الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِذَا السَّمَاء اِنْفَطَرَتْ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { إِذَا السَّمَاء اِنْفَطَرَتْ } : اِنْشَقَّتْ .
{ وَإِذَا الْكَوَاكِب اِنْتَثَرَتْ } مِنْهَا فَتَسَاقَطَتْ ,
يَقُول : فَجَّرَ اللَّه بَعْضهَا فِي بَعْض , فَمَلَأَ جَمِيعهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل عَلَى اِخْتِلَاف مِنْهُمْ فِي بَعْض ذَلِكَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28327 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { وَإِذَا الْبِحَار فُجِّرَتْ } يَقُول : بَعْضهَا فِي بَعْض . )28328 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَإِذَا الْبِحَار فُجِّرَتْ } فُجِّرَ عَذْبهَا فِي مَالِحهَا , وَمَالِحهَا فِي عَذْبهَا . )28329 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن ( { وَإِذَا الْبِحَار فُجِّرَتْ } قَالَ : فُجِّرَ بَعْضهَا فِي بَعْض , فَذَهَبَ مَاؤُهَا . وَقَالَ الْكَلْبِيّ : مُلِئَتْ .)
وَقَوْله : { وَإِذَا الْقُبُور بُعْثِرَتْ } يَقُول : وَإِذَا الْقُبُور أُثِيرَتْ , فَاسْتُخْرِجَ مَنْ فِيهَا مِنْ الْمَوْتَى أَحْيَاء . يُقَال : بَعْثَرَ فُلَان حَوْض فُلَان : إِذَا جَعَلَ أَسْفَله أَعْلَاهُ , يُقَال : بَعْثَرَهُ وَبَحْثَرَهُ : لُغَتَانِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28330 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { وَإِذَا الْقُبُور بُعْثِرَتْ } يَقُول : بُحِثَتْ .)
وَقَوْله : { عَلِمَتْ نَفْس مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : عَلِمَتْ كُلّ نَفْس مَا قَدَّمَتْ لِذَلِكَ الْيَوْم مِنْ عَمَل صَالِح يَنْفَعهُ , وَأَخَّرَتْ وَرَاءَهُ مِنْ شَيْء سَنَّهُ فَعَمِلَ بِهِ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ بِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28331 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : ثَنِي عَنْ الْقُرَظِيّ, أَنَّهُ قَالَ فِي : ( { عَلِمَتْ نَفْس مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } قَالَ : مَا قَدَّمَتْ مِمَّا عَمِلَتْ , وَأَمَّا مَا أَخَّرَتْ فَالسُّنَّة يَسُنّهَا الرَّجُل , يَعْمَل بِهَا مِنْ بَعْده . )وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِذَلِكَ : مَا قَدَّمَتْ مِنْ الْفَرَائِض الَّتِي أَدَّتْهَا , وَمَا أَخَّرَتْ مِنْ الْفَرَائِض الَّتِي ضَيَّعَتْهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28332 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ سَعِيد بْن مَسْرُوق , عَنْ عِكْرِمَة ( { عَلِمَتْ نَفْس مَا قَدَّمَتْ } قَالَ : مَا اُفْتُرِضَ عَلَيْهَا { وَمَا أَخَّرَتْ } قَالَ : مِمَّا اُفْتُرِضَ عَلَيْهَا . )28333 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس ( { عَلِمَتْ نَفْس مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } قَالَ : تَعْلَم مَا قَدَّمَتْ مِنْ طَاعَة اللَّه , وَمَا أَخَّرَتْ مِمَّا أُمِرَتْ بِهِ مِنْ حَقّ لِلَّهِ عَلَيْهِ لَمْ تَعْمَل بِهِ . )28334 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْل : ( { عَلِمَتْ نَفْس مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } قَالَ : مَا قَدَّمَتْ مِنْ خَيْر , وَأَخَّرَتْ مِنْ حَقّ اللَّه عَلَيْهَا لَمْ تَعْمَل بِهِ . * - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , { مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } قَالَ : مَا قَدَّمَتْ مِنْ طَاعَة اللَّه وَمَا أَخَّرَتْ مِنْ حَقّ اللَّه . )28335 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { عَلِمَتْ نَفْس مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } قَالَ : مَا قَدَّمَتْ : عَمِلَتْ , وَمَا أَخَّرَتْ : تَرَكَتْ وَضَيَّعَتْ , وَأَخَّرَتْ مِنْ الْعَمَل الصَّالِح الَّذِي دَعَاهَا اللَّه إِلَيْهِ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : مَا قَدَّمَتْ مِنْ خَيْر أَوْ شَرّ , وَأَخَّرَتْ مِنْ خَيْر أَوْ شَرّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28336 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا هَشِيم , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْعَوَّام , عَنْ إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ , قَالَ : ذَكَرُوا عِنْده هَذِهِ الْآيَة ( { عَلِمَتْ نَفْس مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } قَالَ : أَنَا مِمَّا أَخَّرَ الْحَجَّاج . )وَإِنَّمَا اِخْتَرْنَا الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَاهُ , لِأَنَّ كُلّ مَا عَمِلَ الْعَبْد مِنْ خَيْر أَوْ شَرّ فَهُوَ مِمَّا قَدَّمَهُ , وَأَنَّ مَا ضَيَّعَ مِنْ حَقّ اللَّه عَلَيْهِ وَفَرَّطَ فِيهِ فَلَمْ يَعْمَلهُ , فَهُوَ مِمَّا قَدْ قَدَّمَ مِنْ شَرّ , وَلَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا أَخَّرَ مِنْ الْعَمَل , لِأَنَّ الْعَمَل هُوَ مَا عَمِلَهُ , فَأَمَّا مَا لَمْ يَعْمَلهُ فَإِنَّمَا هُوَ سَيِّئَة قَدَّمَهَا , فَلِذَلِكَ قُلْنَا : مَا أَخَّرَ : هُوَ مَا سَنَّهُ مِنْ سُنَّة حَسَنَة وَسَيِّئَة , مِمَّا إِذَا عَمِلَ بِهِ الْعَامِل كَانَ لَهُ مِثْل أَجْر الْعَامِل بِهَا أَوْ وِزْره .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الْإِنْسَان مَا غَرَّك بِرَبِّك الْكَرِيم } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَا أَيّهَا الْإِنْسَان الْكَافِر , أَيّ شَيْء غَرَّك بِرَبِّك الْكَرِيم , غَرَّ الْإِنْسَان بِهِ عَدُوّهُ الْمُسَلَّط عَلَيْهِ , كَمَا : 28337 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { مَا غَرَّك بِرَبِّك الْكَرِيم } شَيْء مَا غَرَّ اِبْن آدَم هَذَا الْعَدُوّ الشَّيْطَان .)
وَقَوْله : { الَّذِي خَلَقَك فَسَوَّاك } يَقُول : الَّذِي خَلَقَك أَيّهَا الْإِنْسَان فَسَوَّى خَلْقك { فَعَدَلَك } وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَمَكَّة وَالشَّام وَالْبَصْرَة : | فَعَدَلَك | بِتَشْدِيدِ الدَّال , وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة بِتَخْفِيفِهَا ; وَكَأَنَّ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ بِالتَّشْدِيدِ , وَجَّهَ مَعْنَى الْكَلَام إِلَى أَنَّهُ جَعَلَك مُعْتَدِلًا مُعَدَّل الْخَلْق مُقَوَّمًا , وَكَأَنَّ الَّذِينَ قَرَءُوهُ بِالتَّخْفِيفِ , وَجَّهُوا مَعْنَى الْكَلَام إِلَى صَرْفك , وَأَمَالَك إِلَى أَيّ صُورَة شَاءَ , إِمَّا إِلَى صُورَة حَسَنَة , وَإِمَّا إِلَى صُورَة قَبِيحَة , أَوْ إِلَى صُورَة بَعْض قَرَابَاته . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار , صَحِيحَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب , غَيْر أَنَّ أَعْجَبهُمَا إِلَيَّ أَنْ أَقْرَأ بِهِ , قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ بِالتَّشْدِيدِ , لِأَنَّ دُخُول | فِي | لِلتَّعْدِيلِ أَحْسَن فِي الْعَرَبِيَّة مِنْ دُخُولهَا لِلْعَدْلِ , أَلَا تَرَى أَنَّك تَقُول : عَدَلْتُك فِي كَذَا , وَصَرَفْتُك إِلَيْهِ , وَلَا تَكَاد تَقُول : عَدَلْتُك إِلَى كَذَا وَصَرَفْتُك فِيهِ , فَلِذَلِكَ اِخْتَرْت التَّشْدِيد .
أَمَالَك إِلَى أَيّ صُورَة شَاءَ , إِمَّا إِلَى صُورَة حَسَنَة , وَإِمَّا إِلَى صُورَة قَبِيحَة , أَوْ إِلَى صُورَة بَعْض قَرَابَاته . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ وَذَكَرْنَا أَنَّ قَارِئِي ذَلِكَ تَأَوَّلُوهُ , جَاءَتْ الرِّوَايَة عَنْ أَهْل التَّأْوِيل أَنَّهُمْ قَالُوهُ . ذِكْر الرِّوَايَة بِذَلِكَ : 28338 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : ( { فِي أَيّ صُورَة مَا شَاءَ رَكَّبَك } قَالَ : فِي أَيّ شَبَه أَب أَوْ أُمّ أَوْ خَال أَوْ عَمّ . )28339 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ سُفْيَان , عَنْ إِسْمَاعِيل , فِي قَوْله : ( { مَا شَاءَ رَكَّبَك } قَالَ : إِنْ شَاءَ فِي صُورَة كَلْب , وَإِنْ شَاءَ فِي صُورَة حِمَار . )28340 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي صَالِح ( { فِي أَيّ صُورَة مَا شَاءَ رَكَّبَك } قَالَ : خِنْزِيرًا أَوْ حِمَارًا . )28341 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَبِي رَجَاء , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : ( { فِي أَيّ صُورَة مَا شَاءَ رَكَّبَك } قَالَ : إِنْ شَاءَ فِي صُورَة قِرْد , وَإِنْ شَاءَ فِي صُورَة خِنْزِير . )28342 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سِنَانِ الْقَزَّاز , قَالَ : ثَنَا مُطَهِّر بْن الْهَيْثَم , قَالَ : ثَنَا مُوسَى بْن عَلِيّ بْن أَبِي رَبَاح اللَّخْمِيّ , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ جَدِّي , أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ : ( مَا وُلِدَ لَك ؟ | قَالَ : يَا رَسُول اللَّه , مَا عَسَى أَنْ يُولَد لِي , إِمَّا غُلَام , وَإِمَّا جَارِيَة , قَالَ : | فَمَنْ يُشْبِه ؟ | قَالَ : يَا رَسُول اللَّه مَنْ عَسَى أَنْ يُشْبِه ؟ إِمَّا أَبَاهُ , وَإِمَّا أُمّه ; فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدهَا : | مَهْ , لَا تَقُولَنَّ هَكَذَا , إِنَّ النُّطْفَة إِذَا اِسْتَقَرَّتْ فِي الرَّحِم أَحْضَرَ اللَّه كُلّ نَسَب بَيْنهَا وَبَيْن آدَم , أَمَا قَرَأْت هَذِهِ الْآيَة فِي كِتَاب اللَّه { فِي أَيّ صُورَة مَا شَاءَ رَكَّبَك } قَالَ : سَلَكَك |)
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَيْسَ الْأَمْر أَيّهَا الْكَافِرُونَ كَمَا تَقُولُونَ , مِنْ أَنَّكُمْ عَلَى الْحَقّ فِي عِبَادَتكُمْ غَيْر اللَّه , وَلَكِنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ بِالثَّوَابِ وَالْعِقَاب ; وَالْجَزَاء وَالْحِسَاب . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْله { بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28343 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ } قَالَ : بِالْحِسَابِ . )* - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ } قَالَ : بِيَوْمِ الْحِسَاب . )28344 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ } قَالَ : يَوْم شِدَّة , يَوْم يَدِين اللَّه الْعِبَاد بِأَعْمَالِهِمْ .)
وَقَوْله : { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ } يَقُول : وَإِنَّ عَلَيْكُمْ رُقَبَاء حَافِظِينَ يَحْفَظُونَ أَعْمَالكُمْ , وَيَخُصُّونَهَا عَلَيْكُمْ
يَقُول : كِرَامًا عَلَى اللَّه كَاتِبِينَ , يَكْتُبُونَ أَعْمَالكُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28345 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : قَالَ بَعْض أَصْحَابنَا , عَنْ أَيُّوب , فِي قَوْله : ( { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ } قَالَ : يَكْتُبُونَ مَا تَقُولُونَ وَمَا تَعْنُونَ .)
وَقَوْله : { يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ } يَقُول : يَعْلَم هَؤُلَاءِ الْحَافِظُونَ مَا تَفْعَلُونَ مِنْ خَيْر أَوْ شَرّ , يُحْصُونَ ذَلِكَ عَلَيْكُمْ .
وَقَوْله : { إِنَّ الْأَبْرَار لَفِي نَعِيم } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِنَّ الَّذِينَ بَرُّوا بِأَدَاءِ فَرَائِض اللَّه , وَاجْتِنَاب مَعَاصِيه لَفِي نَعِيم الْجِنَان يَنْعَمُونَ فِيهَا .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنَّ الْفُجَّار لَفِي جَحِيم } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَإِنَّ الْفُجَّار } الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ { لَفِي جَحِيم } .
وَقَوْله : { يَصْلَوْنَهَا يَوْم الدِّين } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : يَصْلَى هَؤُلَاءِ الْفُجَّار الْجَحِيم يَوْم الْقِيَامَة , يَوْم يُدَان الْعِبَاد بِالْأَعْمَالِ , فَيُجَازَوْنَ بِهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28346 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { يَوْم الدِّين } مِنْ أَسْمَاء يَوْم الْقِيَامَة , عَظَّمَهُ اللَّه , وَحَذَّرَهُ عِبَاده .)
وَقَوْله : { وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا هَؤُلَاءِ الْفُجَّار مِنْ الْجَحِيم بِخَارِجِينَ أَبَدًا فَغَائِبِينَ عَنْهَا , وَلَكِنَّهُمْ فِيهَا مُخَلَّدُونَ مَاكِثُونَ , وَكَذَلِكَ الْأَبْرَار فِي النَّعِيم , وَذَلِكَ نَحْو قَوْله : { وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ } [15 48]
وَقَوْله : { وَمَا أَدْرَاك مَا يَوْم الدِّين } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَمَا أَدْرَاك يَا مُحَمَّد , أَيْ وَمَا أَشْعَرَك مَا يَوْم الدِّين ؟ يَقُول : أَيّ شَيْء يَوْم الْحِسَاب وَالْمُجَازَاة , مُعَظِّمًا شَأْنه جَلَّ ذِكْره , بِقِيلِهِ ذَلِكَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28347 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَمَا أَدْرَاك مَا يَوْم الدِّين } تَعْظِيمًا لِيَوْمِ الْقِيَامَة , يَوْم تُدَان فِيهِ النَّاس بِأَعْمَالِهِمْ .)
وَقَوْله : { ثُمَّ مَا أَدْرَاك مَا يَوْم الدِّين } يَقُول : ثُمَّ أَيّ شَيْء أَشْعَرَك أَيّ شَيْء يَوْم الْمُجَازَاة وَالْحِسَاب يَا مُحَمَّد , تَعْظِيمًا لِأَمْرِهِ .
ثُمَّ فَسَّرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بَعْض شَأْنه فَقَالَ : { يَوْم لَا تَمْلِك نَفْس لِنَفْسٍ شَيْئًا } يَقُول : ذَلِكَ الْيَوْم , يَوْم لَا تَمْلِك نَفْس , يَقُول : يَوْم لَا تُغْنِي نَفْس عَنْ نَفْس شَيْئًا , فَتَدْفَع عَنْهَا بَلِيَّة نَزَلَتْ بِهَا , وَلَا تَنْفَعهَا بِنَافِعَةٍ , وَقَدْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا تَحْمِيهَا , وَتَدْفَع عَنْهَا مَنْ بَغَاهَا سُوءًا , فَبَطَل ذَلِكَ يَوْمئِذٍ , لِأَنَّ الْأَمْر صَارَ لِلَّهِ الَّذِي لَا يَغْلِبهُ غَالِب , وَلَا يَقْهَرهُ قَاهِر , وَاضْمَحَلَّتْ هُنَالِكَ الْمَمَالِك , وَذَهَبَتْ الرِّيَاسَات , وَحَصَلَ الْمُلْك لِلْمَلِكِ الْجَبَّار ,|وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ|وَذَلِكَ قَوْله : { وَالْأَمْر يَوْمئِذٍ لِلَّهِ } يَقُول : وَالْأَمْر كُلّه يَوْمئِذٍ , يَعْنِي الدِّين لِلَّهِ دُون سَائِر خَلْقه , لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقه مَعَهُ يَوْمئِذٍ أَمْر وَلَا نَهْي . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28348 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { وَالْأَمْر يَوْمئِذٍ لِلَّهِ } قَالَ : لَيْسَ ثَمَّ أَحَد يَوْمئِذٍ يَقْضِي شَيْئًا , وَلَا يَصْنَع شَيْئًا إِلَّا رَبّ الْعَالَمِينَ . )* - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله ( { يَوْم لَا تَمْلِك نَفْس لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْر يَوْمئِذٍ لِلَّهِ } وَالْأَمْر وَاَللَّه الْيَوْم لِلَّهِ , وَلَكِنَّهُ يَوْمئِذٍ لَا يُنَازِعهُ أَحَد . )وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { يَوْم لَا تَمْلِك نَفْس } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز وَالْكُوفَة بِنَصْبِ { يَوْم } إِذْ كَانَتْ إِضَافَته غَيْر مَحْضَة . وَقَرَأَهُ بَعْض قُرَّاء الْبَصْرَة بِضَمِّ | يَوْم | وَرَفْعه رَدًّا عَلَى الْيَوْم الْأَوَّل , وَالرَّفْع فِيهِ أَفْصَح فِي كَلَام الْعَرَب , وَذَلِكَ أَنَّ الْيَوْم مُضَاف إِلَى يَفْعَل , وَالْعَرَب إِذَا أَضَافَتْ الْيَوْم إِلَى تَفْعَل أَوْ يَفْعَل أَوْ أَفْعَل رَفَعُوهُ فَقَالُوا : هَذَا يَوْم أَفْعَل كَذَا , وَإِذَا أَضَافَتْهُ إِلَى فِعْل مَاضٍ نَصَبُوهُ ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : <br>عَلَى حِين عَاتَبْت الْمَشِيب عَلَى الصِّبَا .......... وَقُلْت أَلَمَّا تَصْحُ وَالشَّيْب وَازِع <br>آخِر تَفْسِير سُورَة إِذَا السَّمَاء اِنْفَطَرَتْ .