islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

تفسير الطبرى
13909

68-القلم

ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ

وَقَوْله : { فَشَارِبُونَ شُرْب الْهِيم } اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْكُوفَة { شُرْب الْهِيم } بِضَمِّ الشِّين , وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض قُرَّاء مَكَّة وَالْبَصْرَة وَالشَّأْم شَرْب الْهِيم | اِعْتِلَالًا بِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَيَّامِ مِنًى : | إِنَّهَا أَيَّام أَكْل وَشُرْب | . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا أَنْ يُقَال : إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ قَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا عُلَمَاء مِنْ الْقُرَّاء مَعَ تَقَارُب مَعْنَيَيْهِمَا , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب فِي قِرَاءَته , لِأَنَّ ذَلِكَ فِي فَتْحه وَضَمَّهُ نَظِير فَتْح قَوْلهمْ : الضَّعْف وَالضُّعُف بِضَمِّهِ . وَأَمَّا الْهِيم , فَإِنَّهَا جَمْع أَهْيَم , وَالْأُنْثَى هَيْمَاء ; وَالْهِيم : الْإِبِل الَّتِي يُصِيبهَا دَاء فَلَا تُرْوَى مِنْ الْمَاء . وَمِنْ الْعَرَب مَنْ يَقُول : هَائِم , وَالْأُنْثَى هَائِمَة , ثُمَّ يَجْمَعُونَهُ عَلَى هِيم , كَمَا قَالُوا : عَائِط وَعِيط , وَحَائِل وَحُول ; وَيُقَال : إِنَّ الْهِيم : الرَّمْل , بِمَعْنَى أَنَّ أَهْل النَّار يَشْرَبُونَ الْحَمِيم شُرْب الرَّمْل الْمَاء . ذِكْر مَنْ قَالَ عَنَى بِالْهِيمِ الْإِبِل الْعِطَاش : 25905 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : ( { شُرْب الْهِيم } يَقُول : شُرْب الْإِبِل الْعِطَاش . )- حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : ( { فَشَارِبُونَ شُرْب الْهِيم } قَالَ : الْإِبِل الظِّمَاء . )25906 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ عِمْرَان بْن حُدَيْر , عَنْ عِكْرِمَة فِي قَوْله : ( { فَشَارِبُونَ شُرْب الْهِيم } قَالَ : هِيَ الْإِبِل الْمِرَاض , تَمُصّ الْمَاء مَصًّا وَلَا تَرْوَى . )25907 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , عَنْ يَزِيد , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : ( { فَشَارِبُونَ شُرْب الْهِيم } قَالَ : الْإِبِل يَأْخُذهَا الْعِطَاش , فَلَا تَزَال تَشْرَب حَتَّى تَهْلَك . )- حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ خُصَيْف , عَنْ عِكْرِمَة ( { فَشَارِبُونَ شُرْب الْهِيم } قَالَ : هِيَ الْإِبِل يَأْخُذهَا الْعِطَاش . )* - قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (هِيَ الْإِبِل الْعِطَاش . )25908 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { شُرْب الْهِيم } قَالَ : الْإِبِل الْهِيم . )25909 - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { فَشَارِبُونَ شُرْب الْهِيم } الْهِيم : الْإِبِل الْعِطَاش , تَشْرَب فَلَا تَرْوَى يَأْخُذهَا دَاء يُقَال لَهُ الْهُيَام . )25910 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { فَشَارِبُونَ شُرْب الْهِيم } قَالَ : دَاء بِالْإِبِلِ لَا تَرْوَى مَعَهُ . )ذِكْر مَنْ قَالَ هِيَ الرَّمْلَة : 25911 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان ( { فَشَارِبُونَ شُرْب الْهِيم } قَالَ : السَّهْلَة .)

مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ

وَقَوْله : { هَذَا نُزُلهمْ يَوْم الدِّين } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَذَا الَّذِي وَصَفْت لَكُمْ أَيّهَا النَّاس , أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ يَأْكُلُونَهُ مِنْ شَجَر مِنْ زَقُّوم , يُشْرِبُونَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَمِيم , هُوَ نُزُلهمْ الَّذِي يُنْزِلهُمْ رَبّهمْ يَوْم الدِّين , يَعْنِي : يَوْم يُدِين اللَّه عِبَاده .

وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ

وَقَوْله : { نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْ لَا تُصَدِّقُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِكُفَّارِ قُرَيْش وَالْمُكَذِّبِينَ بِالْبَعْثِ : نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ أَيّهَا النَّاس وَلَمْ تَكُونُوا شَيْئًا , فَأَوْجَدْنَاكُمْ بَشَرًا , فَهَلَّا تُصَدِّقُونَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِكُمْ فِي قِيله لَكُمْ : إِنَّهُ يَبْعَثكُمْ بَعْد مَمَاتكُمْ وَبَلَاكُمْ فِي قُبُوركُمْ , كَهَيْأَتِكُمْ قَبْل مَمَاتكُمْ .

وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِهَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِالْبَعْثِ : أَفَرَأَيْتُمْ أَيّهَا الْمُنْكِرُونَ قُدْرَة اللَّه عَلَى إِحْيَائِكُمْ مِنْ بَعْد مَمَاتكُمْ النُّطَف الَّتِي تُمْنُونَ فِي أَرْحَام نِسَائِكُمْ , أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَ تِلْكَ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ .

فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ

يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِهَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِالْبَعْثِ : أَفَرَأَيْتُمْ أَيّهَا الْمُنْكِرُونَ قُدْرَة اللَّه عَلَى إِحْيَائِكُمْ مِنْ بَعْد مَمَاتكُمْ النُّطَف الَّتِي تُمْنُونَ فِي أَرْحَام نِسَائِكُمْ , أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَ تِلْكَ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ .

بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ

وَقَوْله : { نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنكُمْ الْمَوْت وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنكُمْ أَيّهَا النَّاس الْمَوْت , فَعَجَّلْنَاهُ لِبَعْضٍ , وَأَخَّرْنَاهُ عَنْ بَعْض إِلَى أَجَل مُسَمًّى . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25912 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { قَدَّرْنَا بَيْنكُمْ الْمَوْت } قَالَ : الْمُسْتَأْخِر وَالْمُسْتَعْجِل . وَقَوْله : { وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ عَلَى أَنْ نُبَدِّل أَمْثَالكُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره . { وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } أَيّهَا النَّاس فِي أَنْفُسكُمْ وَآجَالكُمْ , فَمُفْتَات عَلَيْنَا فِيهَا فِي الْأَمْر الَّذِي قَدَّرْنَاهُ لَهَا مِنْ حَيَاة وَمَوْت بَلْ لَا يَتَقَدَّم شَيْء مِنْ أَجَلنَا , وَلَا يَتَأَخَّر عَنْهُ .

إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ

وَقَوْله : { عَلَى أَنْ نُبَدِّل أَمْثَالكُمْ } يَقُول : عَلَى أَنْ نُبَدِّل مِنْكُمْ أَمْثَالكُمْ بَعْد مَهْلِككُمْ فَنَجِيء بِآخَرِينَ مِنْ جِنْسكُمْ .|وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ|وَقَوْله : { وَنُنْشِئكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ } يَقُول : وَنُبَدِّلكُمْ عَمَّا تَعْلَمُونَ مِنْ أَنْفُسكُمْ فِيمَا لَا تَعْلَمُونَ مِنْهَا مِنْ الصُّوَر . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25913 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَنُنْشِئكُمْ } فِي أَيّ خَلْق شِئْنَا .

فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ النَّشْأَة الْأُولَى } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ أَيّهَا النَّاس الْإحْدَاثَة الْأُولَى الَّتِي أَحْدَثْناكُمُوهَا , وَلَمْ تَكُونُوا مِنْ قَبْل ذَلِكَ شَيْئًا . وَبِنَحْوِ الَّذِينَ قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25914 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { النَّشْأَة الْأُولَى } قَالَ : إِذْ لَمْ تَكُونُوا شَيْئًا . )25915 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ النَّشْأَة الْأُولَى } يَعْنِي خَلْق آدَم لَسْت سَائِلًا أَحَدًا مِنْ الْخَلْق إِلَّا أَنْبَأَك أَنَّ اللَّه خَلَقَ آدَم مِنْ طِين . )* - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ النَّشْأَة الْأُولَى } قَالَ : هُوَ خَلْق آدَم . )25916 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن مُوسَى الْحَرَسِيّ , قَالَ : ثَنَا جَعْفَر بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت أَبَا عِمْرَان الْجَوْنِيّ يَقْرَأ هَذِهِ الْآيَة ( { وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ النَّشْأَة الْأُولَى } قَالَ : هُوَ خَلْق آدَم .)|فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ|وَقَوْله : { فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَهَلَّا تَذَكَّرُونَ أَيّهَا النَّاس , فَتَعْلَمُوا أَنَّ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ النَّشْأَة الْأُولَى , وَلَمْ تَكُونُوا شَيْئًا , لَا يَتَعَذَّر عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدكُمْ مِنْ بَعْد مَمَاتكُمْ وَفَنَائِكُمْ أَحْيَاء .

وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ

وَقَوْله : { أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَفَرَأَيْتُمْ أَيّهَا النَّاس الْحَرْث الَّذِي تَحْرُثُونَهُ

وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ

{ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ } يَقُول : أَأَنْتُمْ تُصَيِّرُونَهُ زَرْعًا , أَمْ نَحْنُ نَجْعَلهُ كَذَلِكَ ؟ وَقَدْ : 25927 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن الْوَلِيد الْقُرَشِيّ , قَالَ : ثَنَا مُسْلِم بْن أَبِي مُسْلِم الْحَرَمِيّ قَالَ : ثَنَا مَخْلَد بْن الْحُسَيْن , عَنْ هَاشِم , عَنْ مُحَمَّد , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تَقُولَنَّ زَرَعْت وَلَكِنْ قُلْ حَرَثْت | قَالَ أَبُو هُرَيْرَة أَلَمْ تَسْمَع إِلَى قَوْل اللَّه : { أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ } .)

هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَوْ نَشَاء جَعَلْنَا ذَلِكَ الزَّرْع الَّذِي زَرَعْنَاهُ حُطَامًا , يَعْنِي هَشِيمًا لَا يُنْتَفَع بِهِ فِي مَطْعَم وَغِذَاء .|فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ|وَقَوْله : { فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : فَظَلْتُمْ تَتَعَجَّبُونَ مِمَّا نَزَلَ بِكُمْ فِي زَرْعكُمْ مِنْ الْمُصِيبَة بِاحْتِرَاقِهِ وَهَلَاكه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25918 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } قَالَ : تَعْجَبُونَ . )25919 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } قَالَ : تَعْجَبُونَ . )25920 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } قَالَ : تَعْجَبُونَ . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : فَظَلْتُمْ تَلَاوَمُونَ بَيْنكُمْ فِي تَفْرِيطكُمْ فِي طَاعَة رَبّكُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ , حَتَّى نَالَكُمْ بِمَا نَالَكُمْ مِنْ إِهْلَاك زَرْعكُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25921 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , عَنْ يَزِيد , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : ( { فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } يَقُول : تَلَاوَمُونَ . )* - قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ سِمَاك بْن حَرْب الْبَكْرِيّ , عَنْ عِكْرِمَة ( { فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } قَالَ : تَلَاوَمُونَ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : فَظَلْتُمْ تَنْدَمُونَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْكُمْ مِنْ مَعْصِيَة اللَّه الَّتِي أَوْجَبَ لَكُمْ عُقُوبَته , حَتَّى نَالَكُمْ فِي زَرْعكُمْ مَا نَالَكُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25922 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنِي اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَبِي رَجَاء , عَنْ الْحَسَن ( { فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } قَالَ : تَنْدَمُونَ . )25923 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } قَالَ تَنْدَمُونَ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : فَظَلْتُمْ تَعْجَبُونَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25924 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } قَالَ : تَعْجَبُونَ حِين صَنَعَ بِحَرْثِكُمْ مَا صَنَعَ بِهِ , وَقَرَأَ قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ { إِنَّا لَمُغْرَمُونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } وَقَرَأَ قَوْل اللَّه : { وَإِذَا اِنْقَلَبُوا إِلَى أَهْلهمْ اِنْقَلَبُوا فَكِهِينَ } قَالَ : هَؤُلَاءِ نَاعِمِينَ , وَقَرَأَ قَوْل اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّات وَعُيُون } . . . إِلَى قَوْله : { كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ } . )وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى { فَظَلْتُمْ } : فَأَقَمْتُمْ تَعْجَبُونَ مِمَّا نَزَلَ بِزَرْعِكُمْ وَأَصْله مِنْ التَّفَكُّه بِالْحَدِيثِ إِذَا حَدَّثَ الرَّجُل الرَّجُل بِالْحَدِيثِ يَعْجَب مِنْهُ , وَيُلْهَى بِهِ , فَكَذَلِكَ ذَلِكَ . وَكَأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : فَأَقَمْتُمْ تَتَعَجَّبُونَ يُعَجِّب بَعْضكُمْ بَعْضًا مِمَّا نَزَلَ بِكُمْ .

مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ

وَقَوْله : { إِنَّا لَمُغْرَمُونَ } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَاهُ , فَقَالَ بَعْضهمْ : إِنَّا لَمُولَع بِنَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25925 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن عَبْد الرَّحْمَن الْمَسْرُوقِيّ , قَالَ : ثَنَا زَيْد بْن الْحُبَاب قَالَ : أَخْبَرَنِي الْحُسَيْن بْن وَاقِد , قَالَ : ثَنِي يَزِيد النَّحْوِيّ عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره : ( { إِنَّا لَمُغْرَمُونَ } قَالَ : إِنَّا لَمُولَع بِنَا . )25926 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , قَالَ : قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { إِنَّا لَمُغْرَمُونَ } أَيْ لَمُولَع بِنَا . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : إِنَّا لَمُعَذَّبُونَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25927 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { إِنَّا لَمُغْرَمُونَ } : أَيْ مُعَذَّبُونَ وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : إِنَّا لَمُلْقُونَ لِلشَّرِّ . )ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25928 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { إِنَّا لَمُغْرَمُونَ } قَالَ : مُلْقُونَ لِلشَّرِّ . )وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : إِنَّا لَمُعَذَّبُونَ , وَذَلِكَ أَنَّ الْغَرَام عِنْد الْعَرَب : الْعَذَاب ; وَمِنْهُ قَوْل الْأَعْشَى : <br>إِنْ يُعَاقِب يَكُنْ غَرَامًا وَإِنْ .......... يُعْطِ جَزِيلًا فَإِنَّهُ لَا يُبَالِي <br>يَعْنِي بِقَوْلِهِ : يَكُنْ غَرَامًا : يَكُنْ عَذَابًا . وَفِي الْكَلَام مَتْرُوك اِكْتَفَى بِدَلَالَةِ الْكَلَام عَلَيْهِ , وَهُوَ : فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ | تَقُولُونَ | إِنَّا لَمُغْرَمُونَ , فَتُرِكَ تَقُولُونَ مِنْ الْكَلَام لِمَا وَصَفْنَا .

عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ

وَقَوْله : { بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْره أَنَّهُمْ يَقُولُونَ : مَا هَلَكَ زَرْعنَا وَأَصَبْنَا بِهِ مِنْ أَجْل { إِنَّا لَمُغْرَمُونَ } وَلَكِنَّا قَوْم مَحْرُومُونَ , يَقُول : إِنَّهُمْ غَيْر مَجْدُودِينَ , لَيْسَ لَهُمْ جَدّ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25929 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد ( { بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } قَالَ : حُورِفْنَا فَحُرِمْنَا . )25930 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : ( { بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } قَالَ : أَيْ مُحَارَفُونَ .)

أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَفَرَأَيْتُمْ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَفَرَأَيْتُمْ أَيّهَا النَّاس الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ , أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنْ السَّحَاب فَوْقكُمْ إِلَى قَرَار الْأَرْض , أَمْ نَحْنُ مُنْزِلُوهُ لَكُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْله الْمُزْن , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25931 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { مِنْ الْمُزْن } قَالَ السَّحَاب . )25932 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : ( { أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنْ الْمُزْن } أَيْ مِنْ السَّحَاب . )25933 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنْ الْمُزْن } قَالَ : الْمُزْن : السَّحَاب اِسْمهَا , أَنْزَلْتُمُوهُ مِنْ الْمُزْن , قَالَ : السَّحَاب . )25934 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { أَنْزَلْتُمُوهُ مِنْ الْمُزْن } قَالَ : الْمُزْن : السَّمَاء وَالسَّحَاب .)

إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ

يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَفَرَأَيْتُمْ أَيّهَا النَّاس الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ , أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنْ السَّحَاب فَوْقكُمْ إِلَى قَرَار الْأَرْض , أَمْ نَحْنُ مُنْزِلُوهُ لَكُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْله الْمُزْن , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25931 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { مِنْ الْمُزْن } قَالَ السَّحَاب . )25932 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : ( { أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنْ الْمُزْن } أَيْ مِنْ السَّحَاب . )25933 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنْ الْمُزْن } قَالَ : الْمُزْن : السَّحَاب اِسْمهَا , أَنْزَلْتُمُوهُ مِنْ الْمُزْن , قَالَ : السَّحَاب . )25934 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { أَنْزَلْتُمُوهُ مِنْ الْمُزْن } قَالَ : الْمُزْن : السَّمَاء وَالسَّحَاب .)

سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ

وَقَوْله : { لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَوْ نَشَاء جَعَلْنَا ذَلِكَ الْمَاء الَّذِي أَنْزَلْنَاهُ لَكُمْ مِنْ الْمُزْن مِلْحَا , وَهُوَ الْأُجَاج , وَالْأُجَاج مِنْ الْمَاء : مَا اِشْتَدَّتْ مُلُوحَته , يَقُول : لَوْ نَشَاء فَعَلْنَا ذَلِكَ بِهِ فَلَمْ تَنْتَفِعُوا بِهِ فِي شُرْب وَلَا غَرْس . وَلَا غَرْس وَلَا زَرْع .|فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ|وَقَوْله : { فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَهَلَّا تَشْكُرُونَ رَبّكُمْ عَلَى إِعْطَائِهِ مَا أَعْطَاكُمْ مِنْ الْمَاء الْعَذْب لِشُرْبِكُمْ وَمَنَافِعكُمْ , وَصَلَاح مَعَايِشكُمْ , وَتَرْكه أَنْ يَجْعَلهُ أُجَاجًا لَا تَنْتَفِعُونَ بِهِ .

إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَفَرَأَيْتُمْ النَّار الَّتِي تُورُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَفَرَأَيْتُمْ أَيّهَا النَّاس النَّار الَّتِي تَسْتَخْرِجُونَ مِنْ زَنْدكُمْ

وَلَا يَسْتَثْنُونَ

{ أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتهَا } يَقُول : أَأَنْتُمْ أَحْدَثْتُمْ شَجَرَتهَا وَاخْتَرَعْتُمْ أَصْلهَا { أَمْ نَحْنُ الْمُنْشَئُونَ } يَقُول : أَمْ نَحْنُ اِخْتَرَعْنَا ذَلِكَ وَأَحْدَثْنَاهُ ؟ .

فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ

وَقَوْله : { نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَة } يَقُول : نَحْنُ جَعَلْنَا النَّار تَذْكِرَة لَكُمْ تَذْكُرُونَ بِهَا نَار جَهَنَّم , فَتَعْتَبِرُونَ وَتَتَّعِظُونَ بِهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25935 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { تَذْكِرَة } قَالَ : تَذْكِرَة النَّار الْكُبْرَى . )25936 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { أَفَرَأَيْتُمْ النَّار الَّتِي تُورُونَ أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشَئُونَ نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَة } لِلنَّارِ الْكُبْرَى . )ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( نَاركُمْ هَذِهِ الَّتِي تُوقِدُونَ جُزْء مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَار جَهَنَّم , | قَالُوا : يَا نَبِيّ اللَّه إِنْ كَانَ لِكَافِيَةِ , قَالَ : | قَدْ ضُرِبَتْ بِالْمَاءِ ضَرْبَتَيْنِ أَوْ مَرَّتَيْنِ , لِسَيْتَنْفِع بِهَا بَنُو آدَم وَيَدْنُو مِنْهَا . )25937 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ جَابِر , عَنْ مُجَاهِد ( { تَذْكِرَة } قَالَ : لِلنَّارِ الْكُبْرَى الَّتِي فِي الْآخِرَة .)|وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ|وَقَوْله : { وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الْمُقْوِينَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُمْ الْمُسَافِرُونَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25938 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنَى مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : ( { لِلْمُقْوِينَ } قَالَ : لِلْمُسَافِرِينَ . )- حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ } قَالَ : يَعْنِي الْمُسَافِرِينَ . )25939 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ } قَالَ لِلْمُرْمِلِ : الْمُسَافِر . )* - حَدَّثَنِي اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة وَفِي قَوْله : ( { لِلْمُقْوِينَ } قَالَ : لِلْمُسَافِرِينَ . )25940 - حُدِّثْت عَنْ الْحَسَن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ } قَالَ : لَلْمُسَافِرِينَ . )وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِالْمُقْوِينَ : الْمُسْتَمْتَعُونَ بِهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25941 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ } لِلْمُسْتَمْتِعِينَ النَّاس أَجْمَعِينَ . )25942 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ جَابِر , عَنْ مُجَاهِد ( { وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ } لِلْمُسْتَمْتِعِينَ الْمُسَافِر وَالْحَاضِر . )25943 - حَدَّثَنِي إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن حَبِيب الشَّهِيد , قَالَ : ثَنَا عَتَّاب بْن بِشْر , عَنْ خُصَيْف فِي قَوْله : ( { وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ } قَالَ : لِلْخَلْقِ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ : الْجَائِعُونَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25944 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ } قَالَ : الْمُقْوِي : الْجَائِع . فِي كَلَام الْعَرَب , يَقُول : أَقْوَيْت مِنْهُ كَذَا وَكَذَا : مَا أَكَلْت مِنْهُ كَذَا وَكَذَا شَيْئًا . )وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ عِنْدِي قَوْل مَنْ قَالَ : عُنِيَ بِذَلِكَ لِلْمُسَافِرِ الَّذِي لَا زَادَ مَعَهُ , وَلَا شَيْء لَهُ , وَأَصْله مِنْ قَوْلهمْ : أَقْوَتْ الدَّار : إِذَا خَلَتْ مِنْ أَهْلهَا وَسُكَّانهَا ; كَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>أَقْوَى وَأَقْفَرَ مِنْ نُعْم وَغَيَّرَهَا .......... هُوج الرِّيَاح بِهَابِي التُّرْب مَوَّار <br>يَعْنِي بِقَوْلِهِ : | أَقْوَى | : خَلَا مِنْ سُكَّانه , وَقَدْ يَكُون الْمُقْوِي : ذَا الْفَرَس الْقَوِيّ , وَذَا الْمَال الْكَثِير فِي غَيْر هَذَا الْمَوْضِع .

فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبّك الْعَظِيم } </subtitle>يَقُولهُ تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَسَبِّحْ يَا مُحَمَّد بِذِكْرِ رَبّك الْعَظِيم , وَتَسْمِيَته .

فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ

وَقَوْله : { فَلَا أَقْسِم بِمَوَاقِع النُّجُوم } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { فَلَا أَقْسِم بِمَوَاقِع النُّجُوم } فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِقَوْلِهِ : { فَلَا أُقْسِم } : أُقْسِم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25945 - حَدَّثَنَا بْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ الْحَسَن بِمَ مُسْلِم عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر ( { فَلَا أُقْسِم } قَالَ : أُقْسِم . )وَقَالَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة : مَعْنَى قَوْله : { فَلَا } فَلَيْسَ الْأَمْر كَمَا تَقُولُونَ ثُمَّ اِسْتَأْنَفَ الْقَسَم بَعْد فَقِيلَ أُقْسِم . وَقَوْله : { بِمَوَاقِع النُّجُوم } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : فَلَا أُقْسِم بِمَنَازِل الْقُرْآن , وَقَالُوا : أُنْزِلَ الْقُرْآن عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُجُومًا مُتَفَرِّقَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25946 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ حَكِيم بْن جُبَيْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (نَزَلَ الْقُرْآن فِي لَيْلَة الْقَدْر مِنْ السَّمَاء الْعُلْيَا إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا جُمْلَة وَاحِدَة , ثُمَّ فُرِّقَ فِي السِّنِينَ بَعْد . قَالَ : وَتَلَا اِبْن عَبَّاس هَذِهِ الْآيَة { فَلَا أُقْسِم بِمَوَاقِع النُّجُوم } قَالَ : نَزَلَ مُتَفَرِّقًا . )25947 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بِمَ وَاضِح , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , عَنْ يَزِيد , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : ( { فَلَا أُقْسِم بِمَوَاقِع النُّجُوم } قَالَ : أَنْزَلَ اللَّه الْقُرْآن نُجُومًا ثَلَاث آيَات وَأَرْبَع آيَات وَخَمْس آيَات . )25948 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا الْمُعْتَمِر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عِكْرِمَة : (إِنَّ الْقُرْآن نَزَلَ جَمِيعًا , فَوُضِعَ بِمَوَاقِع النُّجُوم , فَجَعَلَ جِبْرِيل يَأْتِي بِالسُّورَةِ , وَإِنَّمَا نَزَلَ جَمِيعًا فِي لَيْلَة الْقَدْر . )25949 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن إِبْرَاهِيم الْمَسْعُودِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدّه , عَنْ الْأَعْمَش عَنْ مُجَاهِد ( { فَلَا أُقْسِم بِمَوَاقِع النُّجُوم } قَالَ : هُوَ مُحْكَم الْقُرْآن . )25950 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعِيد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { فَلَا أُقْسِم بِمَوَاقِع النُّجُوم وَإِنَّهُ لَقَسَم لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيم } قَالَ مُسْتَقِرّ الْكِتَاب أَوَّله وَآخِره . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : فَلَا أُقْسِم بِمَسَاقِط النُّجُوم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25951 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { بِمَوَاقِع النُّجُوم } قَالَ فِي السَّمَاء وَيُقَال مَطَالِعهَا وَمَسَاقِطهَا . )25952 - حَدَّثَنِي بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { فَلَا أُقْسِم بِمَوَاقِع النُّجُوم } : أَيْ مَسَاقِطهَا . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : بِمَنَازِل النُّجُوم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25953 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { فَلَا أُقْسِم بِمَوَاقِع النُّجُوم } قَالَ : بِمَنَازِل النُّجُوم . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : بِانْتِثَارِ النُّجُوم عِنْد قِيَام السَّاعَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25954 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { فَلَا أُقْسِم بِمَوَاقِع النُّجُوم } قَالَ : قَالَ الْحَسَن اِنْكِدَارهَا وَانْتِثَارهَا يَوْم الْقِيَامَة . )وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : فَلَا أُقْسِم بِمَسَاقِط النُّجُوم وَمَغَايِبِهَا فِي السَّمَاء , وَذَلِكَ أَنَّ الْمَوَاقِع جَمْع مَوْقِع , وَالْمَوْقِع الْمَفْعَل , مِنْ وَقَعَ يَقَع مَوْقِعًا , فَالْأَغْلَب مِنْ مَعَانِيه وَالْأَظْهَر مِنْ تَأْوِيله مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ , وَلِذَلِكَ قُلْنَا : هُوَ أَوْلَى مَعَانِيه بِهِ . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة بِمَوْقِعِ عَلَى التَّوْحِيد , وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ بِمَوَاقِع : عَلَى الْجِمَاع . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ , أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِد , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب .

أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ

وَقَوْله : { وَإنَّهُ لَقَسَم لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره وَإِنَّ هَذَا الْقَسَم الَّذِي أَقْسَمْت لَقَسَم لَوْ تَعْلَمُونَ مَا هُوَ , وَمَا قَدْره , قَسَم عَظِيم مِنْ الْمُؤَخَّر الَّذِي مَعْنَاهُ التَّقْدِيم , وَإِنَّمَا هُوَ : وَإنَّهُ لَقَسَم عَظِيم لَوْ تَعْلَمُونَ عِظَمه .

فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ

وَقَوْله : { إِنَّهُ لَقُرْآن كَرِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَلَا أُقْسِم بِمَوَاقِع النُّجُوم أَنَّ هَذَا الْقُرْآن لَقُرْآن كَرِيم , وَالْهَاء فِي قَوْله : | إِنَّهُ | مِنْ ذِكْر الْقُرْآن .

أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ

وَقَوْله : { فِي كِتَاب مَكْنُون } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هُوَ فِي كِتَاب مَصُون عِنْد اللَّه لَا يَمَسّهُ شَيْء مِنْ أَذًى مِنْ غُبَار وَلَا غَيْره . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25955 - حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيل بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا شَرِيك , عَنْ حَكِيم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس ( { لَا يَمَسّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ } الْكِتَاب الَّذِي فِي السَّمَاء . )25956 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { فِي كِتَاب مَكْنُون } قَالَ : الْقُرْآن فِي كِتَابه الْمَكْنُون الَّذِي لَا يَمَسّهُ شَيْء مِنْ تُرَاب وَلَا غُبَار . )25957 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { لَا يَمَسّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ } زَعَمُوا أَنَّ الشَّيَاطِين تَنَزَّلَتْ بِهِ عَلَى مُحَمَّد , فَأَخْبَرَهُمْ اللَّه أَنَّهَا لَا تَقْدِر عَلَى ذَلِكَ , وَلَا تَسْتَطِيعهُ , مَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَنْزِلُوا بِهَذَا , وَهُوَ مَحْجُوب عَنْهُمْ , وَقَرَأَ قَوْل اللَّه : { وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ إِنَّهُمْ عَنْ السَّمْع لَمَعْزُولُونَ } [26 212 ])25958 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد اللَّه , يَعْنِي الْعَتَكِيّ , عَنْ جَابِر بْن زَيْد وَأَبِي نَهْيك , فِي قَوْله : ( { فِي كِتَاب مَكْنُون } قَالَ : هُوَ كِتَاب فِي السَّمَاء .)

وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ

قَوْله : { لَا يَمَسّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَا يَمَسّ ذَلِكَ الْكِتَاب الْمَكْنُون إِلَّا الَّذِينَ قَدْ طَهَّرَهُمْ اللَّه مِنْ الذُّنُوب . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الَّذِينَ عَنَوْا بِقَوْلِهِ : { إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ } فَقَالَ بَعْضهمْ : هُمْ الْمَلَائِكَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25959 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (إِذَا أَرَادَ اللَّه أَنْ يُنَزِّل كِتَابًا نَسَخَتْهُ السَّفْرَة , فَلَا يَمَسّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ , قَالَ : يَعْنِي الْمَلَائِكَة . )25960 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ الرَّبِيع بْن أَبِي رَاشِد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر ( { لَا يَمَسّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ } قَالَ : الْمَلَائِكَة الَّذِينَ فِي السَّمَاء . )- حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الرَّبِيع بْن أَبِي رَاشِد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر ( { لَا يَمَسّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ } قَالَ : الْمَلَائِكَة . )- حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الرَّبِيع بْن أَبِي رَاشِد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر ( { لَا يَمَسّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ } قَالَ : الْمَلَائِكَة . )25961 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد اللَّه , يَعْنِي الْعَتَكِيّ , عَنْ جَبَّار بْن زَيْد وَأَبِي نَهْيك فِي قَوْله : ( { لَا يَمَسّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ } يَقُول : الْمَلَائِكَة . )25962 - قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عِكْرِمَة ( { لَا يَمَسّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ } قَالَ الْمَلَائِكَة . )25963 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { لَا يَمَسّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ } قَالَ الْمَلَائِكَة . )25964 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ عَاصِم , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة ( { لَا يَمَسّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ } قَالَ : الْمَلَائِكَة . )وَقَالَ آخَرُونَ : هُمْ حَمَلَة التَّوْرَاة . وَالْإِنْجِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25965 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عِكْرِمَة ( { لَا يَمَسّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ } قَالَ : حَمَلَة التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل . )وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ : هُمْ الَّذِينَ قَدْ طَهُرُوا مِنْ الذُّنُوب كَالْمَلَائِكَةِ وَالرُّسُل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25966 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا مَرْوَان , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَاصِم الْأَحْوَل , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة الرِّيَاحِيّ , فِي قَوْله : ( { لَا يَمَسّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ } قَالَ : لَيْسَ أَنْتُمْ أَنْتُمْ أَصْحَاب الذُّنُوب . )25967 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { لَا يَمَسّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ } قَالَ : الْمَلَائِكَة وَالْأَنْبِيَاء وَالرُّسُل الَّتِي تَنْزِل بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه مُطَهَّرَة , وَالْأَنْبِيَاء مُطَهَّرَة , فَجِبْرِيل يَنْزِل بِهِ مُطَهَّر , وَالرُّسُل الَّذِينَ تَجِيئهُمْ بِهِ مُطَهَّرُونَ فَذَلِكَ قَوْله : { لَا يَمَسّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ } وَالْمَلَائِكَة وَالْأَنْبِيَاء وَالرُّسُل مِنْ الْمَلَائِكَة , وَالرُّسُل مِنْ بَنِي آدَم , فَهَؤُلَاءِ يَنْزِلُونَ بِهِ مُطَهَّرُونَ , وَهَؤُلَاءِ يَتْلُونَهُ عَلَى النَّاس مُطَهَّرُونَ , وَقَرَأَ قَوْل اللَّه { بِأَيْدِي سَفْرَة كِرَام بَرَرَة } [80 15 : 16 ]قَالَ : بِأَيْدِي الْمَلَائِكَة الَّذِينَ يُحْصُونَ عَلَى النَّاس أَعْمَالهمْ . )وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِذَلِكَ : أَنَّهُ لَا يَمَسّهُ عِنْد اللَّه إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25968 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { لَا يَمَسّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ } ذَاكُمْ عِنْد رَبّ الْعَالَمِينَ , فَأَمَّا عِنْدكُمْ فَيَمَسّهُ الْمُشْرِك النَّجِس , وَالْمُنَافِق الرَّجِس . )25969 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { لَا يَمَسّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ } قَالَ لَا يَمَسّهُ عِنْد اللَّه إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ , فَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُ يَمَسّهُ الْمَجُوسِيّ النَّجِس , وَالْمُنَافِق الرِّجْس . وَقَالَ فِي حَرْف اِبْن مَسْعُود | مَا يَمَسّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ . )وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل مِنْ ذَلِكَ عِنْدنَا , أَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ , أَخْبَرَ أَنْ لَا يَمَسّ الْكِتَاب الْمَكْنُون إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ فَعَمَّ بِخَبَرِهِ الْمُطَهَّرِينَ , وَلَمْ يُخَصِّص بَعْضًا دُون بَعْض ; فَالْمَلَائِكَة مِنْ الْمُطَهَّرِينَ , وَالرُّسُل وَالْأَنْبِيَاء مِنْ الْمُطَهَّرِينَ وَكُلّ مَنْ كَانَ مُطَهَّرًا مِنْ الذُّنُوب , فَهُوَ مِمَّنْ اُسْتُثْنِيَ , وَعُنِيَ بِقَوْلِهِ : { إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ } .

فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ

وَقَوْله : { تَنْزِيل مِنْ رَبّ الْعَالَمِينَ } يَقُول : هَذَا الْقُرْآن تَنْزِيل مِنْ رَبّ الْعَالَمِينَ , نَزَّلَهُ مِنْ الْكِتَاب الْمَكْنُون . كَمَا : 25970 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد اللَّه الْعَتَكِيّ , عَنْ جَابِر بْن زَيْد وَأَبِي نَهْيك , فِي قَوْله : ( { تَنْزِيل مِنْ رَبّ الْعَالَمِينَ } قَالَ : الْقُرْآن مِنْ ذَلِكَ الْكِتَاب .)

بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَفَبِهَذَا الْحَدِيث أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَفَبِهَذَا الْقُرْآن الَّذِي أَنْبَأْتُكُمْ خَبَره , وَقَصَصْت عَلَيْكُمْ أَمْره أَيّهَا النَّاس أَنْتُمْ تُلِينُونَ الْقَوْل لِلْمُكَذِّبِينَ بِهِ , مُمَالَأَة مِنْكُمْ لَهُمْ عَلَى التَّكْذِيب بِهِ وَالْكُفْر . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ فِي ذَلِكَ نَحْو قَوْلنَا فِيهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25971 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : ( { أَفَبِهَذَا الْحَدِيث أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ } قَالَ : تُرِيدُونَ أَنْ تُمَالِئُوهُمْ فِيهِ , وَتَرْكَنُوا إِلَيْهِمْ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَاهُ : أَفَبِهَذَا الْحَدِيث أَنْتُمْ مُكَذِّبُونَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ 25972 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : ( { أَفَبِهَذَا الْحَدِيث أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ } يَقُول : مُكَذِّبُونَ غَيْر مُصَدِّقِينَ . )25973 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله : ( { أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ } يَقُول : مُكَذِّبُونَ .)

قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ

وَقَوْله : { تَجْعَلُونَ رِزْقكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } يَقُول : وَتَجْعَلُونَ شُكْر اللَّه عَلَى رِزْقه إِيَّاكُمْ التَّكْذِيب , وَذَلِكَ كَقَوْلِ الْقَائِل الْآخَر : جَعَلْت إِحْسَانِي إِلَيْك إِسَاءَة مِنْك إِلَيَّ , بِمَعْنَى : جَعَلَتْ : شُكْر إِحْسَانِي , أَوْ ثَوَاب إِحْسَانِي إِلَيْك إِسَاءَة مِنْك إِلَيَّ . وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ الْهَيْثَم بْن عَدِيّ : أَنَّ مِنْ لُغَة أَزْد شَنُوءَة : مَا رُزِقَ فُلَان : بِمَعْنَى مَا شَكَرَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأَمُّل عَلَى اِخْتِلَاف فِيهِ مِنْهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25974 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , قَالَ : ثَنِي عَبْد الْأَعْلَى الثَّعْلَبِيّ , عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمِيّ , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ( { وَتَجْعَلُونَ رِزْقكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } قَالَ : شُكْركُمْ . )25975 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ عَبْد الْأَعْلَى الثَّعْلَبِيّ , عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمِيّ , عَنْ عَلِيّ رَفَعَهُ ( { وَتَجْعَلُونَ رِزْقكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } قَالَ : | وَشُكْركُمْ تَقُولُونَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا , وَبِنَجْمِ كَذَا وَكَذَا . )- حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن أَبِي بَكْر , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ عَبْد الْأَعْلَى , عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ عَلِيّ , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( { وَتَجْعَلُونَ رِزْقكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } قَالَ : | شُكْركُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ | , قَالَ : وَيَقُولُونَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا . )25976 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (مَا مُطِرَ قَوْم قَطُّ إِلَّا أَصْبَحَ بَعْضهمْ كَافِرًا , يَقُولُونَ : مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا , وَقَرَأَ اِبْن عَبَّاس { وَتَجْعَلُونَ رِزْقكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } . )- حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عَطِيَّة , قَالَ : ثَنَا مُعَاذ بْن سُلَيْمَان , عَنْ جَعْفَر عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ ( { وَتَجْعَلُونَ رِزْقكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } ثُمَّ قَالَ : مَا مُطِرَ النَّاس لَيْلَة قَطُّ , إِلَّا أَصْبَحَ بَعْض النَّاس مُشْرِكِينَ يَقُولُونَ : مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا . قَالَ : وَقَالَ وَتَجْعَلُونَ شُكْركُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ . )- حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { وَتَجْعَلُونَ رِزْقكُمْ } يَقُول : شُكْركُمْ عَلَى مَا أَنْزَلْت عَلَيْكُمْ مِنْ الْغَيْث وَالرَّحْمَة تَقُولُونَ : مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا ; قَالَ : فَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ كُفْرًا بِمَا أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ . )25977 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَان , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أُمَيَّة , قَالَ : أَحْسَبهُ أَوْ غَيْره ( أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلًا وَمُطِرُوا يَقُول : مُطِرْنَا بِبَعْضِ عَثَانِينِ الْأَسَد , فَقَالَ : | كَذَبْت بَلْ هُوَ رِزْق اللَّه . )25978 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَان , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن الْحَارِث التَّيْمِيّ , عَنْ أَبِي سَلَمَة , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ اللَّه لَيُصَبِّح الْقَوْم بِالنِّعْمَةِ , أَوْ يُمْسِيهِمْ بِهَا , فَيُصْبِح بِهَا قَوْم كَافِرِينَ يَقُولُونَ : مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا | قَالَ مُحَمَّد : فَذَكَرْت هَذَا الْحَدِيث لِسَعِيدِ بْن الْمُسَيِّب , فَقَالَ : وَنَحْنُ قَدْ سَمِعْنَا مِنْ أَبِي هُرَيْرَة , وَقَدْ أَخْبَرَنِي مَنْ شَهِدَ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَهُوَ يَسْتَسْقِي فَلَمَّا اِسْتَسْقَى اِلْتَفَتَ إِلَى الْعَبَّاس فَقَالَ : يَا عَبَّاس يَا عَمّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كَمْ بَقِيَ مِنْ نَوْء الثُّرَيَّا ؟ فَقَالَ : الْعُلَمَاء بِهَا يَزْعُمُونَ أَنَّهَا تَعْتَرِض فِي الْأُفُق بَعْد سُقُوطهَا سَبْعًا , قَالَ : فَمَا مَضَتْ سَابِعَة حَتَّى مُطِرُوا . )25979 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَبْد الْأَعْلَى , عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ عَلِيّ ( { وَتَجْعَلُونَ رِزْقكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } قَالَ : كَانَ يَقْرَأهَا | وَتَجْعَلُونَ شُكْركُمْ أَنَّكُمْ تُكْذَبُونَ | يَقُول : جَعَلْتُمْ رِزْق اللَّه بِنَوْءِ النَّجْم , وَكَانَ رِزْقهمْ فِي أَنْفُسهمْ بِالْأَنْوَاءِ أَنْوَاء الْمَطَر إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِمْ الْمَطَر , قَالُوا : رُزِقْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا , وَإِذَا أَمْسَكَ عَنْهُمْ كُذِّبُوا , فَذَلِكَ تَكْذِيبهمْ . )25980 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , فِي قَوْله : ( { وَتَجْعَلُونَ رِزْقكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذَّبُونَ } قَالَ : كَانَ نَاس يُمْطَرُونَ فَيَقُولُونَ : مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا , مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا . )25981 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { وَتَجْعَلُونَ رِزْقكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } قَالَ : قَوْلهمْ فِي الْأَنْوَاء : مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَنَوْء كَذَا , يَقُول : قُولُوا هُوَ مِنْ عِنْد اللَّه وَهُوَ رِزْقه . )25982 - حُدِّثْت , عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله : ( { وَتَجْعَلُونَ رِزْقكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } يَقُول : جَعَلَ اللَّه رِزْقكُمْ فِي السَّمَاء , وَأَنْتُمْ تَجْعَلُونَهُ فِي الْأَنْوَاء . )25983 - حَدَّثَنِي أَبُو صَالِح الصِّرَارِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو جَابِر | مُحَمَّد بْن عَبْد الْمَلِك الْأَزْدِيّ | قَالَ : ثَنَا جَعْفَر بْن الزُّبَيْر , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي أُمَامَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَا مُطِرَ قَوْم مِنْ لَيْلَة إِلَّا أَصْبَحَ قَوْم بِهَا كَافِرِينَ , ثُمَّ قَالَ : { وَتَجْعَلُونَ رِزْقكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } | يَقُول قَائِل مُطِرْنَا بِنَجْمِ كَذَا وَكَذَا . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَتَجْعَلُونَ حَظّكُمْ مِنْهُ التَّكْذِيب . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25984 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَتَجْعَلُونَ رِزْقكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } أَمَّا الْحَسَن فَكَانَ يَقُول : بِئْسَمَا أَخَذَ قَوْم لِأَنْفُسِهِمْ لَمْ يُرْزَقُوا مِنْ كِتَاب اللَّه إِلَّا التَّكْذِيب بِهِ . )- حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , قَالَ : قَالَ الْحَسَن , فِي قَوْله : ( { وَتَجْعَلُونَ رِزْقكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } خَسِرَ عَبْد لَا يَكُون حَظّه مِنْ كِتَاب اللَّه إِلَّا التَّكْذِيب .)

قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ

وَقَوْله : { فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتْ الْحُلْقُوم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَهَلَّا إِذَا بَلَغَتْ النُّفُوس عِنْد خُرُوجهَا مِنْ أَجْسَادكُمْ أَيّهَا النَّاس حَلَاقِيمكُمْ

فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ

{ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ } يَقُول وَمَنْ حَضَرَهُمْ مِنْكُمْ مِنْ أَهْلِيهِمْ حِينَئِذٍ إِلَيْهِمْ يَنْظُر , وَخَرَجَ الْخِطَاب هَا هُنَا عَامًّا لِلْجَمِيعِ , وَالْمُرَاد بِهِ : مَنْ حَضَرَ الْمَيِّت مِنْ أَهْله وَغَيْرهمْ وَذَلِكَ مَعْرُوف مِنْ كَلَام الْعَرَب وَهُوَ أَنْ يُخَاطِب الْجَمَاعَة بِالْفِعْلِ , كَأَنَّهُمْ أَهْله وَأَصْحَابه , وَالْمُرَاد بِهِ بَعْضهمْ غَائِبًا كَانَ أَوْ شَاهِدًا , فَيَقُول : قَتَلْتُمْ فُلَانًا , وَالْقَاتِل مِنْهُمْ وَاحِد , إِمَّا غَائِب , وَإِمَّا شَاهِد . وَقَدْ بَيَّنَّا نَظَائِر ذَلِكَ فِي مَوَاضِع كَثِيرَة مِنْ كِتَابنَا هَذَا .

قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ

يَقُول : { وَنَحْنُ أَقْرَب إِلَيْهِ مِنْكُمْ } يَقُول : وَرُسُلنَا الَّذِينَ يَقْبِضُونَ رُوحه أَقْرَب إِلَيْهِ مِنْكُمْ , { وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ } . وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة مِنْ أَهْل الْبَصْرَة يَقُول : قِيلَ { فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتْ الْحُلْقُوم وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ } كَأَنَّهُ قَدْ سَمِعَ مِنْهُمْ , وَاَللَّه أَعْلَم : إِنَّا نَقْدِر عَلَى أَنْ لَا نَمُوت , فَقَالَ : { فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتْ الْحُلْقُوم } , ثُمَّ قَالَ { فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْر مَدِينِينَ } أَيْ غَيْر مَجْزِيِّينَ تَرْجِعُونَ تِلْكَ النُّفُوس وَأَنْتُمْ تَرَوْنَ كَيْف تَخْرُج عِنْد ذَلِكَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ بِأَنَّكُمْ تَمْتَنِعُونَ مِنْ الْمَوْت .

عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْر مَدِينِينَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَهَلَّا إِنْ كُنْتُمْ أَيّهَا النَّاس غَيْر مَدِينِينَ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { مَدِينِينَ } فَقَالَ بَعْضهمْ : غَيْر مُحَاسَبِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25985 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْر مَدِينِينَ } يَقُول : غَيْر مُحَاسَبِينَ . )25986 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { غَيْر مَدِينِينَ } قَالَ : مُحَاسَبِينَ . )25987 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْر مَدِينِينَ } : أَيْ مُحَاسَبِينَ . )25988 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْل اللَّه : ( { فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْر مَدِينِينَ } قَالَ : كَانُوا يَجْحَدُونَ أَنْ يُدَانُوا بَعْد الْمَوْت , قَالَ : وَهُوَ مَالِك يَوْم الدِّين , يَوْم يُدَان النَّاس بِأَعْمَالِهِمْ , قَالَ : يُدَانُونَ : يُحَاسَبُونَ . )25989 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو رَجَاء , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : ( { فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْر مَدِينِينَ } قَالَ : غَيْر مُحَاسِبِينَ . )- حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا سُلَيْمَان , قَالَ : ثَنَا أَبُو هِلَال , عَنْ قَتَادَة ( { فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْر مَدِينِينَ } قَالَ غَيْر مَبْعُوثِينَ , غَيْر مُحَاسَبِينَ . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَاهُ : غَيْر مَبْعُوثِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25990 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ ثَنَا هَوْذَة , قَالَ : ثَنَا عَوْف , عَنْ الْحَسَن ( { فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْر مَدِينِينَ } غَيْر مَبْعُوثِينَ يَوْم الْقِيَامَة , تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَاهُ : غَيْر مَجْزِيِّينَ بِأَعْمَالِكُمْ . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : غَيْر مُحَاسَبِينَ فَمَجْزِيِّينَ بِأَعْمَالِكُمْ مِنْ قَوْلهمْ : كَمَا تَدِين تُدَان , وَمِنْ قَوْل اللَّه : { مَالِك يَوْم الدِّين } [1 4]

كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ

وَقَوْله : { تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } يَقُول : تَرُدُّونَ تِلْكَ النُّفُوس مِنْ بَعْد مَصِيرهَا إِلَى الْحَلَاقِيم إِلَى مُسْتَقَرّهَا مِنْ الْأَجْسَاد إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ , إِنْ كُنْتُمْ تَمْتَنِعُونَ مِنْ الْمَوْت وَالْحِسَاب وَالْمُجَازَاة , وَجَوَاب قَوْله : { فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتْ الْحُلْقُوم } , وَجَوَاب قَوْله : { فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْر مَدِينِينَ } جَوَاب وَاحِد وَهُوَ قَوْله : { تَرْجِعُونَهَا } وَذَلِكَ نَحْو قَوْله : { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْف عَلَيْهِمْ } [2 38 ]جَعَلَ جَوَاب الْجَزَاءَيْنِ جَوَابًا وَاحِدًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي قَوْله : { تَرْجِعُونَهَا } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25991 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { تَرْجِعُونَهَا } قَالَ : لِتِلْك النَّفْس { إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } .)

إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ

وَقَوْله : { فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْح وَرَيْحَان } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَأَمَّا إِنْ كَانَ الْمَيِّت مِنْ الْمُقَرَّبِينَ الَّذِينَ قَرَّبَهُمْ اللَّه مِنْ جِوَاره فِي جِنَانه { فَرَوْح وَرَيْحَان } يَقُول : فَلَهُ رَوْح وَرَيْحَان . وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار { فَرَوْح } بِفَتْحِ الرَّاء , بِمَعْنَى : فَلَهُ بَرَد . { وَرَيْحَان } يَقُول : وَرِزْق وَاسِع فِي قَوْل بَعْضهمْ , وَفِي قَوْل آخَرِينَ فَلَهُ رَاحَة وَرَيْحَان وَقَرَأَ ذَلِكَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ | فَرُوح | بِضَمِّ الرَّاء , بِمَعْنَى : أَنَّ رُوحه تَخْرُج فِي رَيْحَانَة . وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ بِالْفَتْحِ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهِ , بِمَعْنَى : فَلَهُ الرَّحْمَة وَالْمَغْفِرَة , وَالرِّزْق الطَّيِّب الْهَنِيّ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { فَرَوْح وَرَيْحَان } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : فَرَاحَة وَمُسْتَرَاح . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25992 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس ( { فَرَوْح وَرَيْحَان } يَقُول : رَاحَة وَمُسْتَرَاح . )25993 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْح وَرَيْحَان } قَالَ : يَعْنِي بِالرَّيْحَانِ : الْمُسْتَرِيح مِنْ الدُّنْيَا { وَجَنَّة نَعِيم } يَقُول : مَغْفِرَة وَرَحْمَة . )وَقَالَ آخَرُونَ : الرَّوْح : الرَّاحَة , وَالرَّيْحَان : الرِّزْق . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25994 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { فَرَوْح وَرَيْحَان } قَالَ : رَاحَة . وَقَوْله : وَرَيْحَان قَالَ : الرِّزْق . )وَقَالَ آخَرُونَ : الرَّوْح : الْفَرَح , وَالرَّيْحَان : الرِّزْق . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25995 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا إِدْرِيس , قَالَ : سَمِعْت أَبِي , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْله : ( { فَرَوْح وَرَيْحَان } قَالَ : الرَّوْح : الْفَرِح , وَالرَّيْحَان : الرِّزْق . )وَأَمَّا الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ بِضَمِّ الرَّاء فَإِنَّهُمْ قَالُوا : الرُّوح : هِيَ رُوح الْإِنْسَان , وَالرَّيْحَان : هُوَ الرَّيْحَان الْمَعْرُوف . وَقَالُوا : مَعْنَى ذَلِكَ : أَنَّ أَرْوَاح الْمُقَرَّبِينَ تَخْرُج مِنْ أَبْدَانهمْ عِنْد الْمَوْت بِرَيْحَانٍ تَشُمّهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25996 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا الْمُعْتَمِر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الْحَسَن ( { فَرَوْح وَرَيْحَان } قَالَ : تَخْرُج رُوحه فِي رَيْحَانَة . )25997 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة ( { فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ الْمُقَرَّبِينَ } قَالَ : لَمْ يَكُنْ أَحَد مِنْ الْمُقَرَّبِينَ يُفَارِق الدُّنْيَا , وَالْمُقَرَّبُونَ السَّابِقُونَ , حَتَّى يُؤْتَى بِغُصْنٍ مِنْ رَيْحَان الْجَنَّة فَيَشُمّهُ , ثُمَّ يُقْبَض . )وَقَالَ آخَرُونَ مِمَّنْ قَرَأَ ذَلِكَ بِفَتْحِ الرَّاء : الرَّوْح : الرَّحْمَة , وَالرَّيْحَان : الرَّيْحَان الْمَعْرُوف . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25998 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { فَرَوْح وَرَيْحَان } قَالَ : الرَّوْح : الرَّحْمَة , وَالرَّيْحَان : يُتَلَقَّى بِهِ عِنْد الْمَوْت . )وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ : الرَّوْح : الرَّحْمَة , وَالرَّيْحَان : الِاسْتِرَاحَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25999 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول ( { فَرَوْح وَرَيْحَان } الرَّوْح : الْمَغْفِرَة وَالرَّحْمَة , وَالرَّيْحَان : الِاسْتِرَاحَة . )26000 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ مُنْذِر الثَّوْرِيّ , عَنْ الرَّبِيع بْن خُثَيْم ( { فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ الْمُقَرَّبِينَ } قَالَ : هَذَا عِنْد الْمَوْت { فَرَوْح وَرَيْحَان } قَالَ : يُجَاء لَهُ مِنْ الْجَنَّة . )36001 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثَنَا قُرَّة , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : ( { فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْح وَرَيْحَان وَجَنَّة نَعِيم } قَالَ : ذَلِكَ فِي الْآخِرَة , فَقَالَ لَهُ بَعْض الْقَوْم قَالَ : أَمَا وَاَللَّه إِنَّهُمْ لَيَرَوْنَ عِنْد الْمَوْت . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد , قَالَ : ثَنَا قُرَّة , عَنْ الْحَسَن , بِمِثْلِهِ . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ عِنْدِي : قَوْل مَنْ قَالَ : عُنِيَ بِالرَّوْحِ : الْفَرَح وَالرَّحْمَة وَالْمَغْفِرَة , وَأَصْله مِنْ قَوْلهمْ : وَجَدْت رَوْحًا : إِذَا وَجَدَ نَسِيمًا يَسْتَرْوِح إِلَيْهِ مِنْ كَرْب الْحَرّ . وَأَمَّا الرَّيْحَان , فَإِنَّهُ عِنْدِي الرَّيْحَان الَّذِي يُتَلَقَّى بِهِ عِنْد الْمَوْت , كَمَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَة وَالْحَسَن , وَمَنْ قَالَ فِي ذَلِكَ نَحْو قَوْلهمَا , لِأَنَّ ذَلِكَ الْأَغْلَب وَالْأَظْهَر مِنْ مَعَانِيه .

أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ

وَقَوْله : { فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْح وَرَيْحَان } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَأَمَّا إِنْ كَانَ الْمَيِّت مِنْ الْمُقَرَّبِينَ الَّذِينَ قَرَّبَهُمْ اللَّه مِنْ جِوَاره فِي جِنَانه { فَرَوْح وَرَيْحَان } يَقُول : فَلَهُ رَوْح وَرَيْحَان . وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار { فَرَوْح } بِفَتْحِ الرَّاء , بِمَعْنَى : فَلَهُ بُرْد . { وَرَيْحَان } يَقُول : وَرِزْق وَاسِع فِي قَوْل بَعْضهمْ , وَفِي قَوْل آخَرِينَ فَلَهُ رَاحَة وَرَيْحَان وَقَرَأَ ذَلِكَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ | فَرُوح | بِضَمِّ الرَّاء , بِمَعْنَى : أَنَّ رُوحه تَخْرُج فِي رَيْحَانَة . وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ بِالْفَتْحِ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهِ , بِمَعْنَى : فَلَهُ الرَّحْمَة وَالْمَغْفِرَة , وَالرِّزْق الطَّيِّب الْهَنِيّ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { فَرَوْح وَرَيْحَان } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : فَرَاحَة وَمُسْتَرَاح . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25992 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس ( { فَرَوْح وَرَيْحَان } يَقُول : رَاحَة وَمُسْتَرَاح . )25993 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْح وَرَيْحَان } قَالَ : يَعْنِي بِالرَّيْحَانِ : الْمُسْتَرِيح مِنْ الدُّنْيَا { وَجَنَّة نَعِيم } يَقُول : مَغْفِرَة وَرَحْمَة . )وَقَالَ آخَرُونَ : الرَّوْح : الرَّاحَة , وَالرَّيْحَان : الرِّزْق . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25994 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { فَرَوْح وَرَيْحَان } قَالَ : رَاحَة . وَقَوْله : وَرَيْحَان قَالَ : الرِّزْق . )وَقَالَ آخَرُونَ : الرَّوْح : الْفَرَح , وَالرَّيْحَان : الرِّزْق . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25995 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا إِدْرِيس , قَالَ : سَمِعْت أَبِي , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْله : ( { فَرَوْح وَرَيْحَان } قَالَ : الرَّوْح : الْفَرَح , وَالرَّيْحَان : الرِّزْق . )وَأَمَّا الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ بِضَمِّ الرَّاء فَإِنَّهُمْ قَالُوا : الرُّوح : هِيَ رُوح الْإِنْسَان , وَالرَّيْحَان : هُوَ الرَّيْحَان الْمَعْرُوف . وَقَالُوا : مَعْنَى ذَلِكَ : أَنَّ أَرْوَاح الْمُقَرَّبِينَ تَخْرُج مِنْ أَبْدَانهمْ عِنْد الْمَوْت بِرَيْحَانٍ تَشُمّهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25996 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا الْمُعْتَمِر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الْحَسَن ( { فَرَوْح وَرَيْحَان } قَالَ : تَخْرُج رُوحه فِي رَيْحَانَة . )25997 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة ( { فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ الْمُقَرَّبِينَ } قَالَ : لَمْ يَكُنْ أَحَد مِنْ الْمُقَرَّبِينَ يُفَارِق الدُّنْيَا , وَالْمُقَرَّبُونَ السَّابِقُونَ , حَتَّى يُؤْتَى بِغُصْنٍ مِنْ رَيْحَان الْجَنَّة فَيَشُمّهُ , ثُمَّ يُقْبَض . )وَقَالَ آخَرُونَ مِمَّنْ قَرَأَ ذَلِكَ بِفَتْحِ الرَّاء : الرَّوْح : الرَّحْمَة , وَالرَّيْحَان : الرَّيْحَان الْمَعْرُوف . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25998 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { فَرَوْح وَرَيْحَان } قَالَ : الرَّوْح : الرَّحْمَة , وَالرَّيْحَان : يُتَلَقَّى بِهِ عِنْد الْمَوْت . )وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ : الرَّوْح : الرَّحْمَة , وَالرَّيْحَان : الِاسْتِرَاحَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25999 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول ( { فَرَوْح وَرَيْحَان } الرَّوْح : الْمَغْفِرَة وَالرَّحْمَة , وَالرَّيْحَان : الِاسْتِرَاحَة . )26000 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ مُنْذِر الثَّوْرِيّ , عَنْ الرَّبِيع بْن خُثَيْم ( { فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ الْمُقَرَّبِينَ } قَالَ : هَذَا عِنْد الْمَوْت { فَرَوْح وَرَيْحَان } قَالَ : يُجَاء لَهُ مِنْ الْجَنَّة . )36001 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثَنَا قُرَّة , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : ( { فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْح وَرَيْحَان وَجَنَّة نَعِيم } قَالَ : ذَلِكَ فِي الْآخِرَة , فَقَالَ لَهُ بَعْض الْقَوْم قَالَ : أَمَا وَاَللَّه إِنَّهُمْ لَيَرَوْنَ عِنْد الْمَوْت . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد , قَالَ : ثَنَا قُرَّة , عَنْ الْحَسَن , بِمِثْلِهِ . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ عِنْدِي : قَوْل مَنْ قَالَ : عُنِيَ بِالرَّوْحِ : الْفَرَح وَالرَّحْمَة وَالْمَغْفِرَة , وَأَصْله مِنْ قَوْلهمْ : وَجَدْت رَوْحًا : إِذَا وَجَدَ نَسِيمًا يَسْتَرْوِح إِلَيْهِ مِنْ كَرْب الْحِرَ . وَأَمَّا الرَّيْحَان , فَإِنَّهُ عِنْدِي الرَّيْحَان الَّذِي يُتَلَقَّى بِهِ عِنْد الْمَوْت , كَمَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَة وَالْحَسَن , وَمَنْ قَالَ فِي ذَلِكَ نَحْو قَوْلهمَا , لِأَنَّ ذَلِكَ الْأَغْلَب وَالْأَظْهَر مِنْ مَعَانِيه .|وَجَنَّةُ نَعِيمٍ|وَقَوْله : { وَجَنَّة نَعِيم } يَقُول : وَلَهُ مَعَ ذَلِكَ بُسْتَان نَعِيم يَتَنَعَّم فِيهِ . 26002 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : وَجَنَّة نَعِيم قَالَ : (قَدْ عُرِضَتْ عَلَيْهِ .)

مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَاب الْيَمِين } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَأَمَّا إِنْ كَانَ } الْمَيِّت { مِنْ أَصْحَاب الْيَمِين } الَّذِينَ يُؤْخَذ بِهِمْ إِلَى الْجَنَّة مِنْ ذَات أَيْمَانهمْ

أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ

ثُمَّ اُخْتُلِفَ فِي مَعْنَى قَوْله : { فَسَلَام لَك مِنْ أَصْحَاب الْيَمِين } فَقَالَ أَهْل التَّأْوِيل فِيهِ مَا : 26030 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَاب الْيَمِين } فَسَلَام لَك مِنْ أَصْحَاب الْيَمِين قَالَ : سَلَام مِنْ عِنْد اللَّه , وَسَلَّمَتْ عَلَيْهِ مَلَائِكَة اللَّه . )26004 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَاب الْيَمِين فَسَلَام لَك مِنْ أَصْحَاب الْيَمِين } قَالَ : سَلَام مِمَّا يَكْرَه . )وَأَمَّا أَهْل الْعَرَبِيَّة , فَإِنَّهُمْ اِخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة { وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَاب الْيَمِين فَسَلَام لَك مِنْ أَصْحَاب الْيَمِين } : أَيْ فَيُقَال سَلَام لَك . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : قَوْله : { فَسَلَام لَك مِنْ أَصْحَاب الْيَمِين } : أَيْ فَذَلِكَ مُسَلَّم لَك أَنَّك مِنْ أَصْحَاب الْيَمِين , وَأُلْقِيَتْ | أَنَّ | وَنَوَى مَعْنَاهَا , كَمَا تَقُول : أَنْتَ مُصَدِّق مُسَافِر عَنْ قَلِيل , إِذَا كَانَ قَدْ قَالَ : إِنِّي مُسَافِر عَنْ قَلِيل , وَكَذَلِكَ يَجِب مَعْنَاهُ أَنَّك مُسَافِر عَنْ قَلِيل , وَمُصَدِّق عَنْ قَلِيل . قَالَ : وَقَوْله : { فَسَلَام لَك } مَعْنَاهُ : فَسَلَام لَك أَنْتَ مِنْ أَصْحَاب الْيَمِين . قَالَ : وَقَدْ يَكُون كَالدُّعَاءِ لَهُ , كَقَوْلِهِ : فَسُقْيًا لَك مِنْ الرِّجَال . قَالَ : وَإِنْ رَفَعَتْ السَّلَام فَهُوَ دُعَاء , وَاَللَّه أَعْلَم بِصَوَابِهِ . وَقَالَ آخَر مِنْهُمْ قَوْله : { فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ الْمُقَرَّبِينَ } فَإِنَّهُ جَمَعَ بَيْن جَوَابَيْنِ , لِيُعْلَم أَنَّ أَمَّا جَزَاء . قَالَ : وَأَمَّا قَوْله : { فَسَلَام لَك مِنْ أَصْحَاب الْيَمِين } قَالَ : وَهَذَا أَصْل الْكَلِمَة مُسَلَّم لَك هَذَا , ثُمَّ حُذِفَتْ | أَنَّ | وَأُقِيم | مِنْ | مَقَامهَا . قَالَ : وَقَدْ قِيلَ : فَسَلَام لَك أَنْتَ مِنْ أَصْحَاب الْيَمِين , فَهُوَ عَلَى ذَاكَ : أَيْ سَلَام لَك , قَالَ : أَنْتَ مِنْ أَصْحَاب الْيَمِين , وَهَذَا كُلّه عَلَى كَلَامَيْنِ . قَالَ : وَقَدْ قِيلَ مُسَلَّم : أَيْ كَمَا تَقُول : فَسَلَام لَك مِنْ الْقَوْم , كَمَا تَقُول : فَسُقْيًا لَك مِنْ الْقَوْم , فَتَكُون كَلِمَة وَاحِدَة . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : مَعْنَاهُ : فَسَلَام لَك إِنَّك مِنْ أَصْحَاب الْيَمِين , ثُمَّ حُذِفَتْ وَاجْتُزِئَ بِدَلَالَةِ مِنْ عَلَيْهَا مِنْهَا , فَسَلِمْت مِنْ عَذَاب اللَّه , وَمِمَّا تَكْرَه , لِأَنَّك مِنْ أَصْحَاب الْيَمِين .

إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ

وَقَوْله : { وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُل مِنْ حَمِيم } يَقُول تَعَالَى : وَأَمَّا إِنْ كَانَ الْمَيِّت مِنْ الْمُكَذِّبِينَ بِآيَاتِ اللَّه , الْجَائِرِينَ عَنْ سَبِيله , فَلَهُ نُزُل مِنْ حَمِيم قَدْ أُغْلِيَ حَتَّى اِنْتَهَى حَرّه , فَهُوَ شَرَابه .

أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ

وَقَوْله : { وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُل مِنْ حَمِيم } يَقُول تَعَالَى : وَأَمَّا إِنْ كَانَ الْمَيِّت مِنْ الْمُكَذِّبِينَ بِآيَاتِ اللَّه , الْجَائِرِينَ عَنْ سَبِيله , فَلَهُ نُزُل مِنْ حَمِيم قَدْ أُغْلِيَ حَتَّى اِنْتَهَى حَرّه , فَهُوَ شَرَابه .

سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ

{ وَتَصْلِيَة جَحِيم } يَقُول : وَحَرِيق النَّار يُحْرَق بِهَا ; وَالتَّصْلِيَة : التَّفْعِلَة مِنْ صَلَّاهُ اللَّه النَّار فَهُوَ يُصَلِّيه تَصْلِيَة , وَذَلِكَ إِذَا أَحْرَقَهُ بِهَا .

أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقّ الْيَقِين } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ هَذَا الَّذِي أَخْبَرْتُكُمْ بِهِ أَيّهَا النَّاس مِنْ الْخَبَر عَنْ الْمُقَرَّبِينَ وَأَصْحَاب الْيَمِين , وَعَنْ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ , وَمَا إِلَيْهِ صَائِرَة أُمُورهمْ { لَهُوَ حَقّ الْيَمِين } يَقُول : لَهُوَ الْحَقّ مِنْ الْخَبَر الْيَقِين لَا شَكَّ فِيهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26005 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقّ الْيَقِين } قَالَ : الْخَبَر الْيَقِين . )26006 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُل مِنْ حَمِيم وَتَصْلِيَة جَحِيم إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقّ الْيَقِين } حَتَّى خَتَمَ , إِنَّ اللَّه تَعَالَى لَيْسَ تَارِكًا أَحَدًا مِنْ خَلْقه حَتَّى يُوقِفهُ عَلَى الْيَقِين مِنْ هَذَا الْقُرْآن . فَأَمَّا الْمُؤْمِن فَأَيْقَنَ فِي الدُّنْيَا , فَنَفَعَهُ ذَلِكَ يَوْم الْقِيَام . وَأَمَّا الْكَافِر , فَأَيْقَنَ يَوْم الْقِيَامَة حِين لَا يَنْفَعهُ . )وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه إِضَافَة الْحَقّ إِلَى الْيَقِين , وَالْحَقّ يَقِين , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة , قَالَ : حَقّ الْيَقِين , فَأَضَافَ الْحَقّ إِلَى الْيَقِين , كَمَا قَالَ : { ذَلِكَ دِين الْقَيِّمَة } [98 5 ]أَيْ ذَلِكَ دِين الْمِلَّة الْقَيِّمَة , وَذَلِكَ حَقّ الْأَمْر الْيَقِين . قَالَ : وَأَمَّا هَذَا رَجُل السَّوْء , فَلَا يَكُون فِيهِ هَذَا الرَّجُل السَّوْء , كَمَا يَكُون فِي الْحَقّ الْيَقِين , لِأَنَّ السَّوْء لَيْسَ بِالرَّجُلِ , وَالْيَقِين هُوَ الْحَقّ . وَقَالَ بَعْض أَهْل الْكُوفَة : الْيَقِين نَعْت لِلْحَقِّ , كَأَنَّهُ قَالَ : الْحَقّ الْيَقِين , وَالدِّين الْقَيِّم , فَقَدْ جَاءَ مِثْله فِي كَثِير مِنْ الْكَلَام وَالْقُرْآن { وَلَدَار الْآخِرَة } [12 109 ][16 30 ] { وَالدَّار الْآخِرَة } [7 169 ][33 29 ]قَالَ : فَإِذَا أُضِيف تُوُهِّمَ بِهِ غَيْر الْأَوَّل .

يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ

وَقَوْله : { فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبّك الْعَظِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَسَبِّحْ بِتَسْمِيَةِ رَبّك الْعَظِيم بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى .

خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ

{ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض } أَنَّ كُلّ مَا دُونه مِنْ خَلْقه يُسَبِّحهُ تَعْظِيمًا لَهُ , وَإِقْرَارًا بِرُبُوبِيَّتِهِ , وَإِذْعَانًا لِطَاعَتِهِ , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { تُسَبِّح لَهُ السَّمَاوَات السَّبْع وَالْأَرْض وَمِنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْء إِلَّا يُسَبِّح بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحهمْ } [17 44]|وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ|وَقَوْله : { وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم } يَقُول : وَلَكِنَّهُ جَلَّ جَلَاله الْعَزِيز فِي اِنْتِقَامه مِمَّنْ عَصَاهُ , فَخَالَفَ أَمْره مِمَّا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض مِنْ خَلْقه { الْحَكِيم } فِي تَدْبِيره أَمْرهمْ , وَتَصْرِيفه إِيَّاهُمْ فِيمَا شَاءَ وَأَحَبَّ .

فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ

وَقَوْله : { لَهُ مُلْك السَّمَوَات وَالْأَرْض } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَهُ سُلْطَان السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا فِيهِنَّ وَلَا شَيْء فِيهِنَّ يَقْدِر عَلَى الِامْتِنَاع مِنْهُ , وَهُوَ فِي جَمِيعهمْ نَافِذ الْأَمْر , مَاضِي الْحُكْم .|يُحْيِي وَيُمِيتُ|وَقَوْله : { يُحْيِي وَيُمِيت } يَقُول يُحْيِي مَا يَشَاء مِنْ الْخَلْق بِأَنْ يُوجِدهُ كَيْف يَشَاء , وَذَلِكَ بِأَنْ يُحْدِث مِنْ النُّطْفَة الْمَيِّتَة حَيَوَانًا بِنَفْخِ الرُّوح فِيهَا مِنْ بَعْد تَارَات يُقَلِّبهَا فِيهَا , وَنَحْو ذَلِكَ مِنْ الْأَشْيَاء , وَيُمِيت مَا يَشَاء مِنْ الْأَحْيَاء بَعْد الْحَيَاة بَعْد بُلُوغه أَجَله فَيُفْنِيه|وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ| { وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْء ذُو قُدْرَة , لَا يَتَعَذَّر عَلَيْهِ شَيْء أَرَادَهُ , مِنْ إِحْيَاء وَإِمَاتَة , وَإِعْزَاز وَإِذْلَال , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْأُمُور .

وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { هُوَ الْأَوَّل وَالْآخِر وَالظَّاهِر وَالْبَاطِن } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { هُوَ الْأَوَّل } قَبْل كُلّ شَيْء بِغَيْرِ حَدّ { وَالْآخِر } يَقُول : وَالْآخِر بَعْد كُلّ شَيْء بِغَيْرِ نِهَايَة . وَإِنَّمَا قِيلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , لِأَنَّهُ كَانَ وَلَا شَيْء مَوْجُود سِوَاهُ , وَهُوَ كَائِن بَعْد فَنَاء الْأَشْيَاء كُلّهَا , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { كُلّ شَيْء هَالِك إِلَّا وَجْهه } [28 88 ]وَقَوْله : { وَالظَّاهِر } يَقُول : وَهُوَ الظَّاهِر عَلَى كُلّ شَيْء دُونه , وَهُوَ الْعَالِي فَوْق كُلّ شَيْء , فَلَا شَيْء أَعْلَى مِنْهُ { وَالْبَاطِن } يَقُول : وَهُوَ الْبَاطِن جَمِيع الْأَشْيَاء , فَلَا شَيْء أَقْرَب إِلَى شَيْء مِنْهُ , كَمَا قَالَ : { وَنَحْنُ أَقْرَب إِلَيْهِ مِنْ حَبْل الْوَرِيد } [50 16 ]وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ جَاءَ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَالَ بِهِ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ , وَالْخَبَر الَّذِي رُوِيَ فِيهِ : 26007 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { هُوَ الْأَوَّل وَالْآخِر وَالظَّاهِر وَالْبَاطِن } ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا هُوَ جَالِس فِي أَصْحَابه , إِذْ ثَارَ عَلَيْهِمْ سَحَاب , فَقَالَ : | هَلْ تَدْرُونَ مَا هَذَا ؟ | قَالُوا : اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم , قَالَ : | فَإِنَّهَا الرَّقِيع مَوْج مَكْفُوف , وَسَقْف مَحْفُوظ , | قَالَ : | فَهَلْ تَدْرُونَ كَمْ بَيْنكُمْ وَبَيْنهَا | ؟ قَالُوا : اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم ؟ قَالَ : | مَسِيرَة خَمْسمِائَة سَنَة | , قَالَ : | فَهَلْ تَدْرُونَ مَا فَوْق ذَلِكَ ؟ | فَقَالُوا مِثْل ذَلِكَ , قَالَ : | فَوْقهَا سَمَاء أُخْرَى وَبَيْنهمَا مَسِيرَة خَمْسمِائَة سَنَة | , قَالَ : | وَهَلْ تَدْرُونَ مَا فَوْق ذَلِكَ ؟ | فَقَالُوا مِثْل قَوْلهمْ الْأَوَّل , قَالَ : | فَإِنَّ فَوْق ذَلِكَ الْعَرْش , وَبَيْنه وَبَيْن السَّمَاء السَّابِعَة مِثْل مَا بَيْن السَّمَاءَيْنِ | , قَالَ : هَلْ | تَدْرُونَ مَا الَّتِي تَحْتكُمْ ؟ | قَالُوا : اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم قَالَ : | فَإِنَّهَا الْأَرْض | , قَالَ : | فَهَلْ تَدْرُونَ مَا تَحْتهَا ؟ | قَالُوا لَهُ مِثْل قَوْلهمْ الْأَوَّل , قَالَ : | فَإِنَّ تَحْتهَا أَرْضًا أُخْرَى , وَبَيْنهمَا مَسِيرَة خَمْسمِائَة سَنَة | , حَتَّى عَدَّ سَبْع أَرَضِينَ , بَيْن كُلّ أَرْضَيْنِ مَسِيرَة خَمْسمِائَة سَنَة , ثُمَّ قَالَ : | وَاَلَّذِي نَفْس مُحَمَّد بِيَدِهِ , لَوْ دُلِّيَ أَحَدكُمْ بِحَبْلٍ إِلَى الْأَرْض الْأُخْرَى لَهَبَطَ عَلَى اللَّه | , ثُمَّ قَرَأَ { هُوَ الْأَوَّل وَالْآخِر وَالظَّاهِر وَالْبَاطِن وَهُوَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيم } )|وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ|وَقَوْله : { وَهُوَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَهُوَ بِكُلِّ شَيْء ذُو عِلْم , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء , فَلَا يَعْزُب عَنْهُ مِثْقَال ذَرَّة فِي الْأَرْض وَلَا فِي السَّمَاء وَلَا أَصْغَر مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَر , إِلَّا فِي كِتَاب مُبِين .

أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ

وَقَوْله : { هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هُوَ الَّذِي أَنْشَأَ السَّمَاوَات السَّبْع وَالْأَرَضِينَ , فَدَبَّرَهُنَّ وَمَا فِيهِنَّ , ثُمَّ اِسْتَوَى عَلَى عَرْشه , فَارْتَفَعَ عَلَيْهِ وَعَلَا .|يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ|وَقَوْله : { يَعْلَم مَا يَلِج فِي الْأَرْض وَمَا يَخْرُج مِنْهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ صِفَته , وَأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَة مِنْ خَلْقه { يَعْلَم مَا يَلِج فِي الْأَرْض } مِنْ خَلْقه . يَعْنِي بِقَوْلِهِ : { يَلِج } : يَدْخُل { وَمَا يَخْرُج مِنْهَا وَمَا يَنْزِل مِنْ السَّمَاء } إِلَى الْأَرْض مِنْ شَيْء قَطُّ { وَمَا يَعْرُج فِيهَا } فَيَصْعَد إِلَيْهَا مِنْ الْأَرْض { وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُمْ } يَقُول : وَهُوَ شَاهِد لَكُمْ أَيّهَا النَّاس أَيْنَمَا كُنْتُمْ يَعْلَمكُمْ , وَيَعْلَم أَعْمَالكُمْ , وَمُتَقَلَّبكُمْ وَمَثْوَاكُمْ , وَهُوَ عَلَى عَرْشه فَوْق سَمَاوَاتِهِ السَّبْع|وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ| { وَاَللَّه بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير } يَقُول : وَاَللَّه بِأَعْمَالِكُمْ الَّتِي تَعْمَلُونَهَا مِنْ حَسَن وَسَيِّئ , وَطَاعَة وَمَعْصِيَة , ذُو بَصَر , وَهُوَ لَهَا مُحْصٍ , لِيُجَازِيَ الْمُحْسِن مِنْكُمْ بِإِحْسَانِهِ , وَالْمُسِيء بِإِسَاءَتِهِ { يَوْم تُجْزَى كُلّ نَفْس بِمَا كَسَبْتِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ } [45 22]

أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَهُ مُلْك السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَإِلَى اللَّه تُرْجَع الْأُمُور } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَهُ سُلْطَان السَّمَاوَات وَالْأَرْض نَافِذ فِي جَمِيعهنَّ , وَفِي جَمِيع مَا فِيهِنَّ أَمْره { وَإِلَى اللَّه تُرْجَع الْأُمُور } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَإِلَى اللَّه مَصِير أُمُور جَمِيع خَلْقه , فَيَقْضِي بَيْنهمْ بِحُكْمِهِ .

فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ

وَقَوْله : { يُولِج اللَّيْل فِي النَّهَار } يَعْنِي بِقَوْلِهِ : { يُولِج اللَّيْل فِي النَّهَار } يُدْخِل مَا نَقَصَ مِنْ سَاعَات اللَّيْل فِي النَّهَار , فَيَجْعَلهُ زِيَادَة فِي سَاعَاته { وَيُولِج النَّهَار فِي اللَّيْل } يَقُول : وَيُدْخِل مَا نَقَصَ مِنْ سَاعَات النَّهَار فِي اللَّيْل , فَيَجْعَلهُ زِيَادَة فِي سَاعَات اللَّيْل . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل : وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَة بِمَا قَالُوا فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابنَا هَذَا , غَيْر أَنْ نَذْكُر فِي هَذَا الْمَوْضِع بَعْض مَا لَمْ نَذْكُر هُنَالِكَ إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى : 26008 - حَدَّثَنَا هَنَّاد بْن السُّرِّيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو الْأَحْوَص , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : ( { يُولِج اللَّيْل فِي النَّهَار وَيُولِج النَّهَار فِي اللَّيْل } قَالَ : قِصَر هَذَا فِي طُول هَذَا , وَطُول هَذَا فِي قِصَر هَذَا . )26009 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا مُؤَمِّل , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم , فِي قَوْله : ( { يُولِج اللَّيْل فِي النَّهَار وَيُولِج النَّهَار فِي اللَّيْل } قَالَ : دُخُول اللَّيْل فِي النَّهَار , وَدُخُول النَّهَار فِي اللَّيْل . )26010 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم , فِي قَوْله . ( { يُولِج اللَّيْل فِي النَّهَار وَيُولِج النَّهَار فِي اللَّيْل } قَالَ : قِصَر أَيَّام الشِّتَاء فِي طُول لَيْله , وَقِصَر لَيْل الصَّيْف فِي طُول نَهَاره .)|وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ|وَقَوْله : { وَهُوَ عَلِيم بِذَاتِ الصُّدُور } يَقُول : وَهُوَ ذُو عِلْم بِضَمَائِر صُدُور عِبَاده , وَمَا عَزَمَتْ عَلَيْهِ نُفُوسهمْ مِنْ خَيْر أَوْ شَرّ , أَوْ حَدَّثَتْ بِهِمَا أَنْفُسهمْ , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ خَافِيَة .

لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { آمِنُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : آمِنُوا بِاَللَّهِ أَيّهَا النَّاس , فَأَقِرُّوا بِوَحْدَانِيِّتِهِ وَبِرَسُولِهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَدِّقُوهُ فِيمَا جَاءَكُمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه وَاتَّبِعُوهُ , وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ , يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَأَنْفِقُوا مِمَّا خَوَّلَكُمْ اللَّه مِنْ الْمَال الَّذِي أَوْرَثَكُمْ عَمَّنْ كَانَ قَبْلكُمْ , فَجَعَلَكُمْ خُلَفَاءَهُمْ فِيهِ فِي سَبِيل اللَّه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنّ قَالَ ذَلِكَ : 26011 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : ( { مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ } قَالَ : الْمَعْمَرِينَ فِيهِ بِالرِّزْقِ .)|فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ|وَقَوْله : { فَاَلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا } يَقُول : فَاَلَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله مِنْكُمْ أَيّهَا النَّاس وَأَنْفَقُوا مِمَّا خَوَّلَهُمْ اللَّه عَمَّنْ كَانَ قَبْلهمْ وَرَزَقَهُمْ مِنْ الْمَال فِي سَبِيل اللَّه { لَهُمْ أَجْر كَبِير } يَقُول : لَهُمْ ثَوَاب عَظِيم .

فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالرَّسُول يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ , وَمَا شَأْنكُمْ أَيّهَا النَّاس لَا تُقِرُّونَ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّه , وَرَسُوله مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُوكُمْ إِلَى الْإِقْرَار بِوَحْدَانِيِّتِهِ , وَقَدْ أَتَاكُمْ مِنْ الْحُجَج عَلَى حَقِيقَة ذَلِكَ , مَا قَطَعَ عُذْركُمْ , وَأَزَالَ الشَّكّ مِنْ قُلُوبكُمْ , وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقكُمْ , قِيلَ : عُنِيَ بِذَلِكَ ; وَقَدْ أَخَذَ مِنْكُمْ رَبّكُمْ مِيثَاقكُمْ فِي صُلْب آدَم , بِأَنَّ اللَّه رَبّكُمْ لَا إِلَه لَكُمْ سِوَاهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26012 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقكُمْ } قَالَ : فِي ظَهْر آدَم . )وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز وَالْعِرَاق غَيْر أَبِي عَمْرو { وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقكُمْ } بِفَتْحِ الْأَلْف مِنْ أَخَذَ وَنَصْب الْمِيثَاق , بِمَعْنَى : وَقَدْ أَخَذَ رَبّكُمْ مِيثَاقكُمْ . وَقَرَأَ ذَلِكَ أَبُو عَمْرو : | وَقَدْ أُخِذَ مِيثَاقكُمْ | بِضَمِّ الْأَلْف وَرَفَعَ الْمِيثَاق , عَلَى وَجْه مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِله . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب , وَإِنْ كَانَ فَتْح الْأَلْف مِنْ أَخَذَ وَنَصْب الْمِيثَاق أَعْجَب الْقِرَاءَتَيْنِ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ لِكَثْرَةِ الْقِرَاءَة بِذَلِكَ , وَقِلَّة الْقُرَّاء بِالْقِرَاءَةِ الْأُخْرَى . وَقَوْله : { إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } يَقُول : إِنْ كُنْتُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاَللَّهِ يَوْمًا مِنْ الْأَيَّام , فَالْآن أَحْرَى الْأَوْقَات , أَنْ تُؤْمِنُوا لِتَتَابُعِ الْحُجَج عَلَيْكُمْ بِالرَّسُولِ وَإِعْلَامه , وَدُعَائِهِ إِيَّاكُمْ إِلَى مَا قَدْ تَقَرَّرَتْ صِحَّته عِنْدكُمْ بِالْإِعْلَامِ وَالْأَدِلَّة وَالْمِيثَاق الْمَأْخُوذ عَلَيْكُمْ .

وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { هُوَ الَّذِي يُنَزِّل عَلَى عَبْده آيَات بَيِّنَات لِيُخْرِجكُمْ مِنْ الظُّلُمَات إلَى النُّور } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : اللَّه الَّذِي يُنَزِّل عَلَى عَبْده مُحَمَّد { آيَات بَيِّنَات } يَعْنِي مُفَصَّلَات { لِيُخْرِجكُمْ مِنْ الظُّلُمَات إِلَى النُّور } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : لَيُخْرِجكُمْ أَيّهَا النَّاس مِنْ ظُلْمَة الْكُفْر إِلَى نُور الْإِيمَان , وَمِنْ الضَّلَالَة إِلَى الْهُدَى . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26013 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { مِنْ الظُّلُمَات إِلَى النُّور } قَالَ : مِنْ الضَّلَالَة إِلَى الْهُدَى .)|وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ|وَقَوْله : { وَإِنَّ اللَّه بِكُمْ لَرَءُوف رَحِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِنَّ اللَّه بِإِنْزَالِهِ عَلَى عَبْده مَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ مِنْ الْآيَات الْبَيِّنَات لِهِدَايَتِكُمْ , وَتَبْصِيركُمْ الرَّشَاد , لَذُو رَأْفَة بِكُمْ وَرَحْمَة , فَمِنْ رَأْفَته وَرَحْمَته بِكُمْ فَعَلَ ذَلِكَ

وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيل اللَّه وَلِلَّهِ مِيرَاث السَّمَوَات وَالْأَرْض } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا لَكُمْ أَيّهَا النَّاس لَا تُنْفِقُونَ مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّه فِي سَبِيل اللَّه وَإِلَى اللَّه صَائِر أَمْوَالكُمْ إِنْ لَمْ تُنْفِقُوهَا فِي حَيَاتكُمْ فِي سَبِيل اللَّه , لِأَنَّ لَهُ مِيرَاث السَّمَوَات وَالْأَرْض , وَإِنَّمَا حَثَّهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِكَ عَلَى حَظّهمْ , فَقَالَ لَهُمْ : أَنْفِقُوا أَمْوَالكُمْ فِي سَبِيل اللَّه , لِيَكُونَ ذَلِكُمْ لَكُمْ ذُخْرًا عِنْد اللَّه مِنْ قَبْل أَنْ تَمُوتُوا , فَلَا تَقْدِرُوا عَلَى ذَلِكَ , وَتَصِير الْأَمْوَال مِيرَاثًا لِمَنْ لَهُ السَّمَاوَات وَالْأَرْض .|لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى|وَقَوْله : { لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْل الْفَتْح وَقَاتَلَ } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ أَيّهَا النَّاس مَنْ آمَنَ قَبْل فَتْح مَكّه وَهَاجَرَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26014 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْل الْفَتْح وَقَاتَلَ } قَالَ : آمَنَ فَأَنْفَقَ , يَقُول : مَنْ هَاجَرَ لَيْسَ كَمَنْ لَمْ يُهَاجِر . )* حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد ( { لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْل الْفَتْح } يَقُول : مَنْ آمَنَ . )26015 - قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , قَالَ : يَقُول غَيْر ذَلِكَ . وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِالْفَتْحِ فَتْح مَكَّة , وَبِالنَّفَقَةِ : النَّفَقَة فِي جِهَاد الْمُشْرِكِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26016 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْل الْفَتْح وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَم دَرَجَة مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْد وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّه الْحُسْنَى } قَالَ : كَانَ قِتَالَانِ , أَحَدهمَا أَفْضَل مِنْ الْآخَر , وَكَانَتْ نَفَقَتَانِ إِحْدَاهُمَا أَفْضَل مِنْ الْأُخْرَى , كَانَتْ النَّفَقَة وَالْقِتَال مِنْ قَبْل الْفَتْح | فَتْح مَكَّة | أَفْضَل مِنْ النَّفَقَة وَالْقِتَال بَعْد ذَلِكَ . )* حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { مِنْ قَبْل الْفَتْح } قَالَ : فَتْح مَكَّة . )26017 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه بْن عَيَّاش , قَالَ : قَالَ زَيْد بْن أَسْلَمَ فِي هَذِهِ الْآيَة ( { لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْل الْفَتْح } قَالَ : فَتْح مَكَّة . )وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِالْفَتْحِ فِي هَذَا الْمَوْضِع : صُلْح الْحُدَيْبِيَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26018 - حَدَّثَنِي إِسْحَاق بْن شَاهَيْنِ , قَالَ : ثَنَا خَالِد بْن عَبْد اللَّه , عَنْ دَاوُد , عَنْ عَامِر , قَالَ : (فَصْل مَا بَيْن الْهِجْرَتَيْنِ فَتْح الْحُدَيْبِيَة , يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْل الْفَتْح وَقَاتَلَ } الْآيَة . )26019 - حَدَّثَنِي حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثَنَا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثَنَا دَاوُد , عَنْ عَامِر , فِي هَذِهِ الْآيَة , قَوْله : ( { لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْل الْفَتْح وَقَاتَلَ } قَالَ : فَتْح الْحُدَيْبِيَة , قَالَ : فَصْل مَا بَيْن الْعُمْرَتَيْنِ فَتْح الْحُدَيْبِيَة . )26020 - حَدَّثَنِي اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثَنَا دَاوُد , عَنْ عَامِر , قَالَ : (فَصْل مَا بَيْن الْهِجْرَتَيْنِ فَتْح الْحُدَيْبِيَة . وَأُنْزِلَتْ { لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْل الْفَتْح } إِلَى { وَاَللَّه بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير } فَقَالُوا : يَا رَسُول اللَّه فَتْح هُوَ ؟ قَالَ : | نَعَمْ عَظِيم . )* حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا دَاوُد , عَنْ عَامِر , قَالَ : (فَصْل مَا بَيْن الْهِجْرَتَيْنِ فَتْح الْحُدَيْبِيَة , ثُمَّ تَلَا هُنَا الْآيَة { لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ } الْآيَة . )26021 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي هِشَام بْن سَعْد , عَنْ زَيْد بْن أَسْلَمَ , عَنْ عَطَاء بْن يَسَار , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , قَالَ : (قَالَ لَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَام الْحُدَيْبِيَة : | يُوشِك أَنْ يَأْتِي قَوْم تَحْقِرُونَ أَعْمَالكُمْ مَعَ أَعْمَالهمْ | , قُلْنَا : مَنْ هُمْ يَا رَسُول اللَّه , أَقُرَيْش هُمْ ؟ قَالَ : | لَا , وَلَكِنْ أَهْل الْيَمَن أَرَقّ أَفْئِدَة وَأَلْيَن قُلُوبًا | , فَقُلْنَا : هُمْ خَيْر مِنَّا يَا رَسُول اللَّه , فَقَالَ : | لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمْ جَبَل مِنْ ذَهَبَ فَأَنْفَقَهُ مَا أَدْرَكَ مُدّ أَحَدكُمْ وَلَا نَصِيفه , أَلَا إِنَّ هَذَا فَصْل مَا بَيْننَا وَبَيْن النَّاس , { لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْل الْفَتْح } الْآيَة , إِلَى قَوْله : { وَاَللَّه وَبِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير } . )* حَدَّثَنِي اِبْن الْبَرْقِيّ , قَالَ : ثَنَا اِبْن أَبِي مَرْيَم , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : أَخْبَرَنِي زَيْد بْن أَسْلَمَ , عَنْ أَبِي سَعِيد التَّمَّار , (أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : | يُوشِك أَنْ يَأْتِي قَوْم تَحْقِرُونَ أَعْمَالكُمْ مَعَ أَعْمَالهمْ | , فَقُلْنَا : مَنْ هُمْ يَا رَسُول اللَّه , أَقُرَيْش ؟ قَالَ : | لَا , هُمْ أَرَقّ أَفْئِدَة وَأَلْيَن قُلُوبًا | , وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْيَمَن , فَقَالَ : | وَهُمْ أَهْل الْيَمَن , أَلَا إِنَّ الْإِيمَان يَمَان , وَالْحِكْمَة يَمَانِيَّة | فَقُلْنَا : يَا رَسُول اللَّه هُمْ خَيْر مِنَّا ؟ قَالَ : | وَاَلَّذِي نَفْسِيّ بِيَدِهِ لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمْ جَبَل ذَهَبَ يُنْفِقهُ مَا أَدْرَكَ مُدّ أَحَدكُمْ وَلَا نَصِيفه | , ثُمَّ جَمَعَ أَصَابِعه , وَمَدّ خِنْصَره وَقَالَ : | أَلَا إِنَّ هَذَا فَصْل مَا بَيْننَا وَبَيْن النَّاس | { لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْل الْفَتْح وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَم دَرَجَة مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْد وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّه الْحُسْنَى } )وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ عِنْدِي أَنْ يُقَال : مَعْنَى ذَلِكَ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ أَيّهَا النَّاس مَنْ أَنْفَقَ فِي سَبِيل اللَّه مِنْ قَبْل فَتْح الْحُدَيْبِيَة لِلَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْ أَبِي سَعِيد الْخِدْرَيْ عَنْهُ , وَقَاتَلَ الْمُشْرِكِينَ بِمَنْ أَنْفَقَ بَعْد ذَلِكَ , وَقَاتَلَ وَتَرَك ذِكْر مَنْ أَنْفَقَ بَعْد ذَلِكَ , وَقَاتَلَ اِسْتِغْنَاء بِدَلَالَةِ الْكَلَام الَّذِي ذُكِرَ عَلَيْهِ مِنْ ذِكْره { أُولَئِكَ أَعْظَم دَرَجَة مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْد وَقَاتَلُوا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَنْفَقُوا فِي سَبِيل اللَّه مِنْ قَبْل فَتْح الْحُدَيْبِيَة , وَقَاتَلُوا الْمُشْرِكِينَ أَعْظَم دَرَجَة فِي الْجَنَّة عِنْد اللَّه مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْد ذَلِكَ , وَقَاتَلُوا . وَقَوْله : { وَكُلًّا وَعَدَ اللَّه الْحُسْنَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكُلّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ قَبْل الْفَتْح وَقَاتَلُوا , وَاَلَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْد وَقَاتَلُوا , وَعَدَ اللَّه الْجَنَّة بِإِنْفَاقِهِمْ فِي سَبِيله , وَقِتَالهمْ أَعْدَاءَهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26022 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا وَآمَنُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّه الْحُسْنَى } قَالَ : الْجَنَّة . )26023 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَكُلًّا وَعَدَ اللَّه الْحُسْنَى } قَالَ : الْجَنَّة .)|وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ|وَقَوْله : { وَاَللَّه بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاَللَّه بِمَا تَعْمَلُونَ مِنْ النَّفَقَة فِي سَبِيل اللَّه , وَقِتَال أَعْدَائِهِ , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالكُمْ الَّتِي تَعْمَلُونَ , خَبِير لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْء , وَهُوَ مُجَازِيكُمْ عَلَى جَمِيع ذَلِكَ يَوْم الْقِيَامَة .


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس