islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

تفسير الطبرى
15171

47-محمد

الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ

وَقَوْله : { فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْء فَمَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَمَا أُعْطِيتُمْ أَيّهَا النَّاس مِنْ شَيْء مِنْ رِيَاش الدُّنْيَا مِنْ الْمَال وَالْبَنِينَ , فَمَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا , يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَهُوَ مَتَاع لَكُمْ تَتَمَتَّعُونَ بِهِ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا , وَلَيْسَ مِنْ دَار الْآخِرَة , وَلَا مِمَّا يَنْفَعكُمْ فِي مُعَادكُمْ .|وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى|يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَالَّذِي عِنْد اللَّه لِأَهْلِ طَاعَته وَالْإِيمَان بِهِ فِي الْآخِرَة , خَيْر مِمَّا أُوتِيتُمُوهُ فِي الدُّنْيَا مِنْ مَتَاعهَا وَأَبْقَى ; لِأَنَّ مَا أُوتِيتُمْ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُ نَافِد , وَمَا عِنْد اللَّه مِنْ النَّعِيم فِي جِنَانه لِأَهْلِ طَاعَته بَاقٍ غَيْر نَافِد .|لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ|يَقُول : وَمَا عِنْد اللَّه لِلَّذِينَ آمَنُوا بِهِ , وَعَلَيْهِ يَتَوَكَّلُونَ فِي أُمُورهمْ , وَإِلَيْهِ يَقُومُونَ فِي أَسْبَابهمْ , وَبِهِ يَثِقُونَ , خَيْر وَأَبْقَى مِمَّا أُوتِيتُمُوهُ مِنْ مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا .

وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآَمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِر الْإِثْم وَالْفَوَاحِش } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا عِنْد اللَّه لِلَّذِينَ آمَنُوا { وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِر الْإِثْم } , وَكَبَائِر فَوَاحِش الْإِثْم , قَدْ بَيَّنَّا اخْتِلَاف أَهْل التَّأْوِيل فِيهَا وَبَيَّنَّا الصَّوَاب مِنَ الْقَوْل عِنْدنَا فِيهَا فِي سُورَة النِّسَاء , فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَته هَا هُنَا . { وَالْفَوَاحِش } قِيلَ : إِنَّهَا الزِّنَى : ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23737 - مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ ( { وَالْفَوَاحِش } قَالَ : الْفَوَاحِش : الزِّنَى . )وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { كَبَائِر الْإِثْم } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة عَلَى الْجِمَاع كَذَلِكَ فِي النَّجْم , وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة | كَبِير الْإِثْم | عَلَى التَّوْحِيد فِيهِمَا جَمِيعًا ; وَكَأَنَّ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , عَنَى بِكَبِيرِ الْإِثْم : الشِّرْك , كَمَا كَانَ الْفَرَّاء يَقُول : كَأَنِّي أَسْتَحِبّ لِمَنْ قَرَأَ كَبَائِر الْإِثْم أَنْ يَخْفِض الْفَوَاحِش , لِتَكُونَ الْكَبَائِر مُضَافَة إِلَى مَجْمُوع إِذْ كَانَتْ جَمْعًا , وَقَالَ : مَا سَمِعْت أَحَدًا مِنَ الْقُرَّاء خَفَضَ الْفَوَاحِش . وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ قَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا عُلَمَاء مِنْ الْقُرَّاء عَلَى تَقَارُب مَعْنَيَيْهِمَا , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب .|وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ|وَقَوْله : { وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِذَا مَا غَضِبُوا عَلَى مَنْ اجْتَرَمَ إِلَيْهِمْ جُرْمًا , هُمْ يَغْفِرُونَ لِمَنْ أَجْرَمَ إِلَيْهِمْ ذَنْبه , وَيَصْفَحُونَ عَنْهُ عُقُوبَة ذَنْبه .

ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ

وَقَوْله : { وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَالَّذِينَ أَجَابُوا لِرَبِّهِمْ حِين دَعَاهُمْ إِلَى تَوْحِيده , وَالْإِقْرَار بِوَحْدَانِيِّتِهِ وَالْبَرَاءَة مِنْ عِبَادَة كُلّ مَا يَعْبُد دُونه { وَأَقَامُوا الصَّلَاة } الْمَفْرُوضَة بِحُدُودِهَا فِي أَوْقَاتهَا . وَكَانَ ابْن زَيْد يَقُول : عَنَى بِقَوْلِهِ : { وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ } . .. الْآيَة الْأَنْصَار . 23738 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , وَقَرَأَ ( { وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِر الْإِثْم وَالْفَوَاحِش وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ } قَالَ : فَبَدَأَ بِهِمْ { وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ } الْأَنْصَار { وَأَقَامُوا الصَّلَاة } وَلَيْسَ فِيهِمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وَأَمْرهمْ شُورَى بَيْنهمْ } لَيْسَ فِيهِمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضًا .)|وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ|يَقُول : وَإِذَا حَزَبَهُمْ أَمْر تَشَاوَرُوا بَيْنهمْ.|وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ|يَقُول : وَمِنَ الْأَمْوَال الَّتِي رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فِي سَبِيل اللَّه , وَيُؤَدُّونَ مَا فُرِضَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْحُقُوق لِأَهْلِهَا مِنْ زَكَاة وَنَفَقَة عَلَى مَنْ تَجِب عَلَيْهِ نَفَقَته .

فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْي هُمْ يَنْتَصِرُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَالَّذِينَ إِذَا بَغَى عَلَيْهِمْ بَاغٍ , وَاعْتَدَى عَلَيْهِمْ هُمْ يَنْتَصِرُونَ . ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْبَاغِي الَّذِي حَمِدَ تَعَالَى ذِكْره , الْمُنْتَصِر مِنْهُ بَعْد بَغْيه عَلَيْهِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ الْمُشْرِك إِذَا بَغَى عَلَى الْمُسْلِم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23739 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْن وَهْب قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد : (ذَكَرَ الْمُهَاجِرِينَ صِنْفَيْنِ , صِنْفًا عَفَا , وَصِنْفًا انْتَصَرَ , وَقَرَأَ { وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِر الْإِثْم وَالْفَوَاحِش وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ } قَالَ : فَبَدَأَ بِهِمْ { وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ } . .. إِلَى قَوْله : { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } وَهُمُ الْأَنْصَار , ثُمَّ ذَكَرَ الصِّنْف الثَّالِث فَقَالَ : { وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْي هُمْ يَنْتَصِرُونَ } مِنَ الْمُشْرِكِينَ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ كُلّ بَاغٍ بَغَى فَحَمِدَ الْمُنْتَصِر مِنْهُ ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23740 -حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ , فِي قَوْله : ( { وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْي هُمْ يَنْتَصِرُونَ } قَالَ : يَنْتَصِرُونَ مِمَّنْ بَغَى عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْر أَنْ يَعْتَدُوا . )وَهَذَا الْقَوْل الثَّانِي أَوْلَى فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ , لِأَنَّ اللَّه لَمْ يُخَصِّص مِنْ ذَلِكَ مَعْنَى دُون مَعْنَى , بَلْ حَمِدَ كُلّ مُنْتَصِر بِحَقٍّ مِمَّنْ بَغَى عَلَيْهِ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَمَا فِي الِانْتِصَار مِنَ الْمَدْح ؟ قِيلَ : إِنَّ فِي إِقَامَة الظَّالِم عَلَى سَبِيل الْحَقّ وَعُقُوبَته بِمَا هُوَ لَهُ أَهْل تَقْوِيمًا لَهُ , وَفِي ذَلِكَ أَعْظَم الْمَدْح .

سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ

وَقَوْله : { وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلهَا } وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى مَعْنَى ذَلِكَ , وَأَنَّ مَعْنَاهُ : وَجَزَاء سَيِّئَة الْمُسِيء عُقُوبَته بِمَا أَوْجَبَهُ اللَّه عَلَيْهِ , فَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ عُقُوبَة مِنَ اللَّه أَوْجَبَهَا عَلَيْهِ , فَهِيَ مَسَاءَة لَهُ . وَالسَّيِّئَة : إِنَّمَا هِيَ الْفَعْلَة مِنْ السُّوء , وَذَلِكَ نَظِير قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ { وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلهَا } [6 160 ]وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : أَنْ يُجَاب الْقَائِل الْكَلِمَة الْقَزَعَة بِمِثْلِهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23741 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : قَالَ لِي أَبُو بِشْر : سَمِعْت ابْن أَبِي نَجِيح يَقُول فِي قَوْله : ( { وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مِثْلهَا } قَالَ : يَقُول أَخْزَاهُ اللَّه , فَيَقُول : أَخْزَاهُ اللَّه . )23742 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ , فِي قَوْله : ( { وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مِثْلهَا } قَالَ : إِذَا شَتَمَك بِشَتْمَةٍ فَاشْتُمْهُ مِثْلهَا مِنْ غَيْر أَنْ تَعْتَدِي . )وَكَانَ ابْن زَيْد يَقُول فِي ذَلِكَ بِمَا : 23743 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي : ( { وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْي هُمْ يَنْتَصِرُونَ } مِنَ الْمُشْرِكِينَ { وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مِثْلهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ } . ... الْآيَة , لَيْسَ أَمْركُمْ أَنْ تَعْفُوا عَنْهُمْ لِأَنَّهُ أَحَبَّهُمْ { وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْد ظُلْمه فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيل } , ثُمَّ نَسَخَ هَذَا كُلّه وَأَمَرَهُ بِالْجِهَادِ. )فَعَلَى قَوْل ابْن زَيْد هَذَا تَأْوِيل الْكَلَام : وَجَزَاء سَيِّئَة مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلَيْك , سَيِّئَة مِثْلهَا مِنْكُمْ إِلَيْهِمْ , وَإِنْ عَفَوْتُمْ وَأَصْلَحْتُمْ فِي الْعَفْو , فَأَجْركُمْ فِي عَفْوكُمْ عَنْهُمْ إِلَى اللَّه , إِنَّهُ لَا يُحِبّ الْكَافِرِينَ ; وَهَذَا عَلَى قَوْله كَقَوْلِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ { فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّه } [2 194 ]وَلِلَّذِي قَالَ مِنْ ذَلِكَ وَجْه غَيْر أَنَّ الصَّوَاب عِنْدنَا : أَنْ تُحْمَل الْآيَة عَلَى الظَّاهِر مَا لَمْ يَنْقُلهُ إِلَى الْبَاطِن مَا يَجِب التَّسْلِيم لَهَا , وَلَمْ يَثْبُت حُجَّة فِي قَوْله : { وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مِثْلهَا } أَنَّهُ مُرَاد بِهِ الْمُشْرِكُونَ دُون الْمُسْلِمِينَ , وَلَا بِأَنَّ هَذِهِ الْآيَة مَنْسُوخَة , فَنُسَلِّم لَهَا بِأَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ .|فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ|وَقَوْله : { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْره عَلَى اللَّه } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَمَنْ عَفَا عَمَّنْ أَسَاءَ إِلَيْهِ إِسَاءَته إِلَيْهِ , فَغَفَرَهَا لَهُ , وَلَمْ يُعَاقِبهُ بِهَا , وَهُوَ عَلَى عُقُوبَته عَلَيْهَا قَادِر ابْتِغَاء وَجْه اللَّه , فَأَجْر عَفْوه ذَلِكَ عَلَى اللَّه , وَاللَّه مُثِيبه عَلَيْهِ ثَوَابه.|إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ|يَقُول : إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ أَهْل الظُّلْم الَّذِينَ يَتَعَدُّونَ عَلَى النَّاس , فَيُسِيئُونَ إِلَيْهِمْ بِغَيْرِ مَا أَذِنَ اللَّه لَهُمْ فِيهِ .

وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْد ظُلْمه فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيل } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَمَنِ انْتَصَرَ مِمَّنْ ظَلَمَهُ مِمَّنْ بَعْد ظُلْمه إِيَّاهُ { فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيل } يَقُول : فَأُولَئِكَ الْمُنْتَصِرُونَ مِنْهُمْ لَا سَبِيل لِلْمُنْتَصِرِ مِنْهُمْ عَلَيْهِمْ بِعُقُوبَةٍ لَا أَذًى ; لِأَنَّهُمْ انْتَصَرُوا مِنْهُمْ بِحَقٍّ , وَمَنْ أَخَذَ حَقّه مِمَّنْ وَجَبَ ذَلِكَ لَهُ عَلَيْهِ , وَلَمْ يَتَعَدَّ , لَمْ يَظْلِم , فَيَكُون عَلَيْهِ سَبِيل , وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنِيّ بِذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِهِ كُلّ مُنْتَصِر مِمَّنْ أَسَاءَ إِلَيْهِ , مُسْلِمًا كَانَ الْمُسِيء أَوْ كَافِرًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23744 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن بَزِيع , قَالَ : ثنا مُعَاذ , قَالَ : ثنا ابْن عَوْن , قَالَ : كُنْت أَسْأَل عَنْ الِانْتِصَار { وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْد ظُلْمه } . . . الْآيَة , فَحَدَّثَنِي عَلِيّ بْن زَيْد بْن جُدْعَان , عَنْ أُمّ مُحَمَّد امْرَأَة أَبِيهِ , قَالَ ابْن عَوْن : زَعَمُوا أَنَّهَا كَانَتْ تَدْخُل عَلَى أُمّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ : قَالَتْ أُمّ الْمُؤْمِنِينَ : (دَخَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَعِنْدنَا زَيْنَب بِنْت جَحْش , فَجَعَلَ يَصْنَع بِيَدِهِ شَيْئًا , وَلَمْ يَفْطِن لَهَا , فَقُلْت بِيَدِي حَتَّى فَطَّنْته لَهَا , فَأَمْسَكَ , وَأَقْبَلَتْ زَيْنَب تَقَحَّمُ عَائِشَة , فَنَهَاهَا , فَأَبَتْ أَنْ تَنْتَهِيَ , فَقَالَ لِعَائِشَة : | سُبِّيهَا | فَسَبَّتْهَا وَغَلَبَتْهَا وَانْطَلَقَتْ زَيْنَب فَأَتَتْ عَلِيًّا , فَقَالَتْ : إِنَّ عَائِشَة تَقَع بِكُمْ وَتَفْعَل بِكُمْ , فَجَاءَتْ فَاطِمَة , فَقَالَ لَهَا : | إِنَّهَا حِبَّة أَبِيك وَرَبّ الْكَعْبَة | , فَانْصَرَفَتْ وَقَالَتْ لِعَلِيٍّ : إِنِّي قُلْت لَهُ كَذَا وَكَذَا , فَقَالَ كَذَا وَكَذَا ; قَالَ : وَجَاءَ عَلِيّ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمَهُ فِي ذَلِكَ. )23745 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْد ظُلْمه } . .. الْآيَة , قَالَ : هَذَا فِي الْخَمْش يَكُون بَيْن النَّاس . )23746 -حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْد ظُلْمه فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيل } قَالَ : هَذَا فِيمَا يَكُون بَيْن النَّاس مِنَ الْقِصَاص , فَأَمَّا لَوْ ظَلَمَك رَجُل لَمْ يَحِلّ لَك أَنْ تَظْلِمهُ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِهِ الِانْتِصَار مِنْ أَهْل الشِّرْك , وَقَالَ : هَذَا مَنْسُوخ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23747 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْد ظُلْمه فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيل } قَالَ : لِمَنْ انْتَصَرَ بَعْد ظُلْمه مِنَ الْمُؤْمِنِينَ انْتَصَرَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَهَذَا قَدْ نُسِخَ , وَلَيْسَ هَذَا فِي أَهْل الْإِسْلَام , وَلَكِنْ فِي أَهْل الْإِسْلَام الَّذِي قَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن فَإِذَا الَّذِي بَيْنك وَبَيْنه عَدَاوَة كَأَنَّهُ وَلِيّ حَمِيم } [41 34 ])وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل أَنْ يُقَال : إِنَّهُ مَعْنِيّ بِهِ كُلّ مُنْتَصِر مِنْ ظَالِمه , وَأَنَّ الْآيَة مُحْكَمَة غَيْر مَنْسُوخَة لِلْعِلَّةِ الَّتِي بَيَّنْت فِي الْآيَة قَبْلهَا.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ

وَقَوْله : { إِنَّمَا السَّبِيل عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاس } يَقُول تَبَارَكَ وَتَعَالَى : إِنَّمَا الطَّرِيق لَكُمْ أَيّهَا النَّاس عَلَى الَّذِينَ يَتَعَدُّونَ عَلَى النَّاس ظُلْمًا وَعُدْوَانًا , بِأَنْ يُعَاقِبُوهُمْ بِظُلْمِهِمْ لَا عَلَى مَنْ انْتَصَرَ مِمَّنْ ظَلَمَهُ , فَأَخَذَ مِنْهُ حَقّه .|وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ|وَقَوْله : { وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْض بِغَيْرِ الْحَقّ } يَقُول : وَيَتَجَاوَزُونَ فِي أَرْض اللَّه الْحَدّ الَّذِي أَبَاحَ لَهُمْ رَبّهمْ إِلَى مَا لَمْ يَأْذَن لَهُمْ فِيهِ , فَيُفْسِدُونَ فِيهَا بِغَيْرِ الْحَقّ .|أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ|يَقُول : فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاس , وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْض بِغَيْرِ الْحَقّ , لَهُمْ عَذَاب مِنَ اللَّه يَوْم الْقِيَامَة فِي جَهَنَّم مُؤْلِم مُوجِع .

وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَمَنْ صَبَرَ عَلَى إِسَاءَة إِلَيْهِ , وَغَفَرَ لِلْمُسِيءِ إِلَيْهِ جُرْمه إِلَيْهِ , فَلَمْ يَنْتَصِر مِنْهُ , وَهُوَ عَلَى الِانْتِصَار مِنْهُ قَادِر ابْتِغَاء وَجْه اللَّه وَجَزِيل ثَوَابه . { إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْم الْأُمُور } يَقُول : إِنَّ صَبْره ذَلِكَ وَغُفْرَانه ذَنْب الْمُسِيء إِلَيْهِ , لَمِنْ عَزْم الْأُمُور الَّتِي نَدَبَ إِلَيْهَا عِبَاده , وَعَزَمَ عَلَيْهِمُ الْعَمَل بِهِ . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه دُخُول | إِنَّ | فِي قَوْله : { إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْم الْأُمُور } مَعَ دُخُول اللَّام فِي قَوْله : { وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ } فَكَانَ نَحْوِيّ أَهْل الْبَصْرَة يَقُول فِي ذَلِكَ : أَمَّا اللَّام الَّتِي فِي قَوْله : { وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ } فَلَامَ الِابْتِدَاء , وَأَمَّا إِنَّ ذَلِكَ فَمَعْنَاهُ وَاللَّه أَعْلَم : إِنَّ ذَلِكَ مِنْهُ مِنْ عَزْم الْأُمُور , وَقَالَ : قَدْ تَقُول : مَرَرْت بِالدَّارِ الذِّرَاع بِدِرْهَمٍ : أَيْ الذِّرَاع مِنْهَا بِدِرْهَمٍ , وَمَرَرْت بِبُرّ قَفِيز بِدِرْهَمٍ , أَيْ قَفِيز مِنْهُ بِدِرْهَمٍ . قَالَ : وَأَمَّا ابْتِدَاء | إِنَّ | فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَمِثْل { قُلْ إِنَّ الْمَوْت الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ } [62 8 ]يَجُوز ابْتِدَاء الْكَلَام , وَهَذَا إِذَا طَالَ الْكَلَام فِي هَذَا الْمَوْضِع . وَكَانَ بَعْضهمْ يَسْتَخْطِئ هَذَا الْقَوْل وَيَقُول : إِنَّ الْعَرَب إِذَا أَدْخَلَتْ اللَّام فِي أَوَائِل الْجَزَاء أَجَابَتْهُ بِجَوَابَاتِ الْأَيْمَان بِمَا , وَلَا , وَإِنَّ وَاللَّام : قَالَ : وَهَذَا مِنْ ذَاكَ , كَمَا قَالَ : { لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ } [59 12 ] { وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَار ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ } [59 12 ]فَجَاءَ بِلَا وَبِاللَّامِ جَوَابًا لِلَّامِ الْأُولَى. قَالَ : وَلَوْ قَالَ : لَئِنْ قُمْت إِنِّي لَقَائِم لَجَازَ وَلَا حَاجَة بِهِ إِلَى الْعَائِد ; لِأَنَّ الْجَوَاب فِي الْيَمِين قَدْ يَكُون فِيهِ الْعَائِد , وَقَدْ لَا يَكُون ; أَلَا تَرَى أَنَّك تَقُول : لَئِنْ قُمْت لَأَقُومَن , وَلَا أَقُوم , وَإِنِّي لَقَائِم فَلَا تَأْتِي بِعَائِدٍ . قَالَ : وَأَمَّا قَوْلهمْ : مَرَرْت بِدَارِ الذِّرَاع بِدِرْهَمٍ وَبِبُرّ قَفِيز بِدِرْهَمٍ , فَلَا بُدّ مِنْ أَنْ يَتَّصِل بِالْأَوَّلِ بِالْعَائِدِ , وَإِنَّمَا يُحْذَف الْعَائِد فِيهِ ; لِأَنَّ الثَّانِي تَبْعِيض لِلْأَوَّلِ مَرَرْت بِبُرٍّ بَعْضه بِدِرْهَمٍ , وَبَعْضه بِدِرْهَمٍ ; فَلَمَّا كَانَ الْمَعْنَى التَّبْعِيض حُذِفَ الْعَائِد . قَالَ : وَأَمَّا ابْتِدَاء | إِنَّ | فِي كُلّ مَوْضِع إِذَا طَالَ الْكَلَام , فَلَا يَجُوز أَنْ تَبْتَدِئ إِلَّا بِمَعْنَى : قُلْ إِنَّ الْمَوْت الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ , فَإِنَّهُ جَوَاب لِلْجَزَاءِ , كَأَنَّهُ قَالَ : مَا فَرَرْتُمْ مِنْهُ مِنَ الْمَوْت , فَهُوَ مُلَاقِيكُمْ , وَهَذَا الْقَوْل الثَّانِي عِنْدِي أَوْلَى فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ لِلْعِلَلِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا .

ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ

{ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّه فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيّ مِنْ بَعْده } يَقُول : وَمَنْ خَذَلَهُ اللَّه عَنْ الرَّشَاد , فَلَيْسَ لَهُ مِنْ وَلِيّ يَلِيه , فَيَهْدِيه لِسَبِيلِ الصَّوَاب , وَيُسَدِّدهُ مِنْ بَعْد إِضْلَال اللَّه إِيَّاهُ { وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَاب } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَتَرَى الْكَافِرِينَ بِاللَّهِ يَا مُحَمَّد يَوْم الْقِيَامَة لَمَّا عَايَنُوا عَذَاب اللَّه يَقُولُونَ لِرَبِّهِمْ : { هَلْ } لَنَا يَا رَبّ { إِلَى مَرَدّ مِنْ سَبِيل ؟ } وَذَلِكَ كَقَوْلِهِ { وَلَوْ تَرَى إِذْ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسهمْ عِنْد رَبّهمْ رَبّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا } . .. [32 12 ]الْآيَة , اسْتَعْتَبَ الْمَسَاكِين فِي غَيْر حِين الِاسْتِعْتَاب. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23748 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ , فِي قَوْله : ( { هَلْ إِلَى مَرَدّ مِنْ سَبِيل } يَقُول : إِلَى الدُّنْيَا .)

أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلّ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَتَرَى يَا مُحَمَّد الظَّالِمِينَ يُعْرَضُونَ عَلَى النَّار { خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلّ } يَقُول : خَاضِعِينَ مُتَذَلِّلِينَ . كَمَا : 23749 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد : (الْخُشُوع : الْخَوْف وَالْخَشْيَة لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَقَرَأَ قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { لَمَّا رَأَوُا الْعَذَاب } . .. إِلَى قَوْله : { خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلّ } قَالَ : قَدْ أَذَلَّهُمُ الْخَوْف الَّذِي نَزَلَ بِهِمْ وَخَشَعُوا لَهُ . )23750 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ , فِي قَوْله : ( { خَاشِعِينَ } قَالَ : خَاضِعِينَ مِنْ الذُّلّ .)|يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ|وَقَوْله : { يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْف خَفِيّ } يَقُول : يَنْظُر هَؤُلَاءِ الظَّالِمُونَ إِلَى النَّار حِين يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا مِنْ طَرْف خَفِيّ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله : { مِنْ طَرْف خَفِيّ } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : مِنْ طَرْف ذَلِيل , وَكَأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : مِنْ طَرْف قَدْ خَفِيَ مِنْ ذِلَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23751 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلّ } ... إِلَى قَوْله : { مِنْ طَرْف خَفِيّ } يَعْنِي بِالْخَفِيِّ : الذَّلِيل . )23752 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى : وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله عَزَّ وَجَلَّ : ( { مِنْ طَرْف خَفِيّ } قَالَ : ذَلِيل. )قَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ يُسَارِقُونَ النَّظَر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23753 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْف خَفِيّ } قَالَ : يُسَارِقُونَ النَّظَر. )23754 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ ( { مِنْ طَرْف خَفِيّ } قَالَ : يُسَارِقُونَ النَّظَر . )وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة فِي ذَلِكَ : جَعَلَ الطَّرْف الْعَيْن , كَأَنَّهُ قَالَ : وَنَظَرهمْ مِنْ عَيْن ضَعِيفَة , وَاللَّه أَعْلَم . قَالَ : وَقَالَ يُونُس : إِنَّ { مِنْ طَرْف } مِثْل بِطَرْفٍ , كَمَا تَقُول الْعَرَب : ضَرَبْته فِي السَّيْف , وَضَرَبْته بِالسَّيْفِ . وَقَالَ آخَر مِنْهُمْ : إِنَّمَا قِيلَ : { مِنْ طَرْف خَفِيّ } لِأَنَّهُ لَا يَفْتَح عَيْنَيْهِ , إِنَّمَا يَنْظُر بِبَعْضِهَا. وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ : إِنَّمَا قِيلَ : { مِنْ طَرْف خَفِيّ } لِأَنَّهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَى النَّار بِقُلُوبِهِمْ , لِأَنَّهُمْ يُحْشَرُونَ عُمْيًا . وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ , الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنِ ابْن عَبَّاس وَمُجَاهِد , وَهُوَ أَنَّ مَعْنَاهُ : أَنَّهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَى النَّار مِنْ طَرْف ذَلِيل , وَصَفَهُ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِالْخَفَاءِ لِلذِّلَّةِ الَّتِي قَدْ رَكِبَتْهُمْ , حَتَّى كَادَتْ أَعْيُنهمْ أَنْ تَغُور , فَتَذْهَب .|وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ|وَقَوْله : { وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسهمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْم الْقِيَامَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُوله : إِنَّ الْمَغْبُونِينَ الَّذِينَ غَبَنُوا أَنْفُسهمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْم الْقِيَامَة فِي الْجَنَّة . كَمَا : 23755 -حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ , قَوْله : ( { الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسهمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْم الْقِيَامَة } قَالَ : غَبَنُوا أَنْفُسهمْ وَأَهْلِيهِمْ فِي الْجَنَّة .)|أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ|وَقَوْله : { أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَاب مُقِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَلَا إِنَّ الْكَافِرِينَ يَوْم الْقِيَامَة فِي عَذَاب لَهُمْ مِنَ اللَّه مُقِيم عَلَيْهِمْ , ثَابِت لَا يَزُول عَنْهُمْ , وَلَا يَبِيد , وَلَا يَخِفّ .

ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِيَاء يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُون اللَّه } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَمْ يَكُنْ لِهَؤُلَاءِ الْكَافِرِينَ حِين يُعَذِّبهُمْ اللَّه يَوْم الْقِيَامَة أَوْلِيَاء يَمْنَعُونَهُمْ مِنْ عَذَاب اللَّه وَلَا يَنْتَصِرُونَ لَهُمْ مِنْ رَبّهمْ عَلَى مَا نَالَهُمْ بِهِ مِنَ الْعَذَاب مِنْ دُون اللَّه .|وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ سَبِيلٍ|يَقُول : وَمَنْ يَخْذُلهُ عَنْ طَرِيق الْحَقّ فَمَا لَهُ مِنْ طَرِيق إِلَى الْوُصُول إِلَيْهِ ; لِأَنَّ الْهِدَايَة وَالْإِضْلَال بِيَدِهِ دُون كُلّ أَحَد سِوَاهُ .

إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ

وَقَوْله : { اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِلْكَافِرِينَ بِهِ : أَجِيبُوا أَيّهَا النَّاس دَاعِي اللَّه وَآمِنُوا بِهِ وَاتَّبِعُوهُ عَلَى مَا جَاءَكُمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّكُمْ .|مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ|يَقُول : لَا شَيْء يَرُدّ مَجِيئه إِذَا جَاءَ اللَّه بِهِ , وَذَلِكَ يَوْم الْقِيَامَة .|مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ|يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : مَا لَكُمْ أَيّهَا النَّاس مِنْ مَعْقِل تَحْتَرِزُونَ فِيهِ , وَتَلْجَئُونَ إِلَيْهِ , فَتَعْتَصِمُونَ بِهِ مِنَ النَّازِل بِكُمْ مِنْ عَذَاب اللَّه عَلَى كُفْركُمْ بِهِ , كَانَ فِي الدُّنْيَا { وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِير } يَقُول : وَلَا أَنْتُمْ تَقْدِرُونَ لِمَا يَحِلّ بِكُمْ مِنْ عِقَابه يَوْمئِذٍ عَلَى تَغْيِيره , وَلَا عَلَى انْتِصَار مِنْهُ إِذَا عَاقَبَكُمْ بِمَا عَاقَبَكُمْ بِهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23756 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَأ } قَالَ : مِنْ مُحْرِز , وَقَوْله : { مِنْ نَكِير } قَالَ : نَاصِر يَنْصُركُمْ . )23757 -حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ ( { مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَأ يَوْمئِذٍ } تَلْجَئُونَ إِلَيْهِ { وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِير } يَقُول : مِنْ عِزّ تَعْتَزُّونَ .)

وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاك عَلَيْهِمْ حَفِيظًا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَإِنْ أَعْرَضَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ يَا مُحَمَّد عَمَّا أَتَيْتهمْ بِهِ مِنَ الْحَقّ , وَدَعَوْتهمْ إِلَيْهِ مِنْ الرُّشْد , فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَك , وَأَبَوْا قَبُوله مِنْك , فَدَعْهُمْ , فَإِنَّا لَنْ نُرْسِلك إِلَيْهِمْ رَقِيبًا عَلَيْهِمْ , تَحْفَظ عَلَيْهِمْ أَعْمَالهمْ وَتُحْصِيهَا .|إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ|يَقُول : مَا عَلَيْك يَا مُحَمَّد إِلَّا أَنْ تُبَلِّغهُمْ مَا أَرْسَلْنَاك بِهِ إِلَيْهِمْ مِنْ الرِّسَالَة , فَإِذَا بَلَّغْتهمْ ذَلِكَ , فَقَدْ قَضَيْت مَا عَلَيْك .|وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا|يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَإِنَّا إِذَا أَغْنَيْنَا ابْن آدَم فَأَعْطَيْنَاهُ مِنْ عِنْدنَا سَعَة , وَذَلِكَ هُوَ الرَّحْمَة الَّتِي ذَكَرَهَا جَلَّ ثَنَاؤُهُ , فَرِحَ بِهَا : يَقُول : سُرَّ بِمَا أَعْطَيْنَاهُ مِنَ الْغِنَى , وَرَزَقْنَاهُ مِنْ السَّعَة وَكَثْرَة الْمَال .|وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ|يَقُول : وَإِنْ أَصَابَتْهُمْ فَاقَة وَفَقْر وَضِيق عَيْش . وَإِنَّمَا قَالَ : { وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَة } فَأَخْرَجَ الْهَاء وَالْمِيم مَخْرَج كِنَايَة جَمْع الذُّكُور , وَقَدْ ذُكِرَ الْإِنْسَان قَبْل ذَلِكَ بِمَعْنَى الْوَاحِد , لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الْجَمْع .|بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ|يَقُول : بِمَا أَسْلَفَتْ مِنْ مَعْصِيَة اللَّه عُقُوبَة لَهُ عَلَى مَعْصِيَته إِيَّاهُ , جَحَدَ نِعْمَة اللَّه , وَأَيِس مِنَ الْخَيْر .|فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ|يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَإِنَّ الْإِنْسَان جَحُود نِعَم رَبّه , يُعَدِّد الْمَصَائِب , وَيَجْحَد النِّعَم .

أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لِلَّهِ مُلْك السَّمَوَات وَالْأَرْض يَخْلُق مَا يَشَاء يَهَب لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَب لِمَنْ يَشَاء الذُّكُور } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لِلَّهِ سُلْطَان السَّمَوَات السَّبْع وَالْأَرَضِينَ , يَفْعَل فِي سُلْطَانه مَا يَشَاء , وَيَخْلُق مَا يُحِبّ خَلْقه , يَهَب لِمَنْ يَشَاء مِنْ خَلْقه مِنْ الْوَلَد الْإِنَاث دُون الذُّكُور , بِأَنْ يَجْعَل كُلّ مَا حَمَلَتْ زَوْجَته مِنْ حَمْل مِنْهُ أُنْثَى { وَيَهَب لِمَنْ يَشَاء الذُّكُور } يَقُول : وَيَهَب لِمَنْ يَشَاء مِنْهُمْ الذُّكُور , بِأَنْ يَجْعَل كُلّ حَمْل حَمَلَتْهُ امْرَأَته ذَكَرًا لَا أُنْثَى فِيهِمْ. 23758 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { أَوْ يُزَوِّجهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا } قَالَ : يَخْلِط بَيْنهمْ يَقُول : التَّزْوِيج : أَنْ تَلِد الْمَرْأَة غُلَامًا , ثُمَّ تَلِد جَارِيَة , ثُمَّ تَلِد غُلَامًا , ثُمَّ تَلِد جَارِيَة . )23759 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { يَهَب لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَب لِمَنْ يَشَاء الذُّكُور } قَادِر وَاللَّه رَبّنَا عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَهَب لِلرَّجُلِ ذُكُورًا لَيْسَتْ مَعَهُمْ أُنْثَى , وَأَنْ يَهَب لِلرَّجُلِ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا , فَيَجْمَعهُمْ لَهُ جَمِيعًا , { وَيَجْعَل مَنْ يَشَاء عَقِيمًا } لَا يُولَد لَهُ . )23760 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ , فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : ( { يَهَب لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَب لِمَنْ يَشَاء الذُّكُور } لَيْسَتْ مَعَهُمْ إِنَاث { أَوْ يُزَوِّجهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا } قَالَ : يَهَب لَهُمْ إِنَاثًا وَذُكْرَانًا , وَيَجْعَل مَنْ يَشَاء عَقِيمًا لَا يُولَد لَهُ . )23761 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَيَجْعَل مَنْ يَشَاء عَقِيمًا } يَقُول : لَا يُلَقِّح . )23762 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَيَجْعَل مَنْ يَشَاء عَقِيمًا } لَا يَلِد وَاحِدًا وَلَا اثْنَيْنِ . )23763 - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد اللَّه , قَالَ : (سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { يَهَب لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَب لِمَنْ يَشَاء الذُّكُور } لَيْسَ فِيهِمْ أُنْثَى { أَوْ يُزَوِّجهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا } تَلِد الْمَرْأَة ذَكَرًا مَرَّة وَأُنْثَى مَرَّة { وَيَجْعَل مَنْ يَشَاء عَقِيمًا } لَا يُولَد لَهُ. )وَقَالَ ابْن زَيْد : فِي مَعْنَى قَوْله : { أَوْ يُزَوِّجهُمْ } مَا : 23764 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد : فِي قَوْله : ( { أَوْ يُزَوِّجهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا } قَالَ : أَوْ يَجْعَل فِي الْوَاحِد ذَكَرًا وَأُنْثَى تَوْأَمًا , هَذَا قَوْله : { أَوْ يُزَوِّجهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا } . )

مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَ

يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لِلَّهِ سُلْطَان السَّمَوَات السَّبْع وَالْأَرَضِينَ , يَفْعَل فِي سُلْطَانه مَا يَشَاء , وَيَخْلُق مَا يُحِبّ خَلْقه , يَهَب لِمَنْ يَشَاء مِنْ خَلْقه مِنَ الْوَلَد الْإِنَاث دُون الذُّكُور , بِأَنْ يَجْعَل كُلّ مَا حَمَلَتْ زَوْجَته مِنْ حَمْل مِنْهُ أُنْثَى { وَيَهَب لِمَنْ يَشَاء الذُّكُور } يَقُول : وَيَهَب لِمَنْ يَشَاء مِنْهُمْ الذُّكُور , بِأَنْ يَجْعَل كُلّ حَمْل حَمَلَتْهُ امْرَأَته ذَكَرًا لَا أُنْثَى فِيهِمْ. 23758 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { أَوْ يُزَوِّجهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا } قَالَ : يَخْلِط بَيْنهمْ يَقُول : التَّزْوِيج : أَنْ تَلِد الْمَرْأَة غُلَامًا , ثُمَّ تَلِد جَارِيَة , ثُمَّ تَلِد غُلَامًا , ثُمَّ تَلِد جَارِيَة . )23759 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { يَهَب لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَب لِمَنْ يَشَاء الذُّكُور } قَادِر وَاللَّه رَبّنَا عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَهَب لِلرَّجُلِ ذُكُورًا لَيْسَتْ مَعَهُمْ أُنْثَى , وَأَنْ يَهَب لِلرَّجُلِ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا , فَيَجْمَعهُمْ لَهُ جَمِيعًا , { وَيَجْعَل مَنْ يَشَاء عَقِيمًا } لَا يُولَد لَهُ . )23760 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : ( { يَهَب لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَب لِمَنْ يَشَاء الذُّكُور } لَيْسَتْ مَعَهُمْ إِنَاث { أَوْ يُزَوِّجهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا } قَالَ : يَهَب لَهُمْ إِنَاثًا وَذُكْرَانًا , وَيَجْعَل مَنْ يَشَاء عَقِيمًا لَا يُولَد لَهُ. )23761 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَيَجْعَل مَنْ يَشَاء عَقِيمًا } يَقُول : لَا يُلَقِّح. )23762 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَيَجْعَل مَنْ يَشَاء عَقِيمًا } لَا يَلِد وَاحِدًا وَلَا اثْنَيْنِ . )23763 - حَدَّثَنَا عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد اللَّه , قَالَ : (سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { يَهَب لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَب لِمَنْ يَشَاء الذُّكُور } لَيْسَ فِيهِمْ أُنْثَى { أَوْ يُزَوِّجهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا } تَلِد الْمَرْأَة ذَكَرًا مَرَّة وَأُنْثَى مَرَّة { وَيَجْعَل مَنْ يَشَاء عَقِيمًا } لَا يُولَد لَهُ . )وَقَالَ ابْن زَيْد : فِي مَعْنَى قَوْله : { أَوْ يُزَوِّجهُمْ } مَا : 23764 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد : فِي قَوْله : ( { أَوْ يُزَوِّجهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا } قَالَ : أَوْ يَجْعَل فِي الْوَاحِد ذَكَرًا وَأُنْثَى تَوْأَمًا , هَذَا قَوْله : { أَوْ يُزَوِّجهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا } . )|إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ|وَقَوْله : { إِنَّهُ عَلِيم قَدِير } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّه ذُو عِلْم بِمَا يَخْلُق , وَقُدْرَة عَلَى خَلْق مَا يَشَاء لَا يَعْزُب عَنْهُ عِلْم شَيْء مِنْ خَلْقه , وَلَا يُعْجِزهُ شَيْء أَرَادَ خَلْقه .

وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آَنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمهُ اللَّه إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاء حِجَاب أَوْ يُرْسِل رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا يَنْبَغِي لِبَشَرٍ مِنْ بَنِي آدَم أَنْ يُكَلِّمهُ رَبّه إِلَّا وَحْيًا يُوحِي اللَّه إِلَيْهِ كَيْفَ شَاءَ , أَوْ إِلْهَامًا , وَإِمَّا غَيْره { أَوْ مِنْ وَرَاء حِجَاب } يَقُول : أَوْ يُكَلِّمهُ بِحَيْثُ يَسْمَع كَلَامه وَلَا يَرَاهُ , كَمَا كَلَّمَ مُوسَى نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَوْ يُرْسِل رَسُولًا } يَقُول : أَوْ يُرْسِل اللَّه مِنْ مَلَائِكَته رَسُولًا , إِمَّا جَبْرَائِيل , وَإِمَّا غَيْره { فَيُوحِي بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء } يَقُول : فَيُوحِي ذَلِكَ الرَّسُول إِلَى الْمُرْسَل إِلَيْهِ بِإِذْنِ رَبّه مَا يَشَاء , يَعْنِي : مَا يَشَاء رَبّه أَنْ يُوحِيه إِلَيْهِ مِنْ أَمْر وَنَهْي , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الرِّسَالَة وَالْوَحْي . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23765 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ , فِي قَوْله عَزَّ وَجَلَّ : ( { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمهُ اللَّه إِلَّا وَحْيًا } يُوحِي إِلَيْهِ { أَوْ مِنْ وَرَاء حِجَاب } مُوسَى كَلَّمَهُ اللَّه مِنْ وَرَاء حِجَاب , { أَوْ يُرْسِل رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء } قَالَ : جَبْرَائِيل يَأْتِي بِالْوَحْيِ . )وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { أَوْ يُرْسِل رَسُولًا } فَيُوحِيَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار { فَيُوحِيَ } بِنَصْبِ الْيَاء عَطْفًا عَلَى { يُرْسِل } , وَنَصَبُوا { يُرْسِل } عَطْفًا بِهَا عَلَى مَوْضِع الْوَحْي , وَمَعْنَاهُ ; لِأَنَّ مَعْنَاهُ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمهُ اللَّه إِلَّا أَنْ يُوحِيَ إِلَيْهِ أَوْ يُرْسِل إِلَيْهِ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء , وَقَرَأَ ذَلِكَ نَافِع الْمَدَنِيّ | فَيُوحِي | بِإِرْسَالِ الْيَاء بِمَعْنَى الرَّفْع عَطْفًا بِهِ عَلَى { يُرْسِل } , وَبِرَفْعِ { يُرْسِل } عَلَى الِابْتِدَاء .|إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ|وَقَوْله : { إِنَّهُ عَلِيّ حَكِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره إِنَّهُ يَعْنِي نَفْسه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : ذُو عُلُوّ عَلَى كُلّ شَيْء وَارْتِفَاع عَلَيْهِ , وَاقْتِدَار . حَكِيم : يَقُول : ذُو حِكْمَة فِي تَدْبِيره خَلْقه .

وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآَتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْك رُوحًا مِنْ أَمْرنَا } </subtitle>يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْك رُوحًا مِنْ أَمْرنَا } وَكَمَا كُنَّا نُوحِي فِي سَائِر رُسُلنَا , كَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْك يَا مُحَمَّد هَذَا الْقُرْآن , رُوحًا مِنْ أَمْرنَا : يَقُول : وَحْيًا وَرَحْمَة مِنْ أَمْرنَا . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الرُّوح فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى بِهِ الرَّحْمَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23766 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , عَنِ الْحَسَن فِي قَوْله : ( { رُوحًا مِنْ أَمْرنَا } قَالَ : رَحْمَة مِنْ أَمْرنَا. )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَاهُ : وَحْيًا مِنْ أَمْرنَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23767 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ , فِي قَوْله : ( { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْك رُوحًا مِنْ أَمْرنَا } قَالَ : وَحْيًا مِنْ أَمْرنَا . )وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الرُّوح فِيمَا مَضَى بِذِكْرِ اخْتِلَاف أَهْل التَّأْوِيل فِيهَا بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع.|مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ|وَقَوْله : { مَا كُنْت تَدْرِي مَا الْكِتَاب وَلَا الْإِيمَان } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا كُنْت تَدْرِي يَا مُحَمَّد أَيّ شَيْء الْكِتَاب وَلَا الْإِيمَان اللَّذَيْنِ أَعْطَيْنَاكَهُمَا .|وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا| { وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا } يَقُول : وَلَكِنْ جَعَلْنَا هَذَا الْقُرْآن , وَهُوَ الْكِتَاب نُورًا , يَعْنِي ضِيَاء لِلنَّاسِ , يَسْتَضِيئُونَ بِضَوْئِهِ الَّذِي بَيَّنَ اللَّه فِيهِ , وَهُوَ بَيَانه الَّذِي بَيَّنَ فِيهِ , مِمَّا لَهُمْ فِيهِ فِي الْعَمَل بِهِ الرَّشَاد , وَمِنَ النَّار النَّجَاة { نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاء مِنْ عِبَادنَا } يَقُول : نَهْدِي بِهَذَا الْقُرْآن , فَالْهَاء فِي قَوْله | وَبِهِ | مِنْ ذِكْر الْكِتَاب. وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاء } : نُسَدِّد إِلَى سَبِيل الصَّوَاب , وَذَلِكَ الْإِيمَان بِاللَّهِ { مَنْ نَشَاء مِنْ عِبَادنَا } يَقُول : نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاء هِدَايَته إِلَى الطَّرِيق الْمُسْتَقِيم مِنْ عِبَادنَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23768 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ ( { مَا كُنْت تَدْرِي مَا الْكِتَاب وَلَا الْإِيمَان } يَعْنِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاء مِنْ عِبَادنَا } يَعْنِي بِالْقُرْآنِ . )وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ { وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ } فَوَحَّدَ الْهَاء , وَقَدْ ذَكَرَ قَبْل الْكِتَاب وَالْإِيمَان ; لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ الْخَبَر عَنِ الْكِتَاب , وَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى بِهِ الْإِيمَان وَالْكِتَاب , وَلَكِنْ وَحَّدَ الْهَاء ; لِأَنَّ أَسْمَاء الْأَفْعَال يَجْمَع جَمِيعهَا الْفِعْل , كَمَا يُقَال : إِقْبَالك وَإِدْبَارك يُعْجِبنِي , فَيُوَحِّدهُمَا وَهُمَا اثْنَانِ .|وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ|وَقَوْله : { وَإِنَّك لَتَهْدِي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَإِنَّك يَا مُحَمَّد لَتَهْدِي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم عِبَادنَا , بِالدُّعَاءِ إِلَى اللَّه , وَالْبَيَان لَهُمْ . كَمَا : 23769 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَإِنَّك لَتَهْدِي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم } قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { وَلِكُلِّ قَوْم هَادٍ } [13 7 ]دَاعٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ. )* - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { وَإِنَّك لَتَهْدِي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم } قَالَ : لِكُلِّ قَوْم هَادٍ . )23770 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ ( { وَإِنَّك لَتَهْدِي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم } يَقُول : تَدْعُو إِلَى دِين مُسْتَقِيم .)

فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ

يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَإِنَّك لَتَهْدِي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم , وَهُوَ الْإِسْلَام , طَرِيق اللَّه الَّذِي دَعَا إِلَيْهِ عِبَاده , الَّذِي لَهُمْ مُلْك جَمِيع مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الْأَرْض , لَا شَرِيك لَهُ فِي ذَلِكَ , وَالصِّرَاط الثَّانِي : تَرْجَمَة عَنْ الصِّرَاط الْأَوَّل.|أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ|وَقَوْله جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { أَلَا إِلَى اللَّه تَصِير الْأُمُور } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : أَلَا إِلَى اللَّه أَيّهَا النَّاس تَصِير أُمُوركُمْ فِي الْآخِرَة , فَيَقْضِي بَيْنكُمْ بِالْعَدْلِ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : أَوَلَيْسَتْ أُمُورهمْ فِي الدُّنْيَا إِلَيْهِ ؟ قِيلَ : هِيَ وَإِنْ كَانَ إِلَيْهِ تَدْبِير جَمِيع ذَلِكَ , فَإِنَّ لَهُمْ حُكَّامًا وَوُلَاة يَنْظُرُونَ بَيْنهمْ , وَلَيْسَ لَهُمْ يَوْم الْقِيَامَة حَاكِم وَلَا سُلْطَان غَيْره , فَلِذَلِكَ قِيلَ : إِلَيْهِ تَصِير الْأُمُور هُنَالِكَ وَإِنْ كَانَتِ الْأُمُور كُلّهَا إِلَيْهِ وَبِيَدِهِ قَضَاؤُهَا وَتَدْبِيرهَا فِي كُلّ حَال . آخِر تَفْسِير سُورَة حم عسق .

فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { حم } </subtitle>اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله { حم } فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ حُرُوف مُقَطَّعَة مِنْ اسْم اللَّه الَّذِي هُوَ الرَّحْمَن الرَّحِيم , وَهُوَ الْحَاء وَالْمِيم مِنْهُ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23327 - حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن شَبُّويَة الْمَرْوَزِيّ , قَالَ : ثنا عَلِيّ بْن الْحَسَن , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ يَزِيد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنِ ابْن عَبَّاس : (الر , وحم , ون , حُرُوف الرَّحْمَن مُقَطَّعَة. )وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ قَسَم أَقْسَمَهُ اللَّه , وَهُوَ اسْم مِنْ أَسْمَاء اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23328 -حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : ( { حم } : قَسَم أَقْسَمَهُ اللَّه , وَهُوَ اسْم مِنْ أَسْمَاء اللَّه. )23329 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ , قَوْله ( { حم } : مِنْ حُرُوف أَسْمَاء اللَّه. )وَقَالَ آخَرُونَ : يَلِ هُوَ اسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23330 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { حم } قَالَ : اسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن. )وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ حُرُوف هِجَاء . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ اسْم , وَاحْتَجُّوا لِقَوْلِهِمْ ذَلِكَ بِقَوْلِ شُرَيْح بْن أَوْفَى الْعَبْسِيّ : <br>يُذَكِّرنِي حَامِيم وَالرُّمْح شَاجِر .......... فَهَلَّا تَلَا حم قَبْل التَّقَدُّم <br>وَبِقَوْلِ الْكُمَيْت : <br>وَجَدْنَا لَكُمْ فِي آل حَامِيم آيَة .......... تَأَوَّلَهَا مِنَّا تَقِيٌّ وَمُعْرِبُ <br>23331 -وَحُدِّثْت عَنْ مَعْمَر بْن الْمُثَنَّى أَنَّهُ قَالَ : قَالَ يُونُس , يَعْنِي الْجَرْمِيّ : (وَمَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْل فَهُوَ مُنْكَر عَلَيْهِ ; لِأَنَّ السُّورَة { حم } سَاكِنَة الْحُرُوف , فَخَرَجَتْ مَخْرَج التَّهَجِّي , وَهَذِهِ أَسْمَاء سُوَر خَرَجَتْ مُتَحَرِّكَات , وَإِذَا سُمِّيَتْ سُورَة بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحْرُف الْمَجْزُومَة دَخَلَهُ الْإِعْرَاب . )وَالْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي نَظِير الْقَوْل فِي أَخَوَاتهَا , وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ , فِي قَوْله : { الم } فَفِي ذَلِكَ كِفَايَة عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع , إِذْ كَانَ الْقَوْل فِي حم , وَجَمِيع مَا جَاءَ فِي الْقُرْآن عَلَى هَذَا الْوَجْه , أَعْنِي حُرُوف التَّهَجِّي قَوْلًا وَاحِدًا .

وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ

وَقَوْله : { وَالْكِتَاب الْمُبِين } قَسَم مِنْ اللَّه تَعَالَى أَقْسَمَ بِهَذَا الْكِتَاب الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى نَبِيّه مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : { وَالْكِتَاب الْمُبِين } لِمَنْ تَدَبَّرَهُ وَفَكَّرَ فِي عِبَره , وَعِظَاته , هُدَاهُ , وَرُشْده , وَأَدِلَّته عَلَى حَقِيقَته , وَأَنَّهُ تَنْزِيل مِنْ حَكِيم حَمِيد , لَا اخْتِلَاق مِنْ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا افْتِرَاء مِنْ أَحَد وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23771 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ ( { حم وَالْكِتَاب الْمُبِين } هُوَ هَذَا الْكِتَاب الْمُبِين. )23772 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { حم وَالْكِتَاب الْمُبِين } مُبِين وَاللَّه بَرَكَته , وَهُدَاهُ وَرُشْده .)

طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ

{ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا } يَقُول : إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا بِلِسَانِ الْعَرَب , إِذْ كُنْتُمْ أَيّهَا الْمُنْذَرُونَ بِهِ مِنْ رَهْط مُحَمَّد عَرَبًا .|لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ|يَقُول : لِتَعْقِلُوا مَعَانِيه وَمَا فِيهِ مِنْ مَوَاعِظ , وَلَمْ يُنْزِلهُ بِلِسَانِ الْعَجَم , فَيَجْعَلهُ أَعْجَمِيًّا , فَتَقُولُوا : نَحْنُ عَرَب , وَهَذَا كَلَام أَعْجَمِيّ لَا نَفْقَه مَعَانِيه .

فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنَّهُ فِي أُمّ الْكِتَاب لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيم } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِنَّ هَذَا الْكِتَاب أَصْل الْكِتَاب الَّذِي مِنْهُ نَسَخَ هَذَا الْكِتَاب عِنْدنَا لَعَلِيٌّ : يَقُول : لَذُو عُلُوّ وَرِفْعَة , حَكِيم : قَدْ أُحْكِمَتْ آيَاته , ثُمَّ فُصِّلَتْ فَهُوَ ذُو حِكْمَة , وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23773 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ هِشَام الدَّسْتُوَائِيّ , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , قَالَ : ثنا عُرْوَة بْن عَامِر , أَنَّهُ سَمِعَ ابْن عَبَّاس يَقُول : (أَوَّل مَا خَلَقَ اللَّه الْقَلَم , فَأَمَرَهُ أَنْ يَكْتُب مَا يُرِيد أَنْ يَخْلُق , قَالَ : وَالْكِتَاب عِنْده , قَالَ : { وَإِنَّهُ فِي أُمّ الْكِتَاب لَدَيْنَا لَعَلِيّ حَكِيم } . )23774 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا ابْن إِدْرِيس , قَالَ : سَمِعْت أَبِي , عَنْ عَطِيَّة بْن سَعْد فِي قَوْل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ( { وَإِنَّهُ فِي أُمّ الْكِتَاب لَدَيْنَا لَعَلِيّ حَكِيم } يَعْنِي الْقُرْآن فِي أُمّ الْكِتَاب الَّذِي عِنْد اللَّه مِنْهُ نُسِخَ . )23775 -حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا ابْن إِدْرِيس , قَالَ : سَمِعْت مَالِكًا يَرْوِي عَنْ عِمْرَان , عَنْ عِكْرِمَة ( { وَإِنَّهُ فِي أُمّ الْكِتَاب لَدَيْنَا } قَالَ : أُمّ الْكِتَاب الْقُرْآن . )23776 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : 0 ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { وَإِنَّهُ فِي أُمّ الْكِتَاب لَدَيْنَا } قَالَ : أُمّ الْكِتَاب : أَصْل الْكِتَاب وَجُمْلَته . )* - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَإِنَّهُ فِي أُمّ الْكِتَاب } : أَيْ جُمْلَة الْكِتَاب أَيْ أَصْل الْكِتَاب . 23777 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ ( { وَإِنَّهُ فِي أُمّ الْكِتَاب } يَقُول : فِي الْكِتَاب الَّذِي عِنْد اللَّه فِي الْأَصْل . )وَقَوْله : { لَدَيْنَا لَعَلِيّ حَكِيم } وَقَدْ ذَكَرْنَا مَعْنَاهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23778 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { لَدَيْنَا لَعَلِيّ حَكِيم } يُخْبِر عَنْ مَنْزِلَته وَفَضْله وَشَرَفه .)

أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَفَنَضْرِب عَنْكُمُ الذِّكْر صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ } </subtitle>اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : أَفَنَضْرِب عَنْكُمْ وَنَتْرُككُمْ أَيّهَا الْمُشْرِكُونَ فِيمَا تَحْسِبُونَ , فَلَا نَذْكُركُمْ بِعِقَابِنَا مِنْ أَجْل أَنَّكُمْ قَوْم مُشْرِكُونَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23779 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : ( { أَفَنَضْرِب عَنْكُمُ الذِّكْر صَفْحًا } قَالَ : تُكَذِّبُونَ بِالْقُرْآنِ ثُمَّ لَا تُعَاقَبُونَ عَلَيْهِ . )23780 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَان , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي صَالِح , قَوْله : ( { أَفَنَضْرِب عَنْكُمُ الذِّكْر صَفْحًا } قَالَ : بِالْعَذَابِ . )23781 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ ( { أَفَنَضْرِب عَنْكُمُ الذِّكْر صَفْحًا } قَالَ : أَفَنَضْرِب عَنْكُمُ الْعَذَاب . )23782 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { أَفَنَضْرِب عَنْكُمُ الذِّكْر صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ } يَقُول : أَحَسِبْتُمْ أَنْ نَصْفَح عَنْكُمْ وَلَمَّا تَفْعَلُوا مَا أُمِرْتُمْ بِهِ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : أَفَنَتْرُك تَذْكِيركُمْ بِهَذَا الْقُرْآن , وَلَا نُذَكِّركُمْ بِهِ , لِأَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23783 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { أَفَنَضْرِب عَنْكُمُ الذِّكْر صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ } : أَيْ مُشْرِكِينَ , وَاللَّه لَوْ كَانَ هَذَا الْقُرْآن رُفِعَ حِين رَدَّهُ أَوَائِل هَذِهِ الْأُمَّة لَهَلَكُوا , فَدَعَاهُمْ إِلَيْهِ عِشْرِينَ سَنَة , أَوْ مَا شَاءَ اللَّه مِنْ ذَلِكَ . )23784 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { أَفَنَضْرِب عَنْكُمُ الذِّكْر صَفْحًا } قَالَ : لَوْ أَنَّ هَذِهِ الْأُمَّة لَمْ يُؤْمِنُوا لَضُرِبَ عَنْهُمُ الذِّكْر صَفْحًا , قَالَ : الذِّكْر مَا أُنْزِلَ عَلَيْهِمْ مِمَّا أَمَرَهُمْ اللَّه بِهِ وَنَهَاهُمْ صَفْحًا , لَا يَذْكُر لَكُمْ مِنْهُ شَيْئًا . )وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ تَأْوِيل مَنْ تَأَوَّلَهُ : أَفَنَضْرِب عَنْكُمُ الْعَذَاب فَنَتْرُككُمْ وَنَعْرِض عَنْكُمْ , لِأَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ لَا تُؤْمِنُونَ بِرَبِّكُمْ. وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِالْآيَةِ ; لِأَنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَتْبَع ذَلِكَ خَبَره عَنْ الْأُمَم السَّالِفَة قَبْل الْأُمَم الَّتِي تَوَعَّدَهَا بِهَذِهِ الْآيَة فِي تَكْذِيبهَا رُسُلهَا , وَمَا أَحَلَّ بِهَا مِنْ نِقْمَته , فَفِي ذَلِكَ دَلِيل عَلَى أَنَّ قَوْله : { أَفَنَضْرِب عَنْكُمُ الذِّكْر صَفْحًا } وَعِيد مِنْهُ لِلْمُخَاطَبِينَ بِهِ مِنْ أَهْل الشِّرْك , إِذْ سَلَكُوا فِي التَّكْذِيب بِمَا جَاءَهُمْ عَنْ اللَّه رَسُولهمْ مَسْلَك الْمَاضِينَ قَبْلهمْ . وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْكُوفَة | إِنْ كُنْتُمْ | بِكَسْرِ الْأَلِف مِنْ | إِنْ | بِمَعْنَى : أَفَنَضْرِب عَنْكُمُ الذِّكْر صَفْحًا إِذْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ , وَقَرَأَهُ بَعْض قُرَّاء أَهْل مَكَّة وَالْكُوفَة وَعَامَّة قُرَّاء الْبَصْرَة | أَنْ | بِفَتْحِ الْأَلِف مِنْ | أَنْ | , بِمَعْنَى : لِأَنْ كُنْتُمْ . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه فَتْح الْأَلِف مِنْ أَنْ فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : فُتِحَتْ لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : لِأَنْ كُنْتُمْ , وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : مَنْ فَتَحَهَا فَكَأَنَّهُ أَرَادَ شَيْئًا مَاضِيًا , فَقَالَ : وَأَنْتَ تَقُول فِي الْكَلَام : أَتَيْت أَنْ حَرَمْتنِي , تُرِيد : إِذْ حَرَمْتنِي , وَيُكْسَر إِذَا أَرَدْت : أَتَيْت إِنْ تَحْرِمنِي , وَمِثْله : { لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآن قَوْم أَنْ صَدُّوكُمْ } [5 2 ]و { إِنْ صَدُّوكُمْ } بِكَسْرٍ وَبِفَتْحٍ . { فَلَعَلَّك بَاخِع نَفْسك عَلَى آثَارهمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيث أَسَفًا } [18 6 ]قَالَ : وَالْعَرَب تُنْشِد قَوْل الْفَرَزْدَق : <br>أَتَجْزَعُ أَنْ أُذْنَا قُتَيْبَة حُزَّتَا .......... جِهَارًا وَلَمْ تَجْزَع لِقَتْلِ ابْن حَازِم <br>قَالَ : وَيُنْشِد : <br>أَتَجْزَعُ أَنْ بَانَ الْخَلِيط الْمُوَدَّع .......... وَحَبْل الصَّفَا مِنْ عَزَّة الْمُتَقَطِّع <br>قَالَ : وَفِي كُلّ وَاحِد مِنَ الْبَيْتَيْنِ مَا فِي صَاحِبه مِنَ الْكَسْر وَالْفَتْح . وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا : أَنَّ الْكَسْر وَالْفَتْح فِي الْأَلِف فِي هَذَا الْمَوْضِع قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار صَحِيحَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب , وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَب إِذَا تَقَدَّمَ | أَنْ | وَهِيَ بِمَعْنَى الْجَزَاء فِعْل مُسْتَقْبَل كَسَرُوا أَلِفهَا أَحْيَانًا , فَمَحَّضُوا لَهَا الْجَزَاء , فَقَالُوا : أَقُوم إِنْ قُمْت , وَفَتَحُوهَا أَحْيَانًا , وَهُمْ يَنْوُونَ ذَلِكَ الْمَعْنَى , فَقَالُوا : أَقُوم أَنْ قُمْت بِتَأْوِيلِ , لِأَنْ قُمْت , فَإِذَا كَانَ الَّذِي تَقَدَّمَهَا مِنَ الْفِعْل مَاضِيًا لَمْ يَتَكَلَّمُوا إِلَّا بِفَتْحِ الْأَلِف مِنْ | أَنْ | فَقَالُوا : قُمْت أَنْ قُمْت , وَبِذَلِكَ جَاءَ التَّنْزِيل , وَتَتَابَعَ شِعْر الشُّعَرَاء .

أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيّ فِي الْأَوَّلِينَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيّ } يَا مُحَمَّد فِي الْقُرُون الْأَوَّلِينَ الَّذِينَ مَضَوْا قَبْل قَرْنك الَّذِي بُعِثْت فِيهِ كَمَا أَرْسَلْنَاك فِي قَوْمك مِنْ قُرَيْش .

إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ

{ وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } يَقُول وَمَا كَانَ يَأْتِي قَرْنًا مِنْ أُولَئِكَ الْقُرُون وَأُمَّة مِنْ أُولَئِكَ الْأُمَم الْأَوَّلِينَ لَنَا مِنْ نَبِيّ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى وَطَرِيق الْحَقّ , إِلَّا كَانَ الَّذِينَ يَأْتِيهِمْ ذَلِكَ مِنْ تِلْكَ الْأُمَم نَبِيّهمْ الَّذِي أَرْسَلَهُ إِلَيْهِمْ يَسْتَهْزِئُونَ سُخْرِيَة مِنْهُمْ بِهِمْ كَاسْتِهْزَاءِ قَوْمك بِك يَا مُحَمَّد . يَقُول : فَلَا يَعْظُمَنَّ عَلَيْك مَا يَفْعَل بِك قَوْمك , وَلَا يَشُقَّنَّ عَلَيْك , فَإِنَّهُمْ إِنَّمَا سَلَكُوا فِي اسْتِهْزَائِهِمْ بِك مَسْلَك أَسْلَافهمْ , وَمِنْهَاج أَئِمَّتهمُ الْمَاضِينَ مِنْ أَهْل الْكُفْر بِاللَّهِ .

ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَأَهْلَكْنَا أَشَدّ مِنْهُمْ بَطْشًا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَأَهْلَكْنَا أَشَدّ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُسْتَهْزِئِينَ بِأَنْبِيَائِهِمْ بَطْشًا إِذَا بَطَشُوا فَلَمْ يُعْجِزُونَا بِقُوَاهُمْ وَشِدَّة بَطْشهمْ , وَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الِامْتِنَاع مِنْ بَأْسنَا إِذْ أَتَاهُمْ , فَالَّذِينَ هُمْ أَضْعَف مِنْهُمْ قُوَّة أَحْرَى أَنْ لَا يَقْدِرُوا عَلَى الِامْتِنَاع مِنْ نِقَمنَا إِذَا حَلَّتْ بِهِمْ .|وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ|يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَمَضَى لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الْمُسْتَهْزِئِينَ بِك وَلِمَنْ قَبْلهمْ مِنْ ضُرَبَائِهِمْ مَثَلُنَا لَهُمْ فِي أَمْثَالهمْ مِنْ مُكَذِّبِي رُسُلنَا الَّذِينَ أَهْلَكْنَاهُمْ , يَقُول : فَلْيَتَوَقَّعْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَسْتَهْزِئُونَ بِك يَا مُحَمَّد مِنْ عُقُوبَتنَا مِثْل الَّذِي أَحْلَلْنَاهُ بِأُولَئِكَ الَّذِينَ أَقَامُوا عَلَى تَكْذِيبك . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23785 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَمَضَى مَثَل الْأَوَّلِينَ } قَالَ : عُقُوبَة الْأَوَّلِينَ . )23786 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { مَثَل الْأَوَّلِينَ } قَالَ : سُنَّتهمْ .)

فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَئِنْ سَأَلْتهمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيز الْعَلِيم } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَئِنْ سَأَلْت يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قَوْمك : مَنْ خَلَقَ السَّمَوَات السَّبْع وَالْأَرَضِينَ , فَأَحْدَثَهُنَّ وَأَنْشَأَهُنَّ ؟ لَيَقُولُنَّ : خَلَقَهُنَّ الْعَزِيز فِي سُلْطَانه وَانْتِقَامه مِنْ أَعْدَائِهِ , الْعَلِيم بِهِنَّ وَمَا فِيهِنَّ مِنَ الْأَشْيَاء , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء.

ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ

يَقُول : الَّذِي مَهَّدَ لَكُمُ الْأَرْض , فَجَعَلَهَا لَكُمْ وِطَاء تُوَطِّئُونَهَا بِأَقْدَامِكُمْ , وَتَمْشُونَ عَلَيْهَا بِأَرْجُلِكُمْ .|وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا|يَقُول : وَسَهَّلَ لَكُمْ فِيهَا طُرُقًا تَتَطَرَّقُونَهَا مِنْ بَلْدَة إِلَى بَلْدَة , لِمَعَايِشِكُمْ وَمَتَاجِركُمْ . كَمَا : 23787 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا } أَيْ طُرُقًا . )23788 -حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ ( { الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْض مَهْدًا } قَالَ : بِسَاطًا { وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا } قَالَ : الطُّرُق .)|لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ|يَقُول : لِكَيْ تَهْتَدُوا بِتِلْكَ السُّبُل إِلَى حَيْثُ أَرَدْتُمْ مِنَ الْبُلْدَان وَالْقُرَى وَالْأَمْصَار , لَوْلَا ذَلِكَ لَمْ تُطِيقُوا بَرَاح أَفْنِيَتكُمْ وَدُوركُمْ , وَلَكِنَّهَا نِعْمَة أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْكُمْ .

أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ } يَعْنِي : مَا نَزَّلَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مِنْ الْأَمْطَار مِنَ السَّمَاء بِقَدَرٍ : يَقُول : بِمِقْدَارِ حَاجَتكُمْ إِلَيْهِ , فَلَمْ يَجْعَلهُ كَالطُّوفَانِ , فَيَكُون عَذَابًا كَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَى قَوْم نُوح , وَلَا جَعَلَهُ قَلِيلًا , لَا يَنْبُت بِهِ النَّبَات وَالزَّرْع مِنْ قِلَّته , وَلَكِنْ جَعَلَهُ غَيْثًا , حَيًّا لِلْأَرْضِ الْمَيْتَة مُحْيِيًا .|فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ| { فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَة مَيْتًا } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَة مِنْ بِلَادكُمْ مَيْتًا , يَعْنِي مُجْدِبَة لَا نَبَات بِهَا وَلَا زَرْع , قَدْ دَرَسَتْ مِنَ الْجَدُوب , وَتَعَفَّنَتْ مِنَ الْقُحُوط { كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : كَمَا أَخْرَجْنَا بِهَذَا الْمَاء الَّذِي نَزَّلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء مِنْ هَذِهِ الْبَلْدَة الْمَيِّتَة بَعْد جُدُوبهَا وَقُحُوطهَا النَّبَات وَالزَّرْع , كَذَلِكَ أَيّهَا النَّاس تُخْرَجُونَ مِنْ بَعْد فَنَائِكُمْ وَمَصِيركُمْ فِي الْأَرْض رُفَاتًا بِالْمَاءِ الَّذِي أَنْزَلَهُ إِلَيْهَا لِإِحْيَائِكُمْ مِنْ بَعْد مَمَاتكُمْ مِنْهَا أَحْيَاء كَهَيْئَتِكُمْ الَّتِي بِهَا قَبْل مَمَاتكُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23789 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ } . .. الْآيَة , كَمَا أَحْيَا اللَّه هَذِهِ الْأَرْض الْمَيِّتَة بِهَذَا الْمَاء كَذَلِكَ تُبْعَثُونَ يَوْم الْقِيَامَة . )وَقِيلَ : أَنْشَرْنَا بِهِ ; لِأَنَّ مَعْنَاهُ : أَحْيَيْنَا بِهِ , وَلَوْ وُصِفَتِ الْأَرْض بِأَنَّهَا أُحْيِيَتْ , قِيلَ : نُشِرَتِ الْأَرْض , كَمَا قَالَ الْأَعْشَى : <br>حَتَّى يَقُول النَّاس مِمَّا رَأَوْا .......... يَا عَجَبًا لِلْمَيِّتِ النَّاشِر<br>

وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ

وَقَوْله : { وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاج كُلّهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَالَّذِي خَلَقَ كُلّ شَيْء فَزَوَّجَهُ , أَيْ خَلَقَ الذُّكُور مِنَ الْإِنَاث أَزْوَاجًا , , الْإِنَاث مِنْ الذُّكُور أَزْوَاجًا { لَكُمْ مِنَ الْفُلْك } وَهِيَ السُّفُن { وَالْأَنْعَام } وَهِيَ الْبَهَائِم { مَا تَرْكَبُونَ } يَقُول : جَعَلَ لَكُمْ مِنْ السُّفُن مَا تَرْكَبُونَهُ فِي الْبِحَار إِلَى حَيْثُ قَصَدْتُمْ وَاعْتَمَدْتُمْ فِي سَيْركُمْ فِيهَا لِمَعَايِشِكُمْ وَمَطَالِبكُمْ , وَمِنْ الْأَنْعَام مَا تَرْكَبُونَهُ فِي الْبَرّ إِلَى حَيْثُ أَرَدْتُمْ مِنَ الْبُلْدَان , كَالْإِبِلِ وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحَمِير .

وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لِتَسْتَوُا عَلَى ظُهُوره } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : كَيْ تَسْتَوُوا عَلَى ظُهُور مَا تَرْكَبُونَ . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه تَوْحِيد الْهَاء فِي قَوْله : { عَلَى ظُهُوره } وَتَذْكِيرهَا , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : تَذْكِيره يَعُود عَلَى مَا تَرْكَبُونَ , وَمَا هُوَ مُذَكَّر , كَمَا يُقَال : عِنْدِي مِنْ النِّسَاء مَنْ يُوَافِقك وَيَسُرّك , وَقَدْ تُذَكَّر الْأَنْعَام وَتُؤَنَّث , وَقَدْ قَالَ فِي مَوْضِع آخَر : { مِمَّا فِي بُطُونه } [23 21 ]وَقَالَ فِي مَوْضِع آخَر : { بُطُونهَا } [16 60 ]وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : أُضِيفَتْ الظُّهُور إِلَى الْوَاحِد ; لِأَنَّ ذَلِكَ الْوَاحِد فِي مَعْنَى جَمْع بِمَنْزِلَةِ الْجُنْد وَالْجَيْش . قَالَ : فَإِنْ قِيلَ : فَهَلَّا قُلْت : لِتَسْتَوُوا عَلَى ظَهْره , فَجَعَلْت الظَّهْر وَاحِدًا إِذَا أَضَفْته إِلَى وَاحِد . قُلْت : إِنَّ الْوَاحِد فِيهِ مَعْنَى الْجَمْع , فَرُدَّتْ الظُّهُور إِلَى الْمَعْنَى , وَلَمْ يَقُلْ ظَهْره , فَيَكُون كَالْوَاحِدِ الَّذِي مَعْنَاهُ وَلَفْظه وَاحِد , وَكَذَلِكَ تَقُول : قَدْ كَثُرَ نِسَاء الْجُنْد , وَقُلْت : وَرَفَعَ الْجُنْد أَعْيُنه وَلَمْ يَقُلْ عَيْنه . قَالَ : وَكَذَلِكَ كُلّ مَا أَضَفْت إِلَيْهِ مِنَ الْأَسْمَاء الْمَوْصُوفَة , فَأَخْرَجَهَا عَلَى الْجَمْع , وَإِذَا أَضَفْت إِلَيْهِ اسْمًا فِي مَعْنَى فِعْل جَازَ جَمْعه وَتَوْحِيده , مِثْل قَوْلك : رَفَعَ الْعَسْكَر صَوْته , وَأَصْوَاته أَجْوَد وَجَازَ هَذَا لِأَنَّ الْفِعْل لَا صُورَة لَهُ فِي الِاثْنَيْنِ إِلَّا الصُّورَة فِي الْوَاحِد . وَقَالَ آخَر مِنْهُمْ : قِيلَ : لِتَسْتَوُوا عَلَى ظَهْره ; لِأَنَّهُ وَصْف لِلْفُلْكِ , وَلَكِنَّهُ وَحَّدَ الْهَاء ; لِأَنَّ الْفُلْك بِتَأْوِيلِ جَمْع , فَجَمَعَ الظُّهُور وَوَحَّدَ الْهَاء ; لِأَنَّ أَفْعَال كُلّ وَاحِد تَأْوِيله الْجَمْع تُوَحَّد وَتُجْمَع مِثْل : الْجُنْد مُنْهَزِم وَمُنْهَزِمُونَ , فَإِذَا جَاءَتْ الْأَسْمَاء خَرَجَ عَلَى الْأَسْمَاء لَا غَيْر , فَقُلْت : الْجُنْد رِجَال , فَلِذَلِكَ جُمِعَتْ الظُّهُور وَوُحِّدَتِ الْهَاء , وَلَوْ كَانَ مِثْل الصَّوْت وَأَشْبَاهه جَازَ الْجُنْد رَافِع صَوْته وَأَصْوَاته.|ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا|قَوْله : { ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَة رَبّكُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَة رَبّكُمْ الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَيْكُمْ بِتَسْخِيرِهِ ذَلِكَ لَكُمْ مَرَاكِب فِي الْبَرّ وَالْبَحْر { إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ } فَتُعَظِّمُوهُ وَتُمَجِّدُوهُ , وَتَقُولُوا تَنْزِيهًا لِلَّهِ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا الَّذِي رَكِبْنَاهُ مِنْ هَذِهِ الْفُلْك وَالْأَنْعَام , مِمَّا يَصِفهُ بِهِ الْمُشْرِكُونَ , وَتُشْرِك مَعَهُ فِي الْعِبَادَة مِنَ الْأَوْثَان وَالْأَصْنَام { وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ } . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23790 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَعُبَيْد بْن إِسْمَاعِيل الْهَبَّارِيّ , قَالَا : ثنا الْمُحَارِبِيّ , عَنْ عَاصِم الْأَحْوَل , عَنْ أَبِي هَاشِم عَنْ أَبِي مِجْلَز , قَالَ : (رَكِبْت دَابَّة , فَقُلْت : { سُبْحَان الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ } , فَسَمِعَنِي رَجُل مِنْ أَهْل الْبَيْت ; قَالَ أَبُو كُرَيْب وَالْهَبَّارِيّ : قَالَ الْمُحَارِبِيّ : فَسَمِعْت سُفْيَان يَقُول : هُوَ الْحَسَن بْن عَلِيّ رِضْوَان اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِمَا , فَقَالَ : أَهَكَذَا أُمِرْت ؟ قَالَ : قُلْت : كَيْفَ أَقُول ؟ قَالَ : تَقُول الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا الْإِسْلَام , الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا بِمُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام , الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَنَا فِي خَيْر أُمَّة أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ , فَإِذَا أَنْتَ قَدْ ذَكَرْت نِعَمًا عِظَامًا , ثُمَّ يَقُول بَعْد ذَلِكَ { سُبْحَان الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبّنَا لَمُنْقَلِبُونَ } . )* - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي هَاشِم , عَنْ أَبِي مِجْلَز , أَنَّ الْحَسَن بْن عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , رَأَى رَجُلًا رَكِبَ دَابَّة , فَقَالَ : الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه. 23791 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُوره لَمْ تَذْكُرُوا نِعْمَة رَبّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ } يُعَلِّمكُمْ كَيْف تَقُولُونَ إِذَا رَكِبْتُمْ فِي الْفُلْك تَقُولُونَ : { بِسْمِ اللَّه مَجْرَاهَا وَمَرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُور رَحِيم } [11 41 ]وَإِذَا رَكِبْتُمُ الْإِبِل قُلْتُمْ : { سُبْحَان الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبّنَا لَمُنْقَلِبُونَ } وَيُعَلِّمكُمْ مَا تَقُولُونَ إِذَا نَزَلْتُمْ مِنَ الْفُلْك وَالْأَنْعَام جَمِيعًا تَقُولُونَ : اللَّهُمَّ أَنْزِلْنَا مَنْزِلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْر الْمُنْزِلِينَ . )23792 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنِ ابْن طَاوُس , عَنْ أَبِيهِ (أَنَّهُ كَانَ إِذَا رَكِبَ قَالَ : اللَّهُمَّ هَذَا مِنْ مَنّك وَفَضْلك , ثُمَّ يَقُول : { سُبْحَان الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبّنَا لَمُنْقَلِبُونَ } . )|وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ|وَقَوْله : { وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ } وَمَا كُنَّا لَهُ مُطِيقِينَ وَلَا ضَابِطِينَ , مِنْ قَوْلهمْ : قَدْ أَقْرَنْت لِهَذَا : إِذَا صِرْت لَهُ قَرْنًا وَأَطَقْته , وَفُلَان مُقْرِن لِفُلَانٍ : أَيْ ضَابِط لَهُ مُطِيق . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23793 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ ابْن عَبَّاس ( { وَمَا كُنَّا لَا مُقْرِنِينَ } يَقُول : مُطِيقِينَ . )23794 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : ( { مُقْرِنِينَ } قَالَ : الْإِبِل وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحَمِير . )23795 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَمَا كُنَّا لَا مُقْرِنِينَ } أَيْ مُطِيقِينَ , لَا وَاللَّه لَا فِي الْأَيْدِي وَلَا فِي الْقُوَّة . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ } قَالَ : فِي الْقُوَّة . )23796 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ ( { وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ } قَالَ : مُطِيقِينَ . )23797 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْل اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : ( { سُبْحَان الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ } قَالَ : لَسْنَا لَهُ مُطِيقِينَ , قَالَ : لَا نُطِيقهَا إِلَّا بِك , لَوْلَا أَنْتَ مَا قَوِينَا عَلَيْهَا وَلَا أَطَقْنَاهَا.)

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ

وَقَوْله : { وَإِنَّا إِلَى رَبّنَا لَمُنْقَلِبُونَ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَلِيَقُولُوا أَيْضًا : وَإِنَّا إِلَى رَبّنَا مِنْ بَعْد مَمَاتنَا لَصَائِرُونَ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ .

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَاده جُزْءًا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَجَعَلَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ لِلَّهِ مِنْ خَلْقه نَصِيبًا , وَذَلِكَ قَوْلهمْ لِلْمَلَائِكَةِ : هُمْ بَنَات اللَّه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23798 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : ( { وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَاده جُزْءًا } قَالَ : وَلَدًا وَبَنَات مِنَ الْمَلَائِكَة . )23799 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ ( { وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَاده جُزْءًا } قَالَ : الْبَنَات . )وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِالْجُزْءِ هَا هُنَا : الْعَدْل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23800 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَاده جُزْءًا } : أَيْ عَدْلًا . )* - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَاده جُزْءًا } : أَيْ عَدْلًا. )وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا الْقَوْل الَّذِي اخْتَرْنَاهُ فِي تَأْوِيل ذَلِكَ ; لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَتْبَعَ ذَلِكَ قَوْله : { أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُق بَنَات وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ } تَوْبِيخًا لَهُمْ عَلَى قَوْلهمْ ذَلِكَ , فَكَانَ مَعْلُومًا أَنَّ تَوْبِيخه إِيَّاهُمْ بِذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ عَمَّا أَخْبَرَ عَنْهُمْ مِنْ قِيلهمْ مَا قَالُوا فِي إِضَافَة الْبَنَات إِلَى اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ.|إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ|وَقَوْله : { إِنَّ الْإِنْسَان لَكَفُور مُبِين } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ الْإِنْسَان لَذُو جَحْد لِنِعَمِ رَبّه الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَيْهِ مُبِين : يَقُول : يُبَيِّن كُفْرَانه نِعَمه عَلَيْهِ , لِمَنْ تَأَمَّلَهُ بِفِكْرِ قَلْبه , وَتَدَبَّرَ حَاله .

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ

وَقَوْله : { أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُق بَنَات } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ مُوَبِّخًا هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ وَصَفُوهُ بِأَنَّ الْمَلَائِكَة بَنَاته : اتَّخَذَ رَبّكُمْ أَيّهَا الْجَاهِلُونَ مِمَّا يَخْلُق بَنَات , وَأَنْتُمْ لَا تَرْضَوْنَ لِأَنْفُسِكُمْ , وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ : يَقُول : وَأَخْلَصَكُمْ بِالْبَنِينَ , فَجَعَلَهُمْ لَكُمْ .

فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ

{ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدهمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِذَا بُشِّرَ أَحَد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الْجَاعِلِينَ لِلَّهِ مِنْ عِبَاده جُزْءًا بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا : يَقُول : بِمَا مَثَّلَ لِلَّهِ , فَشَبَّهَهُ شَبَهًا , وَذَلِكَ مَا وَصَفَهُ بِهِ مِنْ أَنَّ لَهُ بَنَات. كَمَا : 23801 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا } قَالَ : وَلَدًا . )23802 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا } بِمَا جَعَلَ لِلَّهِ .)|ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا|وَقَوْله : { ظَلَّ وَجْهه مُسْوَدًّا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : ظَلَّ وَجْه هَذَا الَّذِي بُشِّرَ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا مِنَ الْبَنَات مُسْوَدًّا مِنْ سُوء مَا بُشِّرَ بِهِ .|وَهُوَ كَظِيمٌ|يَقُول : وَهُوَ حَزِين . كَمَا : 23803 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَهُوَ كَظِيم } : أَيْ حَزِين .)

إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَوَمَنْ يُنَشَّأ فِي الْحِلْيَة وَهُوَ فِي الْخِصَام غَيْر مُبِين } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَوَمَنْ يَنْبُت فِي الْحِلْيَة وَيُزَيَّن بِهَا { وَهُوَ فِي الْخِصَام } يَقُول : وَهُوَ فِي مُخَاصَمَة مَنْ خَاصَمَهُ عِنْد الْخِصَام غَيْر مُبِين , وَمَنْ خَصَمَهُ بِبُرْهَانٍ وَحُجَّة , لِعَجْزِهِ وَضَعْفه , جَعَلْتُمُوهُ جُزْء اللَّه مِنْ خَلْقه وَزَعَمْتُمْ أَنَّهُ نَصِيبه مِنْهُمْ , وَفِي الْكَلَام مَتْرُوك اسْتَغْنَى بِدَلَالَةِ مَا ذَكَرَ مِنْهُ وَهُوَ مَا ذَكَرْت . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنِيّ بِقَوْلِهِ : { أَوَمَنْ يُنَشَّأ فِي الْحِلْيَة وَهُوَ فِي الْخِصَام غَيْر مُبِين } , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِذَلِكَ الْجَوَارِي وَالنِّسَاء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23804 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { أَوَمَنْ يُنَشَّأ فِي الْحِلْيَة وَهُوَ فِي الْخِصَام غَيْر مُبِين } قَالَ : يَعْنِي الْمَرْأَة . )23805 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَلْقَمَة , عَنْ مَرْثَد , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (رَخَّصَ لِلنِّسَاءِ فِي الْحَرِير وَالذَّهَب , وَقَرَأَ { أَوَمَنْ يُنَشَّأ فِي الْحِلْيَة وَهُوَ فِي الْخِصَام غَيْر مُبِين } قَالَ : يَعْنِي الْمَرْأَة . )23806 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : قَالَ ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله ( { أَوَمَنْ يُنَشَّأ فِي الْحِلْيَة وَهُوَ فِي الْخِصَام غَيْر مُبِين } قَالَ : الْجَوَارِي جَعَلْتُمُوهُنَّ لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا , كَيْفَ تَحْكُمُونَ . )23807 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { أَوَمَنْ يُنَشَّأ فِي الْحِلْيَة وَهُوَ فِي الْخِصَام غَيْر مُبِين } قَالَ : الْجَوَارِي يُسَفِّههُنَّ بِذَلِكَ , غَيْر مُبِين بِضَعْفِهِنَّ . )23808 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { أَوَمَنْ يُنَشَّأ فِي الْحِلْيَة } يَقُول : جَعَلُوا لَهُ الْبَنَات وَهُمْ إِذَا بُشِّرَ أَحَدهمْ بِهِنَّ ظَلَّ وَجْهه مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيم . قَالَ : وَأَمَّا قَوْله : { وَهُوَ فِي الْخِصَام غَيْر مُبِين } يَقُول : قَلَّمَا تَتَكَلَّم امْرَأَة فَتُرِيد أَنْ تَتَكَلَّم بِحُجَّتِهَا إِلَّا تَكَلَّمَتْ بِالْحُجَّةِ عَلَيْهَا . )23809 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ ( { أَوَمَنْ يُنَشَّأ فِي الْحِلْيَة وَهُوَ فِي الْخِصَام غَيْر مُبِين } قَالَ : النِّسَاء . )وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِذَلِكَ أَوْثَانهمْ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُون اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23810 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { أَوَمَنْ يُنَشَّأ فِي الْحِلْيَة } . ... الْآيَة , قَالَ : هَذِهِ تَمَاثِيلهمْ الَّتِي يَضْرِبُونَهَا مِنْ فِضَّة وَذَهَب يَعْبُدُونَهَا هُمُ الَّذِينَ أَنْشَئُوهَا , ضَرَبُوهَا مِنْ تِلْكَ الْحِلْيَة , ثُمَّ عَبَدُوهَا { وَهُوَ فِي الْخِصَام غَيْر مُبِين } قَالَ : لَا يَتَكَلَّم , وَقَرَأَ { فَإِذَا هُوَ خَصِيم مُبِين } )[36 77 ]وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : عَنَى بِذَلِكَ الْجَوَارِي وَالنِّسَاء , لِأَنَّ ذَلِكَ عَقِيب خَبَر اللَّه عَنْ إِضَافَة الْمُشْرِكِينَ إِلَيْهِ مَا يَكْرَهُونَهُ لِأَنْفُسِهِمْ مِنَ الْبَنَات , وَقِلَّة مَعْرِفَتهمْ بِحَقِّهِ , وَتَحْلِيَتهمْ إِيَّاهُ مِنْ الصِّفَات وَالْبُخْل , وَهُوَ خَالِقهمْ وَمَالِكهمْ وَرَازِقهمْ , وَالْمُنْعِم عَلَيْهِمْ النِّعَم الَّتِي عَدَّدَهَا فِي أَوَّل هَذِهِ السُّورَة مَا لَا يَرْضَوْنَهُ لِأَنْفُسِهِمْ , فَاتِّبَاع ذَلِكَ مِنَ الْكَلَام مَا كَانَ نَظِيرًا لَهُ أَشْبَه وَأَوْلَى مِنْ اتِّبَاعه مَا لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْر . وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { أَوَمَنْ يُنَشَّأ فِي الْحِلْيَة } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَبَعْض الْمَكِّيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ | أَوَمَنْ يَنْشَأ | بِفَتْحِ الْيَاء وَالتَّخْفِيف مِنْ نَشَأَ يَنْشَأ , وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة { يُنَشَّأ } بِضَمِّ الْيَاء وَتَشْدِيد الشِّين مِنْ نَشَّأْته فَهُوَ يُنَشَّأ. وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا أَنْ يُقَال : إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار , مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى ; لِأَنَّ الْمَنْشَأ مِنَ الْإِنْشَاء نَاشِئ , وَالنَّاشِئ مُنَشَّأ , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب . وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه | أَوَمَنْ لَا يُنَشَّأ إِلَّا فِي الْحِلْيَة | , وَفِي | مَنْ | وُجُوه مِنْ الْإِعْرَاب الرَّفْع عَلَى الِاسْتِئْنَاف وَالنَّصْب عَلَى إِضْمَار يَجْعَلُونَ كَأَنَّهُ قِيلَ : أَوَمَنْ يُنَشَّأ فِي الْحِلْيَة يَجْعَلُونَ بَنَات اللَّه , وَقَدْ يَجُوز النَّصْب فِيهِ أَيْضًا عَلَى الرَّدّ عَلَى قَوْله : أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُق بَنَات أَوَمَنْ يُنَشَّأ فِي الْحِلْيَة , فَيَرُدّ | مَنْ | عَلَى الْبَنَات , وَالْخَفْض عَلَى الرَّدّ عَلَى | مَا | الَّتِي فِي قَوْله : { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدهمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا } .

إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَة الَّذِينَ هُمْ عِبَاد الرَّحْمَن إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقهمْ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَجَعَلَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ مَلَائِكَته الَّذِينَ هُمْ عِبَاد الرَّحْمَن . وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة | الَّذِينَ هُمْ عِنْد الرَّحْمَن | بِالنُّونِ , فَكَأَنَّهُمْ تَأَوَّلُوا فِي ذَلِكَ قَوْل اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { إِنَّ الَّذِينَ عِنْد رَبّك لَا يَسْتَكْبِرُونَ } [7 206 ]فَتَأْوِيل الْكَلَام عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَة : وَجَعَلُوا مَلَائِكَة اللَّه الَّذِينَ هُمْ عِنْده يُسَبِّحُونَهُ وَيُقَدِّسُونَهُ إِنَاثًا , فَقَالُوا : هُمْ بَنَات اللَّه جَهْلًا مِنْهُمْ بِحَقِّ اللَّه , وَجُرْأَة مِنْهُمْ عَلَى قِيل الْكَذِب وَالْبَاطِل. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة وَالْبَصْرَة { وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَة الَّذِينَ هُمْ عِبَاد الرَّحْمَن إِنَاثًا } بِمَعْنَى : جَمْع عَبْد , فَمَعْنَى الْكَلَام عَلَى قِرَاءَة هَؤُلَاءِ : وَجَعَلُوا مَلَائِكَة اللَّه الَّذِينَ هُمْ خَلْقه وَعِبَاده بَنَات اللَّه , فَأَنَّثُوهُمْ بِوَصْفِهِمْ إِيَّاهُمْ بِأَنَّهُمْ إِنَاث . وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار صَحِيحَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب , وَذَلِكَ أَنَّ الْمَلَائِكَة عِبَاد اللَّه وَعِنْده . وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي قِرَاءَة قَوْله : { أَشَهِدُوا خَلْقهمْ } فَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض قُرَّاء الْمَدِينَة | أَشَهِدُوا خَلْقهمْ | بِضَمِّ الْأَلِف , عَلَى وَجْه مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِله , بِمَعْنَى : أَأَشْهَدَ اللَّهُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الْجَاعِلِينَ مَلَائِكَة اللَّه إِنَاثًا , خَلْقَ مَلَائِكَته الَّذِينَ هُمْ عِنْده , فَعَلِمُوا مَا هُمْ , وَأَنَّهُمْ إِنَاث , فَوَصَفُوهُمْ بِذَلِكَ , لِعِلْمِهِمْ بِهِمْ , وَبِرُؤْيَتِهِمْ إِيَّاهُمْ , ثُمَّ رَدَّ ذَلِكَ إِلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِله . وَقُرِئَ بِفَتْحِ الْأَلِف , بِمَعْنَى : أَشَهِدُوا هُمْ ذَلِكَ فَعَلِمُوهُ ؟ وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب .|سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ|وَقَوْله : { سَتُكْتَبُ شَهَادَتهمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : سَتُكْتَبُ شَهَادَة هَؤُلَاءِ الْقَائِلِينَ : الْمَلَائِكَة بَنَات اللَّه فِي الدُّنْيَا , بِمَا شَهِدُوا بِهِ عَلَيْهِمْ , وَيُسْأَلُونَ عَنْ شَهَادَتهمْ تِلْكَ فِي الْآخِرَة أَنْ يَأْتُوا بِبُرْهَانٍ عَلَى حَقِيقَتهَا , وَلَنْ يَجِدُوا إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا .

هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَن مَا عَبَدْنَاهُمْ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قُرَيْش : لَوْ شَاءَ الرَّحْمَن مَا عَبَدْنَا أَوْثَاننَا الَّتِي نَعْبُدهَا مِنْ دُونه , وَإِنَّمَا لَمْ يَحِلّ بِنَا عُقُوبَة عَلَى عِبَادَتنَا إِيَّاهَا لِرِضَاهُ مِنَّا بِعِبَادَتِنَاهَا . كَمَا : 23811 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { لَوْ شَاءَ الرَّحْمَن مَا عَبَدْنَاهُمْ } لِلْأَوْثَانِ يَقُول اللَّه عَزَّ وَحَلَّ .)|مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ|يَقُول : مَا لَهُمْ بِحَقِيقَةِ مَا يَقُولُونَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ عِلْم , وَإِنَّمَا يَقُولُونَهُ تَخَرُّصًا وَتَكَذُّبًا ; لِأَنَّهُمْ لَا خَبَر عِنْدهمْ مِنِّي بِذَلِكَ وَلَا بُرْهَان , وَإِنَّمَا يَقُولُونَهُ ظَنًّا وَحُسْبَانًا .|إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ|يَقُول : مَا هُمْ إِلَّا مُتَخَرِّصُونَ هَذَا الْقَوْل الَّذِي قَالُوهُ , وَذَلِكَ قَوْلهمْ { لَوْ شَاءَ الرَّحْمَن مَا عَبَدْنَاهُمْ } . وَكَانَ مُجَاهِد يَقُول فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , مَا : 23812 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنَا الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ } مَا يَعْلَمُونَ قُدْرَة اللَّه عَلَى ذَلِكَ.)


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس