islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

تفسير الطبرى
13932

54-القمر

اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبهمْ الْحَمِيَّة حَمِيَّة الْجَاهِلِيَّة } </subtitle>يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبهمْ الْحَمِيَّة حَمِيَّة الْجَاهِلِيَّة } حِين جَعَلَ سُهَيْل بْن عَمْرو فِي قَلْبه الْحَمِيَّة , فَامْتَنَعَ أَنْ يَكْتُب فِي كِتَاب الْمُقَاضَاة الَّذِي كُتِبَ بَيْن يَدَيْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُشْرِكِينَ : بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم , وَأَنْ يَكْتُب فِيهِ : مُحَمَّد رَسُول اللَّه , وَامْتَنَعَ هُوَ وَقَوْمه مِنْ دُخُول رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامه ذَلِكَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24443 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , قَالَ : (كَانَتْ حَمِيَّتهمْ الَّتِي ذَكَرَ اللَّه , إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبهمْ الْحَمِيَّة , حَمِيَّة الْجَاهِلِيَّة , أَنَّهُمْ لَمْ يُقِرُّوا | بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم | وَحَالُوا بَيْنهمْ وَبَيْن الْبَيْت . )* - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن سَعِيد , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ بِنَحْوِهِ . 24444 -حَدَّثَنِي عَمْرو بْن مُحَمَّد الْعُثْمَانِيّ , قَالَ : ثَنَا إِسْمَاعِيل ابْن أَبِي أُوَيْس , قَالَ : ثَنِي أَخِي , عَنْ سُلَيْمَان , عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ اِبْن شِهَاب , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , أَنَّ أَبَا هُرَيْرَة أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أُمِرْت أَنْ أُقَاتِل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , فَمَنْ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا إِلَّا اللَّه فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَاله وَنَفْسه إِلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابه عَلَى اللَّه | ). وَأَنْزَلَ اللَّه فِي كِتَابه , فَذَكَرَ قَوْمًا اِسْتَكْبَرُوا فَقَالَ : { إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه يَسْتَكْبِرُونَ } [37 35 ]وَقَالَ اللَّه : { إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبهمْ الْحَمِيَّة حَمِيَّة الْجَاهِلِيَّة فَأَنْزَلَ اللَّه سَكِينَته عَلَى رَسُوله وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَة التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقّ بِهَا وَأَهْلهَا } وَهِيَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه مُحَمَّد رَسُول اللَّه , اِسْتَكْبَرَ عَنْهَا الْمُشْرِكُونَ يَوْم الْحُدَيْبِيَة , يَوْم كَاتَبَهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَضِيَّة الْمُدَّة . و | إِذْ | مِنْ قَوْله : { إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا } مِنْ صِلَة قَوْله : لَعَذَّبْنَا . وَتَأْوِيل الْكَلَام : لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا , حِين جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبهمْ الْحَمِيَّة , وَالْحَمِيَّة فَعِيلَة مِنْ قَوْل الْقَائِل : حَمَى فُلَان أَنْفه حَمِيَّة وَمَحْمِيَّة ; وَمِنْهُ قَوْل الْمُتَلَمِّس : <br>أَلَا إِنَّنِي مِنْهُمْ وَعِرْضِي عِرْضهمْ .......... كَذَا الرَّأْس يَحْمِي أَنْفه أَنْ يُكَمَّشَا <br>يَعْنِي بِقَوْلِهِ : | وَيَحْمِي | : يَمْنَع . وَقَالَ { حَمِيَّة الْجَاهِلِيَّة } لِأَنَّ الَّذِي فَعَلُوا مِنْ ذَلِكَ كَانَ جَمِيعه مِنْ أَخْلَاق أَهْل الْكُفْر , وَلَمْ يَكُنْ شَيْء مِنْهُ مِمَّا أَذِنَ اللَّه لَهُمْ بِهِ , وَلَا أَحَد مِنْ رُسُله .|فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ|وَقَوْله : { فَأَنْزَلَ اللَّه سَكِينَته عَلَى رَسُوله وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره فَأَنْزَلَ اللَّه الصَّبْر وَالطُّمَأْنِينَة وَالْوَقَار عَلَى رَسُوله وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ , إِذْ حَمَى الَّذِينَ كَفَرُوا حَمِيَّة الْجَاهِلِيَّة , وَمَنَعُوهُمْ مِنْ الطَّوَاف بِالْبَيْتِ , وَأَبَوْا أَنْ يَكْتُبُوا فِي الْكِتَاب بَيْنه وَبَيْنهمْ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم , وَمُحَمَّد رَسُول اللَّه|وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى|يُقَال : أَلْزَمَهُمْ قَوْل لَا إِلَه إِلَّا اللَّه الَّتِي يَتَّقُونَ بِهَا النَّار , وَأَلِيم الْعَذَاب . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل عَلَى اِخْتِلَاف فِي ذَلِكَ مِنْهُمْ , وَرُوِيَ بِهِ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر قَائِلِي ذَلِكَ بِمَا قُلْنَا فِيهِ , وَالْخَبَر الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : 24445 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن قَزَعَة الْبَاهِلِيّ , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان بْن حَبِيب , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ ثَوْر ابْن أَبِي فَاخِتَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الطُّفَيْل , عَنْ أَبِيهِ , سَمِعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : ( { وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَة التَّقْوَى } قَالَ : | لَا إِلَه إِلَّا اللَّه | ). 24446 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن خَالِد بْن خِدَاش الْعَتَكِيّ , قَالَ : سَمِعْت سَالِمًا , سَمِعَ شُعْبَة , سَمِعَ سَلَمَة بْن كُهَيْل , سَمِعَ عَبَايَة , سَمِعَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فِي قَوْله : ( { وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَة التَّقْوَى } قَالَ : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه. )* - حَدَّثَنِي اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى وَعَبْد الرَّحْمَن , قَالَا : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ سَلَمَة , عَنْ عَبَايَة بْن رِبْعِيّ , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , فِي قَوْله : ( { وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَة التَّقْوَى } قَالَ : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , وَاَللَّه أَكْبَر . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عِيسَى الدَّامْغَانِيّ , قَالَ ثَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ سُفْيَان وَشُعْبَة , عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْل , عَنْ رَجُل , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : (لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , وَاَللَّه أَكْبَر . )* - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا وَهْب بْن جَرِير , عَنْ شُعْبَة , عَنْ سَلَمَة , عَنْ عَبَايَة , عَنْ رَجُل مِنْ بَنِي تَمِيم عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ( { وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَة التَّقْوَى } قَالَ : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه . )24447 -حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ ثَنَا أَبُو صَالِح . قَالَ ثَنَا مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَة التَّقْوَى } يَقُول : شَهَادَة أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , فَهِيَ كَلِمَة التَّقْوَى , يَقُول : فَهِيَ رَأْس التَّقْوَى . )24448 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , قَالَ : سَمِعْت أَبَا إِسْحَاق , يُحَدِّث عَنْ عَمْرو بْن مَيْمُون أَنَّهُ كَانَ يَقُول فِي هَذِهِ الْآيَة ( { وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَة التَّقْوَى } قَالَ : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عِيسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنِي سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ عَمْرو بْن مَيْمُون , مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ عَمْرو بْن مَيْمُون ( { وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَة التَّقْوَى } قَالَ : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه . )24449 -حَدَّثَنَا اِبْن سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد ( { وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَة التَّقْوَى } قَالَ : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه. )24450 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَة التَّقْوَى } وَهِيَ : شَهَادَة أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه . )24451 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَة التَّقْوَى } قَالَ : هِيَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه . )24452 -حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله ( { وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَة التَّقْوَى } هِيَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه . )24453 - حَدَّثَنِي سَعْد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثَنَا حَفْص بْن عُمَر , قَالَ : ثَنَا الْحَكَم بْن أَبَان , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : ( { وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَة التَّقْوَى } قَالَ شَهَادَة أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه . )24454 - حَدَّثَنِي اِبْن الْبَرْقِيّ , قَالَ : ثَنَا عَمْرو ابْن أَبِي سَلَمَة , عَنْ سَعِيد بْن عَبْد الْعَزِيز , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ ( { وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَة التَّقْوَى } قَالَ : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه مُحَمَّد رَسُول اللَّه . )24455 - حَدَّثَنِي الصَّوَارِيّ مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن سَوَّار , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان بْن عُيَيْنَة , عَنْ يَزِيد بْن أَبِي خَالِد الْمَكِّيّ , عَنْ عَلِيّ الْأَزْدِيّ , قَالَ : كُنْت مَعَ اِبْن عُمَر بَيْن مَكَّة وَمِنَى بِالْمَأْزِمَيْنِ , فَسَمِعَ النَّاس يَقُولُونَ : (لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , وَاَللَّه أَكْبَر , فَقَالَ : هِيَ هِيَ , فَقُلْت : مَا هِيَ ؟ قَالَ : { وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَة التَّقْوَى } الْإِخْلَاص { وَكَانُوا أَحَقّ بِهَا وَأَهْلهَا } . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ : هِيَ كَلِمَة التَّقْوَى , الْإِخْلَاص . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24456 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن الْحُسَيْن الْأَزْدِيّ , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن يَمَان , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد ( { وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَة التَّقْوَى } قَالَ : الْإِخْلَاص . )* -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { كَلِمَة التَّقْوَى } كَلِمَة الْإِخْلَاص . )وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ قَوْله : بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24457 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عِيسَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , فِي قَوْله : ( { وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَة التَّقْوَى } قَالَ : بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم . )وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ قَوْل لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ , لَهُ الْمُلْك وَلَهُ الْحَمْد , وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24458 -حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا اِبْن يَمَان , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد وَعَطَاء ( { وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَة التَّقْوَى } قَالَ : أَحَدهمَا الْإِخْلَاص , وَقَالَ الْآخَر : كَلِمَة التَّقْوَى : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ لَهُ الْمُلْك وَلَهُ الْحَمْد , وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير .)|وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا|وَقَوْله : { وَكَانُوا أَحَقّ بِهَا وَأَهْلهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَالْمُؤْمِنُونَ أَحَقّ بِكَلِمَةِ التَّقْوَى مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلهَا : يَقُول : وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنُونَ أَهْل كَلِمَة التَّقْوَى دُون الْمُشْرِكِينَ . وَذُكِرَ أَنَّهَا فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه | وَكَانُوا أَهْلهَا وَأَحَقّ بِهَا | . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24459 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَكَانُوا أَحَقّ بِهَا وَأَهْلهَا } وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ أَحَقّ بِهَا , وَكَانُوا أَهْلهَا : أَيْ التَّوْحِيد , وَشَهَادَة أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْده وَرَسُوله .)|وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا|وَقَوْله : { وَكَانَ اللَّه بِكُلِّ شَيْء عَلِيمًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَمْ يَزَلْ اللَّه بِكُلِّ شَيْء ذَا عِلْم , يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء هُوَ كَائِن , وَلِعِلْمِهِ أَيّهَا النَّاس بِمَا يَحْدُث مِنْ دُخُولكُمْ مَكَّة وَبِهَا رِجَال مُؤْمِنُونَ , وَنِسَاء مُؤْمِنَات لَمْ تَعْلَمُوهُمْ , لَمْ يَأْذَن لَكُمْ بِدُخُولِكُمْ مَكَّة فِي سَفَرَتكُمْ هَذِهِ .

وَإِنْ يَرَوْا آَيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَقَدْ صَدَقَ اللَّه رَسُوله الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِد الْحَرَام إِنْ شَاءَ اللَّه آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَقَدْ صَدَقَ اللَّه رَسُوله مُحَمَّدًا رُؤْيَاهُ الَّتِي أَرَاهَا إِيَّاهُ أَنَّهُ يَدْخُل هُوَ وَأَصْحَابه بَيْت اللَّه الْحَرَام آمِنِينَ , لَا يَخَافُونَ أَهْل الشِّرْك , مُقَصِّرًا بَعْضهمْ رَأْسه , وَمُحَلِّقًا بَعْضهمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24460 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس ( { لَقَدْ صَدَقَ اللَّه رَسُوله الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِد الْحَرَام إِنْ شَاءَ اللَّه آمِنِينَ } قَالَ هُوَ دُخُول مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيْت وَالْمُؤْمِنُونَ , مُحَلِّقِينَ رُءُوسهمْ وَمُقَصِّرِينَ . )24461 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ } قَالَ : أُرِيَ بِالْحُدَيْبِيَةِ أَنَّهُ يَدْخُل مَكَّة وَأَصْحَابه مُحَلِّقِينَ , فَقَالَ أَصْحَابه حِين نَحَرَ بِالْحُدَيْبِيَةِ : أَيْنَ رُؤْيَا مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )24462 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { لَقَدْ صَدَقَ اللَّه رَسُوله الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ } قَالَ : رَأَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَطُوف بِالْبَيْتِ وَأَصْحَابه , فَصَدَّقَ اللَّه رُؤْيَاهُ , فَقَالَ : { لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِد الْحَرَام إِنْ شَاءَ اللَّه آمِنِينَ }. .. حَتَّى بَلَغَ { لَا تَخَافُونَ } . )24463 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { لَقَدْ صَدَقَ اللَّه رَسُوله الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ } قَالَ : أُرِيَ فِي الْمَنَام أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ الْمَسْجِد الْحَرَام , وَأَنَّهُمْ آمِنُونَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسهمْ وَمُقَصِّرِينَ . )24464 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { لَقَدْ صَدَقَ اللَّه رَسُوله الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ } . . إِلَى آخِر الْآيَة . قَالَ : قَالَ لَهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | إِنِّي قَدْ رَأَيْت أَنَّكُمْ سَتَدْخُلُونَ الْمَسْجِد الْحَرَام مُحَلِّقِينَ رُءُوسكُمْ وَمُقَصِّرِينَ | فَلَمَّا نَزَلَ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَلَمْ يَدْخُل ذَلِكَ الْعَام طَعَنَ الْمُنَافِقُونَ فِي ذَلِكَ , فَقَالُوا : أَيْنَ رُؤْيَاهُ ؟ فَقَالَ اللَّه { لَقَدْ صَدَقَ اللَّه رَسُوله الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ } فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ { وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ } إِنِّي لَمْ أَرَهُ يَدْخُلهَا هَذَا الْعَام , وَلَيَكُونَنَّ ذَلِكَ ). 24465 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق ( { لَقَدْ صَدَقَ اللَّه رَسُوله الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ } . .. إِلَى قَوْله : { إِنْ شَاءَ اللَّه آمِنِينَ } لِرُؤْيَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي أُرِيَهَا أَنَّهُ سَيَدْخُلُ مَكَّة آمِنًا لَا يَخَاف , يَقُول : مُحَلِّقِينَ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ .)|فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا|وَقَوْله : { فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَعَلِمَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ مَا لَمْ تَعْلَمُوا , وَذَلِكَ عِلْمه تَعَالَى ذِكْره بِمَا بِمَكَّة مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء الْمُؤْمِنِينَ , الَّذِينَ لَمْ يَعْلَمهُمْ الْمُؤْمِنُونَ , وَلَوْ دَخَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْعَام لَوَطِئُوهُمْ بِالْخَيْلِ وَالرَّجِل , فَأَصَابَتْهُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّة بِغَيْرِ عِلْم , فَرَدَّهُمْ اللَّه عَنْ مَكَّة مِنْ أَجْل ذَلِكَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24466 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا } قَالَ : رَدَّهُ لِمَكَانٍ مِنْ بَيْن أَظْهُرهمْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات , وَأَخَّرَهُ لِيُدْخِل اللَّه فِي رَحْمَته مَنْ يَشَاء مَنْ يُرِيد أَنْ يَهْدِيه .)|فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا|وَقَوْله : { فَجَعَلَ مِنْ دُون ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْفَتْح الْقَرِيب , الَّذِي جَعَلَهُ اللَّه لِلْمُؤْمِنِينَ دُون دُخُولهمْ الْمَسْجِد الْحَرَام مُحَلِّقِينَ رُءُوسهمْ وَمُقَصِّرِينَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ الصُّلْح الَّذِي جَرَى بَيْن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْن مُشْرِكِي قُرَيْش . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24467 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { مِنْ دُون ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا } قَالَ : النَّحْر بِالْحُدَيْبِيَةِ , وَرَجَعُوا فَافْتَتَحُوا خَيْبَر , ثُمَّ اِعْتَمَرَ بَعْد ذَلِكَ , فَكَانَ تَصْدِيق رُؤْيَاهُ فِي السَّنَة الْقَابِلَة . )24468 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ الزُّهْرِيّ , قَوْله : ( { فَجَعَلَ مِنْ دُون ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا } يَعْنِي : صُلْح الْحُدَيْبِيَة , وَمَا فُتِحَ فِي الْإِسْلَام فَتْح كَانَ أَعْظَم مِنْهُ , إِنَّمَا كَانَ الْقِتَال حَيْثُ اِلْتَقَى النَّاس ; فَلَمَّا كَانَتْ الْهُدْنَة وَضَعْت الْحَرْب , وَأَمِنَ النَّاس كُلّهمْ بَعْضهمْ بَعْضًا , فَالْتَقَوْا فَتَفَاوَضُوا فِي الْحَدِيث وَالْمُنَازَعَة , فَلَمْ يُكَلَّم أَحَد بِالْإِسْلَامِ يَعْقِل شَيْئًا إِلَّا دَخَلَ فِيهِ , فَلَقَدْ دَخَلَ فِي تَيْنِكَ السَّنَتَيْنِ فِي الْإِسْلَام مِثْل مَنْ كَانَ فِي الْإِسْلَام قَبْل ذَلِكَ وَأَكْثَر . )24469 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق ( { فَجَعَلَ مِنْ دُون ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا } قَالَ : صُلْح الْحُدَيْبِيَة . )وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِالْفَتْحِ الْقَرِيب فِي هَذَا الْمَوْضِع : فَتْح خَيْبَر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24470 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { فَجَعَلَ مِنْ دُون ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا } قَالَ : خَيْبَر حِين رَجَعُوا مِنْ الْحُدَيْبِيَة , فَتَحَهَا اللَّه عَلَيْهِمْ , فَقَسَمَهَا عَلَى أَهْل الْحُدَيْبِيَة كُلّهمْ إِلَّا رَجُلًا وَاحِدًا مِنْ الْأَنْصَار , يُقَال لَهُ : أَبُو دُجَانَة سِمَاك بْن خَرْشَة , كَانَ قَدْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَة وَغَابَ عَنْ خَيْبَر . )وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه أَخْبَرَ أَنَّهُ جَعَلَ لِرَسُولِهِ وَاَلَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ مِنْ أَهْل بَيْعَة الرِّضْوَان فَتْحًا قَرِيبًا مِنْ دُون دُخُولهمْ الْمَسْجِد الْحَرَام , وَدُون تَصْدِيقه رُؤْيَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ صُلْح الْحُدَيْبِيَة وَفَتْح خَيْبَر دُون ذَلِكَ , وَلَمْ يُخَصِّص اللَّه تَعَالَى ذِكْره خَبَره ذَلِكَ عَنْ فَتْح مِنْ ذَلِكَ دُون فَتْح , بَلْ عَمَّ ذَلِكَ , وَذَلِكَ كُلّه فَتْح جَعَلَهُ اللَّه مِنْ دُون ذَلِكَ . وَالصَّوَاب أَنْ يَعُمّهُ كَمَا عَمَّهُ , فَيُقَال : جَعَلَ اللَّه مِنْ دُون تَصْدِيقه رُؤْيَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدُخُولِهِ وَأَصْحَابه الْمَسْجِد الْحَرَام مُحَلِّقِينَ رُءُوسهمْ وَمُقَصِّرِينَ , لَا يَخَافُونَ الْمُشْرِكِينَ صُلْح الْحُدَيْبِيَة وَفَتْح خَيْبَر .

وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُوله بِالْهُدَى وَدِين الْحَقّ } </subtitle>يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُوله بِالْهُدَى وَدِين الْحَقّ } الَّذِي أَرْسَلَ رَسُوله مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَيَانِ الْوَاضِح , وَدِين الْحَقّ , وَهُوَ الْإِسْلَام ; الَّذِي أَرْسَلَهُ دَاعِيًا خَلْقه إِلَيْهِ|لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ|يَقُول : لِيُبْطِل بِهِ الْمِلَل كُلّهَا , حَتَّى لَا يَكُون دِين سِوَاهُ , وَذَلِكَ كَانَ كَذَلِكَ حَتَّى يَنْزِل عِيسَى اِبْن مَرْيَم , فَيَقْتُل الدَّجَّال , فَحِينَئِذٍ تَبْطُل الْأَدْيَان كُلّهَا , غَيْر دِين اللَّه الَّذِي بَعَثَ بِهِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَيُظْهِر الْإِسْلَام عَلَى الْأَدْيَان كُلّهَا .|وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا|وَقَوْله : { وَكَفَى بِاَللَّهِ شَهِيدًا } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَشْهَدَك يَا مُحَمَّد رَبّك عَلَى نَفْسه , أَنَّهُ سَيُظْهِرُ الدِّين الَّذِي بَعَثَك بِهِ { وَكَفَى بِاَللَّهِ شَهِيدًا } يَقُول : وَحَسْبك بِهِ شَاهِدًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24471 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ . ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا أَبُو بَكْر الْهُذَلِيّ , عَنْ الْحَسَن ( { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُوله بِالْهُدَى وَدِين الْحَقّ لِيُظْهِرهُ عَلَى الدِّين كُلّه وَكَفَى بِاَللَّهِ شَهِيدًا } يَقُول : أَشْهَد لَك عَلَى نَفْسه أَنَّهُ سَيُظْهِرُ دِينك عَلَى الدِّين كُلّه , وَهَذَا إِعْلَام مِنْ اللَّه تَعَالَى نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَاَلَّذِينَ كَرِهُوا الصُّلْح يَوْم الْحُدَيْبِيَة مِنْ أَصْحَابه , أَنَّ اللَّه فَاتِح عَلَيْهِمْ مَكَّة وَغَيْرهَا مِنْ الْبُلْدَان , مُسَلِّيهمْ بِذَلِكَ عَمَّا نَالَهُمْ مِنْ الْكَآبَة وَالْحُزْن , بِانْصِرَافِهِمْ عَنْ مَكَّة قَبْل دُخُولِهُمُوهَا , وَقَبْل طَوَافهمْ بِالْبَيْتِ .)

وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ

وَقَوْله : { مُحَمَّد رَسُول اللَّه وَاَلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّار رُحَمَاء بَيْنهمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مُحَمَّد رَسُول اللَّه وَأَتْبَاعه مِنْ أَصْحَابه الَّذِينَ هُمْ مَعَهُ عَلَى دِينه , أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّار , غَلِيظَة عَلَيْهِمْ قُلُوبهمْ , قَلِيلَة بِهِمْ رَحْمَتهمْ { رُحَمَاء بَيْنهمْ } يَقُول : رَقِيقَة قُلُوب بَعْضهمْ لِبَعْضٍ , لَيِّنَة أَنْفُسهمْ لَهُمْ , هَيِّنَة عَلَيْهِمْ لَهُمْ . كَمَا : 24472 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { رُحَمَاء بَيْنهمْ } أَلْقَى اللَّه فِي قُلُوبهمْ الرَّحْمَة , بَعْضهمْ لِبَعْضٍ)|تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا|يَقُول : تَرَاهُمْ رُكَّعًا أَحْيَانًا لِلَّهِ فِي صَلَاتهمْ سُجَّدًا أَحْيَانًا|يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ|يَقُول : يَلْتَمِسُونَ بِرُكُوعِهِمْ وَسُجُودهمْ وَشِدَّتهمْ عَلَى الْكُفَّار وَرَحْمَة بَعْضهمْ بَعْضًا , فَضْلًا مِنْ اللَّه , وَذَلِكَ رَحْمَته إِيَّاهُمْ , بِأَنْ يَتَفَضَّل عَلَيْهِمْ , فَيُدْخِلهُمْ جَنَّته|وَرِضْوَانًا|يَقُول : وَأَنْ يَرْضَى عَنْهُمْ رَبّهمْ .|سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ|وَقَوْله : { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههمْ مِنْ أَثَر السُّجُود } يَقُول : عَلَامَتهمْ فِي وُجُوههمْ مِنْ أَثَر السُّجُود فِي صَلَاتهمْ . ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي السِّيمَا الَّذِي عَنَاهُ اللَّه فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْضهمْ : ذَلِكَ عَلَامَة يَجْعَلهَا اللَّه فِي وُجُوه الْمُؤْمِنِينَ يَوْم الْقِيَامَة , يُعْرَفُونَ بِهَا لِمَا كَانَ مِنْ سُجُودهمْ لَهُ فِي الدُّنْيَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24473 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس ( { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههمْ مِنْ أَثَر السُّجُود } قَالَ : صَلَاتهمْ تَبْدُو فِي وُجُوههمْ يَوْم الْقِيَامَة. )24474 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد اللَّه الْعَتَكِيّ , عَنْ خَالِد الْحَنَفِيّ , قَوْله : ( { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههمْ مِنْ أَثَر السُّجُود } قَالَ : يُعْرَف ذَلِكَ يَوْم الْقِيَامَة فِي وُجُوههمْ مِنْ أَثَر سُجُودهمْ فِي الدُّنْيَا , وَهُوَ كَقَوْلِهِ : ) { تَعْرِف فِي وُجُوههمْ نَضْرَة النَّعِيم } [83 24 ]. 24475 - حَدَّثَنِي عُبَيْد بْن أَسْبَاط بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ فُضَيْل بْن مَرْزُوق , عَنْ عَطِيَّة , فِي قَوْله : ( { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههمْ مِنْ أَثَر السُّجُود } قَالَ : مَوَاضِع السُّجُود مِنْ وُجُوههمْ يَوْم الْقِيَامَة أَشَدّ وُجُوههمْ بَيَاضًا . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُمَارَة , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن فُضَيْل , عَنْ فُضَيْل , عَنْ عَطِيَّة , بِنَحْوِهِ . * -حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثَنَا اِبْن فُضَيْل , عَنْ فُضَيْل , عَنْ عَطِيَّة , بِنَحْوِهِ . * - حَدَّثَنَا مُجَاهِد بْن مُوسَى , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا فُضَيْل , عَنْ عَطِيَّة , مِثْله . 24476 -حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا الْمُعْتَمِر , قَالَ : (سَمِعْت شُبَيْبًا يَقُول عَنْ مُقَاتِل بْن حَيَّان , قَالَ : { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههمْ مِنْ أَثَر السُّجُود } قَالَ : النُّور يَوْم الْقِيَامَة . )24477 - حَدَّثَنَا اِبْن سِنَان الْقَزَّاز , قَالَ : ثَنَا هَارُون بْن إِسْمَاعِيل , قَالَ : قَالَ عَلِيّ بْن الْمُبَارَك : سَمِعْت غَيْر وَاحِد عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : ( { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههمْ مِنْ أَثَر السُّجُود } قَالَ : بَيَاضًا فِي وُجُوههمْ يَوْم الْقِيَامَة . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ سِيمَا الْإِسْلَام وَسَمْته وَخُشُوعه , وَعَنَى بِذَلِكَ أَنَّهُ يُرَى مِنْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24478 - حَدَّثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههمْ } قَالَ : السَّمْت الْحَسَن . )24479 - قَالَ : ثَنَا مُجَاهِد , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن بْن مُعَاوِيَة , عَنْ الْحَكَم , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههمْ مِنْ أَثَر السُّجُود } قَالَ : أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ بِاَلَّذِي تَرَوْنَ , وَلَكِنَّهُ سِيمَا الْإِسْلَام وَسَحْنَته وَسَمْته وَخُشُوعه . )24480 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ حُمَيْد الْأَعْرَج , عَنْ مُجَاهِد ( { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههمْ مِنْ أَثَر السُّجُود } قَالَ : الْخُشُوع وَالتَّوَاضُع . )* -حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا مُؤَمَّل , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ حُمَيْد الْأَعْرَج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - قَالَ : ثَنَا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد ( { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههمْ مِنْ أَثَر السُّجُود } قَالَ : الْخُشُوع . )24481 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , عَنْ شُعْبَة , عَنْ الْحَكَم , عَنْ مُجَاهِد , فِي هَذِهِ الْآيَة ( { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههمْ مِنْ أَثَر السُّجُود } قَالَ : السَّحْنَة . )24482 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههمْ مِنْ أَثَر السُّجُود } قَالَ : هُوَ الْخُشُوع , فَقُلْت : هُوَ أَثَر السُّجُود , فَقَالَ : إِنَّهُ يَكُون بَيْن عَيْنَيْهِ مِثْل رُكْبَة الْعَنْز , وَهُوَ كَمَا شَاءَ اللَّه . )وَقَالَ آخَرُونَ : ذَلِكَ أَثَر يَكُون فِي وُجُوه الْمُصَلِّينَ , مِثْل أَثَر السَّهَر , الَّذِي يَظْهَر فِي الْوَجْه مِثْل الْكَلَف وَالتَّهَيُّج وَالصُّفْرَة , وَأَشْبَه ذَلِكَ مِمَّا يُظْهِرهُ السَّهَر وَالتَّعَب فِي الْوَجْه , وَوَجَّهُوا التَّأْوِيل فِي ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ سِيَمًا فِي الدُّنْيَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24483 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ رَجُل , عَنْ الْحَسَن ( { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههمْ مِنْ أَثَر السُّجُود } قَالَ : الصُّفْرَة . )24484 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا الْمُعْتَمِر , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : (زَعَمَ الشَّيْخ الَّذِي كَانَ يَقُصّ فِي عُسْر , وَقَرَأَ { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههمْ مِنْ أَثَر السُّجُود } فَزَعَمَ أَنَّهُ السَّهَر يُرَى فِي وُجُوههمْ. )24485 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَعْقُوب الْقُمِّيّ , عَنْ حَفْص , عَنْ شَمِر بْن عَطِيَّة , فِي قَوْله : ( { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ } قَالَ : تَهَيُّج فِي الْوَجْه مِنْ سَهَر اللَّيْل . )وَقَالَ آخَرُونَ : ذَلِكَ آثَار تُرَى فِي الْوَجْه مِنْ ثَرَى الْأَرْض , أَوْ نَدَى الطَّهُور . ذِكْر مِنْ قَالَ ذَلِكَ : 24486 -حَدَّثَنَا حَوْثَرَة بْن مُحَمَّد الْمِنْقَرِيّ , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد بْن مَسْعَدَة ; وَحَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير جَمِيعًا عَنْ ثَعْلَبَة بْن سُهَيْل , عَنْ جَعْفَر ابْن أَبِي الْمُغِيرَة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْله : ( { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَر السُّجُود } قَالَ : ثَرَى الْأَرْض , وَنَدَى الطَّهُور . )24487 - حَدَّثَنَا اِبْن سِنَان الْقَزَّاز , قَالَ : ثَنَا هَارُون بْن إِسْمَاعِيل , قَالَ : ثَنَا عَلِيّ بْن الْمُبَارَك , قَالَ : ثَنَا مَالِك بْن دِينَار , قَالَ : سَمِعْت عِكْرِمَة يَقُول : ( { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَر السُّجُود } قَالَ : هُوَ أَثَر التُّرَاب . )وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره أَخْبَرَنَا أَنَّ سِيمَا هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتهمْ فِي وُجُوههمْ مِنْ أَثَر السُّجُود , وَلَمْ يَخُصّ ذَلِكَ عَلَى وَقْت دُون وَقْت . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَذَلِكَ عَلَى كُلّ الْأَوْقَات , فَكَانَ سِيمَاهُمْ الَّذِي كَانُوا يُعْرَفُونَ بِهِ فِي الدُّنْيَا أَثَر الْإِسْلَام , وَذَلِكَ خُشُوعه وَهَدْيه وَزُهْده وَسَمْته , وَآثَار أَدَاء فَرَائِضه وَتَطَوُّعه , وَفِي الْآخِرَة مَا أَخْبَرَ أَنَّهُمْ يُعْرَفُونَ بِهِ , وَذَلِكَ الْغُرَّة فِي الْوَجْه وَالتَّحْجِيل فِي الْأَيْدِي وَالْأَرْجُل مِنْ أَثَر الْوُضُوء , وَبَيَاض الْوُجُوه مِنْ أَثَر السُّجُود . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى السِّيمَا قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24488 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههمْ مِنْ أَثَر السُّجُود } يَقُول : عَلَامَتهمْ أَوْ أَعْلَمَتْهُمْ الصَّلَاة .)|ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ|وَقَوْله : { ذَلِكَ مَثَلهمْ فِي التَّوْرَاة } يَقُول : هَذِهِ الصِّفَة الَّتِي وَصَفْت لَكُمْ مِنْ صِفَة أَتْبَاع مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ مَعَهُ صِفَتهمْ فِي التَّوْرَاة .|وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ|وَقَوْله : { وَمَثَلهمْ فِي الْإِنْجِيل كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ } يَقُول : وَصِفَتهمْ فِي إِنْجِيل عِيسَى صِفَة زَرْع أَخْرَجَ شَطْأَهُ , وَهُوَ فِرَاخه , يُقَال مِنْهُ : قَدْ أَشْطَأَ الزَّرْع : إِذَا فَرَّخَ فَهُوَ يُشْطِئ إِشْطَاء , وَإِنَّمَا مَثَّلَهُمْ بِالزَّرْعِ الْمُشْطِئ ; لِأَنَّهُمْ اِبْتَدَءُوا فِي الدُّخُول فِي الْإِسْلَام , وَهُمْ عَدَد قَلِيلُونَ , ثُمَّ جَعَلُوا يَتَزَايَدُونَ , وَيَدْخُل فِيهِ الْجَمَاعَة بَعْدهمْ , ثُمَّ الْجَمَاعَة بَعْد الْجَمَاعَة , حَتَّى كَثُرَ عَدَدهمْ , كَمَا يَحْدُث فِي أَصْل الزَّرْع الْفَرْخ مِنْهُ , ثُمَّ الْفَرْخ بَعْده حَتَّى يَكْثُر وَيُنَمَّى . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24489 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنَا مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { مُحَمَّد رَسُول اللَّه وَاَلَّذِينَ مَعَهُ } أَصْحَابه مِثْلهمْ , يَعْنِي نَعْتهمْ مَكْتُوبًا فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل قَبْل أَنْ يَخْلُق السَّمَوَات وَالْأَرْض . )24490 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد , عَنْ الضَّحَّاك ( { مُحَمَّد رَسُول اللَّه وَاَلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّار } . .. إِلَى قَوْله : { ذَلِكَ مَثَلهمْ فِي التَّوْرَاة } ثُمَّ قَالَ : { وَمَثَلهمْ فِي الْإِنْجِيل كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ } . .. الْآيَة . )24491 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ذَلِكَ ( { مَثَلهمْ فِي التَّوْرَاة } : أَيْ هَذَا الْمَثَل فِي التَّوْرَاة { وَمَثَلهمْ فِي الْإِنْجِيل كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ } فَهَذَا مَثَل أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِنْجِيل . )24492 -حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههمْ مِنْ أَثَر السُّجُود } قَالَ { ذَلِكَ مَثَلهمْ فِي التَّوْرَاة وَمَثَلهمْ فِي الْإِنْجِيل كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ } . )24493 - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههمْ مِنْ أَثَر السُّجُود ذَلِكَ مَثَلهمْ فِي التَّوْرَاة } يَعْنِي السِّيمَا فِي الْوُجُوه مَثَلهمْ فِي التَّوْرَاة , وَلَيْسَ بِمَثَلِهِمْ فِي الْإِنْجِيل , ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { وَمَثَلهمْ فِي الْإِنْجِيل كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ } . .. الْآيَة , هَذَا مَثَلهمْ فِي الْإِنْجِيل . 24494 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههمْ مِنْ أَثَر السُّجُود ذَلِكَ مَثَلهمْ فِي التَّوْرَاة وَمَثَلهمْ فِي الْإِنْجِيل كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ } . )24495 -حَدَّثَنِي عَمْرو بْن عَبْد الْحَمِيد , قَالَ : ثَنَا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْل اللَّه : ( { مُحَمَّد رَسُول اللَّه وَاَلَّذِينَ مَعَهُ } . .. الْآيَة , قَالَ : هَذَا مَثَلهمْ فِي التَّوْرَاة , وَمَثَل آخَر فِي الْإِنْجِيل { كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ } الْآيَة . )وَقَالَ آخَرُونَ : هَذَانِ الْمَثَلَانِ فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل مَثَلهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24496 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { ذَلِكَ مَثَلهمْ فِي التَّوْرَاة } وَالْإِنْجِيل وَاحِد . )وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَثَلهمْ فِي التَّوْرَاة , غَيْر مَثَلهمْ فِي الْإِنْجِيل , وَإِنَّ الْخَبَر عَنْ مَثَلهمْ فِي التَّوْرَاة مُتَنَاهٍ عِنْد قَوْله : { ذَلِكَ مَثَلهمْ فِي التَّوْرَاة } وَذَلِكَ أَنَّ الْقَوْل لَوْ كَانَ كَمَا قَالَ مُجَاهِد مِنْ أَنَّ مَثَلهمْ فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَاحِد , لَكَانَ التَّنْزِيل : وَمَثَلهمْ فِي الْإِنْجِيل , وَكَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ , فَكَانَ تَمْثِيلهمْ بِالزَّرْعِ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْله : { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههمْ مِنْ أَثَر السُّجُود } حَتَّى يَكُون ذَلِكَ خَبَرًا عَنْ أَنَّ ذَلِكَ مَثَلهمْ فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل , وَفِي مَجِيء الْكَلَام بِغَيْرِ وَاو فِي قَوْله : { كَزَرْعٍ } دَلِيل بَيِّن عَلَى صِحَّة مَا قُلْنَا , وَأَنَّ قَوْلهمْ { وَمَثَلهمْ فِي الْإِنْجِيل } خَبَر مُبْتَدَأ عَنْ صِفَتهمْ الَّتِي هِيَ فِي الْإِنْجِيل دُون مَا فِي التَّوْرَاة مِنْهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي قَوْله { أَخْرَجَ شَطْأَهُ } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24497 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن إِبْرَاهِيم الْمَسْعُودِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدّه , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ خَيْثَمَة , قَالَ : (بَيْنَا عَبْد اللَّه يُقْرِئ رَجُلًا عِنْد غُرُوب الشَّمْس , إِذْ مَرَّ بِهَذِهِ الْآيَة { كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ } قَالَ : أَنْتُمْ الزَّرْع , وَقَدْ دَنَا حَصَادكُمْ . )24498 - قَالَ : ثَنَا يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ حُمَيْد الطَّوِيل , قَالَ : (قَرَأَ أَنَس بْن مَالِك : { كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ } قَالَ : تَدْرُونَ مَا شَطْأَهُ ؟ قَالَ : نَبَاته . )24499 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { ذَلِكَ مَثَلهمْ فِي التَّوْرَاة وَمَثَلهمْ فِي الْإِنْجِيل كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ } قَالَ : سُنْبُله حِين يَتَسَلَّع نَبَاته عَنْ حَبَّاته . )244500 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَمَثَلهمْ فِي الْإِنْجِيل كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ } قَالَ : هَذَا مَثَل أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِنْجِيل , قِيلَ لَهُمْ : إِنَّهُ سَيَخْرُجُ قَوْم يَنْبُتُونَ نَبَات الزَّرْع , مِنْهُمْ قَوْم يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ , وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَر . )24501 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة وَالزُّهْرِيّ ( { كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ } قَالَا : أَخْرَجَ نَبَاته. )24502 - حُدِّثْنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { وَمَثَلهمْ فِي الْإِنْجِيل كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ } يَعْنِي : أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , يَكُونُونَ قَلِيلًا , ثُمَّ يَزْدَادُونَ وَيَكْثُرُونَ وَيَسْتَغْلِظُونَ . )24503 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ } أَوْلَاده , ثُمَّ كَثُرَتْ أَوْلَاده . )24504 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ } قَالَ : مَا يَخْرُج بِجَنْبِ الْحَقْلَة فَيَتِمّ وَيُنَمَّى .)|فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ|وَقَوْله : { فَآزَرَهُ } يَقُول : فَقَوَّاهُ : أَيْ قَوَّى الزَّرْع شَطْأَهُ وَأَعَانَهُ , وَهُوَ مِنْ الْمُؤَازَرَة الَّتِي بِمَعْنَى الْمُعَاوَنَة { فَاسْتَغْلَظَ } يَقُول : فَغَلُظَ الزَّرْع { فَاسْتَوَى عَلَى سُوقه } وَالسُّوق : جَمْع سَاق , وَسَاق الزَّرْع وَالشَّجَر : حَامِلَته . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24505 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس ( { فَآزَرَهُ } يَقُول : نَبَاته مَعَ اِلْتِفَافه حِين يُسَنْبِل { ذَلِكَ مَثَلهمْ فِي التَّوْرَاة وَمَثَلهمْ فِي الْإِنْجِيل } فَهُوَ مَثَل ضَرَبَهُ لِأَهْلِ الْكِتَاب إِذَا خَرَجَ قَوْم يَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُت الزَّرْع فَيَبْلُغ فِيهِمْ رِجَال يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ , وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَر , ثُمَّ يَغْلُظُونَ , فَهُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُمْ . وَهُوَ مَثَل ضَرَبَهُ اللَّه لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : بَعَثَ اللَّه النَّبِيّ وَحْده , ثُمَّ اِجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَاس قَلِيل يُؤْمِنُونَ بِهِ , ثُمَّ يَكُون الْقَلِيل كَثِيرًا , وَيَسْتَغْلِظُونَ , وَيَغِيظ اللَّه بِهِمْ الْكُفَّار . )24506 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله ( { فَآزَرَهُ } قَالَ : فَشَدَّهُ وَأَعَانَهُ . )وَقَوْله : { عَلَى سُوقه } قَالَ : أُصُوله . 24507 -حَدَّثَنِي اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة وَالزُّهْرِيّ ( { فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقه } يَقُول : فَتَلَاحَقَ . )24508 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { فَآزَرَهُ } اِجْتَمَعَ ذَلِكَ فَالْتَفَّ ; قَالَ : وَكَذَلِكَ الْمُؤْمِنُونَ خَرَجُوا وَهُمْ قَلِيل ضُعَفَاء , فَلَمْ يَزَلْ اللَّه يَزِيد فِيهِمْ , وَيُؤَيِّدهُمْ بِالْإِسْلَامِ , كَمَا أَيَّدَ هَذَا الزَّرْع بِأَوْلَادِهِ , فَآزَرَهُ , فَكَانَ مَثَلًا لِلْمُؤْمِنِينَ . )24509 -حَدَّثَنِي عَمْرو بْن عَبْد الْحَمِيد , قَالَ : ثَنَا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك ( { كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقه } يَقُول : حَبّ بُرّ نُثِرَ مُتَفَرِّقًا , فَتُنْبِت كُلّ حَبَّة وَاحِدَة , ثُمَّ أَنْبَتَتْ كُلّ وَاحِدَة مِنْهَا , حَتَّى اِسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقه ; قَالَ : يَقُول : كَانَ أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلِيلًا , ثُمَّ كَثُرُوا , ثُمَّ اِسْتَغْلَظُوا { لِيَغِيظَ } اللَّه { بِهِمْ الْكُفَّار } . )|يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ|وَقَوْله : { يُعْجِب الزُّرَّاع لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّار } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يُعْجِب هَذَا الزَّرْع الَّذِي اِسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقه فِي تَمَامه وَحُسْن نَبَاته , وَبُلُوغه وَانْتِهَائِهِ الَّذِينَ زَرَعُوهُ { لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّار } يَقُول : فَكَذَلِكَ مَثَل مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه , وَاجْتِمَاع عَدَدهمْ حَتَّى كَثُرُوا وَنَمَوْا , وَغَلُظَ أَمْرهمْ كَهَذَا الزَّرْع الَّذِي وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ صِفَته , ثُمَّ قَالَ : { لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّار } فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مَتْرُوك مِنْ الْكَلَام , وَهُوَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى فَعَلَ ذَلِكَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّار. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24510 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّار } يَقُول اللَّه : مَثَلهمْ كَمَثَلِ زَرْع أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ , فَاسْتَغْلَظَ , فَاسْتَوَى عَلَى سُوقه , حَتَّى بَلَغَ أَحْسَن النَّبَات , يُعْجِب الزُّرَّاع مِنْ كَثْرَته , وَحُسْن نَبَاته . )24511 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { يُعْجِب الزُّرَّاع } قَالَ : يُعْجِب الزُّرَّاع حُسْنه { لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّار } بِالْمُؤْمِنِينَ , لِكَثْرَتِهِمْ , فَهَذَا مَثَلهمْ فِي الْإِنْجِيل.)|وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ|وَقَوْله : { وَعَدَ اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات مِنْهُمْ مَغْفِرَة وَأَجْرًا عَظِيمًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَعَدَ اللَّه الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّه وَرَسُوله { وَعَمِلُوا الصَّالِحَات } يَقُول : وَعَمِلُوا بِمَا أَمَرَهُمْ اللَّه بِهِ مِنْ فَرَائِضه الَّتِي أَوْجَبَهَا عَلَيْهِمْ .|مِنْهُمْ|وَقَوْله : { مِنْهُمْ } يَعْنِي : مِنْ الشَّطْء الَّذِي أَخْرَجَهُ الزَّرْع , وَهُمْ الدَّاخِلُونَ فِي الْإِسْلَام بَعْد الزَّرْع الَّذِي وَصَفَ رَبّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى صِفَته . وَالْهَاء وَالْمِيم فِي قَوْله { مِنْهُمْ } عَائِدَة عَلَى مَعْنَى الشَّطْء لَا عَلَى لَفْظه , وَلِذَلِكَ جُمِعَ فَقِيلَ : | مِنْهُمْ | , وَلَمْ يُقَلْ | مِنْهُ | . وَإِنَّمَا جُمِعَ الشَّطْء لِأَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ مَنْ يَدْخُل فِي دِين مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة بَعْد الْجَمَاعَة الَّذِينَ وَصَفَ اللَّه صِفَتهمْ بِقَوْلِهِ : { وَاَلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّار رُحَمَاء بَيْنهمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا } . |مَغْفِرَةً|وَقَوْله { مَغْفِرَة } يَعْنِي : عَفْوًا عَمَّا مَضَى مِنْ ذُنُوبهمْ , وَسَيِّئ أَعْمَالهمْ بِحُسْنِهَا .|وَأَجْرًا عَظِيمًا|وَقَوْله : { وَأَجْرًا عَظِيمًا } يَعْنِي : وَثَوَابًا جَزِيلًا , وَذَلِكَ الْجَنَّة .

حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْن يَدَيْ اللَّه وَرَسُوله } </subtitle>يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } : يَا أَيّهَا الَّذِينَ أَقَرُّوا بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّه , وَبِنُبُوَّةِ نَبِيّه مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا تُقَدِّمُوا بَيْن يَدَيْ اللَّه وَرَسُوله } يَقُول : لَا تَعْجَلُوا بِقَضَاءِ أَمْر فِي حُرُوبكُمْ أَوْ دِينكُمْ , قَبْل أَنْ يَقْضِي اللَّه لَكُمْ فِيهِ وَرَسُوله , فَتَقْضُوا بِخِلَافِ أَمْر اللَّه وَأَمْر رَسُوله , مَحْكِيّ عَنْ الْعَرَب فُلَان يُقَدِّم بَيْن يَدَيْ إِمَامه , بِمَعْنَى يُعَجِّل بِالْأَمْرِ وَالنَّهْي دُونه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل وَإِنْ اِخْتَلَفَتْ أَلْفَاظهمْ بِالْبَيَانِ عَنْ مَعْنَاهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24512 - حَدَّثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { لَا تُقَدِّمُوا بَيْن يَدَيْ اللَّه وَرَسُوله } يَقُول : لَا تَقُولُوا خِلَاف الْكِتَاب وَالسُّنَّة . )24513 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْن يَدَيْ اللَّه وَرَسُوله } . .. الْآيَة قَالَ : نُهُوا أَنْ يَتَكَلَّمُوا بَيْن يَدَيْ كَلَامه . )24514 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْن يَدَيْ اللَّه وَرَسُوله } قَالَ : لَا تَفْتَاتُوا عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ حَتَّى يَقْضِيه اللَّه عَلَى لِسَانه . )24515 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْن يَدَيْ اللَّه وَرَسُوله } ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَاسًا كَانُوا يَقُولُونَ : لَوْ أَنْزَلَ فِي كَذَا لَوَضَعَ كَذَا وَكَذَا , قَالَ : فَكَرِهَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ , وَقَدَّمَ فِيهِ . )24516 - وَقَالَ الْحَسَن : (أُنَاس مِنْ الْمُسْلِمِينَ ذَبَحُوا قَبْل صَلَاة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم النَّحْر , فَأَمَرَهُمْ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعِيدُوا ذَبْحًا آخَر . )* - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْن يَدَيْ اللَّه وَرَسُوله } قَالَ : إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يَقُولُونَ : لَوْ أَنْزَلَ فِي كَذَا , لَوْ أَنْزَلَ فِي كَذَا , وَقَالَ الْحَسَن : هُمْ قَوْم نَحَرُوا قَبْل أَنْ يُصَلِّي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَمَرَهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعِيدُوا الذَّبْح , . )24517 - حُدِّثْنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْن يَدَيْ اللَّه وَرَسُوله } يَعْنِي بِذَلِكَ فِي الْقِتَال , وَكَانَ مِنْ أُمُورهمْ لَا يَصْلُح أَنْ يُقْضَى إِلَّا بِأَمْرِهِ مَا كَانَ مِنْ شَرَائِع دِينهمْ . )24518 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله جَلَّ ثَنَاؤُهُ : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْن يَدَيْ اللَّه وَرَسُوله } قَالَ : لَا تَقْطَعُوا الْأَمْر دُون اللَّه وَرَسُوله . )24519 -وَحَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْن يَدَيْ اللَّه وَرَسُوله } قَالَ : لَا تَقْضُوا أَمْرًا دُون رَسُول اللَّه , وَبِضَمِّ التَّاء مِنْ قَوْله : { لَا تُقَدِّمُوا } قَرَأَ قُرَّاء الْأَمْصَار , وَهِيَ الْقِرَاءَة الَّتِي لَا أَسْتَجِيز الْقِرَاءَة بِخِلَافِهَا , لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهَا , وَقَدْ حُكِيَ عَنْ الْعَرَب قَدَّمْت فِي كَذَا , وَتَقَدَّمْت فِي كَذَا , فَعَلَى هَذِهِ اللُّغَة لَوْ كَانَ قِيلَ : | وَلَا تَقَدَّمُوا | بِفَتْحِ التَّاء كَانَ جَائِزًا .)|وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ|وَقَوْله : { وَاتَّقُوا اللَّه إِنَّ اللَّه سَمِيع عَلِيم } يَقُول : وَخَافُوا اللَّه أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فِي قَوْلكُمْ , أَنْ تَقُولُوا مَا لَمْ يَأْذَن لَكُمْ بِهِ اللَّه وَلَا رَسُوله , وَفِي غَيْر ذَلِكَ مِنْ أُمُوركُمْ , وَرَاقِبُوهُ , إِنَّ اللَّه سَمِيع لِمَا تَقُولُونَ , عَلِيم بِمَا تُرِيدُونَ بِقَوْلِكُمْ إِذَا قُلْتُمْ , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْ ضَمَائِر صُدُوركُمْ , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أُمُوركُمْ وَأُمُور غَيْركُمْ .

فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ

{ يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتكُمْ فَوْق صَوْت النَّبِيّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضكُمْ لِبَعْضٍ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَا أَيّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّه وَرَسُوله , لَا تَرْفَعُوا يَعْقِلُونَ } يَقُول : أَكْثَرهمْ جُهَّال بِدِينِ اللَّه , وَاللَّازِم لَهُمْ مِنْ حَقّك وَتَعْظِيمك .أَصْوَاتكُمْ فَوْق صَوْت رَسُول اللَّه تَتَجَهَّمُوهُ بِالْكَلَامِ , وَتُغْلِظُونَ لَهُ فِي الْخِطَاب { وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضكُمْ لِبَعْضٍ } يَقُول : وَلَا تُنَادُوهُ كَمَا يُنَادِي بَعْضكُمْ بَعْضًا : يَا مُحَمَّد , يَا مُحَمَّد , يَا نَبِيّ اللَّه , يَا نَبِيّ اللَّه , يَا رَسُول اللَّه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24520 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضكُمْ لِبَعْضٍ } , قَالَ لَا تُنَادُوهُ نِدَاء , وَلَكِنْ قَوْلًا لَيِّنًا يَا رَسُول اللَّه . )24521 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضكُمْ لِبَعْضٍ } كَانُوا يَجْهَرُونَ لَهُ بِالْكَلَامِ , وَيَرْفَعُونَ أَصْوَاتهمْ , فَوَعَظَهُمْ اللَّه , وَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ . )* - حَدَّثَنِي اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , (كَانُوا يَرْفَعُونَ , وَيَجْهَرُونَ عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَوُعِظُوا , وَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ . )24522 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتكُمْ فَوْق صَوْت النَّبِيّ } . .. الْآيَة , هُوَ كَقَوْلِهِ : { لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُول بَيْنكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضكُمْ بَعْضًا } [24 63 ]نَهَاهُمْ اللَّه أَنْ يُنَادُوهُ كَمَا يُنَادِي بَعْضهمْ بَعْضًا وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُشَرِّفُوهُ وَيُعَظِّمُوهُ , وَيَدْعُوهُ إِذَا دَعَوْهُ بِاسْمِ النُّبُوَّة . )24523 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا زَيْد بْن حُبَاب , قَالَ : ثَنَا أَبُو ثَابِت ابْن ثَابِت قَيْس بْن الشَّمَّاس , قَالَ : ثَنِي عَمِّي إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن ثَابِت بْن شَمَّاس , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : (لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة { لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتكُمْ فَوْق صَوْت النَّبِيّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ } قَالَ : قَعَدَ ثَابِت فِي الطَّرِيق يَبْكِي , قَالَ : فَمَرَّ بِهِ عَاصِم بْن عَدِيّ مِنْ بَنِي الْعَجْلَان , فَقَالَ : مَا يُبْكِيك يَا ثَابِت ؟ قَالَ : لِهَذِهِ الْآيَة , أَتَخَوَّف أَنْ تَكُون نَزَلَتْ فِيَّ , وَأَنَا صَيِّت رَفِيع الصَّوْت قَالَ : فَمَضَى عَاصِم بْن عَدِيّ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : وَغَلَبَهُ الْبُكَاء , قَالَ : فَأَتَى اِمْرَأَته جَمِيلَة اِبْنَة عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ بْن سَلُول , فَقَالَ لَهَا : إِذَا دَخَلْت بَيْت فَرَسِي , فَشُدِّي عَلَيَّ الضَّبَّة بِمِسْمَارٍ , فَضَرَبَتْهُ بِمِسْمَارٍ حَتَّى إِذَا خَرَجَ عَطَفَهُ وَقَالَ : لَا أَخْرُج حَتَّى يَتَوَفَّانِي اللَّه , أَوْ يَرْضَى عَنِّي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; قَالَ : وَأَتَى عَاصِم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ خَبَره , فَقَالَ : | اِذْهَبْ فَادْعُهُ لِي | فَجَاءَ عَاصِم إِلَى الْمَكَان , فَلَمْ يَجِدهُ , فَجَاءَ إِلَى أَهْله , فَوَجَدَهُ فِي بَيْت الْفَرَس , فَقَالَ لَهُ : إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُوك , فَقَالَ : اِكْسِرْ الضَّبَّة , قَالَ : فَخَرَجَا فَأَتَيَا نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | مَا يُبْكِيك يَا ثَابِت | ؟ فَقَالَ : أَنَا صَيِّت , وَأَتَخَوَّف أَنْ تَكُون هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِيَّ { لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتكُمْ فَوْق صَوْت النَّبِيّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ } فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | أَمَا تَرْضَى أَنْ تَعِيش حَمِيدًا , وَتُقْتَل شَهِيدًا , وَتَدْخُل الْجَنَّة | ؟ فَقَالَ : رَضِيت بِبُشْرَى اللَّه وَرَسُوله , لَا أَرْفَع صَوْتِي أَبَدًا عَلَى رَسُول اللَّه , فَأَنْزَلَ اللَّه { إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتهمْ عِنْد رَسُول اللَّه أُولَئِكَ الَّذِينَ اِمْتَحَنَ اللَّه قُلُوبهمْ لِلتَّقْوَى } . .. الْآيَة . [49 3 ])24524 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَعْقُوب , عَنْ حَفْص , عَنْ شَمِر بْن عَطِيَّة , قَالَ : جَاءَ ثَابِت بْن قَيْس بْن الشَّمَّاس إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَحْزُون , فَقَالَ : ( يَا ثَابِت مَا الَّذِي أَرَى بِك | ؟ فَقَالَ : آيَة قَرَأْتهَا اللَّيْلَة , فَأَخْشَى أَنْ يَكُون قَدْ حَبِطَ عَمَلِي { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتكُمْ فَوْق صَوْت النَّبِيّ } وَكَانَ فِي أُذُنه صَمَم , فَقَالَ : يَا نَبِيّ اللَّه أَخْشَى أَنْ أَكُون قَدْ رَفَعْت صَوْتِي , وَجَهَرْت لَك بِالْقَوْلِ , وَأَنْ أَكُون قَدْ حَبِطَ عَمَلِي , وَأَنَا لَا أَشْعُر : فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | اِمْشِ عَلَى الْأَرْض نَشِيطًا فَإِنَّك مِنْ أَهْل الْجَنَّة | )24525 -حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : ثَنَا أَيُّوب , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتكُمْ فَوْق صَوْت النَّبِيّ } ... الْآيَة , قَالَ ثَابِت بْن قَيْس : فَأَنَا كُنْت أَرْفَع صَوْتِي فَوْق صَوْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَجْهَر لَهُ بِالْقَوْلِ , فَأَنَا مِنْ أَهْل النَّار , فَقَعَدَ فِي بَيْته , فَتَفَقَّدَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَسَأَلَ عَنْهُ , فَقَالَ رَجُل : إِنَّهُ لَجَارِي , وَلَئِنْ شِئْت لَأَعْلَمَنَّ لَك عِلْمه , فَقَالَ : | نَعَمْ | , فَأَتَاهُ فَقَالَ : إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ تَفَقَّدَك , وَسَأَلَ عَنْك , فَقَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتكُمْ فَوْق صَوْت النَّبِيّ } ... الْآيَة وَأَنَا كُنْت أَرْفَع صَوْتِي فَوْق صَوْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَجْهَر لَهُ بِالْقَوْلِ , فَأَنَا مِنْ أَهْل النَّار , فَرَجَعَ إِلَى رَسُول اللَّه فَأَخْبَرَهُ , فَقَالَ : | بَلْ هُوَ مِنْ أَهْل الْجَنَّة | ; فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْيَمَامَة اِنْهَزَمَ النَّاس , فَقَالَ : | أُفّ لِهَؤُلَاءِ وَمَا يَعْبُدُونَ , وَأُفّ لِهَؤُلَاءِ وَمَا يَصْنَعُونَ | , يَا مَعْشَر الْأَنْصَار خَلُّوا لِي بِشَيْءٍ لَعَلِّي أَصْلَى بِحَرِّهَا سَاعَة قَالَ : وَرَجُل قَائِم عَلَى ثُلْمَة , فَقَتَلَ وَقُتِلَ . )24526 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , أَنَّ ثَابِت بْن قَيْس بْن شَمَّاس , قَالَ : (لَمَّا نَزَلَتْ { لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتكُمْ فَوْق صَوْت النَّبِيّ } قَالَ : يَا نَبِيّ اللَّه , لَقَدْ خَشِيت أَنْ أَكُون قَدْ هَلَكْت , نَهَانَا اللَّه أَنْ نَرْفَع أَصْوَاتنَا فَوْق صَوْتك , وَإِنِّي اِمْرُؤٌ جَهِير الصَّوْت , وَنَهَى اللَّه الْمَرْء أَنْ يُحِبّ أَنْ يُحْمَد بِمَا لَمْ يَفْعَل , فَأَجِدنِي أُحِبّ أَنْ أُحْمَد ; وَنَهَى اللَّه عَنْ الْخُيَلَاء وَأَجِدنِي أُحِبّ الْجَمَال ; قَالَ : فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | يَا ثَابِت أَمَا تَرْضَى أَنْ تَعِيش حَمِيدًا , وَتُقْتَل شَهِيدًا , وَتَدْخُل الْجَنَّة ؟ | فَعَاشَ حَمِيدًا , وَقُتِلَ شَهِيدًا يَوْم مُسَيْلِمَة . )24527 -حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثَنَا مُؤَمَّل , قَالَ : ثَنَا نَافِع بْن عُمَر بْن جَمِيل الْجُمَحِيّ , قَالَ : ثَنِي اِبْن أَبِي مُلَيْكَة , عَنْ الزُّبَيْر , قَالَ : ( قَدِمَ وَفْد أَرَاهُ قَالَ تَمِيم , عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مِنْهُمْ الْأَقْرَع بْن حَابِس , فَكَلَّمَ أَبُو بَكْر النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْتَعْمِلهُ عَلَى قَوْمه , قَالَ : فَقَالَ عُمَر : لَا تَفْعَل يَا رَسُول اللَّه , قَالَ : فَتَكَلَّمَا حَتَّى اِرْتَفَعَتْ أَصْوَاتهمَا عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : فَقَالَ أَبُو بَكْر لِعُمَر : مَا أَرَدْت إِلَّا خِلَافِي , قَالَ : مَا أَرَدْت خِلَافك . قَالَ : وَنَزَلَ الْقُرْآن : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتكُمْ فَوْق صَوْت النَّبِيّ } . .. إِلَى قَوْله : { وَأَجْر عَظِيم } قَالَ : فَمَا حَدَّثَ عُمَر النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْد ذَلِكَ , فَيَسْمَع النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : وَمَا ذَكَرَ اِبْن الزُّبَيْر جَدّه , يَعْنِي أَبَا بَكْر .)|لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ|وَقَوْله : { أَنْ تَحْبَط أَعْمَالكُمْ } يَقُول : أَنْ لَا تَحْبَط أَعْمَالكُمْ فَتَذْهَب بَاطِلَة لَا ثَوَاب لَكُمْ عَلَيْهَا , وَلَا جَزَاء بِرَفْعِكُمْ أَصْوَاتكُمْ فَوْق صَوْت نَبِيّكُمْ , وَجَهْركُمْ لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضكُمْ لِبَعْضٍ . وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي مَعْنَى ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : مَعْنَاهُ : لَا تَحْبَط أَعْمَالكُمْ . قَالَ : وَفِيهِ الْجَزْم وَالرَّفْع إِذَا وَضَعْت | لَا | مَكَان | أَنْ | . قَالَ : وَهِيَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه | فَتَحْبَط أَعْمَالكُمْ | وَهُوَ دَلِيل عَلَى جَوَاز الْجَزْم , وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : قَالَ : أَنْ تَحْبَط أَعْمَالكُمْ : أَيْ مَخَافَة أَنْ تَحْبَط أَعْمَالكُمْ وَقَدْ يُقَال : أُسْنِدَ الْحَائِط أَنْ يَمِيل .|أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا|وَقَوْله : { وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ } يَقُول : وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ وَلَا تَدْرُونَ .

خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتهمْ عِنْد رَسُول اللَّه } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ الَّذِينَ يَكُفُّونَ رَفْع أَصْوَاتهمْ عِنْد رَسُول اللَّه , وَأَصْل الْغَضّ : الْكَفّ فِي لِين . وَمِنْهُ : غَضّ الْبَصَر , وَهُوَ كَفّه عَنْ النَّظَر , كَمَا قَالَ جَرِير : <br>فَغُضَّ الطَّرْف إِنَّك مِنْ نُمَيْر فَلَا .......... كَعْبًا بَلَغْت وَلَا كِلَابَا<br>|أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى|وَقَوْله : { أُولَئِكَ الَّذِينَ اِمْتَحَنَ اللَّه قُلُوبهمْ لِلتَّقْوَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتهمْ عِنْد رَسُول اللَّه , هُمْ الَّذِينَ اِخْتَبَرَ اللَّه قُلُوبهمْ بِامْتِحَانِهِ إِيَّاهَا , فَاصْطَفَاهَا وَأَخْلَصَهَا لِلتَّقْوَى , يَعْنِي لِاتِّقَائِهِ بِأَدَاءِ طَاعَته , وَاجْتِنَاب مَعَاصِيه , كَمَا يُمْتَحَن الذَّهَب بِالنَّارِ , فَيَخْلُص جَيِّدهَا , وَيَبْطُل خَبِيثهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24528 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { اِمْتَحَنَ اللَّه قُلُوبهمْ } قَالَ : أَخْلَصَ . )24529 -حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { اِمْتَحَنَ اللَّه قُلُوبهمْ } قَالَ : أَخْلَصَ اللَّه قُلُوبهمْ فِيمَا أَحَبَّ .)|لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ|وَقَوْله : { لَهُمْ مَغْفِرَة } يَقُول : لَهُمْ مِنْ اللَّه عَفْو عَنْ ذُنُوبهمْ السَّالِفَة , وَصَفْح مِنْهُ عَنْهَا لَهُمْ { وَأَجْر عَظِيم } يَقُول : وَثَوَاب جَزِيل , وَهُوَ الْجَنَّة .

مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَك مِنْ وَرَاء الْحُجُرَات } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَك يَا مُحَمَّد مِنْ وَرَاء حُجُرَاتك , وَالْحُجُرَات : جَمْع حُجْرَة , وَالثَّلَاث : حُجَر , ثُمَّ تُجْمَع الْحُجَر فَيُقَال : حُجُرَات وَحُجْرَات , وَقَدْ تَجْمَع بَعْض الْعَرَب الْحُجَر : حُجَرَات بِفَتْحِ الْجِيم , وَكَذَلِكَ كُلّ جَمْع كَانَ مِنْ ثَلَاثَة إِلَى عَشْرَة عَلَى فُعَل يَجْمَعُونَهُ عَلَى فُعَلَات بِفَتْحِ ثَانِيه , وَالرَّفْع أَفْصَح وَأَجْوَد ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : أَمَا كَانَ عَبَّاد كَفِيئًا لِدَارِمِ بَلَى , وَلِأَبْيَاتٍ بِهَا الْحُجُرَات يَقُول : بَلَى وَلِبَنِي هَاشِم . وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة وَاَلَّتِي بَعْدهَا نَزَلَتْ فِي قَوْم مِنْ الْأَعْرَاب جَاءُوا يُنَادُونَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَرَاء حُجُرَاته : يَا مُحَمَّد اُخْرُجْ إِلَيْنَا . ذِكْر الرِّوَايَة بِذَلِكَ : 24530 -حَدَّثَنَا أَبُو عَمَّار الْمَرْوَزِيّ , وَالْحَسَن بْن الْحَارِث , قَالَا : ثَنَا الْفَضْل بْن مُوسَى , عَنْ الْحُسَيْن بْن وَاقِد , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ الْبَرَاء فِي قَوْله : ( { إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَك مِنْ وَرَاء الْحُجُرَات } قَالَ : جَاءَ رَجُل إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : يَا مُحَمَّد إِنَّ حَمْدِي زَيْن , وَإِنَّ ذَمِّي شَيْن , فَقَالَ : | ذَاكَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ الْبَرَاء بِمِثْلِهِ , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : ذَاكُمْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ . 24531 -حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن عَرَفَة , قَالَ : ثَنَا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ , قَالَ : سَمِعْت دَاوُد الطُّفَاوِيّ يَقُول : سَمِعْت أَبَا مُسْلِم الْبَجَلِيّ يُحَدِّث عَنْ زَيْد بْن أَرْقَم , قَالَ : (جَاءَ أُنَاس مِنْ الْعَرَب إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ : اِنْطَلِقُوا بِنَا إِلَى هَذَا الرَّجُل , فَإِنْ يَكُنْ نَبِيًّا فَنَحْنُ أَسْعَد النَّاس بِهِ , وَإِنْ يَكُنْ مَلَكًا نَعِشْ فِي جَنَاحه ; قَالَ : فَأَتَيْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَخْبَرْته بِذَلِكَ , قَالَ : ثُمَّ جَاءُوا إِلَى حُجَر النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَجَعَلُوا يُنَادُونَهُ . يَا مُحَمَّد , فَأَنْزَلَ اللَّه عَلَى نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَك مِنْ وَرَاء الْحُجُرَات أَكْثَرهمْ لَا يَعْقِلُونَ } قَالَ : فَأَخَذَ نَبِيّ اللَّه بِأُذُنِي فَمَدَّهَا , فَجَعَلَ يَقُول : | قَدْ صَدَّقَ اللَّه قَوْلك يَا زَيْد , قَدْ صَدَّقَ اللَّه قَوْلك يَا زَيْد . )24532 -حَدَّثَنَا الْحَسَن ابْن أَبِي يَحْيَى الْمُقَدِّمِيّ , قَالَ : ثَنَا عَفَّان , قَالَ : ثَنَا وُهَيْب , قَالَ : ثَنَا مُوسَى بْن عُقْبَة , عَنْ أَبِي سَلَمَة , قَالَ : ثَنِي الْأَقْرَع بْن حَابِس التَّمِيمِيّ (أَنَّهُ أَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَنَادَاهُ , فَقَالَ : يَا مُحَمَّد إِنَّ مَدْحِي زَيْن , وَإِنَّ شَتْمِي شَيْن ; فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : | وَيْلك ذَلِكَ اللَّه | فَأَنْزَلَ اللَّه { إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَك مِنْ وَرَاء الْحُجُرَات } . .. الْآيَة ( 2 ) . )24533 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَك مِنْ وَرَاء الْحُجُرَات } : أَعْرَاب بَنِي تَمِيم . )24534 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة (أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَنَادَاهُ مِنْ وَرَاء الْحُجَر , فَقَالَ : يَا مُحَمَّد إِنَّ مَدْحِي زَيْن , وَإِنَّ شَتْمِي شَيْن ; فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : | وَيْلك ذَلِكَ اللَّه | فَأَنْزَلَ اللَّه { إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَك مِنْ وَرَاء الْحُجُرَات أَكْثَرهمْ لَا يَعْقِلُونَ } . )24535 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : ( { إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَك مِنْ وَرَاء الْحُجُرَات } ... الْآيَة , ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَجُلًا جَعَلَ يُنَادِي يَا نَبِيّ اللَّه يَا مُحَمَّد , فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : | مَا شَأْنك | ؟ فَقَالَ : وَاَللَّه إِنَّ حَمْده لَزَيْن , وَإِنَّ ذَمّه لَشَيْن , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | وَذَاكُمْ اللَّه | ), فَأَدْبَرَ الرَّجُل , وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ الرَّجُل كَانَ شَاعِرًا . 24536 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ حَبِيب ابْن أَبِي عَمْرَة , قَالَ : (كَانَ بِشْر بْن غَالِب وَلَبِيد بْن عُطَارِد , أَوْ بِشْر بْن عُطَارِد وَلَبِيد بْن غَالِب , وَهُمَا عِنْد الْحَجَّاج جَالِسَانِ , يَقُول بِشْر بْن غَالِب لِلَبِيد بْن عُطَارِد نَزَلَتْ فِي قَوْمك بَنِي تَمِيم { إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَك مِنْ وَرَاء الْحُجُرَات } فَذَكَرْت ذَلِكَ لِسَعِيدِ بْن جُبَيْر , فَقَالَ : أَمَا إِنَّهُ لَوْ عَلِمَ بِآخِرِ الْآيَة , أَجَابَهُ : { يَمُنُّونَ عَلَيْك أَنْ أَسْلَمُوا } قَالُوا : أَسْلَمْنَا , وَلَمْ يُقَاتِلك بَنُو أَسَد . )24537 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ الْمُبَارَك بْن فَضَالَة , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : ( أَتَى أَعْرَابِيّ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَرَاء حُجْرَته , فَقَالَ : يَا مُحَمَّد , يَا مُحَمَّد ; فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : | مَالَك مَالَك | , فَقَالَ : تَعْلَم أَنَّ مَدْحِي لَزَيْن , وَأَنَّ ذَمِّي لَشَيْن , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | ذَاكُمْ اللَّه | , فَنَزَلَتْ { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتكُمْ فَوْق صَوْت النَّبِيّ } | . )وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { مِنْ وَرَاء الْحُجُرَات } فَقَرَأَتْهُ قُرَّاء الْأَمْصَار بِضَمِّ الْحَاء وَالْجِيم مِنْ الْحُجُرَات , سِوَى أَبِي جَعْفَر الْقَارِئ , فَإِنَّهُ قَرَأَ بِضَمِّ الْحَاء وَفَتْح الْجِيم عَلَى مَا وَصَفْت مِنْ جَمْع الْحُجْرَة حُجَر , ثُمَّ جَمْع الْحُجَر : حُجُرَات . وَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَة عِنْدنَا الضَّمّ فِي الْحَرْفَيْنِ كِلَيْهِمَا لِمَا وَصَفْت قَبْل .|أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ|وَقَوْله : { أَكْثَرهمْ لَا يَعْقِلُونَ } يَقُول : أَكْثَرهمْ جُهَّال بِدِينِ اللَّه , وَاللَّازِم لَهُمْ مِنْ حَقّك وَتَعْظِيمك .

كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ

وَقَوْله : { وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُج إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَوْ أَنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُنَادُونَك يَا مُحَمَّد مِنْ وَرَاء الْحُجُرَات صَبَرُوا فَلَمْ يُنَادُوك حَتَّى تَخْرُج إِلَيْهِمْ إِذَا خَرَجْت , لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ عِنْد اللَّه ; لِأَنَّ اللَّه قَدْ أَمَرَهُمْ بِتَوْقِيرِك وَتَعْظِيمك , فَهُمْ بِتَرْكِهِمْ نِدَاءَك تَارِكُونَ مَا قَدْ نَهَاهُمْ اللَّه عَنْهُ ,|وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ|يَقُول تَعَالَى ذِكْره : اللَّه ذُو عَفْو عَمَّنْ نَادَاك مِنْ وَرَاء الْحِجَاب , إِنْ هُوَ تَابَ مِنْ مَعْصِيَة اللَّه بِنِدَائِك كَذَلِكَ , وَرَاجَعَ أَمْر اللَّه فِي ذَلِكَ , وَفِي غَيْره ; رَحِيم بِهِ أَنْ يُعَاقِبهُ عَلَى ذَنْبه ذَلِكَ مِنْ بَعْد تَوْبَته مِنْهُ .

فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِق بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا } </subtitle>وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { فَتَبَيَّنُوا } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة | فَتَثَبَّتُوا | بِالثَّاءِ , وَذُكِرَ أَنَّهَا فِي مُصْحَف عَبْد اللَّه مَنْقُوطَة بِالثَّاءِ . وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض الْقُرَّاء فَتَبَيَّنُوا بِالْبَاءِ , بِمَعْنَى : أَمْهِلُوا حَتَّى تَعْرِفُوا صِحَّته , لَا تَعْجَلُوا بِقَبُولِهِ , وَكَذَلِكَ مَعْنَى | فَتَثَبَّتُوا | . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب . وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي الْوَلِيد بْن عُقْبَة ابْن أَبِي مُعَيْط . ذِكْر السَّبَب الَّذِي مِنْ أَجْله قِيلَ ذَلِكَ : 24538 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا جَعْفَر بْن عَوْن , عَنْ مُوسَى بْن عُبَيْدَة , عَنْ ثَابِت مَوْلَى أُمّ سَلَمَة , عَنْ أُمّ سَلَمَة , قَالَتْ : (بَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا فِي صَدَقَات بَنِي الْمُصْطَلِق بَعْد الْوَقْعَة , فَسَمِعَ بِذَلِكَ الْقَوْم , فَتَلَقَّوْهُ يُعَظِّمُونَ أَمْر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : فَحَدَّثَهُ الشَّيْطَان أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ قَتْله , قَالَتْ : فَرَجَعَ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : إِنَّ بَنِي الْمُصْطَلِق قَدْ مَنَعُوا صَدَقَاتهمْ , فَغَضِبَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ قَالَ : فَبَلَغَ الْقَوْم رُجُوعه قَالَ : فَأَتَوْا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَفُّوا لَهُ حِين صَلَّى الظُّهْر فَقَالُوا : نَعُوذ بِاَللَّهِ مِنْ سَخَط اللَّه وَسَخَط رَسُوله بَعَثْت إِلَيْنَا رَجُلًا مُصَدِّقًا , فَسُرِرْنَا بِذَلِكَ , وَقَرَّتْ بِهِ أَعْيُننَا , ثُمَّ إِنَّهُ رَجَعَ مِنْ بَعْض الطَّرِيق , فَخَشِينَا أَنْ يَكُون ذَلِكَ غَضَبًا مِنْ اللَّه وَمِنْ رَسُوله , فَلَمْ يَزَالُوا يُكَلِّمُونَهُ حَتَّى جَاءَ بِلَال , وَأَذَّنَ بِصَلَاةِ الْعَصْر ; قَالَ : وَنَزَلَتْ { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِق بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ } . )24539 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِق بِنَبَإٍ } . . الْآيَة , قَالَ : كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ الْوَلِيد بْن عُقْبَة ابْن أَبِي مُعَيْط , ثُمَّ أَحَد بَنِي عَمْرو بْن أُمَيَّة , ثُمَّ أَحَد بَنِي أَبِي مُعَيْط إِلَى بَنِي الْمُصْطَلِق , لِيَأْخُذ مِنْهُمْ الصَّدَقَات , وَإِنَّهُ لَمَّا أَتَاهُمْ الْخَبَر فَرِحُوا , وَخَرَجُوا لِيَتَلَقَّوْا رَسُول رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَإِنَّهُ لَمَّا حَدَّثَ الْوَلِيد أَنَّهُمْ خَرَجُوا يَتَلَقَّوْنَهُ , رَجَعَ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه إِنَّ بَنِي الْمُصْطَلِق قَدْ مَنَعُوا الصَّدَقَة , فَغَضِبَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضَبًا شَدِيدًا , فَبَيْنَمَا هُوَ يُحَدِّث نَفْسه أَنْ يَغْزُوهُمْ , إِذْ أَتَاهُ الْوَفْد , فَقَالُوا : يَا رَسُول اللَّه , إِنَّا حُدِّثْنَا أَنَّ رَسُولك رَجَعَ مِنْ نِصْف الطَّرِيق , وَإِنَّا خَشِينَا أَنْ يَكُون إِنَّمَا رَدَّهُ كِتَاب جَاءَهُ مِنْك لِغَضَبٍ غَضِبْته عَلَيْنَا , وَإِنَّا نَعُوذ بِاَللَّهِ مِنْ غَضَبه وَغَضَب رَسُوله , فَأَنْزَلَ اللَّه عُذْرهمْ فِي الْكِتَاب , فَقَالَ { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِق بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ } . )24540 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِق بِنَبَإٍ } قَالَ : الْوَلِيد بْن عُقْبَة ابْن أَبِي مُعَيْط , بَعَثَهُ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَنِي الْمُصْطَلِق , لِيُصَدِّقهُمْ , فَتَلَقَّوْهُ بِالْهَدِيَّةِ فَرَجَعَ إِلَى مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : إِنَّ بَنِي الْمُصْطَلِق جَمَعَتْ لِتُقَاتِلك . )24541 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِق بِنَبَإٍ } . .. حَتَّى بَلَغَ { بِجَهَالَةٍ } وَهُوَ اِبْن أَبِي مُعَيْط الْوَلِيد بْن عُقْبَة , بَعَثَهُ نَبِيّ لِلَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصَدِّقًا إِلَى بَنِي الْمُصْطَلِق , فَلَمَّا أَبْصَرُوهُ أَقْبَلُوا نَحْوه , فَهَابَهُمْ , فَرَجَعَ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُمْ قَدْ اِرْتَدُّوا عَنْ الْإِسْلَام , فَبَعَثَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِد بْن الْوَلِيد , وَأَمَرَهُ أَنْ يَتَثَبَّت وَلَا يَعْجَل , فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَاهُمْ لَيْلًا , فَبَعَثَ عُيُونه ; فَلَمَّا جَاءُوا أَخْبَرُوا خَالِدًا أَنَّهُمْ مُسْتَمْسِكُونَ بِالْإِسْلَامِ , وَسَمِعُوا أَذَانهمْ وَصَلَاتهمْ , فَلَمَّا أَصْبَحُوا أَتَاهُمْ خَالِد , فَرَأَى الَّذِي يُعْجِبهُ , فَرَجَعَ إِلَى نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَخْبَرَهُ الْخَبَر , فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مَا تَسْمَعُونَ , فَكَانَ نَبِيّ اللَّه يَقُول : | التَّبَيُّن مِنْ اللَّه , وَالْعَجَلَة مِنْ الشَّيْطَان . )* - حَدَّثَنَا بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِق بِنَبَإٍ } فَذَكَرَ نَحْوه . 24542 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : (ثَنَا سُفْيَان , عَنْ هِلَال الْوَزَّان , عَنْ اِبْن أَبِي لَيْلَى , فِي قَوْله : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِق بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا } قَالَ : نَزَلَتْ فِي الْوَلِيد بْن عُقْبَة ابْن أَبِي مُعَيْط . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ حُمَيْد , عَنْ هِلَال الْأَنْصَارِيّ , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن ابْن أَبِي لَيْلَى ( { إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِق بِنَبَإٍ } قَالَ : نَزَلَتْ فِي الْوَلِيد بْن عُقْبَة حِين أُرْسِلَ إِلَى بَنِي الْمُصْطَلِق . )24543 - قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ يَزِيد بْن رُومَان , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (بَعَثَ إِلَى بَنِي الْمُصْطَلِق بَعْد إِسْلَامهمْ , الْوَلِيد ابْن أَبِي مُعَيْط ; فَلَمَّا سَمِعُوا بِهِ رَكِبُوا إِلَيْهِ ; فَلَمَّا سَمِعَ بِهِمْ خَافَهُمْ فَرَجَعَ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَخْبَرَهُ أَنَّ الْقَوْم قَدْ هَمُّوا بِقَتْلِهِ , وَمَنَعُوا مَا قِبَلهمْ مِنْ صَدَقَاتهمْ , فَأَكْثَرَ الْمُسْلِمُونَ فِي ذِكْر غَزْوهمْ حَتَّى هَمَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ يَغْزُوهُمْ , فَبَيْنَمَا هُمْ فِي ذَلِكَ قَدِمَ وَفْدهمْ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالُوا : يَا رَسُول اللَّه سَمِعْنَا بِرَسُولِك حِين بَعَثْته إِلَيْنَا , فَخَرَجْنَا إِلَيْهِ لِنُكْرِمهُ , وَلِنُؤَدِّيَ إِلَيْهِ مَا قِبَلَنَا مِنْ الصَّدَقَة , فَاسْتَمَرَّ رَاجِعًا , فَبَلَغَنَا أَنَّهُ يَزْعُم لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّا خَرَجْنَا إِلَيْهِ لِنُقَاتِلهُ , و وَاَللَّه مَا خَرَجْنَا لِذَلِكَ ; فَأَنْزَلَ اللَّه فِي الْوَلِيد بْن عُقْبَة وَفِيهِمْ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِق بِنَبَإٍ } . .. الْآيَة. )24544 - قَالَ : (وَبَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابه إِلَى قَوْم يُصَدِّقهُمْ , فَأَتَاهُمْ الرَّجُل , وَكَانَ بَيْنه وَبَيْنهمْ إِحْنَة فِي الْجَاهِلِيَّة ; فَلَمَّا أَتَاهُمْ رَحَّبُوا بِهِ , وَأَقَرُّوا بِالزَّكَاةِ , وَأَعْطَوْا مَا عَلَيْهِمْ مِنْ الْحَقّ , فَرَجَعَ الرَّجُل إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه , مَنَعَ بَنُو فُلَان الصَّدَقَة , وَرَجَعُوا عَنْ الْإِسْلَام , فَغَضِبَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَبَعَثَ إِلَيْهِمْ فَأَتَوْهُ فَقَالَ : | أَمَنَعْتُمْ الزَّكَاة , وَطَرَدْتُمْ رَسُولِي ؟ | فَقَالُوا : وَاَللَّه مَا فَعَلْنَا , وَإِنَّا لَنَعْلَم أَنَّك رَسُول اللَّه , وَلَا بُدّ لَنَا , وَلَا مَنَعْنَا حَقّ اللَّه فِي أَمْوَالنَا , فَلَمْ يُصَدِّقهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَة , فَعَذَرَهُمْ .)|فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا|وَقَوْله : { أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَتَبَيَّنُوا لِئَلَّا تُصِيبُوا قَوْمًا بُرَآء مِمَّا قُذِفُوا بِهِ بِجِنَايَةٍ بِجَهَالَةٍ مِنْكُمْ|بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ|يَقُول : فَتَنْدَمُوا عَلَى إِصَابَتكُمْ إِيَّاهُمْ بِالْجِنَايَةِ الَّتِي تُصِيبُونَهُمْ بِهَا .

فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُول اللَّه } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لِأَصْحَابِ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَاعْلَمُوا أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَرَسُوله , { أَنَّ فِيكُمْ رَسُول اللَّه } فَاتَّقُوا اللَّه أَنْ تَقُولُوا الْبَاطِل , وَتَفْتَرُوا الْكَذِب , فَإِنَّ اللَّه يُخْبِرهُ أَخْبَاركُمْ , وَيُعَرِّفهُ أَنْبَاءَكُمْ , وَيُقَوِّمهُ عَلَى الصَّوَاب فِي أُمُوره .|لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ|وَقَوْله : { لَوْ يُطِيعكُمْ فِي كَثِير مِنْ الْأَمْر لَعَنِتُّمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَوْ كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْمَل فِي الْأُمُور بِآرَائِكُمْ وَيَقْبَل مِنْكُمْ مَا تَقُولُونَ لَهُ فَيُطِيعكُمْ { لَعَنِتُّمْ } يَقُول : لَنَالَكُمْ عَنَت , يَعْنِي الشِّدَّة وَالْمَشَقَّة فِي كَثِير مِنْ الْأُمُور بِطَاعَتِهِ إِيَّاكُمْ لَوْ أَطَاعَكُمْ لِأَنَّهُ كَانَ يُخْطِئ فِي أَفْعَاله كَمَا لَوْ قَبِلَ مِنْ الْوَلِيد بْن عُقْبَة قَوْله فِي بَنِي الْمُصْطَلِق : إِنَّهُمْ قَدْ اِرْتَدُّوا , وَمَنَعُوا الصَّدَقَة , وَجَمَعُوا الْجُمُوع لِغَزْوِ الْمُسْلِمِينَ , فَغَزَاهُمْ فَقَتَلَ مِنْهُمْ , وَأَصَابَ مِنْ دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالهمْ كَانَ قَدْ قَتَلَ , وَقَتَلْتُمْ مَنْ لَا يَحِلّ لَهُ وَلَا لَكُمْ قَتْله , وَأَخَذَ وَأَخَذْتُمْ مِنْ الْمَال مَا لَا يَحِلّ لَهُ وَلَكُمْ أَخْذه مِنْ أَمْوَال قَوْم مُسْلِمِينَ , فَنَالَكُمْ مِنْ اللَّه بِذَلِكَ عَنَت . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُول اللَّه لَوْ يُطِيعكُمْ فِي كَثِير مِنْ الْأَمْر لَعَنِتُّمْ } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24545 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُول اللَّه } . .. حَتَّى بَلَغَ { لَعَنِتُّمْ } هَؤُلَاءِ أَصْحَاب نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لَوْ أَطَاعَهُمْ نَبِيّ اللَّه فِي كَثِير مِنْ الْأَمْر لَعَنِتُّمْ , فَأَنْتُمْ وَاَللَّه أَسْخَف رَأْيًا , وَأَطْيَش عُقُولًا , اِتَّهَمَ رَجُل رَأْيه , وَانْتَصَحَ كِتَاب اللَّه , فَإِنَّ كِتَاب اللَّه ثِقَة لِمَنْ أَخَذَ بِهِ , وَانْتَهَى إِلَيْهِ , وَإِنَّ مَا سِوَى كِتَاب اللَّه تَغْرِير . )* - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , قَالَ : قَالَ مَعْمَر , تَلَا قَتَادَة ( { لَوْ يُطِيعكُمْ فِي كَثِير مِنْ الْأَمْر لَعَنِتُّمْ } قَالَ : فَأَنْتُمْ أَسْخَف رَأْيًا وَأَطْيَش أَحْلَامًا , فَاتَّهَمَ رَجُل رَأْيه , وَانْتَصَحَ كِتَاب اللَّه .)|وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ| { وَلَكِنَّ اللَّه حَبَّبَ إِلَيْكُمْ الْإِيمَان } بِاَللَّهِ وَرَسُوله , فَأَنْتُمْ تُطِيعُونَ رَسُول اللَّه , وَتَأْتَمُّونَ بِهِ فَيَقِيكُمْ اللَّه بِذَلِكَ مِنْ الْعَنَت مَا لَوْ لَمْ تُطِيعُوهُ وَتَتَّبِعُوهُ , وَكَانَ يُطِيعكُمْ لَنَالَكُمْ وَأَصَابَكُمْ . وَكَمَا قُلْنَا فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَلَكِنَّ اللَّه حَبَّبَ إِلَيْكُمْ الْإِيمَان } قَالُوا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24546 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { حَبَّبَ إِلَيْكُمْ الْإِيمَان وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبكُمْ } قَالَ : حَبَّبَهُ إِلَيْهِمْ وَحَسَّنَهُ فِي قُلُوبهمْ.)|وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ|وَقَوْله : { وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبكُمْ } يَقُول : وَحَسَّنَ الْإِيمَان فِي قُلُوبكُمْ فَآمَنْتُمْ|وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ|الْكُفْر بِاَللَّهِ|وَالْفُسُوقَ|يَعْنِي الْكَذِب ,|وَالْعِصْيَانَ|يَعْنِي رُكُوب مَا نَهَى اللَّه عَنْهُ فِي خِلَاف أَمْر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَتَضْيِيع مَا أَمَرَ اللَّه بِهِ|أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ|يَقُول : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ حَبَّبَ اللَّه إِلَيْهِمْ الْإِيمَان , وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبهمْ , وَكَرَّهَ إِلَيْهِمْ الْكُفْر وَالْفُسُوق وَالْعِصْيَان أُولَئِكَ هُمْ الرَّاشِدُونَ السَّالِكُونَ طَرِيق الْحَقّ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل قَوْله { وَكَرَّهَ إِلَيْكُمْ الْكُفْر وَالْفُسُوق وَالْعِصْيَان أُولَئِكَ هُمْ الرَّاشِدُونَ فَضْلًا مِنْ اللَّه وَنِعْمَة } قَالُوا أَيْضًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24547 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَكَرَّهَ إِلَيْكُمْ الْكُفْر وَالْفُسُوق } قَالَ : الْكَذِب وَالْعِصْيَان ; قَالَ : عِصْيَان النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أُولَئِكَ هُمْ الرَّاشِدُونَ } مِنْ أَيْنَ كَانَ هَذَا ؟ قَالَ : فَضْل مِنْ اللَّه وَنِعْمَة ; قَالَ : وَالْمُنَافِقُونَ سَمَّاهُمْ اللَّه أَجْمَعِينَ فِي الْقُرْآن الْكَاذِبِينَ ; قَالَ : وَالْفَاسِق : الْكَاذِب فِي كِتَاب اللَّه كُلّه .)

وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ

وَقَوْله : { فَضْلًا مِنْ اللَّه وَنِعْمَة } يَقُول : وَلَكِنَّ اللَّه حَبَّبَ إِلَيْكُمْ الْإِيمَان , وَأَنْعَمَ عَلَيْكُمْ هَذِهِ النِّعْمَة الَّتِي عَدَّهَا فَضْلًا مِنْهُ , وَإِحْسَانًا وَنِعْمَة مِنْهُ أَنْعَمَهَا عَلَيْكُمْ|وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ|يَقُول : وَاَللَّه ذُو عِلْم بِالْمُحْسِنِ مِنْكُمْ مِنْ الْمُسِيء , وَمَنْ هُوَ لِنِعَمِ اللَّه وَفَضْله أَهْل , وَمَنْ هُوَ لِذَلِكَ غَيْر أَهْل , وَحِكْمَة فِي تَدْبِيره خَلْقه , وَصَرْفه إِيَّاهُمْ فِيمَا شَاءَ مِنْ قَضَائِهِ .

وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنهمَا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ أَهْل الْإِيمَان اِقْتَتَلُوا , فَأَصْلِحُوا أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ بَيْنهمَا بِالدُّعَاءِ إِلَى حُكْم كِتَاب اللَّه , وَالرِّضَا بِمَا فِيهِ لَهُمَا وَعَلَيْهِمَا , وَذَلِكَ هُوَ الْإِصْلَاح بَيْنهمَا بِالْعَدْلِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24548 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنهمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيء إِلَى أَمْر اللَّه } فَإِنَّ اللَّه سُبْحَانه أَمَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ إِذَا اِقْتَتَلَتْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَدْعُوهُمْ إِلَى حُكْم اللَّه , وَيُنْصِف بَعْضهمْ مِنْ بَعْض , فَإِنْ أَجَابُوا حَكَمَ فِيهِمْ بِكِتَابِ اللَّه , حَتَّى يُنْصِف الْمَظْلُوم مِنْ الظَّالِم , فَمَنْ أَبَى مِنْهُمْ أَنْ يُجِيب فَهُوَ بَاغٍ , فَحَقّ عَلَى إِمَام الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُجَاهِدهُمْ وَيُقَاتِلهُمْ , حَتَّى يَفِيئُوا إِلَى أَمْر اللَّه , وَيُقِرُّوا بِحُكْمِ اللَّه . 24549 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا } ... إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : هَذَا أَمْر مِنْ اللَّه أَمَرَ بِهِ الْوُلَاة كَهَيْئَةِ مَا تَكُون الْعُصْبَة بَيْن النَّاس , وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُصْلِحُوا بَيْنهمَا , فَإِنْ أَبَوْا قَاتَلَ الْفِئَة الْبَاغِيَة , حَتَّى تَرْجِع إِلَى أَمْر اللَّه , فَإِذَا رَجَعَتْ أَصْلَحُوا بَيْنهمَا , وَأَخْبَرُوهُمْ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ إِخْوَة , فَأَصْلِحُوا بَيْن أَخَوَيْكُمْ ; قَالَ : وَلَا يُقَاتِل الْفِئَة الْبَاغِيَة إِلَّا الْإِمَام . )وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي طَائِفَتَيْنِ مِنْ الْأَوْس وَالْخَزْرَج اِقْتَتَلَتَا فِي بَعْض مَا تَنَازَعَتَا فِيهِ , مِمَّا سَأَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى . ذِكْر الرِّوَايَة بِذَلِكَ : 24550 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَنَس , قَالَ : قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لَوْ أَتَيْت عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ , قَالَ : فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ وَرَكِبَ حِمَارًا , وَانْطَلَقَ الْمُسْلِمُونَ , وَهِيَ أَرْض سَبِخَة ; فَلَمَّا أَتَاهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِلَيْك عَنِّي , فَوَاَللَّهِ لَقَدْ آذَانِي نَتْن حِمَارك , فَقَالَ رَجُل مِنْ الْأَنْصَار : وَاَللَّه لَنَتْن حِمَار رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْيَب رِيحًا مِنْك , قَالَ : فَغَضِبَ لِعَبْدِ اللَّه بْن أُبَيّ رَجُل مِنْ قَوْمه قَالَ : فَغَضِبَ لِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا أَصْحَابه , قَالَ : فَكَانَ بَيْنهمْ ضَرْب بِالْجَرِيدِ وَالْأَيْدِي وَالنِّعَال , فَبَلَغَنَا أَنَّهُ نَزَلَتْ فِيهِمْ { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنهمَا } . )24551 -حَدَّثَنِي أَبُو حُصَيْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن يُونُس , قَالَ : ثَنَا عَبْثَر , قَالَ : ثَنِي حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك فِي قَوْله : ( { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهمَا } قَالَ : رَجُلَانِ اِقْتَتَلَا فَغَضِبَ لِذَا قَوْمه , وَلِذَا قَوْمه , فَاجْتَمَعُوا حَتَّى اِضَّرَبُوا بِالنِّعَالِ حَتَّى كَادَ يَكُون بَيْنهمْ قِتَال , فَأَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَة . )* -حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , عَنْ حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك , فِي قَوْله : ( { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا } قَالَ : كَانَ بَيْنهمْ قِتَال بِغَيْرِ سِلَاح . )24552 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك , فِي قَوْله : ( { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنهمَا } قَالَ : كَانَا حَيَّيْنِ مِنْ أَحْيَاء الْأَنْصَار , كَانَ بَيْنهمَا تَنَازُع بِغَيْرِ سِلَاح . )24553 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنهمَا } قَالَ : كَانَ قِتَالهمْ بِالنِّعَالِ وَالْعِصِيّ , فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُصْلِحُوا بَيْنهمْ . )24554 - قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , قَالَ : ثَنَا الْمُبَارَك بْن فَضَالَة , عَنْ الْحَسَن ( { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا } قَالَ : كَانَتْ تَكُون الْخُصُومَة بَيْن الْحَيَّيْنِ , فَيَدْعُوهُمْ إِلَى الْحُكْم , فَيَأْبَوْنَ أَنْ يُجِيبُوا فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنهمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيء إِلَى أَمْر اللَّه } يَقُول : اِدْفَعُوهُمْ إِلَى الْحُكْم , فَكَانَ قِتَالهمْ الدَّفْع . )24555 - قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ ( { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنهمَا } قَالَ : كَانَتْ اِمْرَأَة مِنْ الْأَنْصَار يُقَال لَهَا أُمّ زَيْد , تَحْت رَجُل , فَكَانَ بَيْنهَا وَبَيْن زَوْجهَا شَيْء , فَرَّقَاهَا إِلَى عُلَيَّة , فَقَالَ لَهُمْ : اِحْفَظُوا , فَبَلَغَ ذَلِكَ قَوْمهَا , فَجَاءُوا وَجَاءَ قَوْمه , فَاقْتَتَلُوا بِالْأَيْدِي وَالنِّعَال فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَجَاءَ لِيُصْلِح بَيْنهمْ , فَنَزَلَ الْقُرْآن { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنهمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى } قَالَ : تَبْغِي : لَا تَرْضَى بِصُلْحِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَوْ بِقَضَاءِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . )24556 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا } قَالَ : الْأَوْس وَالْخَزْرَج اِقْتَتَلُوا بِالْعِصِيِّ بَيْنهمْ . )24557 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا } ... الْآيَة , ذُكِرَ لَنَا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي رَجُلَيْنِ مِنْ الْأَنْصَار كَانَتْ بَيْنهمَا مُدَارَأَة فِي حَقّ بَيْنهمَا , فَقَالَ أَحَدهمَا لِلْآخَرِ : لَآخُذَنَّهُ عَنْوَة لِكَثْرَةِ عَشِيرَته , وَأَنَّ الْآخَر دَعَاهُ لِيُحَاكِمهُ إِلَى نَبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَبَى أَنْ يَتْبَعهُ , فَلَمْ يَزَلْ الْأَمْر حَتَّى تَدَافَعُوا , وَحَتَّى تَنَاوَلَ بَعْضهمْ بَعْضًا بِالْأَيْدِي وَالنِّعَال , وَلَمْ يَكُنْ قِتَال بِالسُّيُوفِ , فَأَمَرَ اللَّه أَنْ تُقَاتَل حَتَّى تَفِيء إِلَى أَمْر اللَّه , كِتَاب اللَّه , وَإِلَى حُكْم نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; وَلَيْسَتْ كَمَا تَأَوَّلَهَا أَهْل الشُّبُهَات , وَأَهْل الْبِدَع , وَأَهْل الْفِرَاء عَلَى اللَّه وَعَلَى كِتَابه , أَنَّهُ الْمُؤْمِن يَحِلّ لَك قَتْله , فَوَاَللَّهِ لَقَدْ عَظَّمَ اللَّه حُرْمَة الْمُؤْمِن حَتَّى نَهَاك أَنْ تَظُنّ بِأَخِيك إِلَّا خَيْرًا , فَقَالَ : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَة } . .. [49 10 ]الْآيَة . )* - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن , (أَنَّ قَوْمًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَانَ بَيْنهمْ تَنَازُع حَتَّى اِضْطَرَبُوا بِالنِّعَالِ وَالْأَيْدِي , فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِمْ { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا } )قَالَ قَتَادَة : (كَانَ رَجُلَانِ بَيْنهمَا حَقّ , فَتَدَارَا فِيهِ , فَقَالَ أَحَدهمَا : لَآخُذَنَّهُ عَنْوَة , لِكَثْرَةِ عَشِيرَته ; وَقَالَ الْآخَر : بَيْنِي وَبَيْنك رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَتَنَازَعَا حَتَّى كَانَ بَيْنهمَا ضَرْب بِالنِّعَالِ وَالْأَيْدِي . )24558 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , قَالَ : ثَنِي عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس , قَالَ : قَالَ زَيْد , فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى : ( { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنهمَا } , وَذَلِكَ الرَّجُلَانِ يَقْتَتِلَانِ مِنْ أَهْل الْإِسْلَام , أَوْ النَّفَر وَالنَّفَر , أَوْ الْقَبِيل وَالْقَبِيلَة ; فَأَمَرَ اللَّه أَئِمَّة الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَقْضُوا بَيْنهمْ بِالْحَقِّ الَّذِي أَنْزَلَهُ فِي كِتَابه : إِمَّا الْقِصَاص وَالْقَوَد , وَإِمَّا الْعَقْل وَالْعِير , وَإِمَّا الْعَفْو , { فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى } بَعْد ذَلِكَ كَانَ الْمُسْلِمُونَ مَعَ الْمَظْلُوم عَلَى الظَّالِم , حَتَّى يَفِيء إِلَى أَمْر اللَّه , وَيَرْضَى بِهِ . )24559 -حَدَّثَنَا اِبْن الْبَرْقِيّ , قَالَ : ثَنَا اِبْن أَبِي مَرْيَم , قَالَ : أَخْبَرَنَا نَافِع بْن يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن جُرَيْج , قَالَ : ثَنِي اِبْن شِهَاب وَغَيْره : يَزِيد فِي الْحَدِيث بَعْضهمْ عَلَى بَعْض , قَالَ : (جَلَسَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِس فِيهِ عَبْد اللَّه بْن رَوَاحَة , وَعَبْد اللَّه بْن أُبَيّ اِبْن سَلُول : فَلَمَّا ذَهَبَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ اِبْن سَلُول : لَقَدْ آذَانَا بَوْل حِمَاره , وَسَدَّ عَلَيْنَا الرَّوْح , وَكَانَ بَيْنه وَبَيْن اِبْن رَوَاحَة شَيْء حَتَّى خَرَجُوا بِالسِّلَاحِ , فَأَتَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَتَاهُمْ , فَحَجَزَ بَيْنهمْ , فَلِذَلِكَ يَقُول عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ : <br>مَتَى مَا يَكُنْ مَوْلَاك خَصْمك جَاهِدًا .......... تُظَلَّم وَيَصْرَعك الَّذِينَ تُصَارِع <br>قَالَ : فَأُنْزِلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَة { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا } . )|فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى|يَقُول : فَإِنْ أَبَتْ إِحْدَى هَاتَيْنِ الطَّائِفَتَيْنِ الْإِجَابَة إِلَى حُكْم كِتَاب اللَّه لَهُ , وَعَلَيْهِ وَتَعَدَّتْ مَا جَعَلَ اللَّه عَدْلًا بَيْن خَلْقه , وَأَجَابَتْ الْأُخْرَى مِنْهُمَا|فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي|يَقُول : فَقَاتِلُوا الَّتِي تَعْتَدِي , وَتَأْبَى الْإِجَابَة إِلَى حُكْم اللَّه|حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ|يَقُول : حَتَّى تَرْجِع إِلَى حُكْم اللَّه الَّذِي حَكَمَ فِي كِتَابه بَيْن خَلْقه|فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ|يَقُول : فَإِنْ رَجَعَتْ الْبَاغِيَة بَعْد قِتَالكُمْ إِيَّاهُمْ إِلَى الرِّضَا بِحُكْمِ اللَّه فِي كِتَابه , فَأَصْلِحُوا بَيْنهَا وَبَيْن الطَّائِفَة الْأُخْرَى الَّتِي قَاتَلَتْهَا بِالْعِدْلَةِ : يَعْنِي بِالْإِنْصَافِ بَيْنهمَا , وَذَلِكَ حُكْم اللَّه فِي كِتَابه الَّذِي جَعَلَهُ عَدْلًا بَيْن خَلْقه .|وَأَقْسِطُوا|وَقَوْله : { وَأَقْسِطُوا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاعْدِلُوا أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ فِي حُكْمكُمْ بَيْن مَنْ حَكَمْتُمْ بَيْنهمْ بِأَنْ لَا تَتَجَاوَزُوا فِي أَحْكَامكُمْ حُكْم اللَّه وَحُكْم رَسُوله|إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ|يَقُول : إِنَّ اللَّه يُحِبّ الْعَادِلِينَ فِي أَحْكَامهمْ , الْقَاضِينَ بَيْن خَلْقه بِالْقِسْطِ .

تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَة فَأَصْلِحُوا بَيْن أَخَوَيْكُمْ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِأَهْلِ الْإِيمَان بِهِ { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَة } فِي الدِّين { فَأَصْلِحُوا بَيْن أَخَوَيْكُمْ } إِذَا اِقْتَتَلَا بِأَنْ تَحْمِلُوهُمَا عَلَى حُكْم اللَّه وَحُكْم رَسُوله . وَمَعْنَى الْأَخَوَيْنِ فِي هَذَا الْمَوْضِع : كُلّ مُقْتَتِلَيْنِ مِنْ أَهْل الْإِيمَان , وَبِالتَّثْنِيَةِ قَرَأَ ذَلِكَ قُرَّاء الْأَمْصَار . وَذُكِرَ عَنْ اِبْن سِيرِينَ أَنَّهُ قَرَأَ | بَيْن إِخْوَانكُمْ | بِالنُّونِ عَلَى مَذْهَب الْجَمْع , وَذَلِكَ مِنْ جِهَة الْعَرَبِيَّة صَحِيح , غَيْر أَنَّهُ خِلَاف لِمَا عَلَيْهِ قُرَّاء الْأَمْصَار , فَلَا أُحِبّ الْقِرَاءَة بِهَا .|وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ|يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَخَافُوا اللَّه أَيّهَا النَّاس بِأَدَاءِ فَرَائِضه عَلَيْكُمْ فِي الْإِصْلَاح بَيْن الْمُقْتَتِلِينَ مِنْ أَهْل الْإِيمَان بِالْعَدْلِ , وَفِي غَيْر ذَلِكَ مِنْ فَرَائِضه , وَاجْتِنَاب مَعَاصِيه , لِيَرْحَمكُمْ رَبّكُمْ , فَيَصْفَح لَكُمْ عَنْ سَالِف إِجْرَامكُمْ إِذَا أَنْتُمْ أَطَعْتُمُوهُ , وَاتَّبَعْتُمْ أَمْره وَنَهْيه , وَاتَّقَيْتُمُوهُ بِطَاعَتِهِ .

وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آَيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَر قَوْم مِنْ قَوْم عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِنْ نِسَاء عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَا أَيّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّه وَرَسُوله , لَا يَهْزَأ قَوْم مُؤْمِنُونَ مِنْ قَوْم مُؤْمِنِينَ { عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ } يَقُول : الْمَهْزُوء مِنْهُمْ خَيْر مِنْ الْهَازِئِينَ { وَلَا نِسَاء مِنْ نِسَاء } يَقُول : وَلَا يَهْزَأ نِسَاء مُؤْمِنَات مِنْ نِسَاء مُؤْمِنَات , عَسَى الْمَهْزُوء مِنْهُنَّ أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْ الْهَازِئَات . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي السُّخْرِيَة الَّتِي نَهَى اللَّه عَنْهَا الْمُؤْمِنِينَ فِي هَذِهِ الْآيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ سُخْرِيَة الْغَنِيّ مِنْ الْفَقِير , نُهِيَ أَنْ يُسْخَر مِنْ الْفَقِير لِفَقْرِهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24560 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { لَا يَسْخَر قَوْم مِنْ قَوْم } قَالَ : لَا يَهْزَأ قَوْم بِقَوْمٍ أَنْ يَسْأَل رَجُل فَقِير غَنِيًّا , أَوْ فَقِيرًا , وَإِنْ تَفَضَّلَ رَجُل عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَلَا يَسْتَهْزِئ بِهِ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ نَهْي مِنْ اللَّه مَنْ سَتَرَ عَلَيْهِ مِنْ أَهْل الْإِيمَان أَنْ يَسْخَر مِمَّنْ كَشَفَ فِي الدُّنْيَا سِتْره مِنْهُمْ ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24561 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَر قَوْم مِنْ قَوْم عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِنْ نِسَاء عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ } قَالَ : رُبَّمَا عَثَرَ عَلَى الْمَرْء عِنْد خَطِيئَته عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ , وَإِنْ كَانَ ظَهَرَ عَلَى عَثْرَته هَذِهِ , وَسُتِرْت أَنْتَ عَلَى عَثْرَتك , لَعَلَّ هَذِهِ الَّتِي ظَهَرَتْ خَيْر لَهُ فِي الْآخِرَة عِنْد اللَّه , وَهَذِهِ الَّتِي سُتِرْت أَنْتَ عَلَيْهَا شَرّ لَك , مَا يُدْرِيك لَعَلَّهُ مَا يُغْفَر لَك ; قَالَ : فَنُهِيَ الرَّجُل عَنْ ذَلِكَ , فَقَالَ : { لَا يَسْخَر قَوْم مِنْ قَوْم عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ } وَقَالَ فِي النِّسَاء مِثْل ذَلِكَ . )وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه عَمَّ بِنَهْيِهِ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ أَنْ يَسْخَر بَعْضهمْ مِنْ بَعْض جَمِيع مَعَانِي السُّخْرِيَة , فَلَا يَحِلّ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَسْخَر مِنْ مُؤْمِن لَا لِفَقْرِهِ , وَلَا لِذَنْبٍ رَكِبَهُ , وَلَا لِغَيْرِ ذَلِكَ .|مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا|وَقَوْله : { وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسكُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَا يَغْتَبْ بَعْضكُمْ بَعْضًا أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ , وَلَا يَطْعَن بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض ; وَقَالَ : { لَا تَلْمِزُوا أَنْفُسكُمْ } فَجَعَلَ اللَّامِز أَخَاهُ لَامِزًا نَفْسه ; لِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ كَرَجُلٍ وَاحِد فِيمَا يَلْزَم بَعْضهمْ لِبَعْضٍ مِنْ تَحْسِين أَمْره , وَطَلَب صَلَاحه , وَمَحَبَّته الْخَيْر . وَلِذَلِكَ رُوِيَ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : | الْمُؤْمِنُونَ كَالْجَسَدِ الْوَاحِد فَإِذَا اِشْتَكَى مِنْهُ عُضْو تَدَاعَى لَهُ سَائِر جَسَده بِالْحُمَّى وَالسَّهَر | . وَهَذَا نَظِير قَوْله : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَيْنكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُون تِجَارَة عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ } [4 29 ]بِمَعْنَى : وَلَا يَقْتُل بَعْضكُمْ بَعْضًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24562 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسكُمْ } قَالَ : لَا تَطْعَنُوا . )24563 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسكُمْ } يَقُول : وَلَا يَطْعَن بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض . )* -حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . 24564 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسكُمْ } يَقُول : لَا يَطْعَن بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض .)|أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا|قَوْله : { وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ } يَقُول : وَلَا تَدَاعَوْا بِالْأَلْقَابِ ; وَالنَّبْز وَاللَّقَب بِمَعْنًى وَاحِد , يُجْمَع النَّبْز : أَنْبَازًا , وَاللَّقَب : أَلْقَابًا . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْأَلْقَاب الَّتِي نَهَى اللَّه عَنْ التَّنَابُز بِهَا فِي هَذِهِ الْآيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى بِهَا الْأَلْقَاب الَّتِي يُكْرَه النَّبْز بِهَا الْمُلَقَّب , وَقَالُوا : إِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي قَوْم كَانَتْ لَهُمْ أَسْمَاء فِي الْجَاهِلِيَّة , فَلَمَّا أَسْلَمُوا نُهُوا أَنْ يَدْعُو بَعْضهمْ بَعْضًا بِمَا يَكْرَه مِنْ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُدْعَى بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24565 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثَنَا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثَنَا دَاوُد , عَنْ عَامِر , قَالَ : قَالَ أَبُو جُبَيْرَة ابْن الضَّحَّاك : فِينَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي بَنِي سَلَمَة , قَدِمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , (وَمَا مِنَّا رَجُل إِلَّا وَلَهُ اِسْمَانِ أَوْ ثَلَاثَة , فَكَانَ إِذَا دَعَا الرَّجُل بِالِاسْمِ , قُلْنَا : يَا رَسُول اللَّه إِنَّهُ يَغْضَب مِنْ هَذَا , فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة { وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ }... الْآيَة كُلّهَا . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثَنَا دَاوُد , عَنْ عَامِر , عَنْ أَبِي جُبَيْرَة ابْن الضَّحَّاك , قَالَ : كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة يُسَمُّونَ الرَّجُل بِالْأَسْمَاءِ , فَدَعَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا بِاسْمٍ مِنْ تِلْكَ الْأَسْمَاء , فَقَالُوا : (يَا رَسُول اللَّه إِنَّهُ يَغْضَب مِنْ هَذَا , فَأَنْزَلَ اللَّه { وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْم الْفُسُوق بَعْد الْإِيمَان } . )* -حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا دَاوُد , عَنْ عَامِر , قَالَ : ثَنِي أَبُو جُبَيْرَة بْن الضَّحَّاك , فَذَكَرَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , نَحْوه . * -حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا دَاوُد عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : ثَنِي أَبُو جُبَيْرَة ابْن الضَّحَّاك , قَالَ : نَزَلَتْ فِي بَنِي سَلَمَة ( { وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ } قَالَ : قَدِمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ مِنَّا رَجُل إِلَّا وَلَهُ اِسْمَانِ أَوْ ثَلَاثَة , فَكَانَ يَدْعُو الرَّجُل , فَتَقُول أُمّه : إِنَّهُ يَغْضَب مِنْ هَذَا قَالَ , فَنَزَلَتْ { وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ } . وَقَالَ مُرَّة : كَانَ إِذَا دَعَا بِاسْمٍ مِنْ هَذَا , قِيلَ : يَا رَسُول اللَّه إِنَّهُ يَغْضَب مِنْ هَذَا , فَنَزَلَتْ الْآيَة . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ قَوْل الرَّجُل الْمُسْلِم لِلرَّجُلِ الْمُسْلِم : يَا فَاسِق , يَا زَانِي . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24566 - حَدَّثَنَا هَنَّاد بْن السَّرِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو الْأَحْوَص , عَنْ حُصَيْن , قَالَ : سَأَلْت عِكْرِمَة , عَنْ قَوْل اللَّه ( { وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ } قَالَ : هُوَ قَوْل الرَّجُل لِلرَّجُلِ : يَا مُنَافِق , يَا كَافِر . )* - حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , قَالَ أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله ( { وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ } قَالَ : هُوَ قَوْل الرَّجُل لِلرَّجُلِ : يَا فَاسِق , يَا مُنَافِق . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ حُصَيْن , عَنْ عِكْرِمَة ( { وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ } قَالَ : يَا فَاسِق , يَا كَافِر . )24567 - قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ خُصَيْف , عَنْ مُجَاهِد أَوْ عِكْرِمَة ( { وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ } قَالَ : يَقُول الرَّجُل لِلرَّجُلِ : يَا فَاسِق , يَا كَافِر . )24568 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ } قَالَ : دُعِيَ رَجُل بِالْكُفْرِ وَهُوَ مُسْلِم . )24569 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ } يَقُول الرَّجُل : لَا تَقُلْ لِأَخِيك الْمُسْلِم : ذَاكَ فَاسِق , ذَاكَ مُنَافِق , نَهَى اللَّه الْمُسْلِم عَنْ ذَلِكَ وَقَدَّمَ فِيهِ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ } يَقُول : لَا يَقُولَن لِأَخِيهِ الْمُسْلِم : يَا فَاسِق , يَا مُنَافِق . 24570 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ } قَالَ : تَسْمِيَته بِالْأَعْمَالِ السَّيِّئَة بَعْد الْإِسْلَام زَانٍ فَاسِق . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ تَسْمِيَة الرَّجُل الرَّجُل بِالْكُفْرِ بَعْد الْإِسْلَام , وَالْفُسُوق وَالْأَعْمَال الْقَبِيحَة بَعْد التَّوْبَة ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24571 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس ( { وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْم الْفُسُوق بَعْد الْإِيمَان } . .. الْآيَة , قَالَ : التَّنَابُز بِالْأَلْقَابِ أَنْ يَكُون الرَّجُل عَمِلَ السَّيِّئَات ثُمَّ تَابَ مِنْهَا , وَرَاجَعَ الْحَقّ , فَنَهَى اللَّه أَنْ يُعَيَّر بِمَا سَلَفَ مِنْ عَمَله . )24572 -حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , قَالَ : قَالَ الْحَسَن : (كَانَ الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ يُسْلِم , فَيُلَقَّب فَيُقَال لَهُ : يَا يَهُودِيّ , يَا نَصْرَانِيّ , فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ . )وَاَلَّذِي هُوَ أَوْلَى الْأَقْوَال فِي تَأْوِيل ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره نَهَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَتَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ , وَالتَّنَابُز بِالْأَلْقَابِ : هُوَ دُعَاء الْمَرْء صَاحِبه بِمَا يَكْرَههُ مِنْ اِسْم أَوْ صِفَة , وَعَمَّ اللَّه بِنَهْيِهِ ذَلِكَ , وَلَمْ يُخَصِّص بِهِ بَعْض الْأَلْقَاب دُون بَعْض , فَغَيْر جَائِز لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَنْبِز أَخَاهُ بِاسْمٍ يَكْرَههُ أَوْ صِفَة يَكْرَههَا . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ صَحَّتْ الْأَقْوَال الَّتِي قَالَهَا أَهْل التَّأْوِيل فِي ذَلِكَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا كُلّهَا , وَلَمْ يَكُنْ بَعْض ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْ بَعْض ; لِأَنَّ كُلّ ذَلِكَ مِمَّا نَهَى اللَّه الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَنْبِز بَعْضهمْ بَعْضًا .|بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ|وَقَوْله : { بِئْسَ الِاسْم الْفُسُوق بَعْد الْإِيمَان } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَنْ فَعَلَ مَا نَهَيْنَا عَنْهُ , وَتَقَدَّمَ عَلَى مَعْصِيَتنَا بَعْد إِيمَانه , فَسَخِرَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ , وَلَمَزَ أَخَاهُ الْمُؤْمِن , وَنَبَزَهُ بِالْأَلْقَابِ , فَهُوَ فَاسِق { بِئْسَ الِاسْم الْفُسُوق بَعْد الْإِيمَان } يَقُول : فَلَا تَفْعَلُوا فَتَسْتَحِقُّوا إِنْ فَعَلْتُمُوهُ أَنْ تُسَمَّوْا فُسَّاقًا , بِئْسَ الِاسْم الْفُسُوق , وَتُرِكَ ذِكْر مَا وَصَفْنَا مِنْ الْكَلَام , اِكْتِفَاء بِدَلَالَةِ قَوْله : { بِئْسَ الِاسْم الْفُسُوق } عَلَيْهِ . وَكَانَ اِبْن زَيْد يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 24573 - حَدَّثَنَا بِهِ يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , وَقَرَأَ ( { بِئْسَ الِاسْم الْفُسُوق بَعْد الْإِيمَان } قَالَ : بِئْسَ الِاسْم الْفُسُوق حِين تُسَمِّيه بِالْفِسْقِ بَعْد الْإِسْلَام , وَهُوَ عَلَى الْإِسْلَام . قَالَ : وَأَهْل هَذَا الرَّأْي هُمْ الْمُعْتَزِلَة , قَالُوا : لَا نُكَفِّرهُ كَمَا كَفَّرَهُ أَهْل الْأَهْوَاء , وَلَا نَقُول لَهُ مُؤْمِن كَمَا قَالَتْ الْجَمَاعَة , وَلَكِنَّا نُسَمِّيه بِاسْمِهِ إِنْ كَانَ سَارِقًا فَهُوَ سَارِق , وَإِنْ كَانَ خَائِنًا سَمَّوْهُ خَائِنًا ; وَإِنْ كَانَ زَانِيًا سَمَّوْهُ زَانِيًا قَالَ : فَاعْتَزَلُوا الْفَرِيقَيْنِ أَهْل الْأَهْوَاء وَأَهْل الْجَمَاعَة , فَلَا يَقُول هَؤُلَاءِ قَالُوا , وَلَا يَقُول هَؤُلَاءِ , فَسُمُّوا بِذَلِكَ الْمُعْتَزِلَة . )فَوَجَّهَ اِبْن زَيْد تَأْوِيل قَوْله : { بِئْسَ الِاسْم الْفُسُوق بَعْد الْإِيمَان } إِلَى مَنْ دُعِيَ فَاسِقًا , وَهُوَ تَائِب مِنْ فِسْقه , فَبِئْسَ الِاسْم ذَلِكَ لَهُ مِنْ أَسْمَائِهِ ... وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ التَّأْوِيل أَوْلَى بِالْكَلَامِ , وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه تَقَدَّمَ بِالنَّهْيِ عَمَّا تَقَدَّمَ بِالنَّهْيِ عَنْهُ فِي أَوَّل هَذِهِ الْآيَة , فَاَلَّذِي هُوَ أَوْلَى أَنْ يَخْتِمهَا بِالْوَعِيدِ لِمَنْ تَقَدَّمَ عَلَى بَغْيه , أَوْ بِقَبِيحِ رُكُوبه مَا رَكِبَ مِمَّا نُهِيَ عَنْهُ , لَا أَنْ يُخْبِر عَنْ قُبْح مَا كَانَ التَّائِب أَتَاهُ قَبْل تَوْبَته , إِذْ كَانَتْ الْآيَة لَمْ تُفْتَتَح بِالْخَبَرِ عَنْ رُكُوبه مَا كَانَ رَكِبَ قَبْل التَّوْبَة مِنْ الْقَبِيح , فَيُخْتَم آخِرهَا بِالْوَعِيدِ عَلَيْهِ أَوْ بِالْقَبِيحِ .|الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ|وَقَوْله : { وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَنْ لَمْ يَتُبْ مِنْ نَبْزه أَخَاهُ بِمَا نَهَى اللَّه عَنْ نَبْزه بِهِ مِنْ الْأَلْقَاب , أَوْ لَمْزه إِيَّاهُ , أَوْ سُخْرِيَته مِنْهُ , فَأُولَئِكَ هُمْ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ , فَأَكْسَبُوهَا عِقَاب اللَّه بِرُكُوبِهِمْ مَا نَهَاهُمْ عَنْهُ . وَكَانَ اِبْن زَيْد يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 24574 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ } قَالَ : وَمَنْ لَمْ يَتُبْ مِنْ ذَلِكَ الْفُسُوق فَأُولَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ .)

فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اِجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنْ الظَّنّ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَا أَيّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّه وَرَسُوله , لَا تَقْرَبُوا كَثِيرًا مِنْ الظَّنّ بِالْمُؤْمِنِينَ , وَذَلِكَ أَنْ تَظُنُّوا بِهِمْ سُوءًا , فَإِنَّ الظَّانّ غَيْر مُحِقّ , وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { اِجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنْ الظَّنّ } وَلَمْ يَقُلْ : الظَّنّ كُلّه , إِذْ كَانَ قَدْ أَذِنَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَظُنّ بَعْضهمْ بِبَعْضٍ الْخَيْر , فَقَالَ : { لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَات بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْك مُبِين } [24 12 ]فَأَذِنَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَظُنّ بَعْضهمْ بِبَعْضٍ الْخَيْر وَأَنْ يَقُولُوهُ , وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ قِيله فِيهِمْ عَلَى يَقِين . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24575 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنِي أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اِجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنْ الظَّنّ } يَقُول : نَهَى اللَّه الْمُؤْمِن أَنْ يَظُنّ بِالْمُؤْمِنِ شَرًّا .)|الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ|وَقَوْله : { إِنَّ بَعْض الظَّنّ إِثْم } يَقُول : إِنَّ ظَنّ الْمُؤْمِن بِالْمُؤْمِنِ الشَّرّ لَا الْخَيْر إِثْم ; لِأَنَّ اللَّه قَدْ نَهَاهُ عَنْهُ , فَفِعْل مَا نَهَى اللَّه عَنْهُ إِثْم .|إِثْمٌ وَلَا|وَقَوْله : { وَلَا تَجَسَّسُوا } يَقُول : وَلَا يَتَتَبَّع بَعْضكُمْ عَوْرَة بَعْض , وَلَا يَبْحَث عَنْ سَرَائِره , لَا عَلَى مَا لَا تَعْلَمُونَهُ مِنْ سَرَائِره . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24576 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَلَا تَجَسَّسُوا } يَقُول : نَهَى اللَّه الْمُؤْمِن أَنْ يَتَتَبَّع عَوْرَات الْمُؤْمِن . )24577 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { وَلَا تَجَسَّسُوا } قَالَ : خُذُوا مَا ظَهَرَ لَكُمْ وَدَعُوا مَا سَتَرَ اللَّه . )24578 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اِجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنْ الظَّنّ إِنَّ بَعْض الظَّنّ إِثْم وَلَا تَجَسَّسُوا } هَلْ تَدْرُونَ مَا التَّجَسُّس أَوْ التَّجْسِيس ؟ هُوَ أَنْ تَتْبَع , أَوْ تَبْتَغِي عَيْب أَخِيك لِتَطَّلِع عَلَى سِرّه . )24579 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان ( { وَلَا تَجَسَّسُوا } قَالَ : الْبَحْث . )24580 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اِجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنْ الظَّنّ إِنَّ بَعْض الظَّنّ إِثْم وَلَا تَجَسَّسُوا } قَالَ : حَتَّى أَنْظُر فِي ذَلِكَ وَأَسْأَل عَنْهُ , حَتَّى أَعْرِف حَقّ هُوَ , أَمْ بَاطِل ؟ ; قَالَ : فَسَمَّاهُ اللَّه تَجَسُّسًا , قَالَ : يَتَجَسَّس كَمَا يَتَجَسَّس الْكِلَاب .)|تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ|قَوْله : { وَلَا يَغْتَبْ بَعْضكُمْ بَعْضًا } يَقُول : وَلَا يَقُلْ بَعْضكُمْ فِي بَعْض بِظَهْرِ الْغَيْب مَا يَكْرَه الْمَقُول فِيهِ ذَلِكَ أَنْ يُقَال لَهُ فِي وَجْهه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ جَاءَ الْأَثَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ , وَالْأَثَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : 24581 - حَدَّثَنِي يَزِيد بْن مَخْلَد الْوَاسِطِيّ , قَالَ : ثَنَا خَالِد بْن عَبْد اللَّه الطَّحَّان , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق , عَنْ الْعَلَاء بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : سُئِلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْغِيبَة , فَقَالَ : ( هُوَ أَنْ تَقُول لِأَخِيك مَا فِيهِ , فَإِنْ كُنْت صَادِقًا فَقَدْ اِغْتَبْته , وَإِنْ كُنْت كَاذِبًا فَقَدْ بَهَتّه . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن بَزِيع , قَالَ : ثَنَا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق , عَنْ الْعَلَاء بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بِنَحْوِهِ . * -حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , قَالَ : سَمِعْت الْعَلَاء يُحَدِّث , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( هَلْ تَدْرُونَ مَا الْغِيبَة | ؟ قَالَ : قَالُوا اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم ; قَالَ : | ذِكْرك أَخَاك بِمَا لَيْسَ فِيهِ | , قَالَ : أَرَأَيْت إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُول لَهُ ; قَالَ : | وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُول فَقَدْ اِغْتَبْته , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُول فَقَدْ بَهَتّه )| . 24582 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا سَعِيد بْن الرَّبِيع , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ الْعَبَّاس , عَنْ رَجُل سَمِعَ اِبْن عُمَر يَقُول : (إِذَا ذَكَرْت الرَّجُل بِمَا فِيهِ , فَقَدْ اِغْتَبْته , وَإِذَا ذَكَرْته بِمَا لَيْسَ فِيهِ فَقَدْ بَهَتّه . وَقَالَ شُعْبَة مَرَّة أُخْرَى : وَإِذَا ذَكَرْته بِمَا لَيْسَ فِيهِ , فَهِيَ فِرْيَة قَالَ أَبُو مُوسَى : هُوَ عَبَّاس الْجَرِيرِيّ ): 24583 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ شُعْبَة , عَنْ سُلَيْمَان , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مُرَّة , عَنْ مَسْرُوق قَالَ : (إِذَا ذَكَرْت الرَّجُل بِأَسْوَأ مَا فِيهِ فَقَدْ اِغْتَبْته , وَإِذَا ذَكَرْته بِمَا لَيْسَ فِيهِ فَقَدْ بَهَتّه . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوق , قَالَ : (إِذَا قُلْت فِي الرَّجُل أَسْوَأ مَا فِيهِ فَقَدْ اِغْتَبْته , وَإِذَا قُلْت مَا لَيْسَ فِيهِ فَقَدْ بَهَتّه . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا عُمَر بْن عُبَيْد , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوق , قَالَ الْغِيبَة : (أَنْ يَقُول لِلرَّجُلِ أَسْوَأ مَا يَعْلَم فِيهِ , وَالْبُهْتَان : أَنْ يَقُول مَا لَيْسَ فِيهِ . )24584 -حَدَّثَنَا يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ كَثِير بْن الْحَارِث , عَنْ الْقَاسِم , مَوْلَى مُعَاوِيَة , قَالَ : (سَمِعْت اِبْن أُمّ عَبْد يَقُول : مَا اِلْتَقَمَ أَحَد لُقْمَة أَشَرّ مِنْ اِغْتِيَاب الْمُؤْمِن , إِنْ قَالَ فِيهِ مَا يَعْلَم فَقَدْ اِغْتَابَهُ , وَإِنْ قَالَهُ فِيهِ مَا لَا يَعْلَم فَقَدْ بَهَتَهُ . )- حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ مُسْلِم , عَنْ مَسْرُوق , قَالَ : (إِذَا ذَكَرْت الرَّجُل بِمَا فِيهِ فَقَدْ اِغْتَبْته , وَإِذَا ذَكَرْته بِمَا لَيْسَ فِيهِ فَذَلِكَ الْبُهْتَان . )24585 -حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا الْمُعْتَمِر , قَالَ : سَمِعْت يُونُس , عَنْ الْحَسَن أَنَّهُ قَالَ فِي الْغِيبَة : (أَنْ تَذْكُر مِنْ أَخِيك مَا تَعْلَم فِيهِ مِنْ مَسَاوِئ أَعْمَاله , فَإِذَا ذَكَرْته بِمَا لَيْسَ فِيهِ فَذَلِكَ الْبُهْتَان . )24586 -حَدَّثَنَا اِبْن أَبِي الشَّوَارِب , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْوَاحِد بْن زِيَاد , قَالَ : ثَنَا سُلَيْمَان الشَّيْبَانِيّ , قَالَ : ثَنَا حَسَّان بْن الْمُخَارِق (أَنَّ اِمْرَأَة دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَة ; فَلَمَّا قَامَتْ لِتَخْرُج أَشَارَتْ عَائِشَة بِيَدِهَا إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَيْ أَنَّهَا قَصِيرَة , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | اِغْتَبْتِيهَا . )24587 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو دَاوُد , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , قَالَ : (لَوْ مَرَّ بِك أَقْطَع , فَقُلْت : ذَاكَ الْأَقْطَع , كَانَتْ مِنْك غِيبَة ; قَالَ : وَسَمِعْت مُعَاوِيَة بْن قُرَّة يَقُول ذَلِكَ . )24588 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , قَالَ : سَمِعْت مُعَاوِيَة بْن قُرَّة يَقُول : (لَوْ مَرَّ بِك رَجُل أَقْطَع , فَقُلْت لَهُ : إِنَّهُ أَقْطَع كُنْت قَدْ اِغْتَبْته , قَالَ : فَذَكَرْت ذَلِكَ لِأَبِي إِسْحَاق الْهَمْدَانِيّ فَقَالَ : صَدَقَ . )24589 - حَدَّثَنِي جَابِر بْن الْكُرْدِيّ , قَالَ : ثَنَا اِبْن أَبِي أُوَيْس , قَالَ : ثَنِي أَخِي أَبُو بَكْر , عَنْ حَمَّاد ابْن أَبِي حُمَيْد , عَنْ مُوسَى بْن وَرْدَان , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة (أَنَّ رَجُلًا قَامَ عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَرَأَوْا فِي قِيَامه عَجْزًا , فَقَالُوا : يَا رَسُول اللَّه مَا أَعْجَز فُلَانًا , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | أَكَلْتُمْ أَخَاكُمْ وَاغْتَبْتُمُوهُ . )24590 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا عُثْمَان بْن سَعِيد , قَالَ : ثَنَا حِبَّان بْن عَلِيّ الْعَنَزِيّ عَنْ مُثَنَّى بْن صَبَّاح , عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب , عَنْ مُعَاذ بْن جَبَل , قَالَ : (كُنَّا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَذَكَرَ الْقَوْم رَجُلًا , فَقَالُوا : مَا يَأْكُل إِلَّا مَا أُطْعِمَ , وَمَا يَرْحَل إِلَّا مَا رَحَلَ لَهُ , وَمَا أَضْعَفه ; فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | اِغْتَبْتُمْ أَخَاكُمْ | , فَقَالُوا يَا رَسُول اللَّه وَغِيبَته أَنْ نُحَدِّث بِمَا فِيهِ ؟ قَالَ : | بِحَسْبِكُمْ أَنْ تُحَدِّثُوا عَنْ أَخِيكُمْ مَا فِيهِ . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا خَالِد بْن مُحَمَّد , عَنْ مُحَمَّد بْن جَعْفَر , عَنْ الْعَلَاء , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا ذَكَرْت أَخَاك بِمَا يَكْرَه فَإِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُول فَقَدْ اِغْتَبْته , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُول فَقَدْ بَهَتّه . )24591 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : (كُنَّا نُحَدَّث أَنَّ الْغِيبَة أَنْ تَذْكُر أَخَاك بِمَا يَشِينهُ , وَتَعِيبهُ بِمَا فِيهِ , وَإِنْ كَذَبْت عَلَيْهِ فَذَلِكَ الْبُهْتَان .)|بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا|وَقَوْله { أَيُحِبُّ أَحَدكُمْ أَنْ يَأْكُل لَحْم أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِلْمُؤْمِنِينَ أَيُحِبُّ أَحَدكُمْ أَيّهَا الْقَوْم أَنْ يَأْكُل لَحْم أَخِيهِ بَعْد مَمَاته مَيْتًا , فَإِنْ لَمْ تُحِبُّوا ذَلِكَ وَكَرِهْتُمُوهُ ; لِأَنَّ اللَّه حَرَّمَ ذَلِكَ عَلَيْكُمْ , فَكَذَلِكَ لَا تُحِبُّوا أَنْ تَغْتَابُوهُ فِي حَيَاته , فَاكْرَهُوا غِيبَته حَيًّا , كَمَا كَرِهْتُمْ لَحْمه مَيِّتًا , فَإِنَّ اللَّه حَرَّمَ غِيبَته حَيًّا , كَمَا حَرَّمَ أَكْل لَحْمه مَيِّتًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24592 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَلَا يَغْتَبْ بَعْضكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدكُمْ أَنْ يَأْكُل لَحْم أَخِيهِ مَيْتًا } قَالَ : حَرَّمَ اللَّه عَلَى الْمُؤْمِن أَنْ يَغْتَاب الْمُؤْمِن بِشَيْءٍ , كَمَا حَرَّمَ الْمَيْتَة . )24593 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { أَيُحِبُّ أَحَدكُمْ أَنْ يَأْكُل لَحْم أَخِيهِ مَيْتًا } قَالُوا : نَكْرَه ذَلِكَ , قَالَ : فَكَذَلِكَ فَاتَّقُوا اللَّه . )24594 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { أَيُحِبُّ أَحَدكُمْ أَنْ يَأْكُل لَحْم أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ } يَقُول : كَمَا أَنْتَ كَارِه لَوْ وَجَدْت جِيفَة مُدَوِّدَة أَنْ تَأْكُل مِنْهَا , فَكَذَلِكَ فَاكْرَهْ غِيبَته وَهُوَ حَيّ . )وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { لَحْم أَخِيهِ مَيْتًا } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة بِالتَّثْقِيلِ | مَيِّتًا | , وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة وَالْبَصْرَة { مَيْتًا } بِالتَّخْفِيفِ , وَهُمَا قِرَاءَتَانِ عِنْدنَا مَعْرُوفَتَانِ مُقَارِبَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب .|فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ|وَقَوْله : { وَاتَّقُوا اللَّه إِنَّ اللَّه تَوَّاب رَحِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَاتَّقُوا اللَّه أَيّهَا النَّاس , فَخَافُوا عُقُوبَته بِانْتِهَائِكُمْ عَمَّا نَهَاكُمْ عَنْهُ مِنْ ظَنّ أَحَدكُمْ بِأَخِيهِ الْمُؤْمِن ظَنّ السَّوْء , وَتَتَبُّع عَوْرَاته , وَالتَّجَسُّس عَمَّا سُتِرَ عَنْهُ مِنْ أَمْره , وَاغْتِيَابه بِمَا يَكْرَههُ , تُرِيدُونَ بِهِ شَيْنه وَعَيْبه , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْأُمُور الَّتِي نَهَاكُمْ عَنْهَا رَبّكُمْ { إِنَّ اللَّه تَوَّاب رَحِيم } يَقُول : إِنَّ اللَّه رَاجِع لِعَبْدِهِ إِلَى مَا يُحِبّهُ إِذَا رَجَعَ الْعَبْد لِرَبِّهِ إِلَى مَا يُحِبّهُ مِنْهُ , رَحِيم بِهِ بِأَنْ يُعَاقِبهُ عَلَى ذَنْب أَذْنَبه بَعْد تَوْبَته مِنْهُ .

وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا النَّاس إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَر وَأُنْثَى } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَا أَيّهَا النَّاس إِنَّا أَنْشَأْنَا خَلْقكُمْ مِنْ مَاء ذَكَر مِنْ الرِّجَال , وَمَاء أُنْثَى مِنْ النِّسَاء . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24595 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عُثْمَان بْن الْأَسْوَد , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (خَلَقَ اللَّه الْوَلَد مِنْ مَاء الرَّجُل وَمَاء الْمَرْأَة , وَقَدْ قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { يَا أَيّهَا النَّاس إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَر وَأُنْثَى } . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , قَالَ : ثَنَا عُثْمَان بْن الْأَسْوَد , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَر وَأُنْثَى } قَالَ : مَا خَلَقَ اللَّه الْوَلَد إِلَّا مِنْ نُطْفَة الرَّجُل وَالْمَرْأَة جَمِيعًا ; لِأَنَّ اللَّه يَقُول { خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَر وَأُنْثَى } . )|وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا|وَقَوْله : { وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِل } يَقُول : وَجَعَلْنَاكُمْ مُتَنَاسِبِينَ , فَبَعْضكُمْ يُنَاسِب بَعْضًا نَسَبًا بَعِيدًا , وَبَعْضكُمْ يُنَاسِب بَعْضًا نَسَبًا قَرِيبًا ; فَالْمُنَاسِب النَّسَب الْبَعِيد مَنْ لَمْ يَنْسُبهُ أَهْل الشُّعُوب , وَذَلِكَ إِذَا قِيلَ لِلرَّجُلِ مِنْ الْعَرَب : مِنْ أَيّ شَعْب أَنْتَ ؟ قَالَ : أَنَا مِنْ مُضَر , أَوْ مِنْ رَبِيعَة . وَأَمَّا أَهْل الْمُنَاسَبَة الْقَرِيبَة أَهْل الْقَبَائِل , وَهُمْ كَتَمِيمٍ مِنْ مُضَر , وَبَكْر مِنْ رَبِيعَة , وَأَقْرَب الْقَبَائِل الْأَفْخَاذ وَهُمَا كَشَيْبَان مِنْ بَكْر وَدَارِم مِنْ تَمِيم , وَنَحْو ذَلِكَ , وَمِنْ الشَّعْب قَوْل اِبْن أَحْمَر الْبَاهِلِيّ : <br>مِنْ شَعْب هَمْدَان أَوْ سَعْد الْعَشِيرَة .......... خَوْلَان أَوْ مَذْحِج هَاجُوا لَهُ طَرَبَا <br>وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْله : { وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِل } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24595 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا بَكْر بْن عَيَّاش , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُصَيْن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس ( { وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِل } قَالَ : الشُّعُوب : الْجِمَاع وَالْقَبَائِل : الْبُطُون . )* - حَدَّثَنَا خَلَّاد بْن أَسْلَم , قَالَ : ثَنَا أَبُو بَكْر بْن عَيَّاش , عَنْ أَبِي حُصَيْن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِل } قَالَ : الشُّعُوب : الْجِمَاع . قَالَ خَلَّاد , قَالَ أَبُو بَكْر : الْقَبَائِل الْعِظَام , مِثْل بَنِي تَمِيم , وَالْقَبَائِل : الْأَفْخَاذ. )24596 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عَطِيَّة , قَالَ : ثَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي حُصَيْن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر ( { وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِل } قَالَ : الشُّعُوب : الْجُمْهُور , وَالْقَبَائِل : الْأَفْخَاذ . )24597 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { شُعُوبًا } قَالَ : النَّسَب الْبَعِيد . { وَقَبَائِل } دُون ذَلِكَ . )24598 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِل } قَالَ : الشُّعُوب : النَّسَب الْبَعِيد , وَالْقَبَائِل كَقَوْلِهِ : فُلَان مِنْ بَنِي فُلَان , وَفُلَان مِنْ بَنِي فُلَان . )* - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة . ( { وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا } قَالَ : هُوَ النَّسَب الْبَعِيد . قَالَ : وَالْقَبَائِل : كَمَا تَسْمَعهُ يُقَال : فُلَان مِنْ بَنِي فُلَان . )24599 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا } قَالَ : أَمَّا الشُّعُوب : فَالنَّسَب الْبَعِيد . )وَقَالَ بَعْضهمْ : الشُّعُوب : الْأَفْخَاذ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24600 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ أَبِي حُصَيْن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر ( { وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِل } قَالَ : الشُّعُوب : الْأَفْخَاذ , وَالْقَبَائِل : الْقَبَائِل . )وَقَالَ آخَرُونَ : الشُّعُوب : الْبُطُون , وَالْقَبَائِل : الْأَفْخَاذ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24601 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن طَلْحَة , قَالَ : ثَنَا أَبُو بَكْر ابْن عَيَّاش , عَنْ أَبِي حُصَيْن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِل } قَالَ : الشُّعُوب : الْبُطُون , وَالْقَبَائِل : الْأَفْخَاذ الْكِبَار . وَقَالَ آخَرُونَ : الشُّعُوب : الْأَنْسَاب . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِل } قَالَ : الشُّعُوب : الْأَنْسَاب .|وَقَبَائِلَ|وَقَوْله : { لِتَعَارَفُوا } يَقُول : لِيَعْرِف بَعْضكُمْ بَعْضًا فِي النَّسَب , يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّمَا جَعَلْنَا هَذِهِ الشُّعُوب وَالْقَبَائِل لَكُمْ أَيّهَا النَّاس , لِيَعْرِف بَعْضكُمْ بَعْضًا فِي قُرْب الْقَرَابَة مِنْهُ وَبُعْده , لَا لِفَضِيلَةٍ لَكُمْ فِي ذَلِكَ , وَقُرْبَة تُقَرِّبكُمْ إِلَى اللَّه , بَلْ أَكْرَمَكُمْ عِنْد اللَّه أَتْقَاكُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24602 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { وَقَبَائِل لِتَعَارَفُوا } قَالَ : جَعَلْنَا هَذَا لِتَعَارَفُوا , فُلَان بْن فُلَان مِنْ كَذَا وَكَذَا .)|لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ|وَقَوْله : { إِنَّ أَكْرَمكُمْ عِنْد اللَّه أَتْقَاكُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ أَكْرَمكُمْ أَيّهَا النَّاس عِنْد رَبّكُمْ , أَشَدّكُمْ اِتِّقَاء لَهُ بِأَدَاءِ فَرَائِضه وَاجْتِنَاب مَعَاصِيه , لَا أَعْظَمكُمْ بَيْتًا وَلَا أَكْثَركُمْ عَشِيرَة . 24603 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : ثَنِي اِبْن لَهِيعَة , عَنْ الْحَارِث بْن يَزِيد , عَنْ عَلِيّ بْن رَبَاح , عَنْ عُقْبَة بْن عَامِر , عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( وَالنَّاس لِآدَم وَحَوَّاء كَطَفِّ الصَّاع لَمْ يَمْلَأهُ , إِنَّ اللَّه لَا يَسْأَلكُمْ عَنْ أَحْسَابكُمْ وَلَا عَنْ أَنْسَابكُمْ يَوْم الْقِيَامَة , إِنَّ أَكْرَمكُمْ عِنْد اللَّه أَتْقَاكُمْ . )24604 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : ثَنِي اِبْن لَهِيعَة , عَنْ الْحَارِث بْن يَزِيد , عَنْ عَلِيّ بْن رَبَاح , عَنْ عُقْبَة بْن عَامِر , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( وَإِنَّ أَنْسَابكُمْ هَذِهِ لَيْسَتْ بِمَسَابّ عَلَى أَحَد , وَإِنَّمَا أَنْتُمْ وَلَد آدَم طَفَّ الصَّاع لَمْ تَمْلَأهُ , لَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَد فَضْل إِلَّا بِدِينٍ أَوْ عَمَل صَالِح حَسْب الرَّجُل أَنْ يَكُون فَاحِشًا بَذِيًّا بَخِيلًا جَبَانًا . )24605 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : سَمِعْت عَطَاء يَقُول : قَالَ اِبْن عَبَّاس : (ثَلَاث آيَات جَحَدَهُنَّ النَّاس : الْإِذْن كُلّه , وَقَالَ : { إِنَّ أَكْرَمكُمْ عِنْد اللَّه أَتْقَاكُمْ } وَقَالَ النَّاس أَكْرَمكُمْ : أَعْظَمكُمْ بَيْتًا ; وَقَالَ عَطَاء : نَسِيت الثَّالِثَة .)|أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ|وَقَوْله : { إِنَّ اللَّه عَلِيم خَبِير } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّه أَيّهَا النَّاس ذُو عِلْم بِأَتْقَاكُمْ عِنْد اللَّه وَأَكْرَمكُمْ عِنْده , ذُو خِبْرَة بِكُمْ وَبِمَصَالِحِكُمْ , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أُمُوركُمْ , لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَة .

كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَتْ الْأَعْرَاب آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَتْ الْأَعْرَاب : صَدَّقْنَا بِاَللَّهِ وَرَسُوله , فَنَحْنُ مُؤْمِنُونَ , قَالَ اللَّه لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ يَا مُحَمَّد لَهُمْ { لَمْ تُؤْمِنُوا } وَلَسْتُمْ مُؤْمِنِينَ { وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا } . وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي أَعْرَاب مِنْ بَنِي أَسَد . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24606 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { قَالَتْ الْأَعْرَاب آمَنَّا } قَالَ : أَعْرَاب بَنَى أَسَد بْن خُزَيْمَة . )وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي السَّبَب الَّذِي مِنْ أَجْله قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ لِهَؤُلَاءِ الْأَعْرَاب : قُولُوا أَسْلَمْنَا , وَلَا تَقُولُوا آمَنَّا , فَقَالَ بَعْضهمْ : إِنَّمَا أَمَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ ; لِأَنَّ الْقَوْم كَانُوا صَدَّقُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ , وَلَمْ يُصَدِّقُوا قَوْلهمْ بِفِعْلِهِمْ , فَقِيلَ لَهُمْ : قُولُوا أَسْلَمْنَا ; لِأَنَّ الْإِسْلَام قَوْل , وَالْإِيمَان قَوْل وَعَمَل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24607 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ ( { قَالَتْ الْأَعْرَاب آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا } قَالَ : إِنَّ الْإِسْلَام : الْكَلِمَة , وَالْإِيمَان : الْعَمَل . )24608 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , وَأَخْبَرَنِي الزُّهْرِيّ , عَنْ عَامِر بْن سَعْد , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : (أَعْطَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِجَالًا , وَلَمْ يُعْطِ رَجُلًا مِنْهُمْ شَيْئًا , فَقَالَ سَعْد : يَا رَسُول اللَّه أَعْطَيْت فُلَانًا وَفُلَانًا , وَلَمْ تُعْطِ فُلَانًا شَيْئًا , وَهُوَ مُؤْمِن , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | أَوْ مُسْلِم | ؟ حَتَّى أَعَادَهَا سَعْد ثَلَاثًا , وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : | أَوْ مُسْلِم | , ثُمَّ قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ | إِنِّي أُعْطِي رِجَالًا وَأَدَع مَنْ هُوَ أَحَبّ إِلَيَّ مِنْهُمْ , لَا أُعْطِيه شَيْئًا مَخَافَة أَنْ يُكَبُّوا فِي النَّار عَلَى وُجُوههمْ . )24609 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { قَالَتْ الْأَعْرَاب آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا } قَالَ : لَمْ يُصَدِّقُوا إِيمَانهمْ بِأَعْمَالِهِمْ , فَرَدَّ اللَّه ذَلِكَ عَلَيْهِمْ { قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا } , وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا , وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسهمْ فِي سَبِيل اللَّه , أُولَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ , صَدَّقُوا إِيمَانهمْ بِأَعْمَالِهِمْ ; فَمَنْ قَالَ مِنْهُمْ : أَنَا مُؤْمِن فَقَدْ صَدَقَ ; قَالَ : وَأَمَّا مَنْ اِنْتَحَلَ الْإِيمَان بِالْكَلَامِ وَلَمْ يَعْمَل فَقَدْ كَذَبَ , وَلَيْسَ بِصَادِقٍ . )24610 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم ( { وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا } قَالَ : هُوَ الْإِسْلَام . )وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّمَا أَمَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِيلِ ذَلِكَ لَهُمْ ; لِأَنَّهُمْ أَرَادُوا أَنْ يَتَسَمَّوْا بِأَسْمَاءِ الْمُهَاجِرِينَ قَبْل أَنْ يُهَاجِرُوا , فَأَعْلَمَهُمْ اللَّه أَنَّ لَهُمْ أَسْمَاء الْأَعْرَاب , لَا أَسْمَاء الْمُهَاجِرِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24611 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { قَالَتْ الْأَعْرَاب آمَنَّا }. .. الْآيَة , وَذَلِكَ أَنَّهُمْ أَرَادُوا أَنْ يَتَسَمَّوْا بِاسْمِ الْهِجْرَة , وَلَا يَتَسَمَّوْا بِأَسْمَائِهِمْ الَّتِي سَمَّاهُمْ اللَّه , وَكَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّل الْهِجْرَة قَبْل أَنْ تَنْزِل الْمَوَارِيث لَهُمْ. )وَقَالَ آخَرُونَ : قِيلَ لَهُمْ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ مَنُّوا عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْلَامِهِمْ , فَقَالَ اللَّه لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ لَهُمْ لَمْ تُؤْمِنُوا , وَلَكِنْ اِسْتَسْلَمْتُمْ خَوْف السِّبَاء وَالْقَتْل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24612 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { قَالَتْ الْأَعْرَاب آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا } وَلَعَمْرِي مَا عَمَّتْ هَذِهِ الْآيَة الْأَعْرَاب , إِنَّ مِنْ الْأَعْرَاب مَنْ يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر , وَلَكِنْ إِنَّمَا أُنْزِلَتْ فِي حَيّ مِنْ أَحْيَاء الْأَعْرَاب اِمْتَنُّوا بِإِسْلَامِهِمْ عَلَى نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالُوا : أَسْلَمْنَا , وَلَمْ نُقَاتِلك , كَمَا قَاتَلَك بَنُو فُلَان وَبَنُو فُلَان , فَقَالَ اللَّه : لَا تَقُولُوا آمَنَّا , وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا حَتَّى بَلَغَ فِي قُلُوبكُمْ. )* - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا } قَالَ : لَمْ تَعُمّ هَذِهِ الْآيَة الْأَعْرَاب , إِنَّ مِنْ الْأَعْرَاب مَنْ يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر , وَيَتَّخِذ مَا يُنْفِق قُرُبَات عِنْد اللَّه , وَلَكِنَّهَا فِي طَوَائِف مِنْ الْأَعْرَاب . )24613 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ رَبَاح , عَنْ أَبِي مَعْرُوف , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر ( { قَالَتْ الْأَعْرَاب آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا } قَالَ : اِسْتَسْلَمْنَا لِخَوْفِ السِّبَاء وَالْقَتْل . )24614 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ رَجُل , عَنْ مُجَاهِد ( { قُولُوا أَسْلَمْنَا } قَالَ : اِسْتَسْلَمْنَا . )24615 -حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , وَقَرَأَ قَوْل اللَّه ( { قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا } اِسْتَسْلَمْنَا : دَخَلْنَا فِي السِّلْم , وَتَرَكْنَا الْمُحَارَبَة وَالْقِتَال بِقَوْلِهِمْ : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , وَقَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | وَأُمِرْت أَنْ أُقَاتِل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , فَإِذَا قَالُوا لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابهمْ عَلَى اللَّه . )وَأَوْلَى الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيل ذَلِكَ الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ الزُّهْرِيّ , وَهُوَ أَنَّ اللَّه تَقَدَّمَ إِلَى هَؤُلَاءِ الْأَعْرَاب الَّذِينَ دَخَلُوا فِي الْمِلَّة إِقْرَارًا مِنْهُمْ بِالْقَوْلِ , وَلَمْ يُحَقِّقُوا قَوْلهمْ بِعَمَلِهِمْ أَنْ يَقُولُوا بِالْإِطْلَاقِ آمَنَّا دُون تَقْيِيد قَوْلهمْ بِذَلِكَ بِأَنْ يَقُولُوا آمَنَّا بِاَللَّهِ وَرَسُوله , وَلَكِنْ أَمَرَهُمْ أَنْ يَقُولُوا الْقَوْل الَّذِي لَا يُشْكِل عَلَى سَامِعِيهِ وَاَلَّذِي قَائِله فِيهِ مُحِقّ , وَهُوَ أَنْ يَقُولُوا أَسْلَمْنَا , بِمَعْنَى : دَخَلْنَا فِي الْمِلَّة وَالْأَمْوَال , وَالشَّهَادَة الْحَقّ .|وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ|قَوْله : { وَلَمَّا يَدْخُل الْإِيمَان فِي قُلُوبكُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَمَّا يَدْخُل الْعِلْم بِشَرَائِع الْإِيمَان , وَحَقَائِق مَعَانِيه فِي قُلُوبكُمْ .|وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا|وَقَوْله : { وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّه وَرَسُوله لَا يَلِتكُمْ مِنْ أَعْمَالكُمْ شَيْئًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ لِهَؤُلَاءِ الْأَعْرَاب الْقَائِلِينَ آمَنَّا وَلَمَّا يَدْخُل الْإِيمَان فِي قُلُوبهمْ , إِنْ تُطِيعُوا اللَّه وَرَسُوله أَيّهَا الْقَوْم , فَتَأْتَمِرُوا لِأَمْرِهِ وَأَمْر رَسُوله , وَتَعْمَلُوا بِمَا فَرَضَ عَلَيْكُمْ , وَتَنْتَهُوا عَمَّا نَهَاكُمْ عَنْهُ , { لَا يَلِتكُمْ مِنْ أَعْمَالكُمْ شَيْئًا } يَقُول : لَا يَظْلِمكُمْ مِنْ أُجُور أَعْمَالكُمْ شَيْئًا وَلَا يَنْقُصكُمْ مِنْ ثَوَابهَا شَيْئًا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24616 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { لَا يَلِتكُمْ } لَا يَنْقُصكُمْ . )24617 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله ( { لَا يَلِتكُمْ مِنْ أَعْمَالكُمْ شَيْئًا } يَقُول : لَنْ يَظْلِمكُمْ مِنْ أَعْمَالكُمْ شَيْئًا . )24618 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي ( { وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّه وَرَسُوله } قَالَ : إِنْ تُصَدِّقُوا إِيمَانكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ يَقْبَل ذَلِكَ مِنْكُمْ . )وَقَرَأَتْ قُرَّاء الْأَمْصَار { لَا يَلِتكُمْ مِنْ أَعْمَالكُمْ } بِغَيْرِ هَمْز وَلَا أَلِف , سِوَى أَبِي عَمْرو , فَإِنَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ | لَا يَأْلِتكُمْ | بِأَلِفٍ اِعْتِبَارًا مِنْهُ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : { وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلهمْ مِنْ شَيْء } [52 21 ]فَمَنْ قَالَ : أَلَتَ , قَالَ : يَأْلِت . وَأَمَّا الْآخَرُونَ فَإِنَّهُمْ جَعَلُوا ذَلِكَ مِنْ لَاتَ يَلِيت , كَمَا قَالَ رُؤْبَة بْن الْعَجَّاج : <br>وَلَيْلَة ذَات نَدًى سَرَيْت .......... وَلَمْ يَلِتنِي عَنْ سُرَاهَا لَيْت <br>وَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَة عِنْدنَا فِي ذَلِكَ , مَا عَلَيْهِ قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْكُوفَة { لَا يَلِتكُمْ } بِغَيْرِ أَلِف وَلَا هَمْز , عَلَى لُغَة مَنْ قَالَ : لَاتَ يَلِيت , لِعِلَّتَيْنِ : إِحْدَاهُمَا : إِجْمَاع الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهَا . وَالثَّانِيَة أَنَّهَا فِي الْمُصْحَف بِغَيْرِ أَلِف , وَلَا تَسْقُط الْهَمْزَة فِي مِثْل هَذَا الْمَوْضِع ; لِأَنَّهَا سَاكِنَة , وَالْهَمْزَة إِذَا سُكِّنَتْ ثَبَتَتْ , كَمَا يُقَال : تَأْمُرُونَ وَتَأْكُلُونَ , وَإِنَّمَا تَسْقُط إِذَا سُكِّنَ مَا قَبْلهَا , وَلَا يُحْمَل حَرْف فِي الْقُرْآن إِذَا أَتَى بِلُغَةٍ عَلَى آخَر جَاءَ بِلُغَةٍ خِلَافهَا إِذَا كَانَتْ اللُّغَتَانِ مَعْرُوفَتَيْنِ فِي كَلَام الْعَرَب. وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ أَلَتَ وَلَاتَ لُغَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ مِنْ كَلَامهمْ .|إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ|وَقَوْله : { إِنَّ اللَّه غَفُور رَحِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّه ذُو عَفْو أَيّهَا الْأَعْرَاب لِمَنْ أَطَاعَهُ , وَتَابَ إِلَيْهِ مِنْ سَالِف ذُنُوبه , فَأَطِيعُوهُ , وَانْتَهُوا إِلَى أَمْره وَنَهْيه , يَغْفِر لَكُمْ ذُنُوبكُمْ , رَحِيم بِخَلْقِهِ التَّائِبِينَ إِلَيْهِ أَنْ يُعَاقِبهُمْ بَعْد تَوْبَتهمْ مِنْ ذُنُوبهمْ عَلَى مَا تَابُوا مِنْهُ , فَتُوبُوا إِلَيْهِ يَرْحَمكُمْ . كَمَا : 24619 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { إِنَّ اللَّه غَفُور رَحِيم } غَفُور لِلذُّنُوبِ الْكَثِيرَة أَوْ الْكَبِيرَة , شَكَّ يَزِيد , رَحِيم بِعِبَادِهِ .)

إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسهمْ فِي سَبِيل اللَّه } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِلْأَعْرَابِ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا وَلَمَّا يَدْخُل الْإِيمَان فِي قُلُوبهمْ : إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ أَيّهَا الْقَوْم الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّه وَرَسُوله , ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا , يَقُول : ثُمَّ لَمْ يَشُكُّوا فِي وَحْدَانِيَّة اللَّه , وَلَا فِي نُبُوَّة نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَلْزَمَ نَفْسه طَاعَة اللَّه وَطَاعَة رَسُوله , وَالْعَمَل بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ فَرَائِض اللَّه بِغَيْرِ شَكّ مِنْهُ فِي وُجُوب ذَلِكَ عَلَيْهِ { وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسهمْ فِي سَبِيل اللَّه } يَقُول : جَاهَدُوا الْمُشْرِكِينَ بِإِنْفَاقِ أَمْوَالهمْ , وَبَذْل مُهَجهمْ فِي جِهَادهمْ , عَلَى مَا أَمَرَهُمْ اللَّه بِهِ مِنْ جِهَادهمْ , وَذَلِكَ سَبِيله لِتَكُونَ كَلِمَة اللَّه الْعُلْيَا , وَكَلِمَة الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى .|أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ|وَقَوْله : { أُولَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ } يَقُول : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ فِي قَوْلهمْ : إِنَّا مُؤْمِنُونَ , لَا مَنْ دَخَلَ فِي الْمِلَّة خَوْف السَّيْف لِيَحْقِن دَمه وَمَاله . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24620 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { أُولَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ } قَالَ : صَدَّقُوا إِيمَانهمْ بِأَعْمَالِهِمْ .)

تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّه بِدِينِكُمْ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قُلْ } يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْأَعْرَاب الْقَائِلِينَ آمَنَّا وَلَمَّا يَدْخُل الْإِيمَان فِي قُلُوبهمْ : { أَتُعَلِّمُونَ اللَّه } أَيّهَا الْقَوْم بِدِينِكُمْ , يَعْنِي بِطَاعَتِكُمْ رَبّكُمْ .|وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ|يَقُول : وَاَللَّه الَّذِي تُعَلِّمُونَهُ أَنَّكُمْ مُؤْمِنُونَ , عَلَّام جَمِيع مَا فِي السَّمَوَات السَّبْع وَالْأَرَضِينَ السَّبْع , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْء , فَكَيْف تُعَلِّمُونَهُ بِدِينِكُمْ , وَاَلَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْإِيمَان , وَهُوَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَة , فِي سَمَاء وَلَا أَرْض , فَيَخْفَى عَلَيْهِ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ الدِّين .|وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ|يَقُول : وَاَللَّه بِكُلِّ مَا كَانَ , وَمَا هُوَ كَائِن , وَبِمَا يَكُون ذُو عِلْم . وَإِنَّمَا هَذَا تَقَدَّمَ مِنْ اللَّه إِلَى هَؤُلَاءِ الْأَعْرَاب بِالنَّهْيِ , عَنْ أَنْ يَكْذِبُوا وَيَقُولُوا غَيْر الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ فِي دِينهمْ . يَقُول : اللَّه مُحِيط بِكُلِّ شَيْء عَالِم بِهِ , فَاحْذَرُوا أَنْ تَقُولُوا خِلَاف مَا يَعْلَم مِنْ ضَمَائِر صُدُوركُمْ , فَيَنَالكُمْ عُقُوبَته , فَإِنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء .

فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَمُنُّونَ عَلَيْك أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامكُمْ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَمُنّ عَلَيْك هَؤُلَاءِ الْأَعْرَاب يَا مُحَمَّد أَنْ أَسْلَمُوا وَذُكِرَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَعْرَاب مِنْ بَنِي أَسَد , اِمْتَنُّوا عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالُوا : آمَنَّا مِنْ غَيْر قِتَال , وَلَمْ نُقَاتِلك كَمَا قَاتَلَك غَيْرنَا , فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَات : ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24621 -حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي هَذِهِ الْآيَة ( { يَمُنُّونَ عَلَيْك أَنْ أَسْلَمُوا } أَهُمْ بَنُو أَسَد ؟ قَالَ : قَدْ قِيلَ ذَلِكَ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا سَهْل بْن يُوسُف , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , قَالَ : قُلْت لِسَعِيدِ بْن جُبَيْر ( { يَمُنُّونَ عَلَيْك أَنْ أَسْلَمُوا } أَهُمْ بَنُو أَسَد ؟ قَالَ : يَزْعُمُونَ ذَاكَ . )24622 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ حَبِيب ابْن أَبِي عَمْرَة , قَالَ : (كَانَ بِشْر بْن غَالِب وَلَبِيد بْن عُطَارِد , أَوْ بِشْر بْن عُطَارِد , وَلَبِيد بْن غَالِب عِنْد الْحَجَّاج جَالِسَيْنِ , فَقَالَ بِشْر بْن غَالِب لِلَبِيد بْن عُطَارِد : نَزَلَتْ فِي قَوْمك بَنِي تَمِيم { إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَك مِنْ وَرَاء الْحُجُرَات } [49 4 ]فَذَكَرْت ذَلِكَ لِسَعِيدِ بْن جُبَيْر , فَقَالَ : إِنَّهُ لَوْ عَلِمَ بِآخِرِ الْآيَة أَجَابَهُ { يَمُنُّونَ عَلَيْك أَنْ أَسْلَمُوا } قَالُوا أَسْلَمْنَا وَلَمْ تُقَاتِلك بَنُو أَسَد . )24623 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { لَا تَمُنُّوا } أَنَّا أَسْلَمْنَا بِغَيْرِ قِتَال لَمْ نُقَاتِلك كَمَا قَاتَلَك بَنُو فُلَان وَبَنُو فُلَان , فَقَالَ اللَّه لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قُلْ } لَهُمْ { لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامكُمْ بَلْ اللَّه يَمُنّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ } . )24624 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { يَمُنُّونَ عَلَيْك أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامكُمْ } قَالَ : فَهَذِهِ الْآيَات نَزَلَتْ فِي الْأَعْرَاب . )و { أَنْ } فِي قَوْله : { يَمُنُّونَ عَلَيْك أَنْ أَسْلَمُوا } فِي مَوْضِع نَصْب بِوُقُوعِ يَمُنُّونَ عَلَيْهَا , وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه | يَمُنُّونَ عَلَيْك إِسْلَامهمْ | , وَذَلِكَ دَلِيل عَلَى صِحَّة مَا قُلْنَا , وَلَوْ قِيلَ : هِيَ نَصْب بِمَعْنَى : يَمُنُّونَ عَلَيْك لِأَنْ أَسْلَمُوا , لَكَانَ وَجْهًا يُتَّجَه . وَقَالَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة : هِيَ فِي مَوْضِع خَفْض . بِمَعْنَى : لِأَنْ أَسْلَمُوا .|بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ|يَقُول : بَلْ اللَّه يَمُنّ عَلَيْكُمْ أَيّهَا الْقَوْم أَنْ وَفَّقَكُمْ لِلْإِيمَانِ بِهِ وَبِرَسُولِهِ وَأَمَّا { أَنْ } الَّتِي فِي قَوْله : { بَلْ اللَّه يَمُنّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ } فَإِنَّهَا فِي مَوْضِع نَصْب بِسُقُوطِ الصِّلَة لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : بَلْ اللَّه يَمُنّ عَلَيْكُمْ بِأَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ .|إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ|يَقُول : إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فِي قَوْلكُمْ آمَنَّا , فَإِنَّ اللَّه هُوَ الَّذِي مَنَّ عَلَيْكُمْ بِأَنْ هَدَاكُمْ لَهُ , فَلَا تَمُنُّوا عَلَيَّ بِإِسْلَامِكُمْ .

وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه يَعْلَم غَيْب السَّمَاوَات وَالْأَرْض } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّه أَيّهَا الْأَعْرَاب لَا يَخْفَى عَلَيْهِ الصَّادِق مِنْكُمْ مِنْ الْكَاذِب , وَمَنْ الدَّاخِل مِنْكُمْ فِي مِلَّة الْإِسْلَام رَغْبَة فِيهِ , وَمَنْ الدَّاخِل فِيهِ رَهْبَة مِنْ رَسُولنَا مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجُنْده , فَلَا تُعَلِّمُونَا دِينكُمْ وَضَمَائِر صُدُوركُمْ , فَإِنَّ اللَّه يَعْلَم مَا تُكِنّهُ ضَمَائِر صُدُوركُمْ , وَتُحَدِّثُونَ بِهِ أَنْفُسكُمْ , وَيَعْلَم مَا غَابَ عَنْكُمْ , فَاسْتَسَرَّ فِي خَبَايَا السَّمَوَات وَالْأَرْض , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْ ذَلِكَ|وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ|يَقُول : وَاَللَّه ذُو بَصِيرَة بِأَعْمَالِكُمْ الَّتِي تَعْمَلُونَهَا , أَجَهْرًا تَعْمَلُونَ أَمْ سِرًّا , طَاعَة تَعْمَلُونَ أَوْ مَعْصِيَة ؟ وَهُوَ مُجَازِيكُمْ عَلَى جَمِيع ذَلِكَ , إِنْ خَيْرًا فَخَيْر , وَإِنْ شَرًّا فَشَرّ وَكُفْؤُهُ .

كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ

اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي قَوْله : { ق } , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ اِسْم مِنْ أَسْمَاء اللَّه تَعَالَى أُقْسِمَ بِهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24625 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن دَاوُد , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : ( { ق - وَ - ن } وَأَشْبَاه هَذَا , فَإِنَّهُ قَسَم أَقْسَمَهُ اللَّه , وَهُوَ اِسْم مِنْ أَسْمَاء اللَّه . )وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ اِسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24626 -حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله ( { ق } قَالَ : اِسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن . )وَقَالَ آخَرُونَ : { ق } اِسْم الْجَبَل الْمُحِيط بِالْأَرْضِ , وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَاننَا فِي تَأْوِيل حُرُوف الْمُعْجَم الَّتِي فِي أَوَائِل سُوَر الْقُرْآن بِمَا فِيهِ الْكِفَايَة عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع .|وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ|وَقَوْله : { وَالْقُرْآن الْمَجِيد } يَقُول : وَالْقُرْآن الْكَرِيم . كَمَا : 24627 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن يَمَان , عَنْ أَشْعَث بْن إِسْحَاق , عَنْ جَعْفَر ابْن أَبِي الْمُغِيرَة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر ( { ق وَالْقُرْآن الْمَجِيد } قَالَ : الْكَرِيم. )وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي مَوْضِع جَوَاب هَذَا الْقَسَم , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة { ق وَالْقُرْآن الْمَجِيد } قَسَم عَلَى قَوْله : { قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُص الْأَرْض مِنْهُمْ } [50 4 ]وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي أَهْل الْكُوفَة : فِيهَا الْمَعْنَى الَّذِي أَقْسَمَ بِهِ , وَقَالَ : ذُكِرَ أَنَّهَا قَضَى وَاَللَّه , وَقَالَ : يُقَال : إِنَّ قَاف جَبَل مُحِيط بِالْأَرْضِ , فَإِنْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَكَأَنَّهُ فِي مَوْضِع رَفْع : أَيْ هُوَ قَاف وَاَللَّه ; قَالَ : وَكَانَ يَنْبَغِي لِرَفْعِهِ أَنْ يَظْهَر لِأَنَّهُ اِسْم وَلَيْسَ بِهِجَاءٍ ; قَالَ : وَلَعَلَّ الْقَاف وَحْدهَا ذُكِرَتْ مِنْ اِسْمه , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>قُلْت لَهَا قِفِي لَنَا قَالَتْ قَاف <br>ذُكِرَتْ الْقَاف إِرَادَة الْقَاف مِنْ الْوَقْف : أَيْ إِنِّي وَاقِفَة . وَهَذَا الْقَوْل الثَّانِي عِنْدنَا أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِالصَّوَابِ ; لِأَنَّهُ لَا يُعْرَف فِي أَجْوِبَة الْأَيْمَان قَدْ , وَإِنَّمَا تُجَاب الْأَيْمَان إِذَا أُجِيبَتْ بِأَحَدِ الْحُرُوف الْأَرْبَعَة : اللَّام , وَإِنَّ , وَمَا , وَلَا , أَوْ بِتَرْكِ جَوَابهَا فَيَكُون سَاقِطًا .

فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ

وَقَوْله : { بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِر مِنْهُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَذَّبَك يَا مُحَمَّد مُشْرِكُو قَوْمك أَنْ لَا يَكُونُوا عَالِمِينَ بِأَنَّك صَادِق مُحِقّ , وَلَكِنَّهُمْ كَذَّبُوك تَعَجُّبًا مِنْ أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِر يُنْذِرهُمْ عِقَاب اللَّه مِنْهُمْ , يَعْنِي بَشَرًا مِنْهُمْ مِنْ بَنِي آدَم , وَلَمْ يَأْتِهِمْ مَلَك بِرِسَالَةٍ مِنْ عِنْد اللَّه .|فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ|وَقَوْله : { فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْء عَجِيب } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَقَالَ الْمُكَذِّبُونَ بِاَللَّهِ وَرَسُوله مِنْ قُرَيْش إِذْ جَاءَهُمْ مُنْذِر مِنْهُمْ { هَذَا شَيْء عَجِيب } : أَيْ مَجِيء رَجُل مِنَّا مِنْ بَنِي آدَم بِرِسَالَةِ اللَّه إِلَيْنَا , { هَلَّا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَك فَيَكُون مَعَهُ نَذِيرًا } [25 7]

أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْع بَعِيد } </subtitle>يَقُول الْقَائِل : لَمْ يَجْرِ لِلْبَعْثِ ذِكْر , فَيُخْبِر عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْم بِكُفْرِهِمْ مَا دَعَوْا إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ , فَمَا وَجْه الْخَبَر عَنْهُمْ بِإِنْكَارِهِمْ مَا لَمْ يَدْعُوا إِلَيْهِ , وَجَوَابهمْ عَمَّا لَمْ يَسْأَلُوا عَنْهُ . قِيلَ : قَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي ذَلِكَ , فَنَذْكُر مَا قَالُوا فِي ذَلِكَ , ثُمَّ نُتْبِعهُ الْبَيَان إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى , فَقَالَ فِي ذَلِكَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة قَالَ : { أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْع بَعِيد } , لَمْ يَذْكُر أَنَّهُ رَاجِع , وَذَلِكَ وَاَللَّه أَعْلَم لِأَنَّهُ كَانَ عَلَى جَوَاب , كَأَنَّهُ قِيلَ لَهُمْ : إِنَّكُمْ تَرْجِعُونَ , فَقَالُوا : { أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْع بَعِيد } وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة قَوْله : { أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا } كَلَام لَمْ يَظْهَر قَبْله , مَا يَكُون هَذَا جَوَابًا لَهُ , وَلَكِنْ مَعْنَاهُ مُضْمَر , إِنَّمَا كَانَ وَاَللَّه أَعْلَم : { ق وَالْقُرْآن الْمَجِيد } لَتُبْعَثُنَّ بَعْد الْمَوْت , فَقَالُوا : أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا بُعِثْنَا ؟ جَحَدُوا الْبَعْث , ثُمَّ قَالُوا : { ذَلِكَ رَجْع بَعِيد } جَحَدُوهُ أَصْلًا , قَوْله : { بَعِيد } كَمَا تَقُول لِلرَّجُلِ يُخْطِئ فِي الْمَسْأَلَة , لَقَدْ ذَهَبْت مَذْهَبًا بَعِيدًا مِنْ الصَّوَاب : أَيْ أَخْطَأْت . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا , أَنَّ فِي هَذَا الْكَلَام مَتْرُوكًا اُسْتُغْنِيَ بِدَلَالَةِ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ مِنْ ذِكْره , وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه دَلَّ بِخَبَرِهِ عَنْ تَكْذِيب هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ اِبْتَدَأَ هَذِهِ السُّورَة بِالْخَبَرِ عَنْ تَكْذِيبهمْ رَسُوله مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ : { بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِر مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْء عَجِيب } عَلَى وَعِيده إِيَّاهُمْ عَلَى تَكْذِيبهمْ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُمْ : إِذْ قَالُوا مُنْكِرِينَ رِسَالَة اللَّه رَسُوله مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { هَذَا شَيْء عَجِيب } سَتَعْلَمُونَ أَيّهَا الْقَوْم إِذَا أَنْتُمْ بُعِثْتُمْ يَوْم الْقِيَامَة مَا يَكُون حَالكُمْ فِي تَكْذِيبكُمْ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَإِنْكَاركُمْ نُبُوَّته , فَقَالُوا مُجِيبِينَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . { أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا } نَعْلَم ذَلِكَ , وَنَرَى مَا تَعِدنَا عَلَى تَكْذِيبك { ذَلِكَ رَجْع بَعِيد } : أَيْ أَنَّ ذَلِكَ غَيْر كَائِن , وَلَسْنَا رَاجِعِينَ أَحْيَاء بَعْد مَمَاتنَا , فَاسْتُغْنِيَ بِدَلَالَةِ قَوْله : { بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِر مِنْهُمْ } فَقَالَ الْكَافِرُونَ { هَذَا شَيْء عَجِيب } مِنْ ذِكْر مَا ذَكَرْت مِنْ الْخَبَر عَنْ وَعِيدهمْ . وَفِيمَا : 24628 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْع بَعِيد } قَالُوا : كَيْف يُحْيِينَا اللَّه , وَقَدْ صِرْنَا عِظَامًا وَرُفَاتًا , وَضَلَلْنَا فِي الْأَرْض , دَلَالَة عَلَى صِحَّة مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّهُمْ أَنْكَرُوا الْبَعْث إِذَا تَوَعَّدُوا بِهِ .)

سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ

وَقَوْله : { قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُص الْأَرْض مِنْهُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَدْ عَلِمْنَا مَا تَأْكُل الْأَرْض مِنْ أَجْسَامهمْ بَعْد مَمَاتهمْ , وَعِنْدنَا كِتَاب بِمَا تَأْكُل الْأَرْض وَتُفْنِي مِنْ أَجْسَامهمْ , وَلَهُمْ كِتَاب مَكْتُوب مَعَ عِلْمنَا بِذَلِكَ , حَافِظ لِذَلِكَ كُلّه , وَسَمَّاهُ اللَّه تَعَالَى حَفِيظًا ; لِأَنَّهُ لَا يُدْرَس مَا كُتِبَ فِيهِ , وَلَا يَتَغَيَّر وَلَا يَتَبَدَّل. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24629 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُص الْأَرْض مِنْهُمْ } يَقُول : مَا تَأْكُل الْأَرْض مِنْ لُحُومهمْ وَأَبْشَارهمْ وَعِظَامهمْ وَأَشْعَارهمْ . )24630 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { مَا تَنْقُص الْأَرْض مِنْهُمْ } قَالَ : مِنْ عِظَامهمْ . )24631 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُص الْأَرْض مِنْهُمْ } يَقُول : مَا تَأْكُل الْأَرْض مِنْهُمْ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُص الْأَرْض مِنْهُمْ } قَالَ : يَعْنِي الْمَوْت , يَقُول : مَنْ يَمُوت مِنْهُمْ , أَوْ قَالَ : مَا تَأْكُل الْأَرْض مِنْهُمْ إِذَا مَاتُوا . )24632 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , قَالَ اللَّه ( { قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُص الْأَرْض مِنْهُمْ } يَقُول : مَا تَأْكُل الْأَرْض مِنْهُمْ وَنَحْنُ عَالِمُونَ بِهِ , وَهُمْ عِنْدِي مَعَ عِلْمِي فِيهِمْ فِي كِتَاب حَفِيظ .)

إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْر مَرِيج } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَا أَصَابَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ الْقَائِلُونَ { أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْع بَعِيد } فِي قِيلهمْ هَذَا { بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ } , وَهُوَ الْقُرْآن { لَمَّا جَاءَهُمْ } مِنْ اللَّه . كَاَلَّذِي : 24633 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ } أَيْ كَذَّبُوا بِالْقُرْآنِ { فَهُمْ فِي أَمْر مَرِيج } يَقُول : فَهُمْ فِي أَمْر مُخْتَلِط عَلَيْهِمْ مُلْتَبِس , لَا يَعْرِفُونَ حَقّه مِنْ بَاطِله , يُقَال قَدْ مَرَجَ أَمْر النَّاس إِذَا اِخْتَلَطَ وَأُهْمِلَ. )وَقَدْ اِخْتَلَفَتْ عِبَارَات أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيلهَا , وَإِنْ كَانَتْ مُتَقَارِبَات الْمَعَانِي , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهَا : فَهُمْ فِي أَمْر مُنْكَر ; وَقَالَ : الْمَرِيج : هُوَ الشَّيْء الْمُنْكَر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24634 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن خَالِد بْن خِدَاش , قَالَ : ثَنِي سَلَم بْن قُتَيْبَة , عَنْ وَهْب بْن حَبِيب الْآمِدِيّ , عَنْ أَبِي حَمْزَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس (أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْله : { أَمْر مَرِيج } قَالَ : الْمَرِيج : الشَّيْء الْمُنْكَر ; )أَمَا سَمِعْت قَوْل الشَّاعِر : <br>فَجَالَتْ وَالْتَمَسَتْ بِهِ حَشَاهَا .......... فَخَرَّ كَأَنَّهُ خُوط مَرِيج <br>وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : فِي أَمْر مُخْتَلِف . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24635 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله ( { فِي أَمْر مَرِيج } فِي قَوْل : مُخْتَلِف . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَاهُ : فِي أَمْر ضَلَالَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24636 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس ( { فَهُمْ فِي أَمْر مَرِيج } قَالَ : هُمْ فِي أَمْر ضَلَالَة . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَاهُ : فِي أَمْر مُلْتَبِس . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24637 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن يَمَان , عَنْ أَشْعَث بْن إِسْحَاق , عَنْ جَعْفَر ابْن أَبِي الْمُغِيرَة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْله : ( { فَهُمْ فِي أَمْر مَرِيج } قَالَ : مُلْتَبِس . )24638 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { أَمْر مَرِيج } قَالَ : مُلْتَبِس . )24639 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { فَهُمْ فِي أَمْر مَرِيج } مُلْتَبِس عَلَيْهِمْ أَمْره . )24640 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , قَالَ : (وَالْتَبَسَ عَلَيْهِ دِينه . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ الْمُخْتَلِط . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24641 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { فِي أَمْر مَرِيج } قَالَ : الْمَرِيج : الْمُخْتَلِط . )وَإِنَّمَا قُلْت : هَذِهِ الْعِبَارَات وَإِنْ اِخْتَلَفَتْ أَلْفَاظهَا فَهِيَ فِي الْمَعْنَى مُتَقَارِبَات ; لِأَنَّ الشَّيْء مُخْتَلِف مُلْتَبِس , مَعْنَاهُ مُشْكِل . وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ مُنْكَرًا ; لِأَنَّ الْمَعْرُوف وَاضِح بَيِّن , وَإِذَا كَانَ غَيْر مَعْرُوف كَانَ لَا شَكّ ضَلَالَة , لِأَنَّ الْهُدَى بَيِّن لَا لَبْس فِيهِ .

وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ

وَقَوْله : { أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقهمْ كَيْف بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَفَلَمْ يَنْظُر هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبُونَ بِالْبَعْثِ بَعْد الْمَوْت الْمُنْكِرُونَ قُدْرَتنَا عَلَى إِحْيَائِهِمْ بَعْد بَلَائِهِمْ { إِلَى السَّمَاء فَوْقهمْ كَيْف بَنَيْنَاهَا } فَسَوَّيْنَاهَا سَقْفًا مَحْفُوظًا , وَزَيَّنَّاهَا بِالنُّجُومِ|وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ|يَعْنِي : وَمَا لَهَا مِنْ صُدُوع وَفُتُوق . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24642 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { مِنْ فُرُوج } قَالَ : شَقّ. )24643 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوج } قُلْت لَهُ , يَعْنِي اِبْن زَيْد : الْفُرُوج : الشَّيْء الْمُتَبَرِّئ بَعْضه مِنْ بَعْض , قَالَ : نَعَمْ .)

فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالْأَرْض مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِي } </subtitle>وَقَوْله : { وَالْأَرْض مَدَدْنَاهَا } يَقُول : وَالْأَرْض بَسَطْنَاهَا { وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِي } يَقُول : وَجَلَعْنَا فِيهَا جِبَالًا ثَوَابِت , رَسَتْ فِي الْأَرْض ,|وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ|يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَنْبَتْنَا فِي الْأَرْض مِنْ كُلّ نَوْع مِنْ نَبَات حَسَن , وَهُوَ الْبَهِيج . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24644 - حَدَّثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { بَهِيج } يَقُول : حَسَن . )24645 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِي } وَالرَّوَاسِي الْجِبَال { وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلّ زَوْج بَهِيج } : أَيْ مِنْ كُلّ زَوْج حَسَن . )24646 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قُلْت لِابْنِ زَيْد ( { الْبَهِيج } : هُوَ الْحَسَن الْمَنْظَر ؟ قَالَ نَعَمْ ):

فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ

وَقَوْله { تَبْصِرَة } يَقُول : فَعَلْنَا ذَلِكَ تَبْصِرَة لَكُمْ أَيّهَا النَّاس بِنَصْرِكُمْ بِهَا قُدْرَة رَبّكُمْ عَلَى مَا يَشَاء ,|وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ|يَقُول : وَتَذْكِيرًا مِنْ اللَّه عَظَمَته وَسُلْطَانه , وَتَنْبِيهًا عَلَى وَحْدَانِيّته { لِكُلِّ عَبْد مُنِيب } يَقُول : لِكُلِّ عَبْد رَجَعَ إِلَى الْإِيمَان بِاَللَّهِ , وَالْعَمَل بِطَاعَتِهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24647 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : ( { تَبْصِرَة } نِعْمَة مِنْ اللَّه يُبْصِرهَا الْعِبَاد { وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْد مُنِيب } : أَيْ بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّه . )* -حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { تَبْصِرَة وَذِكْرَى } قَالَ : تَبْصِرَة مِنْ اللَّه . )24648 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { تَبْصِرَة } قَالَ : بَصِيرَة . )24649 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ جَابِر , عَنْ عَطَاء وَمُجَاهِد ( { لِكُلِّ عَبْد مُنِيب } قَالَا مُجِيب .)

إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَنَزَّلْنَا مِنْ السَّمَاء مَاء مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّات وَحَبّ الْحَصِيد } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَنَزَّلْنَا مِنْ السَّمَاء مَاء } مَطَرًا مُبَارَكًا , فَأَنْبَتْنَا بِهِ بَسَاتِين أَشْجَارًا , وَحَبّ الزَّرْع الْمَحْصُود مِنْ الْبُرّ وَالشَّعِير , وَسَائِر أَنْوَاع الْحُبُوب . كَمَا : 24650 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَحَبّ الْحَصِيد } هَذَا الْبُرّ وَالشَّعِير . )* - حَدَّثَنِي اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { وَحَبّ الْحَصِيد } قَالَ : هُوَ الْبُرّ وَالشَّعِير . )24651 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { وَحَبّ الْحَصِيد } قَالَ : الْحِنْطَة . )وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة يَقُول فِي قَوْله : { وَحَبّ الْحَصِيد } الْحَبّ هُوَ الْحَصِيد , وَهُوَ مِمَّا أُضِيفَ إِلَى نَفْسه مِثْل قَوْله : { إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقّ الْيَقِين } [56 95 ].

وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ

وَقَوْله : { وَالنَّخْل بَاسِقَات } يَقُول : وَأَنْبَتْنَا بِالْمَاءِ الَّذِي أَنْزَلْنَا مِنْ السَّمَاء النَّخْل طِوَالًا , وَالْبَاسِق : هُوَ الطَّوِيل يُقَال لِلْجَبَلِ الطَّوِيل : جَبَل بَاسِق , كَمَا قَالَ أَبُو نَوْفَل لِابْنِ هُبَيْرَة : <br>يَا ابْن الَّذِينَ بِفَضْلِهِمْ .......... بَسَقَتْ عَلَى قَيْس فَزَارَهْ <br>وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24652 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { بَاسِقَات } يَقُول : طِوَال . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله ( { وَالنَّخْل بَاسِقَات } قَالَ : النَّخْل الطِّوَال . )24653 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , عَنْ إِسْمَاعِيل ابْن أَبِي خَالِد , عَنْ عَبْد اللَّه بْن شَدَّاد فِي قَوْله : ( { وَالنَّخْل بَاسِقَات } قَالَ : بِسُوقِهَا : طُولهَا فِي إِقَامَة . )24654 - حَدَّثَنَا هَنَّاد , قَالَ : ثَنَا أَبُو الْأَحْوَص , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : ( { وَالنَّخْل بَاسِقَات } الْبَاسِقَات : الطِّوَال )24655 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { بَاسِقَات } قَالَ : الطِّوَال . )24656 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَالنَّخْل بَاسِقَات } قَالَ : بِسُوقِهَا طُولهَا . )* -حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { وَالنَّخْل بَاسِقَات } قَالَ : يَعْنِي طُولهَا . )24657 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله ( { وَالنَّخْل بَاسِقَات } قَالَ : الْبُسُوق : الطُّول .)|لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ|وَقَوْله : { لَهَا طَلْع نَضِيد } يَقُول : لِهَذَا النَّخْل الْبَاسِقَات طَلْع وَهُوَ الْكُفُرَّى , نَضِيد : يَقُول : مَنْضُود بَعْضه عَلَى بَعْض مُتَرَاكِب . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24658 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس ( { لَهَا طَلْع نَضِيد } قَالَ : يَقُول بَعْضه عَلَى بَعْض . )24659 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , لَهَا : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { نَضِيد } قَالَ : الْمُنَضَّد . 24660 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { لَهَا طَلْع نَضِيد } يَقُول : بَعْضه عَلَى بَعْض . )* -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { لَهَا طَلْع نَضِيد } يُنَضَّد بَعْضه عَلَى بَعْض .

كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ

وَقَوْله : { رِزْقًا لِلْعِبَادِ } يَقُول : أَنْبَتْنَا بِهَذَا الْمَاء الَّذِي أَنْزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاء هَذِهِ الْجَنَّات , وَالْحَبّ وَالنَّخْل قُوتًا لِلْعِبَادِ , بَعْضهَا غِذَاء , وَبَعْضهَا فَاكِهَة وَمَتَاعًا .|وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا|وَقَوْله : { وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَة مَيْتًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَحْيَيْنَا بِهَذَا الْمَاء الَّذِي أَنْزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاء بَلْدَة مَيْتًا قَدْ أَجْدَبَتْ وَقَحَطَتْ , فَلَا زَرْع فِيهَا وَلَا نَبْت .|كَذَلِكَ الْخُرُوجُ|وَقَوْله : { كَذَلِكَ الْخُرُوج } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : كَمَا أَنْبَتْنَا بِهَذَا الْمَاء هَذِهِ الْأَرْض الْمَيْتَة , فَأَحْيَيْنَاهَا بِهِ , فَأَخْرَجْنَا نَبَاتهَا وَزَرْعهَا , كَذَلِكَ نُخْرِجكُمْ يَوْم الْقِيَامَة أَحْيَاء مِنْ قُبُوركُمْ مِنْ بَعْد بَلَائِكُمْ فِيهَا بِمَا يَنْزِل عَلَيْهَا مِنْ الْمَاء .

إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آَلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْم نُوح وَأَصْحَاب الرَّسّ وَثَمُود } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره { كَذَّبَتْ } قَبْل هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كَذَّبُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْمه { قَوْم نُوح وَأَصْحَاب الرَّسّ } وَقَدْ مَضَى ذِكْرنَا قَبْل أَمْر أَصْحَاب الرَّسّ , وَأَنَّهُمْ قَوْم رَسُّوا نَبِيّهمْ فِي بِئْر . 24661 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِي بَكْر , عَنْ عِكْرِمَة بِذَلِكَ . 24662 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { أَصْحَاب الرَّسّ } وَالرَّسّ : بِئْر قُتِلَ فِيهَا صَاحِب يس . )24663 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { أَصْحَاب الرَّسّ } قَالَ : بِئْر . )24664 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَمْرو بْن الْحَارِث , عَنْ سَعِيد ابْن أَبِي هِلَال , عَنْ عَمْرو بْن عَبْد اللَّه , عَنْ قَتَادَة أَنَّهُ قَالَ : (إِنَّ أَصْحَاب الْأَيْكَة , { وَالْأَيْكَة } : الشَّجَر الْمُلْتَفّ , وَأَصْحَاب الرَّسّ كَانَتَا أُمَّتَيْنِ , فَبَعَثَ اللَّه إِلَيْهِمْ نَبِيًّا وَاحِدًا شُعَيْبًا , وَعَذَّبَهُمَا اللَّه بِعَذَابَيْنِ)

نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ

مَضَى خَبَرهمْ قَبْل ذَلِكَ

وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ

{ وَأَصْحَاب الْأَيْكَة } وَهُمْ قَوْم شُعَيْب , وَقَدْ مَضَى خَبَرهمْ قَبْل .|وَقَوْمُ تُبَّعٍ|وَكَانَ قَوْم تُبَّع أَهْل أَوْثَان يَعْبُدُونَهَا , فِيمَا : 24665 - حَدَّثَنَا بِهِ اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق . وَكَانَ مِنْ خَبَره وَخَبَر قَوْمه مَا : 24666 - حَدَّثَنَا بِهِ مُجَاهِد بْن مُوسَى , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا عِمْرَان بْن حُدَيْر , عَنْ أَبِي مِجْلَز , عَنْ اِبْن عَبَّاس , أَنَّهُ سَأَلَ عَبْد اللَّه بْن سَلَام , (عَنْ تُبَّع مَا كَانَ ؟ فَقَالَ : )إِنَّ تُبَّعًا كَانَ رَجُلًا مِنْ الْعَرَب , وَإِنَّهُ ظَهَرَ عَلَى النَّاس , فَاخْتَارَ فِتْيَة مِنْ الْأَخْيَار فَاِسْتَبْطَنَهُمْ وَاِسْتَدْخَلَهُمْ , حَتَّى أَخَذَ مِنْهُمْ وَبَايَعَهُمْ , وَإِنَّ قَوْمه اِسْتَكْبَرُوا ذَلِكَ وَقَالُوا : قَدْ تَرَكَ دِينكُمْ , وَبَايَعَ الْفِتْيَة ; فَلَمَّا فَشَا ذَلِكَ , قَالَ لِلْفِتْيَةِ , فَقَالَ الْفِتْيَة : بَيْننَا وَبَيْنهمْ النَّار تُحْرِق الْكَاذِب , وَيَنْجُو مِنْهَا الصَّادِق , فَفَعَلُوا , فَعَلَّقَ الْفِتْيَة مَصَاحِفهمْ فِي أَعْنَاقهمْ , ثُمَّ غَدَوْا إِلَى النَّار , فَلَمَّا ذَهَبُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا , سَفَعَتْ النَّار فِي وُجُوههمْ , فَنَكَصُوا عَنْهَا , فَقَالَ لَهُمْ تُبَّع : لِتَدْخُلُنَّهَا ; فَلَمَّا دَخَلُوهَا أُفْرِجَتْ عَنْهُمْ حَتَّى قَطَعُوهَا , وَأَنَّهُ قَالَ لِقَوْمِهِ اُدْخُلُوهَا ; فَلَمَّا ذَهَبُوا يَدْخُلُونَهَا سَفَعَتْ النَّار وُجُوههمْ , فَنَكَصُوا عَنْهَا , فَقَالَ لَهُمْ تُبَّع : لِتَدْخُلُنَّهَا , فَلَمَّا دَخَلُوهَا أُفْرِجَتْ عَنْهُمْ , حَتَّى إِذَا تَوَسَّطُوا أَحَاطَتْ بِهِمْ , فَأَحْرَقَتْهُمْ , فَأَسْلَمَ تُبَّع , وَكَانَ تُبَّع رَجُلًا صَالِحًا . (24667 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ أَبِي مَالِك ابْن ثَعْلَبَة ابْن أَبِي مَالِك الْقُرَظِيّ , قَالَ : سَمِعْت إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد الْقُرَظِيّ , قَالَ : سَمِعْت إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن طَلْحَة بْن عَبْد اللَّه يُحَدِّث )أَنَّ تُبَّعًا لَمَّا دَنَا مِنْ الْيَمَن لِيَدْخُلهَا , حَالَتْ حِمْيَر بَيْنه وَبَيْن ذَلِكَ , وَقَالُوا لَا تَدْخُلهَا عَلَيْنَا , وَقَدْ فَارَقْت دِيننَا فَدَعَاهُمْ إِلَى دِينه , وَقَالَ : إِنَّهُ دِين خَيْر مِنْ دِينكُمْ , قَالُوا : فَحَاكِمْنَا إِلَى النَّار , قَالَ نَعَمْ , قَالَ : وَكَانَتْ فِي الْيَمَن فِيمَا يَزْعُم أَهْل الْيَمَن نَار تَحْكُم فِيمَا بَيْنهمْ فِيمَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ , تَأْكُل الظَّالِم وَلَا تَضُرّ الْمَظْلُوم , فَلَمَّا قَالُوا ذَلِكَ لِتُبَّعٍ , قَالَ : أَنْصَفْتُمْ , فَخَرَجَ قَوْمه بِأَوْثَانِهِمْ , وَمَا يَتَقَرَّبُونَ بِهِ فِي دِينهمْ قَالَ : وَخَرَجَ الْحَبْرَان بِمَصَاحِفِهِمَا فِي أَعْنَاقهمَا مُتَقَلِّدِيهِمَا , حَتَّى قَعَدُوا لِلنَّارِ عِنْد مَخْرَجهَا الَّتِي تَخْرُج مِنْهُ , فَخَرَجَتْ النَّار إِلَيْهِمْ , فَلَمَّا أَقْبَلَتْ نَحْوهمْ حَادُوا عَنْهَا وَهَابُوهَا , فَرَمَوْهُمْ مَنْ حَضَرَهُمْ مِنْ النَّاس . وَأَمَرُوهُمْ بِالصَّبْرِ لَهَا , فَصَبَرُوا حَتَّى غَشِيَتْهُمْ فَأَكَلَتْ الْأَوْثَان وَمَا قَرَّبُوا مَعَهَا , وَمَنْ حَمَلَ ذَلِكَ مِنْ رِجَال حِمْيَر وَخَرَجَ الْحَبْرَان بِمَصَاحِفِهِمَا فِي أَعْنَاقهمَا , تَعْرَق جِبَاههمَا لَمْ تَضُرّهُمَا , فَأَطْبَقَتْ حِمْيَر , عِنْد ذَلِكَ عَلَى دِينه , فَمِنْ هُنَالِكَ وَغَيْر ذَلِكَ كَانَ أَصْل الْيَهُودِيَّة بِالْيَمَنِ . (24668 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق عَنْ بَعْض أَصْحَابه )أَنَّ الْحَبْرَيْنِ , وَمَنْ خَرَجَ مَعَهُمَا مِنْ حِمْيَر , إِنَّمَا اِتَّبَعُوا النَّار لِيَرُدُّوهَا , وَقَالُوا : مَنْ رَدَّهَا فَهُوَ أَوْلَى بِالْحَقِّ فَدَنَا مِنْهُمْ رِجَال مِنْ حِمْيَر بِأَوْثَانِهِمْ لِيَرُدُّوهَا , فَدَنَتْ مِنْهُمْ لِتَأْكُلهُمْ , فَحَادُوا فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا رَدّهَا . وَدَنَا مِنْهَا الْحَبْرَان بَعْد ذَلِكَ وَجَعَلَا يَتْلُوَانِ التَّوْرَاة , وَتَنْكُص حَتَّى رَدَّاهَا إِلَى مَخْرَجهَا الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ . فَأَطْبَقَتْ عِنْد ذَلِكَ عَلَى دِينهمَا , وَكَانَ رِئَام بَيْتًا لَهُمْ يُعَظِّمُونَهُ , وَيَنْحَرُونَ عِنْده , وَيُكَلِّمُونَ مِنْهُ , إِذْ كَانُوا عَلَى شِرْكهمْ , فَقَالَ الْحَبْرَان لِتُبَّعٍ إِنَّمَا هُوَ شَيْطَان يُعِينهُمْ وَيَلْعَب بِهِمْ , فَخَلِّ بَيْننَا وَبَيْنه , قَالَ : فَشَأْنكُمَا بِهِ فَاسْتَخْرَجَا مِنْهُ فِيمَا يَزْعُم أَهْل الْيَمَن كَلْبًا أَسْوَد , فَذَبَحَاهُ , ثُمَّ هَدَمَا ذَلِكَ الْبَيْت , فَبَقَايَاهُ الْيَوْم بِالْيَمَنِ كَمَا ذُكِرَ لِي . (24669 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن لَهِيعَة , عَنْ عَمْرو بْن جَابِر الْخَضْرَمِيّ , حَدَّثَهُ قَالَ : سَمِعْت سَهْل بْن سَعْد السَّاعِدِيّ , يُحَدِّث عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ ( لَا تَلْعَنُوا تُبَّعًا فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ أَسْلَمَ . )24670 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي اِبْن لَهِيعَة , عَنْ الْحَارِث بْن يَزِيد أَنَّ شُعَيْب بْن زُرْعَة الْمَعَافِرِيّ , حَدَّثَهُ , قَالَ : سَمِعْت عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاص وَقَالَ لَهُ رَجُل : إِنَّ حِمْيَر تَزْعُم أَنَّ تُبَّعًا مِنْهُمْ , فَقَالَ : نَعَمْ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ , وَإِنَّهُ فِي الْعَرَب كَالْأَنْفِ بَيْن الْعَيْنَيْنِ . وَقَدْ كَانَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ مَلِكًا .)|كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ|وَقَوْله : { كُلّ كَذَّبَ الرُّسُل } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : كُلّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ كَذَّبُوا رُسُل اللَّه الَّذِينَ أَرْسَلَهُمْ .|فَحَقَّ وَعِيدِ|يَقُول : فَوَجَبَ لَهُمْ الْوَعِيد الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ عَلَى كُفْرهمْ بِاَللَّهِ , وَحَلَّ بِهِمْ الْعَذَاب وَالنِّقْمَة . وَإِنَّمَا وَصَفَ رَبّنَا جَلَّ ثَنَاؤُهُ مَا وَصَفَ فِي هَذِهِ الْآيَة مِنْ إِحْلَاله عُقُوبَته بِهَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ الرُّسُل تَرْهِيبًا مِنْهُ بِذَلِكَ مُشْرِكِي قُرَيْش وَإِعْلَامًا مِنْهُ لَهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ لَمْ يُنِيبُوا مِنْ تَكْذِيبهمْ رَسُوله مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ مُحِلّ بِهِمْ مِنْ الْعَذَاب , مِثْل الَّذِي أَحَلَّ بِهِمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24671 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { فَحَقّ وَعِيد } قَالَ : مَا أُهْلِكُوا بِهِ تَخْوِيفًا لِهَؤُلَاءِ .)

وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّل } </subtitle>وَهَذَا تَقْرِيع مِنْ اللَّه لِمُشْرِكِي قُرَيْش الَّذِينَ قَالُوا : { أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْع بَعِيد } [50 3 ]يَقُول لَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : أَفَعَيِينَا بِابْتِدَاعِ الْخَلْق الْأَوَّل الَّذِي خَلَقْنَاهُ , وَلَمْ يَكُنْ شَيْئًا فَنَعْيَا بِإِعَادَتِهِمْ خَلْقًا جَدِيدًا بَعْد بَلَائِهِمْ فِي التُّرَاب , وَبَعْد فَنَائِهِمْ ; يَقُول : لَيْسَ يُعْيِينَا ذَلِكَ , بَلْ نَحْنُ عَلَيْهِ قَادِرُونَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24672 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّل } يَقُول : لَمْ يُعْيِينَا الْخَلْق الْأَوَّل . )24673 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّل } يَقُول : أَفَعَيِيَ عَلَيْنَا حِين أَنْشَأْنَاكُمْ خَلْقًا جَدِيدًا , فَتَمْتَرُوا بِالْبَعْثِ . )24674 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ أَبِي مَيْسَرَة ( { أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّل } قَالَ : إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ .)|بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ|وَقَوْله : { بَلْ هُمْ فِي لَبْس مِنْ خَلْق جَدِيد } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَا يَشُكّ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ الْمُكَذِّبُونَ بِالْبَعْثِ أَنَّا لَمْ نَعْيَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّل , وَلَكِنَّهُمْ فِي شَكّ مِنْ قُدْرَتنَا عَلَى أَنْ نَخْلُقهُمْ خَلْقًا جَدِيدًا بَعْد فَنَائِهِمْ , وَبَلَائِهِمْ فِي قُبُورهمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24675 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { بَلْ هُمْ فِي لَبْس مِنْ خَلْق جَدِيد } يَقُول : فِي شَكّ مِنْ الْبَعْث . )24676 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ أَبِي مَيْسَرَة ( { بَلْ هُمْ فِي لَبْس } قَالَ : الْكُفَّار { مِنْ خَلْق جَدِيد } قَالَ : أَنْ يُخْلَقُوا مِنْ بَعْد الْمَوْت )24677 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله ( { بَلْ هُمْ فِي لَبْس } : أَيْ شَكّ وَالْخَلْق الْجَدِيد : الْبَعْث بَعْد الْمَوْت , فَصَارَ النَّاس فِيهِ رَجُلَيْنِ : مُكَذِّب , وَمُصَدِّق. )* - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله ( { فِي لَبْس مِنْ خَلْق جَدِيد } قَالَ : الْبَعْث مِنْ بَعْد الْمَوْت .)

وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ

وَقَوْله : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَان وَنَعْلَم مَا تُوَسْوِس بِهِ نَفْسه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَان وَنَعْلَم مَا تُحَدِّث بِهِ نَفْسه , فَلَا يَخْفَى عَلَيْنَا سَرَائِره وَضَمَائِر قَلْبه|وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ|يَقُول : وَنَحْنُ أَقْرَب لِلْإِنْسَانِ مِنْ حَبْل الْعَاتِق ; وَالْوَرِيد : عِرْق بَيْن الْحُلْقُوم وَالْعِلْبَاوَيْنِ , وَالْحَبْل : هُوَ الْوَرِيد , فَأُضِيفَ إِلَى نَفْسه لِاخْتِلَافِ لَفْظ اِسْمَيْهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24678 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَنَحْنُ أَقْرَب إِلَيْهِ مِنْ حَبْل الْوَرِيد } يَقُول : عِرْق الْعُنُق . )24679 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { حَبْل الْوَرِيد } قَالَ : الَّذِي يَكُون فِي الْحَلْق . )وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي مَعْنَى قَوْله : { وَنَحْنُ أَقْرَب إِلَيْهِ مِنْ حَبْل الْوَرِيد } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : نَحْنُ أَمْلَك بِهِ , وَأَقْرَب إِلَيْهِ فِي الْمَقْدِرَة عَلَيْهِ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : { وَنَحْنُ أَقْرَب إِلَيْهِ مِنْ حَبْل الْوَرِيد } بِالْعِلْمِ بِمَا تُوَسْوِس بِهِ نَفْسه .

فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنْ الْيَمِين وَعَنْ الشِّمَال قَعِيد } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَنَحْنُ أَقْرَب إِلَى الْإِنْسَان مِنْ وَرِيد حَلْقه , حِين يَتَلَقَّى الْمَلَكَانِ , وَهُمَا الْمُتَلَقِّيَانِ { عَنْ الْيَمِين وَعَنْ الشِّمَال قَعِيد } وَقِيلَ : عُنِيَ بِالْقَعِيدِ : الرَّصَد . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24680 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { قَعِيد } قَالَ : رَصَد . )وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه تَوْحِيد قَعِيد , وَقَدْ ذُكِرَ مِنْ قَبْل مُتَلَقِّيَانِ , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : قِيلَ : { عَنْ الْيَمِين وَعَنْ الشِّمَال قَعِيد } وَلَمْ يَقُلْ : عَنْ الْيَمِين قَعِيد , وَعَنْ الشِّمَال قَعِيد , أَيْ أَحَدهمَا , ثُمَّ اِسْتَغْنَى , كَمَا قَالَ : { نُخْرِجكُمْ طِفْلًا } [22 5 ]ثُمَّ اِسْتَغْنَى بِالْوَاحِدِ عَنْ الْجَمْع , كَمَا قَالَ : { فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْء مِنْهُ نَفْسًا } [4 4 ]. وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة { قَعِيد } يُرِيد : قُعُودًا عَنْ الْيَمِين وَعَنْ الشِّمَال , فَجَعَلَ فَعِيل جَمْعًا , كَمَا يُجْعَل الرَّسُول لِلْقَوْمِ وَلِلِاثْنَيْنِ , قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { إِنَّا رَسُول رَبّ الْعَالَمِينَ } [26 16 ]لِمُوسَى وَأَخِيهِ , وَقَالَ الشَّاعِر : <br>أَلِكْنِي إِلَيْهَا وَخَيْر الرَّسُول .......... أَعْلَمهُمْ بِنَوَاحِي الْخَبَر <br>فَجَعَلَ الرَّسُول لِلْجَمْعِ , فَهَذَا وَجْه وَإِنْ شِئْت جَعَلْت الْقَعِيد وَاحِدًا اِكْتِفَاء بِهِ مِنْ صَاحِبه , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>نَحْنُ بِمَا عِنْدنَا وَأَنْتَ بِمَا .......... عِنْدك رَاضٍ وَالرَّأْي مُخْتَلِف <br>وَمِنْهُ قَوْل الْفَرَزْدَق : <br>إِنِّي ضَمِنْت لِمَنْ أَتَانِي مَا جَنَى .......... وَأَبِي فَكَانَ وَكُنْت غَيْر غَدُور <br>وَلَمْ يَقُلْ : غَدُورَيْنِ .

وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ

وَقَوْله : { مَا يَلْفِظ مِنْ قَوْل إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيب عَتِيد } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَا يَلْفِظ الْإِنْسَان مِنْ قَوْل فَيَتَكَلَّم بِهِ , إِلَّا عِنْدَمَا يَلْفِظ بِهِ مِنْ قَوْل رَقِيب عَتِيد , يَعْنِي حَافِظ يَحْفَظهُ , عَتِيد مُعَدّ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24681 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد ( { عَنْ الْيَمِين وَعَنْ الشِّمَال قَعِيد } قَالَ : عَنْ الْيَمِين الَّذِي يَكْتُب الْحَسَنَات , وَعَنْ الشِّمَال الَّذِي يَكْتُب السَّيِّئَات . )24682 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ , فِي قَوْله : ( { إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنْ الْيَمِين وَعَنْ الشِّمَال قَعِيد } قَالَ : صَاحِب الْيَمِين أَمِير أَوْ أَمِين عَلَى صَاحِب الشِّمَال , فَإِذَا عَمِلَ الْعَبْد سَيِّئَة قَالَ صَاحِب الْيَمِين لِصَاحِبِ الشِّمَال : أَمْسِكْ لَعَلَّهُ يَتُوب . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا حَكَّام , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد ( { إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنْ الْيَمِين وَعَنْ الشِّمَال قَعِيد } قَالَ مَلَك عَنْ يَمِينه , وَآخَر عَنْ يَسَاره , فَأَمَّا الَّذِي عَنْ يَمِينه فَيَكْتُب الْخَيْر , وَأَمَّا الَّذِي عَنْ شِمَاله فَيَكْتُب الشَّرّ . )قَالَ * - ثَنَا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (مَعَ كُلّ إِنْسَان مَلَكَانِ : مَلَك عَنْ يَمِينه , وَمَلَك عَنْ يَسَاره ; قَالَ : فَأَمَّا الَّذِي عَنْ يَمِينه , فَيَكْتُب الْخَيْر , وَأَمَّا الَّذِي عَنْ يَسَاره فَيَكْتُب الشَّرّ . )24683 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَان وَنَعْلَم مَا تُوَسْوِس بِهِ نَفْسه } . .. إِلَى { عَتِيد } قَالَ : جَعَلَ اللَّه عَلَى اِبْن آدَم حَافِظَيْنِ فِي اللَّيْل , وَحَافِظَيْنِ فِي النَّهَار , يَحْفَظَانِ عَلَيْهِ عَمَله , وَيَكْتُبَانِ أَثَره . )24684 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنْ الْيَمِين وَعَنْ الشِّمَال قَعِيد } , حَتَّى بَلَغَ { عَتِيد } قَالَ الْحَسَن وقَتَادَة { مَا يَلْفِظ مِنْ قَوْل } أَيْ مَا يَتَكَلَّم بِهِ مِنْ شَيْء إِلَّا كُتِبَ عَلَيْهِ . وَكَانَ عِكْرِمَة يَقُول : إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْخَيْر وَالشَّرّ يُكْتَبَانِ عَلَيْهِ . )24685 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : تَلَا الْحَسَن ( { عَنْ الْيَمِين وَعَنْ الشِّمَال قَعِيد } قَالَ : فَقَالَ : يَا اِبْن آدَم بَسَطْت لَك صَحِيفَة , وَوُكِّلَ بِك مَلَكَانِ كَرِيمَانِ , أَحَدهمَا عَنْ يَمِينك , وَالْآخَر عَنْ شِمَالك ; فَأَمَّا الَّذِي عَنْ يَمِينك فَيَحْفَظ حَسَنَاتك ; وَأَمَّا الَّذِي عَنْ شِمَالك فَيَحْفَظ سَيِّئَاتك , فَاعْمَلْ بِمَا شِئْت أَقْلِلْ أَوْ أَكْثِرْ , حَتَّى إِذَا مُتّ طُوِيَتْ صَحِيفَتك , فَجُعِلَتْ فِي عُنُقك مَعَك فِي قَبْرك , حَتَّى تَخْرُج يَوْم الْقِيَامَة , فَعِنْد ذَلِكَ يَقُول : { وَكُلّ إِنْسَان أَلْزَمْنَاهُ طَائِره فِي عُنُقه } . .. [17 13 ]حَتَّى بَلَغَ { حَسِيبًا } [17 14 ]عَدَلَ وَاَللَّه عَلَيْك مَنْ جَعَلَك حَسِيب نَفْسك . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد ( { عَنْ الْيَمِين وَعَنْ الشِّمَال قَعِيد } قَالَ : كَاتِب الْحَسَنَات عَنْ يَمِينه , وَكَاتِب السَّيِّئَات عَنْ شِمَاله . )24686 - قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , قَالَ : (بَلَغَنِي أَنَّ كَاتِب الْحَسَنَات أَمِير عَلَى كَاتِب السَّيِّئَات , فَإِذَا أَذْنَبَ قَالَ لَهُ . لَا تَعْجَل لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِر . )24687 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { مَا يَلْفِظ مِنْ قَوْل إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيب عَتِيد } قَالَ : جُعِلَ مَعَهُ مَنْ يَكْتُب كُلّ مَا لَفَظَ بِهِ , وَهُوَ مَعَهُ رَقِيب . )24688 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرو بْن الْحَارِث , عَنْ هِشَام الْحِمْصِيّ , أَنَّهُ بَلَغَهُ (أَنَّ الرَّجُل إِذَا عَمِلَ سَيِّئَة قَالَ كَاتِب الْيَمِين لِصَاحِبِ الشِّمَال : اُكْتُبْ , فَيَقُول : لَا بَلْ أَنْتَ اُكْتُبْ , فَيَمْتَنِعَانِ , فَيُنَادِي مُنَادٍ : يَا صَاحِب الشِّمَال اُكْتُبْ مَا تَرَكَ صَاحِب الْيَمِين .)

وَلَقَدْ جَاءَ آَلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَجَاءَتْ سَكْرَة الْمَوْت بِالْحَقِّ } </subtitle>وَجْهَانِ مِنْ التَّأْوِيل , أَحَدهمَا : وَجَاءَتْ سَكْرَة الْمَوْت وَهِيَ شِدَّته وَغَلَبَته عَلَى فَهْم الْإِنْسَان , كَالسَّكْرَةِ مِنْ النَّوْم أَوْ الشَّرَاب بِالْحَقِّ مِنْ أَمْر الْآخِرَة , فَتَبَيَّنَهُ الْإِنْسَان حَتَّى تَثَبَّتَهُ وَعَرَفَهُ . وَالثَّانِي : وَجَاءَتْ سَكْرَة الْمَوْت بِحَقِيقَةِ الْمَوْت . وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ أَبِي بَكْر الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ | وَجَاءَتْ سَكْرَة الْحَقّ بِالْمَوْتِ | . ذِكْر الرِّوَايَة بِذَلِكَ : 24689 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ وَاصِل , عَنْ أَبِي وَائِل , قَالَ : لَمَّا كَانَ أَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يَقْضِي , قَالَتْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا هَذَا , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>إِذَا حَشْرَجَتْ يَوْمًا وَضَاقَ بِهَا الصَّدْر <br>فَقَالَ أَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : لَا تَقُولِي ذَلِكَ , وَلَكِنَّهُ كَمَا قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { وَجَاءَتْ سَكْرَة الْمَوْت بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْت مِنْهُ تَحِيد } . وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي قِرَاءَة اِبْن مَسْعُود . وَلِقِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ كَذَلِكَ مِنْ التَّأْوِيل وَجْهَانِ : أَحَدهمَا : وَجَاءَتْ سَكْرَة اللَّه بِالْمَوْتِ , فَيَكُون الْحَقّ هُوَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره . وَالثَّانِي : أَنْ تَكُون السَّكْرَة هِيَ الْمَوْت أُضِيفَتْ إِلَى نَفْسهَا , كَمَا قِيلَ : { إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقّ الْيَقِين } [56 90 ]. وَيَكُون تَأْوِيل الْكَلَام : وَجَاءَتْ السَّكْرَة الْحَقّ بِالْمَوْتِ .|ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ|وَقَوْله : { ذَلِكَ مَا كُنْت مِنْهُ تَحِيد } يَقُول : هَذِهِ السَّكْرَة الَّتِي جَاءَتْك أَيّهَا الْإِنْسَان بِالْحَقِّ هُوَ الشَّيْء الَّذِي كُنْت تَهْرُب مِنْهُ , وَعَنْهُ تَرُوغ .

كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ

وَقَوْله : { وَنُفِخَ فِي الصُّور } قَدْ تَقَدَّمَ بَيَاننَا عَنْ مَعْنَى الصُّور , وَكَيْف النَّفْخ فِيهِ بِذِكْرِ اِخْتِلَاف الْمُخْتَلِفِينَ . وَاَلَّذِي هُوَ أَوْلَى الْأَقْوَال عِنْدنَا فِيهِ بِالصَّوَابِ , بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع .|ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ|وَقَوْله : { ذَلِكَ يَوْم الْوَعِيد } يَقُول : هَذَا الْيَوْم الَّذِي يُنْفَخ فِيهِ هُوَ يَوْم الْوَعِيد الَّذِي وَعَدَهُ اللَّه الْكُفَّار أَنْ يُعَذِّبهُمْ فِيهِ .

أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَجَاءَتْ كُلّ نَفْس مَعَهَا سَائِق وَشَهِيد } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَجَاءَتْ يَوْم يُنْفَخ فِي الصُّور كُلّ نَفْس رَبّهَا , مَعَهَا سَائِق يَسُوقهَا إِلَى اللَّه , وَشَهِيد يَشْهَد عَلَيْهَا بِمَا عَمِلَتْ فِي الدُّنْيَا مِنْ خَيْر أَوْ شَرّ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24690 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ إِسْمَاعِيل ابْن أَبِي خَالِد , عَنْ يَحْيَى بْن رَافِع مَوْلًى لِثَقِيفٍ , قَالَ : سَمِعْت عُثْمَان بْن عَفَّان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يَخْطُب , فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَة ( { سَائِق وَشَهِيد } قَالَ : سَائِق يَسُوقهَا إِلَى اللَّه , وَشَاهِد يَشْهَد عَلَيْهَا بِمَا عَمِلَتْ . )24691 - قَالَ : ثَنَا حَكَّام , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي عِيسَى , قَالَ : سَمِعْت عُثْمَان بْن عَفَّان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يَخْطُب , فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَة ( { وَجَاءَتْ كُلّ نَفْس مَعَهَا سَائِق وَشَهِيد } قَالَ : السَّائِق يَسُوقهَا إِلَى أَمْر اللَّه , وَالشَّهِيد يَشْهَد عَلَيْهَا بِمَا عَمِلَتْ . )24692 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَجَاءَتْ كُلّ نَفْس مَعَهَا سَائِق وَشَهِيد } قَالَ : السَّائِق مِنْ الْمَلَائِكَة , وَالشَّهِيد : شَاهِد عَلَيْهِ مِنْ نَفْسه . )24693 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ مَهْرَان , عَنْ خُصَيْف , عَنْ مُجَاهِد ( { سَائِق وَشَهِيد } سَائِق يَسُوقهَا إِلَى أَمْر اللَّه , وَشَاهِد يَشْهَد عَلَيْهَا بِمَا عَمِلَتْ . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { سَائِق وَشَهِيد } سَائِق يَسُوقهَا إِلَى أَمْر اللَّه , وَشَاهِد يَشْهَد عَلَيْهَا بِمَا عَمِلَتْ . )24694 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه ( { سَائِق وَشَهِيد } قَالَ : الْمَلَكَانِ : كَاتِب , وَشَهِيد . )24695 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَجَاءَتْ كُلّ نَفْس مَعَهَا سَائِق وَشَهِيد } قَالَ : سَائِق يَسُوقهَا إِلَى رَبّهَا , وَشَاهِد يَشْهَد عَلَيْهَا بِعَمَلِهَا. )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا سُلَيْمَان بْن حَرْب , قَالَ : ثَنَا أَبُو هِلَال , قَالَ : ثَنَا قَتَادَة فِي قَوْله : ( { وَجَاءَتْ كُلّ نَفْس مَعَهَا سَائِق وَشَهِيد } قَالَ : سَائِق يَسُوقهَا إِلَى حِسَابهَا , وَشَاهِد يَشْهَد عَلَيْهَا بِمَا عَمِلَتْ . )24696 -حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن ( { مَعَهَا سَائِق وَشَهِيد } قَالَ : سَائِق يَسُوقهَا , وَشَاهِد يَشْهَد عَلَيْهَا بِعَمَلِهَا . )24697 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس ( { سَائِق وَشَهِيد } قَالَ : سَائِق يَسُوقهَا , وَشَاهِد يَشْهَد عَلَيْهَا بِعَمَلِهَا . )24698 - وَحُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { وَجَاءَتْ كُلّ نَفْس مَعَهَا سَائِق وَشَهِيد } السَّائِق مِنْ الْمَلَائِكَة , وَالشَّاهِد مِنْ أَنْفُسهمْ : الْأَيْدِي , وَالْأَرْجُل , وَالْمَلَائِكَة أَيْضًا شُهَدَاء عَلَيْهِمْ . )24699 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله ( { سَائِق وَشَهِيد } قَالَ : مَلَك وُكِّلَ بِهِ يُحْصِي عَلَيْهِ عَمَله , وَمَلَك يَسُوقهُ إِلَى مَحْشَره حَتَّى يُوَافِي مَحْشَره يَوْم الْقِيَامَة . )وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنِيّ بِهَذِهِ الْآيَات ; فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ أَهْل الشِّرْك , وَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِهَا كُلّ أَحَد . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24700 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب قَالَ : ثَنِي يَعْقُوب بْن عَبْد الرَّحْمَن الزُّهْرِيّ , قَالَ : سَأَلْت زَيْد بْن أَسْلَم , عَنْ قَوْل اللَّه : ( { وَجَاءَتْ سَكْرَة الْمَوْت بِالْحَقِّ } . .. الْآيَة , إِلَى قَوْله : { سَائِق وَشَهِيد } , فَقُلْت لَهُ : مَنْ يُرَاد بِهَذَا ؟ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقُلْت لَهُ رَسُول اللَّه ؟ فَقَالَ : مَا تُنْكِر ؟ قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { أَلَمْ يَجِدك يَتِيمًا فَآوَى وَوَجَدَك ضَالًّا فَهَدَى } [93 6 : 7 ]قَالَ : ثُمَّ سَأَلْت صَالِح بْن كَيْسَان عَنْهَا , فَقَالَ لِي : هَلْ سَأَلْت أَحَدًا ؟ فَقُلْت : نَعَمْ , قَدْ سَأَلْت عَنْهَا زَيْد بْن أَسْلَم , فَقَالَ : مَا قَالَ لَك ؟ فَقُلْت : بَلْ تُخْبِرنِي مَا تَقُول , فَقَالَ : لَأُخْبِرَنك بِرَأْيِي الَّذِي عَلَيْهِ رَأْيِي , فَأَخْبَرَنِي مَا قَالَ لَك ؟ قُلْت : قَالَ : يُرَاد بِهَذَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : وَمَا عِلْم زَيْد ؟ وَاَللَّه مَا سِنّ عَالِيَة , وَلَا لِسَان فَصِيح , وَلَا مَعْرِفَة بِكَلَامِ الْعَرَب , إِنَّمَا يُرَاد بِهَذَا الْكَافِر . ثُمَّ قَالَ : اِقْرَأْ مَا بَعْدهَا يَدُلّك عَلَى ذَلِكَ , قَالَ : ثُمَّ سَأَلْت حُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن عُبَيْد اللَّه بْن عَبَّاس , فَقَالَ لِي مِثْل مَا قَالَ صَالِح : هَلْ سَأَلْت أَحَدًا فَأَخْبِرْنِي بِهِ ؟ قُلْت : إِنِّي قَدْ سَأَلْت زَيْد بْن أَسْلَم وَصَالِح بْن كَيْسَان , فَقَالَ لِي : مَا قَالَا لَك ؟ قُلْت : بَلْ تُخْبِرنِي بِقَوْلِك , قَالَ : لَأُخْبِرَنك بِقَوْلِي , فَأَخْبَرْته بِاَلَّذِي قَالَا لِي , قَالَ : أُخَالِفهُمَا جَمِيعًا , يُرِيد بِهَا الْبَرّ وَالْفَاجِر , قَالَ اللَّه : { وَجَاءَتْ سَكْرَة الْمَوْت بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْت مِنْهُ تَحِيد - فَكَشَفْنَا عَنْك غِطَاءَك فَبَصَرك الْيَوْم حَدِيد } قَالَ : فَانْكَشَفَ الْغِطَاء عَنْ الْبَرّ وَالْفَاجِر , فَرَأَى كُلّ مَا يَصِير إِلَيْهِ . )24701 -حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { وَجَاءَتْ كُلّ نَفْس مَعَهَا سَائِق وَشَهِيد } يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ . )وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : عُنِيَ بِهَا الْبَرّ وَالْفَاجِر , لِأَنَّ اللَّه أَتْبَعَ هَذِهِ الْآيَات قَوْله : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَان وَنَعْلَم مَا تُوَسْوِس بِهِ نَفْسه } وَالْإِنْسَان فِي هَذَا الْمَوْضِع بِمَعْنَى : النَّاس كُلّهمْ , غَيْر مَخْصُوص مِنْهُمْ بَعْض دُون بَعْض . فَمَعْلُوم إِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى قَوْله : { وَجَاءَتْ سَكْرَة الْمَوْت بِالْحَقِّ } وَجَاءَتْك أَيّهَا الْإِنْسَان سَكْرَة الْمَوْت بِالْحَقِّ { ذَلِكَ مَا كُنْت مِنْهُ تَحِيد } وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَتْ بَيِّنَة صِحَّة مَا قُلْنَا .

أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ

وَقَوْله : { لَقَدْ كُنْت فِي غَفْلَة مِنْ هَذَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يُقَال لَهُ : لَقَدْ كُنْت فِي غَفْلَة مِنْ هَذَا الَّذِي عَايَنْت الْيَوْم أَيّهَا الْإِنْسَان مِنْ الْأَهْوَال وَالشَّدَائِد { فَكَشَفْنَا عَنْك غِطَاءَك } يَقُول : فَجَلَّيْنَا ذَلِكَ لَك , وَأَظْهَرْنَاهُ لِعَيْنَيْك , حَتَّى رَأَيْته وَعَايَنْته , فَزَالَتْ الْغَفْلَة عَنْك . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل , وَإِنْ اِخْتَلَفُوا فِي الْمَقُول ذَلِكَ لَهُ , فَقَالَ بَعْضهمْ : الْمَقُول ذَلِكَ لَهُ الْكَافِر . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ جَمِيع الْخَلْق مِنْ الْجِنّ وَالْإِنْس . ذِكْر مَنْ قَالَ : هُوَ الْكَافِر . 24702 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { لَقَدْ كُنْت فِي غَفْلَة مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْك غِطَاءَك } وَذَلِكَ الْكَافِر . )24703 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { فَكَشَفْنَا عَنْك غِطَاءَك } قَالَ : لِلْكَافِرِ يَوْم الْقِيَامَة . )24704 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان ( { فَكَشَفْنَا عَنْك غِطَاءَك } قَالَ : فِي الْكَافِر . )ذِكْر مَنْ قَالَ : هُوَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 24705 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { لَقَدْ كُنْت فِي غَفْلَة مِنْ هَذَا } قَالَ : هَذَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : لَقَدْ كُنْت فِي غَفْلَة مِنْ هَذَا الْأَمْر يَا مُحَمَّد , كُنْت مَعَ الْقَوْم فِي جَاهِلِيَّتهمْ . { فَكَشَفْنَا عَنْك غِطَاءَك فَبَصَرك الْيَوْم حَدِيد } . )وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيل الَّذِي قَالَهُ اِبْن زَيْد يَجِب أَنْ يَكُون هَذَا الْكَلَام خِطَابًا مِنْ اللَّه لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ فِي غَفْلَة فِي الْجَاهِلِيَّة مِنْ هَذَا الدِّين الَّذِي بَعَثَهُ بِهِ , فَكَشَفَ عَنْهُ غِطَاءَهُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّة , فَنَفَذَ بَصَره بِالْإِيمَانِ وَتَبَيَّنَهُ حَتَّى تَقَرَّرَ ذَلِكَ عِنْده , فَصَارَ حَادّ الْبَصَر بِهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ : هُوَ جَمِيع الْخَلْق مِنْ الْجِنّ وَالْإِنْس . 24706 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : ثَنِي يَعْقُوب بْن عَبْد الرَّحْمَن الزُّهْرِيّ , قَالَ : سَأَلْت عَنْ ذَلِكَ الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن عُبَيْد اللَّه بْن عَبَّاس , فَقَالَ : (يُرِيد بِهِ الْبَرّ وَالْفَاجِر , { فَكَشَفْنَا عَنْك غِطَاءَك فَبَصَرك الْيَوْم حَدِيد } قَالَ : وَكُشِفَ الْغِطَاء عَنْ الْبَرّ وَالْفَاجِر , فَرَأَى كُلّ مَا يَصِير إِلَيْهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْله : { فَكَشَفْنَا عَنْك غِطَاءَك } )قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24707 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { فَكَشَفْنَا عَنْك غِطَاءَك } قَالَ : الْحَيَاة بَعْد الْمَوْت . )24708 -حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { لَقَدْ كُنْت فِي غَفْلَة مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْك غِطَاءَك } قَالَ : عَايَنَ الْآخِرَة .)|فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ|وَقَوْله : { فَبَصَرك الْيَوْم حَدِيد } يَقُول : فَأَنْتَ الْيَوْم نَافِذ الْبَصَر , عَالِم بِمَا كُنْت عَنْهُ فِي الدُّنْيَا فِي غَفْلَة , وَهُوَ مِنْ قَوْلهمْ : فُلَان بَصِير بِهَذَا الْأَمْر : إِذَا كَانَ ذَا عِلْم بِهِ , وَلَهُ بِهَذَا الْأَمْر بَصَر : أَيْ عِلْم . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الضَّحَّاك أَنَّهُ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ { فَبَصَرك الْيَوْم حَدِيد } لِسَان الْمِيزَان , وَأَحْسَبهُ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّ مَعْرِفَته وَعِلْمه بِمَا أُسْلِفَ فِي الدُّنْيَا شَاهِد عَدْل عَلَيْهِ , فَشُبِّهَ بَصَره بِذَلِكَ بِلِسَانِ الْمِيزَان الَّذِي يُعْدَل بِهِ الْحَقّ فِي الْوَزْن , وَيُعْرَف مَبْلَغه الْوَاجِب لِأَهْلِهِ عَمَّا زَادَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ نَقَصَ , فَكَذَلِكَ عِلْم مَنْ وَافِي الْقِيَامَة بِمَا اِكْتَسَبَ فِي الدُّنْيَا شَاهِد عَلَيْهِ كَلِسَانِ الْمِيزَان .

سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالَ قَرِينه هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيد } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَ قَرِين هَذَا الْإِنْسَان الَّذِي جَاءَ بِهِ يَوْم الْقِيَامَة مَعَهُ سَائِق وَشَهِيد . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24709 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَقَالَ قَرِينه هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيد } الْمَلَك . )24710 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَقَالَ قَرِينه هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيد } . .. إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : هَذَا سَائِقه الَّذِي وُكِّلَ بِهِ , وَقَرَأَ { وَجَاءَتْ كُلّ نَفْس مَعَهَا سَائِق وَشَهِيد } . )وَقَوْله : { هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيد } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل قَرِين هَذَا الْإِنْسَان عِنْد مُوَافَاته رَبّه بِهِ , رَبّ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيد : يَقُول : هَذَا الَّذِي هُوَ عِنْدِي مُعَدّ مَحْفُوظ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : * -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيد } قَالَ : وَالْعَتِيد : الَّذِي قَدْ أَخَذَهُ , وَجَاءَ بِهِ السَّائِق وَالْحَافِظ مَعَهُ جَمِيعًا .

بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ

وَقَوْله : { أَلْقِيَا فِي جَهَنَّم كُلّ كَفَّار عَنِيد } فِيهِ مَتْرُوك اِسْتَغْنَى بِدَلَالَةِ الظَّاهِر عَلَيْهِ مِنْهُ , وَهُوَ : يُقَال أَلْقِيَا فِي جَهَنَّم , أَوْ قَالَ تَعَالَى : أَلْقِيَا , فَأَخْرَجَ الْأَمْر لِلْقَرِينِ , وَهُوَ بِلَفْظٍ وَاحِد مُخْرَج خِطَاب الِاثْنَيْنِ . وَفِي ذَلِكَ وَجْهَانِ مِنْ التَّأْوِيل : أَحَدهمَا : أَنْ يَكُون الْقَرِين بِمَعْنَى الِاثْنَيْنِ , كَالرَّسُولِ , وَالِاسْم الَّذِي يَكُون بِلَفْظِ الْوَاحِد فِي الْوَاحِد , وَالتَّثْنِيَة وَالْجَمْع , فَرَدَّ قَوْله : { أَلْقِيَا فِي جَهَنَّم } إِلَى الْمَعْنَى . وَالثَّانِي : أَنْ يَكُون كَمَا كَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة يَقُول , وَهُوَ أَنَّ الْعَرَب تَأْمُر الْوَاحِد وَالْجَمَاعَة بِمَا تَأْمُر بِهِ الِاثْنَيْنِ , فَتَقُول لِلرَّجُلِ وَيْلك اِرْحَلَاهَا وَازْجُرَاهَا , وَذُكِرَ أَنَّهُ سَمِعَهَا مِنْ الْعَرَب ; قَالَ : وَأَنْشَدَنِي بَعْضهمْ : <br>فَقُلْت لِصَاحِبَيَّ لَا تَحْبِسَانَا .......... بِنَزْعِ أُصُوله وَاجْتَزَّ شِيحَا <br>قَالَ : وَأَنْشَدَنِي أَبُو ثَرْوَان : <br>فَإِنْ تَزْجُرَانِي يَا ابْن عَقَّان أَنْزَجِر .......... وَإِنْ تَدَعَانِي أَحْمِ عِرْضًا مُمَنَّعَا <br>قَالَ : فَيُرْوَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَنَّ الرَّجُل أَدْنَى أَعْوَانه فِي إِبِله وَغَنَمه اِثْنَانِ , وَكَذَلِكَ الرُّفْقَة أَدْنَى مَا تَكُون ثَلَاثَة , فَجَرَى كَلَام الْوَاحِد عَلَى صَاحِبَيْهِ , وَقَالَ : أَلَا تَرَى الشُّعَرَاء أَكْثَر قِيلًا يَا صَاحِبَيَّ يَا خَلِيلَيَّ , وَقَالَ اِمْرُؤُ الْقَيْس : <br>خَلِيلَيَّ مُرَّا بِي عَلَى أُمّ جُنْدُب .......... نُقَضّ لُبَانَات الْفُؤَاد الْمُعَذَّب <br>ثُمَّ قَالَ : <br>أَلَمْ تَرَ أَنِّي كُلَّمَا جِئْت طَارِفًا .......... وَجَدْت بِهَا طِيبًا وَإِنْ لَمْ تَطَيَّب <br>فَرَجَعَ إِلَى الْوَاحِد , وَأَوَّل الْكَلَام اِثْنَانِ ; قَالَ : وَأَنْشَدَنِي بَعْضهمْ : <br>خَلِيلَيَّ قُومَا فِي عَطَالَة فَانْظُرَا .......... أَنَار تُرَى مِنْ ذِي أَبَانَيْن أَمْ بَرْقَا <br>وَبَعْضهمْ يَرْوِي : أَنَارًا نَرَى . { كُلّ كَفَّار عَنِيد } يَعْنِي : كُلّ جَاحِد وَحْدَانِيَّة اللَّه عَنِيد , وَهُوَ الْعَانِد عَنْ الْحَقّ وَسَبِيل الْهُدَى .

إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ

وَقَوْله : { مَنَّاع لِلْخَيْرِ } كَانَ قَتَادَة يَقُول فِي الْخَيْر فِي هَذَا الْمَوْضِع : هُوَ الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة . 24711 - حَدَّثَنَا بِذَلِكَ بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُ كُلّ حَقّ وَجَبَ لِلَّهِ , أَوْ لِآدَمِيّ فِي مَاله , وَالْخَيْر فِي هَذَا الْمَوْضِع هُوَ الْمَال . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ هُوَ الصَّوَاب مِنْ الْقَوْل ; لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره عَمَّ بِقَوْلِهِ { مَنَّاع لِلْخَيْرِ } عَنْهُ أَنَّهُ يَمْنَع الْخَيْر وَلَمْ يُخَصِّص مِنْهُ شَيْئًا دُون شَيْء , فَذَلِكَ عَلَى كُلّ خَيْر يُمْكِن مَنْعه طَالِبه .|مُعْتَدٍ|وَقَوْله : { مُعْتَدٍ } يَقُول : مُعْتَدٍ عَلَى النَّاس بِلِسَانِهِ بِالْبَذَاءِ وَالْفُحْش فِي الْمَنْطِق , وَبِيَدِهِ بِالسَّطْوَةِ وَالْبَطْش ظُلْمًا . كَمَا : 24712 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : (مُعْتَدٍ فِي مَنْطِقه وَسِيرَته وَأَمْره .)|مُرِيبٍ|وَقَوْله : { مُرِيب } يَعْنِي : شَاكّ فِي وَحْدَانِيَّة اللَّه وَقُدْرَته عَلَى مَا يَشَاء. كَمَا : 24713 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { مُرِيب } : أَيْ شَاكّ .

يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ

يَقُول تَعَالَى ذِكْره : الَّذِي أَشْرَكَ بِاَللَّهِ فَعَبَدَ مَعَهُ مَعْبُودًا آخَر مِنْ خَلْقه .|فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ|يَقُول : فَأَلْقِيَاهُ فِي عَذَاب جَهَنَّم الشَّدِيد .

إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ قَرِينه رَبّنَا مَا أَطْغَيْته } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ قَرِين هَذَا الْإِنْسَان الْكَفَّار الْمَنَّاع لِلْخَيْرِ , وَهُوَ شَيْطَانه الَّذِي كَانَ مُوَكَّلًا بِهِ فِي الدُّنْيَا . كَمَا : 24714 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : ( { قَالَ قَرِينه رَبّنَا مَا أَطْغَيْته } قَالَ : قَرِينه شَيْطَانه . )24715 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { قَالَ قَرِينه } قَالَ : الشَّيْطَان قُيِّضَ لَهُ . )24715 م - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر } هُوَ الْمُشْرِك { قَالَ قَرِينه رَبّنَا مَا أَطْغَيْته } قَالَ : قَرِينه الشَّيْطَان . )* - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { قَالَ قَرِينه رَبّنَا مَا أَطْغَيْته } قَالَ : قَرِينه : الشَّيْطَان . )24716 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { قَالَ قَرِينه رَبّنَا مَا أَطْغَيْته } قَالَ : قَرِينه : شَيْطَانه . )24717 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { قَالَ قَرِينه رَبّنَا مَا أَطْغَيْته } قَالَ : قَرِينه مِنْ الْجِنّ : رَبّنَا مَا أَطْغَيْته , تَبَرَّأَ مِنْهُ . )وَقَوْله : { رَبّنَا مَا أَطْغَيْته } يَقُول : مَا أَنَا جَعَلْته طَاغِيًا مُتَعَدِّيًا إِلَى مَا لَيْسَ لَهُ , وَإِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ الْكُفْر بِاَللَّهِ وَإِنَّمَا أَخْبَرَ تَعَالَى ذِكْره هَذَا الْخَبَر , عَنْ قَوْل قَرِين الْكَافِر لَهُ يَوْم الْقِيَامَة , إِعْلَامًا مِنْهُ عِبَاده , تَبَرَّأَ بَعْضهمْ مِنْ بَعْض يَوْم الْقِيَامَة . كَمَا : 24718 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { رَبّنَا مَا أَطْغَيْته } قَالَ : تَبَرَّأَ مِنْهُ . )وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24719 - حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه ابْن أَبِي زِيَاد , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه ابْن أَبِي بَكْر , قَالَ : ثَنَا جَعْفَر , قَالَ : سَمِعْت أَبَا عِمْرَان يَقُول فِي قَوْله : ( { رَبّنَا مَا أَطْغَيْته } تَبَرَّأَ مِنْهُ .)|وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ|يَقُول : وَلَكِنْ كَانَ فِي طَرِيق جَائِر عَنْ سَبِيل الْهُدَى جَوْرًا بَعِيدًا .

وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ

وَقَوْله : { لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ اللَّه لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتهمْ , وَصِفَة قُرَنَائِهِمْ مِنْ الشَّيَاطِين { لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ } الْيَوْم { وَقَدْ قَدَّمْت إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ } فِي الدُّنْيَا قَبْل اِخْتِصَامكُمْ هَذَا , بِالْوَعِيدِ لِمَنْ كَفَرَ بِي , وَعَصَانِي , وَخَالَفَ أَمْرِي وَنَهْي فِي كُتُبِي , وَعَلَى أَلْسُن رُسُلِي . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24720 - حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه ابْن أَبِي زِيَاد , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه ابْن أَبِي بَكْر , قَالَ : ثَنَا جَعْفَر , قَالَ : سَمِعْت أَبَا عِمْرَان يَقُول فِي قَوْله : ( { وَقَدْ قَدَّمْت إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ } قَالَ : بِالْقُرْآنِ . )24721 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ } قَالَ : إِنَّهُمْ اِعْتَذَرُوا بِغَيْرِ عُذْر , فَأَبْطَلَ اللَّه حُجَّتهمْ , وَرَدَّ عَلَيْهِمْ قَوْلهمْ . )24722 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْت إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ } قَالَ : يَقُول : قَدْ أَمَرْتُكُمْ وَنَهَيْتُكُمْ , قَالَ : هَذَا اِبْن آدَم وَقَرِينه مِنْ الْجِنّ . )- حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع , قَالَ : قُلْت لِأَبِي الْعَالِيَة ( { لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْت إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ } قَالَ أَبُو جَعْفَر الطَّبَرِيّ : أَحْسَبهُ قَالَ : هُمْ أَهْل الشِّرْك , وَقَالَ فِي آيَة أُخْرَى { ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْم الْقِيَامَة عِنْد رَبّكُمْ تَخْتَصِمُونَ } [38 31 ]. فَهُمْ أَهْل الْقِبْلَة .)

وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مَا يُبَدَّل الْقَوْل لَدَيَّ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيله لِلْمُشْرِكِينَ وَقُرَنَائِهِمْ مِنْ الْجِنّ يَوْم الْقِيَامَة , إِذْ تَبَرَّأَ بَعْضهمْ مِنْ بَعْض : مَا يُغَيَّر الْقَوْل الَّذِي قُلْته لَكُمْ فِي الدُّنْيَا , وَهُوَ قَوْله { لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّم مِنْ الْجِنَّة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ } [11 119 ]وَلَا قَضَائِي الَّذِي قَضَيْته فِيهِمْ فِيهَا . كَمَا : 24723 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { مَا يُبَدَّل الْقَوْل لَدَيَّ } قَدْ قَضَيْت مَا أَنَا قَاضٍ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ الْقَاسِم ابْن أَبِي بَزَّة , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { مَا يُبَدَّل الْقَوْل لَدَيَّ } قَالَ : قَدْ قَضَيْت مَا أَنَا قَاضٍ .)|وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ|وَقَوْله : { وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ } يَقُول : وَلَا أَنَا بِمُعَاقِبٍ أَحَدًا مِنْ خَلْقِي بِجُرْمِ غَيْره , وَلَا حَامِل عَلَى أَحَد مِنْهُمْ ذَنْب غَيْره فَمُعَذِّبه بِهِ .

وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ

وَقَوْله : { يَوْم نَقُول لِجَهَنَّم } يَقُول : وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ فِي { يَوْم نَقُول لِجَهَنَّم هَلْ اِمْتَلَأْت } وَذَلِكَ يَوْم الْقِيَامَة , وَيَوْم نَقُول مِنْ صِلَة ظَلَّام . وَقَالَ تَعَالَى ذِكْره لِجَهَنَّم يَوْم الْقِيَامَة : { هَلْ اِمْتَلَأْت } ؟ لِمَا سَبَقَ مِنْ وَعْده إِيَّاهَا بِأَنَّهُ يَمْلَأهَا مِنْ الْجِنَّة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ .|وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ|أَمَّا قَوْله : { هَلْ مِنْ مَزِيد } فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل اِخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : مَا مِنْ مَزِيد . قَالُوا : وَإِنَّمَا يَقُول اللَّه لَهَا : هَلْ اِمْتَلَأْت بَعْد أَنْ يَضَع قَدَمه فِيهَا , فَيَنْزَوِي بَعْضهَا إِلَى بَعْض , وَتَقُول : قَطْ قَطْ , مِنْ تَضَايُقهَا ; فَإِذَا قَالَ لَهَا وَقَدْ صَارَتْ كَذَلِكَ : هَلْ اِمْتَلَأْت ؟ قَالَتْ حِينَئِذٍ : هَلْ مِنْ مَزِيد : أَيْ مَا مِنْ مَزِيد , لِشِدَّةِ اِمْتِلَائِهَا , وَتَضَايُق بَعْضهَا إِلَى بَعْض. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24724 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { يَوْم نَقُول لِجَهَنَّم هَلْ اِمْتَلَأْت وَتَقُول هَلْ مِنْ مَزِيد } قَالَ اِبْن عَبَّاس : إِنَّ اللَّه الْمَلِك تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ سَبَقَتْ كَلِمَته { لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّم مِنْ الْجِنَّة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ } [11 119 ]فَلَمَّا بُعِثَ النَّاس وَأُحْضِرُوا , وَسِيقَ أَعْدَاء اللَّه إِلَى النَّار زُمَرًا , جَعَلُوا يَقْتَحِمُونَ فِي جَهَنَّم فَوْجًا فَوْجًا , لَا يُلْقَى فِي جَهَنَّم شَيْء إِلَّا ذَهَبَ فِيهَا , وَلَا يَمْلَأهَا شَيْء , قَالَتْ : أَلَسْت قَدْ أَقْسَمْت لَتَمْلَأَنِّي مِنْ الْجِنَّة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ ؟ فَوَضَعَ قَدَمه , فَقَالَتْ حِين وَضَعَ قَدَمه فِيهَا : قَدِ قَدِ , فَإِنِّي قَدْ اِمْتَلَأْت , فَلَيْسَ لِي مَزِيد , وَلَمْ يَكُنْ يَمْلَأهَا شَيْء , حَتَّى وَجَدَتْ مَسّ مَا وُضِعَ عَلَيْهَا , فَتَضَايَقَتْ حِين جُعِلَ عَلَيْهَا مَا جُعِلَ , فَامْتَلَأَتْ فَمَا فِيهَا مَوْضِع إِبْرَة . )24725 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { وَتَقُول هَلْ مِنْ مَزِيد } قَالَ : وَعَدَهَا اللَّه لَيَمْلَأَنَّهَا , فَقَالَ : هَلَّا وَفَّيْتُك ؟ قَالَتْ : وَهَلْ مِنْ مَسْلَك . )* - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { يَوْم نَقُول لِجَهَنَّم هَلْ اِمْتَلَأْت وَتَقُول هَلْ مِنْ مَزِيد } كَانَ اِبْن عَبَّاس يَقُول : إِنَّ اللَّه الْمَلِك , قَدْ سَبَقَتْ مِنْهُ كَلِمَة { لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّم } لَا يُلْقَى فِيهَا شَيْء إِلَّا ذَهَبَ فِيهَا , لَا يَمْلَأهَا شَيْء , حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ أَهْلهَا أَحَد إِلَّا دَخَلَهَا , وَهِيَ لَا يَمْلَأهَا شَيْء , أَتَاهَا الرَّبّ فَوَضَعَ قَدَمه عَلَيْهَا , ثُمَّ قَالَ لَهَا : هَلْ اِمْتَلَأْت يَا جَهَنَّم ؟ فَتَقُول : قَطْ قَطْ ; قَدْ اِمْتَلَأْت , مَلَأْتنِي مِنْ الْجِنّ وَالْإِنْس فَلَيْسَ فِيَّ مَزِيد ; قَالَ اِبْن عَبَّاس : وَلَمْ يَكُنْ يَمْلَأهَا شَيْء حَتَّى وَجَدَتْ مَسّ قَدَم اللَّه تَعَالَى ذِكْره , فَتَضَايَقَتْ , فَمَا فِيهَا مَوْضِع إِبْرَة . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : زِدْنِي , إِنَّمَا هُوَ هَلْ مِنْ مَزِيد , بِمَعْنَى الِاسْتِزَادَة. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24726 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن بْن ثَابِت , عَنْ أَنَس , قَالَ : (يُلْقَى فِي جَهَنَّم وَتَقُول : هَلْ مِنْ مَزِيد ثَلَاثًا , حَتَّى يَضَع قَدَمه فِيهَا , فَيَنْزَوِي بَعْضهَا إِلَى بَعْض , فَتَقُول : قَطْ قَطْ , ثَلَاثًا . )24727 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { يَوْم نَقُول لِجَهَنَّم هَلْ اِمْتَلَأْت وَتَقُول هَلْ مِنْ مَزِيد } لِأَنَّهَا قَدْ اِمْتَلَأَتْ , وَهَلْ مِنْ مَزِيد : هَلْ بَقِيَ أَحَد ؟ قَالَ : هَذَانِ الْوَجْهَانِ فِي هَذَا , وَاَللَّه أَعْلَم , قَالَ : قَالُوا هَذَا وَهَذَا . )وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : هُوَ بِمَعْنَى الِاسْتِزَادَة , هَلْ مِنْ شَيْء أَزْدَادهُ ؟ وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِالصَّوَابِ لِصِحَّةِ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا : 24728 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن الْمِقْدَام الْعِجْلِيّ , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الطُّفَاوِيّ , قَالَ : ثَنَا أَيُّوب , عَنْ مُحَمَّد , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة , لَمْ يَظْلِم اللَّه أَحَدًا مِنْ خَلْقه شَيْئًا , وَيُلْقِي فِي النَّار , تَقُول هَلْ مِنْ مَزِيد , حَتَّى يَضَع عَلَيْهَا قَدَمه , فَهُنَالِكَ يَمْلَأهَا , وَيُزْوَى بَعْضهَا إِلَى بَعْض وَتَقُول : قَطْ قَطْ . )24729 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن الْمِقْدَام , قَالَ : ثَنَا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت أَبِي يُحَدِّث عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَنَس , قَالَ : (مَا تَزَال جَهَنَّم تَقُول : هَلْ مِنْ مَزِيد ؟ حَتَّى يَضَع اللَّه عَلَيْهَا قَدَمه , فَتَقُول : قَدْ قَدْ , وَمَا يَزَال فِي الْجَنَّة فَضْل حَتَّى يُنْشِئ اللَّه خَلْقًا , فَيُسْكِنهُ فُضُول الْجَنَّة . )24730 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَيُّوب وَهِشَام بْن حَسَّان , عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : (اِخْتَصَمَتْ الْجَنَّة وَالنَّار , فَقَالَتْ الْجَنَّة : مَا لِي إِنَّمَا يَدْخُلنِي فُقَرَاء النَّاس وَسَقَطهمْ ; وَقَالَتْ النَّار : مَا لِي إِنَّمَا يَدْخُلنِي الْجَبَّارُونَ وَالْمُتَكَبِّرُونَ , فَقَالَ : أَنْتِ رَحْمَتِي أُصِيب بِك مَنْ أَشَاء , وَأَنْتِ عَذَابِي أُصِيب بِك مَنْ أَشَاء , وَلِكُلِّ وَاحِدَة مِنْكُمَا مِلْؤُهَا . فَأَمَّا الْجَنَّة فَإِنَّ اللَّه يُنْشِئ لَهَا مِنْ خَلْقه مَا شَاءَ . وَأَمَّا النَّار فَيُلْقَوْنَ فِيهَا وَتَقُول : هَلْ مِنْ مَزِيد ؟ وَيُلْقَوْنَ فِيهَا وَتَقُول هَلْ مِنْ مَزِيد , حَتَّى يَضَع فِيهَا قَدَمه , فَهُنَاكَ تُمْلَأ , وَيُزْوَى بَعْضهَا إِلَى بَعْض , وَتَقُول : قَطْ , قَطْ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ ثَوْر , عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( وَاحْتَجَّتْ الْجَنَّة وَالنَّار , فَقَالَتْ الْجَنَّة : مَا لِي لَا يَدْخُلنِي إِلَّا فُقَرَاء النَّاس ؟ وَقَالَتْ النَّار : مَا لِي لَا يَدْخُلنِي إِلَّا الْجَبَّارُونَ وَالْمُتَكَبِّرُونَ ؟ فَقَالَ لِلنَّارِ : أَنْتِ عَذَابِي أُصِيب بِك مَنْ أَشَاء ; وَقَالَ لِلْجَنَّةِ : أَنْتِ رَحْمَتِي أُصِيب بِك مَنْ أَشَاء , وَلِكُلِّ وَاحِدَة مِنْكُمَا مِلْؤُهَا ; فَأَمَّا الْجَنَّة فَإِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يُنْشِئ لَهَا مَا شَاءَ ; وَأَمَّا النَّار فَيُلْقَوْنَ فِيهَا وَتَقُول : هَلْ مِنْ مَزِيد , حَتَّى يَضَع قَدَمه فِيهَا , هُنَالِكَ تَمْتَلِئ , وَيَنْزَوِي بَعْضهَا إِلَى بَعْض , وَتَقُول : قَطْ , قَطْ . )24731 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَنَس , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تَزَال جَهَنَّم يُلْقَى فِيهَا وَتَقُول : هَلْ مِنْ مَزِيد حَتَّى يَضَع رَبّ الْعَالَمِينَ قَدَمه , فَيَنْزَوِي بَعْضهَا إِلَى بَعْض وَتَقُول : قَدْ , قَدْ , بِعِزَّتِك وَكَرَمك , وَلَا يَزَال فِي الْجَنَّة فَضْل حَتَّى يُنْشِئ اللَّه لَهَا خَلْقًا فَيُسْكِنهُمْ فَضْل الْجَنَّة . )* - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد الصَّمَد , قَالَ : ثَنَا أَبَان الْعَطَّار , قَالَ : ثَنَا قَتَادَة , عَنْ أَنَس , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : ( لَا تَزَال جَهَنَّم تَقُول هَلْ مِنْ مَزِيد حَتَّى يَضَع رَبّ الْعَالَمِينَ فِيهَا قَدَمه , فَيَنْزَوِي بَعْضهَا إِلَى بَعْض , فَتَقُول : بِعِزَّتِك قَطْ , قَطْ ; وَمَا يَزَال فِي الْجَنَّة فَضْل حَتَّى يُنْشِئ اللَّه خَلْقًا فَيُسْكِنهُ فِي فَضْل الْجَنَّة . )* -قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن عَاصِم الْكِلَابِيّ , قَالَ : ثَنَا الْمُعْتَمِر , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : ثَنَا قَتَادَة , عَنْ أَنَس , قَالَ : (مَا تَزَال جَهَنَّم تَقُول : هَلْ مِنْ مَزِيد )فَذَكَرَ نَحْوه غَيْر أَنَّهُ قَالَ : أَوْ كَمَا قَالَ . * - حَدَّثَنَا زِيَاد بْن أَيُّوب , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْوَهَّاب بْن عَطَاء الْخَفَّاف , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَنَس , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : | (اِحْتَجَّتْ الْجَنَّة وَالنَّار , فَقَالَتْ النَّار : يَدْخُلنِي الْجَبَّارُونَ وَالْمُتَكَبِّرُونَ ; وَقَالَتْ الْجَنَّة : يَدْخُلنِي الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين ; فَأَوْحَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إِلَى الْجَنَّة : أَنْتِ رَحْمَتِي أُصِيب بِك مَنْ أَشَاء ; وَأَوْحَى إِلَى النَّار : أَنْتِ عَذَابِي أُصِيب بِك مَنْ أَشَاء , وَلِكُلِّ وَاحِدَة مِنْكُمَا مِلْؤُهَا ; فَأَمَّا النَّار فَتَقُول : هَلْ مِنْ مَزِيد ؟ حَتَّى يَضَع قَدَمه فِيهَا , فَتَقُول : قَطْ قَطْ | . فَفِي قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | لَا تَزَال جَهَنَّم تَقُول هَلْ مِنْ مَزِيد | دَلِيل وَاضِح عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بِمَعْنَى الِاسْتِزَادَة لَا بِمَعْنَى النَّفْي ; لِأَنَّ قَوْله : | لَا تَزَال | دَلِيل عَلَى اِتِّصَال قَوْل بَعْد قَوْل .)

وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأُزْلِفَتْ الْجَنَّة لِلْمُتَّقِينَ غَيْر بَعِيد } </subtitle>يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { وَأُزْلِفَتْ الْجَنَّة لِلْمُتَّقِينَ غَيْر بَعِيد } وَأُدْنِيَتْ الْجَنَّة وَقُرِّبَتْ لِلَّذِينَ اِتَّقُوا رَبّهمْ , فَخَافُوا عُقُوبَته بِأَدَاءِ فَرَائِضه , وَاجْتِنَاب مَعَاصِيه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24732 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَأُزْلِفَتْ الْجَنَّة لِلْمُتَّقِينَ } يَقُول : وَأُدْنِيَتْ { غَيْر بَعِيد } ).

إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ

وَقَوْله : { هَذَا مَا تُوعَدُونَ } يَقُول : قَالَ لَهُمْ : هَذَا الَّذِي تُوعَدُونَ أَيّهَا الْمُتَّقُونَ , أَنْ تَدْخُلُوهَا وَتَسْكُنُوهَا|لِكُلِّ أَوَّابٍ|وَقَوْله : { لِكُلِّ أَوَّاب } يَعْنِي : لِكُلِّ رَاجِع مِنْ مَعْصِيَة اللَّه إِلَى طَاعَته , تَائِب مِنْ ذُنُوبه . وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ الْمُسَبِّح , وَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ التَّائِب , وَقَدْ ذَكَرْنَا اِخْتِلَافهمْ فِي ذَلِكَ فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته , غَيْر أَنَّا نَذْكُر فِي هَذَا الْمَوْضِع مَا لَمْ نَذْكُرهُ هُنَالِكَ . 24733 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَان بْن عَبْد الْجَبَّار , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن الصَّلْت , قَالَ : ثَنَا أَبُو كُدَيْنَة , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس ( { لِكُلِّ أَوَّاب } قَالَ : لِكُلِّ مُسَبِّح . )24734 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مُسْلِم الْأَعْوَر , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (الْأَوَّاب : الْمُسَبِّح . )24735 -حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن عَرَفَة , قَالَ : ثَنِي يَحْيَى بْن عَبْد الْمَلِك ابْن أَبِي غَنِيَّة , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ الْحَكَم بْن عُتَيْبَة فِي قَوْل اللَّه : ( { لِكُلِّ أَوَّاب حَفِيظ } قَالَ : هُوَ الذَّاكِر اللَّه فِي الْخَلَاء . )24736 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ يُونُس بْن خَبَّاب , عَنْ مُجَاهِد ( { لِكُلِّ أَوَّاب حَفِيظ } قَالَ : الَّذِي يَذْكُر ذُنُوبه فَيَسْتَغْفِر مِنْهَا . )24737 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّاب }. )24738 - قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ خَارِجَة , عَنْ عِيسَى الْحَنَّاط , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : (هُوَ الَّذِي يَذْكُر ذُنُوبه فِي خَلَاء فَيَسْتَغْفِر مِنْهَا { حَفِيظ } : أَيْ مُطِيع لِلَّهِ كَثِير الصَّلَاة . )24739 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { لِكُلِّ أَوَّاب حَفِيظ } قَالَ : الْأَوَّاب : التَّوَّاب الَّذِي يَئُوب إِلَى طَاعَة اللَّه وَيَرْجِع إِلَيْهَا . )24740 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ يُونُس بْن خَبَّاب فِي قَوْله : ( { لِكُلِّ أَوَّاب حَفِيظ } قَالَ : الرَّجُل يَذْكُر ذُنُوبه , فَيَسْتَغْفِر اللَّه لَهَا .)|حَفِيظٍ|وَقَوْله : { حَفِيظ } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : حَفِظَ ذُنُوبه حَتَّى تَابَ مِنْهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24741 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ أَبِي سِنَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ التَّمِيمِيّ , قَالَ : سَأَلْت اِبْن عَبَّاس , عَنْ الْأَوَّاب الْحَفِيظ , قَالَ : (حُفِّظَ ذُنُوبه حَتَّى رَجَعَ عَنْهَا . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَاهُ : أَنَّهُ حَفِيظ عَلَى فَرَائِض اللَّه وَمَا اِئْتَمَنَهُ عَلَيْهِ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24742 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { حَفِيظ } قَالَ : حَفِيظ لِمَا اِسْتَوْدَعَهُ اللَّه مِنْ حَقّه وَنِعْمَته . )وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره وَصَفَ هَذَا التَّائِب الْأَوَّاب بِأَنَّهُ حَفِيظ , وَلَمْ يَخُصّ بِهِ عَلَى حِفْظ نَوْع مِنْ أَنْوَاع الطَّاعَات دُون نَوْع , فَالْوَاجِب أَنْ يَعُمّ كَمَا عَمَّ جَلَّ ثَنَاؤُهُ , فَيُقَال : هُوَ حَفِيظ لِكُلِّ مَا قَرَّبَهُ إِلَى رَبّه مِنْ الْفَرَائِض وَالطَّاعَات وَالذُّنُوب الَّتِي سَلَفَتْ مِنْهُ لِلتَّوْبَةِ مِنْهَا وَالِاسْتِغْفَار .

فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ

وَقَوْله : { مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ } يَقُول : مَنْ خَافَ اللَّه فِي الدُّنْيَا مِنْ قَبْل أَنْ يَلْقَاهُ , فَأَطَاعَهُ , وَاتَّبَعَ أَمْره . وَفِي { مَنْ } فِي قَوْله : { مَنْ خَشِيَ } وَجْهَانِ مِنْ الْإِعْرَاب : الْخَفْض عَلَى اِتِّبَاعه كُلّ فِي قَوْله : { لِكُلِّ أَوَّاب } وَالرَّفْع عَلَى الِاسْتِئْنَاف , وَهُوَ مُرَاد بِهِ الْجَزَاء مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ , قِيلَ لَهُ اُدْخُلْ الْجَنَّة ; فَيَكُون حِينَئِذٍ قَوْله : { اُدْخُلُوهَا بِسَلَامٍ } جَوَابًا لِلْجَزَاءِ أَضْمَرَ قَبْله الْقَوْل , وَحَمَلَ فِعْلًا لِلْجَمِيعِ ; لِأَنَّ { مَنْ } قَدْ تَكُون فِي مَذْهَب الْجَمِيع .|وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ|وَقَوْله : { وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيب } يَقُول : وَجَاءَ اللَّه بِقَلْبٍ تَائِب مِنْ ذُنُوبه , رَاجِع مِمَّا يَكْرَههُ اللَّه إِلَى مَا يُرْضِيه . كَمَا : 24743 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيب } : أَيْ مُنِيب إِلَى رَبّه مُقْبِل .)


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس