وَعُنِيَ بِقَوْلِهِ : { يَوْم تُبْلَى السَّرَائِر } يَوْم تُخْتَبَر سَرَائِر الْعِبَاد , فَيَظْهَر مِنْهَا يَوْمئِذٍ مَا كَانَ فِي الدُّنْيَا مُسْتَخْفِيًا عَنْ أَعْيُن الْعِبَاد , مِنْ الْفَرَائِض الَّتِي كَانَ اللَّه أَلْزَمَهُ إِيَّاهَا , وَكَلَّفَهُ الْعَمَل بِهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28608 - عَنْ عَبْد اللَّه بْن صَالِح , عَنْ يَحْيَى بْن أَيُّوب , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء اِبْن أَبِي رَبَاح , فِي قَوْله : { يَوْم تُبْلَى السَّرَائِر } قَالَ : ذَلِكَ الصَّوْم وَالصَّلَاة وَغُسْل الْجَنَابَة , وَهُوَ السَّرَائِر ; وَلَوْ شَاءَ أَنْ يَقُول : قَدْ صُمْت وَلَيْسَ بِصَائِمٍ , وَقَدْ صَلَّيْت وَلَمْ يُصَلِّ , وَقَدْ اِغْتَسَلْت وَلَمْ يَغْتَسِل . 28609 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { يَوْم تُبْلَى السَّرَائِر } إِنَّ هَذِهِ السَّرَائِر مُخْتَبَرَة , فَأَسِرُّوا خَيْرًا وَأَعْلِنُوهُ إِنْ اِسْتَطَعْتُمْ , وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاَللَّهِ ). 28610 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان ( { يَوْم تُبْلَى السَّرَائِر } قَالَ : تُخْتَبَر ).
وَقَوْله : { فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّة وَلَا نَاصِر } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَمَا لِلْإِنْسَانِ الْكَافِر يَوْمئِذٍ مِنْ قُوَّة يَمْتَنِع بِهَا مِنْ عَذَاب اللَّه , وَأَلِيم نَكَاله , وَلَا نَاصِر يَنْصُرهُ , فَيَسْتَنْقِذهُ مِمَّنْ نَالَهُ بِمَكْرُوهٍ , وَقَدْ كَانَ فِي الدُّنْيَا يَرْجِع إِلَى قُوَّة مِنْ عَشِيرَته , يَمْتَنِع بِهِمْ مِمَّنْ أَرَادَهُ بِسُوءٍ , وَنَاصِر مِنْ حَلِيف يَنْصُرهُ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ وَاضْطَهَدَهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28611- حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّة وَلَا نَاصِر } يَنْصُرهُ مِنْ اللَّه ). * - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { وَلَا نَاصِر } قَالَ : مِنْ قُوَّة يَمْتَنِع بِهَا , وَلَا نَاصِر يَنْصُرهُ مِنْ اللَّه ). 28612 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثَنَا ضَمْرَة بْن رَبِيعَة , عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِيّ , فِي قَوْله : ( { مِنْ قُوَّة وَلَا نَاصِر } قَالَ : الْقُوَّة : الْعَشِيرَة , وَالنَّاصِر : الْحَلِيف ).
الْقَوْل فِي تَ<br>وِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالسَّمَاء ذَات الرَّجْع } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَالسَّمَاء ذَات الرَّجْع } تَرْجِع بِالْغُيُومِ وَأَرْزَاق الْعِبَاد كُلّ عَام ; وَمِنْهُ قَوْل الْمُتَنَخِّل فِي صِفَة سَيْف : ش أَبْيَض كَالرَّجْعِ رَسُوب إِذَا /و مَا ثَاخَ فِي مُحْتَفَل يَخْتَلِي <br>وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28613- حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ خُصَيْف , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس ( { وَالسَّمَاء ذَات الرَّجْع } قَالَ : السَّحَاب فِيهِ الْمَطَر ). * - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثَنَا مُؤَمَّل , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ خُصَيْف , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : ( { وَالسَّمَاء ذَات الرَّجْع } قَالَ : ذَات السَّحَاب فِيهِ الْمَطَر ). 28614 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَالسَّمَاء ذَات الرَّجْع } يَعْنِي بِالرَّجْعِ : الْقَطْر وَالرِّزْق كُلّ عَام ). 28615 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَبِي رَجَاء , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : ( { وَالسَّمَاء ذَات الرَّجْع } قَالَ : تَرْجِع بِأَرْزَاقِ النَّاس كُلّ عَام ; قَالَ أَبُو رَجَاء : سُئِلَ عَنْهَا عِكْرِمَة , فَقَالَ : رَجَعَتْ بِالْمَطَرِ ). 28616 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { ذَات الرَّجْع } قَالَ : السَّحَاب يُمْطِر , ثُمَّ يَرْجِع بِالْمَطَرِ ). 28617 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَالسَّمَاء ذَات الرَّجْع } قَالَ : تَرْجِع بِأَرْزَاقِ الْعِبَاد كُلّ عَام , لَوْلَا ذَلِكَ هَلَكُوا وَهَلَكَتْ مَوَاشِيهمْ ). * - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَالسَّمَاء ذَات الرَّجْع } قَالَ : تَرْجِع بِالْغَيْثِ كُلّ عَام ). 28618 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { وَالسَّمَاء ذَات الرَّجْع } يَعْنِي : الْمَطَر ). وَقَالَ آخَرُونَ : يَعْنِي بِذَلِكَ : أَنَّ شَمْسهَا وَقَمَرهَا يَغِيب وَيَطْلُع . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28619 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله :( { وَالسَّمَاء ذَات الرَّجْع } قَالَ : شَمْسهَا وَقَمَرهَا وَنُجُومهَا يَأْتِينَ مِنْ هَاهُنَا ).
وَقَوْله : { وَالْأَرْض ذَات الصَّدْع } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَالْأَرْض ذَات الصَّدْع بِالنَّبَاتِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28620 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ خُصَيْف , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَالْأَرْض ذَات الصَّدْع } قَالَ : ذَات النَّبَات . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَالْأَرْض ذَات الصَّدْع } يَقُول : صَدْعهَا إِخْرَاج النَّبَات فِي كُلّ عَام . 28621 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَبِي رَجَاء , عَنْ الْحَسَن ( { وَالْأَرْض ذَات الصَّدْع } قَالَ : هَذِهِ تَصْدَع عَمَّا تَحْتهَا ; قَالَ أَبُو رَجَاء : وَسُئِلَ عَنْهَا عِكْرِمَة , فَقَالَ : هَذِهِ تَصْدَع عَنْ الرِّزْق ). 28622 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , قَالَ مُجَاهِد ( { وَالْأَرْض ذَات الصَّدْع } مِثْل الْمَأْزِم مَأْزِم مِنًى ). * - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد( { وَالْأَرْض ذَات الصَّدْع } قَالَ : الصَّدْع : مِثْل الْمَأْزِم , غَيْر الْأَوْدِيَة وَغَيْر الْجُرُف ). 28623 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَالْأَرْض ذَات الصَّدْع } تَصْدَع عَنْ الثِّمَار وَعَنْ النَّبَات , كَمَا رَأَيْتُمْ ). * -حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { وَالْأَرْض ذَات الصَّدْع } قَالَ : تَصْدَع عَنْ النَّبَات ). 28624 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَالْأَرْض ذَات الصَّدْع } وَقَرَأَ : { ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْض شَقًّا فَأَنْبَتْنَا فِيهِ حَبًّا وَعِنَبًا وَقَضْبًا } إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : صَدَعَهَا لِلْحَرْثِ ). 28625 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله :( { وَالْأَرْض ذَات الصَّدْع } : النَّبَات ).
وَقَوْله : { إِنَّهُ لَقَوْل فَصْل } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ هَذَا الْقَوْل وَهَذَا الْخَبَر لَقَوْل فَصْل : يَقُول : لَقَوْل يَفْصِل بَيْن الْحَقّ وَالْبَاطِل بِبَيَانِهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل عَلَى اِخْتِلَاف مِنْهُمْ فِي الْعِبَارَة عَنْهُ , فَقَالَ بَعْضهمْ : لَقَوْل حَقّ . وَقَالَ بَعْضهمْ : لَقَوْل حُكْم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28626 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { إِنَّهُ لَقَوْل فَصْل } يَقُول : حَقّ ). 28627 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { إِنَّهُ لَقَوْل فَصْل } : أَيْ حُكْم ).
وَقَوْله : { وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ } يَقُول : وَمَا هُوَ بِاللَّعِبِ وَلَا الْبَاطِل . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28628- حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ } يَقُول : بِالْبَاطِلِ ). 28629 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ } قَالَ : بِاللَّعِبِ) .
وَقَوْله : { إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِاَللَّهِ وَرَسُوله وَالْوَعْد وَالْوَعِيد يَمْكُرُونَ مَكْرًا .
وَقَوْله : { وَأَكِيد كَيْدًا } يَقُول : وَأَمْكُر مَكْرًا ; وَمَكْره جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِهِمْ : إِمْلَاؤُهُ إِيَّاهُمْ عَلَى مَعْصِيَتهمْ وَكُفْرهمْ بِهِ .
وَقَوْله : { فَمَهِّلْ الْكَافِرِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَمَهِّلْ يَا مُحَمَّد الْكَافِرِينَ وَلَا تَعْجَل عَلَيْهِمْ|أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا|يَقُول : أَمْهِلْهُمْ آنًا قَلِيلًا , وَأَنْظِرْهُمْ لِلْمَوْعِدِ الَّذِي هُوَ وَقْت حُلُول النِّقْمَة بِهِمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28630 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا } يَقُول : قَرِيبًا ). 28631 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا } الرُّوَيْد : الْقَلِيل ). 28632 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : ثَنَا أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { فَمَهِّلْ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا } قَالَ : مَهِّلْهُمْ , فَلَا تَعْجَل عَلَيْهِمْ تَرْكهمْ , حَتَّى لَمَّا أَرَادَ الِانْتِصَار مِنْهُمْ , أَمَرَهُ بِجِهَادِهِمْ وَقِتَالهمْ , وَالْغِلْظَة عَلَيْهِمْ ). آخِر تَفْسِير سُورَة وَالسَّمَاء وَالطَّارِق .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى } </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : عَظِّمْ رَبّك الْأَعْلَى , لَا رَبّ أَعْلَى مِنْهُ وَأَعْظَم . وَكَانَ بَعْضهمْ إِذَا قَرَأَ ذَلِكَ قَالَ : سُبْحَان رَبِّي الْأَعْلَى . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28633 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عُمَر أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ : ( { سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى } : سُبْحَان رَبِّي الْأَعْلَى { الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى } قَالَ : وَهِيَ فِي قِرَاءَة أُبَيّ بْن كَعْب كَذَلِكَ ). 28634 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ عَبْد خَيْر , قَالَ : سَمِعْت عَلِيًّا رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَرَأَ : ( { سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى } فَقَالَ : سُبْحَان رَبِّي الْأَعْلَى ). 28635 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق الْهَمْدَانِيّ , أَنَّ اِبْن عَبَّاس كَانَ إِذَا قَرَأَ : ( { سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى } يَقُول : سُبْحَان رَبِّي الْأَعْلَى , وَإِذَا قَرَأَ : { لَا أُقْسِم بِيَوْمِ الْقِيَامَة } [75 1 ]فَأَتَى عَلَى آخِرهَا { أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِي الْمَوْتَى } ؟ [75 40 ]يَقُول : سُبْحَانك اللَّهُمَّ وَبَلَى ). 28636 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى } ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَرَأَهَا قَالَ : سُبْحَان رَبِّي الْأَعْلَى )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ خَارِجَة , عَنْ دَاوُد , عَنْ زِيَاد بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : سَمِعْت اِبْن عَبَّاس يَقْرَأ فِي صَلَاة الْمَغْرِب ( { سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى } سُبْحَان رَبِّي الْأَعْلَى ). وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : نَزِّهْ يَا مُحَمَّد اِسْم رَبّك الْأَعْلَى , أَنْ تُسَمِّي بِهِ شَيْئًا سِوَاهُ , يَنْهَاهُ بِذَلِكَ أَنْ يَفْعَل مَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ , مِنْ تَسْمِيَتهمْ آلِهَتهمْ بَعْضهَا اللَّات وَبَعْضهَا الْعُزَّى . وَقَالَ غَيْرهمْ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : نَزِّهْ اللَّه عَمَّا يَقُول فِيهِ الْمُشْرِكُونَ كَمَا قَالَ : { وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُون اللَّه فَيَسُبُّوا اللَّه عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْم } [6 108 ]وَقَالُوا : مَعْنَى ذَلِكَ : سَبِّحْ رَبّك الْأَعْلَى ; قَالُوا : وَلَيْسَ الِاسْم مَعْنِيّ . وَقَالَ آخَرُونَ : نَزِّهْ تَسْمِيَتك يَا مُحَمَّد رَبّك الْأَعْلَى وَذِكْرك إِيَّاهُ , أَنْ تَذْكُرهُ إِلَّا وَأَنْتَ لَهُ خَاشِع مُتَذَلِّل ; قَالُوا وَإِنَّمَا عُنِيَ بِالِاسْمِ : التَّسْمِيَة , وَلَكِنْ وُضِعَ الِاسْم مَكَان الْمَصْدَر . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى قَوْله : { سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى } : صَلِّ بِذِكْرِ رَبّك يَا مُحَمَّد , يَعْنِي بِذَلِكَ : صَلِّ وَأَنْتَ لَهُ ذَاكِر , وَمِنْهُ وَجِل خَائِف . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ عِنْدنَا بِالصَّوَابِ : قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : نَزِّهْ اِسْم رَبّك أَنْ تَدْعُو بِهِ الْآلِهَة وَالْأَوْثَان , لِمَا ذَكَرْت مِنْ الْأَخْبَار , عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ الصَّحَابَة أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قَرَءُوا ذَلِكَ قَالُوا : سُبْحَان رَبِّي الْأَعْلَى , فَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ مَعْنَاهُ كَانَ عِنْدهمْ مَعْلُومًا : عَظِّمْ اِسْم رَبّك , وَنَزِّهْهُ .
وَقَوْله : { الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى } يَقُول : الَّذِي خَلَقَ الْأَشْيَاء فَسَوَّى خَلْقهَا وَعَدَلَهَا ; وَالتَّسْوِيَة التَّعْدِيل .
وَقَوْله : { وَاَلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاَلَّذِي قَدَّرَ خَلْقه فَهَدَى . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنَى الَّذِي عُنِيَ بِقَوْلِهِ : { فَهَدَى } , فَقَالَ بَعْضهمْ : هَدَى الْإِنْسَان لِسَبِيلِ الْخَيْر وَالشَّرّ , وَالْبَهَائِم لِلْمَرَاتِعِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28637 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { قَدَّرَ فَهَدَى } قَالَ : هَدَى الْإِنْسَان لِلشِّقْوَةِ وَالسَّعَادَة , وَهَدَى الْإِنْسَان لِمَرَاتِعِهَا ). وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : هَدَى الذُّكُور لِمَأْتَى الْإِنَاث . وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَة بِذَلِكَ فِيمَا مَضَى . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا : أَنَّ اللَّه عَمَّ بِقَوْلِهِ { فَهَدَى } الْخَبَر عَنْ هِدَايَته خَلْقه , وَلَمْ يُخَصِّص مِنْ ذَلِكَ مَعْنًى دُون مَعْنًى , وَقَدْ هَدَاهُمْ لِسَبِيلِ الْخَيْر وَالشَّرّ , وَهَدَى الذُّكُور لِمَأْتَى الْإِنَاث , فَالْخَبَر عَلَى عُمُومه , حَتَّى يَأْتِي خَبَر تَقُوم بِهِ الْحُجَّة , دَالّ عَلَى خُصُوصه . وَاجْتَمَعَتْ قُرَّاء الْأَمْصَار عَلَى تَشْدِيد الدَّال مِنْ قَدَّرَ , غَيْر الْكِسَائِيّ فَإِنَّهُ خَفَّفَهَا . وَالصَّوَاب فِي ذَلِكَ التَّشْدِيد , لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة عَلَيْهِ .
وَقَوْله : { وَاَلَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى } يَقُول : وَاَلَّذِي أَخْرَجَ مِنْ الْأَرْض مَرْعَى الْأَنْعَام , مِنْ صُنُوف النَّبَات وَأَنْوَاع الْحَشِيش . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28638- حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن مُكْرَم , قَالَ ثَنَا الْحَفَرِيّ , قَالَ ثَنَا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ أَبِي رَزِين ( { أَخْرَجَ الْمَرْعَى } قَالَ النَّبَات ). 28639 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَاَلَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى } . . . الْآيَة , نَبَتَ كَمَا رَأَيْتُمْ , بَيْن أَصْفَر وَأَحْمَر وَأَبْيَض ).
وَقَوْله : { فَجَعَلَهُ غُثَاء أَحْوَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَجَعَلَ ذَلِكَ الْمَرْعَى غُثَاء , وَهُوَ مَا جَفَّ مِنْ النَّبَات وَيَبِسَ , فَطَارَتْ بِهِ الرِّيح ; وَإِنَّمَا عُنِيَ بِهِ هَاهُنَا أَنَّهُ جَعَلَهُ هَشِيمًا يَابِسًا مُتَغَيِّرًا إِلَى الْحُوَّة , وَهِيَ السَّوَاد , مِنْ الْبَيَاض أَوْ الْخُضْرَة , مِنْ شِدَّة الْيُبْس . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28640 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { غُثَاء أَحْوَى } يَقُول : هَشِيمًا مُتَغَيِّرًا )28641 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن نَجِيح عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { غُثَاء أَحْوَى } قَالَ : غُثَاء السَّيْل أَحْوَى , قَالَ : أَسْوَد ). 28642 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { غُثَاء أَحْوَى } قَالَ : يَعُود يَبِسًا بَعْد خُضْرَة ). 28643 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { فَجَعَلَهُ غُثَاء أَحْوَى } قَالَ : كَانَ بَقْلًا وَنَبَاتًا أَخْضَر , ثُمَّ هَاجَ فَيَبِسَ , فَصَارَ غُثَاء أَحْوَى , تَذْهَب بِهِ الرِّيَاح وَالسُّيُول ). وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعِلْم بِكَلَامِ الْعَرَب يَرَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْمُؤَخَّر الَّذِي مَعْنَاهُ التَّقْدِيم , وَأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : وَاَلَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى أَحْوَى : أَيْ أَخْضَر إِلَى السَّوَاد , فَجَعَلَهُ غُثَاء بَعْد ذَلِكَ , وَيَعْتَلّ لِقَوْلِهِ ذَلِكَ بِقَوْلِ ذِي الرُّمَّة : <br>حَوَّاء قَرْحَاء أَشْرَاطِيَّة وَكَفَتْ .......... فِيهَا الذَّهَاب وَحَفَّتْهَا الْبَرَاعِيم <br>وَهَذَا الْقَوْل وَإِنْ كَانَ غَيْر مَدْفُوع أَنْ يَكُون مَا اِشْتَدَّتْ خُضْرَته مِنْ النَّبَات , قَدْ تُسَمِّيه الْعَرَب أَسْوَد , غَيْر صَوَاب عِنْدِي بِخِلَافِهِ تَأْوِيل أَهْل التَّأْوِيل فِي أَنَّ الْحَرْف إِنَّمَا يُحْتَال لِمَعْنَاهُ الْمُخَرَّج بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِير إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَجْه مَفْهُوم إِلَّا بِتَقْدِيمِهِ عَنْ مَوْضِعه , أَوْ تَأْخِيره , فَإِمَّا وَلَهُ فِي مَوْضِعه وَجْه صَحِيح فَلَا وَجْه لِطَلَبِ الِاحْتِيَال لِمَعْنَاهُ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِير .
وَقَوْله : { سَنُقْرِئُك فَلَا تَنْسَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : سَنُقْرِئُك يَا مُحَمَّد هَذَا الْقُرْآن فَلَا تَنْسَاهُ , إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه . ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله { فَلَا تَنْسَى إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه } فَقَالَ بَعْضهمْ : هَذَا إِخْبَار مِنْ اللَّه نَبِيّه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَنَّهُ يُعَلِّمهُ هَذَا الْقُرْآن , وَيَحْفَظهُ عَلَيْهِ , وَنَهْي مِنْهُ أَنْ يَعْجَل بِقِرَاءَتِهِ , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { لَا تُحَرِّك بِهِ لِسَانك لِتَعْجَل بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعه وَقُرْآنه }. [75 16 : 17 ]ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28644- حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { سَنُقْرِئُك فَلَا تَنْسَى } قَالَ : كَانَ يَتَذَكَّر الْقُرْآن فِي نَفْسه مَخَافَة أَنْ يَنْسَى . )فَقَالَ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَة : مَعْنَى الِاسْتِثْنَاء فِي هَذَا الْمَوْضِع عَلَى النِّسْيَان , وَمَعْنَى الْكَلَام : فَلَا تَنْسَى , إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه أَنْ تَنْسَاهُ , وَلَا تَذْكُرهُ , قَالُوا : ذَلِكَ هُوَ مَا نَسَخَهُ اللَّه مِنْ الْقُرْآن , فَرَفَعَ حُكْمه وَتِلَاوَته . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28645 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { سَنُقْرِئُك فَلَا تَنْسَى } كَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْسَى شَيْئًا { إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه } ). وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى النِّسْيَان فِي هَذَا الْمَوْضِع : التَّرْك ; وَقَالُوا : مَعْنَى الْكَلَام : سَنُقْرِئُك يَا مُحَمَّد فَلَا تَتْرُك الْعَمَل بِشَيْءٍ مِنْهُ , إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه أَنْ تَتْرُك الْعَمَل بِهِ , مِمَّا نَنْسَخهُ . وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة يَقُول فِي ذَلِكَ : لَمْ يَشَأْ اللَّه أَنْ تَنْسَى شَيْئًا , وَهُوَ كَقَوْلِهِ : { خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَاوَات وَالْأَرْض إِلَّا مَا شَاءَ رَبّك } [11 107 ]وَلَا يَشَاء . قَالَ : وَأَنْتَ قَائِل فِي الْكَلَام : لَأُعْطِيَنَّك كُلّ مَا سَأَلْت إِلَّا مَا شِئْت , وَإِلَّا أَنْ أَشَاء أَنْ أَمْنَعك , وَالنِّيَّة أَنْ لَا تَمْنَعهُ , وَلَا تَشَاء شَيْئًا . قَالَ : وَعَلَى هَذَا مَجَارِي الْأَيْمَان , يَسْتَثْنِي فِيهَا , وَنِيَّة الْحَالِف : اللِّمَام . وَالْقَوْل الَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ عِنْدِي , قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : فَلَا تَنْسَى إِلَّا أَنْ نَشَاء نَحْنُ أَنْ نُنْسِيكَهُ بِنَسْخِهِ وَرَفْعه . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ , لِأَنَّ ذَلِكَ أَظْهَر مَعَانِيه .
وَقَوْله : { سَنُقْرِئُك فَلَا تَنْسَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : سَنُقْرِئُك يَا مُحَمَّد هَذَا الْقُرْآن فَلَا تَنْسَاهُ , إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه . ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله { فَلَا تَنْسَى إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه } فَقَالَ بَعْضهمْ : هَذَا إِخْبَار مِنْ اللَّه نَبِيّه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَنَّهُ يُعَلِّمهُ هَذَا الْقُرْآن , وَيَحْفَظهُ عَلَيْهِ , وَنَهْي مِنْهُ أَنْ يَعْجَل بِقِرَاءَتِهِ , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { لَا تُحَرِّك بِهِ لِسَانك لِتَعْجَل بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعه وَقُرْآنه } . [75 16 : 17 ]ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28644 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { سَنُقْرِئُك فَلَا تَنْسَى } قَالَ : كَانَ يَتَذَكَّر الْقُرْآن فِي نَفْسه مَخَافَة أَنْ يَنْسَى . )فَقَالَ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَة : مَعْنَى الِاسْتِثْنَاء فِي هَذَا الْمَوْضِع عَلَى النِّسْيَان , وَمَعْنَى الْكَلَام : فَلَا تَنْسَى , إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه أَنْ تَنْسَاهُ , وَلَا تَذْكُرهُ , قَالُوا : ذَلِكَ هُوَ مَا نَسَخَهُ اللَّه مِنْ الْقُرْآن , فَرَفَعَ حُكْمه وَتِلَاوَته . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28645 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { سَنُقْرِئُك فَلَا تَنْسَى } كَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْسَى شَيْئًا { إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه } ). وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى النِّسْيَان فِي هَذَا الْمَوْضِع : التَّرْك ; وَقَالُوا : مَعْنَى الْكَلَام : سَنُقْرِئُك يَا مُحَمَّد فَلَا تَتْرُك الْعَمَل بِشَيْءٍ مِنْهُ , إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه أَنْ تَتْرُك الْعَمَل بِهِ , مِمَّا نَنْسَخهُ . وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة يَقُول فِي ذَلِكَ : لَمْ يَشَأْ اللَّه أَنْ تَنْسَى شَيْئًا , وَهُوَ كَقَوْلِهِ : { خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَاوَات وَالْأَرْض إِلَّا مَا شَاءَ رَبّك } [11 107 ]وَلَا يَشَاء . قَالَ : وَأَنْتَ قَائِل فِي الْكَلَام : لَأُعْطِيَنَّك كُلّ مَا سَأَلْت إِلَّا مَا شِئْت , وَإِلَّا أَنْ أَشَاء أَنْ أَمْنَعك , وَالنِّيَّة أَنْ لَا تَمْنَعهُ , وَلَا تَشَاء شَيْئًا . قَالَ : وَعَلَى هَذَا مَجَارِي الْأَيْمَان , يَسْتَثْنِي فِيهَا , وَنِيَّة الْحَالِف : اللِّمَام . وَالْقَوْل الَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ عِنْدِي , قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : فَلَا تَنْسَى إِلَّا أَنْ نَشَاء نَحْنُ أَنْ نُنْسِيكَهُ بِنَسْخِهِ وَرَفْعه . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ , لِأَنَّ ذَلِكَ أَظْهَر مَعَانِيه .|إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى|وَقَوْله { إِنَّهُ يَعْلَم الْجَهْر وَمَا يَخْفَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّه يَعْلَم الْجَهْر يَا مُحَمَّد مِنْ عَمَلك , مَا أَظْهَرْته وَأَعْلَنْته { وَمَا يَخْفَى } يَقُول : وَمَا يَخْفَى مِنْهُ فَلَمْ تُظْهِرهُ , مِمَّا كَتَمْته , يَقُول : هُوَ يَعْلَم جَمِيع أَعْمَالك , سِرّهَا وَعَلَانِيَتهَا ; يَقُول : فَاحْذَرْهُ أَنْ يَطَّلِع عَلَيْك وَأَنْتَ عَامِل فِي حَال مِنْ أَحْوَالك بِغَيْرِ الَّذِي أَذِنَ لَك بِهِ .
الْقَوْلِ فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَنُيَسِّرُك لِلْيُسْرَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَنُسَهِّلك يَا مُحَمَّد لِعَمَلِ الْخَيْر , وَهُوَ الْيُسْرَى ; وَالْيُسْرَى : هُوَ الْفُعْلَى مِنْ الْيُسْر .
وَقَوْله : { فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتْ الذِّكْرَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَذَكِّرْ عِبَاد اللَّه يَا مُحَمَّد عَظَمَته , وَعِظْهُمْ , وَحَذِّرْهُمْ عُقُوبَته { إِنْ نَفَعَتْ الذِّكْرَى } يَقُول : إِنْ نَفَعَتْ الذِّكْرَى الَّذِينَ قَدْ آيَسْتُك مِنْ إِيمَانهمْ , فَلَا تَنْفَعهُمْ الذِّكْرَى . وَقَوْله { فَذَكِّرْ } أَمْر مِنْ اللَّه لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَذْكِيرِ جَمِيع النَّاس , ثُمَّ قَالَ : إِنْ نَفَعَتْ الذِّكْرَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَدْ آيَسْتُك مِنْ إِيمَانهمْ .
وَقَوْله : { سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : سَيَذَّكَّرُ يَا مُحَمَّد إِذْ ذَكَّرْت الَّذِينَ أَمَرْتُك بِتَذْكِيرِهِمْ مَنْ يَخْشَى اللَّه , وَيَخَاف عِقَابه
{ وَيَتَجَنَّبهَا } يَقُول : وَيَتَجَنَّب الذِّكْرَى { الْأَشْقَى } يَعْنِي : أَشْقَى الْفَرِيقَيْنِ { الَّذِي يَصْلَى النَّار الْكُبْرَى } وَهُمْ الَّذِينَ لَمْ تَنْفَعهُمْ الذِّكْرَى . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28646 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتْ الذِّكْرَى سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى } فَاتَّقُوا اللَّه , مَا خَشِيَ اللَّه عَبْد قَطُّ إِلَّا ذَكَرَهُ { وَيَتَجَنَّبهَا الْأَشْقَى } فَلَا وَاَللَّه لَا يَتَنَكَّب عَبْد هَذَا الذِّكْر زُهْدًا فِيهِ وَبُغْضًا لِأَهْلِهِ , إِلَّا شَقِيّ بَيِّن الشَّقَاء ).
وَقَوْله : { الَّذِي يَصْلَى النَّار الْكُبْرَى } يَقُول : الَّذِي يَرِد نَار جَهَنَّم , وَهِيَ النَّار الْكُبْرَى , وَيَعْنِي بِالْكُبْرَى لِشِدَّةِ الْحَرّ وَالْأَلَم .