الْآخِرَة نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثه وَمَنْ كَانَ يُرِيد حَرْث الدُّنْيَا }. ... الْآيَة , يَقُول : مَنْ آثَرَ دُنْيَاهُ عَلَى آخِرَته لَمْ نَجْعَل لَهُ نَصِيبًا فِي الْآخِرَة إِلَّا النَّار , وَلَمْ نَزِدْهُ بِذَلِكَ مِنْ الدُّنْيَا شَيْئًا إِلَّا رِزْقًا قَدْ فُرِغَ مِنْهُ وَقُسِمَ لَهُ . )23681 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { مَنْ كَانَ يُرِيد حَرْث الْآخِرَة نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثه } قَالَ : مَنْ كَانَ يُرِيد الْآخِرَة وَعَمَلهَا نَزِدْ لَهُ فِي عَمَله { وَمَنْ كَانَ يُرِيد حَرْث الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا } . ... إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : مَنْ أَرَادَ الدُّنْيَا وَعَمَلهَا آتَيْنَاهُ مِنْهَا , وَلَمْ نَجْعَل لَهُ فِي الْآخِرَة مِنْ نَصِيب , الْحَرْثُ الْعَمَلُ , مَنْ عَمِلَ لِلْآخِرَةِ أَعْطَاهُ اللَّه , وَمَنْ عَمِلَ لِلدُّنْيَا أَعْطَاهُ اللَّه. )23682 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ , قَوْله : ( { مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْث الْآخِرَة نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثه } قَالَ : مَنْ كَانَ يُرِيد عَمَل الْآخِرَة نَزِدْ لَهُ فِي عَمَله.)|وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ|يَقُول : وَلَيْسَ لِمَنْ طَلَبَ بِعَمَلِهِ الدُّنْيَا , وَلَمْ يُرِدْ اللَّه بِهِ فِي ثَوَاب اللَّه لِأَهْلِ الْأَعْمَال الَّتِي أَرَادُوهُ بِأَعْمَالِهِمْ فِي الدُّنْيَا حَظّ. وَقَوْله : { وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَة مِنْ نَصِيب } قَالَ : لِلْكَافِرِ عَذَاب أَلِيم .

وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّين مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّه وَلَوْلَا كَلِمَة الْفَصْل لَقُضِيَ بَيْنهمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَاب أَلِيم } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره ; أَمْ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ شُرَكَاء فِي شِرْكهمْ وَضَلَالَتهمْ { شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّين مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّه } يَقُول : ابْتَدَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّين مَا لَمْ يُبِحْ اللَّه لَهُمْ ابْتِدَاعه { وَلَوْلَا كَلِمَة الْفَصْل لَقُضِيَ بَيْنهمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَوْلَا السَّابِق مِنَ اللَّه فِي أَنَّهُ لَا يُعَجِّل لَهُمُ الْعَذَاب فِي الدُّنْيَا , وَأَنَّهُ مَضَى مِنْ قِيله إِنَّهُمْ مُؤَخَّرُونَ بِالْعُقُوبَةِ إِلَى قِيَام السَّاعَة , لَفَرَغَ مِنَ الْحُكْم بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ بِتَعْجِيلِهِ الْعَذَاب لَهُمْ فِي الدُّنْيَا , وَلَكِنَّ لَهُمْ فِي الْآخِرَة مِنَ الْعَذَاب الْأَلِيم , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَاب أَلِيم } يَقُول : وَإِنَّ الْكَافِرِينَ بِاللَّهِ لَهُمْ يَوْم الْقِيَامَة عَذَاب مُؤْلِم مُوجِع .

قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِع بِهِمْ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تَرَى يَا مُحَمَّد الْكَافِرِينَ بِاللَّهِ يَوْم الْقِيَامَة { مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا } يَقُول : وَجِلِينَ خَائِفِينَ مِنْ عِقَاب اللَّه عَلَى مَا كَسَبُوا فِي الدُّنْيَا مِنْ أَعْمَالهمُ الْخَبِيثَة . { وَهُوَ وَاقِع بِهِمْ } يَقُول : وَالَّذِينَ هُمْ مُشْفِقُونَ مِنْهُ مِنْ عَذَاب اللَّه نَازِل بِهِمْ , وَهُمْ ذَائِقُوهُ لَا مَحَالَة .|وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ|وَقَوْله : { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات فِي رَوْضَات الْجَنَّات } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَأَطَاعُوهُ فِيمَا أَمَرَ وَنَهَى فِي الدُّنْيَا فِي رَوْضَات الْبَسَاتِين فِي الْآخِرَة , وَيَعْنِي بِالرَّوْضَاتِ : جَمْع رَوْضَة , وَهِيَ الْمَكَان الَّذِي يَكْثُر نَبْته , وَلَا تَقُول الْعَرَب لِمَوَاضِع الْأَشْجَار رِيَاض ; وَمِنْهُ قَوْل أَبِي النَّجْم. <br>وَالنَّغْض مِثْل الْأَجْرَب الْمُدَجَّل .......... حَدَائِق الرَّوْض الَّتِي لَمْ تُحْلَل <br>يَعْنِي بِالرَّوْضِ : جَمْع رَوْضَة , وَإِنَّمَا عَنَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِكَ : الْخَبَر عَمَّا هُمْ فِيهِ مِنْ السُّرُور وَالنَّعِيم . كَمَا : 23683 -مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس قَوْله : ( { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات فِي رَوْضَات الْجَنَّات } إِلَى آخِر الْآيَة. قَالَ فِي رِيَاض الْجَنَّة وَنَعِيمهَا .)|لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ|وَقَوْله : { لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْد رَبّهمْ } يَقُول لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات عِنْد رَبّهمْ فِي الْآخِرَة مَا تَشْتَهِيه أَنْفُسهمْ , وَتَلَذّهُ أَعْيُنهمْ ,|ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ|يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَذَا الَّذِي أَعْطَاهُمْ اللَّه مِنْ هَذَا النَّعِيم , وَهَذِهِ الْكَرَامَة فِي الْآخِرَة : هُوَ الْفَضْل مِنَ اللَّه عَلَيْهِمْ , الْكَبِير الَّذِي يَفْضُل كُلّ نَعِيم وَكَرَامَة فِي الدُّنْيَا مِنْ بَعْض أَهْلهَا عَلَى بَعْض .

قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّر اللَّه عِبَاده الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَذَا الَّذِي أَخْبَرْتُكُمْ أَيّهَا النَّاس أَنِّي أَعْدَدْته لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات فِي الْآخِرَة مِنْ النَّعِيم وَالْكَرَامَة , الْبُشْرَى الَّتِي يُبَشِّر اللَّه عِبَاده الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ فِي الدُّنْيَا , وَعَمِلُوا بِطَاعَتِهِ فِيهَا .|قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى| { قُلْ لَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ يَا مُحَمَّد لِلَّذِينَ يُمَارُونَك فِي السَّاعَة مِنْ مُشْرِكِي قَوْمك : لَا أَسْأَلكُمْ أَيّهَا الْقَوْم عَلَى دِعَايَتكُمْ إِلَى مَا أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ مِنَ الْحَقّ الَّذِي جِئْتُكُمْ بِهِ , وَالنَّصِيحَة الَّتِي أَنْصَحكُمْ ثَوَابًا وَجَزَاء , وَعِوَضًا مِنْ أَمْوَالكُمْ تُعْطُونَنِيهِ { إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى } . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله : { إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى } . فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : إِلَّا أَنْ تَوَدُّونِي فِي قَرَابَتِي مِنْكُمْ , وَتَصِلُوا رَحِمِي بَيْنِي وَبَيْنكُمْ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23684 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَيَعْقُوب , قَالَا : ثنا إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم , عَنْ دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنِ الشَّعْبِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { لَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى } قَالَ : لَمْ يَكُنْ بَطْن مِنْ بُطُون قُرَيْش إِلَّا وَبَيْن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنهمْ قَرَابَة , فَقَالَ : | قُلْ لَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا أَنْ تَوَدُّونِي فِي الْقَرَابَة الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنكُمْ | . (23685 -حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عَبْد الْمَلِك بْن مَيْسَرَة عَنْ طَاوُس , فِي قَوْله : ) { قُلْ لَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى } قَالَ : سُئِلَ عَنْهَا ابْن عَبَّاس , فَقَالَ ابْن جُبَيْر : هُمْ قُرْبَى آل مُحَمَّد , فَقَالَ ابْن عَبَّاس : عَجِلْت , إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ بَطْن مِنْ بُطُون قُرَيْش إِلَّا وَلَهُ فِيهِمْ قَرَابَة , قَالَ : فَنَزَلَتْ { قُلْ لَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى } قَالَ : | إِلَّا الْقَرَابَة الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنكُمْ أَنْ تَصِلُوهَا | . (23686 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ) { قُلْ لَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى } قَالَ : كَانَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَابَة فِي جَمِيع قُرَيْش , فَلَمَّا كَذَّبُوهُ وَأَبَوْا أَنْ يُبَايِعُوهُ قَالَ : | يَا قَوْم إِذَا أَبَيْتُمْ أَنْ تُبَايِعُونِي فَاحْفَظُوا قَرَابَتِي فِيكُمْ لَا يَكُنْ غَيْركُمْ مِنْ الْعَرَب أَوْلَى بِحِفْظِي وَنُصْرَتِي مِنْكُمْ |. (23687 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ) { قُلْ لَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى } يَعْنِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ لِقُرَيْشٍ : | لَا أَسْأَلكُمْ مِنْ أَمْوَالكُمْ شَيْئًا , وَلَكِنْ أَسْأَلكُمْ أَنْ لَا تُؤْذُونِي لِقَرَابَةٍ مَا بَيْنِي وَبَيْنكُمْ , فَإِنَّكُمْ قَوْمِي وَأَحَقّ مَنْ أَطَاعَنِي وَأَجَابَنِي | . (23688 -حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : )إِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ وَاسِطًا مِنْ قُرَيْش , كَانَ لَهُ فِي كُلّ بَطْن مِنْ قُرَيْش نَسَب , فَقَالَ : وَلَا أَسْأَلكُمْ عَلَى مَا أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ إِلَّا أَنْ تَحْفَظُونِي فِي قَرَابَتِي , قُلْ لَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى | . (23689 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك , قَالَ : )كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسِط النَّسَب مِنْ قُرَيْش , لَيْسَ حَيّ مِنْ أَحْيَاء قُرَيْش إِلَّا وَقَدْ وَلَدُوهُ ; قَالَ : فَقَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { قُلْ لَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى } : | إِلَّا أَنْ تَوَدُّونِي لِقَرَابَتِي مِنْكُمْ وَتَحْفَظُونِي | . (23690 - حَدَّثَنَا أَبُو حُصَيْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن يُونُس , قَالَ : ثنا عَبْثَر , قَالَ : ثنا حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك فِي هَذِهِ الْآيَة : ) { قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى } قَالَ : كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَنِي هَاشِم وَأُمّه مِنْ بَنِي زُهْرَة وَأُمّ أَبِيهِ مِنْ بَنِي مَخْزُوم , فَقَالَ : | احْفَظُونِي فِي قَرَابَتِي | . (23691 -حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حَرَمِيّ , قَالَ : ثنا شُعْبَة , قَالَ : أَخْبَرَنِي عُمَارَة , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : ) { قُلْ لَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى } قَالَ : تَعْرِفُونَ قَرَابَتِي , وَتُصَدِّقُونَنِي بِمَا جِئْت بِهِ , وَتَمْنَعُونِي . (23692 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ) { قُلْ لَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى } وَإِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَمَرَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يَسْأَل النَّاس عَلَى هَذَا الْقُرْآن أَجْرًا إِلَّا أَنْ يَصِلُوا مَا بَيْنه وَبَيْنهمْ مِنَ الْقَرَابَة , وَكُلّ بُطُون قُرَيْش قَدْ وَلَدَتْهُ وَبَيْنه وَبَيْنهمْ قَرَابَة . (23693 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ) { إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى } أَنْ تَتَّبِعُونِي , وَتُصَدِّقُونِي وَتَصِلُوا رَحِمِي . (23694 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ , فِي قَوْله : ) { قُلْ لَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى } قَالَ : لَمْ يَكُنْ بَطْن مِنْ بُطُون قُرَيْش إِلَّا لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ وِلَادَة , فَقَالَ : قُلْ لَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا أَنْ تَوَدُّونِي لِقَرَابَتِي مِنْكُمْ . (23695 - حَدَّثَنَا عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : )سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { قُلْ لَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى } يَعْنِي قُرَيْشًا . يَقُول : إِنَّمَا أَنَا رَجُل مِنْكُمْ , فَأَعِينُونِي عَلَى عَدُوِّي , وَاحْفَظُوا قَرَابَتِي , وَإِنَّ الَّذِي جِئْتُكُمْ بِهِ لَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى , أَنْ تَوَدُّونِي لِقَرَابَتِي , وَتُعِينُونِي عَلَى عَدُوِّي . (23696 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ) { قُلْ لَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى } قَالَ : يَقُول : إِلَّا أَنْ تَوَدُّونِي لِقَرَابَتِي كَمَا تُوَادُّونَ فِي قَرَابَتكُمْ وَتُوَاصِلُونَ بِهَا , لَيْسَ هَذَا الَّذِي جِئْت بِهِ يَقْطَع ذَلِكَ عَنِّي , فَلَسْت أَبْتَغِي عَلَى الَّذِي جِئْت بِهِ أَجْرًا آخُذهُ عَلَى ذَلِكَ مِنْكُمْ . (23697 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب قَالَ : أَخْبَرَنِي سَعِيد بْن أَبِي أَيُّوب , عَنْ عَطَاء بْن دِينَار , فِي قَوْله : ) { قُلْ لَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى } يَقُول : لَا أَسْأَلكُمْ عَلَى مَا جِئْتُكُمْ بِهِ أَجْرًا , إِلَّا أَنْ تَوَدُّونِي فِي قَرَابَتِي مِنْكُمْ , وَتَمْنَعُونِي مِنَ النَّاس. (* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ) { قُلْ لَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى } قَالَ : كُلّ قُرَيْش كَانَتْ بَيْنهمْ وَبَيْن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَابَة , فَقَالَ : قُلْ لَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا أَنْ تَوَدُّونِي بِالْقَرَابَةِ الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنكُمْ . (وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : قُلْ لِمَنْ تَبِعَك مِنْ الْمُؤْمِنِينَ : لَا أَسْأَلكُمْ عَلَى مَا جِئْتُكُمْ بِهِ أَجْرًا إِلَّا أَنْ تَوَدُّوا قَرَابَتِي . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23698 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيل بْن أَبَان , قَالَ : ثنا الصَّبَّاح بْن يَحْيَى الْمُرِّيّ , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي الدَّيْلَم قَالَ : )لَمَّا جِيءَ بِعَلِيِّ بْن الْحُسَيْن رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا أَسِيرًا , فَأُقِيمَ عَلَى دَرَج دِمَشْق , قَامَ رَجُل مِنْ أَهْل الشَّام فَقَالَ : الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي قَتَلَكُمْ وَاسْتَأْصَلَكُمْ , وَقَطَعَ قُرْبَى الْفِتْنَة , فَقَالَ لَهُ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا : أَقَرَأْت الْقُرْآن ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالَ : أَقَرَأْت آل حم ؟ قَالَ : قَرَأْت الْقُرْآن وَلَمْ أَقْرَأ آل حم , قَالَ : مَا قَرَأْت { قُلْ لَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى } ؟ قَالَ : وَإِنَّكُمْ لَأَنْتُمْ هُمْ ؟ قَالَ نَعَمْ . (23699 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب قَالَ : ثنا مَالِك بْن إِسْمَاعِيل , قَالَ : ثنا عَبْد السَّلَام , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن أَبِي زِيَاد , عَنْ مِقْسَم , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَالَ : )قَالَتِ الْأَنْصَار : فَعَلْنَا وَفَعَلْنَا , 0 فَكَأَنَّهُمْ فَخَرُوا , قَالَ ابْن عَبَّاس , أَوْ الْعَبَّاس , شَكَّ عَبْد السَّلَام : لَنَا الْفَضْل عَلَيْكُمْ , فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَتَاهُمْ فِي مَجَالِسهمْ , فَقَالَ : | يَا مَعْشَر الْأَنْصَار أَلَمْ تَكُونُوا أَذِلَّة فَأَعَزّكُمُ اللَّه بِي ؟ | قَالُوا : بَلَى يَا رَسُول اللَّه , قَالَ : وَأَلَمْ تَكُونُوا ضُلَّالًا فَهَدَاكُمُ اللَّه بِي ؟ | قَالُوا : بَلَى يَا رَسُول اللَّه , قَالَ : | أَفَلَا تُجِيبُونِي ؟ | قَالُوا : مَا نَقُول يَا رَسُول اللَّه ؟ قَالَ : | أَلَا تَقُولُونَ : أَلَمْ يُخْرِجك قَوْمك فَآوَيْنَاك , أَوَلَمْ يُكَذِّبُوك فَصَدَّقْنَاك , أَوَلَمْ يَخْذُلُوك فَنَصَرْنَاك ؟ | قَالَ : فَمَا زَالَ يَقُول حَتَّى جَثَوْا عَلَى الرُّكَب , وَقَالُوا : أَمْوَالنَا وَمَا فِي أَيْدِينَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ , قَالَ : فَنَزَلَتْ { قُلْ لَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى } . )23700 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا مَرْوَان , عَنْ يَحْيَى بْن كَثِير , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْله : ( { قُلْ لَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى } قَالَ : هِيَ قُرْبَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . )23701 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة الْأَسَدِيّ وَمُحَمَّد بْن خَلَف قَالَا : ثنا عُبَيْد اللَّه قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق قَالَ : (سَأَلْت عَمْرو بْن شُعَيْب , عَنْ قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { قُلْ لَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى } قَالَ : قُرْبَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : قُلْ لَا أَسْأَلكُمْ أَيّهَا النَّاس عَلَى مَا جِئْتُكُمْ بِهِ أَجْرًا إِلَّا أَنْ تَوَدَّدُوا إِلَى اللَّه , وَتَتَقَرَّبُوا بِالْعَمَلِ الصَّالِح وَالطَّاعَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23702 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن دَاوُد وَمُحَمَّد بْن دَاوُد أَخُوهُ أَيْضًا قَالَا : ثنا عَاصِم بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا قَزَعَة بْن سُوَيْد , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , عَنِ ابْن عَبَّاس , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قُلْ لَا أَسْأَلكُمْ عَلَى مَا أَتَيْتُكُمْ بِهِ مِنَ الْبَيِّنَات وَالْهُدَى أَجْرًا إِلَّا أَنْ تَوَدَّدُوا اللَّه وَتَتَقَرَّبُوا إِلَيْهِ بِطَاعَتِهِ . )23703 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مَنْصُور بْن زَاذَان , عَنِ الْحَسَن أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة ( { قُلْ لَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى } قَالَ : الْقُرْبَى إِلَى اللَّه . )* - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَوْف , عَنِ الْحَسَن , فِي قَوْله : ( { قُلْ لَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى } قَالَ : إِلَّا التَّقَرُّب إِلَى اللَّه , وَالتَّوَدُّد إِلَيْهِ بِالْعَمَلِ الصَّالِح . )* - بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : قَالَ الْحَسَن : فِي قَوْله : ( { قُلْ لَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى } قُلْ لَا أَسْأَلكُمْ عَلَى مَا جِئْتُكُمْ بِهِ , وَعَلَى هَذَا الْكِتَاب أَجْرًا , إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى , إِلَّا أَنْ تَوَدَّدُوا إِلَى اللَّه بِمَا يُقَرِّبكُمْ إِلَيْهِ , وَعَمَلٌ بِطَاعَتِهِ . )23704 - قَالَ بِشْر : قَالَ يَزِيد : وَحَدَّثَنِيهِ يُونُس , عَنِ الْحَسَن , حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { قُلْ لَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى } إِلَّا أَنْ تَوَدَّدُوا إِلَى اللَّه فِيمَا يُقَرِّبكُمْ إِلَيْهِ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : إِلَّا أَنْ تَصِلُوا قَرَابَتكُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23705 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثنا قُرَّة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن الْقَاسِم , فِي قَوْله : ( { إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى } قَالَ : أُمِرْت أَنْ تَصِل قَرَابَتك . )وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ , وَأَشْبَههَا بِظَاهِرِ التَّنْزِيل قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : قُلْ لَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا يَا مَعْشَر قُرَيْش , إِلَّا أَنْ تَوَدُّونِي فِي قَرَابَتِي مِنْكُمْ , وَتَصِلُوا الرَّحِم الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنكُمْ . وَإِنَّمَا قُلْت : هَذَا التَّأْوِيل أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَة لِدُخُولِ | فِي | فِي قَوْله : { إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى } , وَلَوْ كَانَ مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى مَا قَالَهُ مَنْ قَالَ : إِلَّا أَنْ تَوَدُّوا قَرَابَتِي , أَوْ تَقَرَّبُوا إِلَى اللَّه , لَمْ يَكُنْ لِدُخُولِ | فِي | فِي الْكَلَام فِي هَذَا الْمَوْضِع وَجْه مَعْرُوف , وَلَكَانَ التَّنْزِيل : إِلَّا مَوَدَّة الْقُرْبَى إِنْ عُنِيَ بِهِ الْأَمْر بِمَوَدَّةِ قَرَابَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَوْ إِلَّا الْمَوَدَّة بِالْقُرْبَى , أَوْ ذَا الْقُرْبَى إِنْ عُنِيَ بِهِ التَّوَدُّد وَالتَّقَرُّب , وَفِي دُخُول | فِي | فِي الْكَلَام أَوْضَح الدَّلِيل عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ : إِلَّا مَوَدَّتِي فِي قَرَابَتِي مِنْكُمْ , وَأَنَّ الْأَلِف وَاللَّام فِي الْمَوَدَّة أُدْخِلَتَا بَدَلًا مِنَ الْإِضَافَة , كَمَا قِيلَ : { فَإِنَّ الْجَنَّة هِيَ الْمَأْوَى } [79 41 ]وَقَوْله : | إِلَّا | فِي هَذَا الْمَوْضِع اسْتِثْنَاء مُنْقَطِع , وَمَعْنَى الْكَلَام : قُلْ لَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا , لَكِنِّي أَسْأَلكُمْ الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى , فَالْمَوَدَّة مَنْصُوبَة عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْت , وَقَدْ كَانَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة يَقُول : هِيَ مَنْصُوبَة بِمُضْمَرٍ مِنْ الْفِعْل , بِمَعْنَى : إِلَّا أَنْ أَذْكُر مَوَدَّة قَرَابَتِي .|وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا|وَقَوْله : { وَمَنْ يَقْتَرِف حَسَنَة نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَنْ يَعْمَل حَسَنَة , وَذَلِكَ أَنْ يَعْمَل عَمَلًا يُطِيع اللَّه فِيهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ { نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا } يَقُول : نُضَاعِف عَمَله ذَلِكَ الْحَسَن , فَنَجْعَل لَهُ مَكَان الْوَاحِد عَشْرًا إِلَى مَا شِئْنَا مِنْ الْجَزَاء وَالثَّوَاب . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23706 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ , فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : ( { وَمَنْ يَقْتَرِف حَسَنَة } قَالَ : يَعْمَل حَسَنَة. )23707 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَمَنْ يَقْتَرِف حَسَنَة نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا } قَالَ : مَنْ يَعْمَل خَيْرًا نَزِدْ لَهُ . الِاقْتِرَاف : الْعَمَل.)|إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ|وَقَوْله : { إِنَّ اللَّه غَفُور شَكُور } يَقُول : إِنَّ اللَّه غَفُور لِذُنُوبِ عِبَاده , شَكُور لِحَسَنَاتِهِمْ وَطَاعَتهمْ إِيَّاهُ . كَمَا : 23708 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { إِنَّ اللَّه غَفُور } لِلذُّنُوبِ { شَكُور } لِلْحَسَنَاتِ يُضَاعِفهَا . )23709 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { إِنَّ اللَّه غَفُور شَكُور } قَالَ : غَفَرَ لَهُمْ الذُّنُوب , وَشَكَرَ لَهُمْ نِعَمًا هُوَ أَعْطَاهُمْ إِيَّاهَا , وَجَعَلَهَا فِيهِمْ.)

فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّه كَذِبًا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَمْ يَقُول هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ : { افْتَرَى } مُحَمَّد { عَلَى اللَّه كَذِبًا } فَجَاءَ بِهَذَا الَّذِي يَتْلُوهُ عَلَيْنَا اخْتِلَاقًا مِنْ قِبَل نَفْسه .|فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ|وَقَوْله : { فَإِنْ يَشَأِ اللَّه } يَا مُحَمَّد يَطْبَع عَلَى قَلْبك , فَتَنْسَ هَذَا الْقُرْآن الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْك. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23710 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّه كَذِبًا فَإِنْ يَشَأِ اللَّه يَخْتِم عَلَى قَلْبك } فَيُنْسِيك الْقُرْآن . )* - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { فَإِنْ يَشَأِ اللَّه يَخْتِم عَلَى قَلْبك } قَالَ : إِنْ يَشَأْ اللَّه أَنْسَاك مَا قَدْ أَتَاك . )23711 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ , فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : ( { فَإِنْ يَشَأِ اللَّه يَخْتِم عَلَى قَلْبك } قَالَ : يَطْبَع .)|وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ|وَقَوْله : { وَيَمْحُ اللَّه الْبَاطِل } يَقُول : وَيَذْهَب اللَّه بِالْبَاطِلِ فَيَمْحَقهُ . وَقَوْله : { وَيَمْحُ اللَّه الْبَاطِل } فِي مَوْضِع رَفْع بِالِابْتِدَاءِ , وَلَكِنَّهُ حُذِفَتْ مِنْهُ الْوَاو فِي الْمُصْحَف , كَمَا حُذِفَتْ مِنْ قَوْله : { سَنَدْعُ الزَّبَانِيَة } [96 18 ]وَمِنْ قَوْله : { وَيَدْعُ الْإِنْسَان بِالشَّرِّ } [17 11 ]وَلَيْسَ بِجَزْمٍ عَلَى الْعَطْف عَلَى يَخْتِم .|وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ|الَّتِي أَنْزَلَهَا إِلَيْك يَا مُحَمَّد فَيُثْبِتهُ .|إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ|وَقَوْله : { إِنَّهُ عَلِيم بِذَاتِ الصُّدُور } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّه ذُو عِلْم بِمَا فِي صُدُور خَلْقه , وَمَا تَنْطَوِي عَلَيْهِ ضَمَائِرهمْ , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ أُمُورهمْ شَيْء , يَقُول لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ حَدَّثْت نَفْسك أَنْ تَفْتَرِي عَلَى اللَّه كَذِبًا , لَطَبَعْت عَلَى قَلْبك , وَأَذْهَبْت الَّذِي أَتَيْتُك مِنْ وَحْيِي ; لِأَنِّي أَمْحُو الْبَاطِل فَأُذْهِبهُ , وَأُحِقّ الْحَقّ , وَإِنَّمَا هَذَا إِخْبَار مِنَ اللَّه الْكَافِرِينَ بِهِ , الزَّاعِمِينَ أَنَّ مُحَمَّدًا افْتَرَى هَذَا الْقُرْآن مِنْ قِبَل نَفْسه , فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ إِنْ فَعَلَ لَفَعَلَ بِهِ مَا أَخْبَرَ بِهِ فِي هَذِهِ الْآيَة .

تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَهُوَ الَّذِي يَقْبَل التَّوْبَة عَنْ عِبَاده وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَات وَيَعْلَم مَا تَفْعَلُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاللَّه الَّذِي يَقْبَل مُرَاجَعَة الْعَبْد إِذَا رَجَعَ إِلَى تَوْحِيد اللَّه وَطَاعَته مِنْ بَعْد كُفْره { وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئَات } يَقُول : وَيَعْفُو أَنْ يُعَاقِبهُ عَلَى سَيِّئَاته مِنْ الْأَعْمَال , وَهِيَ مَعَاصِيه الَّتِي تَابَ مِنْهَا { وَيَعْلَم مَا تَفْعَلُونَ } اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة | وَيَفْعَلُونَ | بِالْيَاءِ , بِمَعْنَى : وَيَعْلَم مَا يَفْعَل عِبَاده , وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة { تَفْعَلُونَ } بِالتَّاءِ عَلَى وَجْه الْخِطَاب . وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب , غَيْر أَنَّ الْيَاء أَعْجَب إِلَيَّ ; لِأَنَّ الْكَلَام مِنْ قَبْل ذَلِكَ جَرَى عَلَى الْخَبَر , وَذَلِكَ قَوْله : { وَهُوَ الَّذِي يَقْبَل التَّوْبَة عَنْ عِبَاده } وَيَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَيَعْلَم مَا تَفْعَلُونَ } وَيَعْلَم رَبّكُمْ أَيّهَا النَّاس مَا تَفْعَلُونَ مِنْ خَيْر وَشَرّ , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْء , وَهُوَ مُجَازِيكُمْ عَلَى كُلّ ذَلِكَ جَزَاءَهُ , فَاتَّقُوا اللَّه فِي أَنْفُسكُمْ , وَاحْذَرُوا أَنْ تَرْكَبُوا مَا تَسْتَحِقُّونَ بِهِ مِنْهُ الْعُقُوبَة . 23712 - حَدَّثَنَا تَمِيم بْن الْمُنْتَصِر , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْحَاق بْن يُوسُف , عَنْ شَرِيك عَنْ إِبْرَاهِيم بْن مُهَاجِر , عَنْ إِبْرَاهِيم النَّخَعِيّ , عَنْ هَمَّام بْن الْحَارِث , قَالَ : (أَتَيْنَا عَبْد اللَّه نَسْأَلهُ عَنْ هَذِهِ الْآيَة : { وَهُوَ الَّذِي يَقْبَل التَّوْبَة عَنْ عِبَاده وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَات وَيَعْلَم مَا تَفْعَلُونَ } قَالَ : فَوَجَدْنَا عِنْده أُنَاسًا أَوْ رِجَالًا يَسْأَلُونَهُ عَنْ رَجُل أَصَابَ مِنْ امْرَأَة حَرَامًا , ثُمَّ تَزَوَّجَهَا , فَتَلَا هَذِهِ الْآيَة { وَهُوَ الَّذِي يَقْبَل التَّوْبَة عَنْ عِبَاده وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَات وَيَعْلَم مَا تَفْعَلُونَ } . )

وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَسْتَجِيب الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيُجِيب الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُوله , وَعَمِلُوا بِمَا أَمَرَهُمْ اللَّه بِهِ , وَانْتَهَوْا عَمَّا نَهَاهُمْ عَنْهُ لِبَعْضِهِمْ دُعَاء بَعْض . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23713 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عَثَّام , قَالَ : ثنا الْأَعْمَش , عَنْ شَقِيق بْن سَلَمَة , عَنْ سَلَمَة بْن سَبْرَة , قَالَ : (خَطَبَنَا مُعَاذ , فَقَالَ : أَنْتُمُ الْمُؤْمِنُونَ , وَأَنْتُمْ أَهْل الْجَنَّة , وَاللَّه إِنِّي لَأَرْجُوَ أَنَّ مَنْ تُصِيبُونَ مِنْ فَارِس وَالرُّوم يَدْخُلُونَ الْجَنَّة , ذَلِكَ بِأَنَّ أَحَدهمْ إِذَا عَمِلَ لِأَحَدِكُمُ الْعَمَل قَالَ : أَحْسَنْت رَحِمَك اللَّه , أَحْسَنْت غَفَرَ اللَّه لَك , ثُمَّ قَرَأَ : { وَيَسْتَجِيب الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات وَيَزِيدهُمْ مِنْ فَضْله } . )وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي مَعْنَى قَوْله : { وَيَسْتَجِيب الَّذِينَ آمَنُوا } فَقَالَ بَعْضهمْ : أَيْ اسْتَجَابَ فَجَعَلَهُمْ هُمُ الْفَاعِلِينَ , فَالَّذِينَ فِي قَوْله رَفْع , وَالْفِعْل لَهُمْ وَتَأْوِيل الْكَلَام عَلَى هَذَا الْمَذْهَب : وَاسْتَجَابَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات لِرَبِّهِمْ إِلَى الْإِيمَان بِهِ , وَالْعَمَل بِطَاعَتِهِ إِذْ دَعَاهُمْ إِلَى ذَلِكَ . وَقَالَ آخَر مِنْهُمْ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَيُجِيب الَّذِينَ آمَنُوا , وَهَذَا الْقَوْل يَحْتَمِل وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا الرَّفْع , بِمَعْنَى : وَيُجِيب اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا . وَالْآخَر مَا قَالَهُ صَاحِب الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَا . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : { وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا } يَكُون | وَالَّذِينَ | فِي مَوْضِع نَصْب بِمَعْنَى : وَيُجِيب اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا . وَقَدْ جَاءَ فِي التَّنْزِيل : { فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبّهمْ } [3 195 ]وَالْمَعْنَى : فَأَجَابَ لَهُمْ رَبّهمْ , إِلَّا أَنَّك إِذَا قُلْت اسْتَجَابَ , أَدْخَلْت اللَّام فِي الْمَفْعُول ; وَإِذَا قُلْت أَجَابَ حَذَفْت اللَّام , وَيَكُون اسْتَجَابَهُمْ , لِمَعْنَى : اسْتَجَابَ لَهُمْ , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ } [83 3 ]وَالْمَعْنَى وَاللَّه أَعْلَم : إِذَا كَالُوا لَهُمْ , أَوْ وَزَنُوا لَهُمْ { يُخْسِرُونَ } [83 3 ]قَالَ : وَيَكُون | الَّذِينَ | فِي مَوْضِع رَفْع إِنْ يُجْعَل الْفِعْل لَهُمْ , أَيْ الَّذِينَ آمَنُوا يَسْتَجِيبُونَ لِلَّهِ , وَيَزِيدهُمْ عَلَى إِجَابَتهمْ , وَالتَّصْدِيق بِهِ مِنْ فَضْله . وَقَدْ بَيَّنَّا الصَّوَاب فِي ذَلِكَ مِنْ الْقَوْل عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ مُعَاذ وَمَنْ ذَكَرْنَا قَوْله فِيهِ .|وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ|وَقَوْله : { وَيَزِيدهُمْ مِنْ فَضْله } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيَزِيد الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات مَعَ إِجَابَته إِيَّاهُمْ دُعَاءَهُمْ , وَإِعْطَائِهِ إِيَّاهُمْ مَسْأَلَتهمْ مِنْ فَضْله عَلَى مَسْأَلَتهمْ إِيَّاهُ , بِأَنْ يُعْطِيهِمْ مَا لَمْ يَسْأَلُوهُ , وَقِيلَ : إِنَّ ذَلِكَ الْفَضْل الَّذِي ضَمِنَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنْ يَزِيدهُمُوهُ , هُوَ أَنْ يُشَفِّعهُمْ فِي إِخْوَان إِخْوَانهمْ إِذَا هُمْ شَفَعُوا فِي إِخْوَانهمْ , فَشَفَعُوا فِيهِمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23714 - حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد الْفِرْيَابِيّ , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن أَبِي سَلَمَة , عَنْ سَعِيد بْن بَشِير , عَنْ قَتَادَة , عَنْ إِبْرَاهِيم النَّخَعِيّ فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : ( { وَيَسْتَجِيب الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات } قَالَ : يَشْفَعُونَ فِي إِخْوَانهمْ , وَيَزِيدهُمْ مِنْ فَضْله , قَالَ : يَشْفَعُونَ فِي إِخْوَان إِخْوَانهمْ.)|وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ|وَقَوْله : { وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَاب شَدِيد } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَالْكَافِرُونَ بِاللَّهِ لَهُمْ يَوْم الْقِيَامَة عَذَاب شَدِيد عَلَى كُفْرهمْ بِهِ .

وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَوْ بَسَطَ اللَّه الرِّزْق لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْض وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاء } </subtitle>ذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ مِنْ أَجْل قَوْم مِنْ أَهْل الْفَاقَة مِنَ الْمُسْلِمِينَ تَمَنَّوْا سَعَة الدُّنْيَا وَالْغِنَى , فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَلَوْ بَسَطَ اللَّه الرِّزْق لِعِبَادِهِ , فَوَسَّعَهُ وَكَثَرَهُ عِنْدهمْ لَبَغَوْا , فَتَجَاوَزُوا الْحَدّ الَّذِي حَدَّهُ اللَّه لَهُمْ إِلَى غَيْر الَّذِي حَدَّهُ لَهُمْ فِي بِلَاده بِرُكُوبِهِمْ فِي الْأَرْض مَا حَظَرَهُ عَلَيْهِمْ , وَلَكِنَّهُ يُنَزِّل رِزْقهمْ بِقَدَرٍ لِكِفَايَتِهِمْ الَّذِي يَشَاء مِنْهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23715 -يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ أَبُو هَانِئ : سَمِعْت عَمْرو بْن حُرَيْث وَغَيْره يَقُولُونَ : (إِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي أَصْحَاب الصُّفَّة { وَلَوْ بَسَطَ اللَّه الرِّزْق لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْض وَلَكِنْ يُنَزِّل بِقَدَرٍ مَا يَشَاء } ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا : لَوْ أَنَّ لَنَا , فَتَمَنَّوْا . )* -حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سِنَان الْقَزَّاز , قَالَ : ثنا أَبُو عَبْد الرَّحْمَن الْمُقْرِي , قَالَ : ثنا حَيْوَة , قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئ , أَنَّهُ سَمِعَ عَمْرو بْن حُرَيْث يَقُول : إِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْله . 23716 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَلَوْ بَسَطَ اللَّه الرِّزْق لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْض } . ... الْآيَة قَالَ : كَانَ يُقَال : خَيْر الرِّزْق مَا لَا يُطْغِيك وَلَا يُلْهِيك . )وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أَخْوَف مَا أَخَاف عَلَى أُمَّتِي زَهْرَة الدُّنْيَا وَكَثْرَتهَا | . فَقَالَ لَهُ قَائِل : يَا نَبِيّ اللَّه هَلْ يَأْتِي الْخَيْر بِالشَّرِّ ؟ فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَهَلْ يَأْتِي الْخَيْر بِالشَّرِّ ؟ | فَأَنْزَلَ اللَّه عَلَيْهِ عِنْد ذَلِكَ , وَكَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ كَرَبَ لِذَلِكَ , وَتَرَبَّدَ وَجْهه , حَتَّى إِذَا سُرِّيَ عَنْ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : | هَلْ يَأْتِي الْخَيْر بِالشَّرِّ | يَقُولهَا ثَلَاثًا : | إِنَّ الْخَيْر لَا يَأْتِي إِلَّا بِالْخَيْرِ | , يَقُولهَا ثَلَاثًا , وَكَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتْر الْكَلَام : وَلَكِنَّهُ وَاللَّه مَا كَانَ رَبِيع قَطُّ إِلَّا أُحْبِطَ أَوْ أَلَمَّ فَأَمَّا عَبْد أَعْطَاهُ اللَّه مَالًا , فَوَضَعَهُ فِي سَبِيل اللَّه الَّتِي افْتَرَضَ وَارْتَضَى , فَذَلِكَ عَبْد أُرِيدَ بِهِ خَيْر , وَعُزِمَ لَهُ عَلَى الْخَيْر , وَأَمَّا عَبْد أَعْطَاهُ اللَّه مَالًا فَوَضَعَهُ فِي شَهَوَاته وَلَذَّاتِهِ , وَعَدَلَ عَنْ حَقّ اللَّه عَلَيْهِ , فَذَلِكَ عَبْد أُرِيدَ بِهِ شَرّ , وَعُزِمَ لَهُ عَلَى شَرّ | .)|إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ|وَقَوْله : { إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِير بَصِير } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّه بِمَا يُصْلِح عِبَاده وَيُفْسِدهُمْ مِنْ غِنًى وَفَقْر وَسَعَة وَإِقْتَار , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ مَصَالِحهمْ وَمَضَارّهمْ , ذُو خِبْرَة , وَعِلْم , بَصِير بِتَدْبِيرِهِمْ , وَصَرْفهمْ فِيمَا فِيهِ صَلَاحهمْ.

فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آَلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّل الْغَيْث مِنْ بَعْد مَا قَنَطُوا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاللَّه الَّذِي يُنَزِّل الْمَطَر مِنَ السَّمَاء فَيُغِيثكُمْ بِهِ أَيّهَا النَّاس { مِنْ بَعْدَمَا قَنَطُوا } يَقُول : مِنْ بَعْد مَا يُئِسَ مِنْ نُزُوله وَمَجِيئِهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23717 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : (أَنَّهُ قِيلَ لِعُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : أَجْدَبَتِ الْأَرْض , وَقَنَطَ النَّاس , قَالَ : مُطِرُوا إِذَنْ . )23718 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { مِنْ بَعْد مَا قَنَطُوا } قَالَ : يَئِسُوا . )* - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَالَ : (ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَجُلًا أَتَى عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , فَقَالَ : يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ قَحَطَ الْمَطَر , وَقَنَطَ النَّاس قَالَ : مُطِرْتُمْ { وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّل الْغَيْث مِنْ بَعْدَمَا قَنَطُوا وَيَنْشُر رَحْمَته } . )|وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ|يَقُول : وَيَنْشُر فِي خَلْقه رَحْمَته , وَيَعْنِي بِالرَّحْمَةِ : الْغَيْث الَّذِي يُنْزِلهُ مِنَ السَّمَاء .|وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ|وَقَوْله : { وَهُوَ الْوَلِيّ الْحَمِيد } يَقُول : وَهُوَ الَّذِي يَلِيكُمْ بِإِحْسَانِهِ وَفَضْله , الْحَمِيد بِأَيَادِيهِ عِنْدكُمْ , وَنِعَمه عَلَيْكُمْ فِي خَلْقه .

وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآَنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمِنْ آيَاته خَلْق السَّمَوَات وَالْأَرْض } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمِنْ حُجَجه عَلَيْكُمْ أَيّهَا النَّاس أَنَّهُ الْقَادِر عَلَى إِحْيَائِكُمْ بَعْد فَنَائِكُمْ , وَبَعْثكُمْ مِنْ قُبُوركُمْ مِنْ بَعْد بَلَائِكُمْ , خَلْقه السَّمَوَات وَالْأَرْض .|وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ|يَعْنِي وَمَا فَرَّقَ فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض مِنْ دَابَّة . كَمَا : 23719 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّة } قَالَ : النَّاس وَالْمَلَائِكَة .)|وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ|يَقُول : وَهُوَ عَلَى جَمْع مَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّة إِذَا شَاءَ جَمْعه , ذُو قُدْرَة لَا يَتَعَذَّر عَلَيْهِ , كَمَا لَمْ يَتَعَذَّر عَلَيْهِ خَلْقه وَتَفْرِيقه , يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَكَذَلِكَ هُوَ الْقَادِر عَلَى جَمْع خَلْقه بِحَشْرِ يَوْم الْقِيَامَة بَعْد تَفَرُّق أَوْصَالهمْ فِي الْقُبُور .

قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَة فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِير } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا يُصِيبكُمْ أَيّهَا النَّاس مِنْ مُصِيبَة فِي الدُّنْيَا فِي أَنْفُسكُمْ وَأَهْلِيكُمْ وَأَمْوَالكُمْ { فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ } يَقُول : فَإِنَّمَا يُصِيبكُمْ ذَلِكَ عُقُوبَة مِنَ اللَّه لَكُمْ بِمَا اجْتَرَمْتُمْ مِنَ الْآثَام فِيمَا بَيْنكُمْ وَبَيْن رَبّكُمْ وَيَعْفُو لَكُمْ رَبّكُمْ عَنْ كَثِير مِنْ إِجْرَامكُمْ , فَلَا يُعَاقِبكُمْ بِهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23720 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا أَيُّوب , قَالَ : (قَرَأْت فِي كِتَاب أَبِي قِلَابَة , قَالَ : نَزَلَتْ : { فَمَنْ يَعْمَل مِثْقَال ذَرَّة خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَل مِثْقَال ذَرَّة شَرًّا يَرَهُ } [99 7 : 8 ]وَأَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يَأْكُل , فَأَمْسَكَ فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه إِنِّي لَرَاء مَا عَمِلْت مِنْ خَيْر أَوْ شَرّ ؟ فَقَالَ : | أَرَأَيْت مِمَّا تَكْرَه فَهُوَ مِنْ مَثَاقِيل ذَرّ الشَّرّ , وَتَدَّخِر مَثَاقِيل الْخَيْر حَتَّى تُعْطَاهُ يَوْم الْقِيَامَة | , قَالَ : قَالَ أَبُو إِدْرِيس : فَأَرَى مِصْدَاقهَا فِي كِتَاب اللَّه , قَالَ : { وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَة فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِير } . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : حَدَّثَ هَذَا الْحَدِيث الْهَيْثَم بْن الرَّبِيع , فَقَالَ فِيهِ أَيُّوب عَنْ أَبِي قِلَابَة , عَنْ أَنَس , أَنَّ أَبَا بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ كَانَ جَالِسًا عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَذَكَرَ الْحَدِيث , وَهُوَ غَلَط , وَالصَّوَاب عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيم . 23721 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَة فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ } . ... الْآيَة | ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُول : | لَا يُصِيب ابْن آدَم خَدْش عُود , وَلَا عَثْرَة قَدَم , وَلَا اخْتِلَاج عِرْق إِلَّا بِذَنْبٍ , وَمَا يَعْفُو عَنْهُ أَكْثَر . )23722 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَة فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ } . ... الْآيَة , قَالَ : يُعَجَّل لِلْمُؤْمِنِينَ عُقُوبَتهمْ بِذُنُوبِهِمْ وَلَا يُؤَاخَذُونَ بِهَا فِي الْآخِرَة . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِذَلِكَ : وَمَا عُوقِبْتُمْ فِي الدُّنْيَا مِنْ عُقُوبَة بِحَدٍّ حُدِدْتُمُوهُ عَلَى ذَنْب اسْتَوْجَبْتُمُوهُ عَلَيْهِ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ يَقُول : فِيمَا عَمِلْتُمْ مِنْ مَعْصِيَة اللَّه { وَيَعْفُو عَنْ كَثِير } فَلَا يُوجِب عَلَيْكُمْ فِيهَا حَدًّا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23723 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنِ الْحَسَن ( { وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَة } . .... الْآيَة , قَالَ : هَذَا فِي الْحُدُود , وَقَالَ قَتَادَة : بَلَغَنَا أَنَّهُ مَا مِنْ رَجُل يُصِيبهُ عَثْرَة قَدَم وَلَا خَدْش عُود أَوْ كَذَا وَكَذَا إِلَّا بِذَنْبٍ , أَوْ يَعْفُو , وَمَا يَعْفُو أَكْثَر .)

يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآَمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ

وَقَوْله : { وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْض } يَقُول : وَمَا أَنْتُمْ أَيّهَا النَّاس بِمُفِيتِي رَبّكُمْ بِأَنْفُسِكُمْ إِذَا أَرَادَ عُقُوبَتكُمْ عَلَى ذُنُوبكُمْ الَّتِي أَذْنَبْتُمُوهَا , وَمَعْصِيَتكُمْ إِيَّاهُ الَّتِي رَكِبْتُمُوهَا هَرَبًا فِي الْأَرْض , فَمُعْجِزِيهِ , حَتَّى لَا يَقْدِر عَلَيْكُمْ , وَلَكِنَّكُمْ حَيْثُ كُنْتُمْ فِي سُلْطَانه وَقَبْضَته , جَارِيَة فِيكُمْ مَشِيئَته|وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ| { وَمَا لَكُمْ مِنْ دُون اللَّه مِنْ وَلِيّ } يَلِيكُمْ بِالدِّفَاعِ عَنْكُمْ إِذَا أَرَادَ عُقُوبَتكُمْ عَلَى مَعْصِيَتكُمْ إِيَّاهُ { وَلَا نَصِير } يَقُول : وَلَا لَكُمْ مِنْ دُونه نَصِير يَنْصُركُمْ إِذَا هُوَ عَاقَبَكُمْ , فَيَنْتَصِر لَكُمْ مِنْهُ , فَاحْذَرُوا أَيّهَا النَّاس مَعَاصِيه , وَاتَّقُوهُ أَنْ تُخَالِفُوهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ أَوْ نَهَاكُمْ , فَإِنَّهُ لَا دَافِع لِعُقُوبَتِهِ عَمَّنْ أَحَلَّهَا بِهِ .

وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمِنْ آيَاته الْجَوَار فِي الْبَحْر } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمِنْ حُجَج اللَّه أَيّهَا النَّاس عَلَيْكُمْ بِأَنَّهُ الْقَادِر عَلَى كُلّ مَا يَشَاء , وَأَنَّهُ لَا يَتَعَذَّر عَلَيْهِ فِعْل شَيْء أَرَادَهُ السُّفُن الْجَارِيَة فِي الْبَحْر , وَالْجَوَارِي : جَمْع جَارِيَة , وَهِيَ السَّائِرَة فِي الْبَحْر. كَمَا : 23724 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبَى نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { الْجَوَار فِي الْبَحْر } قَالَ : السُّفُن . )23725 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ ( { وَمِنْ آيَاته الْجَوَار فِي الْبَحْر } قَالَ : الْجَوَارِي : السُّفُن .)|كَالْأَعْلَامِ|وَقَوْله : { كَالْأَعْلَامِ } يَعْنِي كَالْجِبَالِ : وَاحِدهَا عَلَم ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : <br>كَأَنَّهُ عَلَم فِي رَأْسه نَار <br>يَعْنِي : جَبَل . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23726 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { كَالْأَعْلَامِ } قَالَ : كَالْجِبَالِ . )23727 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : (الْأَعْلَام : الْجِبَال.)

أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

وَقَوْله : { إِنْ يَشَأْ يُسْكِن الرِّيح فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِد عَلَى ظَهْره } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنْ يَشَأِ اللَّه الَّذِي قَدْ أَجْرَى هَذِهِ السُّفُن فِي الْبَحْر أَنْ لَا تَجْرِي فِيهِ , أَسْكَنَ الرِّيح الَّتِي تَجْرِي بِهَا فِيهِ , فَثَبَتْنَ فِي مَوْضِع وَاحِد , وَوَقَفْنَ عَلَى ظَهْر الْمَاء لَا تَجْرِي , فَلَا تَتَقَدَّم وَلَا تَتَأَخَّر . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23728 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَمِنْ آيَاته الْجَوَار فِي الْبَحْر كَالْأَعْلَامِ إِنْ يَشَأْ يُسْكِن الرِّيح فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِد عَلَى ظَهْره } سُفُن هَذَا الْبَحْر تَجْرِي بِالرِّيحِ فَإِذَا أُمْسِكَتْ عَنْهَا الرِّيح رَكَدَتْ , قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات لِكُلِّ صَبَّار شَكُور } . )23729 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ ( { إِنْ يَشَأْ يُسْكِن الرِّيح فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِد عَلَى ظَهْره } لَا تَجْرِي . )23730 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِد عَلَى ظَهْره } يَقُول : وُقُوفًا .)|إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ|وَقَوْله : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات لِكُلِّ صَبَّار شَكُور } يَقُول : إِنَّ فِي جَرْي هَذِهِ الْجَوَارِي فِي الْبَحْر بِقُدْرَةِ اللَّه لَعِظَة وَعِبْرَة وَحُجَّة بَيِّنَة عَلَى قُدْرَة اللَّه عَلَى مَا يَشَاء , لِكُلِّ ذِي صَبْر عَلَى طَاعَة اللَّه , شَكُور لِنِعَمِهِ وَأَيَادِيه عِنْده .

وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَوْ يُوبِقهُنَّ بِمَا كَسَبُوا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَوْ يُوبِق هَذِهِ الْجَوَارِي فِي الْبَحْر بِمَا كَسَبَتْ رُكْبَانهَا مِنْ الذُّنُوب , وَاجْتَرَمُوا مِنَ الْآثَام , وَجَزَمَ يُوبِقهُنَّ , عَطْفًا عَلَى { يُسْكِن الرِّيح } وَمَعْنَى الْكَلَام إِنْ يُسْكِن الرِّيح فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِد عَلَى ظَهْره , { أَوْ يُوبِقهُنَّ } وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { أَوْ يُوبِقهُنَّ } أَوْ يُهْلِكهُنَّ بِالْغَرَقِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23731 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثنا مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { أَوْ يُوبِقهُنَّ } يَقُول : يُهْلِكهُنَّ . )23732 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { أَوْ يُوبِقهُنَّ } : أَوْ يُهْلِكهُنَّ. )23733 -حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ ( { أَوْ يُوبِقهُنَّ } قَالَ : يُغْرِقهُنَّ بِمَا كَسَبُوا . )وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي قَوْله : { بِمَا كَسَبُوا } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23734 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { أَوْ يُوبِقهُنَّ بِمَا كَسَبُوا } : أَيْ بِذُنُوبِ أَهْلهَا . )* - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { أَوْ يُوبِقهُنَّ بِمَا كَسَبُوا } قَالَ : بِذُنُوبِ أَهْلهَا . )23735 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { أَوْ يُوبِقهُنَّ بِمَا كَسَبُوا } قَالَ : يُوبِقهُنَّ بِمَا كَسَبَتْ أَصْحَابهنَّ . )وَيَعْلَم الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتنَا|وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ|وَقَوْله : { وَيَعْفُ عَنْ كَثِير } يَقُول : وَيَصْفَح تَعَالَى ذِكْره عَنْ كَثِير مِنْ ذُنُوبكُمْ فَلَا يُعَاقِب عَلَيْهَا.

فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ

وَقَوْله : { وَيَعْلَم الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتنَا } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَيَعْلَم الَّذِينَ يُخَاصِمُونَ رَسُوله مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فِي آيَاته وَعِبَره وَأَدِلَّته عَلَى تَوْحِيده . وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة | وَيَعْلَم الَّذِينَ | رَفْعًا عَلَى الِاسْتِئْنَاف , كَمَا قَالَ فِي سُورَة بَرَاءَة : { وَيَتُوب اللَّه عَلَى مَنْ يَشَاء } [9 15 ]وَقَرَأَتْهُ قُرَّاء الْكُوفَة وَالْبَصْرَة { وَيَعْلَم الَّذِينَ } نَصْبًا كَمَا قَالَ فِي سُورَة آل عِمْرَان { وَيَعْلَم الصَّابِرِينَ } [3 142 ]عَلَى الصَّرْف ; وَكَمَا قَالَ النَّابِغَة : <br>فَإِنْ يَهْلِك أَبُو قَابُوس يَهْلِك .......... رَبِيع النَّاس وَالشَّهْر الْحَرَام <br><br>وَنُمْسِك بَعْده بِذَنَابِ عَيْش .......... أَجَبَّ الظَّهْر لَهُ سَنَام <br>وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ وَلُغَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ , مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب.|مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ|وَقَوْله : { مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيص } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيص مِنْ عِقَاب اللَّه إِذَا عَاقَبَهُمْ عَلَى ذُنُوبهمْ , وَكُفْرهمْ بِهِ , وَلَا لَهُمْ مِنْهُ مَلْجَأ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23736 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط عَنِ السُّدِّيّ , قَوْله : ( { مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيص } : مَا لَهُمْ مِنْ مَلْجَأ .)


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس