islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

تفسير الطبرى
15505

19-مريم

كهيعص

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { كهيعص } </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى ذِكْره : كَاف مِنْ { كهيعص } فَقَالَ بَعْضهمْ : تَأْوِيل ذَلِكَ أَنَّهَا حَرْف مِنْ اِسْمه الَّذِي هُوَ كَبِير , دَلَّ بِهِ عَلَيْهِ , وَاسْتَغْنَى بِذِكْرِهِ عَنْ ذِكْر بَاقِي الِاسْم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17658 - حَدَّثَنِي أَبُو حُصَيْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن يُونُس , قَالَ : ثنا عَبْثَر , قَالَ : ثنا حُصَيْن , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَاشِد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي هَذِهِ الْآيَة ( { كهيعص } قَالَ : كَبِير , يَعْنِي بِالْكَبِيرِ : الْكَاف مِنْ { كهيعص } . )* - حَدَّثَنَا هَنَّاد بْن السَّرِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو الْأَحْوَص , عَنْ حُصَيْن , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَاشِد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , مِثْله . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَاشِد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , كَانَ يَقُول ( { كهيعص } قَالَ : كَاف : كَبِير . )* - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن إِدْرِيس , عَنْ حُصَيْن , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَاشِد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي ( { كهيعص } قَالَ : كَاف : كَبِير . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحِيم بْن مَهْدِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حُصَيْن , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , نَحْوه . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الْكَاف مِنْ ذَلِكَ حَرْف مِنْ حُرُوفه اِسْمه الَّذِي هُوَ كَاف . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17659 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن طَلْحَة الْيَرْبُوعِيّ , قَالَ : أَخْبَرَنَا شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد , فِي قَوْله ( { كهيعص } قَالَ : كَاف : كَاف . )17660 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا جَابِر بْن نُوح , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو رَوْق , عَنْ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم فِي قَوْله : ( { كهيعص } قَالَ : كَاف : كَاف . )17661 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ الْكَلْبِيّ مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ حَرْف مِنْ حُرُوف اِسْمه الَّذِي هُوَ كَرِيم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17662 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر ( { كهيعص } قَالَ : كَاف مِنْ كَرِيم . )وَقَالَ الَّذِينَ فَسَّرُوا ذَلِكَ هَذَا التَّفْسِير الْهَاء مِنْ كهيعص : حَرْف مِنْ حُرُوف اِسْمه الَّذِي هُوَ هَادٍ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17663 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو حُصَيْن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (كَانَ يَقُول فِي الْهَاء مِنْ { كهيعص } : هَادٍ . )* - حَدَّثَنَا أَبُو حُصَيْن , قَالَ : ثنا عَبْثَر , قَالَ : ثنا حُصَيْن , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَاشِد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . * - حَدَّثَنَا هَنَّاد , قَالَ : ثنا أَبُو الْأَحْوَص , عَنْ حُصَيْن , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ سَعِيد , مِثْله . * - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , عَنْ حُصَيْن , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَاشِد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر نَحْوه . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حُصَيْن , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . * - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن طَلْحَة , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : هَا : هَادٍ . 17664 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا جَابِر بْن نُوح , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو رَوْق , عَنْ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم , فِي قَوْله ( { كهيعص } قَالَ هَا : هَادٍ . )17665 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , قَالَ : ثنا عَنْبَسَة , عَنْ الْكَلْبِيّ , مِثْله . وَاخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيل الْيَاء مِنْ ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ حَرْف مِنْ حُرُوف اِسْمه الَّذِي هُوَ يَمِين . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17666 - حَدَّثَنِي أَبُو حُصَيْن , قَالَ : ثنا عَبْثَر , قَالَ : ثنا حُصَيْن , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَاشِد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : ( يَا | مِنْ { كهيعص } يَاء يَمِين . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَاشِد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . * - حَدَّثَنَا هَنَّاد , قَالَ : ثنا أَبُو الْأَحْوَص , عَنْ حُصَيْن , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَاشِد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر مِثْله . * - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , عَنْ حُصَيْن , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَاشِد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر (يَاء : يَمِين . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ حَرْف مِنْ حُرُوف اِسْمه الَّذِي هُوَ حَكِيم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17667 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر ( { كهيعص } قَالَ : يَا : مِنْ حَكِيم . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هِيَ حَرْف مِنْ قَوْل الْقَائِل : يَا مَنْ يُجِير . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17668 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيم بْن الضَّرِيس , قَالَ : سَمِعْت الرَّبِيع بْن أَنَس فِي قَوْله ( { كهيعص } قَالَ : يَا مَنْ يُجِير وَلَا يُجَار عَلَيْهِ . )وَاخْتَلَفَ مُتَأَوِّلُو ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي مَعْنَى الْعَيْن , فَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ حَرْف مِنْ حُرُوف اِسْمه الَّذِي هُوَ عَالِم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17669 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد ( { كهيعص } قَالَ : عَيْن مِنْ عَالِم . )17670 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ الْكَلْبِيّ , مِثْله . 17671 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَاشِد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . 17672 - حَدَّثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثنا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة , عَنْ الْعَلَاء بْن الْمُسَيَّب بْن رَافِع , عَنْ أَبِيهِ , فِي قَوْله ({ كهيعص } قَالَ : عَيْن : مِنْ عَالِم . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هِيَ حَرْف مِنْ حُرُوف اِسْمه الَّذِي هُوَ عَزِيز . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17673 - حَدَّثَنِي أَبُو حُصَيْن , قَالَ : ثنا عَبْثَر , قَالَ : ثنا حُصَيْن , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَاشِد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس ({ كهيعص } عَيْن : عَزِيز . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حُصَيْن , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . * - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , عَنْ حُصَيْن , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَاشِد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر مِثْله . * - حَدَّثَنَا هَنَّاد , قَالَ : ثنا أَبُو الْأَحْوَص , عَنْ حُصَيْن , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَاشِد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر مِثْله . * - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن طَلْحَة الْيَرْبُوعِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْله ( { كهيعص } قَالَ : عَيْن عَزِيز . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هِيَ حَرْف مِنْ حُرُوف اِسْمه الَّذِي هُوَ عَدْل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17674 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا جَابِر بْن نُوح , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو رَوْق , عَنْ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم , فِي قَوْله ( { كهيعص } قَالَ : عَيْن : عَدْل . )وَقَالَ الَّذِينَ تَأَوَّلُوا ذَلِكَ هَذَا التَّأْوِيل : الصَّاد مِنْ قَوْله { كهيعص } : حَرْف مِنْ حُرُوف اِسْمه الَّذِي هُوَ صَادِق . ذَكَرَ الرِّوَايَة بِذَلِكَ : 17675 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَاشِد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (كَانَ يَقُول فِي { كهيعص } صَاد : صَادِق . )* - حَدَّثَنِي أَبُو حُصَيْن , قَالَ : ثنا عَبْثَر , قَالَ : ثنا حُصَيْن , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَاشِد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حُصَيْن , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . * - حَدَّثَنَا هَنَّاد , قَالَ : ثنا أَبُو الْأَحْوَص , عَنْ حُصَيْن , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَاشِد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر مِثْله . * - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , عَنْ حُصَيْن , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَاشِد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , مِثْله . 17676 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا جَابِر بْن نُوح , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو رَوْق , عَنْ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم , قَالَ : (صَاد : صَادِق . )* - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن طَلْحَة , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد , قَالَ : (صَادِق , يَعْنِي الصَّاد مِنْ { كهيعص } )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد ( { كهيعص } قَالَ : صَاد صَادِق . )17677 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , قَالَ : ثنا عَنْبَسَة , عَنْ الْكَلْبِيّ , قَالَ : (صَادِق . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هَذِهِ الْكَلِمَة كُلّهَا اِسْم مِنْ أَسْمَاء اللَّه تَعَالَى . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17678 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن خَالِد بْن خِدَاش , قَالَ : ثني سَالِم بْن قُتَيْبَة , عَنْ أَبِي بَكْر الْهُذَلِيّ , عَنْ عَاتِكَة , عَنْ فَاطِمَة اِبْنَة عَلِيّ قَالَتْ : (كَانَ عَلِيّ يَقُول : يَا { كهيعص } : اِغْفِرْ لِي . )17679 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { كهيعص } قَالَ : فَإِنَّهُ قَسَم أَقْسَمَ اللَّه بِهِ , وَهُوَ مِنْ أَسْمَاء اللَّه . )وَقَالَ آخَرُونَ : كُلّ حَرْف مِنْ ذَلِكَ اِسْم مِنْ أَسْمَاء اللَّه عَزَّ وَجَلَّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17680 - حَدَّثَنِي مَطَر بْن مُحَمَّد الضَّبِّيّ , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , عَنْ عَبْد الْعَزِيز بْن مُسْلِم الْقَسْمَلِيّ , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة , قَالَ : ( { كهيعص } لَيْسَ مِنْهَا حَرْف إِلَّا وَهُوَ اِسْم . )وَقَالَ آخَرُونَ : هَذِهِ الْكَلِمَة اِسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17681 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله ( { كهيعص } قَالَ : اِسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا نَظِير الْقَوْل فِي { الم } وَسَائِر فَوَاتِح سُوَر الْقُرْآن الَّتِي اُفْتُتِحَتْ أَوَائِلهَا بِحُرُوفِ الْمُعْجَم , وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِيمَا مَضَى قَبْل , فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع .

ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ذِكْر رَحْمَتِ رَبّك عَبْده زَكَرِيَّا } </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي الرَّافِع لِلذِّكْرِ , وَالنَّاصِب لِلْعَبْدِ , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة فِي مَعْنَى ذَلِكَ كَأَنَّهُ قَالَ : مِمَّا نَقُصّ عَلَيْك ذِكْر رَحْمَة رَبّك عَبْده , وَانْتَصَبَ الْعَبْد بِالرَّحْمَةِ كَمَا تَقُول : ذِكْر ضَرْب زَيْد عَمْرًا . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : رُفِعَتْ الذِّكْر بِكهيعص , وَإِنْ شِئْت أَضْمَرْت هَذَا ذِكْر رَحْمَة رَبّك , قَالَ : وَالْمَعْنَى ذِكْر رَبّك عَبْده بِرَحْمَتِهِ تَقْدِيم وَتَأْخِير . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالْقَوْل الَّذِي هُوَ الصَّوَاب عِنْدِي فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : الذِّكْر مَرْفُوع بِمُضْمَرٍ مَحْذُوف , وَهُوَ هَذَا كَمَا فُعِلَ ذَلِكَ فِي غَيْرهَا مِنْ السُّوَر , وَذَلِكَ كَقَوْلِ اللَّه : { بَرَاءَة مِنْ اللَّه وَرَسُوله } [9 1 ]وَكَقَوْلِهِ : { سُورَة أَنْزَلْنَاهَا } [24 1 ]وَنَحْو ذَلِكَ . وَالْعَبْد مَنْصُوب بِالرَّحْمَةِ , وَزَكَرِيَّا فِي مَوْضِع نَصْب , لِأَنَّهُ بَيَان عَنْ الْعَبْد , فَتَأْوِيل الْكَلَام : هَذَا ذِكْر رَحْمَة رَبّك عَبْده زَكَرِيَّا .

إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا

وَقَوْله : { إِذْ نَادَى رَبّه نِدَاء خَفِيًّا } يَقُول حِين دَعَا رَبّه , وَسَأَلَهُ بِنِدَاءٍ خَفِيّ , يَعْنِي : وَهُوَ مُسْتَسِرّ بِدُعَائِهِ وَمَسْأَلَته إِيَّاهُ مَا سَأَلَ كَرَاهَته مِنْهُ لِلرِّيَاءِ , كَمَا : 17682 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { إِذْ نَادَى رَبّه نِدَاء خَفِيًّا } أَيْ سِرًّا , وَإِنَّ اللَّه يَعْلَم الْقَلْب النَّقِيّ , وَيَسْمَع الصَّوْت الْخَفِيّ . )17683 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : ( { إِذْ نَادَى رَبّه نِدَاء خَفِيًّا } قَالَ : لَا يُرِيد رِيَاء . )17684 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْن هَارُون , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : (رَغِبَ زَكَرِيَّا فِي الْوَلَد , فَقَامَ فَصَلَّى , ثُمَّ دَعَا رَبّه سِرًّا , فَقَالَ : { رَبّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْم مِنِّي } . ... إِلَى { وَاجْعَلْهُ رَبًّا رَضِيًّا } )

قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا

وَقَوْله : { قَالَ رَبّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْم مِنِّي } يَقُول تَعَالَى ذِكْره , فَكَانَ نِدَاؤُهُ الْخَفِيّ الَّذِي نَادَى بِهِ رَبّه أَنْ قَالَ : { رَبّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْم مِنِّي } يَعْنِي بِقَوْلِهِ { وَهَنَ } ضَعُفَ وَرَقَّ مِنْ الْكِبَر , كَمَا : 17685 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { قَالَ رَبّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْم مِنِّي } أَيْ ضَعُفَ الْعَظْم مِنِّي . )17686 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { وَهَنَ الْعَظْم مِنِّي } قَالَ : نَحَلَ الْعَظْم . قَالَ عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : الثَّوْرِيّ : وَبَلَغَنِي أَنَّ زَكَرِيَّا كَانَ اِبْن سَبْعِينَ سَنَة . )وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه النَّصْب فِي الشَّيْب , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَر مِنْ مَعْنَى الْكَلَام , كَأَنَّهُ حِين قَالَ : اِشْتَعَلَ , قَالَ : شَابَ , فَقَالَ : شَيْبًا عَلَى الْمَصْدَر . قَالَ : وَلَيْسَ هُوَ فِي مَعْنَى : تَفَقَّأْت شَحْمًا وَامْتَلَأْت مَاء , لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَصْدَرٍ . وَقَالَ غَيْره : نُصِبَ الشَّيْب عَلَى التَّفْسِير , لِأَنَّهُ يُقَال : اِشْتَعَلَ شَيْب رَأْسِي , وَاشْتَعَلَ رَأْسِي شَيْبًا , كَمَا يُقَال : تَفَقَّأْت شَحْمًا , وَتَفَقَّأَ شَحْمِي .|وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا|وَقَوْله : { وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِك رَبّ شَقِيًّا } يَقُول : وَلَمْ أَشْقَ يَا رَبّ بِدُعَائِك , لِأَنَّك لَمْ تُخَيِّب دُعَائِي قَبْل إِذْ كُنْت أَدْعُوك فِي حَاجَتِي إِلَيْك , بَلْ كُنْت تُجِيب وَتَقْضِي حَاجَتِي قَبْلك . كَمَا : 17687 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : ( { وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِك رَبّ شَقِيًّا } يَقُول : قَدْ كُنْت تُعَرِّفنِي الْإِجَابَة فِيمَا مَضَى .)

وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنِّي خِفْت الْمَوَالِي مِنْ وَرَائِي } </subtitle>يَقُول : وَإِنِّي خِفْت بَنِي عَمِّي وَعَصَبَتِي مِنْ وَرَائِي . يَقُول : مِنْ بَعْدِي أَنَّ يَرِثُونِي , وَقِيلَ : عَنَى بِقَوْلِهِ { مِنْ وَرَائِي } مِنْ قُدَّامِي وَمِنْ بَيْن يَدَيَّ ; وَقَدْ بَيَّنْت جَوَاز ذَلِكَ فِيمَا مَضَى قَبْل . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17688 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَإِنِّي خِفْت الْمَوَالِي مِنْ وَرَائِي } يَعْنِي بِالْمَوَالِي : الْكَلَالَة الْأَوْلِيَاء أَنْ يَرِثُوهُ , فَوَهَبَ اللَّه لَهُ يَحْيَى . )17689 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن دَاوُدَ الْوَاسِطِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي صَالِح فِي قَوْله : ( { وَإِنِّي خِفْت الْمَوَالِي مِنْ وَرَائِي } قَالَ : الْعَصَبَة . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا جَابِر بْن نُوح , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي صَالِح فِي قَوْله ( { وَإِنِّي خِفْت الْمَوَالِي مِنْ وَرَائِي } قَالَ : خَافَ مَوَالِي الْكَلَالَة . )* - حَدَّثَنَا مُجَاهِد بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي صَالِح بِنَحْوِهِ . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي صَالِح ( { وَإِنِّي خِفْت الْمَوَالِي مِنْ وَرَائِي } قَالَ : يَعْنِي الْكَلَالَة . )17690 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : ( { خِفْت الْمَوَالِي مِنْ وَرَائِي } قَالَ : الْعَصَبَة . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 17691 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَإِنِّي خِفْت الْمَوَالِي مِنْ وَرَائِي } قَالَ : الْعَصَبَة . )17692 - حَدَّثَنِي مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ ( { وَإِنِّي خِفْت الْمَوَالِي مِنْ وَرَائِي } وَالْمَوَالِي : هُنَّ الْعَصَبَة . )وَالْمَوَالِي : جَمْع مَوْلَى , وَالْمَوْلَى وَالْوَلِيّ فِي كَلَام الْعَرَب وَاحِد . وَقَرَأَتْ قُرَّاء الْأَمْصَار : { وَإِنِّي خِفْت الْمَوَالِي } بِمَعْنَى : الْخَوْف الَّذِي هُوَ خَوْف الْأَمْن . وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَان بْن عَفَّان أَنَّهُ قَرَأَهُ : | وَإِنِّي خَفَّتْ الْمَوَالِي | بِتَشْدِيدِ الْفَاء وَفَتْح الْخَاء مِنْ الْخِفَّة , كَأَنَّهُ وَجْه تَأْوِيل الْكَلَام : وَإِنِّي ذَهَبَتْ عَصَبَتِي وَمَنْ يَرِثنِي مِنْ بَنِي أَعْمَامِي . وَإِذَا قُرِئَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَتْ الْيَاء مِنْ الْمَوَالِي مُسَكَّنَة غَيْر مُتَحَرِّكَة , لِأَنَّهَا تَكُون فِي مَوْضِع رَفْع بِخَفَّتْ .|وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا|وَقَوْله : { وَكَانَتْ اِمْرَأَتِي عَاقِرًا } يَقُول : وَكَانَتْ زَوْجَتِي لَا تَلِد , يُقَال مِنْهُ : رَجُل عَاقِر , وَامْرَأَة عَاقِر بِلَفْظٍ وَاحِد , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>لَبِئْسَ الْفَتَى أَنْ كُنْت أَعْوَر عَاقِرًا .......... جَبَانًا فَمَا عُذْرِي لَدَى كُلّ مَحْضَر <br>وَقَوْله : { فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْك وَلِيًّا } يَقُول : فَارْزُقْنِي مِنْ عِنْدك وَلَدًا وَارِثًا وَمُعِينًا .

يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا

وَقَوْله : { يَرِثنِي وَيَرِث مِنْ آل يَعْقُوب } يَقُول : يَرِثنِي مِنْ بَعْد وَفَاتِي مَالِي , وَيَرِث مِنْ آل يَعْقُوب النُّبُوَّة , وَذَلِكَ أَنَّ زَكَرِيَّا كَانَ مِنْ وَلَد يَعْقُوب . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17693 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا جَابِر بْن نُوح , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي صَالِح , قَوْله ( { يَرِثنِي وَيَرِث مِنْ آل يَعْقُوب } يَقُول : يَرِث مَالِي , وَيَرِث مِنْ آل يَعْقُوب النُّبُوَّة . )* - حَدَّثَنَا مُجَاهِد , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي صَالِح فِي قَوْله ( { يَرِثنِي وَيَرِث مِنْ آل يَعْقُوب } قَالَ : يَرِث مَالِي , وَيَرِث مِنْ آل يَعْقُوب النُّبُوَّة . )* - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي صَالِح , فِي قَوْله ( { يَرِثنِي وَيَرِث مِنْ آل يَعْقُوب } قَالَ : يَرِثنِي مَالِي , وَيَرِث مِنْ آل يَعْقُوب النُّبُوَّة . )* - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي صَالِح , فِي قَوْله ( { يَرِثنِي وَيَرِث مِنْ آل يَعْقُوب } قَالَ : يَكُون نَبِيًّا كَمَا كَانَتْ آبَاؤُهُ أَنْبِيَاء . )17694 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { يَرِثنِي وَيَرِث مِنْ آل يَعْقُوب } قَالَ : وَكَانَ وِرَاثَته عِلْمًا , وَكَانَ زَكَرِيَّا مِنْ ذُرِّيَّة يَعْقُوب . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (كَانَ وِرَاثَته عِلْمًا , وَكَانَ زَكَرِيَّا مِنْ ذُرِّيَّة يَعْقُوب . )17695 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : ( { يَرِثنِي وَيَرِث مِنْ آل يَعْقُوب } قَالَ : نُبُوَّته وَعِلْمه . )17696 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا جَابِر بْن نُوح , عَنْ مُبَارَك , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( رَحِمَ اللَّه أَخِي زَكَرِيَّا , مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ وَرَثَة مَاله حِين يَقُول فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْك وَلِيًّا , يَرِثنِي وَيَرِث مِنْ آل يَعْقُوب . )17697 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { يَرِثنِي وَيَرِث مِنْ آل يَعْقُوب } قَالَ : كَانَ الْحَسَن يَقُول : يَرِث نُبُوَّته وَعِلْمه . قَالَ قَتَادَة : ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَرَأَ هَذِهِ الْآيَة , وَأَتَى عَلَى { يَرِثنِي وَيَرِث مِنْ آل يَعْقُوب } قَالَ : وَرَحِمَ اللَّه زَكَرِيَّا مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ وَرَثَته . )17698 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , (أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : وَيَرْحَم اللَّه زَكَرِيَّا وَمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ وَرَثَته , وَيَرْحَم اللَّه لُوطًا إِنْ كَانَ لَيَأْوِي إِلَى رُكْن شَدِيد . )17699 - حَدَّثَنِي مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ ( { فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْك وَلِيًّا يَرِثنِي وَيَرِث مِنْ آل يَعْقُوب } قَالَ : يَرِث نُبُوَّتِي وَنُبُوَّة آله يَعْقُوب . )وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { يَرِثنِي وَيَرِث مِنْ آل يَعْقُوب } فَقَرَأَتْ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَمَكَّة وَجَمَاعَة مِنْ أَهْل الْكُوفَة : { يَرِثنِي وَيَرِث } بِرَفْعِ الْحَرْفَيْنِ كِلَيْهِمَا , بِمَعْنَى فَهَبْ الَّذِي يَرِثنِي وَيَرِث مِنْ آل يَعْقُوب , عَلَى أَنَّ | يَرِثنِي وَيَرِث مِنْ آل يَعْقُوب | مِنْ صِلَة الْوَلِيّ . وَقَرَأَ ذَلِكَ جَمَاعَة مِنْ قُرَّاء أَهْل الْكُوفَة وَالْبَصْرَة : وَيَرِثنِي وَيَرِث وَبِجَزْمِ الْحَرْفَيْنِ عَلَى الْجَزَاء وَالشَّرْط , بِمَعْنَى : فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْك وَلِيًّا فَإِنَّهُ يَرِثنِي إِذَا وَهَبْته لِي . وَقَالَ الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ كَذَلِكَ : إِنَّمَا حَسُنَ ذَلِكَ فِي هَذَا الْمَوْضِع , لِأَنَّ يَرِثنِي مِنْ آيَة غَيْر الَّتِي قَبْلهَا . قَالُوا وَإِنَّمَا يَحْسُن أَنْ يَكُون مِثْل هَذَا صِلَة , إِذَا كَانَ غَيْر مُنْقَطِع عَمَّا هُوَ لَهُ صِلَة , كَقَوْلِهِ : { رِدْءًا يُصَدِّقنِي } [28 34 ]قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ عِنْدِي فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ بِرَفْعِ الْحَرْفَيْنِ عَلَى الصِّلَة لِلْوَلِيِّ , لِأَنَّ الْوَلِيّ نَكِرَة , وَأَنَّ زَكَرِيَّا إِنَّمَا سَأَلَ رَبّه أَنْ يَهَب لَهُ وَلِيًّا يَكُون بِهَذِهِ الصِّفَة , كَمَا رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لَا أَنَّهُ سَأَلَهُ وَلِيًّا , ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ إِذَا وَهَبَ لَهُ ذَلِكَ كَانَتْ هَذِهِ صِفَته , لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ , كَانَ ذَلِكَ مِنْ زَكَرِيَّا دُخُولًا فِي عِلْم الْغَيْب الَّذِي قَدْ حَجَبَهُ اللَّه عَنْ خَلْقه.|وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا|وَقَوْله : { وَاجْعَلْهُ رَبّ رَضِيًّا } يَقُول : وَاجْعَلْ يَا رَبّ الْوَلِيّ الَّذِي تَهَبهُ لِي مَرْضِيًّا تَرْضَاهُ أَنْتَ وَيَرْضَاهُ عِبَادك دِينًا وَخُلُقًا وَخَلْقًا . وَالرَّضِيّ : فَعِيل صُرِفَ مِنْ مَفْعُول إِلَيْهِ .

يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرك بِغُلَامٍ اِسْمه يَحْيَى } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبّه , فَقَالَ لَهُ : يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرك بِهِبَتِنَا لَك غُلَامًا اِسْمه يَحْيَى . كَانَ قَتَادَة يَقُول : إِنَّمَا سَمَّاهُ اللَّه يَحْيَى لِإِحْيَائِهِ إِيَّاهُ بِالْإِيمَانِ . 17700 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله ( { يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرك بِغُلَامٍ اِسْمه يَحْيَى } عَبْد أَحْيَاهُ اللَّه لِلْإِيمَانِ .)|يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ|وَقَوْله : { لَمْ نَجْعَل لَهُ مِنْ قَبْل سَمِيًّا } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ مَعْنَاهُ لَمْ تَلِد مِثْله عَاقِر قَطُّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17701 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثَنْي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , (قَوْله لِيَحْيَى : { لَمْ نَجْعَل لَهُ مِنْ قَبْل سَمِيًّا } يَقُول : لَمْ تَلِد الْعَوَاقِر مِثْله وَلَدًا قَطُّ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَاهُ : لَمْ نَجْعَل لَهُ مِنْ قَبْله مِثْلًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17702 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو الرَّبِيع , قَالَا : ثنا سَالِم بْن قُتَيْبَة , قَالَ : أَخْبَرَنَا شُعْبَة , عَنْ الْحَكَم , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله ( { لَمْ نَجْعَل لَهُ مِنْ قَبْل سَمِيًّا } قَالَ : شَبِيهًا . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله ( { لَمْ نَجْعَل لَهُ مِنْ قَبْل سَمِيًّا } قَالَ : مِثْلًا . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ , أَنَّهُ لَمْ يُسَمَّ بِاسْمِهِ أَحَد قَبْله . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17703 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { لَمْ نَجْعَل لَهُ مِنْ قَبْل سَمِيًّا } لَمْ يُسَمَّ بِهِ أَحَد قَبْله . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله ( { لَمْ نَجْعَل لَهُ مِنْ قَبْل سَمِيًّا } قَالَ : لَمْ يُسَمَّ يَحْيَى أَحَد قَبْله . )17704 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , مِثْله . 17705 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ فِي قَوْل اللَّه : ( { لَمْ نَجْعَل لَهُ مِنْ قَبْل سَمِيًّا } قَالَ : لَمْ يُسَمَّ أَحَد قَبْله بِهَذَا الِاسْم . )17706 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ ( { إِنَّ اللَّه يُبَشِّرك بِغُلَامٍ اِسْمه يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَهُ مِنْ قَبْل سَمِيًّا } لَمْ يُسَمَّ أَحَد قَبْله يَحْيَى . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَهَذَا الْقَوْل أَعْنِي قَوْل مَنْ قَالَ : لَمْ يَكُنْ لِيَحْيَى قِيلَ يَحْيَى أَحَد سُمِّيَ بِاسْمِهِ أَشْبَه بِتَأْوِيلِ ذَلِكَ , وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَام : لَمْ نَجْعَل لِلْغُلَامِ الَّذِي تَهَب لَك الَّذِي اِسْمه يَحْيَى مِنْ قَبْله أَحَدًا مُسَمًّى بِاسْمِهِ , وَالسَّمِيّ : فَعِيل صُرِفَ مِنْ مَفْعُول إِلَيْهِ.

قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ رَبّ أَنَّى يَكُون لِي غُلَام وَكَانَتْ اِمْرَأَتِي عَاقِرًا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ زَكَرِيَّا لَمَّا بِشْرهِ اللَّه بِيَحْيَى : { رَبّ أَنَّى يَكُون لِي غُلَام } وَمِنْ أَيّ وَجْه يَكُون لِي ذَلِكَ , وَامْرَأَتِي عَاقِر لَا تَحْبَل , وَقَدْ ضَعُفْت مِنْ الْكِبَر عَنْ مُبَاضَعَة النِّسَاء أَبِأَنْ تُقَوِّينِي عَلَى مَا ضَعُفْت عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ , وَتَجْعَل زَوْجَتِي وَلُودًا , فَإِنَّك الْقَادِر عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى مَا تَشَاء , أَمْ بِأَنْ أَنْكِح زَوْجَة غَيْر زَوْجَتِي الْعَاقِر , يَسْتَثْبِت رَبّه الْخَبَر , عَنْ الْوَجْه الَّذِي يَكُون مِنْ قَبْله لَهُ الْوَلَد , الَّذِي بَشَّرَهُ اللَّه بِهِ , لَا إِنْكَارًا مِنْهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقِيقَة كَوْن مَا وَعَدَهُ اللَّه مِنْ الْوَلَد , وَكَيْف يَكُون ذَلِكَ مِنْهُ إِنْكَارًا لِأَنْ يَرْزُقهُ الْوَلَد الَّذِي بَشَّرَهُ بِهِ , وَهُوَ الْمُبْتَدِئ مَسْأَلَة رَبّه ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : { فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْك وَلِيًّا يَرِثنِي وَيَرِث مِنْ آل يَعْقُوب } بَعْد قَوْله { إِنِّي وَهَنَ الْعَظْم مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْس شَيْبًا } . وَقَالَ السُّدِّيّ فِي ذَلِكَ مَا : 17707 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُون , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : (نَادَى جَبْرَائِيل زَكَرِيَّا : { إِنَّ اللَّه يُبَشِّرك بِغُلَامٍ اِسْمه يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَهُ مِنْ قَبْل سَمِيًّا } فَلَمَّا سَمِعَ النِّدَاء , جَاءَهُ الشَّيْطَان فَقَالَ : يَا زَكَرِيَّا إِنَّ الصَّوْت الَّذِي سَمِعْت لَيْسَ مِنْ اللَّه , إِنَّمَا هُوَ مِنْ الشَّيْطَان يَسْخَر بِك , وَلَوْ كَانَ مِنْ اللَّه أَوْحَاهُ إِلَيْك كَمَا يُوحِي إِلَيْك غَيْره مِنْ الْأَمْر , فَشَكَّ وَقَالَ : { أَنَّى يَكُون لِي غُلَام } يَقُول : مِنْ أَيْنَ يَكُون { وَقَدْ بَلَغَنِي الْكِبَر وَامْرَأَتِي عَاقِر } )|وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا|وَقَوْله : { وَقَدْ بَلَغْت مِنْ الْكِبَر عِتِيًّا } يَقُول : وَقَدْ عَتَوْت مِنْ الْكِبْر فَصِرْت نَحَلَ الْعِظَام يَابِسهَا , يُقَال مِنْهُ لِلْعُودِ الْيَابِس : عُود عَاتٍ وَعَاسٍ , وَقَدْ عَتَا يَعْتُو عِتِيًّا وَعُتُوًّا , وَعَسَى يَعْسُو عِسِيًّا وَعُسُوًّا , وَكُلّ مُتَنَاهٍ إِلَى غَايَته فِي كِبْر أَوْ فَسَاد , أَوْ كُفْر , فَهُوَ عَاتٍ وَعَاسٍ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17708 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (قَدْ عَلِمْت السُّنَّة كُلّهَا , غَيْر أَنِّي لَا أَدْرِي أَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأ فِي الظُّهْر وَالْعَصْر أَمْ لَا , وَلَا أَدْرِي كَيْف كَانَ يَقْرَأ هَذَا الْحَرْف : { وَقَدْ بَلَغْت مِنْ الْكِبَر عِتِيًّا } أَوْ | عِسِيًّا . )17709 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثَنَى عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله ( { وَقَدْ بَلَغْت مِنْ الْكِبَر عِتِيًّا } قَالَ : يَعْنِي بِالْعِتِيِّ : الْكِبَر . . )17710 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله ( { عِتِيًّا } قَالَ : نُحُول الْعَظْم . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 17711 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله ( { مِنْ الْكِبْر عِتِيًّا } قَالَ : سِنًّا , وَكَانَ اِبْن بِضْع وَسَبْعِينَ سَنَة . )17712 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَقَدْ بَلَغْت مِنْ الْكِبَر عِتِيًّا } قَالَ : الْعِتِيّ : الَّذِي قَدْ عَتَا عَنْ الْوَلَد فِيمَا يَرَى نَفْسه لَا يُولَد لَهُ . )17713 - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : (سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَقَدْ بَلَغْت مِنْ الْكِبَر عِتِيًّا } قَالَ : هُوَ الْكِبَر .)

قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبّك هُوَ عَلَيَّ هَيِّن } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ اللَّه لِزَكَرِيَّا مُجِيبًا لَهُ { قَالَ كَذَلِكَ } يَقُول : هَكَذَا الْأَمْر كَمَا تَقُول مِنْ أَنَّ اِمْرَأَتك عَاقِر , وَإِنَّك قَدْ بَلَغْت مِنْ الْكِبَر الْعِتِيّ , وَلَكِنَّ رَبّك يَقُول : خَلَقَ مَا بَشَّرْتُك بِهِ مِنْ الْغُلَام الَّذِي ذَكَرْت لَك أَنَّ اِسْمه يَحْيَى عَلَيَّ هَيِّن , فَهُوَ إِذَنْ مِنْ قَوْله : { قَالَ رَبّك هُوَ عَلَيَّ هَيِّن } كِنَايَة عَنْ الْخَلْق .|وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا|وَقَوْله : { وَقَدْ خَلَقْتُك مِنْ قَبْل وَلَمْ تَكُ شَيْئًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَيْسَ خَلْق مَا وَعَدْتُك أَنْ أَهَبهُ لَك مِنْ الْغُلَام الَّذِي ذَكَرْت لَك أَمْره مِنْك مَعَ كِبَر سِنّك , وَعُقْم زَوْجَتك بِأَعْجَب مِنْ خَلْقَيْك , فَإِنِّي قَدْ خَلَقْتُك , فَأَنْشَأْتُك بَشَرًا سَوِيًّا مِنْ قَبْل خَلْقِي مَا بَشَّرْتُك بِأَنِّي وَاهِبه لَك مِنْ الْوَلَد , وَلَمْ تَكُ شَيْئًا , فَكَذَلِكَ أَخْلُق لَك الْوَلَد الَّذِي بَشَّرْتُك بِهِ مِنْ زَوْجَتك الْعَاقِر , مَعَ عِتِيّك وَوَهَن عِظَامك , وَاشْتِعَال شَيْب رَأْسك .

قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آَيَةً قَالَ آَيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا

وَقَوْله : { قَالَ رَبّ اِجْعَلْ لِي آيَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ زَكَرِيَّا : يَا رَبّ اِجْعَلْ لِي عِلْمًا وَدَلِيلًا عَلَى مَا بَشَّرَتْنِي بِهِ مَلَائِكَتك مِنْ هَذَا الْغُلَام عَنْ أَمْرك وَرِسَالَتك , لِيَطْمَئِنّ إِلَى ذَلِكَ قَلْبِي . كَمَا : 17714 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { قَالَ رَبّ اِجْعَلْ لِي آيَة } قَالَ : قَالَ رَبّ اِجْعَلْ لِي آيَة أَنَّ هَذَا مِنْك . )17715 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : (قَالَ رَبّ , فَإِنْ كَانَ هَذَا الصَّوْت مِنْك فَاجْعَلْ لِي آيَة .)|قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا| { قَالَ } اللَّه { آيَتك } لِذَلِكَ { أَلَّا تُكَلِّم النَّاس ثَلَاث لَيَالٍ سَوِيًّا } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : عَلَامَتك لِذَلِكَ , وَدَلِيلك عَلَيْهِ أَنْ لَا تُكَلِّم النَّاس ثَلَاث لَيَالٍ وَأَنْتَ سَوِيّ صَحِيح , لَا عِلَّة بِك مِنْ خَرَس وَلَا مَرَض يَمْنَعك مِنْ الْكَلَام . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17716 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد , عَنْ اِبْن عَبَّاس ( { ثَلَاث لَيَالٍ سَوِيًّا } قَالَ : اُعْتُقِلَ لِسَانه مِنْ غَيْر مَرَض . )* - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله ( { ثَلَاث لَيَالٍ سَوِيًّا } يَقُول : مِنْ غَيْر خَرَس . )17717 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله ( { ثَلَاث لَيَالٍ سَوِيًّا } قَالَ : لَا يَمْنَعك مِنْ الْكَلَام مَرَض . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَى حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد ( { أَلَّا تُكَلِّم النَّاس ثَلَاث لَيَالٍ سَوِيًّا } قَالَ : صَحِيحًا لَا يَمْنَعك مِنْ الْكَلَام مَرَض . )17718 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { قَالَ آيَتك أَلَّا تُكَلِّم النَّاس ثَلَاث لَيَالٍ سَوِيًّا } مِنْ غَيْر بَأْس وَلَا خَرَس , وَإِنَّمَا عُوقِبَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ سَأَلَ آيَة بَعْد مَا شَافَهَتْهُ الْمَلَائِكَة مُشَافَهَة , أَخَذَ بِلِسَانِهِ حَتَّى مَا كَانَ يُفِيض الْكَلَام إِلَّا أَوْمَأَ إِيمَاء . )17719 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله ( { ثَلَاث لَيَالٍ سَوِيًّا } قَالَ : سَوِيًّا مِنْ غَيْر خَرَس . )17720 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله ( { قَالَ آيَتك أَلَّا تُكَلِّم النَّاس ثَلَاث لَيَالٍ سَوِيًّا } وَأَنْتَ صَحِيح , قَالَ : فَحُبِسَ لِسَانه , فَكَانَ لَا يَسْتَطِيع أَنْ يُكَلِّم أَحَدًا , وَهُوَ فِي ذَلِكَ يُسَبِّح , وَيَقْرَأ التَّوْرَاة وَيَقْرَأ الْإِنْجِيل , فَإِذَا أَرَادَ كَلَام النَّاس لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُكَلِّمهُمْ . )17721 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَمَّنْ لَا يُتَّهَم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه الْيَمَانِيّ , قَالَ : (أَخَذَ اللَّه بِلِسَانِهِ مِنْ غَيْر سُوء , فَجَعَلَ لَا يُطِيق الْكَلَام , وَإِنَّمَا كَلَامه لِقَوْمِهِ بِالْإِشَارَةِ , حَتَّى مَضَتْ الثَّلَاثَة الْأَيَّام الَّتِي جَعَلَهَا اللَّه آيَة لِمِصْدَاقِ مَا وَعَدَهُ مِنْ هِبَته لَهُ . )17722 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ ( { قَالَ آيَتك أَلَّا تُكَلِّم النَّاس ثَلَاث لَيَالٍ سَوِيًّا } يَقُول : مِنْ غَيْر خَرَس إِلَّا رَمْزًا , فَاعْتُقِلَ لِسَانه ثَلَاثَة أَيَّام وَثَلَاث لَيَالٍ . )وَقَالَ آخَرُونَ : السَّوِيّ مِنْ صِفَة الْأَيَّام , قَالُوا : وَمَعْنَى الْكَلَام : قَالَ : آيَتك أَلَّا تُكَلِّم النَّاس ثَلَاث لَيَالٍ مُتَتَابِعَات . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17723 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنْي أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { قَالَ آيَتك أَلَّا تُكَلِّم النَّاس ثَلَاث لَيَالٍ سَوِيًّا } : قَالَ : ثَلَاث لَيَالٍ مُتَتَابِعَات .)

فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمه مِنْ الْمِحْرَاب } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَخَرَجَ زَكَرِيَّا عَلَى قَوْمه مِنْ مُصَلَّاهُ حِين حُبِسَ لِسَانه عَنْ كَلَام النَّاس , آيَة مِنْ اللَّه لَهُ عَلَى حَقِيقَة وَعَدَهُ إِيَّاهُ مَا وَعَدَ . فَكَانَ اِبْن جُرَيْج يَقُول فِي مَعْنَى خُرُوجه مِنْ مِحْرَابه , مَا : 17724 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج ( { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمه مِنْ الْمِحْرَاب } قَالَ : أَشْرَفَ عَلَى قَوْمه مِنْ الْمِحْرَاب . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْمِحْرَاب فِيمَا مَضَى قَبْل , بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع . 17725 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمه مِنْ الْمِحْرَاب } قَالَ : الْمِحْرَاب : مُصَلَّاهُ , وَقَرَأَ : { فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَة وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي فِي الْمِحْرَاب } )|فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ|وَقَوْله : { فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ } يَقُول : أَشَارَ إِلَيْهِمْ , وَقَدْ تَكُون تِلْكَ الْإِشَارَة بِالْيَدِ وَبِالْكِتَابِ وَبِغَيْرِ ذَلِكَ , مِمَّا يُفْهَم بِهِ عَنْهُ مَا يُرِيد . وَلِلْعَرَبِ فِي ذَلِكَ لُغَتَانِ : وَحَى , وَأَوْحَى فَمَنْ قَالَ : وَحَى , قَالَ فِي يَفْعَل : يَحِي ; وَمَنْ قَالَ : أَوْحَى , قَالَ : يُوحِي , وَكَذَلِكَ أَوْمَى وَوَمَى , فَمَنْ قَالَ : وَمَى , قَالَ فِي يَفْعَل يَمِي ; وَمَنْ قَالَ أَوْمَى , قَالَ يُومِي . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ أَوْحَى إِلَى قَوْمه , فَقَالَ بَعْضهمْ : أَوْحَى إِلَيْهِمْ إِشَارَة بِالْيَدِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17726 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { فَأَوْحَى } : فَأَشَارَ زَكَرِيَّا . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 17727 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَمَّنْ لَا يُتَّهَم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه ( { فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ } قَالَ : الْوَحْي : الْإِشَارَة . )17728 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ } قَالَ : أَوْمَى إِلَيْهِمْ . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى أَوْحَى : كَتَبَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17729 - حَدَّثَنَا مَحْمُود بْن خِدَاش , قَالَ : ثنا عَبَّاد بْن الْعَوَّام , عَنْ سُفْيَان بْن حُسَيْن , عَنْ الْحَكَم , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى : ( { فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَة وَعَشِيًّا } قَالَ : كَتَبَ لَهُمْ فِي الْأَرْض . )17730 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنْ الثَّوْرِيّ , عَنْ اِبْن أَبِي لَيْلَى , عَنْ الْحَكَم ( { فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ } قَالَ : كَتَبَ لَهُمْ . )17731 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ ( { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمه مِنْ الْمِحْرَاب } فَكَتَبَ لَهُمْ فِي كِتَاب { أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَة وَعَشِيًّا } , وَذَلِكَ قَوْله : { فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ } )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : أَمَرَهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17732 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَة وَعَشِيًّا } قَالَ : مَا أَدْرِي كِتَابًا كَتَبَهُ لَهُمْ , أَوْ إِشَارَة أَشَارَهَا , وَاَللَّه أَعْلَم , قَالَ : أَمَرَهُمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَة وَعَشِيًّا , وَهُوَ لَا يُكَلِّمهُمْ .)|أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا|وَقَوْله : { أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَة وَعَشِيًّا } قَدْ بَيَّنْت فِيمَا مَضَى الْوُجُوه الَّتِي يَنْصَرِف فِيهَا التَّسْبِيح , وَقَدْ يَجُوز فِي هَذَا الْمَوْضِع أَنْ يَكُون عَنَى بِهِ التَّسْبِيح الَّذِي هُوَ ذِكْر اللَّه , فَيَكُون أَمَرَهُمْ بِالْفَرَاغِ لِذِكْرِ اللَّه فِي طَرَفَيْ النَّهَار بِالتَّسْبِيحِ , وَيَجُوز أَنْ يَكُون عَنَى بِهِ الصَّلَاة , فَيَكُون أَمَرَهُمْ بِالصَّلَاةِ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ . وَكَانَ قَتَادَة يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 17733 - حَدَّثَنَا بِهِ الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَة وَعَشِيًّا } قَالَ : أَوْمَى إِلَيْهِمْ أَنْ صَلُّوا بُكْرَة وَعَشِيًّا .)

يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا يَحْيَى خُذْ الْكِتَاب بِقُوَّةٍ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَوُلِدَ لِزَكَرِيَّا يَحْيَى , فَلَمَّا وُلِدَ , قَالَ اللَّه لَهُ : يَا يَحْيَى , خُذْ هَذَا الْكِتَاب بِقُوَّةٍ , يَعْنِي كِتَاب اللَّه الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى مُوسَى , وَهُوَ التَّوْرَاة . بِقُوَّةٍ , يَقُول : بِجِدٍّ . كَمَا : 17734 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { خُذْ الْكِتَاب بِقُوَّةٍ } قَالَ : بِجِدٍّ . )17735 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { خُذْ الْكِتَاب بِقُوَّةٍ } قَالَ : بِجِدٍّ . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَقَالَ اِبْن زَيْد فِي ذَلِكَ مَا : 17736 - حَدَّثَنِي بِهِ يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { يَا يَحْيَى خُذْ الْكِتَاب بِقُوَّةٍ } قَالَ : الْقُوَّة : أَنْ يَعْمَل مَا أَمَرَهُ اللَّه بِهِ , وَيُجَانِب فِيهِ مَا نَهَاهُ اللَّه . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَقَدْ بَيَّنْت مَعْنَى ذَلِكَ بِشَوَاهِدِهِ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابنَا هَذَا , فِي سُورَة آل عِمْرَان , فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع .|بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ|وَقَوْله : { وَآتَيْنَاهُ الْحُكْم صَبِيًّا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَعْطَيْنَاهُ الْفَهْم لِكِتَابِ اللَّه فِي حَال صِبَاهُ قَبْل بُلُوغه أَسْنَان الرِّجَال . وَقَدْ : 17737 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مَنِيع , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنِي مَعْمَر , وَلَمْ يَذْكُرهُ عَنْ أَحَد فِي هَذِهِ الْآيَة ( { وَآتَيْنَاهُ الْحُكْم صَبِيًّا } قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ الصِّبْيَان قَالُوا لِيَحْيَى : اِذْهَبْ بِنَا نَلْعَب , فَقَالَ : مَا لِلَّعِبِ خُلِقْت , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَآتَيْنَاهُ الْحُكْم صَبِيًّا } )

وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا

وَقَوْله : { وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَرَحْمَة مِنَّا وَمَحَبَّة لَهُ آتَيْنَاهُ الْحُكْم وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الْحَنَان , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : الرَّحْمَة , وَوَجَّهُوا الْكَلَام إِلَى نَحْو الْمَعْنَى الَّذِي وَجَّهْنَاهُ إِلَيْهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17738 - حَدَّثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا } يَقُول : وَرَحْمَة مِنْ عِنْدنَا . )17739 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة , فِي هَذِهِ الْآيَة ( { وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا } قَالَ : رَحْمَة . )17740 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا } قَالَ : رَحْمَة مِنْ عِنْدنَا . )17741 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَوْله : ( { وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا } قَالَ : رَحْمَة مِنْ عِنْدنَا لَا يَمْلِك عَطَاءَهَا أَحَد غَيْرنَا . )* - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , قَالَ : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : (سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله { وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا } يَقُول : رَحْمَة مِنْ عِنْدنَا , لَا يَقْدِر عَلَى أَنْ يُعْطِيهَا أَحَد غَيْرنَا . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَرَحْمَة مِنْ عِنْدنَا لِزَكَرِيَّا , آتَيْنَاهُ الْحُكْم صَبِيًّا , وَفَعَلْنَا بِهِ الَّذِي فَعَلْنَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17742 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا } يَقُول : رَحْمَة مِنْ عِنْدنَا . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَتَعَطُّفًا مِنْ عِنْدنَا عَلَيْهِ , فَعَلْنَا ذَلِكَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17743 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا } قَالَ : تَعَطُّفًا مِنْ رَبّه عَلَيْهِ . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد . مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى الْحَنَّان : الْمَحَبَّة . وَوَجَّهُوا مَعْنَى الْكَلَام إِلَى : وَمَحَبَّة مِنْ عِنْدنَا فَعَلْنَا ذَلِكَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17744 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ عِكْرِمَة ( { وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا } قَالَ : مَحَبَّة عَلَيْهِ . )17745 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَحَنَانًا } قَالَ : أَمَّا الْحَنَان فَالْمَحَبَّة . )وَقَالَ آخَرُونَ مَعْنَاهُ تَعْظِيمًا مِنَّا لَهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17746 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَبُو تُمَيْلَة , عَنْ أَبِي حَمْزَة , عَنْ جَابِر , عَنْ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح ( { وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا } قَالَ : تَعْظِيمًا مِنْ لَدُنَّا . وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ : لَا أَدْرِي مَا الْحَنَان . )17747 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : (أَخْبَرَنِي عَمْرو بْن دِينَار أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : وَاَللَّه مَا أَدْرِي مَا حَنَانًا . )وَلِلْعَرَبِ فِي حَنَانك لُغَتَانِ : حَنَانك يَا رَبّنَا , وَحَنَانَيْكَ ; كَمَا قَالَ طَرَفَة بْن الْعَبْد فِي حَنَانَيْكَ : <br>أَبَا مُنْذِر أَفْنَيْت فَاسْتَبْقِ بَعْضنَا .......... حَنَانَيْكَ بَعْض الشَّرّ أَهْوَن مِنْ بَعْض <br>وَقَالَ اِمْرُؤُ الْقَيْس فِي اللُّغَة الْأُخْرَى : وَيَمْنَحهَا بَنُو شَمَجِي بْن جَرْم مَعِيزهمْ حَنَانك ذَا الْحَنَان وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي | حَنَانَيْكَ | فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ تَثْنِيَة | حَنَان | . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هِيَ لُغَة لَيْسَتْ بِتَثْنِيَةٍ ; قَالُوا : وَذَلِكَ كَقَوْلِهِمْ : حَوَالَيْك ; وَكَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>ضَرْبًا هَذَاذَيْك وَطَعْنًا وَخْضَا <br>وَقَدْ سُوِّيَ بَيْن جَمِيع ذَلِكَ الَّذِينَ قَالُوا حَنَانَيْكَ تَثْنِيَة , فِي أَنَّ كُلّ ذَلِكَ تَثْنِيَة . وَأَصْل ذَلِكَ أَعْنِي الْحَنَان , مِنْ قَوْل الْقَائِل : حَنَّ فُلَان إِلَى كَذَا وَذَلِكَ إِذَا اِرْتَاحَ إِلَيْهِ وَاشْتَاقَ , ثُمَّ يُقَال : تَحَنَّنَ فُلَان عَلَى فُلَان , إِذَا وُصِفَ بِالْعَطْفِ عَلَيْهِ وَالرِّقَّة بِهِ , وَالرَّحْمَة لَهُ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>تَحَنَّنْ عَلَيَّ هَدَاك الْمَلِيك .......... فَإِنَّ لِكُلِّ مَقَام مَقَالَا <br>بِمَعْنَى : تَعَطَّفْ عَلَيَّ . فَالْحَنَان : مَصْدَر مِنْ قَوْل الْقَائِل : حَنَّ فُلَان عَلَى فُلَان , يُقَال مِنْهُ : حَنَنْت عَلَيْهِ , فَأَنَا أَحِنّ عَلَيْهِ حَنِينًا وَحَنَانًا , وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لِزَوْجَةِ الرَّجُل : حَنَّته , لِتَحَنُّنِهِ عَلَيْهَا وَتَعَطُّفه , كَمَا قَالَ الرَّاجِز : <br>وَلَيْلَة ذَات دُجًى سَرَيْت .......... وَلَمْ تَضِرْنِي حَنَّة وَبَيْت<br>|وَزَكَاةً|وَقَوْله : { وَزَكَاة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَآتَيْنَا يَحْيَى الْحُكْم صَبِيًّا , وَزَكَاة : وَهُوَ الطَّهَارَة مِنْ الذُّنُوب , وَاسْتِعْمَال بَدَنه فِي طَاعَة رَبّه , فَالزَّكَاة عَطْف عَلَى الْحُكْم مِنْ قَوْله : { وَآتَيْنَاهُ الْحُكْم } . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17748 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَزَكَاة } قَالَ : الزَّكَاة : الْعَمَل الصَّالِح . )17749 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : ( { وَزَكَاة } قَالَ : الْعَمَل الصَّالِح الزَّكِيّ . )17750 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت لِأَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : (سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول : فِي قَوْله { وَزَكَاة } يَعْنِي الْعَمَل الصَّالِح الزَّاكِي .)|وَكَانَ تَقِيًّا|وَقَوْله : { وَكَانَ تَقِيًّا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَانَ لِلَّهِ خَائِفًا مُؤَدِّيًا فَرَائِضه , مُجْتَنِبًا مَحَارِمه مُسَارِعًا فِي طَاعَته . كَمَا : 17751 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس ( { وَزَكَاة وَكَانَ تَقِيًّا } قَالَ : طَهُرَ فَلَمْ يَعْمَل بِذَنْبٍ . )17752 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : خَبَرنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَزَكَاة وَكَانَ تَقِيًّا } قَالَ : أَمَّا الزَّكَاة وَالتَّقْوَى فَقَدْ عَرَفَهُمَا النَّاس .)

وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَكَانَ بَرًّا بِوَالِدَيْهِ , مُسَارِعًا فِي طَاعَتهمَا وَمَحَبَّتهمَا , غَيْر عَاقّ بِهِمَا { وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَلَمْ يَكُنْ مُسْتَكْبِرًا عَنْ طَاعَة رَبّه وَطَاعَة وَالِدَيْهِ , وَلَكِنَّهُ كَانَ لِلَّهِ وَلِوَالِدَيْهِ مُتَوَاضِعًا مُتَذَلِّلًا , يَأْتَمِر لِمَا أُمِرَ بِهِ , وَيَنْتَهِي عَمَّا نُهِيَ عَنْهُ , لَا يَعْصِي رَبّه , وَلَا وَالِدَيْهِ . وَقَوْله : { عَصِيًّا } فَعِيل بِمَعْنَى أَنَّهُ ذُو عِصْيَان , مِنْ قَوْل الْقَائِل : عَصَى فُلَان رَبّه , فَهُوَ يَعْصِيه عَصِيًّا .

وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا

وَقَوْله : { سَلَام عَلَيْهِ يَوْم وُلِدَ } يَقُول : وَأَمَان مِنْ اللَّه يَوْم وُلِدَ , مِنْ أَنْ يَنَالهُ الشَّيْطَان مِنْ السُّوء , بِمَا يَنَال بِهِ بَنِي آدَم , وَذَلِكَ أَنَّهُ (رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : | كُلّ بَنِي آدَم يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة وَلَا ذَنْب إِلَّا مَا كَانَ مِنْ يَحْيَى بْن زَكَرِيَّا . )17753 - حَدَّثَنَا بِذَلِكَ اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيَّب , قَالَ : ثني اِبْن الْعَاص , أَنَّهُ سَمِعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول ذَلِكَ . 17754 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { جَبَّارًا عَصِيًّا } قَالَ : كَانَ اِبْن الْمُسَيَّب يَذْكُر قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | مَا مِنْ أَحَد يَلْقَى اللَّه يَوْم الْقِيَامَة , إِلَّا ذَا ذَنْب , إِلَّا يَحْيَى بْن زَكَرِيَّا . )قَالَ : وَقَالَ قَتَادَة : مَا أَذْنَبَ , وَلَا هَمَّ بِامْرَأَةٍ .|وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا|وَقَوْله : { وَيَوْم يَمُوت } يَقُول : وَأَمَان مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره لَهُ مِنْ فَتَّانَيْ الْقَبْر , وَمِنْ هَوْل الْمَطْلَع { وَيَوْم يُبْعَث حَيًّا } يَقُول : وَأَمَان لَهُ مِنْ عَذَاب اللَّه يَوْم الْقِيَامَة , يَوْم الْفَزَع الْأَكْبَر , مِنْ أَنْ يُرَوِّعهُ شَيْء , أَوْ أَنْ يُفَزِّعهُ مَا يُفَزِّع الْخَلْق . وَقَدْ ذَكَرَ اِبْن عُيَيْنَة فِي ذَلِكَ مَا : * - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن مَنْصُور الْفَيْرُوزِيّ , قَالَ : أَخْبَرَنِي صَدَقَة بْن الْفَضْل قَالَ : سَمِعْت اِبْن عَطِيَّة يَقُول : (أَوْحَش مَا يَكُون الْخَلْق فِي ثَلَاثَة مَوَاطِن : يَوْم يُولَد فَيَرَى نَفْسه خَارِجًا مِمَّا كَانَ فِيهِ , وَيَوْم يَمُوت فَيَرَى قَوْمًا لَمْ يَكُنْ عَايَنَهُمْ , وَيَوْم يُبْعَث فَيَرَى نَفْسه فِي مَحْشَر عَظِيم , قَالَ : فَأَكْرَمَ اللَّه فِيهَا يَحْيَى بْن زَكَرِيَّا , فَخَصَّهُ بِالسَّلَامِ عَلَيْهِ , فَقَالَ { سَلَام عَلَيْهِ يَوْم وُلِدَ وَيَوْم يَمُوت وَيَوْم يُبْعَث حَيًّا } )17755 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , أَنَّ الْحَسَن قَالَ : (إِنَّ عِيسَى وَيَحْيَى اِلْتَقَيَا فَقَالَ لَهُ عِيسَى : اِسْتَغْفِرْ لِي , أَنْتَ خَيْر مِنِّي , فَقَالَ لَهُ الْآخَر : اِسْتَغْفِرْ لِي , أَنْتَ خَيْر مِنِّي , فَقَالَ لَهُ عِيسَى : أَنْتَ خَيْر مِنِّي , سَلَّمْت عَلَى نَفْسِي , وَسَلَّمَ اللَّه عَلَيْك , فَعَرَفَ وَاَللَّه فَضْلهَا .)

وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاذْكُرْ فِي الْكِتَاب مَرْيَم إِذْ اِنْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلهَا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَاذْكُرْ يَا مُحَمَّد فِي كِتَاب اللَّه الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَيْك بِالْحَقِّ مَرْيَم اِبْنَة عِمْرَان , حِين اِعْتَزَلَتْ مِنْ أَهْلهَا , وَانْفَرَدَتْ عَنْهُمْ , وَهُوَ اِفْتَعَلَ مِنْ النَّبْذ , وَالنَّبْذ : الطَّرْح , وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ بِشَوَاهِدِهِ فِيمَا مَضَى قَبْل . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17756 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { وَاذْكُرْ فِي الْكِتَاب مَرْيَم إِذْ اِنْتَبَذَتْ } أَيْ اِنْفَرَدَتْ مِنْ أَهْلهَا . )17757 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَان بْن عَبْد الْجَبَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن الصَّلْت , قَالَ : ثنا أَبُو كُدَيْنَة , عَنْ قَابُوس , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس ( { إِذْ اِنْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا } قَالَ : خَرَجَتْ مَكَانًا شَرْقِيًّا . )17758 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : (خَرَجَتْ مَرْيَم إِلَى جَانِب الْمِحْرَاب لِحَيْضٍ أَصَابَهَا , وَهُوَ قَوْله : فَانْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا : فِي شَرْقِيّ الْمِحْرَاب .)|مَكَانًا شَرْقِيًّا|وَقَوْله : { مَكَانًا شَرْقِيًّا } يَقُول : فَتَنَحَّتْ وَاعْتَزَلَتْ مِنْ أَهْلهَا فِي مَوْضِع قَبْل مَشْرِق الشَّمْس دُون مَغْرِبهَا , كَمَا : 17759 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { مَكَانًا شَرْقِيًّا } قَالَ : مِنْ قِبَل الْمَشْرِق . )17760 - حَدَّثَنِي إِسْحَاق بْن شَاهِين , قَالَ : ثنا خَالِد بْن عَبْد اللَّه , عَنْ دَاوُدَ , عَنْ عَامِر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (إِنِّي لَأَعْلَم خَلْق اللَّه لِأَيِّ شَيْء اِتَّخَذَتْ النَّصَارَى الْمَشْرِق قِبْلَة ؟ لِقَوْلِ اللَّه : فَانْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا , فَاِتَّخَذُوا مِيلَاد عِيسَى قِبْلَة . )* - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا دَاوُدَ , عَنْ عَامِر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . 17761 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَان بْن عَبْد الْجَبَّار , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الصَّلْت , قَالَ : ثنا أَبُو كُدَيْنَة , عَنْ قَابُوس , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (إِنَّ أَهْل الْكِتَاب كُتِبَ عَلَيْهِمْ الصَّلَاة إِلَى الْبَيْت , وَالْحَجّ لِلَّهِ , وَمَا صَرَفَهُمْ عَنْهُمَا إِلَّا تَأْوِيل رَبّك { إِذْ اِنْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا } فَصَلَّوْا قِبَل مَطْلَع الشَّمْس . )17762 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { إِذْ اِنْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا } قَالَ : شَاسِعًا مُتَنَحِّيًا . )وَقِيلَ : إِنَّهَا إِنَّمَا صَارَتْ بِمَكَانٍ يَلِي مَشْرِق الشَّمْس , لِأَنَّ مَا يَلِي الْمَشْرِق عِنْدهمْ كَانَ خَيْرًا مِمَّا يَلِي الْمَغْرِب , وَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِيمَا ذُكِرَ عِنْد الْعَرَب .

فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا

وَقَوْله : { فَاِتَّخَذَتْ مِنْ دُونهمْ حِجَابًا } يَقُول : فَاِتَّخَذَتْ مِنْ دُون أَهْلهَا سِتْرًا يَسْتُرهَا عَنْهُمْ وَعَنْ النَّاس . وَذُكِرَ عَنْ اِبْن عَبَّاس , أَنَّهَا صَارَتْ بِمَكَانٍ يَلِي الْمَشْرِق , لِأَنَّ اللَّه أَظَلَّهَا بِالشَّمْسِ , وَجَعَلَ لَهَا مِنْهَا حِجَابًا . 17763 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنْي أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { اِنْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا } قَالَ : مَكَانًا أَظَلَّتْهَا الشَّمْس أَنْ يَرَاهَا أَحَد مِنْهُمْ . )وَقَالَ غَيْره فِي ذَلِكَ مَا . 17764 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ ( { فَاِتَّخَذَتْ مِنْ دُونهمْ حِجَابًا } مِنْ الْجُدْرَان .)|فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا|وَقَوْله : { فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحنَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا حِين اِنْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا , وَاِتَّخَذَتْ مِنْ دُونهمْ حِجَابًا : جِبْرِيل . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17765 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحنَا } قَالَ : أَرْسَلَ إِلَيْهَا فِيمَا ذُكِرَ لَنَا جِبْرِيل . )17766 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَمَّنْ لَا يُتَّهَم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه , قَالَ : (وَجَدْت عِنْدهَا جِبْرِيل قَدْ مَثَّلَهُ اللَّه بَشَرًا سَوِيًّا . )17767 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : ( { فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحنَا } قَالَ : جِبْرِيل . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَهْل , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الْكَرِيم , قَالَ : ثني عَبْد الصَّمَد بْن مَعْقِل بْن أَخِي وَهْب , قَالَ : سَمِعْت وَهْب بْن مُنَبِّه , قَالَ : (أَرْسَلَ اللَّه جِبْرِيل إِلَى مَرْيَم , فَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا . )17768 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : (فَلَمَّا طَهُرَتْ , يَعْنِي مَرْيَم مِنْ حَيْضهَا , إِذَا هِيَ بِرَجُلٍ مَعَهَا , وَهُوَ قَوْله : { فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَتَشَبَّهَ لَهَا فِي صُورَة آدَمِيّ سَوِيّ الْخَلْق مِنْهُمْ , يَعْنِي فِي صُورَة رَجُل مِنْ بَنِي آدَم مُعْتَدِل الْخَلْق .)

قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَتْ إِنِّي أَعُوذ بِالرَّحْمَنِ مِنْك إِنْ كُنْت تَقِيًّا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَخَافَتْ مَرْيَم رَسُولنَا , إِذْ تَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا , وَظَنَّتْهُ رَجُلًا يُرِيدهَا عَلَى نَفْسهَا . 17769 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , (قَوْله { إِنِّي أَعُوذ بِالرَّحْمَنِ مِنْك إِنْ كُنْت تَقِيًّا } قَالَ : خَشِيت أَنْ يَكُون إِنَّمَا يُرِيدهَا عَلَى نَفْسهَا . )17770 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ ( { فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا } فَلَمَّا رَأَتْهُ فَزِعَتْ مِنْهُ وَقَالَ : { إِنِّي أَعُوذ بِالرَّحْمَنِ مِنْك إِنْ كُنْت تَقِيًّا } )فَقَالَتْ : إِنِّي أَعُوذ أَيّهَا الرَّجُل بِالرَّحْمَنِ مِنْك , تَقُول : أَسْتَجِير بِالرَّحْمَنِ مِنْك أَنْ تَنَال مِنِّي مَا حَرَّمَهُ عَلَيْك إِنْ كُنْت ذَا تَقْوَى لَهُ تَتَّقِي مَحَارِمه , وَتَجْتَنِب مَعَاصِيه ; لِأَنَّ مَنْ كَانَ لِلَّهِ تَقِيًّا , فَإِنَّهُ يَجْتَنِب ذَلِكَ . وَلَوْ وُجِّهَ ذَلِكَ إِلَى أَنَّهَا عَنَت : إِنِّي أَعُوذ بِالرَّحْمَنِ مِنْك إِنْ كُنْت تَتَّقِي اللَّه فِي اِسْتِجَارَتِي وَاسْتِعَاذَتِي بِهِ مِنْك كَانَ وَجْهًا . كَمَا : 17771 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَمَّنْ لَا يُتَّهَم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه ( { قَالَتْ إِنِّي أَعُوذ بِالرَّحْمَنِ مِنْك إِنْ كُنْت تَقِيًّا } وَلَا تَرَى إِلَّا أَنَّهُ رَجُل مِنْ بَنِي آدَم . )17772 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَبُو بَكْر , عَنْ عَاصِم , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : (وَذَكَرَ قَصَص مَرْيَم فَقَالَ : قَدْ عَلِمْت أَنَّ التَّقِيّ ذُو نُهْيَة حِين قَالَتْ : { إِنِّي أَعُوذ بِالرَّحْمَنِ مِنْك إِنْ كُنْت تَقِيًّا قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُول رَبّك } . )

قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا

يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَقَالَ لَهَا رُوحنَا : إِنَّمَا أَنَا رَسُول رَبّك يَا مَرْيَم أَرْسَلَنِي إِلَيْك { لِأَهَب لَك غُلَامًا زَكِيًّا } وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز وَالْعِرَاق غَيْر أَبِي عَمْرو : { لِأَهَب لَك } بِمَعْنَى : إِنَّمَا أَنَا رَسُول رَبّك : يَقُول : أَرْسَلَنِي إِلَيْك لِأَهَب لَك { غُلَامًا زَكِيًّا } عَلَى الْحِكَايَة . وَقَرَأَ ذَلِكَ أَبُو عَمْرو بْن الْعَلَاء : | لِيَهَب لَك غُلَامًا زَكِيًّا | بِمَعْنَى : إِنَّمَا أَنَا رَسُول رَبّك أَرْسَلَنِي إِلَيْك لِيَهَب اللَّه لَك غُلَامًا زَكِيًّا . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ , مَا عَلَيْهِ قُرَّاء الْأَمْصَار , وَهُوَ { لِأَهَب لَك } بِالْأَلِفِ دُون الْيَاء , لِأَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي مَصَاحِف الْمُسْلِمِينَ , وَعَلَيْهِ قِرَاءَة قَدِيمهمْ وَحَدِيثهمْ , غَيْر أَبِي عَمْرو , وَغَيْر جَائِز خِلَافهمْ فِيمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ , وَلَا سَائِغ لِأَحَدٍ خِلَاف مَصَاحِفهمْ , وَالْغُلَام الزَّكِيّ : هُوَ الطَّاهِر مِنْ الذُّنُوب وَكَذَلِكَ تَقُول الْعَرَب : غُلَام ذَاكٍ وَزَكِيّ , وَعَالٍ وَعَلِيّ .

قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَتْ أَنَّى يَكُون لِي غُلَام وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَر وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَتْ مَرْيَم لِجِبْرِيل : { أَنَّى يَكُون لِي غُلَام } مِنْ أَيّ وَجْه يَكُون لِي غُلَام ؟ أَمِنْ قِبَل زَوْج أَتَزَوَّج , فَأُرْزَقهُ مِنْهُ , أَمْ يَبْتَدِئ اللَّه فِي خَلْقه اِبْتِدَاء { وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَر } مِنْ وَلَد آدَم بِنِكَاحٍ حَلَال { وَلَمْ أَكُ } إِذْ لَمْ يَمْسَسْنِي مِنْهُمْ أَحَد عَلَى وَجْه الْحَلَال { بَغِيًّا } بَغَيْت فَفَعَلْت ذَلِكَ مِنْ الْوَجْه الْحَرَام , فَحَمَلَتْهُ مِنْ زِنًا , كَمَا : 17773 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ ( { وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا } يَقُول : زَانِيَة .)

قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا

{ قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبّك هُوَ عَلَيَّ هَيِّن } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ لَهَا جِبْرِيل : هَكَذَا الْأَمْر كَمَا تَصِفِينَ , مِنْ أَنَّك لَمْ يَمْسَسْك بَشَر وَلَمْ تَكُونِي بَغِيًّا , وَلَكِنَّ رَبّك قَالَ : هُوَ عَلَيَّ هَيِّن : أَيْ خُلِقَ الْغُلَام الَّذِي قُلْت أَنْ أَهَبهُ لَك عَلَيَّ هَيِّن لَا يَتَعَذَّر عَلَيَّ خَلْقه وَهِبَته لَك مِنْ غَيْر فَحْل يَفْتَحِلك . { وَلِنَجْعَلهُ آيَة لِلنَّاسِ } يَقُول : وَكَيْ نَجْعَل الْغُلَام الَّذِي نَهَبهُ لَك عَلَامَة وَحُجَّة عَلَى خَلْقِي أَهَبهُ لَك . { وَرَحْمَة مِنَّا } يَقُول : وَرَحْمَة مِنَّا لَك , وَلِمَنْ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ أَخْلُقهُ مِنْك { وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا } يَقُول : وَكَانَ خَلْقه مِنْك أَمْرًا قَدْ قَضَاهُ اللَّه , وَمَضَى فِي حُكْمه وَسَابِق عِلْمه أَنَّهُ كَائِن مِنْك . كَمَا : 17774 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني مَنْ لَا أَتَّهِم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه ( { وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا } أَيْ أَنَّ اللَّه قَدْ عَزَمَ عَلَى ذَلِكَ , فَلَيْسَ مِنْهُ بُدّ .)

فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَحَمَلَتْهُ } </subtitle>وَفِي هَذَا الْكَلَام مَتْرُوك تَرَكَ ذِكْره اِسْتِغْنَاء بِدَلَالَةِ مَا ذُكِرَ مِنْهُ عَنْهُ { فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحنَا } [66 12 ]بِغُلَامٍ { فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا } وَبِذَلِكَ جَاءَ تَأْوِيل أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17775 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَهْل , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الْكَرِيم , قَالَ : ثني عَبْد الصَّمَد بْن مَعْقِل اِبْن أَخِي وَهْب بْن مُنَبِّه , قَالَ : (سَمِعْت وَهْبًا قَالَ : لَمَّا أَرْسَلَ اللَّه جِبْرِيل إِلَى مَرْيَم تَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا فَقَالَتْ لَهُ : { إِنِّي أَعُوذ بِالرَّحْمَنِ مِنْك إِنْ كُنْت تَقِيًّا } ثُمَّ نَفَخَ فِي جَيْب دِرْعهَا حَتَّى وَصَلَتْ النَّفْخَة إِلَى الرَّحِم فَاشْتَمَلَتْ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَمَّنْ لَا يُتَّهَم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه الْيَمَانِيّ , قَالَ : (لَمَّا قَالَ ذَلِكَ , يَعْنِي لَمَّا قَالَ جِبْرِيل { قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبّك هُوَ عَلَيَّ هَيِّن } . ... الْآيَة اِسْتَسْلَمَتْ لِأَمْرِ اللَّه , فَنَفَخَ فِي جَيْبهَا ثُمَّ اِنْصَرَفَ عَنْهَا . )17776 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : (طَرَحَتْ عَلَيْهَا جِلْبَابهَا لَمَّا قَالَ جِبْرِيل ذَلِكَ لَهَا , فَأَخَذَ جِبْرِيل بِكُمَّيْهَا , فَنَفَخَ فِي جَيْب دِرْعهَا , وَكَانَ مَشْقُوقًا مِنْ قُدَّامهَا , فَدَخَلَتْ النَّفْخَة صَدْرهَا , فَحَمَلَتْ , فَأَتَتْهَا أُخْتهَا اِمْرَأَة زَكَرِيَّا لَيْلَة تَزُورهَا ; فَلَمَّا فَتَحَتْ لَهَا الْبَاب اِلْتَزَمَتْهَا , فَقَالَتْ اِمْرَأَة زَكَرِيَّا : يَا مَرْيَم أَشَعَرْت أَنِّي حُبْلَى , قَالَتْ مَرْيَم : أَشَعَرْت أَيْضًا أَنِّي حُبْلَى , قَالَتْ اِمْرَأَة زَكَرِيَّا : إِنِّي وَجَدْت مَا فِي بَطْنِي يَسْجُد لِمَا فِي بَطْنك , فَذَلِكَ قَوْله { مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنْ اللَّه } )[3 39 ]17777 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : (يَقُولُونَ : إِنَّهُ إِنَّمَا نَفَخَ فِي جَيْب دِرْعهَا وَكُمّهَا .)|فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا|وَقَوْله : { فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا } يَقُول : فَاعْتَزَلَتْ بِاَلَّذِي حَمَلَتْهُ , وَهُوَ عِيسَى , وَتَنَحَّتْ بِهِ عَنْ النَّاس { مَكَانًا قَصِيًّا } يَقُول : مَكَانًا نَائِيًا قَاصِيًا عَنْ النَّاس , يُقَال : هُوَ بِمَكَانٍ قَاصٍ , وَقَصِيّ بِمَعْنًى وَاحِد , كَمَا قَالَ الرَّاجِز : <br>لَتَقْعُدِنَّ مَقْعَد الْقَصِيّ .......... مِنِّي ذِي الْقَاذُورَة الْمَقْلِيّ <br>يُقَال مِنْهُ : قَصَا الْمَكَان يَقْصُو قَصْوًا : إِذَا تَبَاعَدَ , وَأَقْصَيْت الشَّيْء : إِذَا أَبْعَدْته وَأَخَّرْته . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17778 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنْي أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا } قَالَ : مَكَانًا نَائِيًا . )17779 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { مَكَانًا قَصِيًّا } قَالَ : قَاصِيًا . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 17780 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : (لَمَّا بَلَغَ أَنْ تَضَع مَرْيَم , خَرَجَتْ إِلَى جَانِب الْمِحْرَاب الشَّرْقِيّ مِنْهُ فَأَتَتْ أَقْصَاهُ .)

فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا

وَقَوْله : { فَأَجَاءَهَا الْمَخَاض إِلَى جِذْع النَّخْلَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَجَاءَ بِهَا الْمَخَاض إِلَى جِذْع النَّخْلَة , ثُمَّ قِيلَ : لَمَّا أُسْقِطَتْ الْبَاء مِنْهُ أَجَاءَهَا , كَمَا يُقَال : أَتَيْتُك بِزَيْدٍ , فَإِذَا حُذِفَتْ الْبَاء قِيلَ آتَيْتُك زَيْدًا , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { آتُونِي زُبَر الْحَدِيد } [18 96 ]وَالْمَعْنَى : اِئْتُونِي بِزُبَرِ الْحَدِيد , وَلَكِنَّ الْأَلِف مُدَّتْ لَمَّا حُذِفَتْ الْبَاء , وَكَمَا قَالُوا : خَرَجْت بِهِ وَأَخْرَجْته , وَذَهَبْت بِهِ وَأَذْهَبْته , وَإِنَّمَا هُوَ أَفْعَل مِنْ الْمَجِيء , كَمَا يُقَال : جَاءَ هُوَ , وَأَجَأْته أَنَا : أَيْ جِئْت بِهِ , وَمِثْل مِنْ أَمْثَال الْعَرَب : وَشَرّ مَا أَجَاءَنِي إِلَى مُخَّة عُرْقُوب | , وَأَشَاء وَيُقَال : شَرّ مَا يُجِيئك وَيُشِيئك إِلَى ذَلِكَ ; وَمِنْهُ قَوْل زُهَيْر : <br>وَجَارٍ سَارَ مُعْتَمِدًا إِلَيْكُمْ .......... أَجَاءَتْهُ الْمَحَافَة وَالرَّجَاء <br>يَعْنِي : جَاءَ بِهِ , وَأَجَاءَهُ إِلَيْنَا وَأَشَاءَك : مِنْ لُغَة تَمِيم , وَأَجَاءَك مِنْ لُغَة أَهْل الْعَالِيَة , وَإِنَّمَا تَأَوَّلَ مَنْ تَأَوَّلَ ذَلِكَ بِمَعْنَى : أَلْجَأَهَا , لِأَنَّ الْمَخَاض لَمَّا جَاءَهَا إِلَى جِذْع النَّخْلَة , كَانَ قَدْ أَنْجَاهَا إِلَيْهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17781 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { فَأَجَاءَهَا الْمَخَاض } قَالَ : الْمَخَاض أَلْجَأَهَا . )17782 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (أَلْجَأَهَا الْمَخَاض . قَالَ اِبْن جُرَيْج : وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : أَلْجَأَهَا الْمَخَاض إِلَى جِذْع النَّخْلَة . )17783 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ ( { فَأَجَاءَهَا الْمَخَاض إِلَى جِذْع النَّخْلَة } يَقُول : أَلْجَأَهَا الْمَخَاض إِلَى جِذْع النَّخْلَة . )17784 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { فَأَجَاءَهَا الْمَخَاض إِلَى جِذْع النَّخْلَة } قَالَ : اِضْطَرَّهَا إِلَى جِذْع النَّخْلَة . )وَاخْتَلَفُوا فِي أَيّ الْمَكَان الَّذِي اِنْتَبَذَتْ مَرْيَم بِعِيسَى لِوَضْعِهِ , وَأَجَاءَهَا إِلَيْهِ الْمَخَاض , فَقَالَ بَعْضهمْ : كَانَ ذَلِكَ فِي أَدْنَى أَرْض مِصْر , وَآخِر أَرْض الشَّأْم , وَذَلِكَ أَنَّهَا هَرَبَتْ مِنْ قَوْمهَا لَمَّا حَمَلَتْ , فَتَوَجَّهَتْ نَحْو مِصْر هَارِبَة مِنْهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17785 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَهْل , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الْكَرِيم , قَالَ : ثني عَبْد الصَّمَد بْن مَعْقِل , أَنَّهُ سَمِعَ وَهْب بْن مُنَبِّه يَقُول : (لَمَّا اِشْتَمَلَتْ مَرْيَم عَلَى الْحَمْل , كَانَ مَعَهَا قَرَابَة لَهَا , يُقَال لَهُ يُوسُف النَّجَّار , وَكَانَا مُنْطَلِقَيْنِ إِلَى الْمَسْجِد الَّذِي عِنْد جَبَل صَهْيُون , وَكَانَ ذَلِكَ الْمَسْجِد يَوْمئِذٍ مِنْ أَعْظَم مَسَاجِدهمْ , فَكَانَتْ مَرْيَم وَيُوسُف يَخْدُمَانِ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِد , فِي ذَلِكَ الزَّمَان , وَكَانَ لِخِدْمَتِهِ فَضْل عَظِيم , فَرَغِبَا فِي ذَلِكَ , فَكَانَا يَلِيَانِ مُعَالَجَته بِأَنْفُسِهِمَا , تَحْبِيره وَكُنَاسَته وَطَهُوره , وَكُلّ عَمَل يَعْمَل فِيهِ , وَكَانَ لَا يَعْمَل مِنْ أَهْل زَمَانهمَا أَحَد أَشَدّ اِجْتِهَادًا وَعِبَادَة مِنْهُمَا , فَكَانَ أَوَّل مَنْ أَنْكَرَ حَمْل مَرْيَم صَاحِبهَا يُوسُف ; فَلَمَّا رَأَى الَّذِي بِهَا اِسْتَفْظَعَهُ , وَعَظُمَ عَلَيْهِ , وَفَظِعَ بِهِ , فَلَمْ يَدْرِ عَلَى مَاذَا يَضَع أَمْرهَا , فَإِذَا أَرَادَ يُوسُف أَنْ يَتَّهِمهَا , ذَكَرَ صَلَاحهَا وَبَرَاءَتهَا , وَأَنَّهَا لَمْ تَغِبْ عَنْهُ سَاعَة قَطُّ ; وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُبَرِّئهَا , رَأَى الَّذِي ظَهَرَ عَلَيْهَا ; فَلَمَّا اِشْتَدَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَلَّمَهَا , فَكَانَ أَوَّل كَلَامه إِيَّاهَا أَنْ قَالَ لَهَا : إِنَّهُ قَدْ حَدَثَ فِي نَفْسِي مِنْ أَمْرك أَمْر قَدْ خَشِيته , وَقَدْ حَرَصْت عَلَى أَنْ أُمِيتهُ وَأَكْتُمهُ فِي نَفْسِي , فَغَلَبَنِي ذَلِكَ , فَرَأَيْت الْكَلَام فِيهِ أَشْفَى لِصَدْرِي , قَالَتْ : فَقُلْ قَوْلًا جَمِيلًا , قَالَ : مَا كُنْت لِأَقُولَ لَك إِلَّا ذَلِكَ , فَحَدِّثِينِي , هَلْ يَنْبُت زَرْع بِغَيْرِ بَذْر ؟ قَالَتْ : نَعَمْ , قَالَ : فَهَلْ تَنْبُت شَجَرَة مِنْ غَيْر غَيْث يُصِيبهَا ؟ قَالَتْ : نَعَمْ , قَالَ : فَهَلْ يَكُون وَلَد مِنْ غَيْر ذَكَر ؟ قَالَتْ : نَعَمْ , أَلَمْ تَعْلَم أَنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْبَتَ الزَّرْع يَوْم خَلْقه مِنْ غَيْر بَذْر , وَالْبَذْر يَوْمئِذٍ إِنَّمَا صَارَ مِنْ الزَّرْع الَّذِي أَنْبَتَهُ اللَّه مِنْ غَيْر بَذْر ; أَوَلَمْ تَعْلَم أَنَّ اللَّه بِقُدْرَتِهِ أَنْبَتَ الشَّجَر بِغَيْرِ غَيْث , وَأَنَّهُ جَعَلَ بِتِلْكَ الْقُدْرَة الْغَيْث حَيَاة لِلشَّجَرِ بَعْد مَا خَلَقَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا وَحْده , أَمْ تَقُول : لَنْ يَقْدِر اللَّه عَلَى أَنْ يُنْبِت الشَّجَر حَتَّى اِسْتَعَانَ عَلَيْهِ بِالْمَاءِ , وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَقْدِر عَلَى إِنْبَاته ؟ قَالَ يُوسُف لَهَا : لَا أَقُول هَذَا , وَلَكِنِّي أَعْلَم أَنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِقُدْرَتِهِ عَلَى مَا يَشَاء يَقُول لِذَلِكَ كُنْ فَيَكُون , قَالَتْ مَرْيَم : أَوَلَمْ تَعْلَم أَنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَلَقَ آدَم وَامْرَأَته مِنْ غَيْر أُنْثَى وَلَا ذَكَر ؟ قَالَ : بَلَى , فَلَمَّا قَالَتْ لَهُ ذَلِكَ , وَقَعَ فِي نَفْسه أَنَّ الَّذِي بِهَا شَيْء مِنْ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى , وَأَنَّهُ لَا يَسَعهُ أَنْ يَسْأَلهَا عَنْهُ , وَذَلِكَ لِمَا رَأَى مِنْ كِتْمَانهَا لِذَلِكَ . ثُمَّ تَوَلَّى يُوسُف خِدْمَة الْمَسْجِد , وَكَفَاهَا كُلّ عَمَل كَانَتْ تَعْمَل فِيهِ , وَذَلِكَ لِمَا رَأَى مِنْ رِقَّة جِسْمهَا , وَاصْفِرَار لَوْنهَا , وَكَلَف وَجْههَا , وَنُتُوّ بَطْنهَا , وَضَعْف قُوَّتهَا , وَدَأْب نَظَرهَا , وَلَمْ تَكُنْ مَرْيَم قَبْل ذَلِكَ كَذَلِكَ ; فَلَمَّا دَنَا نِفَاسهَا أَوْحَى اللَّه إِلَيْهَا أَنْ اُخْرُجِي مِنْ أَرْض قَوْمك , فَإِنَّهُمْ إِنْ ظَفِرُوا بِك عَيَّرُوك , وَقَتَلُوا وَلَدك , فَأَفَضْت ذَلِكَ إِلَى أُخْتهَا , وَأُخْتهَا حِينَئِذٍ حُبْلَى , وَقَدْ بُشِّرَتْ بِيَحْيَى , فَلَمَّا اِلْتَقَيَا وَجَدَتْ أُمّ يَحْيَى مَا فِي بَطْنهَا خَرَّ لِوَجْهِهِ سَاجِدًا مُعْتَرِفًا لِعِيسَى , فَاحْتَمَلَهَا يُوسُف إِلَى أَرْض مِصْر عَلَى حِمَار لَهُ لَيْسَ بَيْنهَا حِين رَكِبَتْ وَبَيْن الْإِكَاف شَيْء , فَانْطَلَقَ يُوسُف بِهَا حَتَّى إِذَا كَانَ مُتَاخِمًا لِأَرْضِ مِصْر فِي مُنْقَطِع بِلَاد قَوْمهَا , أَدْرَكَ مَرْيَم النِّفَاس , أَلْجَأَهَا إِلَى آرِيّ حِمَار , يُعْنَى مِذْوَد الْحِمَار , وَأَصْل نَخْلَة , وَذَلِكَ فِي زَمَان أَحْسَبهُ بَرْدًا أَوْ حَرًّا | الشَّكّ مِنْ أَبِي جَعْفَر | , فَاشْتَدَّ عَلَى مَرْيَم الْمَخَاض ; فَلَمَّا وَجَدَتْ مِنْهُ شِدَّة اِلْتَجَأَتْ إِلَى النَّخْلَة فَاحْتَضَنَتْهَا وَاحْتَوَشَتْهَا الْمَلَائِكَة , قَامُوا صُفُوفًا مُحْدِقِينَ بِهَا . )وَقَدْ رُوِيَ عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه قَوْل آخَر غَيْر هَذَا , وَذَلِكَ مَا : 17786 - حَدَّثَنَا بِهِ اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق عَمَّنْ لَا يُتَّهَم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه , قَالَ : (لَمَّا حَضَرَ وِلَادهَا , يَعْنِي مَرْيَم , وَوَجَدَتْ مَا تَجِد الْمَرْأَة مِنْ الطَّلْق , خَرَجَتْ مِنْ الْمَدِينَة مُغْرِبَة مِنْ إِيلِيَاء , حَتَّى تُدْرِكهَا الْوِلَادَة إِلَى قَرْيَة مِنْ إِيلِيَاء عَلَى سِتَّة أَمْيَال يُقَال لَهَا بَيْت لَحْم , فَأَجَاءَهَا الْمَخَاض إِلَى أَصْل نَخْلَة إِلَيْهَا مِذْوَد بَقَرَة تَحْتهَا رَبِيع مِنْ الْمَاء , فَوَضَعَتْهُ عِنْدهَا . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ خَرَجَتْ لَمَّا حَضَرَ وَضْعهَا مَا فِي بَطْنهَا إِلَى جَانِب الْمِحْرَاب الشَّرْقِيّ مِنْهُ , فَأَتَتْ أَقْصَاهُ فَأَلْجَأَهَا الْمَخَاض إِلَى جِذْع النَّخْلَة , وَذَلِكَ قَوْل السُّدِّيّ , وَقَدْ ذُكِرَتْ الرِّوَايَة بِهِ قَبْل . 17787 - حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى بْن أَبِي زَائِدَة , قَالَ : ثنا حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : أَخْبَرَنِي الْمُغِيرَة بْن عُثْمَان , قَالَ : (سَمِعْت اِبْن عَبَّاس يَقُول : مَا هِيَ إِلَّا أَنْ حَمَلَتْ فَوَضَعَتْ . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنْي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : (وَأَخْبَرَنِي الْمُغِيرَة بْن عُثْمَان بْن عَبْد اللَّه أَنَّهُ سَمِعَ اِبْن عَبَّاس يَقُول : لَيْسَ إِلَّا أَنْ حَمَلَتْ فَوَلَدَتْ .)|قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ|وَقَوْله : { يَا لَيْتَنِي مِتّ قَبْل هَذَا } ذُكِرَ أَنَّهَا قَالَتْ ذَلِكَ فِي حَال الطَّلْق اِسْتِحْيَاء مِنْ النَّاس , كَمَا : 17788 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : (قَالَتْ وَهِيَ تَطْلُق مِنْ الْحَبْل اِسْتِحْيَاء مِنْ النَّاس : { يَا لَيْتَنِي مِتّ قَبْل هَذَا وَكُنْت نَسْيًا مَنْسِيًّا } )تَقُول : يَا لَيْتَنِي مِتّ قَبْل هَذَا الْكَرْب الَّذِي أَنَا فِيهِ , وَالْحُزْن بِوِلَادَتِي الْمَوْلُود مِنْ غَيْر بَعْل , وَكُنْت نَسْيًا مَنْسِيًّا : شَيْئًا نُسِيَ فَتَرَك طَلَبه كَخِرَقِ الْحَيْض الَّتِي إِذَا أُلْقِيَتْ وَطُرِحَتْ لَمْ تُطْلَب وَلَمْ تُذْكَر , وَكَذَلِكَ كُلّ شَيْء نُسِيَ وَتُرِكَ وَلَمْ يُطْلَب فَهُوَ نَسْي . وَنَسْي بِفَتْحِ النُّون وَكَسْرهَا لُغَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ مِنْ لُغَات الْعَرَب بِمَعْنًى وَاحِد , مِثْل الْوِتْر وَالْوَتْر , وَالْجِسْر وَالْجَسْر , وَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب عِنْدنَا ; وَبِالْكَسْرِ قَرَأَتْ عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز وَالْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَبَعْض أَهْل الْكُوفَة ; وَبِالْفَتْحِ قَرَأَهُ أَهْل الْكُوفَة ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : <br>كَأَنَّ لَهَا فِي الْأَرْض نِسْيًا تَقُصّهُ .......... إِذَا مَا غَدَتْ وَإِنْ تُحَدِّثك تَبْلَت <br>وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : تَقُصّهُ : تَطْلُبهُ , لِأَنَّهَا كَانَتْ نَسِيته حَتَّى ضَاعَ , ثُمَّ ذَكَرَتْهُ فَطَلَبَتْهُ , وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : تَبْلَت : تُحْسِن وَتُصَدِّق , وَلَوْ وَجْه النَّسْي إِلَى الْمَصْدَر مِنْ النِّسْيَان كَانَ صَوَابًا , وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَب فِيمَا ذَكَرَ عَنْهَا تَقُول : نَسِيته نِسْيَانًا وَنَسْيًا , كَمَا قَالَ بَعْضهمْ مِنْ طَاعَة الرَّبّ وَعِصِيّ الشَّيْطَان , يَعْنِي وَعِصْيَان , وَكَمَا تَقُول أَتَيْته إِتْيَانًا وَأَتْيًا , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>أَتْي الْفَوَاحِش فِيهِمْ مَعْرُوفَة .......... وَيَرَوْنَ فِعْل الْمَكْرُمَات حَرَامَا<br>|هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا|وَقَوْله { مَنْسِيًّا } مَفْعُول مِنْ نَسِيت الشَّيْء كَأَنَّهَا قَالَتْ : لَيْتَنِي كُنْت الشَّيْء الَّذِي أُلْقِيَ , فَتُرِكَ وَنَسِيَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17789 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { يَا لَيْتَنِي مِتّ قَبْل هَذَا وَكُنْت نَسْيًا مَنْسِيًّا } لَمْ أُخْلَق , وَلَمْ أَكُ شَيْئًا . )17790 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ ( { وَكُنْت نَسْيًا مَنْسِيًّا } يَقُول : نَسْيًا : نُسِيَ ذِكْرِي , وَمَنْسِيًّا : تَقُول : نُسِيَ أَثَرِي , فَلَا يُرَى لِي أَثَر وَلَا عَيْن . )17791 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَكُنْت نَسْيًا مَنْسِيًّا } : أَيْ شَيْئًا لَا يُعْرَف وَلَا يُذْكَر . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَوْله ( { وَكُنْت نَسْيًا مَنْسِيًّا } قَالَ : لَا أَعْرِف وَلَا يُدْرَى مَنْ أَنَا . )17792 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس ( { نَسْيًا مَنْسِيًّا } قَالَ : هُوَ السِّقْط . )17793 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { يَا لَيْتَنِي مِتّ قَبْل هَذَا وَكُنْت نَسْيًا مَنْسِيًّا } لَمْ أَكُنْ فِي الْأَرْض شَيْئًا قَطُّ .)

فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتهَا أَلَّا تَحْزَنِي } </subtitle>اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز وَالْعِرَاق { فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتهَا } بِمَعْنَى : فَنَادَاهَا جَبْرَائِيل مِنْ بَيْن يَدَيْهَا عَلَى اِخْتِلَاف مِنْهُمْ فِي تَأْوِيله ; فَمِنْ مُتَأَوِّل مِنْهُمْ إِذَا قَرَأَهُ { مِنْ تَحْتهَا } كَذَلِكَ ; وَمِنْ مُتَأَوِّل مِنْهُمْ أَنَّهُ عِيسَى , وَأَنَّهُ نَادَاهَا مِنْ تَحْتهَا بَعْد مَا وَلَدَتْهُ . وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض قُرَّاء أَهْل الْكُوفَة وَالْبَصْرَة : | فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتهَا | وَبِفَتْحِ التَّاءَيْنِ مِنْ تَحْت , بِمَعْنَى : فَنَادَاهَا الَّذِي تَحْتهَا , عَلَى أَنَّ الَّذِي تَحْتهَا عِيسَى , وَأَنَّهُ الَّذِي نَادَى اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ : الَّذِي نَادَاهَا مِنْ تَحْتهَا الْمَلَك : 17794 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا عَبْد الْمُؤْمِن , قَالَ : سَمِعْت اِبْن عَبَّاس قَرَأَ : ( { فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتهَا } يَعْنِي : جَبْرَائِيل . )17795 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه أَحْمَد بْن يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْثَر , قَالَ : ثنا حُصَيْن , عَنْ عَمْرو بْن مَيْمُون الْأَوْدِيّ , قَالَ : (الَّذِي نَادَاهَا الْمَلَك . )17796 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم , (عَنْ عَلْقَمَة , أَنَّهُ قَرَأَ : فَخَاطَبَهَا مِنْ تَحْتهَا . )* - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم , (عَنْ عَلْقَمَة أَنَّهُ قَرَأَ : فَخَاطَبَهَا مِنْ تَحْتهَا . )* - حَدَّثَنَا الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم , (عَنْ عَلْقَمَة أَنَّهُ قَرَأَهَا كَذَلِكَ . )17797 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك ( { فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتهَا } قَالَ : جَبْرَائِيل . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ سُفْيَان , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , مِثْله . 17798 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتهَا } : أَيْ مِنْ تَحْت النَّخْلَة . )17799 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ ( { فَنَادَاهَا } جَبْرَائِيل { مِنْ تَحْتهَا أَنْ لَا تَحْزَنِي } )17800 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله ( { فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتهَا } قَالَ : الْمَلَك . )* - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : (سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله { فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتهَا } يَعْنِي : جَبْرَائِيل كَانَ أَسْفَل مِنْهَا . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , ( { فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتهَا } قَالَ : نَادَاهَا جَبْرَائِيل وَلَمْ يَتَكَلَّم عِيسَى حَتَّى أَتَتْ قَوْمهَا . )ذِكْر مَنْ قَالَ : نَادَاهَا عِيسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : 17801 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتهَا } قَالَ : عِيسَى بْن مَرْيَم . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 17802 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن ( { فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتهَا } اِبْنهَا . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : (قَالَ الْحَسَن : هُوَ اِبْنهَا . )17803 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَمَّنْ لَا يُتَّهَم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه ( { فَنَادَاهَا } عِيسَى { مِنْ تَحْتهَا أَنْ لَا تَحْزَنِي } )17804 - حَدَّثَنِي أَبُو حُمَيْد أَحْمَد بْن الْمُغِيرَة الْحِمْصِيّ , قَالَ : ثنا عُثْمَان بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن مُهَاجِر , عَنْ ثَابِت بْن عَجْلَان , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَوْله ( { فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتهَا } قَالَ عِيسَى : أَمَا تَسْمَع اللَّه يَقُول : { فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ } )17805 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : (قَالَ اِبْن زَيْد { فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتهَا } قَالَ : عِيسَى ; نَادَاهَا : { أَنْ لَا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبّك تَحْتك سَرِيًّا } )17806 - حَدَّثَنَا عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة الرِّيَاحِيّ , عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب قَالَ : (الَّذِي خَاطَبَهَا هُوَ الَّذِي حَمَلَتْهُ فِي جَوْفهَا وَدَخَلَ مِنْ فِيهَا . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدنَا قَوْل مَنْ قَالَ : الَّذِي نَادَاهَا اِبْنهَا عِيسَى , وَذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ كِنَايَة ذِكْره أَقْرَب مِنْهُ مِنْ ذِكْر جَبْرَائِيل , فَرَدُّهُ عَلَى الَّذِي هُوَ أَقْرَب إِلَيْهِ أَوْلَى مِنْ رَدّه عَلَى الَّذِي هُوَ أَبْعَد مِنْهُ , أَلَا تَرَى فِي سِيَاق قَوْله { فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا } يَعْنِي بِهِ : فَحَمَلَتْ عِيسَى فَانْتَبَذَتْ بِهِ , ثُمَّ قِيلَ : فَنَادَاهَا نَسَقًا عَلَى ذَلِكَ مِنْ ذِكْر عِيسَى وَالْخَبَر عَنْهُ . وَلِعِلَّةٍ أُخْرَى , وَهِيَ قَوْله : { فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ } وَلَمْ تُشِرْ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّه إِلَّا وَقَدْ عَلِمَتْ أَنَّهُ نَاطِق فِي حَاله تِلْكَ , وَلِلَّذِي كَانَتْ قَدْ عَرَفَتْ وَوَثِقَتْ بِهِ مِنْهُ بِمُخَاطَبَتِهِ إِيَّاهَا بِقَوْلِهِ لَهَا : { أَنْ لَا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبّك تَحْتك سَرِيًّا } وَمَا أَخْبَرَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَهَا أَشِيرِي لِلْقَوْمِ إِلَيْهِ , وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ قَوْلًا مِنْ جَبْرَائِيل , لَكَانَ خَلِيقًا أَنْ يَكُون فِي ظَاهِر الْخَبَر , مُبَيِّنًا أَنَّ عِيسَى سَيَنْطِقُ , وَيَحْتَجّ عَنْهَا لِلْقَوْمِ , وَأَمْر مِنْهُ لَهَا بِأَنْ تُشِير إِلَيْهِ لِلْقَوْمِ إِذَا سَأَلُوهَا عَنْ حَالهَا وَحَاله . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ هُوَ الصَّوَاب مِنْ التَّأْوِيل الَّذِي بَيَّنَّا , فَبَيَّنَ أَنَّ كِلْتَا الْقِرَاءَتَيْنِ , أَعْنِي { مِنْ تَحْتهَا } بِالْكَسْرِ , | وَمِنْ تَحْتهَا | بِالْفَتْحِ صَوَاب . وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا قُرِئَ بِالْكَسْرِ كَانَ فِي قَوْله { فَنَادَاهَا } ذِكْر مِنْ عِيسَى : وَإِذَا قُرِئَ { مِنْ تَحْتهَا } بِالْفَتْحِ كَانَ الْفِعْل لِمَنْ وَهُوَ عِيسَى . فَتَأْوِيل الْكَلَام إِذَنْ : فَنَادَاهَا الْمَوْلُود مِنْ تَحْتهَا أَنْ لَا تَحْزَنِي يَا أُمّه { قَدْ جَعَلَ رَبّك تَحْتك سَرِيًّا } كَمَا : 17807 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله ( { فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتهَا أَنْ لَا تَحْزَنِي } قَالَتْ : وَكَيْف لَا أَحْزَن وَأَنْتَ مَعِي , لَا ذَات زَوْج فَأَقُول مِنْ زَوْج , وَلَا مَمْلُوكَة فَأَقُول مِنْ سَيِّدِي , أَيّ شَيْء عُذْرِي عِنْد النَّاس { يَا لَيْتَنِي مِتّ قَبْل هَذَا وَكُنْت نَسْيًا مَنْسِيًّا } فَقَالَ لَهَا عِيسَى : أَنَا أَكْفِيك الْكَلَام .)|قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا|وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنِيّ بِالسَّرِيِّ فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِهِ : النَّهَر الصَّغِير . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17808 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ الْبَرَاء بْن عَازِب ( { قَدْ جَعَلَ رَبّك تَحْتك سَرِيًّا } قَالَ : الْجَدْوَل . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , قَالَ : (سَمِعْت الْبَرَاء يَقُول فِي هَذِهِ الْآيَة { قَدْ جَعَلَ رَبّك تَحْتك سَرِيًّا } قَالَ : الْجَدْوَل . )17809 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله ( { قَدْ جَعَلَ رَبّك تَحْتك سَرِيًّا } وَهُوَ نَهَر عِيسَى . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله ( { قَدْ جَعَلَ رَبّك تَحْتك سَرِيًّا } قَالَ : السَّرِيّ : النَّهَر الَّذِي كَانَ تَحْت مَرْيَم حِين وَلَدَتْهُ كَانَ يَجْرِي يُسَمَّى سَرِيًّا . )17810 - حَدَّثَنِي أَبُو حُصَيْن , قَالَ : ثنا عَبْثَر , قَالَ : ثنا حُصَيْن , عَنْ عَمْرو بْن مَيْمُون الْأَوْدِيّ , (قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { قَدْ جَعَلَ رَبّك تَحْتك سَرِيًّا } قَالَ : السَّرِيّ : نَهَر يُشْرَب مِنْهُ . )* - حَدَّثَنَا يَعْقُوب وَأَبُو كُرَيْب , قَالَا : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ عَمْرو بْن مَيْمُون , فِي قَوْله : ( { قَدْ جَعَلَ رَبّك تَحْتك سَرِيًّا } قَالَ : هُوَ الْجَدْوَل . )17811 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { سَرِيًّا } قَالَ : نَهَر بِالسُّرْيَانِيَّةِ . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله , قَالَ اِبْن جُرَيْج : نَهَر إِلَى جَنْبهَا . 17812 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُدَ , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله ( { قَدْ جَعَلَ رَبّك تَحْتك سَرِيًّا } قَالَ : كَانَ سَرِيًّا فَقَالَ حُمَيْد بْن عَبْد الرَّحْمَن : إِنَّ السَّرِيّ : الْجَدْوَل , فَقَالَ : غَلَبَتْنَا عَلَيْك الْأُمَرَاء . )17813 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَبُو بَكْر بْن عَبَّاس , عَنْ أَبِي حُصَيْن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر ( { قَدْ جَعَلَ رَبّك تَحْتك سَرِيًّا } قَالَ : هُوَ الْجَدْوَل , النَّهَر الصَّغِير , وَهُوَ بِالنَّبَطِيَّةِ : السَّرِيّ . )* - حَدَّثَنِي أَبُو حُمَيْد الْحِمْصِيّ , قَالَ : ثنا عُثْمَان بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن مُهَاجِر , عَنْ ثَابِت بْن عَجْلَان قَالَ : (سَأَلْت سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ السَّرِيّ , قَالَ : نَهَر . )17814 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : (النَّهَر الصَّغِير . )* - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , أَنَّهُ قَالَ : (هُوَ النَّهَر الصَّغِير : يَعْنِي الْجَدْوَل , يَعْنِي قَوْله { قَدْ جَعَلَ رَبّك تَحْتك سَرِيًّا } . )17815 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سَلَمَة بْن نُبَيْط , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : (جَدْوَل صَغِير بِالسُّرْيَانِيَّةِ . )* - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , قَالَ : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : (سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله { تَحْتك سَرِيًّا } : الْجَدْوَل الصَّغِير مِنْ الْأَنْهَار . )17816 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { قَدْ جَعَلَ رَبّك تَحْتك سَرِيًّا } وَالسَّرِيّ : هُوَ الْجَدْوَل , تُسَمِّيه أَهْل الْحِجَاز . )17817 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , فِي قَوْله ( { سَرِيًّا } قَالَ : هُوَ جَدْوَل . )17818 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَمَّنْ لَا يُتَّهَم وَعَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه ( { قَدْ جَعَلَ رَبّك تَحْتك سَرِيًّا } يَعْنِي رَبِيع الْمَاء . )17819 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْن هَارُون , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ ( { قَدْ جَعَلَ رَبّك تَحْتك سَرِيًّا } وَالسَّرِيّ : هُوَ النَّهَر . )وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِهِ عِيسَى . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17820 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن ( { قَدْ جَعَلَ رَبّك تَحْتك سَرِيًّا } وَالسَّرِيّ : عِيسَى نَفْسه . )17821 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله ( { قَدْ جَعَلَ رَبّك تَحْتك سَرِيًّا } يَعْنِي نَفْسه , قَالَ : وَأَيّ شَيْء أَسْرَى مِنْهُ , قَالَ : وَاَلَّذِينَ يَقُولُونَ : السَّرِيّ : هُوَ النَّهَر لَيْسَ كَذَلِكَ النَّهَر , لَوْ كَانَ النَّهَر لَكَانَ إِنَّمَا يَكُون إِلَى جَنْبهَا , وَلَا يَكُون النَّهَر تَحْتهَا . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قِيل مَنْ قَالَ : عَنَى بِهِ الْجَدْوَل , وَذَلِكَ أَنَّهُ أَعْلَمَهَا مَا قَدْ أَتَاهَا اللَّه مِنْ الْمَاء الَّذِي جَعَلَهُ عِنْدهَا , وَقَالَ لَهَا { وَهُزِّي إِلَيْك بِجِذْعِ النَّخْلَة تُسَاقِط عَلَيْك رُطَبًا جَنِيًّا فَكُلِي } مِنْ هَذَا الرُّطَب { وَاشْرَبِي } مِنْ هَذَا الْمَاء { وَقَرِّي عَيْنًا } بِوَلَدِك , وَالسَّرِيّ مَعْرُوف مِنْ كَلَام الْعَرَب أَنَّهُ النَّهَر الصَّغِير ; وَمِنْهُ قَوْل لَبِيد : <br>فَتَوَسَّطَا عُرْض السَّرِيّ وَصَدَّعَا .......... مَسْجُورَة مُتَجَاوِرًا قُلَّامُهَا <br>يُرْوَى : مِثْلَمَا مَسْجُورَة , وَيُرْوَى أَيْضًا : فَغَادِرًا .

وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مَا أَفَاءَ اللَّه عَلَى رَسُوله مِنْ أَهْل الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ } </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { مَا أَفَاءَ اللَّه عَلَى رَسُوله مِنْ أَهْل الْقُرَى } الَّذِي رَدَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَسُوله مِنْ أَمْوَال مُشْرِكِي الْقُرَى . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي الَّذِي عَنَى بِهَذِهِ الْآيَة مِنْ الْأَلْوَان , فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى بِذَلِكَ الْجِزْيَة وَالْخَرَاج . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26230 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ أَيُّوب , عَنْ عِكْرِمَة بْن خَالِد , عَنْ مَالِك بْن أَوْس بْن الْحَدَثَانِ , قَالَ : (قَرَأَ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : { إِنَّمَا الصَّدَقَات لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِين } [9 60 ]حَتَّى بَلَغَ { عَلِيم حَكِيم } ثُمَّ قَالَ : هَذِهِ لِهَؤُلَاءِ , ثُمَّ قَالَ : { وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْء فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسه وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى } . .. [8 41 ]الْآيَة , ثُمَّ قَالَ : هَذِهِ الْآيَة لِهَؤُلَاءِ , ثُمَّ قَرَأَ : { مَا أَفَاءَ اللَّه عَلَى رَسُوله مِنْ أَهْل الْقُرَى } حَتَّى بَلَغَ { لِلْفُقَرَاءِ - وَاَلَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّار - وَاَلَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدهمْ } ثُمَّ قَالَ : اِسْتَوْعَبَتْ هَذِهِ الْآيَة الْمُسْلِمِينَ عَامَّة , فَلَيْسَ أَحَد إِلَّا لَهُ حَقّ , ثُمَّ قَالَ : لَئِنْ عِشْت لَيَأْتِيَنَّ الرَّاعِي وَهُوَ يَسِير حُمُره نَصِيبه , لَمْ يَعْرَق فِيهَا جَبِينه . )26231 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , قَالَ : ثَنَا مَعْمَر فِي قَوْله : ( { مَا أَفَاءَ اللَّه عَلَى رَسُوله مِنْ أَهْل الْقُرَى } حَتَّى بَلَغَنِي إِنَّهَا الْجِزْيَة , وَالْخَرَاج : خَرَاج أَهْل الْقُرَى . )وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِذَلِكَ الْغَنِيمَة الَّتِي يُصِيبهَا الْمُسْلِمُونَ مِنْ عَدُوّهُمْ مِنْ أَهْل الْحَرْب بِالْقِتَالِ عَنْوَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26232 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ يَزِيد بْن رُومَان ( { مَا أَفَاءَ اللَّه عَلَى رَسُوله مِنْ أَهْل الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ } مَا يُوجِف عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ بِالْخَيْلِ وَالرِّكَاب , وَفَتْح بِالْحَرْبِ عَنْوَة , { فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل كَيْلَا يَكُون دَوْلَة بَيْن الْأَغْنِيَاء مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُول فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } قَالَ : هَذَا قِسْم آخَر فِيمَا أُصِيبَ بِالْحَرْبِ بَيْن الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَا وَضَعَهُ اللَّه عَلَيْهِ . )وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِذَلِكَ الْغَنِيمَة الَّتِي أَوْجَفَ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ بِالْخَيْلِ وَالرِّكَاب , وَأُخِذَتْ بِالْغَلَبَةِ , وَقَالُوا كَانَتْ الْغَنَائِم فِي بُدُوّ الْإِسْلَام لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ سَمَّاهُمْ اللَّه فِي هَذِهِ الْآيَات دُون الْمُرْجِفِينَ عَلَيْهَا , ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِالْآيَةِ الَّتِي فِي سُورَة الْأَنْفَال . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26233 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { مَا أَفَاءَ اللَّه عَلَى رَسُوله مِنْ أَهْل الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل } [8 41 ]قَالَ : كَانَ الْفَيْء فِي هَؤُلَاءِ , ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ فِي سُورَة الْأَنْفَال , فَقَالَ : { وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْء فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسه وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل } فَنَسَخَتْ هَذِهِ مَا كَانَ قَبْلهَا فِي سُورَة الْأَنْفَال , وَجُعِلَ الْخُمُس لِمَنْ كَانَ لَهُ الْفَيْء فِي سُورَة الْحَشْر , وَكَانَتْ الْغَنِيمَة تُقْسَم خَمْسَة أَخْمَاس , فَأَرْبَعَة أَخْمَاس لِمَنْ قَاتَلَ عَلَيْهَا , وَيُقْسَم الْخُمُس الْبَاقِي عَلَى خَمْسَة أَخْمَاس , فَخُمُس لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ , وَخُمُس لِقَرَابَةِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَيَاته , وَخُمُس لِلْيَتَامَى , وَخُمُس لِلْمَسَاكِينِ , وَخُمُس لِابْنِ السَّبِيل ; فَلَمَّا قَضَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَّهَ أَبُو بَكْر وَعُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا هَذَيْنِ السَّهْمَيْنِ : سَهْم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَسَهْم قَرَابَته , فَحَمَلَا عَلَيْهِ فِي سَبِيل اللَّه صَدَقَة عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . )وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِذَلِكَ : مَا صَالَحَ عَلَيْهِ أَهْل الْحَرْب الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَمْوَالهمْ , وَقَالُوا قَوْله { مَا أَفَاءَ اللَّه عَلَى رَسُوله مِنْ أَهْل الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ } . .. الْآيَات , بَيَان قَسْم الْمَال الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّه فِي الْآيَة الَّتِي قَبْل هَذِهِ الْآيَة , وَذَلِكَ قَوْله : { مَا أَفَاءَ اللَّه عَلَى رَسُوله مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْل وَلَا رِكَاب } وَهَذَا قَوْل كَانَ يَقُولهُ بَعْض الْمُتَفَقِّهَة مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ هَذِهِ الْآيَة حُكْمهَا غَيْر حُكْم الْآيَة الَّتِي قَبْلهَا , وَذَلِكَ أَنَّ الْآيَة الَّتِي قَبْلهَا مَال جَعَلَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّة دُون غَيْره , لَمْ يَجْعَل فِيهِ لِأَحَدٍ نَصِيبًا , وَبِذَلِك جَاءَ الْأَثَر عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ . 26234 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ مَالِك بْن أَوْس بْن الْحَدَثَانِ , قَالَ : (أَرْسَلَ إِلَيَّ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , فَدَخَلْت عَلَيْهِ , فَقَالَ : إِنَّهُ قَدْ حَضَرَ أَهْل أَبْيَات مِنْ قَوْمك وَإِنَّا قَدْ أَمَرْنَا لَهُمْ بِرَضْخٍ , فَاقْسِمْهُ بَيْنهمْ , فَقُلْت : يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ مُرْ بِذَلِكَ غَيْرِي , قَالَ : اِقْبِضْهُ أَيّهَا الْمَرْء ; فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ , إِذْ جَاءَ يَرْفَأ مَوْلَاهُ , فَقَالَ : عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف , وَالزُّبَيْر , وَعُثْمَان , وَسَعْد يَسْتَأْذِنُونَ , فَقَالَ : اِئْذَنْ لَهُمْ , ثُمَّ مَكَثَ سَاعَة , ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ : هَذَا عَلِيّ وَالْعَبَّاس يَسْتَأْذِنَانِ , فَقَالَ : اِئْذَنْ لَهُمَا ; فَلَمَّا دَخَلَ الْعَبَّاس قَالَ : يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ اِقْضِ بَيْنِي وَبَيْن هَذَا الْغَادِر الْخَائِن الْفَاجِر , وَهُمَا جَاءَا يَخْتَصِمَانِ فِيمَا أَفَاءَ اللَّه عَلَى رَسُوله مِنْ أَعْمَال بَنِي النَّضِير , فَقَالَ الْقَوْم : اِقْضِ بَيْنهمَا يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ , وَأَرِحْ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبه , فَقَدْ طَالَتْ خُصُومَتهمَا , فَقَالَ : أَنْشُدكُمْ اللَّه الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُوم السَّمَاوَات وَالْأَرْض , أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : | لَا نُورَث مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَة | قَالُوا : قَدْ قَالَ ذَلِكَ ; ثُمَّ قَالَ لَهُمَا : أَتَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ ؟ قَالَا : نَعَمْ ; قَالَ : فَسَأُخْبِرُكُمْ بِهَذَا الْفَيْء ; إِنَّ اللَّه خَصَّ نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ غَيْره , فَقَالَ : { وَمَا أَفَاءَ اللَّه عَلَى رَسُوله مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْل وَلَا رِكَاب } فَكَانَتْ هَذِهِ لِرَسُولِ اللَّه خَاصَّة , فَوَاَللَّهِ مَا اِحْتَازَهَا دُونكُمْ , وَلَا اِسْتَأْثَرَ بِهَا دُونكُمْ , وَلَقَدْ قَسَمَهَا عَلَيْكُمْ حَتَّى بَقِيَ مِنْهَا هَذَا الْمَال , فَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنْفِق عَلَى أَهْله مِنْهُ سَنَتهمْ , ثُمَّ يَجْعَل مَا بَقِيَ فِي مَال اللَّه . )فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْآيَة الَّتِي قَبْلهَا مَضَتْ , وَذُكِرَ الْمَال الَّذِي خَصَّ اللَّه بِهِ رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَمْ يَجْعَل لِأَحَدٍ مَعَهُ شَيْئًا , وَكَانَتْ هَذِهِ الْآيَة خَبَرًا عَنْ الْمَال الَّذِي جَعَلَهُ اللَّه لِأَصْنَافٍ شَتَّى , كَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّ الْمَال الَّذِي جَعَلَهُ لِأَصْنَافٍ مِنْ خَلْقه غَيْر الْمَال الَّذِي جَعَلَهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّة , وَلَمْ يَجْعَل لَهُ شَرِيكًا .|وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ|وَقَوْله : { وَلِذِي الْقُرْبَى } يَقُول : وَلِذِي قَرَابَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَنِي هَاشِم وَبَنِي الْمُطَّلِب وَالْيَتَامَى , وَهُمْ أَهْل الْحَاجَة مِنْ أَطْفَال الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ لَا مَال لَهُمْ ; وَالْمَسَاكِين : وَهُمْ الْجَامِعُونَ فَاقَة وَذُلّ الْمَسْأَلَة وَابْن السَّبِيل : وَهُمْ الْمُنْقَطِع بِهِمْ مِنْ الْمُسَافِرِينَ فِي غَيْر مَعْصِيَة اللَّه عَزَّ وَجَلَّ . وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَة الَّتِي جَاءَتْ عَنْ أَهْل التَّأْوِيل بِتَأْوِيلِ ذَلِكَ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابنَا .|كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ|وَقَوْله : { كَيْلَا يَكُون دُولَة بَيْن الْأَغْنِيَاء مِنْكُمْ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ . وَجَعَلْنَا مَا أَفَاءَ عَلَى رَسُوله مِنْ أَهْل الْقُرَى لِهَذِهِ الْأَصْنَاف , كَيْلَا يَكُون ذَلِكَ الْفَيْء دُولَة يَتَدَاوَلهُ الْأَغْنِيَاء مِنْكُمْ بَيْنهمْ , يَصْرِفهُ هَذَا مَرَّة فِي حَاجَات نَفْسه , وَهَذَا مَرَّة فِي أَبْوَاب الْبِرّ وَسُبُل الْخَيْر , فَيَجْعَلُونَ ذَلِكَ حَيْثُ شَاءُوا , وَلَكِنْنَا سَنَنَّا فِيهِ سُنَّة لَا تُغَيَّر وَلَا تُبَدَّل . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار سِوَى أَبِي جَعْفَر الْقَارِئ { كَيْلَا يَكُون دُولَة } نَصْبًا عَلَى مَا وَصَفْت مِنْ الْمَعْنَى , أَنَّ فِي يَكُون ذِكْرَ الْفَيْء . وَقَوْله : { دُولَة } نُصِبَ خَبَر يَكُون , وَقَرَأَ ذَلِكَ أَبُو جَعْفَر الْقَارِئ : | كَيْلَا يَكُون دُولَة | عَلَى رَفْع الدَّوْلَة مَرْفُوعَة بِيَكُون , وَالْخَبَر قَوْله : { بَيْن الْأَغْنِيَاء مِنْكُمْ } وَبِضَمِّ الدَّال مِنْ { دُولَة } قَرَأَ جَمِيع قُرَّاء الْأَمْصَار , غَيْر أَنَّهُ حُكِيَ عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن الْفَتْح فِيهَا . وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل الْمَعْرِفَة بِكَلَامِ الْعَرَب فِي مَعْنَى ذَلِكَ , إِذَا ضُمَّتْ الدَّال أَوْ فُتِحَتْ , فَقَالَ بَعْض الْكُوفِيِّينَ : مَعْنَى ذَلِكَ : إِذَا فُتِحَتْ الدَّوْلَة وَتَكُون لِلْجَيْشِ يَهْزِم هَذَا هَذَا , ثُمَّ يُهْزَم الْهَازِم , فَيُقَال : قَدْ رَجَعَتْ الدَّوْلَة عَلَى هَؤُلَاءِ ; قَالَ : وَالدُّولَة بِرَفْعِ الدَّال فِي الْمُلْك وَالسِّنِينَ الَّتِي تُغَيَّر وَتُبَدَّل عَلَى الدَّهْر , فَتِلْك الدُّولَة وَالدُّوَل . وَقَالَ بَعْضهمْ : فَرْق مَا بَيْن الضَّمّ وَالْفَتْح أَنَّ الدُّولَة : هِيَ اِسْم الشَّيْء الَّذِي يُتَدَاوَل بِعَيْنِهِ , وَالدَّوْلَة الْفِعْل . وَالْقِرَاءَة الَّتِي لَا أَسْتَجِيز غَيْرهَا فِي ذَلِكَ : { كَيْلَا يَكُون } بِالْيَاءِ { دُولَة } بِضَمِّ الدَّال وَنَصْب الدُّولَة عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْت فِي ذَلِكَ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة عَلَيْهِ , وَالْفَرْق بَيْن الدُّولَة وَالدَّوْلَة بِضَمِّ الدَّال وَفَتْحهَا مَا ذَكَرْت عَنْ الْكُوفِيّ فِي ذَلِكَ .|وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا|وَقَوْله : { وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُول فَخُذُوهُ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا أَعْطَاكُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا أَفَاءَ عَلَيْهِ مِنْ أَهْل الْقُرَى فَخُذُوهُ { وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ } مِنْ الْغَلُول وَغَيْره مِنْ الْأُمُور { فَانْتَهُوا } وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعِلْم يَقُول نَحْو قَوْلنَا فِي ذَلِكَ غَيْر أَنَّهُ كَانَ يُوَجِّه مَعْنَى قَوْله { وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُول فَخُذُوهُ } إِلَى مَا آتَاكُمْ مِنْ الْغَنَائِم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26235 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ عَوْف , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : ( { وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُول فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } قَالَ : يُؤْتِيهِمْ الْغَنَائِم وَيَمْنَعهُمْ الْغَلُول .)|وَاتَّقُوا اللَّهَ|وَقَوْله : { وَاتَّقُوا اللَّه } يَقُول : وَخَافُوا اللَّه , وَاحْذَرُوا عِقَابه فِي خِلَافكُمْ عَلَى رَسُوله بِالتَّقَدُّمِ عَلَى مَا نَهَاكُمْ عَنْهُ , وَمَعْصِيَتكُمْ إِيَّاهُ .|إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ|يَقُول : إِنَّ اللَّه شَدِيد عِقَابه لِمَنْ عَاقَبَهُ مِنْ أَهْل مَعْصِيَته لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : كَيْلَا يَكُون مَا أَفَاءَ اللَّه عَلَى رَسُوله دُولَة بَيْن الْأَغْنِيَاء مِنْكُمْ , وَلَكِنْ يَكُون لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ . وَقِيلَ : عُنِيَ بِالْمُهَاجِرِينَ : مُهَاجِرَة قُرَيْش . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26236 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { مَا أَفَاءَ اللَّه عَلَى رَسُوله } مِنْ قُرَيْظَة جَعَلَهَا لِمُهَاجِرَةِ قُرَيْش . )26237 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَعْقُوب , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , وَسَعِيد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبْزَى , قَالَا : (كَانَ نَاس مِنْ الْمُهَاجِرِينَ لِأَحَدِهِمْ الدَّار وَالزَّوْجَة وَالْعَبْد وَالنَّاقَة يَحُجّ عَلَيْهَا وَيَغْزُو , فَنَسَبَهُمْ اللَّه إِلَى أَنَّهُمْ فُقَرَاء , وَجَعَلَ لَهُمْ سَهْمًا فِي الزَّكَاة . )26238 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله ( { لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارهمْ } . إِلَى قَوْله { أُولَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ } قَالَ : هَؤُلَاءِ الْمُهَاجِرُونَ تَرَكُوا الدِّيَار وَالْأَمْوَال وَالْأَهْلِينَ وَالْعَشَائِر , خَرَجُوا حُبًّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ , وَاخْتَارُوا الْإِسْلَام عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الشِّدَّة , حَتَّى لَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الرَّجُل كَانَ يَعْصِب الْحَجَر عَلَى بَطْنه لِيُقِيمَ بِهِ صُلْبه مِنْ الْجُوع , وَكَانَ الرَّجُل يَتَّخِذ الْحَفِيرَة فِي الشِّتَاء مَا لَهُ دِثَار غَيْرهَا .)|الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ|وَقَوْله : { الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارهمْ وَأَمْوَالهمْ } , وَقَوْله : { يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ اللَّه وَرِضْوَانًا } مَوْضِع يَبْتَغُونَ نَصْب , لِأَنَّهُ فِي مَوْضِع الْحَال ; وَقَوْله : { وَيَنْصُرُونَ اللَّه وَرَسُوله } يَقُول : وَيَنْصُرُونَ دِين اللَّه الَّذِي بَعَثَ بِهِ رَسُوله مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَوْله :|أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ|يَقُول : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتهمْ مِنْ الْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ هُمْ الصَّادِقُونَ فِيمَا يَقُولُونَ .

فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَلَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّار وَالْإِيمَان مِنْ قَبْلهمْ يُحِبُّونَ مِنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَاَلَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّار وَالْإِيمَان } يَقُول : اِتَّخَذُوا الْمَدِينَة مَدِينَة الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَابْتَنَوْهَا مَنَازِل , { وَالْإِيمَان } بِاَللَّهِ وَرَسُوله { مِنْ قَبْلهمْ } يَعْنِي : مِنْ قَبْل الْمُهَاجِرِينَ , { يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ } : يُحِبُّونَ مَنْ تَرَكَ مَنْزِله , وَانْتَقِلْ إِلَيْهِمْ مِنْ غَيْرهمْ , وَعُنِيَ بِذَلِكَ الْأَنْصَار يُحِبُّونَ الْمُهَاجِرِينَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26239 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { وَاَلَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّار وَالْإِيمَان مِنْ قَبْلهمْ } قَالَ : الْأَنْصَار نَعْت . قَالَ مُحَمَّد بْن عَمْرو : سَفَاطَة أَنْفُسهمْ . وَقَالَ الْحَارِث : سَخَاوَة أَنْفُسهمْ عِنْدَمَا رُوِيَ عَنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ , وَإِيثَارهمْ إِيَّاهُمْ وَلَمْ يُصِبْ الْأَنْصَار مِنْ ذَلِكَ الْفَيْء شَيْء . )26240 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَاَلَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّار وَالْإِيمَان مِنْ قَبْلهمْ يُحِبُّونَ مِنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ , وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورهمْ حَاجَة مِمَّا أُوتُوا } يَقُول : مِمَّا أَعْطَوْا إِخْوَانهمْ هَذَا الْحَيّ مِنْ الْأَنْصَار , أَسْلَمُوا فِي دِيَارهمْ , فَابْتَنَوْا الْمَسَاجِد وَالْمَسْجِد , قَبْل قُدُوم النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَحْسَن اللَّه عَلَيْهِمْ الثَّنَاء فِي ذَلِكَ وَهَاتَانِ الطَّائِفَتَانِ الْأُولَتَانِ مِنْ هَذِهِ الْآيَة , أَخَذَتَا بِفَضْلِهِمَا , وَمَضَتَا عَلَى مَهَلهمَا , وَأَثْبَتَ اللَّه حَظّهمَا فِي الْفَيْء . )26241 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : ( { وَاَلَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّار وَالْإِيمَان مِنْ قَبْلهمْ يُحِبُّونَ } قَالَ : هَؤُلَاءِ الْأَنْصَار يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ .)|وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا|وَقَوْله : { وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورهمْ حَاجَة مِمَّا أُوتُوا } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَلَا يَجِد الَّذِينَ تَبُوءُوا الدَّار مِنْ قَبْلهمْ , وَهُمْ الْأَنْصَار فِي صُدُورهمْ حَاجَة , يَعْنِي حَسَدًا مِمَّا أُوتُوا , يَعْنِي مِمَّا أُوتِيَ الْمُهَاجِرِينَ مَنّ الْفَيْء , وَذَلِكَ لَمَّا ذُكِرَ لَنَا مِنْ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسَمَ أَمْوَال بَنِي النَّضِير بَيْن الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ دُون الْأَنْصَار , إِلَّا رَجُلَيْنِ مِنْ الْأَنْصَار , أَعْطَاهُمَا لِفَقْرِهِمَا , وَإِنَّمَا فِعْل ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26242 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , قَالَ : ثَنِي مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر , (أَنَّهُ حُدِّثَ أَنَّ بَنِي النَّضِير خَلَّوْا الْأَمْوَال لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَتْ النَّضِير لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّة يَضَعهَا حَيْثُ يَشَاء , فَقَسَمَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ دُون الْأَنْصَار , إِلَّا أَنَّ سَهْل بْن حُنَيْف وَأَبَا دُجَانَة سِمَاك بْن خَرَشَة ذَكَرَا فَقْرًا , فَأَعْطَاهُمَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . )26243 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورهمْ حَاجَة مِمَّا أُوتُوا } الْمُهَاجِرُونَ . قَالَ , وَتَكَلَّمَ فِي ذَلِكَ - يَعْنِي أَمْوَال بَنِي النَّضِير - بَعْض مَنْ تَكَلَّمَ مِنْ الْأَنْصَار , فَعَاتَبَهُمْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ فَقَالَ : { وَمَا أَفَاءَ اللَّه عَلَى رَسُوله مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْل وَلَا رِكَاب وَلَكِنَّ اللَّه يُسَلِّط رُسُله عَلَى مَنْ يَشَاء وَاَللَّه عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير } قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ : | إِنَّ إِخْوَانكُمْ قَدْ تَرَكُوا الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد وَخَرَجُوا إِلَيْكُمْ | فَقَالُوا : أَمْوَالنَا بَيْنهمْ قَطَائِع , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | أَوَغَيْر ذَلِكَ ؟ | قَالُوا : وَمَا ذَلِكَ يَا رَسُول اللَّه ؟ قَالَ : | هُمْ قَوْم لَا يَعْرِفُونَ الْعَمَل فَتَكْفُونَهُمْ وَتُقَاسِمُونَهُمْ الثَّمَر | , فَقَالُوا : نَعَمْ يَا رَسُول اللَّه . )وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي قَوْله { وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورهمْ حَاجَة مِمَّا أُوتُوا } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26244 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا سُلَيْمَان أَبُو دَاوُد , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي رَجَاء , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله ( { وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورهمْ حَاجَة مِمَّا أُوتُوا } قَالَ : الْحَسَد . )* - قَالَ : ثَنَا عَبْد الصَّمَد , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي رَجَاء , عَنْ الْحَسَن ( { حَاجَة فِي صُدُورهمْ } قَالَ : حَسَدَا فِي صُدُورهمْ . )* - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو رَجَاء عَنْ الْحَسَن , مِثْله .|وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ|وَقَوْله : { وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسهمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَهُوَ يَصِف الْأَنْصَار الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّار وَالْإِيمَان مِنْ قَبْل الْمُهَاجِرِينَ { وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسهمْ } يَقُول : وَيُعْطُونَ الْمُهَاجِرِينَ أَمْوَالهمْ إِيثَارًا لَهُمْ بِهَا عَلَى أَنْفُسهمْ { وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَة } يَقُول : وَلَوْ كَانَ بِهِمْ حَاجَة وَفَاقَة إِلَى مَا آثَرُوا بِهِ مِنْ أَمْوَالهمْ عَلَى أَنْفُسهمْ . وَالْخَصَاصَة مَصْدَر , وَهِيَ أَيْضًا اِسْم , وَهُوَ كُلّ مَا تَخَلَّلْته بِبَصَرِك كَالْكُوَّةِ وَالْفُرْجَة فِي الْحَائِط , تُجْمَع خَصَاصَات وَخَصَاص , كَمَالِ قَالَ الرَّاجِز : <br>قَدْ عَلِمَ الْمُقَاتِلَات هَجَّا <br><br>وَالنَّاظِرَات مِنْ خَصَاص لَمْجَا <br><br>لَأُورِيَنْهَا دُلَجًا أَوْ مُنْجَا <br>وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26245 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا اِبْن فُضَيْل , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي حَازِم , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : (جَاءَ رَجُل إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُضَيِّفهُ , فَلَمْ يَكُنْ عِنْده مَا يُضَيِّفهُ , فَقَالَ : | أَلَا رَجُل يُضَيِّف هَذَا رَحِمَهُ اللَّه ؟ | فَقَامَ رَجُل مِنْ الْأَنْصَار يُقَال لَهُ أَبُو طَلْحَة , فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى رَحْله , فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ : أَكْرَمِي ضَيْف رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَوِّمِي الصِّبْيَة , وَأَطْفِئِي الْمِصْبَاح وَأَرِيهِ بِأَنَّك تَأْكُلِينَ مَعَهُ , وَاتْرُكِيهِ لِضَيْفِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفَعَلَتْ فَنَزَلَتْ { وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسهمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَة } . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ فُضَيْل , عَنْ غَزْوَان , عَنْ أَبِي حَازِم , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , (أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَار بَاتَ بِهِ ضَيْف , فَلَمْ يَكُنْ عِنْده إِلَّا قُوَّته وَقُوت صِبْيَانه , فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ : نَوِّمِي الصِّبْيَة وَأَطْفِئِي الْمِصْبَاح , وَقَرِّبِي لِلضَّيْفِ مَا عِنْدك , قَالَ : فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة { وَمَنْ يُوقَ شُحّ نَفْسه } . )|وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ|يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَنْ وَقَاهُ اللَّه شُحّ نَفْسه { فَأُولَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ } الْمُخَلَّدُونَ فِي الْجَنَّة . وَالشُّحّ فِي كَلَام الْعَرَب : الْبُخْل , وَمَنْع الْفَضْل مِنْ الْمَال ; وَمَعَهُ قَوْل عَمْرو بْن كُلْثُوم : <br>تَرَى اللَّحِز الشَّحِيح إِذَا أُمِرَّتْ .......... عَلَيْهِ لِمَالِهِ فِيهَا مُهِينًا <br>يَعْنِي بِالشَّحِيحِ : الْبَخِيل , يُقَال : إِنَّهُ لَشَحِيح بَيْن الشُّحّ وَالشُّحّ , وَفِيهِ شِحَّة شَدِيدَة وَشَحَاحَة . وَأَمَّا الْعُلَمَاء فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَ أَنَّ الشُّحّ فِي هَذَا الْمَوْضِع إِنَّمَا هُوَ أَكْل أَمْوَال النَّاس بِغَيْرِ حَقّ . 26246 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا الْمَسْعُودِيّ , عَنْ أَشْعَث , عَنْ أَبِي الشَّعْثَاء , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : (أَتَى رَجُل اِبْن مَسْعُود فَقَالَ : إِنِّي أَخَاف أَنْ أَكُون قَدْ هَلَكْت , قَالَ : وَمَا ذَاكَ ؟ قَالَ : أَسْمَع اللَّه يَقُول : { وَمَنْ يُوقَ شُحّ نَفْسه } وَأَنَا رَجُل شَحِيح لَا يَكَاد يَخْرُج مِنْ يَدِي شَيْء , قَالَ : لَيْسَ ذَاكَ بِالشُّحِّ الَّذِي ذَكَرَ اللَّه فِي الْقُرْآن , إِنَّمَا الشُّحّ أَنْ تَأْكُل مَال أَخِيك ظُلْمًا , ذَلِكَ الْبُخْل , وَبِئْسَ الشَّيْء الْبُخْل . )26247 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدّه , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ جَامِع , عَنْ الْأَسْوَد بْن هِلَال قَالَ : (جَاءَ رَجُل إِلَى عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , فَقَالَ يَا أَبَا عَبْد الرَّحْمَن , إِنِّي أَخْشَى أَنْ تَكُون أَصَابَتْنِي هَذِهِ الْآيَة { مَنْ يُوقَ شُحّ نَفْسه فَأُولَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ } وَاَللَّه مَا أُعْطِي شَيْئًا أَسْتَطِيع مَنْعه , قَالَ : لَيْسَ ذَلِكَ بِالشُّحِّ , إِنَّمَا الشُّحّ أَنْ تَأْكُل مَال أَخِيك بِغَيْرِ حَقّه , وَلَكِنَّ ذَلِكَ الْبُخْل . )26248 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى وَعَبْد الرَّحْمَن , قَالَا : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ طَارِق بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ أَبِي الْهَيَّاج الْأَسَدِيّ , قَالَ : (كُنْت أَطُوف بِالْبَيْتِ , فَرَأَيْت رَجُلًا يَقُول : اللَّهُمَّ قِنِي شُحّ نَفْسِي , لَا يَزِيد عَلَى ذَلِكَ , فَقُلْت لَهُ , فَقَالَ . إِنِّي إِذَا وُقِيَتْ شُحّ نَفْسِي لَمْ أَسْرِق , وَلَمْ أَزْنِ , وَلَمْ أَفْعَل شَيْئًا , وَإِذَا الرَّجُل عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف . )26249 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا سُلَيْمَان بْن عَبْد الرَّحْمَن الدِّمَشْقِيّ , قَالَ : ثَنَا إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش , قَالَ : ثَنَا مَجْمَع بْن جَارِيَة الْأَنْصَارِيّ , عَنْ عَمّه يَزِيد بْن جَارِيَة الْأَنْصَارِيّ , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( بَرِئَ مِنْ الشُّحّ مَنْ أَدَّى الزَّكَاة , وَقَرَى الضَّيْف , وَأَعْطَى فِي النَّائِبَة | )26250 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثَنَا زِيَاد بْن يُونُس أَبُو سَلَامَة , عَنْ نَافِع بْن عُمَر الْمَكِّيّ , عَنْ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر , قَالَ : (إِنْ نَجَوْت مِنْ ثَلَاث طَمِعْت أَنْ أَنْجُو . قَالَ عَبْد اللَّه بْن صَفْوَان مَا هُنَّ أُنَبِّيكَ فِيهِنَّ , قَالَ : أُخْرِج الْمَال الْعَظِيم , فَأُخْرِجهُ ضِرَارًا , ثُمَّ أَقُول : أُقْرِض رَبِّي هَذِهِ اللَّيْلَة , ثُمَّ تَعُود نَفْسِي فِيهِ حَتَّى أُعِيدهُ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجْته , وَإِنْ نَجَوْت مِنْ شَأْن عُثْمَان , قَالَ اِبْن صَفْوَان : أَمَّا عُثْمَان فَقُتِلَ يَوْم قُتِلَ , وَأَنْتَ تُحِبّ قَتْله وَتَرْضَاهُ , فَأَنْتَ مِمَّنْ قَتَلَهُ ; وَأَمَّا أَنْتَ فَرَجُل لَمْ يَقِك اللَّه شُحّ نَفْسك , قَالَ : صَدَقْت . )26251 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : ( { وَمَنْ يُوقَ شُحّ نَفْسه } قَالَ : مَنْ وُقِيَ شُحّ نَفْسه فَلَمْ يَأْخُذ مِنْ الْحَرَام شَيْئًا , وَلَمْ يَقْرَبهُ , وَلَمْ يَدْعُهُ الشُّحّ أَنْ يَحْبِس مِنْ الْحَلَال شَيْئًا , فَهُوَ مِنْ الْمُفْلِحِينَ , كَمَا قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ . )* - وَحَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَمَنْ يُوقَ شُحّ نَفْسه } قَالَ : مَنْ لَمْ يَأْخُذ شَيْئًا لِشَيْءٍ نَهَاهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ , وَلَمْ يَدْعُهُ الشُّحّ عَلَى أَنْ يَمْنَع شَيْئًا مِنْ شَيْء أَمَرَهُ اللَّه بِهِ , فَقَدْ وَقَاهُ اللَّه شُحّ نَفْسه , فَهُوَ مِنْ الْمُفْلِحِينَ .)

يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَلَّذِينَ جَاءُو مِنْ بَعْدهمْ يَقُولُونَ رَبّنَا اِغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَل فِي قُلُوبنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاَلَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْد الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّار وَالْإِيمَان مِنْ قَبْل الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ { يَقُولُونَ رَبّنَا اِغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ } مِنْ الْأَنْصَار . وَعُنِيَ بِاَلَّذِينَ جَاءَا مِنْ بَعْدهمْ الْمُهَاجِرُونَ أَنَّهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ لِإِخْوَانِهِمْ مِنْ الْأَنْصَار . وَقَوْله : { وَلَا تَجْعَل فِي قُلُوبنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا } يَعْنِي غَمْرًا وَضِغْنًا . وَقِيلَ : عُنِيَ بِاَلَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدهمْ : الَّذِينَ أَسْلَمُوا مِنْ بَعْد الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّار . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26252 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { وَاَلَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدهمْ } قَالَ : الَّذِينَ أَسْلَمُوا نُعِتُوا أَيْضًا . )26253 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : (ثُمَّ ذَكَرَ اللَّه الطَّائِفَة الثَّالِثَة , فَقَالَ : { وَاَلَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدهمْ يَقُولُونَ رَبّنَا اِغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا } حَتَّى بَلَغَ { إِنَّك رَءُوف رَحِيم } إِنَمَا أُمِرُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِأَصْحَابِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُؤْمَرُوا بِسَبِّهِمْ . )وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ غُلَامًا لِحَاطِبِ بْن أَبِي بَلْتَعَة جَاءَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا نَبِيّ اللَّه لَيَدْخُلَنَّ حَاطِب فِي حَيّ النَّار , قَالَ : | كَذَبْت إِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَة | وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَغْلَظَ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْل بَدْر , فَقَالَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | وَمَا يُدْرِيك يَا عُمَر لَعَلَّهُ قَدْ شَهِدَ مَشْهَدًا اِطَّلَعَ اللَّه فِيهِ إِلَى أَهْله , فَأَشْهَدَ مَلَائِكَته إِنِّي قَدْ رَضِيت عَنْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ , فَلِيَعْلَمُوا مَا شَاءُوا | فَمَا زَالَ بَعْضنَا مُنْقَبِضًا مِنْ أَهْل بَدْر , هَائِبًا لَهُمْ , وَكَانَ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يَقُول : وَإِلَى أَهْل بَدْر تَهَالَكَ الْمُتَهَالِكُونَ , وَهَذَا الْحَيّ مِنْ الْأَنْصَار , أَحْسَنَ اللَّه عَلَيْهِمْ الثَّنَاء . 26254 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْل اللَّه : ( { وَلَا تَجْعَل فِي قُلُوبنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا } قَالَ لَا تُورِث قُلُوبنَا غِلًّا لِأَحِد مِنْ أَهْل دِينك . )26255 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ قَيْس بْن مُسْلِم , عَنْ اِبْن أَبِي لَيْلَى , قَالَ (كَانَ النَّاس عَلَى ثَلَاث مَنَازِل : الْمُهَاجِرُونَ الْأَوَّلُونَ { وَاَلَّذِينَ اِتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ وَاَلَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدهمْ يَقُولُونَ رَبّنَا اِغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَل فِي قُلُوبنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبّنَا إِنَّك رَءُوف رَحِيم } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ مُخْبِرًا عَنْ قِيل الَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْد الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّار وَالْإِيمَان أَنَّهُمْ قَالُوا : لَا تَجْعَل فِي قُلُوبنَا غِلًّا لِأَحَدٍ مِنْ أَهْل الْإِيمَان بِك يَا رَبّنَا .)|رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ|قَوْله { إِنَّك رَءُوف رَحِيم } يَقُول : إِنَّك ذُو رَأْفَة بِخَلْقِك , وَذُو رَحْمَة بِمَنْ تَابَ وَاسْتَغْفَرَ مِنْ ذُنُوبه .

فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَلَمْ تَنْظُر بِعَيْنِ قَلْبك يَا مُحَمَّد , فَتَرَى إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا وَهُمْ فِيمَا ذُكِرَ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ اِبْن سَلُول , وَوَدِيعَة , وَمَالِك اِبْنَا نَوْفَل وَسُوَيْد وَدَاعِس بُعِثُوا إِلَى بَنِي النَّضِير حِين نَزَلَ بِهِمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْحَرْبِ أَنْ اُثْبُتُوا وَتَمَنَّعُوا , فَإِنَّا لَنْ نُسَلِّمكُمْ , وَإِنْ قُوتِلْتُمْ قَاتَلْنَا مَعَكُمْ , وَإِنْ خَرَجْتُمْ , خَرَجْنَا مَعَكُمْ , فَتَرَبَّصُوا لِذَلِكَ مِنْ نَصْرهمْ , فَلَمْ يَفْعَلُوا , وَقَذَفَ اللَّه فِي قُلُوبهمْ الرُّعْب , فَسَأَلُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجْلِيهِمْ , وَيَكُفّ عَنْ دِمَائِهِمْ عَلَى أَنَّ لَهُمْ مَا حَمَلَتْ الْإِبِل مِنْ أَمْوَالهمْ إِلَّا الْحَلْقَة . 26256 - حَدَّثَنَا بِذَلِكَ اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ يَزِيد بْن رُومَان . وَقَالَ مُجَاهِد فِي ذَلِكَ مَا : 26257 - حَدَّثَنِي بِهِ مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا } قَالَ : عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ اِبْن سَلُول , وَرِفَاعَة أَوْ رَافِعَة بْن تَابُوت . وَقَالَ الْحَارِث : رِفَاعَة بْن تَابُوت , وَلَمْ يَشُكّ فِيهِ , وَعَبْد اللَّه بْن نَبْتَل , وَأَوْس بْن قَيْظِيّ . )26258 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد , عَنْ عِكْرِمَة , أَوْ عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا } يَعْنِي عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ اِبْن سَلُول وَأَصْحَابه , وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ عَلَى مِثْل أَمْرهمْ .)|يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ|وَقَوْله : { يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْل الْكِتَاب } يَعْنِي بَنِي النَّضِير , كَمَا : 26259 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد , عَنْ عِكْرِمَة , أَوْ عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس ( { يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْل الْكِتَاب } يَعْنِي : بَنِي النَّضِير .)|لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ|وَقَوْله : { لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ } يَقُول : لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ مِنْ دِيَاركُمْ وَمَنَازِلكُمْ , وَأُجْلِيتُمْ عَنْهَا لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ , فَنُجْلَى عَنْ مَنَازِلنَا وَدِيَارنَا مَعَكُمْ .|وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا|وَقَوْله : { وَلَا نُطِيع فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا } يَقُول : وَلَا نُطِيع أَحَدًا سَأَلَنَا خِذْلَانكُمْ , وَتَرَكَ نُصْرَتكُمْ , وَلَكِنَّا نَكُون مَعَكُمْ .|وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ|يَقُول : وَإنْ قَاتَلَكُمْ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ مَعَهُ لَنَنْصُرَنَّكُمْ مَعْشَر النَّضِير عَلَيْهِمْ .|وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ|وَقَوْله : { وَاَللَّه يَشْهَد إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } يَقُول : وَاَللَّه يَشْهَد إِنَّ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ وَعَدُوا بَنِي النَّضِير النُّصْرَة عَلَى مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَكَاذِبُونَ } فِي وَعْدهمْ إِيَّاهُمْ مَا وَعَدُوهُمْ مِنْ ذَلِكَ .

قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَار } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَئِنْ أُخْرِجَ بَنُو النَّضِير مِنْ دِيَارهمْ , فَانْجُلُوا عَنْهَا لَا يَخْرُج مَعَهُمْ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ وَعَدُوهُمْ الْخُرُوج مِنْ دِيَارهمْ , وَلَئِنْ قَاتَلَهُمْ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْصُرهُمْ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ وَعَدُوهُمْ النَّصْر , وَلَئِنْ نَصَرَ الْمُنَافِقُونَ بَنِي النَّضِير لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَار مُنْهَزِمِينَ عَنْ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه هَارِبِينَ مِنْهُمْ , قَدْ خَذَلُوهُمْ .|ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ|يَقُول : ثُمَّ لَا يَنْصُر اللَّه بَنِي النَّضِير عَلَى مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه بَلْ يَخْذُلهُمْ .

وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَأَنْتُمْ أَشَدّ رَهْبَة فِي صُدُورهمْ مِنْ اللَّه } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَأَنْتُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ أَشَدّ رَهْبَة فِي صُدُور الْيَهُود مِنْ بَنِي النَّضِير مِنْ اللَّه : يَقُول : هُمْ يَرْهَبُونَهُمْ أَشَدّ مِنْ رَهْبَتهمْ مِنْ اللَّه .|ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ|يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَذِهِ الرَّهْبَة الَّتِي لَكُمْ فِي صُدُور هَؤُلَاءِ الْيَهُود الَّتِي هِيَ أَشَدّ مِنْ رَهْبَتهمْ مِنْ اللَّه مِنْ أَجْل أَنَّهُمْ قَوْم لَا يَفْقَهُونَ , قَدْر عَظَمَة اللَّه , فَهُمْ لِذَلِكَ يَسْتَخِفُّونَ بِمَعَاصِيهِ , وَلَا يَرْهَبُونَ عِقَابه قَدْر رَهْبَتهمْ مِنْكُمْ .

وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا

وَقَوْله : { لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَة } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : لَا يُقَاتِلكُمْ هَؤُلَاءِ الْيَهُود بَنُو النَّضِير مُجْتَمِعِينَ إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَة بِالْحُصُونِ , لَا يَبْرُزُونَ لَكُمْ بِالْبِرَازِ , { أَوْ مِنْ وَرَاء جُدُر } يَقُول : أَوْ مِنْ خَلْف حِيطَان . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة وَالْمَدِينَة { أَوْ مِنْ وَرَاء جُدُر } عَلَى الْجِمَاع بِمَعْنَى الْحِيطَان . وَقَرَأَهُ بَعْض قُرَّاء مَكَّة وَالْبَصْرَة : | مِنْ وَرَاء جِدَار | عَلَى التَّوْحِيد بِمَعْنَى الْحَائِط . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل عِنْدِي فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ صَحِيحَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب .|بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى|وَقَوْله : { بَأْسُهُمْ بَيْنهمْ شَدِيد } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : عَدَاوَة بَعْض هَؤُلَاءِ الْكُفَّار مِنْ الْيَهُود بَعْضًا شَدِيدَة { تَحْسَبهُمْ جَمِيعًا } يَعْنِي الْمُنَافِقِينَ وَأَهْل الْكِتَاب , يَقُول : تَظُنّهُمْ مُؤْتَلِفِينَ مُجْتَمِعَة كَلِمَتهمْ , { وَقُلُوبهمْ شَتَّى } يَقُول : وَقُلُوبهمْ مُخْتَلِفَة لِمُعَادَاةِ بَعْضهمْ بَعْضًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26260 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَة أَوْ مِنْ وَرَاء جُدُر بَأْسهمْ بَيْنهمْ شَدِيد تَحْسَبهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبهمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْم لَا يَعْقِلُونَ } قَالَ : تَجِد أَهْل الْبَاطِل مُخْتَلِفَة شَهَادَتهمْ , مُخْتَلِفَة أَهْوَاؤُهُمْ , مُخْتَلِفَة أَعْمَالهمْ , وَهُمْ مُجْتَمِعُونَ فِي عَدَاوَة أَهْل الْحَقّ . )26261 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { تَحْسَبهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبهمْ شَتَّى } قَالَ : الْمُنَافِقُونَ يُخَالِف دِينهمْ دِين النَّضِير . )26262 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد ( { تَحْسَبهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبهمْ شَتَّى } قَالَ : هُمْ الْمُنَافِقُونَ وَأَهْل الْكِتَاب . )26263 - مِهْرَان , ثَنَا سُفْيَان , مِثْل ذَلِكَ . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ خُصَيْف , عَنْ مُجَاهِد ( { تَحْسَبهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبهمْ شَتَّى } قَالَ الْمُشْرِكُونَ وَأَهْل الْكِتَاب . )وَذُكِرَ أَنَّهَا فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه | وَقُلُوبهمْ أَشَتّ | بِمَعْنَى : أَشَدّ تَشَتُّتًا : أَيْ أَشَدّ اِخْتِلَافًا .|ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ|وَقَوْله : { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْم لَا يَعْقِلُونَ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : هَذَا الَّذِي وَصَفْت لَكُمْ مِنْ أَمْر هَؤُلَاءِ الْيَهُود وَالْمُنَافِقِينَ , وَذَلِكَ تَشْتِيت أَهْوَائِهِمْ , وَمُعَادَاة بَعْضهمْ بَعْضًا مِنْ أَجْل أَنَّهُمْ قَوْم لَا يَعْقِلُونَ مَا فِيهِ الْحَظّ لَهُمْ مِمَّا فِيهِ عَلَيْهِمْ الْبَخْس وَالنَّقْص .

وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ قَرِيبًا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَثَل هَؤُلَاءِ الْيَهُود مِنْ بَنِي النَّضِير وَالْمُنَافِقِينَ فِيمَا اللَّه صَانِع بِهِمْ مِنْ إِحْلَال عُقُوبَته بِهِمْ { مَثَل الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ } يَقُول كَشِبْهِهِمْ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الَّذِينَ عَنَوْا بِاَلَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ , فَقَالَ بَعْضهمْ عُنِيَ بِذَلِكَ بَنُو قَيْنُقَاع . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26264 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد , عَنْ عِكْرِمَة أَوْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله ( { كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَال أَمْرهمْ وَلَهُمْ عَذَاب أَلِيم } يَعْنِي بَنِي قَيْنُقَاع . )وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِذَلِكَ مُشْرِكُو قُرَيْش بِبَدْرٍ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26265 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم قَالَ : ثَنَا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله ( { كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَال أَمْرهمْ } قَالَ : كُفَّار قُرَيْش . )وَأَوْلَى الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مَثَّلَ هَؤُلَاءِ الْكُفَّار مِنْ أَهْل الْكِتَاب مِمَّا هُوَ مُذِيقهمْ مِنْ نَكَاله بِاَلَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ مِنْ مُكَذِّبِي رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , الَّذِينَ أَهْلَكَهُمْ بِسُخْطِهِ , وَأَمْر بَنِي قَيْنُقَاع وَوَقْعَة بَدْر , كَانَا قَبْل , جَلَاء بَنِي النَّضِير , وَكُلّ أُولَئِكَ قَدْ ذَاقُوا وَبَال أَمْرهمْ , وَلَمْ يُخَصِّص اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُمْ بَعْضًا فِي تَمْثِيل هَؤُلَاءِ بِهِمْ دُون بَعْض , وَكُلّ ذَائِق وَبَال أَمْره , فَمَنْ قَرُبَتْ مُدَّته مِنْهُمْ قَبْلهمْ , فَهُمْ مُمَثَّلُونَ بِهِمْ فِيمَا عُنُوا بِهِ مِنْ الْمَثَل .|ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ|وَقَوْله : { ذَاقُوا وَبَال أَمْرهمْ } يَقُول : نَالَهُمْ عِقَاب اللَّه عَلَى كُفْرهمْ بِهِ .|وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ|وَقَوْله : { وَلَهُمْ عَذَاب أَلِيم } يَقُول : وَلَهُمْ فِي الْآخِرَة مَعَ مَا نَالَهُمْ فِي الدُّنْيَا مِنْ الْخِزْي عَذَاب أَلِيم , يَعْنِي : مُوجِع .

ذَلِكَ عيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ

وَقَوْله : { كَمَثَلِ الشَّيْطَان إذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اُكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيء مِنْك إِنِّي أَخَاف اللَّه رَبّ الْعَالَمِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَثَل هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ وَعَدُوا الْيَهُود مِنْ النَّضِير النُّصْرَة , إِنْ قُوتِلُوا , أَوْ الْخُرُوج مَعَهُمْ إِنْ أُخْرِجُوا , وَمَثَل النَّضِير فِي غُرُورهمْ إِيَّاهُمْ بِإِخْلَافِهِمْ الْوَعْد , وَإِسْلَامهمْ إِيَّاهُمْ عِنْد شِدَّة حَاجَتهمْ إِلَيْهِمْ , وَإِلَى نُصْرَتهمْ إِيَّاهُمْ , كَمَثَلِ الشَّيْطَان الَّذِي غَرَّ إنْسَانًا , وَوَعَدَهُ عَلَى اِتِّبَاعه وَكُفْره بِاَللَّهِ , النُّصْرَة عِنْد الْحَاجَة إِلَيْهِ , فَكَفَرَ بِاَللَّهِ وَاتَّبَعَهُ وَأَطَاعَهُ , فَلَمَّا اِحْتَاجَ إِلَى نُصْرَته أَسْلَمَهُ وَتَبَرَّأَ مِنْهُ , وَقَالَ لَهُ : { إِنِّي أَخَاف اللَّه رَبّ الْعَالَمِينَ } فِي نُصْرَتك . وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْإِنْسَان الَّذِي قَالَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ { إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اُكْفُرْ } هُوَ إِنْسَان بِعَيْنِهِ , أَمْ أُرِيدَ بِهِ الْمَثَل لِمَنْ فَعَلَ الشَّيْطَان ذَلِكَ بِهِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِذَلِكَ إِنْسَان بِعَيْنِهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26266 - حَدَّثَنَا خَلَّاد بْن أَسْلَمَ , قَالَ : ثَنَا النَّضْر بْن شُمَيْل , قَالَ : أَخْبَرَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , قَالَ : سَمِعْت عَبْد اللَّه بْن نَهِيك , قَالَ : سَمِعْت عَلِيًّا رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يَقُول : (إِنَّ رَاهِبًا تَعَبَّدَ سِتِّينَ سَنَة , وَأَنَّ الشَّيْطَان أَرَادَهُ فَأَعْيَاهُ , فَعَمِدَ إِلَى اِمْرَأَة فَأَجَنَّهَا , وَلَهَا إِخْوَة , فَقَالَ لِإِخْوَتِهَا : عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقَسّ فَيُدَاوِيهَا , فَجَاءُوا بِهَا , قَالَ : فَدَاوَاهَا , وَكَانَتْ عِنْده , فَبَيْنَمَا هُوَ يَوْمًا عِنْدهَا إذْ أَعْجَبَتْهُ , فَأَتَاهَا فَحَمَلَتْ , فَعَمَدَ إِلَيْهَا فَقَتَلَهَا , فَجَاءَ إِخْوَتهَا , فَقَالَ الشَّيْطَان لِلرَّاهِبِ : أَنَا صَاحِبك , إِنَّك أَعْيَيْتنِي , أَنَا صَنَعْت بِك هَذَا فَأَطِعْنِي أُنَجِّك مِمَّا صَنَعْت بِك , اُسْجُدْ لِي سَجْدَة , فَسَجَدَ لَهُ ; فَلَمَّا سَجَدَ لَهُ قَالَ : إِنِّي بَرِيء مِنْك إِنِّي أَخَاف اللَّه رَبّ الْعَالَمِينَ فَذَلِكَ قَوْله : { كَمَثَلِ الشَّيْطَان إذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اُكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيء مِنْك إِنِّي أَخَاف اللَّه رَبّ الْعَالَمِينَ } )26267 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن إِبْرَاهِيم الْمَسْعُودِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدّه , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عِمَارَة , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود فِي هَذِهِ الْآيَة ( { كَمَثَلِ الشَّيْطَان إذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اُكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيء مِنْك إِنِّي أَخَاف اللَّه رَبّ الْعَالَمِينَ } قَالَ : كَانَتْ اِمْرَأَة تَرْعَى الْغَنَم , وَكَانَ لَهَا أَرْبَعَة إِخْوَة , وَكَانَتْ تَأْوِي بِاللَّيْلِ إِلَى صَوْمَعَة رَاهِب , قَالَ : فَنَزَلَ الرَّاهِب فَفَجَرَ بِهَا , فَحَمَلَتْ , فَأَتَاهُ الشَّيْطَان , فَقَالَ لَهُ اُقْتُلْهَا ثُمَّ اِدْفَعْهَا , فَإِنَّك رَجُل مُصَدَّق يُسْمَع كَلَامك , فَقَتَلَهَا ثُمَّ دَفَنَهَا ; قَالَ : فَأَتَى الشَّيْطَان إِخْوَتهَا فِي الْمَنَام , فَقَالَ لَهُمْ : إِنَّ الرَّاهِب صَاحِب الصَّوْمَعَة فَجَرَ بِأُخْتِكُمْ ; فَلَمَّا أَحْبَلَهَا قَتَلَهَا , ثُمَّ دَفَنَهَا فِي مَكَان كَذَا وَكَذَا , فَلَمَّا أَصْبَحُوا قَالَ رَجُل مِنْهُمْ : وَاَللَّه لَقَدْ رَأَيْت الْبَارِحَة رُؤْيَا وَمَا أَدْرِي أَقُصّهَا عَلَيْكُمْ أَمْ أَتْرُك ؟ قَالُوا : لَا , بَلْ قُصَّهَا عَلَيْنَا ; قَالَ : فَقَصَّهَا , فَقَالَ الْآخَر : وَأَنَا وَاَللَّه لَقَدْ رَأَيْت ذَلِكَ ; قَالُوا : فَمَا هَذَا إِلَّا لِشَيْءٍ , فَانْطَلَقُوا فَاسْتَعْدَوْا مَلِكهمْ عَلَى ذَلِكَ الرَّاهِب , فَأَتَوْهُ فَأَنْزَلُوهُ , ثُمَّ اِنْطَلَقُوا بِهِ , فَلَقِيَهُ الشَّيْطَان فَقَالَ : إِنِّي أَنَا الَّذِي أَوْقَعْتُك فِي هَذَا وَلَنْ يُنَجِّيك مِنْهُ غَيْرِي فَاسْجُدْ لِي سَجْدَة وَاحِدَة وَأَنَا أُنَجِّيك مِمَّا أَوْقَعْتُك فِيهِ ; قَالَ : فَسَجَدَ لَهُ ; فَلَمَّا أَتَوْا بِهِ مَلِكهمْ تَبَرَّأَ مِنْهُ , وَأُخِذَ فَقُتِلَ . )26268 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { كَمَثَلِ الشَّيْطَان إذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اُكْفُرْ } . .. إِلَى { وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ } قَالَ عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس : كَانَ رَاهِب مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل يَعْبُد اللَّه فَيُحْسِن عِبَادَته , وَكَانَ يُؤْتَى مِنْ كُلّ أَرْض فَيُسْأَل عَنْ الْفِقْه , وَكَانَ عَالِمًا , وَإِنَّ ثَلَاثَة إِخْوَة كَانَتْ لَهُمْ أُخْت حَسَنَة مِنْ أَحْسَن النَّاس , وَإِنَّهُمْ أَرَادُوا أَنْ يُسَافِرُوا , فَكَبُرَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَخْلُفُوهَا ضَائِعَة , فَجَعَلُوا يَأْتَمِرُونَ مَا يَفْعَلُونَ بِهَا ; فَقَالَ أَحَدهمْ : أَدُلّكُمْ عَلَى مَنْ تَتْرُكُونَهَا عِنْده ؟ قَالُوا : مَنْ هُوَ ؟ قَالَ : رَاهِب بَنِي إِسْرَائِيل , إِنْ مَاتَتْ قَامَ عَلَيْهَا . وَإِنْ عَاشَتْ حَفِظَهَا حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَيْهِ ; فَعَمَدُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا : إِنَّا نُرِيد السَّفَر , وَلَا نَجِد أَحَدًا أَوْثَق فِي أَنْفُسنَا , وَلَا أَحْفَظ لِمَا وُلِّيَ مِنْك لِمَا جُعِلَ عِنْدك , فَإِنْ رَأَيْت أَنْ نَجْعَل أُخْتنَا عِنْدك فَإِنَّهَا ضَائِعَة شَدِيدَة الْوَجَع , فَإِنْ مَاتَتْ فَقُمْ عَلَيْهَا , وَإِنْ عَاشَتْ فَأَصْلِحْ إِلَيْهَا حَتَّى نَرْجِع , فَقَالَ : أَكْفِيكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّه ; فَانْطَلَقُوا فَقَامَ عَلَيْهَا فَدَاوَاهَا حَتَّى بَرَأَتْ , وَعَادَ إِلَيْهَا حُسْنهَا , فَاطَّلَعَ إِلَيْهَا فَوَجَدَهَا مُتَصَنِّعَة , فَلَمْ يَزَلْ بِهِ الشَّيْطَان يُزَيِّن لَهُ أَنْ يَقَع عَلَيْهَا حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهَا , فَحَمَلَتْ , ثُمَّ نَدَّمَهُ الشَّيْطَان فَزَيَّنَ لَهُ قَتْلهَا ; قَالَ : إِنْ لَمْ تَقْتُلهَا افْتُضِحْتَ وَعُرِفَ شَبَهك فِي الْوَلَد , فَلَمْ يَكُنْ لَك مَعْذِرَة , فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى قَتَلَهَا , فَلَمَّا قَدِمَ إِخْوَتهَا سَأَلُوهُ مَا فَعَلْت ؟ قَالَ : مَاتَتْ فَدَفَنْتهَا , قَالُوا : قَدْ أَحْسَنْت , ثُمَّ جَعَلُوا يَرَوْنَ فِي الْمَنَام , وَيُخْبَرُونَ أَنَّ الرَّاهِب هُوَ قَتَلَهَا , وَأَنَّهَا تَحْت شَجَرَة كَذَا وَكَذَا , فَعَمَدُوا إِلَى الشَّجَرَة فَوَجَدُوهَا تَحْتهَا قَدْ قُتِلَتْ , فَعَمَدُوا إِلَيْهِ فَأَخَذُوهُ , فَقَالَ لَهُ الشَّيْطَان : أَنَا زَيَّنْت لَك الزِّنَا وَقَتْلهَا بَعْد الزِّنَا , فَهَلْ لَك أَنْ أُنَجِّيك ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالَ : أَفَتُطِيعنِي ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : فَاسْجُدْ لِي سَجْدَة وَاحِدَة , فَسَجَدَ لَهُ ثُمَّ قُتِلَ , فَذَلِكَ قَوْله { كَمَثَلِ الشَّيْطَان إذْ قَالَ لِلْإنْسَان اُكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيء مِنْك } )الْآيَة 26269 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ اِبْن طَاوُس , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : (كَانَ رَجُل مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل عَابِدًا , وَكَانَ رُبَّمَا دَاوَى الْمَجَانِين , فَكَانَتْ اِمْرَأَة جَمِيلَة , فَأَخَذَهَا الْجُنُون , فَجِيءَ بِهَا إِلَيْهِ , فَتُرِكَتْ عِنْده , فَأَعْجَبَتْهُ فَوَقَعَ . عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ , فَجَاءَهُ الشَّيْطَان فَقَالَ : إِنْ عُلِمَ بِهَذَا افْتُضِحْتَ , فَاقْتُلْهَا وَادْفِنْهَا فِي بَيْتك , فَقَتَلَهَا وَدَفَنَهَا , فَجَاءَ أَهْلهَا بَعْد ذَلِكَ بِزَمَانٍ يَسْأَلُونَهُ , فَقَالَ : مَاتَتْ , فَلَمْ يَتَّهِمُوهُ لِصَلَاحِهِ فِيهِمْ , فَجَاءَهُمْ الشَّيْطَان فَقَالَ : إِنَّهَا لَمْ تَمُتْ , وَلَكِنَّهُ وَقَعَ عَلَيْهَا فَقَتَلَهَا وَدَفَنَهَا فِي بَيْته فِي مَكَان كَذَا وَكَذَا , فَجَاءَ أَهْلهَا , فَقَالُوا : مَا نَتَّهِمك , فَأَخْبِرْنَا أَيْنَ دَفَنْتهَا , وَمَنْ كَانَ مَعَك , فَوَجَدُوهَا حَيْثُ دَفَنَهَا , فَأُخِذَ وَسُجِنَ , فَجَاءَهُ الشَّيْطَان فَقَالَ : إِنْ كُنْت تُرِيد أَنْ أُخْرِجك مِمَّا أَنْتَ فِيهِ فَتَخْرُج مِنْهُ , فَاكْفُرْ بِاَللَّهِ , فَأَطَاعَ الشَّيْطَان , وَكَفَرَ بِاَللَّهِ , فَأُخِذَ وَقُتِلَ , فَتَبَرَّأَ الشَّيْطَان مِنْهُ حِينَئِذٍ . قَالَ : فَمَا أَعْلَم هَذِهِ الْآيَة إِلَّا نَزَلَتْ فِيهِ { كَمَثَلِ الشَّيْطَان إذْ قَالَ لِلْإنْسَان اُكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إنِّي بَرِيء مِنْك إِنِّي أَخَاف اللَّه رَبّ الْعَالَمِينَ } )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ النَّاس كُلّهمْ , وَقَالُوا : إِنَّمَا هَذَا مَثَل ضُرِبَ لِلنَّضِيرِ فِي غُرُور الْمُنَافِقِينَ إِيَّاهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26270 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { كَمَثَلِ الشَّيْطَان إذْ قَالَ لِلْإنْسَان اُكْفُرْ } عَامَّة النَّاس .)

مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَكَانَ عَاقِبَتهمَا أَنَّهُمَا فِي النَّار خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَكَانَ عُقْبَى أَمْر الشَّيْطَان وَالْإِنْسَان الَّذِي أَطَاعَهُ , فَكَفَرَ بِاَللَّهِ أَنَّهُمَا خَالِدَانِ فِي النَّار مَاكِثَانِ فِيهَا أَبَدًا { وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ } يَقُول : وَذَلِكَ ثَوَاب الْيَهُود مِنْ النَّضِير وَالْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ وَعَدُوهُمْ النُّصْرَة , وَكُلّ كَافِر بِاَللَّهِ ظَالِم لِنَفْسِهِ عَلَى كُفْره بِهِ أَنَّهُمْ فِي النَّار مُخَلَّدُونَ . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه نَصْب قَوْله : { خَالِدَيْنِ فِيهَا } فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : نُصِبَ عَلَى الْحَال , وَفِي النَّار خَبَر ; قَالَ : وَلَوْ كَانَ فِي الْكَلَام لَكَانَ الرَّفْع أَجْوَد فِي | خَالِديْنِ | قَالَ : وَلَيْسَ قَوْلهمْ : إِذَا جِئْت مَرَّتَيْنِ فَهُوَ نُصِبَ لِشَيْءٍ , إِنَّمَا فِيهَا تَوْكِيد جِئْت بِهَا أَوْ لَمْ تَجِئْ بِهَا فَهُوَ سَوَاء , إِلَّا أَنَّ الْعَرَب كَثِيرًا مَا تَجْعَلهُ حَالًا إِذَا كَانَ فِيهَا لِلتَّوْكِيدِ وَمَا أَشْبَهَهُ فِي غَيْر مَكَان , قَالَ : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْل الْكِتَاب وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَار جَهَنَّم خَالِدِينَ فِيهَا } . [98 6 ]وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود : | فَكَانَ عَاقِبَتهمَا أَنَّهُمَا فِي النَّار خَالِدَيْنِ فِي النَّار | ; قَالَ : وَفِي أَنَّهُمَا فِي النَّار خَالِدَيْنِ فِيهَا نَصْب ; قَالَ : وَلَا أَشْتَهِي الرَّفْع وَإِنْ كَانَ يَجُوز , فَإِذَا رَأَيْت الْفِعْل بَيْن صِفَتَيْنِ قَدْ عَادَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى مَوْضِع الْأُخْرَى نَصَبْت , فَهَذَا مِنْ ذَلِكَ ; قَالَ : وَمِثْله فِي الْكَلَام قَوْلك : مَرَرْت بِرَجُلٍ عَلَى نَابِه مُتَحَمِّلًا بِهِ ; وَمِثْله قَوْل الشَّاعِر : ش وَالزَّعْفَرَان عَلَى تَرَائِبهَا و شَرِقًا بِهِ اللَّبَّات وَالنَّحْر ش لِأَنَّ التَّرَائِب هِيَ اللَّبَّات هَا هُنَا , فَعَادَتْ الصِّفَة بِاسْمِهَا الَّذِي وَقَعَتْ عَلَيْهِ , فَإِذَا اِخْتَلَفَتْ الصِّفَتَانِ جَازَ الرَّفْع وَالنَّصْب عَلَى حُسْن , مِنْ ذَلِكَ قَوْلك : عَبْد اللَّه فِي الدَّار رَاغِب فِيك , أَلَا تَرَى أَنَّ | فِي | الَّتِي فِي الدَّار مُخَالِفَة لِفِي الَّتِي تَكُون فِي الرَّغْبَة ; قَالَ : وَالْحُجَّة مَا يُعْرَف بِهِ النَّصْف مِنْ الرَّفْع أَنْ لَا تَرَى الصِّفَة الْآخِرَة تَتَقَدَّم قَبْل الْأُولَى أَلَا تَرَى أَنَّك تَقُول : هَذَا أَخُوك فِي يَده دِرْهَم قَابِضًا عَلَيْهِ , فَلَوْ قُلْت : هَذَا أَخُوك قَابِضًا عَلَيْهِ فِي يَده دِرْهَم لَمْ يَجُزْ , أَلَا تَرَى أَنَّك تَقُول : هَذَا رَجُل قَائِم إِلَى زَيْد فِي يَده دِرْهَم , فَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْمَنْصُوب إِذَا اِمْتَنَعَ تَقْدِيم الْآخِر , وَيَدُلّ عَلَى الرَّفْع إِذَا سَهُلَ تَقْدِيم الْآخِر .

وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ

وَقَوْله { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اللَّه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَا أَيّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّه وَوَحَّدُوهُ , اِتَّقُوا اللَّه بِأَدَاءِ فَرَائِضه , وَاجْتِنَاب مَعَاصِيه .|اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ|وَقَوْله { وَلْتَنْظُرْ نَفْس مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ } يَقُول : وَلْيَنْظُرْ أَحَدكُمْ مَا قَدَّمَ لِيَوْمِ الْقِيَامَة مِنْ الْأَعْمَال , أَمِنَ الصَّالِحَات الَّتِي تُنَجِّيه أَمْ مِنْ السَّيِّئَات الَّتِي تُوبِقهُ ؟ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26271 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { اِتَّقُوا اللَّه وَلْتَنْظُرْ نَفْس مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ } : مَا زَالَ رَبّكُمْ يُقَرِّب السَّاعَة حَتَّى جَعَلَهَا كَغَدٍ , وَغَد يَوْم الْقِيَامَة . )* - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ } يَعْنِي يَوْم الْقِيَامَة . )26272 - حُدِّثْنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد , قَالَ : (سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ } يَعْنِي يَوْم الْقِيَامَة . )26273 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , وَقَرَأَ قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ( { وَلْتَنْظُرْ نَفْس مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ } يَعْنِي يَوْم الْقِيَامَة الْخَيْر وَالشَّرّ ; قَالَ : وَالْأَمْس فِي الدُّنْيَا , وَغَد فِي الْآخِرَة , وَقَرَأَ : { كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ } [10 24 ]قَالَ : كَأَنْ لَمْ تَكُنْ فِي الدُّنْيَا .)|لِغَدٍ وَاتَّقُوا|وَقَوْله : { وَاتَّقُوا اللَّه } يَقُول : وَخَافُوا اللَّه بِأَدَاءِ فَرَائِضه , وَاجْتِنَاب مَعَاصِيه .|اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا|يَقُول : إِنَّ اللَّه ذُو خِبْرَة وَعِلْم بِأَعْمَالِكُمْ خَيْرهَا وَشَرّهَا , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْء , وَهُوَ مُجَازِيكُمْ عَلَى جَمِيعهَا .

فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمِْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تَكُونُوا كَاَلَّذِينَ نَسُوا اللَّه فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسهمْ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَا تَكُونُوا كَاَلَّذِينَ تَرَكُوا أَدَاء حَقّ اللَّه الَّذِي أَوْجَبَهُ عَلَيْهِمْ { فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسهمْ } يَقُول : فَأَنْسَاهُمْ اللَّه حُظُوظ أَنْفُسهمْ مِنْ الْخَيْرَات . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26274 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان ( { نَسُوا اللَّه فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسهمْ } قَالَ : نَسُوا حَقّ اللَّه , فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسهمْ ; قَالَ : حَظّ أَنْفُسهمْ .)|أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ|وَقَوْله : { أُولَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ نَسُوا اللَّه , هُمْ الْفَاسِقُونَ , يَعْنِي الْخَارِجِينَ مِنْ طَاعَة اللَّه إِلَى مَعْصِيَته .

أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَا يَسْتَوِي أَصْحَاب النَّار وَأَصْحَاب الْجَنَّة أَصْحَاب الْجَنَّة هُمْ الْفَائِزُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَا يَعْتَدِل أَهْل النَّار وَأَهْل الْجَنَّة , أَهْل الْجَنَّة هُمْ الْفَائِزُونَ , يَعْنِي أَنَّهُمْ الْمُدْرِكُونَ مَا طَلَبُوا وَأَرَادُوا , النَّاجُونَ مِمَّا حُذِّرُوا .

وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآن عَلَى جَبَل لَرَأَيْته خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَة اللَّه } </subtitle>وَقَوْله : { لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآن عَلَى جَبَل لَرَأَيْته خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَة اللَّه } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآن عَلَى جَبَل , وَهُوَ حَجَر , لَرَأَيْته يَا مُحَمَّد خَاشِعًا ; يَقُول : مُتَذَلِّلًا , مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَة اللَّه عَلَى قَسَاوَته , حَذَرًا مِنْ أَنْ لَا يُؤَدِّي حَقّ اللَّه الْمُفْتَرَض عَلَيْهِ فِي تَعْظِيم الْقُرْآن , وَقَدْ أَنْزَلَ عَلَى اِبْن آدَم وَهُوَ بِحَقِّهِ مُسْتَخِفّ , وَعَنْهُ , عَمَّا فِيهِ مِنْ الْعِبَر وَالذِّكْر , مُعْرِض , كَأَنْ لَمْ يَسْمَعهَا , كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26275 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : ( { لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآن عَلَى جَبَل لَرَأَيْته خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشِيَهُ اللَّه } . .. إِلَى قَوْله : { لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } قَالَ : يَقُول : لَوْ أَنِّي أَنْزَلْت هَذَا الْقُرْآن عَلَى جَبَل حَمَّلْته إِيَّاهُ تَصَدَّعَ وَخَشَعَ مِنْ ثِقَله وَمِنْ خَشْيَة اللَّه , فَأَمَرَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ النَّاس إِذَا أَنْزَلَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآن , أَنْ يَأْخُذُوهُ بِالْخَشْيَةِ الشَّدِيدَة وَالتَّخَشُّع , قَالَ : { كَذَلِكَ يَضْرِب اللَّه الْأَمْثَال } [13 17 ] { لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } . )26276 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآن عَلَى جَبَل لَرَأَيْته خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَة اللَّه } . .. الْآيَة , يَعْذِر اللَّه الْجَبَل الْأَصَمّ , وَلَمْ يَعْذِر شَقِيّ اِبْن آدَم , هَلْ رَأَيْتُمْ أَحَدًا قَطُّ تَصَدَّعَتْ جَوَانِحه مِنْ خَشْيَة اللَّه ؟ .)|وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ| { وَتِلْكَ الْأَمْثَال نَضْرِبهَا لِلنَّاسِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَهَذِهِ الْأَشْيَاء نُشَبِّههَا لِلنَّاسِ , وَذَلِكَ تَعْرِيفه جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِيَّاهُمْ أَنَّ الْجِبَال أَشَدّ تَعْظِيمًا لِحَقِّهِ مِنْهُمْ مَعَ قَسَاوَتهَا وَصَلَابَتهَا .|لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ|وَقَوْله : { لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } يَقُول : يَضْرِب اللَّه لَهُمْ هَذِهِ الْأَمْثَال لِيَتَفَكَّرُوا فِيهَا , فَيُنِيبُوا , وَيَنْقَادُوا لِلْحَقِّ .

إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { هُوَ اللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ عَالِم الْغَيْب وَالشَّهَادَة } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : الَّذِي يَتَصَدَّع مِنْ خَشِيَتْهُ الْجَبَل أَيّهَا النَّاس , هُوَ الْمَعْبُود الَّذِي لَا تَنْبَغِي الْعِبَادَة وَالْأُلُوهِيَّة إِلَّا لَهُ , عَالِم غَيْب السَّمَاوَات وَالْأَرْض , وَشَاهِد مَا فِيهِمَا مِمَّا يَرَى وَيُحِسّ .|هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ|يَقُول : هُوَ رَحْمَن الدُّنْيَا وَالْآخِرَة , رَحِيم بِأَهْلِ الْإِيمَان بِهِ .

وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { هُوَ اللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْمَلِك الْقُدُّوس } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هُوَ الْمَعْبُود الَّذِي لَا تَصْلُح الْعِبَادَة إِلَّا لَهُ , الْمَلِك الَّذِي لَا مَلِك فَوْقه , وَلَا شَيْء إِلَّا دُونه , الْقُدُّوس , قِيلَ : هُوَ الْمُبَارَك . وَقَدْ بَيَّنْت فِيمَا مَضَى قَبْل مَعْنَى التَّقْدِيس بِشَوَاهِدِهِ , وَذَكَرْت اِخْتِلَاف الْمُخْتَلِفِينَ فِيهِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته . ذِكْر مَنْ قَالَ : عُنِيَ بِهِ الْمُبَارَك : 26277 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { الْقُدُّوس } : أَيْ الْمُبَارَك .)|السَّلَامُ|وَقَوْله : { السَّلَام } يَقُول : هُوَ الَّذِي يُسَلِّم خَلْقه مِنْ ظُلْمه , وَهُوَ اِسْم مِنْ أَسْمَائِهِ , كَمَا : 26278 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { السَّلَام } : اللَّه السَّلَام . )26279 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد اللَّه , يَعْنِي الْعَتَكِيّ , عَنْ جَابِر بْن زَيْد قَوْله : ( { السَّلَام } قَالَ : هُوَ اللَّه . )وَقَدْ ذَكَرْت الرِّوَايَة فِيمَا مَضَى , وَبَيَّنْت مَعْنَاهُ بِشَوَاهِدِهِ , فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَته .|الْمُؤْمِنُ|وَقَوْله : { الْمُؤْمِن } يَعْنِي بِالْمُؤْمِنِ : الَّذِي يُؤَمِّن خَلْقه مِنْ ظُلْمه . وَكَانَ قَتَادَة يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 26280 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { الْمُؤْمِن } أَمَّنَ بِقَوْلِهِ إنَّهُ حَقّ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { الْمُؤْمِن } أَمَّنَ بِقَوْلِهِ إنَّهُ حَقّ . )26281 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ جُوَيْبِر عَنْ الضَّحَّاك ( { الْمُؤْمِن } قَالَ : الْمُصَدِّق . )26282 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله ( { الْمُؤْمِن } قَالَ : الْمُؤْمِن : الْمُصَدِّق الْمُوقِن , آمَنَ النَّاس بِرَبِّهِمْ فَسَمَّاهُمْ مُؤْمِنِينَ , وَآمَنَ الرَّبّ الْكَرِيم لَهُمْ بِإِيمَانِهِمْ صَدَّقَهُمْ أَنْ يُسَمَّى بِذَلِكَ الِاسْم .)|الْمُهَيْمِنُ|وَقَوْله : { الْمُهَيْمِن } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : الْمُهَيْمِن الشَّهِيد . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26283 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { الْمُهَيْمِن } قَالَ : الشَّهِيد , وَقَالَ مَرَّة أُخْرَى : الْأَمِين . )26284 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم قَالَ : ثَنَا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { الْمُهَيْمِن } قَالَ : الشَّهِيد . )26285 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { الْمُهَيْمِن } قَالَ : أَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ كِتَابًا فَشَهِدَ عَلَيْهِ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { الْمُهَيْمِن } قَالَ : الشَّهِيد عَلَيْهِ . )وَقَالَ آخَرُونَ : الْمُهَيْمِن : الْأَمِين . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26286 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك ( { الْمُهَيْمِن } : الْأَمِين . )وَقَالَ آخَرُونَ : { الْمُهَيْمِن } : الْمُصَدَّق . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26287 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { الْمُهَيْمِن } قَالَ : الْمُصَدَّق لِكُلِّ مَا حَدَّثَ , وَقَرَأَ : { وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ } [5 48 ]قَالَ : فَالْقُرْآن مُصَدِّق عَلَى مَا قَبْله مِنْ الْكُتُب , وَاَللَّه مُصَدَّق فِي كُلّ مَا حَدَّثَ عَمَّا مَضَى مِنْ الدُّنْيَا , وَمَا بَقِيَ , وَمَا حَدَّثَ عَنْ الْآخِرَة . )وَقَدْ بَيَّنْت أَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ فِيمَا مَضَى قَبْل فِي سُورَة الْمَائِدَة بِالْعِلَلِ الدَّالَّة عَلَى صِحَّته , فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع .|الْعَزِيزُ|وَقَوْله : { الْعَزِيز } : الشَّدِيد فِي اِنْتِقَامه مِمَّنْ اِنْتَقَمَ مِنْ أَعْدَائِهِ , كَمَا : 26288 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { الْعَزِيز } أَيْ فِي نِقْمَته إِذَا اِنْتَقَمَ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { الْعَزِيز } فِي نِقْمَته إِذَا اِنْتَقَمَ .)|الْجَبَّارُ|وَقَوْله : { الْجَبَّار } يَعْنِي : الْمُصْلِح أُمُور خَلْقه , الْمُصَرِّفُهُمْ فِيمَا فِيهِ صَلَاحهمْ . وَكَانَ قَتَادَة يَقُول : جَبَرَ خَلْقه عَلَى مَا يَشَاء مِنْ أَمْره . 26289 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { الْجَبَّار } قَالَ : جَبَرَ خَلْقه عَلَى مَا يَشَاء .)|الْمُتَكَبِّرُ|وَقَوْله : { الْمُتَكَبِّر } قِيلَ : عُنِيَ بِهِ أَنَّهُ تَكَبَّرَ عَنْ كُلّ شَرّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26290 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { الْمُتَكَبِّر } قَالَ : تَكَبَّرَ عَنْ كُلّ شَرّ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . 26291 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو رَجَاء , قَالَ : ثَنِي رَجُل , عَنْ جَابِر بْن زَيْد , قَالَ : (إِنَّ اِسْم اللَّه الْأَعْظَم هُوَ اللَّه , أَلَمْ تَسْمَع يَقُول : { هُوَ اللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ عَالِم الْغَيْب وَالشَّهَادَة هُوَ الرَّحْمَن الرَّحِيم هُوَ اللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْمَلِك الْقُدُّوس السَّلَام الْمُؤْمِن الْمُهَيْمِن الْعَزِيز الْجَبَّار سُبْحَان اللَّه عَمَّا يُشْرِكُونَ } يَقُول : تَنْزِيهًا لِلَّهِ وَتَبْرِئَة لَهُ عَنْ شِرْك الْمُشْرِكِينَ بِهِ .)|سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ|يَقُول : تَنْزِيهًا لِلَّهِ وَتَبْرِئَة لَهُ عَنْ شِرْك الْمُشْرِكِينَ بِهِ .

إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { هُوَ اللَّه الْخَالِق الْبَارِئ الْمُصَوِّر } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هُوَ الْمَعْبُود الْخَالِق , الَّذِي لَا مَعْبُود تَصْلُح لَهُ الْعِبَادَة غَيْره , وَلَا خَالِق سِوَاهُ , الْبَارِئ الَّذِي بَرَأَ الْخَلْق , فَأَوْجَدَهُمْ بِقُدْرَتِهِ , الْمُصَوِّر خَلْقه كَيْفَ شَاءَ , وَكَيْفَ يَشَاء .|لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى|قَوْله : { لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لِلَّهِ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى , وَهِيَ هَذِهِ الْأَسْمَاء الَّتِي سَمَّى اللَّه بِهَا نَفْسه , الَّتِي ذَكَرَهَا فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ .|يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ|يَقُول : يُسَبِّح لَهُ جَمِيع مَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض , وَيَسْجُد لَهُ طَوْعًا وَكَرْهًا|وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ| { وَهُوَ الْعَزِيز } يَقُول : وَهُوَ الشَّدِيد الِانْتِقَام مِنْ أَعْدَائِهِ { الْحَكِيم } فِي تَدْبِيره خَلْقه , وَصَرْفهمْ فِيمَا فِيهِ صَلَاحهمْ . آخِر تَفْسِير سُورَة الْحَشْر

يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوّكُمْ أَوْلِيَاء } </subtitle>قَالَ أَبُو جَعْفَر : يَقُول : تَعَالَى ذِكْره لِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي } مِنْ الْمُشْرِكِينَ { وَعَدُوّكُمْ أَوْلِيَاء } يُعْنَى أَنْصَارًا . وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَات مِنْ أَوَّل هَذِهِ السُّورَة نَزَلَتْ فِي شَأْن حَاطِب بْن أَبِي بَلْتَعَة , وَكَانَ كَتَبَ إِلَى قُرَيْش بِمَكَّة يُطْلِعهُمْ عَلَى أَمْر كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَخْفَاهُ عَنْهُمْ , وَبِذَلِك جَاءَتْ الْآثَار وَالرِّوَايَة عَنْ جَمَاعَة مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26292 - حَدَّثَنِي عُبَيْد بْن إِسْمَاعِيل الْهَبَّارِي , وَالْفَضْل بْن الصَّبَّاح قَالَا : ثَنَا سُفْيَان بْن عُيَيْنَة , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار عَنْ حَسَن بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ , أَخْبَرَنِي عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي رَافِع , قَالَ : (سَمِعْت عَلِيًّا رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يَقُول : بَعَثَنِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَالزُّبَيْر بْن الْعَوَامّ وَالْمِقْدَاد - قَالَ الْفَضْل ; قَالَ سُفْيَان : نَفَر مِنْ الْمُهَاجِرِينَ - فَقَالَ : | اِنْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَة خَاخ , فَإِنَّ لَهَا ظَعِينَة مَعَهَا كِتَاب , فَخُذُوهُ مِنْهَا | ; فَانْطَلَقْنَا تَتَعَادَى بِنَا خَيْلنَا حَتَّى اِنْتَهَيْنَا إِلَى الرَّوْضَة , فَوَجَدْنَا اِمْرَأَة , فَقُلْنَا : أَخْرِجِي الْكِتَاب , قَالَتْ : لَيْسَ مَعِي كِتَاب , قُلْنَا : لِتَخْرُجْنَ الْكِتَاب , أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَاب , فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصهَا , وَأَخَذْنَا الْكِتَاب ; فَانْطَلَقْنَا بِهِ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَإِذَا فِيهِ : مَنْ حَاطِب بْن أَبِي بَلْتَعَة إِلَى نَاس بِمَكَّة , يُخْبِرهُمْ بِبَعْضِ أَمْر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | يَا حَاطِب مَا هَذَا ؟ | قَالَ : يَا رَسُول اللَّه لَا تَعْجَل عَلَيَّ ; كُنْت امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْش , وَلَمْ يَكُنْ لِي فِيهِمْ قَرَابَة , وَكَانَ مَنْ مَعَك مِنْ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَات , يَحْمُونَ أَهْلِيهِمْ بِمَكَّة , فَأَحْبَبْت إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ مِنْ النَّسَب أَنْ أَتَّخِذ فِيهَا يَدًا يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِي , وَمَا فَعَلْت ذَلِكَ كُفْرًا وَلَا اِرْتِدَادًا عَنْ دِينِي , وَلَا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْد الْإِسْلَام , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | قَدْ صَدَقَكُمْ | فَقَالَ عُمَر : يَا رَسُول اللَّه دَعْنِي أَضْرِب عُنُق هَذَا الْمُنَافِق , فَقَالَ : | إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا , وَمَا يُدْرِيك لَعَلَّ اللَّه قَدْ اِطَّلَعَ عَلَى أَهْل بَدْر فَقَالَ : اِعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْت لَكُمْ | زَادَ الْفَضْل فِي حَدِيثه , قَالَ سُفْيَان : وَنَزَلَتْ فِيهِ { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوّكُمْ أَوْلِيَاء } . .. إِلَى قَوْله { حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاَللَّهِ وَحْده } . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ أَبِي سِنَان سَعِيد بْن سِنَان , عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة الْجَمَلِيّ , عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيّ الطَّائِيّ , عَنْ الْحَارِث , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : (لَمَّا أَرَادَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْتِي مَكَّة , أَسَرَّ إِلَى نَاس مِنْ أَصْحَابه أَنَّهُ يُرِيد مَكَّة . فِيهِمْ حَاطِب بْن أَبِي بَلْتَعَة , وَأَفْشَى فِي النَّاس أَنَّهُ يُرِيد خَيْبَر , فَكَتَبَ حَاطِب بْن أَبِي بَلْتَعَة إِلَى أَهْل مَكَّة أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدكُمْ , قَالَ : فَبَعَثَنِي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا مَرْثَد وَلَيْسَ مِنَّا رَجُل إِلَّا وَعِنْده فَرَس , فَقَالَ : اِئْتُوا رَوْضَة خَاخ , فَإِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بِهَا اِمْرَأَة وَمَعَهَا كِتَاب , فَخُذُوهُ مِنْهَا ; فَانْطَلَقْنَا حَتَّى رَأَيْنَاهَا بِالْمَكَانِ الَّذِي ذَكَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقُلْنَا : هَاتِي الْكِتَاب , فَقَالَتْ : مَا مَعِي كِتَاب , فَوَضَعْنَا مَتَاعهَا وَفَتَّشْنَا , فَلَمْ نَجِدهُ فِي مَتَاعهَا , فَقَالَ أَبُو مَرْثَد : لَعَلَّهُ أَنْ لَا يَكُون مَعَهَا , فَقُلْت : مَا كَذَبَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا كُذِبَ , فَقُلْنَا : أَخْرِجِي الْكِتَاب , وَإِلَّا عَرَّيْنَاك - قَالَ عَمْرو بْن مُرَّة : فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ حُجْزَتهَا , وَقَالَ حَبِيب : أَخْرَجَتْهُ مِنْ قُبُلهَا - فَأَتَيْنَا بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا الْكِتَاب : مِنْ حَاطِب بْن أَبِي بَلْتَعَة إِلَى أَهْل مَكَّة , فَقَامَ عُمَر فَقَالَ : خَانَ اللَّه وَرَسُوله , اِئْذَنْ لِي أَضْرِب عُنُقه , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | أَلَيْسَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا ؟ | قَالَ : بَلَى , وَلَكِنَّهُ قَدْ نَكَثَ وَظَاهَرَ أَعْدَاءَك عَلَيْك , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | فَلَعَلَّ اللَّه قَدْ اِطَّلَعَ عَلَى أَهْل بَدْر , فَقَالَ : اِعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ | , فَفَاضَتْ عَيْنَا عُمَر وَقَالَ : اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم , فَأَرْسَلَ إِلَى حَاطِب , فَقَالَ : | مَا حَمَلَك عَلَى مَا صَنَعْت ؟ | فَقَالَ : يَا نَبِيّ اللَّه إِنِّي كُنْت امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْش , وَكَانَ لِي بِهَا أَهْل وَمَال , وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَصْحَابك أَحَد إِلَّا وَلَهُ بِمَكَّة مَنْ يَمْنَع أَهْله مَاله , فَكَتَبْت إِلَيْهِمْ بِذَلِكَ , وَاَللَّه يَا نَبِيّ اللَّه إِنِّي لَمُؤْمِن بِاَللَّهِ وَبِرَسُولِهِ , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | صَدَقَ حَاطِب بْن أَبِي بَلْتَعَة , فَلَا تَقُولُوا لِحَاطِب إِلَّا خَيْرًا | , فَقَالَ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت : فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوّكُمْ } . .. )الْآيَة * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , ثَنَا عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ } . .. إِلَى آخِر الْآيَة , نَزَلَتْ فِي رَجُل كَانَ مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ مِنْ قُرَيْش , كَتَبَ إِلَى أَهْله وَعَشِيرَته بِمَكَّة , يُخْبِرهُمْ وَيُنْذَرهُمْ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَائِر إِلَيْهِمْ , فَأُخْبِرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَحِيفَتِهِ , فَبَعَثَ إِلَيْهَا عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , فَأَتَاهُ بِهَا . )26293 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , قَالَ : ثَنِي مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن الزُّبَيْر , عَنْ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر وَغَيْره مِنْ عُلَمَائِنَا , قَالُوا : (لَمَّا أَجْمَع رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّيْر إِلَى مَكَّة كَتَبَ حَاطِب بْن أَبِي بَلْتَعَة كِتَابًا إِلَى قُرَيْش يُخْبِرهُمْ بِاَلَّذِي أَجْمَع عَلَيْهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْأَمْر فِي السَّيْر إِلَيْهِمْ , ثُمَّ أَعْطَاهُ اِمْرَأَة يَزْعُم مُحَمَّد بْن جَعْفَر أَنَّهَا مِنْ مُزَيْنَة , وَزَعَمَ غَيْره أَنَّهَا سَارَّة مَوْلَاة لِبَعْضِ بَنِي عَبْد الْمُطَّلِب وَجَعَلَ لَهَا جُعْلًا , عَلَى أَنْ تُبَلِّغهُ قُرَيْشًا , فَجَعَلَتْهُ فِي رَأْسهَا . ثُمَّ فَتَلَتْ عَلَيْهِ قُرُونهَا , ثُمَّ خَرَجَتْ . وَأَتَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَبَر مِنْ السَّمَاء بِمَا صَنَعَ حَاطِب , فَبَعَثَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب وَالزُّبَيْر بْن الْعَوَامّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , فَقَالَ : | أَدْرِكَا اِمْرَأَة قَدْ كَتَبَ مَعَهَا حَاطِب بِكِتَابٍ إِلَى قُرَيْش يُحَذِّرهُمْ مَا قَدْ اِجْتَمَعْنَا لَهُ فِي أَمْرهمْ | , فَخَرَجَا حَتَّى أَدْرَكَا بِالْحُلَيْفَة , حُلَيْفَة اِبْن أَبِي أَحْمَد فَاسْتَنْزَلَاهَا فَالْتَمَسَا فِي رَحْلهَا , فَلَمْ يَجِدَا شَيْئًا , فَقَالَ لَهَا عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : إِنِّي أَحْلِف بِاَللَّهِ مَا كُذِبَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا كُذِبْنَا , وَلَتُخْرِجِنَّ إِلَيَّ هَذَا الْكِتَاب , أَوْ لَنَكْشِفَنَّكِ ; فَلَمَّا رَأَتْ الْجَدّ مِنْهُ , قَالَتْ : أَعْرِضْ عَنِّي , فَأَعْرَضَ عَنْهَا , فَحَلَّتْ قُرُون رَأْسهَا , فَاسْتَخْرَجَتْ الْكِتَاب فَدَفَعَتْهُ إِلَيْهِ فَجَاءَ بِهِ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاطِبًا , فَقَالَ : | يَا حَاطِب مَا حَمَلَك عَلَى هَذَا ؟ | فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه , أَمَّا وَاَللَّه إِنِّي لَمُؤْمِن بِاَللَّهِ وَرَسُوله , مَا غَيَّرْت وَلَا بَدَّلْت , وَلَكِنِّي كُنْت امْرَأً فِي الْقَوْم لَيْسَ لِي أَصْل وَلَا عَشِيرَة , وَكَانَ لِي بَيْن أَظْهُرهمْ أَهْل وَوَلَد , فَصَانَعْتهمْ عَلَيْهِ , فَقَالَ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : دَعْنِي يَا رَسُول اللَّه فَلِأَضْرِب عُنُقه , فَإِنَّ الرَّجُل قَدْ نَافَقَ , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | وَمَا يُدْرِيك يَا عُمَر لَعَلَّ اللَّه قَدْ اِطَّلَعَ عَلَى أَصْحَاب بَدْر يَوْم بَدْر فَقَالَ : اِعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْت لَكُمْ | فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فِي حَاطِب { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوّكُمْ أَوْلِيَاء } . .. إِلَى قَوْله { وَإِلَيْك أَنَبْنَا } . .. إِلَى آخِر الْقِصَّة . )* - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ عُرْوَة قَالَ : (لَمَّا نَزَلَتْ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوّكُمْ أَوْلِيَاء } فِي حَاطِب بْن أَبِي بَلْتَعَة , كَتَبَ إِلَى كُفَّار قُرَيْش كِتَابًا يَنْصَح لَهُمْ فِيهِ , فَأَطْلَعَ اللَّه نَبِيّه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام عَلَى ذَلِكَ , فَأَرْسَلَ عَلِيًّا وَالزُّبَيْر , فَقَالَ : | اِذْهَبَا فَإِنَّكُمَا سَتَجِدَانِ اِمْرَأَة بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا , فَأْتِيَا بِكِتَابٍ مَعَهَا | , فَانْطَلَقَا حَتَّى أَدْرَكَاهَا , فَقَالَا : الْكِتَاب الَّذِي مَعَك , قَالَتْ : لَيْسَ مَعِي كِتَاب , فَقَالَا : وَاَللَّه لَا نَدَع مَعَك شَيْئًا إِلَّا فَتَّشْنَاهُ , أَوْ تُخْرِجِينَهُ , قَالَتْ : أَوَلَسْتُمْ مُسْلِمَيْنِ ؟ قَالَا : بَلَى , وَلَكِنَّ النَّبِيّ قَدْ أَخْبَرَنَا أَنَّ مَعَك كِتَابًا قَدْ أَيْقَنَتْ أَنْفُسنَا أَنَّهُ مَعَك ; فَلَمَّا رَأَتْ جَدّهمَا أَخْرَجَتْ كِتَابًا مِنْ بَيْن قُرُونهَا , فَذَهَبَا بِهِ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا فِيهِ : مِنْ حَاطِب بْن أَبِي بَلْتَعَة إِلَى كُفَّار قُرَيْش , فَدَعَاهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : | أَنْتَ كَتَبْت هَذَا الْكِتَاب ؟ | قَالَ : نَعَمْ , قَالَ : | مَا حَمَلَك عَلَى ذَلِكَ ؟ | قَالَ : أَمَا وَاَللَّه مَا اِرْتَبْت فِي اللَّه مُنْذُ أَسْلَمْت , وَلَكِنِّي كُنْت امْرَأً غَرِيبًا فِيكُمْ أَيّهَا الْحَيّ مِنْ قُرَيْش , وَكَانَ لِي بِمَكَّة مَال وَبَنُونَ , فَأَرَدْت أَنْ أَدْفَع بِذَلِكَ عَنْهُمْ , فَقَالَ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : اِئْذَنْ لِي يَا رَسُول اللَّه فَأَضْرِب عُنُقه , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | مَهْلًا يَا اِبْن الْخَطَّاب , وَمَا يُدْرِيك لَعَلَّ اللَّه قَدْ اِطَّلَعَ إِلَى أَهْل بَدْر فَقَالَ اِعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَأَنِّي غَافِر لَكُمْ | قَالَ الزُّهْرِيّ : فِيهِ نَزَلَتْ حَتَّى { غَفُور رَحِيم } )26294 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه ( { لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوّكُمْ أَوْلِيَاء } . .. إِلَى قَوْله { بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير } فِي مُكَاتَبَة حَاطِب بْن أَبِي بَلْتَعَة , وَمَنْ مَعَهُ كُفَّار قُرَيْش يُحَذِّرهُمْ . )26295 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوّكُمْ أَوْلِيَاء } . .. حَتَّى بَلَغَ { سَوَاء السَّبِيل } : ذُكِرَ لَنَا أَنَّ حَاطِبًا كَتَبَ إِلَى أَهْل مَكَّة يُخْبِرهُمْ سَيْر النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ زَمَن الْحُدَيْبِيَة , فَأَطْلَعَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ نَبِيّه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام عَلَى ذَلِكَ , وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُمْ وَجَدُوا الْكِتَاب مَعَ اِمْرَأَة فِي قَرْن مِنْ رَأْسهَا , فَدَعَاهُ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : | مَا حَمَلَك عَلَى الَّذِي صَنَعْت ؟ | قَالَ : وَاَللَّه مَا شَكَكْت فِي أَمْر اللَّه , وَلَا اِرْتَدَدْت فِيهِ , وَلَكِنَّ لِي هُنَاكَ أَهْلًا وَمَالًا , فَأَرَدْت مُصَانَعَة قُرَيْش عَلَى أَهْلِي وَمَالِي . وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ كَانَ حَلِيفًا لِقُرَيْشٍ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَنْفُسهمْ , فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ الْقُرْآن , فَقَالَ : { إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيهمْ وَأَلْسِنَتهمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ } . )|أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ|وَقَوْله : { تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ مَوَدَّتكُمْ إِيَّاهُ . وَدُخُول الْبَاء فِي قَوْله : { بِالْمَوَدَّةِ } وَسُقُوطهَا سَوَاء , نَظِير قَوْل الْقَائِل : أُرِيد بِأَنْ تَذْهَب , وَأُرِيد أَنْ تَذْهَب سَوَاء , وَكَقَوْلِهِ : { وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ } [22 25 ]وَالْمَعْنَى : وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ إِلْحَادًا بِظُلْمٍ ; وَمِنْ ذَلِكَ قَوْل الشَّاعِر : <br>فَلَمَّا رَجَتْ بِالشُّرْبِ هَزَّ لَهَا الْعَصَا .......... شَحِيح لَهُ عِنْد الْإِزَاء نَهِيم <br>بِمَعْنَى : فَلَمَّا رَجَتْ الشُّرْب .|بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ| { وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنْ الْحَقّ } يَقُول : وَقَدْ كَفَرَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ نَهَيْتُكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوهُمْ أَوْلِيَاء بِمَا جَاءَكُمْ مِنْ عِنْد اللَّه مِنْ الْحَقّ , وَذَلِكَ كُفْرهمْ بِاَللَّهِ وَرَسُوله وَكِتَابه الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى رَسُوله .|الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ|وَقَوْله : { يُخْرِجُونَ الرَّسُول وَإِيَّاكُمْ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : يُخْرِجُونَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِيَّاكُمْ , بِمَعْنَى : وَيُخْرِجُونَكُمْ أَيْضًا مِنْ دِيَاركُمْ وَأَرْضكُمْ , وَذَلِكَ إِخْرَاج مُشْرِكِي قُرَيْش رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه مِنْ مَكَّة .|وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ|وَقَوْله : { أَنْ تُؤْمِنُوا بِاَللَّهِ رَبّكُمْ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : يُخْرِجُونَ الرَّسُول وَإِيَّاكُمْ مِنْ دِيَاركُمْ , لِأَنْ آمَنْتُمْ بِاَللَّهِ .|رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ|وَقَوْله : { إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي } مِنْ الْمُؤَخَّر الَّذِي مَعْنَاهُ التَّقْدِيم , وَوَجْه الْكَلَام : يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنْ الْحَقّ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي , وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي { يُخْرِجُونَ الرَّسُول وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاَللَّهِ رَبّكُمْ } . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ تَعَالَى ذِكْره : { إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي } : إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ مِنْ دِيَاركُمْ , فَهَاجَرْتُمْ مِنْهَا إِلَى مَهَاجِركُمْ لِلْجِهَادِ فِي طَرِيقِي الَّذِي شَرَعْته لَكُمْ , وَدِينِي الَّذِي أَمَرْتُكُمْ بِهِ . وَالْتِمَاس مَرْضَاتِي .|مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ|وَقَوْله : { تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تُسِرُّونَ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِالْمَوَدَّةِ إِلَى الْمُشْرِكِينَ بِاَللَّهِ|بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا|يَقُول : وَأَنَا أَعْلَم مِنْكُمْ بِمَا أَخْفَى بَعْضكُمْ مِنْ بَعْض , فَأُسِرّهُ مِنْهُ|أَخْفَيْتُمْ وَمَا|يَقُول : وَأَعْلَم أَيْضًا مِنْكُمْ مَا أَعْلَنَهُ بَعْضكُمْ لِبَعْضٍ .|أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ|يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَمَنْ يُسِرّ مِنْكُمْ إِلَى الْمُشْرِكِينَ بِالْمَوَدَّةِ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ فَقَدْ ضَلَّ : يَقُول : فَقَدْ جَارَ عَنْ قَصْد السَّبِيل الَّتِي جَعَلَهَا اللَّه طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّة وَمَحَجَّة إِلَيْهَا .

يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيهمْ وَأَلْسِنَتهمْ بِالسُّوءِ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنْ يَثْقَفكُمْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تُسِرُّونَ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ , يَكُونُوا لَكُمْ حَرْبًا وَأَعْدَاء { وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيهمْ } بِالْقِتَالِ { وَأَلْسِنَتهمْ بِالسُّوءِ } .|وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ|وَقَوْله : { وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ } يَقُول : وَتَمَنَّوْا لَكُمْ أَنْ تَكْفُرُوا بِرَبِّكُمْ , فَتَكُونُوا عَلَى مِثْل الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ .

يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا

قَوْله : { لَنْ تَنْفَعكُمْ أَرْحَامكُمْ وَلَا أَوْلَادكُمْ يَوْم الْقِيَامَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَا يَدْعُونَكُمْ أَرْحَامكُمْ وَقَرَابَاتكُمْ وَأَوْلَادكُمْ إِلَى الْكُفْر بِاَللَّهِ , وَاِتِّخَاذ أَعْدَائِهِ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ . فَإِنَّهُ لَنْ تَنْفَعكُمْ أَرْحَامكُمْ وَلَا أَوْلَادكُمْ عِنْد اللَّه يَوْم الْقِيَامَة , فَتَدْفَع عَنْكُمْ عَذَاب اللَّه يَوْمئِذٍ , إِنْ أَنْتُمْ عَصَيْتُمُوهُ فِي الدُّنْيَا , وَكَفَرْتُمْ بِهِ .|يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ|وَقَوْله : { يَفْصِل بَيْنكُمْ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : يَفْصِل رَبّكُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ بَيْنكُمْ يَوْم الْقِيَامَة بِأَنْ يُدْخِل أَهْل طَاعَته الْجَنَّة , وَأَهْل مُعَاصِيَة وَالْكُفْر بِهِ النَّار . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَمَكَّة وَالْبَصْرَة : | يُفْصَل بَيْنكُمْ | بِضَمِّ الْيَاء وَتَخْفِيف الصَّاد وَفَتْحهَا , عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِله . وَقَرَأَهُ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة خَلَا عَاصِم بِضَمِّ الْيَاء وَتَشْدِيد الصَّاد وَكَسْرهَا بِمَعْنَى : يُفَصِّل اللَّه بَيْنكُمْ أَيّهَا الْقَوْم . وَقَرَأَهُ عَاصِم بِفَتْحِ الْيَاء وَتَخْفِيف الصَّاد وَكَسْرهَا , بِمَعْنَى يَفْصِل اللَّه بَيْنكُمْ . وَقَرَأَ بَعْض قُرَّاء الشَّام | يُفَصَّل | بِضَمِّ الْيَاء وَفَتْح الصَّاد وَتَشْدِيدهَا عَلَى وَجْه مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِله . وَهَذِهِ الْقِرَاءَات مُتَقَارِبَات الْمُعَانَى صَحِيحَات فِي الْإِعْرَاب , فَبِأَيَّتِهَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب .|وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ|وَقَوْله : { وَاَللَّه بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَاَللَّه بِأَعْمَالِكُمْ أَيّهَا النَّاس ذُو عِلْم وَبَصَر , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْء , هُوَ بِجَمِيعِهَا مُحِيط , وَهُوَ مُجَازِيكُمْ بِهَا إِنْ خَيْرًا فَخَيْر , وَإِنْ شَرًّا فَشَرّ , فَاتَّقُوا اللَّه فِي أَنْفُسكُمْ وَاحْذَرُوهُ .

قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آَلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَة حَسَنَة فِي إِبْرَاهِيم وَاَلَّذِينَ مَعَهُ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَدْ كَانَ لَكُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ أُسْوَة حَسَنَة : يَقُول : قُدْوَة حَسَنَة فِي إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن , تَقْتَدُونَ بِهِ , وَاَلَّذِينَ مَعَهُ مِنْ أَنْبِيَاء اللَّه , كَمَا : 26296 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : ( { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَة حَسَنَة فِي إِبْرَاهِيم وَاَلَّذِينَ مَعَهُ } قَالَ : الَّذِينَ مَعَهُ الْأَنْبِيَاء .)|إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ|وَقَوْله : { إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآء مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه } يَقُول : حِين قَالُوا لِقَوْمِهِمْ الَّذِينَ كَفَرُوا بِاَللَّهِ , وَعَبَدُوا الطَّاغُوت : أَيّهَا الْقَوْم إِنَّا بُرَآء مِنْكُمْ , وَمِنْ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه مِنْ الْآلِهَة وَالْأَنْدَاد .|كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ|وَقَوْله : { كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْننَا وَبَيْنكُمْ الْعَدَاوَة وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاَللَّهِ وَحْده } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ مُخْبِرًا عَنْ قِيل أَنْبِيَائِهِ لِقَوْمِهِمْ الْكَفَرَة : كَفَرْنَا بِكُمْ , أَنْكَرْنَا مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْكُفْر بِاَللَّهِ وَجَحَدْنَا عِبَادَتكُمْ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه أَنْ تَكُون حَقًّا , وَظَهَرَ بَيْننَا وَبَيْنكُمْ الْعَدَاوَة وَالْبَغْضَاء أَبَدًا عَلَى كُفْركُمْ بِاَللَّهِ , وَعِبَادَتكُمْ مَا سِوَاهُ , وَلَا صَلِّحْ بَيْننَا وَلَا هَوَادَة , حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاَللَّهِ وَحْده , يَقُول : حَتَّى تَصَدَّقُوا بِاَللَّهِ وَحْده , فَتُوَحِّدُوهُ , وَتُفْرِدُوهُ بِالْعِبَادَةِ .|إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ|وَقَوْله : { إِلَّا قَوْل إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَك } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَة حَسَنَة فِي إِبْرَاهِيم وَاَلَّذِينَ مَعَهُ فِي هَذِهِ الْأُمُور الَّتِي ذَكَرْنَاهَا مِنْ مُبَايِنَة الْكُفَّار وَمُعَادَاتهمْ , وَتَرْك مُوَالَاتهمْ إِلَّا فِي قَوْل إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ { لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَك } فَإِنَّهُ لَا أُسْوَة لَكُمْ فِيهِ فِي ذَلِكَ , لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ عَنْ مَوْعِدَة وَعَدَهَا إِيَّاهُ قَبْل أَنْ يَتَبَيَّن لَهُ أَنَّهُ عَدُوّ اللَّه ; فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَكَذَلِكَ أَنْتُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ , فَتَبَرَّءُوا مِنْ أَعْدَاء اللَّه مِنْ الْمُشْرِكِينَ بِهِ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاء يُؤْمِنُوا بِاَللَّهِ وَحْده وَيَتَبَرَّءُوا عَنْ عِبَادَة مَا سِوَاهُ وَأَظْهِرُوا لَهُمْ الْعَدَاوَة وَالْبَغْضَاء . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26297 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { إِلَّا قَوْل إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ } قَالَ : نُهُوا أَنْ يَتَأَسَّوْا بِاسْتِغْفَارِ إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ , فَيَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ مُطَرِّف الْحَارِثِيّ , عَنْ مُجَاهِد : ( { أُسْوَة حَسَنَة فِي إِبْرَاهِيم } . .. إِلَى قَوْله { لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَك } يَقُول : فِي كُلّ أَمْره أُسْوَة , إِلَّا الِاسْتِغْفَار لِأَبِيهِ . )26298 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَة حَسَنَة فِي إِبْرَاهِيم } . .. الْآيَة , اِئْتَسُوا بِهِ فِي كُلّ شَيْء , مَا خَلَا قَوْله لِأَبِيهِ : { لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَك } فَلَا تَأْتَسُوا بِذَلِكَ مِنْهُ , فَإِنَّهَا كَانَتْ عَنْ مَوْعِدَة وَعَدَهَا إِيَّاهُ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله ( { إِلَّا قَوْل إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ } يَقُول : لَا تَأَسَّوْا بِذَلِكَ فَإِنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ مَوْعِدًا , وَتَأَسَّوْا بِأَمْرِهِ كُلّه . )26299 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : ( { قَدْ كَانَ لَكُمْ أُسْوَة حَسَنَة } . .. إِلَى قَوْله : { إِلَّا قَوْل إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَك } قَالَ : يَقُول : لَيْسَ لَكُمْ فِي هَذَا أُسْوَة .)|وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ|وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { وَمَا أَمْلِك لَك مِنْ اللَّه مِنْ شَيْء } يَقُول : وَمَا أَدْفَع عَنْك مِنْ اللَّه مِنْ عُقُوبَة , إِنْ اللَّه عَاقَبَك عَلَى كُفْرك بِهِ , وَلَا أُغْنِي عَنْك مِنْهُ شَيْئًا .|رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا|وَقَوْله : { رَبّنَا عَلَيْك تَوَكَّلْنَا } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ مُخْبِرًا عَنْ قِيل إِبْرَاهِيم وَأَنْبِيَائِهِ صَلَوَات اللَّه عَلَيْهِمْ : { رَبّنَا عَلَيْك تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْك أَنَبْنَا } يَعْنِي : وَإِلَيْك رَجَعْنَا بِالتَّوْبَةِ مِمَّا تَكْرَه إِلَى مَا تُحِبّ وَتَرْضَى .|وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ|يَقُول : وَإِلَيْك مَصِيرنَا وَمَرْجِعنَا يَوْم تَبْعَثنَا مِنْ قُبُورنَا , وَتَحْشُرنَا فِي الْقِيَامَة إِلَى مَوْقِف الْعَرْض .

قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { رَبّنَا لَا تَجْعَلنَا فِتْنَة لِلَّذِينَ كَفَرُوا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل إِبْرَاهِيم خَلِيله وَاَلَّذِينَ مَعَهُ : يَا رَبّنَا لَا تَجْعَلنَا فِتْنَة لِلَّذِينَ كَفَرُوا بِك فَجَحَدُوا وَحْدَانِيّتك , وَعَبَدُوا غَيْرك , بِأَنْ تُسَلِّطهُمْ عَلَيْنَا , فَيَرَوْا أَنَّهُمْ عَلَى حَقّ , وَأَنَّا عَلَى بَاطِل , فَتَجْعَلنَا بِذَلِكَ فِتْنَة لَهُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26300 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { لَا تَجْعَلنَا فِتْنَة لِلَّذِينَ كَفَرُوا } قَالَ لَا تُعَذِّبنَا بِأَيْدِيهِمْ , وَلَا بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدك , فَيَقُولُوا : لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ عَلَى حَقّ مَا أَصَابَهُمْ هَذَا . )26301 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { رَبّنَا لَا تَجْعَلنَا فِتْنَة لِلَّذِينَ كَفَرُوا } قَالَ : يَقُول : لَا تُظْهِرهُمْ عَلَيْنَا فَيُفْتَتَنُوا بِذَلِكَ . يَرَوْنَ أَنَّهُمْ إِنَّمَا ظَهَرُوا عَلَيْنَا لِحَقٍّ هُمْ عَلَيْهِ . )26302 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { لَا تَجْعَلنَا فِتْنَة لِلَّذِينَ كَفَرُوا } يَقُول : لَا تُسَلِّطهُمْ عَلَيْنَا فَيَفْتِنُونَا .)|وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا|وَقَوْله : { وَاغْفِرْ لَنَا رَبّنَا } يَقُول : وَاسْتُرْ عَلَيْنَا ذُنُوبنَا بِعَفْوِك لَنَا عَنْهَا يَا رَبّنَا ,|إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ| { إِنَّك أَنْتَ الْعَزِيز الْحَكِيم } يَعْنِي الشَّدِيد الِانْتِقَام مِمَّنْ اِنْتَقَمَ مِنْهُ , الْحَكِيم : يَقُول الْحَكِيم فِي تَدْبِيره خَلْقه , وَصَرْفه إِيَّاهُمْ فِيمَا فِيهِ صَلَاحهمْ .

وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا

وَقَوْله : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَة حَسَنَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لَقَدْ كَانَ لَكُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ قُدْوَة حَسَنَة فِي الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ إِبْرَاهِيم وَاَلَّذِينَ مَعَهُ مِنْ الْأَنْبِيَاء صَلَوَات اللَّه عَلَيْهِمْ وَالرُّسُل .|لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ|يَقُول : لِمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَرْجُو لِقَاء اللَّه , وَثَوَاب اللَّه , وَالنَّجَاة فِي الْيَوْم الْآخِر .|وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ|وَقَوْله { وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّه هُوَ الْغَنِيّ الْحَمِيد } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَنْ يَتَوَلَّ عَمَّا أَمَرَهُ اللَّه بِهِ وَنَدَبَهُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَمِنْ غَيْركُمْ , فَأَعْرَضَ عَنْهُ وَأَدْبَرَ مُسْتَكْبِرًا , وَوَالَى أَعْدَاء اللَّه , وَأَلْقَى أَلِيهِمْ بِالْمَوَدَّةِ , فَإِنَّ اللَّه هُوَ الْغَنِيّ عَنْ إِيمَانه بِهِ , وَطَاعَته إِيَّاهُ , وَعَنْ جَمِيع خَلْقه , الْحَمِيد عِنْد أَهْل الْمَعْرِفَة بِأَيَادِيهِ , وَآلَائِهِ عِنْدهمْ .

فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { عَسَى اللَّه أَنْ يَجْعَل بَيْنكُمْ وَبَيْن الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّة } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : عَسَى اللَّه أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ أَنْ يَجْعَل بَيْنكُمْ وَبَيْن الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْ أَعْدَائِي مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْش مَوَدَّة , فَفَعَلَ اللَّه ذَلِكَ بِهِمْ , بِأَنْ أَسْلَمَ كَثِير مِنْهُمْ , فَصَارُوا لَهُمْ أَوْلِيَاء وَأَحْزَابًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26203 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { عَسَى اللَّه أَنْ يَجْعَل بَيْنكُمْ وَبَيْن الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّة } قَالَ : هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ قَدْ فَعَلَ , قَدْ أَدْخَلَهُمْ فِي السِّلْم وَجَعَلَ بَيْنهمْ مَوَدَّة حِين كَانَ الْإِسْلَام حِين الْفَتْح .)|وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ|وَقَوْله : { وَاَللَّه قَدِير } يَقُول : وَاَللَّه ذُو قُدْرَة عَلَى أَنْ يَجْعَل بَيْنكُمْ وَبَيْن الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ مَوَدَّة { وَاَللَّه غَفُور رَحِيم } يَقُول : وَاَللَّه غَفُور لِخَطِيئَةِ مَنْ أَلْقَى إِلَى الْمُشْرِكِينَ بِالْمَوَدَّةِ إِذَا تَابَ مِنْهَا , رَحِيم بِهِمْ أَنْ يُعَذِّبهُمْ بَعْد تَوْبَتهمْ مِنْهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26304 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : ( { عَسَى اللَّه أَنْ يَجْعَل بَيْنكُمْ وَبَيْن الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّة وَاَللَّه غَفُور قَدِير } عَلَى ذَلِكَ { وَاَللَّه غَفُور رَحِيم } يَغْفِر الذُّنُوب الْكَثِيرَة , رَحِيم بِعِبَادِهِ .)

وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَا يَنْهَاكُمْ اللَّه عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّين وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَاركُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { لَا يَنْهَاكُمْ اللَّه عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّين } مِنْ أَهْل مَكَّة { وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَاركُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ } يَقُول : وَتَعْدِلُوا فِيهِمْ بِإِحْسَانِكُمْ إِلَيْهِمْ , وَبِرّكُمْ بِهِمْ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الَّذِينَ عُنُوا بِهَذِهِ الْآيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِهَا : الَّذِينَ كَانُوا آمَنُوا بِمَكَّة وَلَمْ يُهَاجِرُوا , فَأَذِنَ اللَّه لِلْمُؤْمِنِينَ بِبِرِّهِمْ وَالْإِحْسَان إِلَيْهِمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26305 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { لَا يَنْهَاكُمْ اللَّه عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّين } أَنْ تَسْتَغْفِرُوا لَهُمْ , { تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ } ; قَالَ : وَهُمْ الَّذِينَ آمَنُوا بِمَكَّة وَلَمْ يُهَاجِرُوا . )وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِهَا مِنْ غَيْر أَهْل مَكَّة مَنْ لَمْ يُهَاجِر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 36306 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الْأَنْمَاطِيّ , قَالَ : ثَنَا هَارُون بْن مَعْرُوف , قَالَ : ثَنَا بِشْر بْن السُّرِّيّ , قَالَ : ثَنَا مُصْعَب بْن ثَابِت , عَنْ عَمّه عَامِر بْن عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : (نَزَلَتْ فِي أَسْمَاء بِنْت أَبِي بَكْر , وَكَانَتْ لَهَا أُمّ فِي الْجَاهِلِيَّة يُقَال لَهَا قُتَيْلَة اِبْنَة عَبْد الْعُزَّى , فَأَتَتْهَا بِهَدَايَا وَصِنَاب وَأَقِط وَسَمْن , فَقَالَتْ : لَا اِقْبَلْ لَك هَدِيَّة , وَلَا تَدْخُلِي عَلَيَّ حَتَّى يَأْذَن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ عَائِشَة لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَنْزَلَ اللَّه { لَا يَنْهَاكُمْ اللَّه عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّين } . .. إِلَى قَوْله : { الْمُقْسِطِينَ } . )* - قَالَ ثَنَا إِبْرَاهِيم بْن الْحَجَّاج , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك , قَالَ : ثَنَا مُصْعَب بْن ثَابِت , عَنْ عَامِر بْن عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : قَدِمَتْ قُتَيْلَة بِنْت عَبْد الْعُزَّى بْن سَعْد مِنْ بَنِي مَالِك بْن حِسْل عَلَى اِبْنَتهَا أَسْمَاء بِنْت أَبِي بَكْر , فَذَكَرَ نَحْوه . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِهَا مِنْ مُشْرِكِي مَكَّة مَنْ لَمْ يُقَاتِل الْمُؤْمِنِينَ , وَلَمْ يُخْرِجُوهُمْ مِنْ دِيَارهمْ ; قَالَ : وَنَسَخَ اللَّه ذَلِكَ بَعْد بِالْأَمْرِ بِقِتَالِهِمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26307 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : وَسَأَلْته عَنْ قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : ( { لَا يَنْهَاكُمْ اللَّه } . .. الْآيَة , فَقَالَ : هَذَا قَدْ نُسِخَ , نَسَخَهُ الْقِتَال , أُمِرُوا أَنْ يَرْجِعُوا إِلَيْهِمْ بِالسُّيُوفِ , وَيُجَاهِدُوهُمْ بِهَا , يَضْرِبُونَهُمْ , وَضَرَبَ اللَّه لَهُمْ أَجَل أَرْبَعَة أَشْهُر , إِمَّا الْمُذَابَحَة , وَإِمَّا الْإِسْلَام . )26308 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله ( { لَا يَنْهَاكُمْ اللَّه } . .. الْآيَة , قَالَ : نَسَخَتْهَا { اُقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } )وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : عُنِيَ بِذَلِكَ : لَا يَنْهَاكُمْ اللَّه عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّين , مِنْ جَمِيع أَصْنَاف الْمِلَل وَالْأَدْيَان أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتَصِلُوهُمْ , وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ , إِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَمَّ بِقَوْلِهِ { الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّين وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَاركُمْ } جَمِيع مَنْ كَانَ ذَلِكَ صِفَته , فَلَمْ يُخَصِّص بِهِ بَعْضًا دُون بَعْض , وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ قَالَ : ذَلِكَ مَنْسُوخ , لِأَنَّ بِرّ الْمُؤْمِن مِنْ أَهْل الْحَرْب مِمَّنْ بَيْنه وَبَيْنه قَرَابَة نَسَب , أَوْ مِمَّنْ لَا قَرَابَة بَيْنه وَبَيْنه وَلَا نَسَب غَيْر مُحَرَّم وَلَا مَنْهِيّ عَنْهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ دَلَالَة لَهُ , أَوْ لِأَهْلِ الْحَرْب عَلَى عَوْرَة لِأَهْلِ الْإِسْلَام , أَوْ تَقْوِيَة لَهُمْ بِكُرَاعٍ أَوْ سِلَاح . قَدْ بَيَّنَ صِحَّة مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ , الْخَبَر الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ اِبْن الزُّبَيْر فِي قِصَّة أَسْمَاء وَأُمّهَا .|إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ|وَقَوْله : { إِنَّ اللَّه يُحِبّ الْمُقْسِطِينَ } يَقُول : إِنَّ اللَّه يُحِبّ الْمُنْصِفِينَ الَّذِينَ يُنْصِفُونَ النَّاس , وَيُعْطُونَهُمْ الْحَقّ وَالْعَدْل مِنْ أَنْفُسهمْ , فَيَبَرُّونَ مَنْ بَرَّهُمْ , وَيُحْسِنُونَ إِلَى مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهِمْ .

وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّه عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّين وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَاركُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّه } أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ { عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّين } مِنْ كُفَّار أَهْل مَكَّة { وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَاركُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ } يَقُول : وَعَاوِنُوا مَنْ أَخْرَجَكُمْ مِنْ دِيَاركُمْ عَلَى إِخْرَاجكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ , فَتَكُونُوا لَهُمْ أَوْلِيَاء وَنُصَرَاء . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْله { الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الَّذِينَ } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26309 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّه عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّين } قَالَ كُفَّار أَهْل مَكَّة .)|وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ|يَقُول : وَمَنْ يَجْعَلهُمْ مِنْكُمْ أَوْ مِنْ غَيْركُمْ أَوْلِيَاء .|فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ|يَقُول : فَأُولَئِكَ هُمْ الَّذِينَ تَوَلَّوْا غَيْر الَّذِي يَجُوز لَهُمْ أَنْ يَتَوَلَّوْهُمْ , وَوَضَعُوا وِلَايَتهمْ فِي غَيْر مَوْضِعهَا , وَخَالَفُوا أَمْر اللَّه فِي ذَلِكَ .

وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَات مُهَاجِرَات فَامْتَحِنُوهُنَّ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ } النِّسَاء { الْمُؤْمِنَات مُهَاجِرَات } مِنْ دَار الْكُفْر إِلَى دَار الْإِسْلَام { فَامْتَحِنُوهُنَّ } وَكَانَتْ مِحْنَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُنَّ إِذَا قَدِمْنَ مُهَاجِرَات , كَمَا : 26310 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا يُونُس بْن بُكَيْر , عَنْ قَيْس بْن الرَّبِيع , عَنْ الْأَغَرّ بْن الصَّبَّاح , عَنْ خَلِيفَة بْن حُصَيْن , عَنْ أَبِي نَصْر الْأَسَدِيّ , قَالَ : (سُئِلَ اِبْن عَبَّاس : كَيْف كَانَ اِمْتِحَان رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّسَاء ؟ قَالَ : كَانَ يَمْتَحِنهُنَّ بِاَللَّهِ مَا خَرَجَتْ مِنْ بُغْض زَوْج , وَبِاَللَّهِ مَا خَرَجَتْ رَغْبَة عَنْ أَرْض إِلَى أَرْض , وَبِاَللَّهِ مَا خَرَجَتْ اِلْتِمَاس دُنْيَا , وَبِاَللَّهِ مَا خَرَجَتْ إِلَّا حُبًّا لِلَّهِ وَرَسُوله . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن بْن عَطِيَّة , عَنْ قَيْس , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْأَغَرّ بْن الصَّبَّاح , عَنْ خَلِيفَة بْن حُصَيْن , عَنْ أَبِي نَصْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَات مُهَاجِرَات فَامْتَحِنُوهُنَّ } قَالَ كَانَتْ الْمَرْأَة إِذَا أَتَتْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلَّفَهَا بِاَللَّهِ مَا خَرَجَتْ . .. ثُمَّ ذَكَرَهُ نَحْوه . 26311 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , أَنْ عَائِشَة قَالَتْ : (مَا كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْتَحِن الْمُؤْمِنَات إِلَّا بِالْآيَةِ , قَالَ اللَّه : { إِذَا جَاءَك الْمُؤْمِنَات يُبَايِعْنَك عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاَللَّهِ شَيْئًا } وَلَا , وَلَا )26312 - حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُس , عَنْ اِبْن شِهَاب , قَالَ : أَخْبَرَنِي عُرْوَة بْن الزُّبَيْر , أَنَّ عَائِشَة زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : (كَانَتْ الْمُؤْمِنَات إِذَا هَاجَرْنَ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُمْتَحَنَّ بِقَوْلِ اللَّه : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ إِذَا جَاءَك الْمُؤْمِنَات يُبَايِعْنَك } . .. إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَتْ عَائِشَة : فَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا مِنْ الْمُؤْمِنَات , فَقَدْ أَقَرَّ بِالْمَحَبَّةِ , فَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَقْرَرْنَ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلهنَّ قَالَ لَهُنَّ : | اِنْطَلِقْنَ فَقَدْ بَايَعْتُكُنَّ | , وَلَا وَاَللَّه مَا مَسَّتْ يَد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَد اِمْرَأَة قَطُّ , غَيْر أَنَّهُ بَايَعَهُنَّ بِالْكَلَامِ ; قَالَتْ عَائِشَة : وَاَللَّه مَا أَخَذَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النِّسَاء قَطُّ , إِلَّا بِمَا أَمَرَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ , وَكَانَ يَقُول لَهُنَّ إِذَا أَخَذَ عَلَيْهِنَّ | قَدْ بَايَعْتُكُنَّ كَلَامًا . )26313 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبَى , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَات مُهَاجِرَات } . .. إِلَى قَوْله : { عَلِيم حَكِيم } كَانَ اِمْتِحَانهنَّ أَنْ يَشْهَدْنَ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْده وَرَسُوله )26314 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { فَامْتَحِنُوهُنَّ } قَالَ : سَلُوهُنَّ مَا جَاءَ بِهِنَّ فَإِنْ كَانَ جَاءَ بِهِنَّ غَضَب عَلَى أَزْوَاجهنَّ , أَوْ سَخْطَة , أَوْ غَيْره , وَلَمْ يُؤْمِنَّ , فَارْجِعُوهُنَّ إِلَى أَزْوَاجهنَّ . )26315 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { فَامْتَحِنُوهُنَّ } كَانَتْ مِحْنَتهنَّ أَنْ يُسْتَحْلَفْنَ بِاَللَّهِ | مَا أَخْرَجَكُنَّ النُّشُوز , وَمَا أَخْرَجَكُنَّ إِلَّا حُبّ الْإِسْلَام وَأَهْله , وَحِرْص عَلَيْهِ | , فَإِذَا قُلْنَ ذَلِكَ قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُنَّ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله ( { فَامْتَحِنُوهُنَّ } قَالَ : يَحْلِفْنَ مَا خَرَجْنَ إِلَّا رَغْبَة فِي الْإِسْلَام , وَحُبًّا لِلَّهِ وَرَسُوله . )26316 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِيهِ أَوْ عِكْرِمَة ( { إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَات مُهَاجِرَات فَامْتَحِنُوهُنَّ } قَالَ : يُقَال : مَا جَاءَ بِك إِلَّا حُبّ اللَّه , وَلَا جَاءَ بِك عِشْق رَجُل مِنَّا , وَلَا فِرَارًا مِنْ زَوْجك , فَذَلِكَ قَوْله { فَامْتَحِنُوهُنَّ } )26317 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد (كَانَتْ الْمَرْأَة مِنْ الْمُشْرِكِينَ إِذَا غَضِبَتْ عَلَى زَوْجهَا , وَكَانَ بَيْنه وَبَيْنهَا كَلَام , قَالَتْ : وَاَللَّه لَأُهَاجِرَنَّ إِلَى مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه , فَقَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَات مُهَاجِرَات فَامْتَحِنُوهُنَّ } إِنْ كَانَ الْغَضَب أَتَى بِهَا فَرُدُّوهَا , وَإِنْ كَانَ الْإِسْلَام أَتَى بِهَا فَلَا تَرُدُّوهَا . )26318 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : ثَنِي عَمْرو بْن الْحَارِث , عَنْ بُكَيْر بْن الْأَشَجّ , قَالَ : (كَانَ اِمْتِحَانهنَّ إِنَّهُ لَمْ يَخْرُجك إِلَّا الدِّين .)|فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ|وَقَوْله : { اللَّه أَعْلَم بِإِيمَانِهِنَّ } يَقُول : اللَّه أَعْلَم بِإِيمَانِ مَنْ جَاءَ مِنْ النِّسَاء مُهَاجِرَات إِلَيْكُمْ .|بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ|وَقَوْله : { فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَات فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّار } يَقُول : فَإِنْ أَقْرَرْنَ عِنْد الْمِحْنَة بِمَا يَصِحّ بِهِ عَقْد الْإِيمَان لَهُنَّ , وَالدُّخُول فِي الْإِسْلَام , فَلَا تَرُدُّوهُنَّ عَنْ ذَلِكَ إِلَى الْكُفَّار . وَإِنَّمَا قِيلَ ذَلِكَ لِلْمُؤْمِنِينَ , لِأَنَّ الْعَهْد كَانَ جَرَى بَيْن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْن مُشْرِكِي قُرَيْش فِي صَلِّحْ الْحُدَيْبِيَة أَنْ يَرُدّ الْمُسْلِمُونَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ مَنْ جَاءَهُمْ مُسْلِمًا , فَأُبْطِلَ ذَلِكَ الشَّرْط فِي النِّسَاء إِذَا جِئْنَ مُؤْمِنَات مُهَاجِرَات فَامْتُحِنَّ , فَوَجَدَهُنَّ الْمُسْلِمُونَ مُؤْمِنَات , وَصَحَّ ذَلِكَ عِنْدهمْ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَا قَبْل , وَأُمِرُوا أَنْ لَا يَرُدُّوهُنَّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ إِذَا عُلِمَ أَنَّهُنَّ مُؤْمِنَات . وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَهُمْ : { فَإِذَا عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَات فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّار لَا هُنَّ حِلّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ } يَقُول : لَا الْمُؤْمِنَات حِلّ لِلْكُفَّارِ وَلَا الْكُفَّار يَحِلُّونَ لِلْمُؤْمِنَاتِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ جَاءَتْ الْآثَار . ذِكْر بَعْض مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْأَثَر : 26319 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ الزُّهْرِيّ , قَالَ : (دَخَلْت عَلَى عُرْوَة بْن الزُّبَيْر , وَهُوَ يَكْتُب كِتَابًا إِلَى اِبْن أَبِي هَنَيْد صَاحِب الْوَلِيد بْن عَبْد الْمَلِك , وَكَتَبَ إِلَيْهِ يَسْأَلهُ عَنْ قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَات مُهَاجِرَات } . .. إِلَى قَوْله { وَاَللَّه عَلِيم حَكِيم } وَكَتَبَ إِلَيْهِ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر : إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ صَالَحَ قُرَيْشًا عَام الْحُدَيْبِيَة عَلَى أَنْ يَرُدّ عَلَيْهِمْ مَنْ جَاءَ بِغَيْرِ إِذْن وَلِيّه ; فَلَمَّا هَاجَرَ النِّسَاء إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِلَى الْإِسْلَام , أَبَى اللَّه أَنْ يُرْدَدْنَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ , إِذَا هُنَّ اُمْتُحِنَّ مِحْنَة الْإِسْلَام , فَعُرِفُوا أَنَّهُنَّ إِنَّمَا جِئْنَ رَغْبَة فِيهِ .)|لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا } </subtitle>وَقَوْله { وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَأَعْطُوا الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ جَاءَكُمْ نِسَاؤُهُمْ مُؤْمِنَات إِذَا عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَات , فَلَمْ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَيْهِمْ مَا أَنْفَقُوا فِي نِكَاحهمْ إِيَّاهُنَّ مِنْ الصَّدَاق . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26320 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَات مُهَاجِرَات } . .. إِلَى قَوْله { عَلِيم حَكِيم } قَالَ : كَانَ اِمْتِحَانهنَّ أَنْ يَشْهَدْنَ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْده وَرَسُوله , فَإِذَا عَلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ حَقّ مِنْهُنَّ لَمْ يَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّار , وَأَعْطَى بَعْلهَا مِنْ الْكُفَّار الَّذِينَ عَقَدَ لَهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَاقه الَّذِي أَصْدَقهَا . )26321 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد ( { وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا } وَآتُوا أَزْوَاجهنَّ صَدُقَاتهنَّ . )26322 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَات مُهَاجِرَات فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّه أَعْلَم بِإِيمَانِهِنَّ } حَتَّى بَلَغَ { وَاَللَّه عَلِيم حَكِيم } هَذَا حُكْم حَكَمَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بَيْن أَهْل الْهُدَى وَأَهْل الضَّلَالَة ; كُنَّ إِذَا فَرَرْنَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ بَيْنهمْ وَبَيْن نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه عَهْد إِلَى أَصْحَاب نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَزَوَّجُوهُنَّ بَعَثُوا مُهُورهنَّ إِلَى أَزْوَاجهنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ بَيْنهمْ وَبَيْن نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْد , وَإِذَا فَرَرْنَ مِنْ أَصْحَاب نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ بَيْنهمْ وَبَيْن نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْد بَعَثُوا بِمُهُورِهِنَّ إِلَى أَزْوَاجهنَّ مِنْ أَصْحَاب نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . )26323 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ قَالَ : (نَزَلَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ بِأَسْفَل الْحُدَيْبِيَة , وَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَالَحَهُمْ أَنَّهُ مَنْ أَتَاهُ مِنْهُمْ رَدَّهُ إِلَيْهِمْ ; فَلَمَّا جَاءَهُ النِّسَاء نَزَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَة , وَأَمَرَهُ أَنْ يَرُدّ الصَّدَاق إِلَى أَزْوَاجهنَّ حَكَمَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مِثْل ذَلِكَ إِذَا جَاءَتْهُمْ اِمْرَأَة مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَرُدُّوا الصَّدَاق إِلَى أَزْوَاجهنَّ فَقَالَ { وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِر } )26324 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّه أَعْلَم بِإِيمَانِهِنَّ } كَانَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاهَدَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَمِنْ أَهْل الْكِتَاب , فَعَاهَدَهُمْ وَعَاهَدُوهُ , وَكَانَ فِي الشَّرْط أَنْ يَرُدُّوا الْأَمْوَال وَالنِّسَاء , فَكَانَ نَبِيّ اللَّه إِذَا فَاتَهُ أَحَد مِنْ أَزْوَاج الْمُؤْمِنِينَ , فَلَحِقَ بِالْمُعَاهَدَةِ تَارِكًا لِدِينِهِ مُخْتَارًا لِلشِّرْكِ , رَدَّ عَلَى زَوْجهَا مَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا , وَإِذَا لَحِقَ بِنَبِيِّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَد مِنْ أَزْوَاج الْمُشْرِكِينَ اِمْتَحَنَهَا نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهَا : | مَا أَخْرَجَك مِنْ قَوْمك ؟ | فَإِنْ وَجَدَهَا خَرَجَتْ تُرِيد الْإِسْلَام قَبِلَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَرَدَّ عَلَى زَوْجهَا مَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا , وَإِنْ وَجَدَهَا فَرَّتْ مِنْ زَوْجهَا إِلَى آخَر بَيْنهَا وَبَيْنَهُ قَرَابَة , وَهِيَ مُتَمَسِّكَة بِالشِّرْكِ رَدَّهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى زَوْجهَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ . )26325 - حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَات مُهَاجِرَات فَامْتَحِنُوهُنَّ } . .. الْآيَة كُلّهَا , قَالَ : لَمَّا هَادَنَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُشْرِكِينَ كَانَ فِي الشَّرْط الَّذِي شُرِطَ : أَنْ تَرُدّ إِلَيْنَا مَنْ أَتَاك مِنَّا , وَنَرُدّ إِلَيْك مَنْ أَتَانَا مِنْكُمْ , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | مَنْ أَتَانَا مِنْكُمْ فَنَرُدّهُ إِلَيْكُمْ , وَمَنْ أَتَاكُمْ مِنَّا فَاخْتَارَ الْكُفْر عَلَى الْإِيمَان فَلَا حَاجَة لَنَا فِيهِمْ وَقَالَ : فَأَبَى اللَّه ذَلِكَ لِلنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النِّسَاء , وَلَمْ يَأْبَهُ لِلرِّجَالِ , فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَات مُهَاجِرَات فَامْتَحِنُوهُنَّ } . .. إِلَى قَوْله { وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا } أَزْوَاجهنَّ . )26326 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرو بْن الْحَارِث , عَنْ بُكَيْر بْن الْأَشَجّ , قَالَ (كَانَ بَيْن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُشْرِكِينَ هُدْنَة فِيمَنْ فَرَّ مِنْ النِّسَاء , فَإِذَا قَرَّتْ الْمُشْرِكَة أَعْطَى الْمُسْلِمُونَ زَوْجهَا نَفَقَته عَلَيْهَا وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يَفْعَلُونَ وَكَانَ إِذَا لَمْ يُعْطِ هَؤُلَاءِ وَلَا هَؤُلَاءِ أَخْرُج الْمُسْلِمُونَ لِلْمُسْلِمِ الَّذِي ذَهَبَتْ اِمْرَأَته نَفَقَتهَا .)|أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ|وَقَوْله : { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورهنَّ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَا حَرَج عَلَيْكُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ أَنْ تَنْكِحُوا هَؤُلَاءِ الْمُهَاجِرَات اللَّاتِي لَحِقْنَ بِكُمْ مِنْ دَار الْحَرْب مُفَارِقَات لِأَزْوَاجِهِنَّ , وَإِنْ كَانَ لَهُنَّ أَزْوَاج فِي دَار الْحَرْب إِذَا عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَات إِذَا أَنْتُمْ أَعْطَيْتُمُوهُنَّ أُجُورهنَّ , وَيَعْنِي بِالْأُجُورِ : الصَّدَقَات . وَكَانَ قَتَادَة يَقُول : (كُنَّ إِذَا فَرَرْنَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ بَيْنهمْ وَبَيْن نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه عَهْد إِلَى أَصْحَاب نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَزَوَّجُوهُنَّ , بَعَثُوا بِمُهُورِهِنَّ إِلَى أَزْوَاجهنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ بَيْنهمْ وَبَيْن أَصْحَاب نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْد . )26327 - حَدَّثَنَا بِذَلِكَ بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة . وَكَانَ الزُّهْرِيّ يَقُول : (إِنَّمَا أَمَرَ اللَّه بِرَدِّ صَدَاقهنَّ إِلَيْهِمْ إِذَا حُبِسْنَ عَنْهُمْ وَإِنْ هُمْ رَدُّوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ صَدَاق مَنْ حُبِسُوا عَنْهُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ . )26328 - حَدَّثَنَا بِذَلِكَ اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ الزُّهْرِيّ . 26329 - حَدَّثَنِي يُونُس , أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ } وَلَهَا زَوْج ثَمَّ , لِأَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنهمَا الْإِسْلَام إِذَا اِسْتَبْرَأْتُمْ أَرْحَامهنَّ .)|أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ|وَقَوْله : { وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِر } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا تُمْسِكُوا أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِحِبَالِ النِّسَاء الْكَوَافِر وَأَسْبَابهنَّ , وَالْكَوَافِر : جَمْع كَافِرَة , وَالْعِصَم : جَمْع عِصْمَة , وَهِيَ مَا اُعْتُصِمَ بِهِ مِنْ الْعَقْد وَالسَّبَب , وَهَذَا نَهْي مِنْ اللَّه لِلْمُؤْمِنِينَ عَنْ الْإِقْدَام عَلَى نِكَاح النِّسَاء الْمُشْرِكَات مِنْ أَهْل الْأَوْثَان , وَأَمْر لَهُمْ بِفِرَاقِهِنَّ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26330 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن سَعِيد الْقَطَّان , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك , قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ عُرْوَة , عَنْ الْمِسْوَر بْن مَخْرَمَة وَمَرْوَان بْن الْحَكَم (أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ نِسْوَة مُؤْمِنَات بَعْد أَنْ كَتَبَ كِتَاب الْقَضِيَّة بَيْنه وَبَيْن قُرَيْش , فَأَنْزَلَ اللَّه : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَات مُهَاجِرَات } حَتَّى بَلَغَ { بِعِصَمِ الْكَوَافِر } فَطَلَّقَ عُمَر يَوْمئِذٍ اِمْرَأَتَيْنِ كَانَتَا لَهُ بِالشِّرْكِ , فَتَزَوَّجَ إِحْدَاهُمَا مُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَان وَالْأُخْرَى صَفْوَان بْن أُمَيَّة . )26331 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُس , عَنْ اِبْن شِهَاب , قَالَ : (بَلَغَنَا أَنَّ آيَة الْمِحْنَة الَّتِي مَادَّ فِيهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفَّار قُرَيْش مِنْ أَجْل الْعَهْد الَّذِي كَانَ بَيْن كُفَّار قُرَيْش وَبَيْن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرُدّ إِلَى كُفَّار قُرَيْش مَا أَنْفَقُوا عَلَى نِسَائِهِمْ اللَّاتِي يُسْلِمْنَ وَيُهَاجِرْنَ , وَبُعُولَتهنَّ كُفَّار لِلْعَهْدِ الَّذِي كَانَ بَيْن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنهمْ , وَلَوْ كَانُوا حَرْبًا لَيْسَتْ بَيْنهمْ وَبَيْن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُدَّة وَعَقْد لَمْ يَرُدّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا مِمَّا أَنْفَقُوا , وَحَكَمَ اللَّه لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَى أَهْل الْمُدَّة مِنْ الْكُفَّار بِمِثْلِ ذَلِكَ , قَالَ اللَّه : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَات مُهَاجِرَات } حَتَّى بَلَغَ { وَاَللَّه عَلِيم حَكِيم } فَطَلَّقَ الْمُؤْمِنُونَ حِين أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَة كُلّ اِمْرَأَة كَافِرَة كَانَتْ تَحْت رَجُل مِنْهُمْ , فَطَلَّقَ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ اِمْرَأَته اِبْنَة أَبِي أُمَيَّة بْن الْمُغِيرَة مِنْ بَنِي مَخْزُوم فَتَزَوَّجَهَا مُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَان , وَابْنَة جرول مِنْ خُزَاعَة , فَتَزَوَّجَهَا أَبُو جَهْم بْن حُذَافَة الْعَدَوِيّ , وَجَعَلَ اللَّه ذَلِكَ حُكْمًا حَكَمَ بِهِ بَيْن الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُشْرِكِينَ فِي هَذِهِ الْمُدَّة الَّتِي كَانَتْ . )26332 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , قَالَ : وَقَالَ الزُّهْرِيّ : (لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَات } . .. إِلَى قَوْله : { وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِر } كَانَ مِمَّنْ طَلَّقَ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ اِمْرَأَته قَرِيبَة اِبْنَة أَبِي أُمَيَّة بْن الْمُغِيرَة , فَتَزَوَّجَهَا بَعْده مُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَان , وَهُمَا عَلَى شِرْكهمَا بِمَكَّة , وَأُمّ كُلْثُوم اِبْنَة جرول الْخُزَاعِيَّة أُمّ عَبْد اللَّه بْن عُمَر فَتَزَوَّجَهَا أَبُو جَهْم بْن حُذَافَة بْن غَانِم رَجُل مِنْ قَوْمه , وَهُمَا عَلَى شِرْكهمَا ; وَطَلْحَة بْن عُبَيْد اللَّه بْن عُثْمَان بْن عَمْرو التَّيْمِيّ كَانَتْ عِنْده أُرْوَى بِنْت رَبِيعَة بْن الْحَارِث بْن عَبْد الْمُطَّلِب , فَفَرَّقَ بَيْنهمَا الْإِسْلَام حِين نَهَى الْقُرْآن عَنْ التَّمَسُّك بِعِصَمِ الْكَوَافِر , وَكَانَ طَلْحَة قَدْ هَاجَرَ وَهِيَ بِمَكَّة عَلَى دِين قَوْمهَا , ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي الْإِسْلَام بَعْد طَلْحَة خَالِد بْن سَعِيد بْن الْعَاصِ بْن أُمَيَّة بْن عَبْد شَمْس . وَكَانَ مِمَّنْ فَرَّ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسَاء الْكُفَّار مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنه وَبَيْن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْد فَحَبَسَهَا وَزَوَّجَهَا رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ أُمَيْمَة بِنْت بِشْر الْأَنْصَارِيَّة , ثُمَّ إِحْدَى نِسَاء بَنِي أُمَيَّة بْن زَيْد بْن أَوْس اللَّه , كَانَتْ عِنْد ثَابِت بْن الدَّحْدَاحَة , فَفَرَّتْ مِنْهُ , وَهُوَ يَوْمئِذٍ كَافِر إِلَى رَسُول اللَّه , فَزَوَّجَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهْل بْن حُنَيْف أَحَد بَنِي عَمْرو بْن عَوْف , فَوَلَدَتْ عَبْد اللَّه بْن سَهْل . )* - حَدَّثَنِي اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , قَالَ اللَّه : ( { وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِر } قَالَ : الزُّهْرِيّ : فَطَلَّقَ عُمَر اِمْرَأَتَيْنِ كَانَتَا لَهُ بِمَكَّة . )26333 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبَى نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِر } قَالَ : أَصْحَاب مُحَمَّد أُمِرُوا بِطَلَاقِ نِسَائِهِمْ كَوَافِرِ بِمَكَّة , قَعَدْنَ مَعَ الْكُفَّار . )26334 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِر } مُشْرِكَات الْعَرَب اللَّاتِي يَأْبَيْنَ الْإِسْلَام أُمِرَ أَنْ يُخَلَّى سَبِيلهنَّ . )26335 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِر } إِذَا كَفَرَتْ الْمَرْأَة فَلَا تُمْسِكُوهَا , خَلُّوهَا , وَقَعَتْ الْفُرْقَة بَيْنهَا وَبَيْن زَوْجهَا حِين كَفَرَتْ . )وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله { وَلَا تُمْسِكُوا } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز وَالْمَدِينَة وَالْكُوفَة وَالشَّأْم , { وَلَا تُمْسِكُوا } بِتَخْفِيفِ السِّين . وَقَرَأَ ذَلِكَ أَبُو عَمْرو | وَلَا تُمَسِّكُوا | بِتَشْدِيدِهَا , وَذُكِرَ أَنَّهَا قِرَاءَة الْحَسَن , وَاعْتَبَرَ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ بِالتَّخْفِيفِ , وَإِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ , وَلُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ , مَحْكِيّ عَنْ الْعَرَب أَمْسَكْت بِهِ وَمَسَكْت , وَتَمَسَّكْت بِهِ .|الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا|وَقَوْله : { وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِأَزْوَاجِ اللَّوَاتِي لَحِقْنَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ دَار الْإِسْلَام بِالْمُشْرِكِينَ إِلَى مَكَّة مِنْ كُفَّار قُرَيْش : وَاسْأَلُوا أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجهمْ فَلَحِقْنَ بِالْمُشْرِكِينَ مَا أَنْفَقْتُمْ عَلَى أَزْوَاجكُمْ اللَّوَاتِي لَحِقْنَ بِهِمْ مِنْ الصَّدَاق مَنْ تَزَوَّجَهُنَّ مِنْهُمْ , وَلْيَسْأَلْكُمْ الْمُشْرِكُونَ مِنْهُمْ الَّذِينَ لَحِقَ بِكُمْ أَزْوَاجهمْ مُؤْمِنَات إِذَا تَزَوَّجْنَ فِيكُمْ مَنْ تَزَوَّجَهَا مِنْكُمْ مَا أَنْفَقُوا عَلَيْهِنَّ مِنْ الصَّدَاق . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مِنْ قَالَ ذَلِكَ : 26336 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُس , عَنْ اِبْن شِهَاب , قَالَ : (أَقَرَّ الْمُؤْمِنُونَ بِحُكْمِ اللَّه , وَأَدَّوْا مَا أُمِرُوا بِهِ مِنْ نَفَقَات الْمُشْرِكِينَ الَّتِي أَنْفَقُوا عَلَى نِسَائِهِمْ , وَأَبَى الْمُشْرِكُونَ أَنْ يُقِرُّوا بِحُكْمِ اللَّه فِيمَا فَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَدَاء نَفَقَات الْمُسْلِمِينَ . )26337 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : ( { وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا } قَالَ : مَا ذَهَبَ مِنْ أَزْوَاج أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْكُفَّار , فَلِيُعْطِهِمْ الْكُفَّار صَدُقَاتهنَّ , وَلِيُمْسِكُوهُنَّ , وَمَا ذَهَبَ مِنْ أَزْوَاج الْكُفَّار إِلَى أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَمِثْل ذَلِكَ فِي صُلْح كَانَ بَيْن مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْن قُرَيْش .)|أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ|وَقَوْله : { ذَلِكُمْ حُكْم اللَّه يَحْكُم بَيْنكُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَذَا الْحُكْم الَّذِي حَكَمْت بَيْنكُمْ مِنْ أَمْركُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِمَسْأَلَةِ الْمُشْرِكِينَ , وَمَا أَنْفَقْتُمْ عَلَى أَزْوَاجكُمْ اللَّاتِي لَحِقْنَ بِهِمْ وَأَمْرهمْ بِمَسْأَلَتِكُمْ مِثْل ذَلِكَ فِي أَزْوَاجهنَّ اللَّاتِي لَحِقْنَ بِكُمْ , حُكْم اللَّه بَيْنكُمْ فَلَا تَعْتَدُوهُ , فَإِنَّهُ الْحَقّ الَّذِي لَا يُسْمَع غَيْره , فَانْتَهَى الْمُؤْمِنُونَ مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا ذُكِرَ إِلَى أَمْر اللَّه وَحُكْمه , وَامْتَنَعَ الْمُشْرِكُونَ مِنْهُ وَطَالَبُوا الْوَفَاء بِالشُّرُوطِ الَّتِي كَانُوا شَارَطُوهَا بَيْنهمْ فِي ذَلِكَ الصُّلْح , وَبِذَلِكَ جَاءَتْ الْآثَار وَالْأَخْبَار عَنْ أَهْل السِّيَر وَغَيْرهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26338 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , قَالَ : (أَمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَأَقَرُّوا بِحُكْمِ اللَّه , وَأَمَّا الْمُشْرِكُونَ فَأَبَوْا أَنْ يُقِرُّوا , فَأَنْزَلَ اللَّه عَزْو وَجَلَّ : { وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْء مِنْ أَزْوَاجكُمْ إِلَى الْكُفَّار } . .. )الْآيَة . 26339 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ الزُّهْرِيّ , قَالَ : قَالَ اللَّه : ( { ذَلِكُمْ حُكْم اللَّه يَحْكُم بَيْنكُمْ } , فَأَمْسَكَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّسَاء , وَرَدَّ الرِّجَال , وَسَأَلَ الَّذِي أَمَرَهُ اللَّه أَنْ يَسْأَل مِنْ صَدَقَات النِّسَاء مَنْ حُبِسُوا مِنْهُنَّ , وَأَنْ يَرُدُّوا عَلَيْهِمْ مِثْل الَّذِي يَرُدُّونَ عَلَيْهِمْ إِنْ هُمْ فَعَلُوا , وَلَوْلَا الَّذِي حَكَمَ اللَّه بِهِ مِنْ هَذَا الْحُكْم رَدَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّسَاء , كَمَا رَدَّ الرِّجَال , وَلَوْلَا الْهُدْنَة وَالْعَهْد الَّذِي كَانَ بَيْنه وَبَيْن قُرَيْش يَوْم الْحُدَيْبِيَة أَمْسَكَ النِّسَاء وَلَمْ يَرُدّ إِلَيْهِمْ صَدَاقًا , وَكَذَلِكَ يَصْنَع بِمَنْ جَاءَهُ مِنْ الْمُسْلِمَات قَبْل الْعَهْد .)|بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ|قَوْله : { وَاَللَّه عَلِيم حَكِيم } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَاَللَّه ذُو عِلْم بِمَا يُصْلِح خَلْقه وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْأُمُور , حَكِيم فِي تَدْبِيره إِيَّاهُمْ .

وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْء مِنْ أَزْوَاجكُمْ إِلَى الْكُفَّار } </subtitle>يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { وَإِنْ فَاتَكُمْ } أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ { شَيْء مِنْ أَزْوَاجكُمْ إِلَى الْكُفَّار } فَلَحِقَ بِهِمْ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْكُفَّار الَّذِينَ عُنُوا بِقَوْلِهِ { إِلَى الْكُفَّار } مَنْ هُمْ ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : هُمْ الْكُفَّار الَّذِينَ لَمْ يَكُنْ بَيْنهمْ وَبَيْن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْد , قَالُوا : وَمَعْنَى الْكَلَام : وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْء مِنْ أَزْوَاجكُمْ , إِلَى مَنْ لَيْسَ بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ عَهْد مِنْ الْكُفَّار . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26340 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْء مِنْ أَزْوَاجكُمْ إِلَى الْكُفَّار } الَّذِينَ لَيْسَ بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ عَهْد . )26341 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْء مِنْ أَزْوَاجكُمْ إِلَى الْكُفَّار } إِذَا فَرَرْنَ مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى كُفَّار لَيْسَ بَيْنهمْ وَبَيْن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْد . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت , عَنْ مُجَاهِد ( { وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْء مِنْ أَزْوَاجكُمْ إِلَى الْكُفَّار } قَالَ : لَمْ يَكُنْ بَيْنهمْ عَهْد . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُمْ كُفَّار قُرَيْش الَّذِي كَانُوا أَهْل هُدْنَة , وَذَلِكَ قَوْل الزُّهْرِيّ . 26342 - حَدَّثَنِي بِذَلِكَ يُونُس , قَالَ أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُس عَنْهُ .|فَعَاقَبْتُمْ|وَقَوْله : { فَعَاقَبْتُمْ } أَخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار { فَعَاقَبْتُمْ } بِالْأَلِفِ عَلَى مِثَال فَاعَلْتُمْ , بِمَعْنَى : أَصَبْتُمْ مِنْهُمْ عُقْبَى . وَقَرَأَهُ حُمَيْد الْأَعْرَج فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ : | فَعَقَّبْتُمْ | عَلَى مِثَال فَعَّلْتُمْ مُشَدَّدَة الْقَاف , وَهُمَا فِي اِخْتِلَاف الْأَلْفَاظ بِهِمَا نَظِير قَوْله : { وَلَا تُصَعِّر خَدّك لِلنَّاسِ } [31 18 ]وَتُصَاعِر مَعَ تَقَارُب مَعَانِيهمَا . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ عِنْدِي بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ قِرَاءَة مِنْ قَرَأَ { فَعَاقَبْتُمْ } بِالْأَلْفِ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهِ .|فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا|وَقَوْله : { فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجهمْ مِثْل مَا أَنْفَقُوا } يَقُول : فَأَعْطُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجهمْ مِنْكُمْ إِلَى الْكُفَّار مِثْل مَا أَنْفَقُوا عَلَيْهِنَّ مِنْ الصَّدَاق . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَال الَّذِي أُمِرَ أَنْ يُعْطَى مِنْهُ الَّذِي ذَهَبَتْ زَوْجَته إِلَى الْمُشْرِكِينَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : أُمِرُوا أَنْ يُعْطُوهُمْ صَدَاق مَنْ لَحِقَ بِهِمْ مِنْ نِسَاء الْمُشْرِكِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26343 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ . أَخْبَرَنِي يُونُس , عَنْ الزُّهْرِيّ , قَالَ : (أَقَرَّ الْمُؤْمِنُونَ بِحُكْمِ اللَّه , وَأَدَّوْا مَا أُمِرُوا بِهِ مِنْ نَفَقَات الْمُشْرِكِينَ الَّتِي أَنْفَقُوا عَلَى نِسَائِهِمْ , وَأَبَى الْمُشْرِكُونَ أَنْ يُقِرُّوا بِحُكْمِ اللَّه فِيمَا فُرِضَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَدَاء نَفَقَات الْمُسْلِمِينَ , فَقَالَ اللَّه لِلْمُؤْمِنِينَ : { وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْء مِنْ أَزْوَاجكُمْ إِلَى الْكُفَّار فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجهمْ مِثْل مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ } فَلَوْ أَنَّهَا ذَهَبَتْ بَعْد هَذِهِ الْآيَة اِمْرَأَة مِنْ أَزْوَاج الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الْمُشْرِكِينِ , رَدَّ الْمُؤْمِنُونَ إِلَى زَوْجهَا النَّفَقَة الَّتِي أَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنْ الْعُقْب الَّذِي بِأَيْدِيهِمْ , الَّذِي أُمِرُوا أَنْ يَرُدُّوهُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مِنْ نَفَقَاتهمْ الَّتِي أَنْفَقُوا عَلَى أَزْوَاجهمْ اللَّاتِي آمَنَّ وَهَاجَرْنَ , ثُمَّ رَدُّوا إِلَى الْمُشْرِكِينَ فَضْلًا . إِنْ كَانَ بَقِيَ لَهُمْ . وَالْعُقْب : مَا كَانَ بِأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ مِنْ صَدَاق نِسَاء الْكُفَّار حِين آمَنَّ وَهَاجَرْنَ . )26344 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , قَالَ : أَنْزَلَ اللَّه { وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْء مِنْ أَزْوَاجكُمْ إِلَى الْكُفَّار فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجهمْ مِثْل مَا أَنْفَقُوا } فَأَمَرَ اللَّه الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَرُدُّوا الصَّدَاق إِذَا ذَهَبَتْ اِمْرَأَة مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَهَا زَوْج أَنْ يَرُدّ إِلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ صَدَاق اِمْرَأَته مِنْ صَدَاق إِنْ كَانَ فِي أَيْدِيهمْ مِمَّا أُمِرُوا أَنْ يَرُدُّوا إِلَى الْمُشْرِكِينَ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ أُمِرُوا أَنْ يُعْطُوهُ مِنْ الْغَنِيمَة أَوْ الْفَيْء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26345 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْء مِنْ أَزْوَاجكُمْ إِلَى الْكُفَّار فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجهمْ مِثْل مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ } يَعْنِي : إِنْ لَحِقَتْ اِمْرَأَة رَجُل مِنْ الْمُهَاجِرِينَ بِالْكُفَّارِ , أَمَرَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْطَى مِنْ الْغَنِيمَة مِثْل مَا أَنْفَقَ . )26346 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , (إِنَّهُمْ كَانُوا أُمِرُوا أَنْ يَرُدُّوا عَلَيْهِمْ مِنْ الْغَنِيمَة . وَكَانَ مُجَاهِد يَقْرَأ : { فَعَاقَبْتُمْ } . )26347 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { فَعَاقَبْتُمْ } يَقُول : أَصَبْتُمْ مَغْنَمًا مِنْ قُرَيْش أَوْ غَيْرهمْ { فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجهمْ مِثْل مَا أَنْفَقُوا } صَدُقَاتهنَّ عِوَضًا . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت , عَنْ مُجَاهِد ( { وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْء مِنْ أَزْوَاجكُمْ إِلَى الْكُفَّار } قَالَ : مَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنهمْ وَبَيْنهمْ عَهْد , فَذَهَبَتْ اِمْرَأَة إِلَى الْمُشْرِكِينَ , فَيَدْفَع إِلَى زَوْجهَا مَهْر مِثْلهَا { فَعَاقَبْتُمْ } فَأَصَبْتُمْ غَنِيمَة { فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجهمْ مِثْل مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّه } قَالَ : مَهْر مِثْلهَا يُدْفَع إِلَى زَوْجهَا . )26348 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْء مِنْ أَزْوَاجكُمْ إِلَى الْكُفَّار فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجهمْ مِثْل مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّه } كُنَّ إِذَا فَرَرْنَ مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْكُفَّار لَيْسَ بَيْنهمْ وَبَيْن نَبِيّ اللَّه عَهْد , فَأَصَابَ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَنِيمَة , أَعْطَى زَوْجهَا مَا سَاقَ إِلَيْهَا مِنْ جَمِيع الْغَنِيمَة , ثُمَّ يَقْتَسِمُونَ غَنِيمَتهمْ . )26349 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن يُوسُف , قَالَ : ثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : سَمِعْت الْكِسَائِيّ يُخْبِر عَنْ زَائِدَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ مُسْلِم , عَنْ مَسْرُوق (أَنَّهُ قَرَأَهَا { فَعَاقَبْتُمْ } وَفَسَّرَهَا فَغَنِمْتُمْ . )26350 - حَدَّثَنَا أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , فِي قَوْله : ( { فَعَاقَبْتُمْ } قَالَ : غَنِمْتُمْ . )26351 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : سَأَلْنَا الزُّهْرِيّ , عَنْ هَذِهِ الْآيَة وَقَوْل اللَّه فِيهَا : ( { وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْء مِنْ أَزْوَاجكُمْ إِلَى الْكُفَّار } . الْآيَة , قَالَ : يَقُول : إِنْ فَاتَ أَحَدًا مِنْكُمْ أَهْله إِلَى الْكُفَّار , وَلَمْ تَأْتِكُمْ اِمْرَأَة تَأْخُذُونَ لَهَا مِثْل الَّذِي يَأْخُذُونَ مِنْكُمْ , فَعَوِّضُوهُ مِنْ فَيْء إِنْ أَصَبْتُمُوهُ . )وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ مَا : 26352 - حَدَّثَنِي بِهِ يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْء مِنْ أَزْوَاجكُمْ إِلَى الْكُفَّار فَعَاقَبْتُمْ } قَالَ : خَرَجَتْ اِمْرَأَة مِنْ أَهْل الْإِسْلَام إِلَى الْمُشْرِكِينَ , وَلَمْ يَخْرُج غَيْرهَا . قَالَ : فَأَتَتْ اِمْرَأَة مِنْ الْمُشْرِكِينَ , فَقَالَ الْقَوْم : هَذِهِ عُقْبَتكُمْ قَدْ أَتَتْكُمْ , فَقَالَ اللَّه { وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْء مِنْ أَزْوَاجكُمْ إِلَى الْكُفَّار فَعَاقَبْتُمْ } : أَمْسَكْتُمْ الَّذِي جَاءَكُمْ مِنْهُمْ مِنْ أَجْل الَّذِي لَكُمْ عِنْدهمْ { فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجهمْ مِثْل مَا أَنْفَقُوا } ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ اللَّه أَنَّهُ لَا جُنَاح عَلَيْهِمْ إِذَا فَعَلُوا الَّذِي فَعَلُوا أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ إِذَا اُسْتُبْرِئَ رَحِمهَا , قَالَ : فَدَعَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي ذَهَبَتْ اِمْرَأَته إِلَى الْكُفَّار , فَقَالَ لِهَذِهِ الَّتِي أَتَتْ مِنْ عِنْد الْمُشْرِكِينَ : هَذَا زَوْج الَّتِي ذَهَبَتْ أُزَوِّجكِهِ ؟ فَقَالَتْ : يَا رَسُول اللَّه , عَذَرَ اللَّه زَوْجَة هَذَا أَنْ تَفِرّ مِنْهُ , لَا وَاَللَّه مَا لِي بِهِ حَاجَة , فَدَعَا الْبَخْتَرِيّ رَجُلًا جَسِيمًا , قَالَ : هَذَا ؟ قَالَتْ : نَعَمْ , وَهِيَ مِمَّنْ جَاءَ مِنْ مَكَّة . )وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : أَمَرَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الْآيَة الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُعْطُوا مَنْ فَرَّتْ زَوْجَته مِنْ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى أَهْل الْكُفْر إِذَا هُمْ كَانَتْ لَهُمْ عَلَى أَهْل الْكُفْر عُقْبَى , إِمَّا بِغَنِيمَةِ يُصِيبُونَهَا مِنْهُمْ , أَوْ بِلَحَاقِ نِسَاء بَعْضهمْ بِهِمْ , مِثْل الَّذِي أَنْفَقُوا عَلَى الْفَارَّة مِنْهُمْ إِلَيْهِمْ , وَلَمْ يُخَصِّص إِيتَاءَهُمْ ذَلِكَ مِنْ مَال دُون مَال , فَعَلَيْهِمْ أَنْ يُعْطُوهُمْ ذَلِكَ مِنْ كُلّ الْأَمْوَال الَّتِي ذَكَرْنَاهَا .|وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ|وَقَوْله : { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ } يَقُول : وَخَافُوا اللَّه الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُصَدِّقُونَ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ فَاتَّقُوهُ بِأَدَاءِ فَرَائِضه , وَاجْتِنَاب مَعَاصِيه .

وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ إِذَا جَاءَك الْمُؤْمِنَات يُبَايِعْنَك عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاَللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادهنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْن أَيْدِيهنَّ وَأَرْجُلهنَّ وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ إِذَا جَاءَك الْمُؤْمِنَات } بِاَللَّهِ { يُبَايِعْنَك عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاَللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادهنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْن أَيْدِيهنَّ وَأَرْجُلهنَّ } يَقُول : وَلَا يَأْتِينَ بِكَذِبٍ يَكْذِبْنَهُ فِي مَوْلُود يُوجَد بَيْن أَيْدِيهنَّ وَأَرْجُلهنَّ . وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَام : وَلَا يُلْحِقْنَ بِأَزْوَاجِهِنَّ غَيْر أَوْلَادهمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26353 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْن أَيْدِيهنَّ وَأَرْجُلهنَّ } يَقُول : لَا يُلْحِقْنَ بِأَزْوَاجِهِنَّ غَيْر أَوْلَادهمْ . )وَقَوْله : { وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف } يَقُول : وَلَا يَعْصِينَك يَا مُحَمَّد فِي مَعْرُوف مِنْ أَمْر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ تَأْمُرهُنَّ بِهِ . وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَعْرُوف الَّذِي شُرِطَ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يَعْصِينَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ هُوَ النِّيَاحَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26354 - حَدَّثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنَا مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف } يَقُول : لَا يَنُحْنَ . )26355 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ سَالِمْ بْن أَبِي الْجَعْد , ( { وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف } , قَالَ : النَّوْح . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ سَالِم بْن أَبِي الْجَعْد , مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ سَالِم , مِثْله . 26356 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُبَيْد الْمُحَارِبِيّ , قَالَ : ثَنَا مُوسَى بْن عُمَيْر , عَنْ أَبِي صَالِح , فِي قَوْله : ( { وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف } قَالَ : فِي نِيَاحَة . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ سَالِم بْن أَبِي الْجَعْد ( { وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف } قَالَ : النَّوْح . )26357 - قَالَ ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ زَيْد بْن أَسْلَمَ ( { وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف } قَالَ : لَا يَخْدِشْنَ وَجْهًا , وَلَا يَشْقُقْنَ جَيْبًا , وَلَا يَدْعُونَ وَيْلًا , وَلَا يُنْشِدْنَ شِعْرًا . )26358 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (كَانَتْ مِحْنَة النِّسَاء أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَقَالَ : قُلْ لَهُنَّ : إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَايِعكُنَّ عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكْنَ بِاَللَّهِ شَيْئًا , وَكَانَتْ هِنْد بِنْت عُتْبَة بْن رَبِيعَة الَّتِي شَقَّتْ بَطْن حَمْزَة رَحْمَة اللَّه عَلَيْهِ مُتَنَكِّرَة فِي النِّسَاء , فَقَالَتْ : إِنِّي إِنْ أَتَكَلَّم يَعْرِفنِي , وَإِنْ عَرَفَنِي قَتَلَنِي , إِنَّمَا تَنَكَّرْت فَرَقًا مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَكَتَ النِّسْوَة اللَّاتِي مَعَ هِنْد , وَأَبَيْنَ أَنْ يَتَكَلَّمْنَ ; قَالَتْ هِنْد وَهِيَ مُتَنَكِّرَة : كَيْف يَقْبَل مِنْ النِّسَاء شَيْئًا لَمْ يَقْبَلهُ مِنْ الرِّجَال ؟ فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لِعُمَر : | قُلْ لَهُنَّ وَلَا يَسْرِقْنَ | , قَالَتْ هِنْد : وَاَللَّه إِنِّي لَأُصِيب مِنْ أَبَى سُفْيَان الْهِنَّات وَمَا أَدْرِي أَيُحِلُّهُنَّ لِي أَمْ لَا , قَالَ أَبُو سُفْيَان : مَا أَصَبْت مِنْ شَيْء مَضَى , أَوْ قَدْ بَقِيَ , فَهُوَ لَك حَلَال , فَضَحِكَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَرَفَهَا , فَدَعَاهَا فَأَتَتْهُ , فَأَخَذَتْ بِيَدِهِ , فَعَاذَتْ بِهِ , فَقَالَ : | أَنْتَ هِنْد | , فَقَالَتْ : عَفَا اللَّه عَمَّا سَلَفَ , فَصَرْف عَنْهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : { وَلَا يَزْنِينَ } فَقَالَتْ : يَا رَسُول اللَّه وَهَلْ تَزْنِي الْحُرَّة ؟ قَالَ : | لَا وَاَللَّه مَا تَزْنِي الْحُرَّة | قَالَ : { وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادهنَّ } , قَالَتْ هِنْد : أَنْتَ قَتَلْتهمْ يَوْم بَدْر فَأَنْتَ وَهُمْ أَبْصَر ; قَالَ : { وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْن أَيْدِيهنَّ وَأَرْجُلهنَّ وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف } قَالَ : مَنَعَهُنَّ أَنْ يَنُحْنَ , وَكَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة يُمَزِّقْنَ الثِّيَاب وَيَخْدِشْنَ الْوُجُوه , وَيَقْطَعْنَ الشُّعُور , وَيَدْعُونَ بِالثُّبُورِ وَالْوَيْل . )26359 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { يَا أَيّهَا النَّبِيّ إِذَا جَاءَك الْمُؤْمِنَات يُبَايِعْنَك } حَتَّى بَلَغَ { فَبَايِعْهُنَّ } ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ عَلَيْهِنَّ يَوْمئِذٍ النِّيَاحَة , | وَلَا تُحَدِّثْنَ الرِّجَال , إِلَّا رَجُلًا مِنْكُنَّ مَحْرَمًا | , فَقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف : يَا نَبِيّ اللَّه إِنَّ لَنَا أَضْيَافًا , وَإِنَّا نَغِيب عَنْ نِسَائِنَا ; قَالَ : فَقَالَ رَسُول اللَّه : | لَيْسَ أُولَئِكَ عَنَيْت . )* - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف } قَالَ : هُوَ النَّوْح أُخِذَ عَلَيْهِنَّ لَا يَنُحْنَ , وَلَا يَخْلُوُنَّ بِحَدِيثِ الرِّجَال إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَم ; قَالَ : فَقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف : إِنَّا نَغِيب وَيَكُون لَنَا أَضْيَاف ; قَالَ : وَلَيْسَ أُولَئِكَ عَنَيْت . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا سُلَيْمَان , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو هِلَال , قَالَ : ثَنَا قَتَادَة , فِي قَوْله ( { وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف } قَالَ : لَا يُحَدِّثْنَ رَجُلًا . )26360 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : ثَنِي اِبْن عِيَاش , عَنْ سُلَيْمَان بْن سُلَيْمَان , عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدّه , قَالَ : (جَاءَتْ أُمَيْمَة بِنْت رَقِيقَة إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُبَايِعهُ عَلَى الْإِسْلَام فَقَالَ لَهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | أُبَايِعك عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكِي بِاَللَّهِ شَيْئًا , وَلَا تَسْرِقِي , وَلَا تَزْنِي , وَلَا تَقْتُلِي وَلَدك , وَلَا تَأْتِي بِبُهْتَان تَفْتَرِينَهُ بَيْن يَدَيْك وَرِجْلَيْك , وَلَا تَنُوحِي وَلَا تَبَرَّجِي تَبَرُّج الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى | )26361 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر , عَنْ أُمَيْمَة بِنْت رَقِيقَة , قَالَتْ : (جَاءَتْ نِسْوَة إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَايِعْنَهُ , فَقَالَ : | فِيمَا اِسْتَطَعْتُنَّ وَأَطَقْتُنَّ | , فَقُلْنَا : اللَّه وَرَسُوله أَرْحَم بِنَا مِنَّا بِأَنْفُسِنَا . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثَنَا أَبِي وَشُعَيْب بْن اللَّيْث , عَنْ اللَّيْث قَالَ : ثَنَا خَالِد بْن يَزِيد , عَنْ اِبْن أَبِي هِلَال , عَنْ اِبْن الْمُنْكَدِر أَنَّ أُمَيْمَة أَخْبَرْته (أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نِسْوَة , فَقُلْنَ : يَا رَسُول اللَّه اُبْسُطْ يَدك نُصَافِحك , فَقَالَ : | إِنِّي لَا أُصَافِح النِّسَاء , وَلَكِنْ سَآخُذُ عَلَيْكُنَّ | , فَأَخَذَ عَلَيْنَا حَتَّى بَلَغَ : { وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف } فَقَالَ : | فِيمَا أَطَقْتُنَّ وَاسْتَطَعْتُنَّ | فَقُلْنَ : اللَّه وَرَسُوله أَرْحَم بِنَا مِنْ أَنْفُسنَا . )26362 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا هَارُون , عَنْ عَمْرو , عَنْ عَاصِم , عَنْ اِبْن سَيَرِينُ , عَنْ أَمْ عَطِيَّة الْأَنْصَارِيَّة , قَالَتْ : (كَانَ فِيمَا اِشْتَرَطَ عَلَيْنَا مِنْ الْمَعْرُوف حِين بَايَعْنَا أَنْ لَا نَنُوح , فَقَالَتْ اِمْرَأَة مِنْ بَنِي فُلَان : إِنَّ بَنِي فُلَان أَسْعَدُونِي , فَلَا حَتَّى أَجْزِيهِمْ , فَانْطَلَقَتْ فَأَسْعَدَتْهُمْ , ثُمَّ جَاءَتْ فَبَايَعَتْ ; قَالَ : فَمَا وَفَى مِنْهُنَّ غَيْرهَا وَغَيْر أُمّ سُلَيْم اِبْنَة مِلْحَان أُمّ أَنَس بْن مَالِك ). 26363 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا أَبُو نَعِيم , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن فَرُّوخ الْقَتَّات , قَالَ : ثَنَا مَصْعَب بْن نُوح الْأَنْصَارِيّ , قَالَ : ( أَدْرَكْت عَجُوزًا لَنَا كَانَتْ فِيمَنْ بَايَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَتْ : فَأَتَيْته لِأُبَايِعهُ , فَأَخَذَ عَلَيْنَا فِيمَا أَخَذَ وَلَا تَنُحْنَ , فَقَالَتْ عَجُوز : يَا نَبِيّ اللَّه إِنَّ نَاسًا قَدْ كَانُوا أَسْعَدُونِي عَلَى مَصَائِب أَصَابَتْنِي , وَإِنَّهُمْ قَدْ أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَة , فَأَنَا أُرِيد أَنْ أُسْعِدهُمْ ; قَالَ : | فَانْطَلِقِي فَكَافِئِيهِمْ | ثُمَّ إِنَّهَا أَتَتْ فَبَايَعَتْهُ , قَالَ : | هُوَ الْمَعْرُوف الَّذِي قَالَ اللَّه | : { وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف } . )26364 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ يَزِيد , مَوْلَى الصَّهْبَاء , عَنْ شَهْر بْن حَوْشَب , عَنْ أُمّ سَلَمَة عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فِي قَوْله ( { وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف } قَالَ : | النَّوْح . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا يُونُس , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر , عَنْ أُمَيْمَة بِنْت رَقِيقَة التَّيْمِيَّة , قَالَتْ : (بَايَعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نِسْوَة مِنْ الْمُسْلِمِينَ , فَقُلْنَا لَهُ : جِئْنَاك يَا رَسُول اللَّه نُبَايِعك عَلَى أَنْ لَا نُشْرِك بِاَللَّهِ شَيْئًا , وَلَا نَسْرِق , وَلَا نَزْنِي , وَلَا نَقْتُل أَوْلَادنَا , وَلَا نَأْتِي بِبُهْتَانٍ نَفْتَرِيه بَيْن أَيْدِينَا وَأَرْجُلنَا , وَلَا نَعْصِيك فِي مَعْرُوف ; فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | فِيمَا اِسْتَطَعْتُنَّ وَأَطَقْتُنَّ | , فَقُلْنَا : اللَّه وَرَسُوله أَرْحَم بِنَا مِنْ أَنْفُسنَا , فَقُلْنَا : بَايَعْنَا يَا رَسُول اللَّه , فَقَالَ : | اِذْهَبْنَ فَقَدْ بَايَعْتُكُنَّ , إِنَّمَا قَوْلِي لِمِائَة اِمْرَأَة كَقَوْلِي لِامْرَأَةٍ وَاحِدَة | , وَمَا صَافَحَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَّا أَحَدًا . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا يُونُس بْن بُكَيْر , عَنْ عِيسَى بْن عَبْد اللَّه التَّيْمِيّ , عَنْ مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر , عَنْ أُمَيْمَة بِنْت رَقِيقَة خَالَة فَاطِمَة بِنْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : سَمِعْتهَا تَقُول : بَايَعْنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ لَا نُشْرِك بِاَللَّهِ شَيْئًا , فَذَكَرَ مِثْل حَدِيث مُحَمَّد بْن إِسْحَاق . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر , عَنْ أُمَيْمَة بِنْت رَقِيقَة , قَالَتْ : (أَتَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نِسَاء نُبَايِعهُ , قَالَتْ : فَأَخَذَ عَلَيْنَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا فِي الْقُرْآن { أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاَللَّهِ شَيْئًا } . .. الْآيَة , ثُمَّ قَالَ : | فِيمَا اِسْتَطَعْتُنَّ وَأَطَقْتُنَّ | فَقُلْنَا : يَا رَسُول اللَّه أَلَا تُصَافِحنَا ؟ فَقَالَ : | إِنِّي لَا أُصَافِح النِّسَاء مَا قَوْلِي لِامْرَأَةٍ وَاحِدَة إِلَّا كَقَوْلِي لِمِائَة اِمْرَأَة . )* - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الرَّحِيم الْبَرْقِيّ , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن أَبِي سَلَمَة , عَنْ زُهَيْر , عَنْ مُوسَى بْن عُقْبَة , عَنْ مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر , عَنْ أُمَيْمَة بِنْت رَقِيقَة , عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ . 26365 - حُدِّثْت , عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله ( { وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف } وَالْمَعْرُوف : مَا اِشْتَرَطَ عَلَيْهِنَّ فِي الْبَيْعَة أَنْ يَتَّبِعْنَ أَمْره . )26366 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْل اللَّه : ( { وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف } فَقَالَ : إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيّه وَخِيرَته مِنْ خَلْقه ثُمَّ لَمْ يَسْتَحِلّ لَهُ أُمُور أَمْر إِلَّا بِشَرْطٍ ; لَمْ يَقُلْ : وَلَا يَعْصِينَك وَيَتْرُك حَتَّى قَالَ : فِي مَعْرُوف : فَكَيْف يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُطَاع فِي غَيْر مَعْرُوف وَقَدْ اِشْتَرَطَ اللَّه هَذَا عَلَى نَبِيّه , قَالَ : فَالْمَعْرُوف كُلّ مَعْرُوف أَمَرَهُنَّ بِهِ فِي الْأُمُور كُلّهَا وَيَنْبَغِي لَهُنَّ أَنْ لَا يَعْصِينَ . )26367 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سِنَّانِ الْقَزَّاز , ثَنَا إِسْحَاق بْن إِدْرِيس , ثَنَا إِسْحَاق بْن عُثْمَان بْن يَعْقُوب , قَالَ : ثَنِي إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَطِيَّة , عَنْ جَدَّته أَمْ عَطِيَّة , قَالَتْ : (لَمَّا قَدِمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة , جَمَعَ بَيْن نِسَاء الْأَنْصَار فِي بَيْت , ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْنَا عُمَر بْن الْخَطَّاب , فَقَامَ عَلَى الْبَاب فَسَلَّمَ عَلَيْنَا , فَرَدَدْنَ , أَوْ فَرَدَدْنَا عَلَيْهِ , ثُمَّ قَالَ : أَنَا رَسُول رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْكُنَّ , قَالَتْ : فَقُلْنَا مَرْحَبًا بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِرَسُولِ رَسُول اللَّه , فَقَالَ : تُبَايِعْنَ عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكْنَ بِاَللَّهِ شَيْئًا , وَلَا تَسْرِقْنَ , وَلَا تَزْنِينَ , قَالَتْ : قُلْنَا نَعَمْ ; قَالَ : فَمَدّ يَده مِنْ خَارِج الْبَاب أَوْ الْبَيْت , وَمَدَدْنَا أَيْدِينَا مِنْ دَاخِل الْبَيْت , ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ اِشْهَدْ ; قَالَتْ : وَأَمَرَنَا فِي الْعِيدَيْنِ أَنْ نُخْرِج فِيهِ الْحُيَّض وَالْعَوَاتِق , وَلَا جُمْعَة عَلَيْنَا , وَنَهَانَا عَنْ اِتِّبَاع الْجِنَازَة , قَالَ إِسْمَاعِيل : فَسَأَلْت جَدَّتِي عَنْ قَوْل اللَّه { وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف } قَالَتْ : النِّيَاحَة . )26368 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحِيم الْبَرْقِيّ , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن أَبِي سَلَمَة , عَنْ زُهَيْر , فِي قَوْل اللَّه : ( { وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف } قَالَ : لَا يَخْلُوا الرَّجُل بِامْرَأَةٍ .)|مَعْرُوفٍ|وَقَوْله : { فَبَايِعْهُنَّ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِذَا جَاءَك الْمُؤْمِنَات يُبَايِعْنَك عَلَى هَذِهِ الشُّرُوط , فَبَايِعْهُنَّ ,|فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ|يَقُول : سَلْ لَهُنَّ اللَّه أَنْ يَصْفَح عَنْ ذُنُوبهنَّ , وَيَسْتُرهَا عَلَيْهِنَّ بِعَفْوِهِ لَهُنَّ عَنْهَا ,|اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ|يَقُول : إِنَّ اللَّه ذُو سَتْر عَلَى ذُنُوب مَنْ تَابَ إِلَيْهِ مِنْ ذُنُوبه أَنْ يُعَذِّبهُ عَلَيْهَا بَعْد تَوْبَته مِنْهَا .

وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّه عَلَيْهِمْ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّه عَلَيْهِمْ } مِنْ الْيَهُود .|عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ|وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { قَدْ يَئِسُوا مِنْ الْآخِرَة كَمَا يَئِسَ الْكُفَّار مِنْ أَصْحَاب الْقُبُور } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : قَدْ يَئِسَ هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذِينَ غَضِبَ اللَّه عَلَيْهِمْ مِنْ الْيَهُود مِنْ ثَوَاب اللَّه فِي الْآخِرَة , وَأَنْ يُبْعَثُوا , كَمَا يَئِسَ الْكُفَّار الْأَحْيَاء مِنْ أَمْوَاتهمْ الَّذِينَ هُمْ فِي الْقُبُور أَنْ يَرْجِعُوا إِلَيْهِمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26369 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّه عَلَيْهِمْ } . .. الْآيَة , يَعْنِي مَنْ مَاتَ مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا , فَقَدْ يَئِسَ الْأَحْيَاء مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَرْجِعُوا إِلَيْهِمْ , أَوْ يَبْعَثهُمْ اللَّه . )26370 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ مَنْصُور بْن زَاذَان , عَنْ الْحُسَيْن أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { قَدْ يَئِسُوا مِنْ الْآخِرَة كَمَا يَئِسَ الْكُفَّار مِنْ أَصْحَاب الْقُبُور } قَالَ : الْكُفَّار الْأَحْيَاء قَدْ يَئِسُوا مِنْ الْأَمْوَات . )26371 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { قَدْ يَئِسُوا مِنْ الْآخِرَة } يَقُول : يَئِسُوا أَنْ يُبْعَثُوا كَمَا يَئِسَ الْكُفَّار أَنْ تَرْجِع إِلَيْهِمْ أَصْحَاب الْقُبُور الَّذِينَ مَاتُوا . )* - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّه عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنْ الْآخِرَة } . .. الْآيَة , الْكَافِر لَا يَرْجُو لِقَاء مَيِّته وَلَا أَجْره . )26372 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { قَدْ يَئِسُوا مِنْ الْآخِرَة , كَمَا يَئِسَ الْكُفَّار مِنْ أَصْحَاب الْقُبُور } يَقُول : مَنْ مَاتَ مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا فَقَدْ يَئِسَ الْأَحْيَاء مِنْهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا إِلَيْهِمْ , أَوْ يَبْعَثهُمْ اللَّه . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : قَدْ يَئِسُوا مِنْ الْآخِرَة أَنْ يَرْحَمهُمْ اللَّه فِيهَا , وَيَغْفِر لَهُمْ , كَمَا يَئِسَ الْكُفَّار الَّذِينَ هُمْ أَصْحَاب قُبُور قَدْ مَاتُوا وَصَارُوا إِلَى الْقُبُور مِنْ رَحْمَة اللَّه وَعَفْوه عَنْهُمْ فِي الْآخِرَة , لِأَنَّهُمْ قَدْ أَيْقَنُوا بِعَذَابِ اللَّه لَهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26373 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , عَنْ شُعْبَة , عَنْ الْحَكَم , عَنْ مُجَاهِد , فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { قَدْ يَئِسُوا مِنْ الْآخِرَة كَمَا يَئِسَ الْكُفَّار مِنْ أَصْحَاب الْقُبُور } قَالَ : أَصْحَاب الْقُبُور الَّذِينَ فِي الْقُبُور قَدْ يَئِسُوا مِنْ الْآخِرَة . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله ( { قَدْ يَئِسُوا مِنْ الْآخِرَة كَمَا يَئِسَ الْكُفَّار مِنْ أَصْحَاب الْقُبُور } قَالَ : مِنْ ثَوَاب الْآخِرَة حِين تَبَيَّنَ لَهُمْ عَمَلهمْ , وَعَايَنُوا النَّار . )26374 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { قَدْ يَئِسُوا مِنْ الْآخِرَة } . .. الْآيَة , قَالَ : أَصْحَاب الْقُبُور قَدْ يَئِسُوا مِنْ الْآخِرَة . )26375 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , قَالَ : قَالَ الْكَلْبِيّ : (قَدْ يَئِسُوا مِنْ الْآخِرَة , يَعْنِي الْيَهُود وَالنَّصَارَى , يَقُول : قَدْ يَئِسُوا مِنْ ثَوَاب الْآخِرَة وَكَرَامَتهَا , كَمَا يَئِسَ الْكُفَّار الَّذِينَ قَدْ مَاتُوا فَهُمْ فِي الْقُبُور مِنْ الْجَنَّة حِين رَأَوْا مَقْعَدهمْ مِنْ النَّار . )26376 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْل اللَّه : ( { لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا } . .. الْآيَة , قَالَ : قَدْ يَئِسَ هَؤُلَاءِ الْكُفَّار مِنْ أَنْ تَكُون لَهُمْ آخِرَة , كَمَا يَئِسَ الْكُفَّار الَّذِينَ مَاتُوا الَّذِينَ فِي الْقُبُور مِنْ أَنْ تَكُون لَهُمْ آخِرَة , لِمَا عَايَنُوا مِنْ أَمْر الْآخِرَة , فَكَمَا يَئِسَ أُولَئِكَ الْكُفَّار , كَذَلِكَ يَئِسَ هَؤُلَاءِ الْكُفَّار ; قَالَ : وَالْقَوْم الَّذِينَ غَضِبَ اللَّه عَلَيْهِمْ , يَهُودُهُمْ الَّذِينَ يَئِسُوا مِنْ أَنْ تَكُون لَهُمْ آخِرَة , كَمَا يَئِسَ الْكُفَّار قَبْلهمْ مِنْ أَصْحَاب الْقُبُور , لِأَنَّهُمْ قَدْ عَلِمُوا كِتَاب اللَّه وَأَقَامُوا عَلَى الْكُفْر بِهِ , وَمَا صَنَعُوا وَقَدْ عَلِمُوا . )26377 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , فِي قَوْله : ( { يَئِسُوا مِنْ الْآخِرَة } . .. الْآيَة , قَالَ : قَدْ يَئِسُوا أَنْ يَكُون لَهُمْ ثَوَاب الْآخِرَة , كَمَا يَئِسَ مَنْ فِي الْقُبُور مِنْ الْكُفَّار مِنْ الْخَيْر , حِين عَايَنُوا الْعَذَاب وَالْهَوَان . )وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : قَدْ يَئِسَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ غَضِبَ اللَّه عَلَيْهِمْ مِنْ الْيَهُود مِنْ ثَوَاب اللَّه لَهُمْ فِي الْآخِرَة , وَكَرَامَته لِكُفْرِهِمْ وَتَكْذِيبهمْ رَسُوله مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عِلْم مِنْهُمْ بِأَنَّهُ لِلَّهِ نَبِيّ , كَمَا يَئِسَ الْكُفَّار مِنْهُمْ الَّذِينَ مَضَوْا قَبْلهمْ فَهَلَكُوا , فَصَارُوا أَصْحَاب الْقُبُور , وَهُمْ عَلَى مِثْل الَّذِي هَؤُلَاءِ عَلَيْهِ مِنْ تَكْذِيبهمْ عِيسَى صَلَوَات اللَّه عَلَيْهِ وَغَيْره مِنْ الرُّسُل , مِنْ ثَوَاب اللَّه وَكَرَامَته إِيَّاهُمْ . وَإِنَّمَا قُلْنَا : ذَلِكَ أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِتَأْوِيلِ الْآيَة , لِأَنَّ الْأَمْوَات قَدْ يَئِسُوا مِنْ رُجُوعهمْ إِلَى الدُّنْيَا , أَوْ أَنْ يُبْعَثُوا قَبْل قِيَام السَّاعَة الْمُؤْمِنُونَ وَالْكُفَّار , فَلَا وَجْه لِأَنْ يَخُصّ بِذَلِكَ الْخَبَر عَنْ الْكُفَّار , وَقَدْ شَرِكَهُمْ فِي الْإِيَاس مِنْ ذَلِكَ الْمُؤْمِنُونَ . آخِر تَفْسِير سُورَة الْمُمْتَحِنَة .

وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الْأَرْض وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم } </subtitle>يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَات } السَّبْع { وَمَا فِي الْأَرْض } مِنْ الْخَلْق , مُذْعِنِينَ لَهُ بِالْأُلُوهَةِ وَالرُّبُوبِيَّة { وَهُوَ الْعَزِيز } فِي نِقْمَته مِمَّنْ عَصَاهُ مِنْهُمْ , فَكَفَرَ بِهِ , وَخَالَفَ أَمْره { الْحَكِيم } فِي تَدْبِيره إِيَّاهُمْ .

وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا

وَقَوْله : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَدِّقُوا اللَّه وَرَسُوله , لِمَ تَقُولُونَ الْقَوْل الَّذِي لَا تُصَدِّقُونَهُ بِالْعَمَلِ , فَأَعْمَالكُمْ مُخَالِفَة أَقْوَالكُمْ { كَبُرَ مَقْتًا عِنْد اللَّه أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ } يَقُول : عَظُمَ مَقْتًا عِنْد رَبّكُمْ قَوْلكُمْ مَا لَا تَفْعَلُونَ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي السَّبَب الَّذِي مِنْ أَجْله أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : أُنْزِلَتْ تَوْبِيخًا مِنْ اللَّه لِقَوْمٍ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ , تَمَنَّوْا مَعْرِفَة أَفْضَل الْأَعْمَال . فَعَرَّفَهُمْ اللَّه إِيَّاهُ , فَلَمَّا عَرَفُوا قَصَّرُوا , فَعُوتِبُوا بِهَذِهِ الْآيَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26378 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ } قَالَ : كَانَ نَاس مِنْ الْمُؤْمِنِينَ قَبْل أَنْ يُفْرَض الْجِهَاد يَقُولُونَ : لَوَدِدْنَا أَنَّ اللَّه دَلَّنَا عَلَى أَحَبّ الْأَعْمَال إِلَيْهِ , فَنَعْمَل بِهِ , فَأَخْبَرَ اللَّه نَبِيّه أَنَّ أَحَبّ الْأَعْمَال إِلَيْهِ إِيمَان بِاَللَّهِ لَا شَكّ فِيهِ , وَجِهَاد أَهْل مَعْصِيَته الَّذِينَ خَالَفُوا الْإِيمَان وَلَمْ يُقِرُّوا بِهِ ; فَلَمَّا نَزَلَ الْجِهَاد , كَرِهَ ذَلِكَ أُنَاس مِنْ الْمُؤْمِنِينَ , وَشَقَّ عَلَيْهِمْ أَمْره , فَقَالَ اللَّه : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ } )- حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْد اللَّه أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ } قَالَ : كَانَ قَوْم يَقُولُونَ : وَاَللَّه لَوْ أَنَّا نَعْلَم مَا أَحَبّ الْأَعْمَال إِلَى اللَّه لَعَمِلْنَاهُ , فَأَنْزَلَ اللَّه عَلَى نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا } إِلَى قَوْله { بُنْيَان مَرْصُوص } فَدَلَّهُمْ عَلَى أَحَبّ الْأَعْمَال إِلَيْهِ . )26379 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مُحَمَّد بْن جُحَادَة , عَنْ أَبِي صَالِح , قَالَ : قَالُوا : (لَوْ كُنَّا نَعْلَم أَيّ الْأَعْمَال أَحَبّ إِلَى اللَّه وَأَفْضَل , فَنَزَلَتْ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلّكُمْ عَلَى تِجَارَة تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَاب أَلِيم } [61 10 ]فَكَرِهُوا , فَنَزَلَتْ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ } )26380 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه ( { لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ } إِلَى قَوْله : { مَرْصُوص } فِيمَا بَيْن ذَلِكَ فِي نَفَر مِنْ الْأَنْصَار فِيهِمْ عَبْد اللَّه بْن رَوَاحَة , قَالُوا فِي مَجْلِس : لَوْ نَعْلَم أَيّ الْأَعْمَال أَحَبّ إِلَى اللَّه لَعَمِلْنَا بِهَا حَتَّى نَمُوت , فَأَنْزَلَ اللَّه هَذَا فِيهِمْ , فَقَالَ عَبْد اللَّه بْن رَوَاحَة : لَا أَزَال حَبِيسًا فِي سَبِيل اللَّه حَتَّى أَمُوت , فَقُتِلَ شَهِيدًا . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي تَوْبِيخ قَوْم مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كَانَ أَحَدهمْ يَفْتَخِر بِالْفِعْلِ مِنْ أَفْعَال الْخَيْر الَّتِي لَمْ يَفْعَلهَا , فَيَقُول فَعَلْت كَذَا وَكَذَا , فَعَذَلَهُمْ اللَّه عَلَى اِفْتِخَارهمْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا كَذِبًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26381 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ } قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّهَا كَانَتْ فِي الْجِهَاد , كَانَ الرَّجُل يَقُول : قَاتَلْت وَفَعَلْت , وَلَمْ يَكُنْ فَعَلَ , فَوَعَظَهُمْ اللَّه فِي ذَلِكَ أَشَدّ الْمَوْعِظَة. )- حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ } يُؤْذِنهُمْ وَيُعْلِمهُمْ كَمَا تَسْمَعُونَ { كَبُرَ مَقْتًا عِنْد اللَّه } وَكَانَتْ رِجَال تُخْبِر فِي الْقِتَال بِشَيْءٍ لَمْ يَفْعَلُوهُ وَلَمْ يَبْلُغُوهُ , فَوَعَظَهُمْ اللَّه فِي ذَلِكَ مَوْعِظَة بَلِيغَة , فَقَالَ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ } .. إِلَى قَوْله : { كَأَنَّهُمْ بُنْيَان مَرْصُوص } )26382 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ } أَنْزَلَ اللَّه هَذَا فِي الرَّجُل يَقُول فِي الْقِتَال مَا لَمْ يَفْعَلهُ مِنْ الضَّرْب وَالطَّعْن وَالْقَتْل ; قَالَ اللَّه : { كَبُرَ مَقْتًا عِنْد اللَّه أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ } . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هَذَا تَوْبِيخ مِنْ اللَّه لِقَوْمٍ مِنْ الْمُنَافِقِينَ , كَانُوا يَعِدُونَ الْمُؤْمِنِينَ النَّصْر وَهُمْ كَاذِبُونَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26383 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْل اللَّه : ( { كَبُرَ مَقْتًا عِنْد اللَّه أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ } يَقُولُونَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه : لَوْ خَرَجْتُمْ خَرَجْنَا مَعَكُمْ , وَكُنَّا فِي نَصْركُمْ , وَفِي , وَفِي , فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ { كَبُرَ مَقْتًا عِنْد اللَّه أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ } )وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِتَأْوِيلِ الْآيَة قَوْل مَنْ قَالَ : عُنِيَ بِهَا الَّذِينَ قَالُوا : لَوْ عَرَفْنَا أَحَبّ الْأَعْمَال إِلَى اللَّه لَعَمِلْنَا بِهِ , ثُمَّ قَصَّرُوا فِي الْعَمَل بَعْد مَا عَرَفُوا . وَإِنَّمَا قُلْنَا : هَذَا الْقَوْل أَوْلَى بِهَا , لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ خَاطَبَ بِهَا الْمُؤْمِنِينَ , فَقَالَ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } وَلَوْ كَانَتْ نَزَلَتْ فِي الْمُنَافِقِينَ لَمْ يُسَمَّوْا , وَلَمْ يُوصَفُوا بِالْإِيمَانِ , وَلَوْ كَانُوا وَصَفُوا أَنْفُسهمْ بِفِعْلِ مَا لَمْ يَكُونُوا فَعَلُوهُ , كَانُوا قَدْ تَعَمَّدُوا قِيل الْكَذِب , وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ صِفَة الْقَوْم , وَلَكِنَّهُمْ عِنْدِي أَمَّلُوا بِقَوْلِهِمْ : لَوْ عَلِمْنَا أَحَبّ الْأَعْمَال إِلَى اللَّه عَمِلْنَاهُ أَنَّهُمْ لَوْ عَلِمُوا بِذَلِكَ عَمِلُوهُ ; فَلَمَّا عَلِمُوا ضَعُفَتْ قُوَى قَوْم مِنْهُمْ , عَنْ الْقِيَام بِمَا أَمَّلُوا الْقِيَام بِهِ قَبْل الْعِلْم , وَقَوِيَ آخَرُونَ فَقَامُوا بِهِ , وَكَانَ لَهُمْ الْفَضْل وَالشَّرَف .

أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا

وَاخْتَلَفَتْ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي مَعْنَى ذَلِكَ , وَفِي وَجْه نَصْب قَوْله : { كَبُرَ مَقْتًا } فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : قَالَ : { كَبُرَ مَقْتًا عِنْد اللَّه } : أَيْ كَبُرَ مَقْتكُمْ مَقْتًا , ثُمَّ قَالَ : { أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ } : أَذَى قَوْلكُمْ. وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : قَوْله : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ } : كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَقُولُونَ : لَوْ نَعْلَم أَيّ الْأَعْمَال أَحَبّ إِلَى اللَّه لَأَتَيْنَاهُ , وَلَوْ ذَهَبَتْ فِيهِ أَنْفُسنَا وَأَمْوَالنَا ; فَلَمَّا كَانَ يَوْم أُحُد , نَزَلُوا عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى شُجَّ , وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَته , فَقَالَ : { لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ } , ثُمَّ قَالَ : { كَبُرَ مَقْتًا عِنْد اللَّه } كَبُرَ ذَلِكَ مَقْتًا : أَيْ فَأَنْ فِي مَوْضِع رَفْع , لِأَنَّ كَبُرَ كَقَوْلِهِ : بِئْسَ رَجُلًا أَخُوك . وَقَوْله : { كَبُرَ مَقْتًا عِنْد اللَّه } وَعِنْد الَّذِينَ آمَنُوا , أُضْمِرَ فِي كَبُرَ اِسْم يَكُون مَرْفُوعًا . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ قَوْله { مَقْتًا } مَنْصُوب عَلَى التَّفْسِير , كَقَوْلِ الْقَائِل : كَبُرَ قَوْلًا هَذَا الْقَوْل .

فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه يُحِبّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيله صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَان مَرْصُوص } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِلْقَائِلِينَ : لَوْ عَلِمْنَا أَحَبّ الْأَعْمَال إِلَى اللَّه لَعَمِلْنَاهُ حَتَّى نَمُوت : { إِنَّ اللَّه } أَيّهَا الْقَوْم { يُحِبّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيله } كَأَنَّهُمْ , يَعْنِي فِي طَرِيقه وَدِينه الَّذِي دَعَا إِلَيْهِ { صَفًّا } يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ أَعْدَاء اللَّه مُصْطَفِّينَ. وَقَوْله : { كَأَنَّهُمْ بُنْيَان مَرْصُوص } يَقُول : يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيل اللَّه صَفًّا مُصْطَفًّا , كَأَنَّهُمْ فِي اِصْطِفَافهمْ هُنَالِكَ حِيطَان مَبْنِيَّة قَدْ رُصَّ , فَأُحْكِمَ وَأُتْقِنَ , فَلَا يُغَادِر مِنْهُ شَيْئًا , وَكَانَ بَعْضهمْ يَقُول : بُنِيَ بِالرَّصَاصِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26384 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { إِنَّ اللَّه يُحِبّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيله صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَان مَرْصُوص } أَلَمْ تَرَ إِلَى صَاحِب الْبُنْيَان كَيْف لَا يُحِبّ أَنْ يَخْتَلِف بُنْيَانه , كَذَلِكَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَا يَخْتَلِف أَمْره , وَإِنَّ اللَّه وَصَفَ الْمُؤْمِنِينَ فِي قِتَالهمْ وَصْفهمْ فِي صَلَاتهمْ , فَعَلَيْكُمْ بِأَمْرِ اللَّه فَإِنَّهُ عِصْمَة لِمَنْ أَخَذَ بِهِ . )26385 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد ( { إِنَّ اللَّه يُحِبّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيله صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَان مَرْصُوص } قَالَ : وَاَلَّذِينَ صَدَّقُوا قَوْلهمْ بِأَعْمَالِهِمْ هَؤُلَاءِ ; قَالَ : وَهَؤُلَاءِ لَمْ يُصَدِّقُوا قَوْلهمْ بِالْأَعْمَالِ لَمَّا خَرَجَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَكَصُوا عَنْهُ وَتَخَلَّفُوا. )وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعِلْم يَقُول : إِنَّمَا قَالَ اللَّه { إِنَّ اللَّه يُحِبّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيله صَفًّا } لِيَدُلّ عَلَى أَنَّ الْقِتَال رَاجِلًا أَحَبّ إِلَيْهِ مِنْ الْقِتَال فَارِسًا , لِأَنَّ الْفُرْسَان لَا يَصْطَفُّونَ , وَإِنَّمَا تَصْطَفّ الرَّجَّالَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26386 - حَدَّثَنِي سَعِيد بْن عَمْرو السُّكُونِيّ , قَالَ : ثنا بَقِيَّة بْن الْوَلِيد , عَنْ أَبِي بَكْر اِبْن أَبِي مَرْيَم , عَنْ يَحْيَى بْن جَابِر الطَّائِيّ , عَنْ أَبِي بَحْرِيَّة , قَالَ : (كَانُوا يَكْرَهُونَ الْقِتَال عَلَى الْخَيْل , وَيَسْتَحِبُّونَ الْقِتَال عَلَى الْأَرْض , لِقَوْلِ اللَّه : { إِنَّ اللَّه يُحِبّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيله صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَان مَرْصُوص } قَالَ : وَكَانَ أَبُو بَحْرِيَّة يَقُول : إِذَا رَأَيْتُمُونِي اِلْتَفَتّ فِي الصَّفّ , فَجِئُوا فِي لَحْيِي .)

إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْم لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُول اللَّه إِلَيْكُمْ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَاذْكُرْ يَا مُحَمَّد { إِذْ قَالَ مُوسَى } بْن عِمْرَان { لِقَوْمِهِ يَا قَوْم لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ } حَقًّا { أَنِّي رَسُول اللَّه إِلَيْكُمْ } |إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ|وَقَوْله : { فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّه قُلُوبهمْ } يَقُول : فَلَمَّا عَدَلُوا وَجَارُوا عَنْ قَصْد السَّبِيل أَزَاغَ اللَّه قُلُوبهمْ : يَقُول : أَمَالَ اللَّه قُلُوبهمْ عَنْهُ ; وَقَدْ : 26387 -حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْعَوَّام , قَالَ : ثنا أَبُو غَالِب , عَنْ أَبِي أُمَامَة فِي قَوْله : ( { فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّه قُلُوبهمْ } قَالَ : هُمْ الْخَوَارِج .)|قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ| { وَاَللَّه لَا يَهْدِي الْقَوْم الْفَاسِقِينَ } يَقُول : وَاَللَّه لَا يُوَفِّق لِإِصَابَةِ الْحَقّ الْقَوْم الَّذِينَ اِخْتَارُوا الْكُفْر عَلَى الْإِيمَان .

جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذْ قَالَ عِيسَى اِبْن مَرْيَم يَا بَنِي إِسْرَائِيل إِنِّي رَسُول اللَّه إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْن يَدَيَّ مِنْ التَّوْرَاة وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اِسْمه أَحْمَد } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاذْكُرْ أَيْضًا يَا مُحَمَّد { إِذْ قَالَ عِيسَى اِبْن مَرْيَم } لِقَوْمِهِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل { يَا بَنِي إِسْرَائِيل إِنِّي رَسُول اللَّه إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْن يَدَيَّ مِنْ التَّوْرَاة } الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى مُوسَى { وَمُبَشِّرًا } أُبَشِّركُمْ { بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اِسْمه أَحْمَد } 26388 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ سَعِيد بْن سُوَيْد , عَنْ عَبْد الْأَعْلَى بْن هِلَال السُّلَمِيّ , عَنْ عِرْبَاض بْن سَارِيَة , قَالَ سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : ( إِنِّي عِنْد اللَّه مَكْتُوب لَخَاتَم النَّبِيِّينَ , وَإِنَّ آدَم لَمُنْجَدِل فِي طِينَته , وَسَأُخْبِرُكُمْ بِأَوَّلِ ذَلِكَ : دَعْوَة أَبِي إِبْرَاهِيم , وَبِشَارَة عِيسَى بِي , وَالرُّؤْيَا الَّتِي رَأَتْ أُمِّي , وَكَذَلِكَ أُمَّهَات النَّبِيِّينَ , يَرَيْنَ أَنَّهَا رَأَتْ حِين وَضَعَتْنِي أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُور أَضَاءَتْ مِنْهُ قُصُور الشَّام | .)|أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ| { فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ } يَقُول : فَلَمَّا جَاءَهُمْ أَحْمَد بِالْبَيِّنَاتِ , وَهِيَ الدَّلَالَات الَّتِي آتَاهُ اللَّه حُجَجًا عَلَى نُبُوَّته { قَالُوا هَذَا سِحْر مُبِين } يَقُول : مَا أَتَى بِهِ غَيْر أَنَّنِي سَاحِر .

لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ أَظْلَم مِمَّنْ اِفْتَرَى عَلَى اللَّه الْكَذِب وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَام وَاَللَّه لَا يَهْدِي الْقَوْم الظَّالِمِينَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَنْ أَشَدّ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا مِمَّنْ اِخْتَلَقَ عَلَى اللَّه الْكَذِب , وَهُوَ قَوْل قَائِلهمْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هُوَ سَاحِر وَلِمَا جَاءَ بِهِ سِحْر , فَكَذَلِكَ اِفْتِرَاؤُهُ عَلَى اللَّه الْكَذِب وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَام يَقُول : إِذَا دُعِيَ إِلَى الدُّخُول فِي الْإِسْلَام , قَالَ عَلَى اللَّه الْكَذِب , وَافْتَرَى عَلَيْهِ الْبَاطِل { وَاَللَّه لَا يَهْدِي الْقَوْم الظَّالِمِينَ } يَقُول : وَاَللَّه لَا يُوَفِّق الْقَوْم الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ بِكُفْرِهِمْ بِهِ لِإِصَابَةِ الْحَقّ .

تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُور اللَّه بِأَفْوَاهِهِمْ وَاَللَّه مُتِمّ نُوره وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يُرِيد هَؤُلَاءِ الْقَائِلُونَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَذَا سَاحِر مُبِين { لِيُطْفِئُوا نُور اللَّه بِأَفْوَاهِهِمْ } يَقُول : يُرِيدُونَ لِيُبْطِلُوا الْحَقّ الَّذِي بَعَثَ اللَّه بِهِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَفْوَاهِهِمْ يَعْنِي بِقَوْلِهِمْ إِنَّهُ سَاحِر , وَمَا جَاءَ بِهِ سِحْر , { وَاَللَّه مُتِمّ نُوره } يَقُول : اللَّه مُعْلِن الْحَقّ , وَمُظْهِر دِينه , وَنَاصِر مُحَمَّدًا عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام عَلَى مَنْ عَادَاهُ , فَذَلِكَ إِتْمَام نُوره , وَعُنِيَ بِالنُّورِ فِي هَذَا الْمَوْضِع الْإِسْلَام . وَكَانَ اِبْن زَيْد يَقُول : عُنِيَ بِهِ الْقُرْآن . 26389 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { لِيُطْفِئُوا نُور اللَّه بِأَفْوَاهِهِمْ } قَالَ : نُور الْقُرْآن. )وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله تَعَالَى : { وَاَللَّه مُتِمّ نُوره } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ : | مُتِمّ نُوره | بِالنَّصْبِ . وَقَرَأَهُ بَعْض قُرَّاء مَكَّة وَعَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة { مُتِمّ } بِغَيْرِ تَنْوِينٍ | نُورِهِ | خَفْضًا , وَهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب عِنْدنَا . وَقَوْله : { وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ } يَقُول : وَاَللَّه مُظْهِر دِينه , نَاصِر رَسُوله , وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ بِاَللَّهِ .

وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُوله بِالْهُدَى وَدِين الْحَقّ لِيُظْهِرهُ عَلَى الدِّين كُلّه وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : اللَّه الَّذِي أَرْسَلَ رَسُوله مُحَمَّدًا بِالْهُدَى وَدِين الْحَقّ , يَعْنِي بِبَيَانِ الْحَقّ وَدِين الْحَقّ يَعْنِي : وَبِدِينِ اللَّه , وَهُوَ الْإِسْلَام . وَقَوْله : { لِيُظْهِرهُ عَلَى الدِّين كُلّه } يَقُول : لِيُظْهِر دِينه الْحَقّ الَّذِي أَرْسَلَ بِهِ رَسُوله عَلَى كُلّ دِين سِوَاهُ , وَذَلِكَ عِنْد نُزُول عِيسَى اِبْن مَرْيَم , وَحِين تَصِير الْمِلَّة وَاحِدَة , فَلَا يَكُون دِين غَيْر الْإِسْلَام , كَمَا : 26390 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِي الْمِقْدَام ثَابِت بْن هُرْمُز , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة ( { لِيُظْهِرهُ عَلَى الدِّين كُلّه } قَالَ : خُرُوج عِيسَى اِبْن مَرْيَم . )وَقَدْ ذَكَرْنَا اِخْتِلَاف الْمُخْتَلِفِينَ فِي مَعْنَى قَوْله { لِيُظْهِرهُ عَلَى الدِّين كُلّه } وَالصَّوَاب عِنْدنَا مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ بِعِلَلِهِ فِيمَا مَضَى , بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع . وَقَدْ : 26391 - حَدَّثَنِي عَبْد الْحَمِيد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا الْأَسْوَد بْن الْعَلَاء , عَنْ أَبِي سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : (إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُول : | لَا يَذْهَب اللَّيْل وَالنَّهَار حَتَّى تُعْبَد اللَّات وَالْعُزَّى | فَقَالَتْ عَائِشَة : وَاَللَّه يَا رَسُول اللَّه إِنْ كُنْت لَأَظُنّ حِين أَنْزَلَ اللَّه { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُوله بِالْهُدَى وَدِين الْحَقّ لِيُظْهِرهُ عَلَى الدِّين كُلّه } الْآيَة , أَنَّ ذَلِكَ سَيَكُونُ تَامًّا , فَقَالَ : | إِنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّه , ثُمَّ يَبْعَث اللَّه رِيحًا طَيِّبَة , فَيَتَوَفَّى مَنْ كَانَ فِي قَلْبه مِثْقَال حَبَّة مِنْ خَرْدَل مِنْ خَيْر , فَيَبْقَى مَنْ لَا خَيْر فِيهِ , فَيَرْجِعُونَ إِلَى دِين آبَائِهِمْ | .)

رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلّكُمْ عَلَى تِجَارَة تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَاب أَلِيم } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلّكُمْ عَلَى تِجَارَة تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَاب أَلِيم } مُوجِع , وَذَلِكَ عَذَاب جَهَنَّم ;

وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا

ثُمَّ بَيَّنَ لَنَا جَلَّ ثَنَاؤُهُ مَا تِلْكَ التِّجَارَة الَّتِي تُنْجِينَا مِنْ الْعَذَاب الْأَلِيم , فَقَالَ : { تُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَرَسُوله } مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْف قِيلَ : { تُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَرَسُوله } , وَقَدْ قِيلَ لَهُمْ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } بِوَصْفِهِمْ بِالْإِيمَانِ ؟ فَإِنَّ الْجَوَاب فِي ذَلِكَ نَظِير جَوَابنَا فِي قَوْله : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاَللَّهِ } [4 136 ]وَقَدْ مَضَى الْبَيَان عَنْ ذَلِكَ فِي مَوْضِعه بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته . وَقَوْله : { وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل اللَّه بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسكُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَتُجَاهِدُونَ فِي دِين اللَّه , وَطَرِيقه الَّذِي شَرَعَهُ لَكُمْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسكُمْ { ذَلِكُمْ خَيْر لَكُمْ } يَقُول : إِيمَانكُمْ بِاَللَّهِ وَرَسُوله , وَجِهَادكُمْ فِي سَبِيل اللَّه بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسكُمْ { خَيْر لَكُمْ } مِنْ تَضْيِيع ذَلِكَ وَالتَّفْرِيط { إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } مَضَارّ الْأَشْيَاء وَمَنَافِعهَا. وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : | آمِنُوا بِاَللَّهِ | عَلَى وَجْه الْأَمْر , وَبُيِّنَتْ التِّجَارَة مِنْ قَوْله : { هَلْ أَدُلّكُمْ عَلَى تِجَارَة تُنْجِيكُمْ } وَفُسِّرَتْ بِقَوْلِهِ : { تُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ } وَلَمْ يَقُلْ : أَنْ تُؤْمِنُوا , لِأَنَّ الْعَرَب إِذَا فَسَّرَتْ الِاسْم بِفِعْلٍ تُثْبِت فِي تَفْسِيره أَنْ أَحْيَانًا , وَتَطْرَحهَا أَحْيَانًا , فَتَقُول لِلرَّجُلِ : هَلْ لَك فِي خَيْر تَقُوم بِنَا إِلَى فُلَان فَنَعُودهُ ؟ هَلْ لَك فِي خَيْر أَنْ تَقُوم إِلَى فُلَان فَنَعُودهُ ؟ , بِأَنْ وَبِطَرْحِهَا . وَمِمَّا جَاءَ فِي الْوَجْهَيْنِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا قَوْله : { فَلْيَنْظُرْ الْإِنْسَان إِلَى طَعَامه أَنَّا } [80 24 ]وَإِنَّا ; فَالْفَتْح فِي أَنَّا لُغَة مَنْ أَدْخَلَ فِي يَقُوم أَنْ مِنْ قَوْلهمْ : هَلْ لَك فِي خَيْر أَنْ تَقُوم , وَالْكَسْر فِيهَا لُغَة مَنْ يُلْقِي أَنْ مِنْ تَقُوم ; وَمِنْهُ قَوْله : { فَانْظُرْ كَيْف كَانَ عَاقِبَة مَكْرهمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ } [27 51 ]وَإِنَّا دَمَّرْنَاهُمْ , عَلَى مَا بَيَّنَّا . 26392 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلّكُمْ عَلَى تِجَارَة تُنْجِيكُمْ } الْآيَة , فَلَوْلَا أَنَّ اللَّه بَيَّنَهَا , وَدَلَّ عَلَيْهَا الْمُؤْمِنِينَ , لَتَلَهَّفَ عَلَيْهَا رِجَال أَنْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَهَا , حَتَّى يَضِنُّوا بِهَا وَقَدْ دَلَّكُمْ اللَّه عَلَيْهَا , وَأَعْلَمَكُمْ إِيَّاهَا فَقَالَ : { تُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَرَسُوله وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل اللَّه بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسكُمْ ذَلِكُمْ خَيْر لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } )26393 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , قَالَ : تَلَا قَتَادَة : ( { هَلْ أَدُلّكُمْ عَلَى تِجَارَة تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَاب أَلِيم تُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَرَسُوله وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل اللَّه } قَالَ : الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي بَيَّنَهَا .)

أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَغْفِر لَكُمْ ذُنُوبكُمْ وَيُدْخِلكُمْ جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار وَمَسَاكِن طَيِّبَة } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَسْتُر عَلَيْكُمْ رَبّكُمْ ذُنُوبكُمْ إِذَا أَنْتُمْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ فَيَصْفَح عَنْكُمْ وَيَعْفُو { وَيُدْخِلكُمْ جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار } يَقُول : وَيُدْخِلكُمْ بَسَاتِين تَجْرِي مِنْ تَحْت أَشْجَارهَا الْأَنْهَار { وَمَسَاكِن طَيِّبَة } يَقُول : وَيُدْخِلكُمْ أَيْضًا مَسَاكِن طَيِّبَة|فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ| { فِي جَنَّات عَدْن } يَعْنِي فِي بَسَاتِين إِقَامَة , لَا ظَعْن عَنْهَا .|ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ|وَقَوْله { ذَلِكَ الْفَوْز الْعَظِيم } يَقُول : ذَلِكَ النَّجَاء الْعَظِيم مِنْ نَكَال الْآخِرَة وَأَهْوَالهَا.

فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْر مِنْ اللَّه وَفَتْح قَرِيب } </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِيمَا نُعِتَتْ بِهِ قَوْله { وَأُخْرَى } فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : مَعْنَى ذَلِكَ : وَتِجَارَة أُخْرَى , فَعَلَى هَذَا الْقَوْل يَجِب أَنْ يَكُون أُخْرَى فِي مَوْضِع خَفْض عَطْفًا بِهِ عَلَى قَوْله : { هَلْ أَدُلّكُمْ عَلَى تِجَارَة تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَاب أَلِيم } وَقَدْ يُحْتَمَل أَنْ يَكُون رَفْعًا عَلَى الِابْتِدَاء . وَكَانَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة يَقُول : هِيَ فِي مَوْضِع رَفْع . أَيْ وَلَكُمْ أُخْرَى فِي الْعَاجِل مَعَ ثَوَاب الْآخِرَة , ثُمَّ قَالَ : { نَصْر مِنْ اللَّه } مُفَسِّرًا لِلْأُخْرَى . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي الْقَوْل الثَّانِي , وَهُوَ أَنَّهُ مَعْنِيّ بِهِ : وَلَكُمْ أُخْرَى تُحِبُّونَهَا , لِأَنَّ قَوْله { نَصْر مِنْ اللَّه وَفَتْح قَرِيب } مُبَيِّن عَنْ أَنَّ قَوْله { وَأُخْرَى } فِي مَوْضِع رَفْع , وَلَوْ كَانَ جَاءَ ذَلِكَ خَفْضًا حَسُنَ أَنْ يُجْعَل قَوْله { وَأُخْرَى } عَطْفًا عَلَى قَوْله { تِجَارَة } , فَيَكُون تَأْوِيل الْكَلَام حِينَئِذٍ لَوْ قُرِئَ ذَلِكَ خَفْضًا , وَعَلَى خَلَّة أُخْرَى تُحِبُّونَهَا , فَمَعْنَى الْكَلَام إِذَا كَانَ الْأَمْر كَمَا وَصَفْت : هَلْ أَدُلّكُمْ عَلَى تِجَارَة تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَاب أَلِيم , تُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَرَسُوله , يَغْفِر لَكُمْ ذُنُوبكُمْ , وَيُدْخِلكُمْ جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار , وَلَكُمْ خَلَّة أُخْرَى سِوَى ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا تُحِبُّونَهَا : نَصْر مِنْ اللَّه لَكُمْ عَلَى أَعْدَائِكُمْ , وَفَتْح قَرِيب يُعَجِّلهُ لَكُمْ .|وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ|يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَبَشِّرْ يَا مُحَمَّد الْمُؤْمِنِينَ بِنَصْرِ اللَّه إِيَّاهُمْ عَلَى عَدُوّهِمْ , وَفَتْح عَاجِل لَهُمْ .

ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا

وَقَوْله : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَار اللَّه } اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة : | كُونُوا أَنْصَارًا لِلَّهِ | بِتَنْوِينِ الْأَنْصَار. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة بِإِضَافَةِ الْأَنْصَار إِلَى اللَّه. وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ صَحِيحَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب , وَمَعْنَى الْكَلَام : يَا أَيّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّه وَرَسُوله , كُونُوا أَنْصَار اللَّه , كَمَا قَالَ عِيسَى اِبْن مَرْيَم لِلْحَوَارِيِّينَ : { مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّه } يَعْنِي مَنْ أَنْصَارِي مِنْكُمْ إِلَى نُصْرَة اللَّه لِي . وَكَانَ قَتَادَة يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 26394 -حَدَّثَنِي بِهِ بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَار اللَّه كَمَا قَالَ عِيسَى اِبْن مَرْيَم لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّه قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَار اللَّه } قَالَ : قَدْ كَانَتْ لِلَّهِ أَنْصَار مِنْ هَذِهِ الْأُمَّة تُجَاهِد عَلَى كِتَابه وَحَقّه . وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ بَايَعَهُ لَيْلَة الْعَقَبَة اِثْنَانِ وَسَبْعُونَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَار , ذُكِرَ لَنَا أَنَّ بَعْضهمْ قَالَ : هَلْ تَدْرُونَ عَلَامَ تُبَايِعُونَ هَذَا الرَّجُل ؟ إِنَّكُمْ تُبَايِعُونَ عَلَى مُحَارَبَة الْعَرَب كُلّهَا أَوْ يُسْلِمُوا . وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا نَبِيّ اللَّه اِشْتَرِطْ لِرَبِّك وَلِنَفْسِك مَا شِئْت , قَالَ : أَشْتَرِط لِرَبِّي أَنْ تَعْبُدُوهُ , وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا , وَأَشْتَرِط لِنَفْسِي أَنْ تَمْنَعُونِي مِمَّا مَنَعْتُمْ مِنْهُ أَنْفُسكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ | قَالُوا : فَإِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ فَمَا لَنَا يَا نَبِيّ اللَّه ؟ قَالَ : | لَكُمْ النَّصْر فِي الدُّنْيَا , وَالْجَنَّة فِي الْآخِرَة | , فَفَعَلُوا , فَفَعَلَ اللَّه. )26395 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , قَالَ : (تَلَا قَتَادَة { كُونُوا أَنْصَار اللَّه كَمَا قَالَ عِيسَى اِبْن مَرْيَم لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّه } قَالَ : قَدْ كَانَ ذَلِكَ بِحَمْدِ اللَّه , جَاءَهُ سَبْعُونَ رَجُلًا , فَبَايَعُوهُ عِنْد الْعَقَبَة , فَنَصَرُوهُ وَآوَوْهُ حَتَّى أَظْهَرَ اللَّه دِينه ; قَالُوا : وَلَمْ يُسَمَّ حَيّ مِنْ السَّمَاء اِسْمًا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ قَبْل ذَلِكَ غَيْرهمْ . )26396 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : (إِنَّ الْحَوَارِيِّينَ كُلّهمْ مِنْ قُرَيْش : أَبُو بَكْر , وَعُمَر , وَعَلِيّ , وَحَمْزَة , وَجَعْفَر , وَأَبُو عُبَيْدَة , وَعُثْمَان بْن مَظْعُون , وَعَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف , وَسَعْد بْن أَبِي وَقَّاص , وَعُثْمَان , وَطَلْحَة بْن عُبَيْد اللَّه , وَالزُّبَيْر بْن الْعَوَّام. )26397 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : ( { مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّه } قَالَ : مَنْ يَتَّبِعنِي إِلَى اللَّه. )26398 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَيْسَرَة , عَنْ الْمِنْهَال بْن عَمْرو , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (سُئِلَ اِبْن عَبَّاس عَنْ الْحَوَارِيِّينَ , قَالَ : سُمُّوا لِبَيَاضِ ثِيَابهمْ كَانُوا صَيَّادِي السَّمَك . )26399 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { الْحَوَارِيُّونَ } : هُمْ الْغَسَّالُونَ بِالنِّبْطِيَّةِ ; يُقَال لِلْغَسَّالِ : حَوَارِيّ . )وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَاننَا فِي مَعْنَى الْحَوَارِيّ بِشَوَاهِدِهِ وَاخْتِلَاف الْمُخْتَلِفِينَ فِيهِ قَبْل فِيمَا مَضَى , فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَته . وَقَوْله : { قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَار اللَّه } يَقُول : قَالُوا : نَحْنُ أَنْصَار اللَّه عَلَى مَا بَعَثَ بِهِ أَنْبِيَاءَهُ مِنْ الْحَقّ. وَقَوْله : { فَآمَنَتْ طَائِفَة مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل وَكَفَرَتْ طَائِفَة } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَآمَنَتْ طَائِفَة مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل بِعِيسَى , وَكَفَرَتْ طَائِفَة مِنْهُمْ بِهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26400 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ الْمِنْهَال , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (لَمَّا أَرَادَ اللَّه أَنْ يَرْفَع عِيسَى إِلَى السَّمَاء خَرَجَ إِلَى أَصْحَابه وَهُمْ فِي بَيْت اِثْنَا عَشَر رَجُلًا مِنْ عَيْن فِي الْبَيْت وَرَأْسه يَقْطُر مَاء ; قَالَ : فَقَالَ : إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ سَيَكْفُرُ بِي اِثْنَتَيْ عَشْرَة مَرَّة بَعْد أَنْ آمَنَ بِي ; قَالَ : ثُمَّ قَالَ : أَيّكُمْ يُلْقَى عَلَيْهِ شَبَهِي فَيُقْتَل مَكَانِي , وَيَكُون مَعِي فِي دَرَجَتِي ؟ قَالَ : فَقَامَ شَابّ مِنْ أَحْدَثهمْ سِنًّا , قَالَ : فَقَالَ أَنَا , فَقَالَ لَهُ : اِجْلِسْ ; ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِمْ , فَقَامَ الشَّابّ , فَقَالَ أَنَا ; قَالَ : نَعَمْ أَنْتَ ذَاكَ ; فَأُلْقِيَ عَلَيْهِ شَبَه عِيسَى , وَرُفِعَ عِيسَى مِنْ رَوْزَنَة فِي الْبَيْت إِلَى السَّمَاء ; قَالَ : وَجَاءَ الطَّلَب مِنْ الْيَهُود , وَأَخَذُوا شَبَهه . فَقَتَلُوهُ وَصَلَبُوهُ , وَكَفَرَ بِهِ بَعْضهمْ اِثْنَتَيْ عَشْرَة مَرَّة بَعْد أَنْ آمَنَ بِهِ , فَتَفَرَّقُوا ثَلَاث فِرَق , فَقَالَتْ فِرْقَة : كَانَ اللَّه فِينَا مَا شَاءَ , ثُمَّ صَعِدَ إِلَى السَّمَاء , وَهَؤُلَاءِ الْيَعْقُوبِيَّة . وَقَالَتْ فِرْقَة : كَانَ فِينَا اِبْن اللَّه مَا شَاءَ اللَّه , ثُمَّ رَفَعَهُ إِلَيْهِ , وَهَؤُلَاءِ النَّسْطُورِيَّة. وَقَالَتْ فِرْقَة . كَانَ فِينَا عَبْد اللَّه وَرَسُوله مَا شَاءَ اللَّه , ثُمَّ رَفَعَهُ اللَّه إِلَيْهِ , وَهَؤُلَاءِ الْمُسْلِمُونَ , فَتَظَاهَرَتْ الطَّائِفَتَانِ الْكَافِرَتَانِ عَلَى الْمُسْلِمَة , فَقَتَلُوهَا , فَلَمْ يَزَلْ الْإِسْلَام طَامِسًا حَتَّى بَعَثَ اللَّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَآمَنَتْ طَائِفَة مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل , وَكَفَرَتْ طَائِفَة , يَعْنِي الطَّائِفَة الَّتِي كَفَرَتْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل فِي زَمَن عِيسَى , وَالطَّائِفَة الَّتِي آمَنَتْ فِي زَمَن عِيسَى , فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوّهِمْ , فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ فِي إِظْهَار مُحَمَّد عَلَى دِينهمْ دِين الْكُفَّار , فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ.)|طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا|وَقَوْله : { فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوّهِمْ } يَقُول : فَقَوَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل عَلَى عَدُوّهِمْ , الَّذِي كَفَرُوا مِنْهُمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِتَصْدِيقِهِ إِيَّاهُمْ , أَنَّ عِيسَى عَبْد اللَّه وَرَسُوله , وَتَكْذِيبه مَنْ قَالَ هُوَ إِلَه , وَمَنْ قَالَ : هُوَ اِبْن اللَّه تَعَالَى ذِكْره , فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ , فَأَصْبَحَتْ الطَّائِفَة الْمُؤْمِنُونَ ظَاهِرِينَ عَلَى عَدُوّهِمْ الْكَافِرِينَ مِنْهُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26401 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْهِلَالِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوّهِمْ } قَالَ : قَوَّيْنَا. )26402 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ سِمَاك , عَنْ إِبْرَاهِيم ( { فَآمَنَتْ طَائِفَة مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل وَكَفَرَتْ طَائِفَة } قَالَ : لَمَّا بَعَثَ اللَّه مُحَمَّدًا , وَنَزَلَ تَصْدِيق مَنْ آمَنَ بِعِيسَى , أَصْبَحَتْ حُجَّة مَنْ آمَنَ بِهِ ظَاهِرَة . )26403 - قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ سِمَاك , عَنْ إِبْرَاهِيم , فِي قَوْله ( { فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ } قَالَ : أُيِّدُوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَصَدَّقَهُمْ , وَأَخْبَرَ بِحُجَّتِهِمْ . )- حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , فِي قَوْله : ( { فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ } قَالَ : أَصْبَحَتْ حُجَّة مَنْ آمَنَ بِعِيسَى ظَاهِرَة بِتَصْدِيقِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَة اللَّه وَرُوحه . )26404 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ } مَنْ آمَنَ مَعَ عِيسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . )آخِر تَفْسِير سُورَة الصَّفّ

ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يُسَبِّح لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الْأَرْض الْمَلِك الْقُدُّوس الْعَزِيز الْحَكِيم } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يُسَبِّح لِلَّهِ كُلّ مَا فِي السَّمَوَات السَّبْع , وَكُلّ مَا فِي الْأَرَضِينَ مِنْ خَلْقه , وَيُعَظِّمهُ طَوْعًا وَكَرْهًا { الْمَلِك الْقُدُّوس } الَّذِي لَهُ مُلْك الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَسُلْطَانهمَا , النَّافِذ أَمْره فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا فِيهِمَا , الْقُدُّوس : وَهُوَ الطَّاهِر مِنْ كُلّ مَا يُضِيف إِلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ بِهِ , وَيَصِفُونَهُ بِهِ مِمَّا لَيْسَ مِنْ صِفَاته الْمُبَارَك { الْعَزِيز } يَعْنِي الشَّدِيد فِي اِنْتِقَامه مِنْ أَعْدَائِهِ { الْحَكِيم } فِي تَدْبِيره خَلْقه , وَتَصْرِيفه إِيَّاهُمْ فِيمَا هُوَ أَعْلَم بِهِ مِنْ مَصَالِحهمْ .

وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاته وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمهُمْ الْكِتَاب وَالْحِكْمَة } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : اللَّه الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ , فَقَوْله هُوَ كِنَايَة مِنْ اِسْم اللَّه , وَالْأُمِّيُّونَ : هُمْ الْعَرَب . وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْله قِيلَ لِلْأُمِّيِّ أُمِّيّ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ فِي هَذَا الْمَوْضِع قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26405 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : ( { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ } قَالَ : الْعَرَب . )26406 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : سَمِعْت سُفْيَان الثَّوْرِيّ يُحَدِّث لَا أَعْلَمهُ إِلَّا عَنْ مُجَاهِد أَنَّهُ قَالَ : ( { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاته } : الْعَرَب . )26407 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ } قَالَ كَانَ هَذَا الْحَيّ مِنْ الْعَرَب أُمَّة أُمِّيَّة , لَيْسَ فِيهَا كِتَاب يَقْرَءُونَهُ , فَبَعَثَ اللَّه نَبِيّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحْمَة وَهُدًى يَهْدِيهِمْ بِهِ . )* حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ } قَالَ : كَانَتْ هَذِهِ الْأُمَّة أُمِّيَّة لَا يَقْرَءُونَ كِتَابًا . )26408 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ } قَالَ : إِنَّمَا سُمِّيَتْ أُمَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأُمِّيِّينَ , لِأَنَّهُ لَمْ يُنْزِل عَلَيْهِمْ كِتَابًا . )وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ { رَسُولًا مِنْهُمْ } يَعْنِي مِنْ الْأُمِّيِّينَ وَإِنَّمَا قَالَ مِنْهُمْ , لِأَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أُمِّيًّا , وَظَهَرَ مِنْ الْعَرَب . وَقَوْله : { يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاته } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : يَقْرَأ عَلَى هَؤُلَاءِ الْأُمِّيِّينَ آيَات اللَّه الَّتِي أَنْزَلَهَا عَلَيْهِ { وَيُزَكِّيهِمْ } يَقُول : وَيُطَهِّرهُمْ مِنْ دَنَس الْكُفْر. وَقَوْله : { وَيُعَلِّمهُمْ الْكِتَاب } يَقُول : وَيُعَلِّمهُمْ كِتَاب اللَّه , وَمَا فِيهِ مِنْ أَمْر اللَّه وَنَهْيه , وَشَرَائِع دِينه { وَالْحِكْمَة } يَعْنِي بِالْحِكْمَةِ : السُّنَن . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26409 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَيُعَلِّمهُمْ الْكِتَاب وَالْحِكْمَة } أَيْ السُّنَّة . )26410 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , قَالَ : ( { وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمهُمْ الْكِتَاب وَالْحِكْمَة } أَيْضًا كَمَا عَلَّمَ هَؤُلَاءِ يُزَكِّيهِمْ بِالْكِتَابِ وَالْأَعْمَال الصَّالِحَة , وَيُعَلِّمهُمْ الْكِتَاب وَالْحِكْمَة كَمَا صَنَعَ بِالْأَوَّلِينَ , وَقَرَأَ قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار وَاَلَّذِينَ اِتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ } [9 100 ]مِمَّنْ بَقِيَ مِنْ أَهْل الْإِسْلَام إِلَى أَنْ تَقُوم السَّاعَة , قَالَ : وَقَدْ جَعَلَ اللَّه فِيهِمْ سَابِقِينَ , وَقَرَأَ قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { وَالسَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ } [56 10 ]وَقَالَ : { ثُلَّة مِنْ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيل مِنْ الْآخِرِينَ } [56 13 ]فَثُلَّة مِنْ الْأَوَّلِينَ سَابِقُونَ , وَقَلِيل السَّابِقُونَ مِنْ الْآخِرِينَ , وَقَرَأَ : { وَأَصْحَاب الْيَمِين مَا أَصْحَاب الْيَمِين } [56 27 ]حَتَّى بَلَغَ { ثُلَّة مِنْ الْأَوَّلِينَ , وَثُلَّة مِنْ الْآخِرِينَ } [56 39 ]أَيْضًا , قَالَ : وَالسَّابِقُونَ مِنْ الْأَوَّلِينَ أَكْثَرُوهُمْ مِنْ الْآخِرِينَ قَلِيل , وَقَرَأَ { وَاَلَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدهمْ يَقُولُونَ رَبّنَا اِغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ } [59 10 ]الْآيَة , قَالَ : هَؤُلَاءِ مِنْ أَهْل الْإِسْلَام إِلَى أَنْ تَقُوم السَّاعَة .)|وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ|وَقَوْله : { وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْل لَفِي ضَلَال مُبِين } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَدْ كَانَ هَؤُلَاءِ الْأُمِّيُّونَ مِنْ قَبْل أَنْ يَبْعَث اللَّه فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ فِي جَوْر عَنْ قَصْد السَّبِيل , وَأَخْذ عَلَى غَيْر هُدًى { مُبِين } يَقُول : يُبَيِّن لِمَنْ تَأَمَّلَهُ أَنَّهُ ضَلَال وَجَوْر عَنْ الْحَقّ وَطَرِيق الرُّشْد .

ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَهُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ , وَفِي آخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ ; فَآخَرُونَ فِي مَوْضِع خَفْض عَطْفًا عَلَى الْأُمِّيِّينَ . وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الَّذِينَ عُنُوا بِقَوْلِهِ : { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ } , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِذَلِكَ الْعَجَم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26411 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثني اِبْن عُلَيَّة , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ } قَالَ : هُمْ الْأَعَاجِم. )* حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن طَلْحَة الْيَرْبُوعِيّ , قَالَ : ثنا فُضَيْل بْن طَلْحَة , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ } قَالَ : هُمْ الْأَعَاجِم . )* حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد ( { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ } قَالَ : الْأَعَاجِم . )* حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَاصِم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد ( { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ } قَالَ : الْأَعَاجِم . )* حَدَّثَنِي يُونُس قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : سَمِعْت سُفْيَان الثَّوْرِيّ لَا أَعْلَمهُ إِلَّا عَنْ مُجَاهِد : ( { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ } قَالَ : الْعَجَم . )26412 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن مَعِين , قَالَ : ثنا هِشَام بْن يُوسُف , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْعَاص , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدّه , (عَنْ اِبْن عُمَر , أَنَّهُ قَالَ : لَهُ : أَمَا إِنَّ سُورَة الْجُمُعَة أُنْزِلَتْ فِينَا وَفِيكُمْ فِي قَتْلكُمْ الْكَذَّاب , ثُمَّ قَرَأَ : { يُسَبِّح لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الْأَرْض } حَتَّى بَلَغَ { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ } قَالَ : فَأَنْتُمْ هُمْ . )* حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد ( { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ } قَالَ : الْأَعَاجِم . )26413 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن مَعْمَر , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثنا عَبْد الْعَزِيز ; وَحَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب قَالَ : أَخْبَرَنِي سُلَيْمَان بْن بِلَال , جَمِيعًا عَنْ ثَوْر بْن زَيْد , عَنْ أَبِي الْغَيْث , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : (كُنَّا جُلُوسًا عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ سُورَة الْجُمُعَة , فَلَمَّا قَرَأَ : { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ } قَالَ رَجُل : مِنْ هَؤُلَاءِ يَا رَسُول اللَّه ؟ قَالَ : فَلَمْ يُرَاجِعهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى سَأَلَهُ مَرَّة أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا , قَالَ : وَفِينَا سَلْمَان الْفَارِسِيّ , فَوَضَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَده عَلَى سَلْمَان فَقَالَ : | لَوْ كَانَ الْإِيمَان عِنْد الثُّرَيَّا لَنَالَهُ رِجَال مِنْ هَؤُلَاءِ . )* حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا عَمِّي , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان بْن بِلَال الْمَدَنِيّ , عَنْ ثَوْر بْن زَيْد , عَنْ سَالِم أَبِي الْغَيْث , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : وَكُنَّا جُلُوسًا عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَذَكَرَ نَحْوه . وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّمَا عُنِيَ بِذَلِكَ جَمِيع مَنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَام مِنْ بَعْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَائِنًا مَنْ كَانَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26414 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : ( { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ } قَالَ : مَنْ رَدِفَ الْإِسْلَام مِنْ النَّاس كُلّهمْ. )26415 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : ( { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ } قَالَ : هَؤُلَاءِ كُلّ مَنْ كَانَ بَعْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة , كُلّ مَنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَام مِنْ الْعَرَب وَالْعَجَم . )وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ عِنْدِي قَوْل مَنْ قَالَ : عُنِيَ بِذَلِكَ كُلّ لَاحِق لَحِقَ بِاَلَّذِينَ كَانُوا صَحِبُوا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِسْلَامهمْ مِنْ أَيّ الْأَجْنَاس ; لِأَنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَمَّ بِقَوْلِهِ : { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ } كُلّ لَاحِق بِهِمْ مِنْ آخَرِينَ , وَلَمْ يُخَصِّص مِنْهُمْ نَوْعًا دُون نَوْع , فَكُلّ لَاحِق بِهِمْ فَهُوَ مِنْ الْآخَرِينَ الَّذِي لَمْ يَكُونُوا فِي عِدَاد الْأَوَّلِينَ الَّذِينَ كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَات اللَّه وَقَوْله : { لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ } يَقُول : لَمْ يَجِيئُوا بَعْد وَسَيَجِيئُونَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26416 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ } يَقُول : لَمْ يَأْتُوا بَعْد .)|وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ|وَقَوْله : { وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم } يَقُول : وَاَللَّه الْعَزِيز فِي اِنْتِقَامه مِمَّنْ كَفَرَ بِهِ مِنْهُمْ , الْحَكِيم فِي تَدْبِيره خَلْقه .

وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا

وَقَوْله : { ذَلِكَ فَضْل اللَّه يُؤْتِيه مَنْ يَشَاء } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَذَا الَّذِي فَعَلَ تَعَالَى ذِكْره مِنْ بَعْثَته فِي الْأُمِّيِّينَ مِنْ الْعَرَب , وَفِي آخَرِينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاته , وَيَفْعَل سَائِر مَا وَصَفَ , فَضْل اللَّه , تَفَضَّلَ بِهِ عَلَى هَؤُلَاءِ دُون غَيْرهمْ { يُؤْتِيه مَنْ يَشَاء } يَقُول : يُؤْتِي فَضْله ذَلِكَ مَنْ يَشَاء مِنْ خَلْقه , لَا يَسْتَحِقّ الذَّمّ مِمَّنْ حَرَمَهُ اللَّه إِيَّاهُ , لِأَنَّهُ لَمْ يَمْنَعهُ حَقًّا كَانَ لَهُ قَبْله وَلَا ظَلَمَهُ فِي صَرْفه عَنْهُ إِلَى غَيْره , وَلَكِنَّهُ عَلِمَ مَنْ هُوَ لَهُ أَهْل , فَأَوْدَعَهُ إِيَّاهُ , وَجَعَلَهُ عِنْده . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26417 - حَدَّثَنَا اِبْن سِنَان الْقَزَّاز , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ شُبَيْب , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي : ( { ذَلِكَ فَضْل اللَّه يُؤْتِيه مَنْ يَشَاء } قَالَ : الْفَضْل : الدِّين { وَاَللَّه ذُو الْفَضْل الْعَظِيم } يَقُول : اللَّه ذُو الْفَضْل عَلَى عِبَاده , الْمُحْسِن مِنْهُمْ وَالْمُسِيء , وَاَلَّذِينَ بُعِثَ فِيهِمْ الرَّسُول مِنْهُمْ وَغَيْرهمْ , الْعَظِيم الَّذِي يَقِلّ فَضْل كُلّ ذِي فَضْل عِنْده .)

وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مَثَل الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاة ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَار يَحْمِل أَسْفَارًا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَثَل الَّذِينَ أُوتُوا التَّوْرَاة مِنْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى , فَحُمِّلُوا الْعَمَل بِهَا { ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا } يَقُول : ثُمَّ لَمْ يَعْمَلُوا بِمَا فِيهَا , وَكَذَّبُوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَدْ أُمِرُوا بِالْإِيمَانِ بِهِ فِيهَا وَاتِّبَاعه وَالتَّصْدِيق بِهِ { كَمَثَلِ الْحِمَار يَحْمِل أَسْفَارًا } يَقُول : كَمَثَلِ الْحِمَار يَحْمِل عَلَى ظَهْره كُتُبًا مِنْ كُتُب الْعِلْم , لَا يَنْتَفِع بِهَا , وَلَا يَعْقِل مَا فِيهَا , فَكَذَلِكَ الَّذِينَ أُوتُوا التَّوْرَاة الَّتِي فِيهَا بَيَان أَمْر مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلهمْ إِذَا لَمْ يَنْتَفِعُوا بِمَا فِيهَا , كَمَثَلِ الْحِمَار الَّذِي يَحْمِل أَسْفَارًا فِيهَا عِلْم , فَهُوَ لَا يَعْقِلهَا وَلَا يَنْتَفِع بِهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26418 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , فِي قَوْله : ( { يَحْمِل أَسْفَارًا } قَالَ : يَحْمِل كُتُبًا لَا يَدْرِي مَا فِيهَا , وَلَا يَعْقِلهَا . )26419 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { مَثَل الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاة ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَار يَحْمِل أَسْفَارًا } قَالَ : يَحْمِل كِتَابًا لَا يَدْرِي مَاذَا عَلَيْهِ , وَلَا مَاذَا فِيهِ . )* حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله ( { كَمَثَلِ الْحِمَار يَحْمِل أَسْفَارًا } قَالَ : كَمَثَلِ الْحِمَار الَّذِي يَحْمِل كُتُبًا , لَا يَدْرِي مَا عَلَى ظَهْره . )26420 - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { كَمَثَلِ الْحِمَار يَحْمِل أَسْفَارًا } كُتُبًا , وَالْكِتَاب بِالنِّبْطِيَّةِ يُسَمَّى سِفْرًا ; ضَرَبَ اللَّه هَذَا مَثَلًا لِلَّذِينَ أُعْطُوا التَّوْرَاة ثُمَّ كَفَرُوا . )26421 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { مَثَل الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاة ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَار يَحْمِل أَسْفَارًا } وَالْأَسْفَار : الْكُتُب , فَجَعَلَ اللَّه مَثَل الَّذِي يَقْرَأ الْكِتَاب وَلَا يَتَّبِع مَا فِيهِ , كَمَثَلِ الْحِمَار يَحْمِل كِتَاب اللَّه الثَّقِيل , لَا يَدْرِي مَا فِيهِ , ثُمَّ قَالَ : { بِئْسَ مَثَل الْقَوْم الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّه } . .. الْآيَة . )26422 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْل اللَّه : ( { كَمَثَلِ الْحِمَار يَحْمِل أَسْفَارًا } قَالَ : الْأَسْفَار : التَّوْرَاة الَّتِي يَحْمِلهَا الْحِمَار عَلَى ظَهْره , كَمَا تُحْمَل الْمَصَاحِف عَلَى الدَّوَابّ , كَمَثَلِ الرَّجُل يُسَافِر فَيَحْمِل مُصْحَفه , قَالَ : فَلَا يَنْتَفِع الْحِمَار بِهَا حِين يَحْمِلهَا عَلَى ظَهْره , كَذَلِكَ لَمْ يَنْتَفِع هَؤُلَاءِ بِهَا حِين لَمْ يَعْمَلُوا بِهَا وَقَدْ أُوتُوهَا , كَمَا لَمْ يَنْتَفِع بِهَا هَذَا وَهِيَ عَلَى ظَهْره . )26423 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله ( { كَمَثَلِ الْحِمَار يَحْمِل أَسْفَارًا } يَقُول : كُتُبًا . وَالْأَسْفَار : جَمْع سِفْر , وَهِيَ الْكِتَاب الْعِظَام .)|بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ|وَقَوْله : { بِئْسَ مَثَل الْقَوْم الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّه } يَقُول : بِئْسَ هَذَا الْمَثَل , مَثَل الْقَوْم الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّه , يَعْنِي بِأَدِلَّتِهِ وَحُجَجه|وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ| { وَاَللَّه لَا يَهْدِي الْقَوْم الظَّالِمِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاَللَّه لَا يُوَفِّق الْقَوْم الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ , فَكَفَرُوا بِآيَاتِ رَبّهمْ .

قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ يَا أَيّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِنْ دُون النَّاس فَتَمَنَّوْا الْمَوْت إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ يَا مُحَمَّد لِلْيَهُودِ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِنْ دُون النَّاس } سِوَاكُمْ { فَتَمَنَّوْا الْمَوْت إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } فِي قِيلكُمْ , إِنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِنْ دُون النَّاس , فَإِنَّ اللَّه لَا يُعَذِّب أَوْلِيَاءَهُ , بَلْ يُكْرِمهُمْ وَيُنَعِّمهُمْ , وَإِنْ كُنْتُمْ مُحِقِّينَ فِيمَا تَقُولُونَ فَتَمَنَّوْا الْمَوْت لِتَسْتَرِيحُوا مِنْ كُرَب الدُّنْيَا وَهُمُومهَا وَغُمُومهَا , وَتَصِيرُوا إِلَى رَوْح الْجِنَان وَنَعِيمهَا بِالْمَوْتِ . 26424 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { قُلْ يَا أَيّهَا الَّذِينَ هَادُوا } قُلْ يَا أَيّهَا الَّذِينَ تَابُوا : لِلْيَهُودِ , قَالَ مُوسَى : { إِنَّا هُدْنَا إِلَيْك } [7 156 ]: إِنَّا تُبْنَا إِلَيْك .)

وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهمْ وَاَللَّه عَلِيم بِالظَّالِمِينَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا } يَقُول : وَلَا يَتَمَنَّى الْيَهُود الْمَوْت أَبَدًا { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهمْ } يَعْنِي : بِمَا اِكْتَسَبُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا مِنْ الْآثَام , وَاجْتَرَحُوا مِنْ السَّيِّئَات { وَاَللَّه عَلِيم بِالظَّالِمِينَ } يَقُول : وَاَللَّه ذُو عِلْم بِمَنْ ظَلَمَ مِنْ خَلْقه نَفْسه , فَأَوْبَقَهَا بِكُفْرِهِ بِاَللَّهِ .

أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآَيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ إِنَّ الْمَوْت الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِم الْغَيْب وَالشَّهَادَة } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قُلْ } يَا مُحَمَّد لِلْيَهُودِ { إِنَّ الْمَوْت الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ } فَتَكْرَهُونَهُ , وَتَأْبَوْنَ أَنْ تَتَمَنَّوْهُ { فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ } وَنَازِل بِكُمْ { ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِم الْغَيْب وَالشَّهَادَة } ثُمَّ يَرُدّكُمْ رَبّكُمْ مِنْ بَعْد مَمَاتكُمْ إِلَى عَالِم الْغَيْب وَالشَّهَادَة , عَالِم غَيْب السَّمَوَات وَالْأَرْض ; وَالشَّهَادَة : يَعْنِي وَمَا شُهِدَ فَظَهَرَ لِرَأْيِ الْعَيْن , وَلَمْ يَغِبْ عَنْ أَبْصَار النَّاظِرِينَ . 26425 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , قَالَ : تَلَا قَتَادَة : ( { ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِم الْغَيْب وَالشَّهَادَة } فَقَالَ : إِنَّ اللَّه أَذَلَّ اِبْن آدَم بِالْمَوْتِ - لَا أَعْلَمهُ إِلَّا رَفَعَهُ .)|فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ| { فَيُنَبِّئكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } يَقُول : فَيُخْبِركُمْ حِينَئِذٍ مَا كُنْتُمْ فِي الدُّنْيَا تَعْمَلُونَ مِنْ الْأَعْمَال , سَيِّئهَا وَحَسَنهَا , لِأَنَّهُ مُحِيط بِجَمِيعِهَا , ثُمَّ يُجَازِيكُمْ عَلَى ذَلِكَ الْمُحْسِن بِإِحْسَانِهِ , وَالْمُسِيء بِمَا هُوَ أَهْله .

أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْم الْجُمُعَة فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْر اللَّه وَذَرُوا الْبَيْع ذَلِكُمْ خَيْر لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ مِنْ عِبَاده : يَا أَيّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّه وَرَسُوله { إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْم الْجُمُعَة } وَذَلِكَ هُوَ النِّدَاء , يُنَادِي بِالدُّعَاءِ إِلَى صَلَاة الْجُمُعَة عِنْد قُعُود الْإِمَام عَلَى الْمِنْبَر لِلْخُطْبَةِ ; وَمَعْنَى الْكَلَام : إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْم الْجُمُعَة { فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْر اللَّه } يَقُول : فَامْضُوا إِلَى ذِكْر اللَّه , وَاعْمَلُوا لَهُ ; وَأَصْل السَّعْي فِي هَذَا الْمَوْضِع الْعَمَل , وَقَدْ ذَكَرْنَا الشَّوَاهِد عَلَى ذَلِكَ فِيمَا مَضَى قَبْل . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26426 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن عَرَفَة , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش , عَنْ شُرَحْبِيل بْن مُسْلِم الْخَوْلَانِيّ , فِي قَوْل اللَّه : ( { فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْر اللَّه } قَالَ : فَاسْعَوْا فِي الْعَمَل , وَلَيْسَ السَّعْي فِي الْمَشْي . )26427 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْم الْجُمُعَة فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْر اللَّه } وَالسَّعْي يَا اِبْن آدَم أَنْ تَسْعَى بِقَلْبِك وَعَمَلك , وَهُوَ الْمُضِيّ إِلَيْهَا . )26428 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ شُعْبَة , قَالَ : أَخْبَرَنِي مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم (أَنَّهُ قِيلَ لِعُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : إِنَّ أُبَيًّا يَقْرَؤُهَا : { فَاسْعَوْا } قَالَ : أَمَا إِنَّهُ أَقْرَؤُنَا وَأَعْلَمنَا بِالْمَنْسُوخِ وَإِنَّمَا هِيَ | فَامْضُوا . )26429 - حَدَّثَنَا عُبَيْد الْحَمِيد بْن بَيَان السُّكَّرِيّ , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَان , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ سَالِم , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : (مَا سَمِعْت عُمَر يَقْرَؤُهَا قَطُّ إِلَّا فَامْضُوا . )* حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن يَمَان , قَالَ : ثنا حَنْظَلَة , عَنْ سَالِم بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : (كَانَ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يَقْرَؤُهَا : | فَامْضُوا إِلَى ذِكْر اللَّه . )* حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ حَنْظَلَة , عَنْ سَالِم بْن عَبْد اللَّه (أَنَّ عُمَر بْن الْخَطَّاب قَرَأَهَا : فَامْضُوا. )* حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : ثنا حَنْظَلَة بْن أَبِي سُفْيَان الْجُمَحِيّ , أَنَّهُ سَمِعَ سَالِم بْن عَبْد اللَّه يُحَدِّث عَنْ أَبِيهِ , (أَنَّهُ سَمِعَ عُمَر بْن الْخَطَّاب يَقْرَأ : | إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْم الْجُمُعَة فَامْضُوا إِلَى ذِكْر اللَّه . )* قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُس , عَنْ اِبْن شِهَاب , قَالَ : أَخْبَرَنِي سَالِم بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر , أَنَّ عَبْد اللَّه قَالَ : (لَقَدْ تَوَفَّى اللَّه عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , وَمَا يَقْرَأ هَذِهِ الْآيَة الَّتِي ذَكَرَ اللَّه فِيهَا الْجُمُعَة : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْم الْجُمُعَة } إِلَّا | فَامْضُوا | إِلَى ذِكْر اللَّه . )26430 -حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : (كَانَ عَبْد اللَّه يَقْرَؤُهَا : | فَامْضُوا إِلَى ذِكْر اللَّه | وَيَقُول : لَوْ قَرَأْتهَا فَاسْعَوْا , لَسَعَيْت حَتَّى يَسْقُط رِدَائِي . )* حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا اِبْن عَدِيّ , عَنْ شُعْبَة , عَنْ سُلَيْمَان , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه : (لَوْ كَانَ السَّعْي لَسَعَيْت حَتَّى يَسْقُط رِدَائِي , قَالَ : وَلَكِنَّهَا : | فَامْضُوا إِلَى ذِكْر اللَّه | قَالَ : هَكَذَا كَانَ يَقْرَؤُهَا . )26431 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن الْحُسَيْن الْأَزْدِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن يَمَان الْأَزْدِيّ , عَنْ أَبِي جَعْفَر الرَّازِيّ , عَنْ الرَّبِيع (عَنْ أَبِي الْعَالِيَة أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا : | فَامْضُوا إِلَى ذِكْر اللَّه . )* حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن يَمَان , قَالَ : ثنا أَبُو جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع , (عَنْ أَبِي الْعَالِيَة , أَنَّهُ قَرَأَهَا : | فَامْضُوا إِلَى ذِكْر اللَّه . )26432 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء , قَالَ : (هِيَ لِلْأَحْرَارِ . )26433 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور عَنْ رَجُل , عَنْ مَسْرُوق , قَالَ : (عِنْد الْوَقْت . )26434 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ رَجُل , عَنْ مَسْرُوق ( { إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ } قَالَ : عِنْد الْوَقْت . )26435 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ جَابِر , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (هُوَ عِنْد الْعَزْمَة عِنْد الْخُطْبَة , عِنْد الذِّكْر. )* حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله ( { إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْم الْجُمُعَة } قَالَ : النِّدَاء عِنْد الذِّكْر عَزِيمَة. )* حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ جَابِر , عَنْ مُجَاهِد ( { إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْم الْجُمُعَة } قَالَ : الْعَزْمَة عِنْد الذِّكْر عِنْد الْخُطْبَة . )* قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان عَنْ الْمُغِيرَة وَالْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ اِبْن مَسْعُود , قَالَ : (لَوْ قَرَأْتهَا { فَاسْعَوْا } لَسَعَيْت حَتَّى يَسْقُط رِدَائِي , وَكَانَ يَقْرَؤُهَا : | فَامْضُوا إِلَى ذِكْر اللَّه |. )* قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ الشَّعْبِيّ , (عَنْ اِبْن مَسْعُود قَالَ : قَرَأَهَا { فَامْضُوا } )26436 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِي حَيَّان , عَنْ عِكْرِمَة ( { فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْر اللَّه } قَالَ : السَّعْي : الْعَمَل . )26437 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : (وَسَأَلْته عَنْ قَوْل اللَّه : { إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْم الْجُمُعَة فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْر اللَّه } قَالَ : إِذَا سَمِعْتُمْ الدَّاعِيَ الْأَوَّل , فَأَجِيبُوا إِلَى ذَلِكَ وَأَسْرِعُوا وَلَا تُبْطِئُوا . قَالَ : وَلَمْ يَكُنْ فِي زَمَان النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذَان إِلَّا أَذَانَانِ : أَذَان حِين يَجْلِس عَلَى الْمِنْبَر , وَأَذَان حِين تُقَام الصَّلَاة ; قَالَ : وَهَذَا الْآخَر شَيْء أَحْدَثَهُ النَّاس بَعْد ; قَالَ : لَا يَحِلّ لَهُ الْبَيْع إِذَا سَمِعَ النِّدَاء الَّذِي يَكُون بَيْن يَدَيْ الْإِمَام إِذَا قَعَدَ عَلَى الْمِنْبَر وَقَرَأَ { فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْر اللَّه وَذَرُوا الْبَيْع } قَالَ : وَلَمْ يَأْمُرهُمْ يَذَرُونَ شَيْئًا غَيْره , حَرَّمَ الْبَيْع ثُمَّ أَذِنَ لَهُمْ فِيهِ إِذَا فَرَغُوا مِنْ الصَّلَاة , قَالَ : وَالسَّعْي أَنْ يُسْرِع إِلَيْهَا , أَنْ يُقْبِل إِلَيْهَا . )26438 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : (إِنَّ فِي حَرْف اِبْن مَسْعُود | إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْم الْجُمُعَة فَامْضُوا إِلَى ذِكْر اللَّه |. )26439 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله ( { فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْر اللَّه } السَّعْي : هُوَ الْعَمَل , قَالَ اللَّه : { إِنَّ سَعْيكُمْ لَشَتَّى } )وَقَوْله : { وَذَرُوا الْبَيْع } يَقُول : وَدَعُوا الْبَيْع وَالشِّرَاء إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ عِنْد الْخُطْبَة . وَكَانَ الضَّحَّاك يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 26440 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : إِذَا زَالَتْ الشَّمْس حَرُمَ الْبَيْع وَالشِّرَاء . * حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك ( { إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْم الْجُمُعَة } قَالَ : إِذَا زَالَتْ الشَّمْس حَرُمَ الْبَيْع وَالشِّرَاء. )26441 - حَدَّثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ إِسْمَاعِيل السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي مَالِك , قَالَ : (كَانَ قَوْم يَجْلِسُونَ فِي بَقِيع الزُّبَيْر , فَيَشْتَرُونَ وَيَبِيعُونَ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ يَوْم الْجُمُعَة , وَلَا يَقُومُونَ , فَنَزَلَتْ : { إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْم الْجُمُعَة } )وَأَمَّا الذِّكْر الَّذِي أَمَرَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِالسَّعْيِ إِلَيْهِ عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ , فَإِنَّهُ مَوْعِظَة الْإِمَام فِي خُطْبَته فِيمَا قِيلَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26442 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ جَابِر , عَنْ مُجَاهِد ( { إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْم الْجُمُعَة } قَالَ : الْعَزْمَة عِنْد الذِّكْر عِنْد الْخُطْبَة . )26443 -حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الْحَنَفِيّ , قَالَ : ثنا عَبْدَان , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَنْصُور رَجُل مِنْ أَهْل الْكُوفَة , عَنْ مُوسَى بْن أَبِي كَثِير , أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب يَقُول : ( { إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْم الْجُمُعَة فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْر اللَّه } قَالَ : فَهِيَ مَوْعِظَة الْإِمَام فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلَاة بَعْد . )وَقَوْله : { ذَلِكُمْ خَيْر لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } يَقُول : سَعْيكُمْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْم الْجُمُعَة إِلَى ذِكْر اللَّه , وَتَرْك الْبَيْع خَيْر لَكُمْ مِنْ الْبَيْع وَالشِّرَاء فِي ذَلِكَ الْوَقْت , إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ مَصَالِح أَنْفُسكُمْ وَمَضَارّهَا. وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { مِنْ يَوْم الْجُمُعَة } فَقَرَأَتْ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار : { الْجُمُعَة } بِضَمِّ الْمِيم وَالْجِيم , خَلَا الْأَعْمَش فَإِنَّهُ قَرَأَهَا بِتَخْفِيفِ الْمِيم . وَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ عِنْدنَا مَا عَلَيْهِ قُرَّاء الْأَمْصَار لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهِ .

كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلَاة فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْض وَابْتَغُوا مِنْ فَضْل اللَّه } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَإِذَا قُضِيَتْ صَلَاة الْجُمُعَة يَوْم الْجُمُعَة , فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْض إِنْ شِئْتُمْ , ذَلِكَ رُخْصَة مِنْ اللَّه لَكُمْ فِي ذَلِكَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26444 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ مُجَاهِد أَنَّهُ قَالَ : (هِيَ رُخْصَة , يَعْنِي قَوْله : { فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلَاة فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْض } )26445 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلَاة فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْض } قَالَ : هَذَا إِذْن مِنْ اللَّه , فَمَنْ شَاءَ خَرَجَ , وَمَنْ شَاءَ جَلَسَ . )26446 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : (أَذِنَ اللَّه لَهُمْ إِذَا فَرَغُوا مِنْ الصَّلَاة , { فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلَاة فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْض وَابْتَغُوا مِنْ فَضْل اللَّه } فَقَدْ أَحْلَلْته لَكُمْ. )وَقَوْله : { وَابْتَغُوا مِنْ فَضْل اللَّه } ذُكِرَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَأْوِيل ذَلِكَ مَا : 26447 - حَدَّثَنِي الْعَبَّاس بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا عَلِيّ بْن الْمُعَافَى بْن يَعْقُوب الْمَوْصِلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِر الصَّائِغ مِنْ الْمَوْصِل , عَنْ أَبِي خَلَف , عَنْ أَنَس , قَالَ : (قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْله { فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلَاة فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْض وَابْتَغُوا مِنْ فَضْل اللَّه } قَالَ : | لَيْسَ لِطَلَبِ دُنْيَا , وَلَكِنْ عِيَادَة مَرِيض , وَحُضُور جِنَازَة , وَزِيَارَة أَخ فِي اللَّه . )وَقَدْ يَحْتَمِل قَوْله : { وَابْتَغُوا مِنْ فَضْل اللَّه } أَنْ يَكُون مَعْنِيًّا بِهِ : وَالْتَمِسُوا مِنْ فَضْل اللَّه الَّذِي بِيَدِهِ مَفَاتِيح خَزَائِنه لِدُنْيَاكُمْ وَآخِرَتكُمْ .|وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ|وَقَوْله : { وَاذْكُرُوا اللَّه كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } يَقُول : وَاذْكُرُوا اللَّه بِالْحَمْدِ لَهُ , وَالشُّكْر عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْكُمْ مِنْ التَّوْفِيق لِأَدَاءِ فَرَائِضه , لِتُفْلِحُوا , فَتُدْرِكُوا طَلَبَاتكُمْ عِنْد رَبّكُمْ , وَتَصِلُوا إِلَى الْخُلْد فِي جَنَّاته.

وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَة أَوْ لَهْوًا اِنْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوك قَائِمًا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِذَا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ عِير تِجَارَة أَوْ لَهْوًا { اِنْفَضُّوا إِلَيْهَا } يَعْنِي أَسْرَعُوا إِلَى التِّجَارَة { وَتَرَكُوك قَائِمًا } يَقُول لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَتَرَكُوك يَا مُحَمَّد قَائِمًا عَلَى الْمِنْبَر ; وَذَلِكَ أَنَّ التِّجَارَة الَّتِي رَأَوْهَا فَانْفَضَّ الْقَوْم إِلَيْهَا , وَتَرَكُوا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا كَانَتْ زَيْتًا قَدِمَ بِهِ دِحْيَة بْن خَلِيفَة مِنْ الشَّام . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26448 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ إِسْمَاعِيل السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي مَالِك , قَالَ : (قَدِمَ دِحْيَة بْن خَلِيفَة بِتِجَارَةِ زَيْت مِنْ الشَّام , وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُب يَوْم الْجُمُعَة , فَلَمَّا رَأَوْهُ قَامُوا إِلَيْهِ بِالْبَقِيعِ خَشَوْا أَنْ يُسْبَقُوا إِلَيْهِ , قَالَ : فَنَزَلَتْ { وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَة أَوْ لَهْوًا اِنْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوك قَائِمًا } )26449 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن يَمَان , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ قُرَّة ( { إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْم الْجُمُعَة } قَالَ : جَاءَ دِحْيَة الْكَلْبِيّ بِتِجَارَةٍ وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِم فِي الصَّلَاة يَوْم الْجُمُعَة , فَتَرَكُوا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَرَجُوا إِلَيْهِ , فَنَزَلَتْ { وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَة أَوْ لَهْوًا اِنْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوك قَائِمًا } حَتَّى خَتَمَ السُّورَة. )26450 - حَدَّثَنِي أَبُو حُصَيْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن يُونُس , قَالَ : ثنا عَبْثَر , قَالَ : ثنا حُصَيْن , عَنْ سَالِم بْن أَبِي الْجَعْد , عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : (كُنَّا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجُمُعَة , فَمَرَّتْ عِير تَحْمِل الطَّعَام , قَالَ : فَخَرَجَ النَّاس إِلَّا اِثْنَيْ عَشَر رَجُلًا , فَنَزَلَتْ آيَة الْجُمُعَة . )26451 -حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , قَالَ : قَالَ الْحَسَن : (إِنَّ أَهْل الْمَدِينَة أَصَابَهُمْ جُوع وَغَلَاء سِعْر , فَقَدِمَتْ عِير وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُب يَوْم الْجُمُعَة , فَسَمِعُوا بِهَا , فَخَرَجُوا وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِم , كَمَا قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ . )26452 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله ( { وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَة أَوْ لَهْوًا اِنْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوك قَائِمًا } قَالَ : جَاءَتْ تِجَارَة فَانْصَرَفُوا إِلَيْهَا , وَتَرَكُوا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا وَإِذَا رَأَوْا لَهْوًا وَلَعِبًا { قُلْ مَا عِنْد اللَّه خَيْر مِنْ اللَّهْو وَمِنْ التِّجَارَة وَاَللَّه خَيْر الرَّازِقِينَ } )26453 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَة أَوْ لَهْوًا اِنْفَضُّوا إِلَيْهَا } قَالَ : رِجَال كَانُوا يَقُومُونَ إِلَى نَوَاضِحهمْ وَإِلَى السَّفَر يَبْتَغُونَ التِّجَارَة . )26454 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : (بَيْنَمَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُب النَّاس يَوْم الْجُمُعَة , فَجَعَلُوا يَتَسَلَّلُونَ وَيَقُومُونَ حَتَّى بَقِيَتْ مِنْهُمْ عِصَابَة , فَقَالَ : كَمْ أَنْتُمْ ؟ فَعَدُّوا أَنْفُسهمْ فَإِذَا اِثْنَا عَشَر رَجُلًا وَامْرَأَة ; ثُمَّ قَامَ فِي الْجُمُعَة الثَّانِيَة فَجَعَلَ يَخْطُبهُمْ ; قَالَ سُفْيَان : وَلَا أَعْلَم إِلَّا أَنَّ فِي حَدِيثه وَيَعِظهُمْ وَيُذَكِّرهُمْ , فَجَعَلُوا يَتَسَلَّلُونَ وَيَقُومُونَ حَتَّى بَقِيَتْ مِنْهُمْ عِصَابَة , فَقَالَ : كَمْ أَنْتُمْ , فَعَدُّوا أَنْفُسهمْ , فَإِذَا اِثْنَا عَشَر رَجُلًا وَامْرَأَة ; ثُمَّ قَامَ فِي الْجُمُعَة الثَّالِثَة فَجَعَلُوا يَتَسَلَّلُونَ وَيَقُومُونَ حَتَّى بَقِيَتْ مِنْهُمْ عِصَابَة , فَقَالَ كَمْ أَنْتُمْ ؟ فَعَدُّوا أَنْفُسهمْ , فَإِذَا اِثْنَا عَشَر رَجُلًا وَامْرَأَة , فَقَالَ : | وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ اِتَّبَعَ آخِركُمْ أَوَّلكُمْ لَالْتَهَبَ عَلَيْكُمْ الْوَادِي نَارًا | وَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَة أَوْ لَهْوًا اِنْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوك قَائِمًا } . )* حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله ( { اِنْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوك قَائِمًا } قَالَ : لَوْ اِتَّبَعَ آخِرهمْ أَوَّلهمْ لَالْتَهَبَ عَلَيْهِمْ الْوَادِي نَارًا. )* - قَالَ : ثنا اِبْن ثَوْر , قَالَ مَعْمَر , قَالَ قَتَادَة : (لَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمئِذٍ إِلَّا اِثْنَا عَشَر رَجُلًا وَامْرَأَة مَعَهُمْ. )* حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُمَارَة الرَّازِيّ , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن الصَّبَّاح , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ سَالِم وَأَبِي سُفْيَان , عَنْ جَابِر , فِي قَوْله ( { وَتَرَكُوك قَائِمًا } قَالَ : قَدِمَتْ عِير فَانْفَضُّوا إِلَيْهَا , وَلَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا اِثْنَا عَشَر رَجُلًا . )* حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَبْد الْحَمِيد الْآمِلِيّ , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ حُصَيْن , عَنْ سَالِم , عَنْ جَابِر (أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْطُب قَائِمًا يَوْم الْجُمُعَة , فَجَاءَتْ عِير مِنْ الشَّام , فَانْفَتَلَ النَّاس إِلَيْهَا حَتَّى لَمْ يَبْقَ إِلَّا اِثْنَا عَشَر رَجُلًا , قَالَ : فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي الْجُمُعَة { وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَة أَوْ لَهْوًا اِنْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوك قَائِمًا } )وَأَمَّا اللَّهْو , فَإِنَّهُ اُخْتُلِفَ مِنْ أَيّ أَجْنَاس اللَّهْو كَانَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : كَانَ كَبَرًا وَمَزَامِير. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26455 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَهْل بْن عَسْكَر , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن صَالِح , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان بْن بِلَال , عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّد , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : (كَانَ الْجَوَارِي إِذَا نُكِحُوا كَانُوا يَمُرُّونَ بِالْكَبَرِ وَالْمَزَامِير وَيَتْرُكُونَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا عَلَى الْمِنْبَر , وَيَنْفَضُّونَ إِلَيْهَا , فَأَنْزَلَ اللَّه { وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَة أَوْ لَهْوًا اِنْفَضُّوا إِلَيْهَا } )وَقَالَ آخَرُونَ : كَانَ طَبْلًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26456 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد قَالَ : (اللَّهْو : الطَّبْل . )* حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْأَشْيَب , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , قَالَ : ذَكَرَ عَبْد اللَّه بْن أَبِي نَجِيح , عَنْ إِبْرَاهِيم بْن أَبِي بُكَيْر , عَنْ مُجَاهِد (أَنَّ اللَّهْو : هُوَ الطَّبْل . )وَاَلَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ الْخَبَر الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْ جَابِر , لِأَنَّهُ قَدْ أَدْرَكَ أَمْر الْقَوْم وَمَشَاهِدهمْ .|قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ|وَقَوْله : { قُلْ مَا عِنْد اللَّه خَيْر مِنْ اللَّهْو وَمِنْ التِّجَارَة } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّد الَّذِي عِنْد اللَّه مِنْ الثَّوَاب , لِمَنْ جَلَسَ مُسْتَمِعًا خُطْبَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَوْعِظَته يَوْم الْجُمُعَة إِلَى أَنْ يَفْرُغ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا , خَيْر لَهُ مِنْ اللَّهْو وَمِنْ التِّجَارَة الَّتِي يَنْفَضُّونَ إِلَيْهَا .|وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ|يَقُول : وَاَللَّه خَيْر رَازِق , فَإِلَيْهِ فَارْغَبُوا فِي طَلَب أَرْزَاقكُمْ , وَإِيَّاهُ فَأَسْأَلُوا أَنْ يُوَسِّع عَلَيْكُمْ مِنْ فَضْله دُون غَيْره . آخِر تَفْسِير سُورَة الْجُمُعَة

وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِذَا جَاءَك الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَد إِنَّك لَرَسُول اللَّه وَاَللَّه يَعْلَم إِنَّك لَرَسُوله وَاَللَّه يَشْهَد إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { إِذَا جَاءَك الْمُنَافِقُونَ } يَا مُحَمَّد { قَالُوا } بِأَلْسِنَتِهِمْ { نَشْهَد إِنَّك لَرَسُول اللَّه وَاَللَّه يَعْلَم إِنَّك لَرَسُوله } قَالَ الْمُنَافِقُونَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَقُولُوا { وَاَللَّه يَشْهَد إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ } يَقُول : وَاَللَّه يَشْهَد إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ فِي إِخْبَارهمْ عَنْ أَنْفُسهمْ أَنَّهَا تَشْهَد إِنَّك لَرَسُول اللَّه , وَذَلِكَ أَنَّهَا لَا تَعْتَقِد ذَلِكَ وَلَا تُؤْمِن بِهِ , فَهُمْ كَاذِبُونَ فِي خَبَرهمْ عَنْهَا بِذَلِكَ . وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة يَقُول فِي قَوْله : { وَاَللَّه يَشْهَد إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ } إِنَّمَا كَذَّبَ ضَمِيرهمْ لِأَنَّهُمْ أَضْمَرُوا النِّفَاق , فَكَمَا لَمْ يَقْبَل إِيمَانهمْ , وَقَدْ أَظْهَرُوهُ , فَكَذَلِكَ جَعَلَهُمْ كَاذِبِينَ , لِأَنَّهُمْ أَضْمَرُوا غَيْر مَا أَظْهَرُوا .

كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { اِتَّخَذُوا أَيْمَانهمْ جُنَّة } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : اِتَّخَذَ الْمُنَافِقُونَ أَيْمَانهمْ جُنَّة , وَهِيَ حَلِفهمْ , كَمَا : 26457 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { اِتَّخَذُوا أَيْمَانهمْ جُنَّة } : أَيْ حَلِفهمْ جُنَّة. )26458 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : ( { اِتَّخَذُوا أَيْمَانهمْ جُنَّة } قَالَ : يَجِيئُونَ بِهَا , قَالَ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا. )26459 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { اِتَّخَذُوا أَيْمَانهمْ جُنَّة } يَقُول : حَلِفهمْ بِاَللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ جُنَّة . )وَقَوْله : { جُنَّة } : سُتْرَة يَسْتَتِرُونَ بِهَا كَمَا يَسْتَتِر الْمُسْتَجِنّ بِجُنَّتِهِ فِي حَرْب وَقِتَال , فَيَمْنَعُونَ بِهَا أَنْفُسهمْ وَذَرَارِيّهمْ وَأَمْوَالهمْ , وَيَدْفَعُونَ بِهَا عَنْهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26460 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { جُنَّة } لِيَعْصِمُوا بِهَا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ.)|فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ|وَقَوْله . { فَصَدُّوا عَنْ سَبِيل اللَّه } يَقُول : فَأَعْرَضُوا عَنْ دِين اللَّه الَّذِي بَعَثَ بِهِ نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَرِيعَته الَّتِي شَرَعَهَا لِخَلْقِهِ|إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ| { إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } يَقُول : إِنَّ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ اِتَّخَذُوا أَيْمَانهمْ جُنَّة سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فِي اِتِّخَاذهمْ أَيْمَانهمْ جُنَّة , لِكَذِبِهِمْ وَنِفَاقهمْ , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أُمُورهمْ .

أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبهمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ اِتَّخَذُوا أَيْمَانهمْ جُنَّة مِنْ أَجْل أَنَّهُمْ صَدَّقُوا اللَّه وَرَسُوله , ثُمَّ كَفَرُوا بِشَكِّهِمْ فِي ذَلِكَ وَتَكْذِيبهمْ بِهِ . وَقَوْله : { فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبهمْ } يَقُول : فَجَعَلَ اللَّه عَلَى قُلُوبهمْ خَتْمًا بِالْكُفْرِ عَنْ الْإِيمَان ; وَقَدْ بَيَّنَّا فِي مَوْضِع غَيْر هَذَا صِفَة الطَّبْع عَلَى الْقَلْب بِشَوَاهِدِهَا , وَأَقْوَال أَهْل الْعِلْم , فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع . وَقَوْله : { فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ صَوَابًا مِنْ خَطَأ , وَحَقًّا مِنْ بَاطِل لَطَبَعَ اللَّه عَلَى قُلُوبهمْ . وَكَانَ قَتَادَة يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 26461 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبهمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ } أَقَرُّوا بِلَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقُلُوبهمْ مُنْكِرَة تَأْبَى ذَلِكَ.)

فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا رَأَيْتهمْ تُعْجِبك أَجْسَامهمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَع لِقَوْلِهِمْ } </subtitle>يَقُول جَلَّ ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَإِذَا رَأَيْت هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ يَا مُحَمَّد تُعْجِبك أَجْسَامهمْ لِاسْتِوَاءِ خَلْقهَا وَحُسْن صُوَرهَا { وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَع لِقَوْلِهِمْ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَإِنْ يَتَكَلَّمُوا تَسْمَع كَلَامهمْ يُشْبِه مَنْطِقهمْ مَنْطِق النَّاس|كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ|يَقُول كَأَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ خُشُب مُسَنَّدَة لَا خَيْر عِنْدهمْ وَلَا فِقْه لَهُمْ وَلَا عِلْم , وَإِنَّمَا هُمْ صُوَر بِلَا أَحْلَام , وَأَشْبَاح بِلَا عُقُول . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { كَأَنَّهُمْ خُشُب مُسَنَّدَة } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْكُوفَة خَلَا الْأَعْمَش وَالْكِسَائِيّ : { خُشُب } بِضَمِّ الْخَاء وَالشِّين , كَأَنَّهُمْ وَجَّهُوا ذَلِكَ إِلَى جَمْع الْجَمْع , جَمَعُوا الْخَشَبَة خِشَابًا ثُمَّ جَمَعُوا الْخِشَاب خُشُبًا , كَمَا جُمِعَتْ الثَّمَرَة ثِمَارًا , ثُمَّ ثُمُرًا . وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُون الْخُشُب بِضَمِّ الْخَاء وَالشِّين إِلَى أَنَّهَا جَمْع خَشَبَة , فَتُضَمّ الشِّين مِنْهَا مَرَّة وَتُسَكَّن أُخْرَى , كَمَا جَمَعُوا الْأَكَمَة أُكُمًا وَأُكْمًا بِضَمِّ الْأَلِف وَالْكَاف مَرَّة , وَتَسْكِين الْكَاف مِنْهَا مَرَّة , وَكَمَا قِيلَ : الْبُدُن وَالْبُدْن , بِضَمِّ الدَّال وَتَسْكِينهَا لِجَمْعِ الْبَدَنَة , وَقَرَأَ ذَلِكَ الْأَعْمَش وَالْكِسَائِيّ : | خُشْب | بِضَمِّ الْخَاء وَسُكُون الشِّين . وَلِلصَّوَابِ مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ , وَلُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ , وَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب وَتَسْكِين الْأَوْسَط فِيمَا جَاءَ مِنْ جَمْع فُعُلَة عَلَى فُعْل فِي الْأَسْمَاء عَلَى أَلْسُن الْعَرَب أَكْثَرُ وَذَلِكَ كَجَمْعِهِمْ الْبَدَنَة بُدْنًا , وَالْأَجَمَة أُجْمًا .|يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ|وَقَوْله : { يَحْسَبُونَ كُلّ صَيْحَة عَلَيْهِمْ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : يَحْسَب هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ مِنْ خُبْثهمْ وَسُوء ظَنّهمْ , وَقِلَّة يَقِينهمْ كُلّ صَيْحَة عَلَيْهِمْ , لِأَنَّهُمْ عَلَى وَجَل أَنْ يُنَزِّل اللَّه فِيهِمْ أَمْرًا يَهْتِك بِهِ أَسْتَارهمْ وَيَفْضَحهُمْ , وَيُبِيح لِلْمُؤْمِنِينَ قَتْلهمْ وَسَبْي ذَرَارِيّهمْ , وَأَخْذ أَمْوَالهمْ , فَهُمْ مِنْ خَوْفهمْ مِنْ ذَلِكَ كُلَّمَا نَزَلَ بِهِمْ مِنْ اللَّه وَحْي عَلَى رَسُوله , ظَنُّوا أَنَّهُ نَزَلَ بِهَلَاكِهِمْ وَعَطَبهمْ . يَقُول اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هُمْ الْعَدُوّ يَا مُحَمَّد فَاحْذَرْهُمْ , فَإِنَّ أَلْسِنَتهمْ إِذَا لَقُوكُمْ مَعَكُمْ وَقُلُوبهمْ عَلَيْكُمْ مَعَ أَعْدَائِكُمْ , فَهُمْ عَيْن لِأَعْدَائِكُمْ عَلَيْكُمْ .|قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ|وَقَوْله : { قَاتَلَهُمْ اللَّه أَنَّى يُؤْفَكُونَ } يَقُول : أَخْزَاهُمْ اللَّه إِلَى أَيّ وَجْه يُصْرَفُونَ عَنْ الْحَقّ . 26462 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , وَسَمِعْته يَقُول فِي قَوْل اللَّه : ( { وَإِذَا رَأَيْتهمْ تُعْجِبك أَجْسَامهمْ } الْآيَة , قَالَ : هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ .)

يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِر لَكُمْ رَسُول اللَّه لَوَّوْا رُءُوسهمْ وَرَأَيْتهمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِذَا قِيلَ لِهَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ : تَعَالَوْا إِلَى رَسُول اللَّه يَسْتَغْفِر لَكُمْ لَوَّوْا رُءُوسهمْ , يَقُول : حَرَّكُوهَا وَهَزُّوهَا اِسْتِهْزَاء بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِاسْتِغْفَارِهِ ; وَبِتَشْدِيدِهَا الْوَاو مِنْ | لَوَّوْا | قَرَأَتْ الْقُرَّاء عَلَى وَجْه الْخَبَر عَنْهُمْ أَنَّهُمْ كَرَّرُوا هَزّ رُءُوسهمْ وَتَحْرِيكهَا , وَأَكْثَرُوا , إِلَّا نَافِعًا فَإِنَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ بِتَخْفِيفِ الْوَاو : | لَوَوْا | عَلَى وَجْه أَنَّهُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ مَرَّة وَاحِدَة . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ قِرَاءَة مَنْ شَدَّدَ الْوَاو لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهِ. وَقَوْله : { وَرَأَيْتهمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَرَأَيْتهمْ يُعْرِضُونَ عَمَّا دُعُوا إِلَيْهِ وُجُوههمْ { وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ } يَقُول : وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ عَنْ الْمَصِير إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَسْتَغْفِر لَهُمْ ; وَإِنَّمَا عُنِيَ بِهَذِهِ الْآيَات كُلّهَا فِيمَا ذُكِرَ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ اِبْن سَلُول , وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ : لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْد رَسُول اللَّه حَتَّى يَنْفَضُّوا , وَقَالَ : { لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَة لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ } فَسَمِعَ بِذَلِكَ زَيْد بْن أَرْقَم , فَأَخْبَرَ بِهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَدَعَاهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَسَأَلَهُ عَمَّا أُخْبِرَ بِهِ عَنْهُ , فَحَلَفَ أَنَّهُ مَا قَالَهُ , وَقِيلَ لَهُ : لَوْ أَتَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَسَأَلْته أَنْ يَسْتَغْفِر لَك , فَجَعَلَ يَلْوِي رَأْسه وَيُحَرِّكهُ اِسْتِهْزَاء , وَيَعْنِي ذَلِكَ أَنَّهُ غَيْر فَاعِل مَا أَشَارُوا بِهِ عَلَيْهِ , فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ هَذِهِ السُّورَة مِنْ أَوَّلهَا إِلَى آخِرهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل وَجَاءَتْ الْأَخْبَار . ذِكْر الرِّوَايَة الَّتِي جَاءَتْ بِذَلِكَ : 26463 -حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن آدَم , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ زَيْد بْن أَرْقَم , قَالَ : (خَرَجْت مَعَ عَمِّي فِي غَزَاة , فَسَمِعْت عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ اِبْن سَلُول يَقُول لِأَصْحَابِهِ : لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْد رَسُول اللَّه حَتَّى يَنْفَضُّوا , لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَة لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ; قَالَ : فَذَكَرْت ذَلِكَ لِعَمِّي , فَذَكَرَهُ عَمِّي لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَرْسَلَ إِلَيَّ , فَحَدَّثْته , فَأَرْسَلَ إِلَى عَبْد اللَّه عَلِيًّا رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَأَصْحَابه , فَحَلَفُوا مَا قَالُوا , قَالَ : فَكَذَّبَنِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَدَّقَهُ , فَأَصَابَنِي هَمّ لَمْ يُصِبْنِي مِثْله قَطُّ ; فَدَخَلْت الْبَيْت , فَقَالَ لِي عَمِّي : مَا أَرَدْت إِلَى أَنْ كَذَّبَك رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَقَتَك , قَالَ : حَتَّى أَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ { إِذَا جَاءَك الْمُنَافِقُونَ } قَالَ : فَبَعَثَ إِلَيَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَرَأَهَا , ثُمَّ قَالَ : | إِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قَدْ صَدَّقَك يَا زَيْد . )26464 -حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَالْقَاسِم بْن بِشْر بْن مَعْرُوف , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن بُكَيْر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , قَالَ الْحَكَم : أَخْبَرَنِي , قَالَ : سَمِعْت مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ قَالَ : سَمِعْت زَيْد بْن أَرْقَم قَالَ : (لَمَّا قَالَ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ اِبْن سَلُول مَا قَالَ : لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْد رَسُول اللَّه حَتَّى يَنْفَضُّوا , وَقَالَ : { لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَة } قَالَ : سَمِعْته فَأَتَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَذَكَرْت ذَلِكَ , فَلَامَنِي نَاس مِنْ الْأَنْصَار , قَالَ : وَجَاءَ هُوَ , فَحَلَفَ مَا قَالَ ذَلِكَ , فَرَجَعْت إِلَى الْمَنْزِل فَنِمْت قَالَ : فَأَتَانِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ بَلَّغَنِي , فَأَتَيْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : | إِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ صَدَّقَك وَعَذَرَك | قَالَ : فَنَزَلَتْ الْآيَة { هُمْ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْد رَسُول اللَّه } الْآيَة . )- حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا هَاشِم أَبُو النَّضْر , عَنْ شُعْبَة , عَنْ الْحَكَم , قَالَ : سَمِعْت مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , قَالَ : سَمِعْت زَيْد بْن أَرْقَم يُحَدِّث بِهَذَا الْحَدِيث . -حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ الْحَكَم , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , عَنْ زَيْد بْن أَرْقَم , قَالَ : (كُنَّا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَة , فَقَالَ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ بْن سَلُول : { لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَة لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ } قَالَ : فَأَتَيْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْته , فَحَلَفَ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ شَيْء مِنْ ذَلِكَ , قَالَ : فَلَامَنِي قَوْمِي وَقَالُوا : مَا أَرَدْت إِلَى هَذَا , قَالَ : فَانْطَلَقْت فَنِمْت كَئِيبًا أَوْ حَزِينًا , قَالَ : فَأَرْسَلَ إِلَيَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَوْ أَتَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : | إِنَّ اللَّه قَدْ أَنْزَلَ عُذْرك وَصَدَّقَك | , قَالَ : وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { هُمْ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْد رَسُول اللَّه حَتَّى يَنْفَضُّوا } حَتَّى بَلَغَ { لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَة لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ } )26465 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , قَالَ : أَخْبَرَنِي اِبْن عَوْن , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : (سَمِعَهَا زَيْد بْن أَرْقَم فَرَفَعَهَا إِلَى وَلِيّه , قَالَ : فَرَفَعَهَا وَلِيّه إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : فَقِيلَ لِزَيْدٍ : وَفَتْ أُذُنك . )26466 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مَنْصُور الرَّمَادِيّ , قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيم بْن الْحَكَم بْن أَبَان , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني بَشِير بْن مُسْلِم (أَنَّهُ قِيلَ لِعَبْدِ اللَّه بْن أُبَيّ اِبْن سَلُول : يَا أَبَا حُبَاب إِنَّهُ قَدْ أُنْزِلَ فِيك آي شِدَاد , فَاذْهَبْ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَغْفِر لَك , فَلَوَى رَأْسه وَقَالَ : أَمَرْتُمُونِي أَنْ أُومِنَ فَآمَنْت , وَأَمَرْتُمُونِي أَنْ أُعْطِيَ زَكَاة مَالِي فَأَعْطَيْت , فَمَا بَقِيَ إِلَّا أَنْ أَسْجُد لِمُحَمَّدٍ. )26467 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِر لَكُمْ رَسُول اللَّه لَوَّوْا } الْآيَة كُلّهَا قَرَأَهَا إِلَى { الْفَاسِقِينَ } أُنْزِلَتْ فِي عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ , وَذَلِكَ أَنَّ غُلَامًا مِنْ قَرَابَته اِنْطَلَقَ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثَهُ بِحَدِيثٍ عَنْهُ وَأَمْر شَدِيد , فَدَعَاهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَإِذَا هُوَ يَحْلِف وَيَتَبَرَّأ مِنْ ذَلِكَ , وَأَقْبَلَتْ الْأَنْصَار عَلَى ذَلِكَ الْغُلَام , فَلَامُوهُ وَعَذَلُوهُ وَقِيلَ لِعَبْدِ اللَّه : لَوْ أَتَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَجَعَلَ يَلْوِي رَأْسه : أَيْ لَسْت فَاعِلًا , وَكُذِّبَ عَلَيَّ , فَأَنْزَلَ اللَّه مَا تَسْمَعُونَ . )26468 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِر لَكُمْ رَسُول اللَّه لَوَّوْا رُءُوسهمْ } قَالَ : عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ , قِيلَ لَهُ : تَعَالَ لِيَسْتَغْفِر لَك رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَوَّى رَأْسه وَقَالَ : مَاذَا قُلْت ؟ . )- حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : قَالَ لَهُ قَوْمه : (لَوْ أَتَيْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَغْفَرَ لَك , فَجَعَلَ يَلْوِي رَأْسه , فَنَزَلَتْ فِيهِ { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِر لَكُمْ رَسُول اللَّه } )

وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْت لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِر لَهُمْ لَنْ يَغْفِر اللَّه لَهُمْ إِنَّ اللَّه لَا يَهْدِي الْقَوْم الْفَاسِقِينَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : سَوَاء يَا مُحَمَّد عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِر لَكُمْ رَسُول اللَّه { أَسْتَغْفَرْت لَهُمْ } ذُنُوبهمْ { أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِر لَهُمْ لَنْ يَغْفِر اللَّه لَهُمْ } ; يَقُول : لَنْ يَصْفَح اللَّه لَهُمْ عَنْ ذُنُوبهمْ , بَلْ يُعَاقِبهُمْ عَلَيْهَا { إِنَّ اللَّه لَا يَهْدِي الْقَوْم الْفَاسِقِينَ } يَقُول : إِنَّ اللَّه لَا يُوَفِّق لِلْإِيمَانِ الْقَوْم الْكَاذِبِينَ عَلَيْهِ , الْكَافِرِينَ بِهِ , الْخَارِجِينَ عَنْ طَاعَته . وَقَدْ : 26469 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : ( { سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْت لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِر لَهُمْ لَنْ يَغْفِر اللَّه لَهُمْ } قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة بَعْد الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة التَّوْبَة { إِنْ تَسْتَغْفِر لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّة فَلَنْ يَغْفِر اللَّه لَهُمْ } [9 8 ]فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | زِيَادَة عَلَى سَبْعِينَ مَرَّة | , فَأَنْزَلَ اللَّه : { سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْت لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِر لَهُمْ لَنْ يَغْفِر اللَّه لَهُمْ } )

لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { هُمْ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْد رَسُول اللَّه حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِن السَّمَوَات وَالْأَرْض وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره { هُمْ الَّذِينَ يَقُولُونَ } يَعْنِي الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ يَقُولُونَ لِأَصْحَابِهِمْ { لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْد رَسُول اللَّه } مِنْ أَصْحَابه الْمُهَاجِرِينَ { حَتَّى يَنْفَضُّوا } يَقُول : حَتَّى يَتَفَرَّقُوا عَنْهُ. وَقَوْله : { وَلِلَّهِ خَزَائِن السَّمَوَات وَالْأَرْض } يَقُول : وَلِلَّهِ جَمِيع مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض مِنْ شَيْء وَبِيَدِهِ مَفَاتِيح خَزَائِن ذَلِكَ , لَا يَقْدِر أَحَد أَنْ يُعْطِيَ أَحَدًا شَيْئًا إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ { وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ } أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَلِذَلِكَ يَقُولُونَ : لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَنْفَضُّوا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26470 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { هُمْ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْد رَسُول اللَّه حَتَّى يَنْفَضُّوا } قَالَ : لَا تُطْعِمُوا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه حَتَّى تُصِيبهُمْ مَجَاعَة , فَيَتْرُكُوا نَبِيّهمْ . )26471 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { هُمْ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْد رَسُول اللَّه حَتَّى يَنْفَضُّوا } قَرَأَهَا إِلَى آخِر الْآيَة , وَهَذَا قَوْل عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ لِأَصْحَابِهِ الْمُنَافِقِينَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مُحَمَّد وَأَصْحَابه حَتَّى يَدَعُوهُ , فَإِنَّكُمْ لَوْلَا أَنَّكُمْ تُنْفِقُونَ عَلَيْهِمْ لَتَرَكُوهُ وَأَجْلَوْا عَنْهُ . )- حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { هُمْ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْد رَسُول اللَّه حَتَّى يَنْفَضُّوا } إِنَّ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ اِبْن سَلُول قَالَ لِأَصْحَابِهِ , لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْد رَسُول اللَّه , فَإِنَّكُمْ لَوْ لَمْ تُنْفِقُوا عَلَيْهِمْ قَدْ اِنْفَضُّوا . )26472 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله ( { لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْد رَسُول اللَّه حَتَّى يَنْفَضُّوا } يَعْنِي الرِّفْد وَالْمَعُونَة , وَلَيْسَ يَعْنِي الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة ; وَاَلَّذِينَ قَالُوا هَذَا هُمْ الْمُنَافِقُونَ . )26473 - حَدَّثَنَا الرَّبِيع بْن سُلَيْمَان , قَالَ : ثنا أَسَد بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن أَبِي زَائِدَة , قَالَ : ثنا الْأَعْمَش عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى , عَنْ زَيْد بْن أَرْقَم , قَالَ : (لَمَّا قَالَ اِبْن أُبَيّ مَا قَالَ , أَخْبَرْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَجَاءَ فَحَلَفَ , فَجَعَلَ النَّاس يَقُولُونَ لِي ; تَأْتِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْكَذِبِ ؟ حَتَّى جَلَسْت فِي الْبَيْت مَخَافَة إِذَا رَأَوْنِي قَالُوا : هَذَا الَّذِي يَكْذِب , حَتَّى أَنْزَلَ : { هُمْ الَّذِينَ يَقُولُونَ } )

وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَة لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّة وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَقُول هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتهمْ قَبْل { لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَة لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزّ مِنْهَا الْأَذَلّ } فِيهَا , وَيَعْنِي بِالْأَعَزِّ : الْأَشَدّ وَالْأَقْوَى , قَالَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَلِلَّهِ الْعِزَّة } يَعْنِي : الشِّدَّة وَالْقُوَّة { وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } بِاَللَّهِ { وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ } ذَلِكَ . وَذُكِرَ أَنَّ سَبَب قِيل ذَلِكَ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ كَانَ مِنْ أَجْل أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ كَسَعَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَار. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26474 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن مَعْمَر , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثنا زَمْعَة , عَنْ عَمْرو , قَالَ : سَمِعْت جَابِر بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : (إِنَّ الْأَنْصَار كَانُوا أَكْثَر مِنْ الْمُهَاجِرِينَ , ثُمَّ إِنَّ الْمُهَاجِرِينَ كَثُرُوا فَخَرَجُوا فِي غَزْوَة لَهُمْ , فَكَسَعَ رَجُل مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَار , قَالَ : فَكَانَ بَيْنهمَا قِتَال إِلَى أَنْ صَرَخَ : يَا مَعْشَر الْأَنْصَار , وَصَرَخَ الْمُهَاجِر : يَا مَعْشَر الْمُهَاجِرِينَ ; قَالَ : فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : | مَا لَكُمْ وَلِدَعْوَةِ الْجَاهِلِيَّة | ؟ فَقَالُوا : كَسَعَ رَجُل مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَار , قَالَ : فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَة | , قَالَ : فَقَالَ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ اِبْن سَلُول : لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَة لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزّ مِنْهَا الْأَذَلّ , فَقَالَ عُمَر : يَا رَسُول اللَّه دَعْنِي فَأَقْتُلهُ , قَالَ : فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | لَا يَتَحَدَّث النَّاس أَنَّ رَسُول اللَّه يَقْتُل أَصْحَابه . )26475 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَة } إِلَى { وَلِلَّهِ الْعِزَّة وَلِرَسُولِهِ } قَالَ : قَالَ ذَلِكَ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ اِبْن سَلُول الْأَنْصَارِيّ رَأْس الْمُنَافِقِينَ , وَنَاس مَعَهُ مِنْ الْمُنَافِقِينَ . )26476 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن مَنْصُور الرَّمَادِيّ قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيم بْن الْحَكَم قَالَ : ثني أَبِي عَنْ عِكْرِمَة (أَنَّ عَبْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ ابْن سَلُول كَانَ يُقَال لَهُ حُبَاب , فَسَمَّاهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْد اللَّه , فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه إِنَّ وَالِدِي يُؤْذِي اللَّه وَرَسُوله , فَذَرْنِي حَتَّى أَقْتُلهُ , فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | لَا تَقْتُل أَبَاك عَبْد اللَّه | , ثُمَّ جَاءَ أَيْضًا فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه إِنَّ وَالِدِي يُؤْذِي اللَّه وَرَسُوله , فَذَرْنِي حَتَّى أَقْتُلهُ , فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا تَقْتُل أَبَاك | , فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه فَتَوَضَّأْ حَتَّى أَسْقِيَهُ مِنْ وَضُوئِك لَعَلَّ قَلْبه أَنْ يَلِينَ , فَتَوَضَّأَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَاهُ , فَذَهَبَ بِهِ إِلَى أَبِيهِ فَسَقَاهُ , ثُمَّ قَالَ لَهُ : هَلْ تَدْرِي مَا سَقَيْتُك ؟ فَقَالَ لَهُ وَالِده نَعَمْ , سَقَيْتنِي بَوْل أُمّك , فَقَالَ لَهُ اِبْنه : لَا وَاَللَّه , وَلَكِنْ سَقَيْتُك وَضُوء رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; قَالَ عِكْرِمَة : وَكَانَ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ عَظِيم الشَّأْن فِيهِمْ. وَفِيهِمْ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي الْمُنَافِقِينَ : { هُمْ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْد رَسُول اللَّه حَتَّى يَنْفَضُّوا } وَهُوَ الَّذِي قَالَ : { لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَة لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزّ مِنْهَا الْأَذَلّ } قَالَ : فَلَمَّا بَلَغُوا الْمَدِينَة , مَدِينَة الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ مَعَهُ , أَخَذَ اِبْنه السَّيْف , ثُمَّ قَالَ لِوَالِدِهِ : أَنْتَ تَزْعُم | لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَة لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزّ مِنْهَا الْأَذَلّ | , فَوَاَللَّهِ لَا تَدْخُلهَا حَتَّى يَأْذَن لَك رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. )- حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه (أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ كَسَعَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَار بِرِجْلِهِ وَذَلِكَ فِي أَهْل الْيَمَن شَدِيد فَنَادَى الْمُهَاجِرِينَ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ , وَنَادَى الْأَنْصَار يَا لَلْأَنْصَار قَالَ : وَالْمُهَاجِرُونَ يَوْمئِذٍ أَكْثَر مِنْ الْأَنْصَار , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَة | , فَقَالَ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ اِبْن سَلُول . { لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَة لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزّ مِنْهَا الْأَذَلّ } . )26477 - حَدَّثَنِي عِمْرَان بْن بَكَّار الْكُلَاعِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا عَلِيّ بْن سُلَيْمَان , قَالَ : ثنا أَبُو إِسْحَاق , أَنَّ زَيْد بْن أَرْقَم , أَخْبَرَهُ (أَنَّ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ اِبْن سَلُول قَالَ { لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْد رَسُول اللَّه حَتَّى يَنْفَضُّوا } وَقَالَ { لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَة لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزّ مِنْهَا الْأَذَلّ } قَالَ : فَحَدَّثَنِي زَيْد أَنَّهُ أَخْبَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ , قَالَ : فَجَاءَ فَحَلَفَ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَ ذَلِكَ ; قَالَ أَبُو إِسْحَاق : فَقَالَ لِي زَيْد , فَجَلَسْت فِي بَيْتِي , حَتَّى أَنْزَلَ اللَّه تَصْدِيق زَيْد , وَتَكْذِيب عَبْد اللَّه فِي { إِذَا جَاءَك الْمُنَافِقُونَ } )26478 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله ( { لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَة لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزّ مِنْهَا الْأَذَلّ } قَرَأَ الْآيَة كُلّهَا إِلَى { لَا يَعْلَمُونَ } قَالَ : قَدْ قَالَهَا مُنَافِق عَظِيم النِّفَاق فِي رَجُلَيْنِ اِقْتَتَلَا , أَحَدهمَا غِفَارِيّ , وَالْآخَر جُهَنِيّ , فَظَهَرَ الْغِفَارِيّ عَلَى الْجُهْنِيّ , وَكَانَ بَيْن جُهَيْنَة وَالْأَنْصَار حِلْف , فَقَالَ رَجُل مِنْ الْمُنَافِقِينَ وَهُوَ اِبْن أُبَيّ : يَا بَنِي الْأَوْس , يَا بَنِي الْخَزْرَج , عَلَيْكُمْ صَاحِبكُمْ وَحَلِيفكُمْ , ثُمَّ قَالَ : وَاَللَّه مَا مَثَلنَا وَمَثَل مُحَمَّد إِلَّا كَمَا قَالَ الْقَائِل : | سَمِّنْ كَلْبك يَأْكُلك | , وَاَللَّه لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَة لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزّ مِنْهَا الْأَذَلّ , فَسَعَى بِهَا بَعْضهمْ إِلَى نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ عُمَر : يَا نَبِيّ اللَّه مُرْ مُعَاذ بْن جَبَل أَنْ يَضْرِب عُنُق هَذَا الْمُنَافِق , فَقَالَ : | لَا يَتَحَدَّث النَّاس أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُل أَصْحَابه | . ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ كَانَ أُكْثِرَ عَلَى رَجُل مِنْ الْمُنَافِقِينَ عِنْده , فَقَالَ : هَلْ يُصَلِّي ؟ فَقَالَ : نَعَمْ وَلَا خَيْر فِي صَلَاته , فَقَالَ : نُهِيتُ عَنْ الْمُصَلِّينَ , نُهِيتُ عَنْ الْمُصَلِّينَ. )- حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : (اِقْتَتَلَ رَجُلَانِ , أَحَدهمَا مِنْ جُهَيْنَة , وَالْآخَر مِنْ غِفَار , وَكَانَتْ جُهَيْنَة حَلِيف الْأَنْصَار , فَظَهَرَ عَلَيْهِ الْغِفَارِيّ , فَقَالَ رَجُل مِنْهُمْ عَظِيم النِّفَاق : عَلَيْكُمْ صَاحِبكُمْ , عَلَيْكُمْ صَاحِبكُمْ , فَوَاَللَّهِ مَا مَثَلنَا وَمَثَل مُحَمَّد إِلَّا كَمَا قَالَ الْقَائِل : | سَمِّنْ كَلْبك يَأْكُلك | , أَمَا وَاَللَّه لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَة لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزّ مِنْهَا الْأَذَلّ وَهُمْ فِي سَفَر , فَجَاءَ رَجُل مِمَّنْ سَمِعَهُ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَخْبَرَهُ ذَلِكَ , فَقَالَ عُمَر : مُرْ مُعَاذًا يَضْرِب عُنُقه , فَقَالَ : | وَاَللَّه لَا يَتَحَدَّث النَّاس أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُل أَصْحَابه | , فَنَزَلَتْ فِيهِمْ : { هُمْ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْد رَسُول اللَّه } )وَقَوْله : { لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَة لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزّ مِنْهَا الْأَذَلّ } : 26479 -حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن (أَنَّ غُلَامًا جَاءَ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه إِنِّي سَمِعْت عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ يَقُول كَذَا وَكَذَا ; قَالَ : | فَلَعَلَّك غَضِبْت عَلَيْهِ ؟ | قَالَ : لَا وَاَللَّه لَقَدْ سَمِعْتهُ يَقُولهُ ; قَالَ : | فَلَعَلَّك أَخْطَأَ سَمْعك ؟ | قَالَ : لَا وَاَللَّه يَا نَبِيّ اللَّه لَقَدْ سَمِعْته يَقُولهُ قَالَ : فَلَعَلَّهُ شُبِّهَ عَلَيْك | , قَالَ : لَا وَاَللَّه , قَالَ : فَأَنْزَلَ اللَّه تَصْدِيقًا لِلْغُلَامِ : { لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَة لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزّ مِنْهَا الْأَذَلّ } , فَأَخَذَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُذُنِ الْغُلَام , فَقَالَ : | وَفَتْ أُذُنك , وَفَتْ أُذُنك يَا غُلَام . )26480 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْل اللَّه ( { لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزّ مِنْهَا الْأَذَلّ } قَالَ : كَانَ الْمُنَافِقُونَ يُسَمُّونَ الْمُهَاجِرِينَ : الْجَلَابِيب ; وَقَالَ : قَالَ اِبْن أُبَيّ : قَدْ أَمَّرْتُكُمْ فِي هَؤُلَاءِ الْجَلَابِيب أَمْرِي , قَالَ : هَذَا بَيْن أَمَج وَعُسْفَان عَلَى الْكَدِيد تَنَازَعُوا عَلَى الْمَاء , وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ قَدْ غَلَبُوا عَلَى الْمَاء ; قَالَ : وَقَالَ اِبْن أُبَيّ أَيْضًا : أَمَا وَاَللَّه لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَة لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزّ مِنْهَا الْأَذَلّ لَقَدْ قُلْت لَكُمْ : لَا تُنْفِقُوا عَلَيْهِمْ , لَوْ تَرَكْتُمُوهُمْ مَا وَجَدُوا مَا يَأْكُلُونَ , وَيَخْرُجُوا وَيَهْرُبُوا . فَأَتَى عُمَر بْن الْخَطَّاب إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه أَلَا تَسْمَع مَا يَقُول اِبْن أُبَيّ ؟ قَالَ : | وَمَا ذَاكَ ؟ | فَأَخْبَرَهُ وَقَالَ : دَعْنِي أَضْرِب عُنُقه يَا رَسُول اللَّه , قَالَ : | إِذًا تَرْعَد لَهُ أُنُف كَثِيرَة بِيَثْرِب | قَالَ عُمَر : فَإِنْ كَرِهْت يَا رَسُول اللَّه أَنْ يَقْتُلهُ رَجُل مِنْ الْمُهَاجِرِينَ , فَمُرْ بِهِ سَعْد بْن مُعَاذ , وَمُحَمَّد بْن مَسْلَمَة فَيَقْتُلَانِهِ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | إِنِّي أَكْرَه أَنْ يَتَحَدَّث النَّاس أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُل أَصْحَابه , اُدْعُوا لِي عَبْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ | , فَدَعَاهُ , فَقَالَ : | أَلَا تَرَى مَا يَقُول أَبُوك ؟ | قَالَ : وَمَا يَقُول بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ؟ قَالَ : | يَقُول لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَة لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزّ مِنْهَا الْأَذَلّ | ; فَقَالَ : فَقَدْ صَدَقَ وَاَللَّه يَا رَسُول اللَّه , أَنْتَ وَاَللَّه الْأَعَزّ وَهُوَ الْأَذَلّ , أَمَا وَاَللَّه لَقَدْ قَدِمْت الْمَدِينَة يَا رَسُول اللَّه , وَإِنَّ أَهْل يَثْرِب لَيَعْلَمُونَ مَا بِهَا أَحَد أَبَرّ مِنِّي , وَلَئِنْ كَانَ يُرْضِي اللَّه وَرَسُوله أَنْ آتِيَهُمَا بِرَأْسِهِ لَآتِيَنَّهُمَا بِهِ , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | لَا | ; فَلَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَة , قَامَ عَبْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ عَلَى بَابهَا بِالسَّيْفِ لِأَبِيهِ , ثُمَّ قَالَ : أَنْتَ الْقَائِل : لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَة لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزّ مِنْهَا الْأَذَلّ , أَمَا وَاَللَّه لَتَعْرِفَنَّ الْعِزَّة لَك أَوْ لِرَسُولِ اللَّه , وَاَللَّه لَا يَأْوِيك ظِلّه , وَلَا تَأْوِيه أَبَدًا إِلَّا بِإِذْن مِنْ اللَّه وَرَسُوله , فَقَالَ : يَا لَلْخَزْرَج اِبْنِي يَمْنَعنِي بَيْتِي ! يَا لَلْخَزْرَج اِبْنِي يَمْنَعنِي بَيْتِي ! فَقَالَ : وَاَللَّه لَا تَأْوِيه أَبَدًا إِلَّا بِإِذْنٍ مِنْهُ ; فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ رِجَال فَكَلَّمُوهُ , فَقَالَ : وَاَللَّه لَا يَدْخُلهُ إِلَّا بِإِذْنٍ مِنْ اللَّه وَرَسُوله , فَأَتَوْا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرُوهُ , فَقَالَ : | اِذْهَبُوا إِلَيْهِ , فَقُولُوا لَهُ خَلِّهِ وَمَسْكَنه | ; فَأَتَوْهُ , فَقَالَ : أَمَا إِذَا جَاءَ أَمْر النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَعَمْ . )26481 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة وَعَلِيّ بْن مُجَاهِد , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ عَاصِم بْن عُمَر بْن قَتَادَة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر , وَعَنْ مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن حِبَّان , قَالَ : كُلّ قَدْ حَدَّثَنِي بَعْض حَدِيث بَنِي الْمُصْطَلِق , قَالُوا : (بَلَغَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ بَنِي الْمُصْطَلِق يَجْمَعُونَ لَهُ , وَقَائِدهمْ الْحَارِث بْن أَبِي ضِرَار أَبُو جُوَيْرِيَة بِنْت الْحَارِث زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; فَلَمَّا سَمِعَ بِهِمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , خَرَجَ إِلَيْهِمْ حَتَّى لَقِيَهُمْ عَلَى مَاء مِنْ مِيَاههمْ يُقَال لَهُ الْمُرَيْسِيع مِنْ نَاحِيَة قَدِيد إِلَى السَّاحِل , فَتَزَاحَفَ النَّاس فَاقْتَتَلُوا , فَهَزَمَ اللَّه بَنِي الْمُصْطَلِق , وَقُتِلَ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ , وَنُفِّلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْنَاءَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ , فَأْفَاءَهُمْ اللَّه عَلَيْهِ , وَقَدْ أُصِيبَ رَجُل مِنْ بَنِي كَلْب بْن عَوْف بْن عَامِر بْن لَيْث بْن بَكْر , يُقَال لَهُ هِشَام بْن صَبَابَة أَصَابَهُ رَجُل مِنْ الْأَنْصَار مِنْ رَهْط عُبَادَة بْن الصَّامِت , وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ مِنْ الْعَدُوّ , فَقَتَلَهُ خَطَأ , فَبَيْنَا النَّاس عَلَى ذَلِكَ الْمَاء وَرَدَتْ وَارِدَة النَّاس وَمَعَ عُمَر بْن الْخَطَّاب أَجِير لَهُ مِنْ بَنِي غِفَار يُقَال لَهُ جَهْجَاه بْن سَعِيد , يَقُود لَهُ فَرَسه , فَازْدَحَمَ جَهْجَاه وَسِنَان الْجُهْنِيّ حَلِيف بَنِي عَوْف بْن الْخَزْرَج عَلَى الْمَاء فَاقْتَتَلَا , فَصَرَخَ الْجُهْنِيّ : يَا مَعْشَر الْأَنْصَار . وَصَرَخَ جَهْجَاه : يَا مَعْشَر الْمُهَاجِرِينَ , فَغَضِبَ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ اِبْن سَلُول , وَعِنْده رَهْط مِنْ قَوْمه فِيهِمْ زَيْد بْن أَرْقَم , غُلَام حَدِيث السِّنّ , فَقَالَ : قَدْ فَعَلُوهَا ؟ قَدْ نَافَرُونَا وَكَاثَرُونَا فِي بِلَادنَا ! وَاَللَّه مَا أَعُدّنَا وَجَلَابِيب قُرَيْش هَذِهِ إِلَّا كَمَا قَالَ الْقَائِل : | سَمِّنْ كَلْبك يَأْكُلك | , أَمَا وَاَللَّه لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَة لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزّ مِنْهَا الْأَذَلّ ; ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى مَنْ حَضَرَ مِنْ قَوْمه , فَقَالَ : هَذَا مَا فَعَلْتُمْ بِأَنْفُسِكُمْ أَحْلَلْتُمُوهُمْ بِلَادكُمْ , وَقَاسَمْتُمُوهُمْ أَمْوَالكُمْ , أَمَا وَاَللَّه لَوْ أَمْسَكْتُمْ عَنْهُمْ مَا بِأَيْدِيكُمْ لَتَحَوَّلُوا إِلَى غَيْر بِلَادكُمْ ; فَسَمِعَ ذَلِكَ زَيْد بْن أَرْقَم فَمَشَى بِهِ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَذَلِكَ عِنْد فَرَاغ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوه , فَأَخْبَرَهُ الْخَبَر وَعِنْده عُمَر بْن الْخَطَّاب فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه مُرْ بِهِ عَبَّاد بْن بِشْر بْن وَقْش فَلْيَقْتُلْهُ , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | فَكَيْف يَا عُمَر إِذَا تَحَدَّثَ النَّاس أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُل أَصْحَابه , لَا , وَلَكِنْ أَذِّنْ بِالرَّحِيلِ | , وَذَلِكَ فِي سَاعَة لَمْ يَكُنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْتَحِل فِيهَا , فَارْتَحَلَ النَّاس , وَقَدْ مَشَى عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين بَلَغَهُ أَنَّ زَيْد بْن أَرْقَم قَدْ بَلَّغَهُ مَا سَمِعَ مِنْهُ , فَحَلَفَ بِاَللَّهِ مَا قُلْت مَا قَالَ , وَلَا تَكَلَّمْت بِهِ ; وَكَانَ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ فِي قَوْمه شَرِيفًا عَظِيمًا , فَقَالَ مَنْ حَضَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَصْحَابه مِنْ الْأَنْصَار : يَا رَسُول اللَّه عَسَى أَنْ يَكُون الْغُلَام أَوْهَمَ فِي حَدِيثه , وَلَمْ يَحْفَظ مَا قَالَ الرَّجُل , حَدَبًا عَلَى عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ , وَدَفْعًا عَنْهُ ; فَلَمَّا اِسْتَقَلَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَارَ , لَقِيَهُ أُسَيْد بْن حُضَيْر , فَحَيَّاهُ بِتَحِيَّةِ النُّبُوَّة وَسَلَّمَ عَلَيْهِ ; ثُمَّ قَالَ : يَا رَسُول اللَّه لَقَدْ رُحْت فِي سَاعَة مُنْكَرَة مَا كُنْت تَرُوح فِيهَا , فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ | أَوَ مَا بَلَغَك مَا قَالَ صَاحِبكُمْ ؟ | قَالَ : فَأَيّ صَاحِب يَا رَسُول اللَّه ؟ قَالَ : | عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ | , قَالَ : وَمَا قَالَ ؟ قَالَ : | زَعَمَ أَنَّهُ إِنْ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَة أَخْرَجَ الْأَعَزّ مِنْهَا الْأَذَلّ | ; قَالَ أُسَيْد : فَأَنْتَ وَاَللَّه يَا رَسُول اللَّه تُخْرِجهُ إِنْ شِئْت , هُوَ وَاَللَّه الذَّلِيل وَأَنْتَ الْعَزِيز ; ثُمَّ قَالَ : يَا رَسُول اللَّه اُرْفُقْ بِهِ , فَوَاَللَّهِ لَقَدْ جَاءَ اللَّه بِك وَإِنَّ قَوْمه لَيَنْظِمُونَ لَهُ الْخَرَز لِيُتَوِّجُوهُ , فَإِنَّهُ لَيَرَى أَنَّك قَدْ اِسْتَلَبْته مُلْكًا . ثُمَّ مَشَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ يَوْمهمْ ذَلِكَ حَتَّى أَمْسَى , وَلَيْلَتهمْ حَتَّى أَصْبَحَ , وَصَدْر يَوْمهمْ ذَلِكَ حَتَّى آذَتْهُمْ الشَّمْس , ثُمَّ نَزَلَ بِالنَّاسِ , فَلَمْ يَكُنْ إِلَّا أَنْ وَجَدُوا مَسّ الْأَرْض وَقَعُوا نِيَامًا , وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيَشْغَل النَّاس عَنْ الْحَدِيث الَّذِي كَانَ بِالْأَمْسِ مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ. ثُمَّ رَاحَ بِالنَّاسِ وَسَلَكَ الْحِجَاز حَتَّى نَزَلَ عَلَى مَاء بِالْحِجَازِ فُوَيْق النَّقِيع , يُقَال لَهُ نَقْعَاء ; فَلَمَّا رَاحَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَبَّتْ عَلَى النَّاس رِيح شَدِيدَة آذَتْهُمْ وَتَخَوَّفُوهَا , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | لَا تَخَافُوا فَإِنَّمَا هَبَّتْ لِمَوْتِ عَظِيم مِنْ عُظَمَاء الْكُفَّار | ; فَلَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَة وَجَدُوا رِفَاعَة بْن زَيْد بْن التَّابُوت أَحَد بَنِي قَيْنُقَاع وَكَانَ مِنْ عُظَمَاء يَهُود , وَكَهْفًا لِلْمُنَافِقِينَ قَدْ مَاتَ ذَلِكَ الْيَوْم , فَنَزَلَتْ السُّورَة الَّتِي ذَكَرَ اللَّه فِيهَا الْمُنَافِقِينَ فِي عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ اِبْن سَلُول , وَمَنْ كَانَ مَعَهُ عَلَى مِثْل أَمْره , فَقَالَ : { إِذَا جَاءَك الْمُنَافِقُونَ } فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَة أَخَذَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُذُنِ زَيْد فَقَالَ : | هَذَا الَّذِي أَوْفَى اللَّه بِأُذُنِهِ | , وَبَلَغَ عَبْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ الَّذِي كَانَ مِنْ أَبِيهِ . )26482 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ عَاصِم بْن عُمَر بْن قَتَادَة (أَنَّ عَبْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ أَتَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّك تُرِيد قَتْل عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ فِيمَا بَلَغَك عَنْهُ , فَإِنْ كُنْت فَاعِلًا , فَمُرْنِي بِهِ فَأَنَا أَحْمِل إِلَيْك رَأْسه , فَوَاَللَّهِ لَقَدْ عَلِمَتْ الْخَزْرَج مَا كَانَ فِيهَا رَجُل أَبَرّ بِوَالِدِهِ مِنِّي , وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ تَأْمُر بِهِ غَيْره فَيَقْتُلهُ , فَلَا تَدْعُنِي نَفْسِي أَنْ أَنْظُر إِلَى قَاتِل عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ يَمْشِي فِي النَّاس فَأَقْتُلهُ , فَأَقْتُل مُؤْمِنًا بِكَافِرٍ , فَأَدْخُل النَّار ; فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | بَلْ نَرْفُق بِهِ وَنُحْسِن صُحْبَته مَا بَقِيَ مَعَنَا | , وَجَعَلَ بَعْد ذَلِكَ الْيَوْم إِذَا أَحْدَثَ الْحَدَث كَانَ قَوْمه هُمْ الَّذِينَ يُعَاتِبُونَهُ , وَيَأْخُذُونَهُ وَيُعَنِّفُونَهُ وَيَتَوَعَّدُونَهُ , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَر بْن الْخَطَّاب حِين بَلَغَهُ ذَلِكَ عَنْهُمْ مِنْ شَأْنهمْ | كَيْف تَرَى يَا عُمَر ; أَمَا وَاَللَّه لَوْ قَتَلْته يَوْم أَمَرْتنِي بِقَتْلِهِ لَأَرْعَدَتْ لَهُ أُنُف , لَوْ أَمَرْتهَا الْيَوْم بِقَتْلِهِ لَقَتَلَتْهُ | ; قَالَ : فَقَالَ عُمَر : قَدْ وَاَللَّه عَلِمْت لَأَمْر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْظَم بَرَكَة مِنْ أَمْرِي.)

لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالكُمْ وَلَا أَوْلَادكُمْ عَنْ ذِكْر اللَّه } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَا أَيّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّه وَرَسُوله { لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالكُمْ } يَقُول : لَا تُوجِب لَكُمْ أَمْوَالكُمْ { وَلَا أَوْلَادكُمْ } اللَّهْو { عَنْ ذِكْر اللَّه } وَهُوَ مِنْ أَلْهَيْته عَنْ كَذَا وَكَذَا , فَلَهَا هُوَ يَلْهُو لَهْوًا ; وَمِنْهُ قَوْل اِمْرِئِ الْقَيْس : <br>وَمِثْلك حُبْلَى قَدْ طَرَقْت وَمُرْضِع .......... فَأَلْهَيْتهَا عَنْ ذِي تَمَائِم مُحْوِل <br>وَقِيلَ : عُنِيَ بِذِكْرِ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي هَذَا الْمَوْضِع : الصَّلَوَات الْخَمْس . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26483 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ أَبِي سِنَان , عَنْ ثَابِت , عَنْ الضَّحَّاك ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالكُمْ وَلَا أَوْلَادكُمْ عَنْ ذِكْر اللَّه } قَالَ : الصَّلَوَات الْخَمْس .)|اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ|وَقَوْله : { وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ } يَقُول : وَمَنْ يُلْهِهِ مَاله وَأَوْلَاده عَنْ ذِكْر اللَّه { فَأُولَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ } يَقُول : هُمْ الْمَغْبُونُونَ حُظُوظهمْ مِنْ كَرَامَة اللَّه وَرَحْمَته تَبَارَكَ وَتَعَالَى .

تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْل أَنْ يَأْتِيَ أَحَدكُمْ الْمَوْت فَيَقُول رَبّ لَوْلَا أَخَّرْتنِي إِلَى أَجَل قَرِيب فَأَصَّدَّق وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَنْفِقُوا أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَرَسُوله مِنْ الْأَمْوَال الَّتِي رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْل أَنْ يَأْتِيَ أَحَدكُمْ الْمَوْت فَيَقُول إِذَا نَزَلَ بِهِ الْمَوْت : يَا رَبّ هَلَّا أَخَّرْتنِي فَتُمْهِل لِي فِي الْأَجَل إِلَى أَجَل قَرِيب . فَأَصَّدَّق يَقُول : فَأُزَكِّي مَالِي { وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ } يَقُول : وَأَعْمَل بِطَاعَتِك , وَأُؤَدِّي فَرَائِضك. وَقِيلَ : عُنِيَ بِقَوْلِهِ { وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ } وَأَحُجّ بَيْتك الْحَرَام . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26484 - حَدَّثَنِي يُونُس وَسَعِيد بْن الرَّبِيع , قَالَ سَعِيد , ثنا سُفْيَان , وَقَالَ يُونُس : أَخْبَرَنَا سُفْيَان , عَنْ أَبِي جَنَاب عَنْ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (مَا مِنْ أَحَد يَمُوت وَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاة مَاله وَلَمْ يَحُجّ إِلَّا سَأَلَ الْكَرَّة , فَقَالُوا : يَا أَبَا عَبَّاس لَا تَزَال تَأْتِينَا بِالشَّيْءِ لَا نَعْرِفهُ ; قَالَ : فَأَنَا أَقْرَأ عَلَيْكُمْ فِي كِتَاب اللَّه : { وَأَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْل أَنْ يَأْتِيَ أَحَدكُمْ الْمَوْت فَيَقُول رَبّ لَوْلَا أَخَّرْتنِي إِلَى أَجَل قَرِيب فَأَصَّدَّق } قَالَ : أُؤَدِّي زَكَاة مَالِي { وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ } قَالَ : أَحُجّ . )26485 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِي سِنَان , عَنْ رَجُل , عَنْ الضَّحَّاك , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (مَا يَمْنَع أَحَدكُمْ إِذَا كَانَ لَهُ مَال يَجِب عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاة أَنْ يُزَكِّيَ , وَإِذَا أَطَاقَ الْحَجّ أَنْ يَحُجّ مِنْ قَبْل أَنْ يَأْتِيَهُ الْمَوْت , فَيَسْأَل رَبّه الْكَرَّة فَلَا يُعْطَاهَا , فَقَالَ رَجُل : أَمَا تَتَّقِي اللَّه , يَسْأَل الْمُؤْمِن الْكَرَّة ؟ قَالَ : نَعَمْ , أَقْرَأ عَلَيْكُمْ قُرْآنًا , فَقَرَأَ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالكُمْ وَلَا أَوْلَادكُمْ عَنْ ذِكْر اللَّه } فَقَالَ الرَّجُل : فَمَا الَّذِي يُوجِب عَلَيَّ الْحَجّ , قَالَ : رَاحِلَة تَحْمِلهُ , وَنَفَقَة تُبَلِّغهُ. )26486 -حَدَّثَنَا عَبَّاد بْن يَعْقُوب الْأَسَدِيّ وَفَضَالَة بْن الْفَضْل , قَالَ عَبَّاد : أَخْبَرَنَا يَزِيد أَبُو حَازِم مَوْلَى الضَّحَّاك. وَقَالَ فَضَالَة : ثنا بَزِيع عَنْ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم فِي قَوْله : ( { لَوْلَا أَخَّرْتنِي إِلَى أَجَل قَرِيب فَأَصَّدَّق } قَالَ : فَأَتَصَدَّق بِزَكَاةِ مَالِي { وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ } قَالَ : الْحَجّ. )26487 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالكُمْ وَلَا أَوْلَادكُمْ عَنْ ذِكْر اللَّه } إِلَى آخِر السُّورَة : هُوَ الرَّجُل الْمُؤْمِن نَزَلَ بِهِ الْمَوْت وَلَهُ مَال كَثِير لَمْ يُزَكِّهِ , وَلَمْ يَحُجّ مِنْهُ , وَلَمْ يُعْطِ مِنْهُ حَقّ اللَّه يَسْأَل الرَّجْعَة عِنْد الْمَوْت فَيُزَكِّي مَاله , قَالَ اللَّه : { وَلَنْ يُؤَخِّر اللَّه نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلهَا } )-حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله ( { لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالكُمْ وَلَا أَوْلَادكُمْ عَنْ ذِكْر اللَّه } إِلَى قَوْله { وَأَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْل أَنْ يَأْتِيَ أَحَدكُمْ الْمَوْت } قَالَ : هُوَ الرَّجُل الْمُؤْمِن إِذَا نَزَلَ بِهِ الْمَوْت وَلَهُ مَال لَمْ يُزَكِّهِ وَلَمْ يَحُجّ مِنْهُ , وَلَمْ يُعْطِ حَقّ اللَّه فِيهِ , فَيَسْأَل الرَّجْعَة عِنْد الْمَوْت لِيَتَصَدَّق مِنْ مَاله وَيُزَكِّي , قَالَ اللَّه { وَلَنْ يُؤَخِّر اللَّه نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلهَا } )26488 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان ( { فَأَصَّدَّق وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ } قَالَ : الزَّكَاة وَالْحَجّ . )وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْأَمْصَار غَيْر اِبْن مُحَيْصِن وَأَبِي عَمْرو : وَأَكُنْ , جَزْمًا عَطْفًا بِهَا عَلَى تَأْوِيل قَوْله { فَأَصَّدَّق } لَوْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ الْفَاء , وَذَلِكَ أَنَّ قَوْله : { فَأَصَّدَّق } لَوْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ الْفَاء كَانَ جَزْمًا . وَقَرَأَ ذَلِكَ اِبْن مُحَيْصِن وَأَبُو عَمْرو : | وَأَكُون | بِإِثْبَاتِ الْوَاو وَنَصْب | وَأَكُون | عَطْفًا بِهِ عَلَى قَوْله { فَأَصَّدَّق } فَنَصَبَ قَوْله | وَأَكُون | إِذْ كَانَ قَوْله { فَأَصَّدَّق } نَصْبًا. وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ : أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب .

أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا

وَقَوْله : { وَلَنْ يُؤَخِّر اللَّه نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلهَا } يَقُول : لَنْ يُؤَخِّر اللَّه فِي أَجَل أَحَد فَيَمُدّ لَهُ فِيهِ إِذَا حَضَرَ أَجَله , وَلَكِنَّهُ يَخْتَرِمهُ|وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ|يَقُول : وَاَللَّه ذُو خِبْرَة وَعِلْم بِأَعْمَالِ عَبِيده هُوَ بِجَمِيعِهَا مُحِيط , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء , وَهُوَ مُجَازِيهمْ بِهَا , الْمُحْسِن بِإِحْسَانِهِ , وَالْمُسِيء بِإِسَاءَتِهِ. آخِر تَفْسِير سُورَة الْمُنَافِقِينَ

وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يُسَبِّح لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الْأَرْض لَهُ الْمُلْك وَلَهُ الْحَمْد وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَسْجُد لَهُ مَا فِي السَّمَوَات السَّبْع وَمَا فِي الْأَرْض مِنْ خَلْقه وَيُعَظِّمهُ . وَقَوْله : { لَهُ الْمُلْك } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَهُ مُلْك السَّمَوَات وَالْأَرْض وَسُلْطَانه مَاضٍ قَضَاؤُهُ فِي ذَلِكَ نَافِذ فِيهِ أَمْره . وَقَوْله : { وَلَهُ الْحَمْد } يَقُول : وَلَهُ حَمْد كُلّ مَا فِيهَا مِنْ خَلْق , لِأَنَّ جَمِيع مَنْ فِي ذَلِكَ مِنْ الْخَلْق لَا يَعْرِفُونَ الْخَيْر إِلَّا مِنْهُ , وَلَيْسَ لَهُمْ رَازِق سِوَاهُ فَلَهُ حَمْد جَمِيعهمْ . { وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير } يَقُول : وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْء ذُو قُدْرَة , يَقُول : يَخْلُق مَا يَشَاء , وَيُمِيت مَنْ يَشَاء , وَيُغْنِي مَنْ أَرَادَ , وَيُفْقِر مَنْ يَشَاء وَيُعِزّ مَنْ يَشَاء , وَيُذِلّ مَنْ يَشَاء , لَا يَتَعَذَّر عَلَيْهِ شَيْء أَرَادَهُ , لِأَنَّهُ ذُو الْقُدْرَة التَّامَّة الَّتِي لَا يُعْجِزهُ مَعَهَا شَيْء .

إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِر وَمِنْكُمْ مُؤْمِن وَاَللَّه بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : اللَّه { الَّذِي خَلَقَكُمْ } أَيّهَا النَّاس , وَهُوَ مِنْ ذِكْر اِسْم اللَّه { فَمِنْكُمْ كَافِر وَمِنْكُمْ مُؤْمِن } يَقُول : فَمِنْكُمْ كَافِر بِخَالِقِهِ وَأَنَّهُ خَلَقَهُ ; { وَمِنْكُمْ مُؤْمِن } يَقُول : وَمِنْكُمْ مُصَدِّق بِهِ مُوقِن أَنَّهُ خَالِقه أَوْ بَارِئُهُ . { وَاَللَّه بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير } يَقُول : وَاَللَّه الَّذِي خَلَقَكُمْ بَصِير بِأَعْمَالِكُمْ عَالِم بِهَا , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْء , وَهُوَ مُجَازِيكُمْ بِهَا , فَاتَّقُوهُ أَنْ تُخَالِفُوهُ فِي أَمْره أَوْ نَهْيه , فَيَسْطُو بِكُمْ . 26489 -حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مَنْصُور الطَّوْسِيّ , قَالَ : ثنا حَسَن بْن مُوسَى الْأَشْيَب , قَالَ : ثنا اِبْن لَهِيعَة , قَالَ : ثنا بَكْر بْن سَوَادَة , عَنْ أَبِي تَمِيم الْجَيْشَانِيّ , عَنْ أَبِي ذَرّ : ( إِنَّ الْمَنِيّ إِذْ مَكَثَ فِي الرَّحِم أَرْبَعِينَ لَيْلَة , أَتَى مَلَك النُّفُوس , فَعَرَجَ بِهِ إِلَى الْجَبَّار فِي رَاحَته , فَقَالَ : أَيْ رَبّ عَبْدك هَذَا ذَكَر أَمْ أُنْثَى ؟ فَيَقْضِي اللَّه إِلَيْهِ مَا هُوَ قَاضٍ , ثُمَّ يَقُول : أَيْ رَبّ أَشَقِيّ أَمْ سَعِيد ؟ فَيَكْتُب مَا هُوَ لَاقٍ |. قَالَ : وَقَرَأَ أَبُو ذَرّ فَاتِحَة التَّغَابُن خَمْس آيَات .)

لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَركُمْ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : خَلَقَ السَّمَوَات السَّبْع وَالْأَرْض بِالْعَدْلِ وَالْإِنْصَاف , وَصَوَّرَكُمْ : يَقُول : وَمَثَّلَكُمْ فَأَحْسَنَ مَثَلكُمْ , وَقِيلَ : إِنَّهُ عُنِيَ بِذَلِكَ تَصْوِير آدَم , وَخَلْقه إِيَّاهُ بِيَدِهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26490 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس ( { خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَركُمْ } يَعْنِي آدَم خَلَقَهُ بِيَدِهِ .)|وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ|وَقَوْله : {وَإِلَيْهِ الْمَصِير } يَقُول : وَإِلَى اللَّه مَرْجِع جَمِيعكُمْ أَيّهَا النَّاس.

وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَعْلَم مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وَيَعْلَم مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَعْلَم رَبّكُمْ أَيّهَا النَّاس مَا فِي السَّمَوَات السَّبْع وَالْأَرْض مِنْ شَيْء , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ خَافِيَة { وَيَعْلَم مَا تُسِرُّونَ } أَيّهَا النَّاس بَيْنكُمْ مِنْ قَوْل وَعَمَل { وَمَا تُعْلِنُونَ } مِنْ ذَلِكَ فَتُظْهِرُونَهُ .|وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ|يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَاَللَّه ذُو عِلْم بِضَمَائِر صُدُور عِبَاده , وَمَا تَنْطَوِي عَلَيْهِ نُفُوسهمْ , الَّذِي هُوَ أَخْفَى مِنْ السِّرّ , لَا يَعْزُب عَنْهُ شَيْء مِنْ ذَلِكَ . يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِعِبَادِهِ : اِحْذَرُوا أَنْ تُسِرُّوا غَيْر الَّذِي تُعْلِنُونَ , أَوْ تُضْمِرُوا فِي أَنْفُسكُمْ غَيْر مَا تُبْدُونَهُ , فَإِنَّ رَبّكُمْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْء , وَهُوَ مُحْصٍ جَمِيعه , وَحَافِظ عَلَيْكُمْ كُلّه .

إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْل فَذَاقُوا وَبَال أَمْرهمْ وَلَهُمْ عَذَاب أَلِيم } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِمُشْرِكِي قُرَيْش : أَلَمْ يَأْتِكُمْ أَيّهَا النَّاس خَبَر الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلكُمْ , وَذَلِكَ كَقَوْمِ نُوح وَعَاد وَثَمُود وَقَوْم إِبْرَاهِيم وَقَوْم لُوط } { فَذَاقُوا وَبَال أَمْرهمْ } فَمَسَّهُمْ عَذَاب اللَّه إِيَّاهُمْ عَلَى كُفْرهمْ { وَلَهُمْ عَذَاب أَلِيم } يَقُول : وَلَهُمْ عَذَاب مُؤْلِم مُوجِع يَوْم الْقِيَامَة فِي نَار جَهَنَّم , مَعَ الَّذِي أَذَاقَهُمْ اللَّه فِي الدُّنْيَا وَبَال كُفْرهمْ.

فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا

وَقَوْله : { ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلهمْ بِالْبَيِّنَاتِ } يَقُول : جَلَّ ثَنَاؤُهُ : هَذَا الَّذِي نَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْل هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ وَبَال كُفْرهمْ , وَاَلَّذِي أَعَدَّ لَهُمْ رَبّهمْ يَوْم الْقِيَامَة مِنْ الْعَذَاب , مِنْ أَجْل أَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلهمْ بِالْبَيِّنَاتِ الَّذِي أَرْسَلَهُمْ إِلَيْهِمْ رَبّهمْ بِالْوَاضِحَاتِ مِنْ الْأَدِلَّة وَالْإِعْلَام عَلَى حَقِيقَة مَا يَدْعُونَهُمْ إِلَيْهِ , فَقَالُوا لَهُمْ : أَبَشَر يَهْدُونَنَا ؟ ! اِسْتِكْبَارًا مِنْهُمْ أَنْ تَكُون رُسُل اللَّه إِلَيْهِمْ بَشَرًا مِثْلهمْ وَاسْتِكْبَارًا عَنْ اِتِّبَاع الْحَقّ مِنْ أَجْل أَنَّ بَشَرًا مِثْلهمْ دَعَاهُمْ إِلَيْهِ ; وَجُمِعَ الْخَبَر عَنْ الْبَشَر , فَقِيلَ : يَهْدُونَنَا , وَلَمْ يُقَلْ : يَهْدِينَا , لِأَنَّ الْبَشَر , وَإِنْ كَانَ فِي لَفْظ الْوَاحِد , فَإِنَّهُ بِمَعْنَى الْجَمِيع .|فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا|وَقَوْله : { فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا } يَقُول : فَكَفَرُوا بِاَللَّهِ , وَجَحَدُوا رِسَالَة رُسُله الَّذِينَ بَعَثَهُمْ اللَّه إِلَيْهِمْ اِسْتِكْبَارًا { وَتَوَلَّوْا } يَقُول : وَأَدْبَرُوا عَنْ الْحَقّ فَلَمْ يَقْبَلُوهُ , وَأَعْرَضُوا عَمَّا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ رُسُلهمْ .|وَاسْتَغْنَى اللَّهُ|يَقُول : وَاسْتَغْنَى اللَّه عَنْهُمْ , وَعَنْ إِيمَانهمْ بِهِ وَبِرُسُلِهِ , وَلَمْ تَكُنْ بِهِ إِلَى ذَلِكَ مِنْهُمْ حَاجَة|وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ|يَقُول : وَاَللَّه غَنِيّ عَنْ جَمِيع خَلْقه , مَحْمُود عِنْد جَمِيعهمْ بِجَمِيلِ أَيَادِيه عِنْدهمْ , وَكَرِيم فِعَاله فِيهِمْ .

وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّه يَسِير } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِاَللَّهِ أَنْ لَنْ يَبْعَثهُمْ اللَّه إِلَيْهِ مِنْ قُبُورهمْ بَعْد مَمَاتهمْ . وَكَانَ اِبْن عُمَر يَقُول : زَعَمَ : كُنْيَة الْكَذِب . 26491 - حَدَّثَنِي بِذَلِكَ مُحَمَّد بْن نَافِع الْبَصْرِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ بَعْض أَصْحَابه عَنْ اِبْن عُمَر . وَقَوْله : { قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ } يَقُول لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّد : بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ مِنْ قُبُوركُمْ { ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ } يَقُول : ثُمَّ لَتُخْبَرُنَّ بِأَعْمَالِكُمْ الَّتِي عَمِلْتُمُوهَا فِي الدُّنْيَا , { وَذَلِكَ عَلَى اللَّه يَسِير } يَقُول : وَبَعْثكُمْ مِنْ قُبُوركُمْ بَعْد مَمَاتكُمْ عَلَى اللَّه سَهْل هَيِّن .


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس