islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

تفسير الطبرى
15477

80-عبس

عَبَسَ وَتَوَلَّى

يَقُول : كَمَا أَهْلَكْنَا هَؤُلَاءِ بِكُفْرِهِمْ بِي , وَتَكْذِيبهمْ بِرُسُلِي , كَذَلِكَ سُنَّتِي فِي أَمْثَالهمْ مِنْ الْأُمَم الْكَافِرَة , فَنُهْلِك الْمُجْرِمِينَ بِإِجْرَامِهِمْ إِذَا طَغَوْا وَبَغَوْا .

أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى

{ وَيْل يَوْمئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ } بِأَخْبَارِ اللَّه الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي هَذِهِ الْآيَة , الْجَاحِدِينَ قُدْرَته عَلَى مَا يَشَاء .

وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَلَمْ نَخْلُقكُمْ مِنْ مَاء مَهِين } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { أَلَمْ نَخْلُقكُمْ } أَيّهَا النَّاس { مِنْ مَاء مَهِين } يَعْنِي مِنْ نُطْفَة ضَعِيفَة , كَمَا : 27847 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { أَلَمْ نَخْلُقكُمْ مِنْ مَاء مَهِين } يَعْنِي بِالْمَهِينِ : الضَّعِيف .)

أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى

وَقَوْله : { فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَار مَكِين } يَقُول : فَجَعَلْنَا الْمَاء الْمَهِين فِي رَحِم اِسْتَقَرَّ فِيهَا فَتَمَكَّنَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27848 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { فِي قَرَار مَكِين } قَالَ : الرَّحِم .)

أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى

وَقَوْله : { إِلَى قَدَر مَعْلُوم } يَقُول : إِلَى وَقْت مَعْلُوم لِخُرُوجِهِ مِنْ الرَّحِم عِنْد اللَّه .

فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى

اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة : | فَقَدَّرْنَا | بِالتَّشْدِيدِ . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة وَالْبَصْرَة بِالتَّخْفِيفِ . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَّا الْقَارِئ فَمُصِيب , وَإِنْ كُنْت أُوثِر التَّخْفِيف لِقَوْلِهِ : { فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ } , إِذْ كَانَتْ الْعَرَب قَدْ تَجْمَع بَيْن اللُّغَتَيْنِ , كَمَا قَالَ : { فَمَهِّلْ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا } [86 17 ]فَجَمَعَ بَيْن التَّشْدِيد وَالتَّخْفِيف , كَمَا قَالَ الْأَعْشَى : <br>وَأَنْكَرَتْنِي وَمَا كَانَ الَّذِي نَكِرَتْ .......... مِنْ الْحَوَادِث إِلَّا الشَّيْب وَالصَّلَعَا <br>وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُون الْمَعْنَى فِي التَّشْدِيد وَالتَّخْفِيف وَاحِدًا . فَإِنَّهُ مَحْكِيّ عَنْ الْعَرَب , قُدِرَ عَلَيْهِ الْمَوْت , وَقُدِّرَ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد . وَعُنِيَ بِقَوْلِهِ : { فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ } مَا : 27849 - حَدَّثَنَا بِهِ اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ اِبْن الْمُبَارَك غَنِّ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك ( { فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ } قَالَ : فَمَلَكْنَا فَنِعْمَ الْمَالِكُونَ .)

وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى

وَقَوْله : { وَيْل يَوْمئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَيْل يَوْمئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ بِأَنَّ اللَّه خَلَقَهُمْ مِنْ مَاء مَهِين .

وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَلَمْ نَجْعَل الْأَرْض كِفَاتًا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُنَبِّهًا عِبَاده عَلَى نِعَمه عَلَيْهِمْ : { أَلَمْ نَجْعَل } أَيّهَا النَّاس { الْأَرْض } لَكُمْ { كِفَاتًا } يَقُول : وِعَاء ; تَقُول : هَذَا كَفَتَ هَذَا وَكَفَيْته , إِذَا كَانَ وِعَاءَهُ . وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَام : أَلَمْ نَجْعَل الْأَرْض كِفَات أَحْيَائِكُمْ وَأَمْوَاتكُمْ , تَكْفِت أَحْيَاءَكُمْ فِي الْمَسَاكِن وَالْمَنَازِل , فَتَضُمّهُمْ فِيهَا وَتَجْمَعهُمْ , وَأَمْوَاتكُمْ فِي بُطُونهَا فِي الْقُبُور , فَيُدْفَنُونَ فِيهَا . وَجَائِز أَنْ يَكُون عُنِيَ بِقَوْلِهِ : { كِفَاتًا أَحْيَاء وَأَمْوَاتًا } تَكْفِت أَذَاهُمْ فِي حَال حَيَاتهمْ , وَجِيَفهمْ بَعْد مَمَاتهمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27850 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { أَلَمْ نَجْعَل الْأَرْض كِفَاتًا } يَقُول : كِنًّا . )27851 - حَدَّثَنَا عَبْد الْحَمِيد بْن بَيَان , قَالَ : أَخْبَرَنَا خَالِد , عَنْ مُسْلِم , عَنْ زَاذَان أَبِي عُمَر , عَنْ الرَّبِيع بْن خُثَيْم , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , (أَنَّهُ وَجَدَ قَمْلَة فِي ثَوْبه , فَدَفَنَهَا فِي الْمَسْجِد ثُمَّ قَالَ : { أَلَمْ نَجْعَل الْأَرْض كِفَاتًا أَحْيَاء وَأَمْوَاتًا } )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , قَالَ : ثَنَا مُسْلِم الْأَعْوَر , عَنْ زَاذَان , عَنْ رَبِيع بْن خُثَيْم , عَنْ عَبْد اللَّه , مِثْله . 27852 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ لَيْث , قَالَ : قَالَ مُجَاهِد (فِي الَّذِي يَرَى الْقَمْلَة فِي ثَوْبه وَهُوَ فِي الْمَسْجِد , وَلَا أَدْرِي قَالَ فِي صَلَاة أَمْ لَا , إِنْ شِئْت فَأَلْقِهَا , وَإِنْ شِئْت فَوَارِهَا { أَلَمْ نَجْعَل الْأَرْض كِفَاتًا أَحْيَاء وَأَمْوَاتًا } . )27853 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ شَرِيك , عَنْ بَيَان , عَنْ الشَّعْبِيّ ( { أَلَمْ نَجْعَل الْأَرْض كِفَاتًا أَحْيَاء وَأَمْوَاتًا } قَالَ : بَطْنهَا لِأَمْوَاتِكُمْ , وَظَهْرهَا لِأَحْيَائِكُمْ . )27854 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ عُثْمَان بْن الْأَسْوَد , عَنْ مُجَاهِد ( { أَلَمْ نَجْعَل الْأَرْض كِفَاتًا } قَالَ : تَكْفِت أَذَاهُمْ .)

وَهُوَ يَخْشَى

{ أَحْيَاء } تُوَارِيه { وَأَمْوَاتًا } يُدْفَنُونَ : تَكْفِتهُمْ وَقَدْ : * - حَدَّثَنِي بِهِ اِبْن حُمَيْد مَرَّة أُخْرَى , فَقَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عُثْمَان بْن الْأَسْوَد , عَنْ مُجَاهِد ( { أَلَمْ نَجْعَل الْأَرْض كِفَاتًا } قَالَ : تَكْفِت أَذَاهُمْ وَمَا يَخْرُج مِنْهُمْ { أَحْيَاء وَأَمْوَاتًا } قَالَ : تَكْفِتهُمْ فِي الْأَحْيَاء وَالْأَمْوَات . )27855 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَا : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { أَلَمْ نَجْعَل الْأَرْض كِفَاتًا أَحْيَاء وَأَمْوَاتًا } قَالَ : أَحْيَاء يَكُونُونَ فِيهَا . )قَالَ مُحَمَّد بْن عَمْرو : (يُغَيِّبُونَ فِيهَا مَا أَرَادُوا , )وَقَالَ الْحَارِث . (وَيُغَيِّبُونَ فِيهَا مَا أَرَادُوا . )وَقَوْله : { أَحْيَاء وَأَمْوَاتًا } قَالَ : يُدْفَنُونَ فِيهَا . 27856 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { أَلَمْ نَجْعَل الْأَرْض كِفَاتًا أَحْيَاء وَأَمْوَاتًا } يَسْكُن فِيهَا حَيّهمْ , وَيُدْفَن فِيهَا مَيِّتهمْ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { أَحْيَاء وَأَمْوَاتًا } قَالَ : أَحْيَاء فَوْقهَا عَلَى ظَهْرهَا , وَأَمْوَاتًا يُقْبَرُونَ فِيهَا . )وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي الَّذِي نَصَبَ { أَحْيَاء وَأَمْوَاتًا } فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : نُصِبَ عَلَى الْحَال . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : بَلْ نُصِبَ ذَلِكَ بِوُقُوعِ الْكِفَّات عَلَيْهِ , كَأَنَّك قُلْت : أَلَمْ نَجْعَل الْأَرْض كِفَات أَحْيَاء وَأَمْوَات , فَإِذَا نَوَّنْت نَصَبْت كَمَا يَقْرَأ مَنْ يَقْرَأ : { أَوْ إِطْعَام فِي يَوْم ذِي مَسْغَبَة يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَة } وَهَذَا الْقَوْل أَشْبَه عِنْدِي بِالصَّوَابِ .

فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى

وَقَوْله : { وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِي شَامِخَات } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْض جِبَالًا ثَابِتَات فِيهَا , بَاذِخَات شَاهِقَات , كَمَا : 27857 - حَدَّثَنِي بِشْر , قَالَ . ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِي شَامِخَات } يَعْنِي الْجِبَال . )27858 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنَا مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { رَوَاسِي شَامِخَات } يَقُول : جِبَالًا مُشْرِفَات .)|وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا|وَقَوْله : { وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاء فُرَاتًا } يَقُول : وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاء عَذْبًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27859 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس ( { وَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاء فُرَاتًا } يَقُول : عَذْبًا . )27860 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنِي أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { مَاء فُرَاتًا } قَالَ : عَذْبًا . )27861 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاء فُرَاتًا } أَيْ مَاء عَذْبًا . )27862 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سِنَانِ الْقَزَّاز , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , عَنْ شُبَيْب , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاء فُرَاتًا } قَالَ : مِنْ أَرْبَعَة أَنْهَار : سَيْحَان , وَجَيْحَان , وَالنِّيل , وَالْفُرَات , وَكُلّ مَاء يَشْرَبهُ اِبْن آدَم , فَهُوَ مِنْ هَذِهِ الْأَنْهَار , وَهِيَ تَخْرُج مِنْ تَحْت صَخْرَة مِنْ عِنْد بَيْت الْمَقْدِس . وَأَمَّا سَيْحَان فَهُوَ بِبَلَخٍ , وَأَمَّا جَيْحَان فَدِجْلَة , وَأَمَّا الْفُرَات فَفُرَات الْكُوفَة , وَأَمَّا النِّيل فَهُوَ بِمِصْر .)

كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ

وَقَوْله : { وَيْل يَوْمئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ } يَقُول : وَيْل يَوْمئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ بِهَذِهِ النِّعَم الَّتِي أَنْعَمْتهَا عَلَيْكُمْ مِنْ خَلْقِي الْكَافِرِينَ بِهَا .

فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { اِنْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِهَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِهَذِهِ النِّعَم و الْحُجَج الَّتِي اِحْتَجَّ بِهَا عَلَيْهِمْ يَوْم الْقِيَامَة : { اِنْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ } فِي الدُّنْيَا { تُكَذِّبُونَ } مِنْ عَذَاب اللَّه لِأَهْلِ الْكُفْر بِهِ .

فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ

يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره : إِلَى ظِلّ دُخَان ذِي ثَلَاث شُعَب , وَذَلِكَ أَنَّهُ يَرْتَفِع مِنْ وَقُودهَا الدُّخَان فِيمَا ذُكِرَ , فَإِذَا تَصَاعَدَ تَفَرَّقَ شُعَبًا ثَلَاثًا , فَذَلِكَ قَوْله : { ذِي ثَلَاث شُعَب } . 27863 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { إِلَى ظِلّ ذِي ثَلَاث شُعَب } قَالَ : دُخَان جَهَنَّم . )27864 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { ظِلّ ذِي ثَلَاث شُعَب } قَالَ : هُوَ كَقَوْلِهِ : { نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقهَا } [18 49 ]قَالَ : وَالسُّرَادِق : دُخَان النَّار , فَأَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقهَا , ثُمَّ تَفَرَّقَ , فَكَانَ ثَلَاث شُعَب , فَقَالَ : اِنْطَلِقُوا إِلَى ظِلّ ذِي ثَلَاث شُعَب : شُعْبَة هَهُنَا , وَشُعْبَة هَهُنَا , وَشُعْبَة هَهُنَا { لَا ظَلِيل وَلَا يُغْنِي مِنْ اللَّهَب } . )

مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ

وَقَوْله : { لَا ظَلِيل } يَقُول : لَا هُوَ يُظِلّهُمْ مِنْ حَرّهَا { وَلَا يُغْنِي مِنْ اللَّهَب } وَلَا يُكِنُّهُمْ مِنْ لَهَبهَا .

بِأَيْدِي سَفَرَةٍ

وَقَوْله : { إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ جَهَنَّم تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ , فَقَرَأَ ذَلِكَ قُرَّاء الْأَمْصَار : { كَالْقَصْرِ } بِجَزْمِ الصَّاد . وَاخْتَلَفَ الدِّين قَرَءُوا ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي مَعْنَاهُ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ وَاحِد الْقُصُور . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27865 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ } يَقُول : كَالْقَصْرِ الْعَظِيم . )27866 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ خُصَيْف , عَنْ مُجَاهِد ( { إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ } قَالَ : ذَكَرَ الْقَصْر . )27867 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي يَزِيد بْن يُونُس , عَنْ أَبِي صَخْر فِي قَوْل اللَّه : ( { إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ } قَالَ : كَانَ الْقُرَظِيّ يَقُول : إِنَّ عَلَى جَهَنَّم سُورًا فَمَا خَرَجَ مِنْ وَرَاء السُّور مِمَّا يَرْجِع فِيهَا فِي عَظْم الْقَصْر , وَلَوْن الْقَار . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ الْغَلِيظ مِنْ الْخَشَب , كَأُصُولِ النَّخْل وَمَا أَشْبَه ذَلِكَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 27868 - حَدَّثَنَا وَكِيع , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَابِس , قَالَ : سَأَلْت اِبْن عَبَّاس عَنْ قَوْله : ( { إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ } قَالَ : الْقَصْر : خَشَب كُنَّا نَدَّخِرهُ لِلشِّتَاءِ ثَلَاث أَذْرُع , وَفَوْق ذَلِكَ , وَدُون ذَلِكَ كُنَّا نُسَمِّيه الْقَصْر . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا مُؤَمَّل , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , قَالَ : سَمِعْت عَبْد الرَّحْمَن بْن عَابِس , قَالَ : سَمِعْت اِبْن عَبَّاس يَقُول فِي قَوْله : ( { إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ } قَالَ : الْقَصْر : خَشَب كَانَ يَقْطَع فِي الْجَاهِلِيَّة ذِرَاعًا وَأَقَلّ أَوْ أَكْثَر , يُعْمَد بِهِ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَابِس , قَالَ : سَمِعْت اِبْن عَبَّاس يَقُول فِي قَوْله : ( { إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ } قَالَ : كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّة نَقْصُر ذِرَاعَيْنِ أَوْ ثَلَاث أَذْرُع , وَفَوْق ذَلِكَ وَدُون ذَلِكَ نُسَمِّيه الْقَصْر . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله ( { إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ } فَالْقَصْر : الشَّجَر الْمُقَطَّع , وَيُقَال : الْقَصْر : النَّخْل الْمَقْطُوع . )27869 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى : وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { كَالْقَصْرِ } قَالَا : حُزَم الشَّجَر , يَعْنِي الْحُزْمَة . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي هَذِهِ الْآيَة ( { إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ } قَالَ : مِثْل قَصْر النَّخْلَة . )27870 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ } أُصُول الشَّجَر , وَأُصُول النَّخْل . )* - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ } قَالَ : كَأَصْلِ الشَّجَر . )27871 - حُدِّثْنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ } الْقَصْر : أُصُول الشَّجَر الْعِظَام , كَأَنَّهَا أَجْوَاز الْإِبِل الصُّفْر وَسَط كُلّ شَيْء جَوْزه , وَهِيَ الْأَجْوَاز . )27872 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن يُوسُف , قَالَ : ثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا حَجَّاج , عَنْ هَارُون , قَالَ : قَرَأَهَا الْحَسَن : ( { كَالْقَصْرِ } وَقَالَ : هُوَ الْجِزَل مِنْ الْخَشَب قَالَ : وَاحِدَته : قَصْرَة وَقَصْر , مِثْله : جَمْرَة وَجَمْر , وَتَمْرَة وَتَمْر . )وَذُكِرَ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ : | كَالْقَصَرِ | بِتَحْرِيكِ الصَّاد . 27873 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن يُوسُف , قَالَ : ثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا حَجَّاج , عَنْ هَارُون , قَالَ : أَخْبَرَنِي حُسَيْن الْمُعَلِّم , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس (أَنَّهُ قَرَأَهَا | كَالْقَصَرِ | بِفَتْحِ الْقَاف وَالصَّاد . )27874 - قَالَ : وَقَالَ هَارُون : أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرو (أَنَّ اِبْن عَبَّاس قَرَأَهَا : | كَالْقَصْرِ | وَقَالَ : قَصْر النَّخْل , يَعْنِي الْأَعْنَاق . )وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ عِنْدنَا مَا عَلَيْهِ قُرَّاء الْأَمْصَار , وَهُوَ سُكُون الصَّاد , وَأَوْلَى التَّأْوِيلَات بِهِ أَنَّهُ الْقَصْر مِنْ الْقُصُور , وَذَلِكَ لِدَلَالَةِ قَوْله : { كَأَنَّهُ جِمَالَات صُفْر } عَلَى صِحَّته , وَالْعَرَب تُشَبِّه الْإِبِل بِالْقُصُورِ الْمَبْنِيَّة , كَمَا قَالَ الْأَخْطَل فِي صِفَة نَاقَة : <br>كَأَنَّهَا بُرْج رُومِيّ يُشَيِّدهُ .......... لُزَّ بِجِصٍّ وَآجُرّ وَأَحْجَارِ <br>وَقِيلَ : { بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ } وَلَمْ يَقُلْ كَالْقُصُورِ , وَالشَّرَر : جِمَاع , كَمَا قِيلَ : { سَيُهْزَمُ الْجَمْع وَيُوَلُّونَ الدُّبُر } وَلَمْ يَقُلْ الْأَدْبَار , لِأَنَّ الدُّبُر بِمَعْنَى الْأَدْبَار , وَفَعَلَ ذَلِكَ تَوْفِيقًا بَيْن رُءُوس الْآيَات وَمَقَاطِع الْكَلَام , لِأَنَّ الْعَرَب تَفْعَل ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَبِلِسَانِهَا نَزَلَ الْقُرْآن . وَقِيلَ : كَالْقَصْرِ , وَمَعْنَى الْكَلَام : كَعِظَم الْقَصْر , كَمَا قِيلَ : { تَدُور أَعْيُنهُمْ كَاَلَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْت } وَلَمْ يَقُلْ : كَعُيُونِ الَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ , لِأَنَّ الْمُرَاد فِي التَّشْبِيه الْفِعْل لَا الْعَيْن . 27875 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , أَنَّهُ سَأَلَ الْأَسْوَد عَنْ هَذِهِ الْآيَة : ( { تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ } فَقَالَ : مِثْل الْقَصْر .)

كِرَامٍ بَرَرَةٍ

وَقَوْله : { جِمَالَات صُفْر } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : كَأَنَّ الشَّرَر الَّذِي تَرْمِي بِهِ جَهَنَّم كَالْقَصْرِ جِمَالَات سُود : أَيْ أَيْنُق سُود ; وَقَالُوا : الصُّفْر فِي هَذَا الْمَوْضِع , بِمَعْنَى السُّود . قَالُوا : وَإِنَّمَا قِيلَ لَهَا صُفْر وَهِيَ سُود , لِأَنَّ أَلْوَان الْإِبِل سُود تَضْرِب إِلَى الصُّفْرَة , وَلِذَلِكَ قِيلَ لَهَا صُفْر , كَمَا سُمِّيَتْ الظِّبَاء أُدُمًا , لِمَا يَعْلُوهَا فِي بَيَاضهَا مِنْ الظُّلْمَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27876 - حَدَّثَنِي اِحْمَدْ بْن عَمْرو الْبَصْرِيّ , قَالَ : ثَنَا بَدَل بْن الْمُحَبِّر , قَالَ : ثَنَا عَبَّاد بْن رَاشِد , عَنْ دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ الْحَسَن ( { كَأَنَّهُ جِمَالَة صُفْر } قَالَ : الْأَيْنُق السُّود . )27877 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { كَأَنَّهُ جِمَالَات صُفْر } كَالنُّوقِ السُّود الَّذِي رَأَيْتُمْ . )27878 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { جِمَالَات صُفْر } قَالَ : نُوق سُود . )27879 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان ; وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , جَمِيعًا عَنْ سُفْيَان , عَنْ خُصَيْف , عَنْ مُجَاهِد ( { كَأَنَّهُ جِمَالَات صُفْر } قَالَ : هِيَ الْإِبِل . )* - قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { كَأَنَّهُ جِمَالَات صُفْر } قَالَ : كَالنُّوقِ السُّود الَّذِي رَأَيْتُمْ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ : قُلُوس السُّفُن , شُبِّهَ بِهَا الشَّرَر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27880 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعِيد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس ( { كَأَنَّهُ جِمَالَات صُفْر } فَالْجِمَالَات الصُّفْر : قُلُوس السُّفُن الَّتِي تُجْمَع فَتُوثَق بِهَا السُّفُن . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ سَعِيد , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَابِس , قَالَ : سَأَلْت اِبْن عَبَّاس عَنْ قَوْله : ( { كَأَنَّهُ جِمَالَات صُفْر } قَالَ : قُلُوس سُفُن الْبَحْر يُجْمَل بَعْضهَا عَلَى بَعْض , حَتَّى تَكُون كَأَوْسَاطِ الرِّجَال . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَابِس , قَالَ : سَمِعْت اِبْن عَبَّاس (سُئِلَ عَنْ { جِمَالَات صُفْر } فَقَالَ : حِبَال السُّفُن يُجْمَع بَعْضهَا إِلَى بَعْض حَتَّى تَكُون كَأَوْسَاطِ الرِّجَال . )27881 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا مُؤَمَّل , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , قَالَ : سَمِعْت عَبْد الرَّحْمَن بْن عَابِس , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْمَلِك بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : ثَنَا هِلَال بْن خَبَّاب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْله : ( { جِمَالَات صُفْر } قَالَ : قُلُوس الْجِسْر . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن حُوَيْرَة بْن مُحَمَّد الْمِنْقَرِيّ , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْمَلِك بْن عَبْد اللَّه الْقَطَّان , قَالَ : ثَنَا هِلَال بْن خَبَّاب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر وَابْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر ( { كَأَنَّهُ جِمَالَات صُفْر } قَالَ : الْحِبَال . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ سُلَيْمَان بْن عَبْد اللَّه , عَنْ اِبْن عَبَّاس ( { كَأَنَّهُ جِمَالَات صُفْر } قَالَ : قُلُوس سُفُن الْبَحْر . )27882 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { كَأَنَّهُ جِمَالَات صُفْر } قَالَ : حِبَال الْجُسُور . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : كَأَنَّهُ قِطَع النُّحَاس . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27883 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { كَأَنَّهُ جِمَالَات صُفْر } يَقُول : قِطَع النُّحَاس . )وَأَوْلَى الْأَقْوَال عِنْدِي بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : عُنِيَ بِالْجِمَالَاتِ الصُّفْر : الْإِبِل السُّود , لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوف مِنْ كَلَام الْعَرَب , وَأَنَّ الْجِمَالَات جَمْع جِمَال , نَظِير رِجَال وَرِجَالَات , وَبُيُوت وَبُيُوتَات . وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ : | جِمَالَات | بِكَسْرِ الْجِيم وَالتَّاء عَلَى أَنَّهَا جَمْع جِمَال وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُون أُرِيدَ بِهَا جَمْع جِمَالَة , وَالْجِمَالَة جَمْع جَمَل كَمَا الْحِجَارَة جَمْع حَجَر , وَالذِّكَارَة جَمْع ذَكَر . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ : كَأَنَّهُ | جِمَالَة | بِكَسْرِ الْجِيم عَلَى أَنَّهَا جَمْع جَمَل جُمِعَ عَلَى جِمَالَة , كَمَا ذَكَرْت مِنْ جَمْع حَجَر حِجَارَة . وَرُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ : | جُمَالَات | بِالتَّاءِ وَضَمّ الْجِيم كَأَنَّهُ جَمْع جُمَالَة مِنْ الشَّيْء الْمُجْمَل . 27884 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن يُوسُف , قَالَ : ثَنَا الْقَاسِم , قَالَ . ثَنَا حَجَّاج , عَنْ هَارُون , عَنْ الْحُسَيْن الْمُعَلِّم , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ , أَنَّ لِقَارِئِ ذَلِكَ اِخْتِيَار أَيّ الْقِرَاءَتَيْنِ شَاءَ مِنْ كَسْر الْجِيم وَقِرَاءَتهَا بِالتَّاءِ وَكَسْر الْجِيم , وَقِرَاءَتهَا بِالْهَاءِ الَّتِي تَصِير فِي الْوَصْل تَاء لِأَنَّهُمَا الْقِرَاءَتَانِ الْمَعْرُوفَتَانِ فِي قُرَّاء الْأَمْصَار ; فَأَمَّا ضَمّ الْجِيم فَلَا أَسْتَجِيزه لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَى خِلَافه .

قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ

وَقَوْله : { وَيْل يَوْمئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيْل يَوْم الْقِيَامَة لِلْمُكَذِّبِينَ هَذَا الْوَعِيد الَّذِي تَوَعَّدَ اللَّه بِهِ الْمُكَذِّبِينَ مِنْ عِبَاده .

مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { هَذَا يَوْم لَا يَنْطِقُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِهَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِثَوَابِ اللَّه وَعِقَابه : { هَذَا يَوْم لَا يَنْطِقُونَ } أَهْل التَّكْذِيب بِثَوَابِ اللَّه وَعِقَابه . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْف قِيلَ : { هَذَا يَوْم لَا يَنْطِقُونَ } وَقَدْ عَلِمْت بِخَبَرِ اللَّه عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ : { رَبّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا } [23 107 ]وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ : { رَبّنَا أَمَتّنَا اِثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتنَا اِثْنَتَيْنِ } [40 11 ]فِي نَظَائِر ذَلِكَ مِمَّا أَخْبَرَ اللَّه وَرَسُوله عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يَقُولُونَهُ ؟ قِيلَ : إِنَّ ذَلِكَ فِي بَعْض الْأَحْوَال دُون بَعْض . وَقَوْله : { هَذَا يَوْم لَا يَنْطِقُونَ } يُخْبِر عَنْهُمْ أَنَّهُمْ لَا يَنْطِقُونَ فِي بَعْض أَحْوَال ذَلِكَ الْيَوْم , لَا أَنَّهُمْ لَا يَنْطِقُونَ ذَلِكَ الْيَوْم كُلّه . فَإِنْ قَالَ : فَهَلْ مِنْ بُرْهَان يُعْلَم بِهِ حَقِيقَة ذَلِكَ ؟ قِيلَ : نَعَمْ , وَذَلِكَ إِضَافَة يَوْم إِلَى قَوْله : { لَا يَنْطِقُونَ } وَالْعَرَب لَا تُضِيف الْيَوْم إِلَى فَعَلَ يَفْعَل , إِلَّا إِذَا أَرَادَتْ السَّاعَة مِنْ الْيَوْم وَالْوَقْت مِنْهُ , وَذَلِكَ كَقَوْلِهِمْ : آتِيك يَوْم يَقْدَم فُلَان , وَأَتَيْتُك يَوْم زَارَك أَخُوك , فَمَعْلُوم أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : أَتَيْتُك سَاعَة زَارَك , أَوْ آتِيك سَاعَة يَقْدَم , وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ إِتْيَانه إِيَّاهُ الْيَوْم كُلّه , لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ أَخَذَ الْيَوْم كُلّه لَمْ يُضِفْ الْيَوْم إِلَى فَعَلَ وَيَفْعَل , وَلَكِنْ فَعَلَ ذَلِكَ إِذْ كَانَ الْيَوْم بِمَعْنَى إِذْ وَإِذَا اللَّتَيْنِ يَطْلُبَانِ الْأَفْعَال دُون الْأَسْمَاء .

مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ

{ وَلَا يُؤْذَن لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } مِمَّا اِجْتَرَمُوا فِي الدُّنْيَا مِنْ الذُّنُوب . وَقَوْله : { فَيَعْتَذِرُونَ } رَفْعًا عَطْفًا عَلَى قَوْله : { وَلَا يُؤْذَن لَهُمْ } وَإِنَّمَا اُخْتِيرَ ذَلِكَ عَلَى النَّصْب وَقَبْله جَحْد , لِأَنَّهُ رَأْس آيَة قُرِنَ بَيْنه وَبَيْن سَائِر رُءُوس الْآيَات الَّتِي قَبْلهَا , وَلَوْ كَانَ جَاءَ نَصْبًا كَانَ جَائِزًا , كَمَا قَالَ : لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا , وَكُلّ ذَلِكَ جَائِز فِيهِ , أَعْنِي الرَّفْع وَالنَّصْب , كَمَا قِيلَ : { مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِض اللَّه قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفهُ لَهُ } [2 245 ]رَفْعًا وَنَصْبًا .

ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ

وَقَوْله { وَيْل يَوْمئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيْل يَوْمئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ بِخَبَرِ اللَّه عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْم , وَمَا هُوَ فَاعِل بِهِمْ يَوْم الْقِيَامَة .

ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ

وَقَوْله : { هَذَا يَوْم الْفَصْل جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِهَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِالْبَعْثِ يَوْم يُبْعَثُونَ : هَذَا يَوْم الْفَصْل الَّذِي يَفْصِل اللَّه فِيهِ بِالْحَقِّ بَيْن عِبَاده { جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ } يَقُول : جَمَعْنَاكُمْ فِيهِ لِمَوْعِدِكُمْ الَّذِي كُنَّا نَعِدكُمْ فِي الدُّنْيَا الْجَمْع فِيهِ بَيْنكُمْ وَبَيْن سَائِر مَنْ كَانَ قَبْلكُمْ مِنْ الْأُمَم الْهَالِكَة , فَقَدْ وَفَّيْنَا لَكُمْ بِذَلِكَ .

ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ

يَقُول : وَاَللَّه مُنْجِز لَكُمْ مَا وَعَدَكُمْ فِي الدُّنْيَا مِنْ الْعِقَاب عَلَى تَكْذِيبكُمْ إِيَّاهُ بِأَنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ لِهَذَا الْيَوْم إِنْ كَانَتْ لَكُمْ حِيلَة تَحْتَالُونَهَا فِي التَّخَلُّص مِنْ عِقَابه الْيَوْم فَاحْتَالُوا .

كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ

وَقَوْله : { وَيْل يَوْمئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ } يَقُول : وَيْل يَوْمئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ بِهَذَا الْخَبَر .

فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَال وَعُيُون } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ الَّذِينَ اِتَّقَوْا عِقَاب اللَّه بِأَدَاءِ فَرَائِضه فِي الدُّنْيَا , وَاجْتِنَاب مَعَاصِيه { فِي ظِلَال } ظَلِيلَة , وَكِنّ كَنِين , لَا يُصِيبهُمْ أَذَى حَرّ وَلَا قَرّ , إِذْ كَانَ الْكَافِرُونَ بِاَللَّهِ فِي ظِلّ ذِي ثَلَاث شُعَب , لَا ظَلِيل وَلَا يُغْنِي مِنْ اللَّهَب { وَعُيُون } أَنْهَار تَجْرِي خِلَال أَشْجَار جَنَّاتهمْ .

أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا

يَأْكُلُونَ مِنْهَا كُلَّمَا اِشْتَهَوْا لَا يَخَافُونَ ضَرّهَا , وَلَا عَاقِبَة مَكْرُوههَا .

ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا

وَقَوْله : { كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يُقَال لَهُمْ : كُلُوا أَيّهَا الْقَوْم مِنْ هَذِهِ الْفَوَاكِه , وَاشْرَبُوا مِنْ هَذِهِ الْعُيُون كُلَّمَا اِشْتَهَيْتُمْ { هَنِيئًا } يَقُول : لَا تَكْدِير عَلَيْكُمْ , وَلَا تَنْغِيص فِيمَا تَأْكُلُونَهُ وَتَشْرَبُونَ مِنْهُ , وَلَكِنَّهُ لَكُمْ دَائِم لَا يَزُول , وَمَرِيء لَا يُورِثكُمْ أَذًى فِي أَبْدَانكُمْ .|بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ|وَقَوْله : { بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ يُقَال لَهُمْ : هَذَا جَزَاء بِمَا كُنْتُمْ فِي الدُّنْيَا تَعْمَلُونَ مِنْ طَاعَة اللَّه , وَتَجْتَهِدُونَ فِيمَا يُقَرِّبكُمْ مِنْهُ .

فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا

وَقَوْله : { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ } يَقُول : إِنَّا كَمَا جَزَيْنَا هَؤُلَاءِ الْمُتَّقِينَ بِمَا وَصَفْنَا مِنْ الْجَزَاء عَلَى طَاعَتهمْ إِيَّانَا فِي الدُّنْيَا , كَذَلِكَ نَجْزِي وَنُثِيب أَهْل الْإِحْسَان فِي طَاعَتهمْ إِيَّانَا وَعِبَادَتهمْ لَنَا فِي الدُّنْيَا عَلَى إِحْسَانهمْ لَا نُضِيع فِي الْآخِرَة أَجْرهمْ .

وَعِنَبًا وَقَضْبًا

وَقَوْله : { وَيْل يَوْمئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ } يَقُول : وَيْل لِلَّذِينَ يُكَذِّبُونَ خَبَر اللَّه عَمَّا أَخْبَرَهُمْ بِهِ بِهِ مِنْ تَكْرِيمه هَؤُلَاءِ الْمُتَّقِينَ بِمَا أَكْرَمَهُمْ بِهِ يَوْم الْقِيَامَة .

وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره تَهَدُّدًا وَوَعِيدًا مِنْهُ لِلْمُكَذِّبِينَ بِالْبَعْثِ . كُلُوا فِي بَقِيَّة آجَالكُمَا , وَتَمَتَّعُوا بِبَقِيَّةِ أَعْمَاركُمْ { إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ } مُسِنُّونَ بِكُمْ سُنَّة مِنْ قَبْلكُمْ مِنْ مُجْرِمِي الْأُمَم الْخَالِيَة الَّتِي مُتِّعَتْ بِأَعْمَارِهَا إِلَى بُلُوغ كُتُبهَا آجَالهَا ثُمَّ اِنْتَقَمَ اللَّه مِنْهَا بِكُفْرِهَا وَتَكْذِبِيهَا رُسُلهَا . 27885 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ : اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { كُلُوا وَاشْرَبُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ } قَالَ : عُنِيَ بِهِ أَهْل الْكُفْر .)

وَحَدَائِقَ غُلْبًا

وَقَوْله : { وَيْل يَوْمئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيْل يَوْمئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ الَّذِينَ كَذَّبُوا خَبَر اللَّه الَّذِي أَخْبَرَهُمْ بِهِ عَمَّا هُوَ فَاعِل بِهِمْ فِي هَذِهِ الْآيَة .

وَفَاكِهَةً وَأَبًّا

وَقَوْله : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اِرْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِذَا قِيلَ لِهَؤُلَاءِ الْمُجْرِمِينَ الْمُكَذِّبِينَ بِوَعِيدِ اللَّه أَهْل التَّكْذِيب بِهِ : اِرْكَعُوا , لَا يَرْكَعُونَ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْحِين الَّذِي يُقَال لَهُمْ فِيهِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : يُقَال ذَلِكَ فِي الْآخِرَة حِين يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُود فَلَا يَسْتَطِيعُونَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27886 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : ( { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اِرْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ } يَقُول : يُدْعَوْنَ يَوْم الْقِيَامَة إِلَى السُّجُود فَلَا يَسْتَطِيعُونَ السُّجُود مِنْ أَجْل أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَسْجُدُونَ لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ قِيلَ ذَلِكَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27887 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اِرْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ } عَلَيْكُمْ بِحُسْنِ الرُّكُوع , فَإِنَّ الصَّلَاة مِنْ اللَّه بِمَكَانٍ . )وَقَالَ قَتَادَة عَنْ اِبْن مَسْعُود , (أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَلَا يَرْكَع , وَآخَر يَجُرّ إِزَاره , فَضَحِكَ , قَالُوا : مَا يُضْحِكك ؟ قَالَ : أَضْحَكَنِي رَجُلَانِ , أَمَّا أَحَدهمَا فَلَا يَقْبَل اللَّه صَلَاته , وَأَمَّا الْآخَر فَلَا يَنْظُر اللَّه إِلَيْهِ . )وَقِيلَ : عُنِيَ بِالرُّكُوعِ فِي هَذَا الْمَوْضِع الصَّلَاة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27888 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اِرْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ } قَالَ : صَلُّوا . )وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : إِنَّ ذَلِكَ خَبَر مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْم الْمُجْرِمِينَ أَنَّهُمْ كَانُوا لَهُ مُخَالِفِينَ فِي أَمْره وَنَهْيه , لَا يَأْتَمِرُونَ بِأَمْرِهِ , وَلَا يَنْتَهُونَ عَمَّا نَهَاهُمْ عَنْهُ .

مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ

وَقَوْله : { وَيْل يَوْمئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ } يَقُول : وَيْل لِلَّذِينَ كَذَّبُوا رُسُل اللَّه , فَرَدُّوا عَلَيْهِمْ مَا بَلَّغُوا مِنْ أَمْر اللَّه إِيَّاهُمْ , وَنَهْيه لَهُمْ .

فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَبِأَيِّ حَدِيث بَعْده يُؤْمِنُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَبِأَيِّ حَدِيث بَعْد هَذَا الْقُرْآن , أَيْ أَنْتُمْ أَيّهَا الْقَوْم كَذَّبْتُمْ بِهِ مَعَ وُضُوح بُرْهَانه , وَصِحَّة دَلَائِله , أَنَّهُ حَقّ مِنْ عِنْد اللَّه تُؤْمِنُونَ , يَقُول : تُصَدِّقُونَ . وَإِنَّمَا أَعْلَمَهُمْ تَعَالَى ذِكْره أَنَّهُمْ إِنْ لَمْ يُصَدِّقُوا بِهَذِهِ الْأَخْبَار الَّتِي أَخْبَرَهُمْ بِهَا فِي هَذَا الْقُرْآن مَعَ صِحَّة حُجَجه عَلَى حَقِيقَته لَمْ يُمَكِّنهُمْ الْإِقْرَار بِحَقِيقَةِ شَيْء مِنْ الْأَخْبَار الَّتِي لَمْ يُشَاهِدُوا الْمُخْبَر عَنْهُ , وَلَمْ يُعَايِنُوهُ , وَأَنَّهُمْ إِنْ صَدَّقُوا بِشَيْءٍ مِمَّا غَابَ عَنْهُمْ لِدَلِيلٍ قَامَ عَلَيْهِ لَزِمَهُمْ مِثْل ذَلِكَ فِي أَخْبَار هَذَا الْقُرْآن , وَاَللَّه أَعْلَم . آخِر تَفْسِير سُورَة وَالْمُرْسَلَات .

يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : عَنْ أَيّ شَيْء يَتَسَاءَل هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ وَرَسُوله مِنْ قُرَيْش يَا مُحَمَّد ؟ وَقِيلَ ذَلِكَ لَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشًا جَعَلَتْ فِيمَا ذُكِرَ عَنْهَا تَخْتَصِم وَتَتَجَادَل , فِي الَّذِي دَعَاهُمْ إِلَيْهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْإِقْرَار بِنُبُوَّتِهِ , وَالتَّصْدِيق بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه , وَالْإِيمَان بِالْبَعْثِ , فَقَالَ اللَّه لِنَبِيِّهِ : فِيمَ يَتَسَاءَل هَؤُلَاءِ الْقَوْم وَيَخْتَصِمُونَ ؟ و | فِي | و | عَنْ | فِي هَذَا الْمَوْضِع بِمَعْنًى وَاحِد . ذِكْر مَنْ قَالَ مَا ذَكَرْت : 27889 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع بْن الْجَرَّاح , عَنْ مِسْعَر , عَنْ مُحَمَّد بْن جُحَادَة , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : (لَمَّا بُعِثَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلُوا يَتَسَاءَلُونَ بَيْنهمْ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ عَنْ النَّبَإِ الْعَظِيم } يَعْنِي : الْخَبَر الْعَظِيم .)

وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ

وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ

ثُمَّ أَخْبَرَ فَقَالَ : { الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ } بَيْن مُصَدِّق وَمُكَذِّب , فَذَلِكَ إِخْلَافهمْ , وَقَوْله : { الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : الَّذِي صَارُوا هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ فَرِيقَيْنِ : فَرِيق بِهِ مُصَدِّق , وَفَرِيق بِهِ مُكَذِّب . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَتَسَاؤُلهمْ بَيْنهمْ فِي النَّبَأ الَّذِي هَذِهِ صِفَته . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27892 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة عَنْ النَّبَإِ ( { الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ } الْبَعْث بَعْد الْمَوْت , فَصَارَ النَّاس فِيهِ فَرِيقَيْنِ : مُصَدِّق وَمُكَذِّب , فَأَمَّا الْمَوْت فَقَدْ أَقَرُّوا بِهِ لِمُعَايَنَتِهِمْ إِيَّاهُ , وَاخْتَلَفُوا فِي الْبَعْث بَعْد الْمَوْت . )* - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ } صَارَ النَّاس فِيهِ رَجُلَيْنِ : مُصَدِّق , وَمُكَذِّب , فَأَمَّا الْمَوْت فَإِنَّهُمْ أَقَرُّوا بِهِ كُلّهمْ , لِمُعَايَنَتِهِمْ إِيَّاهُ , وَاخْتَلَفُوا فِي الْبَعْث بَعْد الْمَوْت . )* - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ } قَالَ : مُصَدِّق وَمُكَذِّب .)

لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ

وَقَوْله : { كَلَّا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَا الْأَمْر كَمَا يَزْعُم هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ يُنْكِرُونَ بَعْث اللَّه إِيَّاهُمْ أَحْيَاء بَعْد مَمَاتهمْ , وَتَوَعَّدَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَلَى هَذَا الْقَوْل مِنْهُمْ , فَقَالَ : { سَيَعْلَمُونَ } يَقُول : سَيَعْلَمُ هَؤُلَاءِ الْكُفَّار الْمُنْكِرُونَ وَعِيد اللَّه أَعْدَاءَهُ , مَا اللَّه فَاعِل بِهِمْ يَوْم الْقِيَامَة .

وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ

ثُمَّ أَكَّدَ الْوَعِيد بِتَكْرِيرٍ آخَر , فَقَالَ : مَا الْأَمْر كَمَا يَزْعُمُونَ مِنْ أَنَّ اللَّه غَيْر مُحَيِّيهمْ بَعْد مَمَاتهمْ , وَلَا مُعَاقِبهمْ عَلَى كُفْرهمْ بِهِ , سَيَعْلَمُونَ أَنَّ الْقَوْل غَيْر مَا قَالُوا إِذَا لَقُوا اللَّه , وَأَفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا مِنْ سَيِّئ أَعْمَالهمْ . وَذُكِرَ عَنْ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم فِي ذَلِكَ مَا : 27893 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ أَبِي سِنَانِ , عَنْ ثَابِت , عَنْ الضَّحَّاك ( { كَلَّا سَيَعْلَمُونَ } الْكُفَّار { ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ } الْمُؤْمِنُونَ , وَكَذَلِكَ كَانَ يَقْرَأهَا .)

ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَلَمْ نَجْعَل الْأَرْض مِهَادًا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُعَدِّدًا عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ نِعَمه وَأَيَادِيه عِنْدهمْ , وَإِحْسَانه إِلَيْهِمْ , وَكُفْرَانهمْ مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِمْ , وَمُتَوَعِّدهمْ بِمَا أَعَدَّ لَهُمْ عِنْد وُرُودهمْ عَلَيْهِ , مِنْ صُنُوف عِقَابه , وَأَلِيم عَذَابه , فَقَالَ لَهُمْ : { أَلَمْ نَجْعَل الْأَرْض } لَكُمْ { مِهَادًا } تَمْتَهِدُونَهَا وَتَفْتَرِشُونَهَا . 27894 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { أَلَمْ نَجْعَل الْأَرْض مِهَادًا } أَيْ بِسَاطًا)

وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ

يَقُول : وَالْجِبَال لِلْأَرْضِ أَوْتَادًا أَنْ تَمِيد بِكُمْ

تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ

ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا , وَطِوَالًا وَقِصَارًا , أَوْ ذَوِي دَمَامَة وَجَمَال , مِثْل قَوْله : { الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجهمْ } [37 22 ]. يَعْنِي بِهِ : صَيَّرْنَاهُمْ .

أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ

يَقُول : وَجَعَلْنَا نَوْمكُمْ لَكُمْ رَاحَة وَدَعَة , تَهْدَءُونَ بِهِ وَتَسْكُنُونَ , كَأَنَّكُمْ أَمْوَات لَا تَشْعُرُونَ , وَأَنْتُمْ أَحْيَاء لَمْ تُفَارِقكُمْ الْأَرْوَاح ; وَالسَّبْت وَالسُّبَات : هُوَ السُّكُون , وَلِذَلِكَ سُمِّيَ السَّبْت سَبْتًا , لِأَنَّهُ يَوْم رَاحَة وَدَعَة .


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس