islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

تفسير الطبرى
15442

4-النساء

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا

الْقَوْل فِي تَفْسِير السُّورَة الَّتِي يُذْكَر فِيهَا النِّسَاء { يَا أَيّهَا النَّاس اِتَّقُوا رَبّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْس وَاحِدَة } </subtitle>قَالَ أَبُو جَعْفَر : يَعْنِي بِقَوْلِهِ تَعَالَى ذِكْره : { يَا أَيّهَا النَّاس اِتَّقُوا رَبّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْس وَاحِدَة } اِحْذَرُوا أَيّهَا النَّاس رَبّكُمْ فِي أَنْ تُخَالِفُوهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ , وَفِيمَا نَهَاكُمْ , فَيَحِلّ بِكُمْ مِنْ عُقُوبَته مَا لَا قِبَل لَكُمْ بِهِ . ثُمَّ وَصَفَ تَعَالَى ذِكْره نَفْسه بِأَنَّهُ الْمُتَوَحِّد بِخَلْقِ جَمِيع الْأَنَام مِنْ شَخْص وَاحِد , وَعَرَّفَ عِبَاده كَيْفَ كَانَ مُبْتَدَأ إِنْشَائِهِ ذَلِكَ مِنْ النَّفْس الْوَاحِدَة , وَمُنَبِّههمْ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ جَمِيعهمْ بَنُو رَجُل وَاحِد وَأُمّ وَاحِدَة , وَأَنَّ بَعْضهمْ مِنْ بَعْض , وَأَنَّ حَقّ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض وَاجِب وُجُوب حَقّ الْأَخ عَلَى أَخِيهِ , لِاجْتِمَاعِهِمْ فِي النَّسَب إِلَى أَب وَاحِد وَأُمّ وَاحِدَة . وَأَنَّ الَّذِي يَلْزَمهُمْ مِنْ رِعَايَة بَعْضهمْ حَقّ بَعْض , وَإِنْ بَعُدَ التَّلَاقِي فِي النَّسَب إِلَى الْأَب الْجَامِع بَيْنهمْ , مِثْلُ الَّذِي يَلْزَمهُمْ مِنْ ذَلِكَ فِي النَّسَب الْأَدْنَى . وَعَاطِفًا بِذَلِكَ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض , لِيَتَنَاصَفُوا , وَلَا يَتَظَالَمُوا , وَلِيَبْذُل الْقَوِيّ مِنْ نَفْسه لِلضَّعِيفِ حَقّه بِالْمَعْرُوفِ , عَلَى مَا أَلْزَمَهُ اللَّه لَهُ , فَقَالَ : { الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْس وَاحِدَة } يَعْنِي مِنْ آدَم . كَمَا : 6698 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : (أَمَّا { خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْس وَاحِدَة } فَمِنْ آدَم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . )6699 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { يَا أَيّهَا النَّاس اِتَّقُوا رَبّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْس وَاحِدَة } يَعْنِي : آدَم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . )6700 - حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ رَجُل , عَنْ مُجَاهِد : ( { خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْس وَاحِدَة } قَالَ : آدَم . )وَنَظِير قَوْله : { مِنْ نَفْس وَاحِدَة } وَالْمَعْنِيّ بِهِ رَجُل , قَوْل الشَّاعِر : <br>أَبُوك خَلِيفَة وَلَدَتْهُ أُخْرَى .......... وَأَنْتَ خَلِيفَة ذَاكَ الْكَمَال <br>فَقَالَ : | وَلَدَتْهُ أُخْرَى | , وَهُوَ يُرِيد الرَّجُل , فَأَنَّثَ لِلَفْظِ الْخَلِيفَة . وَقَالَ تَعَالَى ذِكْره : { مِنْ نَفْس وَاحِدَة } لِتَأْنِيثِ | النَّفْس | وَالْمَعْنَى . | مِنْ رَجُل وَاحِد | وَلَوْ قِيلَ : | مِنْ نَفْس وَاحِد | , وَأُخْرِجَ اللَّفْظ عَلَى التَّذْكِير لِلْمَعْنَى كَانَ صَوَابًا .|وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجهَا } . </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجهَا } وَخَلَقَ مِنْ النَّفْس الْوَاحِدَة زَوْجهَا ; يَعْنِي بِ | الزَّوْج | الثَّانِي لَهَا وَهُوَ فِيمَا قَالَ أَهْل التَّأْوِيل : اِمْرَأَتهَا , حَوَّاء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6701 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجهَا } قَالَ : حَوَّاء مِنْ قُصَيْرَى آدَم وَهُوَ نَائِم , فَاسْتَيْقَظَ فَقَالَ : | أثا | بِالنَّبَطِيَّةِ اِمْرَأَة . )* - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 6702 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجهَا } يَعْنِي حَوَّاء خُلِقَتْ مِنْ آدَم , مِنْ ضِلْع مِنْ أَضْلَاعه . )6703 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُون , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : (أُسْكِنَ آدَم الْجَنَّة , فَكَانَ يَمْشِي فِيهَا وَحِشًا لَيْسَ لَهُ زَوْج يَسْكُن إِلَيْهَا ; فَنَامَ نَوْمَة , فَاسْتَيْقَظَ فَإِذَا عِنْد رَأْسه اِمْرَأَة قَاعِدَة خَلَقَهَا اللَّه مِنْ ضِلْعه , فَسَأَلَهَا مَا أَنْتِ ؟ قَالَتْ اِمْرَأَة , قَالَ : وَلِمَ خُلِقْت ؟ قَالَتْ : لِتَسْكُن إِلَيَّ . )6704 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : (أُلْقِيَ عَلَى آدَم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السِّنَة فِيمَا بَلَغَنَا عَنْ أَهْل الْكِتَاب مِنْ أَهْل التَّوْرَاة وَغَيْرهمْ مِنْ أَهْل الْعِلْم , عَنْ عَبْد اللَّه بْن الْعَبَّاس وَغَيْره , ثُمَّ أَخَذَ ضِلْعًا مِنْ أَضْلَاعه مِنْ شِقّه الْأَيْسَر , وَلَأَمَ مَكَانه , وَآدَم نَائِم لَمْ يَهُبّ مِنْ نَوْمَته . حَتَّى خَلَقَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْ ضِلْعه تِلْكَ زَوْجَته حَوَّاء , فَسَوَّاهَا اِمْرَأَة لِيَسْكُن إِلَيْهَا , فَلَمَّا كُشِفَتْ عَنْهُ السِّنَة وَهَبَّ مِنْ نَوْمَته رَآهَا إِلَى جَنْبه , فَقَالَ فِيمَا يَزْعُمُونَ وَاَللَّه أَعْلَم : لَحْمِي وَدَمِي وَزَوْجَتِي ! فَسَكَنَ إِلَيْهَا. )6705 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجهَا } جَعَلَ مِنْ آدَم حَوَّاء .)|زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا|وَأَمَّا قَوْله : { وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء } فَإِنَّهُ يَعْنِي وَنَشَرَ مِنْهُمَا يَعْنِي مِنْ آدَم وَحَوَّاء { رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء } قَدْ رَآهُمْ , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوث } [101 4 ]يُقَال مِنْهُ : بَثَّ اللَّه الْخَلْق وَأَبَثَّهُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6706 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء } وَبَثَّ : خَلَقَ .)|وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام } . </subtitle>اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة : | تَسَّاءَلُونَ | بِالتَّشْدِيدِ , بِمَعْنَى : تَتَسَاءَلُونَ , ثُمَّ أُدْغِمَ إِحْدَى التَّاءَيْنِ فِي السِّين , فَجَعَلَهُمَا سِينًا مُشَدَّدَة . وَقَرَأَهُ بَعْض قُرَّاء الْكُوفَة : { تَسَاءَلُونَ } بِالتَّخْفِيفِ عَلَى مِثَال | تَفَاعَلُونَ | , وَهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ , وَلُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ , أَعْنِي التَّخْفِيف وَالتَّشْدِيد فِي قَوْله : { تَسَاءَلُونَ بِهِ } , وَبِأَيِّ ذَلِكَ قَرَأَ الْقَارِئ أَصَابَ الصَّوَاب فِيهِ , لِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ بِأَيِّ وَجْهَيْهِ قُرِئَ غَيْر مُخْتَلِف . وَأَمَّا تَأْوِيله : { وَاتَّقُوا اللَّه } أَيّهَا النَّاس , الَّذِي إِذَا سَأَلَ بَعْضكُمْ بَعْضًا سَأَلَ بِهِ , فَقَالَ السَّائِل لِلْمَسْئُولِ : أَسْأَلك بِاَللَّهِ , وَأَنْشُدك بِاَللَّهِ , وَأَعْزِم عَلَيْك بِاَللَّهِ , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَكَمَا تُعَظِّمُونَ أَيّهَا النَّاس رَبّكُمْ بِأَلْسِنَتِكُمْ , حَتَّى تَرَوْا أَنَّ مَنْ أَعْطَاكُمْ عَهْده فَأَخْفَرَكُمُوهُ , فَقَدْ أَتَى عَظِيمًا , فَكَذَلِكَ فَعَظِّمُوهُ بِطَاعَتِكُمْ إِيَّاهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ , وَاجْتِنَابكُمْ مَا نَهَاكُمْ عَنْهُ , وَاحْذَرُوا عِقَابه مِنْ مُخَالَفَتكُمْ إِيَّاهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ أَوْ نَهَاكُمْ عَنْهُ . كَمَا : 6707 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو زُهَيْر , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : ( { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ } قَالَ : يَقُول : اِتَّقُوا اللَّه الَّذِي تُعَاقِدُونَ وَتُعَاهِدُونَ بِهِ . )6708 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع : ( { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ } يَقُول : اِتَّقُوا اللَّه الَّذِي بِهِ تُعَاقِدُونَ وَتُعَاهِدُونَ . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس , مِثْله. * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : ( { تَسَاءَلُونَ بِهِ } قَالَ : تُعَاطِفُونَ بِهِ. )وَأَمَّا قَوْله : { وَالْأَرْحَام } فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل اِخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي إِذَا سَأَلْتُمْ بَيْنكُمْ , قَالَ السَّائِل لِلْمَسْئُولِ : أَسْأَلك بِهِ وَبِالرَّحِمِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6709 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم : ( { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام } يَقُول : اِتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَعَاطَفُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام. يَقُول : الرَّجُل يَسْأَل بِاَللَّهِ وَبِالرَّحِمِ . )* - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : (هُوَ كَقَوْلِ الرَّجُل : أَسْأَلك بِاَللَّهِ , أَسْأَلك بِالرَّحِمِ . يَعْنِي قَوْله : { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام } . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم : ( { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام } قَالَ : يَقُول : أَسْأَلك بِاَللَّهِ وَبِالرَّحِمِ . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم : (هُوَ كَقَوْلِ الرَّجُل : أَسْأَلك بِالرَّحِمِ . )6710 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام } قَالَ : يَقُول : أَسْأَلك بِاَللَّهِ وَبِالرَّحِمِ . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ مَنْصُور أَوْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم فِي قَوْله : ( { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام } قَالَ : هُوَ قَوْل الرَّجُل : أَسْأَلك بِاَللَّهِ وَالرَّحِم . )6711 - حَدَّثَنِي الْمُثْنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : (هُوَ قَوْل الرَّجُل : أَنْشُدك بِاَللَّهِ وَالرَّحِم . )قَالَ مُحَمَّد : وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيل قَوْل بَعْض مَنْ قَرَأَ قَوْله : | وَالْأَرْحَام | بِالْخَفْضِ عَطْفًا بِالْأَرْحَامِ عَلَى الْهَاء الَّتِي فِي قَوْله | بِهِ | , كَأَنَّهُ أَرَادَ : وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَبِالْأَرْحَامِ , فَعَطَفَ بِظَاهِرٍ عَلَى مَكْنِيّ مَخْفُوض . وَذَلِكَ غَيْر فَصِيح مِنْ الْكَلَام عِنْد الْعَرَب لِأَنَّهَا لَا تُنَسِّق بِظَاهِرٍ عَلَى مَكْنِيّ فِي الْخَفْض إِلَّا فِي ضَرُورَة شِعْر , وَذَلِكَ لِضِيقِ الشِّعْر ; وَأَمَّا الْكَلَام فَلَا شَيْء يَضْطَرّ الْمُتَكَلِّم إِلَى اِخْتِيَار الْمَكْرُوه مِنْ الْمَنْطِق وَالرَّدِيء فِي الْإِعْرَاب مِنْهُ . وَمِمَّا جَاءَ فِي الشِّعْر مِنْ رَدّ ظَاهِر عَلَى مَكْنِيّ فِي حَال الْخَفْض قَوْل الشَّاعِر : <br>نُعَلِّق فِي مِثْل السَّوَارِي سُيُوفنَا .......... وَمَا بَيْنهَا وَالْكَعْبِ غَوْطٌ نَفَانِفُ <br>فَعَطَفَ | الْكَعْب | وَهُوَ ظَاهِر عَلَى الْهَاء وَالْأَلِف فِي قَوْله | بَيْنهَا | وَهِيَ مَكْنِيَّة . وَقَالَ آخَرُونَ : تَأْوِيل ذَلِكَ : { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ } وَاتَّقُوا الْأَرْحَام أَنْ تَقْطَعُوهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6712 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ فِي قَوْله : ( { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام } يَقُول : اِتَّقُوا اللَّه , وَاتَّقُوا الْأَرْحَام لَا تَقْطَعُوهَا . )6713 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد عَنْ قَتَادَة : ( { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام إِنَّ اللَّه كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُول : | اِتَّقُوا اللَّه وَصِلُوا الْأَرْحَام , فَإِنَّهُ أَبْقَى لَكُمْ فِي الدُّنْيَا , وَخَيْر لَكُمْ فِي الْآخِرَة . )6714 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن دَاوُد , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْل اللَّه : ( { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام } يَقُول : اِتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ , وَاتَّقُوا اللَّه فِي الْأَرْحَام فَصِلُوهَا . )6715 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ مَنْصُور , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : ( { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام } قَالَ : اِتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ , وَاتَّقُوهُ فِي الْأَرْحَام . )6716 - حَدَّثَنَا سُفْيَان , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ خُصَيْف , عَنْ عِكْرِمَة فِي قَوْل اللَّه : ( { الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام } قَالَ : اِتَّقُوا الْأَرْحَام أَنْ تَقْطَعُوهَا . )6717 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : ( { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام } قَالَ : هُوَ قَوْل الرَّجُل : أَنْشُدك بِاَللَّهِ وَالرَّحِم . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : (أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : | اِتَّقُوا اللَّه وَصِلُوا الْأَرْحَام . )6718 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام } قَالَ : اِتَّقُوا الْأَرْحَام أَنْ تَقْطَعُوهَا . )6719 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثني أَبُو زُهَيْر , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : ( { الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام } قَالَ : يَقُول : اِتَّقُوا اللَّه فِي الْأَرْحَام فَصِلُوهَا . )6720 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع : ( { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام } قَالَ : يَقُول : وَاتَّقُوا اللَّه فِي الْأَرْحَام فَصِلُوهَا . )6721 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حَمَّاد , وَأَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَر الْخَزَّاز , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , أَنَّ اِبْن عَبَّاس كَانَ يَقْرَأ : ( { وَالْأَرْحَام } يَقُول : اِتَّقُوا اللَّه لَا تَقْطَعُوهَا. )6722 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : (اِتَّقُوا الْأَرْحَام . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , قَالَ : ( { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام } أَنْ تَقْطَعُوهَا . )6723 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ } وَاتَّقُوا الْأَرْحَام أَنْ تَقْطَعُوهَا . وَقَرَأَ : { وَاَلَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّه بِهِ أَنْ يُوصَل } . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيل قَرَأَ ذَلِكَ مَنْ قَرَأَهُ نَصْبًا , بِمَعْنَى : وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ , وَاتَّقُوا الْأَرْحَام أَنْ تَقْطَعُوهَا , عَطْفًا بِالْأَرْحَامِ فِي إِعْرَابهَا بِالنَّصْبِ عَلَى اِسْم اللَّه تَعَالَى ذِكْره . قَالَ : وَالْقِرَاءَة الَّتِي لَا نَسْتَجِيز لِلْقَارِئِ أَنْ يَقْرَأ غَيْرهَا فِي ذَلِكَ النَّصْب : { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام } بِمَعْنَى : وَاتَّقُوا الْأَرْحَام أَنْ تَقْطَعُوهَا , لِمَا قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْعَرَب لَا تَعْطِف بِظَاهِرٍ مِنْ الْأَسْمَاء عَلَى مَكْنِيّ فِي حَال الْخَفْض , إِلَّا فِي ضَرُورَة شِعْر , عَلَى مَا قَدْ وَصَفْت قَبْل.|وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } . </subtitle>قَالَ أَبُو جَعْفَر : يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّه لَمْ يَزَلْ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { عَلَيْكُمْ } عَلَى النَّاس الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : يَا أَيّهَا النَّاس اِتَّقُوا رَبّكُمْ وَالْمُخَاطَب وَالْغَائِب إِذَا اِجْتَمَعَا فِي الْخَبَر , فَإِنَّ الْعَرَب تُخْرِج الْكَلَام عَلَى الْخِطَاب , فَتَقُول إِذَا خَاطَبَتْ رَجُلًا وَاحِدًا أَوْ جَمَاعَة فَعَلَتْ هِيَ وَآخَرُونَ غَيَّبَ مَعَهُمْ فِعْلًا : فَعَلْتُمْ كَذَا , وَصَنَعْتُمْ. كَذَا وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { رَقِيبًا } حَفِيظًا , مُحْصِيًا عَلَيْكُمْ أَعْمَالكُمْ , مُتَفَقِّدًا رِعَايَتكُمْ حُرْمَة أَرْحَامكُمْ وَصِلَتكُمْ إِيَّاهَا , وَقَطْعكُمُوهَا وَتَضْيِيعكُمْ حُرْمَتهَا . كَمَا : 6724 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { إِنَّ اللَّه كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } حَفِيظًا . )6725 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : سَمِعْت اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { إِنَّ اللَّه كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } عَلَى أَعْمَالكُمْ , يَعْلَمهَا وَيَعْرِفهَا . )وَمِنْهُ قَوْل أَبِي دُوَاد الْإِيَادِيّ : <br>كَمَقَاعِد الرُّقَبَاء .......... لِلضُّرَبَاءِ أَيْدِيهمْ نَوَاهِد<br>

وَآَتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالهمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيث بِالطَّيِّبِ } </subtitle>قَالَ أَبُو جَعْفَر : يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْره أَوْصِيَاء الْيَتَامَى , يَقُول لَهُمْ : وَأَعْطُوا يَا مَعْشَر أَوْصِيَاء الْيَتَامَى [ الْيَتَامَى ] أَمْوَالهمْ , إِذَا هُمْ بَلَغُوا الْحُلُم وَأُونِسَ مِنْهُمْ الرُّشْد . { وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيث بِالطَّيِّبِ } يَقُول : وَلَا تَسْتَبْدِلُوا الْحَرَام عَلَيْكُمْ مِنْ أَمْوَالهمْ بِأَمْوَالِكُمْ الْحَلَال لَكُمْ . كَمَا : 6726 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى : ( { وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيث بِالطَّيِّبِ } قَالَ : الْحَلَال بِالْحَرَامِ . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنِي سُفْيَان , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيث بِالطَّيِّبِ } قَالَ : الْحَرَام مَكَان الْحَلَال . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي صِفَة تَبْدِيلهمْ الْخَبِيث بِالطَّيِّبِ الَّذِي نُهُوا عَنْهُ وَمَعْنَاهُ , فَقَالَ بَعْضهمْ : كَانَ أَوْصِيَاء الْيَتَامَى يَأْخُذُونَ الْجَيِّد مِنْ مَاله وَالرَّفِيع مِنْهُ , وَيَجْعَلُونَ مَكَانه لِلْيَتِيمِ الرَّدِيء وَالْخَسِيس , فَذَلِكَ تَبْدِيلهمْ الَّذِي نَهَاهُمْ اللَّه تَعَالَى عَنْهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6727 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم : ( { وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيث بِالطَّيِّبِ } قَالَ : لَا تُعْطِ زَيْفًا وَتَأْخُذ جَيِّدًا . )6728 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , وَعَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَمَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , قَالُوا : (يُعْطِي مَهْزُولًا وَيَأْخُذ سَمِينًا . )6729 - وَبِهِ عَنْ سُفْيَان , عَنْ رَجُل , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : (لَا تُعْطِ فَاسِدًا وَتَأْخُذ جَيِّدًا . )6730 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيث بِالطَّيِّبِ } كَانَ أَحَدهمْ يَأْخُذ الشَّاة السَّمِينَة مِنْ غَنَم الْيَتِيم , وَيَجْعَل مَكَانهَا الشَّاة الْمَهْزُولَة , وَيَقُول : شَاة بِشَاةٍ . وَيَأْخُذ الدِّرْهَم الْجَيِّد , وَيَطْرَح مَكَانه الزَّيْف , وَيَقُول : دِرْهَم بِدِرْهَمٍ . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَا تَسْتَعْجِل الرِّزْق الْحَرَام فَتَأْكُلهُ قَبْل أَنْ يَأْتِيَك الَّذِي قُدِّرَ لَك مِنْ الْحَلَال. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6731 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيث بِالطَّيِّبِ } قَالَ : لَا تَعْجَل بِالرِّزْقِ الْحَرَام قَبْل أَنْ يَأْتِيَك الْحَلَال الَّذِي قُدِّرَ لَك. )* - وَبِهِ عَنْ سُفْيَان , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي صَالِح مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ كَاَلَّذِي : 6732 - حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيث بِالطَّيِّبِ } قَالَ : كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة لَا يُوَرِّثُونَ النِّسَاء , وَلَا يُوَرِّثُونَ الصِّغَار ; يَأْخُذهُ الْأَكْبَر . وَقَرَأَ : { وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ } قَالَ : إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شَيْء , { وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْوِلْدَان } لَا يُوَرِّثُوهُمْ , قَالَ , فَنَصِيبه مِنْ الْمِيرَاث طَيِّب , وَهَذَا الَّذِي أَخَذَهُ خَبِيث . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِتَأْوِيلِ الْآيَة قَوْل مَنْ قَالَ : تَأْوِيل ذَلِكَ : وَلَا تَتَبَدَّلُوا أَمْوَال أَيْتَامكُمْ أَيّهَا الْأَوْصِيَاء الْحَرَام عَلَيْكُمْ الْخَبِيث لَكُمْ , فَتَأْخُذُوا رَفَائِعهَا وَخِيَارهَا وَجِيَادهَا وَبِالطَّيِّبِ الْحَلَال لَكُمْ مِنْ أَمْوَالكُمْ | { وَتَجْعَلُوا } الرَّدِيء الْخَسِيس بَدَلًا مِنْهُ . وَذَلِكَ أَنَّ تَبَدُّل الشَّيْء بِالشَّيْءِ فِي كَلَام الْعَرَب أَخْذ شَيْء مَكَان آخَر غَيْره , يُعْطِيه الْمَأْخُوذ مِنْهُ , أَوْ يَجْعَلهُ مَكَان الَّذِي أَخَذَ . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَى التَّبْدِيل وَالِاسْتِبْدَال , فَمَعْلُوم أَنَّ الَّذِي قَالَهُ اِبْن زَيْد مِنْ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : هُوَ أَخْذ أَكْبَر وَلَد الْمَيِّت جَمِيع مَال مَيِّته وَوَالِده دُون صِغَارهمْ إِلَى مَاله , قَوْل لَا مَعْنَى لَهُ , لِأَنَّهُ إِذَا أَخَذَ الْأَكْبَر مِنْ وَلَده جَمِيع مَاله دُون الْأَصَاغِر مِنْهُمْ , فَلَمْ يَسْتَبْدِل مِمَّا أَخَذَ شَيْئًا . فَمَا التَّبَدُّل الَّذِي قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيث بِالطَّيِّبِ } وَلَمْ يُبَدِّل الْآخِذ مَكَان الْمَأْخُوذ بَدَلًا ؟ وَأَمَّا الَّذِي قَالَهُ مُجَاهِد وَأَبُو صَالِح مِنْ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ لَا تَتَعَجَّل الرِّزْق الْحَرَام قَبْل مَجِيء الْحَلَال , فَإِنَّهُمَا أَيْضًا إِنْ لَمْ يَكُونَا أَرَادَا بِذَلِكَ نَحْو الْقَوْل الَّذِي رُوِيَ عَنْ اِبْن مَسْعُود أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ الرَّجُل لَيُحْرَم الرِّزْق بِالْمَعْصِيَةِ يَأْتِيهَا , فَفَسَاده نَظِير فَسَاد قَوْل اِبْن زَيْد , لِأَنَّ مَنْ اِسْتَعْجَلَ الْحَرَام فَأَكَلَهُ , ثُمَّ آتَاهُ اللَّه رِزْقه الْحَلَال فَلَمْ يُبَدِّل شَيْئًا مَكَان شَيْء , وَإِنْ كَانَا أَرَادَا بِذَلِكَ أَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ نَهَى عِبَاده أَنْ يَسْتَعْجِلُوا الْحَرَام فَيَأْكُلُوهُ قَبْل مَجِيء الْحَلَال , فَيَكُون أَكْلهمْ ذَلِكَ سَبَبًا لِحِرْمَانِ الطَّيِّب مِنْهُ , فَذَلِكَ وَجْه مَعْرُوف , وَمَذْهَب مَعْقُول يَحْتَمِلهُ التَّأْوِيل , غَيْر أَنَّ الْأَشْبَه فِي ذَلِكَ بِتَأْوِيلِ الْآيَة مَا قُلْنَا , لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَظْهَر مِنْ مَعَانِيه , لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ فِي قِصَّة أَمْوَال الْيَتَامَى وَأَحْكَامهَا , فَلَا يَكُون ذَلِكَ مِنْ جِنْس حُكْم أَوَّل الْآيَة , فَأَخْرَجَهَا مِنْ أَنْ يَكُون مِنْ غَيْر جِنْسه.|وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالهمْ إِلَى أَمْوَالكُمْ } . </subtitle>قَالَ أَبُو جَعْفَر : يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْره : وَلَا تَخْلِطُوا أَمْوَالهمْ - يَعْنِي : أَمْوَال الْيَتَامَى بِأَمْوَالِكُمْ - فَتَأْكُلُوهَا مَعَ أَمْوَالكُمْ . كَمَا : 6733 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالهمْ إِلَى أَمْوَالكُمْ } يَقُول : لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ وَأَمْوَالهمْ , تَخْلِطُوهَا فَتَأْكُلُوهَا جَمِيعًا . )6734 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو زُهَيْر , عَنْ مُبَارَك , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : (لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي أَمْوَال الْيَتَامَى , كَرِهُوا أَنْ يُخَالِطُوهُمْ , وَجَعَلَ وَلِيّ الْيَتِيم يَعْزِل مَال الْيَتِيم عَنْ مَاله , فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاح لَهُمْ خَيْر وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانكُمْ } قَالَ : فَخَالَطُوهُمْ وَاتَّقَوْا .)|إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا } . </subtitle>قَالَ أَبُو جَعْفَر : يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا } إِنَّ أَكْلكُمْ أَمْوَال أَيْتَامكُمْ مَعَ أَمْوَالكُمْ حُوب كَبِير . وَالْهَاء فِي قَوْله | إِنَّهُ | دَالَّة عَلَى اِسْم الْفِعْل , أَعْنِي الْأَكْل . وَأَمَّا الْحُوب : فَإِنَّهُ الْإِثْم , يُقَال مِنْهُ : حَابَ الرَّجُل يَحُوب حُوبًا وَحَوْبًا وَحِيَابَة , وَيُقَال مِنْهُ : قَدْ تَحَوَّبَ الرَّجُل مِنْ كَذَا , إِذَا تَأَثَّمَ مِنْهُ . وَمِنْهُ قَوْل أُمَيَّة بْن الْأَسْكَر اللَّيْثِيّ : <br>وَإِنَّ مُهَاجِرَيْنِ تَكَنَّفَاهُ .......... غَدَاتَئِذٍ لَقَدْ خَطِئَا وَحَابَا <br>وَمِنْهُ قِيلَ : نَزَلْنَا بِحُوبَةٍ مِنْ الْأَرْض وَبِجِيبَةٍ مِنْ الْأَرْض : إِذَا نَزَلُوا بِمَوْضِعِ سُوء مِنْهَا . وَالْكَبِير : الْعَظِيم , فَمَعْنَى ذَلِكَ : إِنَّ أَكْلكُمْ أَمْوَال الْيَتَامَى مَعَ أَمْوَالكُمْ , إِثْم عِنْد اللَّه عَظِيم. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6735 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو وَعَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَا : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : ( { حُوبًا كَبِيرًا } قَالَ : إِثْمًا . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد مِثْله . 6736 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا } قَالَ : إِثْمًا عَظِيمًا. )6737 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { كَانَ حُوبًا } أَمَّا حُوبًا : فَإِثْمًا . )6738 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { حُوبًا } قَالَ : إِثْمًا . )* - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا } يَقُول : ظُلْمًا كَبِيرًا . )6739 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : سَمِعْت اِبْن زَيْد , يَقُول فِي قَوْله : ( { إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا } قَالَ : ذَنْبًا كَبِيرًا , وَهِيَ لِأَهْلِ الْإِسْلَام. )6740 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا قُرَّة بْن خَالِد , قَالَ : سَمِعْت الْحَسَن يَقُول : ( { حُوبًا كَبِيرًا } قَالَ : إِثْمًا وَاَللَّه عَظِيمًا .)

وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى } </subtitle>قَالَ أَبُو جَعْفَر : اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَإِنْ خِفْتُمْ يَا مَعْشَر أَوْلِيَاء الْيَتَامَى أَلَّا تُقْسِطُوا فِي صَدَاقهنَّ فَتَعْدِلُوا فِيهِ , وَتَبْلُغُوا بِصَدَاقِهِنَّ صَدُقَات أَمْثَالهنَّ , فَلَا تَنْكِحُوهُنَّ , وَلَكِنْ اِنْكِحُوا غَيْرهنَّ مِنْ الْغَرَائِب اللَّوَاتِي أَحَلَّهُنَّ اللَّه لَكُمْ وَطَيَّبَهُنَّ مِنْ وَاحِدَة إِلَى أَرْبَع. وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ تَجُورُوا إِذَا نَكَحْتُمْ مِنْ الْغَرَائِب أَكْثَر مِنْ وَاحِدَة , فَلَا تَعْدِلُوا , فَانْكِحُوا مِنْهُنَّ وَاحِدَة , أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6741 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ عُرْوَة , عَنْ عَائِشَة : ( { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } فَقَالَتْ : يَا اِبْن أُخْتِي , هِيَ الْيَتِيمَة تَكُون فِي حَجْر وَلِيّهَا , فَيَرْغَب فِي مَالهَا وَجَمَالهَا , وَيُرِيد أَنْ يَنْكِحهَا بِأَدْنَى مِنْ سُنَّة صَدَاقهَا , فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ فِي إِكْمَال الصَّدَاق , وَأُمِرُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا سِوَاهُنَّ مِنْ النِّسَاء . )* - حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُس بْن يَزِيد , عَنْ اِبْن شِهَاب , قَالَ : أَخْبَرَنِي عُرْوَة بْن الزُّبَيْر , أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَة زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , عَنْ قَوْل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ( { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } قَالَتْ : يَا اِبْن أُخْتِي هَذِهِ الْيَتِيمَة تَكُون فِي حَجْر وَلِيّهَا , تُشَارِكهُ فِي مَاله , فَيُعْجِبهُ مَالهَا وَجَمَالهَا , فَيُرِيد وَلِيّهَا أَنْ يَتَزَوَّجهَا بِغَيْرِ أَنْ يُقْسِط فِي صَدَاقهَا , فَيُعْطِيهَا مِثْل مَا يُعْطِيهَا غَيْره , فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ , وَيَبْلُغُوا بِهِنَّ أَعْلَى سُنَّتهنَّ فِي الصَّدَاق , وَأُمِرُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا طَابَ لَهُمْ مِنْ النِّسَاء سِوَاهُنَّ . )قَالَ يُونُس بْن يَزِيد : قَالَ رَبِيعَة فِي قَوْل اللَّه : ( { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى } قَالَ : يَقُول : اُتْرُكُوهُنَّ فَقَدْ أَحْلَلْت لَكُمْ أَرْبَعًا )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن الْجُنَيْد وَأَبُو سَعِيد بْن مَسْلَمَة , قَالَا : أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيل بْن أُمَيَّة , عَنْ اِبْن شِهَاب , عَنْ عُرْوَة , قَالَ : (سَأَلْت عَائِشَة أُمّ الْمُؤْمِنِينَ , فَقُلْت : يَا أُمّ الْمُؤْمِنِينَ أَرَأَيْت قَوْل اللَّه : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } ؟ قَالَتْ : يَا اِبْن أُخْتِي هِيَ الْيَتِيمَة تَكُون فِي حَجْر وَلِيّهَا , فَيَرْغَب فِي جَمَالهَا وَمَالهَا , وَيُرِيد أَنْ يَتَزَوَّجهَا بِأَدْنَى مِنْ سُنَّة صَدَاق نِسَائِهَا , فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا فَيُكْمِلُوا لَهُنَّ الصَّدَاق , ثُمَّ أُمِرُوا أَنْ يَنْكِحُوا سِوَاهُنَّ مِنْ النِّسَاء إِنْ لَمْ يُكْمِلُوا لَهُنَّ الصَّدَاق . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني اللَّيْث , قَالَ : ثني يُونُس , عَنْ اِبْن شِهَاب , قَالَ : ثني عُرْوَة بْن الزُّبَيْر , أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَة زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَذَكَرَ مِثْل حَدِيث يُونُس , عَنْ اِبْن وَهْب. * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ عُرْوَة , عَنْ عَائِشَة , مِثْل حَدِيث اِبْن حُمَيْد , عَنْ اِبْن الْمُبَارَك . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ هِشَام , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : (نَزَلَ , يَعْنِي قَوْله : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى } . .. الْآيَة , فِي الْيَتِيمَة تَكُون عِنْد الرَّجُل , وَهِيَ ذَات مَال , فَلَعَلَّهُ يَنْكِحهَا لِمَالِهَا , وَهِيَ لَا تُعْجِبهُ , ثُمَّ يَضُرّ بِهَا , وَيُسِيء صُحْبَتهَا , فَوُعِظَ فِي ذَلِكَ . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيل جَوَاب قَوْله : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا } قَوْله : { فَانْكِحُوا } . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : النَّهْي عَنْ نِكَاح مَا فَوْق الْأَرْبَع , حَذَرًا عَلَى أَمْوَال الْيَتَامَى أَنْ يُتْلِفهَا أَوْلِيَاؤُهُمْ , وَذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشًا , كَانَ الرَّجُل مِنْهُمْ يَتَزَوَّج الْعَشْر مِنْ النِّسَاء , وَالْأَكْثَر , وَالْأَقَلّ , فَإِذَا صَارَ مُعْدِمًا , مَالَ عَلَى مَال يَتِيمه الَّذِي فِي حَجْره , فَأَنْفَقَهُ , أَوْ تَزَوَّجَ بِهِ , فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ ; وَقِيلَ لَهُمْ : إِنْ أَنْتُمْ خِفْتُمْ عَلَى أَمْوَال أَيْتَامكُمْ أَنْ تُنْفِقُوهَا , فَلَا تَعْدِلُوا فِيهَا مِنْ أَجْل حَاجَتكُمْ إِلَيْهَا , لِمَا يَلْزَمكُمْ مِنْ مُؤَن نِسَائِكُمْ , فَلَا تُجَاوِزُوا فِيمَا تَنْكِحُونَ مِنْ عَدَد النِّسَاء عَلَى أَرْبَع , وَإِنْ خِفْتُمْ أَيْضًا مِنْ الْأَرْبَع أَلَّا تَعْدِلُوا فِي أَمْوَالهمْ فَاقْتَصِرُوا عَلَى الْوَاحِدَة , أَوْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6742 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ سِمَاك , قَالَ : سَمِعْت عِكْرِمَة يَقُول فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى } قَالَ : كَانَ الرَّجُل مِنْ قُرَيْش يَكُون عِنْده النِّسْوَة , وَيَكُون عِنْده الْأَيْتَام , فَيَذْهَب مَاله , فَيَمِيل عَلَى مَال الْأَيْتَام. قَالَ : فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } . )* - حَدَّثَنَا هَنَّاد بْن السَّرِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو الْأَحْوَص , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة فِي قَوْله : ( { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَة أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : كَانَ الرَّجُل يَتَزَوَّج الْأَرْبَع وَالْخَمْس وَالسِّتّ وَالْعَشْر , فَيَقُول الرَّجُل : مَا يَمْنَعنِي أَنْ أَتَزَوَّج كَمَا تَزَوَّجَ فُلَان , فَيَأْخُذ مَال يَتِيمه فَيَتَزَوَّج بِهِ , فَنُهُوا أَنْ يَتَزَوَّجُوا فَوْق الْأَرْبَع . )6743 - حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت , عَنْ طَاوُس , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (قُصِرَ الرِّجَال عَلَى أَرْبَع مِنْ أَجْل أَمْوَال الْيَتَامَى . )6744 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : ( { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى } فَإِنَّ الرَّجُل كَانَ يَتَزَوَّج بِمَالِ الْيَتِيم مَا شَاءَ اللَّه تَعَالَى , فَنَهَى اللَّه عَنْ ذَلِكَ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : أَنَّ الْقَوْم كَانُوا يَتَحَوَّبُونَ فِي أَمْوَال الْيَتَامَى أَلَّا يَعْدِلُوا فِيهَا , وَلَا يَتَحَوَّبُونَ فِي النِّسَاء أَلَّا يَعْدِلُوا فِيهِنَّ , فَقِيلَ لَهُمْ : كَمَا خِفْتُمْ أَنْ لَا تَعْدِلُوا فِي الْيَتَامَى , فَكَذَلِكَ فَخَافُوا فِي النِّسَاء أَنْ لَا تَعْدِلُوا فِيهِنَّ , وَلَا تَنْكِحُوا مِنْهُنَّ إِلَّا مِنْ وَاحِدَة إِلَى الْأَرْبَع , وَلَا تَزِيدُوا عَلَى ذَلِكَ , وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا أَيْضًا فِي الزِّيَادَة عَلَى الْوَاحِدَة , فَلَا تَنْكِحُوا إِلَّا مَا لَا تَخَافُونَ أَنْ تَجُورُوا فِيهِنَّ مِنْ وَاحِدَة أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6745 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَيُّوب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (كَانَ النَّاس عَلَى جَاهِلِيَّتهمْ , إِلَّا أَنْ يُؤْمَرُوا بِشَيْءٍ أَوْ يُنْهَوْا عَنْهُ . قَالَ : فَذَكَرُوا الْيَتَامَى , فَنَزَلَتْ : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَة أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : فَكَمَا خِفْتُمْ أَنْ لَا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى , فَكَذَلِكَ فَخَافُوا أَنْ لَا تُقْسِطُوا فِي النِّسَاء . )6746 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى } إِلَى : { أَيْمَانكُمْ } كَانُوا يُشَدِّدُونَ فِي الْيَتَامَى , وَلَا يُشَدِّدُونَ فِي النِّسَاء , يَنْكِح أَحَدهمْ النِّسْوَة , فَلَا يَعْدِل بَيْنهنَّ ; فَقَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : كَمَا تَخَافُونَ أَنْ لَا تَعْدِلُوا بَيْن الْيَتَامَى فَخَافُوا فِي النِّسَاء , فَانْكِحُوا وَاحِدَة إِلَى الْأَرْبَع , فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَة أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ . )6747 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } حَتَّى بَلَغَ : { أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا } يَقُول : كَمَا خِفْتُمْ الْجَوْر فِي الْيَتَامَى وَهَمَّكُمْ ذَلِكَ , فَكَذَلِكَ فَخَافُوا فِي جَمْع النِّسَاء. وَكَانَ الرَّجُل فِي الْجَاهِلِيَّة يَتَزَوَّج الْعَشَرَة فَمَا دُون ذَلِكَ , فَأَحَلَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَرْبَعًا , ثُمَّ الَّذِي صَيَّرَهُنَّ إِلَى أَرْبَع قَوْله : { مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَة } يَقُول : إِنْ خِفْت أَلَّا تَعْدِل فِي أَرْبَع فَثَلَاث , وَإِلَّا فَثِنْتَيْنِ , وَإِلَّا فَوَاحِدَة ; وَإِنْ خِفْت أَلَّا تَعْدِل فِي وَاحِدَة , فَمَا مَلَكَتْ يَمِينك . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ أَيُّوب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَوْله : ( { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } يَقُول : مَا أَحَلَّ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء , { مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع } فَخَافُوا فِي النِّسَاء مِثْل الَّذِي خِفْتُمْ فِي الْيَتَامَى أَلَّا تُقْسِطُوا فِيهِنَّ . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحَجَّاج بْن الْمِنْهَال , قَالَ : ثنا حَمَّاد , عَنْ أَيُّوب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : (قَالَ جَاءَ الْإِسْلَام , وَالنَّاس عَلَى جَاهِلِيَّتهمْ , إِلَّا أَنْ يُؤْمَرُوا بِشَيْءٍ فَيَتَّبِعُوهُ أَوْ يُنْهَوْا عَنْ شَيْء فَيَجْتَنِبُوهُ , حَتَّى سَأَلُوا عَنْ الْيَتَامَى , فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع } . )* - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو النُّعْمَان عَارِم , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن زَيْد , عَنْ أَيُّوب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (بَعَثَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالنَّاس عَلَى أَمْر جَاهِلِيَّتهمْ , إِلَّا أَنْ يُؤْمَرُوا بِشَيْءٍ أَوْ يُنْهَوْا عَنْهُ , وَكَانُوا يَسْأَلُونَهُ عَنْ الْيَتَامَى , فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع } قَالَ : فَكَمَا تَخَافُونَ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَخَافُوا أَلَّا تُقْسِطُوا وَتَعْدِلُوا فِي النِّسَاء . )6748 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : قَوْله : ( { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى } قَالَ : كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يَنْكِحُونَ عَشْرًا مِنْ النِّسَاء الْأَيَامَى , وَكَانُوا يُعَظِّمُونَ شَأْن الْيَتِيم , فَتَفَقَّدُوا مِنْ دِينهمْ شَأْن الْيَتِيم , وَتَرَكُوا مَا كَانُوا يَنْكِحُونَ فِي الْجَاهِلِيَّة , فَقَالَ : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع } وَنَهَاهُمْ عَمَّا كَانُوا يَنْكِحُونَ فِي الْجَاهِلِيَّة . )6749 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , قَالَ : ثنا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } كَانُوا فِي جَاهِلِيَّتهمْ لَا يُرْزَءُونَ مِنْ مَال الْيَتِيم شَيْئًا , وَهُمْ يَنْكِحُونَ عَشْرًا مِنْ النِّسَاء , وَيَنْكِحُونَ نِسَاء آبَائِهِمْ , فَتَفَقَّدُوا مِنْ دِينهمْ شَأْن النِّسَاء , فَوَعَظَهُمْ اللَّه فِي الْيَتَامَى وَفِي النِّسَاء , فَقَالَ فِي الْيَتَامَى : { وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيث بِالطَّيِّبِ } . .. إِلَى : { إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا } وَوَعَظَهُمْ فِي شَأْن النِّسَاء , فَقَالَ : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } . .. الْآيَة , وَقَالَ : { وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاء } . )6750 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار عَنْ اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع فِي قَوْله : ( { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى } . .. إِلَى : { مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } يَقُول : فَإِنْ خِفْتُمْ الْجَوْر فِي الْيَتَامَى وَغَمَّكُمْ ذَلِكَ , فَكَذَلِكَ فَخَافُوا فِي جَمْع النِّسَاء. قَالَ : وَكَانَ الرَّجُل يَتَزَوَّج الْعَشْر فِي الْجَاهِلِيَّة فَمَا دُون ذَلِكَ , وَأَحَلَّ اللَّه أَرْبَعًا وَصَيَّرَهُمْ إِلَى أَرْبَع , يَقُول : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَة } وَإِنْ خِفْت أَلَّا تَعْدِل فِي وَاحِدَة , فَمَا مَلَكَتْ يَمِينك . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : فَكَمَا خِفْتُمْ فِي الْيَتَامَى , فَكَذَلِكَ فَتَخَوَّفُوا فِي النِّسَاء أَنْ تَزْنُوا بِهِنَّ , وَلَكِنْ اِنْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6751 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : أَخْبَرَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى } يَقُول : إِنْ تَحَرَّجْتُمْ فِي وِلَايَة الْيَتَامَى وَأَكْل أَمْوَالهمْ إِيمَانًا وَتَصْدِيقًا , فَكَذَلِكَ فَتَحَرَّجُوا مِنْ الزِّنَا , وَانْكِحُوا النِّسَاء نِكَاحًا طَيِّبًا : { مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَة أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى اللَّاتِي أَنْتُمْ وُلَاتهنَّ , فَلَا تَنْكِحُوهُنَّ , وَانْكِحُوا أَنْتُمْ مَا أُحِلَّ لَكُمْ مِنْهُنَّ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6752 - حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَة : ( { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى } قَالَ : نَزَلَتْ فِي الْيَتِيمَة تَكُون عِنْد الرَّجُل هُوَ وَلِيّهَا , لَيْسَ لَهَا وَلِيّ غَيْره , وَلَيْسَ أَحَد يُنَازِعهُ فِيهَا , وَلَا يَنْكِحهَا لِمَالِهَا , فَيَضُرّ بِهَا , وَيُسِيء صُحْبَتهَا. )6753 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا يُونُس , عَنْ الْحَسَن فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ } أَيْ مَا حَلَّ لَكُمْ مِنْ يَتَامَاكُمْ مِنْ قَرَابَاتكُمْ { مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَة أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي ذَلِكَ بِتَأْوِيلِ الْآيَة قَوْل مَنْ قَالَ : تَأْوِيلهَا : وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى , فَكَذَلِكَ فَخَافُوا فِي النِّسَاء , فَلَا تَنْكِحُوا مِنْهُنَّ إِلَّا مَا لَا تَخَافُونَ أَنْ تَجُورُوا فِيهِ مِنْهُنَّ مِنْ وَاحِدَة إِلَى الْأَرْبَع , فَإِنْ خِفْتُمْ الْجَوْر فِي الْوَاحِدَة أَيْضًا فَلَا تَنْكِحُوهَا , وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ , فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ لَا تَجُورُوا عَلَيْهِنَّ . وَإِنَّمَا قُلْنَا : إِنَّ ذَلِكَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَة , لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ اِفْتَتَحَ الْآيَة الَّتِي قَبْلهَا بِالنَّهْيِ عَنْ أَكْل أَمْوَال الْيَتَامَى بِغَيْرِ حَقّهَا , وَخَلْطهَا بِغَيْرِهَا مِنْ الْأَمْوَال , فَقَالَ تَعَالَى ذِكْره : { وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالهمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيث بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالهمْ إِلَى أَمْوَالكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا } . ثُمَّ أَعْلَمَهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ اِتَّقَوْا اللَّه فِي ذَلِكَ فَتَحَرَّجُوا فِيهِ , فَالْوَاجِب عَلَيْهِمْ مِنْ اِتِّقَاء اللَّه , وَالتَّحَرُّج فِي أَمْر النِّسَاء مِثْل الَّذِي عَلَيْهِمْ ظَنّ التَّحَرُّج فِي أَمْر الْيَتَامَى , وَأَعْلَمَهُمْ كَيْفَ التَّخَلُّص لَهُمْ مِنْ الْجَوْر فِيهِنَّ , كَمَا عَرَّفَهُمْ الْمَخْلَص مِنْ الْجَوْر فِي أَمْوَال الْيَتَامَى , فَقَالَ : اِنْكِحُوا إِنْ أَمِنْتُمْ الْجَوْر فِي النِّسَاء عَلَى أَنْفُسكُمْ , مَا أَبَحْت لَكُمْ مِنْهُنَّ وَحَلَّلْته , مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع , فَإِنْ خِفْتُمْ أَيْضًا الْجَوْر عَلَى أَنْفُسكُمْ فِي أَمْر الْوَاحِدَة بِأَنْ تَقْدِرُوا عَلَى إِنْصَافهَا , فَلَا تَنْكِحُوهَا , وَلَكِنْ تَسَرُّوا مِنْ الْمَمَالِيك , فَإِنَّكُمْ أَحْرَى أَنْ لَا تَجُورُوا عَلَيْهِنَّ , لِأَنَّهُنَّ أَمْلَاككُمْ وَأَمْوَالكُمْ , وَلَا يَلْزَمكُمْ لَهُنَّ مِنْ الْحُقُوق كَاَلَّذِي يَلْزَمكُمْ لِلْحَرَائِرِ , فَيَكُون ذَلِكَ أَقْرَب لَكُمْ إِلَى السَّلَامَة مِنْ الْإِثْم وَالْجَوْر , فَفِي الْكَلَام إِذْ كَانَ الْمَعْنَى مَا قُلْنَا , مَتْرُوك اسْتُغْنِيَ بِدَلَالَةِ مَا ظَهَرَ مِنْ الْكَلَام عَنْ ذِكْره . وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي أَمْوَال الْيَتَامَى فَتَعْدِلُوا فِيهَا , فَكَذَلِكَ فَخَافُوا أَلَّا تُقْسِطُوا فِي حُقُوق النِّسَاء الَّتِي أَوْجَبَهَا اللَّه عَلَيْكُمْ , فَلَا تَتَزَوَّجُوا مِنْهُنَّ إِلَّا مَا أَمِنْتُمْ مَعَهُ الْجَوْر , مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع , وَإِنْ خِفْتُمْ أَيْضًا فِي ذَلِكَ فَوَاحِدَة , وَإِنْ خِفْتُمْ فِي الْوَاحِدَة فَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ فَتَرَكَ ذِكْر قَوْله فَكَذَلِكَ فَخَافُوا أَنْ تُقْسِطُوا فِي حُقُوق النِّسَاء بِدَلَالَةِ مَا ظَهَرَ مِنْ قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَة أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَأَيْنَ جَوَاب قَوْله : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى } ؟ قِيلَ : قَوْله : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ } غَيْر أَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِذَلِكَ مَا قُلْنَا : قَوْله : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَة أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا } . وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى قَبْل أَنَّ مَعْنَى الْإِقْسَاط فِي كَلَام الْعَرَب : الْعَدْل وَالْإِنْصَاف , وَأَنَّ الْقَسْط : الْجَوْر وَالْحَيْف , بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع . وَأَمَّا الْيَتَامَى , فَإِنَّهَا جَمْع . لِذُكْرَانِ الْأَيْتَام وَإِنَاثهمْ فِي هَذَا الْمَوْضِع .|فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ|وَأَمَّا قَوْله : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } فَإِنَّهُ يَعْنِي : فَانْكِحُوا مَا حَلَّ لَكُمْ مِنْهُنَّ دُون مَا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ مِنْهُنَّ . كَمَا : 6754 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي مَالِك , قَوْله : ( { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } مَا حَلَّ لَكُمْ . )6755 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ أَيُّوب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْله : ( { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } يَقُول : مَا حَلَّ لَكُمْ . )فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْفَ قِيلَ : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } وَلَمْ يَقُلْ : فَانْكِحُوا مَنْ طَابَ لَكُمْ , وَإِنَّمَا يُقَال مَا فِي غَيْر النَّاس ؟ قِيلَ : مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى غَيْر الْوَجْه الَّذِي ذَهَبْت إِلَيْهِ , وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ : فَانْكِحُوا نِكَاحًا طَيِّبًا. كَمَا : 6756 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } فَانْكِحُوا النِّسَاء نِكَاحًا طَيِّبًا . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد مِثْله . فَالْمَعْنِيّ بِقَوْلِهِ : { مَا طَابَ لَكُمْ } الْفِعْل دُون أَعْيَان النِّسَاء وَأَشْخَاصهنَّ , فَلِذَلِكَ قِيلَ | مَا | وَلَمْ يُقَلْ | مَنْ | , كَمَا يُقَال : خُذْ مِنْ رَقِيقِي مَا أَرَدْت إِذَا عَنَيْت , خُذْ مِنْهُمْ إِرَادَتك , وَلَوْ أَرَدْت خُذْ الَّذِي تُرِيد مِنْهُمْ لَقُلْت : خُذْ رَقِيقِي مَنْ أَرَدْت مِنْهُمْ . وَكَذَلِكَ قَوْله : { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } بِمَعْنَى : أَوْ مِلْك أَيْمَانكُمْ . وَإِنَّمَا مَعْنَى قَوْله : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع } فَلْيَنْكِح كُلّ وَاحِد مِنْكُمْ مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع , كَمَا قِيلَ : { وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَات ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَة } .|مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ|وَأَمَّا قَوْله { مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع } فَإِنَّمَا تُرِكَ إِجْرَاؤُهُنَّ لِأَنَّهُنَّ مَعْدُولَات عَنْ اِثْنَيْنِ وَثَلَاث وَأَرْبَع , كَمَا عُدِلَ عُمَر عَنْ عَامِر وَزُفَر عَنْ زَافِر فَتُرِكَ إِجْرَاؤُهُ , وَكَذَلِكَ أُحَاد وَثُنَاء وَمَوْحَد وَمَثْنَى وَمَثْلَث وَمَرْبَع , لَا يُجْرَى ذَلِكَ كُلّه لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذُكِرَتْ مِنْ الْعُدُول عَنْ وُجُوهه. وَمِمَّا يَدُلّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَأَنَّ الذَّكَر وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاء , مَا قِيلَ فِي هَذِهِ السُّورَة وَسُورَة فَاطِر : مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع , يُرَاد بِهِ الْجَنَاح , وَالْجَنَاح ذَكَر , وَأَنَّهُ أَيْضًا لَا يُضَاف إِلَى مَا يُضَاف إِلَيْهِ الثَّلَاثَة وَالثَّلَاث , وَأَنَّ الْأَلِف وَاللَّام لَا تَدْخُلهُ , فَكَانَ فِي ذَلِكَ دَلِيل عَلَى أَنَّهُ اِسْم لِلْعَدَدِ مَعْرِفَة , وَلَوْ كَانَ نَكِرَة لَدَخَلَهُ الْأَلِف وَاللَّام وَأُضِيفَ كَمَا يُضَاف الثَّلَاثَة وَالْأَرْبَعَة , وَمِمَّا يُبَيِّن فِي ذَلِكَ قَوْل تَمِيم بْن أَبِي مُقْبِل : <br>تَرَى النُّعَرَات الزُّرْق تَحْت لَبَانه .......... أُحَاد وَمَثْنَى أَصْعَقَتْهَا صَوَاهِله <br>فَرَدَّ أُحَاد وَمَثْنَى عَلَى النُّعَرَات وَهِيَ مَعْرِفَة . وَقَدْ تَجْعَلهَا الْعَرَب نَكِرَة فَتُجْرِيهَا , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>قَتَلْنَا بِهِ مِنْ بَيْن مَثْنَى وَمَوْحَد .......... بِأَرْبَعَةٍ مِنْكُمْ وَآخَر خَامِس <br>وَمِمَّا يُبَيِّن أَنَّ ثُنَاء وَأُحَاد غَيْر جَارِيَة قَوْل الشَّاعِر : <br>وَلَقَدْ قَتَلْتُكُمْ ثُنَاء وَمَوْحَدًا .......... وَتَرَكْتُ مُرَّة مِثْل أَمْس الدَّابِر <br>وَقَوْل الشَّاعِر : <br>مَنَتْ لَك أَنْ تُلَاقِينِي الْمَنَايَا .......... أُحَاد أُحَاد فِي شَهْر حَلَال <br>وَلَمْ يُسْمَع مِنْ الْعَرَب صَرْف مَا جَاوَزَ الرُّبَاع وَالْمَرْبَع عَنْ جِهَته , لَمْ يُسْمَع مِنْهَا خُمَاس وَلَا الْمَخْمَس , وَلَا السُّبَاع وَلَا الْمَسْبَع وَكَذَلِكَ مَا فَوْق الرُّبَاع , إِلَّا فِي بَيْت لِلْكُمَيْتِ , فَإِنَّهُ يُرْوَى لَهُ فِي الْعَشَرَة عُشَار وَهُوَ قَوْله : <br>فَلَمْ يَسْتَرِيثُوك حَتَّى رَمَيْـ .......... ـتَ فَوْق الرِّجَال خِصَالًا عُشَارًا <br>يُرِيد عَشْرًا عَشْرًا , يُقَال : إِنَّهُ لَمْ يُسْمَع غَيْر ذَلِكَ .|فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ|وَأَمَّا قَوْله : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَة } فَإِنْ نُصِبَ وَاحِدَة , بِمَعْنَى : فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فِيمَا يَلْزَمكُمْ مِنْ الْعَدْل مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَة مِنْ النِّسَاء عِنْدكُمْ بِنِكَاحٍ فِيمَا أَوْجَبَهُ اللَّه لَهُنَّ عَلَيْكُمْ , فَانْكِحُوا وَاحِدَة مِنْهُنَّ , وَلَوْ كَانَتْ الْقِرَاءَة جَاءَتْ فِي ذَلِكَ بِالرَّفْعِ كَانَ جَائِزًا بِمَعْنَى : فَوَاحِدَة كَافِيَة , أَوْ فَوَاحِدَة مُجْزِئَة , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُل وَامْرَأَتَانِ } وَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِل : قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْحَلَال لَكُمْ مِنْ جَمِيع النِّسَاء الْحَرَائِر نِكَاح أَرْبَع , فَكَيْفَ قِيلَ : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع } وَذَلِكَ فِي الْعَدَد تِسْع ؟ قِيلَ : إِنَّ تَأْوِيل ذَلِكَ : فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء , إِمَّا مَثْنَى إِنْ أَمِنْتُمْ الْجَوْر مِنْ أَنْفُسكُمْ فِيمَا يَجِب لَهُمَا عَلَيْكُمْ ; وَإِمَّا ثَلَاث إِنْ لَمْ تَخَافُوا ذَلِكَ ; وَإِمَّا أَرْبَع إِنْ أَمِنْتُمْ ذَلِكَ فِيهِنَّ , يَدُلّ عَلَى صِحَّة ذَلِكَ قَوْله : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَة } لِأَنَّ الْمَعْنَى : فَإِنْ خِفْتُمْ فِي الثِّنْتَيْنِ فَانْكِحُوا وَاحِدَة , ثُمَّ قَالَ : وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا أَيْضًا فِي الْوَاحِدَة , فَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَإِنَّ أَمْر اللَّه وَنَهْيه عَلَى الْإِيجَاب وَالْإِلْزَام حَتَّى تَقُوم حُجَّة بِأَنَّ ذَلِكَ عَلَى التَّأْدِيب وَالْإِرْشَاد وَالْإِعْلَام , وَقَدْ قَالَ تَعَالَى ذِكْره : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } وَذَلِكَ أَمْر , فَهَلْ مِنْ دَلِيل عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْأَمْر الَّذِي هُوَ عَلَى غَيْر وَجْه الْإِلْزَام وَالْإِيجَاب ؟ قِيلَ : نَعَمْ , وَالدَّلِيل عَلَى ذَلِكَ قَوْله : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَة } فَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّ قَوْله : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } وَإِنْ كَانَ مَخْرَجه مَخْرَج الْأَمْر , فَإِنَّهُ بِمَعْنَى الدَّلَالَة عَلَى النَّهْي عَنْ نِكَاح مَا خَافَ النَّاكِح الْجَوْر فِيهِ مِنْ عَدَد النِّسَاء , لَا بِمَعْنَى الْأَمْر بِالنِّكَاحِ . فَإِنَّ الْمَعْنِيّ بِهِ : وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَتَحَرَّجْتُمْ فِيهِنَّ , فَكَذَلِكَ فَتَحَرَّجُوا فِي النِّسَاء , فَلَا تَنْكِحُوا إِلَّا مَا أَمِنْتُمْ الْجَوْر فِيهِ مِنْهُنَّ , مَا أَحْلَلْته لَكُمْ مِنْ الْوَاحِدَة إِلَى الْأَرْبَع . وَقَدْ بَيَّنَّا فِي غَيْر هَذَا الْمَوْضِع بِأَنَّ الْعَرَب تُخْرِج الْكَلَام بِلَفْظِ الْأَمْر , وَمَعْنَاهَا فِيهِ النَّهْي أَوْ التَّهْدِيد وَالْوَعِيد , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ } وَكَمَا قَالَ : { لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } فَخَرَجَ ذَلِكَ مَخْرَج الْأَمْر , وَالْمَقْصُود بِهِ التَّهْدِيد وَالْوَعِيد , وَالزَّجْر وَالنَّهْي , فَكَذَلِكَ قَوْله : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } بِمَعْنَى النَّهْي , فَلَا تَنْكِحُوا إِلَّا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء. وَعَلَى النَّحْو الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْله : { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6757 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَة أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } يَقُول : فَإِنْ خِفْت أَلَّا تَعْدِل فِي وَاحِدَة , فَمَا مَلَكَتْ يَمِينك . )6758 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } السَّرَارِي . )6759 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع : ( { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَة أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } فَإِنْ خِفْت أَلَّا تَعْدِل فِي وَاحِدَة فَمَا مَلَكَتْ يَمِينك . )6760 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثنا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَوْله : ( { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا } قَالَ : فِي الْمُجَامَعَة وَالْحُبّ .)|ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ لَا تَعُولُوا } . </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ تَعَالَى ذِكْره : وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فِي مَثْنَى أَوْ ثُلَاث أَوْ رُبَاع فَنَكَحْتُمْ وَاحِدَة , أَوْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فِي الْوَاحِدَة فَتَسَرَّرْتُمْ مِلْك أَيْمَانكُمْ ; فَهُوَ أَدْنَى , يَعْنِي : أَقْرَب أَلَّا تَعُولُوا , يَقُول : أَنْ لَا تَجُورُوا وَلَا تَمِيلُوا , يُقَال مِنْهُ : عَالَ الرَّجُل فَهُوَ يَعُول عَوْلًا وَعِيَالَة , إِذَا مَالَ وَجَارَ , وَمِنْهُ عَوْل الْفَرَائِض , لِأَنَّ سِهَامهَا إِذَا زَادَتْ دَخَلَهَا النَّقْص ; وَأَمَّا مِنْ الْحَاجَة , فَإِنَّمَا يُقَال : عَالَ الرَّجُل عَيْلَة , وَذَلِكَ إِذَا اِحْتَاجَ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>وَمَا يَدْرِي الْفَقِير مَتَى غِنَاهُ .......... وَمَا يَدْرِي الْغَنِيّ مَتَى يَعِيل <br>بِمَعْنَى يَفْتَقِر . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6761 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا يُونُس , عَنْ الْحَسَن : ( { ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ لَا تَعُولُوا } قَالَ : الْعَوْل : الْمَيْل فِي النِّسَاء . )6762 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثني حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّةَ , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا } يَقُول : لَا تَمِيلُوا . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا } أَنْ لَا تَمِيلُوا . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد . مِثْله . 6763 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو النُّعْمَان مُحَمَّد بْن الْفَضْل , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ عِكْرِمَة : ( { أَلَّا تَعُولُوا } قَالَ : أَنْ لَا تَمِيلُوا , ثُمَّ قَالَ : أَمَا سَمِعْت إِلَى قَوْل أَبِي طَالِب : <br>بِمِيزَانِ قِسْط وَزْنه غَيْر عَائِل <br>)* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حَجَّاج , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن زَيْد , عَنْ الزُّبَيْر , عَنْ حُرَيْث , عَنْ عِكْرِمَة فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { أَلَّا تَعُولُوا } قَالَ : أَنْ لَا تَمِيلُوا , قَالَ : وَأَنْشَدَ بَيْتًا مِنْ شِعْر زَعَمَ أَنَّ أَبَا طَالِب قَالَهُ : <br>بِمِيزَانِ قِسْط لَا يَخِسّ شَعِيرَة .......... وَوَازِن صِدْق وَزْنه غَيْر عَائِل <br>)قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَيُرْوَى هَذَا الْبَيْت عَلَى غَيْر هَذِهِ الرِّوَايَة : <br>بِمِيزَانِ صِدْق لَا يُغِلّ شَعِيرَة .......... لَهُ شَاهِد مِنْ نَفْسه غَيْر عَائِل <br>6764 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم فِي قَوْله : ( { أَلَّا تَعُولُوا } قَالَ : أَلَّا تَمِيلُوا . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , مِثْله . 6765 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ أَبِي إِسْحَاق الْكُوفِيّ , قَالَ : (كَتَبَ عُثْمَان بْن عَفَّان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ إِلَى أَهْل الْكُوفَة فِي شَيْء عَاتَبُوهُ عَلَيْهِ فِيهِ : | إِنِّي لَسْت بِمِيزَانٍ لَا أَعُول . )6766 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عَثَّام بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي مَالِك فِي قَوْله : ( { أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا } قَالَ : لَا تَمِيلُوا . )6767 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا } أَدْنَى أَنْ لَا تَمِيلُوا . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : ( { أَلَّا تَعُولُوا } قَالَ : تَمِيلُوا . )6768 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع : ( { ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا } يَقُول : أَلَّا تَمِيلُوا. )6769 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا } يَقُول : تَمِيلُوا. )6770 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثنا مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس. قَوْله : ( { أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا } يَعْنِي : أَلَّا تَمِيلُوا . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا } يَقُول : ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَمِيلُوا . )6771 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك فِي قَوْله : ( { ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا } قَالَ : أَلَّا تَجُورُوا . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن وَعَارِم أَبُو النُّعْمَان , قَالَا : ثنا هُشَيْم , عَنْ حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك , مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ يُونُس , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ مُجَاهِد : ( { ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا } قَالَ : تَمِيلُوا . )6772 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : ( { ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا } ذَلِكَ أَقَلّ لِنَفَقَتِك الْوَاحِدَة , أَقَلّ مِنْ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاث وَأَرْبَع , وَجَارِيَتك أَهْوَن نَفَقَة مِنْ حُرَّة ; { أَلَّا تَعُولُوا } أَهْوَن عَلَيْك فِي الْعِيَال .)

وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَآتُوا النِّسَاء صَدُقَاتهنَّ نِحْلَة } </subtitle>قَالَ أَبُو جَعْفَر : يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْره : وَأَعْطُوا النِّسَاء مُهُورهنَّ عَطِيَّة وَاجِبَة , وَفَرِيضَة لَازِمَة ; يُقَال مِنْهُ : نَحَلَ فُلَان فُلَانًا كَذَا , فَهُوَ يَنْحَلهُ نِحْلَة وَنُحْلًا . كَمَا : 6773 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَآتُوا النِّسَاء صَدُقَاتهنَّ نِحْلَة } يَقُول : فَرِيضَة. )6774 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَآتُوا النِّسَاء صَدُقَاتهنَّ نِحْلَة } يَعْنِي بِالنِّحْلَةِ : الْمَهْر. )6775 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : ( { وَآتُوا النِّسَاء صَدُقَاتهنَّ نِحْلَة } قَالَ : فَرِيضَة مُسَمَّاة . )6776 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : سَمِعْت اِبْن زَيْد يَقُول فِي قَوْله : ( { وَآتُوا النِّسَاء صَدُقَاتهنَّ نِحْلَة } قَالَ : النِّحْلَة فِي كَلَام الْعَرَب : الْوَاجِب , يَقُول : لَا يَنْكِحهَا إِلَّا بِشَيْءٍ وَاجِب لَهَا صَدَقَة , يُسَمِّيهَا لَهَا وَاجِبَة , وَلَيْسَ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَنْكِح اِمْرَأَة بَعْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بِصَدَاقٍ وَاجِب , وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُون تَسْمِيَة الصَّدَاق كَذِبًا بِغَيْرِ حَقّ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِقَوْلِهِ : { وَآتُوا النِّسَاء صَدُقَاتهنَّ نِحْلَة } أَوْلِيَاء النِّسَاء , وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَأْخُذُونَ صَدُقَاتهنَّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6777 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ سَيَّار , عَنْ أَبِي صَالِح , قَالَ : (كَانَ الرَّجُل إِذَا زَوَّجَ أَيِّمَة أَخَذَ صَدَاقهَا دُونهَا , فَنَهَاهُمْ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْ ذَلِكَ , وَنَزَلَتْ : { وَآتُوا النِّسَاء صَدُقَاتهنَّ نِحْلَة } . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَوْلِيَاء النِّسَاء , بِأَنْ يُعْطِيَ الرَّجُل أُخْتَهُ الرَّجُلَ , عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الْآخَرُ أُخْتَهُ , عَلَى أَنْ لَا كَثِير مَهْر بَيْنهمَا , فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6778 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : (زَعَمَ حَضْرَمِيّ أَنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُعْطِي هَذَا الرَّجُل أُخْته وَيَأْخُذ أُخْت الرَّجُل , وَلَا يَأْخُذُونَ كَثِير مَهْر , فَقَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { وَآتُوا النِّسَاء صَدُقَاتهنَّ نِحْلَة } . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى التَّأْوِيلَات الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي ذَلِكَ التَّأْوِيل الَّذِي قُلْنَاهُ , وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى اِبْتَدَأَ ذِكْر هَذِهِ الْآيَة بِخِطَابِ النَّاكِحِينَ النِّسَاء , وَنَهَاهُمْ عَنْ ظُلْمهنَّ وَالْجَوْر عَلَيْهِنَّ , وَعَرَّفَهُمْ سَبِيل النَّجَاة مِنْ ظُلْمهنَّ ; وَلَا دَلَالَة فِي الْآيَة عَلَى أَنَّ الْخِطَاب قَدْ صُرِفَ عَنْهُمْ إِلَى غَيْرهمْ . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَمَعْلُوم أَنَّ الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع } هُمْ الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ : { وَآتُوا النِّسَاء صَدُقَاتهنَّ } وَأَنَّ مَعْنَاهُ : وَآتُوا مَنْ نَكَحْتُمْ مِنْ النِّسَاء صَدُقَاتهنَّ نِحْلَة , لِأَنَّهُ قَالَ فِي الْأَوَّل : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } وَلَمْ يَقُلْ : فَانْكِحُوا , فَيَكُون قَوْله : { وَآتُوا النِّسَاء صَدُقَاتهنَّ } مَصْرُوفًا إِلَى أَنَّهُ مَعْنِيّ بِهِ أَوْلِيَاء النِّسَاء دُون أَزْوَاجهنَّ , وَهَذَا أَمْر مِنْ اللَّه أَزْوَاج النِّسَاء الْمَدْخُول بِهِنَّ وَالْمُسَمَّى لَهُنَّ الصَّدَاق أَنْ يُؤْتُوهُنَّ صَدُقَاتهنَّ دُون الْمُطَلَّقَات قَبْل الدُّخُول مِمَّنْ لَمْ يُسَمَّ لَهَا فِي عَقْد النِّكَاح صَدَاق .|فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْء مِنْهُ نَفْسًا } . </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَإِنْ وَهَبَ لَكُمْ أَيّهَا الرِّجَال نِسَاؤُكُمْ شَيْئًا مِنْ صَدُقَاتهنَّ , طَيِّبَة بِذَلِكَ أَنْفُسهنَّ , فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا. كَمَا : 6779 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا عُمَارَة , عَنْ عِكْرِمَة : ( { فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْء مِنْهُ نَفْسًا } قَالَ : الْمَهْر . )6780 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني حَرَمِيّ بْن عُمَارَة , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عُمَارَة , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ عُمَارَة فِي قَوْل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ( { فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْء مِنْهُ نَفْسًا } قَالَ : الصَّدَقَات . )6781 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد : ( { فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْء مِنْهُ نَفْسًا } قَالَ : الْأَزْوَاج . )6782 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ عُبَيْدَة , قَالَ : قَالَ لِي إِبْرَاهِيم : (أَكَلْت مِنْ الْهَنِيء الْمَرِيء ! قُلْت : مَا ذَاكَ ؟ قَالَ : اِمْرَأَتك أَعْطَتْك مِنْ صَدَاقهَا . )6783 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : (دَخَلَ رَجُل عَلَى عَلْقَمَة وَهُوَ يَأْكُل مِنْ طَعَام بَيْن يَدَيْهِ , مِنْ شَيْء أَعْطَتْهُ اِمْرَأَته مِنْ صَدَاقهَا أَوْ غَيْره , فَقَالَ لَهُ عَلْقَمَة : اُدْنُ , فَكُلْ مِنْ الْهَنِيء الْمَرِيء ! )6784 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْء مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا } يَقُول : إِذَا كَانَ غَيْر إِضْرَار وَلَا خَدِيعَة , فَهُوَ هَنِيء مَرِيء كَمَا قَالَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ . )6785 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : ( { فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْء مِنْهُ نَفْسًا } قَالَ : الصَّدَاق , { فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا } . )6786 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : سَمِعْت اِبْن زَيْد يَقُول فِي قَوْله : ( { فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْء مِنْهُ نَفْسًا } . )6787 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : (زَعَمَ حَضْرَمِيّ أَنَّ أُنَاسًا كَانُوا يَتَأَثَّمُونَ أَنْ يَرْجِع أَحَدهمْ فِي شَيْء مِمَّا سَاقَ إِلَى اِمْرَأَته , فَقَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْء مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا } . )6788 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْء مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا } يَقُول : مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسًا فِي غَيْر كُرْه أَوْ هَوَان , فَقَدْ أَحَلَّ اللَّه لَك ذَلِكَ أَنْ تَأْكُلهُ هَنِيئًا مَرِيئًا . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِهَذَا الْقَوْل : أَوْلِيَاء النِّسَاء , فَقِيلَ لَهُمْ : إِنْ طَابَتْ أَنْفُس النِّسَاء اللَّوَاتِي إِلَيْكُمْ عِصْمَة نِكَاحهنَّ بِصَدُقَاتِهِنَّ نَفْسًا , فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6789 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : ثنا سَيَّار , عَنْ أَبِي صَالِح فِي قَوْله : ( { فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْء مِنْهُ نَفْسًا } قَالَ : كَانَ الرَّجُل إِذَا زَوَّجَ اِبْنَته عَمَدَ إِلَى صَدَاقهَا فَأَخَذَهُ , قَالَ : فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي الْأَوْلِيَاء : { فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْء مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا } . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ , التَّأْوِيل الَّذِي قُلْنَا وَأَنَّ الْآيَة مُخَاطَب بِهَا الْأَزْوَاج ; لِأَنَّ اِفْتِتَاح الْآيَة مُبْتَدَأ بِذِكْرِهِمْ , وَقَوْله : { فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْء مِنْهُ نَفْسًا } فِي سِيَاقه . وَإِنْ قَالَ قَائِل : فَكَيْفَ قِيلَ : فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْء مِنْهُ نَفْسًا , وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : فَإِنْ طَابَتْ لَكُمْ أَنْفُسهنَّ بِشَيْءٍ ؟ وَكَيْفَ وَحَّدْت النَّفْس وَالْمَعْنَى لِلْجَمِيعِ , وَذَلِكَ أَنَّهُ تَعَالَى ذِكْره قَالَ : { وَآتُوا النِّسَاء صَدُقَاتهنَّ نِحْلَة } ؟ قِيلَ : أَمَّا نَقْل فِعْل النُّفُوس إِلَى أَصْحَاب النُّفُوس , فَإِنَّ ذَلِكَ الْمُسْتَفِيض فِي كَلَام الْعَرَب مِنْ كَلَامهَا الْمَعْرُوف : ضِقْت بِهَذَا الْأَمْر ذِرَاعًا وَذَرْعًا , وَقَرِرْت بِهَذَا الْأَمْر عَيْنًا , وَالْمَعْنَى : ضَاقَ بِهِ ذَرْعِي , وَقَرَّتْ بِهِ عَيْنِي , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>إِذَا التَّيَّاز ذُو الْعَضَلَات قُلْنَا .......... إِلَيْك إِلَيْك ضَاقَ بِهَا ذِرَاعَا <br>فَنَقَلَ صِفَة الذِّرَاع إِلَى رَبّ الذِّرَاع , ثُمَّ أَخْرَجَ الذِّرَاع مُفَسِّرَة لِمَوْقِعِ الْفِعْل . وَكَذَلِكَ وَحَّدَ النَّفْس فِي قَوْله : { فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْء مِنْهُ نَفْسًا } إِذْ كَانَتْ النَّفْس مُفَسِّرَة لِمَوْقِعِ الْخَبَر وَأَمَّا تَوْحِيد النَّفْس مِنْ النُّفُوس , لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ الْهَوَى , وَالْهَوَى يَكُون جَمَاعَة , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>بِهَا جِيَف الْحَسْرَى فَأَمَّا عِظَامهَا .......... فَبِيض وَأَمَّا جِلْدهَا فَصَلِيب <br>وَكَمَا قَالَ الْآخَر : <br>فِي حَلْقكُمْ عَظْم وَقَدْ شَجِينَا <br>وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : جَائِز فِي النَّفْس فِي هَذَا الْمَوْضِع الْجَمْع وَالتَّوْحِيد ; فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْء مِنْهُ نَفْسًا وَأَنْفُسًا , وَضِقْت بِهِ ذِرَاعًا وَذَرْعًا وَأَذْرُعًا , لِأَنَّهُ مَنْسُوب إِلَيْك , وَإِلَى مَنْ تُخْبِر عَنْهُ , فَاكْتَفَى بِالْوَاحِدِ عَنْ الْجَمْع لِذَلِكَ , وَلَمْ يَذْهَب الْوَهْم إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْنَى جَمْع لِأَنَّ قَبْله جَمْعًا. قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا أَنَّ النَّفْس وَقَعَ مَوْقِع الْأَسْمَاء الَّتِي تَأْتِي بِلَفْظِ الْوَاحِد مُؤَدِّيَة مَعْنَاهُ إِذَا ذُكِرَ بِلَفْظِ الْوَاحِد , وَأَنَّهُ بِمَعْنَى الْجَمْع عَنْ الْجَمْع .|فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا|وَأَمَّا قَوْله : { هَنِيئًا } فَإِنَّهُ مَأْخُوذ مِنْ هَنَأْت الْبَعِير بِالْقَطِرَانِ : إِذَا جَرِبَ فَعُولِجَ بِهِ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>مُتَبَذِّلًا تَبْدُو مَحَاسِنه .......... يَضَع الْهَنَاء مَوَاضِع النَّقْب <br>فَكَانَ مَعْنَى قَوْله : { فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا } فَكُلُوهُ دَوَاء شَافِيًا , يُقَال مِنْهُ : هَنَأَنِي الطَّعَام وَمَرَأَنِي : أَيْ صَارَ لِي دَوَاء وَعِلَاجًا شَافِيًا , وَهَنِئَنِي وَمَرِئَنِي بِالْكَسْرِ , وَهِيَ قَلِيلَة , وَاَلَّذِينَ يَقُولُونَ هَذَا الْقَوْل يَقُولُونَ يَهْنَأنِي وَيَمْرَأنِي , وَاَلَّذِينَ يَقُولُونَ هَنَأَنِي , يَقُولُونَ : يَهْنِئُنِي وَيَمْرِئُنِي , فَإِذَا أَفْرَدُوا , قَالُوا : قَدْ أَمْرَأَنِي هَذَا الطَّعَام إِمْرَاء , وَيُقَال : هَنَأْت الْقَوْم : إِذَا عُلْتهمْ , سُمِعَ مِنْ الْعَرَب مَنْ يَقُول : إِنَّمَا سُمِّيَتْ هَانِئًا لِتَهْنَأ , بِمَعْنَى : لِتَعُول وَتَكْفِي .

وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } . </subtitle>قَالَ أَبُو جَعْفَر : اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي السُّفَهَاء الَّذِينَ نَهَى اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عِبَاده أَنْ يُؤْتُوهُمْ أَمْوَالهمْ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُمْ النِّسَاء وَالصِّبْيَان . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6790 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ عَبْد الْكَرِيم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (الْيَتَامَى وَالنِّسَاء . )6791 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ يُونُس , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : ( { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } قَالَ : لَا تُعْطُوا الصِّغَار وَالنِّسَاء . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , عَنْ يُونُس , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : (الْمَرْأَة وَالصَّبِيّ . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ شَرِيك , عَنْ أَبِي حَمْزَة , عَنْ الْحَسَن قَالَ : (النِّسَاء وَالصِّغَار , وَالنِّسَاء أَسْفَه السُّفَهَاء . )6792 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : ( { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } قَالَ : السُّفَهَاء : اِبْنك السَّفِيه وَامْرَأَتك السَّفِيهَة , )وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : ( اِتَّقُوا اللَّه فِي الضَّعِيفَيْنِ : الْيَتِيم , وَالْمَرْأَة . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا حُمَيْد , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن الرُّؤَاسِيّ , عَنْ السُّدِّيّ - قَالَ : يَرُدّهُ إِلَى عَبْد اللَّه - قَالَ : (النِّسَاء وَالصِّبْيَان . )6793 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } أَمَّا السُّفَهَاء : فَالْوَلَد وَالْمَرْأَة . )6794 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , عَنْ الضَّحَّاك , قَوْله : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } يَعْنِي بِذَلِكَ : وَلَد الرَّجُل وَامْرَأَته , وَهِيَ أَسْفَه السُّفَهَاء . * - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : ( { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } قَالَ : السُّفَهَاء : الْوَلَد وَالنِّسَاء أَسْفَه السُّفَهَاء , فَيَكُونُوا عَلَيْكُمْ أَرْبَابًا . )* - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم الْغِفَارِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ سَلَمَة بْن نُبَيْط , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : (أَوْلَادكُمْ وَنِسَاؤُكُمْ. )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سَلَمَة , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : (النِّسَاء وَالصِّبْيَان . )6795 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حُمَيْد الْأَعْرَج , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } قَالَ : النِّسَاء وَالْوِلْدَان . )6796 - حَدَّثَنَا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَنْبَسَة , عَنْ الْحَكَم : ( { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } قَالَ : النِّسَاء وَالْوِلْدَان . )6797 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّه لَكُمْ قِيَامًا } أَمَرَ اللَّه بِهَذَا الْمَال أَنْ يَخْزُنه فَيُحْسِن خِزَانَته , وَلَا يُمَلِّكهُ الْمَرْأَة السَّفِيهَة وَالْغُلَام السَّفِيه . )6798 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي مَالِك , قَالَ : (النِّسَاء وَالصِّبْيَان. )6799 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } قَالَ : اِمْرَأَتك وَبَنِيك , وَقَالَ : السُّفَهَاء : الْوِلْدَان وَالنِّسَاء أَسْفَه السُّفَهَاء . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ السُّفَهَاء : الصِّبْيَان خَاصَّة. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6800 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْله : ( { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } قَالَ : هُمْ الْيَتَامَى . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد , قَالَ : ( { السُّفَهَاء } الْيَتَامَى . )6801 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا يُونُس , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : ( { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } يَقُول : لَا تَنْحُلُوا الصِّغَار . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِذَلِكَ السُّفَهَاء مِنْ وَلَد الرَّجُل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6802 - حَدَّثَنَا سَعِيد بْن يَحْيَى الْأُمَوِيّ , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي مَالِك , قَوْله : ( { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } قَالَ : لَا تُعْطِ وَلَدك السَّفِيه مَالك فَيُفْسِدهُ الَّذِي هُوَ قِوَامك بَعْد اللَّه تَعَالَى . )6803 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } يَقُول : لَا تُسَلِّط السَّفِيه مِنْ وَلَدك . فَكَانَ اِبْن عَبَّاس يَقُول : نَزَلَ ذَلِكَ فِي السُّفَهَاء , وَلَيْسَ الْيَتَامَى مِنْ ذَلِكَ فِي شَيْء . )6804 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ فِرَاس , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ أَبِي بُرْدَة , عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَنَّهُ قَالَ : (ثَلَاثَة يَدْعُونَ اللَّه فَلَا يَسْتَجِيب لَهُمْ : رَجُل كَانَتْ لَهُ اِمْرَأَة سَيِّئَة الْخُلُق فَلَمْ يُطَلِّقهَا , وَرَجُل أَعْطَى مَاله سَفِيهًا وَقَدْ قَالَ اللَّه : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } , وَرَجُل كَانَ لَهُ عَلَى رَجُل دَيْن , فَلَمْ يُشْهِد عَلَيْهِ. )6805 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : سَمِعْت اِبْن زَيْد : ( { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } . .. الْآيَة , قَالَ : لَا تُعْطِ السَّفِيه مِنْ وَلَدك رَأْسًا وَلَا حَائِطًا وَلَا شَيْئًا هُوَ لَك قِيَمًا مِنْ مَالك . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ السُّفَهَاء فِي هَذَا الْمَوْضِع : النِّسَاء خَاصَّة دُون غَيْرهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6806 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : (زَعَمَ حَضْرَمِيّ أَنَّ رَجُلًا عَمَدَ فَدَفَعَ مَاله إِلَى اِمْرَأَته فَوَضَعَتْهُ فِي غَيْر الْحَقّ , فَقَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } . )6807 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حُمَيْد , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } قَالَ : النِّسَاء . )* - حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ الثَّوْرِيّ , عَنْ حُمَيْد , عَنْ قَيْس , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } قَالَ : هُنَّ النِّسَاء . )6808 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ( { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّه لَكُمْ قِيَامًا } قَالَ : نَهَى الرِّجَال أَنْ يُعْطُوا النِّسَاء أَمْوَالهمْ , وَهُنَّ سُفَهَاء مَنْ كُنَّ أَزْوَاجًا أَوْ أُمَّهَات أَوْ بَنَات. )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 6809 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا هِشَام , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : (الْمَرْأَة. )6810 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : (النِّسَاء مِنْ أَسْفَه السُّفَهَاء. )6811 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ أَبِي عَوَانَة , عَنْ عَاصِم , عَنْ مُوَرِّق قَالَ : (مَرَّتْ اِمْرَأَة بِعَبْدِ اللَّه بْن عُمَر لَهَا شَارَة وَهَيْئَة , فَقَالَ لَهَا اِبْن عُمَر : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّه لَكُمْ قِيَامًا } . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ عِنْدنَا أَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَمَّ بِقَوْلِهِ : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } فَلَمْ يُخَصِّص سَفِيهًا دُون سَفِيه , فَغَيْر جَائِز لِأَحَدٍ أَنْ يُؤْتِيَ سَفِيهًا مَاله صَبِيًّا صَغِيرًا كَانَ أَوْ رَجُلًا كَبِيرًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى , وَالسَّفِيه الَّذِي لَا يَجُوز لِوَلِيِّهِ أَنْ يُؤْتِيَهُ مَاله , هُوَ الْمُسْتَحِقّ الْحَجْر بِتَضْيِيعِهِ مَاله وَفَسَاده وَإِفْسَاده وَسُوء تَدْبِيره ذَلِكَ . وَإِنَّا قُلْنَا مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ الْمَعْنِيّ بِقَوْلِهِ : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء } هُوَ مَنْ وَصَفْنَا دُون غَيْره , لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَالَ فِي الْآيَة الَّتِي تَتْلُوهَا : { وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاح فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالهمْ } فَأَمَرَ أَوْلِيَاء الْيَتَامَى بِدَفْعِ أَمْوَالهمْ إِلَيْهِمْ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاح وَأُونِسَ مِنْهُمْ الرُّشْد , وَقَدْ يَدْخُل فِي الْيَتَامَى الذُّكُور وَالْإِنَاث , فَلَمْ يُخَصِّص بِالْأَمْرِ بِدَفْعِ مَا لَهُمْ مِنْ الْأَمْوَال الذُّكُور دُون الْإِنَاث , وَلَا الْإِنَاث دُون الذُّكُور . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , بِمَعْلُومِ أَنَّ الَّذِينَ أُمِرَ أَوْلِيَاؤُهُمْ بِدَفْعِهِمْ أَمْوَالهمْ إِلَيْهِمْ , وَأُجِيزَ لِلْمُسْلِمِينَ مُبَايَعَتهمْ , وَمُعَامَلَتهمْ غَيْرُ الَّذِينَ أُمِرَ أَوْلِيَاؤُهُمْ بِمَنْعِهِمْ أَمْوَالهمْ , وَحُظِرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مُدَايَنَتهمْ وَمُعَامَلَتهمْ , فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَبَيَّنَ أَنَّ السُّفَهَاء الَّذِينَ نَهَى اللَّه الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُؤْتُوهُمْ أَمْوَالهمْ , هُمْ الْمُسْتَحِقُّونَ الْحَجْر , وَالْمُسْتَوْجِبُونَ أَنْ يُوَلَّى عَلَيْهِمْ أَمْوَالهمْ , وَهُمْ مَنْ وَصَفْنَا صِفَتهمْ قَبْل , وَأَنَّ مَنْ عَدَا ذَلِكَ , فَغَيْر سَفِيه , لِأَنَّ الْحَجْر لَا يَسْتَحِقّهُ مَنْ قَدْ بَلَغَ , وَأُونِسَ رُشْده . وَأَمَّا قَوْل مَنْ قَالَ : عَنَى بِالسُّفَهَاءِ النِّسَاء خَاصَّة , فَإِنَّهُ جَعَلَ اللُّغَة عَلَى غَيْر وَجْههَا , وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَب لَا تَكَاد تَجْمَع فَعِيلًا عَلَى فُعَلَاء , إِلَّا فِي جَمْع الذُّكُور , أَوْ الذُّكُور وَالْإِنَاث ; وَأَمَّا إِذَا أَرَادُوا جَمْع الْإِنَاث خَاصَّة لَا ذُكْرَان مَعَهُمْ , جَمَعُوهُ عَلَى فَعَائِل وَفَعِيلَات , مِثْل غَرِيبَة تُجْمَع غَرَائِب وَغَرِيبَات ; فَأَمَّا الْغُرَبَاء فَجَمْع غَرِيب. وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { أَمْوَالكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّه لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ } فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى بِذَلِكَ : لَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء مِنْ النِّسَاء وَالصِّبْيَان عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ اِخْتِلَاف مَنْ حَكَيْنَا قَوْله قَبْل أَيّهَا الرُّشَدَاء أَمْوَالكُمْ الَّتِي تَمْلِكُونَهَا , فَتُسَلِّطُوهُمْ عَلَيْهَا فَيُفْسِدُوهَا وَيُضَيِّعُوهَا , وَلَكِنْ اُرْزُقُوهُمْ أَنْتُمْ مِنْهَا , إِنْ كَانُوا مِمَّنْ تَلْزَمكُمْ نَفَقَته , وَاكْسُوهُمْ , وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا . وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَة عَنْ جَمَاعَة مِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ : مِنْهُمْ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ , وَابْن عَبَّاس , وَالْحَسَن , وَمُجَاهِد , وَقَتَادَة , وَحَضْرَمِيّ , وَسَنَذْكُرُ قَوْل الْآخَرِينَ الَّذِينَ لَمْ يُذْكَر قَوْلهمْ فِيمَا مَضَى قَبْل . 6812 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّه لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا } يَقُول : لَا تُعْطِ اِمْرَأَتك وَوَلَدك مَالك , فَيَكُونُوا هُمْ الَّذِينَ يَقُومُونَ عَلَيْك , وَأَطْعِمْهُمْ مِنْ مَالك وَاكْسُهُمْ . )6813 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّه لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا } يَقُول : لَا تُسَلِّط السَّفِيه مِنْ وَلَدك عَلَى مَالك , وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْزُقهُ مِنْهُ وَيَكْسُوَهُ . )6814 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } قَالَ : لَا تُعْطِ السَّفِيه مِنْ مَالِك شَيْئًا هُوَ لَك . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالهمْ ; وَلَكِنَّهُ أُضِيفَ إِلَى الْوُلَاة لِأَنَّهُمْ قِوَامهَا وَمُدَبِّرُوهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6815 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْله : ( { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء } قَالَ : هُمْ الْيَتَامَى , { أَمْوَالكُمْ } قَالَ : أَمْوَالهمْ , بِمَنْزِلَةِ قَوْله : { وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ } )وَقَدْ يَدْخُل فِي قَوْله : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } أَمْوَال الْمَنْهِيِّينَ عَنْ أَنْ يُؤْتُوهُمْ ذَلِكَ , وَأَمْوَال السُّفَهَاء , لِأَنَّ قَوْله : { أَمْوَالكُمْ } غَيْر مَخْصُوص مِنْهَا بَعْض الْأَمْوَال دُون بَعْض , وَلَا تَمْنَع الْعَرَب أَنْ تُخَاطِب قَوْمًا خِطَابًا , فَيَخْرُج الْكَلَام بَعْضه خَبَر عَنْهُمْ وَبَعْضه عَنْ غَيْب , وَذَلِكَ نَحْو أَنْ يَقُولُوا : أَكَلْتُمْ يَا فُلَان أَمْوَالكُمْ بِالْبَاطِلِ فَيُخَاطِب الْوَاحِد خِطَاب الْجَمْع بِمَعْنَى : أَنَّك وَأَصْحَابك , أَوْ وَقَوْمك أَكَلْتُمْ أَمْوَالكُمْ , فَكَذَلِكَ قَوْله : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء } مَعْنَاهُ : لَا تُؤْتُوا أَيّهَا النَّاس سُفَهَاءَكُمْ أَمْوَالكُمْ الَّتِي بَعْضهَا لَكُمْ وَبَعْضهَا لَهُمْ , فَتُضَيِّعُوهَا. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَكَانَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره قَدْ عَمَّ بِالنَّهْيِ عَنْ إِيتَاء السُّفَهَاء الْأَمْوَال كُلّهَا , وَلَمْ يُخَصِّص مِنْهَا شَيْئًا دُون شَيْء , كَانَ بَيِّنًا بِذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى قَوْله : { الَّتِي جَعَلَ اللَّه لَكُمْ قِيَامًا } إِنَّمَا هُوَ الَّتِي جَعَلَ اللَّه لَكُمْ وَلَهُمْ قِيَامًا , وَلَكِنَّ السُّفَهَاء دَخَلَ ذِكْرهمْ فِي ذِكْر الْمُخَاطَبِينَ بِقَوْلِهِ : | لَكُمْ |.|الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا|وَأَمَّا قَوْله : { الَّتِي جَعَلَ اللَّه لَكُمْ قِيَامًا } فَإِنَّ قِيَامًا وَقِيَمًا وَقِوَامًا فِي مَعْنًى وَاحِد , وَإِنَّمَا الْقِيَام أَصْله الْقِوَام , غَيْر أَنَّ الْقَاف الَّتِي قَبْل الْوَاو لَمَّا كَانَتْ مَكْسُورَة , جُعِلَتْ الْوَاو يَاء لِكِسْرَةِ مَا قَبْلهَا , كَمَا يُقَال : صُمْت صِيَامًا , وَحُلْت حِيَالًا , وَيُقَال مِنْهُ : فُلَان قِوَام أَهْل بَيْته , وَقِيَام أَهْل بَيْته . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَ بَعْضهمْ : | الَّتِي جَعَلَ اللَّه لَكُمْ قِيَمًا | بِكَسْرِ الْقَاف وَفَتْح الْيَاء بِغَيْرِ أَلِف . وَقَرَأَهُ آخَرُونَ : { قِيَامًا } بِأَلِفٍ . قَالَ مُحَمَّد : وَالْقِرَاءَة الَّتِي نَخْتَارهَا : { قِيَامًا } بِالْأَلِفِ , لِأَنَّهَا الْقِرَاءَة الْمَعْرُوفَة فِي قِرَاءَة أَمْصَار الْإِسْلَام , وَإِنْ كَانَتْ الْأُخْرَى غَيْر خَطَأ وَلَا فَاسِد . وَإِنَّمَا اِخْتَرْنَا مَا اِخْتَرْنَا مِنْ ذَلِكَ , لِأَنَّ الْقِرَاءَات إِذَا اِخْتَلَفَتْ فِي الْأَلْفَاظ وَاتَّفَقَتْ فِي الْمَعَانِي , فَأَعْجَبُهَا إِلَيْنَا مَا كَانَ أَظْهَر وَأَشْهَر فِي قِرَاءَة أَمْصَار الْإِسْلَام . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَاهُ فِي تَأْوِيل قَوْله : { قِيَامًا } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6816 - حَدَّثَنَا سَعِيد بْن يَحْيَى الْأُمَوِيّ , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي مَالِك : ( { أَمْوَالكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّه لَكُمْ قِيَامًا } الَّتِي هِيَ قِوَامك بَعْد اللَّه . )6817 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { أَمْوَالكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّه لَكُمْ قِيَامًا } فَإِنَّ الْمَال هُوَ قِيَام النَّاس قِوَام مَعَايِشهمْ , يَقُول : كُنْت أَنْتَ قَيِّم أَهْلك , فَلَا تُعْطِ اِمْرَأَتك [ وَوَلَدك ] مَالك , فَيَكُونُوا هُمْ الَّذِينَ يَقُومُونَ عَلَيْك )6818 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّه لَكُمْ قِيَامًا } يَقُول اللَّه سُبْحَانه : لَا تَعْمَد إِلَى مَالك وَمَا خَوَّلَك اللَّه وَجَعَلَهُ لَك مَعِيشَة , فَتُعْطِيَهُ اِمْرَأَتك أَوْ بَنِيك ثُمَّ تَنْظُر إِلَى مَا فِي أَيْدِيهمْ , وَلَكِنْ أَمْسِكْ مَالك وَأَصْلِحْهُ , وَكُنْ أَنْتَ الَّذِي تُنْفِق عَلَيْهِمْ فِي كِسْوَتهمْ وَرِزْقهمْ وَمُؤْنَتهمْ . قَالَ : وَقَوْله : { قِيَامًا } بِمَعْنَى : قِوَامكُمْ فِي مَعَايِشكُمْ . )6819 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن قَوْله : ( { قِيَامًا } قَالَ : قِيَام عَيْشك . )6820 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا بَكْر بْن شرود , عَنْ اِبْن مُجَاهِد أَنَّهُ قَرَأَ : ( { الَّتِي جَعَلَ اللَّه لَكُمْ قِيَامًا } بِالْأَلِفِ , يَقُول : قِيَام عَيْشك . )6821 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { أَمْوَالكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّه لَكُمْ قِيَامًا } قَالَ : لَا تُعْطِ السَّفِيه مِنْ وَلَدك شَيْئًا هُوَ لَك قَيِّم مِنْ مَالك .)|وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ|وَأَمَّا قَوْله : { وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ } فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل اِخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيله ; فَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : إِنَّمَا عَنَى اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } أَوْلِيَاء السُّفَهَاء , لَا أَمْوَال السُّفَهَاء , فَإِنَّهُمْ قَالُوا : مَعْنَى ذَلِكَ : وَارْزُقُوا أَيّهَا النَّاس سُفَهَاءَكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ وَأَوْلَادكُمْ مِنْ أَمْوَالكُمْ طَعَامهمْ , وَمَا لَا بُدّ لَهُمْ مِنْهُ مِنْ مُؤَنهمْ وَكِسْوَتهمْ . وَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْض قَائِلِي ذَلِكَ فِيمَا مَضَى , وَسَنَذْكُرُ مَنْ لَمْ يُذْكَر مِنْ قَائِلِيهِ . 6822 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (أُمِرُوا أَنْ يَرْزُقُوا سُفَهَاءَهُمْ مِنْ أَزْوَاجهمْ وَأُمَّهَاتهمْ وَبَنَاتهمْ مِنْ أَمْوَالهمْ . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 6823 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَارْزُقُوهُمْ } قَالَ : يَقُول : أَنْفِقُوا عَلَيْهِمْ . )6824 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ } يَقُول : أَطْعِمْهُمْ مِنْ مَالِكَ وَاكْسُهُمْ . )وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : إِنَّمَا عَنَى بِقَوْلِهِ : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } أَمْوَال السُّفَهَاء أَنْ لَا يُؤْتِيَهُمُوهَا أَوْلِيَاؤُهُمْ , فَإِنَّهُمْ قَالُوا : مَعْنَى قَوْله : { وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ } وَارْزُقُوا أَيّهَا الْوُلَاة وُلَاة أَمْوَال سُفَهَاءَكُمْ مِنْ أَمْوَالهمْ , طَعَامهمْ وَمَا لَا بُدّ لَهُمْ مِنْ مُؤَنهمْ وَكِسْوَتهمْ . وَقَدْ مَضَى ذِكْر ذَلِكَ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَمَّا الَّذِي نَرَاهُ صَوَابًا فِي قَوْله : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } مِنْ التَّأْوِيل , فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ , وَدَلَّلْنَا عَلَى صِحَّة مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته . فَتَأْوِيل قَوْله : { وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ } عَلَى التَّأْوِيل الَّذِي قُلْنَا فِي قَوْله : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } وَأَلْفَوْا عَلَى سُفَهَائِكُمْ مِنْ أَوْلَادكُمْ وَنِسَائِكُمْ الَّذِينَ تَجِب عَلَيْكُمْ نَفَقَتهمْ مِنْ طَعَامهمْ وَكِسْوَتهمْ فِي أَمْوَالكُمْ , وَلَا تُسَلِّطُوهُمْ عَلَى أَمْوَالكُمْ فَيُهْلِكُوهَا , وَعَلَى سُفَهَائِكُمْ مِنْهُمْ مِمَّنْ لَا تَجِب عَلَيْكُمْ نَفَقَته , وَمِنْ غَيْرهمْ الَّذِينَ تَلُونَ أَنْتُمْ أُمُورهمْ مِنْ أَمْوَالهمْ فِيمَا لَا بُدّ لَهُمْ مِنْ مُؤَنهمْ فِي طَعَامهمْ وَشَرَابهمْ وَكِسْوَتهمْ , لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْوَاجِب مِنْ الْحُكْم فِي قَوْل جَمِيع الْحُجَّة , لَا خِلَاف بَيْنهمْ فِي ذَلِكَ مَعَ دَلَالَة ظَاهِر التَّنْزِيل عَلَى مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ .|وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا } . </subtitle>قَالَ أَبُو جَعْفَر : اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : عَدَّهُمْ عِدَّة جَمِيلَة مِنْ الْبِرّ وَالصِّلَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6825 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا } قَالَ : أُمِرُوا أَنْ يَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا فِي الْبِرّ وَالصِّلَة . يَعْنِي النِّسَاء , وَهُنَّ السُّفَهَاء عِنْده . )6826 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا } قَالَ : عِدَّة تَعُدُّوهُمْ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : اُدْعُوا لَهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6827 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا } إِنْ كَانَ لَيْسَ مِنْ وَلَدك , وَلَا مِمَّنْ يَجِب عَلَيْك أَنْ تُنْفِق عَلَيْهِ , فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا , قُلْ لَهُمْ : عَافَانَا اللَّه وَإِيَّاكَ , وَبَارَكَ اللَّه فِيك . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ , مَا قَالَهُ اِبْن جُرَيْج , وَهُوَ أَنَّ مَعْنَى قَوْله : { وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا } أَيْ قُولُوا يَا مَعْشَر وُلَاة السُّفَهَاء قَوْلًا مَعْرُوفًا لِلسُّفَهَاءِ , إِنْ صَلَحْتُمْ وَرَشَدْتُمْ سَلَّمْنَا إِلَيْكُمْ أَمْوَالكُمْ وَخَلَّيْنَا بَيْنكُمْ وَبَيْنهَا , فَاتَّقُوا اللَّه فِي أَنْفُسكُمْ وَأَمْوَالكُمْ . وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْقَوْل الَّذِي فِيهِ حَثّ عَلَى طَاعَة اللَّه وَنَهْي عَنْ مَعْصِيَته.

وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَابْتَلُوا الْيَتَامَى } </subtitle>يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { وَابْتَلُوا الْيَتَامَى } وَاخْتَبِرُوا عُقُول يَتَامَاكُمْ فِي أَفْهَامهمْ , وَصَلَاحهمْ فِي أَدْيَانهمْ , وَإِصْلَاحهمْ أَمْوَالهمْ . كَمَا : 6828 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة وَالْحَسَن فِي قَوْله : ( { وَابْتَلُوا الْيَتَامَى } قَالَا : يَقُول : اِخْتَبِرُوا الْيَتَامَى . )6829 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : (أَمَّا اِبْتَلُوا الْيَتَامَى : فَجَرِّبُوا عُقُولهمْ . )6830 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { وَابْتَلُوا الْيَتَامَى } قَالَ : عُقُولهمْ. )6831 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَابْتَلُوا الْيَتَامَى } قَالَ : اِخْتَبِرُوهُمْ . )6832 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاح } قَالَ : اِخْتَبِرُوهُ فِي رَأْيه وَفِي عَقْله كَيْفَ هُوَ إِذَا عُرِفَ أَنَّهُ قَدْ أُنِسَ مِنْهُ رُشْد دُفِعَ إِلَيْهِ مَاله . قَالَ : وَذَلِكَ بَعْد الِاحْتِلَام . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَقَدْ دَلَّلْنَا فِيمَا مَضَى قَبْل عَلَى أَنَّ مَعْنَى الِابْتِلَاء : الِاخْتِبَار , بِمَا فِيهِ الْكِفَايَة عَنْ إِعَادَته .|حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ|وَأَمَّا قَوْله : { إِذَا بَلَغُوا النِّكَاح } فَإِنَّهُ يَعْنِي : إِذَا بَلَغُوا الْحُلُم. كَمَا : 6833 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاح } حَتَّى إِذَا اِحْتَلَمُوا . )6834 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن دَاوُد قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاح } قَالَ : عِنْد الْحُلُم . )6835 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاح } قَالَ : الْحُلُم .)|فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله : { فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا } . </subtitle>يَعْنِي قَوْله : { فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا } فَإِنْ وَجَدْتُمْ مِنْهُمْ وَعَرَفْتُمْ . كَمَا : 6836 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا } قَالَ : عَرَفْتُمْ مِنْهُمْ . )يُقَال : آنَسْت مِنْ فُلَان خَيْرًا وَبِرًّا بِمَدِّ الْأَلِف إِينَاسًا , وَأَنِسْت بِهِ آنَس أُنْسًا بِقَصْرِ أَلِفهَا : إِذَا أَلِفَهُ . وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّهَا فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : | فَإِنْ أَحْسَيْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا | بِمَعْنَى : أَحْسَسْتُمْ : أَيْ وَجَدْتُمْ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الرُّشْد الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّه فِي هَذِهِ الْآيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى الرُّشْد فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْعَقْل وَالصَّلَاح فِي الدِّين . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 6837 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا } عُقُولًا وَصَلَاحًا. )6838 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا } يَقُول : صَلَاحًا فِي عَقْله وَدِينه. )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : صَلَاحًا فِي دِينهمْ , وَإِصْلَاحًا لِأَمْوَالِهِمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6839 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ مُبَارَك , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : (رُشْدًا فِي الدِّين وَصَلَاحًا وَحِفْظًا لِلْمَالِ . )6840 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا } فِي حَالهمْ , وَالْإِصْلَاح فِي أَمْوَالهمْ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ الْعَقْل خَاصَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6841 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (لَا نَدْفَع إِلَى الْيَتِيم مَاله , وَإِنْ أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ , وَإِنْ كَانَ شَيْخًا , حَتَّى يُؤْنَس مِنْهُ رُشْده : الْعَقْل . )6842 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد : ( { فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا } قَالَ : الْعَقْل. )6843 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو شُبْرُمَة , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : سَمِعْته يَقُول : (إِنَّ الرَّجُل لَيَأْخُذ بِلِحْيَتِهِ وَمَا بَلَغَ رُشْده . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ الصَّلَاح وَالْعِلْم بِمَا يُصْلِحهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6844 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : ( { فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا } قَالَ : صَلَاحًا وَعِلْمًا بِمَا يُصْلِحهُ . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال عِنْدِي بِمَعْنَى الرُّشْد فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْعَقْل وَإِصْلَاح الْمَال ; لِإِجْمَاعِ الْجَمِيع عَلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَسْتَحِقّ الْحَجْر عَلَيْهِ فِي مَاله , وَحَوْز مَا فِي يَده عَنْهُ , وَإِنْ كَانَ فَاجِرًا فِي دِينه . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا مِنْ الْجَمِيع , فَكَذَلِكَ حُكْمه إِذَا بَلَغَ وَلَهُ مَال فِي يَدَيْ وَصِيّ أَبِيهِ أَوْ فِي يَد حَاكِم قَدْ وُلِّيَ مَاله لِطُفُولَتِهِ , وَاجِب عَلَيْهِ تَسْلِيم مَاله إِلَيْهِ , إِذَا كَانَ عَاقِلًا بَالِغًا , مُصْلِحًا لِمَالِهِ , غَيْر مُفْسِد ; لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ يَسْتَحِقّ أَنْ يُوَلَّى عَلَى مَاله الَّذِي هُوَ فِي يَده , هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ يَسْتَحِقّ أَنْ يَمْنَع يَده مِنْ مَاله الَّذِي هُوَ فِي يَد وَلِيّ , فَإِنَّهُ لَا فَرْق بَيْن ذَلِكَ . وَفِي إِجْمَاعهمْ عَلَى أَنَّهُ غَيْر جَائِز حِيَازَة مَا فِي يَده فِي حَال صِحَّة عَقْله وَإِصْلَاح مَا فِي يَده , الدَّلِيل الْوَاضِح عَلَى أَنَّهُ غَيْر جَائِز مَنْع يَده مِمَّا هُوَ لَهُ فِي مِثْل ذَلِكَ الْحَال , وَإِنْ كَانَ قَبْل ذَلِكَ فِي يَد غَيْره لَا فَرْق بَيْنهمَا . وَمَنْ فَرَّقَ بَيْن ذَلِكَ عُكِسَ عَلَيْهِ الْقَوْل فِي ذَلِكَ , وَسُئِلَ الْفَرْق بَيْنهمَا مِنْهُ أَصْل أَوْ نَظِير , فَلَنْ يَقُول فِي أَحَدهمَا قَوْلًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْآخَر مِثْله . فَإِنْ كَانَ مَا وَصَفْنَا مِنْ الْجَمِيع إِجْمَاعًا , فَبُيِّنَ أَنَّ الرُّشْد الَّذِي بِهِ يَسْتَحِقّ الْيَتِيم إِذَا بَلَغَ فَأُونِسَ مِنْهُ دَفْع مَاله إِلَيْهِ , مَا قُلْنَا مِنْ صِحَّة عَقْله وَإِصْلَاح مَاله .|فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالهمْ } . </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْره : وُلَاة أَمْوَال الْيَتَامَى , يَقُول اللَّه لَهُمْ : فَإِذَا بَلَغَ أَيْتَامكُمْ الْحُلُم , فَآنَسْتُمْ مِنْهُمْ عَقْلًا وَإِصْلَاحًا لِأَمْوَالِهِمْ , فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالهمْ , وَلَا تَحْبِسُوهَا عَنْهُمْ .|وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا|وَأَمَّا قَوْله : { وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا } يَعْنِي : بِغَيْرِ مَا أَبَاحَهُ اللَّه لَكُمْ . كَمَا : 6845 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة وَالْحَسَن : ( { وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا } يَقُول : لَا تُسْرِف فِيهَا. )6846 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا } قَالَ : يُسْرِف فِي 3 الْأَكْل . )وَأَصْل الْإِسْرَاف : تَجَاوُز الْحَدّ الْمُبَاح إِلَى مَا لَمْ يُبَحْ , وَرُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي الْإِفْرَاط , وَرُبَّمَا كَانَ فِي التَّقْصِير , غَيْر أَنَّهُ إِذَا كَانَ فِي الْإِفْرَاط , فَاللُّغَة الْمُسْتَعْمَلَة فِيهِ أَنْ يُقَال : أَسْرَفَ يُسْرِف إِسْرَافًا , وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فِي التَّقْصِير , فَالْكَلَام مِنْهُ : سَرِفَ يَسْرَف سَرَفًا , يُقَال : مَرَرْت بِكُمْ فَسَرِفْتُكُمْ , يُرَاد مِنْهُ : فَسَهَوْت عَنْكُمْ وَأَخْطَأْتُكُمْ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>أَعْطَوْا هُنَيْدَة يَحْدُوهَا ثَمَانِيَة .......... مَا فِي عَطَائِهِمْ مَنّ وَلَا سَرَف <br>يَعْنِي بِقَوْلِهِ : وَلَا سَرَف : لَا خَطَأ فِيهِ , يُرَاد بِهِ : أَنَّهُمْ يُصِيبُونَ مَوَاضِع الْعَطَاء فَلَا يُخْطِئُونَهَا .|وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا } . </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَبِدَارًا } وَمُبَادَرَة ; وَهُوَ مَصْدَر مِنْ قَوْل الْقَائِل : بَادَرْت هَذَا الْأَمْر مُبَادَرَة وَبِدَارًا . وَإِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وُلَاة أَمْوَال الْيَتَامَى , يَقُول لَهُمْ : لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالهمْ إِسْرَافًا , يَعْنِي : مَا أَبَاحَ اللَّه لَكُمْ أَكْله , وَلَا مُبَادَرَة مِنْكُمْ بُلُوغهمْ , وَإِينَاس الرُّشْد مِنْهُمْ حَذَرًا أَنْ يَبْلُغُوا فَيَلْزَمكُمْ تَسْلِيمه إِلَيْهِمْ . كَمَا : 6847 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { إِسْرَافًا وَبِدَارًا } يَعْنِي : أَكْل مَال الْيَتِيم مُبَادِرًا أَنْ يَبْلُغ فَيَحُول بَيْنه وَبَيْن مَاله . )6848 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة وَالْحَسَن : ( { وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا } يَقُول : لَا تُسْرِف فِيهَا , وَلَا تُبَادِر . )6849 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَبِدَارًا } تَبَادُرًا أَنْ يَكْبُرُوا , فَيَأْخُذُوا أَمْوَالهمْ . )6850 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { إِسْرَافًا وَبِدَارًا } قَالَ : هَذِهِ لِوَلِيِّ الْيَتِيم خَاصَّة , جُعِلَ لَهُ أَنْ يَأْكُل مَعَهُ إِذَا لَمْ يَجِد شَيْئًا يَضَع يَده مَعَهُ , فَيَذْهَب بِوَجْهِهِ , يَقُول : لَا أَدْفَع إِلَيْهِ مَاله , وَجَعَلْت تَأْكُلهُ تَشْتَهِي أَكْله , لِأَنَّك إِنْ لَمْ تَدْفَعهُ إِلَيْهِ لَك فِيهِ نَصِيب , وَإِذَا دَفَعْته إِلَيْهِ فَلَيْسَ لَك فِيهِ نَصِيب . )وَمَوْضِع | أَنْ | فِي قَوْله : | أَنْ يَكْبَرُوا | نَصْب بِالْمُبَادَرَةِ , لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : لَا تَأْكُلُوهَا مُبَادَرَة كِبَرهمْ .|وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } . </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا } مِنْ وُلَاة أَمْوَال الْيَتَامَى عَلَى أَمْوَالهمْ , { فَلْيَسْتَعْفِفْ } بِمَالِهِ عَنْ أَكْلهَا بِغَيْرِ الْإِسْرَاف وَالْبِدَار أَنْ يَكْبَرُوا , بِمَا أَبَاحَ اللَّه لَهُ أَكْلهَا بِهِ . كَمَا : 6851 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش وَابْن أَبِي لَيْلَى , عَنْ الْحَكَم , عَنْ مِقْسَم , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : ( { وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ } قَالَ : لِغِنَاهُ مِنْ مَاله , حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْ مَال الْيَتِيم . )6852 - وَبِهِ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم فِي قَوْله : ( { وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ } بِغِنَاهُ. )6853 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ لَيْث , عَنْ الْحَكَم , عَنْ مِقْسَم , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : ( { وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : مِنْ مَال نَفْسه , وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا مِنْهُمْ إِلَيْهَا مُحْتَاجًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ. )قَالَ أَبُو جَعْفَر : ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْرُوف الَّذِي أَذِنَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِوُلَاةِ أَمْوَالهمْ أَكْلهَا بِهِ إِذَا كَانُوا أَهْل فَقْر وَحَاجَة إِلَيْهَا , فَقَالَ بَعْضهمْ : ذَلِكَ هُوَ الْقَرْض يَسْتَقْرِضهُ مِنْ مَاله ثُمَّ يَقْضِيه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6854 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ سُفْيَان وَإِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ حَارِثَة بْن مِضْرَب , قَالَ : قَالَ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : (إِنِّي أَنْزَلْت مَال اللَّه تَعَالَى مِنِّي بِمَنْزِلَةِ مَال الْيَتِيم , إِنْ اِسْتَغْنَيْت اِسْتَعْفَفْت , وَإِنْ اِفْتَقَرْت أَكَلْت بِالْمَعْرُوفِ , فَإِذَا أَيْسَرْت قَضَيْت . )6855 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن عَطِيَّة , عَنْ زُهَيْر , عَنْ الْعَلَاء بْن الْمُسَيِّب , عَنْ حَمَّاد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : ( { وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : هُوَ الْقَرْض . )6856 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر , قَالَ : سَمِعْت يُونُس , عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ , عَنْ عُبَيْدَة السَّلْمَانِيّ , أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : الَّذِي يُنْفِق مِنْ مَال الْيَتِيم يَكُون عَلَيْهِ قَرْضًا . )6857 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا سَلَمَة بْن عَلْقَمَة , عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ , قَالَ : سَأَلْت عُبَيْدَة عَنْ قَوْله : ( { وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : إِنَّمَا هُوَ قَرْض , أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ : { فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالهمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ } ؟ قَالَ : فَظَنَنْت أَنَّهُ قَالَهَا بِرَأْيِهِ. )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَام , عَنْ مُحَمَّد , عَنْ عُبَيْدَة فِي قَوْله : ( { وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } وَهُوَ عَلَيْهِ قَرْض . )* - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ سَلَمَة بْن عَلْقَمَة , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , عَنْ عُبَيْدَة فِي قَوْله : ( { وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : الْمَعْرُوف : الْقَرْض , أَلَا تَرَى إِلَى قَوْله : { فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالهمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ } ؟ )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ أَيُّوب , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , عَنْ عُبَيْدَة , مِثْل حَدِيث هِشَام . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } يَعْنِي : الْقَرْض . )6858 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } يَقُول : إِنْ كَانَ غَنِيًّا فَلَا يَحِلّ لَهُ مِنْ مَال الْيَتِيم أَنْ يَأْكُل مِنْهُ شَيْئًا , وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَسْتَقْرِضْ مِنْهُ , فَإِذَا وَجَدَ مَيْسَرَة فَلْيُعْطِهِ مَا اِسْتَقْرَضَ مِنْهُ ; فَذَلِكَ أَكْله بِالْمَعْرُوفِ. )6859 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : سَمِعْت أَبِي يَذْكُر عَنْ حَمَّاد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (يَأْكُل قَرْضًا بِالْمَعْرُوفِ . )* - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حَجَّاج , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (هُوَ الْقَرْض مَا أَصَابَ مِنْهُ مِنْ شَيْء قَضَاهُ إِذَا أَيْسَرَ , يَعْنِي قَوْله : { وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } . )* - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ هِشَام الدَّسْتُوَائِيّ , قَالَ : ثنا حَمَّاد , قَالَ : سَأَلْت سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ هَذِهِ الْآيَة : ( { وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : إِنْ أَخَذَ مِنْ مَاله قَدْر قُوته قَرْضًا , فَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدُ قَضَاهُ , وَإِنْ حَضَرَهُ الْمَوْت وَلَمْ يُوسِر تَحَلَّلَهُ مِنْ الْيَتِيم , وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا تَحَلَّلَهُ مِنْ وَلِيّه . )* - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ حَمَّاد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : (فَلْيَأْكُلْ قَرْضًا. )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ حَمَّاد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : ( { وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : هُوَ الْقَرْض . )6860 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو بْن أَبِي قَيْس , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ الشَّعْبِيّ : ( { وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : لَا يَأْكُلهُ إِلَّا أَنْ يُضْطَرّ إِلَيْهِ كَمَا يُضْطَرّ إِلَى الْمَيْتَة , فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ شَيْئًا قَضَاهُ . )6861 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : قَرْضًا . )* - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله. * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : سَلَفًا مِنْ مَال يَتِيمه . )6862 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , وَعَنْ حَمَّاد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : ( { فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَا : هُوَ الْقَرْض . قَالَ الثَّوْرِيّ : وَقَالَهُ الْحَكَم أَيْضًا , أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ : { فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالهمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ } ؟ )* - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (هُوَ الْقَرْض مَا أَصَابَ مِنْهُ مِنْ شَيْء قَضَاهُ إِذَا أَيْسَرَ , يَعْنِي : { وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } . )6863 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة : ( { فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : الْقَرْض , أَلَا تَرَى إِلَى قَوْله : { فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالهمْ } ؟ . )6864 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَاصِم , عَنْ أَبِي وَائِل , قَالَ : (قَرْضًا . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ الْحَكَم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (إِذَا اِحْتَاجَ الْوَلِيّ أَوْ اِفْتَقَرَ فَلَمْ يَجِد شَيْئًا , أَكَلَ مِنْ مَال الْيَتِيم , وَكَتَبَهُ , فَإِنْ أَيْسَرَ قَضَاهُ , وَإِنْ لَمْ يُوسِر حَتَّى تَحْضُرهُ الْوَفَاة دَعَا الْيَتِيم فَاسْتَحَلَّ مِنْهُ مَا أَكَلَ . )* - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } مِنْ مَال الْيَتِيم بِغَيْرِ إِسْرَاف وَلَا قَضَاء عَلَيْهِ فِيمَا أَكَلَ مِنْهُ . )وَاخْتَلَفَ قَائِلُو هَذَا الْقَوْل فِي مَعْنَى أَكْل ذَلِكَ بِالْمَعْرُوفِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : أَنْ يَأْكُل مِنْ طَعَامه بِأَطْرَافِ الْأَصَابِع , وَلَا يَلْبَس مِنْهُ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6865 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ اِبْن عَبَّاس يَقُول : ( { وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : بِأَطْرَافِ أَصَابِعه . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه الْأَشْجَعِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , عَمَّنْ سَمِعَ اِبْن عَبَّاس يَقُول ; فَذَكَرَ مِثْله . 6866 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } يَقُول : فَمَنْ كَانَ غَنِيًّا مِنْ وَلِيّ مَال الْيَتِيم فَلْيَسْتَعْفِفْ عَنْ مَاله , وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا مِنْ وَلِيّ مَال الْيَتِيم فَلْيَأْكُلْ مَعَهُ بِأَصَابِعِهِ , لَا يُسْرِف فِي الْأَكْل , وَلَا يَلْبَس . )6867 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حَرَمِيّ بْن عُمَارَة , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عُمَارَة , عَنْ عِكْرِمَة فِي مَال الْيَتِيم : (يَدك مَعَ أَيْدِيهمْ , وَلَا تَتَّخِذ مِنْهُ قَلَنْسُوَة . )6868 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ عَطَاء وَعِكْرِمَة , قَالَا : (تَضَع يَدك مَعَ يَده . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الْمَعْرُوف فِي ذَلِكَ , أَنْ يَأْكُل مَا يَسُدّ جُوعه وَيَلْبَس مَا وَارَى الْعَوْرَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6869 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُغِيرَة عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : (إِنَّ الْمَعْرُوف لَيْسَ يَلْبَس الْكَتَّان وَلَا الْحُلَل , وَلَكِنْ مَا سَدَّ الْجُوع وَوَارَى الْعَوْرَة . )* - حَدَّثَنَا بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : (كَانَ يُقَال : لَيْسَ الْمَعْرُوف يَلْبَس الْكَتَّان وَالْحُلَل , وَلَكِنْ الْمَعْرُوف مَا سَدَّ الْجُوع وَوَارَى الْعَوْرَة. )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم نَحْوه . 6870 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثنا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , قَالَ : ثنا أَبُو مَعْبَد , قَالَ : (سُئِلَ مَكْحُول عَنْ وَلِيّ الْيَتِيم , مَا أَكْلهُ بِالْمَعْرُوفِ إِذَا كَانَ فَقِيرًا ؟ قَالَ : يَده مَعَ يَده . قِيلَ لَهُ : فَالْكِسْوَة ؟ قَالَ : يَلْبَس مِنْ ثِيَابه , فَأَمَّا أَنْ يَتَّخِذ مِنْ مَاله مَالًا لِنَفْسِهِ فَلَا . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا الْأَشْجَعِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم فِي قَوْله : ( { فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : مَا سَدّ الْجُوع , وَوَارَى الْعَوْرَة , أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ لَبُوس الْكَتَّان وَالْحُلَل . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ الْمَعْرُوف أَكْل تَمْره وَشُرْب رِسْل مَاشِيَته بِقِيَامِهِ عَلَى ذَلِكَ , فَأَمَّا الذَّهَب وَالْفِضَّة فَلَيْسَ لَهُ أَخْذ شَيْء مِنْهُمَا إِلَّا عَلَى وَجْه الْقَرْض. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6871 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد , قَالَ : (جَاءَ رَجُل إِلَى اِبْن عَبَّاس فَقَالَ : إِنَّ فِي حَجْرِي أَمْوَال أَيْتَام ؟ وَهُوَ يَسْتَأْذِنهُ أَنْ يُصِيب مِنْهَا. فَقَالَ اِبْن عَبَّاس : أَلَسْت تَبْغِي ضَالَّتهَا ؟ قَالَ : بَلَى . قَالَ : أَلَسْت تَهْنَأ جَرْبَاهَا ؟ قَالَ : بَلَى . قَالَ : أَلَسْت تَلِيط حِيَاضهَا ؟ قَالَ : بَلَى. قَالَ : أَلَسْت تَفْرُط عَلَيْهَا يَوْم وُرُودهَا ؟ قَالَ : بَلَى. قَالَ : فَأَصِبْ مِنْ رِسْلهَا , يَعْنِي : مِنْ لَبَنهَا . )6872 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد , قَالَ : (جَاءَ أَعْرَابِيّ إِلَى اِبْن عَبَّاس , فَقَالَ : إِنَّ فِي حَجْرِي أَيْتَامًا , وَإِنَّ لَهُمْ إِبِلًا وَلِي إِبِل , وَأَنَا أَمْنَح مِنْ إِبِلِي فُقَرَاء , فَمَاذَا يَحِلّ لِي مِنْ أَلْبَانهَا ؟ قَالَ : إِنْ كُنْت تَبْغِي ضَالَّتهَا , وَتَهْنَأ جَرْبَاهَا , وَتَلُوط حَوْضهَا , وَتَسْعَى عَلَيْهَا , فَاشْرَبْ غَيْر مُضِرّ بِنَسْلٍ , وَلَا نَاهِك فِي الْحَلْب . )6873 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : مِنْ فَضْل الرِّسْل وَالثَّمَرَة . )* - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة فِي وَالِي مَال الْيَتِيم , قَالَ : (يَأْكُل مِنْ رِسْل الْمَاشِيَة , وَمِنْ الثَّمَرَة لِقِيَامِهِ عَلَيْهِ , وَلَا يَأْكُل مِنْ الْمَال , وَقَالَ : أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ : { فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالهمْ } ؟ . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : سَمِعْت دَاوُد , عَنْ رَفِيع أَبِي الْعَالِيَة , قَالَ : (رُخِّصَ لِوَلِيِّ الْيَتِيم أَنْ يُصِيب مِنْ الرِّسْل , وَيَأْكُل مِنْ الثَّمَرَة ; وَأَمَّا الذَّهَب وَالْفِضَّة فَلَا بُدّ أَنْ تُرَدّ . ثُمَّ قَرَأَ : { فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالهمْ } أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ : لَا بُدّ مِنْ أَنْ يَدْفَع ؟ . )6874 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَوْف , عَنْ الْحَسَن أَنَّهُ قَالَ : (إِنَّمَا كَانَتْ أَمْوَالهمْ أَدْخَال النَّخْل وَالْمَاشِيَة , فَرَخَّصَ لَهُمْ إِذَا كَانَ أَحَدهمْ مُحْتَاجًا أَنْ يُصِيب مِنْ الرِّسْل . )6875 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْن سَالِم , عَنْ الشَّعْبِيّ فِي قَوْله : ( { وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : إِذَا كَانَ فَقِيرًا أَكَلَ مِنْ التَّمْر , وَشَرِبَ مِنْ اللَّبَن وَأَصَابَ مِنْ الرِّسْل . )6876 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } ذُكِرَ لَنَا أَنَّ عَمّ ثَابِت بْن رِفَاعَة - وَثَابِت يَوْمئِذٍ يَتِيم فِي حَجْره - مِنْ الْأَنْصَار , أَتَى نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : يَا نَبِيّ اللَّه , إِنَّ اِبْن أَخِي يَتِيم فِي حَجْرِي , فَمَا يَحِلّ لِي مِنْ مَاله ؟ قَالَ : | أَنْ تَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ مِنْ غَيْر أَنْ تَقِيَ مَالك بِمَالِهِ , وَلَا تَتَّخِذ مِنْ مَاله وَفْرًا | وَكَانَ الْيَتِيم يَكُون لَهُ الْحَائِط مِنْ النَّخْل , فَيَقُوم وَلِيّه عَلَى صَلَاحه وَسَقْيه , فَيُصِيب مِنْ ثَمَرَته . أَوْ تَكُون لَهُ الْمَاشِيَة , فَيَقُوم وَلِيّه عَلَى صَلَاحهَا , أَوْ يَلِي عِلَاجهَا وَمُؤْنَتهَا فَيُصِيب مِنْ جَزَازهَا وَعَوَارِضهَا وَرِسْلهَا , فَأَمَّا رِقَاب الْمَال وَأُصُول الْمَال , فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَهْلِكهُ . )6877 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } يَعْنِي : رُكُوب الدَّابَّة وَخِدْمَة الْخَادِم , فَإِنْ أَخَذَ مِنْ مَاله قَرْضًا فِي غِنًى , فَعَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَهُ , وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْكُل مِنْ مَاله شَيْئًا. )وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ : لَهُ أَنْ يَأْكُل مِنْ جَمِيع الْمَال إِذَا كَانَ يَلِي ذَلِكَ وَإِنْ أَتَى عَلَى الْمَال وَلَا قَضَاء عَلَيْهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6878 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيل بْن صُبَيْح , عَنْ أَبِي إِدْرِيس , عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد وَرَبِيعَة جَمِيعًا , عَنْ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد , قَالَ : (سُئِلَ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ عَمَّا يَصْلُح لِوَلِيِّ الْيَتِيم ؟ قَالَ : إِنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ , وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ . )6879 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْن أَيُّوب , عَنْ مُحَمَّد بْن عَجْلَان , عَنْ زَيْد بْن أَسْلَم , عَنْ أَبِيهِ , أَنَّ عُمَر بْن الْخَطَّاب كَانَ يَقُول : (يَحِلّ لِوَلِيِّ الْأَمْر مَا يَحِلّ لِوَلِيِّ الْيَتِيم , مَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ , وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ. )6880 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْفَضْل بْن عَطِيَّة , عَنْ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح فِي قَوْله : ( { وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : إِذَا اِحْتَاجَ فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ , فَإِنْ أَيْسَرَ بَعْد ذَلِكَ فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ . )6881 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن بْن وَاقِد , عَنْ يَزِيد النَّحْوِيّ , عَنْ عِكْرِمَة وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ , قَالَا : (ذَكَرَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَال الْيَتَامَى , فَقَالَ : { وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } وَمَعْرُوف ذَلِكَ : أَنْ يَتَّقِيَ اللَّه فِي يَتِيمه . )6882 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم : (أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى قَضَاء عَلَى وَلِيّ الْيَتِيم إِذَا أَكَلَ وَهُوَ مُحْتَاج . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ حَمَّاد , عَنْ إِبْرَاهِيم : ( { فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } فِي الْوَصِيّ قَالَ : لَا قَضَاء عَلَيْهِ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : إِذَا عَمِلَ فِيهِ وَلِيّ الْيَتِيم أَكَلَ بِالْمَعْرُوفِ . )6883 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : كَانَ الْحَسَن يَقُول : (إِذَا اِحْتَاجَ أَكَلَ بِالْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَال , طُعْمَة مِنْ اللَّه لَهُ . )6884 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ , قَالَ : (قَالَ رَجُل لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ فِي حَجْرِي يَتِيمًا أَفَأَضْرِبهُ ؟ قَالَ : | فِيمَا كُنْت ضَارِبًا مِنْهُ وَلَدك | ؟ قَالَ : أَفَأُصِيب مِنْ مَاله ؟ قَالَ : | بِالْمَعْرُوفِ غَيْر مُتَأَثِّل مَالًا , وَلَا وَاقٍ مَالك بِمَالِهِ . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ الزُّبَيْر بْن مُوسَى , عَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ , مِثْله . 6885 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ عَطَاء أَنَّهُ قَالَ : (يَضَع يَده مَعَ أَيْدِيهمْ , فَيَأْكُل مَعَهُمْ. كَقَدْرِ خِدْمَته وَقَدْر عَمَله . )6886 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : (وَلِيّ الْيَتِيم إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا يَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ لِقِيَامِهِ بِمَالِهِ . )6887 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : وَسَأَلْته عَنْ قَوْل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ( { وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : إِنْ اِسْتَغْنَى كَفَّ , وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا أَكَلَ بِالْمَعْرُوفِ . قَالَ : أَكَلَ بِيَدِهِ مَعَهُمْ لِقِيَامِهِ عَلَى أَمْوَالهمْ وَحِفْظه إِيَّاهَا , يَأْكُل مِمَّا يَأْكُلُونَ مِنْهُ , وَإِنْ اِسْتَغْنَى كَفَّ عَنْهُ وَلَمْ يَأْكُل مِنْهُ شَيْئًا . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ , قَوْل مَنْ قَالَ بِالْمَعْرُوفِ الَّذِي عَنَاهُ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي قَوْله : { وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } أَكْل مَال الْيَتِيم عِنْد الضَّرُورَة وَالْحَاجَة إِلَيْهِ عَلَى وَجْه الِاسْتِقْرَاض مِنْهُ , فَأَمَّا عَلَى غَيْر ذَلِكَ الْوَجْه , فَغَيْر جَائِز لَهُ أَكْله . وَذَلِكَ أَنَّ الْجَمِيع مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ وَالِيَ الْيَتِيم لَا يَمْلِك مِنْ مَال يَتِيمه إِلَّا الْقِيَام بِمَصْلَحَتِهِ . فَلَمَّا كَانَ إِجْمَاعًا مِنْهُمْ أَنَّهُ غَيْر مَالِكه , وَكَانَ غَيْر جَائِز لِأَحَدٍ أَنْ يَسْتَهْلِك مَال أَحَد غَيْره , يَتِيمًا كَانَ رَبّ الْمَال أَوْ مُدْرِكًا رَشِيدًا , وَكَانَ عَلَيْهِ إِنْ تَعَدَّى فَاسْتَهْلَكَهُ بِأَكْلٍ أَوْ غَيْره ضَمَانه لِمَنْ اِسْتَهْلَكَهُ عَلَيْهِ بِإِجْمَاعٍ مِنْ الْجَمِيع , وَكَانَ وَالِي الْيَتِيم سَبِيله سَبِيل غَيْره فِي أَنَّهُ لَا يَمْلِك مَال يَتِيمه , كَانَ كَذَلِكَ حُكْمه فِيمَا يَلْزَمهُ مِنْ قَضَائِهِ إِذَا أَكَلَ مِنْهُ سَبِيله سَبِيل غَيْره وَإِنْ فَارَقَهُ فِي أَنَّ لَهُ الِاسْتِقْرَاض مِنْهُ عِنْد الْحَاجَة إِلَيْهِ كَمَا لَهُ الِاسْتِقْرَاض عَلَيْهِ عِنْد حَاجَته إِلَى مَا يُسْتَقْرَض عَلَيْهِ إِذَا كَانَ قَيِّمًا بِمَا فِيهِ مَصْلَحَته , وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ قَالَ : إِنَّمَا عَنَى بِالْمَعْرُوفِ فِي هَذَا الْمَوْضِع أَكْل وَالِي الْيَتِيم , مِنْ مَال الْيَتِيم ; لِقِيَامِهِ عَلَى وَجْه الِاعْتِيَاض عَلَى عَمَله وَسَعْيه , لِأَنَّ لِوَالِي الْيَتِيم أَنْ يُؤَاجِر نَفْسه مِنْهُ لِلْقِيَامِ بِأُمُورِهِ إِذَا كَانَ الْيَتِيم مُحْتَاجًا إِلَى ذَلِكَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَة , كَمَا يَسْتَأْجِر لَهُ غَيْره مِنْ الْأُجَرَاء , وَكَمَا يَشْتَرِي لَهُ مِنْ نَصِيبه غَنِيًّا كَانَ الْوَالِي أَوْ فَقِيرًا . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَكَانَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره قَدْ دَلَّ بِقَوْلِهِ : { وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } عَلَى أَنَّهُ أَكْل مَال الْيَتِيم إِنَّمَا أُذِنَ لِمَنْ أُذِنَ لَهُ مِنْ وُلَاته فِي حَال الْفَقْر وَالْحَاجَة , وَكَانَتْ الْحَال الَّتِي لِلْوُلَاةِ أَنْ يُؤَجِّرُوا أَنْفُسهمْ مِنْ الْأَيْتَام مَعَ حَاجَة الْأَيْتَام إِلَى الْأُجَرَاء , غَيْر مَخْصُوص بِهَا حَال غِنًى وَلَا حَال فَقْر , كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي أُبِيحَ لَهُمْ مِنْ أَمْوَال أَيْتَامهمْ فِي كُلّ أَحْوَالهمْ , غَيْر الْمَعْنَى الَّذِي أُبِيحَ لَهُمْ ذَلِكَ فِيهِ فِي حَال دُون حَال . وَمَنْ أَبَى مَا قُلْنَا مِمَّنْ زَعَمَ أَنَّ لِوَلِيِّ الْيَتِيم أَكْل مَال يَتِيمه عِنْد حَاجَته إِلَيْهِ عَلَى غَيْر وَجْه الْقَرْض اِسْتِدْلَالًا بِهَذِهِ الْآيَة , قِيلَ لَهُ : أَمُجْمَع عَلَى أَنَّ الَّذِي قُلْت تَأْوِيل قَوْله : { وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } ؟ فَإِنْ قَالَ لَا , قِيلَ لَهُ : فَمَا بُرْهَانك عَلَى أَنَّ ذَلِكَ تَأْوِيله , وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ غَيْر مَالك مَال يَتِيمه ؟ فَإِنْ قَالَ : لِأَنَّ اللَّه أَذِنَ لَهُ بِأَكْلِهِ , قِيلَ لَهُ : أَذِنَ لَهُ بِأَكْلِهِ مُطْلَقًا , أَمْ بِشَرْطٍ ؟ فَإِنْ قَالَ بِشَرْطٍ , وَهُوَ أَنْ يَأْكُلهُ بِالْمَعْرُوفِ , قِيلَ لَهُ : وَمَا ذَلِكَ الْمَعْرُوف وَقَدْ عَلِمْت الْقَائِلِينَ مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدهمْ مِنْ الْخَالِفِينَ إِنَّ ذَلِكَ هُوَ أَكْله قَرْضًا وَسَلَفًا ؟ وَيُقَال لَهُمْ أَيْضًا مَعَ ذَلِكَ : أَرَأَيْت الْمُوَلَّى عَلَيْهِمْ فِي أَمْوَالهمْ مِنْ الْمَجَانِين وَالْمَعَاتِيه أَلِوُلَاةِ أَمْوَالهمْ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْ أَمْوَالهمْ عِنْد حَاجَتهمْ إِلَيْهِ عَلَى غَيْر وَجْه الْقَرْض لَا الِاعْتِيَاض مِنْ قِيَامهمْ بِهَا , كَمَا قُلْتُمْ ذَلِكَ فِي أَمْوَال الْيَتَامَى فَأَبَحْتُمُوهَا لَهُمْ ؟ فَإِنْ قَالُوا ذَلِكَ لَهُمْ , خَرَجُوا مِنْ قَوْل جَمِيع الْحُجَّة , وَإِنْ قَالُوا لَيْسَ ذَلِكَ لَهُمْ , قِيلَ لَهُمْ : فَمَا الْفَرْق بَيْن أَمْوَالهمْ وَأَمْوَال الْيَتَامَى وَحُكْم وُلَاتهمْ وَاحِد فِي أَنَّهُمْ وُلَاة أَمْوَال غَيْرهمْ ؟ فَلَنْ يَقُولُوا فِي أَحَدهمَا شَيْئًا إِلَّا أُلْزِمُوا فِي الْآخَر مِثْله . وَيَسْأَلُونَ كَذَلِكَ عَنْ الْمَحْجُور عَلَيْهِ , هَلْ لِمَنْ يَلِي مَاله أَنْ يَأْكُل مَاله عِنْد حَاجَته إِلَيْهِ ؟ نَحْو سُؤَالهمْ عَنْ أَمْوَال الْمَجَانِين وَالْمَعَاتِيه .|فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالهمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ } . </subtitle>قَالَ أَبُو جَعْفَر : يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَإِذَا دَفَعْتُمْ يَا مَعْشَر وُلَاة أَمْوَال الْيَتَامَى إِلَى الْيَتَامَى أَمْوَالهمْ , فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ , يَقُول : فَأَشْهِدُوا عَلَى الْأَيْتَام بِاسْتِيفَائِهِمْ ذَلِكَ مِنْكُمْ وَدَفْعكُمُوهُ إِلَيْهِمْ . كَمَا : 6888 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالهمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ } يَقُول : إِذَا دَفَعَ إِلَى الْيَتِيم مَاله , فَلْيَدْفَعْهُ إِلَيْهِ بِالشُّهُودِ , كَمَا أَمَرَهُ اللَّه تَعَالَى .)|وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَكَفَى بِاَللَّهِ حَسِيبًا } . </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَفَى بِاَللَّهِ كَافِيًا مِنْ الشُّهُود الَّذِي يُشْهِدْهُمْ وَالِي الْيَتِيم عَلَى دَفْعه مَال يَتِيمه إِلَيْهِ . كَمَا : 6889 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَكَفَى بِاَللَّهِ حَسِيبًا } يَقُول : شَهِيدًا . )يُقَال مِنْهُ : قَدْ أَحْسَبَنِي الَّذِي عِنْدِي , يُرَاد بِهِ : كَفَانِي . وَسُمِعَ مِنْ الْعَرَب : لَأُحْسِبَنكُمْ مِنْ الْأَسْوَدَيْنِ , يَعْنِي بِهِ : مِنْ الْمَاء وَالتَّمْر , وَالْمُحْسِب مِنْ الرِّجَال : الْمُرْتَفِع الْحَسَب , وَالْمُحْسَب : الْمَكْفِيّ .

لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْره : لِلذُّكُورِ مِنْ أَوْلَاد الرَّجُل الْمَيِّت حِصَّة مِنْ مِيرَاثه وَلِلْإِنَاثِ مِنْهُمْ حِصَّة مِنْهُ , مِنْ قَلِيل مَا خَلَّفَ بَعْده وَكَثِيره حِصَّة مَفْرُوضَة وَاجِبَة مَعْلُومَة مُؤَقَّتَة . وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ مِنْ أَجْل أَنَّ أَهْل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا يُوَرِّثُونَ الذُّكُور دُون الْإِنَاث . كَمَا : 6890 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : (كَانُوا لَا يُوَرِّثُونَ النِّسَاء , فَنَزَلَتْ : { وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ } . )6891 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : (نَزَلَتْ فِي أُمّ كُحَّة وَابْنَة كُحَّة وَثَعْلَبَة وَأَوْس بْن سُوَيْد , وَهُمْ مِنْ الْأَنْصَار , كَانَ أَحَدهمْ زَوْجهَا , وَالْآخَر عَمّ وَلَدهَا , فَقَالَتْ : يَا رَسُول اللَّه تُوُفِّيَ زَوْجِي وَتَرَكَنِي وَابْنَته , فَلَمْ نُوَرَّث , فَقَالَ عَمّ وَلَدهَا : يَا رَسُول اللَّه لَا تَرْكَب فَرَسًا , وَلَا تَحْمِل كَلًّا , وَلَا تَنْكَأ عَدُوًّا يَكْسِب عَلَيْهَا , وَلَا تَكْتَسِب . فَنَزَلَتْ : { لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا } . )6892 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ } قَالَ : كَانَ النِّسَاء لَا يَرِثْنَ فِي الْجَاهِلِيَّة مِنْ الْآبَاء , وَكَانَ الْكَبِير يَرِث وَلَا يَرِث الصَّغِير وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا , فَقَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ } إِلَى قَوْله : { نَصِيبًا مَفْرُوضًا } . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَنُصِبَ قَوْله : { نَصِيبًا مَفْرُوضًا } وَهُوَ نَعْت لِلنَّكِرَةِ لِخُرُوجِهِ مَخْرَج الْمَصْدَر , كَقَوْلِ الْقَائِل : لَك عَلَيَّ حَقّ وَاجِبًا , وَلَوْ كَانَ مَكَان قَوْله : { نَصِيبًا مَفْرُوضًا } اِسْم صَحِيح لَمْ يَجُزْ نَصْبه , لَا يُقَال : لَك عِنْدِي حَقّ دِرْهَمًا , فَقَوْله : { نَصِيبًا مَفْرُوضًا } كَقَوْلِهِ : نَصِيبًا فَرِيضَة وَفَرْضًا , كَمَا يُقَال : عِنْدِي دِرْهَم هِبَة مَقْبُوضَة .

وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ } </subtitle>قَالَ أَبُو جَعْفَر : اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي حُكْم هَذِهِ الْآيَة , هَلْ هُوَ مُحْكَم , أَوْ مَنْسُوخ ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ مُحْكَم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6893 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : حَدَّثَنَا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الشَّيْبَانِيّ , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , (قَالَ مُحْكَمَة , وَلَيْسَتْ مَنْسُوخَة , يَعْنِي قَوْله : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى } . .. الْآيَة . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا الْأَشْجَعِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الشَّيْبَانِيّ , عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . 6894 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم وَالشَّعْبِيّ قَالَا : (هِيَ مُحْكَمَة . )6895 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (وَاجِب , مَا طَابَتْ بِهِ أَنْفُس أَهْل الْمِيرَاث . )* - وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا الْأَشْجَعِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين } قَالَ : هِيَ وَاجِبَة عَلَى أَهْل الْمِيرَاث مَا طَابَتْ بِهِ أَنْفُسهمْ . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا الْأَشْجَعِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم وَالشَّعْبِيّ , قَالَا : (هِيَ مُحْكَمَة لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ سُفْيَان , وَثنا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (هِيَ وَاجِبَة عَلَى أَهْل الْمِيرَاث مَا طَابَتْ بِهِ أَنْفُسهمْ . )6896 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , (أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْله : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا } فَقَالَ سَعِيد : هَذِهِ الْآيَة يَتَهَاوَن بِهَا النَّاس . قَالَ : وَهُمَا وَلِيَّانِ : أَحَدهمَا يَرِث وَالْآخَر لَا يَرِث , وَاَلَّذِي يَرِث هُوَ الَّذِي أَمَرَ أَنْ يَرْزُقهُمْ , قَالَ : يُعْطِيهِمْ ; قَالَ : وَاَلَّذِي لَا يَرِث هُوَ الَّذِي أَمَرَ أَنْ يَقُول لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا . وَهِيَ مُحْكَمَة وَلَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ . )6897 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم بِنَحْوِ ذَلِكَ , وَقَالَ : هِيَ مُحْكَمَة وَلَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ . 6898 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ مُطَرِّف , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : (هِيَ ثَابِتَة , وَلَكِنَّ النَّاس بَخِلُوا وَشَحُّوا . )6899 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَنْصُور وَالْحَسَن , قَالَا : (هِيَ مُحْكَمَة وَلَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا عَبَّاد بْن الْعَوَّام , عَنْ الْحَجَّاج , عَنْ الْحَكَم , عَنْ مِقْسَم , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (هِيَ قَائِمَة يُعْمَل بِهَا . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ } مَا طَابَتْ بِهِ الْأَنْفُس حَقًّا وَاجِبًا . )6900 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن وَالزُّهْرِيّ , قَالَا فِي قَوْله : ( { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ } قَالَ : هِيَ مُحْكَمَة . )6901 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَنْصُور , عَنْ قَتَادَة , عَنْ يَحْيَى بْن يَعْمُر , قَالَ : (ثَلَاث آيَات مُحْكَمَات مَدَنِيَّات تَرَكَهُنَّ النَّاس : هَذِهِ الْآيَة : وَآيَة الِاسْتِئْذَان : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } , وَهَذِهِ الْآيَة : { يَا أَيّهَا النَّاس إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَر وَأُنْثَى } . )* - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : كَانَ الْحَسَن يَقُول : (هِيَ ثَابِتَة . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَنْسُوخَة. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6902 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار وَمُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَا : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين } قَالَ : كَانَتْ هَذِهِ الْآيَة قِسْمَة قَبْل الْمَوَارِيث , فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّه الْمَوَارِيث لِأَهْلِهَا جُعِلَتْ الْوَصِيَّة لِذَوِي الْقَرَابَة الَّذِينَ يَحْزَنُونَ وَلَا يَرِثُونَ. )6903 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا قُرَّة بْن خَالِد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : سَأَلْت سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , عَنْ هَذِهِ الْآيَة : ( { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين } قَالَ : هِيَ مَنْسُوخَة. )* - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , قَالَ : (كَانَتْ هَذِهِ قَبْل الْفَرَائِض وَقِسْمَة الْمِيرَاث , فَلَمَّا كَانَتْ الْفَرَائِض وَالْمَوَارِيث نُسِخَتْ . )6904 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي مَالِك , قَالَ : (نَسَخَتْهَا آيَة الْمِيرَاث . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا الْأَشْجَعِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي مَالِك , مِثْله . 6905 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى } . .. الْآيَة , إِلَى قَوْله : { قَوْلًا مَعْرُوفًا } , وَذَلِكَ قَبْل أَنْ تَنْزِل الْفَرَائِض , فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَعْد ذَلِكَ الْفَرَائِض , فَأَعْطَى كُلّ ذِي حَقّ حَقّه , فَجُعِلَتْ الصَّدَقَة فِيمَا سَمَّى الْمُتَوَفَّى. )6906 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : (نَسَخَتْهَا الْمَوَارِيث. )وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ مُحْكَمَة وَلَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ , غَيْر أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة , يَعْنِي بِهَا : قِسْمَة الْمَيِّت مَاله بِوَصِيَّتِهِ لِمَنْ كَانَ يُوصِي 3 لَهُ بِهِ . قَالُوا : وَأُمِرَ بِأَنْ يَجْعَل وَصِيَّته فِي مَاله لِمَنْ سَمَّاهُ اللَّه تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6907 - حَدَّثَنَا سَعِيد بْن يَحْيَى الْأُمَوِيّ , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة , عَنْ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد : (أَنَّ عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن قَسَّمَ مِيرَاث أَبِيهِ وَعَائِشَة حَيَّة , فَلَمْ يَدَع فِي الدَّار أَحَدًا إِلَّا أَعْطَاهُ . وَتَلَا هَذِهِ الْآيَة : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ } قَالَ الْقَاسِم : فَذَكَرْت ذَلِكَ لِابْنِ عَبَّاس , فَقَالَ : مَا أَصَابَ إِنَّمَا هَذِهِ الْوَصِيَّة. يُرِيد الْمَيِّت , أَنْ يُوصِيَ لِقَرَابَتِهِ . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي اِبْن أَبِي مُلَيْكَة , أَنَّ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْر قَسَّمَ , فَذَكَرَ نَحْوه. 6908 - حَدَّثَنَا عِمْرَان بْن مُوسَى الصَّفَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَارِث بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب فِي قَوْله : ( { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين } قَالَ : أُمِرَ أَنْ يُوصِيَ بِثُلُثِهِ فِي قَرَابَته . )* - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , قَالَ : (إِنَّمَا ذَلِكَ عِنْد الْوَصِيَّة فِي ثُلُثه. )* - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : ( { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ } قَالَ : هِيَ الْوَصِيَّة مِنْ النَّاس . )6909 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين } قَالَ : الْقِسْمَة : الْوَصِيَّة , كَانَ الرَّجُل إِذَا أَوْصَى قَالُوا : فُلَان يُقَسِّم مَاله , فَقَالَ : اُرْزُقُوهُمْ مِنْهُ , يَقُول : أَوْصُوا لَهُمْ , يَقُول لِلَّذِي يُوصِي : { وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا } فَإِنْ لَمْ تُوصُوا لَهُمْ , فَقُولُوا لَهُمْ خَيْرًا . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ قَوْل مَنْ قَالَ : هَذِهِ الْآيَة مُحْكَمَة غَيْر مَنْسُوخَة , وَإِنَّمَا عَنَى بِهَا : الْوَصِيَّة لِأُولِي قُرْبَى الْمُوصِي , وَعَنَى بِالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين أَنْ يُقَال لَهُمْ قَوْل مَعْرُوف . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنْ غَيْره لِمَا قَدْ بَيَّنَّا فِي غَيْر مَوْضِع مِنْ كِتَابنَا هَذَا وَغَيْره , أَنَّ شَيْئًا مِنْ أَحْكَام اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى الَّتِي أَثْبَتَهَا فِي كِتَابه أَوْ بَيَّنَهَا عَلَى لِسَان رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْر جَائِز فِيهِ أَنْ يُقَال لَهُ نَاسِخ لِحُكْمٍ آخَر , أَوْ مَنْسُوخ بِحُكْمٍ آخَر , إِلَّا وَالْحُكْمَانِ اللَّذَانِ قَضَى لِأَحَدِهِمَا بِأَنَّهُ نَاسِخ , وَالْآخَر بِأَنَّهُ مَنْسُوخ نَافٍ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا صَاحِبه , غَيْر جَائِز اِجْتِمَاع الْحُكْم بِهِمَا فِي وَقْت وَاحِد بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوه , وَإِنْ كَانَ جَائِزًا صَرْفه إِلَى غَيْر النَّسْخ , أَوْ يَقُوم بِأَنَّ أَحَدهمَا نَاسِخ وَالْآخَر مَنْسُوخ , حُجَّة يَجِب التَّسْلِيم لَهَا . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لِمَا قَدْ دَلَّلْنَا فِي غَيْر مَوْضِع , وَكَانَ قَوْله تَعَالَى ذِكْره : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ } مُحْتَمَلًا أَنْ يَكُون مُرَادًا بِهِ : وَإِذَا حَضَرَ قِسْمَة مَال قَاسِم مَاله بِوَصِيَّةٍ , أُولُو قَرَابَته وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين , فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ , يُرَاد : فَأَوْصُوا لِأُولِي قَرَابَتكُمْ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَكُمْ مِنْهُ , وَقُولُوا لِلْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين قَوْلًا مَعْرُوفًا , كَمَا قَالَ فِي مَوْضِع آخَر : { كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدكُمْ الْمَوْت إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّة لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ } [2 180 ]وَلَا يَكُون مَنْسُوخًا بِآيَةِ الْمِيرَاث لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ صَرْفه إِلَى أَنَّهُ مَنْسُوخ بِآيَةِ الْمِيرَاث , إِذْ كَانَ لَا دَلَالَة عَلَى أَنَّهُ مَنْسُوخ بِهَا مِنْ كِتَاب أَوْ سُنَّة ثَابِتَة , وَهُوَ مُحْتَمَل مِنْ التَّأْوِيل مَا بَيَّنَّا . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَتَأْوِيل قَوْله : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة } قِسْمَة الْمُوصِي مَاله بِالْوَصِيَّةِ أُولُو قَرَابَته وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين , فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ , يَقُول : فَاقْسِمُوا لَهُمْ مِنْهُ بِالْوَصِيَّةِ , يَعْنِي : فَأَوْصُوا لِأُولِي الْقُرْبَى مِنْ أَمْوَالكُمْ , وَقُولُوا لَهُمْ , يَعْنِي الْآخَرِينَ وَهُمْ الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين , قَوْلًا مَعْرُوفًا , يَعْنِي : يُدْعَى لَهُمْ بِخَيْرٍ , كَمَا قَالَ اِبْن عَبَّاس وَسَائِر مَنْ ذَكَرْنَا قَوْله قَبْل . وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : إِنَّ الْآيَة مَنْسُوخَة بِآيَةِ الْمَوَارِيث , وَاَلَّذِينَ قَالُوا : هِيَ مُحْكَمَة وَالْمَأْمُور بِهَا وَرَثَة الْمَيِّت , فَإِنَّهُمْ وَجَّهُوا قَوْله : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ } يَقُول : فَأَعْطُوهُمْ مِنْهُ , وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا. وَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْض مَنْ قَالَ ذَلِكَ , وَسَنَذْكُرُ بَقِيَّة مَنْ قَالَ ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ نَذْكُرهُ. 6910 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : ( { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين } أَمَرَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْمُؤْمِنِينَ عِنْد قِسْمَة مَوَارِيثهمْ أَنْ يَصِلُوا أَرْحَامهمْ وَيَتَامَاهُمْ مِنْ الْوَصِيَّة إِنْ كَانَ أَوْصَى , وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَصِيَّة وَصَلَ إِلَيْهِمْ مِنْ مَوَارِيثهمْ . )6911 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى } ... الْآيَة , يَعْنِي : عِنْد قِسْمَة الْمِيرَاث . )6912 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة : (أَنَّ أَبَاهُ أَعْطَاهُ مِنْ مِيرَاث الْمُصْعَب حِين قَسَّمَ مَاله . )6913 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَوْف , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , قَالَ : (كَانُوا يَرْضَخُونَ لَهُمْ عِنْد الْقِسْمَة . )6914 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ مَطَر , عَنْ الْحَسَن , عَنْ حِطَّان : (أَنَّ أَبَا مُوسَى أَمَرَ أَنْ يُعْطُوا إِذَا حَضَرَ قِسْمَة الْمِيرَاث أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَالْجِيرَان مِنْ الْفُقَرَاء . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد , وَابْن أَبِي عَدِيّ وَمُحَمَّد بْن جَعْفَر , عَنْ شُعْبَة , عَنْ قَتَادَة , عَنْ يُونُس بْن جُبَيْر , عَنْ حِطَّان بْن عَبْد اللَّه الرَّقَاشِيّ , قَالَ : (قَسَّمَ أَبُو مُوسَى بِهَذِهِ الْآيَة : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين } . )* - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد وَيَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ شُعْبَة , عَنْ قَتَادَة , عَنْ يُونُس بْن جُبَيْر , عَنْ حِطَّان , عَنْ أَبِي مُوسَى فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة } . .. الْآيَة , قَالَ : قَضَى بِهَا أَبُو مُوسَى . )6915 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ الْعَلَاء بْن بَدْر فِي الْمِيرَاث إِذَا قُسِّمَ , قَالَ : (كَانُوا يُعْطُونَ مِنْهُ التَّابُوت , وَالشَّيْء الَّذِي يُسْتَحْيَا مِنْ قِسْمَته . )6916 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ الْحَسَن وَسَعِيد بْن جُبَيْر , كَانَا يَقُولَانِ : (ذَاكَ عِنْد قِسْمَة الْمِيرَاث . )6917 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب قَالَ : ثنا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَاصِم , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة وَالْحَسَن , قَالَا : (يَرْضَخُونَ وَيَقُولُونَ قَوْلًا مَعْرُوفًا فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة } . )ثُمَّ اِخْتَلَفَ الَّذِينَ قَالُوا : هَذِهِ الْآيَة مُحْكَمَة , وَإِنَّ الْقِسْمَة لِأُولِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَاجِبَة عَلَى أَهْل الْمِيرَاث إِنْ كَانَ بَعْض أَهْل الْمِيرَاث صَغِيرًا فَقَسَّمَ عَلَيْهِ الْمِيرَاث وَلِيّ مَاله . فَقَالَ بَعْضهمْ : لَيْسَ لِوَلِيِّ مَاله أَنْ يُقَسِّم مِنْ مَاله وَوَصِيَّته شَيْئًا , لِأَنَّهُ لَا يَمْلِك مِنْ الْمَال شَيْئًا , وَلَكِنَّهُ يَقُول لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا . قَالُوا : وَاَلَّذِي أَمَرَهُ اللَّه بِأَنْ يَقُول لَهُمْ مَعْرُوفًا هُوَ وَلِيّ مَال الْيَتِيم إِذَا قَسَّمَ مَال الْيَتِيم بَيْنه وَبَيْن شُرَكَاء الْيَتِيم , إِلَّا أَنْ يَكُون وَلِيّ مَاله أَحَد الْوَرَثَة , فَيُعْطِيَهُمْ مِنْ نَصِيبه وَيُعْطِيَهُمْ مَنْ يَجُوز أَمْره فِي مَاله مِنْ أَنْصِبَائِهِمْ . قَالُوا : فَأَمَّا مِنْ مَال الصَّغِير الَّذِي يُوَلَّى عَلَى مَاله لَا يَجُوز لِوَلِيٍّ أَنْ يُعْطِيَهُمْ مِنْهُ شَيْئًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6918 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي سَعِيد , قَالَ : سَأَلْت سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ هَذِهِ الْآيَة : ( { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ } قَالَ : إِنْ كَانَ الْمَيِّت أَوْصَى لَهُمْ بِشَيْءٍ أُنْفِذَتْ لَهُمْ وَصِيَّتهمْ , وَإِنْ كَانَ الْوَرَثَة كِبَارًا رَضَخُوا لَهُمْ , وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا قَالَ وَلِيّهمْ إِنِّي لَسْت أَمْلِك هَذَا الْمَال وَلَيْسَ لِي وَإِنَّمَا هُوَ لِلصِّغَارِ , فَذَلِكَ قَوْله : { وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا } . )6919 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا } قَالَ : هُمَا وَلِيَّانِ : وَلِيّ يَرِث , وَوَلِيّ لَا يَرِث , فَأَمَّا الَّذِي يَرِث فَيُعْطَى , وَأَمَّا الَّذِي لَا يَرِث , فَقُولُوا لَهُ قَوْلًا مَعْرُوفًا . )6920 - حَدَّثَنِي اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا اِبْن دَاوُد , عَنْ الْحَسَن وَسَعِيد بْن جُبَيْر , كَانَا يَقُولَانِ : (ذَلِكَ عِنْد قِسْمَة الْمِيرَاث , إِنْ كَانَ الْمِيرَاث لِمَنْ قَدْ أَدْرَكَ , فَلَهُ أَنْ يَكْسُوَ مِنْهُ , وَأَنْ يُطْعِم الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين , وَإِنْ كَانَ الْمِيرَاث لِيَتَامَى صِغَار , فَيَقُول الْوَلِيّ : إِنَّهُ لِيَتَامَى صِغَار , وَيَقُول لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا. )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي سَعِيد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر قَالَ : (إِنْ كَانُوا كِبَارًا رَضَخُوا , وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا اِعْتَذَرُوا إِلَيْهِمْ . )6921 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ سُلَيْمَان الشَّيْبَانِيّ , عَنْ عِكْرِمَة : ( { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى } قَالَ : كَانَ اِبْن عَبَّاس يَقُول : إِذَا وَلِيَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ يَرْضَخ لِأَقْرِبَاءِ الْمَيِّت , وَإِنْ لَمْ يَفْعَل اِعْتَذَرَ إِلَيْهِمْ وَقَالَ لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا . )6922 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا } هَذِهِ تَكُون عَلَى ثَلَاثَة أَوْجُه : أَمَّا الْأَوَّل : فَيُوصِي لَهُمْ وَصِيَّة فَيَحْضُرُونَ وَيَأْخُذُونَ وَصِيَّتهمْ. وَأَمَّا الثَّانِي : فَإِنَّهُمْ يَحْضُرُونَ فَيَقْتَسِمُونَ إِذَا كَانُوا رِجَالًا فَيَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يُعْطُوهُمْ. وَأَمَّا الثَّالِث : فَتَكُون الْوَرَثَة صِغَارًا , فَيَقُوم وَلِيّهمْ إِذَا قَسَّمَ بَيْنهمْ , فَيَقُول لِلَّذِينَ حَضَرُوا : حَقّكُمْ حَقّ وَقَرَابَتكُمْ قَرَابَة وَلَوْ كَانَ لِي فِي الْمِيرَاث نَصِيب لَأَعْطَيْتُكُمْ , وَلَكِنَّهُمْ صِغَار , فَإِنْ يَكْبَرُوا فَسَيَعْرِفُونَ حَقّكُمْ . فَهَذَا الْقَوْل الْمَعْرُوف . )* - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ رَجُل , عَنْ سَعِيد أَنَّهُ قَالَ : ( { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا } قَالَ : إِذَا كَانَ الْوَارِث عِنْد الْقِسْمَة , فَكَانَ الْإِنَاء وَالشَّيْء الَّذِي لَا يُسْتَطَاع أَنْ يُقَسَّم فَلْيَرْضَخْ لَهُمْ , وَإِنْ كَانَ الْمِيرَاث لِلْيَتَامَى , فَلْيَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا . )وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ : ذَلِكَ وَاجِب فِي أَمْوَال الصِّغَار وَالْكِبَار لِأُولِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين , فَإِنْ كَانَ الْوَرَثَة كِبَارًا , تَوَلَّوْا عِنْد الْقِسْمَة إِعْطَاءَهُمْ ذَلِكَ , وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا تَوَلَّى إِعْطَاء ذَلِكَ مِنْهُمْ وَلِيّ مَالهمْ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6923 - حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ يُونُس فِي قَوْله : ( { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ } فَحَدَّثَ عَنْ مُحَمَّد , عَنْ عُبَيْدَة : أَنَّهُ وَلِيَ وَصِيَّة , فَأَمَرَ بِشَاةٍ فَذُبِحَتْ , وَصَنَعَ طَعَامًا لِأَجْلِ هَذِهِ الْآيَة , وَقَالَ : لَوْلَا هَذِهِ الْآيَة لَكَانَ هَذَا مِنْ مَالِي. قَالَ : وَقَالَ الْحَسَن : لَمْ تُنْسَخ , كَانُوا يَحْضُرُونَ فَيُعْطَوْنَ الشَّيْء وَالثَّوْب الْخَلَق . قَالَ يُونُس : إِنَّ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ وَلِيَ وَصِيَّة - أَوْ قَالَ أَيْتَامًا - فَأَمَرَ بِشَاةٍ فَذُبِحَتْ فَصَنَعَ طَعَامًا , كَمَا صَنَعَ عُبَيْدَة . )6924 - حَدَّثَنَا مُجَاهِد بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَام بْن حَسَّان , عَنْ مُحَمَّد : (أَنَّ عُبَيْدَة قَسَّمَ مِيرَاث أَيْتَام , فَأَمَرَ بِشَاةٍ فَاشْتُرِيَتْ مِنْ مَالهمْ , وَبِطَعَامٍ فَصُنِعَ , وَقَالَ : لَوْلَا هَذِهِ الْآيَة لَأَحْبَبْت أَنْ يَكُون مِنْ مَالِي . ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَة : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ } . .. الْآيَة . )فَكَأَنَّ مَنْ ذَهَبَ مِنْ الْقَائِلِينَ الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَسَعِيد بْن جُبَيْر , وَمَنْ قَالَ : يُرْضَخ عِنْد قِسْمَة الْمِيرَاث لِأُولِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين تَأَوَّلَ قَوْله : { فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ } فَأَعْطُوهُمْ مِنْهُ . وَكَأَنَّ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى مَا قَالَ عُبَيْدَة وَابْن سِيرِينَ , تَأَوَّلُوا قَوْله : { فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ } فَأَطْعِمُوهُمْ مِنْهُ .|وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا|وَاخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا } فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ أَمْر مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره وُلَاة الْيَتَامَى أَنْ يَقُولُوا لِأُولِي قَرَابَتهمْ وَلِلْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين إِذَا حَضَرُوا قِسْمَتهمْ مَال مَنْ وُلُّوا عَلَيْهِ مَاله مِنْ الْأَمْوَال بَيْنهمْ وَبَيْن شُرَكَائِهِمْ مِنْ الْوَرَثَة فِيهَا أَنْ يَعْتَذِرُوا إِلَيْهِمْ عَلَى نَحْو مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا مَضَى مِنْ الِاعْتِذَار . كَمَا : 6925 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : ثنا أَبُو بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : ( { وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا } قَالَ : هُوَ الَّذِي لَا يَرِث أُمِرَ أَنْ يَقُول لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا . قَالَ : يَقُول : إِنَّ هَذَا الْمَال لِقَوْمٍ غُيَّب , أَوْ لِيَتَامَى صِغَار وَلَكِنْ فِيهِ حَقّ , وَلَسْنَا نَمْلِك أَنْ نُعْطِيَكُمْ مِنْهُ شَيْئًا . قَالَ : فَهَذَا الْقَوْل الْمَعْرُوف . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الْمَأْمُور بِالْقَوْلِ الْمَعْرُوف الَّذِي أَمَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنْ يُقَال لَهُ هُوَ الرَّجُل الَّذِي يُوصِي فِي مَاله , وَالْقَوْل الْمَعْرُوف هُوَ الدُّعَاء لَهُمْ بِالرِّزْقِ وَالْغِنَى وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ قَوْل الْخَيْر . وَقَدْ ذَكَرْنَا قَائِلِي ذَلِكَ أَيْضًا فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته .

وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّه } </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : { وَلْيَخْشَ } لِيَخَفْ الَّذِينَ يَحْضُرُونَ مُوصِيًا يُوصِي فِي مَاله أَنْ يَأْمُرهُ بِتَفْرِيقِ مَاله وَصِيَّة بِهِ فِيمَنْ لَا يَرِثهُ , وَلَكِنْ لِيَأْمُرهُ أَنْ يُبْقِيَ مَاله لِوَلَدِهِ , كَمَا لَوْ كَانَ هُوَ الْمُوصِي , يَسُرّهُ أَنْ يَحُثّهُ مَنْ يَحْضُرهُ عَلَى حِفْظ مَاله لِوَلَدِهِ , وَأَنْ لَا يَدَعهُمْ عَالَة مَعَ ضَعْفهمْ وَعَجْزهمْ عَنْ التَّصَرُّف وَالِاحْتِيَال . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6926 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن دَاوُد , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ } . .. إِلَى آخِر الْآيَة . فَهَذَا فِي الرَّجُل يَحْضُرهُ الْمَوْت فَيَسْمَعهُ يُوصِي بِوَصِيَّةٍ تَضُرّ بِوَرَثَتِهِ , فَأَمَرَ اللَّه سُبْحَانه الَّذِي يَسْمَعهُ أَنْ يَتَّقِي اللَّه وَيُوَفِّقهُ وَيُسَدِّدهُ لِلصَّوَابِ , وَلْيَنْظُرْ لِوَرَثَتِهِ كَمَا كَانَ يُحِبّ أَنْ يَصْنَع لِوَرَثَتِهِ إِذَا خَشِيَ عَلَيْهِمْ الضَّيْعَة . )6927 - حَدَّثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ } يَعْنِي : الَّذِي يَحْضُرهُ الْمَوْت , فَيُقَال لَهُ : تَصَدَّقْ مِنْ مَالك , وَأَعْتَقَ , وَأَعْطِ مِنْهُ فِي سَبِيل اللَّه , فَنُهُوا أَنْ يَأْمُرُوهُ بِذَلِكَ . يَعْنِي : أَنَّ مَنْ حَضَرَ مِنْكُمْ مَرِيضًا عِنْد الْمَوْت , فَلَا يَأْمُرهُ أَنْ يُنْفِق مَاله فِي الْعِتْق أَوْ الصَّدَقَة أَوْ فِي سَبِيل اللَّه , وَلَكِنْ يَأْمُرهُ أَنْ يُبَيِّن مَاله , وَمَا عَلَيْهِ مِنْ دَيْن , وَيُوصِي فِي مَاله لِذَوِي قَرَابَته الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ , وَيُوصِي لَهُمْ بِالْخُمُسِ أَوْ الرُّبُع . يَقُول : أَلَيْسَ يَكْرَه أَحَدكُمْ إِذَا مَاتَ وَلَهُ وَلَد ضِعَاف - يَعْنِي صِغَارًا - أَنْ يَتْرُكهُمْ بِغَيْرِ مَال , فَيَكُونُوا عِيَالًا عَلَى النَّاس ؟ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَأْمُرُوهُ بِمَا لَا تَرْضَوْنَ بِهِ لِأَنْفُسِكُمْ وَلَا أَوْلَادكُمْ وَلَكِنْ قُولُوا الْحَقّ مِنْ ذَلِكَ . )6928 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا } قَالَ : يَقُول : مَنْ حَضَرَ مَيِّتًا فَلْيَأْمُرْهُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان , وَلِيَنْهَهُ عَنْ الْحَيْف وَالْجَوْر فِي وَصِيَّته , وَلْيَخْشَ عَلَى عِيَاله مَا كَانَ خَائِفًا عَلَى عِيَاله لَوْ نَزَلَ بِهِ الْمَوْت. )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : ( { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا } قَالَ : إِذَا حَضَرَتْ وَصِيَّة مَيِّت , فَمُرْهُ بِمَا كُنْت آمِرًا نَفْسك بِمَا تَتَقَرَّب بِهِ إِلَى اللَّه , وَخَفْ فِي ذَلِكَ مَا كُنْت خَائِفًا عَلَى ضَعَفَتك لَوْ تَرَكْتهمْ بَعْدك . يَقُول : فَاتَّقِ اللَّه وَقُلْ قَوْلًا سَدِيدًا , إِنْ هُوَ زَاغَ . )6929 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّه وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا } الرَّجُل يَحْضُرهُ الْمَوْت , فَيَحْضُرهُ الْقَوْم عِنْد الْوَصِيَّة , فَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا لَهُ : أَوْصِ بِمَالِكَ كُلّه وَقَدِّمْ لِنَفْسِك , فَإِنَّ اللَّه سَيَرْزُقُ عِيَالك , وَلَا يَتْرُكُوهُ يُوصِي بِمَالِهِ كُلّه , يَقُول لِلَّذِينَ حَضَرُوا : { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ } فَيَقُول كَمَا يَخَاف أَحَدكُمْ عَلَى عِيَاله لَوْ مَاتَ - إِذْ يَتْرُكهُمْ صِغَارًا ضِعَافًا لَا شَيْء لَهُمْ - الضَّيْعَة بَعْده , فَلْيَخَفْ ذَلِكَ عَلَى عِيَال أَخِيهِ الْمُسْلِم , فَيَقُول لَهُ الْقَوْل السَّدِيد . )6930 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حَبِيب , قَالَ : ذَهَبْت أَنَا وَالْحَكَم بْن عُيَيْنَة إِلَى سَعِيد بْن جُبَيْر , فَسَأَلْنَاهُ عَنْ قَوْله : ( { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا }. .. الْآيَة , قَالَ : قَالَ الرَّجُل يَحْضُرهُ الْمَوْت , فَيَقُول لَهُ مَنْ يَحْضُرهُ : اِتَّقِ اللَّه , صِلْهُمْ , أَعْطِهِمْ , بِرّهمْ , وَلَوْ كَانُوا : هُمْ الَّذِينَ يَأْمُرهُمْ بِالْوَصِيَّةِ لَأَحَبُّوا أَنْ يَبْقَوْا لِأَوْلَادِهِمْ . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْله : ( { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا } قَالَ : يَحْضُرهُمْ الْيَتَامَى فَيَقُولُونَ : اِتَّقِ اللَّه وَصِلْهُمْ وَأَعْطِهِمْ , فَلَوْ كَانُوا هُمْ لَأَحَبُّوا أَنْ يُبْقُوا لِأَوْلَادِهِمْ . )6931 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : ( { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا } . .. الْآيَة , يَقُول : إِذَا حَضَرَ أَحَدكُمْ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْت عِنْد وَصِيَّته , فَلَا يَقُلْ : أَعْتِقْ مِنْ مَالك وَتَصَدَّقْ , فَيُفَرِّق مَاله وَيَدَع أَهْله عَيْلًا , وَلَكِنْ مُرُوهُ فَلْيَكْتُبْ مَاله مِنْ دَيْن وَمَا عَلَيْهِ , وَيَجْعَل مِنْ مَاله لِذَوِي قَرَابَته خُمُس مَاله , وَيَدَع سَائِرَهُ لِوَرَثَتِهِ . )6932 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ }. .. الْآيَة . قَالَ : هَذَا يُفَرِّق الْمَال حِين يُقَسَّم , فَيَقُول الَّذِينَ يَحْضُرُونَ : أَقْلَلْت زِدْ فُلَانًا ! فَيَقُول اللَّه تَعَالَى : { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ } فَلْيَخْشَ أُولَئِكَ وَلْيَقُولُوا فِيهِمْ مِثْل مَا يُحِبّ أَحَدهمْ أَنْ يُقَال فِي وَلَده بِالْعَدْلِ إِذَا أَكْثَرَ : أَبْقِ عَلَى وَلَدك . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَلْيَخْشَ الَّذِينَ يَحْضُرُونَ الْمُوصِي وَهُوَ يُوصِي , الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا فَخَافُوا عَلَيْهِمْ الضَّيْعَة مِنْ ضَعْفهمْ وَطُفُولَتهمْ , أَنْ يُنْهُوهُ عَنْ الْوَصِيَّة لِأَقْرِبَائِهِ , وَأَنْ يَأْمُرهُ بِإِمْسَاكِ مَاله وَالتَّحَفُّظ بِهِ لِوَلَدِهِ , وَهُمْ لَوْ كَانُوا مِنْ أَقْرِبَاء الْمُوصِي لَسَرَّهُمْ أَنْ يُوصِيَ لَهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6933 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حَبِيب , قَالَ : ذَهَبْت أَنَا وَالْحَكَم بْن عُيَيْنَة , فَأَتَيْنَا مِقْسَمًا , فَسَأَلْنَاهُ , يَعْنِي عَنْ قَوْله : ( { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا } . .. الْآيَة , فَقَالَ : مَا قَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر ؟ فَقُلْنَا : كَذَا وَكَذَا . فَقَالَ : وَلَكِنَّهُ الرَّجُل يَحْضُرهُ الْمَوْت , فَيَقُول لَهُ مَنْ يَحْضُرهُ : اِتَّقِ اللَّه وَأَمْسِكْ عَلَيْك مَالك , فَلَيْسَ أَحَد أَحَقّ بِمَالِكَ مِنْ وَلَدك ! وَلَوْ كَانَ الَّذِي يُوصِي ذَا قَرَابَة لَهُمْ , لَأَحَبُّوا أَنْ يُوصِي لَهُمْ . )6934 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت قَالَ : قَالَ مِقْسَم : (هُمْ الَّذِينَ يَقُولُونَ : اِتَّقِ اللَّه وَأَمْسِك عَلَيْك مَالك , فَلَوْ كَانَ ذَا قَرَابَة لَهُمْ لَأَحَبُّوا أَنْ يُوصِي لَهُمْ . )6935 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : زَعَمَ حَضْرَمِيّ , وَقَرَأَ : ( { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا } قَالَ : قَالُوا حَقِيق أَنْ يَأْمُر صَاحِب الْوَصِيَّة بِالْوَصِيَّةِ لِأَهْلِهَا , كَمَا أَنْ لَوْ كَانَتْ ذُرِّيَّة نَفْسه بِتِلْكَ الْمَنْزِلَة لَأَحَبَّ أَنْ يُوصِي لَهُمْ , وَإِنْ كَانَ هُوَ الْوَارِث فَلَا يَمْنَعهُ ذَلِكَ أَنْ يَأْمُرهُ بِاَلَّذِي يَحِقّ عَلَيْهِ , فَإِنَّ وَلَده لَوْ كَانُوا بِتِلْكَ الْمَنْزِلَة أَحَبَّ أَنْ يَحُثّ عَلَيْهِ , فَلْيَتَّقِ اللَّه هُوَ , فَلْيَأْمُرْهُ بِالْوَصِيَّةِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْوَارِث , أَوْ نَحْوًا مِنْ ذَلِكَ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ أَمْر مِنْ اللَّه وُلَاة الْيَتَامَى أَنْ يَلُوهُمْ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ فِي أَنْفُسهمْ وَأَمْوَالهمْ , وَلَا يَأْكُلُوا أَمْوَالهمْ إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا , وَأَنْ يَكُونُوا لَهُمْ كَمَا يُحِبُّونَ أَنْ يَكُون وُلَاة وَلَده الصِّغَار بَعْدهمْ لَهُمْ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ لَوْ كَانُوا هُمْ الَّذِينَ مَاتُوا وَتَرَكُوا أَوْلَادهمْ يَتَامَى صِغَارًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6936 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ } يَعْنِي بِذَلِكَ : الرَّجُل يَمُوت وَلَهُ أَوْلَاد صِغَار ضِعَاف يَخَاف عَلَيْهِمْ الْعَيْلَة وَالضَّيْعَة , وَيَخَاف بَعْده أَنْ لَا يُحْسِن إِلَيْهِمْ مَنْ يَلِيهِمْ , يَقُول : فَإِنْ وَلِيَ مِثْل ذُرِّيَّته ضِعَافًا يَتَامَى , فَلْيُحْسِنْ إِلَيْهِمْ , وَلَا يَأْكُل أَمْوَالهمْ إِسْرَافًا وَبِدَارًا خَشْيَة أَنْ يَكْبَرُوا , فَلْيَتَّقُوا اللَّه , وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ , فَلْيَتَّقُوا اللَّه وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا , يَكْفِيهِمْ اللَّه أَمْر ذُرِّيَّتهمْ بَعْدهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6937 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن عَطِيَّة بْن دُرَيْج بْن عَطِيَّة , قَالَ : ثني عَمِّي مُحَمَّد بْن دُرَيْج , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الشَّيْبَانِيّ , قَالَ : (كُنَّا بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ أَيَّام مَسْلَمَة بْن عَبْد الْمَلِك , وَفِينَا اِبْن مُحَيْرِيز وَابْن الدَّيْلَمِيّ وَهَانِئ بْن كُلْثُوم , قَالَ : فَجَعَلْنَا نَتَذَاكَر مَا يَكُون فِي آخِر الزَّمَان , قَالَ : فَضِقْت ذَرْعًا بِمَا سَمِعْت , قَالَ : فَقُلْت لِابْنِ الدَّيْلَمِيّ : يَا أَبَا بِشْر بِوُدِّي أَنَّهُ لَا يُولَد لِي وَلَد أَبَدًا ! قَالَ : فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي وَقَالَ : يَا اِبْن أَخِي لَا تَفْعَل , فَإِنَّهُ لَيْسَتْ مِنْ نَسَمَة كَتَبَ اللَّه لَهَا أَنْ تَخْرُج مِنْ صُلْب رَجُل , إِلَّا وَهِيَ خَارِجَة إِنْ شَاءَ وَإِنْ أَبَى . قَالَ : أَلَا أَدُلّك عَلَى أَمْر إِنْ أَنْتَ أَدْرَكْته نَجَّاك اللَّه مِنْهُ , وَإِنْ تَرَكْت وَلَدك مِنْ بَعْدك حَفِظَهُمْ اللَّه فِيك ؟ قَالَ : قُلْت بَلَى , قَالَ : فَتَلَا عِنْد ذَلِكَ هَذِهِ الْآيَة : { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّه وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا } . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى التَّأْوِيلَات بِالْآيَةِ قَوْل مَنْ قَالَ : تَأْوِيل ذَلِكَ : وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ الْعَيْلَة لَوْ كَانُوا فَرَّقُوا أَمْوَالهمْ فِي حَيَاتهمْ , أَوْ قَسَّمُوهَا وَصِيَّة مِنْهُمْ بِهَا لِأُولِي قَرَابَتهمْ وَأَهْل الْيُتْم وَالْمَسْكَنَة , فَأَبْقَوْا أَمْوَالهمْ لِوَلَدِهِمْ خَشْيَة الْعَيْلَة عَلَيْهِمْ بَعْدهمْ مَعَ ضَعْفهمْ وَعَجْزهمْ عَنْ الْمَطَالِب , فَلْيَأْمُرُوا مَنْ حَضَرُوهُ , وَهُوَ يُوصِي لِذَوِي قَرَابَته - وَفِي الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَفِي غَيْر ذَلِكَ - بِمَالِهِ بِالْعَدْلِ , وَلْيَتَّقُوا اللَّه , وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا , وَهُوَ أَنْ يُعَرِّفُوهُ مَا أَبَاحَ اللَّه لَهُ مِنْ الْوَصِيَّة وَمَا اِخْتَارَهُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ أَهْل الْإِيمَان بِاَللَّهِ وَبِكِتَابِهِ وَسُنَّته. وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ بِتَأْوِيلِ الْآيَة أَوْلَى مِنْ غَيْره مِنْ التَّأْوِيلَات لِمَا قَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا مَضَى قَبْل , مِنْ أَنَّ مَعْنَى قَوْله : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا } وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين فَأَوْصُوا لَهُمْ , بِمَا قَدْ دَلَّلْنَا عَلَيْهِ مِنْ الْأَدِلَّة . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ تَأْوِيل قَوْله : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين } . .. الْآيَة , فَالْوَاجِب أَنْ يَكُون قَوْله تَعَالَى ذِكْره : { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ } تَأْدِيبًا مِنْهُ عِبَاده فِي أَمْر الْوَصِيَّة بِمَا أَذِنَهُمْ فِيهِ , إِذْ كَانَ ذَلِكَ عَقِيب الْآيَة الَّتِي قَبْلهَا فِي حُكْم الْوَصِيَّة , وَكَانَ أَظْهَر مَعَانِيه مَا قُلْنَا , فَإِلْحَاق حُكْمه بِحُكْمِ مَا قَبْله أَوْلَى مَعَ اِشْتِبَاه مَعَانِيهمَا مِنْ صَرْف حُكْمه إِلَى غَيْره بِمَا هُوَ لَهُ غَيْر مُشَبَّه .|وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا|وَبِمَعْنَى مَا قُلْنَا فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا } قَالَ مَنْ ذَكَرْنَا قَوْله فِي مُبْتَدَأ تَأْوِيل هَذِهِ الْآيَة , وَبِهِ كَانَ اِبْن زَيْد يَقُول . 6938 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّه وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا } قَالَ : يَقُول قَوْلًا سَدِيدًا , يَذْكُر هَذَا الْمِسْكِين وَيَنْفَعهُ , وَلَا يُجْحِف بِهَذَا الْيَتِيم وَارِث الْمُؤَدِّي وَلَا يَضُرّ بِهِ , لِأَنَّهُ صَغِير لَا يَدْفَع عَنْ نَفْسه , فَانْظُرْ لَهُ كَمَا تَنْظُر إِلَى وَلَدك لَوْ كَانُوا صِغَارًا . )وَالسَّدِيد مِنْ الْكَلَام : هُوَ الْعَدْل وَالصَّوَاب.

إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَال الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونهمْ نَارًا } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَال الْيَتَامَى ظُلْمًا } يَقُول : بِغَيْرِ حَقّ , { إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونهمْ نَارًا } يَوْم الْقِيَامَة , بِأَكْلِهِمْ أَمْوَال الْيَتَامَى ظُلْمًا فِي الدُّنْيَا , نَار جَهَنَّم. { وَسَيَصْلَوْنَ } بِأَكْلِهِمْ { سَعِيرًا } . كَمَا : 6939 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَال الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونهمْ نَارًا } قَالَ : إِذَا قَامَ الرَّجُل يَأْكُل مَال الْيَتِيم ظُلْمًا , يُبْعَث يَوْم الْقِيَامَة وَلَهَب النَّار يَخْرُج مِنْ فِيهِ وَمِنْ مَسَامِعه وَمِنْ أُذُنَيْهِ وَأَنْفه وَعَيْنَيْهِ , يَعْرِفهُ مَنْ رَآهُ يَأْكُل مَال الْيَتِيم . )6940 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو هَارُون الْعَبْدِيّ , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , قَالَ : ثنا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لَيْلَة أُسْرِيَ بِهِ , قَالَ : ( نَظَرْت فَإِذَا أَنَا بِقَوْمٍ لَهُمْ مَشَافِر كَمَشَافِر الْإِبِل وَقَدْ وُكِّلَ بِهِمْ مَنْ يَأْخُذ بِمَشَافِرِهِمْ , ثُمَّ يَجْعَل فِي أَفْوَاههمْ صَخْرًا مِنْ نَار يَخْرُج مِنْ أَسَافِلهمْ , قُلْت : يَا جِبْرِيل مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ قَالَ : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَال الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونهمْ نَارًا . )6941 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَال الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونهمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا } قَالَ : قَالَ أَبِي : إِنَّ هَذِهِ لِأَهْلِ الشِّرْك حِين كَانُوا لَا يُوَرِّثُونَهُمْ وَيَأْكُلُونَ أَمْوَالهمْ .)|وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا|وَأَمَّا قَوْله : { وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا } فَإِنَّهُ مَأْخُوذ مِنْ الصَّلَا , وَالصَّلَا : الِاصْطِلَاء بِالنَّارِ , وَذَلِكَ التَّسْخِين بِهَا , كَمَا قَالَ الْفَرَزْدَق : <br>وَقَاتَلَ كَلْب الْحَيّ عَنْ نَار أَهْله .......... لِيَرْبِض فِيهَا وَالصَّلَا مُتَكَنَّف <br>وَكَمَا قَالَ الْعَجَّاج : <br>وَصَالِيَانِ لِلصَّلَا صُلِيّ <br>ثُمَّ اسْتُعْمِلَ ذَلِكَ فِي كُلّ مَنْ بَاشَرَ بِيَدِهِ أَمْرًا مِنْ الْأُمُور , مِنْ حَرْب أَوْ قِتَال أَوْ خُصُومَة أَوْ غَيْر ذَلِكَ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>لَمْ أَكُنْ مِنْ جُنَاتهَا عَلِمَ اللَّـ .......... ـهُ وَإِنِّي بِحَرِّهَا الْيَوْم صَالِي <br>فَجَعَلَ مَا بَاشَرَ مِنْ شِدَّة الْحَرْب وَإِجْرَاء الْقِتَال , بِمَنْزِلَةِ مُبَاشَرَة أَذَى النَّار وَحَرّهَا. وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْعِرَاق : { وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا } بِفَتْحِ الْيَاء عَلَى التَّأْوِيل الَّذِي قُلْنَا . وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض الْمَكِّيِّينَ وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ : | وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا | بِضَمِّ الْيَاء , بِمَعْنَى يُحَرِّقُونَ مِنْ قَوْلهمْ : شَاة مَصْلِيَّة , يَعْنِي : مَشْوِيَّة. قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالْفَتْح بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ الضَّمّ لِإِجْمَاعِ جَمِيع الْقُرَّاء عَلَى فَتْح الْيَاء فِي قَوْله : { لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى } وَلِدَلَالَةِ قَوْله : { إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيم } عَلَى أَنَّ الْفَتْح بِهَا أَوْلَى مِنْ الضَّمّ . وَأَمَّا السَّعِير : فَإِنَّهُ شِدَّة حَرّ جَهَنَّم , وَمِنْهُ قِيلَ : اِسْتَعَرَتْ الْحَرْب : إِذَا اِشْتَدَّتْ , وَإِنَّمَا هُوَ مَسْعُور , ثُمَّ صُرِفَ إِلَى سَعِير , قِيلَ : كَفّ خَضِيب , وَلِحْيَة دَهِين , وَإِنَّمَا هِيَ مَخْضُوبَة صُرِفَتْ إِلَى فَعِيل. فَتَأْوِيل الْكَلَام إِذًا : وَسَيَصْلَوْنَ نَارًا مُسَعَّرَة : أَيْ مَوْقُودَة مُشْعَلَة , شَدِيدًا حَرّهَا . وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ , لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَالَ : { وَإِذَا الْجَحِيم سُعِّرَتْ } فَوَصَفَهَا بِأَنَّهَا مَسْعُورَة , ثُمَّ أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّ أَكَلَة أَمْوَال الْيَتَامَى يَصْلَوْنَهَا , وَهِيَ كَذَلِكَ , فَالسَّعِير إِذًا فِي هَذَا الْمَوْضِع صِفَة لِلْجَحِيمِ عَلَى مَا وَصَفْنَا .

يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يُوصِيكُمْ اللَّه فِي أَوْلَادكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { يُوصِيكُمْ اللَّه } يَعْهَد اللَّه إِلَيْكُمْ , { فِي أَوْلَادكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ } يَقُول يَعْهَد إِلَيْكُمْ رَبّكُمْ إِذَا مَاتَ الْمَيِّت مِنْكُمْ , وَخَلَّفَ أَوْلَادًا ذُكُورًا وَإِنَاثًا , فَلِوَلَدِهِ الذُّكُور وَالْإِنَاث مِيرَاثه أَجْمَع بَيْنهمْ , لِلذَّكَرِ مِنْهُمْ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ , إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِث غَيْرهمْ , سَوَاء فِيهِ صِغَار وَلَده وَكِبَارهمْ وَإِنَاثهمْ فِي أَنَّ جَمِيع ذَلِكَ بَيْنهمْ لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ وَرُفِعَ قَوْله : | مِثْل | , بِالصِّفَةِ , وَهِيَ اللَّام الَّتِي فِي قَوْله : { لِلذَّكَرِ } وَلَمْ يُنْصَب بِقَوْلِهِ : { يُوصِيكُمْ اللَّه } لِأَنَّ الْوَصِيَّة فِي هَذَا الْمَوْضِع عَهْد وَإِعْلَام بِمَعْنَى الْقَوْل , وَالْقَوْل لَا يَقَع عَلَى الْأَسْمَاء الْمُخْبَر عَنْهَا , فَكَأَنَّهُ قِيلَ : يَقُول اللَّه تَعَالَى ذِكْره : لَكُمْ فِي أَوْلَادكُمْ لِلذَّكَرِ مِنْهُمْ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ . وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبْيِينًا مِنْ اللَّه الْوَاجِب مِنْ الْحُكْم فِي مِيرَاث مَنْ مَاتَ وَخَلَّفَ وَرَثَة عَلَى مَا بَيَّنَ , لِأَنَّ أَهْل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا لَا يُقَسِّمُونَ مِنْ مِيرَاث الْمَيِّت لِأَحَدٍ مِنْ وَرَثَته بَعْده مِمَّنْ كَانَ لَا يُلَاقِي الْعَدُوّ وَلَا يُقَاتِل فِي الْحُرُوب مِنْ صِغَار وَلَده , وَلَا لِلنِّسَاءِ مِنْهُمْ , وَكَانُوا يَخُصُّونَ بِذَلِكَ الْمُقَاتِلَة دُون الذُّرِّيَّة , فَأَخْبَرَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّ مَا خَلَّفَهُ الْمَيِّت بَيْن مَنْ سَمَّى وَفَرَضَ لَهُ مِيرَاثًا فِي هَذِهِ الْآيَة وَفِي آخِر هَذِهِ السُّورَة , فَقَالَ فِي صِغَار وَلَد الْمَيِّت وَكِبَارهمْ وَإِنَاثهمْ : لَهُمْ مِيرَاث أَبِيهِمْ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِث غَيْرهمْ , لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6942 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { يُوصِيكُمْ اللَّه فِي أَوْلَادكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ } كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة لَا يُوَرِّثُونَ الْجَوَارِيَ , وَلَا الصِّغَار مِنْ الْغِلْمَان , لَا يَرِث الرَّجُل مِنْ وَلَده إِلَّا مَنْ أَطَاقَ الْقِتَال . فَمَاتَ عَبْد الرَّحْمَن أَخُو حَسَّان الشَّاعِر , وَتَرَكَ اِمْرَأَة يُقَال لَهَا أُمّ كُحَّة وَتَرَكَ خَمْس أَخَوَات , فَجَاءَتْ الْوَرَثَة يَأْخُذُونَ مَاله , فَشَكَتْ أُمّ كُحَّة ذَلِكَ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى هَذِهِ الْآيَة : { فَإِنْ كُنَّ نِسَاء فَوْق اِثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَة فَلَهَا النِّصْف } ثُمَّ قَالَ فِي أُمّ كُحَّة : { وَلَهُنَّ الرُّبُع مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَد فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَد فَلَهُنَّ الثُّمُن } . )6943 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { يُوصِيكُمْ اللَّه فِي أَوْلَادكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ } وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ الْفَرَائِض الَّتِي فَرَضَ اللَّه فِيهَا مَا فَرَضَ لِلْوَلَدِ الذَّكَر وَالْأُنْثَى وَالْأَبَوَيْنِ كَرِهَهَا النَّاس أَوْ بَعْضهمْ , وَقَالُوا : تُعْطَى الْمَرْأَة الرُّبُع وَالثُّمُن , وَتُعْطَى الِابْنَة النِّصْف , وَيُعْطَى الْغُلَام الصَّغِير , وَلَيْسَ مِنْ هَؤُلَاءِ أَحَد يُقَاتِل الْقَوْم وَلَا يَحُوز الْغَنِيمَة ! اُسْكُتُوا عَنْ هَذَا الْحَدِيث , لَعَلَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْسَاهُ , أَوْ نَقُول لَهُ فَيُغَيِّرهُ ! فَقَالَ بَعْضهمْ : يَا رَسُول اللَّه , أَنُعْطِي الْجَارِيَة نِصْف مَا تَرَكَ أَبُوهَا , وَلَيْسَتْ تَرْكَب الْفَرَس , وَلَا تُقَاتِل الْقَوْم , وَنُعْطِي الصَّبِيّ الْمِيرَاث , وَلَيْسَ يُغْنِي شَيْئًا ؟ وَكَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي الْجَاهِلِيَّة , لَا يُعْطُونَ الْمِيرَاث إِلَّا مَنْ قَاتَلَ , وَيُعْطُونَهُ الْأَكْبَر فَالْأَكْبَر. )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ نَزَلَ ذَلِكَ مِنْ أَجْل أَنَّ الْمَال كَانَ لِلْوَلَدِ قَبْل نُزُوله , وَلِلْوَالِدَيْنِ الْوَصِيَّة , فَنَسَخَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى ذَلِكَ بِهَذِهِ الْآيَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6944 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد أَوْ عَطَاء , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : ( { يُوصِيكُمْ اللَّه فِي أَوْلَادكُمْ } قَالَ : كَانَ الْمَال لِلْوَلَدِ , وَكَانَتْ الْوَصِيَّة لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ , فَنَسَخَ اللَّه مِنْ ذَلِكَ مَا أَحَبَّ , فَجَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ , وَجَعَلَ لِلْأَبَوَيْنِ لِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا السُّدُس مَعَ الْوَلَد , وَلِلزَّوْجِ الشَّطْر وَالرُّبُع , وَلِلزَّوْجَةِ الرُّبُع وَالثُّمُن . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { يُوصِيكُمْ اللَّه فِي أَوْلَادكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ } قَالَ : كَانَ اِبْن عَبَّاس يَقُول : كَانَ الْمَال وَكَانَتْ الْوَصِيَّة لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ , فَنَسَخَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْ ذَلِكَ مَا أَحَبَّ , فَجَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس مِثْله . وَرُوِيَ عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه مَا : 6945 - حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا وَهْب بْن جَرِير , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر , قَالَ : سَمِعْت جَابِر بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : (دَخَلَ عَلَيَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَرِيض , فَتَوَضَّأَ وَنَضَحَ عَلَيَّ مِنْ وَضُوئِهِ فَأَفَقْت , فَقُلْت : يَا رَسُول اللَّه إِنَّمَا يَرِثنِي كَلَالَة , فَكَيْفَ بِالْمِيرَاثِ ؟ فَنَزَلَتْ آيَة الْفَرَائِض . )6946 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر عَنْ جَابِر , قَالَ : (عَادَنِي رَسُول اللَّه - وَأَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فِي بَنِي سَلِمَة يَمْشِيَانِ , فَوَجَدَانِي لَا أَعْقِل , فَدَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ , ثُمَّ رَشَّ عَلَيَّ فَأَفَقْت , فَقُلْت : يَا رَسُول اللَّه كَيْفَ أَصْنَع فِي مَالِي ؟ فَنَزَلَتْ { يُوصِيكُمْ اللَّه فِي أَوْلَادكُمْ }. .. الْآيَة)|فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ كُنَّ نِسَاء فَوْق اِثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ } . </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ : { فَإِنْ كُنَّ } فَإِنْ كَانَ الْمَتْرُوكَات نِسَاء فَوْق اِثْنَتَيْنِ . وَيَعْنِي بِقَوْلِ نِسَاء : بَنَات الْمَيِّت فَوْق اِثْنَتَيْنِ , يَقُول : أَكْثَر فِي الْعَدَد مِنْ اِثْنَتَيْنِ . { فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ } يَقُول : فَلِبَنَاتِهِ الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ بَعْده مِنْ مِيرَاثه دُون سَائِر وَرَثَته إِذَا لَمْ يَكُنْ الْمَيِّت خَلَّفَ وَلَدًا ذَكَرًا مَعَهُنَّ . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ : { فَإِنْ كُنَّ نِسَاء } فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة بِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا : فَإِنْ كَانَ الْمَتْرُوكَات نِسَاء , وَهُوَ أَيْضًا قَوْل بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة . وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : فَإِنْ كَانَ الْأَوْلَاد نِسَاء . وَقَالَ : إِنَّمَا ذَكَرَ اللَّه الْأَوْلَاد , فَقَالَ : { يُوصِيكُمْ اللَّه فِي أَوْلَادكُمْ } ثُمَّ قَسَّمَ الْوَصِيَّة , فَقَالَ : { فَإِنْ كُنَّ نِسَاء } وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَاد وَاحِدَة تَرْجَمَة مِنْهُ بِذَلِكَ عَنْ الْأَوْلَاد . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالْقَوْل الْأَوَّل الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَمَّنْ حَكَيْنَاهُ عَنْهُ مِنْ الْبَصْرِيِّينَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي , لِأَنَّ قَوْله : | وَإِنْ كُنَّ | , لَوْ كَانَ مَعْنِيًّا بِهِ الْأَوْلَاد , لَقِيلَ : وَإِنْ كَانُوا , لِأَنَّ الْأَوْلَاد تَجْمَع الذُّكُور وَالْإِنَاث , وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ , فَإِنَّمَا يُقَال : كَانُوا لَا كُنَّ .|وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَة فَلَهَا النِّصْف وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا السُّدُس مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَد } . </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ : وَإِنْ كَانَتْ الْمَتْرُوكَة اِبْنَة وَاحِدَة , فَلَهَا النِّصْف , يَقُول : فَلِتِلْكَ الْوَاحِدَة نِصْف مَا تَرَكَ الْمَيِّت مِنْ مِيرَاثه إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا غَيْرهَا مِنْ وَلَد الْمَيِّت ذَكَر وَلَا أُنْثَى . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَهَذَا فَرْض الْوَاحِدَة مِنْ النِّسَاء , وَمَا فَوْق الِاثْنَتَيْنِ , فَأَيْنَ فَرِيضَة الِاثْنَتَيْنِ ؟ قِيلَ : فَرِيضَتهمْ بِالسُّنَّةِ الْمَنْقُولَة نَقْل الْوِرَاثَة الَّتِي لَا يَجُوز فِيهَا الشَّكّ . وَأَمَّا قَوْله : { وَلِأَبَوَيْهِ } فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَلِأَبَوَيْ الْمَيِّت لِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا السُّدُس مِنْ تَرِكَته وَمَا خَلَّفَ مِنْ مَاله سَوَاء فِيهِ الْوَالِدَة وَالْوَالِد , لَا يَزْدَاد وَاحِد مِنْهُمَا عَلَى السُّدُس إِنْ كَانَ لَهُ وَلَد ذَكَرًا كَانَ الْوَلَد أَوْ أُنْثَى , وَاحِدًا كَانَ أَوْ جَمَاعَة . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ التَّأْوِيل , فَقَدْ يَجِب أَنْ لَا يُزَاد الْوَالِد مَعَ الِابْنَة الْوَاحِدَة عَلَى السُّدُس مِنْ مِيرَاثه عَنْ وَلَده الْمَيِّت , وَذَلِكَ إِنْ قُلْته قَوْل خِلَاف لِمَا عَلَيْهِ الْأُمَّة مُجْمِعُونَ مِنْ تَصْيِيرهمْ بَاقِيَ تَرِكَة الْمَيِّت مَعَ الِابْنَة الْوَاحِدَة بَعْد أَخْذهَا نَصِيبهَا مِنْهَا لِوَالِدِهِ أَجْمَع ؟ قِيلَ : لَيْسَ الْأَمْر فِي ذَلِكَ كَاَلَّذِي ظَنَنْت , وَإِنَّمَا لِكُلِّ وَاحِد مِنْ أَبَوَيْ الْمَيِّت السُّدُس مِنْ تَرِكَته مَعَ وَلَده ذَكَرًا كَانَ الْوَلَد أَوْ أُنْثَى , وَاحِدًا كَانَ أَوْ جَمَاعَة , فَرِيضَة مِنْ اللَّه لَهُ مُسَمَّاة , فَإِنْ زِيدَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ بَقِيَّة النِّصْف مَعَ الِابْنَة الْوَاحِدَة إِذَا لَمْ يَكُنْ غَيْره وَغَيْر اِبْنَة لِلْمَيِّتِ وَاحِدَة فَإِنَّمَا زِيدَهَا ثَانِيًا لِقُرْبِ عَصَبَة الْمَيِّت إِلَيْهِ , إِذْ كَانَ حُكْم كُلّ مَا أَبْقَتْهُ سِهَام الْفَرَائِض , فَلِأَوْلَى عَصَبَة الْمَيِّت وَأَقْرَبهمْ إِلَيْهِ بِحُكْمِ ذَلِكَ لَهَا عَلَى لِسَان رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ الْأَب أَقْرَب عَصَبَة اِبْنه وَأَوْلَاهَا بِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِابْنِهِ الْمَيِّت اِبْن .|فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَد وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُث } . </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ } : فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَلَد ذَكَر وَلَا أُنْثَى , وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ دُون غَيْرهمَا مِنْ وَلَد وَارِث ; { فَلِأُمِّهِ الثُّلُث } يَقُول : فَلِأُمِّهِ مِنْ تَرِكَته وَمَا خَلَّفَ بَعْده ثُلُث جَمِيع ذَلِكَ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَمَنْ الَّذِي لَهُ الثُّلُثَانِ الْآخَرَانِ ؟ قِيلَ لَهُ الْأَب . فَإِنْ قَالَ قَائِل : بِمَاذَا ؟ قُلْت : بِأَنَّهُ أَقْرَب أَهْل الْمَيِّت إِلَيْهِ , وَلِذَلِكَ تَرَكَ ذِكْر تَسْمِيَة مَنْ لَهُ الثُّلُثَانِ الْبَاقِيَانِ , إِذْ كَانَ قَدْ بَيَّنَ عَلَى لِسَان رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعِبَادِهِ أَنَّ كُلّ مَيِّت فَأَقْرَب عَصَبَته بِهِ أَوْلَى بِمِيرَاثِهِ بَعْد إِعْطَاء ذَوِي السِّهَام الْمَفْرُوضَة سِهَامهمْ مِنْ مِيرَاثه . وَهَذِهِ الْعِلَّة هِيَ الْعِلَّة الَّتِي مِنْ أَجْلهَا سُمِّيَ لِلْأُمِّ مَا سُمِّيَ لَهَا , إِذَا لَمْ يَكُنْ الْمَيِّت خَلَّفَ وَارِثًا غَيْر أَبَوَيْهِ , لِأَنَّ الْأُمّ لَيْسَتْ بِعَصَبَةٍ فِي حَال لِلْمَيِّتِ , فَبَيَّنَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِعِبَادِهِ مَا فَرَضَ لَهَا مِنْ مِيرَاث وَلَدهَا الْمَيِّت , وَتَرَكَ ذِكْر مَنْ لَهُ الثُّلُثَانِ الْبَاقِيَانِ مِنْهُ مَعَهَا , إِذْ كَانَ قَدْ عَرَفَهُمْ فِي جُمْلَة بَيَانه لَهُمْ مَنْ لَهُ بَقَايَا تَرِكَة الْأَمْوَال بَعْد أَخْذ أَهْل السِّهَام سِهَامهمْ وَفَرَائِضهمْ , وَكَانَ بَيَانه ذَلِكَ مُعِينًا لَهُمْ عَلَى تَكْرِير حُكْمه مَعَ كُلّ مَنْ قَسَّمَ لَهُ حَقًّا مِنْ مِيرَاث مَيِّت وَسَمَّى لَهُ مِنْهُ سَهْمًا.|فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَة فَلِأُمِّهِ السُّدُس } . </subtitle>إِنْ قَالَ قَائِل : وَمَا الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْله ذَكَرَ حُكْم الْأَبَوَيْنِ مَعَ الْإِخْوَة , وَتَرَكَ ذِكْر حُكْمهمَا مَعَ الْأَخ الْوَاحِد ؟ قُلْت : اِخْتِلَاف حُكْمهمَا مَعَ الْإِخْوَة الْجَمَاعَة وَالْأَخ الْوَاحِد , فَكَانَ فِي إِبَانَة اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِعِبَادِهِ حُكْمهمَا فِيمَا يَرِثَانِ مِنْ وَلَدهمَا الْمَيِّت مَعَ إِخْوَته غِنًى , وَكِفَايَة عَنْ أَنَّ حُكْمهمَا فِيمَا وَرِثَا مِنْهُ غَيْر مُتَغَيِّر عَمَّا كَانَ لَهُمَا , وَلَا أَخ لِلْمَيِّتِ , وَلَا وَارِث غَيْرهمَا , إِذْ كَانَ مَعْلُومًا عِنْدهمْ أَنَّ كُلّ مُسْتَحِقّ حَقًّا بِقَضَاءِ اللَّه ذَلِكَ لَهُ , لَا يَنْتَقِل حَقّه الَّذِي قَضَى بِهِ لَهُ رَبّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ , عَمَّا قَضَى بِهِ لَهُ إِلَى غَيْره , إِلَّا بِنَقْلِ اللَّه ذَلِكَ عَنْهُ إِلَى مَنْ نَقَلَهُ إِلَيْهِ مِنْ خَلْقه , فَكَانَ فِي فَرْضه تَعَالَى ذِكْره لِلْأُمِّ مَا فَرَضَ , إِذَا لَمْ يَكُنْ لِوَلَدِهَا الْمَيِّت وَارِث غَيْرهَا وَغَيْر وَالِده , لَوَائِح الدَّلَالَة الْوَاضِحَة لِلْخَلْقِ أَنَّ ذَلِكَ الْمَفْرُوض هُوَ ثُلُث مَال وَلَدهَا الْمَيِّت حَقّ لَهَا وَاجِب , حَتَّى يُغَيِّر ذَلِكَ الْفَرْض مَنْ فَرَضَ لَهَا , فَلَمَّا غَيَّرَ تَعَالَى ذِكْره مَا فَرَضَ لَهَا مِنْ ذَلِكَ مَعَ الْإِخْوَة الْجَمَاعَة وَتَرَكَ تَغْيِيره مَعَ الْأَخ الْوَاحِد , عَلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ فَرْضهَا غَيْر مُتَغَيِّر عَمَّا فَرَضَ لَهَا إِلَّا فِي الْحَال الَّتِي غَيَّرَهُ فِيهَا مَنْ لَزِمَ الْعِبَاد طَاعَته دُون غَيْرهَا مِنْ الْأَحْوَال. ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي عَدَد الْإِخْوَة الَّذِينَ عَنَاهُمْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَة } فَقَالَ جَمَاعَة أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَمَنْ بَعْدهمْ مِنْ عُلَمَاء أَهْل الْإِسْلَام فِي كُلّ زَمَان : عَنَى اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَة فَلِأُمِّهِ السُّدُس } اثْنَيْنِ كَانَ الْإِخْوَة أَوْ أَكْثَر مِنْهُمَا , أُنْثَيَيْنِ كَانَتَا أَوْ كُنَّ إِنَاثًا , أَوْ ذَكَرَيْنِ كَانَا أَوْ كَانُوا ذُكُورًا , أَوْ كَانَ أَحَدهمَا ذَكَرًا وَالْآخَر أُنْثَى . وَاعْتَلَّ كَثِير مِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ بِأَنَّ ذَلِكَ قَالَتْهُ الْأُمَّة عَنْ بَيَان اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَلَى لِسَان رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَقَلَتْهُ أُمَّة نَبِيّه نَقْلًا مُسْتَفِيضًا قَطَعَ الْعُذْر مَجِيئَهُ , وَدَفَعَ الشَّكّ فِيهِ عَنْ قُلُوب الْخَلْق وُرُوده . وَرُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا أَنَّهُ كَانَ يَقُول : بَلْ عَنَى اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَة } : جَمَاعَة أَقَلّهَا ثَلَاثَة . وَكَانَ يُنْكِر أَنْ يَكُون اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ حَجَبَ الْأُمّ عَنْ ثُلُثهَا مَعَ الْأَب بِأَقَلّ مِنْ ثَلَاثَة إِخْوَة , فَكَانَ يَقُول فِي أَبَوَيْنِ وَأَخَوَيْنِ : لِلْأُمِّ الثُّلُث وَمَا بَقِيَ فَلِلْأَبِ , كَمَا قَالَ أَهْل الْعِلْم فِي أَبَوَيْنِ وَأَخ وَاحِد. ذِكْر الرِّوَايَة عَنْهُ بِذَلِكَ : 6947 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي فُدَيْك , قَالَ : ثني اِبْن أَبِي ذِئْب , عَنْ شُعْبَة مَوْلَى اِبْن عَبَّاس , عَنْ اِبْن عَبَّاس : أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُثْمَان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , فَقَالَ : (لِمَ صَارَ الْأَخَوَانِ يَرُدَّانِ الْأُمّ إِلَى السُّدُس , وَإِنَّمَا قَالَ اللَّه : { فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَة } وَالْأَخَوَانِ فِي لِسَان قَوْمك وَكَلَام قَوْمك لَيْسَا بِإِخْوَةٍ ؟ فَقَالَ عُثْمَان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : هَلْ أَسْتَطِيع نَقْض أَمْر كَانَ قَبْلِي , وَتَوَارَثَهُ النَّاس , وَمَضَى فِي الْأَمْصَار ؟ . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ الْمَعْنِيّ بِقَوْلِهِ : { فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَة } اثْنَان مِنْ إِخْوَة الْمَيِّت فَصَاعِدًا , عَلَى مَا قَالَهُ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُون مَا قَالَهُ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا , لِنَقْلِ الْأُمَّة وِرَاثَة صِحَّة مَا قَالُوهُ مِنْ ذَلِكَ عَنْ الْحُجَّة وَإِنْكَارهمْ مَا قَالَهُ اِبْن عَبَّاس فِي ذَلِكَ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْفَ قِيلَ فِي الْأَخَوَيْنِ إِخْوَة , وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ لِلْأَخَوَيْنِ فِي مَنْطِق الْعَرَب مِثَالًا لَا يُشْبِه مِثَال الْإِخْوَة فِي مَنْطِقهَا ؟ قِيلَ : إِنَّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ , فَإِنَّ مِنْ شَأْنهَا التَّأْلِيف بَيْن الْكَلَامَيْنِ بِتَقَارُبِ مَعْنَيَيْهِمَا وَإِنْ اِخْتَلَفَا فِي بَعْض وُجُوههمَا . فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَكَانَ مُسْتَفِيضًا فِي مَنْطِقهَا مُنْتَشِرًا مُسْتَعْمَلًا فِي كَلَامهَا : ضَرَبْت مِنْ عَبْد اللَّه وَعَمْرو رُءُوسهمَا , وَأَوْجَعْت مِنْهُمَا ظُهُورهمَا , وَكَانَ ذَلِكَ أَشَدّ اِسْتِفَاضَة فِي مَنْطِقهَا مِنْ أَنْ يُقَال : أَوْجَعْت مِنْهُمَا ظَهْرهمَا , وَإِنْ كَانَ مَقُولًا : أَوْجَعْت ظَهْرهمَا كَمَا قَالَ الْفَرَزْدَق : <br>بِمَا فِي فُؤَادَيْنَا مِنْ الْحُبّ وَالْهَوَى .......... فَيَبْرَأ مِنْهَاض الْفُؤَاد الْمُشَغَّف <br>غَيْر أَنَّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَقُولًا , فَأَفْصَح مِنْهُ : بِمَا فِي أَفْئِدَتنَا , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّه فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبكُمَا } [66 4 ]فَلَمَّا كَانَ مَا وَصَفْت مِنْ إِخْرَاج كُلّ مَا كَانَ فِي الْإِنْسَان وَاحِدًا إِذَا ضُمَّ إِلَى الْوَاحِد مِنْهُ آخَر مِنْ إِنْسَان آخَر , فَصَارَ اِثْنَيْنِ مِنْ اِثْنَيْنِ , فَلَفْظ الْجَمْع أَفْصَح فِي مَنْطِقهَا وَأَشْهَر فِي كَلَامهَا , وَكَانَ الْأَخَوَانِ شَخْصَيْنِ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا غَيْر صَاحِبه مِنْ نَفْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ أَشْبَهَ مَعْنَاهُمَا مَعْنَى مَا كَانَ فِي الْإِنْسَان مِنْ أَعْضَائِهِ وَاحِدًا لَا ثَانِي لَهُ , فَأَخْرَجَ أُنْثَيَيْهِمَا بِلَفْظِ أُنْثَى الْعُضْوَيْنِ اللَّذَيْنِ وَصَفْت , فَقِيلَ إِخْوَة فِي مَعْنَى الْأَخَوَيْنِ , كَمَا قِيلَ ظُهُور فِي مَعْنَى الظَّهْرَيْنِ , وَأَفْوَاه فِي مَعْنَى فَمَوَيْنِ , وَقُلُوب فِي مَعْنَى قَلْبَيْنِ . وَقَدْ قَالَ بَعْض النَّحْوِيِّينَ : إِنَّمَا قِيلَ إِخْوَة , لِأَنَّ أَقَلّ الْجَمْع اِثْنَانِ , وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا ضُمَّ شَيْء إِلَى شَيْء صَارَا جَمِيعًا بَعْد أَنْ كَانَا فَرْدَيْنِ فَجُمِعَا , لِيُعْلَم أَنَّ الِاثْنَيْنِ جَمْع . وَهَذَا وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فِي الْمَعْنَى , فَلَيْسَ بِعِلَّةٍ تُنْبِئ عَنْ جَوَاز إِخْرَاج مَا قَدْ جَرَى الْكَلَام مُسْتَعْمَلًا مُسْتَفِيضًا عَلَى أَلْسُن الْعَرَب لَأَثْنَيْنَهُ بِمِثَالٍ , وَصُورَة غَيْر مِثَال ثَلَاثَة فَصَاعِدًا مِنْهُ , وَصُورَتهَا , لِأَنَّ مَنْ قَالَ أَخَوَاك قَامَا , فَلَا شَكّ أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ أَنَّ كُلّ وَاحِد مِنْ الْأَخَوَيْنِ فَرْد ضُمَّ أَحَدهمَا إِلَى الْآخَر , فَصَارَا جَمِيعًا بَعْد أَنْ كَانَا شَتَّى عِنْوَان الْأَمْر . وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَا تَسْتَجِيز الْعَرَب فِي كَلَامهَا أَنْ يُقَال : أَخَوَاك قَامُوا , فَيَخْرُج قَوْلهمْ : قَامُوا , وَهُوَ لَفْظ لِلْخَبَرِ عَنْ الْجَمِيع خَبَرًا عَنْ الْأَخَوَيْنِ وَهُمَا بِلَفْظِ الِاثْنَيْنِ , لِأَنَّ لِكُلِّ مَا جَرَى بِهِ الْكَلَام عَلَى أَلْسِنَتهمْ مِثَالًا مَعْرُوفًا عِنْدهمْ , وَصُورَة إِذَا غَيَّرَ مُغَيِّر مَا قَدْ عَرَفُوهُ فِيهِمْ أَنْكَرُوهُ , فَكَذَلِكَ الْأَخَوَانِ وَإِنْ كَانَ مَجْمُوعَيْنِ ضُمَّ أَحَدهمَا إِلَى صَاحِبه , فَلَهُمَا مِثَال فِي الْمَنْطِق , وَصُورَة غَيْر مِثَال الثَّلَاثَة مِنْهُمْ فَصَاعِدًا وَصُورَتهمْ , فَغَيْر جَائِز أَنْ يُغَيَّر أَحَدهمَا إِلَى الْآخَر إِلَّا بِمَعْنًى مَفْهُوم. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَا قَوْل أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِمَّا قُلْنَا قَبْل . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَلِمَ نَقَصَتْ الْأُمّ عَنْ ثُلُثهَا بِمَصِيرِ إِخْوَة الْمَيِّت مَعَهَا اِثْنَيْنِ فَصَاعِدًا ؟ قِيلَ : اِخْتَلَفَتْ الْعُلَمَاء فِي ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : نَقَصَتْ الْأُمّ عَنْ ذَلِكَ دُون الْأَب , لِأَنَّ عَلَى الْأَب مُؤَنهمْ دُون أُمّهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6948 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَد وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُث فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَة فَلِأُمِّهِ السُّدُس } أَنْزَلُوا الْأُمّ وَلَا يَرِثُونَ , وَلَا يَحْجُبهَا الْأَخ الْوَاحِد مِنْ الثُّلُث , وَيَحْجُبهَا مَا فَوْق ذَلِكَ . وَكَانَ أَهْل الْعِلْم يَرَوْنَ أَنَّهُمْ إِنَّمَا حَجَبُوا أُمّهمْ مِنْ الثُّلُث , لِأَنَّ أَبَاهُمْ يَلِي نِكَاحهمْ , وَالنَّفَقَة عَلَيْهِمْ دُون أُمّهمْ. )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ نَقَصَتْ الْأُمّ السُّدُس وَقُصِرَ بِهَا عَلَى سُدُس وَاحِد مَعُونَة لِإِخْوَةِ الْمَيِّت بِالسُّدُسِ الَّذِي حَجَبُوا أُمّهمْ عَنْهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6949 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ اِبْن طَاوُس , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (السُّدُس الَّذِي حَجَبَتْهُ الْإِخْوَة الْأُمّ لَهُمْ إِنَّمَا حَجَبُوا أُمّهمْ عَنْهُ لِيَكُونَ لَهُمْ دُون أُمّهمْ . )وَقَدْ رُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس خِلَاف هَذَا الْقَوْل , وَذَلِكَ مَا : 6950 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ الْحَسَن بْن مُحَمَّد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (الْكَلَالَة : مَنْ لَا وَلَد لَهُ وَلَا وَالِد . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال فِي ذَلِكَ : إِنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره فَرَضَ لِلْأُمِّ مَعَ الْإِخْوَة السُّدُس لِمَا هُوَ أَعْلَم بِهِ مِنْ مَصْلَحَة خَلْقه . وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُون ذَلِكَ كَانَ لَمَّا أَلْزَمَ الْآبَاء لِأَوْلَادِهِمْ , وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُون ذَلِكَ لِغَيْرِ ذَلِكَ , وَلَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا كُلِّفْنَا عِلْمه , وَإِنَّمَا أُمِرْنَا بِالْعَمَلِ بِمَا عَلِمْنَا . وَأَمَّا الَّذِي رُوِيَ عَنْ طَاوُس عَنْ اِبْن عَبَّاس , فَقَوْل لِمَا عَلَيْهِ الْأُمَّة مُخَالِف , وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا خِلَاف بَيْن الْجَمِيع أَنْ لَا مِيرَاث لِأَخِي مَيِّت مَعَ وَالِده , فَكَفَى إِجْمَاعهمْ عَلَى خِلَافه شَاهِدًا عَلَى فَسَاده.|مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مِنْ بَعْد وَصِيَّة يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْن } . </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { مِنْ بَعْد وَصِيَّة يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْن } أَنَّ الَّذِي قَسَّمَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِوَلَدِ الْمَيِّت الذُّكُور مِنْهُمْ وَالْإِنَاث وَلِأَبَوَيْهِ مِنْ تَرِكَته مِنْ بَعْد وَفَاته , إِنَّمَا يُقَسِّمهُ لَهُمْ عَلَى مَا قَسَّمَهُ لَهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَة مِنْ بَعْد قَضَاء دَيْن الْمَيِّت الَّذِي مَاتَ وَهُوَ عَلَيْهِ مِنْ تَرِكَته وَمِنْ بَعْد تَنْفِيذ وَصِيَّته فِي بَابهَا , بَعْد قَضَاء دَيْنه كُلّه . فَلَمْ يَجْعَل تَعَالَى ذِكْره لِأَحَدٍ مِنْ وَرَثَة الْمَيِّت وَلَا لِأَحَدٍ مِمَّنْ أَوْصَى لَهُ بِشَيْءٍ إِلَّا مِنْ بَعْد قَضَاء دَيْنه مِنْ جَمِيع تَرِكَته , وَإِنْ أَحَاطَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ. ثُمَّ جَعَلَ أَهْل الْوَصَايَا بَعْد قَضَاء دَيْنه شُرَكَاء وَرَثَته فِيمَا بَقِيَ لِمَا أَوْصَى لَهُمْ بِهِ مَا لَمْ يُجَاوِز ذَلِكَ ثُلُثه , فَإِنْ جَاوَزَ ذَلِكَ ثُلُثه جَعَلَ الْخِيَار فِي إِجَازَة مَا زَادَ عَلَى الثُّلُث مِنْ ذَلِكَ أَوْ رَدَّهُ إِلَى وَرَثَته , إِنْ أَحَبُّوا أَجَازُوا الزِّيَادَة عَلَى ثُلُث ذَلِكَ , وَإِنْ شَاءُوا رَدُّوهُ ; فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ إِلَى الثُّلُث فَهُوَ مَاضٍ عَلَيْهِمْ. وَعَلَى كُلّ مَا قُلْنَا مِنْ ذَلِكَ الْأُمَّة مُجْمِعَة . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ خَبَر , وَهُوَ مَا : 6951 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن هَارُون , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ الْحَرْث الْأَعْوَر , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : (إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الْآيَة : { مِنْ بَعْد وَصِيَّة يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْن } إِنَّ رَسُول اللَّه قَضَى بِالدَّيْنِ قَبْل الْوَصِيَّة. )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن هَارُون , قَالَ : ثنا زَكَرِيَّاء بْن أَبِي زَائِدَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ الْحَرْث , عَنْ عَلِيّ رِضْوَان اللَّه عَلَيْهِ , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ. * - حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا حَفْص بْن غِيَاث , قَالَ : ثنا أَشْعَث , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ الْحَرْث , عَنْ عَلِيّ , عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْله . 6952 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا هَارُون بْن الْمُغِيرَة , عَنْ اِبْن مُجَاهِد , عَنْ أَبِيهِ : ( { مِنْ بَعْد وَصِيَّة يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْن } قَالَ : يُبْدَأ بِالدَّيْنِ قَبْل الْوَصِيَّة . )وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَالْعِرَاق : { يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْن } , وَقَرَأَ بَعْض أَهْل مَكَّة وَالشَّام وَالْكُوفَة : | يُوصَى بِهَا | عَلَى مَعْنَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِله. قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ : { مِنْ بَعْد وَصِيَّة يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْن } عَلَى مَذْهَب مَا قَدْ سُمِّيَ فَاعِله , لِأَنَّ الْآيَة كُلّهَا خَبَر عَمَّنْ قَدْ سُمِّيَ فَاعِله , أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقُول : { وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا السُّدُس مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَد } ؟ فَكَذَلِكَ الَّذِي هُوَ أَوْلَى بِقَوْلِهِ : { يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْن } أَنْ يَكُون خَبَرًا عَمَّنْ قَدْ سُمِّيَ فَاعِله ; لِأَنَّ تَأْوِيل الْكَلَام : وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا السُّدُس مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَد , مِنْ بَعْد وَصِيَّة يُوصِي بِهَا , أَوْ دَيْن يُقْضَى عَنْهُ .|آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيّهمْ أَقْرَب لَكُمْ نَفْعًا } . </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ } هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَوْصَاكُمْ اللَّه بِهِ فِيهِمْ - مِنْ قِسْمَة مِيرَاث مَيِّتكُمْ فِيهِمْ عَلَى مَا سَمَّى لَكُمْ وَبَيَّنَهُ فِي هَذِهِ الْآيَة - { آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيّهمْ أَقْرَب لَكُمْ نَفْعًا } يَقُول : أَعْطُوهُمْ حُقُوقهمْ مِنْ مِيرَاث مَيِّتهمْ الَّذِي أَوْصَيْتُكُمْ أَنْ تَعْطُوهُمُوهَا , فَإِنَّكُمْ لَا تَعْلَمُونَ أَيّهمْ أَدْنَى وَأَشَدّ نَفْعًا لَكُمْ فِي عَاجِل دُنْيَاكُمْ وَآجِل أُخْرَاكُمْ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { لَا تَدْرُونَ أَيّهمْ أَقْرَب لَكُمْ نَفْعًا } فَقَالَ بَعْضهمْ : يَعْنِي بِذَلِكَ : أَيّهمْ أَقْرَب لَكُمْ نَفْعًا فِي الْآخِرَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6953 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة : عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيّهمْ أَقْرَب لَكُمْ نَفْعًا } يَقُول : أَطْوَعكُمْ لِلَّهِ مِنْ الْآبَاء وَالْأَبْنَاء , أَرْفَعكُمْ دَرَجَة يَوْم الْقِيَامَة , لِأَنَّ اللَّه سُبْحَانه يُشَفِّع الْمُؤْمِنِينَ بَعْضهمْ فِي بَعْض . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَا تَدْرُونَ أَيّهمْ أَقْرَب لَكُمْ نَفْعًا فِي الدُّنْيَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6954 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { أَيّهمْ أَقْرَب لَكُمْ نَفْعًا } فِي الدُّنْيَا . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 6955 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَوْله : ( { لَا تَدْرُونَ أَيّهمْ أَقْرَب لَكُمْ نَفْعًا } قَالَ بَعْضهمْ : فِي نَفْع الْآخِرَة , وَقَالَ بَعْضهمْ : فِي نَفْع الدُّنْيَا . )وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ بِمَا قُلْنَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6956 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { لَا تَدْرُونَ أَيّهمْ أَقْرَب لَكُمْ نَفْعًا } قَالَ : أَيّهمْ خَيْر لَكُمْ فِي الدِّين وَالدُّنْيَا الْوَالِد أَوْ الْوَلَد الَّذِينَ يَرِثُونَكُمْ لَمْ يَدْخُل عَلَيْكُمْ غَيْرهمْ , فَرَضِيَ لَهُمْ الْمَوَارِيث لَمْ يَأْتِ بِآخَرِينَ يَشْرَكُونَهُمْ فِي أَمْوَالكُمْ .)|فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَرِيضَة مِنْ اللَّه } . </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَرِيضَة مِنْ اللَّه } وَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَة فَلِأُمِّهِ السُّدُس , فَرِيضَة , يَقُول : سِهَامًا مَعْلُومَة مُوَقَّتَة بَيَّنَهَا اللَّه لَهُمْ . وَنُصِبَ قَوْله : | فَرِيضَة | عَلَى الْمَصْدَر مِنْ قَوْله : { يُوصِيكُمْ اللَّه فِي أَوْلَادكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ فَرِيضَة } فَأُخْرِجَ فَرِيضَة مِنْ مَعْنَى الْكَلَام , إِذْ كَانَ مَعْنَاهُ مَا وَصَفْت . وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُون نَصْبه عَلَى الْخُرُوج مِنْ قَوْله : فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَة فَلِأُمِّهِ السُّدُس فَرِيضَة , فَتَكُون الْفَرِيضَة مَنْصُوبَة عَلَى الْخُرُوج مِنْ قَوْله : { فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَة فَلِأُمِّهِ السُّدُس } كَمَا تَقُول : هُوَ لَك هِبَة , وَهُوَ لَك صَدَقَة مِنِّي عَلَيْك .|إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا|وَأَمَّا قَوْله : { إِنَّ اللَّه كَانَ عَلِيمًا } فَإِنَّهُ يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِنَّ اللَّه لَمْ يَزَلْ ذَا عِلْم بِمَا يُصْلِح خَلْقه أَيّهَا النَّاس , فَانْتَهُوا إِلَى مَا يَأْمُركُمْ يُصْلِح لَكُمْ أُمُوركُمْ.|حَكِيمًا| { حَكِيمًا } يَقُول : لَمْ يَزَلْ ذَا حِكْمَة فِي تَدْبِيره وَهُوَ كَذَلِكَ فِيمَا يُقَسِّم لِبَعْضِكُمْ مِنْ مِيرَاث بَعْض وَفِيمَا يَقْضِي بَيْنكُمْ مِنْ الْأَحْكَام , لَا يَدْخُل حُكْمه خَلَل وَلَا زَلَل , لِأَنَّهُ قَضَاء مَنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مَوَاضِع الْمَصْلَحَة فِي الْبَدْء وَالْعَاقِبَة .

وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ ف

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَكُمْ نِصْف مَا تَرَكَ أَزْوَاجكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَد فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَد فَلَكُمْ الرُّبُع مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْد وَصِيَّة يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْن } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَلَكُمْ أَيّهَا النَّاس نِصْف مَا تَرَكَ أَزْوَاجكُمْ بَعْد وَفَاتهنَّ مِنْ مَال وَمِيرَاث إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَد يَوْم يَحْدُث لَهُنَّ الْمَوْت لَا ذَكَرَ وَلَا أُنْثَى . { فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَد } أَيْ فَإِنْ كَانَ لِأَزْوَاجِكُمْ يَوْم يَحْدُث لَهُنَّ الْمَوْت وَلَد ذَكَر أَوْ أُنْثَى , فَلَكُمْ الرُّبُع مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ مَال وَمِيرَاث , مِيرَاثًا لَكُمْ عَنْهُنَّ , { مِنْ بَعْد وَصِيَّة يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْن } يَقُول : ذَلِكُمْ لَكُمْ مِيرَاثًا عَنْهُنَّ مِمَّا يَبْقَى مِنْ تَرِكَاتهنَّ وَأَمْوَالهنَّ مِنْ بَعْد قَضَاء دُيُونهنَّ الَّتِي يَمُتْنَ وَهِيَ عَلَيْهِنَّ , وَمِنْ بَعْد إِنْفَاذ وَصَايَاهُنَّ الْجَائِزَة إِنْ كُنَّ أَوْصَيْنَ بِهَا .|وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَهُنَّ الرُّبُع مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَد فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَد فَلَهُنَّ الثُّمُن مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْد وَصِيَّة تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْن } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَلَهُنَّ الرُّبُع مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَد } : وَلِأَزْوَاجِكُمْ أَيّهَا النَّاس رُبُع مَا تَرَكْتُمْ بَعْد وَفَاتكُمْ مِنْ مَال وَمِيرَاث إِنْ حَدَثَ بِأَحَدِكُمْ حَدَث الْوَفَاة وَلَا وَلَد لَهُ ذَكَر وَلَا أُنْثَى . { فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَد } يَقُول : فَإِنْ حَدَثَ بِأَحَدِكُمْ حَدَث الْمَوْت وَلَهُ وَلَد ذَكَر أَوْ أُنْثَى , وَاحِدًا كَانَ الْوَلَد أَوْ جَمَاعَة , { فَلَهُنَّ الثُّمُن مِمَّا تَرَكْتُمْ } يَقُول : فَلِأَزْوَاجِكُمْ حِينَئِذٍ مِنْ أَمْوَالكُمْ وَتَرِكَتكُمْ الَّتِي تَخْلُفُونَهَا بَعْد وَفَاتكُمْ الثُّمُن مِنْ بَعْد قَضَاء دُيُونكُمْ الَّتِي حَدَثَ بِكُمْ حَدَث الْوَفَاة وَهِيَ عَلَيْكُمْ , وَمِنْ بَعْد إِنْفَاذ وَصَايَاكُمْ الْجَائِزَة الَّتِي تُوصُونَ بِهَا . وَإِنَّمَا قِيلَ : { مِنْ بَعْد وَصِيَّة تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْن } فَقَدَّمَ ذِكْر الْوَصِيَّة عَلَى ذِكْر الدَّيْن , لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : إِنَّ الَّذِي فَرَضْت لِمَنْ فَرَضْت لَهُ مِنْكُمْ فِي هَذِهِ الْآيَات إِنَّمَا هُوَ لَهُ مِنْ بَعْد إِخْرَاج أَيّ هَذَيْنِ كَانَ فِي مَال الْمَيِّت مِنْكُمْ , مِنْ وَصِيَّة أَوْ دَيْن . فَلِذَلِكَ كَانَ سَوَاء تَقْدِيم ذِكْر الْوَصِيَّة قَبْل ذِكْر الدَّيْن , وَتَقْدِيم ذِكْر الدَّيْن قَبْل ذِكْر الْوَصِيَّة , لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ مِنْ مَعْنَى ذَلِكَ إِخْرَاج أَحَد الشَّيْئَيْنِ : الدَّيْن وَالْوَصِيَّة مِنْ مَاله , فَيَكُون ذِكْر الدَّيْن أَوْلَى أَنْ يُبْدَأ بِهِ مِنْ ذِكْر الْوَصِيَّة .|وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ كَانَ رَجُل يُورَث كَلَالَة أَوْ اِمْرَأَة } . </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَإِنْ كَانَ رَجُل أَوْ اِمْرَأَة يُورَث كَلَالَة . ثُمَّ اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْإِسْلَام : { وَإِنْ كَانَ رَجُل يُورَث كَلَالَة } يَعْنِي : وَإِنْ كَانَ رَجُل يُورَث مُتَكَلَّل النَّسَب . فَالْكَلَالَة عَلَى هَذَا الْقَوْل مَصْدَر مِنْ قَوْلهمْ : تَكَلَّلَهُ النَّسَب تَكَلُّلًا وَكَلَالَة , بِمَعْنَى : تَعَطَّفَ عَلَيْهِ النَّسَب . وَقَرَأَهُ بَعْضهمْ : | وَإِنْ كَانَ رَجُل يُورَث كَلَالَة | بِمَعْنَى : وَإِنْ كَانَ رَجُل يُوَرِّث مَنْ يَتَكَلَّلهُ , بِمَعْنَى : مَنْ يَتَعَطَّف عَلَيْهِ بِنَسَبِهِ مِنْ أَخ أَوْ أُخْت . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْكَلَالَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ مَا خَلَا الْوَالِد وَالْوَلَد . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6957 - حَدَّثَنَا الْوَلِيد بْن شُجَاع السَّكُونِيّ , قَالَ : ثني عَلِيّ بْن مُسْهِر , عَنْ عَاصِم , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : قَالَ أَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : (إِنِّي قَدْ رَأَيْت فِي الْكَلَالَة رَأْيًا , فَإِنْ كَانَ صَوَابًا فَمِنْ اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ , وَإِنْ يَكُنْ خَطَأ فَمِنِّي وَالشَّيْطَان , وَاَللَّه مِنْهُ بَرِيء ; إِنَّ الْكَلَالَة مَا خَلَا الْوَلَد وَالْوَالِد . فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , قَالَ : إِنِّي لَأَسْتَحْيِي مِنْ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ أُخَالِف أَبَا بَكْر فِي رَأْي رَآهُ . )* - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَاصِم الْأَحْوَل , قَالَ : ثنا الشَّعْبِيّ : أَنَّ أَبَا بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , قَالَ فِي الْكَلَالَة : (أَقُول فِيهَا بِرَأْيِي , فَإِنْ كَانَ صَوَابًا فَمِنْ اللَّه : هُوَ مَا دُون الْوَلَد وَالْوَالِد. قَالَ : فَلَمَّا كَانَ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , قَالَ : إِنِّي لَأَسْتَحْيِي مِنْ اللَّه أَنْ أُخَالِف أَبَا بَكْر . )6958 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْر بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَان , عَنْ عَاصِم الْأَحْوَل , عَنْ الشَّعْبِيّ : أَنَّ أَبَا بَكْر وَعُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا قَالَا : (الْكَلَالَة مَنْ لَا وَلَد لَهُ وَلَا وَالِد . )6959 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ عِمْرَان بْن حُدَيْر , عَنْ السُّمَيْط , قَالَ : كَانَ عُمَر رَجُلًا أَيْسَر , فَخَرَجَ يَوْمًا وَهُوَ يَقُول بِيَدِهِ هَكَذَا , يُدِيرهَا , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : (أَتَى عَلَيَّ حِين وَلَسْت أَدْرِي مَا الْكَلَالَة , أَلَا وَإِنَّ الْكَلَالَة : مَا خَلَا الْوَلَد وَالْوَالِد . )6960 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ جَابِر , عَنْ عَامِر , عَنْ أَبِي بَكْر , قَالَ : (الْكَلَالَة مَا خَلَا الْوَلَد وَالْوَالِد . )6961 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَان , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ الْحَسَن بْن مُحَمَّد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (الْكَلَالَة مَنْ لَا وَلَد لَهُ وَلَا وَالِد . )* - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : سَمِعْت اِبْن جُرَيْج يُحَدِّث عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ الْحَسَن بْن مُحَمَّد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (الْكَلَالَة مَنْ لَا وَلَد لَهُ وَلَا وَالِد . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمِّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ الْحَسَن بْن مُحَمَّد اِبْن الْحَنَفِيَّة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (الْكَلَالَة : مَا خَلَا الْوَلَد وَالْوَالِد . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ سُلَيْم بْن عَبْد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , بِمِثْلِهِ. * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ سُلَيْم بْن عَبْد السَّلُولِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (الْكَلَالَة : مَا خَلَا الْوَلَد وَالْوَالِد . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَإِنْ كَانَ رَجُل يُورَث كَلَالَة أَوْ اِمْرَأَة } قَالَ : الْكَلَالَة : مَنْ لَمْ يَتْرُك وَلَدًا وَلَا وَالِدًا. )6962 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد الْمُحَارِبِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو الْأَحْوَص , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ سُلَيْم بْن عَبْد , قَالَ : (مَا رَأَيْتهمْ إِلَّا قَدْ اِتَّفَقُوا أَنَّ مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَدَع وَلَدًا وَلَا وَالِدًا أَنَّهُ كَلَالَة . )* - حَدَّثَنَا تَمِيم بْن الْمُنْتَصِر , قَالَ : ثنا إِسْحَاق بْن يُوسُف , عَنْ شَرِيك , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ سُلَيْم بْن عَبْد , قَالَ : (مَا رَأَيْتهمْ إِلَّا قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الْكَلَالَة : الَّذِي لَيْسَ لَهُ وَلَد وَلَا وَالِد . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ سُلَيْم بْن عَبْد , قَالَ : (الْكَلَالَة : مَا خَلَا الْوَلَد وَالْوَالِد . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا اِبْن فُضَيْل , عَنْ أَشْعَث , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ سُلَيْم بْن عَبْد , قَالَ : أَدْرَكْتهمْ وَهُمْ يَقُولُونَ : (إِذَا لَمْ يَدَع الرَّجُل وَلَدًا وَلَا وَالِدًا وُرِثَ كَلَالَة . )6963 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَإِنْ كَانَ رَجُل يُورَث كَلَالَة أَوْ اِمْرَأَة } وَالْكَلَالَة : الَّذِي لَا وَلَد لَهُ وَلَا وَالِد , لَا أَب وَلَا جَدّ وَلَا اِبْن وَلَا اِبْنَة , فَهَؤُلَاءِ الْإِخْوَة مِنْ الْأُمّ . )6964 - مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , عَنْ شُعْبَة , عَنْ الْحَكَم , قَالَ فِي الْكَلَالَة : (مَا دُون الْوَلَد وَالْوَالِد . )6965 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : (الْكَلَالَة كُلّ مَنْ لَا يَرِثهُ وَالِد وَلَا وَلَد , وَكُلّ مَنْ لَا وَلَد لَهُ وَلَا وَالِد فَهُوَ يُورَث كَلَالَة مِنْ رِجَالهمْ وَنِسَائِهِمْ . )6966 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة وَالزُّهْرِيّ وَأَبِي إِسْحَاق , قَالَ : (الْكَلَالَة : مَنْ لَيْسَ لَهُ وَلَد وَلَا وَالِد . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن مُحَمَّد , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ وَقَتَادَة وَأَبِي إِسْحَاق , مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : الْكَلَالَة : مَا دُون الْوَلَد . وَهَذَا قَوْل عَنْ اِبْن عَبَّاس , وَهُوَ الْخَبَر الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْل مِنْ رِوَايَة طَاوُس عَنْهُ أَنَّهُ وَرَّثَ الْإِخْوَة مِنْ الْأُمّ السُّدُس مَعَ الْأَبَوَيْنِ. وَقَالَ آخَرُونَ : الْكَلَالَة : مَا خَلَا الْوَالِد . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6967 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سَهْل بْن يُوسُف , عَنْ شُعْبَة , قَالَ : (سَأَلْت الْحَكَم عَنْ الْكَلَالَة ؟ قَالَ : فَهُوَ مَا دُون الْأَب. )وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي النَّاصِب لِلْكَلَالَةِ ; فَقَالَ بَعْض الْبَصْرِيِّينَ : إِنْ شِئْت نَصَبْت كَلَالَة عَلَى خَبَر كَانَ , وَجَعَلْت | يُورَث | مِنْ صِفَة الرَّجُل , وَإِنْ شِئْت جَعَلْت | كَانَ | تَسْتَغْنِي عَنْ الْخَبَر نَحْو : وَقَعَ , وَجَعَلْت نَصْب كَلَالَة عَلَى الْحَال : أَيْ يُورَث كَلَالَة , كَمَا يُقَال : يُضْرَب قَائِمًا . وَقَالَ بَعْضهمْ : قَوْله | كَلَالَة | , خَبَر | كَانَ | , لَا يَكُون الْمَوْرُوث كَلَالَة , وَإِنَّمَا الْوَارِث الْكَلَالَة . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي : أَنَّ الْكَلَالَة مَنْصُوب عَلَى الْخُرُوج مِنْ قَوْله { يُورَث } وَخَبَر | كَانَ | وَيُورَث | . وَالْكَلَالَة وَإِنْ كَانَتْ مَنْصُوبَة بِالْخُرُوجِ مِنْ يُورَث , فَلَيْسَتْ مَنْصُوبَة عَلَى الْحَال , وَلَكِنْ عَلَى الْمَصْدَر مِنْ مَعْنَى الْكَلَام , لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام وَإِنْ كَانَ رَجُل يُورَث مُتَكَلِّله النَّسَب كَلَالَة , ثُمَّ تُرِكَ ذِكْر مُتَكَلِّله اِكْتِفَاء بِدَلَالَةِ قَوْله : | يُورَث | عَلَيْهِ . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي الْمُسَمَّى كَلَالَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : الْكَلَالَة : الْمَوْرُوث , وَهُوَ الْمَيِّت نَفْسه , سُمِّيَ بِذَلِكَ إِذَا وَرِثَهُ غَيْر الْوَالِد وَوَلَده . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6968 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ قَوْله فِي الْكَلَالَة , قَالَ : (الَّذِي لَا يَدَع وَالِدًا وَلَا وَلَدًا . )6969 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ سُلَيْمَان الْأَحْوَل , عَنْ طَاوُس , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (كُنْت آخِر النَّاس عَهْدًا بِعُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , فَسَمِعْته يَقُول مَا قُلْت , قُلْت : وَمَا قُلْت ؟ قَالَ : الْكَلَالَة : مَنْ لَا وَلَد لَهُ . )6970 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي وَيَحْيَى بْن آدَم , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ سُلَيْم بْن عَبْد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (الْكَلَالَة : مَنْ لَا وَلَد لَهُ وَلَا وَالِد . )وَقَالَ آخَرُونَ : الْكَلَالَة : هِيَ الْوَرَثَة الَّذِينَ يَرِثُونَ الْمَيِّت إِذَا كَانُوا إِخْوَة أَوْ أَخَوَات أَوْ غَيْرهمْ إِذَا لَمْ يَكُونُوا وَلَدًا وَلَا وَالِدًا عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَا مِنْ اِخْتِلَافهمْ فِي ذَلِكَ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الْكَلَالَة : الْمَيِّت وَالْحَيّ جَمِيعًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6971 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : (الْكَلَالَة : الْمَيِّت الَّذِي لَا وَلَد لَهُ وَلَا وَالِد , وَالْحَيّ كُلّهمْ كَلَالَة , هَذَا يَرِث بِالْكَلَالَةِ , وَهَذَا يُورَث بِالْكَلَالَةِ . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي مَا قَالَهُ هَؤُلَاءِ , وَهُوَ أَنَّ الْكَلَالَة الَّذِينَ يَرِثُونَ الْمَيِّت مِنْ عَدَا وَلَده وَوَالِده , وَذَلِكَ لِصِحَّةِ الْخَبَر الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه أَنَّهُ قَالَ : قُلْت يَا رَسُول اللَّه , إِنَّمَا يَرِثنِي كَلَالَة , فَكَيْفَ بِالْمِيرَاثِ ؟ وَبِمَا : 6972 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ اِبْن عَوْن , عَنْ عَمْرو بْن سَعِيد , قَالَ : (كُنَّا مَعَ حُمَيْد بْن عَبْد الرَّحْمَن فِي سُوق الرَّقِيق , قَالَ : فَقَامَ مِنْ عِنْدنَا ثُمَّ رَجَعَ , فَقَالَ : هَذَا آخِر ثَلَاثَة مِنْ بَنِي سَعْد حَدَّثُونِي هَذَا الْحَدِيث , قَالُوا : مَرِضَ سَعْد بِمَكَّة مَرَضًا شَدِيدًا , قَالَ : فَأَتَاهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودهُ , فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه لِي مَال كَثِير , وَلَيْسَ لِي وَارِث إِلَّا كَلَالَة , فَأُوصِي بِمَالِي كُلّه ؟ فَقَالَ : | لَا . )6973 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا إِسْحَاق بْن سُوَيْد , عَنْ الْعَلَاء بْن زِيَاد , قَالَ : جَاءَ شَيْخ إِلَى عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , فَقَالَ : (إِنِّي شَيْخ وَلَيْسَ لِي وَارِث إِلَّا كَلَالَة أَعْرَاب مُتَرَاخٍ نَسَبهمْ , أَفَأُوصِي بِثُلُثِ مَالِي ؟ قَالَ : لَا . )فَقَدْ أَنْبَأَتْ هَذِهِ الْأَخْبَار عَنْ صِحَّة مَا قُلْنَا فِي مَعْنَى الْكَلَالَة وَأَنَّهَا وَرَثَة الْمَيِّت دُون الْمَيِّت مِمَّنْ عَدَا وَالِده وَوَلَده .|وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَهُ أَخ أَوْ أُخْت فَلِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا السُّدُس فَإِنْ كَانُوا أَكْثَر مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُث } . </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَلَهُ أَخ أَوْ أُخْت } وَلِلرَّجُلِ الَّذِي يُورَث كَلَالَة أَوْ أُخْت يَعْنِي أَخًا أَوْ أُخْتًا مِنْ أُمّه . كَمَا : 6974 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ يَعْلَى بْن عَطَاء , عَنْ الْقَاسِم , عَنْ سَعْد , أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ : ( { وَإِنْ كَانَ رَجُل يُورَث كَلَالَة أَوْ اِمْرَأَة وَلَهُ أَخ أَوْ أُخْت } قَالَ سَعْد : لِأُمِّهِ . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ يَعْلَى بْن عَطَاء , قَالَ : سَمِعْت الْقَاسِم بْن رَبِيعَة يَقُول : قَرَأْت عَلَى سَعْد : ( { وَإِنْ كَانَ رَجُل يُورَث كَلَالَة أَوْ اِمْرَأَة وَلَهُ أَخ أَوْ أُخْت } قَالَ سَعْد : لِأُمِّهِ . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا وَهْب بْن جَرِير , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ يَعْلَى بْن عَطَاء , عَنْ الْقَاسِم بْن رَبِيعَة بْن قانف , قَالَ : قَرَأْت عَلَى سَعْد , فَذَكَرَ نَحْوه . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْن عَطَاء , عَنْ الْقَاسِم بْن رَبِيعَة , قَالَ : سَمِعْت سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص قَرَأَ : ( وَإِنْ كَانَ رَجُل يُورَث كَلَالَة وَلَهُ أَخ أَوْ أُخْت | مِنْ أُمّه . )6975 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَلَهُ أَخ أَوْ أُخْت } فَهَؤُلَاءِ الْإِخْوَة مِنْ الْأُمّ إِنْ كَانَ وَاحِدًا فَلَهُ السُّدُس , وَإِنْ كَانُوا أَكْثَر مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُث , ذَكَرهمْ وَأُنْثَاهُمْ فِيهِ سَوَاء . )6976 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَإِنْ كَانَ رَجُل يُورَث كَلَالَة أَوْ اِمْرَأَة وَلَهُ أَخ أَوْ أُخْت } فَهَؤُلَاءِ الْإِخْوَة مِنْ الْأُمّ , فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُث , سَوَاء الذَّكَر وَالْأُنْثَى . )وَقَوْله : { فَلِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا السُّدُس } إِذَا اِنْفَرَدَ الْإِخْوَة وَحْده أَوْ الْأُخْت وَحْدهَا , وَلَمْ يَكُنْ أَخ غَيْره أَوْ غَيْرهَا مِنْ أُمّه فَلَهُ السُّدُس مِنْ مِيرَاث أَخِيهِ لِأُمِّهِ , فَإِنْ اِجْتَمَعَ أَخ وَأُخْت أَوْ أَخَوَانِ لَا ثَالِث مَعَهُمَا لِأُمِّهِمَا , أَوْ أُخْتَانِ كَذَلِكَ , أَوْ أَخ وَأُخْت لَيْسَ مَعَهُمَا غَيْرهمَا مِنْ أُمّهمَا , فَلِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا مِنْ مِيرَاث أَخِيهِمَا لِأُمِّهِمَا السُّدُس . { وَإِنْ كَانُوا أَكْثَر مِنْ ذَلِكَ } يَعْنِي : فَإِنْ كَانَ الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات لِأُمِّ الْمَيِّت الْمَوْرُوث كَلَالَة أَكْثَر مِنْ اِثْنَيْنِ , { فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُث } يَقُول : فَالثُّلُث الَّذِي فَرَضْت لِاثْنَيْهِمْ إِذَا لَمْ يَكُنْ غَيْرهمَا مِنْ أُمّهمَا مِيرَاثًا لَهُمَا مِنْ أَخِيهِمَا الْمَيِّت الْمَوْرُوث كَلَالَة شَرِكَة بَيْنهمْ إِذَا كَانُوا أَكْثَر مِنْ اِثْنَيْنِ إِلَى مَا بَلَغَ عَدَدهمْ عَلَى عَدَد رُءُوسهمْ , لَا يُفَضَّل ذَكَر مِنْهُمْ عَلَى أُنْثَى فِي ذَلِكَ , وَلَكِنَّهُ بَيْنهمْ بِالسَّوِيَّةِ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْفَ قِيلَ وَلَهُ أَخ أَوْ أُخْت , وَلَمْ يَقُلْ لَهُمَا أَخ أَوْ أُخْت , وَقَدْ ذَكَرَ قَبْل ذَلِكَ | رَجُل أَوْ اِمْرَأَة | , فَقِيلَ : وَإِنْ كَانَ رَجُل يُورَث كَلَالَة أَوْ اِمْرَأَة ؟ قِيلَ : إِنَّ مِنْ شَأْن الْعَرَب إِذَا قَدَّمَتْ ذِكْر اِسْمَيْنِ قَبْل الْخَبَر فَعَطَفَتْ أَحَدهمَا عَلَى الْآخَر بِأَوْ ثُمَّ أَتَتْ بِالْخَبَرِ أَضَافَتْ الْخَبَر إِلَيْهِمَا أَحْيَانًا وَأَحْيَانًا إِلَى أَحَدهمَا , وَإِذَا أَضَافَتْ إِلَى أَحَدهمَا , كَانَ سَوَاء عِنْدهَا إِضَافَة ذَلِكَ إِلَى أَيّ الِاسْمَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَتْهُمَا إِضَافَته , فَتَقُول : مَنْ كَانَ عِنْده غُلَام أَوْ جَارِيَة فَلْيُحْسِنْ إِلَيْهِ , يَعْنِي : فَلْيُحْسِنْ إِلَى الْغُلَام , وَفَلْيُحْسِنْ إِلَيْهَا , يَعْنِي : فَلْيُحْسِنْ إِلَى الْجَارِيَة , وَفَلْيُحْسِنْ إِلَيْهِمَا. وَأَمَّا قَوْله : { فَلِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا السُّدُس } وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْر الْأَخ وَالْأُخْت بِعَطْفِ أَحَدهمَا عَلَى الْآخَر , وَالدَّلَالَة عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِمَعْنَى الْكَلَام أَحَدهمَا فِي قَوْله : { وَلَهُ أَخ أَوْ أُخْت } فَإِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا جَازَ لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : فَلِكُلِّ وَاحِد مِنْ الْمَذْكُورَيْنِ السُّدُس .|مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مِنْ بَعْد وَصِيَّة يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْن } . </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { مِنْ بَعْد وَصِيَّة يُوصَى بِهَا } : أَيْ هَذَا الَّذِي فَرَضْت لِأَخِي الْمَيِّت الْمَوْرُوث كَلَالَة وَأُخْته أَوْ إِخْوَته وَأَخَوَاته مِنْ مِيرَاثه وَتَرِكَته , إِنَّمَا هُوَ لَهُمْ مِنْ بَعْد قَضَاء دَيْن الْمَيِّت الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ يَوْم حَدَثَ بِهِ حَدَث الْمَوْت مِنْ تَرِكَته , وَبَعْد إِنْفَاذ وَصَايَاهُ الْجَائِزَة الَّتِي يُوصِي بِهَا فِي حَيَاته لِمَنْ أَوْصَى لَهُ بِهَا بَعْد وَفَاته . كَمَا : 6977 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { مِنْ بَعْد وَصِيَّة يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْن } وَالدَّيْن أَحَقّ مَا بُدِئَ بِهِ مِنْ جَمِيع الْمَال , فَيُؤَدِّي عَنْ أَمَانَة الْمَيِّت , ثُمَّ الْوَصِيَّة , ثُمَّ يُقَسِّم أَهْل الْمِيرَاث مِيرَاثهمْ.)|غَيْرَ مُضَارٍّ|وَأَمَّا قَوْله : { غَيْر مُضَارّ } فَإِنَّهُ يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره : مِنْ بَعْد وَصِيَّة يُوصِي بِهَا غَيْر مُضَارّ وَرَثَته فِي مِيرَاثهمْ عَنْهُ . كَمَا : 6978 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { غَيْر مُضَارّ } قَالَ : فِي مِيرَاث أَهْله . )* - حَدَّثَنِي الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { غَيْر مُضَارّ } قَالَ : فِي مِيرَاث أَهْله . )6979 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثني يَزِيد , قَالَ : ثني سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { غَيْر مُضَارّ وَصِيَّة مِنْ اللَّه } إِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى كَرِهَ الضِّرَار فِي الْحَيَاة وَعِنْد الْمَوْت وَنَهَى عَنْهُ وَقَدَّمَ فِيهِ , فَلَا تَصْلُح مُضَارَّة فِي حَيَاة وَلَا مَوْت . )6980 - حَدَّثَنِي نَصْر بْن عَبْد الرَّحْمَن الْأَوْدِيّ , قَالَ : ثنا عُبَيْدَة بْن حُمَيْد , وثني يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة جَمِيعًا , عَنْ دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { غَيْر مُضَارّ وَصِيَّة مِنْ اللَّه وَاَللَّه عَلِيم حَلِيم } قَالَ : الضِّرَار فِي الْوَصِيَّة مِنْ الْكَبَائِر . )* - حَدَّثَنَا اِبْن أَبِي الشَّوَارِب , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : (الضِّرَار فِي الْوَصِيَّة مِنْ الْكَبَائِر . )* - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (الْحَيْف فِي الْوَصِيَّة مِنْ الْكَبَائِر . )* - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ وَعَبْد الْأَعْلَى , قَالَا : ثنا دَاوُد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (الضِّرَار وَالْحَيْف فِي الْوَصِيَّة مِنْ الْكَبَائِر . )6981 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن سَهْل الرَّمْلِيّ , قَالَ : ثنا إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم أَبُو النَّصْر , قَالَ : ثنا عُمَر بْن الْمُغِيرَة , قَالَ : ثنا دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الضِّرَار فِي الْوَصِيَّة مِنْ الْكَبَائِر . )6982 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرو التَّيْمِيّ , عَنْ أَبِي الضُّحَى , قَالَ : (دَخَلْت مَعَ مَسْرُوق عَلَى مَرِيض , فَإِذَا هُوَ يُوصِي , قَالَ : فَقَالَ لَهُ مَسْرُوق : اِعْدِلْ لَا تَضْلِلْ ! )وَنُصِبَتْ | غَيْر مُضَارّ | عَلَى الْخُرُوج مِنْ قَوْله : { يُوصَى بِهَا } . وَأَمَّا قَوْله : { وَصِيَّة } فَإِنَّ نَصْبه مِنْ قَوْله : { يُوصِيكُمْ اللَّه فِي أَوْلَادكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ } وَسَائِر مَا أَوْصَى بِهِ فِي الِاثْنَيْنِ , ثُمَّ قَالَ : { وَصِيَّة مِنْ اللَّه } مَصْدَرًا مِنْ قَوْله : { يُوصِيكُمْ } . وَقَدْ قَالَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة : ذَلِكَ مَنْصُوب مِنْ قَوْله : { فَلِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا السُّدُس وَصِيَّة مِنْ اللَّه } قَالَ : هُوَ مِثْل قَوْلك : لَك دِرْهَمَانِ نَفَقَة إِلَى أَهْلك . وَاَلَّذِي قُلْنَاهُ بِالصَّوَابِ أَوْلَى , لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ اِفْتَتَحَ ذِكْر قِسْمَة الْمَوَارِيث فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ بِقَوْلِهِ : { يُوصِيكُمْ اللَّه } ثُمَّ خَتَمَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : { وَصِيَّة مِنْ اللَّه } أَخْبَرَ أَنَّ جَمِيع ذَلِكَ وَصِيَّة مِنْهُ بِهِ عِبَاده , فَنَصْبُ قَوْله : { وَصِيَّة } عَلَى الْمَصْدَر مِنْ قَوْله : { يُوصِيكُمْ } أَوْلَى مِنْ نَصْبه عَلَى التَّفْسِير مِنْ قَوْله : { فَلِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا السُّدُس } لِمَا ذَكَرْنَا .|وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ|وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ تَعَالَى ذِكْره : { وَصِيَّة مِنْ اللَّه } : عَهْدًا مِنْ اللَّه إِلَيْكُمْ فِيمَا يَجِب لَكُمْ مِنْ مِيرَاث مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ.|وَاللَّهُ عَلِيمٌ| { وَاَللَّه عَلِيم } يَقُول : ذُو عِلْم بِمَصَالِح خَلْقه وَمَضَارّهمْ , وَمَنْ يَسْتَحِقّ أَنْ يُعْطَى مِنْ أَقْرِبَاء مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ وَأَنْسِبَائِهِ مِنْ مِيرَاثه , وَمَنْ يُحْرَم ذَلِكَ مِنْهُمْ , وَمَبْلَغ مَا يَسْتَحِقّ بِهِ كُلّ مَنْ اِسْتَحَقَّ مِنْهُمْ قَسْمًا , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أُمُور عِبَاده وَمَصَالِحهمْ .|حَلِيمٌ| { حَلِيم } يَقُول : ذُو حِلْم عَلَى خَلْقه , وَذُو أَنَاة فِي تَرْكه مُعَاجَلَتهمْ بِالْعُقُوبَةِ عَلَى ظُلْم بَعْضهمْ بَعْضًا فِي إِعْطَائِهِمْ الْمِيرَاث لِأَهْلِ الْجَلَد وَالْقُوَّة مِنْ وَلَد الْمَيِّت وَأَهْل الْغِنَاء وَالْبَأْس مِنْهُمْ , دُون أَهْل الضَّعْف وَالْعَجْز مِنْ صِغَار وَلَده وَإِنَاثهمْ .

تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { تِلْكَ حُدُود اللَّه وَمَنْ يُطِعْ اللَّه وَرَسُوله يُدْخِلهُ جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْز الْعَظِيم } </subtitle>قَالَ أَبُو جَعْفَر : اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { تِلْكَ حُدُود اللَّه } , فَقَالَ بَعْضهمْ : يَعْنِي بِهِ : تِلْكَ شُرُوط اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6983 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { تِلْكَ حُدُود اللَّه } يَقُول : شُرُوط اللَّه . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : تِلْكَ طَاعَة اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6984 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثنا مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { تِلْكَ حُدُود اللَّه } يَعْنِي : طَاعَة اللَّه , يَعْنِي : الْمَوَارِيث الَّتِي سُمِّيَ اللَّه . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : تِلْكَ سُنَّة اللَّه وَأَمْره . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : تِلْكَ فَرَائِض اللَّه . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ مَا نَحْنُ مُبَيِّنُوهُ , وَهُوَ أَنَّ حَدّ كُلّ شَيْء مَا فُصِلَ بَيْنه وَبَيْن غَيْره , وَلِذَلِكَ قِيلَ لِحُدُودِ الدَّار وَحُدُود الْأَرَضِينَ : حُدُود , لِفُصُولِهَا بَيْن مَا جَدَّ بِهَا وَبَيْن غَيْره , فَكَذَلِكَ قَوْله : { تِلْكَ حُدُود اللَّه } مَعْنَاهُ : هَذِهِ الْقِسْمَة الَّتِي قَسَمَهَا لَكُمْ رَبّكُمْ , وَالْفَرَائِض الَّتِي فَرَضَهَا لِأَحْيَائِكُمْ مِنْ مَوْتَاكُمْ فِي هَذِهِ الْآيَة عَلَى مَا فَرَضَ وَبَيَّنَ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ حُدُود اللَّه , يَعْنِي : فُصُول مَا بَيْن طَاعَة اللَّه وَمَعْصِيَته فِي قَسْمِكُمْ مَوَارِيث مَوْتَاكُمْ , كَمَا قَالَ اِبْن عَبَّاس. وَإِنَّمَا تَرَكَ طَاعَة اللَّه , وَالْمَعْنَى بِذَلِكَ حُدُود طَاعَة اللَّه اِكْتِفَاء بِمَعْرِفَةِ الْمُخَاطَبِينَ بِذَلِكَ بِمَعْنَى الْكَلَام مِنْ ذِكْرهَا . وَالدَّلِيل عَلَى صِحَّة مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَوْله : { وَمَنْ يُطِعْ اللَّه وَرَسُوله } . .. وَالْآيَة الَّتِي بَعْدهَا : { وَمَنْ يَعْصِ اللَّه وَرَسُوله } . فَتَأْوِيل الْآيَة إِذًا : هَذِهِ الْقِسْمَة الَّتِي قَسَمَ بَيْنكُمْ أَيّهَا النَّاس عَلَيْهَا رَبّكُمْ مَوَارِيث مَوْتَاكُمْ , فُصُول فَصَلَ بِهَا لَكُمْ بَيْن طَاعَته وَمَعْصِيَته , وَحُدُود لَكُمْ تَنْتَهُونَ إِلَيْهَا فَلَا تَتَعَدَّوْهَا , وَفَصْل مِنْكُمْ أَهْل طَاعَته مِنْ أَهْل مَعْصِيَته فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ مِنْ قِسْمَة مَوَارِيث مَوْتَاكُمْ بَيْنكُمْ , وَفِيمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ مِنْهَا . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6985 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : ( { تِلْكَ حُدُود اللَّه وَمَنْ يُطِعْ اللَّه وَرَسُوله يُدْخِلهُ } . .. الْآيَة , قَالَ : فِي شَأْن الْمَوَارِيث الَّتِي ذُكِرَ قَبْل . )6986 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { تِلْكَ حُدُود اللَّه } الَّتِي حَدَّ لِخَلْقِهِ وَفَرَائِضه بَيْنهمْ مِنْ الْمِيرَاث وَالْقِسْمَة , فَانْتَهُوا إِلَيْهَا وَلَا تَعْدُوهَا إِلَى غَيْرهَا.)|وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ|ثُمَّ أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَمَّا أَعَدَّ لِكُلِّ فَرِيق مِنْهُمْ , فَقَالَ لِفَرِيقِ أَهْل طَاعَته فِي ذَلِكَ : { وَمَنْ يُطِعْ اللَّه وَرَسُوله } فِي الْعَمَل بِمَا أَمَرَهُ بِهِ وَالِانْتِهَاء إِلَى مَا حَدَّهُ لَهُ فِي قِسْمَة الْمَوَارِيث وَغَيْرهَا , وَيَجْتَنِب مَا نَهَاهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ وَغَيْره ; { يُدْخِلهُ جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار } , فَقَوْله : { يُدْخِلهُ جَنَّات } يَعْنِي : بَسَاتِين تَجْرِي مِنْ تَحْت غُرُوسهَا وَأَشْجَارهَا الْأَنْهَار .|خَالِدِينَ فِيهَا|يَقُول : بَاقِينَ فِيهَا أَبَدًا , لَا يَمُوتُونَ فِيهَا , وَلَا يَفْنَوْنَ , وَلَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا .|وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ|يَقُول : وَإِدْخَال اللَّه إِيَّاهُمْ الْجِنَان الَّتِي وَصَفَهَا عَلَى مَا وَصَفَ مِنْ ذَلِكَ الْفَوْز الْعَظِيم يَعْنِي : الْفَلَاح الْعَظِيم .

وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ يَعْصِ اللَّه وَرَسُوله وَيَتَعَدَّ حُدُوده } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَمَنْ يَعْصِ اللَّه وَرَسُوله } فِي الْعَمَل بِمَا أَمَرَاهُ بِهِ مِنْ قِسْمَة الْمَوَارِيث عَلَى مَا أَمَرَاهُ بِقِسْمَةِ ذَلِكَ بَيْنهمْ وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ فَرَائِض اللَّه مُخَالِفًا أَمْرهمَا إِلَى مَا نَهَيَاهُ عَنْهُ , { وَيَتَعَدَّ حُدُوده } يَقُول : وَيَتَجَاوَز فُصُول طَاعَته الَّتِي جَعَلَهَا تَعَالَى فَاصِلَة بَيْنهَا وَبَيْن مَعْصِيَته إِلَى مَا نَهَاهُ عَنْهُ مِنْ قِسْمَة تَرِكَات مَوْتَاهُمْ بَيْن وَرَثَته , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ حُدُوده . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6987 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَمَنْ يَعْصِ اللَّه وَرَسُوله وَيَتَعَدَّ حُدُوده } . .. الْآيَة فِي شَأْن الْمَوَارِيث الَّتِي ذَكَرَ قَبْل . قَالَ اِبْن جُرَيْج : وَمَنْ يَعْصِ اللَّه وَرَسُوله , قَالَ : مَنْ أَصَابَ مِنْ الذُّنُوب مَا يُعَذِّب اللَّه عَلَيْهِ. )فَإِنْ قَالَ قَائِل : أَوَ يُخَلَّدُ فِي النَّار مَنْ عَصَى اللَّه وَرَسُوله فِي قِسْمَة الْمَوَارِيث ؟ قِيلَ : نَعَمْ , إِذَا جَمَعَ إِلَى مَعْصِيَتهمَا فِي ذَلِكَ شَكًّا فِي أَنَّ اللَّه فَرَضَ عَلَيْهِ مَا فَرَضَ عَلَى عِبَاده فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ , أَوْ عَلِمَ ذَلِكَ , فَحَادَّ اللَّه وَرَسُوله فِي أَمْرهمَا عَلَى مَا ذَكَرَ اِبْن عَبَّاس مِنْ قَوْل مَنْ قَالَ حِين نَزَلَ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { يُوصِيكُمْ اللَّه فِي أَوْلَادكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ } . .. إِلَى تَمَام الْآيَتَيْنِ : أَيُوَرَّثُ مَنْ لَا يَرْكَب الْفَرَس , وَلَا يُقَاتِل الْعَدُوّ , وَلَا يَحُوز الْغَنِيمَة نِصْف الْمَال أَوْ جَمِيع الْمَال ؟ اِسْتِنْكَارًا مِنْهُمْ قِسْمَة اللَّه مَا قَسَمَ لِصِغَارِ وَلَد الْمَيِّت وَنِسَائِهِ وَإِنَاث وَلَده , مِمَّنْ خَالَفَ قِسْمَة اللَّه مَا قَسَمَ مِنْ مِيرَاث أَهْل الْمِيرَاث بَيْنهمْ , عَلَى مَا قَسَمَهُ فِي كِتَابه , وَخَالَفَ حُكْمه فِي ذَلِكَ وَحُكْم رَسُوله , اِسْتِنْكَارًا مِنْهُ حُكْمهمَا , كَمَا اِسْتَنْكَرَهُ الَّذِينَ ذَكَرَ أَمْرهمْ اِبْن عَبَّاس مِمَّنْ كَانَ بَيْن أَظْهُر أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ فِيهِمْ نَزَلَتْ وَفِي أَشْكَالهمْ هَذِهِ الْآيَة , فَهُوَ مِنْ أَهْل الْخُلُود فِي النَّار , لِأَنَّهُ بِاسْتِنْكَارِهِ حُكْم اللَّه فِي تِلْكَ يَصِير بِاَللَّهِ كَافِرًا وَمِنْ مِلَّة الْإِسْلَام خَارِجًا .|يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا|يَقُول : بَاقِيًا فِيهَا أَبَدًا لَا يَمُوت وَلَا يُخْرَج مِنْهَا أَبَدًا .|وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ|يَعْنِي : وَلَهُ عَذَاب مُذِلّ مَنْ عُذِّبَ بِهِ مُخْزٍ لَهُ .

وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَة مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَة مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوت حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْت أَوْ يَجْعَل اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا } </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَة } وَالنِّسَاء يَأْتِينَ بِالزِّنَا : أَيْ يَزْنِينَ . { مِنْ نِسَائِكُمْ } وَهُنَّ مُحْصَنَات ذَوَات أَزْوَاج , أَوْ غَيْر ذَوَات أَزْوَاج . { فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَة مِنْكُمْ } يَقُولهُ : فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ بِمَا أَتَيْنَ مِنْ الْفَاحِشَة أَرْبَعَة رِجَال مِنْ رِجَالكُمْ , يَعْنِي : مِنْ الْمُسْلِمِينَ . { فَإِنْ شَهِدُوا } عَلَيْهِنَّ , { فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوت } يَقُول : فَاحْبِسُوهُنَّ فِي الْبُيُوت , { حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْت } يَقُول : حَتَّى يَمُتْنَ , { أَوْ يَجْعَل اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا } يَعْنِي : أَوْ يَجْعَل اللَّه لَهُنَّ مَخْرَجًا وَطَرِيقًا إِلَى النَّجَاة مِمَّا أَتَيْنَ بِهِ مِنْ الْفَاحِشَة. وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6988 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ مُحَمَّد بْن يَزِيد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن أَبِي زَائِدَة , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَة مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَة مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوت } أَمَرَ بِحَبْسِهِنَّ فِي الْبُيُوت حَتَّى يَمُتْنَ { أَوْ يَجْعَل اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا } قَالَ : الْحَدّ . )6989 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَة مِنْ نِسَائِكُمْ } قَالَ : الزِّنَا , كَانَ أَمَرَ بِحَبْسِهِنَّ حِين يَشْهَد عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَة حَتَّى يَمُتْنَ ; { أَوْ يَجْعَل اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا } وَالسَّبِيل : الْحَدّ . )6990 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَة مِنْ نِسَائِكُمْ } إِلَى : { أَوْ يَجْعَل اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا } فَكَانَتْ الْمَرْأَة إِذَا زَنَتْ حُبِسَتْ فِي الْبَيْت حَتَّى تَمُوت , ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَعْد ذَلِكَ : { الزَّانِيَة وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا مِائَة جَلْدَة } فَإِنْ كَانَا مُحْصَنَيْنِ رُجِمَا , فَهَذِهِ سَبِيلهمَا الَّذِي جَعَلَ اللَّه لَهُمَا . )6991 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : ( { أَوْ يَجْعَل اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا } فَقَدْ جَعَلَ اللَّه لَهُنَّ , وَهُوَ الْجَلْد وَالرَّجْم . )6992 - حَدَّثَنِي بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَة } حَتَّى بَلَغَ : { أَوْ يَجْعَل اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا } كَانَ هَذَا مِنْ قَبْل الْحُدُود , فَكَانَا يُؤْذَيَانِ بِالْقَوْلِ جَمِيعًا , وَبِحَبْسِ الْمَرْأَة . ثُمَّ جَعَلَ اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا , فَكَانَ سَبِيل مَنْ أُحْصِنَ جَلْد مِائَة ثُمَّ رَمْي بِالْحِجَارَةِ , وَسَبِيل مَنْ لَمْ يُحْصَن جَلْد مِائَة وَنَفْي سَنَة . )6993 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح وَعَبْد اللَّه بْن كَثِير : (الْفَاحِشَة : الزِّنَا , وَالسَّبِيل : الرَّجْم وَالْجَلْد. )6994 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَة مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَة مِنْكُمْ } إِلَى : { أَوْ يَجْعَل اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا } هَؤُلَاءِ اللَّاتِي قَدْ نُكِحْنَ وَأُحْصِنَّ , إِذَا زَنَتْ الْمَرْأَة فَإِنَّهَا كَانَتْ تُحْبَس فِي الْبَيْت وَيَأْخُذ زَوْجهَا مَهْرهَا فَهُوَ لَهُ , فَذَلِكَ قَوْله : { وَلَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة } { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } [4 19 ]حَتَّى جَاءَتْ الْحُدُود فَنَسَخَتْهَا , فَجُلِدَتْ وَرُجِمَتْ , وَكَانَ مَهْرهَا مِيرَاثًا , فَكَانَ السَّبِيل هُوَ الْجَلْد . )6995 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سَلْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم يَقُول فِي قَوْله : ( { أَوْ يَجْعَل اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا } قَالَ : الْحَدّ , نَسَخَ الْحَدّ هَذِهِ الْآيَة . )6996 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ خُصَيْف , عَنْ مُجَاهِد : ( { أَوْ يَجْعَل اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا } قَالَ : جَلْد مِائَة , الْفَاعِل وَالْفَاعِلَة . )* - حَدَّثَنَا الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (الْجَلْد . )6997 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُعَاذ بْن هِشَام , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن , عَنْ حِطَّان بْن عَبْد اللَّه الرَّقَاشِيّ , عَنْ عُبَادَة بْن الصَّامِت : (أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْي نَكَّسَ رَأْسه , وَنَكَّسَ أَصْحَابه رُءُوسهمْ ; فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ رَفَعَ رَأْسه , فَقَالَ : | قَدْ جَعَلَ اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا , الثَّيِّب بِالثَّيِّبِ , وَالْبِكْر بِالْبِكْرِ ; أَمَّا الثَّيِّب فَتُجْلَد ثُمَّ تُرْجَم ; وَأَمَّا الْبِكْر فَتُجْلَد ثُمَّ تُنْفَى . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ حِطَّان بْن عَبْد اللَّه , عَنْ عُبَادَة بْن الصَّامِت , قَالَ : قَالَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا ; الثَّيِّب بِالثَّيِّبِ تُجْلَد مِائَة وَتُرْجَم بِالْحِجَارَةِ , وَالْبِكْر جَلْد مِائَة وَنَفْي سَنَة . )6998 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن , عَنْ حِطَّان بْن عَبْد اللَّه أَخِي بَنِي رَقَاش , عَنْ عُبَادَة بْن الصَّامِت : (أَنَّ رَسُول اللَّه قَدْ كَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْي كَرَبَ لِذَلِكَ وَتَرَبَّدَ لَهُ وَجْهه , فَأَنْزَلَ اللَّه عَلَيْهِ ذَات يَوْم , فَلَقِيَ ذَلِكَ فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ قَالَ : | خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا ; الثَّيِّب بِالثَّيِّبِ جَلْد مِائَة ثُمَّ رَجْم بِالْحِجَارَةِ , وَالْبِكْر بِالْبِكْرِ جَلْد مِائَة ثُمَّ نَفْي سَنَة . )6999 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ : اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَة مِنْ نِسَائِكُمْ , فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَة مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوت حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْت أَوْ يَجْعَل اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا } قَالَ : يَقُول : لَا تُنْكِحُوهُنَّ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْت , وَلَمْ يُخْرِجهُنَّ مِنْ الْإِسْلَام . ثُمَّ نَسَخَ هَذَا , وَجَعَلَ السَّبِيل الَّتِي ذَكَرَ أَنْ يَجْعَل لَهُنَّ سَبِيلًا , قَالَ : فَجَعَلَ لَهَا السَّبِيل إِذَا زَنَتْ وَهِيَ مُحْصَنَة رُجِمَتْ وَأُخْرِجَتْ , وَجَعَلَ السَّبِيل لِلْبِكْرِ جَلْد مِائَة . )7000 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : ( { حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْت أَوْ يَجْعَل اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا } قَالَ : الْجَلْد وَالرَّجْم . )* - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن أَبِي جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن , عَنْ حِطَّان بْن عَبْد اللَّه الرَّقَاشِيّ , عَنْ عُبَادَة بْن الصَّامِت , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا : الثَّيِّب بِالثَّيِّبِ وَالْبِكْر بِالْبِكْرِ , الثَّيِّب تُجْلَد وَتُرْجَم وَالْبِكْر تُجْلَد وَتُنْفَى . )* - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن إِبْرَاهِيم الْمَسْعُودِيّ , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدّه , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن مُسْلِم الْبَصْرِيّ , عَنْ الْحَسَن , عَنْ عُبَادَة بْن الصَّامِت , قَالَ : (كُنَّا جُلُوسًا عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ اِحْمَرَّ وَجْهه , وَكَانَ يَفْعَل ذَلِكَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْي , فَأَخَذَهُ كَهَيْئَةِ الْغَشْي لِمَا يَجِد مِنْ ثِقَل ذَلِكَ , فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ : | خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا , الْبِكْرَانِ يُجْلَدَانِ وَيُنْفَيَانِ سَنَة , وَالثَّيِّبَانِ يُجْلَدَانِ وَيُرْجَمَانِ . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال بِالصِّحَّةِ فِي تَأْوِيل قَوْله : { أَوْ يَجْعَل اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا } قَوْل مَنْ قَالَ السَّبِيل الَّتِي جَعَلَهَا اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِلثَّيِّبَيْنِ الْمُحْصَنَيْنِ الرَّجْم بِالْحِجَارَةِ , وَلِلْبِكْرَيْنِ جَلْد مِائَة , وَنَفْي سَنَة لِصِحَّةِ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَجَمَ وَلَمْ يَجْلِد ; وَإِجْمَاع الْحُجَّة الَّتِي لَا يَجُوز عَلَيْهَا فِيمَا نَقَلْته مُجْمِعَة عَلَيْهِ الْخَطَأ وَالسَّهْو وَالْكَذِب ; وَصِحَّة الْخَبَر عَنْهُ , أَنَّهُ قَضَى فِي الْبِكْرَيْنِ بِجَلْدِ مِائَة , وَنَفْي سَنَة , فَكَانَ فِي الَّذِي صَحَّ عَنْهُ مِنْ تَرْكه جَلْد مَنْ رُجِمَ مِنْ الزُّنَاة فِي عَصْره دَلِيل وَاضِح عَلَى وَهْي الْخَبَر الَّذِي رُوِيَ عَنْ الْحَسَن عَنْ حِطَّان عَنْ عُبَادَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : السَّبِيل لِلثَّيِّبِ الْمُحْصَن : الْجَلْد وَالرَّجْم . وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ بِالْفَاحِشَةِ مِنْ نِسَائِكُمْ , وَالْعَرَب تَقُول : أَتَيْت أَمْرًا عَظِيمًا , وَبِأَمْرٍ عَظِيم , وَتَكَلَّمْت بِكَلَامٍ قَبِيح , وَكَلَامًا قَبِيحًا .

وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآَذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ } : وَالرَّجُل وَالْمَرْأَة اللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا , يَقُول : يَأْتِيَانِ الْفَاحِشَة وَالْهَاء وَالْأَلِف فِي قَوْله : { يَأْتِيَانِهَا } عَائِدَة عَلَى الْفَاحِشَة الَّتِي فِي قَوْله : { وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَة مِنْ نِسَائِكُمْ } وَالْمَعْنَى : وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِ مِنْكُمْ الْفَاحِشَة فَآذُوهُمَا. ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنِيّ بِقَوْلِهِ : { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا } فَقَالَ بَعْضهمْ : هُمَا الْبِكْرَانِ اللَّذَانِ لَمْ يُحْصَنَا , وَهُمَا غَيْر اللَّاتِي عُنِينَ بِالْآيَةِ قَبْلهَا . وَقَالُوا : قَوْله : { وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَة مِنْ نِسَائِكُمْ } مَعْنِيّ بِهِ الثَّيِّبَات الْمُحْصَنَات بِالْأَزْوَاجِ , وَقَوْله : { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ } يَعْنِي بِهِ : الْبِكْرَانِ غَيْر الْمُحْصَنَيْنِ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7001 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : (ذَكَرَ الْجَوَارِي وَالْفِتْيَان اللَّذِينَ لَمْ يُنْكَحُوا , فَقَالَ : { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا } . )7002 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ } الْبِكْرَانِ فَآذُوهُمَا . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِقَوْلِهِ : { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ } الرَّجُلَانِ الزَّانِيَانِ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7003 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا } قَالَ : الرَّجُلَانِ الْفَاعِلَانِ لَا يُكَنِّي . )7004 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ } : الزَّانِيَانِ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ الرَّجُل وَالْمَرْأَة , إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُقْصَد بِهِ بِكْر دُون ثَيِّب . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7005 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء ( { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا } قَالَ : الرَّجُل وَالْمَرْأَة . )7006 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , عَنْ يَزِيد النَّحْوِيّ , عَنْ عِكْرِمَة وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ , قَالَا : ( { وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَة مِنْ نِسَائِكُمْ } إِلَى قَوْله : { أَوْ يَجْعَل اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا } فَذَكَرَ الرَّجُل بَعْد الْمَرْأَة ثُمَّ جَمَعَهُمَا جَمِيعًا , فَقَالَ : { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّه كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا } . )7007 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ عَطَاء وَعَبْد اللَّه بْن كَثِير , قَوْله : ( { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ } قَالَ : هَذِهِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَة جَمِيعًا . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ } قَوْل مَنْ قَالَ : عُنِيَ بِهِ الْبِكْرَانِ غَيْر الْمُحْصَنَيْنِ إِذَا زَنَيَا وَكَانَ أَحَدهمَا رَجُلًا وَالْآخَر اِمْرَأَة , لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَقْصُودًا بِذَلِكَ قَصْد الْبَيَان عَنْ حُكْم الزُّنَاة مِنْ الرِّجَال كَمَا كَانَ مَقْصُودًا بِقَوْلِهِ : { وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَة مِنْ نِسَائِكُمْ } قَصْد الْبَيَان عَنْ حُكْم الزَّوَانِي , لَقِيلَ : وَاَلَّذِينَ يَأْتُونَهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمْ , أَوْ قِيلَ : وَاَلَّذِي يَأْتِيهَا مِنْكُمْ , كَمَا قِيلَ فِي الَّتِي قَبْلهَا : { وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَة } فَأُخْرِجَ ذِكْرهنَّ عَلَى الْجَمْع , وَلَمْ يَقُلْ : وَاللَّتَانِ يَأْتِيَانِ الْفَاحِشَة . وَكَذَلِكَ تَفْعَل الْعَرَب إِذَا أَرَادَتْ الْبَيَان عَلَى الْوَعِيد عَلَى فِعْل أَوْ الْوَعْد عَلَيْهِ , أَخْرَجَتْ أَسْمَاء أَهْله بِذِكْرِ الْجَمْع أَوْ الْوَاحِد , وَذَلِكَ أَنَّ الْوَاحِد يَدُلّ عَلَى جِنْسه , وَلَا تُخْرِجهَا بِذِكْرِ اِثْنَيْنِ , فَتَقُول : الَّذِينَ يَفْعَلُونَ كَذَا فَلَهُمْ كَذَا , وَاَلَّذِي يَفْعَل كَذَا فَلَهُ كَذَا , وَلَا تَقُول : اللَّذَانِ يَفْعَلَانِ كَذَا فَلَهُمَا كَذَا , إِلَّا أَنْ يَكُون فَعَلَا لَا يَكُون إِلَّا مِنْ شَخْصَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ كَالزِّنَا لَا يَكُون إِلَّا مِنْ زَانٍ وَزَانِيَة . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , قِيلَ بِذِكْرِ الِاثْنَيْنِ , يُرَاد بِذَلِكَ الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ , فَإِمَّا أَنْ يُذْكَر بِذِكْرِ الِاثْنَيْنِ وَالْمُرَاد بِذَلِكَ شَخْصَانِ فِي فِعْل قَدْ يَنْفَرِد كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا بِهِ أَوْ فِي فِعْل لَا يَكُونَانِ فِيهِ مُشْتَرِكَيْنِ فَذَلِكَ مَا لَا يُعْرَف فِي كَلَامهَا . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَبُيِّنَ فَسَاد قَوْل مَنْ قَالَ : عُنِيَ بِقَوْلِهِ : { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ } الرَّجُلَانِ , وَصِحَّة قَوْل مَنْ قَالَ : عُنِيَ بِهِ الرَّجُل وَالْمَرْأَة وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَمَعْلُوم أَنَّهُمَا غَيْر اللَّوَاتِي تَقَدَّمَ بَيَان حُكْمهنَّ فِي قَوْله : { وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَة } لِأَنَّ هَذَيْنِ اِثْنَانِ وَأُولَئِكَ جَمَاعَة . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَمَعْلُوم أَنَّ الْحَبْس كَانَ لِلثَّيِّبَاتِ عُقُوبَة حَتَّى يُتَوَفَّيْنَ مِنْ قَبْل أَنْ يَجْعَل لَهُنَّ سَبِيلًا , لِأَنَّهُ أَغْلَظُ فِي الْعُقُوبَة مِنْ الْأَذَى الَّذِي هُوَ تَعْنِيف وَتَوْبِيخ أَوْ سَبّ وَتَعْيِير , كَمَا كَانَ السَّبِيل الَّتِي جُعِلَتْ لَهُنَّ مِنْ الرَّجْم أَغْلَظ مِنْ السَّبِيل الَّتِي جُعِلَتْ لِلْأَبْكَارِ مِنْ جَلْد الْمِائَة وَنَفْي السَّنَة .|فَآذُوهُمَا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا } . </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْأَذَى الَّذِي كَانَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره جَعَلَهُ عُقُوبَة لِلَّذِينَ يَأْتِيَانِ الْفَاحِشَة مِنْ قَبْل أَنْ يَجْعَل لَهُمَا سَبِيلًا مِنْهُ , فَقَالَ بَعْضهمْ : ذَلِكَ الْأَذَى , أَذًى بِالْقَوْلِ وَاللِّسَان , كَالتَّعْيِيرِ وَالتَّوْبِيخ عَلَى مَا أَتَيَا مِنْ الْفَاحِشَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7008 - حَدَّثَنِي بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { فَآذُوهُمَا } قَالَ : كَانَا يُؤْذَيَانِ بِالْقَوْلِ جَمِيعًا . )7009 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا } فَكَانَتْ الْجَارِيَة وَالْفَتَى إِذَا زَنَيَا يُعَنَّفَانِ وَيُعَيَّرَانِ حَتَّى يَتْرُكَا ذَلِكَ . )وَقَالَ آخَرُونَ : كَانَ ذَلِكَ الْأَذَى أَذَى اللِّسَان , غَيْر أَنَّهُ كَانَ سَبًّا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7010 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { فَآذُوهُمَا } يَعْنِي : سَبًّا. )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانَ ذَلِكَ الْأَذَى بِاللِّسَانِ وَالْيَد . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7011 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا } فَكَانَ الرَّجُل إِذَا زَنَى أُوذِيَ بِالتَّعْيِيرِ , وَضُرِبَ بِالنِّعَالِ. )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره كَانَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِأَذَى الزَّانِيَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ إِذَا أَتَيَا ذَلِكَ وَهُمَا مِنْ أَهْل الْإِسْلَام , وَالْأَذَى قَدْ يَقَع بِكُلِّ مَكْرُوه نَالَ الْإِنْسَان مِنْ قَوْل سَيِّئ بِاللِّسَانِ أَوْ فِعْل , وَلَيْسَ فِي الْآيَة بَيَان أَنَّ ذَلِكَ كَانَ أُمِرَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمئِذٍ , وَلَا خَبَر بِهِ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَقْل الْوَاحِد وَلَا نَقْل الْجَمَاعَة الْمُوجِب مَجِيئُهَا قَطْع الْعُذْر. وَأَهْل التَّأْوِيل فِي ذَلِكَ مُخْتَلِفُونَ , وَجَائِز أَنْ يَكُون ذَلِكَ أَذًى بِاللِّسَانِ وَالْيَد , وَجَائِز أَنْ يَكُون كَانَ أَذًى بِأَيِّهِمَا , وَلَيْسَ فِي الْعِلْم بِأَيِّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ أَيّ نَفْع فِي دِين وَلَا دُنْيَا وَلَا فِي الْجَهْل بِهِ مَضَرَّة , إِذْ كَانَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ نَسَخَ ذَلِكَ مِنْ مُحْكَمه بِمَا أَوْجَبَ مِنْ الْحُكْم عَلَى عِبَاده فِيهِمَا وَفِي اللَّاتِي قَبْلهمَا ; فَأَمَّا الَّذِي أَوْجَبَ مِنْ الْحُكْم عَلَيْهِمْ فِيهِمَا فَمَا أَوْجَبَ فِي سُورَة النُّور بِقَوْلِهِ : { الزَّانِيَة وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا مِائَة جَلْدَة } [24 2 ]وَأَمَّا الَّذِي أَوْجَبَ فِي اللَّاتِي قَبْلهمَا , فَالرَّجْم الَّذِي قَضَى بِهِ رَسُول اللَّه فِيهِمَا وَأَجْمَعَ أَهْل التَّأْوِيل جَمِيعًا عَلَى أَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره قَدْ جَعَلَ لِأَهْلِ الْفَاحِشَة مِنْ الزُّنَاة وَالزَّوَانِي سَبِيلًا بِالْحُدُودِ الَّتِي حَكَمَ بِهَا فِيهِمْ . وَقَالَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل : إِنَّ اللَّه سُبْحَانه نَسَخَ بِقَوْلِهِ : { الزَّانِيَة وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا مِائَة جَلْدَة } [24 2 ]قَوْله : { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا } . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7012 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا } قَالَ : كُلّ ذَلِكَ نَسَخَتْهُ الْآيَة الَّتِي فِي النُّور بِالْحَدِّ الْمَفْرُوض. )* - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا } ... الْآيَة , قَالَ : هَذَا نَسَخَتْهُ الْآيَة فِي سُورَة النُّور بِالْحَدِّ الْمَفْرُوض . )7013 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا أَبُو تُمَيْلَة , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن بْن وَاقِد , عَنْ يَزِيد النَّحْوِيّ , عَنْ عِكْرِمَة وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ , قَالَا فِي قَوْله : ( { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا } ... الْآيَة , نُسِخَ ذَلِكَ بِآيَةِ الْجَلْد , فَقَالَ : { الزَّانِيَة وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا مِائَة جَلْدَة } [24 2 ]. )7014 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا } فَأَنْزَلَ اللَّه بَعْد هَذَا : { الزَّانِيَة وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا مِائَة جَلْدَة } [24 2 ]فَإِنْ كَانَا مُحْصَنَيْنِ رُجِمَا فِي سُنَّة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )7015 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَة مِنْ نِسَائِكُمْ } . .. الْآيَة ; جَاءَتْ الْحُدُود فَنَسَخَتْهَا . )7016 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول : (نَسَخَ الْحَدّ هَذِهِ الْآيَة . )7017 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوت } . .. الْآيَة , قَالَ : نَسَخَتْهَا الْحُدُود , وَقَوْله : { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ } نَسَخَتْهَا الْحُدُود . )7018 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا } . .. الْآيَة , ثُمَّ نُسِخَ هَذَا وَجُعِلَ السَّبِيل لَهَا إِذَا زَنَتْ وَهِيَ مُحْصَنَة رُجِمَتْ وَأُخْرِجَتْ , وَجُعِلَ السَّبِيل لِلذَّكَرِ جَلْد مِائَة . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : ( { فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوت حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْت } قَالَ : نَسَخَتْهَا الْحُدُود.)|فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا|وَأَمَّا قَوْله : { فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا } فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَإِنْ تَابَا مِنْ الْفَاحِشَة الَّتِي أَتَيَا , فَرَاجَعَا طَاعَة اللَّه بَيْنهمَا وَأَصْلَحَا , يَقُول : وَأَصْلَحَا دِينهمَا بِمُرَاجَعَةِ التَّوْبَة مِنْ فَاحِشَتهمَا وَالْعَمَل بِمَا يُرْضِي اللَّه , فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا , يَقُول : فَاصْفَحُوا عَنْهُمَا , وَكُفُّوا عَنْهُمَا الْأَذَى الَّذِي كُنْت أَمَرْتُكُمْ أَنْ تُؤْذُوهُمَا بِهِ , عُقُوبَة لَهُمَا عَلَى مَا أَتَيَا مِنْ الْفَاحِشَة , وَلَا تُؤْذُوهُمَا بَعْد تَوْبَتهمَا .|إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا|وَأَمَّا قَوْله : { إِنَّ اللَّه كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا } فَإِنَّهُ يَعْنِي : أَنَّ اللَّه لَمْ يَزَلْ رَاجِعًا لِعَبِيدِهِ إِلَى مَا يُحِبُّونَ إِذَا هُمْ رَاجَعُوا مَا يُحِبّ مِنْهُمْ مِنْ طَاعَته . رَحِيمًا بِهِمْ , يَعْنِي : ذَا رَحْمَة وَرَأْفَة.

إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّمَا التَّوْبَة عَلَى اللَّه لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ } </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { إِنَّمَا التَّوْبَة عَلَى اللَّه لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ } : مَا التَّوْبَة عَلَى اللَّه لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقه , إِلَّا لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء مِنْ الْمُؤْمِنِينَ بِجَهَالَةٍ . { ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيب } يَقُول : مَا اللَّه بِرَاجِعٍ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقه إِلَى مَا يُحِبّهُ مِنْ الْعَفْو عَنْهُ وَالصَّفْح عَنْ ذُنُوبه الَّتِي سَلَفَتْ مِنْهُ , إِلَّا لِلَّذِينَ يَأْتُونَ مَا يَأْتُونَهُ مِنْ ذُنُوبهمْ جَهَالَة مِنْهُمْ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ مُؤْمِنُونَ , ثُمَّ يُرَاجِعُونَ طَاعَة اللَّه وَيَتُوبُونَ مِنْهُ إِلَى مَا أَمَرَهُمْ اللَّه بِهِ مِنْ النَّدَم عَلَيْهِ وَالِاسْتِغْفَار وَتَرْك الْعَوْد إِلَى مِثْله مِنْ قَبْل نُزُول الْمَوْت بِهِمْ . وَذَلِكَ هُوَ الْقَرِيب الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّه تَعَالَى ذِكْره , فَقَالَ : { ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيب } . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , قَالَ : أَهْل التَّأْوِيل غَيْر أَنَّهُمْ اِخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى قَوْله : { بِجَهَالَةٍ } فَقَالَ بَعْضهمْ فِي ذَلِكَ بِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِيهِ , وَذَهَبَ إِلَى أَنَّ عَمَله السُّوء هُوَ الْجَهَالَة الَّتِي عَنَاهَا. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7019 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة : أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّث أَنَّ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَقُولُونَ : (كُلّ ذَنْب أَصَابَهُ عَبْد فَهُوَ بِجَهَالَةٍ . )7020 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة قَوْله : ( { لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ } قَالَ : اِجْتَمَعَ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَوْا أَنَّ كُلّ شَيْء عُصِيَ بِهِ فَهُوَ جَهَالَة , عَمْدًا كَانَ أَوْ غَيْره . )7021 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ } قَالَ : كُلّ مَنْ عَصَى رَبّه فَهُوَ جَاهِل , حَتَّى يَنْزِع عَنْ مَعْصِيَته . )* - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { إِنَّمَا التَّوْبَة عَلَى اللَّه لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ } قَالَ : كُلّ مَنْ عَمِلَ بِمَعْصِيَةِ اللَّه فَذَاكَ مِنْهُ بِجَهْلٍ حَتَّى يَرْجِع عَنْهُ . )7022 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { إِنَّمَا التَّوْبَة عَلَى اللَّه لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ } مَا دَامَ يَعْصِي اللَّه فَهُوَ جَاهِل . )7023 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن فُضَيْل بْن غَزْوَان , عَنْ أَبِي النَّضْر , عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { إِنَّمَا التَّوْبَة عَلَى اللَّه لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ } قَالَ : مَنْ عَمِلَ السُّوء فَهُوَ جَاهِل , مِنْ جَهَالَته عَمِلَ السُّوء . )7024 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (مَنْ عَصَى اللَّه فَهُوَ جَاهِل , حَتَّى يَنْزِع عَنْ مَعْصِيَته . )قَالَ اِبْن جُرَيْج : وَأَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه بْن كَثِير , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (كُلّ عَامِل بِمَعْصِيَةٍ فَهُوَ جَاهِل حِين عَمِلَ بِهَا . )قَالَ اِبْن جُرَيْج : وَقَالَ لِي عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح نَحْوه . 7025 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْل اللَّه : ( { إِنَّمَا التَّوْبَة عَلَى اللَّه لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيب } قَالَ : الْجَهَالَة : كُلّ اِمْرِئٍ عَمِلَ شَيْئًا مِنْ مَعَاصِي اللَّه فَهُوَ جَاهِل أَبَدًا حَتَّى يَنْزِع عَنْهَا . وَقَرَأَ : { هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُف وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ } [12 89 ]وَقَرَأَ : { وَإِلَّا تَصْرِف عَنِّي كَيْدهنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ } [12 33 ]قَالَ : مَنْ عَصَى اللَّه فَهُوَ جَاهِل حَتَّى يَنْزِع عَنْ مَعْصِيَته . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى قَوْله : { لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ } : يَعْمَلُونَ ذَلِكَ عَلَى عَمْد مِنْهُمْ لَهُ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7026 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ مُجَاهِد : ( { يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ } قَالَ : الْجَهَالَة : الْعَمْد . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ رَجُل , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7027 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو زُهَيْر , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك : ( { إِنَّمَا التَّوْبَة عَلَى اللَّه لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ } قَالَ : الْجَهَالَة : الْعَمْد. )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : إِنَّمَا التَّوْبَة عَلَى اللَّه لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء فِي الدُّنْيَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7028 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ الْحَكَم بْن أَبَان , عَنْ عِكْرِمَة , قَوْله : ( { إِنَّمَا التَّوْبَة عَلَى اللَّه لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ } قَالَ : الدُّنْيَا كُلّهَا جَهَالَة . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِتَأْوِيلِ الْآيَة. قَوْل مَنْ قَالَ : تَأْوِيلهَا : إِنَّمَا التَّوْبَة عَلَى اللَّه لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء , وَعَمَلهمْ السُّوء هُوَ الْجَهَالَة الَّتِي جَهِلُوهَا عَامِدِينَ كَانُوا لِلْإِثْمِ , أَوْ جَاهِلِينَ بِمَا أَعَدَّ اللَّه لِأَهْلِهَا . وَذَلِكَ أَنَّهُ غَيْر مَوْجُود فِي كَلَام الْعَرَب , تَسْمِيَة الْعَامِد لِلشَّيْءِ الْجَاهِل بِهِ , إِلَّا أَنْ يَكُون مَعْنِيًّا بِهِ أَنَّهُ جَاهِل بِقَدْرِ مَنْفَعَته وَمَضَرَّته , فَيُقَال : هُوَ بِهِ جَاهِل , عَلَى مَعْنَى جَهْله بِمَعْنَى : نَفْعه وَضُرّه ; فَأَمَّا إِذَا كَانَ عَالِمًا بِقَدْرِ مَبْلَغ نَفْعه وَضُرّه قَاصِدًا إِلَيْهِ , فَغَيْر جَائِز مِنْ غَيْر قَصْده إِلَيْهِ أَنْ يُقَال هُوَ بِهِ جَاهِل ; لِأَنَّ الْجَاهِل بِالشَّيْءِ هُوَ الَّذِي لَا يَعْلَمهُ وَلَا يَعْرِفهُ عِنْد التَّقَدُّم عَلَيْهِ , أَوْ يَعْلَمهُ فَيُشْبِه فَاعِله , إِذْ كَانَ خَطَأ مَا فَعَلَهُ بِالْجَاهِلِ الَّذِي يَأْتِي الْأَمْر وَهُوَ بِهِ جَاهِل فَيُخْطِئ مَوْضِع الْإِصَابَة مِنْهُ , فَيُقَال : إِنَّهُ لَجَاهِل بِهِ , وَإِنْ كَانَ بِهِ عَالِمًا لِإِتْيَانِهِ الْأَمْر الَّذِي لَا يَأْتِي مِثْله إِلَّا أَهْل الْجَهْل بِهِ . وَكَذَلِكَ مَعْنَى قَوْله : { يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ } قِيلَ فِيهِمْ : يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ وَإِنْ أَتَوْهُ عَلَى عِلْم مِنْهُمْ بِمَبْلَغِ عِقَاب اللَّه أَهْله , عَامِدِينَ إِتْيَانه , مَعَ مَعْرِفَتهمْ بِأَنَّهُ عَلَيْهِمْ حَرَام , لِأَنَّ فِعْلهمْ ذَلِكَ كَانَ مِنْ الْأَفْعَال الَّتِي لَا يَأْتِي مِثْلَهُ إِلَّا مَنْ جَهِلَ عَظِيمَ عِقَابِ اللَّهِ عَلَيْهِ أَهْلَهُ فِي عَاجِل الدُّنْيَا وَآجِل الْآخِرَة , فَقِيلَ لِمَنْ أَتَاهُ وَهُوَ بِهِ عَالِم : أَتَاهُ بِجَهَالَةٍ , بِمَعْنَى : أَنَّهُ فَعَلَ فِعْل الْجُهَّال بِهِ , لَا أَنَّهُ كَانَ جَاهِلًا . وَقَدْ زَعَمَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة أَنَّ مَعْنَاهُ : أَنَّهُمْ جَهِلُوا كُنْه مَا فِيهِ مِنْ الْعِقَاب , فَلَمْ يَعْلَمُوهُ كَعِلْمِ الْعَالِم , وَإِنْ عَلِمُوهُ ذَنْبًا , فَلِذَلِكَ قِيلَ : { يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ } . وَلَوْ كَانَ الْأَمْر عَلَى مَا قَالَ صَاحِب هَذَا الْقَوْل لَوَجَبَ أَنْ لَا تَكُون تَوْبَة لِمَنْ عَلِمَ كُنْه مَا فِيهِ . وَذَلِكَ أَنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَالَ : { إِنَّمَا التَّوْبَة عَلَى اللَّه لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيب } دُون غَيْرهمْ. فَالْوَاجِب عَلَى صَاحِب هَذَا الْقَوْل أَنْ لَا يَكُون لِلْعَالِمِ الَّذِي عَمِلَ سُوءًا عَلَى عِلْم مِنْهُ بِكُنْهِ مَا فِيهِ ثُمَّ تَابَ مِنْ قَرِيب ; تَوْبَة , وَذَلِكَ خِلَاف الثَّابِت عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَنَّ كُلّ تَائِب عَسَى اللَّه أَنْ يَتُوب عَلَيْهِ , وَقَوْله : | بَاب التَّوْبَة مَفْتُوح مَا لَمْ تَطْلُع الشَّمْس مِنْ مَغْرِبهَا | , وَخِلَاف قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا } [25 70 ].|ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيب } . </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الْقَرِيب فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : ثُمَّ يَتُوبُونَ فِي صِحَّتهمْ قَبْل مَرَضهمْ وَقَبْل مَوْتهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7029 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيب } وَالْقَرِيب قَبْل الْمَوْت مَا دَامَ فِي صِحَّته . )7030 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن فُضَيْل , عَنْ أَبِي النَّضْر , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيب } قَالَ : فِي الْحَيَاة وَالصِّحَّة . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَبْل مُعَايَنَة مَلَك الْمَوْت . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ. 7031 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثنا مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيب } وَالْقَرِيب فِيمَا بَيْنه وَبَيْن أَنْ يَنْظُر إِلَى مَلَك الْمَوْت . )7032 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت عِمْرَان بْن حُدَيْر , قَالَ : قَالَ أَبُو مِجْلَز : (لَا يَزَال الرَّجُل فِي تَوْبَة حَتَّى يُعَايِن الْمَلَائِكَة. )7033 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي مَعْشَر , عَنْ مُحَمَّد بْن قَيْس , قَالَ : (الْقَرِيب : مَا لَمْ تَنْزِل بِهِ آيَة مِنْ آيَات اللَّه تَعَالَى وَيَنْزِل بِهِ الْمَوْت . )7034 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو زُهَيْر , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك : ( { إِنَّمَا التَّوْبَة عَلَى اللَّه لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيب } لَهُ التَّوْبَة مَا بَيْنه وَبَيْن أَنْ يُعَايِن مَلَك الْمَوْت , فَإِذَا تَابَ حِين يَنْظُر إِلَى مَلَك الْمَوْت فَلَيْسَ لَهُ ذَاكَ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَبْل الْمَوْت. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7035 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ رَجُل , عَنْ الضَّحَّاك : ( { ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيب } قَالَ : كُلّ شَيْء قَبْل الْمَوْت فَهُوَ قَرِيب . )7036 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ الْحَكَم بْن أَبَان , عَنْ عِكْرِمَة : ( { ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيب } قَالَ : الدُّنْيَا كُلّهَا قَرِيب. )7037 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيب } قَبْل الْمَوْت. )7038 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُعَاذ بْن هِشَام , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَبِي قِلَابَة , قَالَ : (ذُكِرَ لَنَا أَنَّ إِبْلِيس لَمَّا لُعِنَ وَأُنْظِرَ , قَالَ : وَعِزَّتك لَا أَخْرُج مِنْ قَلْب اِبْن آدَم مَا دَامَ فِيهِ الرُّوح ! فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : وَعِزَّتِي لَا أَمْنَعهُ التَّوْبَة مَا دَامَ فِيهِ الرُّوح . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُد , قَالَ : ثنا عِمْرَان , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : كُنَّا عِنْد أَنَس بْن مَالِك وَثَمَّ أَبُو قِلَابَة , فَحَدَّثَ أَبُو قِلَابَة قَالَ : (إِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمَّا لَعَنَ إِبْلِيس سَأَلَهُ النَّظِرَة , فَقَالَ : وَعِزَّتك لَا أَخْرُج مِنْ قَلْب اِبْن آدَم ! فَقَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : وَعِزَّتِي لَا أَمْنَعهُ التَّوْبَة مَا دَامَ فِيهِ الرُّوح. )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا أَيُّوب , عَنْ أَبِي قِلَابَة , قَالَ : (إِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمَّا لَعَنَ إِبْلِيس سَأَلَهُ النَّظِرَة , فَأَنْظَرَهُ إِلَى يَوْم الدِّين , فَقَالَ : وَعِزَّتك لَا أَخْرُج مِنْ قَلْب اِبْن آدَم مَا دَامَ فِيهِ الرُّوح ! قَالَ : وَعِزَّتِي لَا أَحْجُب عَنْهُ التَّوْبَة مَا دَامَ فِيهِ الرُّوح . )7039 - حَدَّثَنِي اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا عَوْف , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ إِبْلِيس لَمَّا رَأَى آدَم أَجْوَف , قَالَ وَعِزَّتك لَا أَخْرُج مِنْ جَوْفه مَا دَامَ فِيهِ الرُّوح ! فَقَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : وَعِزَّتِي لَا أَحُول بَيْنه وَبَيْن التَّوْبَة مَا دَامَ فِيهِ الرُّوح . )7040 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُعَاذ بْن هِشَام , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْعَلَاء بْن زِيَاد , عَنْ أَبِي أَيُّوب بَشِير بْن كَعْب , أَنَّ نَبِيّ اللَّه , قَالَ : ( إِنَّ اللَّه يَقْبَل تَوْبَة الْعَبْد مَا لَمْ يُغَرْغِر . )7041 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ عُبَادَة بْن الصَّامِت , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ; فَذَكَرَ مِثْله . 7042 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ عَوْف , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقْبَل تَوْبَة الْعَبْد مَا لَمْ يُغَرْغِر . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : تَأْوِيله : ثُمَّ يَتُوبُونَ قَبْل مَمَاتهمْ فِي الْحَال الَّتِي يَفْهَمُونَ فِيهَا أَمْر اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَنَهْيه , وَقَبْل أَنْ يُغْلَبُوا عَلَى أَنْفُسهمْ وَعُقُولهمْ , وَقَبْل حَال اِشْتِغَالهمْ بِكَرْبِ الْحَشْرَجَة وَغَمّ الْغَرْغَرَة , فَلَا يَعْرِفُوا أَمْر اللَّه وَنَهْيه , وَلَا يَعْقِلُوا التَّوْبَة , لِأَنَّ التَّوْبَة لَا تَكُون تَوْبَة إِلَّا مِمَّنْ نَدِمَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْهُ , وَعَزَمَ فِيهِ عَلَى تَرْك الْمُعَاوَدَة , وَهُوَ يَعْقِل النَّدَم , وَيَخْتَار تَرْك الْمُعَاوَدَة , فَأَمَّا إِذَا كَانَ بِكَرْبِ الْمَوْت مَشْغُولًا , وَبِغَمِّ الْحَشْرَجَة مَغْمُورًا , فَلَا إِخَالهُ إِلَّا عَنْ النَّدَم عَلَى ذُنُوبه مَغْلُوبًا , وَلِذَلِكَ قَالَ مَنْ قَالَ : إِنَّ التَّوْبَة مَقْبُولَة مَا لَمْ يُغَرْغِر الْعَبْد بِنَفَسِهِ , فَإِنْ كَانَ الْمَرْء فِي تِلْكَ الْحَال يَعْقِل عَقْل الصَّحِيح , وَيَفْهَم فَهْم الْعَاقِل الْأَرِيب , فَأَحْدَثَ إِنَابَة مِنْ ذُنُوبه , وَرَجْعَة مِنْ شُرُوده عَنْ رَبّه إِلَى طَاعَته كَانَ إِنْ شَاءَ اللَّه مِمَّنْ دَخَلَ فِي وَعْد اللَّه الَّذِي وَعَدَ التَّائِبِينَ إِلَيْهِ مِنْ إِجْرَامهمْ مِنْ قَرِيب بِقَوْلِهِ : { إِنَّمَا التَّوْبَة عَلَى اللَّه لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيب } .|فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَأُولَئِكَ يَتُوب اللَّه عَلَيْهِمْ } . </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَأُولَئِكَ } فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيب { يَتُوب اللَّه عَلَيْهِمْ } دُون مَنْ لَمْ يَتُبْ , حَتَّى غُلِبَ عَلَى عَقْله وَغَمَرَتْهُ حَشْرَجَة مِيتَتِهِ , فَقَالَ : وَهُوَ لَا يَفْقَه مَا يَقُول : { إِنِّي تُبْت الْآن } خِدَاعًا لِرَبِّهِ وَنِفَاقًا فِي دِينه , وَمَعْنَى قَوْله : { يَتُوب اللَّه عَلَيْهِمْ } : يَرْزُقهُمْ إِنَابَة إِلَى طَاعَته , وَيَتَقَبَّل مِنْهُمْ أَوْبَتهمْ إِلَيْهِ , وَتَوْبَتهمْ الَّتِي أَحْدَثُوهَا مِنْ ذُنُوبهمْ.|وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا|وَأَمَّا قَوْله : { وَكَانَ اللَّه عَلِيمًا حَكِيمًا } فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَلَمْ يَزَلْ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَلِيمًا بِالنَّاسِ مِنْ عِبَاده الْمُنِيبِينَ إِلَيْهِ بِالطَّاعَةِ بَعْد إِدْبَارهمْ عَنْهُ , الْمُقْبِلِينَ إِلَيْهِ بَعْد التَّوْلِيَة , وَبِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أُمُور خَلْقه , حَكِيم فِي تَوْبَته عَلَى مَنْ تَابَ مِنْهُمْ مِنْ مَعْصِيَته , وَفِي غَيْر ذَلِكَ مِنْ تَدْبِيره وَتَقْدِيره , وَلَا يَدْخُل أَفْعَاله خَلَل , وَلَا يَخْلِطهُ خَطَأ وَلَا زَلَل .

وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَيْسَتْ التَّوْبَة لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَات حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدهمْ الْمَوْت قَالَ إِنِّي تُبْت الْآن } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَلَيْسَتْ التَّوْبَة لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَات مِنْ أَهْل الْإِصْرَار عَلَى مَعَاصِي اللَّه , حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدهمْ الْمَوْت , يَقُول : إِذَا حَشْرَجَ أَحَدهمْ بِنَفَسِهِ , وَعَايَنَ مَلَائِكَة رَبّه قَدْ أَقْبَلُوا إِلَيْهِ لِقَبْضِ رُوحه قَالَ : وَقَدْ غُلِبَ عَلَى نَفْسه , وَحِيلَ بَيْنه وَبَيْن فَهْمه بِشَغْلِهِ بِكَرْبِ حَشْرَجَته وَغَرْغَرَته : إِنِّي تُبْت الْآن , يَقُول فَلَيْسَ لِهَذَا عِنْد اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى تَوْبَة , لِأَنَّهُ قَالَ مَا قَالَ فِي غَيْر حَال تَوْبَة . كَمَا : 7043 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ يَعْلَى بْن نُعْمَان , قَالَ : أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ اِبْن عُمَر يَقُول : (التَّوْبَة مَبْسُوطَة مَا لَمْ يُسَقْ . ثُمَّ قَرَأَ اِبْن عُمَر : { وَلَيْسَتْ التَّوْبَة لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَات حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدهمْ الْمَوْت قَالَ إِنِّي تُبْت الْآن } ثُمَّ قَالَ : وَهَلْ الْحُضُور إِلَّا السَّوْق . )7044 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَلَيْسَتْ التَّوْبَة لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَات حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدهمْ الْمَوْت قَالَ إِنِّي تُبْت الْآن } قَالَ : إِذَا تَبَيَّنَ الْمَوْت فِيهِ لَمْ يَقْبَل اللَّه لَهُ تَوْبَة . )7045 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن فُضَيْل , عَنْ أَبِي النَّضْر , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَلَيْسَتْ التَّوْبَة لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَات حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدهمْ الْمَوْت قَالَ إِنِّي تُبْت الْآن } فَلَيْسَ لِهَذَا عِنْد اللَّه تَوْبَة . )7046 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , قَالَ : سَمِعْت إِبْرَاهِيم بْن مَيْمُون , يُحَدِّث عَنْ رَجُل مِنْ بَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا رَجُل مِنَّا , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , أَنَّهُ قَالَ : ( مَنْ تَابَ قَبْل مَوْته بِعَامٍ تُبْت عَلَيْهِ | , حَتَّى ذَكَرَ شَهْرًا , حَتَّى ذَكَرَ سَاعَة , حَتَّى ذَكَرَ فَوَاقًا , قَالَ : فَقَالَ رَجُل : كَيْفَ يَكُون هَذَا وَاَللَّه تَعَالَى يَقُول : { وَلَيْسَتْ التَّوْبَة لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَات حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدهمْ الْمَوْت قَالَ إِنِّي تُبْت الْآن } ؟ فَقَالَ عَبْد اللَّه : أَنَا أُحَدِّثك مَا سَمِعْت مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )7047 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ إِبْرَاهِيم بْن مُهَاجِر , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : كَانَ يُقَال : (التَّوْبَة مَبْسُوطَة مَا لَمْ يُؤْخَذ بِكَظْمِهِ . )وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِيمَنْ عُنِيَ بِقَوْلِهِ : { وَلَيْسَتْ التَّوْبَة لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَات حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدهمْ الْمَوْت قَالَ إِنِّي تُبْت الْآن } فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِهِ أَهْل النِّفَاق . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7048 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع : ( { إِنَّمَا التَّوْبَة عَلَى اللَّه لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيب } قَالَ : نَزَلَتْ الْأُولَى فِي الْمُؤْمِنِينَ , وَنَزَلَتْ الْوُسْطَى فِي الْمُنَافِقِينَ , يَعْنِي : { وَلَيْسَتْ التَّوْبَة لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَات } وَالْأُخْرَى فِي الْكُفَّار , يَعْنِي : { وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّار } . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ أَهْل الْإِسْلَام. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7049 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ سُفْيَان , قَالَ : (بَلَغَنَا فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَلَيْسَتْ التَّوْبَة لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَات حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدهمْ الْمَوْت قَالَ إِنِّي تُبْت الْآن } قَالَ : هُمْ الْمُسْلِمُونَ , أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ : { وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّار } ؟ )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هَذِهِ الْآيَة كَانَتْ نَزَلَتْ فِي أَهْل الْإِيمَان , غَيْر أَنَّهَا نُسِخَتْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7050 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَلَيْسَتْ التَّوْبَة لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَات حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدهمْ الْمَوْت قَالَ إِنِّي تُبْت الْآن وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّار } فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَعْد ذَلِكَ : { إِنَّ اللَّه لَا يَغْفِر أَنْ يُشْرَك بِهِ وَيَغْفِر مَا دُون ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء } [4 48 ]فَحَرَّمَ اللَّه تَعَالَى الْمَغْفِرَة عَلَى مَنْ مَاتَ وَهُوَ كَافِر , وَأَرْجَأَ أَهْل التَّوْحِيد إِلَى مَشِيئَته , فَلَمْ يُؤْيِسُهُمْ مِنْ الْمَغْفِرَة . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ مَا ذَكَرَهُ الثَّوْرِيّ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّهُ فِي الْإِسْلَام , وَذَلِكَ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ كُفَّار , فَلَوْ كَانَ مَعْنِيًّا بِهِ أَهْل النِّفَاق لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ : { وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّار } مَعْنًى مَفْهُوم , لِأَنَّهُمْ إِنْ كَانُوا هُمْ وَاَلَّذِينَ قَبْلهمْ فِي مَعْنًى وَاحِد مِنْ أَنَّ جَمِيعهمْ كُفَّار , فَلَا وَجْه لِتَفْرِيقِ أَحَد مِنْهُمْ فِي الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْله بَطَلَ أَنْ تَكُون تَوْبَة وَاحِد مَقْبُولَة . وَفِي تَفْرِقَة اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بَيْن أَسْمَائِهِمْ وَصِفَاتهمْ بِأَنْ سَمَّى أَحَد الصِّنْفَيْنِ كَافِرًا , وَوَصَفَ الصِّنْف الْآخَر بِأَنَّهُمْ أَهْل سَيِّئَات , وَلَمْ يُسَمِّهِمْ كُفَّارًا مَا دَلَّ عَلَى اِفْتِرَاق مَعَانِيهمْ , وَفِي صِحَّة كَوْن ذَلِكَ كَذَلِكَ صِحَّة مَا قُلْنَا , وَفَسَاد مَا خَالَفَهُ .|وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّار } . </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَلَا التَّوْبَة لِلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّار فَمَوْضِع | الَّذِينَ | خَفْض , لِأَنَّهُ مَعْطُوف عَلَى قَوْله : { لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَات } .|أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ|وَقَوْله : { أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا } يَقُول : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّار , أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا , لِأَنَّهُمْ أَبْعَدهمْ مِنْ التَّوْبَة كَوْنهمْ عَلَى الْكُفْر . كَمَا : 7051 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثني الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن فُضَيْل , عَنْ أَبِي النَّضْر , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّار } أُولَئِكَ أَبْعَد مِنْ التَّوْبَة . )وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي مَعْنَى : { أَعْتَدْنَا لَهُمْ } فَقَالَ بَعْض الْبَصْرِيِّينَ : مَعْنَى : { أَعْتَدْنَا } : أَفْعَلْنَا مِنْ الْعَتَاد , قَالَ : وَمَعْنَاهَا : أَعْدَدْنَا. وَقَالَ بَعْض الْكُوفِيِّينَ : أَعْدَدْنَا وَأَعْتَدْنَا مَعْنَاهُمَا وَاحِد , فَمَعْنَى قَوْله : { أَعْتَدْنَا لَهُمْ } أَعْدَدْنَا لَهُمْ|عَذَابًا أَلِيمًا| { عَذَابًا أَلِيمًا } يَقُول : مُؤْلِمًا مُوجِعًا .

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } </subtitle>يَعْنِي تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِقَوْلِهِ { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } : يَا أَيّهَا الَّذِينَ صَدَقُوا اللَّه وَرَسُوله { لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } يَقُول : لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا نِكَاح نِسَاء أَقَارِبكُمْ وَآبَائِكُمْ كَرْهًا . فَإِنْ قَالَ قَائِل : كَيْفَ كَانُوا يَرِثُونَهُنَّ , وَمَا وَجْه تَحْرِيم وِرَاثَتهنَّ , فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ النِّسَاء مُوَرَّثَات كَمَا الرِّجَال مُوَرَّثُونَ ؟ قِيلَ : إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ مَعْنَى وِرَاثَتهنَّ إِذَا هُنَّ مُتْنَ فَتَرَكْنَ مَالًا , وَإِنَّمَا ذَلِكَ أَنَّهُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّة كَانَتْ إِحْدَاهُنَّ إِذَا مَاتَ زَوْجهَا كَانَ اِبْنه أَوْ قَرِيبه أَوْلَى بِهَا مِنْ غَيْره وَمِنْهَا بِنَفْسِهَا , إِنْ شَاءَ نَكَحَهَا وَإِنْ شَاءَ عَضَلَهَا فَمَنَعَهَا مِنْ غَيْره وَلَمْ يُزَوِّجهَا حَتَّى تَمُوت , فَحَرَّمَ اللَّه تَعَالَى ذَلِكَ عَلَى عِبَاده , وَحَظَرَ عَلَيْهِمْ نِكَاح حَلَائِل آبَائِهِمْ , وَنَهَاهُمْ عَنْ عَضْلهنَّ عَنْ النِّكَاح . وَبِنَحْوِ الْقَوْل الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7052 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَسْبَاط بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَبُو إِسْحَاق , يَعْنِي الشَّيْبَانِيّ , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ } قَالَ : كَانُوا إِذَا مَاتَ الرَّجُل كَانَ أَوْلِيَاؤُهُ أَحَقّ بِامْرَأَتِهِ , إِنْ شَاءَ بَعْضهمْ تَزَوَّجَهَا , وَإِنْ شَاءُوا زَوَّجُوهَا , وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يُزَوِّجُوهَا , وَهُمْ أَحَقّ بِهَا مِنْ أَهْلهَا , فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي ذَلِكَ . )7053 - وَحَدَّثَنِي أَحْمَد بْن مُحَمَّد الطُّوسِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن صَالِح , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن فُضَيْل , عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي أُمَامَة بْن سَهْل بْن حُنَيْف , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : (لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو قَيْس بْن الْأَسْلَت أَرَادَ اِبْنه أَنْ يَتَزَوَّج اِمْرَأَته , وَكَانَ ذَلِكَ لَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّة , فَأَنْزَلَ اللَّه : { لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } . )7054 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , عَنْ الْحُسَيْن بْن وَاقِد , عَنْ يَزِيد النَّحْوِيّ , عَنْ عِكْرِمَة وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ قَالَا فِي قَوْله : ( { لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة } , وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُل كَانَ يَرِث اِمْرَأَة ذِي قَرَابَته , فَيَعْضُلهَا حَتَّى تَمُوت أَوْ تَرُدّ إِلَيْهِ صَدَاقهَا , فَأَحْكَمَ اللَّه عَنْ ذَلِكَ , يَعْنِي أَنَّ اللَّه نَهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ. )7055 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ سُلَيْمَان التَّيْمِيّ , عَنْ أَبِي مِجْلَز فِي قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } قَالَ : كَانَتْ الْأَنْصَار تَفْعَل ذَلِكَ كَانَ الرَّجُل إِذَا مَاتَ حَمِيمه وَرِثَ حَمِيمه اِمْرَأَته , فَيَكُون أَوْلَى بِهَا مِنْ وَلِيّ نَفْسهَا . )7056 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } . .. الْآيَة , قَالَ : كَانَ الرَّجُل إِذَا مَاتَ أَبُوهُ أَوْ حَمِيمه , فَهُوَ أَحَقّ بِامْرَأَتِهِ , إِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا أَوْ يَحْبِسهَا حَتَّى تَفْتَدِيَ مِنْهُ بِصَدَاقِهَا أَوْ تَمُوت فَيَذْهَب بِمَالِهَا . )قَالَ اِبْن جُرَيْج : فَأَخْبَرَنِي عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح : (أَنَّ أَهْل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا إِذَا هَلَكَ الرَّجُل , فَتَرَكَ اِمْرَأَة , حَبَسَهَا أَهْله عَلَى الصَّبِيّ يَكُون فِيهِمْ , فَنَزَلَتْ : { لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } . .. الْآيَة. )قَالَ اِبْن جُرَيْج , وَقَالَ مُجَاهِد : (كَانَ الرَّجُل إِذَا تُوُفِّيَ أَبُوهُ كَانَ أَحَقّ بِامْرَأَتِهِ , يَنْكِحهَا إِنْ شَاءَ إِذَا لَمْ يَكُنْ اِبْنهَا , أَوْ يُنْكِحهَا إِنْ شَاءَ أَخَاهُ أَوْ اِبْن أَخِيهِ. )قَالَ اِبْن جُرَيْج : وَقَالَ عِكْرِمَة : (نَزَلَتْ فِي كُبَيْشَة بِنْت مَعْن بْن عَاصِم مِنْ الْأَوْس , تُوُفِّيَ عَنْهَا أَبُو قَيْس بْن الْأَسْلَت , فَجَنَحَ عَلَيْهَا اِبْنه , فَجَاءَتْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا نَبِيّ اللَّه , لَا أَنَا وَرِثْت زَوْجِي وَلَا أَنَا تُرِكْت فَأَنْكِح ! فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة . )7057 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } قَالَ : كَانَ إِذَا تُوُفِّيَ الرَّجُل كَانَ اِبْنه الْأَكْبَر هُوَ أَحَقّ بِامْرَأَتِهِ يَنْكِحهَا إِذَا شَاءَ إِذَا لَمْ يَكُنْ اِبْنهَا , أَوْ يُنْكِحهَا مَنْ شَاءَ أَخَاهُ أَوْ اِبْن أَخِيهِ . )7058 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار مِثْل قَوْل مُجَاهِد . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , قَالَ : سَمِعْت عَمْرو بْن دِينَار يَقُول مِثْل ذَلِكَ . 7059 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : أَمَّا قَوْله : ( { لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } , فَإِنَّ الرَّجُل فِي الْجَاهِلِيَّة كَانَ يَمُوت أَبُوهُ أَوْ أَخُوهُ أَوْ اِبْنه , فَإِذَا مَاتَ وَتَرَكَ اِمْرَأَته , فَإِنْ سَبَقَ وَارِث الْمَيِّت فَأَلْقَى عَلَيْهَا ثَوْبه فَهُوَ أَحَقّ بِهَا أَنْ يَنْكِحهَا بِمَهْرِ صَاحِبه أَوْ يُنْكِحهَا فَيَأْخُذ مَهْرهَا , وَإِنْ سَبَقَتْهُ فَذَهَبَتْ إِلَى أَهْلهَا فَهُمْ أَحَقّ بِنَفْسِهَا . )7060 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان الْبَاهِلِيّ , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } كَانُوا بِالْمَدِينَةِ إِذَا مَاتَ حَمِيم الرَّجُل وَتَرَكَ اِمْرَأَة , أَلْقَى الرَّجُل عَلَيْهَا ثَوْبه , فَوَرِثَ نِكَاحهَا , وَكَانَ أَحَقّ بِهَا , وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدهمْ نِكَاحًا , فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا حَتَّى تَفْتَدِيَ مِنْهُ , وَكَانَ هَذَا فِي الشِّرْك . )7061 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } قَالَ : كَانَتْ الْوِرَاثَة فِي أَهْل يَثْرِب بِالْمَدِينَةِ هَهُنَا , فَكَانَ الرَّجُل يَمُوت فَيَرِث اِبْنه اِمْرَأَة أَبِيهِ , كَمَا يَرِث أُمّه لَا يَسْتَطِيع أَنْ يَمْنَع , فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَّخِذهَا اِتَّخَذَهَا كَمَا كَانَ أَبُوهُ يَتَّخِذهَا , وَإِنْ كَرِهَ فَارَقَهَا , وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا حُبِسَتْ عَلَيْهِ حَتَّى يَكْبَر , فَإِنْ شَاءَ أَصَابَهَا وَإِنْ شَاءَ فَارَقَهَا , فَذَلِكَ قَوْل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { لَا يُحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } وَذَلِكَ أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَهْل الْمَدِينَة كَانَ إِذَا مَاتَ حَمِيم أَحَدهمْ , أَلْقَى ثَوْبه عَلَى اِمْرَأَته , فَوَرِثَ نِكَاحهَا , فَلَمْ يَنْكِحهَا أَحَد غَيْره , وَحَبَسَهَا عِنْده حَتَّى تَفْتَدِيَ مِنْهُ بِفِدْيَةٍ , فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } . )7062 - حَدَّثَنِي اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَلِيّ بْن بَذِيمَة , عَنْ مِقْسَم , قَالَ : (كَانَتْ الْمَرْأَة فِي الْجَاهِلِيَّة إِذَا مَاتَ زَوْجهَا , فَجَاءَ رَجُل فَأَلْقَى عَلَيْهَا ثَوْبه كَانَ أَحَقّ النَّاس بِهَا , قَالَ : فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } . )فَتَأْوِيل الْآيَة عَلَى هَذَا التَّأْوِيل : يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا آبَاءَكُمْ وَأَقَارِبكُمْ نِكَاح نِسَائِهِمْ كَرْهًا , فَتَرَكَ ذِكْر الْآبَاء وَالْأَقَارِب وَالنِّكَاح , وَوَجَّهَ الْكَلَام إِلَى النَّهْي عَنْ وِرَاثَة النِّسَاء , اِكْتِفَاء بِمَعْرِفَةِ الْمُخَاطَبِينَ بِمَعْنَى الْكَلَام , إِذْ كَانَ مَفْهُومًا مَعْنَاهُ عِنْدهمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : لَا يَحِلّ لَكُمْ أَيّهَا النَّاس أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء تَرِكَاتهنَّ كَرْهًا , قَالَ : وَإِنَّمَا قِيلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْضُلُونَ أَيَامَاهُنَّ وَهُنَّ كَارِهَات لِلْعَضْلِ حَتَّى يَمُتْنَ فَيَرْثُوهُنَّ أَمْوَالهنَّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7063 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } قَالَ : كَانَ الرَّجُل إِذَا مَاتَ وَتَرَكَ جَارِيَة , أَلْقَى عَلَيْهَا حَمِيمه ثَوْبه , فَمَنَعَهَا مِنْ النَّاس , فَإِنْ كَانَتْ جَمِيلَة تَزَوَّجَهَا , وَإِنْ كَانَتْ قَبِيحَة حَبَسَهَا حَتَّى تَمُوت , فَيَرِثهَا . )7064 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ فِي قَوْله : ( { لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } قَالَ : نَزَلَ فِي نَاس مِنْ الْأَنْصَار كَانُوا إِذَا مَاتَ الرَّجُل مِنْهُمْ فَأَمْلَكُ النَّاس بِامْرَأَتِهِ وَلِيّه , فَيُمْسِكهَا حَتَّى تَمُوت فَيَرِثهَا , فَنَزَلَتْ فِيهِمْ. )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِتَأْوِيلِ الْآيَة , الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَمَّنْ قَالَ مَعْنَاهُ : لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا نِسَاء أَقَارِبكُمْ , لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ بَيَّنَ مَوَارِيث أَهْل الْمَوَارِيث , فَذَلِكَ لِأَهْلِهِ نَحْو وِرَاثَتهمْ إِيَّاهُ الْمَوْرُوث ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ الرِّجَال أَوْ النِّسَاء . فَقَدْ عُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَمْ يَحْظُر عَلَى عِبَاده أَنْ يَرِثُوا النِّسَاء مَا جَعَلَهُ لَهُمْ مِيرَاثًا عَنْهُنَّ , وَأَنَّهُ إِنَّمَا حَظَرَ أَنْ يُكْرَهْنَ مَوْرُوثَات بِمَعْنَى حَظَرَ وِرَاثَة نِكَاحهنَّ إِذَا كَانَ مَيِّتهمْ الَّذِي وَرِثُوهُ قَدْ كَانَ مَالِكًا عَلَيْهِنَّ أَمْرهنَّ فِي النِّكَاح مِلْك الرَّجُل مَنْفَعَة مَا اِسْتَأْجَرَ مِنْ الدُّور وَالْأَرَضِينَ وَسَائِر مَا لَهُ مَنَافِع , فَأَبَانَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِعِبَادِهِ أَنَّ الَّذِي يَمْلِكهُ الرَّجُل مِنْهُمْ مِنْ بُضْع زَوْجَته , مَعْنَاهُ غَيْر مَعْنَى مَا يَمْلِك أَحَدهمْ مِنْ مَنَافِع سَائِر الْمَمْلُوكَات الَّتِي تَجُوز إِجَارَتهَا , فَإِنَّ الْمَالِك بُضْع زَوْجَته إِذَا هُوَ مَاتَ لَمْ يَكُنْ مَا كَانَ لَهُ مِلْكًا مِنْ زَوْجَته بِالنِّكَاحِ لِوَرَثَتِهِ بَعْده , كَمَا لَهُمْ مِنْ الْأَشْيَاء الَّتِي كَانَ يَمْلِكهَا بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَة أَوْ إِجَارَة بَعْد مَوْته بِمِيرَاثِهِ ذَلِكَ عَنْهُ .|كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا|وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ } فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل اِخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : تَأْوِيله : { وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ } : أَيْ وَلَا تَحْبِسُوا يَا مَعْشَر وَرَثَة مَنْ مَاتَ مِنْ الرِّجَال أَزْوَاجهمْ عَنْ نِكَاح مَنْ أَرَدْنَ نِكَاحه مِنْ الرِّجَال كَيْمَا يَمُتْنَ فَتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ ; أَيْ فَتَأْخُذُوا مِنْ أَمْوَالهمْ إِذَا مُتْنَ مَا كَانَ مَوْتَاكُمْ الَّذِينَ وَرِثْتُمُوهُنَّ سَاقُوا إِلَيْهِنَّ مِنْ صَدُقَاتهنَّ . وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ جَمَاعَة قَدْ ذَكَرْنَا بَعْضهمْ , مِنْهُمْ اِبْن عَبَّاس , وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ , وَعِكْرِمَة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا تَعْضُلُوا أَيّهَا النَّاس نِسَاءَكُمْ فَتَحْبِسُوهُنَّ ضِرَارًا , وَلَا حَاجَة لَكُمْ إِلَيْهِنَّ فَتَضُرُّوا بِهِنَّ لِيَفْتَدِينَ مِنْكُمْ بِمَا آتَيْتُمُوهُنَّ مِنْ صَدُقَاتهنَّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7065 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ } يَقُول : لَا تَقْهَرُوهُنَّ , { لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ } يَعْنِي الرَّجُل تَكُون لَهُ الْمَرْأَة وَهُوَ كَارِه لِصُحْبَتِهَا , وَلَهَا عَلَيْهِ مَهْر , فَيَضُرّ بِهَا لِتَفْتَدِي . )7066 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : ( { وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ } يَقُول : لَا يَحِلّ لَك أَنْ تَحْبِس اِمْرَأَتك ضِرَارًا حَتَّى تَفْتَدِيَ مِنْك . )قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , قَالَ : وَأَخْبَرَنِي سِمَاك بْن الْفَضْل عَنْ اِبْن الْبَيْلَمَانِيّ , قَالَ : (نَزَلَتْ هَاتَانِ الْآيَتَانِ , إِحْدَاهُمَا فِي أَمْر الْجَاهِلِيَّة , وَالْأُخْرَى فِي أَمْر الْإِسْلَام . )7067 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ مَعْمَر , قَالَ : أَخْبَرَنَا سِمَاك بْن الْفَضْل , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْبَيْلَمَانِيّ فِي قَوْله : ( { لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ } , قَالَ : نَزَلَتْ هَاتَانِ الْآيَتَانِ , إِحْدَاهُمَا فِي الْجَاهِلِيَّة , وَالْأُخْرَى فِي الْإِسْلَام , قَالَ عَبْد اللَّه لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء فِي الْجَاهِلِيَّة , وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ فِي الْإِسْلَام. )7068 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد : ( { وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ } قَالَ : لَا تَحْبِسُوهُنَّ . )7069 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ } أَمَّا تَعْضُلُوهُنَّ , فَيَقُول : تُضَارُّوهُنَّ لِيَفْتَدِينَ مِنْكُمْ. )7070 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ } قَالَ : الْعَضْل : أَنْ يُكْرِه الرَّجُل اِمْرَأَته , فَيَضُرّ بِهَا حَتَّى تَفْتَدِيَ مِنْهُ , قَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضكُمْ إِلَى بَعْض } . )وَقَالَ آخَرُونَ : الْمَعْنِيّ بِالنَّهْيِ عَنْ عَضْل النِّسَاء فِي هَذِهِ الْآيَة : أَوْلِيَاؤُهُنَّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7071 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجهنَّ | كَالْعَضْلِ فِي سُورَة الْبَقَرَة . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الْمَنْهِيّ عَنْ ذَلِكَ زَوْج الْمَرْأَة بَعْد فِرَاقه إِيَّاهَا , وَقَالُوا : ذَلِكَ كَانَ مِنْ فِعْل الْجَاهِلِيَّة , فَنُهُوا عَنْهُ فِي الْإِسْلَام. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7072 - حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : (كَانَ الْعَضْل فِي قُرَيْش بِمَكَّة , يَنْكِح الرَّجُل الْمَرْأَة الشَّرِيفَة فَلَعَلَّهَا لَا تُوَافِقهُ , فَيُفَارِقهَا عَلَى أَنْ لَا تَتَزَوَّج إِلَّا بِإِذْنِهِ , فَيَأْتِي بِالشُّهُودِ فَيَكْتُب ذَلِكَ عَلَيْهَا وَيَشْهَد , فَإِذَا خَطَبَهَا خَاطِب , فَإِنْ أَعْطَتْهُ وَأَرْضَتْهُ أَذِنَ لَهَا , وَإِلَّا عَضَلَهَا . قَالَ : فَهَذَا قَوْل اللَّه : { وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ } . .. الْآيَة. )قَالَ أَبُو جَعْفَر : قَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى مَعْنَى الْعَضْل وَمَا أَصْله بِشَوَاهِد ذَلِكَ مِنْ الْأَدِلَّة . وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال الَّتِي ذَكَرْنَاهَا بِالصِّحَّةِ فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ } قَوْل مَنْ قَالَ : نَهَى اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ زَوْج الْمَرْأَة عَنْ التَّضْيِيق عَلَيْهَا وَالْإِضْرَار بِهَا , وَهُوَ لِصُحْبَتِهَا كَارِه , وَلِفِرَاقِهَا مُحِبّ , لِتَفْتَدِيَ مِنْهُ بِبَعْضِ مَا آتَاهَا مِنْ الصَّدَاق . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ , لِأَنَّهُ لَا سَبِيل لِأَحَدٍ إِلَى عَضْل اِمْرَأَة , إِلَّا لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ : إِمَّا لِزَوْجِهَا بِالتَّضْيِيقِ عَلَيْهَا وَحَبْسهَا عَلَى نَفْسه , وَهُوَ لَهَا كَارِه , مُضَارَّة مِنْهُ لَهَا بِذَلِكَ , لِيَأْخُذ مِنْهَا مَا آتَاهَا بِافْتِدَائِهَا مِنْهُ نَفْسهَا بِذَلِكَ , أَوْ لِوَلِيِّهَا الَّذِي إِلَيْهَا إِنْكَاحهَا , وَإِذَا كَانَ لَا سَبِيل إِلَى عَضْلهَا لِأَحَدٍ غَيْرهمَا , وَكَانَ الْوَلِيّ مَعْلُومًا أَنَّهُ لَيْسَ مِمَّنْ أَتَاهَا شَيْئًا , فَيُقَال : إِنْ عَضَلَهَا عَنْ النِّكَاح عَضَلَهَا لِيَذْهَب بِبَعْضِ مَا آتَاهَا , كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الَّذِي عَنَى اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِنَهْيِهِ عَنْ عَضْلهَا , هُوَ زَوْجهَا الَّذِي لَهُ السَّبِيل إِلَى عَضْلهَا ضِرَارًا لِتَفْتَدِيَ مِنْهُ . وَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ , وَكَانَ مَعْلُومًا أَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره لَمْ يَجْعَل لِأَحَدٍ السَّبِيل عَلَى زَوْجَته بَعْد فِرَاقه إِيَّاهَا وَبَيْنُونَتهَا مِنْهُ , فَيَكُون لَهُ إِلَى عَضْلهَا سَبِيل لِتَفْتَدِيَ مِنْهُ مِنْ عَضَله إِيَّاهَا , أَتَتْ بِفَاحِشَةٍ أَمْ لَمْ تَأْتِ بِهَا , وَكَانَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ أَبَاحَ لِلْأَزْوَاجِ عَضْلهنَّ إِذَا آتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة , حَتَّى يَفْتَدِينَ مِنْهُ , كَانَ بَيِّنًا بِذَلِكَ خَطَأ التَّأْوِيل الَّذِي تَأَوَّلَهُ اِبْن زَيْد , وَتَأْوِيل مَنْ قَالَ : عَنَى بِالنَّهْيِ عَنْ الْعَضْل فِي هَذِهِ الْآيَة : أَوْلِيَاء الْأَيَامَى , وَصِحَّة مَا قُلْنَا فِيهِ . { وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ } فِي مَوْضِع نَصْب عَطْفًا عَلَى قَوْله : { أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } وَمَعْنَاهُ : لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا , وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ , وَكَذَلِكَ هِيَ فِيمَا ذُكِرَ فِي حَرْف اِبْن مَسْعُود , وَلَوْ قِيلَ : هُوَ فِي مَوْضِع جَزْم عَلَى وَجْه النَّهْي لَمْ يَكُنْ خَطَأ .|آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة } . </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : لَا يَحِلّ لَكُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ أَنْ تَعْضُلُوا نِسَاءَكُمْ ضِرَارًا مِنْكُمْ لَهُنَّ , وَأَنْتُمْ لِصُحْبَتِهِنَّ كَارِهُونَ , وَهُنَّ لَكُمْ طَائِعَات , لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ مِنْ صَدُقَاتهنَّ , إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة , فَيَحِلّ لَكُمْ حِينَئِذٍ الضِّرَار بِهِنَّ لِيَفْتَدِينَ مِنْكُمْ. ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الْفَاحِشَة الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهَا : الزِّنَا , وَقَالَ إِذَا زَنَتْ اِمْرَأَة الرَّجُل حَلَّ لَهُ عَضْلهَا وَالضِّرَار بِهَا لِتَفْتَدِيَ مِنْهُ بِمَا آتَاهَا مِنْ صَدَاقهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7073 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَشْعَث , عَنْ الْحَسَن : (فِي الْبِكْر تَفْجُر , قَالَ : تُضْرَب مِائَة , وَتُنْفَى سَنَة , وَتَرُدّ إِلَى زَوْجهَا مَا أَخَذَتْ مِنْهُ . وَتَأَوَّلَ هَذِهِ الْآيَة : { وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة } . )7074 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ : (فِي الرَّجُل إِذَا أَصَابَتْ اِمْرَأَته فَاحِشَة : أَخَذَ مَا سَاقَ إِلَيْهَا وَأَخْرَجَهَا ; فَنَسَخَ ذَلِكَ الْحُدُودُ . )7075 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مَنِيع , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ أَيُّوب , عَنْ أَبِي قِلَابَة قَالَ : (إِذَا رَأَى الرَّجُل مِنْ اِمْرَأَته فَاحِشَة , فَلَا بَأْس أَنْ يُضَارّهَا , وَيَشُقّ عَلَيْهَا حَتَّى تَخْتَلِع مِنْهُ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنِي مَعْمَر , عَنْ أَيُّوب , عَنْ أَبِي قِلَابَة : فِي الرَّجُل يَطَّلِع مِنْ اِمْرَأَته عَلَى فَاحِشَة , فَذَكَرَ نَحْوه . 7076 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة } وَهُوَ الزِّنَا , فَإِذَا فَعَلْنَ ذَلِكَ فَخُذُوا مُهُورهنَّ. )7077 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْد الْكَرِيم أَنَّهُ سَمِعَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ : ( { إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ } قَالَ : الزِّنَا. قَالَ : وَسَمِعْت الْحَسَن وَأَبَا الشَّعْثَاء يَقُولَانِ : فَإِنْ فَعَلَتْ حَلَّ لِزَوْجِهَا أَنْ يَكُون هُوَ يَسْأَلهَا الْخُلْع لِتَفْتَدِيَ . )وَقَالَ آخَرُونَ : الْفَاحِشَة الْمُبَيِّنَة فِي هَذَا الْمَوْضِع : النُّشُوز . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7078 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة } وَهُوَ الْبُغْض وَالنُّشُوز , فَإِذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ , فَقَدْ حَلَّ لَهُ مِنْهَا الْفِدْيَة . )7079 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , قَالَ : ثنا عَنْبَسَة , عَنْ عَلِيّ بْن بَذِيمَة , عَنْ مِقْسَم فِي قَوْله : ( وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يُفْحِشْنَ | فِي قِرَاءَة اِبْن مَسْعُود . قَالَ : إِذَا عَضَلْت وَآذَتْك فَقَدْ حَلَّ لَك أَخْذ مَا أَخَذَتْ مِنْك. )7080 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُطَرِّف بْن طَرِيف , عَنْ خَالِد , عَنْ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم : ( { إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة } قَالَ : الْفَاحِشَة هَهُنَا النُّشُوز , فَإِذَا نَشَزَتْ حَلَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذ خُلْعهَا مِنْهَا . )7081 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : ( { إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة } قَالَ : هُوَ النُّشُوز. )7082 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح : ( { إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة } فَإِنْ فَعَلْنَ إِنْ شِئْتُمْ أَمْسَكْتُمُوهُنَّ , وَإِنْ شِئْتُمْ أَرْسَلْتُمُوهُنَّ . )7083 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم يَقُول فِي قَوْله : ( { إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة } قَالَ : عَدَلَ رَبّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي الْقَضَاء فَرَجَعَ إِلَى النِّسَاء , فَقَالَ : { إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة } وَالْفَاحِشَة : الْعِصْيَان وَالنُّشُوز ; فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلهَا , فَإِنَّ اللَّه أَمَرَهُ أَنْ يَضْرِبهَا , وَأَمَرَهُ بِالْهَجْرِ , فَإِنْ لَمْ تَدَع الْعِصْيَان وَالنُّشُوز فَلَا جُنَاح عَلَيْهِ بَعْد ذَلِكَ أَنْ يَأْخُذ مِنْهَا الْفِدْيَة . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى مَا قِيلَ فِي تَأْوِيل قَوْله : { إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة } أَنَّهُ مَعْنِيّ بِهِ كُلّ فَاحِشَة مِنْ بَذَاءَة بِاللِّسَانِ عَلَى زَوْجهَا , وَأَذًى لَهُ وَزِنًا بِفَرْجِهَا. وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَمَّ بِقَوْلِهِ : { إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة } كُلّ فَاحِشَة مُبَيِّنَة ظَاهِرَة , فَكُلّ زَوْج اِمْرَأَة أَتَتْ بِفَاحِشَةٍ مِنْ الْفَوَاحِش الَّتِي هِيَ زِنًا أَوْ نُشُوز , فَلَهُ عَضْلهَا عَلَى مَا بَيَّنَ اللَّه فِي كِتَابه , وَالتَّضْيِيق عَلَيْهَا حَتَّى تَفْتَدِي مِنْهُ بِأَيِّ مَعَانِي فَوَاحِش أَتَتْ بَعْد أَنْ تَكُون ظَاهِرَة مُبَيِّنَة بِظَاهِرِ كِتَاب اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى , وَصِحَّة الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه. كَاَلَّذِي : 7084 - حَدَّثَنِي يُونُس بْن سُلَيْمَان الْبَصْرِيّ , قَالَ : ثنا حَاتِم بْن إِسْمَاعِيل , قَالَ : ثنا جَعْفَر بْن مُحَمَّد , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَابِر أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( اِتَّقُوا اللَّه فِي النِّسَاء . فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّه , وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجهنَّ بِكَلِمَةِ اللَّه , وَإِنَّ لَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ , فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقهنَّ وَكِسْوَتهنَّ بِالْمَعْرُوفِ . )7085 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْن عَبْد الرَّحْمَن الْمَسْرُوقِيّ , قَالَ : ثنا زَيْد بْن الْحُبَاب , قَالَ : ثنا مُوسَى بْن عُبَيْدَة الرَّبَذِيّ قَالَ : ثنا صَدَقَة بْن يَسَار , عَنْ اِبْن عُمَر , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أَيّهَا النَّاس إِنَّ النِّسَاء عِنْدكُمْ عَوَان , أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّه , وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجهنَّ بِكَلِمَةِ اللَّه , وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ حَقّ , وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ حَقّ , وَمِنْ حَقّكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشكُمْ أَحَدًا وَلَا يَعْصِينَكُمْ فِي مَعْرُوف , فَإِذَا فَعَلْنَ ذَلِكَ فَلَهُنَّ رِزْقهنَّ وَكِسْوَتهنَّ بِالْمَعْرُوفِ . )فَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مِنْ حَقّ الزَّوْج عَلَى الْمَرْأَة أَنْ لَا تُوطِئ فِرَاشه أَحَدًا , وَأَنْ لَا تَعْصِيه فِي مَعْرُوف وَأَنَّ الَّذِي يَجِب لَهَا مِنْ الرِّزْق وَالْكِسْوَة عَلَيْهِ , وَإِنَّمَا هُوَ وَاجِب عَلَيْهِ , إِذَا أَدَّتْ هِيَ إِلَيْهِ مَا يَجِب عَلَيْهَا مِنْ الْحَقّ بِتَرْكِهَا إِيطَاء فِرَاشه غَيْره , وَتَرْكهَا مَعْصِيَته فِي مَعْرُوف. وَمَعْلُوم أَنَّ مَعْنَى قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | مِنْ حَقّكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشكُمْ أَحَدًا | إِنَّمَا هُوَ أَنْ لَا يُمَكِّنَّ أَنْفُسهنَّ مِنْ أَحَد سِوَاكُمْ . وَإِذَا كَانَ مَا رُوِّينَا فِي ذَلِكَ صَحِيحًا عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبُيِّنَ أَنَّ لِزَوْج الْمَرْأَة إِذَا أَوْطَأَتْ اِمْرَأَته نَفْسهَا غَيْره , وَأَمْكَنَتْ مِنْ جِمَاعهَا سِوَاهُ , أَنْ لَهُ مَنْعهَا مِنْ الْكِسْوَة وَالرِّزْق بِالْمَعْرُوفِ , مِثْل الَّذِي لَهُ مِنْ مَنْعهَا ذَلِكَ إِذَا هِيَ عَصَتْهُ فِي الْمَعْرُوف . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ لَهُ فَمَعْلُوم أَنَّهُ غَيْر مَانِع لَهَا بِمَنْعِهِ إِيَّاهَا مَاله مَنْعهَا حَقًّا لَهَا وَاجِبًا عَلَيْهِ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَبُيِّنَ أَنَّهَا إِذَا اِفْتَدَتْ نَفْسهَا عِنْد ذَلِكَ مِنْ زَوْجهَا فَأَخَذَ مِنْهَا زَوْجهَا مَا أَعْطَتْهُ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذ ذَلِكَ عَنْ عَضْل مَنْهِيّ عَنْهُ , بَلْ هُوَ أَخَذَ مَا أَخَذَ مِنْهَا عَنْ عَضْل لَهُ مُبَاح . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ بَيِّنًا أَنَّهُ دَاخِل فِي اِسْتِثْنَاء اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى الَّذِي اِسْتَثْنَاهُ مِنْ الْعَاضِلِينَ بِقَوْلِهِ : { وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة } . وَإِذْ صَحَّ ذَلِكَ , فَبُيِّنَ فَسَاد قَوْل مَنْ قَالَ : { إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة } مَنْسُوخ بِالْحُدُودِ , لِأَنَّ الْحَدّ حَقّ اللَّه تَعَالَى عَلَى مَنْ أَتَى بِالْفَاحِشَةِ الَّتِي هِيَ زِنًا . وَأَمَّا الْعَضْل لِتَفْتَدِي الْمَرْأَة مِنْ الزَّوْج بِمَا آتَاهَا أَوْ بِبَعْضِهِ فَحَقّ لِزَوْجِهَا كَمَا عَضْله إِيَّاهَا وَتَضْيِيقه عَلَيْهَا إِذَا هِيَ نَشَزَتْ عَلَيْهِ لِتَفْتَدِي مِنْهُ حَقّ لَهُ , وَلَيْسَ حُكْم أَحَدهمَا يُبْطِل حُكْم الْآخَر. فَمَعْنَى الْآيَة : وَلَا يَحِلّ لَكُمْ أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَعْضُلُوا نِسَاءَكُمْ , فَتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ , وَتَمْنَعُوهُنَّ رِزْقهنَّ وَكِسْوَتهنَّ بِالْمَعْرُوفِ , لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ مِنْ صَدُقَاتكُمْ , { إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ } مِنْ زِنًا أَوْ بَذَاء عَلَيْكُمْ , وَخِلَاف لَكُمْ فِيمَا يَجِب عَلَيْهِنَّ لَكُمْ مُبَيِّنَة ظَاهِرَة , فَيَحِلّ لَكُمْ حِينَئِذٍ عَضْلهنَّ , وَالتَّضْيِيق عَلَيْهِنَّ , لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ مِنْ صَدَاق , إِنْ هُنَّ اِفْتَدَيْنَ مِنْكُمْ بِهِ. وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : | مُبَيِّنَة | فَقَرَأَهُ بَعْضهمْ : | مُبَيَّنَة | بِفَتْحِ الْيَاء , بِمَعْنَى أَنَّهَا قَدْ بُيِّنَتْ لَكُمْ وَأُعْلِنَتْ وَأُظْهِرَتْ . وَقَرَأَهُ بَعْضهمْ . | مُبَيِّنَة | بِكَسْرِ الْيَاء , بِمَعْنَى أَنَّهَا ظَاهِرَة بَيِّنَة لِلنَّاسِ أَنَّهَا فَاحِشَة . وَهُمَا قِرَاءَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قِرَاءَة أَمْصَار الْإِسْلَام , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب فِي قِرَاءَته الصَّوَاب , لِأَنَّ الْفَاحِشَة إِذَا أَظْهَرَهَا صَاحِبهَا فَهِيَ ظَاهِرَة بَيِّنَة , وَإِذَا ظَهَرَتْ فَبِإِظْهَارِ صَاحِبهَا إِيَّاهَا ظَهَرَتْ. فَلَا تَكُون ظَاهِرَة بَيِّنَة إِلَّا وَهِيَ مُبَيَّنَة وَلَا مُبَيَّنَة إِلَّا وَهِيَ مُبَيِّنَة. فَلِذَلِكَ رَأَيْت الْقِرَاءَة بِأَيِّهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ صَوَابًا .|مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى . { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } . </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ , { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } . وَخَالِقُوا أَيّهَا الرِّجَال نِسَاءَكُمْ , وَصَاحِبُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ . يَعْنِي بِمَا أُمِرْتُمْ بِهِ مِنْ الْمُصَاحَبَة , وَذَلِكَ إِمْسَاكهنَّ بِأَدَاءِ حُقُوقهنَّ الَّتِي فَرَضَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَهُنَّ عَلَيْكُمْ إِلَيْهِنَّ. أَوْ تَسْرِيح مِنْكُمْ لَهُنَّ بِإِحْسَانٍ . كَمَا : 7086 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ , ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } يَقُول : وَخَالِطُوهُنَّ. )كَذَا قَالَ مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , وَإِنَّمَا هُوَ خَالِقُوهُنَّ مِنْ الْعِشْرَة وَهِيَ الْمُصَاحَبَة .|بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَل اللَّه فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا } . </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْره : لَا تَعْضُلُوا نِسَاءَكُمْ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ مِنْ غَيْر رِيبَة , وَلَا نُشُوز , كَانَ مِنْهُنَّ , وَلَكِنْ عَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ , فَلَعَلَّكُمْ أَنْ تُكْرِهُوهُنَّ , فَتُمْسِكُوهُنَّ , فَيَجْعَل اللَّه لَكُمْ فِي إِمْسَاككُمْ إِيَّاهُنَّ عَلَى كُرْه مِنْكُمْ لَهُنَّ خَيْرًا كَثِيرًا مِنْ وَلَد يَرْزُقكُمْ مِنْهُنَّ , أَوْ عَطْفكُمْ عَلَيْهِنَّ بَعْد كَرَاهَتكُمْ إِيَّاهُنَّ . كَمَا : 7087 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَل اللَّه فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا } يُقَال : فَعَسَى اللَّه أَنْ يَجْعَل فِي الْكَرَاهَة خَيْرًا كَثِيرًا . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7088 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثني أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ فِي قَوْله : ( { وَيَجْعَل اللَّه فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا } قَالَ : الْوَلَد . )7089 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ , ثني أَبِي , قَالَ , ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَيَجْعَل اللَّه فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا } وَالْخَيْر الْكَثِير : أَنْ يَعْطِف عَلَيْهَا , فَيُرْزَق الرَّجُل وَلَدهَا , وَيَجْعَل اللَّه فِي وَلَدهَا خَيْرًا كَثِيرًا . )وَالْهَاء فِي قَوْله : { وَيَجْعَل اللَّه فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا } عَلَى قَوْل مُجَاهِد الَّذِي ذَكَرْنَاهُ كِنَايَة عَنْ مَصْدَر تَكْرَهُوا , كَأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام عِنْده : فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ , فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَل اللَّه فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا . وَلَوْ كَانَ تَأْوِيل الْكَلَام : فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَل اللَّه فِي ذَلِكَ الشَّيْء الَّذِي تَكْرَهُونَهُ خَيْرًا كَثِيرًا , كَانَ جَائِزًا صَحِيحًا .

وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى . { وَإِنْ أَرَدْتُمْ اِسْتِبْدَال زَوْج مَكَان زَوْج وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ , { وَإِنْ أَرَدْتُمْ اِسْتِبْدَال زَوْج مَكَان زَوْج } وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ نِكَاح اِمْرَأَة مَكَان اِمْرَأَة لَكُمْ تُطَلِّقُونَهَا { وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ } يَقُول : وَقَدْ أَعْطَيْتُمْ الَّتِي تُرِيدُونَ طَلَاقهَا مِنْ الْمَهْر قِنْطَارًا وَالْقِنْطَار : الْمَال الْكَثِير . وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا مَضَى اِخْتِلَاف أَهْل التَّأْوِيل فِي مَبْلَغه وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا. { فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا } يَقُول : فَلَا تَضُرُّوا بِهِنَّ إِذَا أَرَدْتُمْ طَلَاقهنَّ لِيَقْتَدِينَ مِنْكُمْ بِمَا آتَيْتُمُوهُنَّ . كَمَا : 7090 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { وَإِنْ أَرَدْتُمْ اِسْتِبْدَال زَوْج مَكَان زَوْج } : طَلَاق اِمْرَأَة مَكَان أُخْرَى , فَلَا يَحِلّ لَهُ مِنْ مَال الْمُطَلَّقَة شَيْء وَإِنْ كَثُرَ . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة . قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح . عَنْ مُجَاهِد , مِثْله .|أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى . { أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا } . </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { أَتَأْخُذُونَهُ } : أَتَأْخُذُونَ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ مِنْ مُهُورهنَّ . { بُهْتَانًا } يَقُول . ظُلْمًا بِغَيْرِ حَقّ , { وَإِثْمًا مُبِينًا } يَعْنِي : وَإِثْمًا قَدْ أَبَانَ أَمْر آخِذه أَنَّهُ يَأْخُذهُ إِيَّاهُ لِمَنْ أَخَذَهُ مِنْهُ ظُلْمًا.

وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضكُمْ إِلَى بَعْض } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ } : وَعَلَى أَيّ وَجْه تَأْخُذُونَ مِنْ نِسَائِكُمْ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ مِنْ صَدُقَاتهنَّ إِذَا أَرَدْتُمْ طَلَاقهنَّ وَاسْتِبْدَال غَيْرهنَّ بِهِنَّ أَزْوَاجًا , وَقَدْ أَفْضَى بَعْضكُمْ إِلَى بَعْضكُمْ فَتَبَاشَرْتُمْ وَتَلَامَسْتُمْ . وَهَذَا كَلَام وَإِنْ كَانَ مَخْرَجه مَخْرَج الِاسْتِفْهَام فَإِنَّهُ فِي مَعْنَى النَّكِير وَالتَّغْلِيظ , كَمَا يَقُول الرَّجُل لِآخَر : كَيْفَ تَفْعَل كَذَا وَكَذَا وَأَنَا غَيْر رَاضٍ بِهِ ؟ عَلَى مَعْنَى التَّهْدِيد وَالْوَعِيد . وَأَمَّا الْإِفْضَاء إِلَى الشَّيْء فَإِنَّهُ الْوُصُول إِلَيْهِ بِالْمُبَاشَرَةِ لَهُ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>بِلًى . .. أَفْضَى إِلَى كُتْبَة .......... بَدَا سَيْرهَا مِنْ بَاطِن بَعْد ظَاهِرِ <br>يَعْنِي بِذَلِكَ : أَنَّ الْفَسَاد وَالْبِلَى وَصَلَ إِلَى الْخُرَز . وَاَلَّذِي عَنَى بِهِ الْإِفْضَاء فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْجِمَاع فِي الْفَرْج . فَتَأْوِيل الْكَلَام إِذْ كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ : وَكَيْفَ تَأْخُذُونَ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضكُمْ إِلَى بَعْض بِالْجِمَاعِ ؟ . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7091 - حَدَّثَنِي عَبْد الْحَمِيد بْن بَيَان الْقَنَّاد , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَاصِم , عَنْ بَكْر بْن عَبْد اللَّه , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (الْإِفْضَاء : الْمُبَاشَرَة , وَلَكِنَّ اللَّه كَرِيم يُكَنِّي عَمَّا يَشَاء . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَاصِم , عَنْ بَكْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : (الْإِفْضَاء : الْجِمَاع , وَلَكِنَّ اللَّه يُكَنِّي . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ عَاصِم بْن بَكْر بْن عَبْد اللَّه الْمُزَنِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (الْإِفْضَاء : هُوَ الْجِمَاع . )7092 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَقَدْ أَفْضَى بَعْضكُمْ إِلَى بَعْض } قَالَ : مُجَامَعَة النِّسَاء . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7093 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضكُمْ إِلَى بَعْض } يَعْنِي : الْمُجَامَعَة .)|وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } . </subtitle>أَيْ مَا وَثَّقْت بِهِ لَهُنَّ عَلَى أَنْفُسكُمْ مِنْ عَهْد , وَإِقْرَار مِنْكُمْ بِمَا أَقْرَرْتُمْ بِهِ عَلَى أَنْفُسكُمْ , مِنْ إِمْسَاكهنَّ بِمَعْرُوفٍ , أَوْ تَسْرِيحهنَّ بِإِحْسَانٍ , وَكَانَ فِي عَقْد الْمُسْلِمِينَ النِّكَاح قَدِيمًا , فِيمَا بَلَغَنَا أَنْ يُقَال لِلنَّاكِحِ : اللَّه عَلَيْك لَتُمْسِكَنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ لَتُسَرِّحَنَّ بِإِحْسَانٍ . 7094 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } وَالْمِيثَاق الْغَلِيظ الَّذِي أَخَذَهُ لِلنِّسَاءِ عَلَى الرِّجَال : إِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ . وَقَدْ كَانَ فِي عَهْد الْمُسْلِمِينَ عِنْد إِنْكَاحهمْ : آللَّه عَلَيْك لَتُمْسِكَنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ لَتُسَرِّحَنَّ بِإِحْسَانٍ )وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمِيثَاق الَّذِي عَنَى اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } . فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ إِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ , أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7095 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : ( { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } قَالَ : إِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ , أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , مِثْله . 7096 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } قَالَ : هُوَ مَا أَخَذَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلنِّسَاءِ عَلَى الرِّجَال , فَإِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ. قَالَ : وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ يُؤْخَذ عِنْد عَقْد النِّكَاح . )7097 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : (أَمَّا { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } فَهُوَ أَنْ يَنْكِح الْمَرْأَة فَيَقُول وَلِيّهَا : أَنْكَحْنَاكهَا بِأَمَانَةِ اللَّه , عَلَى أَنْ تُمْسِكهَا بِالْمَعْرُوفِ أَوْ تُسَرِّحهَا بِإِحْسَانٍ . )* - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : ( { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } قَالَ : الْمِيثَاق الْغَلِيظ الَّذِي أَخَذَهُ اللَّه لِلنِّسَاءِ : إِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ , وَكَانَ فِي عُقْدَة الْمُسْلِمِينَ عِنْد نِكَاحهنَّ : اَيْم اللَّه عَلَيْك لَتُمْسِكَنَّ بِمَعْرُوفٍ , وَلَتُسَرِّحَنَّ بِإِحْسَانٍ . )7098 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو قُتَيْبَة , قَالَ : ثنا أَبُو بَكْر الْهُذَلِيّ , عَنْ الْحَسَن , وَمُحَمَّد بْن سِيرِينَ فِي قَوْله : ( { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } قَالَ : إِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ . أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ. )وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ كَلِمَة النِّكَاح الَّتِي اِسْتُحِلَّ بِهَا الْفَرْج. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7099 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد : ( { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } قَالَ : كَلِمَة النِّكَاح الَّتِي اِسْتُحِلَّ بِهَا فُرُوجهنَّ . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي هَاشِم الْمَكِّيّ , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } قَالَ : قَوْله نَكَحْت . )7100 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , قَالَ : ثنا عَنْبَسَة , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ : ( { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } قَالَ : هُوَ قَوْلهمْ : قَدْ مَلَكْت النِّكَاح . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ سَالِم الْأَفْطَس , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } قَالَ : كَلِمَة النِّكَاح . )7101 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } قَالَ : الْمِيثَاق : النِّكَاح. )* - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , قَالَ : ثني سَالِم الْأَفْطَس , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } قَالَ : كَلِمَة النِّكَاح قَوْله نَكَحْت . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَأَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّه , وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجهنَّ بِكَلِمَةِ اللَّه | . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7102 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ جَابِر وَعِكْرِمَة : ( { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } قَالَا : أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّه , وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجهنَّ بِكَلِمَةِ اللَّه . )7103 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع : ( { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } وَالْمِيثَاق الْغَلِيظ : أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّه , وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجهنَّ بِكَلِمَةِ اللَّه . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِتَأْوِيلِ ذَلِكَ قَوْل مَنْ قَالَ : الْمِيثَاق الَّذِي عُنِيَ بِهِ فِي هَذِهِ الْآيَة , هُوَ مَا أُخِذَ لِلْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجهَا عِنْد عُقْدَة النِّكَاح , مِنْ عَهْد عَلَى إِمْسَاكهَا بِمَعْرُوفٍ , أَوْ تَسْرِيحهَا بِإِحْسَانٍ , فَأَقَرَّ بِهِ الرَّجُل , لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِكَ أَوْصَى الرِّجَال فِي نِسَائِهِمْ وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْمِيثَاق فِيمَا مَضَى قَبْل بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع . وَاخْتُلِفَ فِي حُكْم هَذِهِ الْآيَة , أَمُحْكَم أَمْ مَنْسُوخ ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : مُحْكَم , وَغَيْر جَائِز لِلرَّجُلِ أَخْذ شَيْء مِمَّا أَتَاهَا إِذَا أَرَادَ طَلَاقهَا , إِلَّا أَنْ تَكُون هِيَ الْمُرِيدَة الطَّلَاق . وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ مُحْكَمَة , غَيْر جَائِز لَهُ أَخْذ شَيْء مِمَّا آتَاهَا مِنْهَا بِحَالٍ , كَانَتْ هِيَ الْمُرِيدَة لِلطَّلَاقِ أَوْ هُوَ . وَمِمَّنْ حُكِيَ عَنْهُ هَذَا الْقَوْل بَكْر بْن عَبْد اللَّه بْن الْمُزَنِيّ . 7104 - حَدَّثَنَا مُجَاهِد بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا عَبْد الصَّمَد , قَالَ : ثنا عُقْبَة بْن أَبِي الْمُهَنَّا , قَالَ : (سَأَلْت بَكْرًا عَنْ الْمُخْتَلِعَة أَيَأْخُذُ مِنْهَا شَيْئًا ؟ قَالَ : لَا { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هِيَ مَنْسُوخَة نَسَخَهَا قَوْله : { وَلَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُود اللَّه } ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7105 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَإِنْ أَرَدْتُمْ اِسْتِبْدَال زَوْج مَكَان زَوْج } إِلَى قَوْله : { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } قَالَ : ثُمَّ رَخَّصَ بَعْد , فَقَالَ : { وَلَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُود اللَّه فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُود اللَّه فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا فِيمَا اِفْتَدَتْ بِهِ } قَالَ : فَنَسَخَتْ هَذِهِ تِلْكَ . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ قَوْل مَنْ قَالَ : إِنَّهَا مُحْكَمَة غَيْر مَنْسُوخَة , وَغَيْر جَائِز لِلرَّجُلِ أَخْذ شَيْء مِمَّا آتَاهَا إِذَا أَرَادَ طَلَاقهَا مِنْ غَيْر نُشُوز كَانَ مِنْهَا , وَلَا رِيبَة أَتَتْ بِهَا . وَذَلِكَ أَنَّ النَّاسِخ مِنْ الْأَحْكَام , مَا نَفَى خِلَافه مِنْ الْأَحْكَام , عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّا فِي سَائِر كُتُبنَا , وَلَيْسَ قَوْله : { وَإِنْ أَرَدْتُمْ اِسْتِبْدَال زَوْج مَكَان زَوْج } نَفْي حُكْم قَوْله : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُود اللَّه فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا فِيمَا اِفْتَدَتْ بِهِ } لِأَنَّ الَّذِي حَرَّمَ اللَّه عَلَى الرَّجُل بِقَوْلِهِ : { وَإِنْ أَرَدْتُمْ اِسْتِبْدَال زَوْج مَكَان زَوْج وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا } أَخْذُ مَا آتَاهَا مِنْهَا إِذَا كَانَ هُوَ الْمُرِيد طَلَاقهَا . وَأَمَّا الَّذِي أَبَاحَ لَهُ أَخْذَهُ مِنْهَا بِقَوْلِهِ : { فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا فِيمَا اِفْتَدَتْ بِهِ } فَهُوَ إِذَا كَانَتْ هِيَ الْمُرِيدَة طَلَاقَهُ , وَهُوَ كَارِه لَهُ بِبَعْضِ الْمَعَانِي الَّتِي قَدْ ذَكَرْنَا فِي غَيْر هَذَا الْمَوْضِع , وَلَيْسَ فِي حُكْم إِحْدَى الْآيَتَيْنِ نَفْي حُكْم الْأُخْرَى , وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُحْكَم لِإِحْدَاهُمَا بِأَنَّهَا نَاسِخَة , وَلِلْأُخْرَى بِأَنَّهَا مَنْسُوخَة , إِلَّا بِحُجَّةٍ يَجِب التَّسْلِيم لَهَا . وَأَمَّا مَا قَالَهُ بَكْر بْن عَبْد اللَّه الْمُزَنِيّ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لِزَوْجِ الْمُخْتَلِعَة أَخْذ مَا أَعْطَتْهُ عَلَى فِرَاقه إِيَّاهَا إِذَا كَانَتْ هِيَ الْغَالِبَة الْفُرْقَة وَهُوَ الْكَارِه , فَلَيْسَ بِصَوَابٍ لِصِحَّةِ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ أَمَرَ ثَابِت بْن قَيْس بْن شَمَّاس بِأَخْذِ مَا كَانَ سَاقَ إِلَى زَوْجَته وَفِرَاقهَا أَنْ طَلَبَتْ فِرَاقه , وَكَانَ النُّشُوز مِنْ قِبَلهَا .

وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آَبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ } </subtitle>قَدْ ذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي قَوْم كَانُوا يَخْلُفُونَ عَلَى حَلَائِل آبَائِهِمْ , فَجَاءَ الْإِسْلَام وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ , فَحَرَّمَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَيْهِمْ الْمُقَام عَلَيْهِنَّ , وَعَفَا لَهُمْ عَمَّا كَانَ سَلَفَ مِنْهُمْ فِي جَاهِلِيَّتهمْ وَشِرْكهمْ مِنْ فِعْل ذَلِكَ لَمْ يُؤَاخِذهُمْ بِهِ إِنْ هُمْ اِتَّقَوْا اللَّه فِي إِسْلَامهمْ وَأَطَاعُوهُ فِيهِ . ذِكْر الْأَخْبَار الَّتِي رُوِيَتْ فِي ذَلِكَ : 7106 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْمَخْرَمِيّ , قَالَ : ثنا قُرَاد , قَالَ : ثنا اِبْن عُيَيْنَة وَعَمْرو , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة يُحَرِّمُونَ مَا يُحَرِّم إِلَّا اِمْرَأَة الْأَب , وَالْجَمْع بَيْن الْأُخْتَيْنِ , قَالَ : فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ } { وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْن الْأُخْتَيْنِ } )7107 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : ( { وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاء } . .. الْآيَة , قَالَ : كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّه , إِلَّا أَنَّ الرَّجُل كَانَ يَخْلُف عَلَى حَلِيلَة أَبِيهِ , وَيَجْمَعُونَ بَيْن الْأُخْتَيْنِ , فَمِنْ ثَمَّ قَالَ اللَّه : { وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ } )7108 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عِكْرِمَة فِي قَوْله : ( { وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ } قَالَ : نَزَلَتْ فِي أَبِي قَيْس بْن الْأَسْلَت خَلَفَ عَلَى أُمّ عُبَيْد بِنْت ضَمْرَة , كَانَتْ تَحْت الْأَسْلَت أَبِيهِ , وَفِي الْأَسْوَد بْن خَلَف , وَكَانَ خَلَف عَلَى بِنْت أَبِي طَلْحَة بْن عَبْد الْعُزَّى بْن عُثْمَان بْن عَبْد الدَّار , وَكَانَتْ عِنْد أَبِيهِ خَلَف , وَفِي فَاخِتَة بِنْت الْأَسْوَد بْن الْمُطَّلِب بْن أَسَد , وَكَانَتْ عِنْد أُمَيَّة بْن خَلَف , فَخَلَفَ عَلَيْهَا صَفْوَان بْن أُمَيَّة , وَفِي مَنْظُور بْن رَبَاب , وَكَانَ خَلَف عَلَى مُلَيْكَة اِبْنَة خَارِجَة , وَكَانَتْ عِنْد أَبِيهِ رَبَاب بْن سَيَّار . )7109 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قُلْت لِعَطَاءِ بْن أَبِي رَبَاح : (الرَّجُل يَنْكِح الْمَرْأَة ثُمَّ لَا يَرَاهَا حَتَّى يُطَلِّقهَا , أَتَحِلّ لِابْنِهِ ؟ قَالَ : هِيَ مُرْسَلَة , قَالَ اللَّه تَعَالَى : { وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاء } قَالَ : قُلْت لِعَطَاءٍ : مَا قَوْله : { إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ } ؟ قَالَ : كَانَ الْأَبْنَاء يَنْكِحُونَ نِسَاء آبَائِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّة. )7110 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاء } . . الْآيَة , يَقُول : كُلّ اِمْرَأَة تَزَوَّجَهَا أَبُوك وَابْنك دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُل فَهِيَ عَلَيْك حَرَام . )وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى قَوْله : { إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : لَكِنْ مَا قَدْ سَلَفَ فَدَعُوهُ , وَقَالُوا هُوَ مِنْ الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطِع. وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا تَنْكِحُوا نِكَاح آبَائِكُمْ , بِمَعْنَى : وَلَا تَنْكِحُوا كَنِكَاحِهِمْ كَمَا نَكَحُوا عَلَى الْوُجُوه الْفَاسِدَة الَّتِي لَا يَجُوز مِثْلهَا فِي الْإِسْلَام , { إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَة وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا } يَعْنِي : أَنَّ نِكَاح آبَائِكُمْ الَّذِي كَانُوا يَنْكِحُونَهُ فِي جَاهِلِيَّتهمْ كَانَ فَاحِشَة وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا , إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ مِنْكُمْ فِي جَاهِلِيَّتكُمْ مِنْ نِكَاح لَا يَجُوز اِبْتِدَاء مِثْله فِي الْإِسْلَام , فَإِنَّهُ مَعْفُوّ لَكُمْ عَنْهُ . وَقَالُوا : قَوْله : { وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاء } كَقَوْلِ الْقَائِل لِلرَّجُلِ : لَا تَفْعَل مَا فَعَلْت , وَلَا تَأْكُل مَا أَكَلْت بِمَعْنَى : وَلَا تَأْكُل كَمَا أَكَلْت , وَلَا تَفْعَل كَمَا فَعَلْت. وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاء بِالنِّكَاحِ الْجَائِز كَانَ عَقْده بَيْنهمْ , إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ مِنْهُمْ مِنْ وُجُوه الزِّنَا عِنْدهمْ , فَإِنَّ نِكَاحهنَّ لَكُمْ حَلَال كَانَ لِأَنَّهُنَّ لَمْ يَكُنَّ لَهُمْ حَلَائِل , وَإِنَّمَا مَا كَانَ مِنْ آبَائِكُمْ مِنْهُنَّ مِنْ ذَلِكَ فَاحِشَة وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7111 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ } . .. الْآيَة , قَالَ : الزِّنَا , إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَة وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا. فَزَادَ هَهُنَا الْمَقْت . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ عَلَى مَا قَالَهُ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيله , أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ : وَلَا تَنْكِحُوا مِنْ النِّسَاء نِكَاح آبَائِكُمْ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ مِنْكُمْ , فَمَضَى فِي الْجَاهِلِيَّة , فَإِنَّهُ كَانَ فَاحِشَة وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا , فَيَكُون قَوْله : { مِنْ النِّسَاء } مِنْ صِلَة قَوْله : { وَلَا تَنْكِحُوا } وَيَكُون قَوْله : { مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ } بِمَعْنَى الْمَصْدَر , وَيَكُون قَوْله : { إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ } بِمَعْنَى الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطِع , لِأَنَّهُ يَحْسُن فِي مَوْضِعه : لَكِنْ مَا قَدْ سَلَفَ فَمَضَى , إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَة وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْفَ يَكُون هَذَا الْقَوْل مُوَافِقًا قَوْل مَنْ ذَكَرْت قَوْله مِنْ أَهْل التَّأْوِيل , وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الَّذِينَ ذَكَرْت قَوْلهمْ فِي ذَلِكَ , إِنَّمَا قَالُوا : أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي النَّهْي عَنْ نِكَاح حَلَائِل الْآبَاء , وَأَنْتَ تَذْكُر أَنَّهُمْ إِنَّمَا نُهُوا أَنْ يَنْكِحُوا نِكَاحهمْ ؟ قِيلَ لَهُ : وَإِنْ قُلْنَا إِنَّ ذَلِكَ هُوَ التَّأْوِيل الْمُوَافِق لِظَاهِرِ التَّنْزِيل , إِذْ كَانَتْ مَا فِي كَلَام الْعَرَب لِغَيْرِ بَنِي آدَم , وَإِنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَقْصُود بِذَلِكَ النَّهْي عَنْ حَلَائِل الْآبَاء دُون سَائِر مَا كَانَ مِنْ مَنَاكِح آبَائِهِمْ حَرَامًا , اُبْتُدِئَ مِثْله فِي الْإِسْلَام , بِنَهْيِ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْهُ , لَقِيلَ : وَلَا تَنْكِحُوا مَنْ نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ , لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوف فِي كَلَام الْعَرَب , إِذْ كَانَ | مَنْ | لِبَنِي آدَم | وَمَا | لِغَيْرِهِمْ , وَلَا تَقُلْ : وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاء , فَإِنَّهُ يَدْخُل فِي | مَا | مَا كَانَ مِنْ مَنَاكِح آبَائِهِمْ الَّتِي كَانُوا يَتَنَاكَحُونَهَا فِي جَاهِلِيَّتهمْ , فَحُرِّمَ عَلَيْهِمْ فِي الْإِسْلَام بِهَذِهِ الْآيَة نِكَاح حَلَائِل الْآبَاء , وَكُلّ نِكَاح سِوَاهُ , نَهَى اللَّه تَعَالَى ذِكْره اِبْتِدَاء مِثْله فِي الْإِسْلَام , مِمَّا كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة يَتَنَاكَحُونَهُ فِي شِرْكهمْ . وَمَعْنَى قَوْله : { إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ } : إِلَّا مَا قَدْ مَضَى ,|إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً| { إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَة } يَقُول : إِنَّ نِكَاحكُمْ الَّذِي سَلَفَ مِنْكُمْ , كَنِكَاحِ آبَائِكُمْ الْمُحَرَّم عَلَيْكُمْ اِبْتِدَاء مِثْله فِي الْإِسْلَام بَعْد تَحْرِيمِي ذَلِكَ عَلَيْكُمْ فَاحِشَة , يَقُول : مَعْصِيَة|وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا| { وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا } : أَيْ بِئْسَ طَرِيقًا وَمَنْهَجًا مَا كُنْتُمْ تَفْعَلُونَ فِي جَاهِلِيَّتكُمْ مِنْ الْمَنَاكِح الَّتِي كُنْتُمْ تَتَنَاكَحُونَهَا.

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللّ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتكُمْ وَبَنَاتكُمْ وَأَخَوَاتكُمْ وَعَمَّاتكُمْ وَخَالَاتكُمْ وَبَنَات الْأَخ وَبَنَات الْأُخْت وَأُمَّهَاتكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتكُمْ مِنْ الرَّضَاعَة وَأُمَّهَات نِسَائِكُمْ } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْره : حُرِّمَ عَلَيْكُمْ نِكَاح أُمَّهَاتكُمْ , فَتَرَكَ ذِكْر النِّكَاح اِكْتِفَاء بِدَلَالَةِ الْكَلَام عَلَيْهِ . وَكَانَ اِبْن عَبَّاس يَقُول فِي ذَلِكَ , مَا : 7112 - حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي زَائِدَة , عَنْ الثَّوْرِيّ , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَجَاء , عَنْ عُمَيْر مَوْلَى اِبْن عَبَّاس , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (حُرِّمَ مِنْ النَّسَب سَبْع , وَمِنْ الصِّهْر سَبْع . ثُمَّ قَرَأَ : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتكُمْ } حَتَّى بَلَغَ : { وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْن الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ } قَالَ : وَالسَّابِعَة { وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاء } )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمِّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَجَاء , عَنْ عُمَيْر مَوْلَى اِبْن عَبَّاس , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (يَحْرُم مِنْ النَّسَب سَبْع , وَمِنْ الصِّهْر سَبْع , ثُمَّ قَرَأَ : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتكُمْ } .. إِلَى قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار مَرَّة أُخْرَى , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد الزُّبَيْرِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَجَاء , عَنْ عُمَيْر مَوْلَى اِبْن عَبَّاس , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . 7113 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي ذِئْب , عَنْ الزُّهْرِيّ بِنَحْوِهِ . 7114 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حَبِيب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (حُرِّمَ عَلَيْكُمْ سَبْع نَسَبًا وَسَبْع صِهْرًا . { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتكُمْ } . . الْآيَة . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ ثنا أَبِي , عَنْ عَلِيّ بْن صَالِح , عَنْ سِمَاك بْن حَرْب , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : ( { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتكُمْ وَبَنَاتكُمْ وَأَخَوَاتكُمْ } قَالَ : حَرَّمَ اللَّه مِنْ النَّسَب سَبْعًا , وَمِنْ الصِّهْر سَبْعًا , ثُمَّ قَرَأَ : { وَأُمَّهَات نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبكُمْ } ... الْآيَة . )7115 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُطَرِّف , عَنْ عَمْرو بْن سَالِم مَوْلَى الْأَنْصَار , قَالَ : (حُرِّمَ مِنْ النَّسَب سَبْع , وَمِنْ الصِّهْر سَبْع : حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتكُمْ , وَبَنَاتكُمْ , وَأَخَوَاتكُمْ , وَعَمَّاتكُمْ , وَخَالَاتكُمْ , وَبَنَات الْأَخ , وَبَنَات الْأُخْت . وَمِنْ الصِّهْر : أُمَّهَاتكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ , وَأَخَوَاتكُمْ مِنْ الرَّضَاعَة , وَأُمَّهَات نِسَائِكُمْ , وَرَبَائِبكُمْ اللَّاتِي فِي حُجُوركُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ , فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ , فَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ , وَحَلَائِل أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابكُمْ , وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْن الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ. ثُمَّ قَالَ : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } { وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاء } )فَكُلّ هَؤُلَاءِ اللَّوَاتِي سَمَّاهُنَّ اللَّه تَعَالَى وَبَيَّنَ تَحْرِيمهنَّ فِي هَذِهِ الْآيَة مُحَرَّمَات غَيْر جَائِز نِكَاحهنَّ لِمَنْ حَرَّمَ اللَّه ذَلِكَ عَلَيْهِ مِنْ الرِّجَال , بِإِجْمَاعِ جَمِيع الْأُمَّة , لَا اِخْتِلَاف بَيْنهمْ فِي ذَلِكَ , إِلَّا فِي أُمَّهَات نِسَائِنَا اللَّوَاتِي لَمْ يَدْخُل بِهِنَّ أَزْوَاجهنَّ , فَإِنَّ فِي نِكَاحهنَّ اِخْتِلَافًا بَيْن بَعْض الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ الصَّحَابَة إِذَا بَانَتْ الِابْنَة قَبْل الدُّخُول بِهَا مِنْ زَوْجهَا , هَلْ هُنَّ مِنْ الْمُبْهَمَات , أَمْ هُنَّ مِنْ الْمَشْرُوط فِيهِنَّ الدُّخُول بِبَنَاتِهِنَّ . فَقَالَ جَمِيع أَهْل الْعِلْم مُتَقَدِّمهمْ وَمُتَأَخِّرهمْ : مِنْ الْمُبْهَمَات , وَحَرَامٌ عَلَى مَنْ تَزَوَّجَ اِمْرَأَةً أُمُّهَا دَخَلَ بِامْرَأَتِهِ الَّتِي نَكَحَهَا أَوْ لَمْ يَدْخُل بِهَا , وَقَالُوا : شَرْط الدُّخُول فِي الرَّبِيبَة دُون الْأُمّ , , فَأَمَّأ أُمّ الْمَرْأَة فَمُطْلَقَة بِالتَّحْرِيمِ . قَالُوا : وَلَوْ جَازَ أَنْ يَكُون شَرْط الدُّخُول فِي قَوْله : { وَرَبَائِبكُمْ اللَّاتِي فِي حُجُوركُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } فَوُضِعَ مَوْصُولًا بِهِ قَوْله : { وَأُمَّهَات نِسَائِكُمْ } جَازَ أَنْ يَكُون الِاسْتِثْنَاء فِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } مِنْ جَمِيع الْمُحَرَّمَات بِقَوْلِهِ : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ } . . الْآيَة , قَالُوا : وَفِي إِجْمَاع الْجَمِيع عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاء فِي ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ مِمَّا وَلِيَهُ مِنْ قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات } أَبْيَن الدَّلَالَة عَلَى أَنَّ الشَّرْط فِي قَوْله : { مِنْ نِسَائِكُمْ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } مِمَّا وَلِيَهُ مِنْ قَوْله : { وَرَبَائِبكُمْ اللَّاتِي فِي حُجُوركُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } دُون أُمَّهَات نِسَائِنَا . وَرُوِيَ عَنْ بَعْض الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ كَانَ يَقُول : حَلَال نِكَاح أُمَّهَات نِسَائِنَا اللَّوَاتِي لَمْ نَدْخُل بِهِنَّ , وَإِنَّ حُكْمهنَّ فِي ذَلِكَ حُكْم الرَّبَائِب. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7116 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ وَعَبْد الْأَعْلَى , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ خَلَّاس بْن عَمْرو , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : (فِي رَجُل تَزَوَّجَ اِمْرَأَة فَطَلَّقَهَا قَبْل أَنْ يَدْخُل بِهَا , أَيَتَزَوَّجُ أُمّهَا ؟ قَالَ : هِيَ بِمَنْزِلَةِ الرَّبِيبَة . )* - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا سَعِيد , قَالَ : ثنا قَتَادَة , عَنْ خَلَّاس , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , قَالَ : (هِيَ بِمَنْزِلَةِ الرَّبِيبَة . )7117 - حَدَّثَنَا حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , قَالَا : ثنا قَتَادَة , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , عَنْ زَيْد بْن ثَابِت أَنَّهُ كَانَ يَقُول : (إِذَا مَاتَتْ عِنْده , وَأَخَذَ مِيرَاثهَا , كَرِهَ أَنْ يَخْلُف عَلَى أُمّهَا , وَإِذَا طَلَّقَهَا قَبْل أَنْ يَدْخُل بِهَا , فَإِنْ شَاءَ فَعَلَ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , عَنْ زَيْد بْن ثَابِت , قَالَ : (إِذَا طَلَّقَ الرَّجُل اِمْرَأَته قَبْل أَنْ يَدْخُل بِهَا لَا بَأْس أَنْ يَتَزَوَّج أُمّهَا . )7118 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج , أَخْبَرَنِي عِكْرِمَة بْن خَالِد , أَنَّ مُجَاهِدًا قَالَ لَهُ : ( { وَأُمَّهَات نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبكُمْ اللَّاتِي فِي حُجُوركُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ } أُرِيدَ بِهِمَا الدُّخُول جَمِيعًا . )قَالَ : أَبُو جَعْفَر : وَالْقَوْل الْأَوَّل أَوْلَى بِالصَّوَابِ , أَعْنِي قَوْل مَنْ قَالَ : الْأُمّ مِنْ الْمُبْهَمَات , لِأَنَّ اللَّه لَمْ يَشْرِط مَعَهُنَّ الدُّخُول بِبَنَاتِهِنَّ , كَمَا شَرَطَ لَك مَعَ أُمَّهَات الرَّبَائِب , مَعَ أَنَّ ذَلِكَ أَيْضًا إِجْمَاع مِنْ الْحُجَّة الَّتِي لَا يَجُوز خِلَافهَا فِيمَا جَاءَتْ بِهِ مُتَّفِقَة عَلَيْهِ . وَقَدْ رُوِيَ بِذَلِكَ أَيْضًا عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَر , غَيْر أَنَّ فِي إِسْنَاده نَظَرًا , وَهُوَ مَا : 7119 - حَدَّثَنَا بِهِ الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْمُثَنَّى بْن الصَّبَّاح , عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدّه , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا نَكَحَ الرَّجُل الْمَرْأَة لَا يَحِلّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّج أُمّهَا , دَخَلَ بِالِابْنَةِ أَمْ لَمْ يَدْخُل , وَإِذَا تَزَوَّجَ الْأُمّ فَلَمْ يَدْخُل لَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا , فَإِنْ شَاءَ تَزَوَّجَ الِابْنَة . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَهَذَا خَبَر وَإِنْ كَانَ فِي إِسْنَاده مَا فِيهِ , فَإِنَّ فِي إِجْمَاع الْحُجَّة عَلَى صِحَّة الْقَوْل بِهِ مُسْتَغْنًى عَنْ الِاسْتِشْهَاد عَلَى صِحَّته بِغَيْرِهِ . 7120 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ لِعَطَاءٍ : (الرَّجُل يَنْكِح الْمَرْأَة لَمْ يَرَهَا وَلَا يُجَامِعهَا حَتَّى يُطَلِّقهَا , أَيَحِلُّ لَهُ أُمّهَا ؟ قَالَ : لَا , هِيَ مُرْسَلَة . قُلْت لِعَطَاءٍ : أَكَانَ اِبْن عَبَّاس يَقْرَأ : | وَأُمَّهَات نِسَائِكُمْ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ | ؟ قَالَ : لَا تَبْرَأ ; قَالَ حَجَّاج : قُلْت لِابْنِ جُرَيْج : مَا تَبْرَأ ؟ قَالَ : كَأَنَّهُ قَالَ : لَا لَا .)|وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ|وَأَمَّا الرَّبَائِب فَإِنَّهُ جَمْع رَبِيبَة وَهِيَ اِبْنَة اِمْرَأَة الرَّجُل , قِيلَ لَهَا رَبِيبَة لِتَرْبِيَتِهِ إِيَّاهَا , وَإِنَّمَا هِيَ مَرْبُوبَة صُرِفَتْ إِلَى رَبِيبَة , كَمَا يُقَال : هِيَ قَبِيلَة مِنْ مَقْبُولَة , وَقَدْ يُقَال لِزَوْجِ الْمَرْأَة : هُوَ رَبِيب اِبْن اِمْرَأَته , يَعْنِي بِهِ : هُوَ رَابّه , كَمَا يُقَال : هُوَ جَابِر وَجَبِير , وَشَاهِد وَشَهِيد. وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله : { مِنْ نِسَائِكُمْ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } فَقَالَ بَعْضهمْ مَعْنَى الدُّخُول فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْجِمَاع. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7121 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { مِنْ نِسَائِكُمْ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } وَالدُّخُول : النِّكَاح . )وَقَالَ آخَرُونَ : الدُّخُول فِي هَذَا الْمَوْضِع : هُوَ التَّجْرِيد . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7122 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : قُلْت لِعَطَاءٍ , قَوْله : ( { اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } مَا الدُّخُول بِهِنَّ ؟ قَالَ : أَنْ تُهْدَى إِلَيْهِ فَيَكْشِف وَيَعْتَسّ , وَيَجْلِس بَيْن رِجْلَيْهَا . قُلْت : أَرَأَيْت إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي بَيْت أَهْلهَا ؟ قَالَ : هُوَ سَوَاء , وَحَسْبه قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ عَلَيْهِ اِبْنَتهَا. قُلْت : تَحْرُم الرَّبِيبَة مِمَّنْ يَصْنَع هَذَا بِأُمِّهَا إِلَّا مَا يَحْرُم عَلَيَّ مِنْ أَمَتِي إِنْ صَنَعْته بِأُمِّهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ سَوَاء . قَالَ عَطَاء : إِذَا كَشَفَ الرَّجُل أَمَته وَجَلَسَ بَيْن رِجْلَيْهَا أَنْهَاهُ عَنْ أُمّهَا وَابْنَتهَا . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ عِنْدِي بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , مَا قَالَهُ اِبْن عَبَّاس , مِنْ أَنَّ مَعْنَى الدُّخُول : الْجِمَاع وَالنِّكَاح , لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْلُو مَعْنَاهُ مِنْ أَحَد أَمْرَيْنِ : إِمَّا أَنْ يَكُون عَلَى الظَّاهِر الْمُتَعَارَف مِنْ مَعَانِي الدُّخُول فِي النَّاس , وَهُوَ الْوُصُول إِلَيْهَا بِالْخَلْوَةِ بِهَا , أَوْ يَكُون بِمَعْنَى الْجِمَاع , وَفِي إِجْمَاع الْجَمِيع عَلَى أَنَّ خَلْوَة الرَّجُل بِامْرَأَتِهِ لَا تُحَرِّم عَلَيْهِ اِبْنَتهَا إِذَا طَلَّقَهَا قَبْل مَسِيسهَا وَمُبَاشَرَتهَا , أَوْ قَبْل النَّظَر إِلَى فَرْجهَا بِالشَّهْوَةِ مَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : هُوَ الْوُصُول إِلَيْهَا بِالْجِمَاعِ . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَمَعْلُوم أَنَّ الصَّحِيح مِنْ التَّأْوِيل فِي ذَلِكَ مَا قُلْنَاهُ .|فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ|وَأَمَّا قَوْله : { فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ } فَإِنَّهُ يَقُول : فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا أَيّهَا النَّاس دَخَلْتُمْ بِأُمَّهَاتِ رَبَائِبكُمْ اللَّاتِي فِي حُجُوركُمْ , فَجَامَعْتُمُوهُنَّ حَتَّى طَلَّقْتُمُوهُنَّ , { فَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ } يَقُول : فَلَا حَرَج عَلَيْكُمْ فِي نِكَاح مَنْ كَانَ مِنْ رَبَائِبكُمْ كَذَلِكَ .|وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ|وَأَمَّا قَوْله : { وَحَلَائِل أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابكُمْ } فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَأَزْوَاج أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابكُمْ , وَهِيَ جَمْع حَلِيلَة وَهِيَ اِمْرَأَته , وَقِيلَ : سُمِّيَتْ اِمْرَأَة الرَّجُل حَلِيلَته , لِأَنَّهَا تَحِلّ مَعَهُ فِي فِرَاش وَاحِد . وَلَا خِلَاف بَيْن جَمِيع أَهْل الْعِلْم أَنَّ حَلِيلَة اِبْن الرَّجُل حَرَام عَلَيْهِ نِكَاحهَا بِعَقْدِ اِبْنه عَلَيْهَا النِّكَاح , دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُل بِهَا . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَمَا أَنْتَ قَائِل فِي حَلَائِل الْأَبْنَاء مِنْ الرَّضَاع , فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى إِنَّمَا حَرَّمَ حَلَائِل أَبْنَائِنَا مِنْ أَصْلَابنَا ؟ قِيلَ : إِنَّ حَلَائِل الْأَبْنَاء مِنْ الرَّضَاع , وَحَلَائِل الْأَبْنَاء مِنْ الْأَصْلَاب سَوَاء فِي التَّحْرِيم , وَإِنَّمَا قَالَ : { وَحَلَائِل أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابكُمْ } لِأَنَّ مَعْنَاهُ : وَحَلَائِل أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ وَلَدْتُمُوهُمْ دُون حَلَائِل أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ تَبَنَّيْتُمُوهُمْ . كَمَا : 7123 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قُلْت لِعَطَاءٍ , قَوْله : ( { وَحَلَائِل أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابكُمْ } قَالَ : كُنَّا نُحَدِّث وَاَللَّه أَعْلَم أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين نَكَحَ اِمْرَأَة زَيْد بْن حَارِثَة , قَالَ الْمُشْرِكُونَ فِي ذَلِكَ , فَنَزَلَتْ : { وَحَلَائِل أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابكُمْ } وَنَزَلَتْ : { وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ } [33 4 ]وَنَزَلَتْ : { مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أَحَد مِنْ رِجَالكُمْ } [33 40])|وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ|وَأَمَّا قَوْله : { وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْن الْأُخْتَيْنِ } فَإِنَّ مَعْنَاهُ : وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَجْمَعُوا بَيْن الْأُخْتَيْنِ عِنْدكُمْ بِنِكَاحٍ , فـ | ـأَنْ | فِي مَوْضِع رَفْع , كَأَنَّهُ قِيلَ : وَالْجَمْع بَيْن الْأُخْتَيْنِ .|إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ| { إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ } لَكِنْ مَا قَدْ مَضَى مِنْكُمْ .|إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا| { إِنَّ اللَّه كَانَ غَفُورًا } لِذُنُوبِ عِبَاده إِذَا تَابُوا إِلَيْهِ مِنْهَا. { رَحِيمًا } بِهِمْ فِيمَا كَلَّفَهُمْ مِنْ الْفَرَائِض وَخَفَّفَ عَنْهُمْ فَلَمْ يُحَمِّلهُمْ فَوْق طَاقَتهمْ . يُخْبِر بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ غَفُور لِمَنْ كَانَ جَمَعَ بَيْن الْأُخْتَيْنِ بِنِكَاحٍ فِي جَاهِلِيَّته وَقَبْل تَحْرِيمه ذَلِكَ , إِذَا اِتَّقَى اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَعْد تَحْرِيمه ذَلِكَ عَلَيْهِ فَأَطَاعَهُ بِاجْتِنَابِهِ , رَحِيم بِهِ وَبِغَيْرِهِ مِنْ أَهْل طَاعَته مِنْ خَلْقه.

وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : حَرَّمْت عَلَيْكُمْ الْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء , إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمُحْصَنَات الَّتِي عَنَاهُنَّ اللَّه فِي هَذِهِ الْآيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُنَّ ذَوَات الْأَزْوَاج غَيْر الْمَسْبِيَّات مِنْهُنَّ . وَمِلْك الْيَمِين : السَّبَايَا اللَّوَاتِي فَرَّقَ بَيْنهنَّ وَبَيْن أَزْوَاجهنَّ السِّبَاء , فَحَلَلْنَ لِمَنْ صِرْنَ لَهُ بِمِلْكِ الْيَمِين مِنْ غَيْر طَلَاق كَانَ مِنْ زَوْجهَا الْحَرْبِيّ لَهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7124 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي حُصَيْن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (كُلّ ذَات زَوْج إِتْيَانهَا زِنًا , إِلَّا مَا سُبِيَتْ . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن عَطِيَّة , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي حُصَيْن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . 7125 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : ( { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } يَقُول : كُلّ اِمْرَأَة لَهَا زَوْج فَهِيَ عَلَيْك حَرَام إِلَّا أَمَة مَلَكْتهَا وَلَهَا زَوْج بِأَرْضِ الْحَرْب , فَهِيَ لَك حَلَال إِذَا اِسْتَبْرَأْتهَا . )7126 - وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ خَالِد , عَنْ أَبِي قِلَابَة فِي قَوْله : ( { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : مَا سَبَيْتُمْ مِنْ النِّسَاء , إِذَا سُبِيَتْ الْمَرْأَة وَلَهَا زَوْج فِي قَوْمهَا , فَلَا بَأْس أَنْ تَطَأهَا . )7127 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : كُلّ اِمْرَأَة مُحْصَنَة لَهَا زَوْج فَهِيَ مُحَرَّمَة إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينك مِنْ السَّبْي وَهِيَ مُحْصَنَة لَهَا زَوْج , فَلَا تُحَرَّم عَلَيْك بِهِ . )قَالَ : كَانَ أَبِي يَقُول ذَلِكَ . 7128 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عُتْبَة بْن سَعِيد الْحِمْصِيّ , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ مَكْحُول فِي قَوْله : ( { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : السَّبَايَا . )وَاعْتَلَّ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَة بِالْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِيَتْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِيمَنْ سُبِيَ مِنْ أَوْطَاس. ذِكْر الرِّوَايَة بِذَلِكَ : 7129 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَبِي الْخَلِيل , عَنْ أَبِي عَلْقَمَة الْهَاشِمِيّ , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ : (أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم حُنَيْن بَعَثَ جَيْشًا إِلَى أَوْطَاس , فَلَقُوا عَدُوًّا , فَأَصَابُوا سَبَايَا لَهُنَّ أَزْوَاج مِنْ الْمُشْرِكِينَ , فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يَتَأَثَّمُونَ مِنْ غِشْيَانهنَّ , فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى هَذِهِ الْآيَة : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } أَيْ هُنَّ حَلَال لَكُمْ إِذَا مَا اِنْقَضَتْ عِدَدهنَّ . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ صَالِح أَبِي الْخَلِيل : أَنَّ أَبَا عَلْقَمَة الْهَاشِمِيّ حَدَّثَ , أَنَّ أَبَا سَعِيد الْخُدْرِيّ حَدَّثَ : (أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ يَوْم حُنَيْن سَرِيَّة , فَأَصَابُوا حَيًّا مِنْ أَحْيَاء الْعَرَب يَوْم أَوْطَاس , فَهَزَمُوهُمْ وَأَصَابُوا لَهُمْ سَبَايَا , فَكَانَ نَاس مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَأَثَّمُونَ مِنْ غِشْيَانهنَّ مِنْ أَجْل أَزْوَاجهنَّ , فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } مِنْهُنَّ فَحَلَال لَكُمْ ذَلِكَ . )* - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَعِيد الْكِنَانِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحِيم بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَشْعَث بْن سَوَّار , عَنْ عُثْمَان الْبَتِّيّ , عَنْ أَبِي الْخَلِيل , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , قَالَ : (لَمَّا سَعَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْل أَوْطَاس , قُلْنَا : يَا رَسُول اللَّه , كَيْفَ نَقَع عَلَى نِسَاء قَدْ عَرَفْنَا أَنْسَابهنَّ وَأَزْوَاجهنَّ ؟ قَالَ : فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ عُثْمَان الْبَتِّيّ , [ عَنْ أَبِي الْخَلِيل ] عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , قَالَ : (أَصَبْنَا نِسَاء مِنْ سَبْي أَوْطَاس لَهُنَّ أَزْوَاج , فَكَرِهْنَا أَنْ نَقَع عَلَيْهِنَّ وَلَهُنَّ أَزْوَاج , فَسَأَلْنَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَنَزَلَتْ : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } فَاسْتَحْلَلْنَا فُرُوجهنَّ . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَبِي الْخَلِيل عَنْ أَبِي سَعِيد , قَالَ : (نَزَلَتْ فِي يَوْم أَوْطَاس , أَصَابَ الْمُسْلِمُونَ سَبَايَا لَهُنَّ أَزْوَاج فِي الشِّرْك , فَقَالَ : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } يَقُول : إِلَّا مَا أَفَاءَ اللَّه عَلَيْكُمْ , قَالَ : فَاسْتَحْلَلْنَا بِهَا فُرُوجهنَّ. )وَقَالَ آخَرُونَ مِمَّنْ قَالَ : | الْمُحْصَنَات ذَوَات الْأَزْوَاج فِي هَذَا الْمَوْضِع | . بَلْ هُنَّ كُلّ ذَات زَوْج مِنْ النِّسَاء حَرَام عَلَى غَيْر أَزْوَاجهنَّ , إِلَّا أَنْ تَكُون مَمْلُوكَة اِشْتَرَاهَا مُشْتَرٍ مِنْ مَوْلَاهَا فَتَحِلّ لِمُشْتَرِيهَا , وَيَبْطُل بَيْع سَيِّدهَا إِيَّاهَا النِّكَاح بَيْنهَا وَبَيْن زَوْجهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7130 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب سَلْم بْن جُنَادَة , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه فِي قَوْله : ( { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : كُلّ ذَات زَوْج عَلَيْك حَرَام إِلَّا أَنْ تَشْتَرِيَهَا , أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينك . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , عَنْ شُعْبَة , عَنْ مُغِيرَة عَنْ إِبْرَاهِيم : (أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْأَمَة تُبَاع وَلَهَا زَوْج , قَالَ : كَانَ عَبْد اللَّه يَقُول : بَيْعهَا طَلَاقهَا , وَيَتْلُو هَذِهِ الْآيَة : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه فِي قَوْله : ( { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : كُلّ ذَات زَوْج عَلَيْك حَرَام , إِلَّا مَا اِشْتَرَيْت بِمَالِك ; وَكَانَ يَقُول : بَيْع الْأَمَة : طَلَاقهَا. )7131 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ اِبْن الْمُسَيِّب قَوْله : ( { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء } قَالَ : هُنَّ ذَوَات الْأَزْوَاج حَرَّمَ اللَّه نِكَاحهنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينك , فَبَيْعهَا طَلَاقهَا . )قَالَ مَعْمَر : وَقَالَ الْحَسَن مِثْل ذَلِكَ . 7132 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : ( { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : إِذَا كَانَ لَهَا زَوْج فَبَيْعهَا طَلَاقهَا . )7133 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة أَنَّ أُبَيّ بْن كَعْب وَجَابِر بْن عَبْد اللَّه وَأَنَس بْن مَالِك قَالُوا : (بَيْعهَا طَلَاقهَا . )7134 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة أَنَّ أُبَيّ بْن كَعْب وَجَابِرًا وَابْن عَبَّاس , قَالُوا : (بَيْعهَا طَلَاقهَا . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عُمَر بْن عُبَيْد , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه : (بَيْع الْأَمَة طَلَاقهَا. )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور وَمُغِيرَة وَالْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : (بَيْع الْأَمَة طَلَاقهَا . )* - حَدَّثَنَا بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمِّل , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ حَمَّاد , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه . مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ حَمَّاد , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه مِثْله . 7135 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ خَالِد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (طَلَاق الْأَمَة سِتّ : بَيْعهَا طَلَاقهَا , وَعِتْقهَا طَلَاقهَا , وَهِبَتهَا طَلَاقهَا , وَبَرَاءَتهَا طَلَاقهَا , وَطَلَاق زَوْجهَا طَلَاقهَا . )7136 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن الْمُغِيرَة الْحِمْصِيّ . قَالَ : ثنا عُثْمَان بْن سَعِيد , عَنْ عِيسَى اِبْن أَبِي إِسْحَاق , عَنْ أَشْعَث , عَنْ الْحَسَن , عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب : أَنَّهُ قَالَ : (بَيْع الْأَمَة طَلَاقهَا . )7137 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , عَنْ عَوْف , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : (بَيْع الْأَمَة طَلَاقهَا , وَبَيْعه طَلَاقهَا . )7138 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا خَالِد , عَنْ أَبِي قِلَابَة , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه : (مُشْتَرِيهَا أَحَقّ بِبُضْعِهَا . يَعْنِي : الْأَمَة تُبَاع وَلَهَا زَوْج . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : (طَلَاق الْأَمَة بَيْعهَا . )* - حَدَّثَنَا حُمَيْد , قَالَ : ثنا سُفْيَان بْن حَبِيب , قَالَ : ثنا يُونُس , عَنْ الْحَسَن أَنَّ أُبَيًّا , قَالَ : (بَيْعهَا طَلَاقهَا . )7139 - حَدَّثَنَا أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ خَالِد , عَنْ أَبِي قِلَابَة , عَنْ اِبْن مَسْعُود , قَالَ : (إِذَا بِيعَتْ الْأَمَة وَلَهَا زَوْج فَسَيِّدهَا أَحَقّ بِبُضْعِهَا . )7140 - حَدَّثَنَا حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثني سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَبِي مَعْشَر , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : (بَيْعهَا طَلَاقهَا. قَالَ : فَقِيلَ لِإِبْرَاهِيم : فَبَيْعه ؟ قَالَ : ذَلِكَ مَا لَا نَقُول فِيهِ شَيْئًا . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى الْمُحْصَنَات فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْعَفَائِف. قَالُوا : وَتَأْوِيل الْآيَة : وَالْعَفَائِف مِنْ النِّسَاء حَرَام أَيْضًا عَلَيْكُمْ , إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ مِنْهُنَّ بِنِكَاحٍ وَصَدَاق وَسُنَّة وَشُهُود مِنْ وَاحِدَة إِلَى أَرْبَع . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7141 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة , قَالَ : يَقُول : (اِنْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء : مَثْنَى , وَثُلَاث , وَرُبَاع , ثُمَّ حَرَّمَ مَا حَرَّمَ مِنْ النَّسَب وَالصِّهْر , ثُمَّ قَالَ : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : فَرَجَعَ إِلَى أَوَّل السُّورَة إِلَى أَرْبَع , فَقَالَ : هُنَّ حَرَام أَيْضًا , إِلَّا بِصَدَاقٍ وَسُنَّة وَشُهُود . )7142 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ أَيُّوب , عَنْ اِبْن سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَة , قَالَ : (أَحَلَّ اللَّه لَك أَرْبَعًا فِي أَوَّل السُّورَة , وَحَرَّمَ نِكَاح كُلّ مُحْصَنَة بَعْد الْأَرْبَع , إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينك . قَالَ مَعْمَر : وَأَخْبَرَنِي اِبْن طَاوُس عَنْ أَبِيهِ : إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينك , قَالَ : فَزَوْجك مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينك , يَقُول : حَرَّمَ اللَّه الزِّنَا , لَا يَحِلّ لَك أَنْ تَطَأ اِمْرَأَة إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينك. )7143 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن مَسْرُوق الْكِنْدِيُّ , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحِيم بْن سُلَيْمَان , عَنْ هِشَام بْن حَسَّان , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , قَالَ : سَأَلْت عُبَيْدَة عَنْ قَوْل اللَّه تَعَالَى : ( { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : أَرْبَع . )7144 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحِيم , عَنْ أَشْعَث بْن سِوَار , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , عَنْ عُبَيْدَة , عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب , مِثْله . 7145 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن يَمَان , عَنْ أَشْعَث , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْله : ( { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : الْأَرْبَع , فَمَا بَعْدهنَّ حَرَام . )7146 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : سَأَلْت عَطَاء عَنْهَا , فَقَالَ : (حَرَّمَ اللَّه ذَوَات الْقَرَابَة , ثُمَّ قَالَ : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } يَقُول : حَرَّمَ مَا فَوْق الْأَرْبَع مِنْهُنَّ . )7147 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء } قَالَ : الْخَامِسَة حَرَام كَحُرْمَةِ الْأُمَّهَات وَالْأَخَوَات . )ذِكْر مَنْ قَالَ : عَنَى بِالْمُحْصَنَاتِ فِي هَذَا الْمَوْضِع الْعَفَائِفَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْل الْكِتَاب . 7148 - حَدَّثَنِي إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن حَبِيب بْن الشَّهِيد , قَالَ : ثنا عَتَّابُ بْن بَشِير , عَنْ خُصَيْف , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : ( { وَالْمُحْصَنَات } قَالَ : الْعَفِيفَة الْعَاقِلَة مِنْ مُسْلِمَة , أَوْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب . )7149 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , عَنْ بَعْض أَصْحَابه , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : الْعَفَائِف . )وَقَالَ آخَرُونَ : الْمُحْصَنَات فِي هَذَا الْمَوْضِع ذَوَات الْأَزْوَاج غَيْر أَنَّ الَّذِي حَرَّمَ اللَّه مِنْهُنَّ فِي هَذِهِ الْآيَة الزِّنَا بِهِنَّ , وَأَبَاحَهُنَّ بِقَوْلِهِ : { إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } بِالنِّكَاحِ أَوْ الْمِلْك . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7150 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى : ( { وَالْمُحْصَنَات } قَالَ : نَهَى عَنْ الزِّنَا. )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء } قَالَ : نَهَى عَنْ الزِّنَا أَنْ تَنْكِح الْمَرْأَةُ زَوْجَيْنِ . )7151 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : قَوْله : ( { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : كُلّ ذَات زَوْج عَلَيْكُمْ حَرَام , إِلَّا الْأَرْبَع اللَّاتِي يُنْكَحْنَ بِالْبَيِّنَةِ وَالْمَهْر . )7152 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عُثْمَان , قَالَ : ثنا وَهْب بْن جَرِير , قَالَ : ثنا أَبِي , قَالَ : سَمِعْت النُّعْمَان بْن رَاشِد يُحَدِّث عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : (أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء , قَالَ : هُنَّ ذَوَات الْأَزْوَاج. )7153 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حَمَّاد , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : ( { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : ذَوَات الْأَزْوَاج مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ. وَقَالَ عَلِيّ : ذَوَات الْأَزْوَاج مِنْ الْمُشْرِكِينَ . )7154 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء } قَالَ : كُلّ ذَات زَوْج عَلَيْكُمْ حَرَام . )7155 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ عَبْد الْكَرِيم , عَنْ مَكْحُول , نَحْوه . 7156 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ الصَّلْت بْن بِهْرَام , عَنْ إِبْرَاهِيم , نَحْوه. 7157 - مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : ( { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ }. .. إِلَى { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } يَعْنِي : ذَوَات الْأَزْوَاج مِنْ النِّسَاء لَا يَحِلّ نِكَاحهنَّ , يَقُول : لَا يَخْلِب وَلَا يَعُدْ فَتَنْشِز عَلَى زَوْجهَا , وَكُلّ اِمْرَأَة لَا تُنْكَح إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَمَهْر فَهِيَ مِنْ الْمُحْصَنَات الَّتِي حَرَّمَ اللَّه إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ , يَعْنِي : الَّتِي أَحَلَّ اللَّه مِنْ النِّسَاء , وَهُوَ مَا أَحَلَّ مِنْ حَرَائِر النِّسَاء مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُنَّ نِسَاء أَهْل الْكِتَاب . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7158 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا عِيسَى بْن عُبَيْد , عَنْ أَيُّوب بْن أَبِي الْعَوْجَاء عَنْ أَبِي مِجْلَز فِي قَوْله : ( { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : نِسَاء أَهْل الْكِتَاب. )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُنَّ الْحَرَائِر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7159 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثني حَمَّاد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان بْن عَرْعَرَة , فِي قَوْله : ( { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء } قَالَ : الْحَرَائِر . )وَقَالَ آخَرُونَ : الْمُحْصَنَات : هُنَّ الْعَفَائِف وَذَوَات الْأَزْوَاج , وَحَرَام كُلّ مِنْ الصِّنْفَيْنِ إِلَّا بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْك يَمِين. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7160 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني اللَّيْث , قَالَ : ثني عُقَيْل , عَنْ اِبْن شِهَاب , وَسُئِلَ عَنْ قَوْل اللَّه : ( { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ }. .. الْآيَة , قَالَ : نَرَى أَنَّهُ حَرَّمَ فِي هَذِهِ الْآيَة الْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء ذَوَات الْأَزْوَاج أَنْ يُنْكَحْنَ مَعَ أَزْوَاجهنَّ - وَالْمُحْصَنَات : الْعَفَائِف - وَلَا يَحْلُلْنَ إِلَّا بِنِكَاحٍ , أَوْ مِلْك يَمِين . وَالْإِحْصَان إِحْصَانَانِ : إِحْصَان تَزْوِيج , وَإِحْصَان عَفَاف فِي الْحَرَائِر وَالْمَمْلُوكَات , كُلّ ذَلِكَ حَرَّمَ اللَّه , إِلَّا بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْك يَمِين. )وَقَالَ آخَرُونَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي نِسَائِكُنَّ يُهَاجِرْنَ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَهُنَّ أَزْوَاج , فَيَتَزَوَّجهُنَّ بَعْض الْمُسْلِمِينَ , ثُمَّ يَقْدَم أَزْوَاجهنَّ مُهَاجِرِينَ , فَنُهِيَ الْمُسْلِمُونَ عَنْ نِكَاحهنَّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7161 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : ثني حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , قَالَ : (كَانَ النِّسَاء يَأْتِينَنَا ثُمَّ يُهَاجِر أَزْوَاجهنَّ فَمَنَعْنَاهُنَّ ; يَعْنِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } )وَقَدْ ذَكَرَ اِبْن عَبَّاس وَجَمَاعَة غَيْره أَنَّهُ كَانَ مُلْتَبِسًا عَلَيْهِمْ تَأْوِيل ذَلِكَ . 7162 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة , قَالَ : قَالَ رَجُل لِسَعِيدِ بْن جُبَيْر : (أَمَا رَأَيْت اِبْن عَبَّاس حِين سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَة : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } فَلَمْ يَقُلْ فِيهَا شَيْئًا ؟ قَالَ : فَقَالَ : كَانَ لَا يَعْلَمهَا. )7163 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن يَحْيَى , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (لَوْ أَعْلَم مَنْ يُفَسِّر لِي هَذِهِ الْآيَة لَضَرَبْت إِلَيْهِ أَكْبَاد الْإِبِل , قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } . .. إِلَى قَوْله : { فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ } ... إِلَى آخِر الْآيَة . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : فَأَمَّا الْمُحْصَنَات فَإِنَّهُنَّ جَمْع مُحْصَنَة , وَهِيَ الَّتِي قَدْ مُنِعَ فَرْجهَا بِزَوْجٍ , يُقَال مِنْهُ : أَحْصَنَ الرَّجُل اِمْرَأَته فَهُوَ يُحْصِنهَا إِحْصَانًا وَحَصُنَتْ هِيَ فَهِيَ تَحْصُن حَصَانَة : إِذَا عَفَّتْ , وَهِيَ حَاصِن مِنْ النِّسَاء : عَفِيفَة , كَمَا قَالَ الْعَجَّاج : <br>وَحَاصِن مِنْ حَاصِنَات مُلْسِ .......... عَنْ الْأَذَى وَعَنْ قِرَاف الْوَقْس <br>وَيُقَال أَيْضًا إِذَا هِيَ عَفَّتْ وَحَفِظَتْ فَرْجهَا مِنْ الْفُجُور : قَدْ أَحْصَنَتْ فَرْجهَا فَهِيَ مُحْصَنَة , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَمَرْيَم اِبْنَت عِمْرَان الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجهَا } [66 12 ]بِمَعْنَى : حَفِظَتْهُ مِنْ الرِّيبَة وَمَنَعَتْهُ مِنْ الْفُجُور . وَإِنَّمَا قِيلَ لِحُصُونِ الْمَدَائِن وَالْقُرَى حُصُون لِمَنْعِهَا مَنْ أَرَادَهَا وَأَهْلهَا , وَحِفْظهَا مَا وَرَاءَهَا مِمَّنْ بَغَاهَا مِنْ أَعْدَائِهَا , وَلِذَلِكَ قِيلَ لِلدِّرْعِ دِرْع حَصِينَة . فَإِذَا كَانَ أَصْلًا لِإِحْصَانِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَنْع وَالْحِفْظ فَبُيِّنَ أَنَّ مَعْنَى قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء } وَالْمَمْنُوعَات مِنْ النِّسَاء حَرَام عَلَيْكُمْ { إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ , وَكَانَ الْإِحْصَان قَدْ يَكُون بِالْحُرِّيَّةِ , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ } [5 5 ]وَيَكُون بِالْإِسْلَامِ , كَمَا قَالَ تَعَالَى ذِكْره : { فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْف مَا عَلَى الْمُحْصَنَات مِنْ الْعَذَاب } [4 25 ]وَيَكُون بِالْعِفَّةِ كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَات ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء } [24 4 ]وَيَكُون بِالزَّوْجِ ; وَلَمْ يَكُنْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَصَّ مُحْصَنَة دُون مُحْصَنَة فِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء } فَوَاجِب أَنْ يَكُون كُلّ مُحْصَنَة بِأَيِّ مَعَانِي الْإِحْصَان كَانَ إِحْصَانهَا حَرَامًا عَلَيْنَا سِفَاحًا أَوْ نِكَاحًا , إِلَّا مَا مَلَكَتْهُ أَيْمَاننَا مِنْهُنَّ بِشِرَاءٍ , كَمَا أَبَاحَهُ لَنَا كِتَاب اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ , أَوْ نِكَاح عَلَى مَا أَطْلَقَهُ لَنَا تَنْزِيل اللَّه . فَاَلَّذِي أَبَاحَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَنَا نِكَاحًا مِنْ الْحَرَائِر الْأَرْبَع سِوَى اللَّوَاتِي حُرِّمْنَ عَلَيْنَا بِالنَّسَبِ وَالصِّهْر , وَمِنْ الْإِمَاء مَا سَبَيْنَا مِنْ الْعَدُوّ سِوَى اللَّوَاتِي وَافَقَ مَعْنَاهُنَّ مَعْنَى مَا حُرِّمَ عَلَيْنَا مِنْ الْحَرَائِر بِالنَّسَبِ وَالصِّهْر , فَإِنَّهُنَّ وَالْحَرَائِر فِيمَا يَحِلّ وَيَحْرُم بِذَلِكَ الْمَعْنَى مُتَّفِقَات الْمَعَانِي , وَسِوَى اللَّوَاتِي سَبَيْنَاهُنَّ مِنْ أَهْل الْكِتَابَيْنِ وَلَهُنَّ أَزْوَاج , فَإِنَّ السِّبَاء يُحِلّهُنَّ لِمَنْ سَبَاهُنَّ بَعْد الِاسْتِبْرَاء , وَبَعْد إِخْرَاج حَقّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى الَّذِي جَعَلَهُ لِأَهْلِ الْخُمُس مِنْهُنَّ . فَأَمَّا السِّفَاح فَإِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَرَّمَهُ مِنْ جَمِيعهنَّ , فَلَمْ يُحِلّهُ مِنْ حُرَّة وَلَا أَمَة وَلَا مُسْلِمَة وَلَا كَافِرَة مُشْرِكَة . وَأَمَّا الْأَمَة الَّتِي لَهَا زَوْج فَإِنَّهَا لَا تَحِلّ لِمَالِكِهَا إِلَّا بَعْد طَلَاق زَوْجهَا إِيَّاهَا , أَوْ وَفَاته وَانْقِضَاء عِدَّتهَا مِنْهُ , فَأَمَّا بَيْع سَيِّدهَا إِيَّاهَا فَغَيْر مُوجِب بَيْنهَا وَبَيْن زَوْجهَا فِرَاقًا وَلَا تَحْلِيلًا لِمُشْتَرِيهَا , لِصِحَّةِ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | أَنَّهُ خَيَّرَ بَرِيرَة إِذْ أَعْتَقَتْهَا عَائِشَة بَيْن الْمُقَام مَعَ زَوْجهَا الَّذِي كَانَ سَادَتهَا زَوَّجُوهَا مِنْهُ فِي حَال رِقِّهَا , وَبَيْن فِرَاقه | وَلَمْ يَجْعَل صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِتْق عَائِشَة إِيَّاهَا طَلَاقًا . وَلَوْ كَانَ عِتْقهَا وَزَوَال مِلْك عَائِشَة إِيَّاهَا لَهَا طَلَاقًا لَمْ يَكُنْ لِتَخْيِيرِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهَا بَيْن الْمُقَام مَعَ زَوْجهَا وَالْفِرَاق مَعْنًى , وَلَوَجَبَ بِالْعِتْقِ الْفِرَاق , وَبِزَوَالِ مِلْك عَائِشَة عَنْهَا الطَّلَاق ; فَلَمَّا خَيَّرَهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْن الَّذِي ذَكَرْنَا وَبَيْن الْمُقَام مَعَ زَوْجهَا وَالْفِرَاق كَانَ مَعْلُومًا أَنَّهُ لَمْ يُخَيِّر بَيْن ذَلِكَ إِلَّا وَالنِّكَاح عَقْده ثَابِت , كَمَا كَانَ قَبْل زَوَال مِلْك عَائِشَة عَنْهَا , فَكَانَ نَظِيرًا لِلْعِتْقِ الَّذِي هُوَ زَوَال مِلْك مَالِك الْمَمْلُوكَة ذَات الزَّوْج عَنْهَا الْبَيْعُ الَّذِي هُوَ زَوَال مِلْك مَالِكهَا عَنْهَا , إِذْ كَانَ أَحَدهمَا زَوَالًا بِبَيْعٍ وَالْآخَر بِعِتْقٍ فِي أَنَّ الْفُرْقَة لَا يَجِب بِهَا بَيْنهَا وَبَيْن زَوْجهَا بِهِمَا وَلَا بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا طَلَاق وَإِنْ اِخْتَلَفَا فِي مَعَانٍ أُخَر , مِنْ أَنَّ لَهَا فِي الْعِتْق الْخِيَار فِي الْمُقَام مَعَ زَوْجهَا وَالْفِرَاق , لِعِلَّةِ مُفَارَقَة مَعْنَى الْبَيْع , وَلَيْسَ ذَلِكَ لَهَا فِي الْبَيْع . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْفَ يَكُون مَعْنِيًّا بِالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء } مَا وَرَاء الْأَرْبَع مِنْ الْخُمُس إِلَى مَا فَوْقهنَّ بِالنِّكَاحِ وَالْمَنْكُوحَات بِهِ غَيْر مَمْلُوكَات ؟ قِيلَ لَهُ : إِنَّ اللَّه تَعَالَى لَمْ يَخُصّ بِقَوْلِهِ : { إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } الْمَمْلُوكَات الرِّقَاب دُون الْمَمْلُوك عَلَيْهَا بِعَقْدِ النِّكَاح أَمْرهَا , بَلْ عَمَّ بِقَوْلِهِ : { إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } كِلَا الْمَعْنَيَيْنِ , أَعْنِي مِلْك الرَّقَبَة وَمِلْك الِاسْتِمْتَاع بِالنِّكَاحِ , لِأَنَّ جَمِيع ذَلِكَ مَلَكَتْهُ أَيْمَاننَا , أَمَّا هَذِهِ فَمِلْك اِسْتِمْتَاع , وَأَمَّا هَذِهِ فَمِلْك اِسْتِخْدَام وَاسْتِمْتَاع وَتَصْرِيف فِيمَا أُبِيحَ لِمَالِكِهَا مِنْهَا . وَمَنْ اِدَّعَى أَنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنَى بِقَوْلِهِ : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء } مُحْصَنَة وَغَيْر مُحْصَنَة , سِوَى مَنْ ذَكَرْنَا أَوَّلًا بِالِاسْتِثْنَاءِ بِقَوْلِهِ : { إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } بَعْض أَمْلَاك أَيْمَاننَا دُون بَعْض , غَيْر الَّذِي دَلَّلْنَا عَلَى أَنَّهُ غَيْر مَعْنِيّ بِهِ , سُئِلَ الْبُرْهَان عَلَى دَعْوَاهُ مِنْ أَصْل أَوْ نَظِير , فَلَنْ يَقُول فِي ذَلِكَ قَوْلًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْآخَر مِثْله . فَإِنْ اِعْتَلَّ مُعْتَلّ مِنْكُمْ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي سَبَايَا أَوْطَاس , قِيلَ لَهُ : إِنَّ سَبَايَا أَوْطَاس لَمْ يُوطَأْنَ بِالْمِلْكِ وَالسِّبَاء دُون الْإِسْلَام , وَذَلِكَ أَنَّهُنَّ كُنَّ مُشْرِكَات مِنْ عَبَدَة الْأَوْثَان , وَقَدْ قَامَتْ الْحُجَّة بِأَنَّ نِسَاء عَبَدَة الْأَوْثَان لَا يَحْلُلْنَ بِالْمِلْكِ دُون الْإِسْلَام , وَأَنَّهُنَّ إِذَا أَسْلَمْنَ فَرَّقَ الْإِسْلَام بَيْنهنَّ وَبَيْن الْأَزْوَاج , سَبَايَا كُنَّ أَوْ مُهَاجِرَات , غَيْر أَنَّة إِذَا كُنَّ سَبَايَا حَلَلْنَ إِذَا هُنَّ أَسْلَمْنَ بِالِاسْتِبْرَاءِ. فَلَا حُجَّة لِمُحْتَجٍّ فِي أَنَّ الْمُحْصَنَات اللَّاتِي عَنَاهُنَّ بِقَوْلِهِ , { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء } ذَوَات الْأَزْوَاج مِنْ السَّبَايَا دُون غَيْرهنَّ بِخَبَرِ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ أَنَّ ذَلِكَ نَزَلَ فِي سَبَايَا أَوْطَاس , لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِنَّ نَزَلَ , فَلَمْ يَنْزِل فِي إِبَاحَة وَطْئِهِنَّ بِالسِّبَاءِ خَاصَّة دُون غَيْره مِنْ الْمَعَانِي الَّتِي ذَكَرْنَا , مَعَ أَنَّ الْآيَة تَنْزِل فِي مَعْنًى فَتَعُمّ مَا نَزَلَتْ بِهِ فِيهِ وَغَيْره , فَيَلْزَم حُكْمهَا جَمِيع مَا عَمَّتْهُ لِمَا قَدْ بَيَّنَّا مِنْ الْقَوْل فِي الْعُمُوم وَالْخُصُوص فِي كِتَابنَا | كِتَاب الْبَيَان عَنْ أُصُول الْأَحْكَام | .|كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ } </subtitle>يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره : كِتَابًا مِنْ اللَّه عَلَيْكُمْ . فَأُخْرِجَ الْكِتَاب مَصْدَرًا مِنْ غَيْر لَفْظه. وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتكُمْ } . .. إِلَى قَوْله : { كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ } بِمَعْنَى : كَتَبَ اللَّه تَحْرِيم مَا حَرَّمَ مِنْ ذَلِكَ وَتَحْلِيل مَا حَلَّلَ مِنْ ذَلِكَ عَلَيْكُمْ كِتَابًا . وَبِمَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7164 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : ( { كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ } قَالَ : مَا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ . )7165 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : (سَأَلْت عَطَاء عَنْهَا فَقَالَ : { كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ } قَالَ : هُوَ الَّذِي كَتَبَ عَلَيْكُمْ الْأَرْبَع أَنْ لَا تَزِيدُوا. )7166 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ اِبْن عَوْن , عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ , قَالَ : قُلْت لِعُبَيْدَة : ( { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ } وَأَشَارَ اِبْن عَوْن بِأَصَابِعِهِ الْأَرْبَع . )* - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَام , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , قَالَ : سَأَلْت عُبَيْدَة , عَنْ قَوْله : ( { كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ } قَالَ : أَرْبَع . )7167 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ } الْأَرْبَع . )7168 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ } قَالَ : هَذَا أَمْر اللَّه عَلَيْكُمْ , قَالَ : يُرِيد مَا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ مِنْ هَؤُلَاءِ وَمَا أَحَلَّ لَهُمْ. وَقَرَأَ : { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ } . .. إِلَى آخِر الْآيَة . قَالَ : كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ الَّذِي كَتَبَهُ , وَأَمْره الَّذِي أَمَرَكُمْ بِهِ . { كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ } أَمْر اللَّه. )وَقَدْ كَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة يَزْعُم أَنَّ قَوْله : { كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ } مَنْصُوب عَلَى وَجْه الْإِغْرَاء , بِمَعْنَى : عَلَيْكُمْ كِتَاب اللَّه , اِلْزَمُوا كِتَاب اللَّه . وَاَلَّذِي قَالَ مِنْ ذَلِكَ غَيْر مُسْتَفِيض فِي كَلَام الْعَرَب , وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا [ تَكَاد ] تَنْصِب بِالْحَرْفِ الَّذِي تُغْرِي بِهِ , لَا تَكَاد تَقُول : أَخَاك عَلَيْك وَأَبَاك دُونك , وَإِنْ كَانَ جَائِزًا. وَاَلَّذِي هُوَ أَوْلَى بِكِتَابِ اللَّه أَنْ يَكُون مَحْمُولًا عَلَى الْمَعْرُوف مِنْ لِسَان مَنْ نَزَلَ بِلِسَانِهِ هَذَا مَعَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَأْوِيل أَهْل التَّأْوِيل ذَلِكَ بِمَعْنَى مَا قُلْنَا , وَخِلَاف مَا وَجَّهَهُ إِلَيْهِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ نُصِبَ عَلَى وَجْه الْإِغْرَاء .|وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ } </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا دُون الْخُمُس أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ عَلَى وَجْه النِّكَاح . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7169 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } مَا دُون الْأَرْبَع أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ . )7170 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ هِشَام , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , عَنْ عُبَيْدَة السَّلْمَانِيّ : ( { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } يَعْنِي : مَا دُون الْأَرْبَع . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ مَنْ سُمِّيَ لَكُمْ تَحْرِيمه مِنْ أَقَارِبكُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7171 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : سَأَلْت عَطَاء عَنْهَا , فَقَالَ : ( { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } قَالَ : مَا وَرَاء ذَات الْقَرَابَة , { أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ } . .. الْآيَة . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : { وَأُحِلّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } عَدَد مَا أُحِلَّ لَكُمْ مِنْ الْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء الْحَرَائِر وَمِنْ الْإِمَاء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7172 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : ( { وَأُحِلّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } قَالَ : مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ , مَا نَحْنُ مُبَيِّنُوهُ ; وَهُوَ أَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بَيَّنَ لِعِبَادِهِ الْمُحَرَّمَات بِالنَّسَبِ وَالصِّهْر , ثُمَّ الْمُحَرَّمَات مِنْ الْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء , ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ قَدْ أَحَلَّ لَهُمْ مَا عَدَا هَؤُلَاءِ الْمُحَرَّمَات الْمُبَيَّنَات فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ أَنْ نَبْتَغِيَهُ بِأَمْوَالِنَا نِكَاحًا وَمِلْك يَمِين لَا سِفَاحًا . فَإِنْ قَالَ قَائِل : عَرَفْنَا الْمُحَلَّلَات اللَّوَاتِي هُنَّ وَرَاء الْمُحَرَّمَات بِالْأَنْسَابِ وَالْأَصْهَار , فَمَا الْمُحَلَّلَات مِنْ الْمُحْصَنَات وَالْمُحَرَّمَات مِنْهُنَّ ؟ قِيلَ : هُوَ مَا دُون الْخُمُس مِنْ وَاحِدَة إِلَى أَرْبَع عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْ عُبَيْدَة وَالسُّدِّيّ مِنْ الْحَرَائِر , فَأَمَّا مَا عَدَا ذَوَات الْأَزْوَاج فَغَيْر عَدَد مَحْصُور بِمِلْكِ الْيَمِين . وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ , لِأَنَّ قَوْله : { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } عَامّ فِي كُلّ مُحَلَّل لَنَا مِنْ النِّسَاء أَنْ نَبْتَغِيَهَا بِأَمْوَالِنَا , فَلَيْسَ تَوْجِيه مَعْنَى ذَلِكَ إِلَى بَعْض مِنْهُنَّ بِأَوْلَى مِنْ بَعْض , إِلَّا أَنْ تَقُوم بِأَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ حُجَّة يَجِب التَّسْلِيم لَهَا , وَلَا حُجَّة بِأَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ. وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } فَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضهمْ : | وَأَحَلَّ لَكُمْ | بِفَتْحِ الْأَلِف مِنْ أَحَلَّ , بِمَعْنَى : كَتَبَ اللَّه عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ. وَقَرَأَهُ آخَرُونَ : { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } اِعْتِبَارًا بِقَوْلِهِ : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتكُمْ . .. وَأُحِلّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَاَلَّذِي نَقُول فِي ذَلِكَ إنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قِرَاءَة الْإِسْلَام غَيْر مُخْتَلِفَتَيْ الْمَعْنَى , فَبِأَيِّ ذَلِكَ قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب الْحَقّ . وَأَمَّا مَعْنَى قَوْله : { مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } فَإِنَّهُ يَعْنِي : مَا عَدَا هَؤُلَاءِ اللَّوَاتِي حَرَّمْتهنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ , يَقُول : أَنْ تَطْلُبُوا وَتَلْتَمِسُوا بِأَمْوَالِكُمْ , إِمَّا شِرَاء بِهَا وَإِمَّا نِكَاحًا بِصَدَاقٍ مَعْلُوم , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ } [2 91 ]يَعْنِي : بِمَا عَدَاهُ وَبِمَا سِوَاهُ . وَأَمَّا مَوْضِع | أَنْ | مِنْ قَوْله : { أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ } فَرَفَعَ تَرْجَمَة عَنْ | مَا | الَّتِي فِي قَوْله : { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } فِي قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ : { وَأُحِلَّ } بِضَمِّ الْأَلِف . وَنُصِبَ عَلَى ذَلِكَ فِي قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ . | وَأَحَلَّ | بِفَتْحِ الْأَلِف . وَقَدْ يَحْتَمِل النَّصْب فِي ذَلِكَ فِي الْقِرَاءَتَيْنِ عَلَى مَعْنَى : وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ لِأَنْ تَبْتَغُوا , فَلَمَّا حُذِفَتْ اللَّام الْخَافِضَة اِتَّصَلَتْ بِالْفِعْلِ قَبْلهَا فَنُصِبَتْ . وَقَدْ يَحْتَمِل أَنْ تَكُون فِي مَوْضِع خَفْض بِهَذَا الْمَعْنَى إِذْ كَانَتْ اللَّام فِي هَذَا الْمَوْضِع مَعْلُومًا أَنَّ بِالْكَلَامِ إِلَيْهَا الْحَاجَة .|مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مُحْصِنِينَ غَيْر مُسَافِحِينَ } </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { مُحْصِنِينَ } أَعِفَّاء بِابْتِغَائِكُمْ مَا وَرَاء مَا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ مِنْ النِّسَاء بِأَمْوَالِكُمْ { غَيْر مُسَافِحِينَ } يَقُول : غَيْر مُزَانِينَ . كَمَا : 7173 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله ( { مُحْصِنِينَ } قَالَ : مُتَنَاكِحِينَ. { غَيْر مُسَافِحِينَ } قَالَ : زَانِينَ بِكُلِّ زَانِيَة . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : ( { مُحْصِنِينَ } مُتَنَاكِحِينَ . { غَيْر مُسَافِحِينَ } السِّفَاح : الزِّنَا . )7174 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { مُحْصِنِينَ غَيْر مُسَافِحِينَ } يَقُول : مُحْصِنِينَ غَيْر زُنَاة .)|فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ فَرِيضَة } </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : فَمَا نَكَحْتُمْ مِنْهُنَّ فَجَامَعْتُمُوهُنَّ , يَعْنِي مِنْ النِّسَاء ; { فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ فَرِيضَة } يَعْنِي : صَدُقَاتهنَّ فَرِيضَة مَعْلُومَة. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7175 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ فَرِيضَة } يَقُول : إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُل مِنْكُمْ ثُمَّ نَكَحَهَا مَرَّة وَاحِدَة فَقَدْ وَجَبَ صَدَاقهَا كُلّه . وَالِاسْتِمْتَاع هُوَ النِّكَاح , وَهُوَ قَوْله : { وَآتُوا النِّسَاء صَدُقَاتهنَّ نِحْلَة } [4 4 ])7176 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : ( { فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ } قَالَ : هُوَ النِّكَاح . )7177 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ } النِّكَاح . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ } قَالَ : النِّكَاح أَرَادَ . )7178 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ فَرِيضَة } . .. الْآيَة , قَالَ : هَذَا النِّكَاح , وَمَا فِي الْقُرْآن الْإِنْكَاح إِذَا أَخَذْتهَا وَاسْتَمْتَعْت بِهَا , فَأَعْطِهَا أَجْرهَا الصَّدَاق , فَإِنْ وَضَعَتْ لَك مِنْهُ شَيْئًا فَهُوَ لَك سَائِغ فَرَضَ اللَّه عَلَيْهَا الْعِدَّة وَفَرَضَ لَهَا الْمِيرَاث . قَالَ : وَالِاسْتِمْتَاع هُوَ النِّكَاح هَهُنَا إِذَا دَخَلَ بِهَا. )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : فَمَا تَمَتَّعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ بِأَجْرٍ تَمَتُّع اللَّذَّة , لَا بِنِكَاحٍ مُطْلَق عَلَى وَجْه النِّكَاح الَّذِي يَكُون بِوَلِيٍّ وَشُهُود وَمَهْر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7179 - حَدَّثَنَا م

وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآَتُوهُ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا } </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الطَّوْل الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّه تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ الْفَضْل وَالْمَال وَالسَّعَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7192 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا } قَالَ : الْغِنَى . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7193 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : ( { وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا } يَقُول : مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَعَة . )7194 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا } يَقُول : مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ سَعَة. )7195 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : ثنا أَبُو بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَوْله : ( { وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا } قَالَ : الطَّوْل : الْغِنَى . )* - حَدَّثَنِي اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْله : ( { وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا } قَالَ : الطَّوْل : السَّعَة . )7196 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا } أَمَّا قَوْله طَوْلًا : فَسَعَة مِنْ الْمَال . )7197 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا } . .. الْآيَة , قَالَ : طَوْلًا : لَا يَجِد مَا يَنْكِح بِهِ حُرَّة . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى الطَّوْل فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْهَوَى . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7198 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : ثني عَبْد الْجَبَّار بْن عُمَر , عَنْ رَبِيعَة أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْل اللَّه : ( { وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا } قَالَ : الطَّوْل : الْهَوَى , قَالَ : يَنْكِح الْأَمَة إِذَا كَانَ هَوَاهُ فِيهَا . )* - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : كَانَ رَبِيعَة يُلَيِّن فِيهِ بَعْض التَّلْيِين , كَانَ يَقُول : (إِذَا خَشِيَ عَلَى نَفْسه إِذَا أَحَبَّهَا - أَيْ الْأَمَة - وَإِنْ كَانَ يَقْدِر عَلَى نِكَاح غَيْرهَا فَإِنِّي أَرَى أَنْ يَنْكِحهَا . )7199 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ أَبِي الزُّبَيْر , عَنْ جَابِر : (أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْحُرّ يَتَزَوَّج الْأَمَة , فَقَالَ : إِنْ كَانَ ذَا طَوْل فَلَا . قِيلَ : إِنْ وَقَعَ حُبّ الْأَمَة فِي نَفْسه ؟ قَالَ : إِنْ خَشِيَ الْعَنَت فَلْيَتَزَوَّجْهَا . )7200 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ عُبَيْدَة , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : (لَا يَتَزَوَّج الْحُرّ الْأَمَة إِلَّا أَنْ لَا يَجِد . وَكَانَ إِبْرَاهِيم يَقُول : لَا بَأْس بِهِ . )7201 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن جُرَيْج , قَالَ : سَمِعْت عَطَاء يَقُول : (لَا نَكْرَه أَنْ يَنْكِح ذُو الْيَسَار الْأَمَة إِذَا خَشِيَ أَنْ يَسْعَى بِهَا . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى الطَّوْل فِي هَذَا الْمَوْضِع : السَّعَة وَالْغِنَى مِنْ الْمَال , لِإِجْمَاعِ الْجَمِيع عَلَى أَنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يُحَرِّم شَيْئًا مِنْ الْأَشْيَاء سِوَى نِكَاح الْإِمَاء لِوَاجِدِ الطَّوْل إِلَى الْحُرَّة , فَأَحَلَّ مَا حَرَّمَ مِنْ ذَلِكَ عِنْد غَلَبَته الْمُحَرَّم عَلَيْهِ لَهُ لِقَضَاءِ لَذَّة . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا مِنْ الْجَمِيع فِيمَا عَدَا نِكَاح الْإِمَاء لِوَاجِدِ الطَّوْل , فَمِثْله فِي التَّحْرِيم نِكَاح الْإِمَاء لِوَاجِدِ الطَّوْل : لَا يَحِلّ لَهُ مِنْ أَجْل غَلَبَة هَوًى سَرَّهُ فِيهَا , لِأَنَّ ذَلِكَ مَعَ وُجُوده الطَّوْل إِلَى الْحُرَّة مِنْهُ قَضَاء لَذَّة وَشَهْوَة وَلَيْسَ بِمَوْضِعِ ضَرُورَة تَدْفَع تَرَخُّصه كَالْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ الَّذِي يَخَاف هَلَاك نَفْسه فَيَتَرَخَّص فِي أَكْلهَا لِيُحْيِيَ بِهَا نَفْسه , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْمُحَرَّمَات اللَّوَاتِي رَخَّصَ اللَّه لِعِبَادِهِ فِي حَال الضَّرُورَة وَالْخَوْف عَلَى أَنْفُسهمْ الْهَلَاك مِنْهُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ مِنْهَا فِي غَيْرهَا مِنْ الْأَحْوَال. وَلَمْ يُرَخِّص اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِعَبْدٍ فِي حَرَام لِقَضَاءِ لَذَّة , وَفِي إِجْمَاع الْجَمِيع عَلَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ غَلَبَهُ هَوَى اِمْرَأَة حُرَّة أَوْ اِمْرَأَة أَنَّهَا لَا تَحِلّ لَهُ إِلَّا بِنِكَاحٍ أَوْ شِرَاء عَلَى مَا أَذِنَ اللَّه بِهِ , مَا يُوَضِّح فَسَاد قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى الطَّوْل فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْهَوَى , وَأَجَازَ لِوَاجِدِ الطَّوْل لِحُرَّةٍ نِكَاح الْإِمَاء . فَتَأْوِيل الْآيَة إِذَا كَانَ الْأَمْر عَلَى مَا وَصَفْنَا : وَمَنْ لَمْ يَجِد مِنْكُمْ سَعَة مِنْ مَال لِنِكَاحِ الْحَرَائِر , فَلْيَنْكِحْ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ . وَأَصْل الطَّوْل : الْإِفْضَال , يُقَال مِنْهُ : طَالَ عَلَيْهِ يَطُول طَوْلًا فِي الْإِفْضَال , وَطَالَ يَطُول طُولًا فِي الطُّول الَّذِي هُوَ خِلَاف الْقِصَر .|أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَنْ يَنْكِح الْمُحْصَنَات الْمُؤْمِنَات فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ مِنْ فَتَيَاتكُمْ الْمُؤْمِنَات } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ : وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ أَيّهَا النَّاس طَوْلًا , يَعْنِي : مِنْ الْأَحْرَار أَنْ يَنْكِح الْمُحْصَنَات وَهُنَّ الْحَرَائِر الْمُؤْمِنَات اللَّوَاتِي قَدْ صَدَّقْنَ بِتَوْحِيدِ اللَّه وَبِمَا جَاءَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْحَقّ . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي الْمُحْصَنَات قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7202 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { أَنْ يَنْكِح الْمُحْصَنَات } يَقُول : أَنْ يَنْكِح الْحَرَائِر , فَلْيَنْكِحْ مِنْ إِمَاء الْمُؤْمِنِينَ. )7203 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { أَنْ يَنْكِح الْمُحْصَنَات الْمُؤْمِنَات فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : الْمُحْصَنَات الْحَرَائِر , فَلْيَنْكِحْ الْأَمَة الْمُؤْمِنَة. )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7204 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : (أَمَّا فَتَيَاتكُمْ. فَإِمَاؤُكُمْ . )7205 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : ( { أَنْ يَنْكِح الْمُحْصَنَات الْمُؤْمِنَات فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ مِنْ فَتَيَاتكُمْ الْمُؤْمِنَات } قَالَ : أَمَّا مَنْ لَمْ يَجِد مَا يَنْكِح بِهِ الْحُرَّة فَيَتَزَوَّج الْأَمَة. )7206 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { أَنْ يَنْكِح الْمُحْصَنَات الْمُؤْمِنَات فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ مِنْ فَتَيَاتكُمْ الْمُؤْمِنَات } قَالَ : مَنْ لَمْ يَجِد مَا يَنْكِح بِهِ حُرَّة فَيَنْكِح هَذِهِ الْأَمَة فَيَتَعَفَّف بِهَا وَيَكْفِيه أَهْلهَا مُؤْنَتهَا , وَلَمْ يُحِلّ اللَّه ذَلِكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِمَنْ لَا يَجِد مَا يَنْكِح بِهِ حُرَّة وَيُنْفِق عَلَيْهَا , وَلَمْ يُحِلّ لَهُ حَتَّى يَخْشَى الْعَنَت . )7207 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَان , عَنْ هِشَام الدَّسْتُوَائِيّ , عَنْ عَامِر الْأَحْوَل , عَنْ الْحَسَن : (أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ تُنْكَح الْأَمَة عَلَى الْحُرَّة وَتُنْكَح الْحُرَّة عَلَى الْأَمَة , وَمَنْ وَجَدَ طَوْلًا لِحُرَّةٍ فَلَا يَنْكِح أَمَة . )وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ جَمَاعَة مِنْ قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ وَالْمَكِّيِّينَ : { أَنْ يَنْكِح الْمُحْصِنَات } بِكَسْرِ الصَّاد مَعَ سَائِر مَا فِي الْقُرْآن مِنْ نَظَائِر ذَلِكَ سِوَى قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } [4 24 ]فَإِنَّهُمْ فَتَحُوا الصَّاد مِنْهَا , وَوَجَّهُوا تَأْوِيله إِلَى أَنَّهُنَّ مُحْصَنَات بِأَزْوَاجِهِنَّ , وَأَنَّ أَزْوَاجهنَّ هُمْ أَحْصَنُوهُنَّ . وَأَمَّا سَائِر مَا فِي الْقُرْآن فَإِنَّهُمْ تَأَوَّلُوا فِي كَسْرهمْ الصَّاد مِنْهُ إِلَى أَنَّ النِّسَاء هُنَّ أَحْصَنَّ أَنْفُسهنَّ بِالْعِفَّةِ . وَقَرَأَتْ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْعِرَاق ذَلِكَ كُلّه بِالْفَتْحِ , بِمَعْنَى أَنَّ بَعْضهنَّ أَحْصَنَهُنَّ أَزْوَاجهنَّ , وَبَعْضهنَّ أَحْصَنَهُنَّ حُرِّيَّتهنَّ أَوْ إِسْلَامهنَّ . وَقَرَأَ بَعْض الْمُتَقَدِّمِينَ كُلّ ذَلِكَ بِالْكَسْرِ , بِمَعْنَى أَنَّهُنَّ عَفَفْنَ وَأَحْصَنَّ أَنْفُسهنَّ . وَذُكِرَتْ هَذِهِ الْقِرَاءَة أَعْنِي بِكَسْرِ الْجَمِيع عَنْ عَلْقَمَة عَلَى الِاخْتِلَاف فِي الرِّوَايَة عَنْهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب عِنْدنَا مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار مَعَ اِتِّفَاق ذَلِكَ فِي الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب الصَّوَاب , إِلَّا فِي الْحَرْف الْأَوَّل مِنْ سُورَة النِّسَاء , وَهُوَ قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } [4 24 ]فَإِنِّي لَا أَسْتَجِيز الْكَسْر فِي صَاده لِاتِّفَاقِ قِرَاءَة الْأَمْصَار عَلَى فَتْحهَا . وَلَوْ كَانَتْ الْقِرَاءَة بِكَسْرِهَا مُسْتَفِيضَة اِسْتِفَاضَتهَا بِفَتْحِهَا كَانَ صَوَابًا الْقِرَاءَة بِهَا كَذَلِكَ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ تَصَرُّف الْإِحْصَان فِي الْمَعَانِي الَّتِي بَيَّنَّاهَا , فَيَكُون مَعْنَى ذَلِكَ لَوْ كُسِرَ : وَالْعَفَائِف مِنْ النِّسَاء حَرَام عَلَيْكُمْ , إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ , بِمَعْنَى أَنَّهُنَّ أَحْصَنَّ أَنْفُسهنَّ بِالْعِفَّةِ. وَأَمَّا الْفَتَيَات فَإِنَّهُنَّ جَمْع فَتَاة , وَهُنَّ الشَّوَابّ مِنْ النِّسَاء , ثُمَّ يُقَال لِكُلِّ مَمْلُوكَة ذَات سِنّ أَوْ شَابَّة فَتَاة , وَالْعَبْد فَتًى. ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي نِكَاح الْفَتَيَات غَيْر الْمُؤْمِنَات , وَهَلْ عَنَى اللَّه بِقَوْلِهِ : { مِنْ فَتَيَاتكُمْ الْمُؤْمِنَات } تَحْرِيم مَا عَدَا الْمُؤْمِنَات مِنْهُنَّ , أَمْ ذَلِكَ مِنْ اللَّه تَأْدِيب لِلْمُؤْمِنِينَ ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : ذَلِكَ مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره دَلَالَة عَلَى تَحْرِيم نِكَاح إِمَاء الْمُشْرِكِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7208 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { مِنْ فَتَيَاتكُمْ الْمُؤْمِنَات } قَالَ : لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَزَوَّج مَمْلُوكَة نَصْرَانِيَّة . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { مِنْ فَتَيَاتكُمْ الْمُؤْمِنَات } قَالَ : لَا يَنْبَغِي لِلْحُرِّ الْمُسْلِم أَنْ يَنْكِح الْمَمْلُوكَة مِنْ أَهْل الْكِتَاب. )7209 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثنا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , قَالَ : سَمِعْت أَبَا عَمْرو , وَسَعِيد بْن عَبْد الْعَزِيز , وَمَالِك بْن أَنَس , وَمَالِك بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي مَرْيَم , يَقُولُونَ : (لَا يَحِلّ لِحُرٍّ مُسْلِم وَلَا لِعَبْدٍ مُسْلِم الْأَمَة النَّصْرَانِيَّة , لِأَنَّ اللَّه يَقُول : { مِنْ فَتَيَاتكُمْ الْمُؤْمِنَات } يَعْنِي بِالنِّكَاحِ . )وَقَالَ آخَرُونَ : ذَلِكَ مِنْ اللَّه عَلَى الْإِرْشَاد وَالنَّدْب , لَا عَلَى التَّحْرِيم. وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل الْعِرَاق . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7210 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُغِيرَة , قَالَ : قَالَ أَبُو مَيْسَرَة , (أَمَّا أَهْل الْكِتَاب بِمَنْزِلَةِ الْحَرَائِر . )وَمِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَة وَأَصْحَابه . وَاعْتَلُّوا لِقَوْلِهِمْ بِقَوْلِ اللَّه : { أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَات وَطَعَام الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب حِلّ لَكُمْ وَطَعَامكُمْ حِلّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَات مِنْ الْمُؤْمِنَات وَالْمُحْصَنَات مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورهنَّ } [5 5 ]قَالُوا : فَقَدْ أَحَلَّ اللَّه مُحْصَنَات أَهْل الْكِتَاب عَامًّا , فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَخُصّ مِنْهُنَّ أَمَة وَلَا حُرَّة. قَالُوا : وَمَعْنَى قَوْله : { فَتَيَاتكُمْ الْمُؤْمِنَات } غَيْر الْمُشْرِكَات مِنْ عَبَدَة الْأَوْثَان . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : هُوَ دَلَالَة عَلَى تَحْرِيم نِكَاح إِمَاء أَهْل الْكِتَاب فَإِنَّهُنَّ لَا يَحْلُلْنَ إِلَّا بِمِلْكِ الْيَمِين ; وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَحَلَّ نِكَاح الْإِمَاء بِشُرُوطٍ , فَمَا لَمْ تَجْتَمِع الشُّرُوط الَّتِي سَمَّاهَا فِيهِنَّ , فَغَيْر جَائِز لِمُسْلِمٍ نِكَاحهنَّ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَإِنَّ الْآيَة الَّتِي فِي الْمَائِدَة تَدُلّ عَلَى إِبَاحَتهنَّ بِالنِّكَاحِ ؟ قِيلَ : إِنَّ الَّتِي فِي الْمَائِدَة قَدْ أَبَانَ أَنَّ حُكْمهَا فِي خَاصّ مِنْ مُحْصَنَاتهمْ , وَأَنَّهَا مَعْنِيّ بِهَا حَرَائِرهمْ دُون إِمَائِهِمْ , قَوْله : { مِنْ فَتَيَاتكُمْ الْمُؤْمِنَات } وَلَيْسَتْ إِحْدَى الْآيَتَيْنِ دَافِعَة حُكْمهَا حُكْم الْأُخْرَى , بَلْ إِحْدَاهُمَا مُبَيِّنَة حُكْم الْأُخْرَى , وَإِنَّمَا تَكُون إِحْدَاهُمَا دَافِعَة حُكْم الْأُخْرَى لَوْ لَمْ يَكُنْ جَائِزًا اِجْتِمَاع حُكْمَيْهِمَا عَلَى صِحَّة , فَأَمَّا وَهُمَا جَائِز اِجْتِمَاع حُكْمهمَا عَلَى الصِّحَّة , فَغَيْر جَائِز أَنْ يُحْكَم لِأَحَدِهِمَا بِأَنَّهَا دَافِعَة حُكْم الْأُخْرَى إِلَّا بِحُجَّةِ التَّسْلِيم لَهَا مِنْ خَبَر أَوْ قِيَاس , وَلَا خَبَر بِذَلِكَ وَلَا قِيَاس , وَالْآيَة مُحْتَمِلَة مَا قُلْنَا : وَالْمُحْصَنَات مِنْ حَرَائِر الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ دُون إِمَائِهِمْ.|وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَللَّه أَعْلَم بِإِيمَانِكُمْ بَعْضكُمْ مِنْ بَعْض } </subtitle>وَهَذَا مِنْ الْمُؤَخَّر الَّذِي مَعْنَاهُ الْقَدِيم وَتَأْوِيل ذَلِكَ : وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِح الْمُحْصَنَات الْمُؤْمِنَات , فَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ مِنْ فَتَيَاتكُمْ الْمُؤْمِنَات , فَلْيَنْكِحْ بَعْضكُمْ مِنْ بَعْض , بِمَعْنَى : فَلْيَنْكِحْ هَذَا فَتَاة هَذَا . فـ | ـالْبَعْض | مَرْفُوع بِتَأْوِيلِ الْكَلَام , وَمَعْنَاهُ إِذْ كَانَ قَوْله : { فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } فِي تَأْوِيل : فَلْيَنْكِحْ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ , ثُمَّ رُدَّ بَعْضكُمْ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى فَرُفِعَ . ثُمَّ قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَاَللَّه أَعْلَم بِإِيمَانِكُمْ } أَيْ وَاَللَّه أَعْلَم بِإِيمَانِ مَنْ آمَنَ مِنْكُمْ بِاَللَّهِ وَرَسُوله , وَمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه , فَصَدَّقَ بِذَلِكَ كُلّه مِنْكُمْ , يَقُول : فَلْيَنْكِحْ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا لِحُرَّةٍ مِنْ فَتَيَاتكُمْ الْمُؤْمِنَات , لِيَنْكِح هَذَا الْمُقَتَّر الَّذِي لَا يَجِد طَوْلًا لِحُرَّةٍ مِنْ هَذَا الْمُوسِر فَتَاته الْمُؤْمِنَة الَّتِي قَدْ أَبْدَتْ الْإِيمَان فَأَظْهَرَتْهُ وَكِلُوا سَرَائِرهنَّ إِلَى اللَّه , فَإِنَّ عِلْمَ ذَلِكَ إِلَى اللَّه دُونكُمْ , وَاَللَّه أَعْلَم بِسَرَائِرِكُمْ وَسَرَائِرهنَّ.|فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلهنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ بِالْمَعْرُوفِ } </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَانْكِحُوهُنَّ } فَتَزَوَّجُوهُنَّ , وَبِقَوْلِهِ : { بِإِذْنِ أَهْلهنَّ } بِإِذْنِ أَرْبَابهنَّ وَأَمْرهمْ إِيَّاكُمْ بِنِكَاحِهِنَّ وَرِضَاهُمْ وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { وَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ } وَأَعْطُوهُنَّ مُهُورهنَّ : كَمَا : 7211 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : ( { وَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ } قَالَ : الصَّدَاق . )وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ { بِالْمَعْرُوفِ } عَلَى مَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِمَّا أَحَلَّ اللَّه لَكُمْ وَأَبَاحَهُ لَكُمْ أَنْ تَجْعَلُوهُ مُهُورًا لَهُنَّ .|مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله : { مُحْصَنَات غَيْر مُسَافِحَات وَلَا مُتَّخِذَات أَخْدَان } </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ : { مُحْصَنَات } عَفِيفَات , { غَيْر مُسَافِحَات } غَيْر مُزَانِيَات , { وَلَا مُتَّخِذَات أَخْدَان } يَقُول : وَلَا مُتَّخِذَات أَصْدِقَاء عَلَى السِّفَاح . وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ قِيلَ كَذَلِكَ , لِأَنَّ الزَّوَانِيَ كُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّة فِي الْعَرَب الْمُعْلِنَات بِالزِّنَا , وَالْمُتَّخِذَات الْأَخْدَان : اللَّوَاتِي قَدْ حَبَسْنَ أَنْفُسهنَّ عَلَى الْخَلِيل وَالصَّدِيق لِلْفُجُورِ بِهَا سِرًّا دُون الْإِعْلَان بِذَلِكَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7212 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { مُحْصَنَات غَيْر مُسَافِحَات وَلَا مُتَّخِذَات أَخْدَان } يَعْنِي : تَنْكِحُوهُنَّ عَفَائِف غَيْر زَوَانٍ فِي سِرّ وَلَا عَلَانِيَة . { وَلَا مُتَّخِذَات أَخْدَان } يَعْنِي أَخِلَّاء. )7213 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : ( { غَيْر مُسَافِحَات } الْمُسَافِحَات : الْمُعَالِنَات بِالزِّنَا . { وَلَا مُتَّخِذَات أَخْدَان } ذَات الْخَلِيل الْوَاحِد . قَالَ : كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة يُحَرِّمُونَ مَا ظَهَرَ مِنْ الزِّنَا , وَيَسْتَحِلُّونَ مَا خَفِيَ , يَقُولُونَ : أَمَّا مَا ظَهَرَ مِنْهُ فَهُوَ لُؤْم , وَأَمَّا مَا خَفِيَ فَلَا بَأْس ذَلِكَ . فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِش مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ } [6 51 ])7214 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُعْتَمِر , قَالَ : سَمِعْت دَاوُد يُحَدِّث عَنْ عَامِر , قَالَ : (الزِّنَا زِنَيَانِ : تَزْنِي بِالْخِدْنِ وَلَا تَزْنِي بِغَيْرِهِ , وَتَكُون الْمَرْأَة شُؤْمًا . ثُمَّ قَرَأَ : { مُحْصَنَات غَيْر مُسَافِحَات وَلَا مُتَّخِذَات أَخْدَان } )7215 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : (أَمَّا الْمُحْصَنَات : فَالْعَفَائِف , فَلْتُنْكَحْ الْأَمَة بِإِذْنِ أَهْلهَا مُحْصَنَة , وَالْمُحْصَنَات : الْعَفَائِف , غَيْر مُسَافِحَة , وَالْمُسَافِحَة : الْمُعَالِنَة بِالزِّنَا , وَلَا مُتَّخِذَة صَدِيقًا . )7216 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { وَلَا مُتَّخِذَات أَخْدَان } قَالَ : الْخَلِيلَة يَتَّخِذهَا الرَّجُل , وَالْمَرْأَة تَتَّخِذ الْخَلِيل . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7217 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { مُحْصَنَات غَيْر مُسَافِحَات وَلَا مُتَّخِذَات أَخْدَان } الْمُسَافِحَة : الْبَغِيّ الَّتِي تُؤَاجِر نَفْسهَا مَنْ عَرَضَ لَهَا , وَذَات الْخِدْن : ذَات الْخَلِيل الْوَاحِد . فَنَهَاهُمْ اللَّه عَنْ نِكَاحهمَا جَمِيعًا . )7218 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عَبِيد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم يَقُول فِي قَوْله : ( { مُحْصَنَات غَيْر مُسَافِحَات وَلَا مُتَّخِذَات أَخْدَان } أَمَّا الْمُحْصَنَات , فَهُنَّ الْحَرَائِر , يَقُول : تَزَوَّجَ حُرَّة. وَأَمَّا الْمُسَافِحَات : فَهُنَّ الْمُعْلِنَات بِغَيْرِ مَهْر . وَأَمَّا مُتَّخِذَات أَخْدَان : فَذَات الْخَلِيل الْوَاحِد الْمُسْتَسِرَّة بِهِ. نَهَى اللَّه عَنْ ذَلِكَ. )7219 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْن سَالِم , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : (الزِّنَا وَجْهَانِ قَبِيحَانِ , أَحَدهمَا أَخْبَث مِنْ الْآخَر : فَأَمَّا الَّذِي هُوَ أَخْبَثهمَا فَالْمُسَافِحَة الَّتِي تَفْجُر بِمَنْ أَتَاهَا , وَأَمَّا الْآخَر فَذَات الْخِدْن. )7220 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { مُحْصَنَات غَيْر مُسَافِحَات وَلَا مُتَّخِذَات أَخْدَان } قَالَ : الْمُسَافِح : الَّذِي يَلْقَى الْمَرْأَة فَيَفْجُر بِهَا , ثُمَّ يَذْهَب وَتَذْهَب . وَالْمُخَادِن : الَّذِي يُقِيم مَعَهَا عَلَى مَعْصِيَة اللَّه وَتُقِيم مَعَهُ , فَذَاكَ الْأَخْدَان .)|فَإِذَا أُحْصِنَّ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِذَا أُحْصِنَّ } </subtitle>اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَهُ بَعْضهمْ : | فَإِذَا أَحْصَنَّ | بِفَتْحِ الْأَلِف , بِمَعْنَى : إِذَا أَسْلَمْنَ فَصِرْنَ مَمْنُوعَات الْفُرُوج مِنْ الْحَرَام بِالْإِسْلَامِ. وَقَرَأَهُ آخَرُونَ : { فَإِذَا أُحْصِنَّ } بِمَعْنَى : فَإِذَا تَزَوَّجْنَ فَصِرْنَ مَمْنُوعَات الْفُرُوج مِنْ الْحَرَام بِالْأَزْوَاجِ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي أَمْصَار الْإِسْلَام , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب فِي قِرَاءَته الصَّوَاب . فَإِنْ ظَنَّ ظَانّ أَنَّ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ غَيْر جَائِز إِذْ كَانَتَا مُخْتَلِفَتَيْ الْمَعْنَى , وَإِنَّمَا تَجُوز الْقِرَاءَة بِالْوَجْهَيْنِ فِيمَا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ الْمَعَانِي فَقَدْ أُغْفِلَ ; وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَيَيْ ذَلِكَ وَإِنْ اِخْتَلَفَا فَغَيْر دَافِع أَحَدهمَا صَاحِبه , لِأَنَّ اللَّه قَدْ أَوْجَبَ عَلَى الْأَمَة ذَات الْإِسْلَام وَغَيْر ذَات الْإِسْلَام عَلَى لِسَان رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدّ , فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | إِذَا زَنَتْ أَمَة أَحَدكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا كِتَاب اللَّه وَلَا يُثَرِّب عَلَيْهَا , ثُمَّ إِنْ عَادَتْ فَلْيَضْرِبْهَا كِتَاب اللَّه وَلَا يُثَرِّب عَلَيْهَا , ثُمَّ إِنْ عَادَتْ فَلْيَضْرِبْهَا كِتَاب اللَّه وَلَا يُثَرِّب عَلَيْهَا , ثُمَّ إِنْ زَنَتْ الرَّابِعَة فَلْيَضْرِبْهَا كِتَاب اللَّه وَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعْر | . وَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | أَقِيمُوا الْحُدُود عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ | . فَلَمْ يُخَصِّص بِذَلِكَ ذَات زَوْج مِنْهُنَّ وَلَا غَيْر ذَات زَوْج , فَالْحُدُود وَاجِبَة عَلَى مَوَالِي الْإِمَاء إِقَامَتهَا عَلَيْهِنَّ إِذَا فَجَرْنَ بِكِتَابِ اللَّه وَأَمْر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَمَا أَنْتَ قَائِل فِيمَا : 7221 - حَدَّثَكُمْ بِهِ اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا مَالِك بْن أَنَس عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة وَزَيْد بْن خَالِد : (أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الْأَمَة تَزْنِي وَلَمْ تُحْصَن , قَالَ : | اِجْلِدْهَا , فَإِنْ زَنَتْ فَاجْلِدْهَا , فَإِنْ زَنَتْ فَاجْلِدْهَا , فَإِنْ زَنَتْ - فَقَالَ فِي الثَّالِثَة أَوْ الرَّابِعَة - فَبِعْهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ | )وَالضَّفِير : الشَّعْر . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة وَزَيْد بْن خَالِد أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ فَذَكَرَ نَحْوه . فَقَدْ بَيَّنَ أَنَّ الْحَدّ الَّذِي وَجَبَ إِقَامَته بِسُنَّةِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْإِمَاء هُوَ مَا كَانَ قَبْل إِحْصَانهنَّ ; فَأَمَّا مَا وَجَبَ مِنْ ذَلِكَ عَلَيْهِنَّ بِالْكِتَابِ , فَبَعْد إِحْصَانهنَّ ؟ قِيلَ لَهُ : قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ أَحَد مَعَانِي الْإِحْصَان : الْإِسْلَام , وَأَنَّ الْآخَر مِنْهُ التَّزْوِيج وَأَنَّ الْإِحْصَان كَلِمَة تَشْتَمِل عَلَى مَعَانٍ شَتَّى , وَلَيْسَ فِي رِوَايَة مَنْ رَوَى عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْأَمَة تَزْنِي قَبْل أَنْ تُحْصَن , بَيَان أَنَّ الَّتِي سُئِلَ عَنْهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ الَّتِي تَزْنِي قَبْل التَّزْوِيج , فَيَكُون ذَلِكَ حُجَّة لِمُحْتَجٍّ فِي أَنَّ الْإِحْصَان الَّذِي سَنَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدّ الْإِمَاء فِي الزِّنَا هُوَ الْإِسْلَام دُون التَّزْوِيج , وَلَا أَنَّهُ هُوَ التَّزْوِيج دُون الْإِسْلَام . وَإِذْ كَانَ لَا بَيَان فِي ذَلِكَ , فَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل , أَنَّ كُلّ مَمْلُوكَة زَنَتْ فَوَاجِب عَلَى مَوْلَاهَا إِقَامَة الْحَدّ عَلَيْهَا , مُتَزَوِّجَة كَانَتْ أَوْ غَيْر مُتَزَوِّجَة , لِظَاهِرِ كِتَاب اللَّه وَالثَّابِت مِنْ سُنَّة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , إِلَّا مَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ وُجُوب الْحَدّ عَلَيْهِ مِنْهُنَّ بِمَا يَجِب التَّسْلِيم لَهُ. وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ تَبَيَّنَ بِهِ صِحَّة مَا اِخْتَرْنَا مِنْ الْقِرَاءَة فِي قَوْله : { فَإِذَا أُحْصِنَّ } فَإِنْ ظَنَّ ظَانّ أَنَّ فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِح الْمُحْصَنَات الْمُؤْمِنَات فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ مِنْ فَتَيَاتكُمْ الْمُؤْمِنَات } دَلَالَة عَلَى أَنَّ قَوْله : { فَإِذَا أُحْصِنَّ } مَعْنَاهُ : تَزَوَّجْنَ , إِذْ كَانَ ذُكِرَ ذَلِكَ بَعْد وَصْفهنَّ بِالْإِيمَانِ بِقَوْلِهِ : { مِنْ فَتَيَاتكُمْ الْمُؤْمِنَات } وَحَسْب أَنَّ ذَلِكَ لَا يَحْتَمِل مَعْنًى غَيْر مَعْنَى التَّزْوِيج , مَعَ مَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ مِنْ وَصْفهنَّ بِالْإِيمَانِ , فَقَدْ ظَنَّ خَطَأ ; وَذَلِكَ أَنَّهُ غَيْر مُسْتَحِيل فِي الْكَلَام أَنْ يَكُون مَعْنَى ذَلِكَ : وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِح الْمُحْصَنَات الْمُؤْمِنَات فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ مِنْ فَتَيَاتكُمْ الْمُؤْمِنَات , فَإِذَا هُنَّ آمَنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ , فَعَلَيْهِنَّ نِصْف مَا عَلَى الْمُحْصَنَات مِنْ الْعَذَاب , فَيَكُون الْخَبَر بَيَانًا عَمَّا يَجِب عَلَيْهِنَّ مِنْ الْحَدّ إِذَا أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ بَعْد إِيمَانهنَّ بَعْد الْبَيَان عَمَّا لَا يَجُوز لِنَاكِحِهِنَّ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ نِكَاحهنَّ , وَعَمَّنْ يَجُوز نِكَاحه لَهُ مِنْهُنَّ . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ غَيْر مُسْتَحِيل فِي الْكَلَام فَغَيْر جَائِز لِأَحَدٍ صَرْف مَعْنَاهُ إِلَى أَنَّهُ التَّزْوِيج دُون الْإِسْلَام , مِنْ أَجْل مَا تَقَدَّمَ مِنْ وَصْف اللَّه إِيَّاهُنَّ بِالْإِيمَانِ غَيْر أَنَّ الَّذِي نَخْتَار لِمَنْ قَرَأَ : | مُحْصَنَات غَيْر مُسَافِحَات | بِفَتْحِ الصَّاد فِي هَذَا الْمَوْضِع أَنْ يُقْرَأ { فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ } بِضَمِّ الْأَلِف , وَلِمَنْ قَرَأَ | مُحْصِنَات | بِكَسْرِ الصَّاد فِيهِ , أَنْ يَقْرَأ : | فَإِذَا أَحْصَنَّ | بِفَتْحِ الْأَلِف , لِتَأْتَلِف قِرَاءَة الْقَارِئ عَلَى مَعْنًى وَاحِد وَسِيَاق وَاحِد , لِقُرْبِ قَوْله : | مُحْصَنَات | مِنْ قَوْله : { فَإِذَا أُحْصِنَّ } وَلَوْ خَالَفَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَحْنًا , غَيْر أَنَّ وَجْه الْقِرَاءَة مَا وَصَفْت . وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ نَظِير اِخْتِلَاف الْقُرَّاء فِي قِرَاءَته , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى قَوْله { فَإِذَا أُحْصِنَّ } فَإِذَا أَسْلَمْنَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7222 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن بَزِيع , قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , عَنْ سَعِيد , عَنْ أَبِي مَعْشَر , عَنْ إِبْرَاهِيم , أَنَّ اِبْن مَسْعُود , قَالَ : (إِسْلَامهَا إِحْصَانهَا . )7223 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي جَرِير بْن حَازِم أَنَّ سُلَيْمَان بْن مِهْرَان حَدَّثَهُ عَنْ إِبْرَاهِيم بْن يَزِيد , عَنْ هَمَّام بْن الْحَارِث : أَنَّ النُّعْمَان بْن عَبْد اللَّه بْن مُقْرِن سَأَلَ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , فَقَالَ : (أَمَتِي زَنَتْ ؟ فَقَالَ : اِجْلِدْهَا خَمْسِينَ جَلْدَة ! قَالَ : إِنَّهَا لَمْ تُحْصَن ! فَقَالَ اِبْن مَسْعُود : إِحْصَانهَا إِسْلَامهَا . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حَمَّاد , عَنْ إِبْرَاهِيم : أَنَّ النُّعْمَان بْن مُقْرِن سَأَلَ , اِبْن مَسْعُود عَنْ : (أَمَة زَنَتْ وَلَيْسَ لَهَا زَوْج , فَقَالَ : إِسْلَامهَا إِحْصَانهَا . )* - حَدَّثَنِي اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ حَمَّاد , عَنْ إِبْرَاهِيم أَنَّ النُّعْمَان قَالَ : قُلْت لِابْنِ مَسْعُود : (أَمَتِي زَنَتْ ؟ قَالَ : اجْلِدْهَا , قُلْت : فَإِنَّهَا لَمْ تُحْصَن ! قَالَ : إِحْصَانهَا إِسْلَامهَا. )7224 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَلْقَمَة , قَالَ : كَانَ عَبْد اللَّه يَقُول : (إِحْصَانهَا : إِسْلَامهَا . )7225 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْن سَالِم , عَنْ الشَّعْبِيّ أَنَّهُ تَلَا هَذِهِ الْآيَة : ( { فَإِذَا أُحْصِنَّ } قَالَ : يَقُول : إِذَا أَسْلَمْنَ . )7226 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن أَبِي زَائِدَة , عَنْ أَشْعَث , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه : (الْأَمَة إِحْصَانهَا : إِسْلَامهَا. )7227 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ مُغِيرَة : أَخْبَرَنَا عَنْ إِبْرَاهِيم أَنَّهُ كَانَ يَقُول : ( { فَإِذَا أُحْصِنَّ } يَقُول : إِذَا أَسْلَمْنَ . )* - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن أَبِي زَائِدَة , عَنْ أَشْعَث , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : (الْإِحْصَان : الْإِسْلَام . )7228 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ بُرْد بْن سِنَان , عَنْ الزُّهْرِيّ , قَالَ : (جَلَدَ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَلَائِد أَبْكَارًا مِنْ وَلَائِد الْإِمَارَة فِي الزِّنَا. )7229 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { فَإِذَا أُحْصِنَّ } يَقُول : إِذَا أَسْلَمْنَ . )7230 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ جَابِر , عَنْ سَالِم وَالْقَاسِم , قَالَا : (إِحْصَانهَا : إِسْلَامهَا وَعَفَافهَا , فِي قَوْله : { فَإِذَا أُحْصِنَّ } )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى قَوْله : { فَإِذَا أُحْصِنَّ } فَإِذَا تَزَوَّجْنَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7231 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { فَإِذَا أُحْصِنَّ } يَعْنِي : إِذَا تَزَوَّجْنَ حُرًّا . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ : ( { فَإِذَا أُحْصِنَّ } يَقُول : إِذَا تَزَوَّجْنَ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ عِكْرِمَة أَنَّ اِبْن عَبَّاس كَانَ يَقْرَأ : ( { فَإِذَا أُحْصِنَّ } يَقُول : تَزَوَّجْنَ . )7232 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : سَمِعْت : لَيْثًا , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (إِحْصَان الْأَمَة أَنْ يَنْكِحهَا الْحُرّ , وَإِحْصَان الْعَبْد أَنْ يَنْكِح الْحُرَّة . )7233 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة , أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيد بْن جُبَيْر يَقُول : (لَا تُضْرَب الْأَمَة إِذَا زَنَتْ مَا لَمْ تَتَزَوَّج . )7234 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : ( { فَإِذَا أُحْصِنَّ } قَالَ : أَحْصَنَتْهُنَّ الْبُعُولَة. )7235 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { فَإِذَا أُحْصِنَّ } قَالَا : أَحْصَنَتْهُنَّ الْبُعُولَة. )7236 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي عِيَاض بْن عَبْد اللَّه , عَنْ أَبِي الزِّنَاد أَنَّ الشَّعْبِيّ أَخْبَرَهُ , أَنَّ اِبْن عَبَّاس أَخْبَرَهُ : (أَنَّهُ أَصَابَ جَارِيَة لَهُ قَدْ كَانَتْ زَنَتْ , وَقَالَ : أَحْصَنْتهَا . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَهَذَا التَّأْوِيل عَلَى قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ : { فَإِذَا أُحْصِنَّ } بِضَمِّ الْأَلِف , وَعَلَى تَأْوِيل مَنْ قَرَأَ : | فَإِذَا أُحْصِنَّ | بِفَتْحِهَا . وَقَدْ بَيَّنَّا الصَّوَاب مِنْ الْقَوْل وَالْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ عِنْدنَا .|فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْف مَا عَلَى الْمُحْصَنَات مِنْ الْعَذَاب } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ } فَإِنْ أَتَتْ فَتَيَاتكُمْ , وَهُنَّ إِمَاؤُكُمْ , بَعْد مَا أُحْصِنَّ بِإِسْلَامٍ , أَوْ أُحْصِنَّ بِنِكَاحٍ بِفَاحِشَةٍ , وَهِيَ الزِّنَا , { فَعَلَيْهِنَّ نِصْف مَا عَلَى الْمُحْصَنَات مِنْ الْعَذَاب } يَقُول : فَعَلَيْهِنَّ نِصْف مَا عَلَى الْحَرَائِر مِنْ الْحَدّ إِذَا هُنَّ زَنَيْنَ قَبْل الْإِحْصَان بِالْأَزْوَاجِ وَالْعَذَاب الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي هَذَا الْمَوْضِع هُوَ الْحَدّ . وَذَلِكَ النِّصْف الَّذِي جَعَلَهُ اللَّه عَذَابًا لِمَنْ أَتَى بِالْفَاحِشَةِ مِنْ الْإِمَاء إِذَا هُنَّ أُحْصِنَّ خَمْسُونَ جَلْدَة , وَنَفْي سِتَّة أَشْهُر , وَذَلِكَ نِصْف عَام , لِأَنَّ الْوَاجِب عَلَى الْحُرَّة إِذَا هِيَ أَتَتْ بِفَاحِشَةٍ قَبْل الْإِحْصَان بِالزَّوْجِ : جَلْد مِائَة , وَنَفْي حَوْل , فَالنِّصْف مِنْ ذَلِكَ خَمْسُونَ جَلْدَة , وَنَفْي نِصْف سَنَة , وَذَلِكَ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّه عَذَابًا لِلْإِمَاءِ الْمُحْصَنَات إِذَا هُنَّ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ . كَمَا : 7237 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { فَعَلَيْهِنَّ نِصْف مَا عَلَى الْمُحْصَنَات مِنْ الْعَذَاب } )7238 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْف مَا عَلَى الْمُحْصَنَات مِنْ الْعَذَاب } خَمْسُونَ جَلْدَة , وَلَا نَفْي وَلَا رَجْم . )فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْفَ قَالَ { فَعَلَيْهِنَّ نِصْف مَا عَلَى الْمُحْصَنَات مِنْ الْعَذَاب } وَهَلْ يَكُون الْجَلْد عَلَى أَحَد ؟ قِيلَ : إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ فَلَازِم أَبْدَانهنَّ أَنْ تُجْلَد نِصْف مَا يَلْزَم أَبْدَان الْمُحْصَنَات , كَمَا يُقَال : عَلَيَّ صَلَاة يَوْم , بِمَعْنَى : لَازِم عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ صَلَاة يَوْم , وَعَلَيَّ الْحَجّ وَالصِّيَام مِثْل ذَلِكَ , وَكَذَلِكَ عَلَيْهِ الْحَدّ بِمَعْنًى لَازِم لَهُ إِمْكَان نَفْسه مِنْ الْحَدّ لِيُقَامَ عَلَيْهِ .|ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَت مِنْكُمْ } </subtitle>يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ ذَلِكَ : هَذَا الَّذِي أَبَحْت أَيّهَا النَّاس مِنْ نِكَاح فَتَيَاتكُمْ الْمُؤْمِنَات لِمَنْ لَا يَسْتَطِيع مِنْكُمْ طَوْلًا لِنِكَاحِ الْمُحْصَنَات الْمُؤْمِنَات , أَبَحْته لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَت مِنْكُمْ دُون غَيْره مِمَّنْ لَا يَخْشَى الْعَنَت. وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ الزِّنَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7239 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : سَمِعْت لَيْثًا , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَت مِنْكُمْ } قَالَ : الزِّنَا . )7240 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ الْعَوَّام , عَمَّنْ حَدَّثَهُ , عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ : (مَا اِزْلَحَفَّ نَاكِح الْأَمَة عَنْ الزِّنَا إِلَّا قَلِيلًا. )7241 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (الْعَنَت : الزِّنَا . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عُبَيْد بْن يَحْيَى , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (الْعَنَت : الزِّنَا . )7242 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (مَا اِزْلَحَفَّ نَاكِح الْأَمَة عَنْ الزِّنَا إِلَّا قَلِيلًا , ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَت مِنْكُمْ. )* - حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَة , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر نَحْوه. 7243 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا فُضَيْل بْن مَرْزُوق , عَنْ عَطِيَّة فِي قَوْله : ( { ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَت مِنْكُمْ } قَالَ : الزِّنَا. )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي حَمَّاد , قَالَ : ثنا فُضَيْل , عَنْ عَطِيَّة الْعَوْفِيّ , مِثْله . 7244 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَهُ : ثنا أَبُو زُهَيْر , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : ( { لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَت مِنْكُمْ } قَالَ : الزِّنَا . )7245 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , عَنْ الشَّعْبِيّ وَجُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَا : (الْعَنَت : الزِّنَا . )* - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا فُضَيْل بْن مَرْزُوق , عَنْ عَطِيَّة : ( { ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَت مِنْكُمْ } قَالَ : الْعَنَت : الزِّنَا . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : الْعُقُوبَة الَّتِي تُعْنِتهُ , وَهِيَ الْحَدّ. وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي قَوْله : { ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَت مِنْكُمْ } ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مِنْكُمْ ضَرَرًا فِي دِينه وَبَدَنه . وَذَلِكَ أَنَّ الْعَنَت هُوَ مَا ضَرَّ الرَّجُل , يُقَال مِنْهُ : قَدْ عَنِتَ فُلَان فَهُوَ يَعْنَت عَنَتًا : إِذَا أَتَى مَا يَضُرّهُ فِي دِين أَوْ دُنْيَا , وَمِنْهُ قَوْل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ } [3 118 ]وَيُقَال : قَدْ أَعْنَتَنِي فُلَان فَهُوَ يُعْنِتنِي : إِذَا نَالَنِي بِمَضَرَّةٍ ; وَقَدْ قِيلَ : الْعَنَت : الْهَلَاك . فَاَلَّذِينَ وَجَّهُوا تَأْوِيل ذَلِكَ إِلَى الزِّنَا , قَالُوا : الزِّنَا ضَرَر فِي الدِّين , وَهُوَ مِنْ الْعَنَت . وَاَلَّذِينَ وَجَّهُوهُ إِلَى الْإِثْم , قَالُوا : الْآثَام كُلّهَا ضَرَر فِي الدِّين وَهِيَ مِنْ الْعَنَت . وَاَلَّذِينَ وَجَّهُوهُ إِلَى الْعُقُوبَة الَّتِي تُعْنِتهُ فِي بَدَنه مِنْ الْحَدّ , فَإِنَّهُمْ قَالُوا : الْحَدّ مَضَرَّة عَلَى بَدَن الْمَحْدُود فِي دُنْيَاهُ , وَهُوَ مِنْ الْعَنَت. وَقَدْ عَمَّ اللَّه بِقَوْلِهِ : { لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَت مِنْكُم

يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يُرِيد اللَّه لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَن الَّذِينَ مِنْ قَبْلكُمْ } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { يُرِيد اللَّه لِيُبَيِّن لَكُمْ } حَلَاله وَحَرَامه , { وَيَهْدِيَكُمْ سُنَن الَّذِينَ مِنْ قَبْلكُمْ } يَقُول وَلِيُسَدِّدكُمْ سُنَن الَّذِينَ مِنْ قَبْلكُمْ , يَعْنِي : سُبُل مَنْ قَبْلكُمْ مِنْ أَهْل الْإِيمَان بِاَللَّهِ وَأَنْبِيَائِهِ وَمَنَاهِجهمْ , فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ مِنْ نِكَاح الْأُمَّهَات وَالْبَنَات وَالْأَخَوَات , وَسَائِر مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ فِي الْآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَيَّنَ فِيهِمَا مَا حَرَّمَ مِنْ النِّسَاء . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي مَعْنَى قَوْله : { يُرِيد اللَّه لِيُبَيِّن لَكُمْ } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ , يُرِيد اللَّه هَذَا مِنْ أَجْل أَنْ يُبَيِّن لَكُمْ , وَقَالَ : ذَلِكَ كَمَا قَالَ : { وَأُمِرْت لِأَعْدِل بَيْنكُمْ } [42 15 ]بِكَسْرِ اللَّام , لِأَنَّ مَعْنَاهُ : أُمِرْت بِهَذَا مِنْ أَجْل ذَلِكَ . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : يُرِيد اللَّه أَنْ يُبَيِّن لَكُمْ , وَيَهْدِيَكُمْ سُنَن الَّذِينَ مِنْ قَبْلكُمْ ; وَقَالُوا : مِنْ شَأْن الْعَرَب التَّعْقِيب بَيْن كَيْ وَلَام كَيْ وَأَنْ , وَوَضْعُ كُلِّ وَاحِدَة مِنْهُنَّ مَوْضِع كُلّ وَاحِدَة مِنْ أُخْتهَا مَعَ أَرَدْت وَأَمَرْت , فَيَقُولُونَ : أَمَرْتُك أَنْ تَذْهَب وَلِتَذْهَب , وَأَرَدْت أَنْ تَذْهَب وَلِتَذْهَب , كَمَا قَالَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَأُمِرْنَا لِنُسْلِم لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } [6 71 ]وَقَالَ فِي مَوْضِع آخَر : | أُمِرْت أَنْ أَكُون أَوَّل مَنْ أَسْلَمَ | [6 14 ], وَكَمَا قَالَ : { يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُور اللَّه } [61 8 ]ثُمَّ قَالَ فِي مَوْضِع آخَر : { يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا } [9 32 ]وَاعْتَلُّوا فِي تَوْجِيههمْ | أَنْ | مَعَ | أَمَرْت | و | أَرَدْت | إِلَى مَعْنَى | كَيْ | وَتَوْجِيه | كَيْ | مَعَ ذَلِكَ إِلَى مَعْنَى | أَنْ | لِطَلَبِ | أَرَدْت | و | أَمَرْت | الِاسْتِقْبَال , وَأَنَّهَا لَا يَصْلُح مَعَهَا الْمَاضِي , لَا يُقَال : أَمَرْتُك أَنْ قُمْت وَلَا أَرَدْت أَنْ قُمْت. قَالُوا : فَلَمَّا كَانَتْ | أَنْ | قَدْ تَكُون مَعَ الْمَاضِي فِي غَيْر | أَرَدْت | و | أَمَرْت | , ذَكَرُوا لَهَا مَعْنَى الِاسْتِقْبَال بِمَا لَا يَكُون مَعَهُ مَاضٍ مِنْ الْأَفْعَال بِحَالٍ , مِنْ | كَيْ | وَاللَّام الَّتِي فِي مَعْنَى | كَيْ | ; قَالُوا : وَكَذَلِكَ جَمَعَتْ الْعَرَب بَيْنهنَّ أَحْيَانًا فِي الْحَرْف الْوَاحِد , فَقَالَ قَائِلهمْ فِي الْجَمْع : <br>أَرَدْت لِكَيْمَا أَنْ تَطِير بِقِرْبَتِي .......... فَتَتْرُكهَا شَنًّا بِبَيْدَاء بَلْقَع <br>فَجَمَعَ بَيْنهنَّ لِاتِّفَاقِ مَعَانِيهنَّ وَاخْتِلَاف أَلْفَاظهنَّ , كَمَا قَالَ الْآخَر : <br>قَدْ يَكْسِب الْمَال الْهِدَانُ الْجَافِي .......... بِغَيْرِ لَا عَصْف وَلَا اِصْطِرَاف <br>فَجَمَعَ بَيْن | غَيْر | و | لَا | , تَوْكِيدًا لِلنَّفْيِ ; قَالُوا : وَإِنَّمَا يَجُوز أَنْ يَجْعَل | أَنْ | مَكَان كَيْ , وَكَيْ مَكَان أَنْ فِي الْأَمَاكِن الَّتِي لَا يَصْحَب جَالِب ذَلِكَ مَاضٍ مِنْ الْأَفْعَال أَوْ غَيْر الْمُسْتَقْبَل ; فَأَمَّا مَا صَحِبَهُ مَاضٍ مِنْ الْأَفْعَال وَغَيْر الْمُسْتَقْبَل فَلَا يَجُوز ذَلِكَ . لَا يَجُوز عِنْدهمْ أَنْ يُقَال : ظَنَنْت لِيَقُومَ , وَلَا أَظُنّ لِيَقُومَ , بِمَعْنَى : أَظُنّ أَنْ يَقُوم , لِأَنَّ الَّتِي تَدْخُل مَعَ الظَّنّ تَكُون مَعَ الْمَاضِي مِنْ الْفِعْل , يُقَال : أَظُنّ أَنْ قَدْ قَامَ زَيْد وَمَعَ الْمُسْتَقْبَل وَمَعَ الْأَسْمَاء. قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ عِنْدِي قَوْل مَنْ قَالَ : إِنَّ اللَّام فِي قَوْله , { يُرِيد اللَّه لِيُبَيِّنَ لَكُمْ } بِمَعْنَى : يُرِيد اللَّه أَنْ يُبَيِّن لَكُمْ ; لِمَا ذَكَرْت مِنْ عِلَّة مَنْ قَالَ إِنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ .|وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ|يَقُول : يُرِيد اللَّه أَنْ يَرْجِع بِكُمْ إِلَى طَاعَته فِي ذَلِكَ مِمَّا كُنْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ مَعْصِيَته فِي فِعْلكُمْ ذَلِكَ قَبْل الْإِسْلَام , وَقَبْل أَنْ يُوحِيَ مَا أَوْحَى إِلَى نَبِيّه مِنْ ذَلِكَ عَلَيْكُمْ , لِيَتَجَاوَز لَكُمْ بِتَوْبَتِكُمْ عَمَّا سَلَفَ مِنْكُمْ مِنْ قَبِيح ذَلِكَ قَبْل إِنَابَتكُمْ وَتَوْبَتكُمْ .|وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ|يَقُول : وَاَللَّه ذُو عِلْم بِمَا يُصْلِح عِبَاده فِي أَدْيَانهمْ وَدُنْيَاهُمْ , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أُمُورهمْ , وَبِمَا يَأْتُونَ وَيَذَرُونَ مَا أَحَلَّ أَوْ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ حَافِظ ذَلِكَ كُلّه عَلَيْهِمْ , حَكِيم بِتَدْبِيرِهِ فِيهِمْ فِي تَصْرِيفهمْ فِيمَا صَرَّفَهُمْ فِيهِ .

وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَللَّه يُرِيد أَنْ يَتُوب عَلَيْكُمْ وَيُرِيد الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَات أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْره : وَاَللَّه يُرِيد أَنْ يُرَاجِع بِكُمْ طَاعَته , وَالْإِنَابَة إِلَيْهِ , لِيَعْفُوَ لَكُمْ عَمَّا سَلَفَ مِنْ آثَامكُمْ , وَيَتَجَاوَز لَكُمْ عَمَّا كَانَ مِنْكُمْ فِي جَاهِلِيَّتكُمْ مِنْ اِسْتِحْلَالكُمْ مَا هُوَ حَرَام عَلَيْكُمْ مِنْ نِكَاح حَلَائِل آبَائِكُمْ وَأَبْنَائِكُمْ , وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا كُنْتُمْ تَسْتَحِلُّونَهُ وَتَأْتُونَهُ , مِمَّا كَانَ غَيْر جَائِز لَكُمْ إِتْيَانه مِنْ مَعَاصِي اللَّه { وَيُرِيد الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَات } يَقُول : يُرِيد الَّذِينَ يَطْلُبُونَ لَذَّات الدُّنْيَا وَشَهَوَات أَنْفُسهمْ فِيهَا , أَنْ تَمِيلُوا عَنْ أَمْر اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى , فَتَجُورُوا عَنْهُ بِإِتْيَانِكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ وَرُكُوبكُمْ مَعَاصِيَهُ { مَيْلًا عَظِيمًا } جَوْرًا وَعُدُولًا عَنْهُ شَدِيدًا. وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الَّذِينَ وَصَفَهُمْ اللَّه بِأَنَّهُمْ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَات , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُمْ الزُّنَاة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7253 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { وَيُرِيد الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَات } قَالَ : الزِّنَا . { أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا } قَالَ : يُرِيدُونَ أَنْ تَزْنُوا . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد . ( { وَيُرِيد الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَات أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا } أَنْ تَكُونُوا مِثْلهمْ تَزْنُونَ كَمَا يَزْنُونَ . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن . قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَيُرِيد الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَات } قَالَ : الزِّنَا . { أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا } قَالَ : يَزْنِي أَهْل الْإِسْلَام كَمَا يَزْنُونَ . قَالَ : هِيَ كَهَيْئَةِ { وَدُّوا لَوْ تُدْهِن فَيُدْهِنُونَ } [68 9 ])* حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن أَبِي زَائِدَة , عَنْ وَرْقَاء عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَيُرِيد الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَات } قَالَ : الزِّنَا . { أَنْ تَمِيلُوا } قَالَ : أَنْ تَزْنُوا. )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُمْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7254 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَيُرِيد الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَات } قَالَ : هُمْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى ; { أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا } )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُمْ الْيَهُود خَاصَّة , وَكَانَتْ إِرَادَتهمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ اِتِّبَاع شَهَوَاتهمْ فِي نِكَاح الْأَخَوَات مِنْ الْأَب , وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يُحِلُّونَ نِكَاحهنَّ , فَقَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ : وَيُرِيد الَّذِينَ يُحَلِّلُونَ نِكَاح الْأَخَوَات مِنْ الْأَب , أَنْ تَمِيلُوا عَنْ الْحَقّ , فَتَسْتَحِلُّوهُنَّ كَمَا اِسْتَحَلُّوا. وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : كُلّ مُتَّبِع شَهْوَة فِي دِينه لِغَيْرِ الَّذِي أُبِيحَ لَهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7255 - حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : سَمِعْت اِبْن زَيْد يَقُول فِي قَوْله : ( { وَيُرِيد الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَات } . .. الْآيَة , قَالَ : يُرِيد أَهْل الْبَاطِل وَأَهْل الشَّهَوَات فِي دِينهمْ , { أَنْ تَمِيلُوا } فِي دِينكُمْ { مَيْلًا عَظِيمًا } تَتَّبِعُونَ أَمْر دِينهمْ , وَتَتْرُكُونَ أَمْر اللَّه وَأَمْر دِينكُمْ . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَيُرِيد الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ شَهَوَات أَنْفُسهمْ مِنْ أَهْل الْبَاطِل , وَطُلَّاب الزِّنَا , وَنِكَاح الْأَخَوَات مِنْ الْآبَاء , وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا حَرَّمَهُ اللَّه أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا عَنْ الْحَقّ , وَعَمَّا أَذِنَ اللَّه لَكُمْ فِيهِ , فَتَجُورُوا عَنْ طَاعَته إِلَى مَعْصِيَته , وَتَكُونُوا أَمْثَالهمْ فِي اِتِّبَاع شَهَوَات أَنْفُسكُمْ فِيمَا حَرَّمَ اللَّه وَتَرْكِ طَاعَته , مَيْلًا عَظِيمًا . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ , لِأَنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَمّ بِقَوْلِهِ : { وَيُرِيد الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَات } فَوَصَفَهُمْ 0 بِاتِّبَاعِ شَهَوَات أَنْفُسهمْ الْمَذْمُومَة , وَعَمَّهُمْ بِوَصْفِهِمْ بِذَلِكَ مِنْ غَيْر وَصْفهمْ بِاتِّبَاعِ بَعْض الشَّهَوَات الْمَذْمُومَة . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَأَوْلَى الْمَعَانِي بِالْآيَةِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرهَا دُون بَاطِنهَا الَّذِي لَا شَاهِد عَلَيْهِ مِنْ أَصْل أَوْ قِيَاس . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ دَاخِلًا فِي الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَات الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالزُّنَاة وَكُلّ مُتَّبِع بَاطِلًا , لِأَنَّ كُلّ مُتَّبِع مَا نَهَاهُ اللَّه عَنْهُ فَمُتَّبِع شَهْوَة نَفْسه . فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ بِتَأْوِيلِ الْآيَة أَوْلَى , وَجَبَتْ صِحَّة مَا اِخْتَرْنَا مِنْ الْقَوْل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ .

يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يُرِيد اللَّه أَنْ يُخَفِّف عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَان ضَعِيفًا } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { يُرِيد اللَّه أَنْ يُخَفِّف عَنْكُمْ } يُرِيد اللَّه أَنْ يُيَسِّر عَلَيْكُمْ بِإِذْنِهِ لَكُمْ فِي نِكَاح الْفَتَيَات الْمُؤْمِنَات إِذَا لَمْ تَسْتَطِيعُوا طَوْلًا لِحُرَّةٍ . { وَخُلِقَ الْإِنْسَان ضَعِيفًا } يَقُول : يَسَّرَ ذَلِكَ عَلَيْكُمْ إِذَا كُنْتُمْ غَيْر مُسْتَطِيعِي الطَّوْل لِلْحَرَائِرِ , لِأَنَّكُمْ خُلِقْتُمْ ضُعَفَاء عَجَزَة عَنْ تَرْك جِمَاع النِّسَاء قَلِيلِي الصَّبْر عَنْهُ , فَأَذِنَ لَكُمْ فِي نِكَاح فَتَيَاتكُمْ الْمُؤْمِنَات , عِنْد خَوْفكُمْ الْعَنَت عَلَى أَنْفُسكُمْ , وَلَمْ تَجِدُوا طَوْلًا لِحُرَّةٍ لِئَلَّا تَزْنُوا , لِقِلَّةِ صَبْركُمْ عَلَى تَرْك جِمَاع النِّسَاء. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7256 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { يُرِيد اللَّه أَنْ يُخَفِّف عَنْكُمْ } فِي نِكَاح الْأَمَة , وَفِي كُلّ شَيْء فِيهِ يُسْر . )7257 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد الزُّبَيْرِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ اِبْن طَاوُس , عَنْ أَبِيهِ : ( { وَخُلِقَ الْإِنْسَان ضَعِيفًا } قَالَ : فِي أَمْر الْجِمَاع . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ اِبْن طَاوُس , عَنْ أَبِيهِ : ( { وَخُلِقَ الْإِنْسَان ضَعِيفًا } قَالَ : فِي أَمْر النِّسَاء . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ اِبْن طَاوُس , عَنْ أَبِيهِ : ( { وَخُلِقَ الْإِنْسَان ضَعِيفًا } قَالَ : فِي أُمُور النِّسَاء , لَيْسَ يَكُون الْإِنْسَان فِي شَيْء أَضْعَف مِنْهُ فِي النِّسَاء . )7258 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { يُرِيد اللَّه أَنْ يُخَفِّف عَنْكُمْ } قَالَ : رَخَّصَ لَكُمْ فِي نِكَاح هَؤُلَاءِ الْإِمَاء حِين اُضْطُرُّوا إِلَيْهِنَّ , { وَخُلِقَ الْإِنْسَان ضَعِيفًا } قَالَ : لَوْ لَمْ يُرَخِّص لَهُ فِيهَا لَمْ يَكُنْ إِلَّا الْأَمْر الْأَوَّل إِذَا لَمْ يَجِد حُرَّة .)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَيْنكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُون تِجَارَة عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } صَدَقُوا اللَّه وَرَسُوله , { لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَيْنكُمْ بِالْبَاطِلِ } يَقُول : لَا يَأْكُل بَعْضكُمْ أَمْوَال بَعْض بِمَا حَرَّمَ عَلَيْهِ مِنْ الرِّبَا وَالْقِمَار , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْأُمُور الَّتِي نَهَاكُمْ اللَّه عَنْهَا , إِلَّا أَنْ تَكُون تِجَارَة . كَمَا : 7259 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَيْنكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُون تِجَارَة عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } نَهَى عَنْ أَكْلهمْ أَمْوَالهمْ بَيْنهمْ بِالْبَاطِلِ وَبِالرِّبَا وَالْقِمَار وَالْبَخْس وَالظُّلْم , إِلَّا أَنْ تَكُون تِجَارَة , لِيَرْبَح فِي الدِّرْهَم أَلْفًا إِنْ اِسْتَطَاعَ . )7260 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا خَالِد الطَّحَّان , قَالَ : أَخْبَرَنَا دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى : ( { لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَيْنكُمْ بِالْبَاطِلِ } قَالَ : الرَّجُل يَشْتَرِي السِّلْعَة , فَيَرُدّهَا وَيَرُدّ مَعَهَا دِرْهَمًا . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا بَعْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : (فِي الرَّجُل يَشْتَرِي مِنْ الرَّجُل الثَّوْب , فَيَقُول : إِنْ رَضِيته أَخَذْته , وَإِلَّا رَدَدْته وَرَدَدْت مَعَهُ دِرْهَمًا , قَالَ : هُوَ الَّذِي قَالَ اللَّه : { لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَيْنكُمْ بِالْبَاطِلِ } )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة بِالنَّهْيِ عَنْ أَنْ يَأْكُل بَعْضهمْ طَعَام بَعْض إِلَّا بِشِرَاءٍ , فَأَمَّا قِرًى فَإِنَّهُ كَانَ مَحْظُورًا بِهَذِهِ الْآيَة , حَتَّى نُسِخَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِي سُورَة النُّور : { لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَج وَلَا عَلَى الْأَعْرَج حَرَج وَلَا عَلَى الْمَرِيض حَرَج وَلَا عَلَى أَنْفُسكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتكُمْ } . .. [24 61 ]الْآيَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7261 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , عَنْ الْحَسَن بْن وَاقِد , عَنْ يَزِيد النَّحْوِيّ , عَنْ عِكْرِمَة وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ , قَالَا فِي قَوْله : ( { لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَيْنكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُون تِجَارَة عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } . .. الْآيَة , فَكَانَ الرَّجُل يَتَحَرَّج أَنْ يَأْكُل عِنْد أَحَد مِنْ النَّاس بَعْد مَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة , فَنُسِخَ ذَلِكَ بِالْآيَةِ الَّتِي فِي سُورَة النُّور , فَقَالَ : | لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتكُمْ أَوْ بُيُوت آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوت أُمَّهَاتكُمْ | . .. إِلَى قَوْله : { جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا } فَكَانَ الرَّجُل الْغَنِيّ يَدْعُو الرَّجُل مِنْ أَهْله إِلَى الطَّعَام , فَيَقُول : إِنِّي لَأَتَجَنَّح - وَالتَّجَنُّح : التَّحَرُّج - وَيَقُول : الْمَسَاكِين أَحَقّ مِنِّي بِهِ . فَأُحِلَّ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اِسْم اللَّه عَلَيْهِ , وَأُحِلَّ طَعَام أَهْل الْكِتَاب . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ قَوْل السُّدِّيّ : وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره حَرَّمَ أَكْل أَمْوَالنَا بَيْننَا بِالْبَاطِلِ , وَلَا خِلَاف بَيْن الْمُسْلِمِينَ أَنَّ أَكْل ذَلِكَ حَرَام عَلَيْنَا , فَإِنَّ اللَّه لَمْ يُحِلّ قَطُّ أَكْل الْأَمْوَال بِالْبَاطِلِ , وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ قَالَ : كَانَ ذَلِكَ نَهْيًا عَنْ أَكْل الرَّجُل طَعَام أَخِيهِ قِرًى عَلَى وَجْه مَا أَذِنَ لَهُ , ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ لِنَقْلِ عُلَمَاء الْأُمَّة جَمِيعًا وَجْهًا لَهَا أَنَّ قِرَى الضَّيْف , وَإِطْعَام الطَّعَام كَانَ مِنْ حَمِيد أَفْعَال أَهْل الشِّرْك وَالْإِسْلَام , الَّتِي حَمِدَ اللَّه أَهْلهَا عَلَيْهِ وَنَدَبَهُمْ إِلَيْهَا , وَإِنَّ اللَّه لَمْ يُحَرِّم ذَلِكَ فِي عَصْر مِنْ الْعُصُور , بَلْ نَدَبَ اللَّه عِبَاده , وَحَثَّهُمْ عَلَيْهِ , وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَهُوَ مِنْ مَعْنَى الْأَكْل بِالْبَاطِلِ خَارِج , وَمِنْ أَنْ يَكُون نَاسِخًا أَوْ مَنْسُوخًا بِمَعْزِلٍ , لِأَنَّ النَّسْخ إِنَّمَا يَكُون لِمَنْسُوخٍ , وَلَمْ يَثْبُت النَّهْي عَنْهُ , فَيَجُوز أَنْ يَكُون مَنْسُوخًا بِالْإِبَاحَةِ . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , صَحَّ الْقَوْل الَّذِي قُلْنَاهُ , مِنْ أَنَّ الْبَاطِل الَّذِي نَهَى اللَّه عَنْ أَكْل الْأَمْوَال بِهِ , هُوَ مَا وَصَفْنَا مِمَّا حَرَّمَهُ عَلَى عِبَاده فِي تَنْزِيله , أَوْ عَلَى لِسَان رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَشَذَّ مَا خَالَفَهُ. وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { إِلَّا أَنْ تَكُون تِجَارَة عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } فَقَرَأَهَا بَعْضهمْ : | إِلَّا أَنْ تَكُون تِجَارَة | رَفْعًا بِمَعْنَى : إِلَّا أَنْ تُوجَد تِجَارَة , أَوْ تَقَع تِجَارَة عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ , فَيَحِلّ لَكُمْ أَكْلهَا حِينَئِذٍ بِذَلِكَ الْمَعْنَى . وَمَذْهَب مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ عَلَى هَذَا الْوَجْه | أَنْ تَكُون | تَامَّة هَهُنَا لَا حَاجَة بِهَا إِلَى خَبَر عَلَى مَا وَصَفْت ; وَبِهَذِهِ الْقِرَاءَة قَرَأَ أَكْثَر أَهْل الْحِجَاز وَأَهْل الْبَصْرَة . وَقَرَأَ ذَلِكَ آخَرُونَ , وَهُمْ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ : { إِلَّا أَنْ تَكُون تِجَارَةً } نَصْبًا , بِمَعْنَى : إِلَّا أَنْ تَكُون الْأَمْوَال الَّتِي تَأْكُلُونَهَا بَيْنكُمْ تِجَارَة عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ , فَيَحِلّ لَكُمْ هُنَالِكَ أَكْلهَا , فَتَكُون الْأَمْوَال مُضْمَرَة فِي قَوْله : { إِلَّا أَنْ تَكُون } وَالتِّجَارَة مَنْصُوبَة عَلَى الْخَبَر . وَكِلْتَا الْقِرَاءَتَيْنِ عِنْدنَا صَوَاب جَائِز الْقِرَاءَة بِهِمَا , لِاسْتِفَاضَتِهِمَا فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار مَعَ تَقَارُب مَعَانِيهمَا . غَيْر أَنَّ الْأَمْر وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ , فَإِنَّ قِرَاءَة ذَلِكَ بِالنَّصْبِ أَعْجَب إِلَيَّ مِنْ قِرَاءَته بِالرَّفْعِ , لِقُوَّةِ النَّصْب مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا : أَنَّ فِي تَكُون ذِكْرًا مِنْ الْأَمْوَال , وَالْآخَر : أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُجْعَل فِيهَا ذِكْر مِنْهَا ثُمَّ أُفْرِدَتْ بِالتِّجَارَةِ وَهِيَ نَكِرَة , كَانَ فَصِيحًا فِي كَلَام الْعَرَب النَّصْب , إِذْ كَانَتْ مَبْنِيَّة عَلَى اِسْم وَخَبَر , فَإِذَا لَمْ يَظْهَر مَعَهَا إِلَّا نَكِرَة وَاحِدَة نَصَبُوا وَرَفَعُوا , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>إِذَا كَانَ طَعْنًا بَيْنهمْ وَعِنَاقًا <br>فَفِي هَذِهِ الْآيَة إِبَانَة مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره عَنْ تَكْذِيب قَوْل الْجَهَلَة مِنْ الْمُتَصَوِّفَة الْمُنْكِرِينَ طَلَب الْأَقْوَات بِالتِّجَارَاتِ وَالصِّنَاعَات , وَاَللَّه تَعَالَى يَقُول : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَيْنكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُون تِجَارَة عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } اِكْتِسَابًا أَحَلَّ ذَلِكَ لَهَا . كَمَا : 7262 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : قَوْله : ) { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَيْنكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُون تِجَارَة عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } قَالَ : التِّجَارَة رِزْق مِنْ رِزْق اللَّه , وَحَلَال مِنْ حَلَال اللَّه لِمَنْ طَلَبَهَا بِصِدْقِهَا وَبِرّهَا , وَقَدْ كُنَّا نُحَدِّث أَنَّ التَّاجِر الْأَمِين الصَّدُوق مَعَ السَّبْعَة فِي ظِلّ الْعَرْش يَوْم الْقِيَامَة . (وَأَمَّا قَوْله : { عَنْ تَرَاضٍ } فَإِنَّ مَعْنَاهُ كَمَا : 7263 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ) { عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } فِي تِجَارَة أَوْ بَيْع أَوْ عَطَاء يُعْطِيه أَحَد أَحَدًا. (* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ) { عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } فِي تِجَارَة أَوْ بَيْع أَوْ عَطَاء يُعْطِيه أَحَد أَحَدًا . (7264 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ الْقَاسِم , عَنْ سُلَيْمَان الْجُعْفِيّ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ مَيْمُون بْن مِهْرَان , قَالَ : رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْبَيْع عَنْ تَرَاضٍ , وَالْخِيَار بَعْد الصَّفْقَة , وَلَا يَحِلّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَغُشّ مُسْلِمًا . )7265 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : )قُلْت لِعَطَاءٍ : الْمُمَاسَحَة بَيْع هِيَ ؟ قَالَ : لَا , حَتَّى يُخَيِّرهُ التَّخْيِير بَعْد مَا يَجِب الْبَيْع , إِنْ شَاءَ أَخَذَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ . (وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي مَعْنَى التَّرَاضِي فِي التِّجَارَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ أَنْ يُخَيَّر كُلّ وَاحِد مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ بَعْد عَقْدهمَا الْبَيْع بَيْنهمَا فِيمَا تَبَايَعَا فِيهِ مِنْ إِمْضَاء الْبَيْع أَوْ نَقْضِهِ , أَوْ يَتَفَرَّقَا عَنْ مَجْلِسهمَا الَّذِي تَوَاجَبَا فِيهِ الْبَيْع بِأَبْدَانِهِمَا , عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا بِالْعَقْدِ الَّذِي تَعَاقَدَاهُ بَيْنهمَا قَبْل التَّفَاسُخ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7266 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار قَالَ : ثنا مُعَاذ بْن هِشَام , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ قَتَادَة , عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ , عَنْ شُرَيْح قَالَ : )اِخْتَصَمَ رَجُلَانِ , بَاعَ أَحَدهمَا مِنْ الْآخَر بُرْنُسًا , فَقَالَ : إِنِّي بِعْت مِنْ هَذَا بُرْنُسًا , فَاسْتَرْضَيْته فَلَمْ يُرْضِنِي . فَقَالَ : أَرْضِهِ كَمَا أَرْضَاك ! قَالَ : إِنِّي قَدْ أَعْطَيْته دَرَاهِم وَلَمْ يَرْضَ . قَالَ : أَرْضه كَمَا أَرْضَاك ! قَالَ : قَدْ أَرْضَيْته فَلَمْ يَرْضَ . فَقَالَ : الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا. (* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمِّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي السَّفَر , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ شُرَيْح , قَالَ : )الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا . (* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , عَنْ شُعْبَة , عَنْ الْحَكَم , عَنْ شُرَيْح , مِثْله . 7267 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ جَابِر , قَالَ : ثني أَبُو الضُّحَى , عَنْ شُرَيْح أَنَّهُ قَالَ : (الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا . )قَالَ : قَالَ أَبُو الضُّحَى : كَانَ شُرَيْح يُحَدِّث عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بِنَحْوِهِ . 7268 - وَحَدَّثَنِي الْحَسَن بْن يَزِيد الطَّحَّان , قَالَ : ثنا إِسْحَاق بْن مَنْصُور , عَنْ عَبْد السَّلَام , عَنْ رَجُل , عَنْ أَبِي حَوْشَب , عَنْ مَيْمُون , قَالَ : )اِشْتَرَيْت مِنْ اِبْن سِيرِينَ سَابَرِيًّا فَسَامَ عَلَيَّ سَوْمه , فَقُلْت : أَحْسِنْ ! فَقَالَ : إِمَّا أَنْ تَأْخُذ وَإِمَّا أَنْ تَدَع . فَأَخَذْت مِنْهُ , فَلَمَّا زِنْت الثَّمَن وَضَعَ الدَّرَاهِم , فَقَالَ : اِخْتَرْ إِمَّا الدَّرَاهِم وَإِمَّا الْمَتَاع ! فَاخْتَرْت الْمَتَاع فَأَخَذْته . (7269 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن سَالِم , عَنْ الشَّعْبِيّ أَنَّهُ كَانَ يَقُول فِي الْبَيِّعَيْنِ : )إِنَّهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا , فَإِذَا تَصَادَرَا فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْع . (7270 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الْأَحْمَسِيّ , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن عُبَيْد , قَالَ : ثنا سُفْيَان بْن دِينَار , عَنْ طَيْسَلَة , قَالَ : )كُنْت فِي السُّوق , وَعَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فِي السُّوق , فَجَاءَتْهُ جَارِيَة إِلَى بَيْع فَاكِهَة بِدِرْهَمٍ , فَقَالَتْ : أَعْطِنِي هَذَا ! فَأَعْطَاهَا إِيَّاهُ . فَقَالَتْ : لَا أُرِيدهُ أَعْطِنِي دِرْهَمِي ! فَأَبَى , فَأَخَذَهُ مِنْهُ عَلِيّ فَأَعْطَاهَا إِيَّاهُ . (7271 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ الشَّعْبِيّ أَنَّهُ : )أُتِيَ فِي رَجُل اِشْتَرَى مِنْ رَجُل بِرْذَوْنًا وَوَجَبَ لَهُ , ثُمَّ إِنَّ الْمُبْتَاع رَدَّهُ قَبْل أَنْ يَتَفَرَّقَا , فَقَضَى أَنَّهُ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ . فَشَهِدَ عِنْده أَبُو الضُّحَى أَنَّ شُرَيْحًا قَضَى فِي مِثْله أَنْ يَرُدّهُ عَلَى صَاحِبه , فَرَجَعَ الشَّعْبِيّ إِلَى قَضَاء شُرَيْح . (7272 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : ثنا هِشَام , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , عَنْ شُرَيْح , أَنَّهُ كَانَ يَقُول فِي الْبَيِّعَيْنِ : )إِذَا اِدَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ قَدْ أَوْجَبَ لَهُ الْبَيْع , وَقَالَ الْبَائِع : لَمْ أُوجِب لَهُ , قَالَ شَاهِدَانِ عَدْلَانِ : إِنَّكُمَا اِفْتَرَقْتُمَا عَنْ تَرَاضٍ بَعْد بَيْع أَوْ تَخَايُر , وَإِلَّا فَيَمِين الْبَائِع : أَنَّكُمَا [ مَا ] اِفْتَرَقْتُمَا عَنْ بَيْع وَلَا تَخَايُر . (* - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَيُّوب , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : كَانَ شُرَيْح يَقُول : )شَاهِدَانِ ذَوَا عَدْل أَنَّكُمَا اِفْتَرَقْتُمَا عَنْ تَرَاضٍ بَعْد بَيْع وَتَخَايُر , وَإِلَّا فَيَمِينه بِاَللَّهِ مَا تَفَرَّقْتُمَا عَنْ تَرَاضٍ بَعْد بَيْع أَوْ تَخَايُر . (* - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا اِبْن عَوْن , عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ , عَنْ شُرَيْح أَنَّهُ كَانَ يَقُول : شَاهِدَانِ ذَوَا عَدْل أَنَّهُمَا تَفَرَّقَا عَنْ تَرَاضٍ بَعْد بَيْع أَوْ تَخَايُر . )وَعِلَّة مَنْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَة مَا : 7273 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : أَخْبَرَنِي نَافِع , عَنْ اِبْن عُمَر , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : ( كُلّ بَيِّعَيْنِ فَلَا بَيْع بَيْنهمَا حَتَّى يَتَفَرَّقَا إِلَّا أَنْ يَكُون خِيَارًا . )7274 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة , قَالَ : ثني يَحْيَى بْن أَيُّوب , قَالَ : كَانَ أَبُو زُرْعَة إِذَا بَايَعَ رَجُلًا يَقُول لَهُ : خَيِّرْنِي ! ثُمَّ يَقُول : قَالَ أَبُو هُرَيْرَة : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَفْتَرِق إِلَّا عَنْ رِضًا . )7275 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا أَيُّوب , عَنْ أَبِي قِلَابَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه : ( يَا أَهْل الْبَقِيع ! | فَسَمِعُوا صَوْته , ثُمَّ قَالَ : | يَا أَهْل الْبَقِيع ! | فَاشْرَأَبُّوا يَنْظُرُونَ حَتَّى عَرَفُوا أَنَّهُ صَوْته , ثُمَّ قَالَ : | يَا أَهْل الْبَقِيع لَا يَتَفَرَّقَنَّ بَيِّعَانِ إِلَّا عَنْ رِضًا . )7276 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن مُحَمَّد الطُّوسِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , (أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَايَعَ رَجُلًا ثُمَّ قَالَ لَهُ : | اِخْتَرْ ! | فَقَالَ : قَدْ اِخْتَرْت , فَقَالَ : | هَكَذَا الْبَيْع . )قَالُوا : فَالتِّجَارَة عَنْ تَرَاضٍ هُوَ مَا كَانَ عَلَى مَا بَيَّنَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَخْيِير كُلّ وَاحِد مِنْ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِع فِي إِمْضَاء الْبَيْع فِيمَا يَتَبَايَعَانِهِ بَيْنهمَا , أَوْ نَقْضِهِ بَعْد عَقْد الْبَيْع بَيْنهمَا وَقَبْل الِافْتِرَاق , أَوْ مَا تَفَرَّقَا عَنْهُ بِأَبْدَانِهِمَا , عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا بَعْد مُوَاجَبَة الْبَيْع فِيهِ عَنْ مَجْلِسهمَا , فَمَا كَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ التِّجَارَة الَّتِي كَانَتْ بَيْنهمَا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ التَّرَاضِي فِي التِّجَارَة تُوَاجِب عَقْد الْبَيْع فِيمَا تَبَايَعَهُ الْمُتَبَايِعَانِ بَيْنهمَا عَنْ رِضًا مِنْ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا مَا مَلَكَ عَلَيْهِ صَاحِبه وَمَلَكَ صَاحِبه عَلَيْهِ , اِفْتَرَقَا عَنْ مَجْلِسهمَا ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَفْتَرِقَا , تَخَايَرَا فِي الْمَجْلِس أَوْ لَمْ يَتَخَايَرَا فِيهِ بَعْد عَقْده . وَعِلَّة مَنْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَة : أَنَّ الْبَيْع إِنَّمَا هُوَ بِالْقَوْلِ , كَمَا أَنَّ النِّكَاح بِالْقَوْلِ , وَلَا خِلَاف بَيْن أَهْل الْعِلْم فِي الْإِجْبَار فِي النِّكَاح لِأَحَدِ الْمُتَنَاكِحَيْنِ عَلَى صَاحِبه , اِفْتَرَقَا أَوْ لَمْ يَفْتَرِقَا عَنْ مَجْلِسهمَا , الَّذِي جَرَى ذَلِكَ فِيهِ قَالُوا : فَكَذَلِكَ حُكْم الْبَيْع . وَتَأَوَّلُوا قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَالْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا | عَلَى أَنَّهُ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا بِالْقَوْلِ . وَمِمَّنْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَة مَالِك بْن أَنَس , وَأَبُو حَنِيفَة , وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمَّد. قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ عِنْدنَا قَوْل مَنْ قَالَ : إِنَّ التِّجَارَة الَّتِي هِيَ عَنْ تَرَاضٍ بَيْن الْمُتَبَايِعَيْنِ : مَا تَفَرَّقَ الْمُتَبَايِعَانِ عَلَى الْمَجْلِس الَّذِي تَوَاجَبَا فِيهِ بَيْنهمَا عُقْدَة الْبَيْع بِأَبْدَانِهِمَا , عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا بِالْعَقْدِ الَّذِي جَرَى بَيْنهمَا , وَعَنْ تَخْيِير كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا صَاحِبه ; لِصِحَّةِ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا : 7277 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَيُّوب , وَحَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا أَيُّوب , عَنْ نَافِع , عَنْ اِبْن عُمَر , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا , أَوْ يَكُون بَيْع خِيَار | وَرُبَّمَا قَالَ : | أَوْ يَقُول أَحَدهمَا لِلْآخَرِ اِخْتَرْ . )فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحِيحًا , فَلَيْسَ يَخْلُو قَوْل أَحَد الْمُتَبَايِعَيْنِ لِصَاحِبِهِ اِخْتَرْ , مِنْ أَنْ يَكُون قَبْل عَقْد الْبَيْع , أَوْ مَعَهُ , أَوْ بَعْده . فَإِنْ يَكُنْ قَبْله , فَذَلِكَ الْخُلْف مِنْ الْكَلَام الَّذِي لَا مَعْنَى لَهُ , لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِك قَبْل عَقْد الْبَيْع أَحَد الْمُتَبَايِعَيْنِ عَلَى صَاحِبه , مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالِكًا , فَيَكُون لِتَخَيُّرِهِ صَاحِبه فِيمَا يَمْلِك عَلَيْهِ وَجْه مَفْهُوم , وَلَا فِيهِمَا مَنْ يَجْهَل , أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي تَمْلِيك صَاحِبه مَا هُوَ لَهُ غَيْر مَالِك بِعِوَضٍ يَعْتَاضهُ مِنْهُ , فَيُقَال لَهُ : أَنْتَ بِالْخِيَارِ فِيمَا تُرِيد أَنْ تُحْدِثهُ مِنْ بَيْع أَوْ شِرَاء . أَوْ يَكُون إِنْ بَطَلَ هَذَا الْمَعْنَى تَخَيَّرَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا صَاحِبه مَعَ عَقْد الْبَيْع , وَمَعْنَى التَّخْيِير فِي تِلْكَ الْحَال , نَظِير مَعْنَى التَّخْيِير قَبْلهَا , لِأَنَّهَا حَالَة لَمْ يَزُلْ فِيهَا عَنْ أَحَدهمَا مَا كَانَ مَالِكه قَبْل ذَلِكَ إِلَى صَاحِبه , فَيَكُون لِلتَّخْيِيرِ وَجْه مَفْهُوم . أَوْ يَكُون ذَلِكَ بَعْد عَقْد الْبَيْع , إِذَا فَسَدَ هَذَانِ الْمَعْنَيَانِ . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ صَحَّ أَنَّ الْمَعْنَى الْآخَر مِنْ قَوْل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَعْنِي قَوْله : | مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا | إِنَّمَا هُوَ التَّفَرُّق بَعْد عَقْد الْبَيْع , كَمَا كَانَ التَّخْيِير بَعْده , وَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ , فَسَدَ قَوْل مَنْ زَعَمَ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : إِنَّمَا هُوَ التَّفَرُّق بِالْقَوْلِ الَّذِي بِهِ يَكُون الْبَيْع . وَإِذَا فَسَدَ ذَلِكَ صَحَّ مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ التَّخْيِير وَالِافْتِرَاق إِنَّمَا هُمَا مَعْنَيَانِ بِهِمَا يَكُون تَمَام الْبَيْع بَعْد عَقْده , وَصَحَّ تَأْوِيل مَنْ قَالَ : مَعْنَى قَوْله : { إِلَّا أَنْ تَكُون تِجَارَة عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } إِلَّا أَنْ يَكُون أَكْلكُمْ الْأَمْوَال الَّتِي يَأْكُلهَا بَعْضكُمْ لِبَعْضٍ عَنْ مِلْك مِنْكُمْ عَمَّنْ مَلَكْتُمُوهَا عَلَيْهِ بِتِجَارَةٍ تَبَايَعْتُمُوهَا بَيْنكُمْ , وَافْتَرَقْتُمْ عَنْهَا , عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ بَعْد عَقْد الْبَيْع بَيْنكُمْ بِأَبْدَانِكُمْ , أَوْ يُخَيِّر بَعْضكُمْ بَعْضًا .|مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ } </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ } وَلَا يَقْتُل بَعْضكُمْ بَعْضًا , وَأَنْتُمْ أَهْل مِلَّة وَاحِدَة , وَدَعْوَة وَاحِدَة وَدِين وَاحِد فَجَعَلَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَهْل الْإِسْلَام كُلّهمْ بَعْضهمْ مِنْ بَعْض , وَجَعَلَ الْقَاتِل مِنْهُمْ قَتِيلًا فِي قَتْله إِيَّاهُ مِنْهُمْ بِمَنْزِلَةِ قَتْله نَفْسه , إِذْ كَانَ الْقَاتِل وَالْمَقْتُول أَهْل يَد وَاحِدَة عَلَى مَنْ خَالَفَ مِلَّتهمَا . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7278 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ } يَقُول : أَهْل مِلَّتكُمْ . )7279 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح : ( { وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ } قَالَ : قَتْل بَعْضكُمْ بَعْضًا.)|أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ|وَأَمَّا قَوْله جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { إِنَّ اللَّه كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا } فَإِنَّهُ يَعْنِي أَنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يَزَلْ رَحِيمًا بِخَلْقِهِ , وَمِنْ رَحْمَته بِكُمْ كَفّ بَعْضكُمْ عَنْ قَتْل بَعْض أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ , بِتَحْرِيمِ دِمَاء بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض إِلَّا بِحَقِّهَا , وَحَظْر أَكْل مَال بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض بِالْبَاطِلِ , إِلَّا عَنْ تِجَارَة يَمْلِك بِهَا عَلَيْهِ بِرِضَاهُ وَطِيب نَفْسه , لَوْلَا ذَلِكَ هَلَكْتُمْ وَأَهْلَكَ بَعْضكُمْ بَعْضًا قَتْلًا وَسَلْبًا وَغَصْبًا .

وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيه نَارًا } </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ عُدْوَانًا } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَمَنْ يَقْتُل نَفْسه , بِمَعْنَى : وَمَنْ يَقْتُل أَخَاهُ الْمُؤْمِن عُدْوَانًا وَظُلْمًا { فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا } ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7280 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : (قُلْت لِعَطَاءٍ أَرَأَيْت قَوْله : { وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيه نَارًا } فِي كُلّ ذَلِكَ , أَوْ فِي قَوْله : { وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ } ؟ قَالَ : بَلْ فِي قَوْله : { وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ } )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَمَنْ يَفْعَل مَا حَرَّمْته عَلَيْهِ مِنْ أَوَّل هَذِهِ السُّورَة إِلَى قَوْله : { وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ } مِنْ نِكَاح مَنْ حَرَّمْت نِكَاحه , وَتَعَدِّي حُدُوده , وَأَكْل أَمْوَال الْأَيْتَام ظُلْمًا , وَقَتْل النَّفْس الْمُحَرَّم قَتْلهَا ظُلْمًا بِغَيْرِ حَقّ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَمَنْ يَأْكُل مَال أَخِيهِ الْمُسْلِم ظُلْمًا بِغَيْرِ طِيب نَفْس مِنْهُ وَقَتَلَ أَخَاهُ الْمُؤْمِن ظُلْمًا , فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُقَال مَعْنَاهُ : وَمَنْ يَفْعَل مَا حَرَّمَ اللَّه عَلَيْهِ مِنْ قَوْله : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } . .. [4 19 ]إِلَى قَوْله : { وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ } مِنْ نِكَاح الْمُحَرَّمَات , وَعَضْل الْمُحَرَّم عَضْلهَا مِنْ النِّسَاء , وَأَكْل الْمَال بِالْبَاطِلِ , وَقَتْل الْمُحَرَّم قَتْله مِنْ الْمُؤْمِنِينَ , لِأَنَّ كُلّ ذَلِكَ مِمَّا وَعَدَ اللَّه عَلَيْهِ أَهْله الْعُقُوبَة . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَمَا مَنَعَك أَنْ تَجْعَل قَوْله : { ذَلِكَ } مَعْنِيًّا بِهِ جَمِيع مَا أَوْعَدَ اللَّه عَلَيْهِ الْعُقُوبَة مِنْ أَوَّل السُّورَة ؟ قِيلَ : مَنَعَ ذَلِكَ أَنَّ كُلّ فَصْل مِنْ ذَلِكَ قَدْ قُرِنَ بِالْوَعِيدِ , إِلَى قَوْله : { أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا } [4 18 ]وَلَا ذِكْر لِلْعُقُوبَةِ مِنْ بَعْد ذَلِكَ عَلَى مَا حَرَّمَ اللَّه فِي الْآيَة الَّتِي بَعْده , إِلَى قَوْله : { فَسَوْفَ نُصْلِيه نَارًا } فَكَانَ قَوْله : { وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ } مَعْنِيًّا بِهِ مَا قُلْنَا مِمَّا لَمْ يُقْرَن بِالْوَعِيدِ مَعَ إِجْمَاع الْجَمِيع عَلَى أَنَّ اللَّه تَعَالَى قَدْ تَوَعَّدَ عَلَى كُلّ ذَلِكَ أَوْلَى مِنْ أَنْ يَكُون مَعْنِيًّا بِهِ مَا سَلَفَ فِيهِ الْوَعِيد بِالنَّهْيِ مَقْرُونًا قَبْل ذَلِكَ . وَأَمَّا قَوْله : { عُدْوَانًا } فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ : تَجَاوُزًا لِمَا أَبَاحَ اللَّه لَهُ إِلَى مَا حَرَّمَهُ عَلَيْهِ , { وَظُلْمًا } يَعْنِي : فِعْلًا مِنْهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ مَا أَذِنَ اللَّه بِهِ , وَرُكُوبًا مِنْهُ مَا قَدْ نَهَاهُ اللَّه عَنْهُ . وَقَوْله : { فَسَوْفَ نُصْلِيه نَارًا } يَقُول : فَسَوْفَ نُورِدهُ نَارًا يَصْلَى بِهَا فَيَحْتَرِق فِيهَا .|وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا| { وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّه يَسِيرًا } يَعْنِي : وَكَانَ إِصْلَاء فَاعِل ذَلِكَ النَّار وَإِحْرَاقه بِهَا عَلَى اللَّه سَهْلًا يَسِيرًا , لِأَنَّهُ لَا يَقْدِر عَلَى الِامْتِنَاع عَلَى رَبّه مِمَّا أَرَادَ بِهِ مِنْ سُوء . وَإِنَّمَا يَصْعُب الْوَفَاء بِالْوَعِيدِ لِمَنْ تَوَعَّدَهُ عَلَى مَنْ كَانَ إِذَا حَاوَلَ الْوَفَاء بِهِ قَدَرَ الْمُتَوَعَّد مِنْ الِامْتِنَاع مِنْهُ , فَأَمَّا مَنْ كَانَ فِي قَبْضَة مُوعِده فَيَسِير عَلَيْهِ إِمْضَاء حُكْمه فِيهِ وَالْوَفَاء لَهُ بِوَعِيدِهِ , غَيْر عَسِير عَلَيْهِ أَمْر أَرَادَهُ بِهِ .

إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ } </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الْكَبَائِر الَّتِي وَعَدَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عِبَاده بِاجْتِنَابِهَا تَكْفِير سَائِر سَيِّئَاتهمْ عَنْهُمْ , فَقَالَ بَعْضهمْ : الْكَبَائِر الَّتِي قَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّر عَنْكُمْ سَيِّئَاتكُمْ } هِيَ مَا تَقَدَّمَ اللَّه إِلَى عِبَاده بِالنَّهْيِ عَنْهُ مِنْ أَوَّل سُورَة النِّسَاء إِلَى رَأْس الثَّلَاثِينَ مِنْهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7281 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوق , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : (الْكَبَائِر مِنْ أَوَّل سُورَة النِّسَاء إِلَى ثَلَاثِينَ مِنْهَا . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حَمَّاد , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه بِمِثْلِهِ . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حَجَّاج , قَالَ : ثنا حَمَّاد , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ اِبْن مَسْعُود , مِثْله . * - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثنا وَكِيع , قَالَ : ثنا الْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثني عَلْقَمَة , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : (الْكَبَائِر مِنْ أَوَّل سُورَة النِّسَاء , إِلَى قَوْله : { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ } )* - حَدَّثَنَا الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة وَأَبُو خَالِد , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَلْقَمَة , عَنْ عَبْد اللَّه قَالَ : (الْكَبَائِر مِنْ أَوَّل سُورَة النِّسَاء , إِلَى قَوْله : { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ } )* - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ مُسْلِم , عَنْ مَسْرُوق , قَالَ : (سُئِلَ عَبْد اللَّه عَنْ الْكَبَائِر , قَالَ : مَا بَيْن فَاتِحَة سُورَة النِّسَاء إِلَى رَأْس الثَّلَاثِينَ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ حَمَّاد , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ اِبْن مَسْعُود , قَالَ : (الْكَبَائِر : مَا بَيْن فَاتِحَة سُورَة النِّسَاء إِلَى ثَلَاثِينَ آيَة مِنْهَا : { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ } )* - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه , أَنَّهُ قَالَ : (الْكَبَائِر مِنْ أَوَّل سُورَة النِّسَاء إِلَى الثَّلَاثِينَ مِنْهَا . { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ } )7282 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ اِبْن عَوْن , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : (كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْكَبَائِر فِيمَا بَيْن أَوَّل هَذِهِ السُّورَة , سُورَة النِّسَاء , إِلَى هَذَا الْمَوْضِع. { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ } )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا آدَم الْعَسْقَلَانِيّ , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عَاصِم بْن أَبِي النَّجُود , عَنْ زِرّ بْن حُبَيْش , عَنْ اِبْن مَسْعُود , قَالَ : (الْكَبَائِر مِنْ أَوَّل سُورَة النِّسَاء إِلَى ثَلَاثِينَ آيَة مِنْهَا. ثُمَّ تَلَا : { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّر عَنْكُمْ سَيِّئَاتكُمْ وَنُدْخِلكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا } )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مِسْعَر , عَنْ عَاصِم بْن أَبِي النَّجُود , عَنْ زِرّ بْن حُبَيْش , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه : (الْكَبَائِر : مَا بَيْن أَوَّل سُورَة النِّسَاء إِلَى رَأْس الثَّلَاثِينَ. )وَقَالَ آخَرُونَ : الْكَبَائِر سَبْع . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7283 - حَدَّثَنِي تَمِيم بْن الْمُنْتَصِر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ مُحَمَّد بْن سَهْل بْن أَبِي حَثْمَة , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : (إِنِّي لَفِي هَذَا الْمَسْجِد مَسْجِد الْكُوفَة , وَعَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يَخْطُب النَّاس عَلَى الْمِنْبَر , فَقَالَ : يَا أَيّهَا النَّاس إِنَّ الْكَبَائِر سَبْع ! فَأَصَاخَ النَّاس , فَأَعَادَهَا ثَلَاث مَرَّات , ثُمَّ قَالَ : أَلَا تَسْأَلُونِي عَنْهَا ؟ قَالُوا : يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ مَا هِيَ ؟ قَالَ : الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ , وَقَتْل النَّفْس الَّتِي حَرَّمَ اللَّه , وَقَذْف الْمُحْصَنَة , وَأَكْل مَال الْيَتِيم , وَأَكْل الرِّبَا , وَالْفِرَار يَوْم الزَّحْف , وَالتَّعَرُّب بَعْد الْهِجْرَة. فَقُلْت لِأَبِي : يَا أَبَتِ التَّعَرُّب بَعْد الْهِجْرَة , كَيْفَ لَحِقَ هَهُنَا ؟ فَقَالَ : يَا بُنَيّ , وَمَا أَعْظَم مِنْ أَنْ يُهَاجِر الرَّجُل , حَتَّى إِذَا وَقَعَ سَهْمه فِي الْفَيْء وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْجِهَاد , خَلَعَ ذَلِكَ مِنْ عُنُقه فَرَجَعَ أَعْرَابِيًّا كَمَا كَانَ . )7284 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد الْمُحَارِبِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو الْأَحْوَص سَلَام بْن سُلَيْم , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ عُبَيْد بْن عُمَيْر , قَالَ : (الْكَبَائِر سَبْع لَيْسَ مِنْهُنَّ كَبِيرَة إِلَّا وَفِيهَا آيَة مِنْ كِتَاب اللَّه , الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ مِنْهُنَّ : { وَمَنْ يُشْرِك بِاَللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاء } [22 31 ]و { الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَال الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونهمْ نَارًا } [4 10 ]و { الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُوم الَّذِي يَتَخَبَّطهُ الشَّيْطَان مِنْ الْمَسّ } [2 275 ]و { الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات } [24 23 ]وَالْفِرَار مِنْ الزَّحْف : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمْ الْأَدْبَار } [8 15 ]وَالتَّعَرُّب بَعْد الْهِجْرَة : { إِنَّ الَّذِينَ اِرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارهمْ مِنْ بَعْد مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْهُدَى } [47 25 ]وَقَتْل النَّفْس . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ عُبَيْد بْن عُمَيْر اللَّيْثِيّ , قَالَ : (الْكَبَائِر سَبْع : الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ : { وَمَنْ يُشْرِك بِاَللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاء فَتَخْطَفهُ الطَّيْر أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيح فِي مَكَان سَحِيق } [22 31 ]وَقَتْل النَّفْس : { وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم } . .. [4 93 ]الْآيَة , وَأَكْل الرِّبَا : { الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُوم الَّذِي يَتَخَبَّطهُ الشَّيْطَان مِنْ الْمَسّ } . .. [2 275 ]الْآيَة , وَأَكْل أَمْوَال الْيَتَامَى : { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَال الْيَتَامَى ظُلْمًا }. .. [4 10 ]الْآيَة , وَقَذْف الْمُحْصَنَة : { إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات } . .. [24 23 ]الْآيَة , وَالْفِرَار مِنْ الزَّحْف : { وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمئِذٍ دُبُره إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَة } . .. [8 16 ]الْآيَة . وَالْمُرْتَدّ أَعْرَابِيًّا بَعْد هِجْرَته : { إِنَّ الَّذِينَ اِرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارهمْ مِنْ بَعْد مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْهُدَى } [47 25 ]الْآيَة . )7285 - حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَوْن , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : (سَأَلْت عُبَيْدَة عَنْ الْكَبَائِر , فَقَالَ : الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ , وَقَتْل النَّفْس الَّتِي حَرَّمَ اللَّه بِغَيْرِ حَقّهَا , وَفِرَار يَوْم الزَّحْف , وَأَكْل مَال الْيَتِيم بِغَيْرِ حَقّه , وَأَكْل الرِّبَا , وَالْبُهْتَان . قَالَ : وَيَقُولُونَ أَعْرَابِيَّة بَعْد هِجْرَة . قَالَ اِبْن عَوْن : فَقُلْت لِمُحَمَّدٍ فَالسِّحْر ؟ قَالَ : إِنَّ الْبُهْتَان يَجْمَع شَرًّا كَثِيرًا. )7286 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَنْصُور وَهِشَام , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , عَنْ عُبَيْدَة أَنَّهُ قَالَ : (الْكَبَائِر : الْإِشْرَاك , وَقَتْل النَّفْس الْحَرَام , وَأَكْل الرِّبَا , وَقَذْف الْمُحْصَنَة , وَأَكْل مَال الْيَتِيم , وَالْفِرَار مِنْ الزَّحْف , وَالْمُرْتَدّ أَعْرَابِيًّا بَعْد هِجْرَته . )* - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : ثنا هِشَام , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , عَنْ عُبَيْدَة , بِنَحْوِهِ . وَعِلَّة مَنْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَة مَا : 7287 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : أَخْبَرَنِي اللَّيْث , قَالَ : ثني خَالِد , عَنْ سَعِيد بْن أَبِي هِلَال , عَنْ نُعَيْم الْمُجْمِر , قَالَ : أَخْبَرَنِي صُهَيْب مَوْلَى الْعُتْوَارِيّ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ أَبِي هُرَيْرَة وَأَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ يَقُولَانِ : (خَطَبَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا , فَقَالَ : | وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ؟ | ثَلَاث مَرَّات , ثُمَّ أَكَبَّ , فَأَكَبَّ كُلّ رَجُل مِنَّا يَبْكِي لَا يَدْرِي عَلَى مَاذَا حَلَفَ . ثُمَّ رَفَعَ رَأْسه وَفِي وَجْهه الْبِشْر , فَكَانَ أَحَبّ إِلَيْنَا مِنْ حُمْر النَّعَم , فَقَالَ : | مَا مِنْ عَبْد يُصَلِّي الصَّلَوَات الْخَمْس , وَيَصُوم رَمَضَان , وَيُخْرِج الزَّكَاة , وَيَجْتَنِب الْكَبَائِر السَّبْع , إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَاب الْجَنَّة , ثُمَّ قِيلَ : اُدْخُلْ بِسَلَامٍ . )7288 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ عَطَاء , قَالَ : (الْكَبَائِر سَبْع : قَتْل النَّفْس , وَأَكْل الرِّبَا , وَأَكْل مَال الْيَتِيم , وَرَمْي الْمُحْصَنَة , وَشَهَادَة الزُّور , وَعُقُوق الْوَالِدَيْنِ , وَالْفِرَار يَوْم الزَّحْف . )وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ تِسْع . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7289 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا زِيَاد بْن مِخْرَاق , عَنْ طَيْسَلَة بْن مَيَّاس , قَالَ : (كُنْت مَعَ الْحِدْثَانِ , فَأَصَبْت ذُنُوبًا لَا أَرَاهَا إِلَّا مِنْ الْكَبَائِر , فَلَقِيت اِبْن عُمَر , فَقُلْت : إِنِّي أُصِيب ذُنُوبًا لَا أَرَاهَا إِلَّا مِنْ الْكَبَائِر , قَالَ : وَمَا هِيَ ؟ قُلْت : كَذَا وَكَذَا , قَالَ : لَيْسَ مِنْ الْكَبَائِر - قَالَ : لِشَيْءٍ لَمْ يَسْمَعهُ طَيْسَلَة - قَالَ : هِيَ تِسْع , وَسَأَعُدُّهُنَّ عَلَيْك : الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ , وَقَتْل النَّسَمَة بِغَيْرِ حِلّهَا , وَالْفِرَار مِنْ الزَّحْف , وَقَذْف الْمُحْصَنَة , وَأَكْل الرِّبَا , وَأَكْل مَال الْيَتِيم ظُلْمًا , وَإِلْحَاد فِي الْمَسْجِد الْحَرَام , وَاَلَّذِي يَسْتَسْحِر وَبُكَاء الْوَالِدَيْنِ مِنْ الْعُقُوق. قَالَ اِبْن زِيَاد : وَقَالَ طَيْسَلَة : لَمَّا رَأَى اِبْن عُمَر فَرَقِي , قَالَ : أَتَخَافُ النَّار أَنْ تَدْخُلهَا ؟ قُلْت : نَعَمْ , قَالَ : وَتُحِبّ أَنْ تَدْخُل الْجَنَّة ؟ قُلْت : نَعَمْ , قَالَ : أَحَيّ وَالِدك ؟ قُلْت : عِنْدِي أُمِّي . قَالَ : فَوَاَللَّهِ لَئِنْ أَنْتَ أَلَنْت لَهَا الْكَلَام , وَأَطْعَمْتهَا الطَّعَام , لَتَدْخُلَنَّ الْجَنَّة مَا اِجْتَنَبْت الْمُوجِبَات . )* - حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن ثَابِت الْخَرَّاز الْوَاسِطِيّ , قَالَ : أَخْبَرَنَا سَلْم بْن سَلَّام , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَيُّوب بْن عُتْبَة , عَنْ طَيْسَلَة بْن عَلِيّ النَّهْدِيّ , قَالَ : (أَتَيْت اِبْن عُمَر , وَهُوَ فِي ظِلّ أَرَاك يَوْم عَرَفَة , وَهُوَ يَصُبّ الْمَاء عَلَى رَأْسه وَوَجْهه . قَالَ : قُلْت : أَخْبِرْنِي عَنْ الْكَبَائِر ! قَالَ : هِيَ تِسْع , قُلْت : مَا هُنَّ ؟ قَالَ : الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ , وَقَذْف الْمُحْصَنَة - قَالَ : قُلْت قَبْل الْقَتْل ؟ قَالَ : نَعَمْ , وَرَغْمًا - وَقَتْل النَّفْس الْمُؤْمِنَة , وَالْفِرَار مِنْ الزَّحْف , وَالسِّحْر , وَأَكْل الرِّبَا , وَأَكْل مَال الْيَتِيم , وَعُقُوق الْوَالِدَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ , وَالْإِلْحَاد بِالْبَيْتِ الْحَرَام قِبْلَتكُمْ أَحْيَاء وَأَمْوَاتًا. )7290 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن ثَابِت الْخَرَّاز , قَالَ : أَخْبَرَنَا سَلْم بْن سَلَّام , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَيُّوب بْن عُتْبَة , عَنْ يَحْيَى عَنْ عُبَيْد بْن عُمَيْر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بِمِثْلِهِ , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : بَدَأَ بِالْقَتْلِ قَبْل الْقَذْف. وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ أَرْبَع . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7291 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام بْن سَلْم , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ مُطَرِّف , عَنْ وَبَرَة , عَنْ اِبْن مَسْعُود , قَالَ : (الْكَبَائِر : الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ , وَالْقُنُوط مِنْ رَحْمَة اللَّه , وَالْإِيَاس مِنْ رَوْح اللَّه , وَالْأَمْن مِنْ مَكْر اللَّه . )* - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم . قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُطَرِّف , عَنْ وَبَرَة بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ أَبِي الطُّفَيْل , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود : (أَكْبَر الْكَبَائِر : الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ , وَالْإِيَاس مِنْ رَوْح اللَّه , وَالْقُنُوط مِنْ رَحْمَة اللَّه , وَالْأَمْن مِنْ مَكْر اللَّه. )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ وَبَرَة بْن عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه : (إِنَّ الْكَبَائِر : الشِّرْك بِاَللَّهِ , وَالْقُنُوط مِنْ رَحْمَة اللَّه , وَالْأَمْن مِنْ مَكْر اللَّه , وَالْإِيَاس مِنْ رَوْح اللَّه . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَأَبُو السَّائِب , قَالَا : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : سَمِعْت مُطَرِّفًا عَنْ وَبَرَة , عَنْ أَبِي الطُّفَيْل قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه : (الْكَبَائِر أَرْبَع : الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ , وَالْقُنُوط مِنْ رَحْمَة اللَّه , وَالْيَأْس مِنْ رَوْح اللَّه , وَالْأَمْن مِنْ مَكْر اللَّه . )7292 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة الْأَسَدِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : أَخْبَرَنَا شَيْبَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ وَبَرَة , عَنْ أَبِي الطُّفَيْل , قَالَ : سَمِعْت اِبْن مَسْعُود يَقُول : (أَكْبَر الْكَبَائِر : الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ وَبَرَة , عَنْ أَبِي الطُّفَيْل , عَنْ عَبْد اللَّه , بِنَحْوِهِ . * - حَدَّثَنِي اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني وَهْب بْن جَرِير , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عَبْد الْمَلِك عَنْ أَبِي الطُّفَيْل , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : (الْكَبَائِر أَرْبَع : الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ , وَالْأَمْن مِنْ مَكْر اللَّه , وَالْإِيَاس مِنْ رَوْح اللَّه , وَالْقُنُوط مِنْ رَحْمَة اللَّه. )* - وَبِهِ قَالَ : شُعْبَة , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , عَنْ أَبِي الطُّفَيْل , عَنْ عَبْد اللَّه , بِمِثْلِهِ . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , عَنْ أَبِي الطُّفَيْل , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , بِنَحْوِهِ. * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ عَبْد الْعَزِيز بْن رَفِيع , عَنْ أَبِي الطُّفَيْل , عَنْ اِبْن مَسْعُود , قَالَ : (الْكَبَائِر أَرْبَع : الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ , وَقَتْل النَّفْس الَّتِي حَرَّمَ اللَّه , وَالْأَمْن لِمَكْرِ اللَّه , وَالْإِيَاس مِنْ رَوْح اللَّه . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ الْمَسْعُودِيّ , عَنْ فُرَات الْقَزَّاز , عَنْ أَبِي الطُّفَيْل , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : (الْكَبَائِر : الْقُنُوط مِنْ رَحْمَة اللَّه , وَالْإِيَاس مِنْ رَوْح اللَّه , وَالْأَمْن لِمَكْرِ اللَّه , وَالشِّرْك بِاَللَّهِ. )وَقَالَ آخَرُونَ : كُلّ مَا نَهَى اللَّه عَنْهُ فَهُوَ كَبِيرَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7293 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ مَنْصُور , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (ذُكِرَتْ عِنْده الْكَبَائِر , فَقَالَ : كُلّ مَا نَهَى اللَّه عَنْهُ فَهُوَ كَبِيرَة . )7294 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَيُّوب , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : (أُنْبِئْت أَنَّ اِبْن عَبَّاس كَانَ يَقُول : كُلّ مَا نَهَى اللَّه عَنْهُ كَبِيرَة , وَقَدْ ذَكَرْت الطَّرْفَة , قَالَ : هِيَ النَّظْرَة . )7295 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُعْتَمِر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ طَاوُس , قَالَ : قَالَ رَجُل لِعَبْدِ اللَّه بْن عَبَّاس : أَخْبِرْنِي بِالْكَبَائِرِ السَّبْع , قَالَ : فَقَالَ اِبْن عَبَّاس : (هِيَ أَكْثَر مِنْ سَبْع وَتِسْع . فَمَا أَدْرِي كَمْ قَالَهَا مِنْ مَرَّة . )* - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ سُلَيْمَان التَّيْمِيّ , عَنْ طَاوُس , قَالَ : ذَكَرُوا عِنْد اِبْن عَبَّاس الْكَبَائِر , فَقَالُوا : هِيَ سَبْع , قَالَ : (هِيَ أَكْثَر مِنْ سَبْع وَتِسْع . قَالَ سُلَيْمَان : فَلَا أَدْرِي كَمْ قَالَهَا مِنْ مَرَّة . )7296 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر وَابْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ عَوْف , قَالَ : قَامَ أَبُو الْعَالِيَة الرِّيَاحِيّ عَلَى حَلْقَة أَنَا فِيهَا , فَقَالَ : إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ : (الْكَبَائِر سَبْع , وَقَدْ خِفْت أَنْ تَكُون الْكَبَائِر سَبْعِينَ , أَوْ يَزِدْنَ عَلَى ذَلِكَ . )7297 - حَدَّثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثنا الْوَلِيد , قَالَ : سَمِعْت أَبَا عَمْرو يُخْبِر عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , (أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْكَبَائِر سَبْع هِيَ ؟ قَالَ : هِيَ إِلَى السَّبْعِينَ أَقْرَب . )7298 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ قَيْس بْن سَعْد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِابْنِ عَبَّاس : (كَمْ الْكَبَائِر أَسَبْع هِيَ ؟ قَالَ : إِلَى سَبْعمِائَةٍ أَقْرَب مِنْهَا إِلَى سَبْع , غَيْر أَنَّهُ لَا كَبِيرَة مَعَ اِسْتِغْفَار , وَلَا صَغِيرَة مَعَ إِصْرَار . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ لَيْث , عَنْ طَاوُس , قَالَ : جَاءَ رَجُل إِلَى اِبْن عَبَّاس , فَقَالَ : (أَرَأَيْت الْكَبَائِر السَّبْع الَّتِي ذَكَرَهُنَّ اللَّه مَا هُنَّ ؟ قَالَ : هُنَّ إِلَى السَّبْعِينَ أَدْنَى مِنْهَا إِلَى السَّبْع. )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ اِبْن طَاوُس , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : قِيلَ لِابْنِ عَبَّاس : (الْكَبَائِر سَبْع ؟ قَالَ : هِيَ إِلَى السَّبْعِينَ أَقْرَب. )7299 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن سَعْدَان , عَنْ أَبِي الْوَلِيد , قَالَ : سَأَلْت اِبْن عَبَّاس , عَنْ الْكَبَائِر , قَالَ : (كُلّ شَيْء عُصِيَ اللَّه فِيهِ فَهُوَ كَبِيرَة . )وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ ثَلَاث . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7300 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن مَسْعُود قَالَ : (الْكَبَائِر : ثَلَاث : الْيَأْس مِنْ رَوْح اللَّه , وَالْقُنُوط مِنْ رَحْمَة اللَّه , وَالْأَمْن مِنْ مَكْر اللَّه . )وَقَالَ آخَرُونَ : كُلّ مُوجِبَة وَكُلّ مَا أَوْعَدَ اللَّه أَهْله عَلَيْهِ النَّاس فَكَبِيرَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7301 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : (قَوْله : { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ } قَالَ : الْكَبَائِر : كُلّ ذَنْب خَتَمَهُ اللَّه بِنَارٍ أَوْ غَضَب , أَوْ لَعْنَة , أَوْ عَذَاب . )7302 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَام بْن حَسَّان , عَنْ مُحَمَّد بْن وَاسِع , قَالَ : قَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر : (كُلّ مُوجِبَة فِي الْقُرْآن كَبِيرَة. )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي عَنْ مُحَمَّد بْن مِهْزَم الشَّعَّاب , عَنْ مُحَمَّد بْن وَاسِع الْأَزْدِيّ , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (كُلّ ذَنْب نَسَبَهُ اللَّه إِلَى النَّار , فَهُوَ مِنْ الْكَبَائِر . )7303 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثنا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , عَنْ سَالِم أَنَّهُ سَمِعَ الْحَسَن , يَقُول : (كُلّ مُوجِبَة فِي الْقُرْآن كَبِيرَة. )7304 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : ( { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ } قَالَ : الْمُوجِبَات . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7305 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : (الْكَبَائِر : كُلّ مُوجِبَة أَوْجَبَ اللَّه لِأَهْلِهَا النَّار , وَكُلّ عَمَل يُقَام بِهِ الْحَدّ فَهُوَ مِنْ الْكَبَائِر. )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَاَلَّذِي نَقُول بِهِ فِي ذَلِكَ مَا ثَبَتَ بِهِ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَذَلِكَ 7306 - حَدَّثَنَا بِهِ أَحْمَد بْن الْوَلِيد الْقُرَشِيّ , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , قَالَ : ثني عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر , قَالَ : سَمِعْت أَنَس بْن مَالِك قَالَ : (ذَكَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَبَائِر , أَوْ سُئِلَ عَنْ الْكَبَائِر , فَقَالَ : | الشِّرْك بِاَللَّهِ , وَقَتْل النَّفْس , وَعُقُوق الْوَالِدَيْنِ | فَقَالَ : | أَلَا أُنَبِّئكُمْ بِأَكْبَر الْكَبَائِر ؟ | قَالَ : | قَوْل الزُّور | , أَوْ قَالَ : | شَهَادَة الزُّور | , قَالَ شُعْبَة : وَأَكْبَر ظَنِّي أَنَّهُ قَالَ : | شَهَادَة الزُّور . )* - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن حَبِيب بْن عَرَبِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا خَالِد بْن الْحَارِث , قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَة , قَالَ : أَخْبَرَنَا عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر , عَنْ أَنَس , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَبَائِر , قَالَ : ( الشِّرْك بِاَللَّهِ , وَعُقُوق الْوَالِدَيْنِ , وَقَتْل النَّفْس , وَقَوْل الزُّور . )* - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن كَثِير , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر , عَنْ أَنَس , قَالَ : ذَكَرُوا الْكَبَائِر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ وَعُقُوق الْوَالِدَيْنِ , وَقَتْل النَّفْس . أَلَا أُنَبِّئكُمْ بِأَكْبَر الْكَبَائِر ؟ قَوْل الزُّور . )7307 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ فِرَاس , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : ( أَكْبَر الْكَبَائِر : الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ , وَعُقُوق الْوَالِدَيْنِ , أَوْ قَتْل النَّفْس | شُعْبَة الشَّاكّ | وَالْيَمِين الْغَمُوس . )* - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا شَيْبَان , عَنْ فِرَاس , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , قَالَ : (جَاءَ أَعْرَابِيّ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : مَا الْكَبَائِر , قَالَ : | الشِّرْك بِاَللَّهِ | قَالَ : ثُمَّ مَهْ ؟ قَالَ : | وَعُقُوق الْوَالِدَيْنِ |. قَالَ : ثُمَّ مَهْ ؟ قَالَ : | وَالْيَمِين الْغَمُوس | . قُلْت لِلشَّعْبِيِّ : مَا الْيَمِين الْغَمُوس ؟ قَالَ : الَّذِي يَقْتَطِع مَال اِمْرِئٍ مُسْلِم بِيَمِينِهِ وَهُوَ فِيهَا كَاذِب . )7308 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي السَّرِيّ مُحَمَّد بْن الْمُتَوَكِّل الْعَسْقَلَانِيّ , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن سَعْد , عَنْ خَالِد بْن مَعْدَان , عَنْ أَبِي رُهْم , عَنْ أَبِي أَيُّوب الْأَنْصَارِيّ , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ أَقَامَ الصَّلَاة , وَآتَى الزَّكَاة وَصَامَ رَمَضَان , وَاجْتَنَبَ الْكَبَائِر , فَلَهُ الْجَنَّة | , قِيلَ : وَمَا الْكَبَائِر ؟ قَالَ : | الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ , وَعُقُوق الْوَالِدَيْنِ , وَالْفِرَار يَوْم الزَّحْف . )* - حَدَّثَنِي عَبَّاس بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا سَعْد بْن عَبْد الْحَمِيد , عَنْ جَعْفَر , عَنْ اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ اِبْن أَبِي الزِّنَاد , عَنْ مُوسَى بْن عُقْبَة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن سَلْمَان الْأَغَرّ , عَنْ أَبِيهِ أَبِي عَبْد اللَّه سَلْمَان الْأَغَرّ , قَالَ : قَالَ أَبُو أَيُّوب خَالِد بْن أَيُّوب الْأَنْصَارِيّ , عَقَبِيّ بَدْرِيّ , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَا مِنْ عَبْد يَعْبُد اللَّه لَا يُشْرِك بِهِ شَيْئًا , وَيُقِيم الصَّلَاة , وَيُؤْتِي الزَّكَاة , وَيَصُوم رَمَضَان وَيَجْتَنِب الْكَبَائِر , إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّة |. فَسَأَلُوهُ : مَا الْكَبَائِر ؟ قَالَ : | الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ , وَالْفِرَار مِنْ الزَّحْف , وَقَتْل النَّفْس . )7309 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا عَبَّاد بْن عَبَّاد , عَنْ جَعْفَر بْن الزُّبَيْر , عَنْ الْقَاسِم , عَنْ أَبِي أُمَامَة : (أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرُوا الْكَبَائِر , وَهُوَ مُتَّكِئ , فَقَالُوا : الشِّرْك بِاَللَّهِ , وَأَكْل مَال الْيَتِيم , وَفِرَار مِنْ الزَّحْف , وَقَذْف الْمُحْصَنَة , وَعُقُوق الْوَالِدَيْنِ , وَقَوْل الزُّور , وَالْغُلُول , وَالسِّحْر , وَأَكْل الرِّبَا . فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | فَأَيْنَ تَجْعَلُونَ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّه وَأَيْمَانهمْ ثَمَنًا قَلِيلًا | . .. إِلَى آخِر الْآيَة . )7310 - حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد الْفِرْيَابِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي مُعَاوِية , عَنْ أَبِي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : (سَأَلْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا الْكَبَائِر ؟ قَالَ : | أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَك , وَأَنْ تَقْتُل وَلَدك مِنْ أَجْل أَنْ يَأْكُل مَعَك , وَأَنْ تَزْنِيَ بِحَلِيلَةِ جَارك | . وَقَرَأَ عَلَيْنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { وَاَلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر , وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْس الَّتِي حَرَّمَ اللَّه إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ } )7311 - حَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيث عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الزُّهْرِيّ , فَقَالَ : ثنا سُفْيَان , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة النَّخَعِيّ , وَكَانَ عَلَى السِّجْن سَمِعَهُ مِنْ أَبِي عَمْرو عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود : (سَأَلْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقُلْت : أَيّ الْعَمَل شَرّ ؟ قَالَ : | أَنْ تَجْعَل لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَك , وَأَنْ تَقْتُل وَلَدك خَشْيَة أَنْ يَأْكُل مَعَك , وَأَنْ تَزْنِي بِجَارَتِك | وَقَرَأَ عَلِيّ : { وَاَلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر } )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى مَا قِيلَ فِي تَأْوِيل الْكَبَائِر بِالصِّحَّةِ , مَا صَحَّ بِهِ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُون مَا قَالَهُ غَيْره , وَإِنْ كَانَ كُلّ قَائِل فِيهَا قَوْلًا مِنْ الَّذِينَ ذَكَرْنَا أَقْوَالهمْ , قَدْ اِجْتَهَدَ وَبَالَغَ فِي نَفْسه , وَلِقَوْلِهِ فِي الصِّحَّة مَذْهَب . فَالْكَبَائِر إِذَنْ : الشِّرْك بِاَللَّهِ , وَعُقُوق الْوَالِدَيْنِ , وَقَتْل النَّفْس الْمُحَرَّم قَتْلهَا , وَقَوْل الزُّور . وَقَدْ يَدْخُل فِي قَوْل الزُّور شَهَادَة الزُّور , وَقَذْف الْمُحْصَنَة , وَالْيَمِين الْغَمُوس , وَالسِّحْر . وَيَدْخُل فِي قَتْل النَّفْس الْمُحَرَّم قَتْلهَا : قَتْل الرَّجُل وَلَده مِنْ أَجْل أَنْ يَطْعَم مَعَهُ , وَالْفِرَار مِنْ الزَّحْف , وَالزِّنَا بِحَلِيلَةِ الْجَار وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ صَحَّ كُلّ خَبَر رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَعْنَى الْكَبَائِر , وَكَانَ بَعْضه مُصَدِّقًا بَعْضًا , وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِي رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : | هِيَ سَبْع | يَكُون مَعْنَى قَوْله حِينَئِذٍ | هِيَ سَبْع | عَلَى التَّفْصِيل , وَيَكُون مَعْنَى قَوْله فِي الْخَبَر الَّذِي رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : | هِيَ الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ , وَقَتْل النَّفْس , وَعُقُوق الْوَالِدَيْنِ , وَقَوْل الزُّور | عَلَى الْإِجْمَال , إِذْ كَانَ قَوْله : | وَقَوْل الزُّور | يَحْتَمِل مَعَانِيَ شَتَّى , وَأَنْ يَجْمَع جَمِيع ذَلِكَ : قَوْل الزُّور . وَأَمَّا خَبَر اِبْن مَسْعُود الَّذِي حَدَّثَنِي بِهِ الْفِرْيَابِيّ عَلَى مَا ذَكَرْت , فَإِنَّهُ عِنْدِي غَلَط مِنْ عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد , لِأَنَّ الْأَخْبَار الْمُتَظَاهِرَة مِنْ الْأَوْجُه الصَّحِيحَة عَنْ اِبْن مَسْعُود عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ الرِّوَايَة الَّتِي رَوَاهَا الزُّهْرِيّ عَنْ اِبْن عُيَيْنَة , وَلَمْ يَقُلْ أَحَد مِنْهُمْ فِي حَدِيثه عَنْ اِبْن مَسْعُود أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الْكَبَائِر ; فَنَقْلُهُمْ مَا نَقَلُوا مِنْ ذَلِكَ عَنْ اِبْن مَسْعُود عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنْ نَقْل الْفِرْيَابِيّ . فَمَنْ اِجْتَنَبَ الْكَبَائِر الَّتِي وَعَدَ اللَّه مُجْتَنِبَهَا تَكْفِير مَا عَدَاهَا مِنْ سَيِّئَاته , وَإِدْخَاله مُدْخَلًا كَرِيمًا , وَأَدَّى فَرَائِضه الَّتِي فَرَضَهَا اللَّه عَلَيْهِ , وَجَدَ اللَّه لِمَا وَعَدَهُ مِنْ وَعْد مُنْجِزًا , وَعَلَى الْوَفَاء بِهِ دَائِبًا .|نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ|وَأَمَّا قَوْله : { نُكَفِّر عَنْكُمْ سَيِّئَاتكُمْ } فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ : نُكَفِّر عَنْكُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِاجْتِنَابِكُمْ كَبَائِر مَا يَنْهَاكُمْ عَنْهُ رَبّكُمْ صَغَائِر سَيِّئَاتكُمْ , يَعْنِي : صَغَائِر ذُنُوبكُمْ. كَمَا : 7312 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { نُكَفِّر عَنْكُمْ سَيِّئَاتكُمْ } الصَّغَائِر . )7313 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ اِبْن عَوْن , عَنْ الْحَسَن : (أَنَّ نَاسًا لَقُوا عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بِمِصْرٍ , فَقَالُوا : نَرَى أَشْيَاء مِنْ كِتَاب اللَّه أَمَرَ أَنْ يُعْمَل بِهَا , لَا يُعْمَل بِهَا , فَأَرَدْنَا أَنْ نَلْقَى أَمِير الْمُؤْمِنِينَ فِي ذَلِكَ ؟ فَقَدِمَ وَقَدِمُوا مَعَهُ , فَلَقِيَهُ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , فَقَالَ : مَتَى قَدِمْت ؟ قَالَ : مُنْذُ كَذَا وَكَذَا , قَالَ : أَبِإِذْنٍ قَدِمْت ؟ قَالَ : فَلَا أَدْرِي كَيْفَ رَدَّ عَلَيْهِ , فَقَالَ : يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ , إِنَّ نَاسًا لَقُونِي بِمِصْرٍ , فَقَالُوا : إِنَّا نَرَى أَشْيَاء مِنْ كِتَاب اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَمَرَ أَنْ يُعْمَل بِهَا وَلَا يُعْمَل بِهَا , فَأَحَبُّوا أَنْ يَلْقَوْك فِي ذَلِكَ . فَقَالَ : اجْمَعْهُمْ لِي ! قَالَ : فَجَمَعْتهُمْ لَهُ - قَالَ اِبْن عَوْن : أَظُنّهُ قَالَ فِي نَهَر - فَأَخَذَ أَدْنَاهُمْ رَجُلًا , فَقَالَ : أَنْشُدكُمْ بِاَللَّهِ وَبِحَقِّ الْإِسْلَام عَلَيْك , أَقَرَأْت الْقُرْآن كُلّه ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالَ : فَهَلْ أَحْصَيْته فِي نَفْسك ؟ قَالَ : اللَّهُمَّ لَا. قَالَ : وَلَوْ قَالَ نَعَمْ لَخَصَمَهُ . قَالَ : فَهَلْ أَحْصَيْته فِي بَصَرك ؟ هَلْ أَحْصَيْته فِي لَفْظك ؟ هَلْ أَحْصَيْته فِي أَثَرك ؟ قَالَ : ثُمَّ تَتَبَّعَهُمْ حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرهمْ , فَقَالَ : ثَكِلَتْ عُمَر أُمّه ! أَتُكَلِّفُونَهُ أَنْ يُقِيم النَّاس عَلَى كِتَاب اللَّه ؟ قَدْ عَلِمَ رَبّنَا أَنْ سَتَكُونُ لَنَا سَيِّئَات ! قَالَ : وَتَلَا : { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّر عَنْكُمْ سَيِّئَاتكُمْ وَنُدْخِلكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا } هَلْ عَلِمَ أَهْل الْمَدِينَة ؟ أَوْ قَالَ : هَلْ عَلِمَ أَحَد بِمَا قَدِمْتُمْ ؟ قَالُوا : لَا , قَالَ : لَوْ عَلِمُوا لَوَعَظْت بِكُمْ . )7314 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا زِيَاد بْن مِخْرَاق , عَنْ مُعَاوِيَة بْن قُرَّة قَالَ : أَتَيْنَا أَنَس بْن مَالِك , فَكَانَ فِيمَا حَدَّثَنَا قَالَ : (لَمْ نَرَ مِثْل الَّذِي بَلَغَنَا عَنْ رَبّنَا , ثُمَّ لَمْ نُخْرِج لَهُ عَنْ كُلّ أَهْل وَمَال . ثُمَّ سَكَتَ هُنَيْهَة , ثُمَّ قَالَ : وَاَللَّه لَقَدْ كَلَّفَنَا رَبّنَا أَهْوَن مِنْ ذَلِكَ , لَقَدْ تَجَاوَزَ لَنَا عَمَّا دُون الْكَبَائِر , فَمَا لَنَا وَلَهَا ؟ ثُمَّ تَلَا : { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ } ... الْآيَة . )7315 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ } . .. الْآيَة , إِنَّمَا وَعَدَ اللَّه الْمَغْفِرَة لِمَنْ اِجْتَنَبَ الْكَبَائِر , )وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : ( اِجْتَنِبُوا الْكَبَائِر , وَسَدِّدُوا , وَأَبْشِرُوا | )7316 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ رَجُل , عَنْ اِبْن مَسْعُود قَالَ : (فِي خَمْس آيَات مِنْ سُورَة النِّسَاء لَهُنَّ أَحَبّ إِلَيَّ مِنْ الدُّنْيَا جَمِيعًا : { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّر عَنْكُمْ سَيِّئَاتكُمْ } وَقَوْله : { إِنَّ اللَّه لَا يَظْلِم مِثْقَال ذَرَّة وَإِنْ تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا } [4 40 ]وَقَوْله : { إِنَّ اللَّه لَا يَغْفِر أَنْ يُشْرَك بِهِ وَيَغْفِر مَا دُون ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء } [4 48 ]وَقَوْله : { وَمَنْ يَعْمَل سُوءًا أَوْ يَظْلِم نَفْسه ثُمَّ يَسْتَغْفِر اللَّه يَجِد اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا } [4 110 ]وَقَوْله : { وَاَلَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَرُسُله وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْن أَحَد مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورهمْ وَكَانَ اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا } [4 152 ])7317 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني أَبُو النَّضْر , عَنْ صَالِح الْمُرِّيّ , عَنْ قَتَادَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (ثَمَان آيَات نَزَلَتْ فِي سُورَة النِّسَاء , هِيَ خَيْر لِهَذِهِ الْأُمَّة مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْس وَغَرَبَتْ , أُولَاهُنَّ : { يُرِيد اللَّه لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَن الَّذِينَ مِنْ قَبْلكُمْ وَيَتُوب عَلَيْكُمْ وَاَللَّه عَلِيم حَكِيم } [4 26 ]وَالثَّانِيَة : { وَاَللَّه يُرِيد أَنْ يَتُوب عَلَيْكُمْ وَيُرِيد الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَات أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا } [4 27 ]وَالثَّالِثَة : { يُرِيد اللَّه أَنْ يُخَفِّف عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَان ضَعِيفًا } [4 28 ]ثُمَّ ذَكَرَ مِثْل قَوْل اِبْن مَسْعُود سَوَاء , وَزَادَ فِيهِ : ثُمَّ أَقْبَلَ يُفَسِّرهَا فِي آخِر الْآيَة : { وَكَانَ اللَّه } لِلَّذِينَ عَمِلُوا الذُّنُوب { غَفُورًا رَحِيمًا } )|وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا|وَأَمَّا قَوْله : { وَنُدْخِلكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا } فَإِنَّ الْقُرَّاء اِخْتَلَفَتْ فِي قِرَاءَته , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ : | وَنُدْخِلكُمْ مَدْخَلًا كَرِيمًا | بِفَتْحِ الْمِيم , وَكَذَلِكَ الَّذِي فِي الْحَجّ : { لَيُدْخِلَنَّهُمْ مَدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ } [22 59 ]فَمَعْنَى : | وَنُدْخِلكُمْ مَدْخَلًا | فَيَدْخُلُونَ دُخُولًا كَرِيمًا . وَقَدْ يَحْتَمِل عَلَى مَذْهَب مَنْ قَرَأَ هَذِهِ الْقِرَاءَة أَنْ يَكُون الْمَعْنَى فِي الْمَدْخَل : الْمَكَان وَالْمَوْضِع , لِأَنَّ الْعَرَب رُبَّمَا فَتَحَتْ الْمِيم مِنْ ذَلِكَ بِهَذَا الْمَعْنَى , كَمَا قَالَ الرَّاجِز : <br>بِمَصْبَحِ الْحَمْد وَحَيْثُ يُمْسِي <br>وَقَدْ أَنْشَدَنِي بَعْضهمْ سَمَاعًا مِنْ الْعَرَب : <br>الْحَمْد لِلَّهِ مَمْسَانَا وَمَصْبَحنَا .......... بِالْخَيْرِ صَبَّحَنَا رَبِّي وَمَسَّانَا <br>وَأَنْشَدَنِي آخَر غَيْره : <br>الْحَمْد لِلَّهِ مُمْسَانَا وَمُصْبَحنَا <br>لِأَنَّهُ مِنْ أَصْبَحَ وَأَمْسَى . وَكَذَلِكَ تَفْعَل الْعَرَب فِيمَا كَانَ مِنْ الْفِعْل بِنَاؤُهُ عَلَى أَرْبَعَة تُضَمّ مِيمه فِي مِثْل هَذَا , فَتَقُول : دَحْرَجْته مُدَحْرَجًا فَهُوَ مُدَحْرَج , ثُمَّ تَحْمِل مَا جَاءَ عَلَى أَفْعَل يُفْعِل عَلَى ذَلِكَ , لِأَنَّ يُفْعِل مِنْ يُدْخِل , وَإِنْ كَانَ عَلَى أَرْبَعَة , فَإِنَّ أَصْله أَنْ يَكُون عَلَى يُؤَفْعِل : يُؤَدْخِل , وَيُؤَخْرِج , فَهُوَ نَظِير يُدَحْرِج . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ : { مُدْخَلًا } بِضَمِّ الْمِيم , يَعْنِي : وَنُدْخِلكُمْ إِدْخَالًا كَرِيمًا . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ : { وَنُدْخِلكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا } بِضَمِّ الْمِيم لِمَا وَصَفْنَا مِنْ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ الْفِعْل بِنَاؤُهُ عَلَى أَرْبَعَة فِي فِعْل فَالْمَصْدَر مِنْهُ مُفْعَل , وَأَنَّ أَدْخَلَ وَدَحْرَجَ فِعْل مِنْهُ عَلَى أَرْبَعَة , فَالْمُدْخَل مَصْدَره أَوْلَى مِنْ مَفْعَل مَعَ أَنَّ ذَلِكَ أَفْصَح فِي كَلَام الْعَرَب فِي مَصَادِر مَا جَاءَ عَلَى أَفْعَلَ , كَمَا يُقَال : أَقَامَ بِمَكَانٍ فَطَابَ لَهُ الْمُقَام , إِذَا أُرِيدَ بِهِ الْإِقَامَة , وَقَامَ فِي مَوْضِعه فَهُوَ فِي مُقَام وَاسِع , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَام أَمِين } [44 51 ]مِنْ قَامَ يَقُوم , وَلَوْ أُرِيدَ بِهِ الْإِقَامَة لَقُرِئَ : | إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مُقَام أَمِين | كَمَا قُرِئَ : { وَقُلْ رَبّ أَدْخِلْنِي مُدْخَل صِدْق وَأَخْرِجْنِي مُخْرَج صِدْق } [17 80 ]بِمَعْنَى الْإِدْخَال وَالْإِخْرَاج , وَلَمْ يَبْلُغنَا عَنْ أَحَد أَنَّهُ قَرَأَ : مَدْخَل صِدْق , وَلَا مَخْرَج صِدْق , بِفَتْحِ الْمِيم . وَأَمَّا الْمُدْخَل الْكَرِيم : فَهُوَ الطَّيِّب الْحَسَن , الْمُكَرَّم بِنَفْيِ الْآفَات وَالْعَاهَات عَنْهُ , وَبِارْتِفَاعِ الْهُمُوم وَالْأَحْزَان وَدُخُول الْكَدَر فِي عَيْش مَنْ دَخَلَهُ , فَلِذَلِكَ سَمَّاهُ اللَّه كَرِيمًا . كَمَا : 7318 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَنُدْخِلكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا } قَالَ : الْكَرِيم : هُوَ الْحَسَن فِي الْجَنَّة . ).

وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّه بِهِ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَلَا تَشْتَهُوا مَا فَضَّلَ اللَّه بِهِ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض. وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ نَزَلَ فِي نِسَاء تَمَنَّيْنَ مَنَازِل الرِّجَال , وَأَنْ يَكُون لَهُمْ مَا لَهُمْ , فَنَهَى اللَّه عِبَاده عَنْ الْأَمَانِيّ الْبَاطِلَة , وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْأَلُوهُ مِنْ فَضْله , إِذْ كَانَتْ الْأَمَانِيّ تُورِث أَهْلهَا الْحَسَد وَالْبَغْي بِغَيْرِ الْحَقّ . ذِكْر الْأَخْبَار بِمَا ذَكَرْنَا : 7319 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمِّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : قَالَتْ أُمّ سَلَمَة : (يَا رَسُول اللَّه لَا نُعْطِي الْمِيرَاث , وَلَا نَغْزُو فِي سَبِيل اللَّه فَنُقْتَل ؟ فَنَزَلَتْ : { وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّه بِهِ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض } )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا مُعَاوِيَة بْن هِشَام , عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِيّ , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : قَالَتْ أُمّ سَلَمَة : (يَا رَسُول اللَّه : تَغْزُو الرِّجَال وَلَا نَغْزُو , وَإِنَّمَا لَنَا نِصْف الْمِيرَاث ؟ فَنَزَلَتْ : { وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّه بِهِ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبْنَ } وَنَزَلَتْ : { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَات } )7320 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّه بِهِ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض } يَقُول : لَا يَتَمَنَّى الرَّجُل يَقُول : لَيْتَ أَنَّ لِي مَال فُلَان وَأَهْله , فَنَهَى اللَّه سُبْحَانه عَنْ ذَلِكَ , وَلَكِنْ لِيَسْأَل اللَّه مِنْ فَضْله . )7321 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّه بِهِ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض } قَالَ : قَوْل النِّسَاء : لَيْتَنَا رِجَال فَنَغْزُو , وَنَبْلُغ مَا يَبْلُغ الرِّجَال . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّه بِهِ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض } قَوْل النِّسَاء يَتَمَنَّيْنَ : لَيْتَنَا رِجَال فَنَغْزُو ; ثُمَّ ذَكَرَ مِثْل حَدِيث مُحَمَّد بْن عَمْرو . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : قَالَتْ أُمّ سَلَمَة : (أَيْ رَسُول اللَّه أَتَغْزُو الرِّجَال وَلَا نَغْزُو , وَإِنَّمَا لَنَا نِصْف الْمِيرَاث ؟ فَنَزَلَتْ { وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّه } [33 35 ])7322 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ شَيْخ مِنْ أَهْل مَكَّة , قَوْله : ( { وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّه بِهِ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض } قَالَ : كَانَ النِّسَاء يَقُلْنَ : لَيْتَنَا رِجَال فَنُجَاهِد كَمَا يُجَاهِد الرِّجَال , وَنَغْزُو فِي سَبِيل اللَّه ! فَقَالَ اللَّه : { وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّه بِهِ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض } )7323 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : (تَتَمَنَّى مَال فُلَان وَمَال فُلَان , وَمَا يُدْرِيك لَعَلَّ هَلَاكه فِي ذَلِكَ الْمَال . )7324 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عِكْرِمَة وَمُجَاهِد أَنَّهُمَا قَالَا : (نَزَلَتْ فِي أُمّ سَلَمَة اِبْنَة أَبِي أُمَيَّة بْن الْمُغِيرَة . )7325 - وَبِهِ قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء , قَالَ : (هُوَ الْإِنْسَان يَقُول : وَدِدْت أَنَّ لِي مَال فُلَان ! قَالَ : وَاسْأَلُوا اللَّه مِنْ فَضْله , وَقَوْل النِّسَاء : لَيْتَنَا رِجَال فَنَغْزُو , وَنَبْلُغ مَا يَبْلُغ الرِّجَال . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : لَا يَتَمَنَّ بَعْضكُمْ مَا خَصَّ اللَّه بَعْضًا مِنْ مَنَازِل الْفَضْل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7326 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَوْله : ( { وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّه بِهِ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض } فَإِنَّ الرِّجَال قَالُوا : نُرِيد أَنْ يَكُون لَنَا مِنْ الْأَجْر الضِّعْف عَلَى أَجْر النِّسَاء , كَمَا لَنَا فِي السِّهَام سَهْمَانِ , فَنُرِيد أَنْ يَكُون لَنَا فِي الْأَجْر أَجْرَانِ , وَقَالَتْ النِّسَاء : نُرِيد أَنْ يَكُون لَنَا أَجْر مِثْل الرِّجَال , فَإِنَّا لَا نَسْتَطِيع أَنْ نُقَاتِل , وَلَوْ كُتِبَ عَلَيْنَا الْقِتَال لَقَاتَلْنَا . فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى الْآيَة , وَقَالَ لَهُمْ : سَلُوا اللَّه مِنْ فَضْله , يَرْزُقكُمْ الْأَعْمَال , وَهُوَ خَيْر لَكُمْ . )7327 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَيُّوب , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : (نُهِيتُمْ عَنْ الْأَمَانِيّ , وَدُلِلْتُمْ عَلَى مَا هُوَ خَيْر مِنْهُ , وَاسْأَلُوا اللَّه مِنْ فَضْله . )7328 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَارِم , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن زَيْد , عَنْ أَيُّوب , قَالَ : (كَانَ مُحَمَّد إِذَا سَمِعَ الرَّجُل يَتَمَنَّى فِي الدُّنْيَا , قَالَ : قَدْ نَهَاكُمْ اللَّه عَنْ هَذَا , { وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّه بِهِ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض } وَدَلَّكُمْ عَلَى خَيْر مِنْهُ , وَاسْأَلُوا اللَّه مِنْ فَضْله . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : فَتَأْوِيل الْكَلَام عَلَى هَذَا التَّأْوِيل : وَلَا تَتَمَنَّوْا أَيّهَا الرِّجَال وَالنِّسَاء الَّذِي فَضَّلَ اللَّه بِهِ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض مِنْ مَنَازِل الْفَضْل , وَدَرَجَات الْخَيْر وَلْيَرْضَ أَحَدكُمْ بِمَا قَسَمَ اللَّه لَهُ مِنْ نَصِيب , وَلَكِنْ سَلُوا اللَّه مِنْ فَضْله .|لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبْنَ } </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبُوا مِنْ الثَّوَاب عَلَى الطَّاعَة وَالْعِقَاب عَلَى الْمَعْصِيَة , وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِنْ ذَلِكَ مِثْل ذَلِكَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7329 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّه بِهِ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبْنَ } كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة لَا يُوَرِّثُونَ الْمَرْأَة شَيْئًا وَلَا الصَّبِيّ شَيْئًا , وَإِنَّمَا يَحْمِلُونَ الْمِيرَاث لِمَنْ يَحْتَرِف وَيَنْفَع وَيَدْفَع , فَلَمَّا لَحِقَ لِلْمَرْأَةِ نَصِيبهَا وَلِلصَّبِيِّ نَصِيبه , وَحُمِلَ لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ , قَالَ النِّسَاء : لَوْ كَانَ جَعَلَ أَنْصِبَاءَنَا فِي الْمِيرَاث كَأَنْصِبَاءِ الرِّجَال ! وَقَالَ الرِّجَال : إِنَّا لَنَرْجُو أَنْ نَفْضُل عَلَى النِّسَاء بِحَسَنَاتِنَا فِي الْآخِرَة , كَمَا فُضِّلْنَا عَلَيْهِنَّ فِي الْمِيرَاث ! فَأَنْزَلَ اللَّه : { لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبْنَ } يَقُول : الْمَرْأَة تُجْزَى بِحَسَنَتِهَا عَشْر أَمْثَالهَا كَمَا يُجْزَى الرَّجُل , قَالَ اللَّه تَعَالَى : { وَاسْأَلُوا اللَّه مِنْ فَضْله } )7330 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حَمَّاد , قَالَ : ثني أَبُو لَيْلَى , قَالَ : سَمِعْت أَبَا جَرِير يَقُول : (لَمَّا نَزَلَ : { لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ } قَالَتْ النِّسَاء : كَذَلِكَ عَلَيْهِمْ نَصِيبَانِ مِنْ الذُّنُوب , كَمَا لَهُمْ نَصِيبَانِ مِنْ الْمِيرَاث ! فَأَنْزَلَ اللَّه : { لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبْنَ } يَعْنِي الذُّنُوب , وَاسْأَلُوا اللَّه يَا مَعْشَر النِّسَاء مِنْ فَضْله . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبُوا مِنْ مِيرَاث مَوْتَاهُمْ , وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِنْهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7331 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبْنَ } يَعْنِي : مَا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ , يَقُول : { لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ } )7332 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ عِكْرِمَة أَوْ غَيْره , فِي قَوْله : ( { لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبْنَ } قَالَ : فِي الْمِيرَاث كَانُوا لَا يُوَرِّثُونَ النِّسَاء . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِتَأْوِيلِ الْآيَة قَوْل مَنْ قَالَ مَعْنَاهُ : لِلرِّجَالِ نَصِيب مِنْ ثَوَاب اللَّه وَعِقَابه مِمَّا اكْتَسَبُوا , فَعَمِلُوهُ مِنْ خَيْر أَوْ شَرّ , وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبْنَ مِنْ ذَلِكَ كَمَا لِلرِّجَالِ . وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ ذَلِكَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَة مِنْ قَوْل مَنْ قَالَ تَأْوِيله : لِلرِّجَالِ نَصِيب مِنْ الْمِيرَاث , وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِنْهُ , لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَخْبَرَ أَنَّ لِكُلِّ فَرِيق مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء نَصِيبًا مِمَّا اِكْتَسَبَ , وَلَيْسَ الْمِيرَاث مِمَّا اِكْتَسَبَهُ الْوَارِث , وَإِنَّمَا هُوَ مَال أَوْرَثَهُ اللَّه عَنْ مَيِّته بِغَيْرِ اِكْتِسَاب , وَإِنَّمَا الْكَسْب الْعَمَل , وَالْمُكْتَسِب : الْمُحْتَرِف , فَغَيْر جَائِز أَنْ يَكُون مَعْنَى الْآيَة , وَقَدْ قَالَ اللَّه : { لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبْنَ } لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا وَرِثُوا , وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا وَرِثْنَ ; لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَقِيلَ : لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا لَمْ يَكْتَسِبُوا , وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا لَمْ يَكْتَسِبْنَ .|وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاسْأَلُوا اللَّه مِنْ فَضْله } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَاسْأَلُوا اللَّه مِنْ عَوْنه وَتَوْفِيقه لِلْعَمَلِ بِمَا يُرْضِيه عَنْكُمْ مِنْ طَاعَته , فَفَضْله فِي هَذَا الْمَوْضِع : تَوْفِيقه وَمَعُونَته . كَمَا : 7333 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مُسْلِم الرَّازِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو جَعْفَر النُّفَيْلِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن يَمَان , عَنْ أَشْعَث , عَنْ سَعِيد : ( { وَاسْأَلُوا اللَّه مِنْ فَضْله } قَالَ : الْعِبَادَة لَيْسَتْ مِنْ أَمْر الدُّنْيَا . )7334 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مُسْلِم , قَالَ : ثني أَبُو جَعْفَر , قَالَ : ثنا مُوسَى , عَنْ لَيْث , قَالَ : (فَضْله الْعِبَادَة لَيْسَ مِنْ أَمْر الدُّنْيَا . )7335 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا هِشَام , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { وَاسْأَلُوا اللَّه مِنْ فَضْله } قَالَ : لَيْسَ بِعَرَضِ الدُّنْيَا . )7336 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَأَسْأَلُوا اللَّه مِنْ فَضْله } يَرْزُقكُمْ الْأَعْمَال , وَهُوَ خَيْر لَكُمْ . )7337 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ حَكِيم بْن جُبَيْر , عَنْ رَجُل لَمْ يُسَمِّهِ , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( سَلُوا اللَّه مِنْ فَضْله فَإِنَّهُ يُحِبّ أَنْ يُسْأَل , وَإِنَّ مِنْ أَفْضَل الْعِبَادَة اِنْتِظَار الْفَرَج | .)|إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه كَانَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيمًا } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِنَّ اللَّه كَانَ بِمَا يُصْلِح عِبَاده فِيمَا قَسَمَ لَهُمْ مِنْ خَيْر , وَرَفَعَ بَعْضهمْ فَوْق بَعْض فِي الدِّين وَالدُّنْيَا , وَبِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ قَضَائِهِ وَأَحْكَامه فِيهِمْ { عَلِيمًا } يَقُول : ذَا عِلْم , وَلَا تَتَمَنَّوْا غَيْر الَّذِي قَضَى لَكُمْ , وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِطَاعَتِهِ وَالتَّسْلِيم لِأَمْرِهِ , وَالرِّضَا بِقَضَائِهِ وَمَسْأَلَته مِنْ فَضْله.

وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآَتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ } وَلِكُلِّكُمْ أَيّهَا النَّاس جَعَلْنَا مَوَالِيَ , يَقُول : وَرَثَة مِنْ بَنِي عَمّه وَإِخْوَته وَسَائِر عَصَبَته غَيْرهمْ. وَالْعَرَب تُسَمِّي اِبْن الْعَمّ الْمَوْلَى , وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : <br>وَمَوْلًى رَمَيْنَا حَوْله وَهْوَ مُدْغِل .......... بِأَعْرَاضِنَا وَالْمُنْدِيَات سُرُوع <br>يَعْنِي بِذَلِكَ : وَابْن عَمّ رَمَيْنَا حَوْله. وَمِنْهُ قَوْل الْفَضْل بْن الْعَبَّاس : <br>مَهْلًا بَنِي عَمّنَا مَهْلًا مَوَالِينَا .......... لَا تُظْهِرَنَّ لَنَا مَا كَانَ مَدْفُونَا <br>وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7338 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , قَالَ : ثنا إِدْرِيس , قَالَ : ثنا طَلْحَة بْن مُصَرِّف . عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِي } قَالَ : وَرَثَة . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة . عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِي مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ } قَالَ : الْمَوَالِي : الْعَصَبَة , يَعْنِي : الْوَرَثَة . )7339 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمِّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِي } قَالَ : الْمَوَالِي : الْعَصَبَة . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ مَنْصُور . عَنْ مُجَاهِد قَوْله : ( { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِي } قَالَ : هُمْ الْأَوْلِيَاء . )7340 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِي } يَقُول : عَصَبَة . )7341 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ } قَالَ : الْمَوَالِي : أَوْلِيَاء الْأَب [ أَوْ ] الْأَخ أَوْ اِبْن الْأَخ أَوْ غَيْرهمَا مِنْ الْعَصَبَة. )7342 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَهُ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ } أَمَّا مَوَالِي : فَهُمْ أَهْل الْمِيرَاث . )7343 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِي } قَالَ : الْمَوَالِي : الْعَصَبَة هُمْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة الْمَوَالِي , فَلَمَّا دَخَلَتْ الْعَجَم عَلَى الْعَرَب لَمْ يَجِدُوا لَهُمْ اِسْمًا , فَقَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانكُمْ فِي الدِّين وَمَوَالِيكُمْ } [33 5 ]فَسُمُّوا الْمَوَالِيَ. قَالَ : وَالْمَوْلَى الْيَوْم مَوْلَيَانِ : مَوْلًى يَرِث وَيُورَث فَهَؤُلَاءِ ذَوُو الْأَرْحَام , وَمَوْلًى يُورَث وَلَا يَرِث فَهَؤُلَاءِ الْعَتَاقَة ; وَقَالَ : أَلَا تَرَوْنَ قَوْل زَكَرِيَّاء : { وَإِنِّي خِفْت الْمَوَالِي مِنْ وَرَائِي } ؟ [19 5 ]فَالْمَوَالِي هَهُنَا : الْوَرَثَة وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ } مِمَّا تَرَكَهُ وَالِده وَأَقْرِبَاؤُهُ مِنْ الْمِيرَاث . )فَتَأْوِيل الْكَلَام : وَلِكُلِّكُمْ أَيّهَا النَّاس جَعَلْنَا عَصَبَة يَرِثُونَ بِهِ مِمَّا تَرَكَ وَالِده وَأَقْرِبَاؤُهُ مِنْ مِيرَاثهمْ .|وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ } </subtitle>اِخْتَلَفَتْ الْقِرَاءَة فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَهُ بَعْضهمْ : { وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ } بِمَعْنَى : وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ الْحِلْف بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ , وَهِيَ قِرَاءَة عَامَّة قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ . وَقَرَأَ ذَلِكَ آخَرُونَ : | وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ | بِمَعْنَى : وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ وَأَيْمَانهمْ الْحِلْف بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَاَلَّذِي نَقُول بِهِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قِرَاءَة أَمْصَار الْمُسْلِمِينَ بِمَعْنًى وَاحِد وَفِي دَلَالَة قَوْله : { أَيْمَانكُمْ } عَلَى أَنَّهَا أَيْمَان الْعَاقِدِينَ وَالْمَعْقُود عَلَيْهِمْ الْحِلْف , مُسْتَغْنًى عَنْ الدَّلَالَة عَلَى ذَلِكَ بِقِرَاءَةِ قَوْله | عَقَدَتْ | , | عَاقَدَتْ | , وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ | عَاقَدَتْ | , قَالُوا : لَا يَكُون عَقْد الْحِلْف إِلَّا مِنْ فَرِيقَيْنِ , وَلَا بُدّ لَنَا مِنْ دَلَالَة فِي الْكَلَام عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَأَغْفَلُوا مَوْضِع دَلَالَة قَوْله : | أَيْمَانكُمْ | , عَلَى أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : أَيْمَانكُمْ وَأَيْمَان الْمَعْقُود عَلَيْهِمْ , وَأَنَّ الْعَقْد إِنَّمَا هُوَ صِفَة لِلْأَيْمَانِ دُون الْعَاقِدِينَ الْحِلْف , حَتَّى زَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّ ذَلِكَ إِذَا قُرِئَ : { عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ } فَالْكَلَام مُحْتَاج إِلَى ضَمِير صِلَة فِي الْكَلَام حَتَّى يَكُون الْكَلَام مَعْنَاهُ : وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ لَهُمْ أَيْمَانكُمْ ذَهَابًا مِنْهُ عَنْ الْوَجْه الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ مِنْ أَنَّ الْأَيْمَان مَعْنِيّ بِهَا أَيْمَان الْفَرِيقَيْنِ وَأَمَّا وَعَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ | , فَإِنَّهُ فِي تَأْوِيل : عَاقَدَتْ أَيْمَان هَؤُلَاءِ أَيْمَان هَؤُلَاءِ الْحِلْف , فَهُمَا مُتَقَارِبَانِ فِي الْمَعْنَى , وَإِنْ كَانَتْ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ : { عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ } بِغَيْرِ أَلِف , أَصَحّ مَعْنًى مِنْ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ : | عَاقَدَتْ | لِلَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ الدَّلَالَة عَلَى الْمَعْنِيّ فِي صِفَة الْأَيْمَان بِالْعَقْدِ عَلَى أَنَّهَا أَيْمَان الْفَرِيقَيْنِ مِنْ الدَّلَالَة عَلَى ذَلِكَ بِغَيْرِهِ . وَأَمَّا مَعْنَى قَوْله : { عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ } فَإِنَّهُ وَصَّلَتْ وَشَدَّتْ وَوَكَّدَتْ أَيْمَانكُمْ , يَعْنِي : مَوَاثِيقكُمْ الَّتِي وَاثَقَ بَعْضهمْ بَعْضًا , فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ . ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى النَّصِيب الَّذِي أَمَرَ اللَّه أَهْل الْحِلْف أَنْ يُؤْتِي بَعْضهمْ بَعْضًا فِي الْإِسْلَام , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ نَصِيبه مِنْ الْمِيرَاث لِأَنَّهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّة كَانُوا يَتَوَارَثُونَ , فَأَوْجَبَ اللَّه فِي الْإِسْلَام مِنْ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ بِذَلِكَ الْحِلْف , وَبِمِثْلِهِ فِي الْإِسْلَام مِنْ التَّوَارُث مِثْل الَّذِي كَانَ لَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّة , ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِمَا فُرِضَ مِنْ الْفَرَائِض لِذَوِي الْأَرْحَام وَالْقَرَابَات . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7344 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , عَنْ الْحَسَن بْن وَاقِد , عَنْ يَزِيد النَّحْوِيّ , عَنْ عِكْرِمَة وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ , فِي قَوْله : ( وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ إِنَّ اللَّه كَانَ عَلَى كُلّ شَيْء شَهِيدًا | قَالَ : كَانَ الرَّجُل يُحَالِف الرَّجُل , لَيْسَ بَيْنهمَا نَسَب , فَيَرِث أَحَدهمَا الْآخَر , فَنَسَخَ اللَّه ذَلِكَ فِي الْأَنْفَال , فَقَالَ : { وَأُولُو الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه } [8 75 ])7345 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْل اللَّه : ( وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ | قَالَ : كَانَ الرَّجُل يُعَاقِد الرَّجُل فَيَرِثهُ , وَعَاقَدَ أَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مَوْلًى فَوَرِثَهُ . )7346 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ | فَكَانَ الرَّجُل يُعَاقِد الرَّجُل أَيّهمَا مَاتَ وَرِثَهُ الْآخَر , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَأُولُو الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا } [33 6 ]يَقُول : إِلَّا أَنْ يُوصُوا لِأَوْلِيَائِهِمْ الَّذِينَ عَاقَدُوا وَصِيَّة فَهُوَ لَهُمْ جَائِز مِنْ ثُلُث مَال الْمَيِّت , وَذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوف . )7347 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ إِنَّ اللَّه كَانَ عَلَى كُلّ شَيْء شَهِيدًا | كَانَ الرَّجُل يُعَاقِد الرَّجُل فِي الْجَاهِلِيَّة , فَيَقُول : دَمِي دَمك , وَهَدْمِي هَدْمك , وَتَرِثنِي وَأَرِثك , وَتُطْلَب بِي وَأُطْلَب بِك . فَجَعَلَ لَهُ السُّدُس مِنْ جَمِيع الْمَال فِي الْإِسْلَام , ثُمَّ يَقْسِم أَهْل الْمِيرَات مِيرَاثهمْ , فَنُسِخَ ذَلِكَ بَعْد فِي سُورَة الْأَنْفَال , فَقَالَ اللَّه : { وَأُولُو الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه } )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ | قَالَ : كَانَ الرَّجُل فِي الْجَاهِلِيَّة يُعَاقِد الرَّجُل فَيَقُول : دَمِي دَمك , وَتَرِثنِي وَأَرِثك , وَتَطْلُب بِي وَأَطْلُب بِك ; فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام , بَقِيَ مِنْهُمْ نَاس , فَأُمِرُوا أَنْ يُؤْتُوهُمْ نَصِيبهمْ مِنْ الْمِيرَاث وَهُوَ السُّدُس , ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِالْمِيرَاثِ , فَقَالَ : { وَأُولُو الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ } [8 75 ])* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحَجَّاج بْن الْمِنْهَال , قَالَ : ثنا هَمَّام بْن يَحْيَى , قَالَ : سَمِعْت قَتَادَة يَقُول فِي قَوْله : ( وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ | وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُل كَانَ يُعَاقِد الرَّجُل فِي الْجَاهِلِيَّة , فَيَقُول : هَدْمِي هَدْمك , وَدَمِي دَمك , وَتَرِثنِي وَأَرِثك , وَتُطْلَب بِي وَأُطْلَب بِك . فَجَعَلَ لَهُ السُّدُس مِنْ جَمِيع الْمَال , ثُمَّ يَقْتَسِم أَهْل الْمِيرَاث مِيرَاثهمْ , فَنُسِخَ ذَلِكَ بَعْد فِي الْأَنْفَال , فَقَالَ : { وَأُولُو الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه } فَصَارَتْ الْمَوَارِيث لِذَوِي الْأَرْحَام . )7348 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ جَابِر , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : (هَذَا حِلْف كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة , كَانَ الرَّجُل يَقُول لِلرَّجُلِ : تَرِثنِي وَأَرِثك , وَتَنْصُرنِي وَأَنْصُرك , وَتَعْقِل عَنِّي وَأَعْقِل عَنْك . )7349 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ | كَانَ الرَّجُل يَتْبَع الرَّجُل فَيُعَاقِدهُ : إِنْ مُتّ فَلَك مِثْل مَا يَرِث بَعْض وَلَدِي وَهَذَا مَنْسُوخ . )7350 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : ( وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِي مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ | فَإِنَّ الرَّجُل فِي الْجَاهِلِيَّة قَدْ كَانَ يَلْحَق بِهِ الرَّجُل , فَيَكُون تَابِعه , فَإِذَا مَاتَ الرَّجُل صَارَ لِأَهْلِهِ وَأَقَارِبه الْمِيرَاث , وَبَقِيَ تَابِعه لَيْسَ لَهُ شَيْء , فَأَنْزَلَ اللَّه : | وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ | فَكَانَ يُعْطَى مِنْ مِيرَاثه , فَأَنْزَلَ اللَّه بَعْد ذَلِكَ : { وَأُولُو الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه } [8 75 ])وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي الَّذِينَ آخَى بَيْنهمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار , فَكَانَ بَعْضهمْ يَرِث بَعْضًا بِتِلْكَ الْمُؤَاخَاة ثُمَّ نَسَخَ اللَّه ذَلِكَ بِالْفَرَائِضِ , وَبِقَوْلِهِ : { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِي مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ } ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7351 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , قَالَ : ثنا إِدْرِيس بْن يَزِيد , قَالَ : ثنا طَلْحَة بْن مُصَرِّف , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ | قَالَ : كَانَ الْمُهَاجِرُونَ حِين قَدِمُوا الْمَدِينَة يَرِث الْمُهَاجِرِيّ الْأَنْصَارِيّ دُون ذَوِي رَحِمه , لِلْأُخُوَّةِ الَّتِي آخَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنهمْ , فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِي } نُسِخَتْ. )7352 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ | الَّذِينَ عَقَدَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , { فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ } إِذَا لَمْ يَأْتِ رَحِم يَحُول بَيْنهمْ , قَالَ : وَهُوَ لَا يَكُون الْيَوْم , إِنَّمَا كَانَ فِي نَفَر آخَى بَيْنهمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَانْقَطَعَ ذَلِكَ , وَلَا يَكُون هَذَا لِأَحَدٍ إِلَّا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كَانَ آخَى بَيْن الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار وَالْيَوْم لَا يُؤَاخَى بَيْن أَحَد . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي أَهْل الْعَقْد بِالْحِلْفِ , وَلَكِنَّهُمْ أُمِرُوا أَنْ يُؤْتِي بَعْضهمْ بَعْضًا أَنْصِبَاءَهُمْ مِنْ النُّصْرَة وَالنَّصِيحَة وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ دُون الْمِيرَاث . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7353 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , قَالَ : ثنا إِدْرِيس الْأَوْدِيّ , قَالَ : ثنا طَلْحَة بْن مُصَرِّف , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ } مِنْ النَّصْر وَالنَّصِيحَة وَالرِّفَادَة , وَيُوصِي لَهُمْ , وَقَدْ ذَهَبَ الْمِيرَاث . )7354 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : كَانَ حِلْف فِي الْجَاهِلِيَّة , فَأُمِرُوا فِي الْإِسْلَام أَنْ يُعْطُوهُمْ نَصِيبهمْ مِنْ الْعَقْل وَالنُّصْرَة وَالْمَشُورَة , وَلَا مِيرَاث . )* - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : ( وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ | مِنْ الْعَوْن وَالنَّصْر وَالْحِلْف . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : ( وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ | قَالَ : كَانَ هَذَا حِلْفًا فِي الْجَاهِلِيَّة , فَلَمَّا كَانَ الْإِسْلَام أُمِرُوا أَنْ يُؤْتُوهُمْ نَصِيبهمْ مِنْ النَّصْر وَالْوَلَاء وَالْمَشُورَة , وَلَا مِيرَاث . )7355 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى بْن أَبِي زَائِدَة , قَالَ : ثنا حَجَّاج , قَالَ : اِبْن جُرَيْج : ( وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ | أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه بْن كَثِير أَنَّهُ سَمِعَ مُجَاهِدًا يَقُول : هُوَ الْحِلْف عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ , قَالَ : وَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ , قَالَ : النَّصْر . )7356 - حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى , قَالَ : ثنا حَجَّاج , قَالَ اِبْن جُرَيْج. أَخْبَرَنِي عَطَاء , قَالَ : (هُوَ الْحِلْف , قَالَ : { فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ } قَالَ : الْعَقْل وَالنَّصْر . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : ( وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ | قَالَ : لَهُمْ نَصِيبهمْ مِنْ النَّصْر وَالرِّفَادَة وَالْعَقْل . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , نَحْوه. 7357 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد : ( وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ | قَالَ : هُمْ الْحُلَفَاء. )7358 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا عَبَّاد بْن الْعَوَّام , عَنْ خُصَيْف , عَنْ عِكْرِمَة , مِثْله . 7359 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ | أَمَّا عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَالْحِلْف كَانَ الرَّجُل فِي الْجَاهِلِيَّة يَنْزِل فِي الْقَوْم فَيُحَالِفُونَهُ عَلَى أَنَّهُ مِنْهُمْ يُوَاسُونَهُ بِأَنْفُسِهِمْ , فَإِذَا كَانَ لَهُمْ حَقّ أَوْ قِتَال كَانَ مِثْلهمْ , وَإِذَا كَانَ لَهُ حَقّ أَوْ نُصْرَة خَذَلُوهُ ; فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام سَأَلُوا عَنْهُ , وَأَبَى اللَّه إِلَّا أَنْ يُشَدِّدهُ , وَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | لَمْ يَزِدْ الْإِسْلَام الْحُلَفَاء إِلَّا شِدَّة . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي الَّذِينَ كَانُوا يَتَبَنَّوْنَ أَبْنَاء غَيْرهمْ فِي الْجَاهِلِيَّة , فَأُمِرُوا فِي الْإِسْلَام أَنْ يُوصُوا لَهُمْ عِنْد الْمَوْت وَصِيَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7360 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني اللَّيْث , عَنْ عُقَيْل , عَنْ اِبْن شِهَاب , قَالَ : ثني سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : (إِنَّ اللَّه قَالَ : | وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِي مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ | قَالَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : إِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي الَّذِينَ كَانُوا يَتَبَنَّوْنَ رِجَالًا غَيْر أَبْنَائِهِمْ وَيُوَرِّثُونَهُمْ , فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِمْ , فَجَعَلَ لَهُمْ نَصِيبًا فِي الْوَصِيَّة , وَرَدَّ الْمِيرَاث إِلَى الْمَوَالِي فِي ذَوِي الرَّحِم وَالْعَصَبَة , وَأَبَى اللَّه لِلْمُدَّعِينَ مِيرَاثًا مِمَّنْ اِدَّعَاهُمْ وَتَبَنَّاهُمْ , وَلَكِنَّ اللَّه جَعَلَ لَهُمْ نَصِيبًا فِي الْوَصِيَّة . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ } قَوْل مَنْ قَالَ : وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ عَلَى الْمُحَالَفَة , وَهُمْ الْحُلَفَاء , وَذَلِكَ أَنَّهُ مَعْلُوم عِنْد جَمِيع أَهْل الْعِلْم بِأَيَّامِ الْعَرَب وَأَخْبَارهَا أَنَّ عَقْد الْحِلْف بَيْنهَا كَانَ يَكُون بِالْأَيْمَانِ وَالْعُهُود وَالْمَوَاثِيق , عَلَى نَحْو مَا قَدْ ذَكَرْنَا مِنْ الرِّوَايَة فِي ذَلِكَ . فَإِذْ كَانَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا وَصَفَ الَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانهمْ مَا عَقَدُوهُ بِهَا بَيْنهمْ دُون مَنْ لَمْ يَعْقِد عَقْد مَا بَيْنهمْ أَيْمَانهُمْ , وَكَانَتْ مُؤَاخَاة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْن مَنْ آخَى بَيْنه وَبَيْنه مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار , لَمْ تَكُنْ بَيْنهمْ بِأَيْمَانِهِمْ , وَكَذَلِكَ التَّبَنِّي ; كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ قَوْل مَنْ قَالَ : هُوَ الْحِلْف دُون غَيْره لِمَا وَصَفْنَا مِنْ الْعِلَّة . وَأَمَّا قَوْله : { فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ } فَإِنَّ أَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِهِ , مَا عَلَيْهِ الْجَمِيع مُجْمِعُونَ مِنْ حُكْمه الثَّابِت , وَذَلِكَ إِيتَاء أَهْل الْحِلْف الَّذِي كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة دُون الْإِسْلَام بَعْضهمْ بَعْضًا أَنْصِبَاءَهُمْ مِنْ النُّصْرَة وَالنَّصِيحَة وَالرَّأْي دُون الْمِيرَاث , وَذَلِكَ لِصِحَّةِ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ قَالَ : ( لَا حِلْف فِي الْإِسْلَام , وَمَا كَانَ مِنْ حِلْف فِي الْجَاهِلِيَّة فَلَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَام إِلَّا شِدَّة . )7361 - حَدَّثَنَا بِذَلِكَ أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ شَرِيك , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 7362 - وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا مُصْعَب بْن الْمِقْدَام , عَنْ إِسْرَائِيل بْن يُونُس , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن مَوْلَى آل طَلْحَة , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا حِلْف فِي الْإِسْلَام , وَكُلّ حِلْف كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة فَلَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَام إِلَّا شِدَّة , وَمَا يَسُرّنِي أَنَّ لِي حُمْر النَّعَم وَأَنِّي نَقَضْت الْحِلْف الَّذِي كَانَ فِي دَار النَّدْوَة . )7363 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ شُعْبَة بْن التَّوْأَم الضَّبِّيّ : (أَنَّ قَيْس بْن عَاصِم سَأَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْحِلْف , فَقَالَ : وَلَا حِلْف فِي الْإِسْلَام , وَلَكِنْ تَمَسَّكُوا بِحِلْفِ الْجَاهِلِيَّة |. )* - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُغِيرَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ شُعْبَة بْن التَّوْأَم , عَنْ قَيْس بْن عَاصِم (أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْحِلْف قَالَ : فَقَالَ : | مَا كَانَ مِنْ حِلْف فِي الْجَاهِلِيَّة فَتَمَسَّكُوا بِهِ وَلَا حِلْف فِي الْإِسْلَام |. )7364 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ دَاوُد بْن أَبِي عَبْد اللَّه , عَنْ اِبْن جُدْعَان , عَمَّنْ حَدَّثَهُ , عَنْ أُمّ سَلَمَة أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : ( لَا حِلْف فِي الْإِسْلَام , وَمَا كَانَ مِنْ حِلْف فِي الْجَاهِلِيَّة لَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَام إِلَّا شِدَّة | )7365 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا حُسَيْن الْمُعَلَّم . وَحَدَّثَنَا مُجَاهِد بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن هَارُون قَالَ : ثنا حُسَيْن الْمُعَلَّم. وَحَدَّثَنَا حَاتِم بْن بَكْر الضَّبِّيّ , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , عَنْ حُسَيْن الْمُعَلَّم , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدّه , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي خُطْبَته يَوْم فَتْح مَكَّة : ( فُوا بِحِلْفٍ , فَإِنَّهُ لَا يَزِيدهُ الْإِسْلَام إِلَّا شِدَّة , وَلَا تُحْدِثُوا حِلْفًا فِي الْإِسْلَام . )7366 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَعَبْدَة بْن عَبْد اللَّه الصَّفَّار , قَالَا : ثنا مُحَمَّد بْن بِشْر , قَالَ : ثنا زَكَرِيَّا بْن أَبِي زَائِدَة قَالَ : ثني سَعْد بْن إِبْرَاهِيم , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جُبَيْر بْن مُطْعِم : أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا حِلْف فِي الْإِسْلَام , وَأَيّمَا حِلْف كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة فَلَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَام إِلَّا شِدَّة |. )7367 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة وَمُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَا : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق , وَحَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ مُحَمَّد بْن جُبَيْر بْن مُطْعِم , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : ( شَهِدْت حِلْف الْمُطَيَّبِينَ وَأَنَا غُلَام مَعَ عُمُومَتِي , فَمَا أُحِبّ أَنَّ لِي حُمْر النَّعَم وَأَنِّي أَنْكُثهُ | )زَادَ يَعْقُوب فِي حَدِيثه عَنْ اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : وَقَالَ الزُّهْرِيّ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَلَمْ يُصِبْ الْإِسْلَام حِلْفًا إِلَّا زَادَهُ شِدَّة | قَالَ : | وَلَا حِلْف فِي الْإِسْلَام | , قَالَ : وَقَدْ أَلَّفَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْن قُرَيْش وَالْأَنْصَار . )* - حَدَّثَنَا تَمِيم بْن الْمُنْتَصِر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه , قَالَ : لَمَّا دَخَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّة عَام الْفَتْح , قَامَ خَطِيبًا فِي النَّاس , فَقَالَ : ( يَا أَيّهَا النَّاس مَا كَانَ مِنْ حِلْف فِي الْجَاهِلِيَّة فَإِنَّ الْإِسْلَام لَمْ يَزِدْهُ إِلَّا شِدَّة , وَلَا حِلْف فِي الْإِسْلَام . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا يُونُس بْن بُكَيْر , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدّه , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , نَحْوه . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب قَالَ : ثنا خَالِد بْن مَخْلَد , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان بْن بِلَال , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَارِث عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدّه , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوه. فَإِذْ كَانَ مَا ذَكَرْنَا عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحِيحًا , وَكَانَتْ الْآيَة إِذَا اُخْتُلِفَ فِي حُكْمهَا مَنْسُوخ هُوَ أَمْ غَيْر مَنْسُوخ , غَيْر جَائِز الْقَضَاء عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مَنْسُوخ - مَعَ اِخْتِلَاف الْمُخْتَلِفِينَ فِيهِ , وَلِوُجُوبِ حُكْمهَا وَنَفْي النَّسْخ عَنْهُ وَجْه صَحِيح - إِلَّا بِحُجَّةٍ يَجِب التَّسْلِيم لَهَا لِمَا قَدْ بَيَّنَّا فِي غَيْر مَوْضِع مِنْ كُتُبنَا الدَّلَالَةَ عَلَى صِحَّة الْقَوْل بِذَلِكَ , فَالْوَاجِب أَنْ يَكُون الصَّحِيح مِنْ الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ } هُوَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ التَّأْوِيل , وَهُوَ أَنَّ قَوْله : { عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ } مِنْ الْحِلْف , وَقَوْله : { فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ } مِنْ النُّصْرَة وَالْمَعُونَة وَالنَّصِيحَة وَالرَّأْي عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَخْبَار الَّتِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ , دُون قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى قَوْله : { فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ } مِنْ الْمِيرَاث , وَإِنَّ ذَلِكَ كَانَ حُكْمًا , ثُمَّ نُسِخَ بِقَوْلِهِ : { وَأُولُو الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه } دُون مَا سِوَى الْقَوْل الَّذِي قُلْنَاهُ فِي تَأْوِيل ذَلِكَ . وَإِذَا صَحَّ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ وَجَبَ أَنْ تَكُون الْآيَة مُحْكَمَة لَا مَنْسُوخَة .|إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه كَانَ عَلَى كُلّ شَيْء شَهِيدًا } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَآتُوا الَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ نَصِيبهمْ مِنْ النُّصْرَة وَالنَّصِيحَة وَالرَّأْي , فَإِنَّ اللَّه شَاهِد عَلَى مَا تَفْعَلُونَ مِنْ ذَلِكَ وَعَلَى غَيْره مِنْ أَفْعَالكُمْ , مُرَاعٍ لِكُلِّ ذَلِكَ حَافِظ , حَتَّى يُجَازِي جَمِيعكُمْ عَلَى جَمِيع ذَلِكَ جَزَاءَهُ , أَمَّا الْمُحْسِن مِنْكُمْ الْمُتَّبِع أَمْرِي وَطَاعَتِي فَبِالْحُسْنَى , وَأَمَّا الْمُسِيء مِنْكُمْ الْمُخَالِف أَمْرِي وَنَهْيِي فَبِالسُّوأَى. وَمَعْنَى قَوْله : { شَهِيدًا } ذُو شَهَادَة عَلَى ذَلِكَ .

الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللَّه بَعْضهمْ عَلَى بَعْض } </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء } الرِّجَال أَهْل قِيَام عَلَى نِسَائِهِمْ فِي تَأْدِيبهنَّ وَالْأَخْذ عَلَى أَيْدِيهنَّ , فِيمَا يَجِب عَلَيْهِنَّ لِلَّهِ وَلِأَنْفُسِهِمْ ; { بِمَا فَضَّلَ اللَّه بَعْضهمْ عَلَى بَعْض } يَعْنِي بِمَا فَضَّلَ اللَّه بِهِ الرِّجَال عَلَى أَزْوَاجهمْ مِنْ سَوْقهمْ إِلَيْهِنَّ مُهُورهنَّ , وَإِنْفَاقهمْ عَلَيْهِنَّ أَمْوَالهمْ , وَكِفَايَتهمْ إِيَّاهُنَّ مُؤَنهنَّ. وَذَلِكَ تَفْضِيل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِيَّاهُنَّ عَلَيْهِنَّ , وَلِذَلِكَ صَارُوا قُوَّامًا عَلَيْهِنَّ , نَافِذِي الْأَمْر عَلَيْهِنَّ فِيمَا جَعَلَ اللَّه إِلَيْهِمْ مِنْ أُمُورهنَّ . وَبِمَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7368 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَا : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء } يَعْنِي : أُمَرَاء عَلَيْهَا أَنْ تُطِيعهُ فِيمَا أَمَرَهَا اللَّه بِهِ مِنْ طَاعَته , وَطَاعَته أَنْ تَكُون مُحْسِنَة إِلَى أَهْله حَافِظَة لِمَالِهِ وَفَضْله عَلَيْهَا بِنَفَقَتِهِ وَسَعْيه . )7369 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو زُهَيْر , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : ( { الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللَّه بَعْضهمْ عَلَى بَعْض } يَقُول : الرَّجُل قَائِم عَلَى الْمَرْأَة يَأْمُرهَا بِطَاعَةِ اللَّه , فَإِنْ أَبَتْ , فَلَهُ أَنْ يَضْرِبهَا ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح , وَلَهُ عَلَيْهَا الْفَضْل بِنَفَقَتِهِ وَسَعْيه . )7370 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء } قَالَ : يَأْخُذُونَ عَلَى أَيْدِيهنَّ وَيُؤَدِّبُونَهُنَّ . )7371 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : سَمِعْت سُفْيَان , يَقُول : ( { بِمَا فَضَّلَ اللَّه بَعْضهمْ عَلَى بَعْض } قَالَ : بِتَفْضِيلِ اللَّه الرِّجَال عَلَى النِّسَاء . )وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي رَجُل لَطَمَ اِمْرَأَته , فَخُوصِمَ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ , فَقَضَى لَهَا بِالْقِصَاصِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7372 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : ثنا الْحَسَن : (أَنَّ رَجُلًا لَطَمَ اِمْرَأَته , فَأَتَتْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَرَادَ أَنْ يَقُصّهَا مِنْهُ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللَّه بَعْضهمْ عَلَى بَعْض وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالهمْ } فَدَعَاهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَتَلَاهَا عَلَيْهِ وَقَالَ : | أَرَدْت أَمْرًا وَأَرَادَ اللَّه غَيْره . )7373 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللَّه بَعْضهمْ عَلَى بَعْض وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالهمْ } ذَكَرَ لَنَا أَنَّ رَجُلًا لَطَمَ اِمْرَأَته , فَأَتَتْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء } قَالَ : صَكَّ رَجُل اِمْرَأَته , فَأَتَتْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَرَادَ أَنْ يُقِيدهَا مِنْهُ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء } )7374 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ جَرِير بْن حَازِم , عَنْ الْحَسَن : (أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَار لَطَمَ اِمْرَأَته , فَجَاءَتْ تَلْتَمِس الْقِصَاص , فَجَعَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنهمَا الْقِصَاص , فَنَزَلَتْ : قَوْله : { وَلَا تَعْجَل بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْل أَنْ يُقْضَى إِلَيْك وَحْيه } [20 114 ]وَنَزَلَتْ : { الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللَّه بَعْضهمْ عَلَى بَعْض } )7375 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : (لَطَمَ رَجُل اِمْرَأَته , فَأَرَادَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِصَاص , فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ , نَزَلَتْ الْآيَة . )7376 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : (أَمَّا : { الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء } فَإِنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَار كَانَ بَيْنه وَبَيْن اِمْرَأَته كَلَام , فَلَطَمَهَا , فَانْطَلَقَ أَهْلهَا , فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَخْبَرَهُمْ : { الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء } . .. الْآيَة . )وَكَانَ الزُّهْرِيّ يَقُول : لَيْسَ بَيْن الرَّجُل وَامْرَأَته قِصَاص فِيمَا دُون النَّفْس. 7377 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , سَمِعْت الزُّهْرِيّ , يَقُول : (لَوْ أَنَّ رَجُلًا شَجَّ اِمْرَأَته , أَوْ جَرَحَهَا , لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ قَوَد وَكَانَ عَلَيْهِ الْعَقْل , إِلَّا أَنْ يَعْدُوَ عَلَيْهَا فَيَقْتُلهَا , فَيُقْتَل بِهَا .)|وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ|وَأَمَّا قَوْله : { وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالهمْ } فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَبِمَا سَاقُوا إِلَيْهِنَّ مِنْ صَدَاق , وَأَنْفَقُوا عَلَيْهِنَّ مِنْ نَفَقَة . كَمَا : 7378 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (فَضَّلَهُ عَلَيْهَا بِنَفَقَتِهِ وَسَعْيه . )7379 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو زُهَيْر , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , مِثْله . 7380 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : سَمِعْت سُفْيَان يَقُول : ( { وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالهمْ } بِمَا سَاقُوا مِنْ الْمَهْر. )فَتَأْوِيل الْكَلَام إِذًا : الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى نِسَائِهِمْ بِتَفْضِيلِ اللَّه إِيَّاهُمْ عَلَيْهِنَّ وَبِإِنْفَاقِهِمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ أَمْوَالهمْ . و | مَا | الَّتِي فِي قَوْله : { بِمَا فَضَّلَ اللَّه } وَاَلَّتِي فِي قَوْله : { وَبِمَا أَنْفَقُوا } فِي مَعْنَى الْمَصْدَر .|فَالصَّالِحَاتُ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَالصَّالِحَات } </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَالصَّالِحَات } الْمُسْتَقِيمَات الدِّين , الْعَامِلَات بِالْخَيْرِ . كَمَا : 7381 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك , قَالَ : سَمِعْت سُفْيَان , يَقُول : (فَالصَّالِحَات يَعْمَلْنَ بِالْخَيْرِ .)|قَانِتَاتٌ|وَقَوْله : { قَانِتَات } يَعْنِي : مُطِيعَات لِلَّهِ وَلِأَزْوَاجِهِنَّ . كَمَا : 7382 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : قَوْله : ( { قَانِتَات } قَالَ : مُطِيعَات . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { قَانِتَات } قَالَ : مُطِيعَات . )7383 - حَدَّثَنِي عَلِيّ عَنْ دَاوُد , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { قَانِتَات } مُطِيعَات . )7384 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { قَانِتَات } أَيْ مُطِيعَات لِلَّهِ وَلِأَزْوَاجِهِنَّ . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : . أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : (مُطِيعَات . )7385 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : (الْقَانِتَات : الْمُطِيعَات. )7386 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : سَمِعْت سُفْيَان يَقُول فِي قَوْله : ( { قَانِتَات } قَالَ : مُطِيعَات لِأَزْوَاجِهِنَّ . )وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْقُنُوت فِيمَا مَضَى وَأَنَّهُ الطَّاعَة , وَدَلَّلْنَا عَلَى صِحَّة ذَلِكَ مِنْ الشَّوَاهِد بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته.|حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ|قَوْله : { حَافِظَات لِلْغَيْبِ } فَإِنَّهُ يَعْنِي : حَافِظَات لِأَنْفُسِهِنَّ عِنْد غَيْبَة أَزْوَاجهنَّ عَنْهُنَّ فِي فُرُوجهنَّ وَأَمْوَالهمْ , وَلِلْوَاجِبِ عَلَيْهِنَّ مِنْ حَقّ اللَّه فِي ذَلِكَ وَغَيْره. كَمَا : 7387 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { حَافِظَات لِلْغَيْبِ } يَقُول : حَافِظَات لِمَا اِسْتَوْدَعَهُنَّ اللَّه مِنْ حَقّه , وَحَافِظَات لِغَيْبِ أَزْوَاجهنَّ . )7388 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { حَافِظَات لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّه } يَقُول : تَحْفَظ عَلَى زَوْجهَا مَاله وَفَرْجهَا , حَتَّى يَرْجِع كَمَا أَمَرَهَا اللَّه . )7389 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قُلْت لِعَطَاءٍ : مَا قَوْله : ( { حَافِظَات لِلْغَيْبِ } ؟ قَالَ : حَافِظَات لِلزَّوْجِ. )* - حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى بْن أَبِي زَائِدَة , قَالَ : ثنا حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : سَأَلْت عَطَاء , عَنْ ( { حَافِظَات لِلْغَيْبِ } قَالَ : حَافِظَات لِلْأَزْوَاجِ . )7390 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : سَمِعْت سُفْيَان يَقُول : ( { حَافِظَات لِلْغَيْبِ } حَافِظَات لِأَزْوَاجِهِنَّ لِمَا غَابَ مِنْ شَأْنهنَّ . )7391 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثنا أَبُو مَعْشَر , قَالَ : ثنا سَعِيد بْن أَبِي سَعِيد الْمَقْبُرِيّ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خَيْر النِّسَاء اِمْرَأَة إِذَا نَظَرْت إِلَيْهَا سَرَّتْك , وَإِذَا أَمَرْتهَا أَطَاعَتْك , وَإِذَا غِبْت عَنْهَا حَفِظَتْك فِي نَفْسهَا وَمَالك | قَالَ : ثُمَّ قَرَأَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء } . .. الْآيَة . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَهَذَا الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدُلّ عَلَى صِحَّة مَا قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , وَأَنَّ مَعْنَاهُ : صَالِحَات فِي أَدْيَانهنَّ , مُطِيعَات لِأَزْوَاجِهِنَّ , حَافِظَات لَهُمْ فِي أَنْفُسهنَّ وَأَمْوَالهمْ .|بِمَا حَفِظَ اللَّهُ|وَأَمَّا قَوْله : { بِمَا حَفِظَ اللَّه } فَإِنَّ الْقُرَّاء اِخْتَلَفَتْ فِي قِرَاءَته , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة الْقُرَّاء فِي جَمِيع أَمْصَار الْإِسْلَام : { بِمَا حَفِظَ اللَّه } بِرَفْعِ اِسْم اللَّه عَلَى مَعْنَى : بِحِفْظِ اللَّه إِيَّاهُنَّ إِذْ صَيَّرَهُنَّ كَذَلِكَ . كَمَا : 7392 - حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى بْن أَبِي زَائِدَة , قَالَ : ثنا حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : سَأَلْت عَطَاء , عَنْ قَوْله : ( { بِمَا حَفِظَ اللَّه } قَالَ : يَقُول : حِفْظهنَّ اللَّه . )7393 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : سَمِعْت سُفْيَان يَقُول فِي قَوْله : ( { بِمَا حَفِظَ اللَّه } قَالَ : بِحِفْظِ اللَّه إِيَّاهَا أَنَّهُ جَعَلَهَا كَذَلِكَ . )وَقَرَأَ ذَلِكَ أَبُو جَعْفَر يَزِيد بْن الْقَعْقَاع الْمَدَنِيّ : | بِمَا حَفِظَ اللَّه | يَعْنِي : بِحِفْظِهِنَّ اللَّه فِي طَاعَته , وَأَدَاء حَقّه بِمَا أَمَرَهُنَّ مِنْ حِفْظ غَيْب أَزْوَاجهنَّ , كَقَوْلِ الرَّجُل لِلرَّجُلِ : مَا حَفِظْت اللَّه فِي كَذَا وَكَذَا , بِمَعْنَى : رَاقَبْته وَلَاحَظْته . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ مَا جَاءَتْ بِهِ قِرَاءَة الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْقِرَاءَة مَجِيئًا يَقْطَع عُذْر مَنْ بَلَغَهُ وَيُثْبِت عَلَيْهِ حُجَّته , دُون مَا اِنْفَرَدَ بِهِ أَبُو جَعْفَر فَشَذَّ عَنْهُمْ , وَتِلْكَ الْقِرَاءَة تَرْفَع اِسْم اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { بِمَا حَفِظَ اللَّه } مَعَ صِحَّة ذَلِكَ فِي الْعَرَبِيَّة وَكَلَام الْعَرَب , وَقُبْح نَصْبه فِي الْعَرَبِيَّة لِخُرُوجِهِ عَنْ الْمَعْرُوف مِنْ مَنْطِق الْعَرَب . وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَب لَا تَحْذِف الْفَاعِل مَعَ الْمَصَادِر مِنْ أَجْل أَنَّ الْفَاعِل إِذَا حُذِفَ مَعَهَا لَمْ يَكُنْ لِلْفِعْلِ صَاحِب مَعْرُوف. وَفِي الْكَلَام مَتْرُوك اُسْتُغْنِيَ بِدَلَالَةِ الظَّاهِر مِنْ الْكَلَام عَلَيْهِ مِنْ ذِكْره وَمَعْنَاهُ : { فَالصَّالِحَات قَانِتَات حَافِظَات لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّه } فَأَحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ وَأَصْلِحُوا , وَكَذَلِكَ هُوَ فِيمَا ذُكِرَ فِي قِرَاءَة اِبْن مَسْعُود . 7394 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حَمَّاد , قَالَ : ثنا عِيسَى الْأَعْمَى , عَنْ طَلْحَة بْن مُصَرِّف , قَالَ : (فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : | فَالصَّالِحَات قَانِتَات لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّه فَأَصْلِحُوا إِلَيْهِنَّ وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ . )7395 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { فَالصَّالِحَات قَانِتَات حَافِظَات لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّه } فَأَحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ . )7396 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن دَاوُد , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { فَالصَّالِحَات قَانِتَات حَافِظَات لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّه } فَأَصْلِحُوا إِلَيْهِنَّ. )* - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن دَاوُد , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { فَالصَّالِحَات قَانِتَات حَافِظَات لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّه } يَعْنِي إِذَا كُنَّ هَكَذَا , فَأَصْلِحُوا إِلَيْهِنَّ .)|وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ فَعِظُوهُنَّ } </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله : { وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : وَاَللَّاتِي تَعْلَمُونَ نُشُوزهنَّ . وَوَجْه صَرْف الْخَوْف فِي هَذَا الْمَوْضِع إِلَى الْعِلْم فِي قَوْل هَؤُلَاءِ نَظِير صَرْف الظَّنّ إِلَى الْعِلْم لِتَقَارُبِ مَعْنَيَيْهِمَا , إِذْ كَانَ الظَّنّ شَكًّا , وَكَانَ الْخَوْف مَقْرُونًا بِرَجَاءٍ , وَكَانَا جَمِيعًا مِنْ فِعْل الْمَرْء بِقَلْبِهِ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>وَلَا تَدْفِنَنِّي فِي الْفَلَاة فَإِنَّنِي .......... أَخَاف إِذَا مَا مِتّ أَنْ لَا أَذُوقهَا <br>مَعْنَاهُ : فَإِنَّنِي أَعْلَم , وَكَمَا قَالَ الْآخَر : <br>أَتَانِي كَلَام عَنْ نَصِيب يَقُولهُ .......... وَمَا خِفْت يَا سَلَّام أَنَّك عَائِبِي <br>بِمَعْنَى : وَمَا ظَنَنْت. وَقَالَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل : مَعْنَى الْخَوْف فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْخَوْف الَّذِي هُوَ خِلَاف الرَّجَاء . قَالُوا : مَعْنَى ذَلِكَ : إِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهُنَّ مَا تَخَافُونَ أَنْ يَنْشِزْنَ عَلَيْكُمْ مِنْ نَظَر إِلَى مَا لَا يَنْبَغِي لَهُنَّ أَنْ يَنْظُرْنَ إِلَيْهِ , وَيَدْخُلْنَ وَيَخْرُجْنَ , وَاسْتَرَبْتُمْ بِأَمْرِهِنَّ , فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ . وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مُحَمَّد بْن كَعْب. وَأَمَّا قَوْله : { نُشُوزهنَّ } فَإِنَّهُ يَعْنِي : اِسْتِعْلَاءَهُنَّ عَلَى أَزْوَاجهنَّ , وَارْتِفَاعهنَّ عَنْ فُرُشهمْ بِالْمَعْصِيَةِ مِنْهُنَّ , وَالْخِلَاف عَلَيْهِمْ فِيمَا لَزِمَهُنَّ طَاعَتهمْ فِيهِ , بُغْضًا مِنْهُنَّ وَإِعْرَاضًا عَنْهُمْ وَأَصْل النُّشُوز الِارْتِفَاع , وَمِنْهُ قِيلَ لِلْمَكَانِ الْمُرْتَفِع مِنْ الْأَرْض نَشَز وَنَشَاز . { فَعِظُوهُنَّ } يَقُول : ذَكِّرُوهُنَّ اللَّه , وَخَوِّفُوهُنَّ وَعِيده فِي رُكُوبهَا مَا حَرَّمَ اللَّه عَلَيْهَا مِنْ مَعْصِيَة زَوْجهَا فِيمَا أَوْجَبَ عَلَيْهَا طَاعَته فِيهِ. وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ : النُّشُوز : الْبُغْض وَمَعْصِيَة الزَّوْج : 7397 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ } قَالَ : بُغْضهنَّ . )7398 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ } قَالَ : الَّتِي تَخَاف مَعْصِيَتهَا . قَالَ : النُّشُوز : مَعْصِيَته وَخِلَافه . )7399 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ } تِلْكَ الْمَرْأَة تَنْشِز وَتَسْتَخِفّ بِحَقِّ زَوْجهَا وَلَا تُطِيع أَمْره . )7400 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , ثنا رَوْح , قَالَ : ثنا اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ عَطَاء : (النُّشُوز : أَنْ تُحِبّ فِرَاقه , وَالرَّجُل كَذَلِكَ. ذِكْر الرِّوَايَة عَمَّنْ قَالَ مَا قُلْنَا فِي قَوْله : { فَعِظُوهُنَّ } )7401 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثنا مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { فَعِظُوهُنَّ } يَعْنِي : عِظُوهُنَّ بِكِتَابِ اللَّه , قَالَ : أَمَرَهُ اللَّه إِذَا نَشَزَتْ أَنْ يَعِظهَا وَيُذَكِّرهَا اللَّه وَيُعَظِّم حَقّه عَلَيْهَا . )7402 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ فَعِظُوهُنَّ } قَالَ : إِذَا نَشَزَتْ الْمَرْأَة عَنْ فِرَاش زَوْجهَا يَقُول لَهَا : اِتَّقِي اللَّه وَارْجِعِي إِلَى فِرَاشك , فَإِنْ أَطَاعَتْهُ فَلَا سَبِيل لَهُ عَلَيْهَا . )7403 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ يُونُس , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : (إِذَا نَشَزَتْ الْمَرْأَة عَلَى زَوْجهَا يَعِظهَا بِلِسَانِهِ , يَقُول : يَأْمُرهَا بِتَقْوَى اللَّه وَطَاعَته . )7404 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ مُوسَى بْن عُبَيْدَة , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , قَالَ : (إِذَا رَأَى الرَّجُل خِفَّة فِي صَرّهَا فِي مَدْخَلهَا وَمَخْرَجهَا , قَالَ : يَقُول لَهَا بِلِسَانِهِ : قَدْ رَأَيْت مِنْك كَذَا وَكَذَا فَانْتَهِي ! فَإِنْ أَعْتَبَتْ فَلَا سَبِيل لَهُ عَلَيْهَا , وَإِنْ أَبَتْ هَجَرَ مَضْجَعهَا. )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { فَعِظُوهُنَّ } قَالَ : إِذَا نَشَزَتْ الْمَرْأَة عَنْ فِرَاش زَوْجهَا , فَإِنَّهُ يَقُول لَهَا : اِتَّقِي اللَّه وَارْجِعِي . )7405 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ جَابِر , عَنْ عَطَاء : ( { فَعِظُوهُنَّ } قَالَ : بِالْكَلَامِ . )7406 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : ( { فَعِظُوهُنَّ } قَالَ بِالْأَلْسِنَةِ. )7407 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو بْن أَبِي قَيْس , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : ( { فَعِظُوهُنَّ } قَالَ : عِظُوهُنَّ بِاللِّسَانِ .)|وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : فَعِظُوهُنَّ فِي نُشُوزهنَّ عَلَيْكُمْ أَيّهَا الْأَزْوَاج , فَإِنْ أَبَيْنَ مُرَاجَعَة الْحَقّ فِي ذَلِكَ وَالْوَاجِب عَلَيْهِمْ لَكُمْ , فَاهْجُرُوهُنَّ بِتَرْكِ جِمَاعهنَّ فِي مُضَاجَعَتكُمْ إِيَّاهُنَّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7408 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } يَعْنِي : عِظُوهُنَّ , فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ وَإِلَّا فَاهْجُرُوهُنَّ. )7409 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } يَعْنِي بِالْهِجْرَانِ أَنْ يَكُون الرَّجُل وَامْرَأَته عَلَى فِرَاش وَاحِد لَا يُجَامِعهَا. )7410 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (الْهَجْر : هَجْر الْجِمَاع . )7411 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : (أَمَّا { تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ } فَإِنَّ عَلَى زَوْجهَا أَنْ يَعِظهَا , فَإِنْ لَمْ تَقْبَل فَلْيَهْجُرْهَا فِي الْمَضْجَع . يَقُول : يَرْقُد عِنْدهَا وَيُوَلِّيهَا ظَهْره , وَيَطَأ وَلَا يُكَلِّمهَا. هَكَذَا فِي كِتَابِي : | وَيَطَؤُهَا وَلَا يُكَلِّمهَا . )7412 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : ( { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قَالَ : يُضَاجِعهَا وَيَهْجُر كَلَامهَا وَيُوَلِّيهَا ظَهْره . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا شَرِيك , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قَالَ : لَا يُجَامِعهَا . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَاهْجُرُوهُنَّ وَاهْجُرُوا كَلَامهنَّ فِي تَرْكهنَّ مُضَاجَعَتكُمْ , حَتَّى يَرْجِعْنَ إِلَى مُضَاجَعَتكُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7413 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَأَبُو السَّائِب , قَالَا : ثنا اِبْن إِدْرِيس , عَنْ الْحَسَن بْن عُبَيْد اللَّه , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : ( { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } أَنَّهَا لَا تُتْرَك فِي الْكَلَام , وَلَكِنَّ الْهِجْرَان فِي أَمْر الْمَضْجَع. )7414 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا أَبُو حَمْزَة , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : ( { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } يَقُول : حَتَّى يَأْتِينَ مَضَاجِعكُمْ . )7415 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : ( { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } فِي الْجِمَاع . )7416 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قَالَ : يَعِظهَا فَإِنْ هِيَ قَبِلَتْ وَإِلَّا هَجَرَهَا فِي الْمَضْجَع وَلَا يُكَلِّمهَا مِنْ غَيْر أَنْ يَذَر نِكَاحهَا , وَذَلِكَ عَلَيْهَا شَدِيد . )7417 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا شَرِيك , عَنْ خُصَيْف , عَنْ عِكْرِمَة : ( { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } الْكَلَام وَالْحَدِيث . )................. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7418 - حَدَّثَنِي الْحَسَن بْن زُرَيْق الطَّهْوِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو بَكْر بْن عَيَّاش , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قَالَ : لَا تُضَاجِعُوهُنَّ . )7419 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : (الْهِجْرَان أَنْ لَا يُضَاجِعهَا . )7420 - وَبِهِ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ عَامِر وَإِبْرَاهِيم , قَالَا : (الْهِجْرَان فِي الْمَضْجَع أَنْ لَا يُضَاجِعهَا عَلَى فِرَاشه . )* - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم وَالشَّعْبِيّ , أَنَّهُمَا قَالَا فِي قَوْله : ( { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قَالَا : يَهْجُر مُضَاجَعَتهَا حَتَّى تَرْجِع إِلَى مَا يُحِبّ . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم وَالشَّعْبِيّ أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ : ( { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قَالَ : يَهْجُرهَا فِي الْمَضْجَع . )7421 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ خُصَيْف , عَنْ مِقْسَم : ( { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قَالَ : هَجْرهَا فِي مَضْجَعهَا : أَنْ لَا يَقْرَب فِرَاشهَا . )7422 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ مُوسَى بْن عُبَيْدَة , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , قَالَ : (اُهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع , قَالَ : يَعِظهَا بِلِسَانِهِ , فَإِنْ أَعْتَبَتْ فَلَا سَبِيل لَهُ عَلَيْهَا , وَإِنْ أَبَتْ هَجَرَ مَضْجَعهَا . )7423 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر عَنْ الْحَسَن وَقَتَادَة فِي قَوْله : ( { فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ } قَالَا : إِذَا خَافَ نُشُوزهَا وَعَظَهَا , فَإِنْ قَبِلَتْ وَإِلَّا هَجَرَ مَضْجَعهَا . )7424 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قَالَ : تَبْدَأ يَا اِبْن آدَم فَتَعِظهَا , فَإِنْ أَبَتْ عَلَيْك فَاهْجُرْهَا , يَعْنِي بِهِ : فِرَاشهَا. )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى قَوْله : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قُولُوا لَهُنَّ مِنْ الْقَوْل هُجْرًا فِي تَرْكهنَّ مُضَاجَعَتكُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7425 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ رَجُل , عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قَالَ : يَهْجُرهَا بِلِسَانِهِ , وَيُغْلِظ لَهَا بِالْقَوْلِ , وَلَا يَدَع جِمَاعهَا. )7426 - وَبِهِ قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ خُصَيْف , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : (إِنَّمَا الْهِجْرَان بِالْمَنْطِقِ أَنْ يُغْلِظ لَهَا , وَلَيْسَ بِالْجِمَاعِ . )7427 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُغِيرَة , عَنْ أَبِي الضُّحَى , فِي قَوْله : ( { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قَالَ : يَهْجُر بِالْقَوْلِ , وَلَا يَهْجُر مُضَاجَعَتهَا حَتَّى تَرْجِع إِلَى مَا يُرِيد . )7428 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَارِث بْن سَعِيد عَنْ رَجُل , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : (لَا يَهْجُرهَا إِلَّا فِي الْمَبِيت فِي الْمَضْجَع , لَيْسَ لَهُ أَنْ يَهْجُر فِي كَلَام وَلَا شَيْء إِلَّا فِي الْفِرَاش. )7429 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَعْلَى , عَنْ سُفْيَان , فِي قَوْله : ( { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قَالَ : فِي مُجَامَعَتهَا , وَلَكِنْ يَقُول لَهَا : تَعَالَيْ وَافْعَلِي ! كَلَامًا فِيهِ غِلْظَة , فَإِذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ فَلَا يُكَلِّفهَا أَنْ تُحِبّهُ , فَإِنَّ قَلْبهَا لَيْسَ فِي يَدَيْهَا . )وَلَا مَعْنَى لِلْهَجْرِ فِي كَلَام الْعَرَب إِلَّا عَلَى أَحَد ثَلَاثَة أَوْجُه : أَحَدهَا هَجْر الرَّجُل كَلَام الرَّجُل وَحَدِيثه , وَذَلِكَ رَفْضه وَتَرْكه , يُقَال مِنْهُ : هَجَرَ فُلَان أَهْله يَهْجُرهَا هَجْرًا وَهِجْرَانًا . وَالْآخَر : الْإِكْثَار مِنْ الْكَلَام بِتَرْدِيدٍ كَهَيْئَةِ كَلَام الْهَازِئ , يُقَال مِنْهُ : هَجَرَ فُلَان فِي كَلَامه يَهْجُر هَجْرًا إِذَا هَذَى وَمَدَّدَ الْكَلِمَة , وَمَا زَالَتْ تِلْكَ هِجِّيرَاهُ وَإِهْجِيرَاهُ , وَمِنْهُ قَوْل ذِي الرُّمَّة : <br>رَمَى فَأَخْطَأَ وَالْأَقْدَار .......... غَالِبَة فَانْصَعْنَ وَالْوَيْل هِجِّيرَاهُ وَالْحَرَب <br>وَالثَّالِث : هَجَرَ الْبَعِير إِذَا رَبَطَهُ صَاحِبه بِالْهِجَارِ , وَهُوَ حَبْل يُرْبَط فِي حِقْوَيْهَا وَرُسْغهَا , وَمِنْهُ قَوْل اِمْرِئِ الْقَيْس : <br>رَأَتْ هَلَكًا بِنِجَافِ الْغَبِيط .......... فَكَادَتْ تَجُدّ لِذَاكَ الْهِجَارَا <br>فَأَمَّا الْقَوْل الَّذِي فِيهِ الْغِلْظَة وَالْأَذَى فَإِنَّمَا هُوَ الْإِهْجَار , وَيُقَال مِنْهُ : أَهْجَرَ فُلَان فِي مَنْطِقه : إِذَا قَالَ الْهُجْر وَهُوَ الْفُحْش مِنْ الْكَلَام , يُهْجِر إِهْجَارًا وَهَجْرًا . فَإِذْ كَانَ لَا وَجْه لِلْهَجْرِ فِي الْكَلَام إِلَّا أَحَد الْمَعَانِي الثَّلَاثَة , وَكَانَتْ الْمَرْأَة الْمَخُوف نُشُوزهَا إِنَّمَا أُمِرَ زَوْجهَا بِوَعْظِهَا لِتُنِيبَ إِلَى طَاعَته فِيمَا يَجِب عَلَيْهَا لَهُ مِنْ مُوَافَاته عِنْد دُعَائِهِ إِيَّاهَا إِلَى فِرَاشه , فَغَيْر جَائِز أَنْ تَكُون عِظَته لِذَلِكَ , ثُمَّ تَصِير الْمَرْأَة إِلَى أَمْر اللَّه وَطَاعَة زَوْجهَا فِي ذَلِكَ , ثُمَّ يَكُون الزَّوْج مَأْمُورًا بِهَجْرِهَا فِي الْأَمْر الَّذِي كَانَتْ عِظَته إِيَّاهَا عَلَيْهِ . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ بَطَلَ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى قَوْله : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } وَاهْجُرُوا جِمَاعهنَّ . أَوْ يَكُون إِذْ بَطَلَ هَذَا الْمَعْنَى . بِمَعْنَى : وَأَهْجِرُوا كَلَامهنَّ بِسَبَبِ هَجْرهنَّ مَضَاجِعكُمْ , وَذَلِكَ أَيْضًا لَا وَجْه لَهُ مَفْهُوم لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره قَدْ أَخْبَرَ عَلَى لِسَان نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يَحِلّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُر أَخَاهُ فَوْق ثَلَاث . عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ حَلَالًا لَمْ يَكُنْ لِهَجْرِهَا فِي الْكَلَام مَعْنًى مَفْهُوم , لِأَنَّهَا إِذَا كَانَتْ عَنْهُ مُنْصَرِفَة وَعَلَيْهِ نَاشِزًا فَمِنْ سُرُورهَا أَنْ لَا يُكَلِّمهَا وَلَا يَرَاهَا وَلَا تَرَاهُ , فَكَيْفَ يُؤْمَر الرَّجُل فِي حَال بُغْض اِمْرَأَته إِيَّاهُ وَانْصِرَافهَا عَنْهُ بِتَرْكِ مَا فِي تَرْكه سُرُورهَا مِنْ تَرْك جِمَاعهَا وَمُجَاذَبَتهَا وَتَكْلِيمهَا , وَهُوَ يُؤْمَر بِضَرْبِهَا لِتَرْتَدِع عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ تَرْك طَاعَته إِذَا دَعَاهَا إِلَى فِرَاشه , وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا يَلْزَمهَا طَاعَته فِيهِ ؟ أَوْ يَكُون إِذْ فَسَدَ هَذَانِ الْوَجْهَانِ يَكُون مَعْنَاهُ : وَاهْجُرُوا فِي قَوْلكُمْ لَهُمْ , بِمَعْنَى : رُدُّوا عَلَيْهِنَّ كَلَامكُمْ إِذَا كَلَّمْتُمُوهُنَّ بِالتَّغْلِيظِ لَهُنَّ , فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ , فَلَا وَجْه لِإِعْمَالِ الْهَجْر فِي كِنَايَة أَسْمَاء النِّسَاء النَّاشِزَات , أَعْنِي فِي الْهَاء وَالنُّون مِنْ قَوْله { وَاهْجُرُوهُنَّ } لِأَنَّهُ إِذَا أُرِيدَ بِهِ ذَلِكَ الْمَعْنَى , كَانَ الْفِعْل غَيْر وَاقِع , إِنَّمَا يُقَال : هَجَرَ فُلَان فِي كَلَامه وَلَا يُقَال : هَجَرَ فُلَان فُلَانًا . فَإِذَا كَانَ فِي كُلّ هَذِهِ الْمَعَانِي مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْخَلَل اللَّاحِق , فَأَوْلَى الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُون قَوْله : { وَاهْجُرُوهُنَّ } مُوَجَّهًا مَعْنَاهُ إِلَى مَعْنَى الرَّبْط بِالْهِجَارِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ قِيل الْعَرَب لِلْبَعِيرِ إِذَا رَبَطَهُ صَاحِبه بِحَبْلٍ عَلَى مَا وَصَفْنَا : هَجَرَهُ فَهُوَ يَهْجُرهُ هَجْرًا. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ كَانَ تَأْوِيل الْكَلَام : وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ , فَعِظُوهُنَّ فِي نُشُوزهنَّ عَلَيْكُمْ , فَإِنْ اِتَّعَظْنَ فَلَا سَبِيل لَكُمْ عَلَيْهِنَّ , وَإِنْ أَبَيْنَ الْأَوْبَة مِنْ نُشُوزهنَّ فَاسْتَوْثِقُوا مِنْهُنَّ رِبَاطًا فِي مَضَاجِعهنَّ , يَعْنِي فِي مَنَازِلهنَّ وَبُيُوتهنَّ الَّتِي يَضْطَجِعْنَ بِهَا وَيُضَاجِعْنَ فِيهَا أَزْوَاجهنَّ . كَمَا : 7430 - حَدَّثَنِي عَبَّاس بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن أَبِي بُكَيْر , عَنْ شِبْل , قَالَ : سَمِعْت أَبَا قَزَعَة يُحَدِّث عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ حَكِيم بْن مُعَاوِيَة , عَنْ أَبِيهِ : (أَنَّهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : مَا حَقّ زَوْجَة أَحَدنَا عَلَيْهِ ؟ قَالَ : | يُطْعِمهَا وَيَكْسُوهَا , وَلَا يَضْرِب الْوَجْه وَلَا يُقَبِّح وَلَا يَهْجُر إِلَّا فِي الْبَيْت . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن عَرَفَة , قَالَ : ثنا يَزِيد , عَنْ شُعْبَة بْن الْحَجَّاج , عَنْ أَبِي قَزَعَة , عَنْ حَكِيم بْن مُعَاوِيَة عَنْ أَبِيهِ , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , نَحْوه . 7431 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا بَهْز بْن حَكِيم , عَنْ جَدّه , قَالَ : (قُلْت : يَا رَسُول اللَّه , نِسَاؤُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَر ؟ قَالَ : | حَرْثك فَأْتِ حَرْثك أَنَّى شِئْت , غَيْر أَنْ لَا تَضْرِب الْوَجْه وَلَا تُقَبِّح وَلَا تَهْجُر إِلَّا فِي الْبَيْت وَأَطْعِمْ إِذَا طَعِمْت وَاكْسُ إِذَا اِكْتَسَيْت ; كَيْفَ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضكُمْ إِلَى بَعْض إِلَّا بِمَا حَلَّ عَلَيْهَا ؟ . )وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , قَالَ عِدَّة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7432 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : (إِذَا نَشَزَتْ الْمَرْأَة عَلَى زَوْجهَا , فَلْيَعِظْهَا بِلِسَانِهِ , فَإِنْ قَبِلَتْ فَذَاكَ وَإِلَّا ضَرَبَهَا ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح , فَإِنْ رَجَعَتْ فَذَاكَ , وَإِلَّا فَقَدْ حَلَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذ مِنْهَا وَيُخَلِّيهَا. )7433 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ الْحَسَن بْن عُبَيْد اللَّه , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : ( { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع وَاضْرِبُوهُنَّ } قَالَ : يَفْعَل بِهَا ذَاكَ وَيَضْرِبهَا حَتَّى تُطِيعهُ فِي الْمَضَاجِع , فَإِذَا أَطَاعَتْهُ فِي الْمَضْجَع فَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا سَبِيل إِذَا ضَاجَعَتْهُ . )7434 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْن بِشْر أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَة يَقُول فِي قَوْله : ( { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع وَاضْرِبُوهُنَّ } ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | اِضْرِبُوهُنَّ إِذَا عَصَيْنَكُمْ فِي الْمَعْرُوف ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : فَكُلّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرْنَا قَوْلهمْ لَمْ يُوجِبُوا لِلْهَجْرِ مَعْنًى غَيْر الضَّرْب , وَلَمْ يُوجِبُوا هَجْرًا إِذَا كَانَ هَيْئَة مِنْ الْهَيْئَات الَّتِي تَكُون بِهَا الْمَضْرُوبَة عِنْد الضَّرْب مَعَ دَلَالَة الْخَبَر الَّذِي رَوَاهُ عِكْرِمَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ بِضَرْبِهِنَّ إِذَا عَصَيْنَ أَزْوَاجهنَّ فِي الْمَعْرُوف مِنْ غَيْر أَمْر مِنْهُ أَزْوَاجهنَّ بِهَجْرِهِنَّ لِمَا وَصَفْنَا مِنْ الْعِلَّة . فَإِنْ ظَنَّ ظَانّ أَنَّ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل الْخَبَر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي رَوَاهُ عِكْرِمَة , لَيْسَ كَمَا قُلْنَا , وَصَحَّ أَنَّ تَرْك النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْر الرَّجُل بِهَجْرِ زَوْجَته إِذَا عَصَتْهُ فِي الْمَعْرُوف وَأَمَرَهُ بِضَرْبِهَا قَبْل الْهَجْر , لَوْ كَانَ دَلِيلًا عَلَى صِحَّة مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ مَعْنَى الْهَجْر هُوَ مَا بَيَّنَّاهُ , لَوَجَبَ أَنْ يَكُون لَا مَعْنَى لِأَمْرِ اللَّه زَوْجهَا أَنْ يَعِظهَا إِذَا هِيَ نَشَزَتْ , إِذْ كَانَ لَا ذِكْر لِلْعِظَةِ فِي خَبَر عِكْرِمَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَإِنَّ الْأَمْر فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا ظَنَّ ; وَذَلِكَ أَنَّ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | إِذَا عَصَيْنَكُمْ فِي الْمَعْرُوف | دَلَالَة بَيِّنَة أَنَّهُ لَمْ يُبَحْ لِلرَّجُلِ ضَرْب زَوْجَته إِلَّا بَعْد عِظَتهَا مِنْ نُشُوزهَا , وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا تَكُون لَهُ عَاصِيَة , إِلَّا وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْهُ لَهَا أَمْر أَوْ عِظَة بِالْمَعْرُوفِ عَلَى مَا أَمَرَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره بِهِ .|وَاضْرِبُوهُنَّ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاضْرِبُوهُنَّ } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَعِظُوهُنَّ أَيّهَا الرِّجَال فِي نُشُوزهنَّ , فَإِنْ أَبَيْنَ الْإِيَاب إِلَى مَا يَلْزَمهُنَّ لَكُمْ فَشِدُّوهُنَّ وَثَاقًا فِي مَنَازِلهنَّ , وَاضْرِبُوهُنَّ لِيَؤُبْنَ إِلَى الْوَاجِب عَلَيْهِنَّ مِنْ طَاعَة اللَّه فِي اللَّازِم لَهُنَّ مِنْ حُقُوقكُمْ . وَقَالَ أَهْل التَّأْوِيل : صِفَة الضَّرْب الَّتِي أَبَاحَ اللَّه لِزَوْجِ النَّاشِز أَنْ يَضْرِبهَا الضَّرْب غَيْر الْمُبَرِّح . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7435 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : ( { وَاضْرِبُوهُنَّ } قَالَ : ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح. )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَة , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , مِثْله . 7436 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : (الضَّرْب غَيْر الْمُبَرِّح . )7437 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا شَرِيك , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَاضْرِبُوهُنَّ } قَالَ : ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح. )7438 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } وَاضْرِبُوهُنَّ , قَالَ : تَهْجُرهَا فِي الْمَضْجَع , فَإِنْ أَقْبَلَتْ وَإِلَّا فَقَدْ أَذِنَ اللَّه لَك أَنْ تَضْرِبهَا ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح , وَلَا تَكْسِر لَهَا عَظْمًا , فَإِنْ أَقْبَلَتْ , وَإِلَّا فَقَدْ حَلَّ لَك مِنْهَا الْفِدْيَة . )7439 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن وَقَتَادَة فِي قَوْله : ( { وَاضْرِبُوهُنَّ } قَالَ : ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح . )7440 - وَبِهِ قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قُلْت لِعَطَاءٍ : ( { وَاضْرِبُوهُنَّ } قَالَ : ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح . )7441 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع وَاضْرِبُوهُنَّ } قَالَ : تَهْجُرهَا فِي الْمَضْجَع , فَإِنْ أَبَتْ عَلَيْك فَاضْرِبْهَا ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح ; أَيْ غَيْر شَائِن . )7442 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء , قَالَ : قُلْت لِابْنِ عَبَّاس : (مَا الضَّرْب غَيْر الْمُبَرِّح , قَالَ : السِّوَاك وَشِبْهه يَضْرِبهَا بِهِ . )* - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن سَعِيد الْجَوْهَرِيّ , قَالَ : ثنا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء , قَالَ : قُلْت لِابْنِ عَبَّاس : (مَا الضَّرْب غَيْر الْمُبَرِّح ؟ قَالَ : بِالسِّوَاكِ وَنَحْوه . )7443 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خُطْبَته : ( ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح | قَالَ : السِّوَاك وَنَحْوه . )7444 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تَهْجُرُوا النِّسَاء إِلَّا فِي الْمَضَاجِع , وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح | يَقُول : غَيْر مُؤَثِّر . )7445 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ جَابِر , عَنْ عَطَاء : ( { وَاضْرِبُوهُنَّ } قَالَ : ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح . )7446 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن بِشْر , عَنْ عِكْرِمَة مِثْله . 7447 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثن

وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاق بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا } </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاق بَيْنهمَا } وَإِنْ عَلِمْتُمْ أَيّهَا النَّاس شِقَاق بَيْنهمَا , وَذَلِكَ مُشَاقَّة كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا صَاحِبه , وَهُوَ إِتْيَانه مَا يَشُقّ عَلَيْهِ مِنْ الْأُمُور , فَأَمَّا مِنْ الْمَرْأَة فَالنُّشُوز , وَتَرْكهَا أَدَاء حَقّ اللَّه عَلَيْهَا الَّذِي أَلْزَمَهَا اللَّه لِزَوْجِهَا ; وَأَمَّا مِنْ الزَّوْج فَتَرْكه إِمْسَاكهَا بِالْمَعْرُوفِ , أَوْ تَسْرِيحهَا بِإِحْسَانٍ . وَالشِّقَاق : مَصْدَر مِنْ قَوْل الْقَائِل : شَاقَّ فُلَان فُلَانًا : إِذَا أَتَى كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى صَاحِبه مَا يَشُقّ عَلَيْهِ مِنْ الْأُمُور , فَهُوَ يُشَاقّهُ مُشَاقَّة وَشِقَاقًا ; وَذَلِكَ قَدْ يَكُون عَدَاوَة , كَمَا : 7456 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , فِي قَوْله : ( { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاق بَيْنهمَا } قَالَ : إِنْ ضَرَبَهَا فَأَبَتْ أَنْ تَرْجِع وَشَاقَّتْهُ , يَقُول : عَادَتْهُ . )وَإِنَّمَا أُضِيفَ الشِّقَاق إِلَى الْبَيْن , لِأَنَّ الْبَيْن قَدْ يَكُون اِسْمًا , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنكُمْ } [6 94 ]فِي قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ . وَأَمَّا قَوْله : { فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا } فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل اِخْتَلَفُوا فِي الْمُخَاطَبِينَ بِهَذِهِ الْآيَة مِنْ الْمَأْمُور بِبَعْثَةِ الْحَكَمَيْنِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : الْمَأْمُور بِذَلِكَ : السُّلْطَان الَّذِي يُرْفَع ذَلِكَ إِلَيْهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7457 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا أَيُّوب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُخْتَلِعَة : (يَعِظهَا , فَإِنْ اِنْتَهَتْ وَإِلَّا هَجَرَهَا , فَإِنْ اِنْتَهَتْ وَإِلَّا ضَرَبَهَا , فَإِنْ اِنْتَهَتْ وَإِلَّا رَفَعَ أَمْرهَا إِلَى السُّلْطَان , فَيَبْعَث حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا , فَيَقُول الْحَكَم الَّذِي مِنْ أَهْلهَا : يَفْعَل بِهَا كَذَا , وَيَقُول الْحَكَم الَّذِي مِنْ أَهْله : تَفْعَل بِهِ كَذَا , فَأَيّهمَا كَانَ الظَّالِم رَدَّهُ السُّلْطَان وَأَخَذَ فَوْق يَدَيْهِ , وَإِنْ كَانَتْ نَاشِزًا أَمَرَهُ أَنْ يَخْلَع . )7458 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك : ( { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاق بَيْنهمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا } قَالَ : بَلْ ذَلِكَ إِلَى السُّلْطَان . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الْمَأْمُور بِذَلِكَ الرَّجُل وَالْمَرْأَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7459 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاق بَيْنهمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا } إِنْ ضَرَبَهَا فَإِنْ رَجَعَتْ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا سَبِيل , فَإِنْ أَبَتْ أَنْ تَرْجِع وَشَاقَّتْهُ , فَلْيَبْعَثْ حَكَمًا مِنْ أَهْله وَتَبْعَث حَكَمًا مِنْ أَهْلهَا . )ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِيمَا يُبْعَث لَهُ الْحَكَمَانِ , وَمَا الَّذِي يَجُوز لِلْحَكَمَيْنِ مِنْ الْحُكْم بَيْنهمَا , وَكَيْفَ وَجْه بَعْثهمَا بَيْنهمَا ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : يَبْعَثهُمَا الزَّوْجَانِ بِتَوْكِيلٍ مِنْهُمَا إِيَّاهُمَا بِالنَّظَرِ بَيْنهمَا , وَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَعْمَلَا شَيْئًا فِي أَمْرهمَا إِلَّا مَا وَكَّلَاهُمَا بِهِ , أَوْ وَكَّلَهُ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا بِمَا إِلَيْهِ , فَيَعْمَلَانِ بِمَا وَكَّلَهُمَا بِهِ مَنْ وَكَّلَهُمَا مِنْ الرَّجُل وَالْمَرْأَة فِيمَا يَجُوز تَوْكِيلهمَا فِيهِ , أَوْ تَوْكِيل مَنْ وُكِّلَ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7460 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَيُّوب , عَنْ مُحَمَّد , عَنْ عُبَيْدَة , قَالَ : (جَاءَ رَجُل وَامْرَأَته بَيْنهمَا شِقَاق إِلَى عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , مَعَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا فِئَام مِنْ النَّاس , فَقَالَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : اِبْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا , ثُمَّ قَالَ لِلْحَكَمَيْنِ : تَدْرِيَانِ مَا عَلَيْكُمَا ؟ عَلَيْكُمَا إِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تَجْمَعَا أَنْ تَجْمَعَا , وَإِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُفَرِّقَا أَنْ تُفَرِّقَا . قَالَتْ الْمَرْأَة : رَضِيت بِكِتَابِ اللَّه بِمَا عَلَيَّ فِيهِ وَلِي . وَقَالَ الرَّجُل : أَمَّا الْفُرْقَة فَلَا . فَقَالَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : كَذَبْت , وَاَللَّه لَا تَنْقَلِب حَتَّى تُقِرّ بِمِثْلِ الَّذِي أَقَرَّتْ بِهِ. )* - حَدَّثَنَا مُجَاهِد بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا يَزِيد , مَال : ثنا هِشَام بْن حَسَّان , وَعَبْد اللَّه بْن عَوْن , عَنْ مُحَمَّد : (أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَتَاهُ رَجُل وَامْرَأَته , وَمَعَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا فِئَام مِنْ النَّاس , فَأَمَرَهُمَا عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنْ يَبْعَثَا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا لِيَنْظُرَا , فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ الْحَكَمَانِ , قَالَ لَهُمَا عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : أَتَدْرِيَانِ مَا لَكُمَا ؟ لَكُمَا إِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُفَرِّقَا فَرَّقْتُمَا , وَإِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تَجْمَعَا جَمَعْتُمَا . قَالَ هِشَام فِي حَدِيثه : فَقَالَتْ الْمَرْأَة : رَضِيت بِكِتَابِ اللَّه لِي وَعَلَيَّ فَقَالَ الرَّجُل : أَمَّا الْفُرْقَة فَلَا . فَقَالَ عَلِيّ : كَذَبْت وَاَللَّه حَتَّى تَرْضَى مِثْل مَا رَضِيت بِهِ . وَقَالَ اِبْن عَوْن فِي حَدِيثه : كَذَبْت , وَاَللَّه لَا تَبْرَح حَتَّى تَرْضَى بِمِثْلِ مَا رَضِيت بِهِ . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَنْصُور وَهِشَام , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , عَنْ عُبَيْدَة , قَالَ : شَهِدْت عَلِيًّا رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , فَذَكَرَ مِثْله . 7461 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : (إِذَا هَجَرَهَا فِي الْمَضْجَع وَضَرَبَهَا , فَأَبَتْ أَنْ تَرْجِع وَشَاقَّتْهُ , فَلْيَبْعَثْ حَكَمًا مِنْ أَهْله وَتَبْعَث حَكَمًا مِنْ أَهْلهَا ; تَقُول الْمَرْأَة لِحَكَمِهَا : قَدْ وَلَّيْتُك أَمْرِي , فَإِنْ أَمَرْتنِي أَنْ أَرْجِع رَجَعَتْ , وَإِنْ فَرَّقْت تَفَرَّقْنَا . وَتُخْبِرهُ بِأَمْرِهَا إِنْ كَانَتْ تُرِيد نَفَقَة أَوْ كَرِهَتْ شَيْئًا مِنْ الْأَشْيَاء , وَتَأْمُرهُ أَنْ يَرْفَع ذَلِكَ عَنْهَا وَتَرْجِع , أَوْ تُخْبِرهُ أَنَّهَا لَا تُرِيد الطَّلَاق . وَيَبْعَث الرَّجُل حَكَمًا مِنْ أَهْله يُوَلِّيه أَمْره , وَيُخْبِرهُ يَقُول لَهُ حَاجَته إِنْ كَانَ يُرِيدهَا أَوْ لَا يُرِيد أَنْ يُطَلِّقهَا , أَعْطَاهَا مَا سَأَلَتْ وَزَادَهَا فِي النَّفَقَة , وَإِلَّا قَالَ لَهُ : خُذْ لِي مِنْهَا مَا لَهَا عَلَيَّ وَطَلِّقْهَا ! فَيُوَلِّيه أَمْره , فَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ , وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ . ثُمَّ يَجْتَمِع الْحَكَمَانِ فَيُخْبِر كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا مَا يُرِيد لِصَاحِبِهِ , وَيُجْهِد كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا مَا يُرِيد لِصَاحِبِهِ , فَإِنْ اِتَّفَقَ الْحَكَمَانِ عَلَى شَيْء فَهُوَ جَائِز , إِنْ طَلَّقَا وَإِنْ أَمْسَكَا , فَهُوَ قَوْل اللَّه : { فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّق اللَّه بَيْنهمَا } فَإِنْ بَعَثَتْ الْمَرْأَة حَكَمًا وَأَبَى الرَّجُل أَنْ يَبْعَث , فَإِنَّهُ لَا يَقْرَبهَا حَتَّى يَبْعَث حَكَمًا. )وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّ الَّذِي يَبْعَث الْحَكَمَيْنِ هُوَ السُّلْطَان , غَيْر أَنَّهُ إِنَّمَا يَبْعَثهُمَا لِيَعْرِفَا الظَّالِم مِنْ الْمَظْلُوم مِنْهُمَا , لِيَحْمِلهُمَا عَلَى الْوَاجِب لِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا قَبْل صَاحِبه لَا التَّفْرِيق بَيْنهمَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7462 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن , وَهُوَ قَوْل قَتَادَة , أَنَّهُمَا قَالَا : (إِنَّمَا يُبْعَث الْحَكَمَانِ لِيُصْلِحَا وَيَشْهَدَا عَلَى الظَّالِم بِظُلْمِهِ ; وَأَمَّا الْفُرْقَة فَلَيْسَتْ فِي أَيْدِيهمَا , وَلَمْ يَمْلِكَا ذَلِكَ , يَعْنِي : { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاق بَيْنهمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا } )7463 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاق بَيْنهمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا } . .. الْآيَة , إِنَّمَا يُبْعَث الْحَكَمَانِ لِيُصْلِحَا , فَإِنْ أَعْيَاهُمَا أَنْ يُصْلِحَا شَهِدَا عَلَى الظَّالِم وَلَيْسَ بِأَيْدِيهِمَا فُرْقَة , وَلَا يَمْلِكَانِ ذَلِكَ. )7464 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ قَيْس بْن سَعْد , قَالَ : (سَأَلْت عَنْ الْحَكَمَيْنِ , قَالَ : اِبْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا , فَمَا حَكَمَ الْحَكَمَانِ مِنْ شَيْء فَهُوَ جَائِز ; يَقُول اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّق اللَّه بَيْنهمَا } قَالَ : يَخْلُو حَكَم الرَّجُل بِالزَّوْجِ , وَحَكَم الْمَرْأَة بِالْمَرْأَةِ , فَيَقُول كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ : اُصْدُقْنِي مَا فِي نَفْسك ! فَإِذَا صَدَقَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا صَاحِبه اِجْتَمَعَ الْحَكَمَانِ وَأَخَذَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبه مِيثَاقًا لِتَصْدُقنِي الَّذِي قَالَ لَك صَاحِبك , وَلَأَصْدُقَنك الَّذِي قَالَ لِي صَاحِبِي ! فَذَاكَ حِين أَرَادَا الْإِصْلَاح يُوَفِّق اللَّه بَيْنهمَا , فَإِذَا فَعَلَا ذَلِكَ اِطَّلَعَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا عَلَى مَا أَفْضَى بِهِ صَاحِبه إِلَيْهِ , فَيَعْرِفَانِ عِنْد ذَلِكَ مَنْ الظَّالِم وَالنَّاشِز مِنْهُمَا , فَأَتَيَا عَلَيْهِ , فَحَكَمَا عَلَيْهِ. فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَة قَالَا : أَنْتِ الظَّالِمَة الْعَاصِيَة , لَا يُنْفِق عَلَيْك حَتَّى تَرْجِعِي إِلَى الْحَقّ وَتُطِيعِي اللَّه فِيهِ . وَإِنْ كَانَ الرَّجُل هُوَ الظَّالِم , قَالَا : أَنْتَ الظَّالِم الْمُضَارّ لَا تَدْخُل لَهَا بَيْتًا حَتَّى تُنْفِق عَلَيْهَا وَتَرْجِع إِلَى الْحَقّ وَالْعَدْل. فَإِنْ كَانَتْ هِيَ الظَّالِمَة الْعَاصِيَة أَخَذَ مِنْهَا مَالهَا , وَهُوَ لَهُ حَلَال طَيِّب , وَإِنْ كَانَ هُوَ الظَّالِم الْمُسِيء إِلَيْهَا الْمُضَارّ لَهَا طَلَّقَهَا , وَلَمْ يَحِلّ لَهُ مِنْ مَالهَا شَيْء , فَإِنْ أَمْسَكَهَا أَمْسَكَهَا بِمَا أَمَرَ اللَّه وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا وَأَحْسَنَ إِلَيْهَا . )7465 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ مُوسَى بْن عُبَيْدَة , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , قَالَ : (كَانَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يَبْعَث الْحَكَمَيْنِ : حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا , فَيَقُول الْحَكَم مِنْ أَهْلهَا : يَا فُلَان مَا تَنْقِم مِنْ زَوْجَتك ؟ فَيَقُول : أَنْقِم مِنْهَا كَذَا وَكَذَا . قَالَ : فَيَقُول : أَفَرَأَيْت إِنْ نَزَعَتْ عَمَّا تَكْرَه إِلَى مَا تُحِبّ , هَلْ أَنْتَ مُتَّقِي اللَّه فِيهَا وَمُعَاشِرهَا بِاَلَّذِي يَحِقّ عَلَيْك فِي نَفَقَتهَا وَكِسْوَتهَا ؟ فَإِذَا قَالَ نَعَمْ , قَالَ الْحَكَم مِنْ أَهْله : يَا فُلَانَة مَا تَنْقِمِينَ مِنْ زَوْجك فُلَان ؟ فَتَقُول مِثْل ذَلِكَ , فَإِنْ قَالَتْ : نَعَمْ , جَمَعَ بَيْنهمَا . قَالَ : وَقَالَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : الْحَكَمَانِ بِهِمَا يَجْمَع اللَّه وَبِهِمَا يُفَرِّق . )7466 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , قَالَ : قَالَ الْحَسَن : (الْحَكَمَانِ يَحْكُمَانِ فِي الِاجْتِمَاع , وَلَا يَحْكُمَانِ فِي الْفُرْقَة . )7467 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ فَعِظُوهُنَّ } وَهِيَ الْمَرْأَة الَّتِي تَنْشِز عَلَى زَوْجهَا , فَلِزَوْجِهَا أَنْ يَخْلَعهَا حِين يَأْمُر الْحَكَمَانِ بِذَلِكَ , وَهُوَ بَعْد مَا تَقُول لِزَوْحِهَا : وَاَللَّه لَا أَبَرّ لَك قَسَمًا , وَلَآذَنَنَّ فِي بَيْتك بِغَيْرِ أَمْرك : وَيَقُول السُّلْطَان : لَا نُجِيز لَك خُلْعًا. حَتَّى تَقُول الْمَرْأَة لِزَوْجِهَا : وَاَللَّه لَا أَغْتَسِل لَك مِنْ جَنَابَة , وَلَا أُقِيم لَك صَلَاة , فَعِنْد ذَلِكَ يَقُول السُّلْطَان : اِخْلَعْ الْمَرْأَة . )7468 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ فَعِظُوهُنَّ } قَالَ : تَعِظهَا , فَإِنْ أَبَتْ وَغَلَبَتْ فَاهْجُرْهَا فِي مَضْجَعهَا . فَإِنْ غَلَبَتْ هَذَا أَيْضًا فَاضْرِبْهَا . فَإِنْ غَلَبَتْ هَذَا أَيْضًا , بُعِثَ حَكَم مِنْ أَهْله وَحَكَم مِنْ أَهْلهَا . فَإِنْ غَلَبَتْ هَذَا أَيْضًا وَأَرَادَتْ غَيْره , فَإِنَّ أَبِي كَانَ يَقُول : لَيْسَ بِيَدِ الْحَكَمَيْنِ مِنْ الْفُرْقَة شَيْء , إِنْ رَأَيَا الظُّلْم مِنْ نَاحِيَة الزَّوْج قَالَا : أَنْتَ يَا فُلَان ظَالِم , اِنْزِعْ ! فَإِنْ أَبَى رَفَعَا ذَلِكَ إِلَى السُّلْطَان , لَيْسَ إِلَى الْحَكَمَيْنِ مِنْ الْفِرَاق شَيْء . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ إِنَّمَا يَبْعَث الْحَكَمَيْنِ السُّلْطَان عَلَى أَنَّ حُكْمهمَا مَاضٍ عَلَى الزَّوْجَيْنِ فِي الْجَمْع وَالتَّفْرِيق . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7469 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاق بَيْنهمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا } فَهَذَا الرَّجُل وَالْمَرْأَة إِذَا تَفَاسَدَ الَّذِي بَيْنهمَا , فَأَمَرَ اللَّه سُبْحَانه أَنْ يَبْعَثُوا رَجُلًا صَالِحًا مِنْ أَهْل الرَّجُل , وَمِثْله مِنْ أَهْل الْمَرْأَة , فَيَنْظُرَانِ أَيّهمَا الْمُسِيء , فَإِنْ كَانَ الرَّجُل هُوَ الْمُسِيء حَجَبُوا عَنْهُ اِمْرَأَته وَقَصَرُوهُ عَلَى النَّفَقَة , وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَة هِيَ الْمُسِيئَة قَصَرُوهَا عَلَى زَوْجهَا , وَمَنَعُوهَا النَّفَقَة . فَإِنْ اِجْتَمَعَ رَأْيهمَا عَلَى أَنْ يُفَرِّقَا أَوْ يُجَمِّعَا , فَأَمْرهمَا جَائِز . فَإِنْ رَأَيَا أَنْ يُجَمِّعَا فَرَضِيَ أَحَد الزَّوْجَيْنِ وَكَرِهَ ذَلِكَ الْآخَر ثُمَّ مَاتَ أَحَدهمَا , فَإِنَّ الَّذِي رَضِيَ يَرِث الَّذِي كَرِهَ , وَلَا يَرِث الْكَارِه الرَّاضِيَ , وَذَلِكَ قَوْله : { إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا } قَالَ : هُمَا الْحَكَمَانِ يُوَفِّق اللَّه بَيْنهمَا . )7470 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا رَوْح , قَالَ : ثنا عَوْف , عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ : (أَنَّ الْحَكَم مِنْ أَهْلهَا وَالْحَكَم مِنْ أَهْله يُفَرِّقَانِ وَيُجَمِّعَانِ إِذَا رَأَيَا ذَلِكَ { فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا } )7471 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر : قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة , قَالَ : (سَأَلْت سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ الْحَكَمَيْنِ , فَقَالَ : لَمْ أُولَد إِذْ ذَاكَ , فَقُلْت : إِنَّمَا أَعْنِي حَكَم الشِّقَاق , قَالَ : يُقْبِلَانِ عَلَى الَّذِي جَاءَ الْأَذَى مِنْ عِنْده , فَإِنْ فَعَلَ وَإِلَّا أَقْبَلَا عَلَى الْآخَر , فَإِنْ فَعَلَ , وَإِلَّا حَكَمَا , فَمَا حَكَمَا مِنْ شَيْء فَهُوَ جَائِز. )7472 - حَدَّثَنَا عَبْد الْحَمِيد بْن بَيَان , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن يَزِيد , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ عَامِر فِي قَوْله : ( { فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا } قَالَ : مَا قَضَى الْحَكَمَانِ مِنْ شَيْء فَهُوَ جَائِز . )7473 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ دَاوُد , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : (مَا حَكَمَا مِنْ شَيْء فَهُوَ جَائِز ; إِنْ فَرَّقَا بَيْنهمَا بِثَلَاثِ تَطْلِيقَات أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ فَهُوَ جَائِز , وَإِنْ فَرَّقَا بِتَطْلِيقَةٍ فَهُوَ جَائِز . وَإِنْ حَكَمَا عَلَيْهِ بِهَذَا مِنْ مَاله فَهُوَ جَائِز , فَإِنْ أَصْلَحَا فَهُوَ جَائِز , وَإِنْ وَضَعَا مِنْ شَيْء فَهُوَ جَائِز . )* - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : ثنا أَبُو جَعْفَر , عَنْ الْمُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم فِي قَوْله : ( { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاق بَيْنهمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا } قَالَ : مَا صَنَعَ الْحَكَمَانِ مِنْ شَيْء فَهُوَ جَائِز عَلَيْهِمَا , إِنْ طَلَّقَا ثَلَاثًا فَهُوَ جَائِز عَلَيْهِمَا , وَإِنْ طَلَّقَهَا وَاحِدَة أَوْ طَلَّقَاهَا عَلَى جُعْل فَهُوَ جَائِز , وَمَا صَنَعَا مِنْ شَيْء فَهُوَ جَائِز . )7474 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير , عَنْ أَبِي سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : (إِنْ شَاءَ الْحَكَمَانِ أَنْ يُفَرِّقَا فَرَّقَا , وَإِنْ شَاءَا أَنْ يُجَمِّعَا جَمَّعَا . )7475 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ حُصَيْن , عَنْ الشَّعْبِيّ : (أَنَّ اِمْرَأَة نَشَزَتْ عَلَى زَوْجهَا , فَاخْتَصَمُوا إِلَى شُرَيْح , فَقَالَ شُرَيْح : اِبْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا ! فَنَظَرَ الْحَكَمَانِ فِي أَمْرهمَا , فَرَأَيَا أَنْ يُفَرِّقَا بَيْنهمَا , فَكَرِهَ ذَلِكَ الرَّجُل , فَقَالَ شُرَيْح : فَفِيمَ كَانَا الْيَوْم ؟ وَأَجَازَ قَوْلهمَا . )7476 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ اِبْن طَاوُس , عَنْ عِكْرِمَة بْن خَالِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (بُعِثْت أَنَا وَمُعَاوِيَة حَكَمَيْنِ . قَالَ مَعْمَر : بَلَغَنِي أَنَّ عُثْمَان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ بَعَثَهُمَا , وَقَالَ لَهُمَا : إِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُجَمِّعَا جَمَّعْتُمَا , وَإِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُفَرِّقَا فَرَّقْتُمَا. )7477 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا رَوْح بْن عُبَادَة , قَالَ : ثنا اِبْن جُرَيْج , قَالَ : ثني اِبْن أَبِي مُلَيْكَة : (أَنَّ عَقِيل بْن أَبِي طَالِب تَزَوَّجَ فَاطِمَة اِبْنَة عُتْبَة , فَكَانَ بَيْنهمَا كَلَام , فَجَاءَتْ عُثْمَان فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ , فَأَرْسَلَ اِبْن عَبَّاس وَمُعَاوِيَة , فَقَالَ اِبْن عَبَّاس : لَأُفَرِّقَنَّ بَيْنهمَا ! وَقَالَ مُعَاوِيَة : مَا كُنْت لِأُفَرِّق بَيْن شَيْخَيْنِ مِنْ بَنِي عَبْد مَنَاف ! فَأَتَيَاهُمَا وَقَدْ اِصْطَلَحَا. )7478 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : ( { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاق بَيْنهمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا } يَكُونَانِ عَدْلَيْنِ عَلَيْهِمَا وَشَاهِدَيْنِ . وَذَلِكَ إِذَا تَدَارَأَ الرَّجُل وَالْمَرْأَة وَتَنَازَعَا إِلَى السُّلْطَان , جَعَلَ عَلَيْهِمَا حَكَمَيْنِ : حَكَمًا مِنْ أَهْل الرَّجُل وَحَكَمًا مِنْ أَهْل الْمَرْأَة , يَكُونَانِ أَمِينَيْنِ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا. وَيَنْظُرَانِ مِنْ أَيّهمَا يَكُون الْفَسَاد , فَإِنْ كَانَ مِنْ قِبَل الْمَرْأَة أُجْبِرَتْ عَلَى طَاعَة زَوْجهَا , وَأُمِرَ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّه وَيُحْسِن صُحْبَتهَا وَيُنْفِق عَلَيْهَا بِقَدْرِ مَا آتَاهُ اللَّه ; إِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ . وَإِنْ كَانَتْ الْإِسَاءَة مِنْ قِبَل الرَّجُل أُمِرَ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهَا , فَإِنْ لَمْ يَفْعَل قِيلَ لَهُ : أَعْطِهَا حَقّهَا , وَخَلِّ سَبِيلهَا ! وَإِنَّمَا يَلِي ذَلِكَ مِنْهُمَا السُّلْطَان. )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ فِي قَوْله : { فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا } أَنَّ اللَّه خَاطَبَ الْمُسْلِمِينَ بِذَلِكَ , وَأَمَرَهُمْ بِبَعْثَةِ الْحَكَمَيْنِ عِنْد خَوْف الشِّقَاق بَيْن الزَّوْجَيْنِ لِلنَّظَرِ فِي أَمْرهمَا , وَلَمْ يُخَصِّص بِالْأَمْرِ بِذَلِكَ بَعْضهمْ دُون بَعْض . وَقَدْ أَجْمَعَ الْجَمِيع عَلَى أَنَّ بَعْثَة الْحَكَمَيْنِ فِي ذَلِكَ لَيْسَتْ لِغَيْرِ الزَّوْجَيْنِ وَغَيْر السُّلْطَان , الَّذِي هُوَ سَائِس أَمْر الْمُسْلِمِينَ , أَوْ مَنْ أَقَامَهُ فِي ذَلِكَ مَقَام نَفْسه . وَاخْتَلَفُوا فِي الزَّوْجَيْنِ وَالسُّلْطَان , وَمَنْ الْمَأْمُور بِالْبَعْثَةِ فِي ذَلِكَ : الزَّوْجَانِ , أَوْ السُّلْطَان ؟ وَلَا دَلَالَة فِي الْآيَة تَدُلّ عَلَى أَنَّ الْأَمْر بِذَلِكَ مَخْصُوص بِهِ أَحَد الزَّوْجَيْنِ , وَلَا أَثَر بِهِ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالْأُمَّة فِيهِ مُخْتَلِفَة. وَإِذْ كَانَ الْأَمْر عَلَى مَا وَصَفْنَا , فَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يَكُون مَخْصُوصًا مِنْ الْآيَة مَا أَجْمَعَ الْجَمِيع عَلَى أَنَّهُ مَخْصُوص مِنْهَا . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَالْوَاجِب أَنْ يَكُون الزَّوْجَانِ وَالسُّلْطَان مِمَّنْ قَدْ شَمِلَهُ حُكْم الْآيَة , وَالْأَمْر بِقَوْلِهِ : { فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا } إِذْ كَانَ مُخْتَلِفًا بَيْنهمَا هَلْ هُمَا مَعْنِيَّانِ بِالْأَمْرِ بِذَلِكَ أَمْ لَا ؟ وَكَانَ ظَاهِر الْآيَة قَدْ عَمَّهُمَا ; فَالْوَاجِب مِنْ الْقَوْل إِذْ كَانَ صَحِيحًا مَا وَصَفْنَا أَنْ يُقَال : إِنْ بَعَثَ الزَّوْجَانِ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا حَكَمًا مِنْ قِبَله , لِيَنْظُر فِي أَمْرهمَا , وَكَانَ لِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا مِمَّنْ بَعَثَهُ مِنْ قِبَله فِي ذَلِكَ طَاقَة عَلَى صَاحِبه وَلِصَاحِبِهِ عَلَيْهِ , فَتَوْكِيله بِذَلِكَ مَنْ وَكَّلَ جَائِز لَهُ وَعَلَيْهِ , وَإِنْ وَكَّلَهُ بِبَعْضٍ وَلَمْ يُوَكِّلهُ بِالْجَمِيعِ , كَانَ مَا فَعَلَهُ الْحَكَم مِمَّا وَكَّلَهُ بِهِ صَاحِبه مَاضِيًا جَائِزًا عَلَى مَا وَكَّلَهُ بِهِ وَذَلِكَ أَنْ يُوَكِّلهُ أَحَدهمَا بِمَا لَهُ دُون مَا عَلَيْهِ , أَوْ لَمْ يُوَكِّل كُلّ وَاحِد مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِمَا لَهُ وَعَلَيْهِ , أَوْ بِمَا لَهُ , أَوْ بِمَا عَلَيْهِ , فَلَيْسَ لِلْحَكَمَيْنِ كِلَيْهِمَا إِلَّا مَا اِجْتَمَعَا عَلَيْهِ دُون مَا اِنْفَرَدَ بِهِ أَحَدهمَا . وَإِنْ لَمْ يُوَكِّلهُمَا وَاحِد مِنْهَا بِشَيْءٍ , وَإِنَّمَا بَعَثَاهُمَا لِلنَّظَرِ لِيَعْرِفَا الظَّالِم مِنْ الْمَظْلُوم مِنْهُمَا لِيَشْهَدَا عَلَيْهِمَا عِنْد السُّلْطَان إِنْ اِحْتَاجَا إِلَى شَهَادَتهمَا , لَمْ يَكُنْ لَهُمَا أَنْ يُحْدِثَا بَيْنهمَا شَيْئًا غَيْر ذَلِكَ مِنْ طَلَاق أَوْ أَخْذ مَال أَوْ غَيْر ذَلِكَ , وَلَمْ يَلْزَم الزَّوْجَيْنِ وَلَا وَاحِدًا مِنْهُمَا شَيْء مِنْ ذَلِكَ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَمَا مَعْنَى الْحَكَمَيْنِ إِذْ كَانَ الْأَمْر عَلَى مَا وَصَفْت ؟ قِيلَ : قَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى الْحَكَم : النَّظَر الْعَدْل , كَمَا قَالَ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم فِي الْخَبَر الَّذِي ذَكَرْنَاهُ , الَّذِي : 7479 - حَدَّثَنَا بِهِ يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , عَنْ يَزِيد , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْهُ : (لَا , أَنْتُمَا قَاضِيَانِ تَقْضِيَانِ بَيْنهمَا . )عَلَى السَّبِيل الَّتِي بَيَّنَّا مِنْ قَوْله . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : أَنَّهُمَا الْقَاضِيَانِ يَقْضِيَانِ بَيْنهمَا مَا فَوَّضَ إِلَيْهِمَا الزَّوْجَانِ . وَأَيّ الْأَمْرَيْنِ كَانَ فَلَيْسَ لَهُمَا وَلَا لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا الْحُكْم بَيْنهمَا بِالْفُرْقَةِ , وَلَا بِأَخْذِ مَال إِلَّا بِرِضَا الْمَحْكُوم عَلَيْهِ بِذَلِكَ , وَإِلَّا مَا لَزِمَ مِنْ حَقّ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَر فِي حُكْم اللَّه , وَذَلِكَ مَا لَزِمَ الرَّجُل لِزَوْجَتِهِ مِنْ النَّفَقَة وَالْإِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ إِنْ كَانَ هُوَ الظَّالِم لَهَا . فَأَمَّا غَيْر ذَلِكَ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُمَا وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ النَّاس غَيْرهمَا , لَا السُّلْطَان , وَلَا غَيْره ; وَذَلِكَ أَنَّ الزَّوْج إِنْ كَانَ هُوَ الظَّالِم لِلْمَرْأَةِ فَلِلْإِمَامِ السَّبِيل إِلَى أَخْذه بِمَا يَجِب لَهَا عَلَيْهِ مِنْ حَقّ , وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَة هِيَ الظَّالِمَة زَوْجهَا النَّاشِزَة عَلَيْهِ , فَقَدْ أَبَاحَ اللَّه لَهُ أَخْذ الْفِدْيَة مِنْهَا وَجَعَلَ إِلَيْهِ طَلَاقهَا عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّاهُ فِي سُورَة الْبَقَرَة . وَإِذْ كَانَ الْأَمْر كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ الْفُرْقَة بَيْن رَجُل وَامْرَأَة بِغَيْرِ رِضَا الزَّوْج , وَلَا أَخْذ مَال مِنْ الْمَرْأَة بِغَيْرِ رِضَاهَا بِإِعْطَائِهِ , إِلَّا بِحُجَّةٍ يَجِب التَّسْلِيم لَهَا مِنْ أَصْل أَوْ قِيَاس . وَإِنْ بَعَثَ الْحَكَمَيْنِ السُّلْطَانُ , فَلَا يَجُوز لَهُمَا أَنْ يَحْكُمَا بَيْن الزَّوْجَيْنِ بِفُرْقَةٍ إِلَّا بِتَوْكِيلِ الزَّوْج إِيَّاهُمَا بِذَلِكَ , وَلَا لَهُمَا أَنْ يَحْكُمَا بِأَخْذِ مَال مِنْ الْمَرْأَة إِلَّا بِرِضَا الْمَرْأَة ; يَدُلّ عَلَى ذَلِكَ مَا قَدْ بَيَّنَّاهُ قَبْل مِنْ فِعْل عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ بِذَلِكَ , وَالْقَائِلِينَ بِقَوْلِهِ , وَلَكِنْ لَهُمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْن الزَّوْجَيْنِ , وَيَتَعَرَّفَا الظَّالِم مِنْهُمَا مِنْ الْمَظْلُوم لِيَشْهَدَا عَلَيْهِ إِنْ اِحْتَاجَ الْمَظْلُوم مِنْهُمَا إِلَى شَهَادَتهمَا. وَإِنَّمَا قُلْنَا : لَيْسَ لَهُمَا التَّفْرِيق لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا آنِفًا , وَإِنَّمَا يَبْعَث السُّلْطَان الْحَكَمَيْنِ إِذَا بَعَثَهُمَا إِذَا اِرْتَفَعَ إِلَيْهِ الزَّوْجَانِ , فَشَكَا كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا صَاحِبه , وَأَشْكَلَ عَلَيْهِ الْمُحِقّ مِنْهُمَا مِنْ الْمُبْطِل , لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يُشْكِل الْمُحِقّ مِنْ الْمُبْطِل , فَلَا وَجْه لِبَعْثِهِ الْحَكَمَيْنِ فِي أَمْر قَدْ عَرَفَ الْحُكْم فِيهِ .|إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّق اللَّه بَيْنهمَا } </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا } إِنْ يُرِدْ الْحَكَمَانِ إِصْلَاحًا بَيْن الرَّجُل وَالْمَرْأَة , أَعْنِي بَيْن الزَّوْجَيْنِ الْمَخُوف شِقَاق بَيْنهمَا , يَقُول : يُوَفِّق اللَّه بَيْن الْحَكَمَيْنِ , فَيَتَّفِقَا عَلَى الْإِصْلَاح بَيْنهمَا , وَذَلِكَ إِذَا صَدَقَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا فِيمَا أَفْضَى إِلَيْهِ مِنْ بَعْث لِلنَّظَرِ فِي أَمْر الزَّوْجَيْنِ. وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7480 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِي هَاشِم , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا } قَالَ : أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ بِالرَّجُلِ وَالْمَرْأَة , وَلَكِنَّهُ الْحَكَمَانِ. )7481 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : ( { إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّق اللَّه بَيْنهمَا } قَالَ : هُمَا الْحَكَمَانِ , إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّق اللَّه بَيْنهمَا . )7482 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّق اللَّه بَيْنهمَا } وَذَلِكَ الْحَكَمَانِ , وَكَذَلِكَ كُلّ مُصْلِح يُوَفِّقهُ اللَّه لِلْحَقِّ وَالصَّوَاب . )7483 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّق اللَّه بَيْنهمَا } يَعْنِي بِذَلِكَ الْحَكَمَيْنِ. )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : ( { إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا } قَالَ : إِنْ يُرِدْ الْحَكَمَانِ إِصْلَاحًا أَصْلَحَا . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ أَبِي هَاشِم , عَنْ مُجَاهِد : ( { إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّق اللَّه بَيْنهمَا } يُوَفِّق اللَّه بَيْن الْحَكَمَيْنِ . )7484 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَوْله : ( { إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا } قَالَ : هُمَا الْحَكَمَانِ إِذَا نَصَحَا الْمَرْأَة وَالرَّجُل جَمِيعًا .)|إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِنَّ اللَّه كَانَ عَلِيمًا بِمَا أَرَادَ الْحَكَمَانِ مِنْ إِصْلَاح بَيْن الزَّوْجَيْنِ وَغَيْره , خَبِيرًا بِذَلِكَ وَبِغَيْرِهِ مِنْ أُمُورهمَا وَأُمُور غَيْرهمَا , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْهُ , حَافِظ عَلَيْهِمْ , حَتَّى يُجَازِي كُلًّا مِنْهُمْ جَزَاءَهُ بِالْإِحْسَانِ إِحْسَانًا , وَبِالْإِسَاءَةِ غُفْرَانًا أَوْ عِقَابًا .

وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاعْبُدُوا اللَّه وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَذِلُّوا لِلَّهِ بِالطَّاعَةِ , وَاخْضَعُوا لَهُ بِهَا , وَأَفْرِدُوهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ , وَأَخْلِصُوا لَهُ الْخُضُوع وَالذِّلَّة , بِالِانْتِهَاءِ إِلَى أَمْره , وَالِانْزِجَار عَنْ نَهْيه , وَلَا تَحْمِلُوا لَهُ فِي الرُّبُوبِيَّة وَالْعِبَادَة شَرِيكًا تُعَظِّمُونَهُ تَعْظِيمكُمْ إِيَّاهُ .|وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا| { وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا } يَقُول : وَأَمَرَكُمْ بِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا , يَعْنِي بِرًّا بِهِمَا ; وَلِذَلِكَ نَصَبَ الْإِحْسَان , لِأَنَّهُ أَمْر مِنْهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِلُزُومِ الْإِحْسَان إِلَى الْوَالِدَيْنِ عَلَى وَجْه الْإِغْرَاء . وَقَدْ قَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : وَاسْتَوْصُوا بِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا , وَهُوَ قَرِيب الْمَعْنَى مِمَّا قُلْنَاهُ .|وَبِذِي الْقُرْبَى|وَأَمَّا قَوْله : { وَبِذِي الْقُرْبَى } فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَأَمَرَ أَيْضًا بِذِي الْقُرْبَى , وَهُمْ ذَوُو قَرَابَة أَحَدنَا مِنْ قِبَل أَبِيهِ أَوْ أُمّه مِمَّنْ قَرُبَتْ مِنْهُ قَرَابَته بِرَحِمِهِ مِنْ أَحَد الطَّرَفَيْنِ إِحْسَانًا بِصِلَةِ رَحِمه .|وَالْيَتَامَى|وَأَمَّا قَوْله : { وَالْيَتَامَى } فَإِنَّهُمْ جَمْع يَتِيم , وَهُوَ الطِّفْل الَّذِي قَدْ مَاتَ وَالِده وَهَلَكَ .|وَالْمَسَاكِينِ| { وَالْمَسَاكِين } وَهُوَ جَمْع مِسْكِين , وَهُوَ الَّذِي قَدْ رَكِبَهُ ذُلّ الْفَاقَة وَالْحَاجَة , فَتَمَسْكَنَ لِذَلِكَ . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : اِسْتَوْصُوا بِهَؤُلَاءِ إِحْسَانًا إِلَيْهِمْ , وَتَعَطَّفُوا عَلَيْهِمْ , وَالْزَمُوا وَصِيَّتِي فِي الْإِحْسَان إِلَيْهِمْ.|وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ وَالْجَار ذِي الْقَرَابَة وَالرَّحِم مِنْك. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7485 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } يَعْنِي : الَّذِي بَيْنك وَبَيْنه قَرَابَة . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } يَعْنِي : ذَا الرَّحِم . )7486 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة وَابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } قَالَ : جَارك هُوَ ذُو قَرَابَتك . )7487 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ جَابِر , عَنْ عِكْرِمَة وَمُجَاهِد فِي قَوْله : ( { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } قَالَا : الْقَرَابَة . )7488 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْله : ( { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } قَالَ : جَارك الَّذِي بَيْنك وَبَيْنه قَرَابَة . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } جَارك ذُو الْقَرَابَة. )7489 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } إِذَا كَانَ لَهُ جَار لَهُ رَحِم , فَلَهُ حَقَّانِ اِثْنَانِ : حَقّ الْقَرَابَة , وَحَقّ الْجَار . )7490 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } قَالَ : الْجَار ذُو الْقُرْبَى : ذُو قَرَابَتك . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ جَار ذِي قَرَابَتك. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7491 - حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ لَيْث , عَنْ مَيْمُون بْن مِهْرَان , فِي قَوْله : ( { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } قَالَ : الرَّجُل يَتَوَسَّل إِلَيْك بِجِوَارِ ذِي قَرَابَتك . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَهَذَا الْقَوْل قَوْل مُخَالِف الْمَعْرُوف مِنْ كَلَام الْعَرَب , وَذَلِكَ أَنَّ الْمَوْصُوف بِأَنَّهُ ذُو الْقَرَابَة فِي قَوْله : { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } الْجَار دُون غَيْره , فَجَعَلَهُ قَائِل هَذِهِ الْمَقَالَة جَار ذِي الْقَرَابَة , وَلَوْ كَانَ مَعْنَى الْكَلَام كَمَا قَالَ مَيْمُون بْن مِهْرَان لَقِيلَ : وَجَار ذِي الْقُرْبَى , وَلَمْ يَقُلْ : وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى , فَكَانَ يَكُون حِينَئِذٍ - إِذَا أُضِيفَ الْجَار إِلَى ذِي الْقَرَابَة - الْوَصِيَّة بِبِرِّ جَار ذِي الْقَرَابَة دُون الْجَار ذِي الْقُرْبَى . وَأَمَّا وَالْجَار بِالْأَلِفِ وَاللَّام فَغَيْر جَائِز أَنْ يُكْوَى | ذِي الْقُرْبَى | إِلَّا مِنْ صِفَة الْجَار . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَتْ الْوَصِيَّة مِنْ اللَّه فِي قَوْله : { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } بِبِرِّ الْجَار ذِي الْقُرْبَى دُون جَار ذِي الْقَرَابَة , وَكَانَ بَيِّنًا خَطَأ مَا قَالَ مَيْمُون بْن مِهْرَان فِي ذَلِكَ. وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى مِنْكُمْ بِالْإِسْلَامِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7492 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة الْأَسَدِيّ , قَالَ ; ثنا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ نَوْف الشَّامِيّ : ( { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } الْمُسْلِم . )وَهَذَا أَيْضًا مِمَّا لَا مَعْنَى لَهُ , وَذَلِكَ أَنَّ تَأْوِيل كِتَاب اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى غَيْر جَائِز صَرْفه إِلَّا إِلَى الْأَغْلَب مِنْ كَلَام الْعَرَب , الَّذِينَ نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ الْقُرْآن الْمَعْرُوف فِيهِمْ دُون الْأَنْكَر الَّذِي لَا تَتَعَارَفهُ , إِلَّا أَنْ يَقُوم بِخِلَافِ ذَلِكَ حُجَّة يَجِب التَّسْلِيم لَهَا . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَكَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الْمُتَعَارَف مِنْ كَلَام الْعَرَب إِذَا قِيلَ فُلَان ذُو قَرَابَة , إِنَّمَا يَعْنِي بِهِ : إِنَّهُ قَرِيب الرَّحِم مِنْهُ دُون الْقُرْب بِالدِّينِ , كَانَ صَرْفه إِلَى الْقَرَابَة بِالرَّحِمِ أَوْلَى مِنْ صَرْفه إِلَى الْقُرْب بِالدِّينِ.|وَالْجَارِ الْجُنُبِ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالْجَار الْجُنُب } </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَالْجَار الْبَعِيد الَّذِي لَا قَرَابَة بَيْنك وَبَيْنه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7493 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَالْجَار الْجُنُب } الَّذِي لَيْسَ بَيْنك وَبَيْنه قَرَابَة . )7494 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَالْجَار الْجُنُب } يَعْنِي : الْجَار مِنْ قَوْم جُنُب. )7495 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { وَالْجَار الْجُنُب } الَّذِي لَيْسَ بَيْنهمَا قَرَابَة وَهُوَ جَار , فَلَهُ حَقّ الْجِوَار . )7496 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَالْجَار الْجُنُب } الْجَار الْغَرِيب يَكُون مِنْ الْقَوْم . )7497 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة وَابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَالْجَار الْجُنُب } جَارك مِنْ قَوْم آخَرِينَ . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَالْجَار الْجُنُب } جَارك لَا قَرَابَة بَيْنك وَبَيْنه , الْبَعِيد فِي النَّسَب وَهُوَ جَار . )7498 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ جَابِر , عَنْ عِكْرِمَة وَمُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { وَالْجَار الْجُنُب } قَالَ : الْمُجَانِب . )7499 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَالْجَار الْجُنُب } الَّذِي لَيْسَ بَيْنك وَبَيْنه وَجْه وَلَا قَرَابَة . )7500 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك : ( { وَالْجَار الْجُنُب } قَالَ : مِنْ قَوْم آخَرِينَ . )وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ الْجَار الْمُشْرِك . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7501 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة الْأَسَدِيّ , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ نَوْف الشَّامِيّ ( { وَالْجَار الْجُنُب } قَالَ : الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ . )وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى الْجُنُب فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْغَرِيب الْبَعِيد , مُسْلِمًا كَانَ أَوْ مُشْرِكًا , يَهُودِيًّا كَانَ أَوْ نَصْرَانِيًّا ; لِمَا بَيَّنَّا قَبْل أَنَّ الْجَار ذَا الْقُرْبَى : هُوَ الْجَار ذُو الْقَرَابَة وَالرَّحِم , وَالْوَاجِب أَنْ يَكُون الْجَار ذُو الْجَنَابَة الْجَار الْبَعِيد , لِيَكُونَ ذَلِكَ وَصِيَّة بِجَمِيعِ أَصْنَاف الْجِيرَان , قَرِيبهمْ وَبَعِيدهمْ . وَبَعْد فَإِنَّ الْجُنُب فِي كَلَام الْعَرَب الْبَعِيد كَمَا قَالَ أَعْشَى بَنِي قَيْس : <br>أَتَيْت حُرَيْثًا زَائِرًا عَنْ جَنَابَة .......... فَكَانَ حُرَيْث فِي عَطَائِيَ جَامِدَا <br>يَعْنِي بِقَوْلِهِ : | عَنْ جَنَابَة | : عَنْ بُعْد وَغُرْبَة , وَمِنْهُ قِيلَ : اِجْتَنَبَ فُلَان فُلَانًا : إِذَا بَعُدَ مِنْهُ . وَتَجَنَّبَهُ وَجَنَّبَهُ خَيْره : إِذَا مَنَعَهُ إِيَّاهُ ; وَمِنْهُ قِيلَ لِلْجُنُبِ : جُنُب , لِاعْتِزَالِهِ الصَّلَاة حَتَّى يَغْتَسِل . فَمَعْنَى ذَلِكَ : وَالْجَار الْمُجَانِب لِلْقَرَابَةِ .|وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنِيّ بِذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ رَفِيق الرَّجُل فِي سَفَره . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7502 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } الرَّفِيق فِي السَّفَر . )7503 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى وَعَبْد الرَّحْمَن , قَالَا : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي بُكَيْر , قَالَ : سَمِعْت سَعِيد بْن جُبَيْر , يَقُول : ( { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } الرَّفِيق فِي السَّفَر . )7504 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة وَابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } صَاحِبك فِي السَّفَر . )7505 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } وَهُوَ الرَّفِيق فِي السَّفَر . )7506 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { الصَّاحِب بِالْجَنْبِ } الرَّفِيق فِي السَّفَر , مَنْزِله مَنْزِلك , وَطَعَامه طَعَامك , وَمَسِيره مَسِيرك . )7507 - حَدَّثَنَا سُفْيَان , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ جَابِر , عَنْ عِكْرِمَة وَمُجَاهِد : ( { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } قَالَا : الرَّفِيق فِي السَّفَر . )7508 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ جَابِر , عَنْ عَامِر , عَنْ عَلِيّ وَعَبْد اللَّه , قَالَ : ( { الصَّاحِب بِالْجَنْبِ } الرَّفِيق الصَّالِح . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي سُلَيْم , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : ( { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } رَفِيقك فِي السَّفَر الَّذِي يَأْتِيك وَيَده مَعَ يَدك . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك قِرَاءَة عَلَى اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُلَيْم أَنَّهُ سَمِعَ مُجَاهِدًا يَقُول : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } فَذَكَرَ مِثْله . 7509 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } الصَّاحِب فِي السَّفَر . )7510 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو دُكَيْن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي بُكَيْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : ( { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } الرَّفِيق الصَّالِح. )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ أَبِي بُكَيْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , مِثْله . 7511 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : ( { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } قَالَ : الرَّفِيق فِي السَّفَر . )* - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , مِثْله. وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ اِمْرَأَة الرَّجُل الَّتِي تَكُون مَعَهُ إِلَى جَنْبه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7512 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ جَابِر , عَنْ عَامِر أَوْ الْقَاسِم , عَنْ عَلِيّ وَعَبْد اللَّه : ( { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } قَالَا : هِيَ الْمَرْأَة . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ بَعْض أَصْحَابه , عَنْ جَابِر , عَنْ عَلِيّ وَعَبْد اللَّه , مِثْله . 7513 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } يَعْنِي الَّذِي مَعَك فِي مَنْزِلك. )7514 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ هِلَال , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } قَالَ : هِيَ الْمَرْأَة . )7515 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي الْهَيْثَم , عَنْ إِبْرَاهِيم : ( { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } قَالَ : الْمَرْأَة. )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : قَالَ الثَّوْرِيّ , قَالَ أَبُو الْهَيْثَم , عَنْ إِبْرَاهِيم : (هِيَ الْمَرْأَة . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي الْهَيْثَم , عَنْ إِبْرَاهِيم , مِثْله . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ مُحَمَّد بْن سُوقَة , عَنْ أَبِي الْهَيْثَم , عَنْ إِبْرَاهِيم , مِثْله . * - حَدَّثَنِي عَمْرو بْن بَيْذَق , قَالَ : ثنا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة , عَنْ مُحَمَّد بْن سُوقَة , عَنْ أَبِي الْهَيْثَم , عَنْ إِبْرَاهِيم , مِثْله. وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ الَّذِي يَلْزَمك وَيَصْحَبك رَجَاء نَفْعك . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7516 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : ( { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } الْمُلَازِم . وَقَالَ أَيْضًا : رَفِيقك الَّذِي يُرَافِقك . )7517 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : ( { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } الَّذِي يَلْصَق بِك وَهُوَ إِلَى جَنْبك , وَيَكُون مَعَك إِلَى جَنْبك رَجَاء خَيْرك وَنَفْعك . )وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ عِنْدِي : أَنَّ مَعْنَى : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } الصَّاحِب إِلَى الْجَنْب , كَمَا يُقَال : فُلَان بِجَنْبِ فُلَان وَإِلَى جَنْبه , وَهُوَ مِنْ قَوْلهمْ : جَنَبَ فُلَان فُلَانًا فَهُوَ يَجْنُبهُ جَنْبًا , إِذَا كَانَ لِجَنْبِهِ , وَمِنْ ذَلِكَ : جَنَبَ الْخَيْلَ , إِذَا قَادَ بَعْضهَا إِلَى جَنْب بَعْض . وَقَدْ يَدْخُل فِي هَذَا الرَّفِيق فِي السَّفَر , وَالْمَرْأَة , وَالْمُنْقَطِع إِلَى الرَّجُل الَّذِي يُلَازِمهُ رَجَاء نَفْعه , لِأَنَّ كُلّهمْ بِجَنْبِ الَّذِي هُوَ مَعَهُ وَقَرِيب مِنْهُ , وَقَدْ أَوْصَى اللَّه تَعَالَى بِجَمِيعِهِمْ لِوُجُوبِ حَقّ الصَّاحِب عَلَى الْمَصْحُوب . وَقَدْ : 7518 - حَدَّثَنَا سَهْل بْن مُوسَى الرَّازِيّ , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي فُدَيْك , عَنْ فُلَان بْن عَبْد اللَّه , عَنْ الثِّقَة عِنْده : (أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مَعَهُ رَجُل مِنْ أَصْحَابه وَهُمَا عَلَى رَاحِلَتَيْنِ , فَدَخَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَلَّمَ فِي غَيْضَة طَرْفَاء , فَقَطَعَ قَصِيلَيْنِ أَحَدهمَا مُعْوَجّ وَالْآخَر مُعْتَدِل , فَخَرَجَ بِهِمَا فَأَعْطَى صَاحِبه الْمُعْتَدِل وَأَخَذَ لِنَفْسِهِ الْمُعْوَجّ , فَقَالَ الرَّجُل : يَا رَسُول اللَّه بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي , أَنْتَ أَحَقّ بِالْمُعْتَدِلِ مِنِّي ! فَقَالَ : | كَلَّا يَا فُلَان , إِنَّ كُلّ صَاحِب يَصْحَب صَاحِبًا مَسْئُول عَنْ صَحَابَته وَلَوْ سَاعَة مِنْ نَهَار |. )7519 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ حَيْوَة , قَالَ : ثني شُرَحْبِيل بْن شَرِيك , عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن الْحُبُلِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : ( إِنَّ خَيْر الْأَصْحَاب عِنْد اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَيْرهمْ لِصَاحِبِهِ , وَخَيْر الْجِيرَان عِنْد اللَّه خَيْرهمْ لِجَارِهِ . )وَإِنْ كَانَ الصَّاحِب بِالْجَنْبِ مَعْنَاهُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنْ يَكُون دَاخِلًا فِيهِ كُلّ مَنْ جَنَبَ رَجُلًا يَصْحَبهُ فِي سَفَر أَوْ نِكَاح أَوْ اِنْقِطَاع إِلَيْهِ وَاتِّصَال بِهِ , وَلَمْ يَكُنْ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ خَصَّ بَعْضهمْ مِمَّا اِحْتَمَلَهُ ظَاهِر التَّنْزِيل ; فَالصَّوَاب أَنْ يُقَال : جَمِيعهمْ مَعْنِيُّونَ بِذَلِكَ , وَبِكُلِّهِمْ قَدْ أَوْصَى اللَّه بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ .|وَابْنِ السَّبِيلِ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَابْن السَّبِيل } </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : اِبْن السَّبِيل : هُوَ الْمُسَافِر الَّذِي يَجْتَاز مَارًّا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7520 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة وَابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَابْن السَّبِيل } هُوَ الَّذِي يَمُرّ عَلَيْك وَهُوَ مُسَافِر . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ مَعْمَر , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد وَقَتَادَة , مِثْله . 7521 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع فِي قَوْله : ( { وَابْن السَّبِيل } قَالَ : هُوَ الْمَارّ عَلَيْك وَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْل غَنِيًّا . )وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ الضَّيْف . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7522 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : حَدَّثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { وَابْن السَّبِيل } قَالَ : الضَّيْف لَهُ حَقّ فِي السَّفَر وَالْحَضَر . )7523 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { وَابْن السَّبِيل } وَهُوَ الضَّيْف. )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك : ( { وَابْن السَّبِيل } قَالَ : الضَّيْف . )* - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , مِثْله. وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ : أَنَّ اِبْن السَّبِيل : هُوَ صَاحِب الطَّرِيق , وَالسَّبِيل : هُوَ الطَّرِيق , وَابْنه : صَاحِبه الضَّارِب فِيهِ , فَلَهُ الْحَقّ عَلَى مَنْ مَرَّ بِهِ مُحْتَاجًا مُنْقَطِعًا بِهِ إِذَا كَانَ سَفَره فِي غَيْر مَعْصِيَة اللَّه أَنْ يُعِينهُ إِنْ اِحْتَاجَ إِلَى مَعُونَة , وَيُضَيِّفهُ إِنْ اِحْتَاجَ إِلَى ضِيَافَة , وَأَنْ يَحْمِلهُ إِنْ اِحْتَاجَ إِلَى حُمْلَان .|وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَاَلَّذِينَ مَلَكْتُمُوهُمْ مِنْ أَرِقَّائِكُمْ. فَأَضَافَ الْمِلْك إِلَى الْيَمِين , كَمَا يُقَال : تَكَلَّمَ فُوك , وَمَشَتْ رِجْلك , وَبَطَشَتْ يَدك , بِمَعْنَى : تَكَلَّمْت , وَمَشَيْت , وَبَطَشْت . غَيْر أَنَّ مَا وَصَفْت بِهِ كُلّ عُضْو مِنْ ذَلِكَ , فَإِنَّمَا أُضِيفَ إِلَيْهِ مَا وَصَفْت بِهِ , لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يَكُون فِي الْمُتَعَارَف فِي النَّاس دُون سَائِر جَوَارِح الْجَسَد , فَكَانَ مَعْلُومًا بِوَصْفِ ذَلِكَ الْعُضْو بِمَا وُصِفَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى الْمُرَاد مِنْ الْكَلَام , فَكَذَلِكَ قَوْله : { وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } لِأَنَّ مَمَالِيك أَحَدنَا تَحْت يَده , إِنَّمَا يَطْعَم مَا تَنَاوَلَهُ أَيْمَاننَا وَيَكْتَسِي مَا تَكْسُوهُ وَتُصَرِّفهُ فِيمَا أَحَبَّ صَرْفه فِيهِ بِهَا. فَأُضِيفَ مِلْكهمْ إِلَى الْأَيْمَان لِذَلِكَ . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7524 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } مِمَّا خَوَّلَك اللَّه كُلّ هَذَا أَوْصَى اللَّه بِهِ . )وَإِنَّمَا يَعْنِي مُجَاهِد بِقَوْلِهِ : وَكُلّ هَذَا أَوْصَى اللَّه بِهِ | الْوَالِدَيْنِ وَذَا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَالْجَار ذَا الْقُرْبَى , وَالْجَار الْجُنُب , وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ , وَابْن السَّبِيل , فَأَوْصَى رَبّنَا جَلَّ جَلَاله بِجَمِيعِ هَؤُلَاءِ عِبَاده إِحْسَانًا إِلَيْهِمْ , وَأَمَرَ خَلْقه بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى وَصِيَّته فِيهِمْ , فَحَقَّ عَلَى عِبَاده حِفْظ وَصِيَّة اللَّه فِيهِمْ ثُمَّ حِفْظ وَصِيَّة رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .|إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا } </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا } إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ مَنْ كَانَ ذَا خُيَلَاء , وَالْمُخْتَال الْمُفْتَعِل مِنْ قَوْلك : خَالَ الرَّجُل فَهُوَ يَخُول خَوْلًا وَخَالًا , وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : <br>فَإِنْ كُنْت سَيِّدنَا سُدْتَنَا .......... وَإِنْ كُنْت لِلْخَالِ فَاذْهَبْ فَخَلْ <br>وَمِنْهُ قَوْل الْعَجَّاج : <br>وَالْخَال ثَوْب مِنْ ثِيَاب الْجُهَّال <br>وَأَمَّا الْفَخُور : فَهُوَ الْمُفْتَخِر عَلَى عِبَاد اللَّه بِمَا أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِ مِنْ آلَائِهِ , وَبَسَطَ لَهُ مِنْ فَضْله , وَلَا يَحْمَد عَلَى مَا آتَاهُ مِنْ طَوْله , وَلَكِنَّهُ بِهِ مُخْتَال مُسْتَكْبِر , وَعَلَى غَيْره بِهِ مُسْتَطِيل مُفْتَخِر . كَمَا : 7525 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا } قَالَ : مُتَكَبِّرًا فَخُورًا , قَالَ : يَعُدَّ مَا أُعْطِيَ , وَهُوَ لَا يَشْكُر اللَّه . )7526 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن كَثِير , عَنْ عَبْد اللَّه بْن وَاقِد أَبِي رَجَاء الْهَرَوِيّ , قَالَ : (لَا تَجِد سَيِّئ الْمَلَكَة إِلَّا وَجَدْته مُخْتَالًا فَخُورًا , وَتَلَا : { وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا } وَلَا عَاقًّا إِلَّا وَجَدْته جَبَّارًا شَقِيًّا , وَتَلَا : { وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلنِي جَبَّارًا شَقِيًّا } [19 32])

الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاس بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْمُخْتَال الْفَخُور , الَّذِي يَبْخَل وَيَأْمُر النَّاس بِالْبُخْلِ . فـ | ـالَّذِينَ | يَحْتَمِل أَنْ يَكُون فِي مَوْضِع رَفْع رَدًّا عَلَى مَا فِي قَوْله { فَخُورًا } مِنْ ذَمّ , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون نَصْبًا عَلَى النَّعْت لِـ | ـمَنْ |. وَالْبُخْل فِي كَلَام الْعَرَب مَنْع الرَّجُل سَائِله مَا لَدَيْهِ وَعِنْده مِنْ فَضْل عَنْهُ . كَمَا : 7527 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ اِبْن طَاوُس عَنْ أَبِيهِ فِي قَوْله : ( { الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاس بِالْبُخْلِ } قَالَ : الْبُخْل : أَنْ يَبْخَل الْإِنْسَان بِمَا فِي يَدَيْهِ , وَالشُّحّ : أَنْ يَشُحّ عَلَى مَا فِي أَيْدِي النَّاس . قَالَ : يُحِبّ أَنْ يَكُون لَهُ مَا فِي أَيْدِي النَّاس بِالْحِلِّ وَالْحَرَام لَا يَقْنَع . )وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَيَأْمُرُونَ النَّاس بِالْبُخْلِ } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْكُوفَة : | بِالْبَخَلِ | بِفَتْحِ الْبَاء وَالْخَاء . وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَبَعْض الْبَصْرِيِّينَ بِضَمِّ الْبَاء : { بِالْبُخْلِ } وَهُمَا لُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِد , وَقِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ غَيْر مُخْتَلِفَتَيْ الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَهُوَ مُصِيب فِي قِرَاءَته . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنَى بِقَوْلِهِ : { الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاس بِالْبُخْلِ } الَّذِينَ كَتَمُوا اِسْم مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصِفَته مِنْ الْيَهُود , وَلَمْ يُبَيِّنُوهُ لِلنَّاسِ , وَهُمْ يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدهمْ فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7528 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الْحَضْرَمِيّ : ( { الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاس بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } قَالَ : هُمْ الْيَهُود بَخِلُوا بِمَا عِنْدهمْ مِنْ الْعِلْم وَكَتَمُوا ذَلِكَ. )7529 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : ( { الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاس بِالْبُخْلِ } ... إِلَى قَوْله : { وَكَانَ اللَّه بِهِمْ عَلِيمًا } مَا بَيْنَ ذَلِكَ فِي يَهُود . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7530 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاس بِالْبُخْلِ } وَهُمْ أَعْدَاء اللَّه أَهْل الْكِتَاب , بَخِلُوا بِحَقِّ اللَّه عَلَيْهِمْ , وَكَتَمُوا الْإِسْلَام وَمُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهُمْ يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدهمْ فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل . )7531 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , أَمَّا : ( { الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاس بِالْبُخْلِ } فَهُمْ الْيَهُود , { وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } اِسْم مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَوْ { يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاس بِالْبُخْلِ } يَبْخَلُونَ بِاسْمِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَيَأْمُر بَعْضهمْ بَعْضًا بِكِتْمَانِهِ. )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مُسْلِم الرَّازِيّ , قَالَ : ثني أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ عَارِم , عَنْ أَشْعَث , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْله : ( { الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاس بِالْبُخْلِ } قَالَ : هَذَا لِلْعِلْمِ , لَيْسَ لِلدُّنْيَا مِنْهُ شَيْء. )7532 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاس بِالْبُخْلِ } قَالَ : هَؤُلَاءِ يَهُود , وَقَرَأَ : { وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } قَالَ : يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ الرِّزْق , وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ الْكُتُب , إِذَا سَئِلُوا عَنْ الشَّيْء وَمَا أَنْزَلَ اللَّه كَتَمُوهُ. وَقَرَأَ : { أَمْ لَهُمْ نَصِيب مِنْ الْمُلْك فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاس نَقِيرًا } [4 53 ]مِنْ بُخْلهمْ . )7533 حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد , عَنْ عِكْرِمَة أَوْ عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (كَانَ كَرْدَم بْن زَيْد حَلِيف كَعْب بْن الْأَشْرَف , وَأُسَامَة بْن حَبِيب , وَنَافِع بْن أَبِي نَافِع , وَبَحْرِيّ بْن عَمْرو , وَحُيَيّ بْن أَخْطَب , وَرِفَاعَة بْن زَيْد بْن التَّابُوت , يَأْتُونَ رِجَالًا مِنْ الْأَنْصَار , وَكَانُوا يُخَالِطُونَهُمْ , يَتَنَصَّحُونَ لَهُمْ مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَيَقُولُونَ لَهُمْ : لَا تُنْفِقُوا أَمْوَالكُمْ فَإِنَّا نَخْشَى عَلَيْكُمْ الْفَقْر فِي ذَهَابهَا , وَلَا تُسَارِعُوا فِي النَّفَقَة فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ مَا يَكُون ! فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِمْ : { الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاس بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } أَيْ مِنْ النُّبُوَّة الَّتِي فِيهَا تَصْدِيق مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , { وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا } . .. إِلَى قَوْله : { وَكَانَ اللَّه بِهِمْ عَلِيمًا } . )فَتَأْوِيل الْآيَة عَلَى التَّأْوِيل الْأَوَّل : وَاَللَّه لَا يُحِبّ ذَوِي الْخُيَلَاء وَالْفَخْر الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِتَبْيِينِ مَا أَمَرَهُمْ اللَّه بِتَبْيِينِهِ لِلنَّاسِ مِنْ اِسْم مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَعْته وَصِفَته الَّتِي أَنْزَلَهَا فِي كُتُبه عَلَى أَنْبِيَائِهِ , وَهُمْ بِهِ عَالِمُونَ , وَيَأْمُرُونَ النَّاس الَّذِينَ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ , مِثْل عِلْمهمْ بِكِتْمَانِ مَا أَمَرَهُمْ اللَّه بِتَبْيِينِهِ لَهُ , وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ عِلْم ذَلِكَ وَمَعْرِفَته مَنْ حَرَّمَ اللَّه عَلَيْهِ كِتْمَانه إِيَّاهُ. وَأَمَّا عَلَى تَأْوِيل اِبْن عَبَّاس وَابْن زَيْد : إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا , الَّذِينَ يَبْخَلُونَ عَلَى النَّاس بِفَضْلِ مَا رَزَقَهُمْ اللَّه مِنْ أَمْوَالهمْ . ثُمَّ سَائِر تَأْوِيلهمَا وَتَأْوِيل غَيْرهمَا سَوَاء . وَأَوْلَى الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ الَّذِينَ قَالُوا : إِنَّ اللَّه وَصَفَ هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتهمْ فِي هَذِهِ الْآيَة بِالْبُخْلِ , بِتَعْرِيفِ مَنْ جَهِلَ أَمْر مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ حَقّ , وَأَنَّ مُحَمَّدًا لِلَّهِ نَبِيّ مَبْعُوث , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْحَقّ الَّذِي كَانَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره قَدْ بَيَّنَهُ فِيمَا أَوْحَى إِلَى أَنْبِيَائِهِ مِنْ كُتُبه , فَبَخِلَ بِتَبْيِينِهِ لِلنَّاسِ هَؤُلَاءِ , وَأَمَرُوا مَنْ كَانَتْ حَاله حَالهمْ فِي مَعْرِفَتهمْ بِهِ أَنْ يَكْتُمُوهُ مِنْ جَهْل ذَلِكَ , وَلَا يُبَيِّنُوهُ لِلنَّاسِ . وَإِنَّمَا قُلْنَا : هَذَا الْقَوْل أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَة , لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَصَفَهُمْ بِأَنَّهُمْ يَأْمُرُونَ النَّاس بِالْبُخْلِ , وَلَمْ يَبْلُغنَا عَنْ أُمَّة مِنْ الْأُمَم أَنَّهَا كَانَتْ تَأْمُر النَّاس بِالْبُخْلِ دِيَانَة وَلَا تَخَلُّقًا , بَلْ تَرَى ذَلِكَ قَبِيحًا وَيُذَمّ فَاعِله وَلَا يُمْتَدَح , وَإِنْ هِيَ تَخَلَّقَتْ بِالْبُخْلِ وَاسْتَعْمَلَتْهُ فِي أَنْفُسهَا فَالسَّخَاء وَالْجُود تَعُدّهُ مِنْ مَكَارِم الْأَفْعَال وَتَحُثّ عَلَيْهِ . وَلِذَلِكَ قُلْنَا : إِنَّ بُخْلهمْ الَّذِي وَصَفَهُمْ اللَّه بِهِ إِنَّمَا كَانَ بُخْلًا بِالْعِلْمِ الَّذِي كَانَ اللَّه آتَاهُمُوهُ , فَبَخِلُوا بِتَبْيِينِهِ لِلنَّاسِ , وَكَتَمُوهُ دُون الْبُخْل بِالْأَمْوَالِ . إِلَّا أَنْ يَكُون مَعْنَى ذَلِكَ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِأَمْوَالِهِمْ الَّتِي يُنْفِقُونَهَا فِي حُقُوق اللَّه وَسُبُله وَيَأْمُرُونَ النَّاس مِنْ أَهْل الْإِسْلَام بِتَرْكِ النَّفَقَة فِي ذَلِكَ , فَيَكُون بُخْلهمْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَمْرهمْ النَّاس بِالْبُخْلِ. فَهَذَا الْمَعْنَى عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الرِّوَايَة عَنْ اِبْن عَبَّاس , فَيَكُون لِذَلِكَ وَجْه مَفْهُوم فِي وَصْفهمْ بِالْبُخْلِ وَأَمْرهمْ بِهِ .|وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ { وَأَعْتَدْنَا } وَجَعَلْنَا لِلْجَاحِدِينَ نِعْمَة اللَّه الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْهِمْ مِنْ الْمَعْرِفَة بِنُبُوَّةِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , الْمُكَذِّبِينَ بِهِ بَعْد عِلْمهمْ بِهِ , الْكَاتِمِينَ نَعْته وَصِفَته مِنْ أَمْرهمْ اللَّه بِبَيَانِهِ لَهُ مِنْ النَّاس , { عَذَابًا مُهِينًا } يَعْنِي : الْعِقَاب الْمُذِلّ مَنْ عُذِّبَ بِخُلُودِهِ فِيهِ عَتَادًا لَهُ فِي آخِرَته , إِذَا قَدِمَ عَلَى رَبّه وَجَدَهُ بِمَا سَلَفَ مِنْهُ مِنْ جُحُوده فَرْض اللَّه الَّذِي فَرَضَ عَلَيْهِ .

وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالهمْ رِئَاء النَّاس وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِر } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ بِاَللَّهِ مِنْ الْيَهُود الَّذِينَ وَصَفَ اللَّه صِفَتهمْ عَذَابًا مُهِينًا . { وَاَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالهمْ رِئَاء النَّاس } | وَاَلَّذِينَ | فِي مَوْضِع خَفْض عَطْفًا عَلَى | الْكَافِرِينَ |. وَقَوْله : { رِئَاء النَّاس } يَعْنِي : يُنْفِقهُ مُرَاءَاة النَّاس فِي غَيْر طَاعَة اللَّه أَوْ غَيْر سَبِيله , وَلَكِنْ فِي سَبِيل الشَّيْطَان . { وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِر } يَقُول : وَلَا يُصَدِّقُونَ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّه وَلَا بِالْمِيعَادِ إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة , الَّذِي فِيهِ جَزَاء الْأَعْمَال أَنَّهُ كَائِن . وَقَدْ قَالَ مُجَاهِد : إِنَّ هَذَا مِنْ صِفَة الْيَهُود , وَهُوَ صِفَة أَهْل النِّفَاق الَّذِينَ كَانُوا أَهْل شِرْك فَأَظْهَرُوا الْإِسْلَام تَقِيَّة مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْل الْإِيمَان بِهِ , وَهُمْ عَلَى كُفْرهمْ مُقِيمُونَ أَشْبَهَ مِنْهُمْ بِصِفَةِ الْيَهُود ; لِأَنَّ الْيَهُود كَانَتْ تُوَحِّد اللَّه وَتُصَدِّق بِالْبَعْثِ وَالْمَعَاد , وَإِنَّمَا كَانَ كُفْرهَا تَكْذِيبهَا بِنُبُوَّةِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَبَعْد فَفِي فَصْل اللَّه بَيْن صِفَة الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِر , وَصِفَة الْفَرِيق الْآخَر الَّذِينَ وَصَفَهُمْ فِي الْآيَة قَبْلهَا , وَأَخْبَرَ أَنَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا , بِالْوَاوِ الْفَاصِلَة بَيْنهمْ مَا يُنْبِئ عَنْ أَنَّهُمَا صِفَتَانِ مِنْ نَوْعَيْنِ مِنْ النَّاس مُخْتَلِفَيْ الْمَعَانِي , وَإِنْ كَانَ جَمِيعهمْ أَهْل كُفْر بِاَللَّهِ. وَلَوْ كَانَتْ الصِّفَتَانِ كِلْتَاهُمَا صِفَة نَوْع مِنْ النَّاس لَقِيلَ إِنْ شَاءَ اللَّه : وَأَعْتَدْنَا لَلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا , الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالهمْ رِئَاء النَّاس. وَلَكِنْ فَصَلَ بَيْنهمْ بِالْوَاوِ لِمَا وَصَفْنَا. فَإِنْ ظَنَّ ظَانّ أَنَّ دُخُول الْوَاو غَيْر مُسْتَنْكَر فِي عَطْف صِفَة عَلَى صِفَة لِمَوْصُوفٍ وَاحِد فِي كَلَام الْعَرَب ؟ قِيلَ : ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ , فَإِنَّ الْأَفْصَح فِي كَلَام الْعَرَب إِذَا أُرِيدَ ذَلِكَ تَرْك إِدْخَال الْوَاو , وَإِذَا أُرِيدَ بِالثَّانِي وَصْف آخَر غَيْر الْأَوَّل أُدْخِلَ الْوَاو . وَتَوْجِيه كَلَام اللَّه إِلَى الْأَفْصَح الْأَشْهَر مِنْ كَلَام مَنْ نَزَلَ بِلِسَانِهِ كِتَابه أَوْلَى بِنَا مِنْ تَوْجِيهه إِلَى الْأَنْكَر مِنْ كَلَامهمْ .|وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ يَكُنْ الشَّيْطَان لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَمَنْ يَكُنْ الشَّيْطَان لَهُ خَلِيلًا وَصَاحِبًا يَعْمَل بِطَاعَتِهِ وَيَتَّبِع أَمْره وَيَتْرُك أَمْر اللَّه فِي إِنْفَاقه مَاله رِئَاء النَّاس فِي غَيْر طَاعَته , وَجُحُوده وَحْدَانِيَّة اللَّه وَالْبَعْث بَعْد الْمَمَات ; { فَسَاءَ قَرِينًا } يَقُول : فَسَاءَ الشَّيْطَان قَرِينًا . وَإِنَّمَا نُصِبَ الْقَرِين , لِأَنَّ فِي | سَاءَ | ذِكْرًا مِنْ الشَّيْطَان , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا } [18 50 ]وَكَذَلِكَ تَفْعَل الْعَرَب فِي سَاءَ وَنَظَائِرهَا , وَمِنْهُ قَوْل عَدِيّ بْن زَيْد : <br>عَنْ الْمَرْء لَا تَسْأَل وَسَلْ عَنْ قَرِينه .......... فَكُلّ قَرِين بِالْمُقَارِنِ يَقْتَدِي <br>يُرِيد بِالْقَرِينِ : الصَّاحِب وَالصَّدِيق .

وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمْ اللَّه وَكَانَ اللَّه بِهِمْ عَلِيمًا } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : أَيّ شَيْء عَلَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالهمْ رِئَاء النَّاس , وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِر , لَوْ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر , لَوْ صَدَّقُوا بِأَنَّ اللَّه وَاحِد لَا شَرِيك لَهُ , وَأَخْلَصُوا لَهُ التَّوْحِيد , وَأَيْقَنُوا بِالْبَعْثِ بَعْد الْمَمَات , وَصَدَقُوا بِأَنَّ اللَّه مُجَازِيهمْ بِأَعْمَالِهِمْ يَوْم الْقِيَامَة { وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمْ اللَّه } يَقُول وَأَدَّوْا زَكَاة أَمْوَالهمْ الَّتِي رَزَقَهُمْ اللَّه , وَأَعْطَاهُمُوهَا طَيِّبَة بِهَا أَنْفُسهمْ , وَلَمْ يُنْفِقُوهَا رِئَاء النَّاس اِلْتِمَاس الذِّكْر وَالْفَخْر عِنْد أَهْل الْكُفْر بِاَللَّهِ , وَالْمَحْمَدَة بِالْبَاطِلِ عِنْد النَّاس ,|وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا|وَكَانَ اللَّه بِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتهمْ أَنَّهُمْ يُنْفِقُونَ أَمْوَالهمْ رِئَاء النَّاس نِفَاقًا , وَهُمْ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر مُكَذِّبُونَ , عَلِيمًا , يَقُول : ذَا عِلْم بِهِمْ وَبِأَعْمَالِهِمْ وَمَا يَقْصِدُونَ وَيُرِيدُونَ بِإِنْفَاقِهِمْ , وَمَا يُنْفِقُونَ مِنْ أَمْوَالهمْ , وَأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِذَلِكَ الرِّيَاء وَالسُّمْعَة وَالْمَحْمَدَة فِي النَّاس , وَهُوَ حَافِظ عَلَيْهِمْ أَعْمَالهمْ , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْهَا حَتَّى يُجَازِيَهُمْ بِهَا جَزَاءَهُمْ عَنَّا مَعَادهمْ إِلَيْهِ .

إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه لَا يَظْلِم مِثْقَال ذَرَّة وَإِنْ تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر , وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمْ اللَّه , فَإِنَّ اللَّه لَا يَبْخَس أَحَدًا مِنْ خَلْقه أَنْفَقَ فِي سَبِيله مِمَّا رَزَقَهُ مِنْ ثَوَاب نَفَقَته فِي الدُّنْيَا وَلَا مِنْ أَجْرهَا يَوْم الْقِيَامَة { مِثْقَال ذَرَّة } أَيْ مَا يَزِنهَا وَيَكُون عَلَى قَدْر ثِقَلهَا فِي الْوَزْن , وَلَكِنَّهُ يُجَازِيه بِهِ , وَيُثِيبهُ عَلَيْهِ . كَمَا : 7534 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة أَنَّهُ تَلَا : ( { إِنَّ اللَّه لَا يَظْلِم مِثْقَال ذَرَّة وَإِنْ تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا } قَالَ : لَأَنْ تَفْضُل حَسَنَاتِي مَا يَزِن ذَرَّة أَحَبّ إِلَيَّ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا . )7535 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : كَانَ بَعْض أَهْل الْعِلْم يَقُول : (لَأَنْ تَفْضُل حَسَنَاتِي عَلَى سَيِّئَاتِي مَا يَزِن ذَرَّة أَحَبّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَكُون لِي الدُّنْيَا جَمِيعًا . )وَأَمَّا الذَّرَّة , فَإِنَّهُ ذُكِرَ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ فِيهَا , كَمَا : 7536 - حَدَّثَنِي إِسْحَاق بْن وَهْب الْوَاسِطِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا شَبِيب بْن بِشْر , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { مِثْقَال ذَرَّة } قَالَ : رَأْس نَمْلَة حَمْرَاء . )قَالَ لِي إِسْحَاق بْن وَهْب : قَالَ يَزِيد بْن هَارُون : زَعَمُوا أَنَّ هَذِهِ الدُّودَة الْحَمْرَاء لَيْسَ لَهَا وَزْن . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ صَحَّتْ الْأَخْبَار عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 7537 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى وَمُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَا : ثنا أَبُو دَاوُد , قَالَ : ثنا عِمْرَان , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَنَس : إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : ( إِنَّ اللَّه لَا يَظْلِم الْمُؤْمِن حَسَنَة , يُثَاب عَلَيْهَا الرِّزْق فِي الدُّنْيَا وَيُجْزَى بِهَا فِي الْآخِرَة ; وَأَمَّا الْكَافِر فَيُطْعَم بِهَا فِي الدُّنْيَا , فَإِذَا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَة . )7538 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْن عَبْد الرَّحْمَن الْمَسْرُوقِيّ , قَالَ : ثنا جَعْفَر بْن عَوْن , قَالَ : ثنا هِشَام بْن سَعْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا زَيْد بْن أَسْلَم , عَنْ عَطَاء بْن يَسَار : ( وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَحَدكُمْ بِأَشَدّ مُنَاشَدَة فِي الْحَقّ يَرَاهُ مُصِيبًا لَهُ , مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فِي إِخْوَانهمْ إِذَا رَأَوْا أَنْ قَدْ خَلَصُوا مِنْ النَّار يَقُولُونَ : أَيْ رَبّنَا إِخْوَاننَا كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَنَا وَيَصُومُونَ مَعَنَا وَيَحُجُّونَ مَعَنَا وَيُجَاهِدُونَ مَعَنَا , قَدْ أَخَذَتْهُمْ النَّار ! فَيَقُول اللَّه لَهُمْ : اِذْهَبُوا فَمَنْ عَرَفْتُمْ صُورَته فَأَخْرِجُوهُ ! وَيُحَرِّم صُورَتهمْ عَلَى النَّار , فَيَجِدُونَ الرَّجُل قَدْ أَخَذَتْهُ النَّار إِلَى أَنْصَاف سَاقَيْهِ وَإِلَى رُكْبَتَيْهِ وَإِلَى حَقْوَيْهِ , فَيُخْرِجُونَ مِنْهَا بَشَرًا كَثِيرًا , ثُمَّ يَعُودُونَ فَيَتَكَلَّمُونَ , فَيَقُول : اِذْهَبُوا لِمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبه مِثْقَال قِيرَاط خَيْر فَأَخْرِجُوهُ ! فَيُخْرِجُونَ مِنْهَا بَشَرًا كَثِيرًا , ثُمَّ يَعُودُونَ فَيَتَكَلَّمُونَ , فَلَا يَزَال يَقُول لَهُمْ ذَلِكَ حَتَّى يَقُول : اِذْهَبُوا , فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبه مِثْقَال ذَرَّة فَأَخْرِجُوهُ ! | - فَكَانَ أَبُو سَعِيد إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيث , قَالَ : إِنْ لَمْ تُصَدِّقُوا فَاقْرَءُوا : { إِنَّ اللَّه لَا يَظْلِم مِثْقَال ذَرَّة وَإِنْ تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا } - فَيَقُولُونَ : | رَبّنَا لَمْ نَذَر فِيهَا خَيْرًا . )* - وَحَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثني أَبِي وَشُعَيْب بْن اللَّيْث , عَنْ اللَّيْث عَنْ خَالِد بْن يَزِيد , عَنْ اِبْن أَبِي هِلَال , عَنْ زَيْد بْن أَسْلَم , عَنْ عَطَاء بْن يَسَار , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ. وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ . بِمَا : 7539 - حَدَّثَنِي بِهِ الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا صَدَقَة بْن أَبِي سَهْل , قَالَ : ثنا أَبُو عَمْرو , عَنْ زَاذَان , قَالَ : أَتَيْت اِبْن مَسْعُود , فَقَالَ : (إِذَا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة جَمَعَ اللَّه الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ , ثُمَّ نَادَى مُنَادٍ مِنْ عِنْد اللَّه : | أَلَا مَنْ كَانَ يَطْلُب مَظْلِمَة , فَلْيَجِئْ إِلَى حَقّه فَلْيَأْخُذْهُ ! | قَالَ : فَيَفْرَح وَاَللَّه الصَّبِيّ أَنْ يَذُوب لَهُ الْحَقّ عَلَى وَالِده أَوْ وَلَده أَوْ زَوْجَته , فَيَأْخُذهُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا . وَمِصْدَاق ذَلِكَ فِي كِتَاب اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّور فَلَا أَنْسَاب بَيْنهمْ يَوْمئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ } [23 101 ]فَيُقَال لَهُ : | آتِ هَؤُلَاءِ حُقُوقهمْ | أَيْ أَعْطِهِمْ حُقُوقهمْ . فَيَقُول : أَيْ رَبّ مِنْ أَيْنَ وَقَدْ ذَهَبَتْ الدُّنْيَا ؟ فَيَقُول اللَّه لِمَلَائِكَتِهِ : أَيْ مَلَائِكَتِي اُنْظُرُوا فِي أَعْمَاله الصَّالِحَة , وَأَعْطُوهُمْ مِنْهَا ! فَإِنْ بَقِيَ مِثْقَال ذَرَّة مِنْ حَسَنَة , قَالَتْ الْمَلَائِكَة وَهُوَ أَعْلَم بِذَلِكَ مِنْهَا : يَا رَبّنَا أَعْطَيْنَا كُلّ ذِي حَقّ حَقّه , وَبَقِيَ لَهُ مِثْقَال ذَرَّة مِنْ حَسَنَة . فَيَقُول لِلْمَلَائِكَةِ : ضَعِّفُوهَا لِعَبْدِي , وَأَدْخِلُوهُ بِفَضْلِ رَحْمَتِي الْجَنَّة ! وَمِصْدَاق ذَلِكَ فِي كِتَاب اللَّه : { إِنَّ اللَّه لَا يَظْلِم مِثْقَال ذَرَّة وَإِنْ تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْه أَجْرًا عَظِيمًا } أَيْ الْجَنَّة يُعْطِيهَا , وَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاته وَبَقِيَتْ سَيِّئَاته , قَالَتْ الْمَلَائِكَة وَهُوَ أَعْلَم بِذَلِكَ : إِلَهنَا فَنِيَتْ حَسَنَاته وَبَقِيَ سَيِّئَاته , وَبَقِيَ طَالِبُونَ كَثِير ! فَيَقُول اللَّه : ضَعُوا عَلَيْهَا مِنْ أَوْزَارهمْ وَاكْتُبُوا لَهُ كِتَابًا إِلَى النَّار ! قَالَ صَدَقَة : | أَوْ صَكًّا إِلَى جَهَنَّم | , شَكَّ صَدَقَة أَيَّتهمَا قَالَ : )7540 - وَحُدِّثْت عَنْ مُحَمَّد بْن عُبَيْد , عَنْ هَارُون بْن عَنْتَرَة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن السَّائِب , قَالَ : سَمِعْت زَاذَان يَقُول : قَالَ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود : (يُؤْخَذ بِيَدِ الْعَبْد وَالْأَمَة يَوْم الْقِيَامَة , فَيُنَادِي مُنَادٍ عَلَى رُءُوس الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ : هَذَا فُلَان بْن فُلَان , مِنْ كَانَ لَهُ حَقّ فَلْيَأْتِ إِلَى حَقّه ! فَتَفْرَح الْمَرْأَة أَنْ يَذُوب لَهَا الْحَقّ عَلَى أَبِيهَا , أَوْ عَلَى اِبْنهَا , أَوْ عَلَى أَخِيهَا , أَوْ عَلَى زَوْجهَا , ثُمَّ قَرَأَ اِبْن مَسْعُود : { فَلَا أَنْسَاب بَيْنهمْ يَوْمئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ } [23 101 ]فَيَغْفِر اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْ حَقّه مَا شَاءَ , وَلَا يَغْفِر مِنْ حُقُوق النَّاس شَيْئًا , فَيَنْصِب لِلنَّاسِ فَيَقُول : آتُوا إِلَى النَّاس حُقُوقهمْ ! فَيَقُول : رَبّ فَنِيَتْ الدُّنْيَا مِنْ أَيْنَ أُوتِيهِمْ حُقُوقهمْ ؟ فَيَقُول : خُذُوا مِنْ أَعْمَاله الصَّالِحَة , فَأَعْطُوا كُلّ ذِي حَقّ حَقّه بِقَدْرِ مَظْلِمَته , فَإِنْ كَانَ وَلِيًّا لِلَّهِ , فَفَضَلَ لَهُ مِثْقَال ذَرَّة ضَاعَفَهَا لَهُ حَتَّى يُدْخِلهُ بِهَا الْجَنَّة ! - ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْنَا : { إِنَّ اللَّه لَا يَظْلِم مِثْقَال ذَرَّة } - وَإِنْ كَانَ عَبْدًا شَقِيًّا قَالَ الْمَلَك : رَبّ فَنِيَتْ حَسَنَاته , وَبَقِيَ طَالِبُونَ كَثِير . فَيَقُول : خُذُوا مِنْ سَيِّئَاتهمْ , فَأَضِيفُوهَا إِلَى سَيِّئَاته , ثُمَّ صُكُّوا لَهُ صَكًّا إِلَى النَّار . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : فَتَأْوِيل الْآيَة عَلَى تَأْوِيل عَبْد اللَّه هَذَا : إِنَّ اللَّه لَا يَظْلِم عَبْدًا وَجَبَ لَهُ مِثْقَال ذَرَّة قَبْل عَبْد لَهُ آخَر فِي مَعَاده وَيَوْم لِقَائِهِ فَمَا فَوْقه فَيَتْرُكهُ عَلَيْهِ فَلَا يَأْخُذهُ لِلْمَظْلُومِ مِنْ ظَالِمه , وَلَكِنَّهُ يَأْخُذهُ مِنْهُ لَهُ , وَيَأْخُذ مِنْ كُلّ ظَالِم لِكُلِّ مَظْلُوم تَبِعَته قَبْله. { وَإِنْ تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا } يَقُول : وَإِنْ تُوجَد لَهُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا , بِمَعْنَى : يُضَاعَف لَهُ ثَوَابهَا وَأَجْرهَا. { وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْه أَجْرًا عَظِيمًا } يَقُول : وَيُعْطِهِ مِنْ عِنْده أَجْرًا عَظِيمًا. وَالْأَجْر الْعَظِيم : الْجَنَّة عَلَى مَا قَالَهُ عَبْد اللَّه. وَلَكِلَا التَّأْوِيلَيْنِ وَجْه مَفْهُوم , أَعْنِي التَّأْوِيل الَّذِي قَالَهُ اِبْن مَسْعُود وَاَلَّذِي قَالَهُ قَتَادَة . وَإِنَّمَا اِخْتَرْنَا التَّأْوِيل الْأَوَّل لِمُوَافَقَتِهِ الْأَثَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ دَلَالَة ظَاهِر التَّنْزِيل عَلَى صِحَّتِهِ , إِذْ كَانَ فِي سِيَاق الْآيَة الَّتِي قَبْلهَا , الَّتِي حَثَّ اللَّه فِيهَا عَلَى النَّفَقَة فِي طَاعَته , وَذَمَّ النَّفَقَة فِي طَاعَة الشَّيْطَان , ثُمَّ وَصَلَ ذَلِكَ بِمَا وَعَدَ الْمُنَافِقِينَ فِي طَاعَته بِقَوْلِهِ : { إِنَّ اللَّه لَا يَظْلِم مِثْقَال ذَرَّة وَإِنْ تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْه أَجْرًا عَظِيمًا } وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً } فَقَرَأَتْ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْعِرَاق : { وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً } بِنَصْبِ الْحَسَنَة , بِمَعْنَى : وَإِنْ تَكُ زِنَة الذَّرَّة حَسَنَة يُضَاعِفهَا . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة : | وَإِنْ تَكُ حَسَنَةٌ | بِرَفْعِ الْحَسَنَة , بِمَعْنَى : وَإِنْ تُوجَد حَسَنَة عَلَى مَا ذَكَرْت عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود مِنْ تَأْوِيل ذَلِكَ. وَأَمَّا قَوْله : { يُضَاعِفهَا } فَإِنَّهُ جَاءَ بِالْأَلِفِ , وَلَمْ يَقُلْ : | يُضَعِّفهَا | , لِأَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ فِي قَوْل بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة : يُضَاعِفهَا أَضْعَافًا كَثِيرَة ; وَلَوْ أُرِيدَ بِهِ فِي قَوْله يُضَعِّف ذَلِكَ ضِعْفَيْنِ لَقِيلَ : | يُضَعِّفهَا | بِالتَّشْدِيدِ . ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الَّذِينَ وَعَدَهُمْ اللَّه بِهَذِهِ الْآيَة مَا وَعَدَهُمْ فِيهَا , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُمْ جَمِيع أَهْل الْإِيمَان بِاَللَّهِ وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَاعْتَلُّوا فِي ذَلِكَ بِمَا : 7541 - حَدَّثَنَا الْفَضْل بْن الصَّبَّاح , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن هَارُون , عَنْ مُبَارَك بْن فَضَالَة , عَنْ عَلِيّ بْن زَيْد , عَنْ أَبِي عُثْمَان النَّهْدِيّ , قَالَ : لَقِيت أَبَا هُرَيْرَة فَقُلْت لَهُ : إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّك تَقُول : إِنَّ الْحَسَنَة لَتُضَاعَف أَلْف أَلْف حَسَنَة ! قَالَ : وَمَا أَعْجَبَك مِنْ ذَلِكَ ؟ فَوَاَللَّهِ لَقَدْ سَمِعْته يَعْنِي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُول : ( إِنَّ اللَّه لَيُضَاعِف الْحَسَنَة أَلْفَيْ أَلْف حَسَنَة . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ الْمُهَاجِرُونَ خَاصَّة دُون أَهْل الْبَوَادِي وَالْأَعْرَاب . وَاعْتَلُّوا فِي ذَلِكَ بِمَا : 7542 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن هَارُون أَبُو نَشِيط , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن أَبِي بُكَيْر , قَالَ : ثنا فُضَيْل بْن مَرْزُوق , عَنْ عَطِيَّة الْعَوْفِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر , قَالَ : (نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي الْأَعْرَاب : { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْر أَمْثَالهَا } قَالَ : فَقَالَ رَجُل : فَمَا لِلْمُهَاجِرِينَ ؟ قَالَ : | مَا هُوَ أَعْظَم مِنْ ذَلِكَ : { إِنَّ اللَّه لَا يَظْلِم مِثْقَال ذَرَّة وَإِنْ تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْه أَجْرًا عَظِيمًا } وَإِذَا قَالَ اللَّه لِشَيْءٍ عَظِيم فَهُوَ عَظِيم . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ , قَوْل مَنْ قَالَ : عَنَى بِهَذِهِ الْآيَة الْمُهَاجِرِينَ دُون الْأَعْرَاب . وَذَلِكَ أَنَّهُ غَيْر جَائِز أَنْ يَكُون فِي أَخْبَار اللَّه أَوْ أَخْبَار رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْء يَدْفَع بَعْضه بَعْضًا , فَإِذَا كَانَ صَحِيحًا وَعْدُ اللَّهِ مَنْ جَاءَ مِنْ عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ بِالْحَسَنَةِ مِنْ الْجَزَاء عَشْر أَمْثَالهَا , وَمَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ مِنْهُمْ أَنْ يُضَاعِفهَا لَهُ , وَكَانَ الْخَبَرَانِ اللَّذَانِ ذَكَرْنَاهُمَا عَنْهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحِيحَيْنِ , كَانَ غَيْر جَائِز إِلَّا أَنْ يَكُون أَحَدهمَا مُجْمَلًا وَالْآخَر مُفَسَّرًا , إِذْ كَانَتْ أَخْبَاره صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَدِّق بَعْضهَا بَعْضًا . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ صَحَّ أَنَّ خَبَر أَبِي هُرَيْرَة مَعْنَاهُ : أنَّ الْحَسَنَة لَتُضَاعَف لِلْمُهَاجِرِينَ مِنْ أَهْل الْإِيمَان أَلْفَيْ أَلْف حَسَنَة , وَلِلْأَعْرَابِ مِنْهُمْ عَشْر أَمْثَالهَا , عَلَى مَا رَوَى اِبْن عُمَر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; وَأَنَّ قَوْله : { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْر أَمْثَالهَا } يَعْنِي : مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ مِنْ أَعْرَاب الْمُؤْمِنِينَ فَلَهُ عَشْر أَمْثَالهَا , وَمَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ مِنْ مُهَاجِرِيهِمْ يُضَاعَف لَهُ , وَيُؤْتِهِ اللَّه مِنْ لَدُنْه أَجْرًا , يَعْنِي : يُعْطِهِ مِنْ عِنْده أَجْرًا عَظِيمًا , يَعْنِي : عِوَضًا مِنْ حَسَنَته عَظِيمًا . وَذَلِكَ الْعِوَض الْعَظِيم : الْجَنَّة ; كَمَا : 7543 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا صَدَقَة بْن أَبِي سَهْل , قَالَ : ثنا أَبُو عَمْرو , عَنْ زَاذَان , عَنْ اِبْن مَسْعُود : ( { وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْه أَجْرًا عَظِيمًا } أَيْ الْجَنَّة يُعْطِهَا . )7544 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبَّاد بْن أَبِي صَالِح , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَوْله : ( { وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْه أَجْرًا عَظِيمًا } قَالَ : الْأَجْر الْعَظِيم : الْجَنَّة . )7545 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْه أَجْرًا عَظِيمًا } قَالَ : أَجْرًا عَظِيمًا : الْجَنَّة.)

فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا

يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِنَّ اللَّه لَا يَظْلِم عِبَاده مِثْقَال ذَرَّة , فَكَيْفَ بِهِمْ { إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلّ أُمَّة بِشَهِيدٍ } يَعْنِي : بِمَنْ يَشْهَد عَلَيْهَا بِأَعْمَالِهَا , وَتَصْدِيقهَا رُسُلهَا , أَوْ تَكْذِيبهَا , { وَجِئْنَا بِك عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا } يَقُول : وَجِئْنَا بِك يَا مُحَمَّد عَلَى هَؤُلَاءِ : أَيْ عَلَى أُمَّتك شَهِيدًا , يَقُول : شَاهِدًا . كَمَا : 7546 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلّ أُمَّة بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِك عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا } قَالَ : إِنَّ النَّبِيِّينَ يَأْتُونَ يَوْم الْقِيَامَة , مِنْهُمْ مَنْ أَسْلَمَ مَعَهُ مِنْ قَوْمه الْوَاحِد وَالِاثْنَانِ وَالْعَشَرَة وَأَقَلّ وَأَكْثَر مِنْ ذَلِكَ , حَتَّى يُؤْتَى بِقَوْمِ لُوط صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُؤْمِن مَعَهُ إِلَّا اِبْنَتَاهُ , فَيُقَال لَهُمْ : هَلْ بَلَّغْتُمْ مَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ , فَيُقَال : مَنْ يَشْهَد ؟ فَيَقُولُونَ أُمَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُقَال لَهُمْ : أَتَشْهَدُونَ أَنَّ الرُّسُل أَوْدَعُوا عِنْدكُمْ شَهَادَة , فَبِمَ تَشْهَدُونَ ؟ فَيَقُولُونَ : رَبّنَا نَشْهَد أَنَّهُمْ قَدْ بَلَّغُوا كَمَا شَهِدُوا فِي الدُّنْيَا بِالتَّبْلِيغِ ! فَيُقَال : مَنْ يَشْهَد عَلَى ذَلِكَ ؟ فَيَقُولُونَ : مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَيُدْعَى مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام , فَيَشْهَد أَنَّ أُمَّته قَدْ صَدَقُوا , وَأَنَّ الرُّسُل قَدْ بَلَّغُوا . فَذَلِكَ قَوْله : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّة وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاس وَيَكُون الرَّسُول عَلَيْكُمْ شَهِيدًا } [2 143 ])7547 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : قَوْله : ( { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلّ أُمَّة بِشَهِيدٍ } قَالَ : رَسُولهَا , فَيَشْهَد عَلَيْهَا أَنْ قَدْ أَبْلَغَهُمْ مَا أَرْسَلَهُ اللَّه بِهِ إِلَيْهِمْ ; { وَجِئْنَا بِك عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا } قَالَ : كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَى عَلَيْهَا فَاضَتْ عَيْنَاهُ . )7548 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا الْحَسَن , عَنْ يَزِيد النَّحْوِيّ , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : ( { وَشَاهِد وَمَشْهُود } [85 3 ]قَالَ : الشَّاهِد مُحَمَّد , وَالْمَشْهُود : يَوْم الْجُمُعَة . فَذَلِكَ قَوْله : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلّ أُمَّة بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِك عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا } )7549 - حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الزُّهْرِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ الْمَسْعُودِيّ , عَنْ جَعْفَر بْن عَمْرو بْن حُرَيْث , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَبْد اللَّه : ( { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلّ أُمَّة بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِك عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا } قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مَا دُمْت فِيهِمْ , فَلَمَّا تَوَفَّيْتنِي كُنْت أَنْتَ الرَّقِيب عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلّ شَيْء شَهِيد . )7550 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيم بْن أَبِي الْوَزِير , قَالَ : ثنا سُفْيَان بْن عُيَيْنَة , عَنْ الْمَسْعُودِيّ , عَنْ الْقَاسِم : (أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِابْنِ مَسْعُود : | اِقْرَأْ عَلَيَّ ! | قَالَ : أَقْرَأ عَلَيْك وَعَلَيْك أُنْزِلَ ؟ قَالَ : | إِنِّي أُحِبّ أَنْ أَسْمَعهُ مِنْ غَيْرِي | . قَالَ : فَقَرَأَ اِبْن مَسْعُود النِّسَاء , حَتَّى بَلَغَ : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلّ أُمَّة بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِك عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا } قَالَ : قَالَ اِسْتَعْبَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَفَّ اِبْن مَسْعُود . قَالَ الْمَسْعُودِيّ : فَحَدَّثَنِي جَعْفَر بْن عَمْرو بْن حُرَيْث , عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : | شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مَا دُمْت فِيهِمْ , فَإِذَا تَوَفَّيْتنِي كُنْت أَنْتَ الرَّقِيب عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلّ شَيْء شَهِيد | .)

يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَوْمئِذٍ يَوَدّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوْا الرَّسُول لَوْ تُسَوَّى بِهِمْ الْأَرْض وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّه حَدِيثًا } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : يَوْم نَجِيء مِنْ كُلّ أُمَّة بِشَهِيدٍ , وَنَجِيء بِك عَلَى أُمَّتك يَا مُحَمَّد شَهِيدًا , { يَوَدّ الَّذِينَ كَفَرُوا } يَقُول : يَتَمَنَّى الَّذِينَ جَحَدُوا وَحْدَانِيَّة اللَّه وَعَصَوْا رَسُوله , لَوْ تُسَوَّى بِهِمْ الْأَرْض . وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْحِجَاز وَمَكَّة وَالْمَدِينَة : | لَوْ تَسَّوَّى بِهِمْ الْأَرْض | بِتَشْدِيدِ السِّين وَالْوَاو وَفَتْح التَّاء , بِمَعْنَى : لَوْ تَتَسَوَّى بِهِمْ الْأَرْض , ثُمَّ أُدْغِمَتْ التَّاء الثَّانِيَة فِي السِّين , يُرَاد بِهِ : أَنَّهُمْ يَوَدُّونَ لَوْ صَارُوا تُرَابًا , فَكَانُوا سَوَاء هُمْ وَالْأَرْض . وَقَرَأَ آخَرُونَ ذَلِكَ : | لَوْ تَسَوَّى بِهِمْ الْأَرْض | بِفَتْحِ التَّاء وَتَخْفِيف السِّين , وَهِيَ قِرَاءَة عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْكُوفَة بِالْمَعْنَى الْأَوَّل , غَيْر أَنَّهُمْ تَرَكُوا تَشْدِيد السِّين , وَاعْتَلُّوا بِأَنَّ الْعَرَب لَا تَكَاد تَجْمَع بَيْن تَشْدِيدَيْنِ فِي حَرْف وَاحِد . وَقَرَأَ ذَلِكَ آخَرُونَ : { لَوْ تُسَوَّى بِهِمْ الْأَرْض } بِمَعْنَى : لَوْ سَوَّاهُمْ اللَّه وَالْأَرْض , فَصَارُوا تُرَابًا مِثْلهَا بِتَصْيِيرِهِ إِيَّاهُمْ , كَمَا يَفْعَل ذَلِكَ بِمَنْ ذُكِرَ أَنَّهُ يَفْعَلهُ بِهِ مِنْ الْبَهَائِم . وَكُلّ هَذِهِ الْقِرَاءَات مُتَقَارِبَات الْمَعْنَى , وَبِأَيِّ ذَلِكَ قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب , لِأَنَّ مَنْ تَمَنَّى مِنْهُمْ أَنْ يَكُون يَوْمئِذٍ تُرَابًا إِنَّمَا يَتَمَنَّى أَنْ يَكُون كَذَلِكَ بِتَكْوِينِ اللَّه إِيَّاهُ كَذَلِكَ , وَكَذَلِكَ مَنْ تَمَنَّى أَنْ يَكُون اللَّه جَعَلَهُ كَذَلِكَ فَقَدْ تَمَنَّى أَنْ يَكُون تُرَابًا . عَلَى أَنَّ الْأَمْر وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ , فَأَعْجَب الْقِرَاءَة إِلَيَّ فِي ذَلِكَ : | لَوْ تَسَوَّى بِهِمْ الْأَرْض | بِفَتْحِ التَّاء وَتَخْفِيف السِّين , كَرَاهِيَة الْجَمْع بَيْن تَشْدِيدَيْنِ فِي حَرْف وَاحِد , وَلِلتَّوْفِيقِ فِي الْمَعْنَى بَيْن ذَلِكَ وَبَيْن قَوْله : { وَيَقُول الْكَافِر يَا لَيْتَنِي كُنْت تُرَابًا } [78 40 ]فَأَخْبَرَ اللَّه عَنْهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُمْ يَتَمَنَّوْنَ أَنْ كَانُوا تُرَابًا , وَلَمْ يُخْبِر عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا : يَا لَيْتَنِي كُنْت تُرَابًا , فَكَذَلِكَ قَوْله : | لَوْ تُسَوَّى بِهِمْ الْأَرْض | فَيُسَوَّوْا هُمْ , وَهِيَ أَعْجَب إِلَيَّ لِيُوَافِق ذَلِكَ الْمَعْنَى الَّذِي أَخْبَرَ عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ : { يَا لَيْتَنِي كُنْت تُرَابًا } [78 40 ]وَأَمَّا قَوْله : { وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّه حَدِيثًا } فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل تَأَوَّلُوهُ , بِمَعْنَى : وَلَا تَكْتُم اللَّه جَوَارِحهمْ حَدِيثًا وَإِنْ جَحَدَتْ ذَلِكَ أَفْوَاههمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7551 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , قَالَ : ثنا عَمْرو عَنْ مُطَرِّف , عَنْ . الْمِنْهَال بْن عَمْرو , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : أَتَى رَجُل اِبْن عَبَّاس , فَقَالَ : (سَمِعْت اللَّه يَقُول : { وَاَللَّه رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } وَقَالَ فِي آيَة أُخْرَى : { وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّه حَدِيثًا } فَقَالَ اِبْن عَبَّاس : أَمَّا قَوْله : { وَاَللَّه رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [6 23 ]فَإِنَّهُمْ لَمَّا رَأَوْا أَنَّهُ لَا يَدْخُل الْجَنَّة إِلَّا أَهْل الْإِسْلَام قَالُوا : تَعَالَوْا فَلْنَجْحَدْ , فَقَالُوا : وَاَللَّه رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ! فَخَتَمَ اللَّه عَلَى أَفْوَاههمْ , وَتَكَلَّمَتْ أَيْدِيهمْ وَأَرْجُلهمْ , فَلَا يَكْتُمُونَ اللَّه حَدِيثًا. )7552 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ رَجُل , عَنْ الْمِنْهَال بْن عَمْرو , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (جَاءَ رَجُل إِلَى اِبْن عَبَّاس , فَقَالَ : أَشْيَاء تَخْتَلِف عَلَيَّ فِي الْقُرْآن ؟ فَقَالَ : مَا هُوَ ؟ أَشَكّ فِي الْقُرْآن ؟ قَالَ : لَيْسَ بِالشَّكِّ , وَلَكِنَّهُ اِخْتِلَاف . قَالَ : فَهَاتِ مَا اِخْتَلَفَ عَلَيْك ! قَالَ : أَسْمَع اللَّه يَقُول : { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتهمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاَللَّه رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } وَقَالَ : { وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّه حَدِيثًا } وَقَدْ كَتَمُوا ! فَقَالَ اِبْن عَبَّاس : أَمَّا قَوْله : { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتهمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاَللَّه رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } فَإِنَّهُمْ لَمَّا رَأَوْا يَوْم الْقِيَامَة أَنَّ اللَّه يَغْفِر لِأَهْلِ الْإِسْلَام وَيَغْفِر الذُّنُوب وَلَا يَغْفِر شِرْكًا وَلَا يَتَعَاظَمهُ ذَنْب أَنْ يَغْفِرهُ جَحَدَ الْمُشْرِكُونَ , فَقَالُوا : وَاَللَّه رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ , رَجَاء أَنْ يَغْفِر لَهُمْ , فَخَتَمَ عَلَى أَفْوَاههمْ وَتَكَلَّمَتْ أَيْدِيهمْ وَأَرْجُلهمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ , فَعِنْد ذَلِكَ { يَوَدّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوْا الرَّسُول لَوْ تُسَوَّى بِهِمْ الْأَرْض وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّه حَدِيثًا } )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ ثنا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الزُّبَيْر , عَنْ الضَّحَّاك : (أَنَّ نَافِع بْن الْأَزْرَق أَتَى اِبْن عَبَّاس فَقَالَ : يَا اِبْن عَبَّاس , قَوْل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { يَوْمئِذٍ يَوَدّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوْا الرَّسُول لَوْ تُسَوَّى بِهِمْ الْأَرْض وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّه حَدِيثًا } وَقَوْله : { وَاَللَّه رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } ؟ فَقَالَ لَهُ اِبْن عَبَّاس : إِنِّي أَحْسَبك قُمْت مِنْ عِنْد أَصْحَابك فَقُلْت : أَلْقَى عَلَيَّ اِبْن عَبَّاس مُتَشَابِه الْقُرْآن , فَإِذَا رَجَعْت إِلَيْهِمْ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّه جَامِع النَّاس يَوْم الْقِيَامَة فِي بَقِيع وَاحِد , فَيَقُول الْمُشْرِكُونَ إِنَّ اللَّه لَا يَقْبَل مِنْ أَحَد شَيْئًا إِلَّا مِمَّنْ وَحَّدَهُ , فَيَقُولُونَ : تَعَالَوْا نَجْحَد ! فَيَسْأَلهُمْ , فَيَقُولُونَ : وَاَللَّه رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ , قَالَ فَيَخْتِم عَلَى أَفْوَاههمْ , وَيَسْتَنْطِق جَوَارِحهمْ , فَتَشْهَد عَلَيْهِمْ جَوَارِحهمْ أَنَّهُمْ كَانُوا مُشْرِكِينَ فَعِنْد ذَلِكَ تَمَنَّوْا لَوْ أَنَّ الْأَرْض سُوِّيَتْ بِهِمْ , وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّه حَدِيثًا . )7553 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَهُ : ثنا أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { يَوْمئِذٍ يَوَدّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوْا الرَّسُول لَوْ تُسَوَّى بِهِمْ الْأَرْض وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّه حَدِيثًا } يَعْنِي : أَنْ تُسَوَّى الْأَرْض بِالْجِبَالِ عَلَيْهِمْ . )فَتَأْوِيل الْآيَة عَلَى هَذَا الْقَوْل الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس : يَوْمئِذٍ يَوَدّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوْا الرَّسُول لَوْ تُسَوَّى بِهِمْ الْأَرْض وَلَمْ يَكْتُمُوا اللَّه حَدِيثًا. كَأَنَّهُمْ تَمَنَّوْا أَنَّهُمْ سُوُّوا مَعَ الْأَرْض , وَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا كَتَمُوا اللَّه حَدِيثًا . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ يَوْمئِذٍ لَا يَكْتُمُونَ اللَّه حَدِيثًا , وَيَوَدُّونَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمْ الْأَرْض . وَلَيْسَ بِمُنْكَتِمٍ عَنْ اللَّه مِنْ شَيْء حَدِيثهمْ , لِعِلْمِهِ جَلَّ ذِكْره بِجَمِيعِ حَدِيثهمْ وَأَمْرهمْ , فَإِنَّهُمْ إِنْ كَتَمُوهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ فَجَحَدُوهُ , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْهُ .

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ } </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } صَدَقُوا اللَّه وَرَسُوله { لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة } لَا تُصَلُّوا { وَأَنْتُمْ سُكَارَى } وَهُوَ جَمْع سَكْرَان , { حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ } فِي صَلَاتكُمْ , وَتَقْرَءُونَ فِيهَا مِمَّا أَمَرَكُمْ اللَّه بِهِ , أَوْ نَدَبَكُمْ إِلَى قِيله فِيهَا مِمَّا نَهَاكُمْ عَنْهُ وَزَجَرَكُمْ . ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي السُّكْر الَّذِي عَنَاهُ اللَّه بِقَوْلِهِ : { لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى } فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى بِذَلِكَ : السُّكْر مِنْ الشَّرَاب. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7554 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ عَلِيّ : (أَنَّهُ كَانَ هُوَ وَعَبْد الرَّحْمَن وَرَجُل آخَر شَرِبُوا الْخَمْر , فَصَلَّى بِهِمْ عَبْد الرَّحْمَن , فَقَرَأَ : | قُلْ يَا أَيّهَا الْكَافِرُونَ | فَخَلَطَ فِيهَا , فَنَزَلَتْ : { لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى } )7555 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحَجَّاج بْن الْمِنْهَال , قَالَ : ثنا حَمَّاد , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ عَبْد اللَّه بْن حَبِيب : (أَنَّ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف صَنَعَ طَعَامًا وَشَرَابًا , فَدَعَا نَفَرًا مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا حَتَّى ثَمِلُوا , فَقَدَّمُوا عَلِيًّا يُصَلِّي بِهِمْ الْمَغْرِب , فَقَرَأَ : قُلْ يَا أَيّهَا الْكَافِرُونَ , أَعْبُد مَا تَعْبُدُونَ , وَأَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُد , وَأَنَا عَابِد مَا عَبَدْتُمْ , لَكُمْ دِينكُمْ وَلِيَ دِين . فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى هَذِهِ الْآيَة : { لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ } )7556 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى } قَبْل أَنْ تُحَرَّم الْخَمْر , فَقَالَ اللَّه : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى } . .. الْآيَة. )7557 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ أَبِي رَزِين فِي قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى } قَالَ : نَزَلَ هَذَا وَهُمْ يَشْرَبُونَ الْخَمْر , فَقَالَ : وَكَانَ هَذَا قَبْل أَنْ يَنْزِل تَحْرِيم الْخَمْر . )7558 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ أَبِي رَزِين , قَالَ : (كَانُوا يَشْرَبُونَ بَعْد مَا أُنْزِلَتْ الَّتِي فِي الْبَقَرَة , وَبَعْد الَّتِي فِي النِّسَاء , فَلَمَّا أُنْزِلَتْ الَّتِي فِي الْمَائِدَة تَرَكُوهَا . )7559 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ } قَالَ : نُهُوا أَنْ يُصَلُّوا وَهُمْ سُكَارَى , ثُمَّ نَسَخَهَا تَحْرِيم الْخَمْر . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7560 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : ( { لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى } قَالَ : كَانُوا يَجْتَنِبُونَ السُّكْر عِنْد حُضُور الصَّلَوَات , ثُمَّ نُسِخَ بِتَحْرِيمِ الْخَمْر . )7561 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ أَبِي وَائِل وَأَبِي رَزِين وَإِبْرَاهِيم فِي قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى } و { يَسْأَلُونَك عَنْ الْخَمْر وَالْمَيْسِر قُلْ فِيهِمَا إِثْم كَبِير وَمَنَافِع لِلنَّاسِ وَإِثْمهمَا أَكْبَر مِنْ نَفْعهمَا } [2 90 ]وَقَوْله : { تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا } [16 67 ]قَالُوا : كَانَ هَذَا قَبْل أَنْ يَنْزِل تَحْرِيم الْخَمْر . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى مِنْ النَّوْم. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7562 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سَلَمَة بْن نُبَيْط , عَنْ الضَّحَّاك : ( { لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى } قَالَ : سُكْر النَّوْم . )* - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم الْغِفَارِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ الضَّحَّاك : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى } قَالَ : لَمْ يَعْنِ بِهَا سُكْر الْخَمْر , وَإِنَّمَا عَنَى بِهَا سُكْر النَّوْم. )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِتَأْوِيلِ الْآيَة , تَأْوِيل مَنْ قَالَ ذَلِكَ نَهْي مِنْ اللَّه الْمُؤْمِنِينَ عَنْ أَنْ يَقْرَبُوا الصَّلَاة وَهُمْ سُكَارَى مِنْ الشَّرَاب قَبْل تَحْرِيم الْخَمْر , لِلْأَخْبَارِ الْمُتَظَاهِرَة عَنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ نَهْي مِنْ اللَّه , وَأَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِيمَنْ ذُكِرَتْ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ . فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِل : وَكَيْفَ يَكُون ذَلِكَ مَعْنَاهُ , وَالسَّكْرَان فِي حَال زَوَال عَقْله نَظِير الْمَجْنُون فِي حَال زَوَال عَقْله , وَأَنْتَ مِمَّنْ تُحِيل تَكْلِيف الْمَجَانِين لِفَقْدِهِمْ الْفَهْم بِمَا يُؤْمَر وَيُنْهَى ؟ قِيل لَهُ : إِنَّ السَّكْرَان لَوْ كَانَ فِي مَعْنَى الْمَجْنُون لَكَانَ غَيْر جَائِز أَمْره وَنَهْيه , وَلَكِنَّ السَّكْرَان هُوَ الَّذِي يَفْهَم مَا يَأْتِي وَيَذَر , غَيْر أَنَّ الشَّرَاب قَدْ أَثْقَلَ لِسَانه وَأَحَرَّ جِسْمه وَأَخْدَرَهُ , حَتَّى عَجَزَ عَنْ إِقَامَة قِرَاءَته فِي صَلَاته وَحُدُودهَا الْوَاجِبَة عَلَيْهِ فِيهَا مِنْ غَيْر زَوَال عَقْله , فَهُوَ بِمَا أُمِرَ بِهِ وَنُهِيَ عَنْهُ عَارِف فَهِم , وَعَنْ أَدَاء بَعْضه عَاجِز بِخَدْرِ جِسْمه مِنْ الشَّرَاب. وَأَمَّا مَنْ صَارَ إِلَى حَدّ لَا يَعْقِل مَا يَأْتِي وَيَذَر , فَذَلِكَ مُنْتَقِل مِنْ السُّكْر إِلَى الْخَبَل , وَمَعْدُود فِي الْمَجَانِين , وَلَيْسَ ذَلِكَ الَّذِي خُوطِبَ بِقَوْلِهِ : { لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة } لِأَنَّ ذَلِكَ مَجْنُون , وَإِنَّمَا خُوطِبَ بِهِ السَّكْرَان , وَالسَّكْرَان مَا وَصَفْنَا صِفَته.|تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل حَتَّى تَغْتَسِلُوا } </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ , وَلَا تَقْرَبُوهَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل , يَعْنِي : إِلَّا أَنْ تَكُونُوا مُجْتَازِي طَرِيق : أَيْ مُسَافِرِينَ حَتَّى تَغْتَسِلُوا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7563 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار وَمُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَا : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَبِي مِجْلَز , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : الْمُسَافِر. وَقَالَ اِبْن الْمُثَنَّى : فِي السَّفَر . )7564 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : ( { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } يَقُول : لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ جُنُب , إِذَا وَجَدْتُمْ الْمَاء , فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا الْمَاء , فَقَدْ أَحْلَلْت لَكُمْ أَنْ تَمْسَحُوا بِالْأَرْضِ . )7565 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ اِبْن أَبِي لَيْلَى , عَنْ الْمِنْهَال , عَنْ عَبَّاد بْن عَبْد اللَّه , أَوْ عَنْ زِرّ , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : ( { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : إِلَّا أَنْ تَكُونُوا مُسَافِرِينَ فَلَا تَجِدُوا الْمَاء فَتَيَمَّمُوا . )7566 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ سَالِم الْأَفْطَس , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْله : ( { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : الْمُسَافِر . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا هِشَام , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَبِي مِجْلَز , عَنْ اِبْن عَبَّاس , بِمِثْلِهِ . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا هَارُون بْن الْمُغِيرَة , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ اِبْن أَبِي لَيْلَى , عَنْ الْمِنْهَال بْن عَمْرو , عَنْ عَبَّاد بْن عَبْد اللَّه , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , قَالَ : (نَزَلَتْ فِي السَّفَر : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } وَعَابِر السَّبِيل : الْمُسَافِر إِذَا لَمْ يَجِد مَاء تَيَمَّمَ . )7567 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا هَارُون , عَنْ اِبْن مُجَاهِد , عَنْ أَبِيهِ : ( { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : الْمُسَافِر إِذَا لَمْ يَجِد الْمَاء فَإِنَّهُ يَتَيَمَّم فَيُصَلِّي . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : هُوَ الرَّجُل يَكُون فِي السَّفَر فَتُصِيبهُ الْجَنَابَة فَيَتَيَمَّم وَيُصَلِّي . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : مُسَافِرِينَ لَا يَجِدُونَ مَاء فَيَتَيَمَّمُونَ صَعِيدًا طَيِّبًا , حَتَّى يَجِدُوا الْمَاء فَيَغْتَسِلُوا. )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : مُسَافِرِينَ لَا يَجِدُونَ مَاء . )7568 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ مِسْعَر , عَنْ بُكَيْر بْن الْأَخْنَس , عَنْ الْحَسَن بْن مُسْلِم , فِي قَوْله : ( { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : إِلَّا أَنْ يَكُونُوا مُسَافِرِينَ , فَلَا يَجِدُوا الْمَاء فَيَتَيَمَّمُوا. )7569 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام عَنْ عَمْرو , عَنْ مَنْصُور , عَنْ الْحَكَم : ( { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : الْمُسَافِر تُصِيبهُ الْجَنَابَة , فَلَا يَجِد مَاء فَيَتَيَمَّم . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ سُفْيَان , عَنْ سَالِم الْأَفْطَس عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , وَعَنْ مَنْصُور , عَنْ الْحَكَم فِي قَوْله : ( { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَا : الْمُسَافِر الْجُنُب لَا يَجِد الْمَاء فَيَتَيَمَّم فَيُصَلِّي . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : ( { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } إِلَّا أَنْ يَكُون مُسَافِرًا . )* - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ الْحَكَم , نَحْوه. 7570 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَبْد اللَّه بْن كَثِير , قَالَ : (كُنَّا نَسْمَع أَنَّهُ فِي السَّفَر . )7571 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : هُوَ الْمُسَافِر الَّذِي لَا يَجِد الْمَاء فَلَا بُدّ لَهُ مِنْ أَنْ يَتَيَمَّم وَيُصَلِّي , فَهُوَ يَتَيَمَّم وَيُصَلِّي . قَالَ : كَانَ أَبِي يَقُول هَذَا . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَا تَقْرَبُوا الْمُصَلَّى لِلصَّلَاةِ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ , وَلَا تَقْرَبُوهُ جُنُبًا حَتَّى تَغْتَسِلُوا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل , يَعْنِي : إِلَّا مُجْتَازِينَ فِيهِ لِلْخُرُوجِ مِنْهُ . فَقَالَ أَهْل هَذِهِ الْمَقَالَة : أُقِيمَتْ الصَّلَاة مَقَام الْمُصَلَّى وَالْمَسْجِد , إِذْ كَانَتْ صَلَاة الْمُسْلِمِينَ فِي مَسَاجِدهمْ أَيَّامَئِذٍ لَا يَتَخَلَّفُونَ عَنْ التَّجْمِيع فِيهَا , فَكَانَ فِي النَّهْي عَنْ أَنْ يَقْرَبُوا الصَّلَاة كِفَايَة عَنْ ذِكْر الْمَسَاجِد وَالْمُصَلَّى الَّذِي يُصَلُّونَ فِيهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7572 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ عَبْد الْكَرِيم الْجَزَرِيّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَة بْن عَبْد اللَّه , عَنْ أَبِيهِ فِي قَوْله : ( { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : هُوَ الْمَمَرّ فِي الْمَسْجِد . )7573 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , عَنْ أَبِي جَعْفَر الرَّازِيّ , عَنْ زَيْد بْن أَسْلَم , عَنْ اِبْن يَسَار , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : لَا تَقْرَب الْمَسْجِد إِلَّا أَنْ يَكُون طَرِيقك فِيهِ , فَتَمُرّ مَرًّا وَلَا تَجْلِس . )7574 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُعَاذ بْن هِشَام , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد : (فِي الْجُنُب يَمُرّ فِي الْمَسْجِد مُجْتَازًا وَهُوَ قَائِم لَا يَجْلِس وَلَيْسَ بِمُتَوَضِّئٍ , وَتَلَا هَذِهِ الْآيَة : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } )7575 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا هَارُون , عَنْ نَهْشَل , عَنْ الضَّحَّاك , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (لَا بَأْس لِلْحَائِضِ وَالْجُنُب أَنْ يَمُرَّا فِي الْمَسْجِد مَا لَمْ يَجْلِسَا فِيهِ. )7576 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْر , قَالَ : (كَانَ أَحَدنَا يَمُرّ فِي الْمَسْجِد وَهُوَ جُنُب مُجْتَازًا . )7577 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : ( { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : الْجُنُب يَمُرّ فِي الْمَسْجِد وَلَا يَقْعُد فِيهِ . )7578 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَا جَمِيعًا : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم , فِي قَوْله : ( { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : إِذَا لَمْ يَجِد طَرِيقًا إِلَّا الْمَسْجِد يَمُرّ فِيهِ . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو غَسَّان مَالِك بْن إِسْمَاعِيل , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل حَتَّى تَغْتَسِلُوا } قَالَ : لَا بَأْس أَنْ يَمُرّ الْجُنُب فِي الْمَسْجِد إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيق غَيْره . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم , مِثْله . 7579 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (الْجُنُب يَمُرّ فِي الْمَسْجِد وَلَا يَجْلِس فِيهِ , ثُمَّ قَرَأَ : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } )7580 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ عَبْد الْكَرِيم , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة , مِثْله . 7581 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة , مِثْله . 7582 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ الْحَسَن بْن عُبَيْد اللَّه , عَنْ أَبِي الضُّحَى مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا هَارُون , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : (لَا بَأْس لِلْحَائِضِ وَالْجُنُب أَنْ يَمُرَّا فِي الْمَسْجِد وَلَا يَقْعُدَا فِيهِ . )7583 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا هَارُون , عَنْ عَمْرو , عَنْ سَعِيد , عَنْ الزُّهْرِيّ , قَالَ : (رُخِّصَ لِلْجُنُبِ أَنْ يَمُرّ فِي الْمَسْجِد . )7584 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني اللَّيْث , قَالَ : ثني يَزِيد بْن أَبِي حَبِيب , عَنْ قَوْل اللَّه : ( { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } أَنَّ رِجَالًا مِنْ الْأَنْصَار كَانَتْ أَبْوَابهمْ فِي الْمَسْجِد تُصِيبهُمْ جَنَابَة وَلَا مَاء عِنْدهمْ , فَيُرِيدُونَ الْمَاء وَلَا يَجِدُونَ مَمَرًّا إِلَّا فِي الْمَسْجِد , فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ شُعْبَة , عَنْ حَمَّاد , عَنْ إِبْرَاهِيم : ( { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : لَا يَجْتَاز فِي الْمَسْجِد إِلَّا أَنْ لَا يَجِد طَرِيقًا غَيْره . )7585 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا هَارُون , عَنْ اِبْن مُجَاهِد , عَنْ أَبِيهِ : (لَا يَمُرّ الْجُنُب فِي الْمَسْجِد يَتَّخِذهُ طَرِيقًا . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِالتَّأْوِيلِ لِذَلِكَ تَأْوِيل مَنْ تَأَوَّلَهُ : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } إِلَّا مُجْتَازِي طَرِيق فِيهِ . وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ بَيَّنَ حُكْم الْمُسَافِر إِذَا عَدِمَ الْمَاء وَهُوَ جُنُب فِي قَوْله : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَر أَوْ جَاءَ أَحَد مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِط أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُوا مَاء فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } فَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّ قَوْله : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل حَتَّى تَغْتَسِلُوا } لَوْ كَانَ مَعْنِيًّا بِهِ الْمُسَافِر لَمْ يَكُنْ لِإِعَادَةِ ذِكْره فِي قَوْله : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَر } مَعْنًى مَفْهُوم , وَقَدْ مَضَى ذِكْر حُكْمه قَبْل ذَلِكَ . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَتَأْوِيل الْآيَة : يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الْمَسَاجِد لِلصَّلَاةِ مُصَلِّينَ فِيهَا وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ , وَلَا تَقْرَبُوهَا أَيْضًا جُنُبًا حَتَّى تَغْتَسِلُوا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل . وَالْعَابِر السَّبِيل : الْمُجْتَازُهُ مَرًّا وَقَطْعًا , يُقَال مِنْهُ : عَبَرْت هَذَا الطَّرِيق فَأَنَا أَعْبُرهُ عَبْرًا وَعُبُورًا , وَمِنْهُ قِيلَ : عَبَرَ فُلَان النَّهَر : إِذَا قَطَعَهُ وَجَازَهُ , وَمِنْهُ قِيلَ لِلنَّاقَةِ الْقَوِيَّة عَلَى الْأَسْفَار لِقُوَّتِهَا : وَهِيَ عُبْر أَسْفَار لِقُوَّتِهَا عَلَى الْأَسْفَار .|تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى } </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى } مِنْ جُرْح أَوْ جُدَرِيّ وَأَنْتُمْ جُنُب . كَمَا : 7586 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا أَبُو الْمُنَبِّه الْفَضْل بْن سُلَيْم , عَنْ الضَّحَّاك , عَنْ اِبْن مَسْعُود , قَوْله : ( { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَر } قَالَ : الْمَرِيض الَّذِي قَدْ أُرْخِصَ لَهُ فِي التَّيَمُّم هُوَ الْكَسِير وَالْجَرِيح , فَإِذَا أَصَابَتْ الْجَنَابَة الْكَسِير اِغْتَسَلَ , وَالْجَرِيح لَا يَحِلّ جِرَاحَته إِلَّا جِرَاحَة لَا يَخْشَى عَلَيْهَا . )7587 - حَدَّثَنَا تَمِيم بْن الْمُنْتَصِر , قَالَ : ثنا إِسْحَاق بْن يُوسُف الْأَزْرَق , عَنْ شَرِيك , عَنْ إِسْمَاعِيل السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي مَالِك , قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَر } قَالَ : هِيَ لِلْمَرِيضِ الَّذِي بِهِ الْجِرَاحَة الَّتِي يَخَاف مِنْهَا أَنْ يَغْتَسِل فَلَا يَغْتَسِل , فَرُخِّصَ لَهُ فِي التَّيَمُّم . )7588 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى } وَالْمَرَض : هُوَ الْجِرَاح وَالْجِرَاحَة الَّتِي يُتَخَوَّف عَلَيْهَا مِنْ الْمَاء إِنْ أَصَابَهُ ضُرّ صَاحِبه , فَذَلِكَ يَتَيَمَّم صَعِيدًا طَيِّبًا . )7589 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ عَزْرَة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْله : ( { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى } قَالَ : إِذَا كَانَ بِهِ جُرُوح أَوْ قُرُوح يَتَيَمَّم . )7590 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم : ( { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى } قَالَ : مِنْ الْقُرُوح تَكُون فِي الذِّرَاعَيْنِ. )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : حَدَّثَنَا هَارُون , عَنْ عَمْرو , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم : ( { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى } قَالَ : الْقُرُوح فِي الذِّرَاعَيْنِ. )7591 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا هَارُون , عَنْ عَمْرو , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : (صَاحِب الْجِرَاحَة الَّتِي يَتَخَوَّف عَلَيْهِ مِنْهَا يَتَيَمَّم . ثُمَّ قَرَأَ : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَر } )7592 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى } وَالْمَرَض : أَنْ يُصِيب الرَّجُل الْجُرْح أَوْ الْقُرْح أَوْ الْجُدَرِيّ , فَيَخَاف عَلَى نَفْسه مِنْ بَرْد الْمَاء وَأَذَاهُ , يَتَيَمَّم بِالصَّعِيدِ كَمَا يَتَيَمَّم الْمُسَافِر الَّذِي لَا يَجِد الْمَاء . )7593 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُعَاذ بْن هِشَام , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ قَتَادَة , عَنْ عَاصِم , يَعْنِي الْأَحْوَل , عَنْ الشَّعْبِيّ , (أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمَجْدُور تُصِيبهُ الْجَنَابَة ؟ قَالَ : ذَهَبَ فُرْسَان هَذِهِ الْآيَة . )وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ مَا : 7594 - حَدَّثَنِي بِهِ يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَر فَلَمْ تَجِدُوا مَاء فَتَيَمَّمُوا } قَالَ : الْمَرِيض الَّذِي لَا يَجِد أَحَدًا يَأْتِيه بِالْمَاءِ وَلَا يَقْدِر عَلَيْهِ , وَلَيْسَ لَهُ خَادِم , وَلَا عَوْن , فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَتَنَاوَل الْمَاء وَلَيْسَ عِنْده مَنْ يَأْتِيه بِهِ , وَلَا يَحْبُو إِلَيْهِ , تَيَمَّمَ وَصَلَّى إِذَا حَلَّتْ الصَّلَاة . قَالَ : هَذَا كُلّه قَوْل أَبِي : إِذَا كَانَ لَا يَسْتَطِيع أَنْ يَتَنَاوَل الْمَاء وَلَيْسَ عِنْده مَنْ يَأْتِيه بِهِ لَا يَتْرُك الصَّلَاة , وَهُوَ أَعْذَر مِنْ الْمُسَافِر . )فَتَأْوِيل الْآيَة إِذًا : وَإِنْ كُنْتُمْ جَرْحَى أَوْ بِكُمْ قُرُوح أَوْ كَسْر أَوْ عِلَّة لَا تَقْدِرُونَ مَعَهَا عَلَى الِاغْتِسَال مِنْ الْجَنَابَة , وَأَنْتُمْ مُقِيمُونَ غَيْر مُسَافِرِينَ , فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا .|مَرْضَى أَوْ عَلَى|وَأَمَّا قَوْله : { أَوْ عَلَى سَفَر } أَوْ إِنْ كُنْتُمْ مُسَافِرِينَ وَأَنْتُمْ أَصِحَّاء جُنُب , فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا.|سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ|وَكَذَلِكَ تَأْوِيل قَوْله : { أَوْ جَاءَ أَحَد مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِط } يَقُول : أَوْ جَاءَ أَحَد مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِط قَدْ قَضَى حَاجَته وَهُوَ مُسَافِر صَحِيح , فَلْيَتَيَمَّمْ صَعِيدًا طَيِّبًا. وَالْغَائِط : مَا اِتَّسَعَ مِنْ الْأَوْدِيَة وَتَصَوَّبَ , وَجُعِلَ كِنَايَة عَنْ قَضَاء حَاجَة الْإِنْسَان , لِأَنَّ الْعَرَب كَانَتْ تَخْتَار قَضَاء حَاجَتهَا فِي الْغِيطَان فَكَثُرَ ذَلِكَ مِنْهَا حَتَّى غَلَبَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ , فَقِيلَ لِكُلِّ مَنْ قَضَى حَاجَته الَّتِي كَانَتْ تُقْضَى فِي الْغِيطَان حَيْثُ قَضَاهَا مِنْ الْأَرْض : مُتَغَوِّط , جَاءَ فُلَان مِنْ الْغَائِط يَعْنِي بِهِ : قَضَى حَاجَته الَّتِي كَانَتْ تُقْضَى فِي الْغَائِط مِنْ الْأَرْض . وَذُكِرَ عَنْ مُجَاهِد أَنَّهُ قَالَ فِي الْغَائِط : الْوَادِي. 7595 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { أَوْ جَاءَ أَحَد مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِط } قَالَ : الْغَائِط : الْوَادِي .)|الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : أَوْ بَاشَرْتُمْ النِّسَاء بِأَيْدِيكُمْ . ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي اللَّمْس الَّذِي عَنَاهُ اللَّه بِقَوْلِهِ : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى بِذَلِكَ : الْجِمَاع . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7596 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (ذَكَرُوا اللَّمْس , فَقَالَ نَاس مِنْ الْمَوَالِي : لَيْسَ بِالْجِمَاعِ , وَقَالَ نَاس مِنْ الْعَرَب : اللَّمْس : الْجِمَاع . قَالَ : فَأَتَيْت اِبْن عَبَّاس , فَقُلْت : إِنَّ نَاسًا مِنْ الْمَوَالِي وَالْعَرَب اِخْتَلَفُوا فِي اللَّمْس , فَقَالَتْ الْمَوَالِي : لَيْسَ بِالْجِمَاعِ , وَقَالَتْ الْعَرَب : الْجِمَاع . قَالَ : مِنْ أَيّ الْفَرِيقَيْنِ كُنْت ؟ قُلْت : كُنْت مِنْ الْمَوَالِي , قَالَ : غَلَبَ فَرِيق الْمَوَالِي , إِنَّ الْمَسّ وَاللَّمْس , وَالْمُبَاشَرَة : الْجِمَاع , وَلَكِنَّ اللَّه يُكَنِّي مَا شَاءَ بِمَا شَاءَ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي قَيْس , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . 7597 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , قَالَ : سَمِعْت سَعِيد بْن جُبَيْر يُحَدِّث عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ : ( { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } قَالَ : هُوَ الْجِمَاع . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا وَهْب بْن جَرِير , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (اِخْتَلَفْت أَنَا وَعَطَاء وَعُبَيْد بْن عُمَيْر فِي قَوْله : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } فَقَالَ عُبَيْد بْن عُمَيْر : هُوَ الْجِمَاع , وَقُلْت أَنَا وَعَطَاء : هُوَ اللَّمْس . قَالَ : فَدَخَلْنَا عَلَى اِبْن عَبَّاس , فَسَأَلْنَاهُ , فَقَالَ : غَلَبَ فَرِيق الْمَوَالِي وَأَصَابَتْ الْعَرَب , هُوَ الْجِمَاع , وَلَكِنَّ اللَّه يَعِفّ وَيُكَنِّي . )* - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ عِكْرِمَة وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَعَطَاء بْن أَبِي رَبَاح وَعُبَيْد بْن عُمَيْر : (اِخْتَلَفُوا فِي الْمُلَامَسَة , فَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر وَعَطَاء : الْمُلَامَسَة مَا دُون الْجِمَاع . وَقَالَ عُبَيْد : هُوَ النِّكَاح . فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ اِبْن عَبَّاس , فَسَأَلُوهُ , فَقَالَ : أَخْطَأَ الْمَوْلَيَانِ وَأَصَابَ الْعَرَبِيّ : الْمُلَامَسَة : النِّكَاح , وَلَكِنَّ اللَّه يُكَنِّي وَيَعِفّ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن بِشْر , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : اِجْتَمَعَ سَعِيد بْن جُبَيْر وَعَطَاء وَعُبَيْد بْن عُمَيْر , فَذَكَرَ نَحْوه . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن عَثْمَة , قَالَ : ثنا سَعِيد بْن بَشِير , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : قَالَ : سَعِيد بْن جُبَيْر وَعَطَاء فِي (التَّمَاسّ : الْغَمْز بِالْيَدِ , وَقَالَ عُبَيْد بْن عُمَيْر : الْجِمَاع . فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ اِبْن عَبَّاس فَقَالَ : أَخْطَأَ الْمَوْلَيَانِ , وَأَصَابَ الْعَرَبِيّ , وَلَكِنَّهُ يَعِفّ وَيُكَنِّي . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَيَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَا : قَالَ اِبْن عَبَّاس : (اللَّمْس : الْجِمَاع . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة وَعَبْد الْوَهَّاب , عَنْ خَالِد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس مِثْله . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : ثنا أَبُو بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : (اللَّمْس وَالْمَسّ وَالْمُبَاشَرَة : الْجِمَاع , وَلَكِنَّ اللَّه يُكَنِّي بِمَا شَاءَ . )* - حَدَّثَنَا عَبْد الْحَمِيد بْن بَيَان , قَالَ : ثنا إِسْحَاق الْأَزْرَق , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَاصِم الْأَحْوَل , عَنْ بَكْر بْن عَبْد اللَّه , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (الْمُلَامَسَة : الْجِمَاع , وَلَكِنَّ اللَّه كَرِيم يُكَنِّي عَمَّا شَاءَ . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثنا أَيُّوب بْن سُوَيْد , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَاصِم , عَنْ بَكْر بْن عَبْد اللَّه , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ دَاوُد , عَنْ جَعْفَر بْن أَبِي وَحْشِيَّة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (اِخْتَلَفَتْ الْعَرَب وَالْمَوَالِي فِي الْمُلَامَسَة عَلَى بَاب اِبْن عَبَّاس قَالَتْ الْعَرَب : الْجِمَاع , وَقَالَتْ الْمَوَالِي : بِالْيَدِ. قَالَ : فَخَرَجَ اِبْن عَبَّاس , فَقَالَ : غُلِبَ فَرِيق الْمَوَالِي , الْمُلَامَسَة : الْجِمَاع . )* - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ رَجُل , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : كُنَّا عَلَى بَاب اِبْن عَبَّاس , فَذَكَرَ نَحْوه . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن هَارُون , قَالَ : أَخْبَرَنَا دَاوُد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : قَعَدَ قَوْم عَلَى بَاب اِبْن عَبَّاس , فَذَكَرَ نَحْوه . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : ( { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } الْمُلَامَسَة : هُوَ النِّكَاح . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا اِبْن نُمَيْر , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عَبْد الْمَلِك بْن مَيْسَرَة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (اِجْتَمَعَتْ الْمَوَالِي وَالْعَرَب فِي الْمَسْجِد وَابْن عَبَّاس فِي الصُّفَّة , فَاجْتَمَعَتْ الْمَوَالِي عَلَى أَنَّهُ اللَّمْس دُون الْجِمَاع , وَاجْتَمَعَتْ الْعَرَب عَلَى أَنَّهُ الْجِمَاع , فَقَالَ اِبْن عَبَّاس : مِنْ أَيّ الْفَرِيقَيْنِ أَنْتَ ؟ قُلْت : مِنْ الْمَوَالِي , قَالَ : غُلِبْت . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : (اللَّمْس : الْجِمَاع . )* - وَبِهِ سُفْيَان , عَنْ عَاصِم , عَنْ بَكْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله. * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا حَفْص , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ حَبِيب , عَنْ سَعِيد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (هُوَ الْجِمَاع . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مَالِك , عَنْ زُهَيْر , عَنْ خُصَيْف , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا حَفْص , عَنْ دَاوُد , عَنْ جَعْفَر بْن إِيَاس , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } قَالَ : الْجِمَاع . )7598 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَشْعَث , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , قَالَ : (الْجِمَاع . )7599 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , عَنْ يُونُس , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : (الْجِمَاع . )7600 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مَالِك , عَنْ خُصَيْف , قَالَ : سَأَلْت مُجَاهِدًا , فَقَالَ ذَلِكَ . 7601 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة وَالْحَسَن , قَالَا : (غِشْيَان النِّسَاء . )وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى اللَّه بِذَلِكَ كُلّ لَمْس بِيَدٍ كَانَ أَوْ بِغَيْرِهَا مِنْ أَعْضَاء جَسَد الْإِنْسَان . وَأَوْجَبُوا الْوُضُوء عَلَى مَنْ مَسَّ بِشَيْءٍ مِنْ جَسَده شَيْئًا مِنْ جَسَدهَا مُفْضِيًا إِلَيْهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7602 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مُخَارِق , عَنْ طَارِق بْن شِهَاب , عَنْ عَبْد اللَّه , أَنَّهُ قَالَ شَيْئًا هَذَا مَعْنَاهُ : (الْمُلَامَسَة : مَا دُون الْجِمَاع . )7603 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مَنْصُور , عَنْ هِلَال , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة , عَنْ عَبْد اللَّه - أَوْ عَنْ أَبِي عُبَيْدَة مَنْصُور الَّذِي شَكَّ - قَالَ : (الْقُبْلَة مِنْ الْمَسّ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مُخَارِق , عَنْ طَارِق , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : (اللَّمْس : مَا دُون الْجِمَاع . )* - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ شُعْبَة , عَنْ الْمُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : قَالَ اِبْن مَسْعُود : (اللَّمْس : مَا دُون الْجِمَاع. )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : (الْقُبْلَة مِنْ اللَّمْس . )* - حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , وَحَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا اِبْن فُضَيْل , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , قَالَ : (الْقُبْلَة مِنْ اللَّمْس , وَفِيهَا الْوُضُوء . )* - حَدَّثَنَا تَمِيم بْن الْمُنْتَصِر , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْحَاق , عَنْ شَرِيك , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , مِثْله . 7604 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْدَة الضَّبِّيّ , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُلَيْم بْن أَخْضَر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن عَوْن , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : (سَأَلْت عُبَيْدَة , عَنْ قَوْله : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } قَالَ : فَأَشَارَ بِيَدِهِ هَكَذَا - وَحَكَاهُ سُلَيْم - وَأَرَانَاهُ أَبُو عَبْد اللَّه , فَضَمَّ أَصَابِعه . )* - حَدَّثَنِي يَعْقُوب وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ سَلَمَة بْن عَلْقَمَة , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : (سَأَلْت عُبَيْدَة , عَنْ قَوْله : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } قَالَ بِيَدِهِ , فَظَنَنْت مَا عَنَى فَلَمْ أَسْأَلهُ . )7605 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ اِبْن عَوْن , قَالَ : (ذَكَرُوا عِنْد مُحَمَّد مَسّ الْفَرْج , وَأَظُنّهُمْ ذَكَرُوا مَا قَالَ اِبْن عُمَر فِي ذَلِكَ , فَقَالَ مُحَمَّد : قُلْت لِعُبَيْدَة , قَوْله : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } فَقَالَ بِيَدِهِ . قَالَ اِبْن عَوْن : بِيَدِهِ كَأَنَّهُ يَتَنَاوَل شَيْئًا يَقْبِض عَلَيْهِ . )* - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا خَالِد , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : قَالَ عُبَيْدَة : (اللَّمْس بِالْيَدِ . )* - قَالَ ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ هِشَام , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : سَأَلْت عُبَيْدَة , عَنْ هَذِهِ الْآيَة : ( { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } فَقَالَ بِيَدِهِ , وَضَمَّ أَصَابِعه , حَتَّى عَرَفْت الَّذِي أَرَادَ . )7606 - حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر , عَنْ نَافِع : (أَنَّ اِبْن عُمَر كَانَ يَتَوَضَّأ مِنْ قُبْلَة الْمَرْأَة , وَيَرَى فِيهَا الْوُضُوء , وَيَقُول : هِيَ مِنْ اللِّمَاس. )7607 - حَدَّثَنَا عَبْد الْحَمِيد بْن بَيَان , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن يَزِيد , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ عَامِر , قَالَ : (الْمُلَامَسَة : مَا دُون الْجِمَاع . )7608 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا مُحِلّ بْن مُحْرِز , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : (اللَّمْس مِنْ شَهْوَة يَنْقُض الْوُضُوء . )7609 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ الْحَكَم وَحَمَّاد أَنَّهُمَا قَالَا : (اللَّمْس مَا دُون الْجِمَاع . )7610 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ عَطَاء , قَالَ : (الْمُلَامَسَة : مَا دُون الْجِمَاع . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا حَفْص , عَنْ أَشْعَث , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ أَصْحَاب عَبْد اللَّه , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : (الْمُلَامَسَة : مَا دُون الْجِمَاع . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ بَيَان , عَنْ عَامِر , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : (الْمُلَامَسَة : مَا دُون الْجِمَاع. )* - قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه , مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه , مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن بِشْر , عَنْ سَعِيد , عَنْ أَبِي مَعْشَر , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه : (الْمُلَامَسَة : مَا دُون الْجِمَاع , ثُمَّ قَرَأَ : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُوا مَاء } )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ هِشَام , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , قَالَ : (سَأَلْت عُبَيْدَة , عَنْ : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا , فَعَرَفْت مَا يَعْنِي. )7611 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ أَبِيهِ وَحَسَن بْن صَالِح , عَنْ مَنْصُور , عَنْ هِلَال بْن يَسَاف , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة , قَالَ : (الْقُبْلَة مِنْ اللَّمْس. )7612 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مَالِك بْن إِسْمَاعِيل , عَنْ زُهَيْر , عَنْ خُصَيْف , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة : (الْقُبْلَة وَالشَّيْء . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : عَنَى اللَّه بِقَوْلِهِ : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } الْجِمَاع دُون غَيْره مِنْ مَعَانِي اللَّمْس , لِصِحَّةِ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَبَّلَ بَعْض نِسَائِهِ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأ. 7613 - حَدَّثَنِي بِذَلِكَ إِسْمَاعِيل بْن مُوسَى السُّدِّيّ , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر بْن عَيَّاش , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت , عَنْ عُرْوَة , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : ( كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأ ثُمَّ يُقَبِّل , ثُمَّ يُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأ . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت , عَنْ عُرْوَة , عَنْ عَائِشَة : ( أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَ بَعْض نِسَائِهِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاة وَلَمْ يَتَوَضَّأ | , قُلْت : مَنْ هِيَ إِلَّا أَنْتِ ؟ فَضَحِكَتْ . )7614 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا حَفْص بْن غِيَاث , عَنْ حَجَّاج , عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب , عَنْ زَيْنَب السَّهْمِيَّة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَنَّهُ كَانَ يُقَبِّل , ثُمَّ يُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأ . )* - حَدَّثَنَا أَبُو زَيْد عُمَر بْن شَبَّة , قَالَ : ثنا شِهَاب بْن عَبَّاد , قَالَ : ثنا مَنْدَل , عَنْ لَيْث , عَنْ عَطَاء , عَنْ عَائِشَة . وَعَنْ أَبِي رَوْق , عَنْ إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : ( كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنَال مِنِّي الْقُبْلَة بَعْد الْوُضُوء , ثُمَّ لَا يُعِيد الْوُضُوء . )7615 - حَدَّثَنَا سَعِيد بْن يَحْيَى الْأُمَوِيّ , قَالَ : ثنا أَبِي , قَالَ : ثني يَزِيد بْن سِنَان , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن الْأَوْزَاعِيّ , عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير , عَنْ أَبِي سَلَمَة , عَنْ أُمّ سَلَمَة : ( أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقَبِّلهَا وَهُوَ صَائِم , ثُمَّ لَا يُفْطِر , وَلَا يُحْدِث وُضُوءًا . )فَفِي صِحَّة الْخَبَر فِيمَا ذَكَرْنَا عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّلَالَة الْوَاضِحَة عَلَى أَنَّ اللَّمْس فِي هَذَا الْمَوْ ضِع لَمْس الْجِمَاع لَا جَمِيع مَعَانِي اللَّمْس , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>وَهُنَّ يَمْشِينَ بِنَا هَمِيسَا .......... إِنْ تَصْدُق الطَّيْر نَنِكْ لَمِيسَا <br>يَعْنِي بِذَلِكَ : نَنِكْ لِمَاسًا . وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَبَعْض الْبَصْرِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ : { أَوْ لَامَسْتُمْ } بِمَعْنَى : أَوْ لَمَسْتُمْ نِسَاءَكُمْ وَلَمَسَتْكُمْ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ : | أَوْ لَمَسْتُمْ النِّسَاء | بِمَعْنَى : أَوْ لَمَسْتُمْ أَنْتُمْ أَيّهَا الرِّجَال نِسَاءَكُمْ . وَهُمَا قِرَاءَتَانِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , لِأَنَّهُ لَا يَكُون الرَّجُل لَامِسًا اِمْرَأَته إِلَّا وَهِيَ لَامِسَته , فَاللَّمْس فِي ذَلِكَ يَدُلّ عَلَى مَعْنَى اللِّمَاس , وَاللِّمَاس عَلَى مَعْنَى اللَّمْس مِنْ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا صَاحِبه , فَبِأَيِّ الْقِرَاءَتَيْنِ قَرَأَ ذَلِكَ الْقَارِئ فَمُصِيب , لِاتِّفَاقِ مَعْنَيَيْهِمَا .|النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلَمْ تَجِدُوا مَاء فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّ

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب } </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ } فَقَالَ قَوْم : مَعْنَاهُ : أَلَمْ تُخْبَر . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَاهُ : أَلَمْ تَعْلَم . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ : أَلَمْ تَرَ بِقَلْبِك يَا مُحَمَّد عِلْمًا إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا . وَذَلِكَ أَنَّ الْخَبَر وَالْعِلْم لَا يُجْلِيَانِ رُؤْيَة , وَلَكِنَّهُ رُؤْيَة الْقَلْب بِالْعِلْمِ لِذَلِكَ كَمَا قُلْنَا فِيهِ . وَأَمَّا تَأْوِيل قَوْله : { إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب } فَإِنَّهُ يَعْنِي : إِلَى الَّذِينَ أُعْطُوا حَظًّا مِنْ كِتَاب اللَّه , فَعَلِمُوهُ . وَذُكِرَ أَنَّ اللَّه عَنَى بِذَلِكَ طَائِفَة مِنْ الْيَهُود الَّذِينَ كَانُوا حَوَالَيْ مُهَاجِر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7661 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب يَشْتَرُونَ الضَّلَالَة وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيل } فَهُمْ أَعْدَاء اللَّه الْيَهُود , اِشْتَرَوْا الضَّلَالَة . )7662 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عِكْرِمَة : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب } إِلَى قَوْله : { يُحَرِّفُونَ الْكَلِم عَنْ مَوَاضِعه } قَالَ : نَزَلَتْ فِي رِفَاعَة بْن زَيْد بْن السَّائِب الْيَهُودِيّ . )7663 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا يُونُس بْن بُكَيْر , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد مَوْلَى زَيْد بْن ثَابِت , قَالَ : ثني سَعِيد بْن جُبَيْر أَوْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (كَانَ رِفَاعَة بْن زَيْد بْن التَّابُوت مِنْ عُظَمَائِهِمْ - يَعْنِي : مِنْ عُظَمَاء الْيَهُود - إِذَا كَلَّمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوَّى لِسَانه وَقَالَ : رَاعِنَا سَمْعك يَا مُحَمَّد حَتَّى نُفْهِمك ! ثُمَّ طَعَنَ فِي الْإِسْلَام وَعَابَهُ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب يَشْتَرُونَ الضَّلَالَة } . .. إِلَى قَوْله : { فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا } )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق بِإِسْنَادِهِ عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله .|يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَشْتَرُونَ الضَّلَالَة } </subtitle>. يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { يَشْتَرُونَ الضَّلَالَة } الْيَهُود الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب يَخْتَارُونَ الضَّلَالَة , وَذَلِكَ الْأَخْذ عَلَى غَيْر طَرِيق الْحَقّ وَرُكُوب غَيْر سَبِيل الرُّشْد وَالصَّوَاب , مَعَ الْعِلْم مِنْهُمْ بِقَصْدِ السَّبِيل وَمَنْهَج الْحَقّ . وَإِنَّمَا عَنَى اللَّه بِوَصْفِهِمْ بِاشْتِرَائِهِمْ الضَّلَالَة مَقَامهمْ عَلَى التَّكْذِيب بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَرْكهمْ الْإِيمَان بِهِ , وَهُمْ عَالِمُونَ أَنَّ السَّبِيل الْحَقّ الْإِيمَان بِهِ وَتَصْدِيقه بِمَا قَدْ وَجَدُوا مِنْ صِفَته فِي كُتُبهمْ الَّتِي عِنْدهمْ .|وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ|وَأَمَّا قَوْله : { وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيل } يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْره : وَيُرِيد هَؤُلَاءِ الْيَهُود الَّذِينَ وَصَفَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِأَنَّهُمْ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب أَنْ تَضِلُّوا أَنْتُمْ يَا مَعْشَر أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُصَدِّقِينَ بِهِ 0 أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيل , يَقُول : أَنْ تَزُولُوا عَنْ قَصْد الطَّرِيق , وَمَحَجَّة الْحَقّ , فَتُكَذِّبُوا بِمُحَمَّدٍ , وَتَكُونُوا ضُلَّالًا مِثْلهمْ . وَهَذَا مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره تَحْذِير مِنْهُ عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَسْتَنْصِحُوا أَحَدًا مِنْ أَعْدَاء الْإِسْلَام فِي شَيْء مِنْ أَمْر دِينهمْ , أَوْ أَنْ يَسْمَعُوا شَيْئًا مِنْ طَعْنهمْ فِي الْحَقّ .

وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا

ثُمَّ أَخْبَرَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْ عَدَاوَة هَؤُلَاءِ الْيَهُود الَّذِينَ نَهَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَسْتَنْصِحُوهُمْ فِي دِينهمْ إِيَّاهُمْ , فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَاَللَّه أَعْلَم بِأَعْدَائِكُمْ } يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْره : وَاَللَّه أَعْلَم مِنْكُمْ بِعَدَاوَةِ هَؤُلَاءِ الْيَهُود أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ , يَقُول : فَانْتَهُوا إِلَى طَاعَتِي عَمَّا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ مِنْ اِسْتِنْصَاحهمْ فِي دِينكُمْ , فَإِنِّي أَعْلَم بِمَا هُمْ عَلَيْهِ لَكُمْ مِنْ الْغِشّ وَالْعَدَاوَة وَالْحَسَد وَأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَبْغُونَكُمْ الْغَوَائِل , وَيَطْلُبُونَ أَنْ تَضِلُّوا عَنْ مَحَجَّة الْحَقّ فَتَهْلِكُوا .|وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا|وَأَمَّا قَوْله : { وَكَفَى بِاَللَّهِ وَلِيًّا } فَإِنَّهُ يَقُول : فَبِاَللَّهِ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ فَثِقُوا , وَعَلَيْهِ فَتَوَكَّلُوا , وَإِلَيْهِ فَارْغَبُوا دُون غَيْره , يَكْفِكُمْ مُهِمّكُمْ وَيَنْصُركُمْ عَلَى أَعْدَائِكُمْ . { وَكَفَى بِاَللَّهِ وَلِيًّا } يَقُول : وَكَفَاكُمْ وَحَسْبكُمْ بِاَللَّهِ رَبّكُمْ وَلِيًّا يَلِيكُمْ وَيَلِي أُمُوركُمْ بِالْحِيَاطَةِ لَكُمْ وَالْحِرَاسَة مِنْ أَنْ يَسْتَفِزّكُمْ أَعْدَاؤُكُمْ عَنْ دِينكُمْ أَوْ يَصُدُّوكُمْ عَنْ اِتِّبَاع نَبِيّكُمْ .|وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا| { وَكَفَى بِاَللَّهِ نَصِيرًا } يَقُول : وَحَسْبكُمْ بِاَللَّهِ نَاصِرًا لَكُمْ عَلَى أَعْدَائِكُمْ وَأَعْدَاء دِينكُمْ , وَعَلَى مَنْ بَغَاكُمْ الْغَوَائِل , وَبَغَى دِينكُمْ الْعِوَج .

مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَك

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِم عَنْ مَوَاضِعه } </subtitle>وَلِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِم } وَجْهَانِ مِنْ التَّأْوِيل : أَحَدهمَا : أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِم . فَيَكُون قَوْله : { مِنْ الَّذِينَ هَادُوا } مِنْ صِلَة | الَّذِينَ | . وَإِلَى هَذَا الْقَوْل كَانَتْ عَامَّة أَهْل الْعَرَبِيَّة مِنْ أَهْل الْكُوفَة يُوَجِّهُونَ . قَوْله : { مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ } وَالْآخَر مِنْهُمَا : أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ : مِنْ الَّذِينَ هَادُوا مَنْ يُحَرِّف الْكَلِم عَنْ مَوَاضِعه . فَتَكُون | مِنْ | مَحْذُوفَة مِنْ الْكَلَام اِكْتِفَاء بِدَلَالَةِ قَوْله : { مِنْ الَّذِينَ هَادُوا } عَلَيْهَا , وَذَلِكَ أَنَّ | مِنْ | لَوْ ذُكِرَتْ فِي الْكَلَام كَانَتْ بَعْضًا ل | مَنْ | , فَاكْتَفَى بِدَلَالَةِ | مِنْ | عَلَيْهَا , وَالْعَرَب تَقُول : مِنَّا مَنْ يَقُول ذَلِكَ , وَمِنَّا لَا يَقُولهُ , بِمَعْنَى : مِنَّا مَنْ يَقُول ذَاكَ , وَمِنَّا مَنْ لَا يَقُولهُ , فَتَحْذِف | مَنْ | اِكْتِفَاء بِدَلَالَةِ مَنْ عَلَيْهِ , كَمَا قَالَ ذُو الرُّمَّة : <br>فَظَلُّوا وَمِنْهُمْ دَمْعه سَابِق لَهُ .......... وَآخَر يُذْرِي دَمْعَة الْعَيْن بِالْمَهْلِ <br>يَعْنِي : وَمِنْهُمْ مَنْ دَمْعه . وَكَمَا قَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَام مَعْلُوم } [37 164 ]وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى كَانَتْ عَامَّة أَهْل الْعَرَبِيَّة مِنْ أَهْل الْبَصْرَة يُوَجِّهُونَ تَأْوِيل قَوْله : { مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِم } غَيْر أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ : الْمُضْمَر فِي ذَلِكَ | الْقَوْم | , كَأَنَّ مَعْنَاهُ عِنْدهمْ : مِنْ الَّذِينَ هَادُوا قَوْم يُحَرِّفُونَ الْكَلِم , وَيَقُولُونَ : نَظِير قَوْل النَّابِغَة : <br>كَأَنَّك مِنْ جَمَال بَنِي أُقَيْش .......... يُقَعْقَع خَلْف رِجْلَيْهِ بِشَنٍّ <br>يَعْنِي : كَأَنَّك جَمَل مِنْ جَمَال أُقَيْش . فَأَمَّا نَحْوِيُّو الْكُوفَة , فَيُنْكِرُونَ أَنْ يَكُون الْمُضْمِر مَعَ | مِنْ | إِلَّا | مَنْ | أَوْ مَا أَشْبَهَهَا . وَالْقَوْل الَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ عِنْدِي فِي ذَلِكَ قَوْل مَنْ قَالَ قَوْله : { مِنْ الَّذِينَ هَادُوا } مِنْ صِلَة الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب , لِأَنَّ الْخَبَرَيْنِ جَمِيعًا وَالصِّفَتَيْنِ مِنْ صِفَة نَوْع وَاحِد مِنْ النَّاس , وَهُمْ الْيَهُود الَّذِينَ وَصَفَ اللَّه صِفَتهمْ فِي قَوْله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب } وَبِذَلِكَ جَاءَ تَأْوِيل أَهْل التَّأْوِيل , فَلَا حَاجَة بِالْكَلَامِ إِذْ كَانَ الْأَمْر كَذَلِكَ إِلَى أَنْ يَكُون فِيهِ مَتْرُوك . وَأَمَّا تَأْوِيل قَوْله : { يُحَرِّفُونَ الْكَلِم عَنْ مَوَاضِعه } فَإِنَّهُ يَقُول : يُبَدِّلُونَ مَعْنَاهَا وَيُغَيِّرُونَهَا عَنْ تَأْوِيله , وَالْكَلِم جِمَاع كَلِمَة . وَكَانَ مُجَاهِد يَقُول : عَنَى بِالْكَلِمِ : التَّوْرَاة . 7664 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { يُحَرِّفُونَ الْكَلِم عَنْ مَوَاضِعه } تَبْدِيل الْيَهُود التَّوْرَاة . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَأَمَّا قَوْله : { عَنْ مَوَاضِعه } فَإِنَّهُ يَعْنِي : عَنْ أَمَاكِنه وَوُجُوهه الَّتِي هِيَ وُجُوهه .|وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا|وَأَمَّا تَأْوِيل قَوْله : { وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يَقُولُونَ : سَمِعْنَا يَا مُحَمَّد قَوْلك , وَعَصَيْنَا أَمْرك . كَمَا : 7665 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا } قَالَ : قَالَتْ الْيَهُود : سَمِعْنَا مَا تَقُول , وَلَا نُطِيعك . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7666 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا } قَالُوا : قَدْ سَمِعْنَا , وَلَكِنْ لَا نُطِيعك .)|وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاسْمَعْ غَيْر مُسْمَع } </subtitle>وَهَذَا خَبَر مِنْ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْ الْيَهُود الَّذِينَ كَانُوا حَوَالَيْ مُهَاجِر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَصْره , أَنَّهُمْ كَانُوا يَسُبُّونَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُؤْذُونَهُ بِالْقَبِيحِ مِنْ الْقَوْل , وَيَقُولُونَ لَهُ : اِسْمَعْ مِنَّا غَيْر مُسْمَع , كَقَوْلِ الْقَائِل لِلرَّجُلِ يَسُبّهُ : اِسْمَعْ لَا أَسْمَعَك اللَّه . كَمَا : 7667 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَاسْمَعْ غَيْر مُسْمَع } قَالَ : هَذَا قَوْل أَهْل الْكِتَاب يَهُود , كَهَيْئَةِ مَا يَقُول الْإِنْسَان : اِسْمَعْ لَا سَمِعْت , أَذًى لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَشَتْمًا لَهُ وَاسْتِهْزَاء . )7668 - حُدِّثْت عَنْ الْمِنْجَاب , قَالَ : ثنا بِشْر بْن عُمَارَة , عَنْ أَبِي رَوْق , عَنْ الضَّحَّاك , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَاسْمَعْ غَيْر مُسْمَع } قَالَ : يَقُولُونَ لَك : وَاسْمَعْ لَا سَمِعْت . )وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِد وَالْحَسَن أَنَّهُمَا كَانَا يَتَأَوَّلَانِ فِي ذَلِكَ بِمَعْنَى : وَاسْمَعْ غَيْر مَقْبُول مِنْك . وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ لَقِيلَ : وَاسْمَعْ غَيْر مَسْمُوع , وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ : وَاسْمَعْ لَا تَسْمَع , وَلَكِنْ قَالَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّين } فَوَصَفَهُمْ بِتَحْرِيفِ الْكَلَام بِأَلْسِنَتِهِمْ وَالطَّعْن فِي الدِّين بِسَبِّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَأَمَّا الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْته عَنْ مُجَاهِد : { وَاسْمَعْ غَيْر مُسْمَع } يَقُول : غَيْر مَقْبُول مَا تَقُول , فَهُوَ كَمَا : 7669 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَاسْمَعْ غَيْر مُسْمَع } قَالَ : غَيْر مُسْتَمِع . قَالَ اِبْن جُرَيْج عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , عَنْ مُجَاهِد : { وَاسْمَعْ غَيْر مُسْمَع } غَيْر مَقْبُول مَا تَقُول . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7670 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : ( { وَاسْمَعْ غَيْر مُسْمَع } قَالَ : كَمَا تَقُول : اِسْمَعْ غَيْر مَسْمُوع مِنْك . )7671 - وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْن هَارُون , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : (كَانَ نَاس مِنْهُمْ يَقُولُونَ : { وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَع } كَقَوْلِك : اِسْمَعْ غَيْر صَاغٍ .)|وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّين } </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ : { وَرَاعِنَا } أَيْ رَاعِنَا سَمْعك , اِفْهَمْ عَنَّا وَأَفْهِمْنَا . وَقَدْ بَيَّنَّا تَأْوِيل ذَلِكَ فِي سُورَة الْبَقَرَة بِأَدِلَّتِهِ بِمَا فِيهِ الْكِفَايَة عَنْ إِعَادَته . ثُمَّ أَخْبَرَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ } يَعْنِي : تَحْرِيكًا مِنْهُمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ بِتَحْرِيفٍ مِنْهُمْ لِمَعْنَاهُ إِلَى الْمَكْرُوه مِنْ مَعْنَيَيْهِ , وَاسْتِخْفَافًا مِنْهُمْ بِحَقِّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وَطَعْنًا فِي الدِّين } كَمَا : 7672 - حَدَّثَنِي الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , قَالَ : قَالَ قَتَادَة : (كَانَتْ الْيَهُود يَقُولُونَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : رَاعِنَا سَمْعك ! يَسْتَهْزِئُونَ بِذَلِكَ , فَكَانَتْ الْيَهُود قَبِيحَة , فَقَالَ : رَاعِنَا سَمْعك لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ ; وَاللَّيّ : تَحْرِيكهمْ أَلْسِنَتهمْ بِذَلِكَ , { وَطَعْنًا فِي الدِّين } )7673 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { رَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ } كَانَ الرَّجُل مِنْ الْمُشْرِكِينَ يَقُول : أَرْعِنِي سَمْعك ! يَلْوِي بِذَلِكَ لِسَانه , يَعْنِي : يُحَرِّف مَعْنَاهُ . )7674 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِم عَنْ مَوَاضِعه } . .. إِلَى : { وَطَعْنًا فِي الدِّين } فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَهْزِئُونَ وَيَلْوُونَ أَلْسِنَتهمْ بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَطْعَنُونَ فِي الدِّين . )7675 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : ( { وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّين } قَالَ : | رَاعِنَا | طَعْنهمْ فِي الدِّين , وَلَيّهمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ لِيُبْطِلُوهُ وَيُكَذِّبُوهُ . قَالَ : وَالرَّاعِن : الْخَطَأ مِنْ الْكَلَام . )7676 - حُدِّثْت عَنْ الْمِنْجَاب , قَالَ : ثنا بِشْر , قَالَ : أَبُو رَوْق , عَنْ الضَّحَّاك , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : ( { لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ } قَالَ : تَحْرِيفًا بِالْكَذِبِ.)|وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَم } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَلَوْ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْيَهُود الَّذِينَ وَصَفَ اللَّه صِفَتهمْ قَالُوا لِنَبِيِّ اللَّه : سَمِعْنَا يَا مُحَمَّد قَوْلك , وَأَطَعْنَا أَمْرك , وَقَبِلْنَا مَا جِئْتنَا بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه , وَاسْمَعْ مِنَّا , وَانْظُرْنَا مَا نَقُول , وَانْتَظِرْنَا نَفْهَم عَنْك مَا تَقُول لَنَا , { لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَم } يَقُول : لَكَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لَهُمْ عِنْد اللَّه وَأَقْوَم , يَقُول : وَأَعْدَل وَأَصْوَب فِي الْقَوْل . وَهُوَ مِنْ الِاسْتِقَامَة مِنْ قَوْل اللَّه : { وَأَقْوَم قِيلًا } [73 6 ]بِمَعْنَى : وَأَصْوَب قِيلًا . كَمَا : 7677 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ : اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ } قَالَ : يَقُولُونَ : اِسْمَعْ مِنَّا فَإِنَّا قَدْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا . وَانْظُرْنَا فَلَا تَعْجَل عَلَيْنَا . )7678 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَبُو تُمَيْلَة , عَنْ أَبِي حَمْزَة , عَنْ جَابِر , عَنْ عِكْرِمَة وَمُجَاهِد , قَوْله : ( { وَانْظُرْنَا } قَالَ : اِسْمَعْ مِنَّا . )7679 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَانْظُرْنَا } قَالَ : أَفْهِمْنَا . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَانْظُرْنَا } قَالَ : أَفْهِمْنَا . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مُجَاهِد وَعِكْرِمَة مِنْ تَوْجِيههمَا مَعْنَى : { وَانْظُرْنَا } إِلَى : اِسْمَعْ مِنَّا , وَتَوْجِيه مُجَاهِد ذَلِكَ إِلَى : أَفْهِمْنَا , مَا لَا نَعْرِف فِي كَلَام الْعَرَب , إِلَّا أَنْ يَكُون أَرَادَ بِذَلِكَ مِنْ تَوْجِيهه إِلَى أَفْهِمْنَا : اِنْتَظِرْنَا نَفْهَم مَا تَقُول , أَوْ اِنْتَظِرْنَا نَقُلْ حَتَّى تَسْمَع مِنَّا , فَيَكُون ذَلِكَ مَعْنًى مَفْهُومًا وإِنْ كَانَ غَيْر تَأْوِيل الْكَلِمَة وَلَا تَفْسِير لَهَا , فَلَا نَعْرِف | اُنْظُرْنَا | فِي كَلَام الْعَرَب إِلَّا بِمَعْنَى : اِنْتَظِرْنَا وَانْظُرْ إِلَيْنَا , فَأَمَّا | اُنْظُرْنَا | بِمَعْنَى اِنْتَظِرْنَا , فَمِنْهُ قَوْل الْحُطَيْئَة : <br>وَقَدْ نَظَرْتُكُمْ لَوْ أَنَّ دِرَّتكُمْ .......... يَوْمًا يَجِيء بِهَا مَسْحِي وَإِبْسَاسِي <br>وَأَمَّا اُنْظُرْنَا بِمَعْنَى : اُنْظُرْ إِلَيْنَا , فَمِنْهُ قَوْل عَبْد اللَّه بْن قَيْس الرُّقَيَّات : <br>ظَاهِرَات الْجَمَال وَالْحُسْن يَنْظُرْ .......... نَ كَمَا يَنْظُر الْأَرَاك الظِّبَاء <br>بِمَعْنَى كَمَا يَنْظُر إِلَى الْأَرَاك الظِّبَاء.|وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَكِنْ لَعَنَهُمْ اللَّه بِكُفْرِهِمْ } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ : وَلَكِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَخْزَى هَؤُلَاءِ الْيَهُود الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتهمْ فِي هَذِهِ الْآيَة فَأَقْصَاهُمْ وَأَبْعَدَهُمْ مِنْ الرُّشْد , وَاتِّبَاع الْحَقّ بِكُفْرِهِمْ , يَعْنِي بِجُحُودِهِمْ نُبُوَّة نَبِيّه مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّهمْ مِنْ الْهُدَى وَالْبَيِّنَات|فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا| { فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا } يَقُول : فَلَا يُصَدِّقُونَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّهمْ , وَلَا يُقِرُّونَ بِنُبُوَّتِهِ إِلَّا قَلِيلًا , يَقُول : لَا يُصَدِّقُونَ بِالْحَقِّ الَّذِي جِئْتهمْ بِهِ يَا مُحَمَّد إِلَّا إِيمَانًا قَلِيلًا . كَمَا : 7680 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : ( { فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا } قَالَ : لَا يُؤْمِنُونَ هُمْ إِلَّا قَلِيلًا . )وَقَدْ بَيَّنَّا وَجْه ذَلِكَ بِعِلَلِهِ فِي سُورَة الْبَقَرَة .

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آَمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب } الْيَهُود مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل الَّذِينَ كَانُوا حَوَالَيْ مُهَاجِر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ اللَّه لَهُمْ : يَا أَيّهَا الَّذِينَ أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ الْكِتَاب فَأُعْطُوا الْعِلْم بِهِ .|الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا| { آمِنُوا } يَقُول : صَدِّقُوا بِمَا أَنْزَلْنَا إِلَى مُحَمَّد مِنْ الْفُرْقَان .|نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا| { مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ } يَعْنِي : مُحَقِّقًا لِلَّذِي مَعَكُمْ مِنْ التَّوْرَاة الَّتِي أَنْزَلْتهَا إِلَى مُوسَى بْن عِمْرَان.|مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى|اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : طَمْسه إِيَّاهُ : مَحْوهُ آثَارهَا حَتَّى تَصِير كَالْأَقْفَاءِ . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : أَنْ نَطْمِس أَبْصَارهَا فَنُصَيِّرهَا عَمْيَاء , وَلَكِنَّ الْخَبَر خَرَجَ بِذِكْرِ الْوَجْه , وَالْمُرَاد بِهِ بَصَره . { فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } فَنَجْعَل أَبْصَارهَا مِنْ قِبَل أَقْفَائِهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7681 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثنا عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب آمِنُوا } . .. إِلَى قَوْله : { مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا } وَطَمْسهَا أَنْ تَعْمَى فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا , يَقُول : أَنْ نَجْعَل وُجُوههمْ مِنْ قِبَل أَقْفِيَتهمْ فَيَمْشُونَ الْقَهْقَرَى وَنَجْعَل لِأَحَدِهِمْ عَيْنَيْنِ فِي قَفَاهُ . )7682 - حَدَّثَنِي أَبُو الْعَالِيَة إِسْمَاعِيل بْن الْهَيْثَم الْعَبْدِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو قُتَيْبَة , عَنْ فُضَيْل بْن مَرْزُوق , عَنْ عَطِيَّة الْعَوْفِيّ فِي قَوْله : ( { مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } قَالَ : نَجْعَلهَا فِي أَقْفَائِهَا فَتَمْشِي عَلَى أَعْقَابهَا الْقَهْقَرَى . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة الْأَسَدِيّ , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا فُضَيْل بْن مَرْزُوق عَنْ عَطِيَّة بِنَحْوِهِ , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : (طَمْسهَا أَنْ يَرُدّهَا عَلَى أَقْفَائِهَا . )7683 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } قَالَ : نُحَوِّل وُجُوههَا قِبَل ظُهُورهَا . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ مِنْ قَبْل أَنْ نُعْمِيَ قَوْمًا عَنْ الْحَقّ , فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا فِي الضَّلَالَة وَالْكُفْر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7684 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } فَنَرُدّهَا عَنْ الصِّرَاط الْحَقّ , { فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } قَالَ : فِي الضَّلَالَة . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا } عَنْ صِرَاط الْحَقّ , { فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } فِي الضَّلَالَة . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك قِرَاءَة عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7685 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , قَالَ الْحَسَن : ( { نَطْمِس وُجُوهًا } يَقُول : نَطْمِسهَا عَنْ الْحَقّ , { فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } عَلَى ضَلَالَتهَا . )7686 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب } . .. إِلَى قَوْله : { كَمَا لَعَنَّا أَصْحَاب السَّبْت } قَالَ : نَزَلَتْ فِي مَالِك بْن الصَّيْف وَرِفَاعَة بْن زَيْد بْن التَّابُوت مِنْ بَنِي قَيْنُقَاع . أَمَّا { أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } يَقُول : فَنُعْمِيهَا عَنْ الْحَقّ , وَنُرْجِعهَا كُفَّارًا . )7687 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } يَعْنِي : أَنْ نَرُدّهُمْ عَنْ الْهُدَى وَالْبَصِيرَة , فَقَدْ رَدَّهُمْ عَلَى أَدْبَارهمْ فَكَفَرُوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا جَاءَ بِهِ . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : مِنْ قَبْل أَنْ نَمْحُو آثَارهمْ مِنْ وُجُوههمْ الَّتِي هُمْ بِهَا وَنَاحِيَتهمْ الَّتِي هُمْ بِهَا , فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا مِنْ حَيْثُ جَاءُوا مِنْهُ بَدْءًا مِنْ الشَّام . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7688 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } قَالَ : كَانَ أَبِي يَقُول : إِلَى الشَّام . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا فَنَمْحُو آثَارَهَا وَنُسَوِّيهَا , فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا بِأَنْ نَجْعَل الْوُجُوه مَنَابِت الشَّعْر , كَمَا وُجُوه الْقِرَدَة مَنَابِت لِلشَّعْرِ , لِأَنَّ شُعُور بَنِي آدَم فِي أَدْبَار وُجُوههمْ , فَقَالُوا : إِذَا أُنْبِتَ الشَّعْر فِي وُجُوههمْ , فَقَدْ رَدَّهَا عَلَى أَدْبَارهَا بِتَصْيِيرِهِ إِيَّاهَا كَالْأَقْفَاءِ وَأَدْبَار الْوُجُوه . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى قَوْله : { مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا } مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس أَبْصَارهَا وَنَمْحُو آثَارهَا فَنُسَوِّيهَا كَالْأَقْفَاءِ , فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا , فَنَجْعَل أَبْصَارهَا فِي أَدْبَارهَا , يَعْنِي بِذَلِكَ : فَنَحْمِل الْوُجُوه فِي أَدْبَار الْوُجُوه , فَيَكُون مَعْنَاهُ : فَنُحَوِّل الْوُجُوه أَقْفَاء , وَالْأَقْفَاء وُجُوهًا , فَيَمْشُونَ الْقَهْقَرَى , كَمَا قَالَ اِبْن عَبَّاس وَعَطِيَّة وَمَنْ قَالَ ذَلِكَ . وإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ , لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ خَاطَبَ بِهَذِهِ الْآيَة الْيَهُود الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتهمْ بِقَوْلِهِ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب يَشْتَرُونَ الضَّلَالَة } ثُمَّ حَذَّرَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } . .. الْآيَة , بَأْسه وَسَطْوَته , وَتَعْجِيل عِقَابه لَهُمْ إِنْ هُمْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِمَا أَمَرَهُمْ بِالْإِيمَانِ بِهِ , وَلَا شَكَّ أَنَّهُمْ كَانُوا لَمَّا أَمَرَهُمْ بِالْإِيمَانِ بِهِ يَوْمئِذٍ كُفَّارًا . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَبُيِّنَ فَسَاد قَوْل مَنْ قَالَ : تَأْوِيل ذَلِكَ أَنْ نُعْمِيَهَا عَنْ الْحَقّ فَنَرُدّهَا فِي الضَّلَالَة , فَمَا وَجْه رَدّ مَنْ هُوَ فِي الضَّلَالَة فِيهَا ؟ وَإِنَّمَا يُرَدّ فِي الشَّيْء مَنْ كَانَ خَارِجًا مِنْهُ , فَأَمَّا مَنْ هُوَ فِيهِ فَلَا وَجْه لِأَنْ يُقَال : يَرُدّهُ فِيهِ . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَكَانَ صَحِيحًا أَنَّ اللَّه قَدْ تَهَدَّدَ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَة بِرَدِّهِ وُجُوههمْ عَلَى أَدْبَارهمْ , كَانَ بَيِّنًا فَسَاد تَأْوِيل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ يُهَدِّدهُمْ بِرَدِّهِمْ فِي ضَلَالَتهمْ . وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : مَعْنَى ذَلِكَ : مِنْ قَبْل أَنْ نَجْعَل الْوُجُوه مَنَابِت الشَّعْر كَهَيْئَةِ وُجُوه الْقِرَدَة , فَقَوْل لِقَوْلِ أَهْل التَّأْوِيل مُخَالِف , وَكَفَى بِخُرُوجِهِ عَنْ قَوْل أَهْل الْعِلْم مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدهمْ مِنْ الْخَالِفِينَ عَلَى خَطَئِهِ شَاهِدًا . وَأَمَّا قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوههمْ الَّتِي هُمْ فِيهَا فَنَرُدّهُمْ إِلَى الشَّام مِنْ مَسَاكِنهمْ بِالْحِجَازِ وَنَجْد , فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ قَوْلًا لَهُ وَجْه كَمَا يَدُلّ عَلَيْهِ ظَاهِر التَّنْزِيل بَعِيد , وَذَلِكَ أَنَّ الْمَعْرُوف مِنْ الْوُجُوه فِي كَلَام الْعَرَب الَّتِي هِيَ خِلَاف الْأَقْفَاء , وَكِتَاب اللَّه يُوَجِّه تَأْوِيله إِلَى الْأَغْلَب فِي كَلَام مَنْ نَزَلَ بِلِسَانِهِ حَتَّى يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ مَعْنِيّ بِهِ غَيْر ذَلِكَ مِنْ الْوُجُوه الَّتِي ذُكِرَتْ دَلِيل يَجِب التَّسْلِيم لَهُ . وَأَمَّا الطَّمْس : فَهُوَ الْعَفْو وَالدُّثُور فِي اِسْتِوَاء ; وَمِنْهُ يُقَال : طُمِسَتْ أَعْلَام الطَّرِيق تُطْمَس طُمُوسًا , إِذَا دَثَرَتْ وَتَعَفَّتْ فَانْدَفَنَتْ وَاسْتَوَتْ بِالْأَرْضِ , كَمَا قَالَ كَعْب بْن زُهَيْر : <br>مِنْ كُلّ نَضَّاخَة الذِّفْرَى إِذَا عَرَقَتْ .......... عُرْضَتهَا طَامِس الْأَعْلَام مَجْهُول <br>يَعْنِي بِطَامِسِ الْأَعْلَام : دَاثِر الْأَعْلَام مُنْدَفِنهَا . وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لِلْأَعْمَى الَّذِي قَدْ تَعَفَّى غَرّ مَا بَيْن جَفْنَيْ عَيْنَيْهِ فَدَثَرَ : أَعْمَى مَطْمُوس /و طَمِيس , كَمَا قَالَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَلَوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنهمْ } [36 66 ]قَالَ أَبُو جَعْفَر : الْغَرّ : الشَّقّ الَّذِي بَيْن الْجَفْنَيْنِ فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَإِنْ كَانَ الْأَمْر كَمَا وَصَفْت مِنْ تَأْوِيل الْآيَة , فَهَلْ كَانَ مَا تَوَعَّدَهُمْ بِهِ ؟ قِيلَ : لَمْ يَكُنْ لِأَنَّهُ آمَنَ مِنْهُمْ جَمَاعَة . مِنْهُمْ عَبْد اللَّه بْن سَلَام , وَثَعْلَبَة بْن سَعْيَة , وَأَسَد بْن سَعْيَة , وَأَسَد بْن عُبَيْد , وَمُخَيْرِق , وَجَمَاعَة غَيْرهمْ , فَدَفَعَ عَنْهُمْ بِإِيمَانِهِمْ . وَمِمَّا يُبَيِّن عَنْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي الْيَهُود الَّذِينَ ذَكَرْنَا صِفَتهمْ , مَا : 7689 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا يُونُس بْن بُكَيْر , وَحَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة جَمِيعًا , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد , مَوْلَى زَيْد بْن ثَابِت , قَالَ : ثني سَعِيد بْن جُبَيْر , أَوْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (كَلَّمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُؤَسَاء مِنْ أَحْبَار يَهُود , مِنْهُمْ عَبْد اللَّه بْن صُورِيَّا وَكَعْب بْن أَسَد فَقَالَ لَهُمْ : | يَا مَعْشَر يَهُود اِتَّقُوا اللَّه وَأَسْلِمُوا ! فَوَاَللَّهِ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِي جِئْتُكُمْ بِهِ لَحَقّ | فَقَالُوا : مَا نَعْرِف ذَلِكَ يَا مُحَمَّد , وَجَحَدُوا مَا عَرَفُوا , وَأَصَرُّوا عَلَى الْكُفْر . فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِمْ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } . .. الْآيَة )7690 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا جَابِر بْن نُوح , عَنْ عِيسَى بْن الْمُغِيرَة , قَالَ : تَذَاكَرْنَا عِنْد إِبْرَاهِيم إِسْلَام كَعْب , فَقَالَ : (أَسْلَمَ كَعْب فِي زَمَان عُمَر أَقْبَلَ وَهُوَ يُرِيد بَيْت الْمَقْدِسِ , فَمَرَّ عَلَى الْمَدِينَة , فَخَرَجَ إِلَيْهِ عُمَر , فَقَالَ : يَا كَعْب أَسْلِمْ ! قَالَ : أَلَسْتُمْ تَقْرَءُونَ فِي كِتَابكُمْ : { مَثَل الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاة ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَار يَحْمِل أَسْفَارًا } ؟ [62 5 ]وَأَنَا قَدْ حَمَلْت التَّوْرَاة . قَالَ : فَتَرَكَهُ ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى حِمْص , قَالَ : فَسَمِعَ رَجُلًا مِنْ أَهْلهَا حَزِينًا , وَهُوَ يَقُول : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } . .. الْآيَة , فَقَالَ كَعْب : يَا رَبّ أَسْلَمْت ! مَخَافَة أَنْ تُصِيبهُ الْآيَة , ثُمَّ رَجَعَ فَأَتَى أَهْله بِالْيَمَنِ , ثُمَّ جَاءَ بِهِمْ مُسْلِمِينَ .)|أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَوْ نَلْعَنهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَاب السَّبْت } </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { أَوْ نَلْعَنهُمْ } أَوْ نَلْعَنكُمْ , فَنُخْزِيكُمْ , وَنَجْعَلكُمْ قِرَدَة , { كَمَا لَعَنَّا أَصْحَاب السَّبْت } يَقُول : كَمَا أَخْزَيْنَا الَّذِينَ اِعْتَدَوْا فِي السَّبْت مِنْ أَسْلَافكُمْ , قِيلَ ذَلِكَ عَلَى وَجْه الْخِطَاب فِي قَوْله : { آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ } كَمَا قَالَ : { حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْك وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَة وَفَرِحُوا بِهَا } [10 22 ]وَقَدْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ : مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا أَوْ نَلْعَن أَصْحَاب الْوُجُوه , فَجَعَلَ الْهَاء وَالْمِيم فِي قَوْله : { أَوْ نَلْعَنهُمْ } مِنْ ذِكْر أَصْحَاب الْوُجُوه , إِذْ كَانَ فِي الْكَلَام دَلَالَة عَلَى ذَلِكَ . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7691 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب } . .. إِلَى قَوْله : { أَوْ نَلْعَنهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَاب السَّبْت } أَيْ نُحَوِّلهُمْ قِرَدَة . )7692 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن : ( { أَوْ نَلْعَنهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَاب السَّبْت } يَقُول : أَوْ نَجْعَلهُمْ قِرَدَة . )7693 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { أَوْ نَلْعَنهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَاب السَّبْت } أَوْ نَجْعَلهُمْ قِرَدَة . )7694 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { أَوْ نَلْعَنهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَاب السَّبْت } قَالَ : هُمْ يَهُود جَمِيعًا , نَلْعَن هَؤُلَاءِ كَمَا لَعَنَّا الَّذِينَ لَعَنَّا مِنْهُمْ مِنْ أَصْحَاب السَّبْت .)|السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ|وَأَمَّا قَوْله : { وَكَانَ أَمْر اللَّه مَفْعُولًا } فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَكَانَ جَمِيع مَا أَمَرَ اللَّه أَنْ يَكُون كَائِنًا مَخْلُوقًا مَوْجُودًا , لَا يَمْتَنِع عَلَيْهِ خَلْق شَيْء شَاءَ خَلْقَهُ . وَالْأَمْر فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْمَأْمُور , سُمِّيَ أَمْر اللَّه لِأَنَّهُ عَنْ أَمْره كَانَ وَبِأَمْرِهِ , وَالْمَعْنَى : وَكَانَ مَا أَمَرَ اللَّه مَفْعُولًا .

إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه لَا يَغْفِر أَنْ يُشْرَك بِهِ وَيَغْفِر مَا دُون ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : يَا أَيّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ , وَإِنَّ اللَّه لَا يَغْفِر أَنْ يُشْرَك بِهِ , فَإِنَّ اللَّه لَا يَغْفِر الشِّرْك بِهِ وَالْكُفْر , وَيَغْفِر مَا دُون ذَلِكَ الشِّرْك لِمَنْ يَشَاء مِنْ أَهْل الذُّنُوب وَالْآثَام . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ مَعْنَى الْكَلَام , فَإِنَّ قَوْله : { أَنْ يُشْرَك بِهِ } فِي مَوْضِع نَصْب بِوُقُوعِ يَغْفِر عَلَيْهَا وَإِنْ شِئْت بِفَقْدِ الْخَافِض الَّذِي كَانَ يَخْفِضهَا لَوْ كَانَ ظَاهِرًا , وَذَلِكَ أَنْ يُوَجَّهَ مَعْنَاهُ : إِلَى أَنَّ اللَّه لَا يَغْفِر بِأَنْ يُشْرَك بِهِ عَلَى تَأْوِيل الْجَزَاء , كَأَنَّهُ قِيلَ : إِنَّ اللَّه لَا يَغْفِر ذَنْبًا مَعَ شِرْك أَوْ عَنْ شِرْك ; وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيل يَتَوَجَّه أَنْ تَكُون | أَنْ | فِي مَوْضِع خَفْض فِي قَوْل بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة . وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي أَقْوَام اِرْتَابُوا فِي أَمْر الْمُشْرِكِينَ حِين نَزَلَتْ : { يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسهمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَة اللَّه إِنَّ اللَّه يَغْفِر الذُّنُوب جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُور الرَّحِيم } [39 53 ]ذِكْر الْخَبَر بِذَلِكَ : 7695 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , قَالَ : ثني مُحَبِّر , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر , أَنَّهُ قَالَ : (لَمَّا نَزَلَتْ : { يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسهمْ } . .. الْآيَة , قَامَ رَجُل فَقَالَ : وَالشِّرْك يَا نَبِيّ اللَّه . فَكَرِهَ ذَلِكَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : { إِنَّ اللَّه لَا يَغْفِر أَنْ يُشْرَك بِهِ وَيَغْفِر مَا دُون ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء وَمَنْ يُشْرِك بِاَللَّهِ فَقَدْ اِفْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا } )* - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , فِي قَوْله : ( { إِنَّ اللَّه لَا يَغْفِر أَنْ يُشْرَك لَهُ وَيَغْفِر مَا دُون ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء } قَالَ : أَخْبَرَنِي مُحَبِّر , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر أَنَّهُ قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسهمْ } . .. [39 53 ]الْآيَة , قَامَ رَجُل فَقَالَ : وَالشِّرْك يَا نَبِيّ اللَّه . فَكَرِهَ ذَلِكَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : { إِنَّ اللَّه لَا يَغْفِر أَنْ يُشْرَك بِهِ وَيَغْفِر مَا دُون ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء } )7696 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن خَلَف الْعَسْقَلَانِيّ , قَالَ : ثنا آدَم , قَالَ : ثنا الْهَيْثَم بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا بَكْر بْن عَبْد اللَّه الْمُزَنِيّ , عَنْ اِبْن عُمَر , قَالَ : (كُنَّا مَعْشَر أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَشُكّ فِي قَاتِل النَّفْس , وَآكِل مَال الْيَتِيم , وَشَاهِد الزُّور , وَقَاطِع الرَّحِم , حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { إِنَّ اللَّه لَا يَغْفِر أَنْ يُشْرَك بِهِ وَيَغْفِر مَا دُون ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء } فَأَمْسَكْنَا عَنْ الشَّهَادَة . )وَقَدْ أَبَانَتْ هَذِهِ الْآيَة أَنَّ كُلّ صَاحِب كَبِيرَة فَفِي مَشِيئَة اللَّه , إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ , وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ عَلَيْهِ مَا لَمْ تَكُنْ كَبِيرَة شِرْكًا بِاَللَّهِ .|وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ يُشْرِك بِاَللَّهِ فَقَدْ اِفْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَمَنْ يُشْرِك بِاَللَّهِ فِي عِبَادَته غَيْره مِنْ خَلْقه , فَقَدْ اِفْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا , يَقُول : فَقَدْ اِخْتَلَقَ إِثْمًا عَظِيمًا . وَإِنَّمَا جَعَلَهُ اللَّه تَعَالَى ذِكْره مُفْتَرِيًا , لِأَنَّهُ قَالَ زُورًا وَإِفْكًا بِجُحُودِ وَحْدَانِيَّة اللَّه وَإِقْرَاره بِأَنَّ لِلَّهِ شَرِيكًا مِنْ خَلْقه وَصَاحِبَة أَوْ وَلَدًا , فَقَائِل ذَلِكَ مُفْتَرٍ , وَكَذَلِكَ كُلّ كَاذِب فَهُوَ مُفْتَرٍ فِي كَذِبه مُخْتَلِق لَهُ.

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : أَلَمْ تَرَ يَا مُحَمَّد بِقَلْبِك الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ مِنْ الْيَهُود فَيُبَرِّئُونَهَا مِنْ الذُّنُوب , وَيُطَهِّرُونَهَا . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنَى الَّذِي كَانَتْ الْيَهُود تُزَكِّي بِهِ أَنْفُسهَا , فَقَالَ بَعْضهمْ : كَانَتْ تَزْكِيَتهمْ أَنْفُسهمْ قَوْلهمْ : { نَحْنُ أَبْنَاء اللَّه وَأَحِبَّاؤُهُ } [5 18 ]ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7697 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ بَلْ اللَّه يُزَكِّي مَنْ يَشَاء وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } وَهُمْ أَعْدَاء اللَّه الْيَهُود زَكُّوا أَنْفُسهمْ بِأَمْرٍ لَمْ يَبْلُغُوهُ , فَقَالُوا : نَحْنُ أَبْنَاء اللَّه وَأَحِبَّاؤُهُ , وَقَالُوا : لَا ذُنُوب لَنَا . )7698 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ } قَالَ : هُمْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى , قَالُوا : { نَحْنُ أَبْنَاء اللَّه وَأَحِبَّاؤُهُ } [5 18 ]وَقَالُوا : { لَنْ يَدْخُل الْجَنَّة إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى } [2 111 ])7699 - وَحَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَبُو تُمَيْلَة , عَنْ عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : (قَالَتْ يَهُود : لَيْسَتْ لَنَا ذُنُوب إِلَّا كَذُنُوبِ أَوْلَادنَا يَوْم يُولَدُونَ , فَإِنْ كَانَتْ لَهُمْ ذُنُوب , فَإِنَّ لَنَا ذُنُوبًا , فَإِنَّمَا نَحْنُ مِثْلهمْ , قَالَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { اُنْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّه الْكَذِب وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا } [4 150 ])7700 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ } قَالَ : قَالَ أَهْل الْكِتَاب . { لَنْ يَدْخُل الْجَنَّة إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى } [2 111 ]وَقَالُوا : { نَحْنُ أَبْنَاء اللَّه وَأَحِبَّاؤُهُ } [5 18 ]وَقَالُوا : نَحْنُ عَلَى الَّذِي يُحِبّ اللَّه . فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ بَلْ اللَّه يُزَكِّي مَنْ يَشَاء } حِين زَعَمُوا أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ الْجَنَّة , وَأَنَّهُمْ أَبْنَاء اللَّه وَأَحِبَّاؤُهُ وَأَهْل طَاعَته . )7701 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ بَلْ اللَّه يُزَكِّي مَنْ يَشَاء وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } نَزَلَتْ فِي الْيَهُود , قَالُوا : إِنَّا نُعَلِّم أَبْنَاءَنَا التَّوْرَاة صِغَارًا فَلَا تَكُون لَهُمْ ذُنُوب , وَذُنُوبنَا مِثْل ذُنُوب أَبْنَائِنَا , مَا عَمِلْنَا بِالنَّهَارِ كُفِّرَ عَنَّا بِاللَّيْلِ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانَتْ تَزْكِيَتهمْ أَنْفُسهمْ تَقْدِيمهمْ أَطْفَالهمْ لِإِمَامَتِهِمْ فِي صَلَاتهمْ زَعْمًا مِنْهَا أَنَّهُمْ لَا ذُنُوب لَهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7702 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ } قَالَ : يَهُود كَانُوا يُقَدِّمُونَ صِبْيَانهمْ فِي الصَّلَاة فَيَؤُمُّونَهُمْ , يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ لَا ذُنُوب لَهُمْ . فَتِلْكَ التَّزْكِيَة . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ الْأَعْرَج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (كَانُوا يُقَدِّمُونَ الصِّبْيَان أَمَامهمْ فِي الدُّعَاء وَالصَّلَاة يَؤُمُّونَهُمْ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ لَا ذُنُوب لَهُمْ , فَتِلْكَ تَزْكِيَة . قَالَ اِبْن جُرَيْج : هُمْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى . )7703 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك فِي قَوْله : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ } قَالَ : نَزَلَتْ فِي الْيَهُود كَانُوا يُقَدِّمُونَ صِبْيَانهمْ يَقُولُونَ : لَيْسَتْ لَهُمْ ذُنُوب . )7704 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ أَبِي مَكِين , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ } قَالَ : كَانَ أَهْل الْكِتَاب يُقَدِّمُونَ الْغِلْمَان الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْث يُصَلُّونَ بِهِمْ , يَقُولُونَ لَيْسَ لَهُمْ ذُنُوب , فَأَنْزَلَ اللَّه : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ } . .. الْآيَة . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ تَزْكِيَتهمْ أَنْفُسهمْ كَانَتْ قَوْلهمْ : إِنَّ أَبْنَاءَنَا سَيَشْفَعُونَ لَنَا وَيُزَكُّونَنَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7705 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ } وَذَلِكَ أَنَّ الْيَهُود قَالُوا : إِنَّ أَبْنَاءَنَا قَدْ تُوُفُّوا وَهُمْ لَنَا قُرْبَة عِنْد اللَّه , وَسَيَشْفَعُونَ وَيُزَكُّونَنَا . فَقَالَ اللَّه لِمُحَمَّدٍ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ } . .. إِلَى { وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُمْ تَزْكِيَة مِنْ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7706 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن إِبْرَاهِيم الْمَسْعُودِيّ , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ قَيْس بْن مُسْلِم , عَنْ طَارِق بْن شِهَاب , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه : (إِنَّ الرَّجُل لَيَغْدُو بِدِينِهِ , ثُمَّ يَرْجِع وَمَا مَعَهُ مِنْهُ شَيْء ! يَلْقَى الرَّجُل لَيْسَ يَمْلِك لَهُ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا , فَيَقُول : وَاَللَّه إِنَّك لَذَيْت وَذَيْت , وَلَعَلَّهُ أَنْ يَرْجِع , وَلَمْ يَحِلّ مِنْ حَاجَته بِشَيْءٍ , وَقَدْ أَسْخَطَ اللَّه عَلَيْهِ . ثُمَّ قَرَأَ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ } . .. الْآيَة . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى تَزْكِيَة الْقَوْم الَّذِينَ وَصَفَهُمْ اللَّه بِأَنَّهُمْ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ وَصْفهُمْ إِيَّاهَا بِأَنَّهَا لَا ذُنُوب لَهَا وَلَا خَطَايَا , وَأَنَّهُمْ لِلَّهِ أَبْنَاء وَأَحِبَّاء , كَمَا أَخْبَرَ اللَّه عَنْهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَهُ , لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ أَظْهَر مَعَانِيه لِإِخْبَارِ اللَّه عَنْهُمْ أَنَّهَا إِنَّمَا كَانُوا يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ دُون غَيْرهَا . وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : مَعْنَى ذَلِكَ : تَقْدِيمهمْ أَطْفَالهمْ لِلصَّلَاةِ , فَتَأْوِيل لَا تُدْرَك صِحَّته إِلَّا بِخَبَرٍ حُجَّة يُوجِب الْعِلْم .|بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ|وَأَمَّا قَوْله جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { بَلْ اللَّه يُزَكِّي مَنْ يَشَاء } فَإِنَّهُ تَكْذِيب مِنْ اللَّه الْمُزَكِّينَ أَنْفُسهمْ مِنْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى , الْمُبَرِّئِيهَا مِنْ الذُّنُوب , يَقُول اللَّه لَهُمْ : مَا الْأَمْر كَمَا زَعَمْتُمْ أَنَّهُ لَا ذُنُوب لَكُمْ وَلَا خَطَايَا , وَإِنَّكُمْ بُرَآء مِمَّا يَكْرَههُ اللَّه , وَلَكِنَّكُمْ أَهْل فِرْيَة وَكَذِب عَلَى اللَّه , وَلَيْسَ الْمُزَكِّي مَنْ زَكَّى نَفْسه , وَلَكِنَّهُ الَّذِي يُزَكِّيهِ اللَّه , وَاَللَّه يُزَكِّي مَنْ يَشَاء مِنْ خَلْقه , فَيُطَهِّرهُ وَيُبَرِّئهُ مِنْ الذُّنُوب بِتَوْفِيقِهِ لِاجْتِنَابِ مَا يَكْرَههُ مِنْ مَعَاصِيه إِلَى مَا يَرْضَاهُ مِنْ طَاعَته . وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ لِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { اُنْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّه الْكَذِب } وَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّه الْكَذِب بِدَعْوَاهُمْ أَنَّهُمْ أَبْنَاء اللَّه وَأَحِبَّاؤُهُ , وَأَنَّ اللَّه قَدْ طَهَّرَهُمْ مِنْ الذُّنُوب .|وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } </subtitle>يَعْنِي ذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَلَا يَظْلِم اللَّه هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَخْبَرَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ وَلَا غَيْرهمْ مِنْ خَلْقه , فَيَبْخَسهُمْ فِي تَرْكه تَزْكِيَتهمْ , وَتَزْكِيَة مَنْ تَرَكَ تَزْكِيَته , وَفِي تَزْكِيَة مَنْ زَكَّى مِنْ خَلْقه شَيْئًا مِنْ حُقُوقهمْ وَلَا يَضَع شَيْئًا فِي غَيْر مَوْضِعه , وَلَكِنَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاء مِنْ خَلْقه , فَيُوَفِّقهُ , وَيَخْذُل مَنْ يَشَاء مِنْ أَهْل مَعَاصِيه ; كُلّ ذَلِكَ إِلَيْهِ وَبِيَدِهِ , وَهُوَ فِي كُلّ ذَلِكَ غَيْر ظَالِم أَحَدًا مِمَّنْ زَكَّاهُ أَوْ لَمْ يُزَكِّهِ فَتِيلًا . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى | الْفَتِيل | , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ مَا خَرَجَ مِنْ بَيْن الْإِصْبَعَيْنِ وَالْكَفَّيْنِ مِنْ الْوَسَخ إِذَا فَتَلْت إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7707 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَان بْن عَبْد الْجَبَّار , قَالَ : ثنا أَبُو كُدَيْنَة , عَنْ قَابُوس , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (الْفَتِيل : مَا خَرَجَ مِنْ بَيْن أُصْبُعَيْك . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق الْهَمْدَانِيّ , عَنْ التَّيْمِيّ , قَالَ : سَأَلْت اِبْن عَبَّاس , عَنْ قَوْله : ( { وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } قَالَ : مَا فَتَلْت بَيْن أُصْبُعَيْك . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ زَيْد بْن دِرْهَم أَبِي الْعَلَاء , قَالَ : سَمِعْت أَبَا الْعَالِيَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } قَالَ : الْفَتِيل : هُوَ الَّذِي يَخْرُج مِنْ بَيْن إِصْبَعَيْ الرَّجُل . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } وَالْفَتِيل : هُوَ أَنْ تَدْلُك بَيْن أُصْبُعَيْك , فَمَا خَرَجَ بَيْنهمَا فَهُوَ ذَلِكَ . )7708 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك , فِي قَوْله : ( { وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } قَالَ : الْفَتِيل : الْوَسَخ الَّذِي يَخْرُج مِنْ بَيْن الْكَفَّيْنِ . )7709 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : (الْفَتِيل : مَا فَتَلْت بِهِ يَدَيْك فَخَرَجَ وَسَخ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } قَالَ : مَا تَدْلُكهُ فِي يَدَيْك فَيَخْرُج بَيْنهمَا . )وَأُنَاس يَقُولُونَ : الَّذِي يَكُون فِي بَطْن النَّوَاة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7710 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { فَتِيلًا } قَالَ : الَّذِي فِي بَطْن النَّوَاة . )7711 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ طَلْحَة بْن عَمْرو , عَنْ عَطَاء , قَالَ : (الْفَتِيل : الَّذِي فِي بَطْن النَّوَاة . )* - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : ثني طَلْحَة بْن عَمْرو , أَنَّهُ سَمِعَ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح يَقُول , فَذَكَرَ مِثْله . 7712 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه بْن كَثِير , أَنَّهُ سَمِعَ مُجَاهِدًا يَقُول : (الْفَتِيل : الَّذِي فِي شَقّ النَّوَاة . )7713 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا سُفْيَان بْن سَعِيد , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (الْفَتِيل : فِي النَّوَى . )7714 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } قَالَ : الْفَتِيل : الَّذِي فِي شَقّ النَّوَاة . )7715 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول : (الْفَتِيل : شَقّ النَّوَاة . )7716 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : (الْفَتِيل : الَّذِي فِي بَطْن النَّوَاة . )7717 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : (الْفَتِيل : الَّذِي يَكُون فِي شَقّ النَّوَاة . )* - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } فَتِيل النَّوَاة . )7718 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثنا قُرَّة , عَنْ عَطِيَّة , قَالَ : (الْفَتِيل : الَّذِي فِي بَطْن النَّوَاة . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَصْل الْفَتِيل : الْمَفْتُول , صُرِفَ مِنْ مَفْعُول إِلَى فَعِيل , كَمَا قِيلَ : صَرِيع وَدَهِين مِنْ مَصْرُوع وَمَدْهُون . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَكَانَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا قَصَدَ بِقَوْلِهِ : { وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } الْخَبَر عَنْ أَنَّهُ لَا يَظْلِم عِبَاده أَقَلّ الْأَشْيَاء الَّتِي لَا خَطَر لَهَا , فَكَيْفَ بِمَا لَهُ خَطَر , وَكَانَ الْوَسَخ الَّذِي يَخْرُج مِنْ بَيْن أُصْبُعَيْ الرَّجُل أَوْ مِنْ بَيْن كَفَّيْهِ إِذَا فَتَلَ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى , كَاَلَّذِي هُوَ فِي شَقّ النَّوَاة وَبَطْنهَا , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَشْيَاء الَّتِي هِيَ مَفْتُولَة , مِمَّا لَا خَطَر لَهُ وَلَا قِيمَة , فَوَاجِب أَنْ يَكُون كُلّ ذَلِكَ دَاخِلًا فِي مَعْنَى الْفَتِيل , إِلَّا أَنْ يُخْرِج شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مَا يَجِب التَّسْلِيم لَهُ مِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِر التَّنْزِيل .

انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { اُنْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّه الْكَذِب وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : اُنْظُرْ يَا مُحَمَّد كَيْفَ يَفْتَرِي هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب الْقَائِلُونَ : نَحْنُ أَبْنَاء اللَّه وَأَحِبَّاؤُهُ , وَإِنَّهُ لَنْ يَدْخُل الْجَنَّة إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى , الزَّاعِمُونَ أَنَّهُ لَا ذُنُوب لَهُمْ الْكَذِب وَالزُّور مِنْ الْقَوْل , فَيَخْتَلِقُونَهُ عَلَى اللَّه . { وَكَفَى بِهِ } يَقُول : وَحَسْبهمْ بِقِيلِهِمْ ذَلِكَ الْكَذِب وَالزُّور عَلَى اللَّه { إِثْمًا مُبِينًا } يَعْنِي : إِنَّهُ يُبَيِّن كَذِبهمْ لِسَامِعِيهِ , وَيُوَضِّح لَهُمْ أَنَّهُمْ أَفَكَة فَجَرَة . كَمَا : 7719 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ } قَالَ : هُمْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى { اُنْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّه الْكَذِب } )

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا سَبِيلًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : أَلَمْ تَرَ بِقَلْبِك يَا مُحَمَّد إِلَى الَّذِينَ أُعْطُوا حَظًّا مِنْ كِتَاب اللَّه فَعَلِمُوهُ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت , يَعْنِي : يُصَدِّقُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت وَيَكْفُرُونَ بِاَللَّهِ , وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ الْإِيمَان بِهِمَا كُفْر وَالتَّصْدِيق بِهِمَا شِرْك . ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الْجِبْت وَالطَّاغُوت , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُمَا صَنَمَانِ كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَعْبُدُونَهُمَا مِنْ دُون اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7720 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , قَالَ : أَخْبَرَنِي أَيُّوب , عَنْ عِكْرِمَة أَنَّهُ قَالَ : (الْجِبْت وَالطَّاغُوت : صَنَمَانِ . )وَقَالَ آخَرُونَ : الْجِبْت : الْأَصْنَام , وَالطَّاغُوت : تَرَاجِمَة الْأَصْنَام . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7721 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت } الْجِبْت : الْأَصْنَام , وَالطَّاغُوت : الَّذِينَ يَكُونُونَ بَيْن أَيْدِي الْأَصْنَام يُعَبِّرُونَ عَنْهَا الْكَذِب لِيُضِلُّوا النَّاس . )وَزَعَمَ رِجَال أَنَّ الْجِبْت : الْكَاهِن . وَالطَّاغُوت : رَجُل مِنْ الْيَهُود يُدْعَى كَعْب بْن الْأَشْرَف , وَكَانَ سَيِّد الْيَهُود . وَقَالَ آخَرُونَ : الْجِبْت : السِّحْر , وَالطَّاغُوت : الشَّيْطَان . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7722 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ شُعْبَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ حَسَّان بْن فَائِد , قَالَ : قَالَ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : (الْجِبْت : السِّحْر , وَالطَّاغُوت : الشَّيْطَان . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ حَسَّان بْن فَائِد الْعَنْسِيّ , عَنْ عُمَر مِثْله . 7723 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الْمَلِك , عَمَّنْ حَدَّثَهُ , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (الْجِبْت : السِّحْر , وَالطَّاغُوت : الشَّيْطَان . )7724 - حَدَّثَنَا يَعْقُوب , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : (الْجِبْت : السِّحْر , وَالطَّاغُوت : الشَّيْطَان . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت } قَالَ : الْجِبْت : السِّحْر , وَالطَّاغُوت : الشَّيْطَان فِي صُورَة إِنْسَان يَتَحَاكَمُونَ إِلَيْهِ , وَهُوَ صَاحِب أَمْرهمْ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ عَبْد الْمَلِك , عَنْ قَيْس , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (الْجِبْت : السِّحْر , وَالطَّاغُوت : الشَّيْطَان وَالْكَاهِن . )وَقَالَ آخَرُونَ : الْجِبْت : السَّاحِر , وَالطَّاغُوت : الشَّيْطَان . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7725 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : كَانَ أَبِي يَقُول : (الْجِبْت : السَّاحِر , وَالطَّاغُوت : الشَّيْطَان . )وَقَالَ آخَرُونَ : الْجِبْت : السَّاحِر , وَالطَّاغُوت : الْكَاهِن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7726 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { الْجِبْت وَالطَّاغُوت } قَالَ : الْجِبْت : السَّاحِر بِلِسَانِ الْحَبَشَة , وَالطَّاغُوت : الْكَاهِن . )7727 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ رَفِيع , قَالَ : (الْجِبْت : السَّاحِر , وَالطَّاغُوت : الْكَاهِن . )7728 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة , أَنَّهُ قَالَ : (الطَّاغُوت : السَّاحِر , وَالْجِبْت : الْكَاهِن . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ دَاوُد , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة فِي قَوْله : ( { الْجِبْت وَالطَّاغُوت } قَالَ : أَحَدهمَا السِّحْر , وَالْآخَر الشَّيْطَان . )وَقَالَ آخَرُونَ : الْجِبْت : الشَّيْطَان , وَالطَّاغُوت : الْكَاهِن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7729 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : قَوْله : ( { يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت } كُنَّا نُحَدِّث أَنَّ الْجِبْت شَيْطَان , وَالطَّاغُوت الْكَاهِن . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . 7730 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : (الْجِبْت : الشَّيْطَان , وَالطَّاغُوت : الْكَاهِن . )وَقَالَ آخَرُونَ : الْجِبْت : الْكَاهِن , وَالطَّاغُوت : الشَّيْطَان . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7731 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ رَجُل , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (الْجِبْت : الْكَاهِن : وَالطَّاغُوت : السَّاحِر . )7732 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا عَوْف , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ فِي الْجِبْت وَالطَّاغُوت , قَالَ : (الْجِبْت : الْكَاهِن , وَالْآخَر : السَّاحِر . )وَقَالَ آخَرُونَ : الْجِبْت : حُيَيّ بْن أَخْطَب , وَالطَّاغُوت : كَعْب بْن الْأَشْرَف . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7733 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : ( { يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت } الطَّاغُوت : كَعْب بْن الْأَشْرَف , وَالْجِبْت : حُيَيّ بْن أَخْطَب . )7734 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو زُهَيْر , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : (الْجِبْت : حُيَيّ بْن أَخْطَب , وَالطَّاغُوت : كَعْب بْن الْأَشْرَف . )* - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : ( { الْجِبْت وَالطَّاغُوت } قَالَ : الْجِبْت : حُيَيّ بْن أَخْطَب , وَالطَّاغُوت : كَعْب بْن الْأَشْرَف . )وَقَالَ آخَرُونَ : الْجِبْت : كَعْب بْن الْأَشْرَف , وَالطَّاغُوت : الشَّيْطَان . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7735 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (الْجِبْت كَعْب بْن الْأَشْرَف , وَالطَّاغُوت : الشَّيْطَان كَانَ فِي صُورَة إِنْسَان . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي تَأْوِيل : { يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت } أَنْ يُقَال : يُصَدِّقُونَ بِمَعْبُودَيْنِ مِنْ دُون اللَّه يَعْبُدُونَهُمَا مِنْ دُون اللَّه , وَيَتَّخِذُونَهُمَا إِلَهَيْنِ . وَذَلِكَ أَنَّ الْجِبْت وَالطَّاغُوت اِسْمَانِ لِكُلِّ مُعَظَّم بِعِبَادَةٍ مِنْ دُون اللَّه , أَوْ طَاعَة أَوْ خُضُوع لَهُ , كَائِنًا مَا كَانَ ذَلِكَ الْمُعَظَّم مِنْ حَجَر أَوْ إِنْسَان أَوْ شَيْطَان . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَكَانَتْ الْأَصْنَام الَّتِي كَانَتْ الْجَاهِلِيَّة تَعْبُدهَا كَانَتْ مُعَظَّمَة بِالْعِبَادَةِ مِنْ دُون اللَّه فَقَدْ كَانَتْ جُبُوتًا وَطَوَاغِيت , وَكَذَلِكَ الشَّيَاطِين الَّتِي كَانَتْ الْكُفَّار تُطِيعهَا فِي مَعْصِيَة اللَّه , وَكَذَلِكَ السَّاحِر وَالْكَاهِن اللَّذَانِ كَانَ مَقْبُولًا مِنْهُمَا مَا قَالَا فِي أَهْل الشِّرْك بِاَللَّهِ , وَكَذَلِكَ حُيَيّ بْن أَخْطَب , وَكَعْب بْن الْأَشْرَف , لِأَنَّهُمَا كَانَا مُطَاعَيْنِ فِي أَهْل مِلَّتهمَا مِنْ الْيَهُود فِي مَعْصِيَة اللَّه وَالْكُفْر بِهِ وَبِرَسُولِهِ , فَكَانَا جِبْتَيْنِ وَطَاغُوتَيْنِ . وَقَدْ بَيَّنْت الْأَصْل الَّذِي مِنْهُ قِيلَ لِلطَّاغُوتِ طَاغُوت , بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع.|وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ جَحَدُوا وَحْدَانِيَّة اللَّه وَرِسَالَة رَسُوله مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { هَؤُلَاءِ } يَعْنِي بِذَلِكَ : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفَهُمْ اللَّه بِالْكُفْرِ { أَهْدَى } يَعْنِي أَقْوَم وَأَعْدَل { مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا } يَعْنِي مِنْ الَّذِينَ صَدَقُوا اللَّه وَرَسُوله وَأَقَرُّوا بِمَا جَاءَهُمْ بِهِ نَبِيّهمْ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { سَبِيلًا } يَعْنِي : طَرِيقًا . وَإِنَّمَا ذَلِكَ مَثَل , وَمَعْنَى الْكَلَام : إِنَّ اللَّه وَصَفَ الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب مِنْ الْيَهُود بِتَعْظِيمِهِمْ غَيْر اللَّه بِالْعِبَادَةِ وَالْإِذْعَان لَهُ بِالطَّاعَةِ فِي الْكُفْر بِاَللَّهِ وَرَسُوله وَمَعْصِيَتهمَا , وَأَنَّهُمْ قَالُوا : إِنَّ أَهْل الْكُفْر بِاَللَّهِ أَوْلَى بِالْحَقِّ مِنْ أَهْل الْإِيمَان بِهِ , وَإِنَّ دِين أَهْل التَّكْذِيب لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ أَعْدَل وَأَصْوَب مِنْ دِين أَهْل التَّصْدِيق لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ , وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ صِفَة كَعْب بْن الْأَشْرَف , وَأَنَّهُ قَائِل ذَلِكَ . ذِكْر الْآثَار الْوَارِدَة بِمَا قُلْنَا : 7736 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ دَاوُد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (لَمَّا قَدِمَ كَعْب بْن الْأَشْرَف مَكَّة , قَالَتْ لَهُ قُرَيْش : أَنْتَ خَيْر أَهْل الْمَدِينَة وَسَيِّدهمْ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالُوا : أَلَا تَرَى إِلَى هَذَا الصُّنْبُور الْمُنْبَتِر مِنْ قَوْمه يَزْعُم أَنَّهُ خَيْر مِنَّا , وَنَحْنُ أَهْل الْحَجِيج وَأَهْل السَّدَانَة وَأَهْل السِّقَايَة ؟ قَالَ : أَنْتُمْ خَيْر مِنْهُ . قَالَ : فَأُنْزِلَتْ : { إِنَّ شَانِئَك هُوَ الْأَبْتَر } [108 3 ]وَأُنْزِلَتْ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت } . .. إِلَى قَوْله : { فَلَنْ تَجِد لَهُ نَصِيرًا } )7737 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ عِكْرِمَة فِي هَذِهِ الْآيَة : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب } ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه . * - وَحَدَّثَنِي إِسْحَاق بْن شَاهِينَ , قَالَ : أَخْبَرَنَا خَالِد الْوَاسِطِيّ , عَنْ دَاوُد , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : (قَدِمَ كَعْب بْن الْأَشْرَف مَكَّة , فَقَالَ لَهُ الْمُشْرِكُونَ : اُحْكُمْ بَيْننَا وَبَيْن هَذَا الصُّنْبُور الْأَبْتَر , فَأَنْتَ سَيِّدنَا وَسَيِّد قَوْمك . فَقَالَ كَعْب : أَنْتُمْ وَاَللَّه خَيْر مِنْهُ . فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب } . .. إِلَى آخِر الْآيَة . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَيُّوب , عَنْ عِكْرِمَة : (أَنَّ كَعْب بْن الْأَشْرَف اِنْطَلَقَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ مِنْ كُفَّار قُرَيْش , فَاسْتَجَاشَهُمْ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَغْزُوهُ , وَقَالَ : إِنَّا مَعَكُمْ نُقَاتِلهُ , فَقَالُوا : إِنَّكُمْ أَهْل كِتَاب , وَهُوَ صَاحِب كِتَاب , وَلَا نَأْمَن أَنْ يَكُون هَذَا مَكْرًا مِنْكُمْ , فَإِنْ أَرَدْت أَنْ نَخْرُج مَعَك فَاسْجُدْ لِهَذَيْنِ الصَّنَمَيْنِ وَآمِنْ بِهِمَا ! فَفَعَلَ . ثُمَّ قَالُوا : نَحْنُ أَهْدَى أَمْ مُحَمَّد ؟ فَنَحْنُ نَنْحَر الْكَوْمَاء , وَنَسْقِي اللَّبَن عَلَى الْمَاء , وَنَصِل الرَّحِم , وَنَقْرِي . الضَّيْف , وَنَطُوف بِهَذَا الْبَيْت , وَمُحَمَّد قَطَعَ رَحِمَهُ , وَخَرَجَ مِنْ بَلَده . قَالَ : بَلْ أَنْتُمْ خَيْر وَأَهْدَى ! فَنَزَلَتْ فِيهِ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا } )7738 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : (لَمَّا كَانَ مِنْ أَمْر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَهُود بَنِي النَّضِير مَا كَانَ حِين أَتَاهُمْ يَسْتَعِينهُمْ فِي دِيَة الْعَامِرِيَّيْنِ , فَهَمُّوا بِهِ وَبِأَصْحَابِهِ , فَأَطْلَعَ اللَّه رَسُوله عَلَى مَا هَمُّوا بِهِ مِنْ ذَلِكَ , وَرَجَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَة , فَهَرَبَ كَعْب بْن الْأَشْرَف حَتَّى أَتَى مَكَّة , فَعَاهَدَهُمْ عَلَى مُحَمَّد , فَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَان : يَا أَبَا سَعْد , إِنَّكُمْ قَوْم تَقْرَءُونَ الْكِتَاب , وَتَعْلَمُونَ , وَنَحْنُ قَوْم لَا نَعْلَم , فَأَخْبِرْنَا : دِيننَا خَيْر أَمْ دِين مُحَمَّد ؟ قَالَ كَعْب : اِعْرِضُوا عَلَيَّ دِينكُمْ ! فَقَالَ أَبُو سُفْيَان : نَحْنُ قَوْم نَنْحَر الْكَوْمَاء , وَنَسْقِي الْحَجِيج الْمَاء , وَنَقْرِي الضَّيْف , وَنَعْمُر بَيْت رَبّنَا , وَنَعْبُد آلِهَتنَا الَّتِي كَانَ يَعْبُد آبَاؤُنَا , وَمُحَمَّد يَأْمُرنَا أَنْ نَتْرُك هَذَا وَنَتَّبِعهُ . قَالَ : دِينكُمْ خَيْر مِنْ دِين مُحَمَّد , فَاثْبُتُوا عَلَيْهِ ! أَلَا تَرَوْنَ أَنَّ مُحَمَّدًا يَزْعُم أَنَّهُ بُعِثَ بِالتَّوَاضُعِ , وَهُوَ يَنْكِح مِنْ النِّسَاء مَا شَاءَ ؟ وَمَا نَعْلَم مُلْكًا أَعْظَم مِنْ مُلْك النِّسَاء ! فَذَلِكَ حِين يَقُول : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا } )7739 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (نَزَلَتْ فِي كَعْب بْن الْأَشْرَف وَكُفَّار قُرَيْش قَالَ : كُفَّار قُرَيْش أَهْدَى مِنْ مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام . قَالَ اِبْن جُرَيْج : قَدِمَ كَعْب بْن الْأَشْرَف , فَجَاءَتْهُ قُرَيْش فَسَأَلَتْهُ عَنْ مُحَمَّد فَصَغَّرَ أَمْره وَيَسَّرَهُ وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ ضَالّ . قَالَ : ثُمَّ قَالُوا لَهُ : نَنْشُدك اللَّه نَحْنُ أَهْدَى أَمْ هُوَ ؟ فَإِنَّك قَدْ عَلِمْت أَنَّا نَنْحَر الْكُوم , وَنَسْقِي الْحَجِيج , وَنَعْمُر الْبَيْت , وَنُطْعِم مَا هَبَّتْ الرِّيح ! قَالَ : أَنْتُمْ أَهْدَى . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هَذِهِ الصِّفَة صِفَة جَمَاعَة مِنْ الْيَهُود مِنْهُمْ حُيَيّ بْن أَخْطَب , وَهُمْ الَّذِينَ قَالُوا لِلْمُشْرِكِينَ مَا أَخْبَرَ اللَّه عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوهُ لَهُمْ . ذِكْر الْأَخْبَار بِذَلِكَ : 7740 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق عَمَّنْ قَالَهُ , قَالَ : أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد , عَنْ عِكْرِمَة , أَوْ عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : (كَانَ الَّذِينَ حَزَّبُوا الْأَحْزَاب مِنْ قُرَيْش وَغَطَفَان وَبَنِي قُرَيْظَة حُيَيّ بْن أَخْطَب , وَسَلَّام بْن أَبِي الْحُقَيْق , وَأَبُو رَافِع وَالرَّبِيع بْن أَبِي الْحُقَيْق وَأَبُو عَامِر , وَوَحْوَح بْن عَامِر , وَهَوْذَة بْن قَيْس ; فَأَمَّا وَحْوَح , وَأَبُو عَامِر , وَهَوْذَة فَمِنْ بَنِي وَائِل , وَكَانَ سَائِرهمْ مِنْ بَنِي النَّضِير . فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى قُرَيْش , قَالُوا : هَؤُلَاءِ أَحْبَار يَهُود وَأَهْل الْعِلْم بِالْكُتُبِ الْأُوَل , فَاسْأَلُوهُمْ أَدِينكُمْ خَيْر , أَمْ دِين مُحَمَّد ؟ فَسَأَلُوهُمْ , فَقَالُوا : بَلْ دِينكُمْ خَيْر مِنْ دِينه , وَأَنْتُمْ أَهْدَى مِنْهُ وَمِمَّنْ اِتَّبَعَهُ ! فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِمْ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت } . .. إِلَى قَوْله : { وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا } )7741 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت } . .. الْآيَة , قَالَ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّ هَذِهِ الْآيَة أُنْزِلَتْ فِي كَعْب بْن الْأَشْرَف وَحُيَيّ بْن أَخْطَب وَرَجُلَيْنِ مِنْ الْيَهُود مِنْ بَنِي النَّضِير لَقِيَا قُرَيْشًا بِمَوْسِمٍ , فَقَالَ لَهُمْ الْمُشْرِكُونَ : أَنَحْنُ أَهْدَى أَمْ مُحَمَّد وَأَصْحَابه ؟ فَإِنَّا أَهْل السَّدَانَة وَالسِّقَايَة وَأَهْل الْحَرَم . فَقَالَا : لَا , بَلْ أَهْدَى مِنْ مُحَمَّد وَأَصْحَابه ! وَهُمَا يَعْلَمَانِ أَنَّهُمَا كَاذِبَانِ , إِنَّمَا حَمَلَهُمَا عَلَى ذَلِكَ حَسَد مُحَمَّد وَأَصْحَابه . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هَذِهِ صِفَة حُيَيّ بْن أَخْطَب وَحْده , وَإِيَّاهُ عَنَى بِقَوْلِهِ : { وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا } ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7742 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب } . .. إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : جَاءَ حُيَيّ بْن أَخْطَب إِلَى الْمُشْرِكِينَ , فَقَالُوا : يَا حُيَيّ إِنَّكُمْ أَصْحَاب كُتُب , فَنَحْنُ خَيْر أَمْ مُحَمَّد وَأَصْحَابه ؟ فَقَالَ : نَحْنُ وَأَنْتُمْ خَيْر مِنْهُمْ ! فَذَلِكَ قَوْله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب } . .. إِلَى قَوْله : { وَمَنْ يَلْعَن اللَّه فَلَنْ تَجِد لَهُ نَصِيرًا } )وَأَوْلَى الْأَقْوَال بِالصِّحَّةِ فِي ذَلِكَ قَوْل مَنْ قَالَ : إِنَّ ذَلِكَ خَبَر مِنْ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْ جَمَاعَة مِنْ أَهْل الْكِتَاب مِنْ الْيَهُود , وَجَائِز أَنْ يَكُون كَانَتْ الْجَمَاعَة الَّذِينَ سَمَّاهُمْ اِبْن عَبَّاس فِي الْخَبَر الَّذِي رَوَاهُ مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد عَنْ عِكْرِمَة أَوْ سَعْد أَوْ يَكُون حُيَيًّا وَآخَر مَعَهُ , إِمَّا كَعْبًا وَإِمَّا غَيْره .

أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّه وَمَنْ يَلْعَن اللَّه فَلَنْ تَجِد لَهُ نَصِيرًا } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : أُولَئِكَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتهمْ أَنَّهُمْ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب وَهُمْ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت , هُمْ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّه , يَقُول : أَخْزَاهُمْ اللَّه فَأَبْعَدَهُمْ مِنْ رَحْمَته بِإِيمَانِهِمْ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت وَكُفْرهمْ بِاَللَّهِ وَرَسُوله , عِنَادًا مِنْهُمْ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ , وَبِقَوْلِهِمْ : { لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا } { وَمَنْ يَلْعَن اللَّه } يَقُول : وَمَنْ يُخْزِهِ اللَّه فَيُبْعِدهُ مِنْ رَحْمَته , { فَلَنْ تَجِد لَهُ نَصِيرًا } يَقُول : فَلَنْ تَجِد لَهُ يَا مُحَمَّد نَاصِرًا يَنْصُرهُ مِنْ عُقُوبَة اللَّه وَلَعْنَته الَّتِي تَحِلّ بِهِ فَيَدْفَع ذَلِكَ عَنْهُ ; كَمَا : 7743 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : (قَالَ كَعْب بْن الْأَشْرَف وَحُيَيّ بْن أَخْطَب مَا قَالَا , يَعْنِي مِنْ قَوْلهمَا : | هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا | , وَهُمَا يَعْلَمَانِ أَنَّهُمَا كَاذِبَانِ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّه وَمَنْ يَلْعَن اللَّه فَلَنْ تَجِد لَهُ نَصِيرًا } )

أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَمْ لَهُمْ نَصِيب مِنْ الْمُلْك } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { أَمْ لَهُمْ نَصِيب مِنْ الْمُلْك } أَمْ لَهُمْ حَظّ مِنْ الْمُلْك , يَقُول : لَيْسَ لَهُمْ حَظّ مِنْ الْمُلْك . كَمَا : 7744 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { أَمْ لَهُمْ نَصِيب مِنْ الْمُلْك } يَقُول : لَوْ كَانَ لَهُمْ نَصِيب مِنْ الْمُلْك إِذًا لَمْ يُؤْتُوا مُحَمَّدًا نَقِيرًا . )7745 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : (قَالَ اللَّه : { أَمْ لَهُمْ نَصِيب مِنْ الْمُلْك } قَالَ : فَلَيْسَ لَهُمْ نَصِيب مِنْ الْمُلْك , { فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاس نَقِيرًا } وَلَوْ كَانَ لَهُمْ نَصِيب وَحَظّ مِنْ الْمُلْك , لَمْ يَكُونُوا إِذًا يُعْطُونَ النَّاس نَقِيرًا مِنْ بُخْلهمْ .)|فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا|وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى النَّقِير , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ النُّقْطَة الَّتِي فِي ظَهْر النَّوَاة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7746 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { نَقِيرًا } يَقُول : النُّقْطَة الَّتِي فِي ظَهْر النَّوَاة . )* - حَدَّثَنِي سُلَيْمَان بْن عَبْد الْجَبَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن الصَّلْت , قَالَ : ثنا أَبُو كُدَيْنَة , عَنْ قَابُوس , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (النَّقِير الَّذِي فِي ظَهْر النَّوَاة . )* - حَدَّثَنِي جَعْفَر بْن مُحَمَّد الْكُوفِيّ الْمَرْوَزِيّ , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ خُصَيْف عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (النَّقِير : وَسَط النَّوَاة . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاس نَقِيرًا } النَّقِير : نَقِير النَّوَاة : وَسَطهَا . )7747 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَوْله : ( { أَمْ لَهُمْ نَصِيب مِنْ الْمُلْك فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاس نَقِيرًا } يَقُول : لَوْ كَانَ لَهُمْ نَصِيب مِنْ الْمُلْك إِذًا لَمْ يُؤْتُوا مُحَمَّدًا نَقِيرًا , وَالنَّقِير : النُّكْتَة الَّتِي فِي وَسَط النَّوَاة . )7748 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : ثني طَلْحَة بْن عَمْرو أَنَّهُ سَمِعَ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح , يَقُول : (النَّقِير : الَّذِي فِي ظَهْر النَّوَاة . )7749 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : (النَّقِير : النَّقْرَة الَّتِي تَكُون فِي ظَهْر النَّوَاة . )7750 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك , قَالَ : (النَّقِير : الَّذِي فِي ظَهْر النَّوَاة . )وَقَالَ آخَرُونَ : النَّقِير : الْحَبَّة الَّتِي تَكُون فِي وَسَط النَّوَاة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7751 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : ( { نَقِيرًا } قَالَ : النَّقِير : حَبَّة النَّوَاة الَّتِي فِي وَسَطهَا . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاس نَقِيرًا } قَالَ : النَّقِير : حَبَّة النَّوَاة الَّتِي فِي وَسَطهَا . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا سُفْيَان بْن سَعِيد , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد قَالَ : (النَّقِير فِي النَّوَى . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه بْن كَثِير أَنَّهُ سَمِعَ مُجَاهِدًا يَقُول : (النَّقِير : نَقِير النَّوَاة الَّذِي فِي وَسَطهَا . )7752 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم يَقُول : (النَّقِير : نَقِير النَّوَاة الَّذِي يَكُون فِي وَسَط النَّوَاة . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : نَقَرَ الرَّجُل الشَّيْء بِطَرَفِ أَصَابِعه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7753 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ يَزِيد بْن دِرْهَم أَبِي الْعَلَاء , قَالَ : سَمِعْت أَبَا الْعَالِيَة , (وَوَضَعَ اِبْن عَبَّاس طَرَف الْإِبْهَام عَلَى ظَهْر السَّبَّابَة ثُمَّ رَفَعَهُمَا وَقَالَ : هَذَا النَّقِير . )وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه وَصَفَ هَؤُلَاءِ الْفِرْقَة مِنْ أَهْل الْكِتَاب بِالْبُخْلِ بِالْيَسِيرِ مِنْ الشَّيْء الَّذِي لَا خَطَر لَهُ , وَلَوْ كَانُوا مُلُوكًا وَأَهْل قُدْرَة عَلَى الْأَشْيَاء الْجَلِيلَة الْأَقْدَار . فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَاَلَّذِي هُوَ أَوْلَى بِمَعْنَى النَّقِير أَنْ يَكُون أَصْغَر مَا يَكُون مِنْ النُّقَر , وَإِذَا كَانَ ذَلِك أَوْلَى بِهِ , فَالنُّقْرَة الَّتِي فِي ظَهْر النَّوَاة مِنْ صِغَار النُّقَر , وَقَدْ يَدْخُل فِي ذَلِكَ كُلّ مَا شَاكَلَهَا مِنْ النُّقَر . وَرُفِعَ قَوْله : { لَا يُؤْتُونَ النَّاس } وَلَمْ يُنْصَب ب | إِذًا | , وَمِنْ حُكْمهَا أَنْ تَنْصِب الْأَفْعَال الْمُسْتَقْبِلَة إِذَا اُبْتُدِئَ الْكَلَام بِهَا ; لِأَنَّ مَعَهَا فَاء , وَمِنْ حُكْمهَا إِذَا دَخَلَ فِيهَا بَعْض حُرُوف الْعَطْف أَنْ تُوَجَّه إِلَى الِابْتِدَاء بِهَا مَرَّة وَإِلَى النَّقْل عَنْهَا إِلَى غَيْرهَا أُخْرَى , وَهَذَا الْمَوْضِع مِمَّا أُرِيدَ بِالْفَاءِ فِيهِ النَّقْل عَنْ إِذًا إِلَى مَا بَعْدهَا , وَأَنْ يَكُون مَعْنَى الْكَلَام : أَمْ لَهُمْ نَصِيب فَلَا يُؤْتُونَ النَّاس نَقِيرًا إِذًا.

أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آَتَيْنَا آَلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآَتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس } أَمْ يَحْسُد هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب مِنْ الْيَهُود . كَمَا : 7754 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : ( { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس } قَالَ : الْيَهُود . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7755 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة مِثْله . وَأَمَّا قَوْله : { النَّاس } فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل اِخْتَلَفُوا فِيمَنْ عَنَى اللَّه بِهِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى اللَّه بِذَلِكَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7756 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ خَالِد , عَنْ عِكْرِمَة فِي قَوْله : ( { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } قَالَ : النَّاس فِي هَذَا الْمَوْضِع : النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّة . )7757 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثني أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْله } يَعْنِي : مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . )7758 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس مِثْله . 7759 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : ( { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } قَالَ : النَّاس : مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . )7760 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول : فَذَكَرَ نَحْوه . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى اللَّه بِهِ الْعَرَب . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7761 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } أُولَئِكَ الْيَهُود حَسَدُوا هَذَا الْحَيّ مِنْ الْعَرَب عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله . )وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه عَاتَبَ الْيَهُود الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتهمْ فِي هَذِهِ الْآيَات , فَقَالَ لَهُمْ فِي قِيلهمْ لِلْمُشْرِكِينَ مِنْ عَبَدَة الْأَوْثَان إِنَّهُمْ أَهْدَى مِنْ مُحَمَّد وَأَصْحَابه سَبِيلًا عَلَى عِلْم مِنْهُمْ بِأَنَّهُمْ فِي قِيلهمْ مَا قَالُوا مِنْ ذَلِكَ كَذَبَة : أَمْ يَحْسُدُونَ مُحَمَّدًا عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ , لِأَنَّ مَا قَبْل قَوْله : { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } مَضَى بِذَمِّ الْقَائِلِينَ مِنْ الْيَهُود لِلَّذِينَ كَفَرُوا : { هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا } فَإِلْحَاق قَوْله : { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } بِذَمِّهِمْ عَلَى ذَلِكَ , وَتَقْرِيظ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قِيلَ فِيهِمْ مَا قِيلَ أَشْبَه وَأَوْلَى , مَا لَمْ يَأْتِ دَلَالَة عَلَى اِنْصِرَاف مَعْنَاهُ عَنْ مَعْنَى ذَلِكَ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل الْفَضْل الَّذِي أَخْبَرَ اللَّه أَنَّهُ آتَى الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ فِي قَوْله : { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } فَقَالَ بَعْضهمْ : ذَلِكَ الْفَضْل هُوَ النُّبُوَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7762 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } حَسَدُوا هَذَا الْحَيّ مِنْ الْعَرَب عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله , بَعَثَ اللَّه مِنْهُمْ نَبِيًّا فَحَسَدُوهُمْ عَلَى ذَلِكَ . )7763 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : ( { عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } قَالَ : النُّبُوَّة . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ الْفَضْل الَّذِي ذَكَرَ اللَّه أَنَّهُ آتَاهُمُوهُ : هُوَ إِبَاحَته مَا أَبَاحَ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ النِّسَاء , يَنْكِح مِنْهُنَّ مَا شَاءَ بِغَيْرِ عَدَد . قَالُوا : وَإِنَّمَا يَعْنِي بِالنَّاسِ : مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا ذَكَرْت قَبْل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7764 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } . .. الْآيَة , وَذَلِكَ أَنَّ أَهْل الْكِتَاب قَالُوا : زَعَمَ مُحَمَّد أَنَّهُ أُوتِيَ مَا أُوتِيَ فِي تَوَاضُع وَلَهُ تِسْع نِسْوَة , لَيْسَ هَمّه إِلَّا النِّكَاح , فَأَيّ مُلْك أَفْضَل مِنْ هَذَا ؟ فَقَالَ اللَّه : { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } )7765 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } يَعْنِي مُحَمَّدًا أَنْ يَنْكِح مَا شَاءَ مِنْ النِّسَاء . )7766 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } وَذَلِكَ أَنَّ الْيَهُود قَالُوا : مَا شَأْن مُحَمَّد أُعْطِيَ النُّبُوَّة كَمَا يَزْعُم وَهُوَ جَائِع عَارٍ , وَلَيْسَ لَهُ هَمّ إِلَّا نِكَاح النِّسَاء ؟ فَحَسَدُوهُ عَلَى تَزْوِيج الْأَزْوَاج , وَأَحَلَّ اللَّه لِمُحَمَّدٍ أَنْ يَنْكِح مِنْهُنَّ مَا شَاءَ أَنْ يَنْكِح . )وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل قَتَادَة وَابْن جُرَيْج الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْل أَنَّ مَعْنَى الْفَضْل فِي هَذَا الْمَوْضِع النُّبُوَّة الَّتِي فَضَّلَ اللَّه بِهَا مُحَمَّدًا , وَشَرَّفَ بِهَا الْعَرَب إِذْ آتَاهَا رَجُلًا مِنْهُمْ دُون غَيْرهمْ , لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ دَلَالَة ظَاهِر هَذِهِ الْآيَة تَدُلّ عَلَى أَنَّهَا تَقْرِيظ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ , عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّا قَبْل , وَلَيْسَ النِّكَاح وَتَزْوِيج النِّسَاء , وَإِنْ كَانَ مِنْ فَضْل اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ الَّذِي آتَاهُ عِبَاده بِتَقْرِيظٍ لَهُمْ وَمَدْح .|فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَقَدْ آتَيْنَا آل إِبْرَاهِيم الْكِتَاب وَالْحِكْمَة وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا } </subtitle>يَعْنِي : بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : أَمْ يَحْسُد هَؤُلَاءِ الْيَهُود الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتهمْ فِي هَذِهِ الْآيَات , النَّاس عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله , مِنْ أَجْل أَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْهُمْ , فَكَيْفَ لَا يَحْسُدُونَ آل إِبْرَاهِيم , فَقَدْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْكِتَابِ ؟ وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { فَقَدْ آتَيْنَا آل إِبْرَاهِيم } فَقَدْ أَعْطَيْنَا آل إِبْرَاهِيم , يَعْنِي : أَهْله وَأَتْبَاعه عَلَى دِينه { الْكِتَاب } يَعْنِي : كِتَاب اللَّه الَّذِي أَوْحَاهُ إِلَيْهِمْ , وَذَلِكَ كَصُحُفِ إِبْرَاهِيم وَمُوسَى وَالزَّبُور , وَسَائِر مَا آتَاهُمْ مِنْ الْكُتُب . وَأَمَّا الْحِكْمَة , فَمَا أَوْحَى إِلَيْهِمْ مِمَّا لَمْ يَكُنْ كِتَابًا مَقْرُوءًا . { وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا } وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الْمُلْك الْعَظِيم الَّذِي عَنَاهُ اللَّه فِي هَذِهِ الْآيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ النُّبُوَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7767 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : ( { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس } قَالَ : يَهُود , { عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } فَقَدْ آتَيْنَا آل إِبْرَاهِيم الْكِتَاب وَلَيْسُوا مِنْهُمْ , وَالْحِكْمَة , { وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا } قَالَ : النُّبُوَّة . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : { مُلْكًا } النُّبُوَّة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ تَحْلِيل النِّسَاء ; قَالُوا : وَإِنَّمَا عَنَى اللَّه بِذَلِكَ : أَمْ يَحْسُدُونَ مُحَمَّدًا عَلَى مَا أَحَلَّ اللَّه لَهُ مِنْ النِّسَاء , فَقَدْ أَحَلَّ اللَّه مِثْل الَّذِي أَحَلَّهُ لَهُ مِنْهُنَّ لِدَاوُدَ وَسُلَيْمَان وَغَيْرهمْ مِنْ الْأَنْبِيَاء , فَكَيْفَ لَمْ يَحْسُدُوهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَحَسَدُوا مُحَمَّدًا عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ؟ ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7768 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { فَقَدْ آتَيْنَا آل إِبْرَاهِيم } سُلَيْمَان وَدَاوُد { الْحِكْمَة } يَعْنِي : النُّبُوَّة . { وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا } فِي النِّسَاء , فَمَا بَاله حَلَّ لِأُولَئِكَ وَهُمْ أَنْبِيَاء أَنْ يَنْكِح دَاوُد تِسْعًا وَتِسْعِينَ اِمْرَأَة , وَيَنْكِح سُلَيْمَان مِائَة , وَلَا يَحِلّ لِمُحَمَّدٍ أَنْ يَنْكِح كَمَا نَكَحُوا ! . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى قَوْله : { وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا } الَّذِي آتَى سُلَيْمَان بْن دَاوُد . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7769 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا } يَعْنِي : مُلْك سُلَيْمَان . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانُوا أُيِّدُوا بِالْمَلَائِكَةِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7770 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم الْغِفَارِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ هَمَّام بْن الْحَارِث : ( { وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا } قَالَ : أُيِّدُوا بِالْمَلَائِكَةِ وَالْجُنُود . )وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِتَأْوِيلِ الْآي , وَهِيَ قَوْله : { وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا } الْقَوْل الَّذِي رُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ : يَعْنِي : مُلْك سُلَيْمَان ; لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوف فِي كَلَام الْعَرَب , دُون الَّذِي قَالَ : إِنَّهُ مُلْك النُّبُوَّة , وَدُون قَوْل مَنْ قَالَ : إِنَّهُ تَحْلِيل النِّسَاء وَالْمُلْك عَلَيْهِنَّ . لِأَنَّ كَلَام اللَّه الَّذِي خُوطِبَ بِهِ الْعَرَب غَيْر جَائِز تَوْجِيهه إِلَّا إِلَى الْمَعْرُوف الْمُسْتَعْمَل فِيهِمْ مِنْ مَعَانِيه , إِلَّا أَنْ تَأْتِيَ دَلَالَة أَوْ تَقُوم حُجَّة عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بِخِلَافِ ذَلِكَ يَجِب التَّسْلِيم لَهَا .

فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَمِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ يَهُود بَنِي إِسْرَائِيل الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } { مَنْ آمَنَ بِهِ } يَقُول : مَنْ صَدَّقَ بِمَا أَنْزَلْنَا عَلَى مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ . { وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ } وَمِنْهُمْ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ التَّصْدِيق بِهِ . كَمَا : 7771 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ } قَالَ : بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّد مِنْ يَهُود { وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ } )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَفِي هَذِهِ الْآيَة دَلَالَة عَلَى أَنَّ الَّذِينَ صُدُّوا عَمَّا أَنْزَلَ اللَّه عَلَى مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَهُود بَنِي إِسْرَائِيل الَّذِينَ كَانُوا حَوَالَيْ مُهَاجِر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا رُفِعَ عَنْهُمْ وَعِيد اللَّه الَّذِي تَوَعَّدَهُمْ بِهِ , فِي قَوْله : { آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا أَوْ نَلْعَنهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَاب السَّبْت وَكَانَ أَمْر اللَّه مَفْعُولًا } [4 47 ]فِي الدُّنْيَا , وَأُخِّرَتْ عُقُوبَتهمْ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة , لِإِيمَانِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ . وَإِنَّ الْوَعِيد لَهُمْ مِنْ اللَّه بِتَعْجِيلِ الْعُقُوبَة فِي الدُّنْيَا إِنَّمَا كَانَ عَلَى مَقَام جَمِيعهمْ عَلَى الْكُفْر بِمَا أَنْزَلَ عَلَى نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَمَّا آمَنَ بَعْضهمْ خَرَجُوا مِنْ الْوَعِيد الَّذِي تَوَعَّدَهُ فِي عَاجِل الدُّنْيَا , وَأُخِّرَتْ عُقُوبَة الْمُقِيمِينَ عَلَى التَّكْذِيب إِلَى الْآخِرَة , فَقَالَ لَهُمْ : كَفَاكُمْ بِجَهَنَّم سَعِيرًا.|وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا|وَيَعْنِي قَوْله : { وَكَفَى بِجَهَنَّم سَعِيرًا } وَحَسْبكُمْ أَيّهَا الْمُكَذِّبُونَ بِمَا أُنْزِلَتْ عَلَى مُحَمَّد نَبِيِّي وَرَسُولِي بِجَهَنَّم سَعِيرًا , يَعْنِي : بِنَارِ جَهَنَّم تُسَعَّر عَلَيْكُمْ : أَيْ تُوقَد عَلَيْكُمْ . وَقِيلَ : { سَعِيرًا } أَصْله مَسْعُورًا , مِنْ سُعِّرَتْ تُسَعَّر فَهِيَ مَسْعُورَة , كَمَا قَالَ اللَّه : { وَإِذَا الْجَحِيم سُعِّرَتْ } [81 12 ]وَلَكِنَّهَا صُرِفَتْ إِلَى فَعِيل , كَمَا قِيلَ : كَفّ خَضِيب وَلِحْيَة دَهِين , بِمَعْنَى مَخْضُوبَة وَمَدْهُونَة , وَالسَّعِير : الْوَقُود.

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا } </subtitle>هَذَا وَعِيد مِنْ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِلَّذِينَ أَقَامُوا عَلَى تَكْذِيبهمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّه عَلَى مُحَمَّد مِنْ يَهُود بَنِي إِسْرَائِيل وَغَيْرهمْ مِنْ سَائِر الْكُفَّار بِرَسُولِهِ . يَقُول اللَّه لَهُمْ : إِنَّ الَّذِينَ جَحَدُوا مَا أَنْزَلْت عَلَى رَسُولِي مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ آيَاتِي , يَعْنِي مِنْ آيَات تَنْزِيله وَوَحْي كِتَابه , وَهِيَ دَلَالَاته وَحُجَجه عَلَى صِدْق مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَمْ يُصَدِّقُوا بِهِ مِنْ يَهُود بَنِي إِسْرَائِيل وَغَيْرهمْ مِنْ سَائِر أَهْل الْكُفْر بِهِ ; { سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا } يَقُول : سَوْفَ نُنْضِجهُمْ فِي نَار يَصْلَوْنَ فِيهَا : أَيْ يُشْوَوْنَ فِيهَا .|كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا| { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودهمْ } يَقُول : كُلَّمَا اِنْشَوَتْ بِهَا جُلُودهمْ فَاحْتَرَقَتْ , { بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرهَا } يَعْنِي : غَيْر الْجُلُود الَّتِي قَدْ نَضِجَتْ فَانْشَوَتْ . كَمَا : 7772 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ ثُوَيْر , عَنْ اِبْن عُمَر : ( { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرهَا } قَالَ : إِذَا اِحْتَرَقَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا بِيضًا أَمْثَال الْقَرَاطِيس . )7773 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرهَا } يَقُول : كُلَّمَا اِحْتَرَقَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرهَا . )7774 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , فِي قَوْله : ( { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودهمْ } قَالَ : سَمِعْنَا أَنَّهُ مَكْتُوب فِي الْكِتَاب الْأَوَّل أَنَّ جِلْد أَحَدهمْ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا , وَسِنّه سَبْعُونَ ذِرَاعًا , وَبَطْنه لَوْ وُضِعَ فِيهِ جَبَل لَوَسِعَهُ , فَإِذَا أَكَلَتْ النَّار جُلُودهمْ بُدِّلُوا جُلُودًا غَيْرهَا . )7775 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : بَلَغَنِي عَنْ الْحَسَن : ( { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرهَا } قَالَ : نُنْضِجهُمْ فِي الْيَوْم سَبْعِينَ أَلْف مَرَّة . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَبُو عُبَيْدَة الْحَدَّاد , عَنْ هِشَام بْن حَسَّان , عَنْ الْحَسَن , قَوْله : ( { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرهَا } قَالَ : تُنْضِج النَّار كُلّ يَوْم سَبْعِينَ أَلْف جِلْد , وَغِلَظ جِلْد الْكَافِر أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا , وَاَللَّه أَعْلَم بِأَيِّ ذِرَاع . )فَإِنْ سَأَلَ سَائِل , فَقَالَ : وَمَا مَعْنَى قَوْله جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرهَا } ؟ وَهَلْ يَجُوز أَنْ يُبَدَّلُوا جُلُودًا غَيْر جُلُودهمْ الَّتِي كَانَتْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا , فَيُعَذَّبُوا فِيهَا ؟ فَإِنْ جَازَ ذَلِكَ عِنْدك , فَأَجِزْ أَنْ يُبَدَّلُوا أَجْسَامًا وَأَرْوَاحًا غَيْر أَجْسَامهمْ وَأَرْوَاحهمْ الَّتِي كَانَتْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا فَتُعَذَّب ! وَإِنْ أَجَزْت ذَلِكَ , لَزِمَك أَنْ يَكُون الْمُعَذَّبُونَ فِي الْآخِرَة بِالنَّارِ غَيْر الَّذِينَ أَوْعَدَهُمْ اللَّه الْعِقَاب عَلَى كُفْرهمْ بِهِ وَمَعْصِيَتهمْ إِيَّاهُ , وَأَنْ يَكُون الْكُفَّار قَدْ اِرْتَفَعَ عَنْهُمْ الْعَذَاب ! قِيلَ : إِنَّ النَّاس اِخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : الْعَذَاب إِنَّمَا يَصِل إِلَى الْإِنْسَان الَّذِي هُوَ غَيْر الْجِلْد وَاللَّحْم , وَإِنَّمَا يُحْرَق الْجِلْد لِيَصِل إِلَى الْإِنْسَان أَلَم الْعَذَاب , وَأَمَّا الْجِلْد وَاللَّحْم فَلَا يَأْلَمَانِ . قَالُوا : فَسَوَاء أُعِيدَ عَلَى الْكَافِر جِلْده الَّذِي كَانَ لَهُ فِي الدُّنْيَا , أَوْ جِلْد غَيْره , إِذْ كَانَتْ الْجُلُود غَيْر آلِمَة وَلَا مُعَذَّبَة , وَإِنَّمَا الْآلِمَة الْمُعَذَّبَة النَّفْس الَّتِي تَحُسّ الْأَلَم , وَيَصِل إِلَيْهَا الْوَجَع . قَالُوا : وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَغَيْر مُسْتَحِيل أَنْ يُخْلَق لِكُلِّ كَافِر فِي النَّار فِي كُلّ لَحْظَة وَسَاعَة مِنْ الْجُلُود مَا لَا يُحْصَى عَدَده , وَيُحْرَق ذَلِكَ عَلَيْهِ , لِيَصِل إِلَى نَفْسه أَلَم الْعَذَاب , إِذْ كَانَتْ الْجُلُود لَا تَأَلَّم . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الْجُلُود تَأَلَّم , وَاللَّحْم وَسَائِر أَجْزَاء جِرْم بَنِي آدَم , وَإِذَا أُحْرِقَ جِلْده أَوْ غَيْره مِنْ أَجْزَاء جَسَده , وَصَلَ أَلَم ذَلِكَ إِلَى جَمِيعه . قَالُوا : وَمَعْنَى قَوْله : { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرهَا } بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْر مُحْتَرِقَة , وَذَلِكَ أَنَّهَا تُعَاد جَدِيدَة , وَالْأُولَى كَانَتْ قَدْ اِحْتَرَقَتْ فَأُعِيدَتْ غَيْر مُحْتَرِقَة , فَلِذَلِكَ قِيلَ غَيْرهَا , لِأَنَّهَا غَيْر الْجُلُود الَّتِي كَانَتْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا الَّتِي عَصَوْا اللَّه وَهِيَ لَهُمْ . قَالُوا : وَذَلِكَ نَظِير قَوْل الْعَرَب لِلصَّائِغِ إِذَا اسْتَصَاغَتْهُ خَاتَمًا مِنْ خَاتَم مَصُوغ , بِتَحْوِيلِهِ عَنْ صِيَاغَته الَّتِي هُوَ بِهَا إِلَى صِيَاغَة أُخْرَى : صُغْ لِي مِنْ هَذَا الْخَاتَم خَاتَمًا غَيْره ! فَيَكْسِرهُ وَيَصُوغ لَهُ مِنْهُ خَاتَمًا غَيْره وَالْخَاتَم الْمَصُوغ بِالصِّيَاغَةِ الثَّانِيَة هُوَ الْأَوَّل , وَلَكِنَّهُ لَمَّا أُعِيدَ بَعْد كَسْره خَاتَمًا قِيلَ هُوَ غَيْره . قَالُوا : فَكَذَلِكَ مَعْنَى قَوْله : { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرهَا } لَمَّا اِحْتَرَقَتْ الْجُلُود ثُمَّ أُعِيدَتْ جَدِيدَة بَعْد الِاحْتِرَاق , قِيلَ هِيَ غَيْرهَا عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودهمْ } سَرَابِيلهمْ , بَدَّلْنَاهُمْ سَرَابِيل مِنْ قَطِرَان غَيْرهَا . فَجُعِلَتْ السَّرَابِيل الْقَطِرَان لَهُمْ جُلُودًا , كَمَا يُقَال لِلشَّيْءِ الْخَاصّ بِالْإِنْسَانِ : هُوَ جِلْدَة مَا بَيْن عَيْنَيْهِ وَوَجْهه لِخُصُوصِهِ بِهِ . قَالُوا : فَكَذَلِكَ سَرَابِيل الْقَطِرَان الَّتِي قَالَ اللَّه فِي كِتَابه : { سَرَابِيلهمْ مِنْ قَطِرَان وَتَغْشَى وُجُوههمْ النَّار } لَمَّا صَارَتْ لَهُمْ لِبَاسًا لَا تُفَارِق أَجْسَامهمْ جُعِلَتْ لَهُمْ جُلُودًا , فَقِيلَ : كُلَّمَا اِشْتَعَلَ الْقَطِرَان فِي أَجْسَامهمْ وَاحْتَرَقَ بُدِّلُوا سَرَابِيل مِنْ قَطِرَان آخَر . قَالُوا : وَأَمَّا جُلُود أَهْل الْكُفْر مِنْ أَهْل النَّار فَإِنَّهَا لَا تُحْرَق , لِأَنَّ فِي اِحْتِرَاقهَا إِلَى حَال إِعَادَتهَا فَنَاءَهَا , وَفِي فَنَائِهَا رَاحَتهَا . قَالُوا : وَقَدْ أَخْبَرَنَا اللَّه تَعَالَى ذِكْره عَنْهَا أَنَّهُمْ لَا يَمُوتُونَ وَلَا يُخَفَّف عَنْهُمْ مِنْ عَذَابهَا . قَالُوا : وَجُلُود الْكُفَّار أَحَد أَجْزَاء أَجْسَامهمْ , وَلَوْ جَازَ أَنْ يَحْتَرِق مِنْهَا شَيْء فَيَفْنَى ثُمَّ يُعَاد بَعْد الْفَنَاء فِي النَّار , جَازَ ذَلِكَ فِي جَمِيع أَجْزَائِهَا , وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَكُون جَائِزًا عَلَيْهِمْ الْفَنَاء ثُمَّ الْإِعَادَة وَالْمَوْت ثُمَّ الْإِحْيَاء , وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّه عَنْهُمْ أَنَّهُمْ لَا يَمُوتُونَ . قَالُوا : وَفِي خَبَره عَنْهُمْ أَنَّهُمْ لَا يَمُوتُونَ دَلِيل وَاضِح أَنَّهُ لَا يَمُوت شَيْء مِنْ أَجْزَاء أَجْسَامهمْ , وَالْجُلُود أَحَد تِلْكَ الْأَجْزَاء .|لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ|وَأَمَّا مَعْنَى قَوْله : { لِيَذُوقُوا الْعَذَاب } فَإِنَّهُ يَقُول : فَعَلْنَا ذَلِكَ بِهِمْ لِيَجِدُوا أَلَم الْعَذَاب وَكَرْبه وَشِدَّته بِمَا كَانُوا فِي الدُّنْيَا يُكَذِّبُونَ آيَات اللَّه وَيَجْحَدُونَهَا .|إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا } </subtitle>يَقُول : إِنَّ اللَّه لَمْ يَزَلْ عَزِيزًا فِي اِنْتِقَامه مِمَّنْ اِنْتَقَمَ مِنْهُ مِنْ خَلْقه , لَا يَقْدِر عَلَى الِامْتِنَاع مِنْهُ أَحَد أَرَادَهُ بِضُرٍّ , وَلَا الِانْتِصَار مِنْهُ أَحَد أَحَلَّ بِهِ عُقُوبَة , حَكِيمًا فِي تَدْبِيره وَقَضَائِهِ.

وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَلَّذِينَ آمَنُوا } </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات } : وَاَلَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَصَدَّقُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّه عَلَى مُحَمَّد مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ مِنْ يَهُود بَنِي إِسْرَائِيل وَسَائِر الْأُمَم غَيْرهمْ .|وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ|يَقُول : وَأَدَّوْا مَا أَمَرَهُمْ اللَّه بِهِ مِنْ فَرَائِضه , وَاجْتَنَبُوا مَا حَرَّمَ اللَّه عَلَيْهِمْ مِنْ مَعَاصِيه , وَذَلِكَ هُوَ الصَّالِح مِنْ أَعْمَالهمْ.|سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ|يَقُول : سَوْفَ يُدْخِلهُمْ اللَّه يَوْم الْقِيَامَة جَنَّات , يَعْنِي : بَسَاتِين|تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ|يَقُول : تَجْرِي مِنْ تَحْت تِلْكَ الْجَنَّات الْأَنْهَار .|خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا|يَقُول : بَاقِينَ فِيهَا أَبَدًا بِغَيْرِ نِهَايَة وَلَا اِنْقِطَاع , دَائِم ذَلِكَ لَهُمْ فِيهَا أَبَدًا .|لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ|يَقُول : لَهُمْ فِي تِلْكَ الْجَنَّات الَّتِي وَصَفَ صِفَتهَا { أَزْوَاج مُطَهَّرَة } يَعْنِي : بَرِيئَات مِنْ الْأَدْنَاس وَالرِّيَب الْحَيْض وَالْغَائِط وَالْبَوْل وَالْحَبَل وَالْبُصَاق , وَسَائِر مَا يَكُون فِي نِسَاء أَهْل الدُّنْيَا . وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْآثَار فِيمَا مَضَى قَبْل , وَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتهَا .|وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا|وَأَمَّا قَوْله : { وَنُدْخِلهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا } فَإِنَّهُ يَقُول : وَنُدْخِلهُمْ ظِلًّا كَنِينًا , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَظِلّ مَمْدُود } [56 30 ]وكَمَا : * -حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , وَحَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَا جَمِيعًا , ثنا شُعْبَة , قَالَ : سَمِعْت أَبَا الضَّحَّاك يُحَدِّث عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : ( إِنَّ فِي الْجَنَّة لَشَجَرَة يَسِير الرَّاكِب فِي ظِلّهَا مِائَة عَام لَا يَقْطَعهَا , شَجَرَة الْخُلْد | .)

إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه يَأْمُركُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهْلهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْن النَّاس أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ } </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِيمَنْ عُنِيَ بِهَذِهِ الْآيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِهَا : وُلَاة أُمُور الْمُسْلِمِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7776 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن عَبْد الرَّحْمَن الْمَسْرُوقِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , عَنْ أَبِي مَكِين , عَنْ زَيْد بْن أَسْلَم , قَالَ : (نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { إِنَّ اللَّه يَأْمُركُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهْلهَا } فِي وُلَاة الْأَمْر . )7777 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : ثنا لَيْث , عَنْ شَهْر , قَالَ : (نَزَلَتْ فِي الْأُمَرَاء خَاصَّة { إِنَّ اللَّه يَأْمُركُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهْلهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْن النَّاس أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ } )7778 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيل , عَنْ مُصْعَب بْن سَعْد , قَالَ : قَالَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : (كَلِمَات أَصَابَ فِيهِنَّ حَقّ عَلَى الْإِمَام أَنْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه , وَأَنْ يُؤَدِّي الْأَمَانَة , وَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَحَقّ عَلَى النَّاس أَنْ يَسْمَعُوا وَأَنْ يُطِيعُوا وَأَنْ يُجِيبُوا إِذَا دُعُوا . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا جَابِر بْن نُوح , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيل عَنْ مُصْعَب بْن سَعْد , عَنْ عَلِيّ بِنَحْوِهِ . 7779 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد الْمُحَارِبِيّ , قَالَ : ثنا مُوسَى بْن عُمَيْر , عَنْ مَكْحُول , فِي قَوْل اللَّه : ( { وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : هُمْ أَهْل الْآيَة الَّتِي قَبْلهَا : { إِنَّ اللَّه يَأْمُركُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهْلهَا } . .. إِلَى آخِر الْآيَة . )7780 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن زَيْد , قَالَ : قَالَ أَبِي : (هُمْ الْوُلَاة , أَمَرَهُمْ أَنْ يُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهْلهَا . )وَقَالَ آخَرُونَ : أَمَرَ السُّلْطَان بِذَلِكَ أَنْ يُعْطُوا النَّاس . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7781 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { إِنَّ اللَّه يَأْمُركُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهْلهَا } قَالَ : يَعْنِي : السُّلْطَان يُعْطُونَ النَّاس . )وَقَالَ آخَرُونَ : الَّذِي خُوطِبَ بِذَلِكَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَفَاتِيح الْكَعْبَة أُمِرَ بِرَدِّهَا عَلَى عُثْمَان بْن طَلْحَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7782 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : ( { إِنَّ اللَّه يَأْمُركُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهْلهَا } قَالَ : نَزَلَتْ فِي عُثْمَان بْن طَلْحَة بْن أَبِي طَلْحَة , قَبَضَ مِنْهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَفَاتِيح الْكَعْبَة , وَدَخَلَ بِهَا الْبَيْت يَوْم الْفَتْح , فَخَرَجَ وَهُوَ يَتْلُو هَذِهِ الْآيَة , فَدَعَا عُثْمَان فَدَفَعَ إِلَيْهِ الْمِفْتَاح . قَالَ : وَقَالَ عُمَر بْن الْخَطَّاب لَمَّا خَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتْلُو هَذِهِ الْآيَة : فِدَاؤُهُ أَبِي وَأُمِّي ! مَا سَمِعْته يَتْلُوهَا قَبْل ذَلِكَ . )7783 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا الزِّنْجِيّ بْن خَالِد , عَنْ الزُّهْرِيّ , قَالَ : (دَفَعَهُ إِلَيْهِ وَقَالَ : أَعِينُوهُ . )وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي قَوْل مَنْ قَالَ : هُوَ خِطَاب مِنْ اللَّه وُلَاة أُمُور الْمُسْلِمِينَ بِأَدَاءِ الْأَمَانَة إِلَى مَنْ وُلُّوا فِي فَيْئِهِمْ وَحُقُوقهمْ , وَمَا اؤْتُمِنُوا عَلَيْهِ مِنْ أُمُورهمْ بِالْعَدْلِ بَيْنهمْ فِي الْقَضِيَّة . وَالْقَسْم بَيْنهمْ بِالسَّوِيَّةِ , يَدُلّ عَلَى ذَلِكَ مَا وَعَظَ بِهِ الرَّعِيَّة فِي : { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } فَأَمَرَهُمْ بِطَاعَتِهِمْ , وَأَوْصَى الرَّاعِيَ بِالرَّعِيَّةِ , وَأَوْصَى الرَّعِيَّة بِالطَّاعَةِ . كَمَا : 7784 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : قَالَ أَبِي : هُمْ السَّلَاطِين . وَقَرَأَ اِبْن زَيْد : { تُؤْتِي الْمُلْك مَنْ تَشَاء وَتَنْزِع الْمُلْك مِمَّنْ تَشَاء } [3 26 ]أَلَا تَرَى أَنَّهُ أَمَرَ فَقَالَ : { إِنَّ اللَّه يَأْمُركُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهْلهَا } ؟ وَالْأَمَانَات : هِيَ الْفَيْء الَّذِي اِسْتَأْمَنَهُمْ عَلَى جَمْعه وَقَسْمه , وَالصَّدَقَات الَّتِي اِسْتَأْمَنَهُمْ عَلَى جَمْعهَا وَقَسْمهَا . { وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْن النَّاس أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ } . .. الْآيَة كُلّهَا فَأَمَرَ بِهَذَا الْوُلَاة , ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا نَحْنُ , فَقَالَ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } )وَأَمَّا الَّذِي قَالَ اِبْن جُرَيْج مِنْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي عُثْمَان بْن طَلْحَة فَإِنَّهُ جَائِز أَنْ تَكُون نَزَلَتْ فِيهِ , وَأُرِيدَ بِهِ كُلّ مُؤْتَمَن عَلَى أَمَانَة فَدَخَلَ فِيهِ وُلَاة أُمُور الْمُسْلِمِينَ وَكُلّ مُؤْتَمَن عَلَى أَمَانَة فِي دِين أَوْ دُنْيَا , وَلِذَلِكَ قَالَ مَنْ قَالَ : عَنَى بِهِ قَضَاء الدَّيْن وَرَدّ حُقُوق النَّاس . كَاَلَّذِي : 7785 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { إِنَّ اللَّه يَأْمُركُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهْلهَا } فَإِنَّهُ لَمْ يُرَخِّص لِمُوسِرٍ وَلَا مُعْسِر أَنْ يُمْسِكهَا . )7786 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { إِنَّ اللَّه يَأْمُركُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهْلهَا } عَنْ الْحَسَن : أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُول : | أَدِّ الْأَمَانَة إِلَى مَنْ اِئْتَمَنَك , وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَك . )فَتَأْوِيل الْآيَة إِذًا , إِذْ كَانَ الْأَمْر عَلَى مَا وَصَفْنَا : إِنَّ اللَّه يَأْمُركُمْ يَا مَعْشَر وُلَاة أُمُور الْمُسْلِمِينَ أَنْ تُؤَدُّوا مَا اِئْتَمَنَتْكُمْ عَلَيْهِ رَعِيَّتكُمْ مِنْ فَيْئِهِمْ وَحُقُوقهمْ وَأَمْوَالهمْ وَصَدَقَاتهمْ إِلَيْهِمْ عَلَى مَا أَمَرَكُمْ اللَّه , بِأَدَاءِ كُلّ شَيْء مِنْ ذَلِكَ إِلَى مَنْ هُوَ لَهُ بَعْد أَنْ تَصِير فِي أَيْدِيكُمْ , لَا تَظْلِمُوهَا أَهْلهَا وَلَا تَسْتَأْثِرُوا بِشَيْءٍ مِنْهَا وَلَا تَضَعُوا شَيْئًا مِنْهَا فِي غَيْر مَوْضِعه , وَلَا تَأْخُذُوهَا إِلَّا مِمَّنْ أَذِنَ اللَّه لَكُمْ بِأَخْذِهَا مِنْهُ قَبْل أَنْ تَصِير فِي أَيْدِيكُمْ ; وَيَأْمُركُمْ إِذَا حَكَمْتُمْ بَيْن رَعِيَّتكُمْ أَنْ تَحْكُمُوا بَيْنهمْ بِالْعَدْلِ وَالْإِنْصَاف , وَذَلِكَ حُكْم اللَّه الَّذِي أَنْزَلَهُ فِي كِتَابه وَبَيَّنَهُ عَلَى لِسَان رَسُوله , لَا تَعْدُوا ذَلِكَ فَتَجُورُوا عَلَيْهِمْ .|إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه نِعِمَّا يَعِظكُمْ بِهِ } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : يَا مَعْشَر وُلَاة أُمُور الْمُسْلِمِينَ إِنَّ اللَّه نِعْمَ الشَّيْء يَعِظكُمْ بِهِ , وَنِعْمَتْ الْعِظَة يَعِظكُمْ بِهَا فِي أَمْره إِيَّاكُمْ , أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهْلهَا , وَأَنْ تَحْكُمُوا بَيْن النَّاس بِالْعَدْلِ|إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا| { إِنَّ اللَّه كَانَ سَمِيعًا } يَقُول : إِنَّ اللَّه لَمْ يَزَلْ سَمِيعًا بِمَا تَقُولُونَ وَتَنْطِقُونَ , وَهُوَ سَمِيع لِذَلِكَ مِنْكُمْ إِذَا حَكَمْتُمْ بَيْن النَّاس وَلَمْ تُحَاوِرُوهُمْ بِهِ , { بَصِيرًا } بِمَا تَفْعَلُونَ فِيمَا اِئْتَمَنْتُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ حُقُوق رَعِيَّتكُمْ وَأَمْوَالهمْ , وَمَا تَقْضُونَ بِهِ بَيْنهمْ مِنْ أَحْكَامكُمْ بِعَدْلٍ تَحْكُمُونَ أَوْ جَوْر , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْ ذَلِكَ , حَافِظ ذَلِكَ كُلّه , حَتَّى يُجَازِيَ مُحْسِنكُمْ بِإِحْسَانِهِ وَمُسِيئَكُمْ بِإِسَاءَتِهِ , أَوْ يَعْفُو بِفَضْلِهِ .

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ ت

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّه رَبّكُمْ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَفِيمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ , وَأَطِيعُوا رَسُوله مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَإِنَّ فِي طَاعَتكُمْ إِيَّاهُ لِرَبِّكُمْ طَاعَة , وَذَلِكَ أَنَّكُمْ تُطِيعُونَهُ لِأَمْرِ اللَّه إِيَّاكُمْ بِطَاعَتِهِ . كَمَا : 7787 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّه وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي , وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّه وَمَنْ عَصَا أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي . )وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله : { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول } فَقَالَ بَعْضهمْ : ذَلِكَ أَمْر مِنْ اللَّه بِاتِّبَاعِ سُنَّته . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7788 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ عَبْد الْمَلِك , عَنْ عَطَاء , فِي قَوْله : ( { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول } قَالَ : طَاعَة الرَّسُول : اِتِّبَاع سُنَّته . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا يَعْلَى بْن عُبَيْد , عَنْ عَبْد الْمَلِك , عَنْ عَطَاء : ( { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول } قَالَ : طَاعَة الرَّسُول : اِتِّبَاع الْكِتَاب وَالسُّنَّة . )* - وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ عَبْد الْمَلِك , عَنْ عَطَاء , مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : ذَلِكَ أَمْر مِنْ اللَّه بِطَاعَةِ الرَّسُول فِي حَيَاته . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7789 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول } إِنْ كَانَ حَيًّا . )وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : هُوَ أَمْر مِنْ اللَّه بِطَاعَةِ رَسُوله فِي حَيَاته فِيمَا أَمَرَ وَنَهَى , وَبَعْد وَفَاته فِي اِتِّبَاع سُنَّته ; وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه عَمَّ بِالْأَمْرِ بِطَاعَتِهِ وَلَمْ يُخَصِّص ذَلِكَ فِي حَال دُون حَال , فَهُوَ عَلَى الْعُمُوم حَتَّى يَخُصّ ذَلِكَ مَا يَجِب التَّسْلِيم لَهُ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي أُولِي الْأَمْر الَّذِينَ أَمَرَ اللَّه عِبَاده بِطَاعَتِهِمْ فِي هَذِهِ الْآيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ هُمْ الْأُمَرَاء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7790 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب سَلْم بْن جُنَادَة , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة فِي قَوْله : ( { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : هُمْ الْأُمَرَاء . )7791 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن الصَّبَاح الْبَزَّار , قَالَ : ثنا حَجَّاج بْن مُحَمَّد , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْن مُسْلِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , أَنَّهُ قَالَ : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } نَزَلَتْ فِي رَجُل بَعَثَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سَرِيَّة . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن مُسْلِم بْن هُرْمُز , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس : (أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي عَبْد اللَّه بْن حُذَافَة بْن قَيْس السَّهْمِيّ إِذْ بَعَثَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّرِيَّة . )7792 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ لَيْث , قَالَ : سَأَلَ مَسْلَمَة مَيْمُون بْن مِهْرَان , عَنْ قَوْله : ( { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : أَصْحَاب السَّرَايَا عَلَى عَهْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . )7793 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : قَالَ أَبِي : هُمْ السَّلَاطِين . قَالَ : وَقَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ أَبِي : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الطَّاعَة الطَّاعَة ! وَفِي الطَّاعَة بَلَاء | . وَقَالَ : | وَلَوْ شَاءَ اللَّه لَجَعَلَ الْأَمْر فِي الْأَنْبِيَاء | )يَعْنِي : لَقَدْ جَعَلَ إِلَيْهِمْ وَالْأَنْبِيَاء مَعَهُمْ , أَلَا تَرَى حِين حَكَمُوا فِي قَتْل يَحْيَى بْن زَكَرِيَّا ؟ . )7794 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : بَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّة عَلَيْهَا خَالِد بْن الْوَلِيد , وَفِيهَا عَمَّار بْن يَاسِر , فَسَارُوا قِبَل الْقَوْم الَّذِينَ يُرِيدُونَ , فَلَمَّا بَلَغُوا قَرِيبًا مِنْهُمْ عَرَّسُوا , وَأَتَاهُمْ ذُو الْعَيْنَتَيْنِ , فَأَخْبَرَهُمْ فَأَصْبَحُوا وَقَدْ هَرَبُوا غَيْر رَجُل أَمَرَ أَهْله , فَجَمَعُوا مَتَاعهمْ . ثُمَّ أَقْبَلَ يَمْشِي فِي ظُلْمَة اللَّيْل , حَتَّى أَتَى عَسْكَر خَالِد , فَسَأَلَ عَنْ عَمَّار بْن يَاسِر فَأَتَاهُ , فَقَالَ : يَا أَبَا الْيَقْظَان , إِنِّي قَدْ أَسْلَمْت وَشَهِدْت أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْده وَرَسُوله , وَإِنَّ قَوْمِي لَمَّا سَمِعُوا بِكُمْ هَرَبُوا , وَإِنِّي بَقِيت فَهَلْ إِسْلَامِي نَافِعِي غَدًا وَإِلَّا هَرَبْت ؟ قَالَ عَمَّار : بَلْ هُوَ يَنْفَعك , فَأَقِمْ ! فَأَقَامَ . فَلَمَّا أَصْبَحُوا أَغَارَ خَالِد , فَلَمْ يَجِد أَحَدًا غَيْر الرَّجُل , فَأَخَذَهُ وَأَخَذَ مَاله , فَبَلَغَ عَمَّارًا الْخَبَر , فَأَتَى خَالِدًا فَقَالَ : خَلِّ عَنْ الرَّجُل فَإِنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ , وَهُوَ فِي أَمَان مِنِّي ! فَقَالَ خَالِد : وَفِيمَ أَنْتَ تُجِير ؟ فَاسْتَبَّا وَارْتَفَعَا إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَجَازَ أَمَان عَمَّار وَنَهَاهُ أَنْ يُجِير الثَّانِيَة عَلَى أَمِير . فَاسْتَبَّا عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ خَالِد : يَا رَسُول اللَّه أَتَتْرُكُ هَذَا الْعَبْد الْأَجْدَع يَسُبّنِي ؟ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | يَا خَالِد لَا تَسُبّ عَمَّارًا , فَإِنَّهُ مَنْ سَبَّ عَمَّارًا سَبَّهُ اللَّه , وَمَنْ أَبْغَضَ عَمَّارًا أَبْغَضَهُ اللَّه , وَمَنْ لَعَنَ عَمَّارًا لَعَنَهُ اللَّه | . فَغَضِبَ عَمَّار , فَقَامَ فَتَبِعَهُ خَالِد حَتَّى أَخَذَ بِثَوْبِهِ فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ , فَرَضِيَ عَنْهُ , فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى قَوْله : { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } )وَقَالَ آخَرُونَ : هُمْ أَهْل الْعِلْم وَالْفِقْه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7795 - حَدَّثَنِي سُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ عَلِيّ بْن صَالِح , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عُقَيْل , عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه . .. قَالَ : ثنا جَابِر بْن نُوح , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : أُولِي الْفِقْه مِنْكُمْ . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : أَخْبَرَنَا لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : أُولِي الْفِقْه وَالْعِلْم . )7796 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح : ( { وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : أُولِي الْفِقْه فِي الدِّين وَالْعَقْل . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7797 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } يَعْنِي : أَهْل الْفِقْه وَالدِّين . )* - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن حَازِم , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حُصَيْن , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : أَهْل الْعِلْم . )7798 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الْمَلِك , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب فِي قَوْله : ( { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : أُولِي الْعِلْم وَالْفِقْه . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ عَبْد الْمَلِك , عَنْ عَطَاء : ( { وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : الْفُقَهَاء وَالْعُلَمَاء . )7799 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : ( { وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : هُمْ الْعُلَمَاء . )7800 - قَالَ : وَأَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنْ الثَّوْرِيّ , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد قَوْله : ( { وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : هُمْ أَهْل الْفِقْه وَالْعِلْم . )7801 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة فِي قَوْله : ( { وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : هُمْ أَهْل الْعِلْم , أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقُول : { وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُول وَإِلَى أُولِي الْأَمْر مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } ؟ [4 83 ]. )وَقَالَ آخَرُونَ : هُمْ أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7802 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : كَانَ مُجَاهِد يَقُول : أَصْحَاب مُحَمَّد . قَالَ : وَرُبَّمَا قَالَ : أُولِي الْفَضْل وَالْفِقْه وَدِين اللَّه . )وَقَالَ آخَرُونَ : هُمْ أَبُو بَكْر وَعُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7803 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَمْرو الْبَصْرِيّ , قَالَ : ثنا حَفْص بْن عُمَر الْعَدَنِيّ , قَالَ : ثنا الْحَكَم بْن أَبَان , عَنْ عِكْرِمَة : ( { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : أَبُو بَكْر وَعُمَر . )وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : هُمْ الْأُمَرَاء وَالْوُلَاة , لِصِحَّةِ الْأَخْبَار عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَمْرِ بِطَاعَةِ الْأَئِمَّة وَالْوُلَاة فِيمَا كَانَ طَاعَة وَلِلْمُسْلِمِينَ مَصْلَحَة . كَاَلَّذِي : 7804 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن مُسْلِم الطُّوسِيّ قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي فُدَيْك , قَالَ : ثني عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عُرْوَة , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِي صَالِح السَّمَّان , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( سَيَلِيكُمْ بَعْدِي وُلَاة , فَيَلِيكُمْ الْبَرّ بِبِرِّهِ وَالْفَاجِر بِفُجُورِهِ , فَاسْمَعُوا لَهُمْ وَأَطِيعُوا فِي كُلّ مَا وَافَقَ الْحَقّ , وَصَلُّوا وَرَاءَهُمْ فَإِنْ أَحْسَنُوا فَلَكُمْ وَلَهُمْ , وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ . )7805 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا يَحْيَى عَنْ عُبَيْد اللَّه , قَالَ : أَخْبَرَنِي نَافِع , عَنْ عَبْد اللَّه , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : ( عَلَى الْمَرْء الْمُسْلِم الطَّاعَة فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ إِلَّا أَنْ يُؤْمَر بِمَعْصِيَةٍ فَمَنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا طَاعَة . )* - حَدَّثَنِي اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني خَالِد عَنْ عُبَيْد اللَّه , عَنْ نَافِع , عَنْ اِبْن عُمَر , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , نَحْوه . فَإِذَا كَانَ مَعْلُومًا أَنَّهُ لَا طَاعَة وَاجِبَة لِأَحَدٍ غَيْر اللَّه أَوْ رَسُوله أَوْ إِمَام عَادِل , وَكَانَ اللَّه قَدْ أَمَرَ بِقَوْلِهِ : { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } بِطَاعَةِ ذَوِي أَمْرنَا , كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الَّذِينَ أَمَرَ بِطَاعَتِهِمْ تَعَالَى ذِكْره مِنْ ذَوِي أَمْرنَا هُمْ الْأَئِمَّة وَمَنْ وَلَّاهُ الْمُسْلِمُونَ دُون غَيْرهمْ مِنْ النَّاس , وَإِنْ كَانَ فَرْضًا الْقَبُول مِنْ كُلّ مَنْ أَمَرَ بِتَرْكِ مَعْصِيَة اللَّه , وَدَعَا إِلَى طَاعَة اللَّه , وَأَنَّهُ لَا طَاعَة تَجِب لِأَحَدٍ فِيمَا أَمَرَ وَنَهَى فِيمَا لَمْ تَقُمْ حُجَّة وُجُوبه إِلَّا لِلْأَئِمَّةِ الَّذِينَ أَلْزَمَ اللَّه عِبَاده طَاعَتهمْ فِيمَا أَمَرُوا بِهِ رَعِيَّتهمْ مِمَّا هُوَ مَصْلَحَة لِعَامَّةِ الرَّعِيَّة , فَإِنَّ عَلَى مَنْ أَمَرُوهُ بِذَلِكَ طَاعَتهمْ , وَكَذَلِكَ فِي كُلّ مَا لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ مَعْصِيَة . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ صِحَّة مَا اِخْتَرْنَا مِنْ التَّأْوِيل دُون غَيْره .|مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُول إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَإِنْ اِخْتَلَفْتُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ فِي شَيْء مِنْ أَمْر دِينكُمْ أَنْتُمْ فِيمَا بَيْنكُمْ أَوْ أَنْتُمْ وَوُلَاة أَمْركُمْ فَاشْتَجَرْتُمْ فِيهِ , { فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه } يَعْنِي بِذَلِكَ : فَارْتَادُوا مَعْرِفَة حُكْم الَّذِي اِشْتَجَرْتُمْ أَنْتُمْ بَيْنكُمْ أَوْ أَنْتُمْ وَأُولُو أَمْركُمْ مِنْ عِنْد اللَّه , يَعْنِي بِذَلِكَ : مِنْ كِتَاب اللَّه , فَاتَّبِعُوا مَا وَجَدْتُمْ . وَأَمَّا قَوْله : { وَالرَّسُول } فَإِنَّهُ يَقُول : فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا إِلَى عِلْم ذَلِكَ فِي كِتَاب اللَّه سَبِيلًا , فَارْتَادُوا مَعْرِفَة ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ عِنْد الرَّسُول إِنْ كَانَ حَيًّا , وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا فَمِنْ سُنَّته : { إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر } يَقُول : اِفْعَلُوا ذَلِكَ إِنْ كُنْتُمْ تُصَدِّقُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر . يَعْنِي : بِالْمَعَادِ الَّذِي فِيهِ الثَّوَاب وَالْعِقَاب , فَإِنَّكُمْ إِنْ فَعَلْتُمْ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ مِنْ ذَلِكَ فَلَكُمْ مِنْ اللَّه الْجَزِيل مِنْ الثَّوَاب , وَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ذَلِكَ فَلَكُمْ الْأَلِيم مِنْ الْعِقَاب . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7806 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : أَخْبَرَنَا لَيْث عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُول } قَالَ : فَإِنْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاء رَدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُول . قَالَ : يَقُول : فَرُدُّوهُ إِلَى كِتَاب اللَّه وَسُنَّة رَسُوله . ثُمَّ قَرَأَ مُجَاهِد هَذِهِ الْآيَة : { وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُول وَإِلَى أُولِي الْأَمْر مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } [4 83 ])7807 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ سُفْيَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُول } قَالَ : كِتَاب اللَّه وَسُنَّة نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُول } قَالَ : إِلَى اللَّه : إِلَى كِتَابه , وَإِلَى الرَّسُول : إِلَى سُنَّة نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . )7808 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ لَيْث , قَالَ : سَأَلَ مَسْلَمَة مَيْمُون بْن مِهْرَان عَنْ قَوْله : ( { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُول } قَالَ : | اللَّه | : كِتَابه و | رَسُوله | : سُنَّته . فَكَأَنَّمَا أَلْقَمَهُ حَجَرًا . )7809 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا جَعْفَر بْن مَرْوَان , عَنْ مَيْمُون بْن مِهْرَان : ( { فَإِذَا تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُول } قَالَ : الرَّدّ إِلَى اللَّه : الرَّدّ إِلَى كِتَابه , وَالرَّدّ إِلَى رَسُوله إِنْ كَانَ حَيًّا , فَإِنْ قَبَضَهُ اللَّه إِلَيْهِ فَالرَّدّ إِلَى السُّنَّة . )7810 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُول } يَقُول : رُدُّوهُ إِلَى كِتَاب اللَّه وَسُنَّة رَسُوله { إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر } )7811 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُول } إِنْ كَانَ الرَّسُول حَيًّا , و { إِلَى اللَّه } قَالَ : إِلَى كِتَابه .)|الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ذَلِكَ خَيْر وَأَحْسَن تَأْوِيلًا } </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { ذَلِكَ } فَرَدّ مَا تَنَازَعْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْء إِلَى اللَّه وَالرَّسُول , خَيْر لَكُمْ عِنْد اللَّه فِي مَعَادكُمْ , وَأَصْلَح لَكُمْ فِي دُنْيَاكُمْ , لِأَنَّ ذَلِكَ يَدْعُوكُمْ إِلَى الْأُلْفَة , وَتَرْك التَّنَازُع وَالْفُرْقَة . { وَأَحْسَن تَأْوِيلًا } يَعْنِي : وَأَحْمَد مَوْئِلًا وَمَغَبَّة , وَأَجْمَل عَاقِبَة . وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى أَنَّ التَّأْوِيل : التَّفْعِيل مِنْ تَأَوَّلَ , وَأَنَّ قَوْل الْقَائِل تَأَوَّلَ : تَفَعَّلَ , مِنْ قَوْلهمْ آلَ هَذَا الْأَمْر إِلَى كَذَا : أَيْ رَجَعَ ; بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7812 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَأَحْسَن تَأْوِيلًا } قَالَ : حُسْن جَزَاء . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7813 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { ذَلِكَ خَيْر وَأَحْسَن تَأْوِيلًا } يَقُول : ذَلِكَ أَحْسَن ثَوَابًا وَخَيْر عَاقِبَة . )7814 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَأَحْسَن تَأْوِيلًا } قَالَ : عَاقِبَة . )7815 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { ذَلِكَ خَيْر وَأَحْسَن تَأْوِيلًا } قَالَ : وَأَحْسَن عَاقِبَة . قَالَ : وَالتَّأْوِيل : التَّصْدِيق .)

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوت وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : أَلَمْ تَرَ يَا مُحَمَّد بِقَلْبِك فَتَعْلَم إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ صَدَّقُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك مِنْ الْكِتَاب , وَإِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك مِنْ الْكُتُب . { يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا } فِي خُصُومَتهمْ { إِلَى الطَّاغُوت } يَعْنِي : إِلَى مَنْ يُعَظِّمُونَهُ , وَيَصْدُرُونَ عَنْ قَوْله , وَيَرْضَوْنَ بِحُكْمِهِ مِنْ دُون حُكْم اللَّه . { وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ } يَقُول : وَقَدْ أَمَرَهُمْ اللَّه أَنْ يُكَذِّبُوا بِمَا جَاءَهُمْ بِهِ الطَّاغُوت الَّذِي يَتَحَاكَمُونَ إِلَيْهِ , فَتَرَكُوا أَمْر اللَّه , وَاتَّبَعُوا أَمْر الشَّيْطَان . وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي رَجُل مِنْ الْمُنَافِقِينَ دَعَا رَجُلًا مِنْ الْيَهُود فِي خُصُومَة كَانَتْ بَيْنهمَا إِلَى بَعْض الْكُهَّان لِيَحْكُم بَيْنهمْ وَرَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْن أَظْهُرهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7816 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ عَامِر فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوت } قَالَ : كَانَ بَيْن رَجُل مِنْ الْيَهُود وَرَجُل مِنْ الْمُنَافِقِينَ خُصُومَة , فَكَانَ الْمُنَافِق يَدْعُو إِلَى الْيَهُود لِأَنَّهُ يَعْلَم أَنَّهُمْ يَقْبَلُونَ الرِّشْوَة , وَكَانَ الْيَهُودِيّ يَدْعُو إِلَى الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ يَعْلَم أَنَّهُمْ لَا يَقْبَلُونَ الرِّشْوَة , فَاصْطَلَحَا أَنْ يَتَحَاكَمَا إِلَى كَاهِن مِنْ جُهَيْنَة , فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِ هَذِهِ الْآيَة : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك } . .. حَتَّى بَلَغَ : { وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } . )7817 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ عَامِر فِي هَذِهِ الْآيَة : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك } فَذَكَرَ نَحْوه , وَزَادَ فِيهِ : (فَأَنْزَلَ اللَّه { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك } يَعْنِي الْمُنَافِقِينَ { وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك } يَعْنِي الْيَهُود { يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوت } يَقُول : إِلَى الْكَاهِن { وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ } أُمِرَ هَذَا فِي كِتَابه , وَأُمِرَ هَذَا فِي كِتَابه أَنْ يَكْفُر بِالْكَاهِنِ . )* - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : حَدَّثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ دَاوُد , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : (كَانَتْ بَيْن رَجُل مِمَّنْ يَزْعُم أَنَّهُ مُسْلِم , وَبَيْن رَجُل مِنْ الْيَهُود خُصُومَة , فَقَالَ الْيَهُودِيّ : أُحَاكِمك إِلَى أَهْل دِينك , أَوْ قَالَ : إِلَى النَّبِيّ ; لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَأْخُذ الرِّشْوَة فِي الْحُكْم . فَاخْتَلَفَا , فَاتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَأْتِيَا كَاهِنًا فِي جُهَيْنَة , قَالَ : فَنَزَلَتْ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك } يَعْنِي : الَّذِي مِنْ الْأَنْصَار { وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك } يَعْنِي : الْيَهُودِيّ { يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوت } إِلَى الْكَاهِن { وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ } يَعْنِي : أُمِرَ هَذَا فِي كِتَابه , وَأُمِرَ هَذَا فِي كِتَابه . وَتَلَا : { وَيُرِيد الشَّيْطَان أَنْ يُضِلّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا } , وَقَرَأَ : { فَلَا وَرَبّك لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شَجَرَ بَيْنهمْ } إِلَى : { وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } . )7818 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : زَعَمَ حَضْرَمِيّ (أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْيَهُود كَانَ قَدْ أَسْلَمَ , فَكَانَتْ بَيْنه وَبَيْن رَجُل مِنْ الْيَهُود مُدَارَأَة فِي حَقّ , فَقَالَ الْيَهُودِيّ لَهُ : اِنْطَلِقْ إِلَى نَبِيّ اللَّه ! فَعَرَفَ أَنَّهُ سَيَقْضِي عَلَيْهِ . قَالَ : فَأَبَى , فَانْطَلَقَا إِلَى رَجُل مِنْ الْكُهَّان , فَتَحَاكَمَا إِلَيْهِ . قَالَ اللَّه : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوت } . )7819 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك } . .. الْآيَة , حَتَّى بَلَغَ : { ضَلَالًا بَعِيدًا } ذُكِرَ لَنَا أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي رَجُلَيْنِ : رَجُل مِنْ الْأَنْصَار يُقَال لَهُ بِشْر , وَفِي رَجُل مِنْ الْيَهُود فِي مُدَارَأَة كَانَتْ بَيْنهمَا فِي حَقّ , فَتَدَارَآ بَيْنهمَا فِيهِ , فَتَنَافَرَا إِلَى كَاهِن بِالْمَدِينَةِ يَحْكُم بَيْنهمَا , وَتَرَكَا نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَعَابَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ . وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ الْيَهُودِيّ كَانَ يَدْعُوهُ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَحْكُم بَيْنهمَا , وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنْ يَجُور عَلَيْهِ , فَجَعَلَ الْأَنْصَارِيّ يَأْبَى عَلَيْهِ وَهُوَ يَزْعُم أَنَّهُ مُسْلِم وَيَدْعُوهُ إِلَى الْكَاهِن , فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَا تَسْمَعُونَ , فَعَابَ ذَلِكَ عَلَى الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِم , وَعَلَى الْيَهُودِيّ الَّذِي هُوَ مِنْ أَهْل الْكِتَاب , فَقَالَ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك } . .. إِلَى قَوْله : { صُدُودًا } . )7820 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوت } قَالَ : كَانَ نَاس مِنْ الْيَهُود قَدْ أَسْلَمُوا وَنَافَقَ بَعْضهمْ , وَكَانَتْ قُرَيْظَة وَالنَّضِير فِي الْجَاهِلِيَّة إِذَا قُتِلَ الرَّجُل مِنْ بَنِي النَّضِير قَتَلَتْهُ بَنُو قُرَيْظَة قَتَلُوا بِهِ مِنْهُمْ , فَإِذَا قُتِلَ الرَّجُل مِنْ بَنِي قُرَيْظَة قَتَلَتْهُ النَّضِير , أَعْطَوْا دِيَته سِتِّينَ وَسْقًا مِنْ تَمْر . فَلَمَّا أَسْلَمَ نَاس مِنْ بَنِي قُرَيْظَة وَالنَّضِير , قَتَلَ رَجُل مِنْ بَنِي النَّضِير رَجُلًا مِنْ بَنِي قُرَيْظَة , فَتَحَاكَمُوا إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ النَّضِيرِيّ : يَا رَسُول اللَّه إِنَّا كُنَّا نُعْطِيهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّة الدِّيَة , فَنَحْنُ نُعْطِيهِمْ الْيَوْم ذَلِكَ . فَقَالَتْ قُرَيْظَة : لَا , وَلَكِنَّا إِخْوَانكُمْ فِي النَّسَب وَالدِّين , وَدِمَاؤُنَا مِثْل دِمَائِكُمْ , وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَغْلِبُونَنَا فِي الْجَاهِلِيَّة , فَقَدْ جَاءَ اللَّه بِالْإِسْلَامِ فَأَنْزَلَ اللَّه يُعَيِّرهُمْ بِمَا فَعَلُوا . فَقَالَ : { وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْس بِالنَّفْسِ } [5 54 ]فَعَيَّرَهُمْ , ثُمَّ ذَكَرَ قَوْل النَّضِيرِيّ : كُنَّا نُعْطِيهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّة سِتِّينَ وَسْقًا وَنَقْتُل مِنْهُمْ وَلَا يَقْتُلُونَ , فَقَالَ : { أَفَحُكْم الْجَاهِلِيَّة يَبْغُونَ } [5 50 ]. وَأَخَذَ النَّضِيرِيّ فَقَتَلَهُ بِصَاحِبِهِ . فَتَفَاخَرَتْ النَّضِير وَقُرَيْظَة , فَقَالَتْ النَّضِير : نَحْنُ أَكْرَم مِنْكُمْ , وَقَالَتْ قُرَيْظَة : نَحْنُ أَكْرَم مِنْكُمْ , وَدَخَلُوا الْمَدِينَة إِلَى أَبِي بَرْزَة الْكَاهِن الْأَسْلَمِيّ , فَقَالَ الْمُنَافِق مِنْ قُرَيْظَة وَالنَّضِير : اِنْطَلِقُوا إِلَى أَبِي بَرْزَة يُنَفِّر بَيْننَا ! وَقَالَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ قُرَيْظَة وَالنَّضِير : لَا , بَلْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَفِّر بَيْننَا , فَتَعَالَوْا إِلَيْهِ ! فَأَبَى الْمُنَافِقُونَ , وَانْطَلَقُوا إِلَى أَبِي بَرْزَة فَسَأَلُوهُ , فَقَالَ : أَعْظِمُوا اللُّقْمَة ! يَقُول : أَعْظِمُوا الْخَطَر . فَقَالُوا : لَك عَشَرَة أَوْسَاق , قَالَ : لَا , بَلْ مِائَة وَسْق دِيَتِي , فَإِنِّي أَخَاف أَنْ أُنَفِّر النَّضِير فَتَقْتُلنِي قُرَيْظَة , أَوْ أُنَفِّر قُرَيْظَة فَتَقْتُلنِي النَّضِير فَأَبَوْا أَنْ يُعْطُوهُ فَوْق عَشَرَة أَوْسَاق , وَأَبَى أَنْ يَحْكُم بَيْنهمْ , فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوت } وَهُوَ أَبُو بَرْزَة , وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ , إِلَى قَوْله : { وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } . )وَقَالَ آخَرُونَ : الطَّاغُوت فِي هَذَا الْمَوْضِع : هُوَ كَعْب بْن الْأَشْرَف . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7821 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوت وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ } وَالطَّاغُوت : رَجُل مِنْ الْيَهُود كَانَ يُقَال لَهُ كَعْب بْن الْأَشْرَف , وَكَانُوا إِذَا مَا دُعُوا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّه وَإِلَى الرَّسُول لِيَحْكُم بَيْنهمْ قَالُوا : بَلْ نُحَاكِمكُمْ إِلَى كَعْب ; فَذَلِكَ قَوْله : { يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوت } . .. الْآيَة . )7822 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك } قَالَ : تَنَازَعَ رَجُل مِنْ الْمُنَافِقِينَ وَرَجُل مِنْ الْيَهُود , فَقَالَ الْمُنَافِق : اِذْهَبْ بِنَا إِلَى كَعْب بْن الْأَشْرَف ! وَقَالَ الْيَهُودِيّ : اِذْهَبْ بِنَا إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! فَقَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ } . .. الْآيَة وَاَلَّتِي تَلِيهَا فِيهِمْ أَيْضًا . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك } فَذَكَرَ مِثْله , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : وَقَالَ الْيَهُودِيّ : اِذْهَبْ بِنَا إِلَى مُحَمَّد . 7823 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس فِي قَوْله : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك } . .. إِلَى قَوْله : { ضَلَالًا بَعِيدًا } قَالَ : كَانَ رَجُلَانِ مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنهمَا خُصُومَة , أَحَدهمْ مُؤْمِن , وَالْآخَر مُنَافِق . فَدَعَاهُ الْمُؤْمِن إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَدَعَاهُ الْمُنَافِق إِلَى كَعْب بْن الْأَشْرَف , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّه وَإِلَى الرَّسُول رَأَيْت الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْك صُدُودًا } . )8824 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوت } قَالَ : تَنَازَعَ رَجُل مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَرَجُل مِنْ الْيَهُود , فَقَالَ الْيَهُودِيّ : اِذْهَبْ بِنَا إِلَى كَعْب بْن الْأَشْرَف , وَقَالَ الْمُؤْمِن : اِذْهَبْ بِنَا إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ اللَّه : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك } . .. إِلَى قَوْله : { صُدُودًا } . قَالَ اِبْن جُرَيْج : يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك , قَالَ : الْقُرْآن , وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك , قَالَ : التَّوْرَاة . قَالَ : يَكُون بَيْن الْمُسْلِم وَالْمُنَافِق الْحَقّ , فَيَدْعُوهُ الْمُسْلِم إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُحَاكِمهُ إِلَيْهِ , فَيَأْبَى الْمُنَافِق وَيَدْعُوهُ إِلَى الطَّاغُوت . قَالَ اِبْن جُرَيْج : قَالَ مُجَاهِد : الطَّاغُوت : كَعْب بْن الْأَشْرَف . )7825 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوت } هُوَ كَعْب بْن الْأَشْرَف . )وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الطَّاغُوت فِي غَيْر هَذَا الْمَوْضِع , فَكَرِهْنَا إِعَادَته .|وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا| { وَيُرِيد الشَّيْطَان أَنْ يُضِلّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا } يَعْنِي أَنَّ الشَّيْطَان يُرِيد أَنْ يَصُدّ هَؤُلَاءِ الْمُتَحَاكِمِينَ إِلَى الطَّاغُوت عَنْ سَبِيل الْحَقّ وَالْهُدَى , فَيُضِلّهُمْ عَنْهَا ضَلَالًا بَعِيدًا , يَعْنِي : فَيَجُور بِهِمْ عَنْهَا جَوْرًا شَدِيدًا .

وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّه وَإِلَى الرَّسُول رَأَيْت الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْك صُدُودًا } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : أَلَمْ تَرَ يَا مُحَمَّد إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك مِنْ الْمُنَافِقِينَ , وَإِلَى الَّذِي يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك مِنْ أَهْل الْكِتَاب , يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوت , { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّه } يَعْنِي بِذَلِكَ : وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ : تَعَالَوْا هَلُمُّوا إِلَى حُكْم اللَّه الَّذِي أَنْزَلَهُ فِي كِتَابه , { وَإِلَى الرَّسُول } لِيَحْكُم بَيْننَا , { رَأَيْت الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْك } يَعْنِي بِذَلِكَ : يَمْتَنِعُونَ مِنْ الْمَصِير إِلَيْك لِتَحْكُم بَيْنهمْ , وَيَمْنَعُونَ مِنْ الْمَصِير إِلَيْك كَذَلِكَ غَيْرهمْ صُدُودًا . وَقَالَ اِبْن جُرَيْج فِي ذَلِكَ بِمَا : 7826 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : ( { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّه وَإِلَى الرَّسُول } قَالَ : دَعَا الْمُسْلِمُ الْمُنَافِقَ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَحْكُم , قَالَ : رَأَيْت الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْك صُدُودًا . )وَأَمَّا عَلَى تَأْوِيل قَوْل مَنْ جَعَلَ الدَّاعِي إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَهُودِيّ وَالْمَدْعُوّ إِلَيْهِ الْمُنَافِق عَلَى مَا ذَكَرْت مِنْ أَقْوَال مَنْ قَالَ ذَلِكَ فِي تَأْوِيل قَوْله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك } فَإِنَّهُ عَلَى مَا بَيَّنْت قَبْل.

فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا

يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَكَيْفَ بِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوت , وَهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك|إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ|يَعْنِي : إِذَا نَزَلَتْ بِهِمْ نِقْمَة مِنْ اللَّه ,|بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ|يَعْنِي : بِذُنُوبِهِمْ الَّتِي سَلَفَتْ مِنْهُمْ ,|ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ|يَقُول : ثُمَّ جَاءُوك يَحْلِفُونَ بِاَللَّهِ كَذِبًا وَزُورًا ,|إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا|وَهَذَا خَبَر مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره عَنْ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ أَنَّهُمْ لَا يَرْدَعهُمْ عَنْ النِّفَاق الْعِبَر وَالنِّقَم , وَأَنَّهُمْ وَإِنْ تَأْتِهِمْ عُقُوبَة مِنْ اللَّه عَلَى تَحَاكُمهمْ إِلَى الطَّاغُوت , لَمْ يُنِيبُوا وَلَمْ يَتُوبُوا , وَلَكِنَّهُمْ يَحْلِفُونَ بِاَللَّهِ كَذِبًا وَجُرْأَة عَلَى اللَّه مَا أَرَدْنَا بِاحْتِكَامِنَا إِلَيْهِ إِلَّا الْإِحْسَان مِنْ بَعْضنَا إِلَى بَعْض , وَالصَّوَاب فِيمَا اِحْتَكَمْنَا فِيهِ إِلَيْهِ .

أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَم اللَّه مَا فِي قُلُوبهمْ } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { أُولَئِكَ } هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ وَصَفْت لَك يَا مُحَمَّد صِفَتهمْ , يَعْلَم اللَّه مَا فِي قُلُوبهمْ - فِي اِحْتِكَامهمْ إِلَى الطَّاغُوت , وَتَرْكهمْ الِاحْتِكَام إِلَيْك , وَصُدُودهمْ عَنْك - مِنْ النِّفَاق وَالزَّيْغ , وَإِنْ حَلَفُوا بِاَللَّهِ مَا أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا ,|فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ|يَقُول : فَدَعْهُمْ فَلَا تُعَاقِبهمْ فِي أَبْدَانهمْ وَأَجْسَامهمْ , وَلَكِنْ عِظْهُمْ بِتَخْوِيفِك إِيَّاهُمْ بَأْس اللَّه أَنْ يَحِلّ بِهِمْ , وَعُقُوبَته أَنْ تَنْزِل بِدَارِهِمْ , وَحَذِّرْهُمْ مِنْ مَكْرُوه مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الشَّكّ فِي أَمْر اللَّه وَأَمْر رَسُوله .|وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا|يَقُول : مُرْهُمْ بِاتِّقَاءِ اللَّه وَالتَّصْدِيق بِهِ وَبِرَسُولِهِ وَوَعْده وَوَعِيده.

وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُول إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّه } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : لَمْ نُرْسِل يَا مُحَمَّد رَسُولًا إِلَّا فَرَضْت طَاعَته عَلَى مَنْ أَرْسَلْته إِلَيْهِ , يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَأَنْتَ يَا مُحَمَّد مِنْ الرُّسُل الَّذِينَ فَرَضْت طَاعَتهمْ عَلَى مَنْ أَرْسَلْته إِلَيْهِ . وَإِنَّمَا هَذَا مِنْ اللَّه تَوْبِيخ لِلْمُحْتَكِمِينَ مِنْ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ كَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا اِخْتَصَمُوا فِيهِ إِلَى الطَّاغُوت , صُدُودًا عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . يَقُول لَهُمْ تَعَالَى ذِكْره : مَا أَرْسَلْت رَسُولًا إِلَّا فَرَضْت طَاعَته عَلَى مَنْ أَرْسَلْته إِلَيْهِ , فَمُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أُولَئِكَ الرُّسُل , فَمَنْ تَرَكَ طَاعَته وَالرِّضَا بِحُكْمِهِ وَاحْتَكَمَ إِلَى الطَّاغُوت , فَقَدْ خَالَفَ أَمْرِي وَضَيَّعَ فَرْضِي . ثُمَّ أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّ مَنْ أَطَاعَ رُسُله , فَإِنَّمَا يُطِيعهُمْ بِإِذْنِهِ , يَعْنِي بِتَقْدِيرِهِ ذَلِكَ وَقَضَائِهِ السَّابِق فِي عِلْمه وَمَشِيئَته . كَمَا : 7827 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : ( { إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّه } وَاجِب لَهُمْ أَنْ يُطِيعهُ مَنْ شَاءَ اللَّه , وَلَا يُطِيعهُمْ أَحَد إِلَّا بِإِذْنِ اللَّه . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد مِثْله . وَإِنَّمَا هَذَا تَعْرِيض مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره لِهَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ تَرْكهمْ طَاعَة اللَّه وَطَاعَة رَسُوله وَالرِّضَا بِحُكْمِهِ , إِنَّمَا هُوَ لِلسَّابِقِ لَهُمْ مِنْ خِذْلَانه وَغَلَبَة الشَّقَاء عَلَيْهِمْ , وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانُوا مِمَّنْ أَذِنَ لَهُ فِي الرِّضَا بِحُكْمِهِ وَالْمُسَارَعَة إِلَى طَاعَته .|وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ جَاءُوك فَاسْتَغْفَرُوا اللَّه وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُول } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَلَوْ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتهمْ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ , الَّذِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى حُكْم اللَّه وَحُكْم رَسُوله صَدُّوا صُدُودًا , إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ بِاكْتِسَابِهِمْ إِيَّاهَا الْعَظِيم مِنْ الْإِثْم فِي اِحْتِكَامهمْ إِلَى الطَّاغُوت وَصُدُودهمْ عَنْ كِتَاب اللَّه وَسُنَّة رَسُوله , إِذَا دُعُوا إِلَيْهَا جَاءُوك يَا مُحَمَّد حِين فَعَلُوا مَا فَعَلُوا مِنْ مَصِيرهمْ إِلَى الطَّاغُوت رَاضِينَ بِحُكْمِهِ دُون حُكْمك , جَاءُوك تَائِبِينَ مُنِيبِينَ , فَسَأَلُوا اللَّه أَنْ يَصْفَح لَهُمْ عَنْ عُقُوبَة ذَنْبهمْ بِتَغْطِيَتِهِ عَلَيْهِمْ , وَسَأَلَ لَهُمْ اللَّهَ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْل ذَلِكَ . وَذَلِكَ هُوَ مَعْنَى قَوْله : { فَاسْتَغْفَرُوا اللَّه وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُول } . وَقَالَ مُجَاهِد : عُنِيَ بِذَلِكَ : الْيَهُودِيّ وَالْمُسْلِم اللَّذَانِ تَحَاكَمَا إِلَى كَعْب بْن الْأَشْرَف . 7828 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : ( { ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ } . .. إِلَى قَوْله : { وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } قَالَ : إِنَّ هَذَا فِي الرَّجُل الْيَهُودِيّ وَالرَّجُل الْمُسْلِم اللَّذَيْنِ تَحَاكَمَا إِلَى كَعْب بْن الْأَشْرَف .)|لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا|وَأَمَّا قَوْله : { لَوَجَدُوا اللَّه تَوَّابًا رَحِيمًا } فَإِنَّهُ يَقُول : لَوْ كَانُوا فَعَلُوا ذَلِكَ فَتَابُوا مِنْ ذُنُوبهمْ لَوَجَدُوا اللَّه تَوَّابًا , يَقُول : رَاجِعًا لَهُمْ مِمَّا يَكْرَهُونَ إِلَى مَا يُحِبُّونَ , رَحِيمًا بِهِمْ فِي تَرْكه عُقُوبَتهمْ عَلَى ذَنْبهمْ الَّذِي تَابُوا مِنْهُ.

فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلَا وَرَبّك لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شَجَرَ بَيْنهمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسهمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْت وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { فَلَا } فَلَيْسَ الْأَمْر كَمَا يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك , وَهُمْ يَتَحَاكَمُونَ إِلَى الطَّاغُوت , وَيَصُدُّونَ عَنْك إِذَا دُعُوا إِلَيْك يَا مُحَمَّد . وَاسْتَأْنَفَ الْقَسَم جَلَّ ذِكْره , فَقَالَ : { وَرَبّك } يَا مُحَمَّد { لَا يُؤْمِنُونَ } أَيْ لَا يُصَدِّقُونَ بِي وَبِك , وَبِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك , { حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شَجَرَ بَيْنهمْ } يَقُول : حَتَّى يَجْعَلُوك حَكَمًا بَيْنهمْ فِيمَا اِخْتَلَطَ بَيْنهمْ مِنْ أُمُورهمْ , فَالْتَبَسَ عَلَيْهِمْ حُكْمه , يُقَال : شَجَرَ يَشْجُر شُجُورًا وَشَجَرًا , وَتَشَاجَرَ الْقَوْم إِذَا اِخْتَلَفُوا فِي الْكَلَام وَالْأَمْر مُشَاجَرَة وَشِجَارًا { ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسهمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْت } يَقُول : لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسهمْ ضِيقًا مِمَّا قَضَيْت , وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ : ثُمَّ لَا تَحْرَج أَنْفُسهمْ مِمَّا قَضَيْت : أَيْ لَا تَأْثَم بِإِنْكَارِهَا مَا قَضَيْت وَشَكِّهَا فِي طَاعَتك وَأَنَّ الَّذِي قَضَيْت بِهِ بَيْنهمْ حَقّ لَا يَجُوز لَهُمْ خِلَافه . كَمَا : 7829 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { حَرَجًا مِمَّا قَضَيْت } قَالَ : شَكًّا . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { حَرَجًا مِمَّا قَضَيْت } يَقُول : شَكًّا . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد مِثْله . 7830 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْله : ( { ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسهمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْت } قَالَ : إِثْمًا { وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } يَقُول : وَيُسَلِّمُوا لِقَضَائِك وَحُكْمك , إِذْعَانًا مِنْهُمْ بِالطَّاعَةِ , وَإِقْرَارًا لَك بِالنُّبُوَّةِ تَسْلِيمًا . )وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِيمَنْ عُنِيَ بِهَذِهِ الْآيَة وَفِيمَنْ نَزَلَتْ , فَقَالَ بَعْضهمْ : نَزَلَتْ فِي الزُّبَيْر بْن الْعَوَّام وَخَصْم لَهُ مِنْ الْأَنْصَار , اِخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْض الْأُمُور . ذِكْر الرِّوَايَة بِذَلِكَ : 7831 - حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُس وَاللَّيْث بْن سَعْد , عَنْ اِبْن شِهَاب , أَنَّ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر حَدَّثَهُ , أَنَّ عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر حَدَّثَهُ , عَنْ الزُّبَيْر بْن الْعَوَّام : (أَنَّهُ خَاصَمَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَار قَدْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شِرَاج مِنْ الْحَرَّة كَانَا يَسْقِيَانِ بِهِ كِلَاهُمَا النَّخْل , فَقَالَ الْأَنْصَارِيّ : سَرِّحْ الْمَاء يَمُرّ ! فَأَبَى عَلَيْهِ , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | اِسْقِ يَا زُبَيْر ثُمَّ أَرْسِلْ الْمَاء إِلَى جَارك ! | فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيّ وَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه , أَنْ كَانَ اِبْن عَمَّتك ؟ فَتَلَوَّنَ وَجْه رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ قَالَ : | اِسْقِ يَا زُبَيْر ثُمَّ اِحْبِسْ الْمَاء حَتَّى يَرْجِع إِلَى الْجَدْر ثُمَّ أَرْسِلْ الْمَاء إِلَى جَارك ! | وَاسْتَوْعَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرِ حَقّه قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب : | اِسْتَوْعَبَ | . وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْل ذَلِكَ أَشَارَ عَلَى الزُّبَيْر بِرَأْيٍ أَرَادَ فِيهِ الشَّفَقَة لَهُ وَلِلْأَنْصَارِيِّ , فَلَمَّا أَحْفَظَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَنْصَارِيّ اِسْتَوْعَبَ لِلزُّبَيْرِ حَقّه فِي صَرِيح الْحُكْم . قَالَ : فَقَالَ الزُّبَيْر : مَا أَحْسَب هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ إِلَّا فِي ذَلِكَ : { فَلَا وَرَبّك لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شَجَرَ بَيْنهمْ } . .. الْآيَة . )7832 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ عُرْوَة , قَالَ : (خَاصَمَ الزُّبَيْرَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَار فِي شَرْج مِنْ شِرَاج الْحَرَّة , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | يَا زُبَيْر , اِشْرَبْ ثُمَّ خَلِّ سَبِيل الْمَاء ! | فَقَالَ الَّذِي مِنْ الْأَنْصَار : اِعْدِلْ يَا نَبِيّ اللَّه وَإِنْ كَانَ اِبْن عَمَّتك ! قَالَ : فَتَغَيَّرَ وَجْه رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى عُرِفَ أَنْ قَدْ سَاءَهُ مَا قَالَ , ثُمَّ قَالَ : | يَا زُبَيْر اِحْبِسْ الْمَاء إِلَى الْجَدْر أَوْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ , ثُمَّ خَلِّ سَبِيل الْمَاء ! | , قَالَ : وَنَزَلَتْ : { فَلَا وَرَبّك لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شَجَرَ بَيْنهمْ } . )7833 - حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن عُمَيْر الرَّازِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر , قَالَ : ثنا سُفْيَان , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ سَلَمَة رَجُل مِنْ وَلَد أُمّ سَلَمَة , عَنْ أُمّ سَلَمَة : (أَنَّ الزُّبَيْر خَاصَمَ رَجُلًا إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَضَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرِ , فَقَالَ الرَّجُل لَمَّا قَضَى لِلزُّبَيْرِ : أَنْ كَانَ اِبْن عَمَّتك ؟ فَأَنْزَلَ اللَّه : { فَلَا وَرَبّك لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شَجَرَ بَيْنهمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسهمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْت وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي الْمُنَافِق وَالْيَهُودِيّ اللَّذَيْنِ وَصَفَ اللَّه صِفَتهمَا فِي قَوْله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوت } . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7834 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { فَلَا وَرَبّك لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شَجَرَ بَيْنهمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسهمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْت وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } قَالَ : هَذَا الرَّجُل الْيَهُودِيّ وَالرَّجُل الْمُسْلِم اللَّذَانِ تَحَاكَمَا إِلَى كَعْب بْن الْأَشْرَف . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7835 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ دَاوُد , عَنْ الشَّعْبِيّ بِنَحْوِهِ , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : إِلَى الْكَاهِن . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَهَذَا الْقَوْل - أَعْنِي قَوْل مَنْ قَالَ : عُنِيَ بِهِ الْمُحْتَكِمَانِ إِلَى الطَّاغُوت اللَّذَانِ وَصَفَ اللَّه شَأْنهمَا فِي قَوْله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك } - أَوْلَى بِالصَّوَابِ , لِأَنَّ قَوْله : { فَلَا وَرَبّك لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شَجَرَ بَيْنهمْ } فِي سِيَاق قِصَّة الَّذِينَ اِبْتَدَأَ اللَّه الْخَبَر عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك } , وَلَا دَلَالَة تَدُلّ عَلَى اِنْقِطَاع قِصَّتهمْ , فَإِلْحَاق بَعْض ذَلِكَ بِبَعْضٍ مَا لَمْ تَأْتِ دَلَالَة عَلَى اِنْقِطَاعه أَوْلَى . فَإِنْ ظَنَّ ظَانّ أَنَّ فِي الَّذِي رُوِيَ عَنْ الزُّبَيْر وَابْن الزُّبَيْر مِنْ قِصَّته وَقِصَّة الْأَنْصَارِيّ فِي شِرَاج الْحَرَّة , وَقَوْل مَنْ قَالَ فِي خَبَرهمَا , فَنَزَلَتْ : { فَلَا وَرَبّك لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شَجَرَ بَيْنهمْ } مَا يُنْبِئ عَنْ اِنْقِطَاع حُكْم هَذِهِ الْآيَة وَقِصَّتهَا مِنْ قِصَّة الْآيَات قَبْلهَا , فَإِنَّهُ غَيْر مُسْتَحِيل أَنْ تَكُون الْآيَة نَزَلَتْ فِي حِصَّة الْمُحْتَكِمِينَ إِلَى الطَّاغُوت , وَيَكُون فِيهَا بَيَان مَا اِحْتَكَمَ فِيهِ الزُّبَيْر وَصَاحِبه الْأَنْصَارِيّ , إِذْ كَانَتْ الْآيَة دَالَّة عَلَى ذَلِكَ . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ غَيْر مُسْتَحِيل , كَانَ إِلْحَاق مَعْنَى بَعْض ذَلِكَ بِبَعْضٍ أَوْلَى مَا دَامَ الْكَلَام مُتَّسِقَة مَعَانِيهِ عَلَى سِيَاق وَاحِد , إِلَّا أَنْ تَأْتِيَ دَلَالَة عَلَى اِنْقِطَاع بَعْض ذَلِكَ مِنْ بَعْض , فَيُعْدَل بِهِ عَنْ مَعْنَى مَا قَبْله . وَأَمَّا قَوْله : { وَيُسَلِّمُوا } فَإِنَّهُ مَنْصُوب عَطْفًا عَلَى قَوْله : { ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسهمْ } . وَقَوْله : { ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسهمْ } نُصِبَ عَطْفًا عَلَى قَوْله : { حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شَجَرَ بَيْنهمْ } .

وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنْ اُقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ أَوْ اُخْرُجُوا مِنْ دِيَاركُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيل مِنْهُمْ } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنْ اُقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ } : وَلَوْ أَنَّا فَرَضْنَا عَلَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك الْمُحْتَكِمِينَ إِلَى الطَّاغُوت أَنْ يَقْتُلُوا أَنْفُسهمْ , وَأَمَرْنَاهُمْ بِذَلِكَ , أَوْ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ دِيَارهمْ مُهَاجِرِينَ مِنْهَا إِلَى دَار أُخْرَى سِوَاهَا مَا فَعَلُوهُ , يَقُول : مَا قَتَلُوا أَنْفُسهمْ بِأَيْدِيهِمْ , وَلَا هَاجَرُوا مِنْ دِيَارهمْ فَيَخْرُجُوا عَنْهَا إِلَى اللَّه وَرَسُوله طَاعَة لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ , إِلَّا قَلِيل مِنْهُمْ . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7836 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى : ( { وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنْ اُقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ } هُمْ يَهُود يَعْنِي : وَالْعَرَب - كَمَا أَمَرَ أَصْحَاب مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنْ اُقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ أَوْ اُخْرُجُوا مِنْ دِيَاركُمْ } كَمَا أُمِرَ أَصْحَاب مُوسَى أَنْ يَقْتُل بَعْضهمْ بَعْضًا بِالْخَنَاجِرِ لَمْ يَفْعَلُوا إِلَّا قَلِيل مِنْهُمْ . )7837 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنْ اُقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ أَوْ اُخْرُجُوا مِنْ دِيَاركُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيل مِنْهُمْ } اِفْتَخَرَ ثَابِت بْن قَيْس بْن شَمَّاس وَرَجُل مِنْ يَهُود , فَقَالَ الْيَهُودِيّ : وَاَللَّه لَقَدْ كَتَبَ اللَّه عَلَيْنَا أَنْ اُقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ , فَقَتَلْنَا أَنْفُسنَا ! فَقَالَ ثَابِت : وَاَللَّه لَوْ كُتِبَ عَلَيْنَا أَنْ اُقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ لَقَتَلْنَا أَنْفُسنَا ! فَأَنْزَلَ اللَّه فِي هَذَا : { وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدّ تَثْبِيتًا } . )8738 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو زُهَيْر , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق السَّبِيعِيّ , قَالَ : (لَمَّا نَزَلَتْ : { وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنْ اُقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ أَوْ اُخْرُجُوا مِنْ دِيَاركُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيل مِنْهُمْ } قَالَ رَجُل : لَوْ أُمِرْنَا لَفَعَلْنَا , وَالْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي عَافَانَا ! فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : | إِنَّ مِنْ أُمَّتِي لَرِجَالًا الْإِيمَان أَثْبَت فِي قُلُوبهمْ مِنْ الْجِبَال الرَّوَاسِي . )وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه الرَّفْع فِي قَوْله : { إِلَّا قَلِيل مِنْهُمْ } فَكَانَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة يَزْعُم أَنَّهُ رُفِعَ | قَلِيل | لِأَنَّهُ جُعِلَ بَدَلًا مِنْ الْأَسْمَاء الْمُضْمَرَة فِي قَوْله : { مَا فَعَلُوهُ } لِأَنَّ الْفِعْل لَهُمْ . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : إِنَّمَا رُفِعَ عَلَى نِيَّة التَّكْرِير , كَأَنَّ مَعْنَاهُ : مَا فَعَلُوهُ مَا فَعَلَهُ إِلَّا قَلِيل مِنْهُمْ , كَمَا قَالَ عَمْرو بْن مَعْدِيَكْرِبَ : <br>وَكُلّ أَخ مُفَارِقه أَخُوهُ .......... لَعَمْر أَبِيك إِلَّا الْفَرْقَدَانِ <br>وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : رُفِعَ | الْقَلِيل | بِالْمَعْنَى الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ قَوْله : { مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيل مِنْهُمْ } وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنْ اُقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ أَوْ اُخْرُجُوا مِنْ دِيَاركُمْ مَا فَعَلَهُ إِلَّا قَلِيل مِنْهُمْ . فَقِيلَ : | مَا فَعَلُوهُ | عَلَى الْخَبَر عَنْ الَّذِينَ مَضَى ذِكْرهمْ فِي قَوْله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك } , ثُمَّ اِسْتُثْنِيَ الْقَلِيل , فَرُفِعَ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا , إِذْ كَانَ الْفِعْل مَنْفِيًّا عَنْهُ . وَهِيَ فِي مَصَاحِف أَهْل الشَّام : | مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ | . وَإِذَا قُرِئَ كَذَلِكَ , فَلَا مَرَدّ بِهِ عَلَى قَارِئِهِ فِي إِعْرَابه , لِأَنَّهُ الْمَعْرُوف فِي كَلَام الْعَرَب , إِذْ كَانَ الْفِعْل مَشْغُولًا بِمَا فِيهِ كِنَايَة مَنْ قَدْ جَرَى ذِكْره , ثُمَّ اُسْتُثْنِيَ مِنْهُمْ الْقَلِيل .|وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدّ تَثْبِيتًا } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِكَ : وَلَوْ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك وَهُمْ يَتَحَاكَمُونَ إِلَى الطَّاغُوت , وَيَصُدُّونَ عَنْك صُدُودًا , { فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ } يَعْنِي : مَا يُذَكَّرُونَ بِهِ مِنْ طَاعَة اللَّه وَالِانْتِهَاء إِلَى أَمْرِهِ , { لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ } فِي عَاجِل دُنْيَاهُمْ وَآجِل مَعَادهمْ , { وَأَشَدّ تَثْبِيتًا } وَأَثْبَت لَهُمْ فِي أُمُورهمْ , وَأَقْوَم لَهُمْ عَلَيْهَا . وَذَلِكَ أَنَّ الْمُنَافِق يَعْمَل عَلَى شَكّ , فَعَمَله يَذْهَب بَاطِلًا , وَغَنَاؤُهُ يَضْمَحِلّ فَيَصِير هَبَاء , وَهُوَ بِشَكِّهِ يَعْمَل عَلَى وَنَاءٍ وَضَعْف , وَلَوْ عَمِلَ عَلَى بَصِيرَة لَاكْتَسَبَ بِعَمَلِهِ أَجْرًا وَلَكَانَ لَهُ عِنْد اللَّه ذُخْرًا وَكَانَ عَلَى عَمَله الَّذِي يَعْمَل أَقْوَى لِنَفْسِهِ وَأَشَدّ تَثْبِيتًا لِإِيمَانِهِ بِوَعْدِ اللَّه عَلَى طَاعَته وَعَمَله الَّذِي يَعْمَلهُ . وَلِذَلِكَ قَالَ مَنْ قَالَ : مَعْنَى قَوْله : { وَأَشَدّ تَثْبِيتًا } : تَصْدِيقًا . كَمَا : 7839 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدّ تَثْبِيتًا } قَالَ : تَصْدِيقًا , لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ مُصَدِّقًا كَانَ لِنَفْسِهِ أَشَدّ تَثْبِيتًا وَلِعَزْمِهِ فِيهِ أَشَدّ تَصْحِيحًا . )وَهُوَ نَظِير قَوْله جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَمَثَل الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالهمْ اِبْتِغَاء مَرْضَاة اللَّه وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسهمْ } [2 265 ]وَقَدْ أَتَيْنَا عَلَى بَيَان ذَلِكَ فِي مَوْضِعه بِمَا فِيهِ كِفَايَة مِنْ إِعَادَته.

وَإِذًا لَآَتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ } لِإِيتَائِنَا إِيَّاهُمْ عَلَى فِعْلهمْ مَا وُعِظُوا بِهِ مِنْ طَاعَتنَا وَالِانْتِهَاء إِلَى أَمْرنَا { أَجْرًا } يَعْنِي : جَزَاء وَثَوَابًا عَظِيمًا , وَأَشَدّ تَثْبِيتًا لِعَزَائِمِهِمْ وَآرَائِهِمْ , وَأَقْوَى لَهُمْ عَلَى أَعْمَالهمْ لِهِدَايَتِنَا إِيَّاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا , يَعْنِي : طَرِيقًا لَا اِعْوِجَاج فِيهِ , وَهُوَ دِين اللَّه الْقَوِيم الَّذِي اِخْتَارَهُ لِعِبَادِهِ وَشَرَعَهُ لَهُمْ , وَذَلِكَ الْإِسْلَام .

وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا

وَمَعْنَى قَوْله : { وَلَهَدَيْنَاهُمْ } وَلَوَفَّقْنَاهُمْ لِلصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيم . ثُمَّ ذَكَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مَا وَعَدَ أَهْل طَاعَته وَطَاعَة رَسُوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام مِنْ الْكَرَامَة الدَّائِمَة لَدَيْهِ وَالْمَنَازِل الرَّفِيعَة عِنْده . فَقَالَ : { وَمَنْ يُطِعْ اللَّه وَالرَّسُول فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ } ... الْآيَة .

وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ يُطِعْ اللَّه وَالرَّسُول فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَمَنْ يُطِعْ اللَّه وَالرَّسُول بِالتَّسْلِيمِ لِأَمْرِهِمَا , وَإِخْلَاص الرِّضَا بِحُكْمِهِمَا , وَالِانْتِهَاء إِلَى أَمْرهمَا , وَالِانْزِجَار عَمَّا نُهِيَا عَنْهُ مِنْ مَعْصِيَة اللَّه , فَهُوَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِمْ بِهِدَايَتِهِ وَالتَّوْفِيق لِطَاعَتِهِ فِي الدُّنْيَا مِنْ أَنْبِيَائِهِ وَفِي الْآخِرَة إِذَا دَخَلَ الْجَنَّة . { وَالصِّدِّيقِينَ } وَهُمْ جَمْع صِدِّيق . وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى الصِّدِّيقِينَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : الصِّدِّيقُونَ : تُبَّاع الْأَنْبِيَاء الَّذِينَ صَدَّقُوهُمْ وَاتَّبَعُوا مِنْهَاجهمْ بَعْدهمْ حَتَّى لَحِقُوا بِهِمْ . فَكَأَنَّ | الصِّدِّيق فِعِّيل | عَلَى مَذْهَب قَائِلِي هَذِهِ الْمَقَالَة مِنْ الصِّدْق , كَمَا يُقَال رَجُل سِكِّير مِنْ السُّكْر , إِذَا كَانَ مُدْمِنًا عَلَى ذَلِكَ , وَشِرِّيب وَخِمِّير . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ فِعِّيل مِنْ الصَّدَقَة . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّه بِنَحْوِ تَأْوِيل مَنْ قَالَ ذَلِكَ ; وَهُوَ مَا : 7840 - حَدَّثَنَا بِهِ سُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَ : ثنا خَالِد بْن مَخْلَد , عَنْ مُوسَى بْن يَعْقُوب , قَالَ : أَخْبَرَتْنِي عَمَّتِي قَرِيبَة بِنْت عَبْد اللَّه بْن وَهْب بْن زَمْعَة , عَنْ أُمّهَا كَرِيمَة بِنْت الْمِقْدَاد , عَنْ ضُبَاعَة بِنْت الزُّبَيْر , وَكَانَتْ تَحْت الْمِقْدَاد عَنْ الْمِقْدَاد , قَالَ : (قُلْت لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : شَيْء سَمِعْته مِنْك شَكَكْت فِيهِ ! قَالَ : | إِذَا شَكَّ أَحَدكُمْ فِي الْأَمْر فَلْيَسْأَلْنِي عَنْهُ ! | قَالَ : قُلْت قَوْلك فِي أَزْوَاجك : إِنِّي لَأَرْجُو لَهُنَّ مِنْ بَعْدِي الصِّدِّيقِينَ ؟ قَالَ : | مَنْ تَعْنُونَ الصِّدِّيقِينَ ؟ | قُلْت : أَوْلَادنَا الَّذِينَ يَهْلِكُونَ صِغَارًا . قَالَ : | لَا , وَلَكِنَّ الصِّدِّيقِينَ هُمْ الْمُصَدِّقُونَ . )وَهَذَا خَبَر لَوْ كَانَ إِسْنَاده صَحِيحًا لَمْ نَسْتَجِز أَنْ نَعْدُوَهُ إِلَى غَيْره , وَلَوْ كَانَ فِي إِسْنَاده بَعْض مَا فِيهِ . فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَاَلَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالصِّدِّيقِ أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ الْمُصَدِّق قَوْله بِفِعْلِهِ , إِذْ كَانَ الْفِعِّيل فِي كَلَام الْعَرَب إِنَّمَا يَأْتِي إِذَا كَانَ مَأْخُوذًا مِنْ الْفِعْل بِمَعْنَى الْمُبَالَغَة , إِمَّا فِي الْمَدْح وَإِمَّا فِي الذَّمّ , وَمِنْهُ قَوْله جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي صِفَة مَرْيَم : { وَأُمّه صِدِّيقَة } [5 75 ]وَإِذَا كَانَ مَعْنَى ذَلِكَ مَا وَصَفْنَا , كَانَ دَاخِلًا مَنْ كَانَ مَوْصُوفًا بِمَا قُلْنَا فِي صِفَة الْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُصَدِّقِينَ ; { وَالشُّهَدَاء } وَهُمْ جَمْع شَهِيد : وَهُوَ الْمَقْتُول فِي سَبِيل اللَّه , سُمِّيَ بِذَلِكَ لِقِيَامِهِ بِشَهَادَةِ الْحَقّ فِي جَنْب اللَّه حَتَّى قُتِلَ . { وَالصَّالِحِينَ } وَهُمْ جَمْع صَالِح : وَهُوَ كُلّ مَنْ صَلُحَتْ سَرِيرَته وَعَلَانِيَته . وَأَمَّا قَوْله جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا } فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَحَسُنَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ نَعَتَهُمْ وَوَصَفَهُمْ رُفَقَاء فِي الْجَنَّة . وَالرَّفِيق فِي لَفْظ الْوَاحِد بِمَعْنَى الْجَمِيع , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>نَصَبْنَ الْهَوَى ثُمَّ اِرْتَمَيْنَ قُلُوبنَا .......... بَأْسهمْ أَعْدَاء وَهُنَّ صَدِيق <br>بِمَعْنَى : وَهُنَّ صَدَائِق . وَأَمَّا نَصْب | الرَّفِيق | فَإِنَّ أَهْل الْعَرَبِيَّة مُخْتَلِفُونَ فِيهِ , فَكَانَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة يَرَى أَنَّهُ مَنْصُوب عَلَى الْحَال , وَيَقُول : هُوَ كَقَوْلِ الرَّجُل : كَرُمَ زَيْد رَجُلًا , وَيَعْدِل بِهِ عَنْ مَعْنَى : نِعْمَ الرَّجُل , وَيَقُول : إِنَّ نِعْمَ لَا تَقَع إِلَّا عَلَى اِسْم فِيهِ أَلِف وَلَام أَوْ عَلَى نَكِرَة . وَكَانَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة يَرَى أَنَّهُ مَنْصُوب عَلَى التَّفْسِير وَيُنْكِر أَنْ يَكُون حَالًا , وَيَسْتَشْهِد عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الْعَرَب تَقُول : كَرُمَ زَيْد مِنْ رَجُل , وَحَسُنَ أُولَئِكَ مِنْ رُفَقَاء ; وَأَنَّ دُخُول | مِنْ | دَلَالَة عَلَى أَنَّ الرَّفِيق مُفَسِّرَة . قَالَ : وَقَدْ حُكِيَ عَنْ الْعَرَب : نَعِمْتُمْ رِجَالًا , فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ نَظِير قَوْله : وَحَسُنْتُمْ رُفَقَاء . وَهَذَا الْقَوْل أَوْلَى بِالصَّوَابِ لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَا لِقَائِلِيهِ . وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ لِأَنَّ قَوْمًا حَزِنُوا عَلَى فَقْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَذَرًا أَنْ لَا يَرَوْهُ فِي الْآخِرَة . ذِكْر الرِّوَايَة بِذَلِكَ : 7841 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَعْقُوب الْقُمِّيّ , عَنْ جَعْفَر بْن أَبِي الْمُغِيرَة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (جَاءَ رَجُل مِنْ الْأَنْصَار إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَحْزُون , فَقَالَ لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | يَا فُلَان مَالِي أَرَاك مَحْزُونًا | ؟ قَالَ : يَا نَبِيّ اللَّه شَيْء فَكَّرْت فِيهِ . فَقَالَ : | مَا هُوَ ؟ | قَالَ : نَحْنُ نَغْدُو عَلَيْك وَنَرُوح , نَنْظُر فِي وَجْهك وَنُجَالِسك , غَدًا تُرْفَع مَعَ النَّبِيِّينَ فَلَا نَصِل إِلَيْك ! فَلَمْ يَرُدّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا . فَأَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بِهَذِهِ الْآيَة : { وَمَنْ يُطِعْ اللَّه وَالرَّسُول فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا } قَالَ : فَبَعَثَ إِلَيْهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَشَّرَهُ . )7842 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوق , قَالَ : قَالَ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (يَا رَسُول اللَّه مَا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نُفَارِقك فِي الدُّنْيَا , فَإِنَّك لَوْ قَدْ مُتّ رُفِعْت فَوْقنَا فَلَمْ نَرَك ! فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَمَنْ يُطِعْ اللَّه وَالرَّسُول } . .. الْآيَة . )7843 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَمَنْ يُطِعْ اللَّه وَالرَّسُول فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ } ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رِجَالًا قَالُوا : هَذَا نَبِيّ اللَّه نَرَاهُ فِي الدُّنْيَا , فَأَمَّا فِي الْآخِرَة فَيُرْفَع فَلَا نَرَاهُ ! فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَمَنْ يُطِعْ اللَّه وَالرَّسُول } . .. إِلَى قَوْله : { رَفِيقًا } . )7844 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَمَنْ يُطِعْ اللَّه وَالرَّسُول فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِمْ } . .. الْآيَة , قَالَ : قَالَ نَاس مِنْ الْأَنْصَار : يَا رَسُول اللَّه , إِذَا أَدْخَلَك اللَّه الْجَنَّة فَكُنْت فِي أَعْلَاهَا وَنَحْنُ نَشْتَاق إِلَيْك , فَكَيْفَ نَصْنَع ؟ فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَمَنْ يُطِعْ اللَّه وَالرَّسُول } . )7845 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , قَوْله : ( { وَمَنْ يُطِعْ اللَّه وَالرَّسُول } . .. الْآيَة , قَالَ : إِنَّ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا : قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ فَضْل عَلَى مَنْ آمَنَ بِهِ فِي دَرَجَات الْجَنَّة مِمَّنْ اِتَّبَعَهُ وَصَدَّقَهُ , فَكَيْفَ لَهُمْ إِذَا اِجْتَمَعُوا فِي الْجَنَّة أَنْ يَرَى بَعْضهمْ بَعْضًا ؟ فَأَنْزَلَ اللَّه فِي ذَلِكَ فَقَالَ : إِنَّ الْأَعْلَيْنَ يَنْحَدِرُونَ إِلَى مَنْ هُمْ أَسْفَل فَيَجْتَمِعُونَ فِي رِيَاضهَا , فَيَذْكُرُونَ مَا أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِمْ , وَيُثْنُونَ عَلَيْهِ , وَيَنْزِل لَهُمْ أَهْل الدَّرَجَات , فَيَسْعَوْنَ عَلَيْهِمْ بِمَا يَشْتَهُونَ وَمَا يَدْعُونَ بِهِ , فَهُمْ فِي رَوْضَة يُحْبَرُونَ وَيَتَنَعَّمُونَ فِيهِ .)

ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا

وَأَمَّا قَوْله : { ذَلِكَ الْفَضْل مِنْ اللَّه } فَإِنَّهُ يَقُول : كَوْن مَنْ أَطَاعَ اللَّه وَالرَّسُول مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ , { الْفَضْل مِنْ اللَّه } يَقُول ذَلِكَ عَطَاء اللَّه إِيَّاهُمْ وَفَضْله عَلَيْهِمْ , لَا بِاسْتِيجَابِهِمْ ذَلِكَ لِسَابِقَةٍ سَبَقَتْ لَهُمْ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : أَوَلَيْسَ بِالطَّاعَةِ وَصَلُوا إِلَى مَا وَصَلُوا إِلَيْهِ مِنْ فَضْله ؟ قِيلَ لَهُ : إِنَّهُمْ لَمْ يُطِيعُوهُ فِي الدُّنْيَا إِلَّا بِفَضْلِهِ الَّذِي تَفَضَّلَ بِهِ عَلَيْهِمْ فَهَدَاهُمْ بِهِ لِطَاعَتِهِ , فِعْل ذَلِكَ فَضْل مِنْهُ تَعَالَى ذِكْره .|وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا|وَقَوْله : { وَكَفَى بِاَللَّهِ عَلِيمًا } يَقُول : وَحَسْب الْعِبَاد بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَهُمْ عَلِيمًا بِطَاعَةِ الْمُطِيع مِنْهُمْ وَمَعْصِيَة الْعَاصِي , فَإِنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ يُحْصِيه عَلَيْهِمْ وَيَحْفَظهُ حَتَّى يُجَازِي جَمِيعهمْ , فَيَجْزِي الْمُحْسِن مِنْهُمْ بِالْإِحْسَانِ , وَالْمُسِيء مِنْهُمْ بِالْإِسَاءَةِ , وَيَعْفُو عَمَّنْ شَاءَ مِنْ أَهْل التَّوْحِيد.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْركُمْ فَانْفِرُوا ثُبَات أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا } </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } صَدَّقُوا اللَّه وَرَسُوله , { خُذُوا حِذْركُمْ } : خُذُوا جُنَّتكُمْ وَأَسْلِحَتكُمْ الَّتِي تَتَّقُونَ بِهَا مِنْ عَدُوّكُمْ لِغَزْوِهِمْ وَحَرْبهمْ . { فَانْفِرُوا } إِلَيْهِمْ { ثُبَات } وَهِيَ جَمْع ثُبَة , وَالثُّبَة : الْعُصْبَة ; وَمَعْنَى الْكَلَام : فَانْفِرُوا إِلَى عَدُوّكُمْ جَمَاعَة بَعْد جَمَاعَة مُتَسَلِّحِينَ , وَمِنْ الثُّبَة قَوْل زُهَيْر : <br>وَقَدْ أَغْدُوا عَلَى ثُبَةٍ كَرَامٍ .......... نَشَاوَى وَاجِدِينَ لِمَا نَشَاء <br>وَقَدْ تُجْمَع الثُّبَة عَلَى ثُبِينَ . { أَوْ اِنْفِرُوا جَمِيعًا } يَقُول : أَوْ اِنْفِرُوا جَمِيعًا مَعَ نَبِيّكُمْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقِتَالِهِمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7846 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { خُذُوا حِذْركُمْ فَانْفِرُوا ثُبَات } يَقُول : عُصَبًا , يَعْنِي : سَرَايَا مُتَفَرِّقِينَ , { أَوْ اِنْفِرُوا جَمِيعًا } يَعْنِي كُلّكُمْ . )7847 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : ( { فَانْفِرُوا ثُبَات } قَالَ : فِرَقًا قَلِيلًا قَلِيلًا . )7848 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { فَانْفِرُوا ثُبَات } قَالَ : الثُّبَات : الْفِرَق . )* - حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . 7849 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { فَانْفِرُوا ثُبَات } فَهِيَ الْعُصْبَة , وَهِيَ الثُّبَة . { أَوْ اِنْفِرُوا جَمِيعًا } مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . )7850 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { فَانْفِرُوا ثُبَات } يَعْنِي : عُصَبًا مُتَفَرِّقِينَ .)

وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَة قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّه عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا } </subtitle>وَهَذَا نَعْت مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره لِلْمُنَافِقِينَ , نَعَتَهُمْ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه وَوَصَفَهُمْ بِصِفَتِهِمْ , فَقَالَ : { وَإِنَّ مِنْكُمْ } أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ , يَعْنِي : مِنْ عِدَادكُمْ وَقَوْمكُمْ وَمَنْ يَتَشَبَّه بِكُمْ وَيُظْهِر أَنَّهُ مِنْ أَهْل دَعْوَتكُمْ وَمِلَّتكُمْ , وَهُوَ مُنَافِق يُبَطِّئ مَنْ أَطَاعَهُ مِنْكُمْ عَنْ جِهَاد عَدُوّكُمْ وَقِتَالهمْ إِذَا أَنْتُمْ نَفَرْتُمْ إِلَيْهِمْ . { فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَة } يَقُول : فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ هَزِيمَة , أَوْ نَالَكُمْ قَتْل أَوْ جِرَاح مِنْ عَدُوّكُمْ , قَالَ : قَدْ أَنْعَمَ اللَّه عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا , فَيُصِيبنِي جِرَاح أَوْ أَلَم أَوْ قَتْل , وَسَرَّهُ تَخَلُّفهُ عَنْكُمْ شَمَاتَة بِكُمْ , لِأَنَّهُ مِنْ أَهْل الشَّكّ فِي وَعْد اللَّه الَّذِي وَعَدَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا نَالَهُمْ فِي سَبِيله مِنْ الْأَجْر وَالثَّوَاب وَفِي وَعِيده , فَهُوَ غَيْر رَاجٍ ثَوَابًا وَلَا خَائِف عِقَابًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7851 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَة } . .. إِلَى قَوْله : { فَسَوْفَ نُؤْتِيه أَجْرًا عَظِيمًا } مَا بَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْمُنَافِقِينَ . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7852 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ } عَنْ الْجِهَاد وَالْغَزْو فِي سَبِيل اللَّه . { فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَة قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّه عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا } قَالَ : هَذَا قَوْل مُكَذَّب . )7853 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : (الْمُنَافِق يُبَطِّئ الْمُسْلِمِينَ عَنْ الْجِهَاد فِي سَبِيل اللَّه , قَالَ اللَّه : { فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَة } قَالَ : بِقَتْلِ الْعَدُوّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ , { قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّه عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا } قَالَ : هَذَا قَوْل الشَّامِت . )7854 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَة } قَالَ : هَزِيمَة . )وَدَخَلَتْ اللَّام فِي قَوْله { لَمَنْ } وَفُتِحَتْ لِأَنَّهَا اللَّام الَّتِي تَدْخُل تَوْكِيدًا لِلْخَبَرِ مَعَ | إِنَّ | , كَقَوْلِ الْقَائِل : إِنَّ فِي الدَّار لَمَنْ يُكْرِمك , وَأَمَّا اللَّام الثَّانِيَة الَّتِي فِي : { لَيُبَطِّئَنَّ } فَدَخَلَتْ لِجَوَابِ الْقَسَم , كَأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : وَإِنَّ مِنْكُمْ أَيّهَا الْقَوْم لَمَنْ وَاَللَّه لَيُبَطِّئَنَّ .

وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْل مِنْ اللَّه لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنكُمْ وَبَيْنه مَوَدَّة يَا لَيْتَنِي كُنْت مَعَهُمْ فَأَفُوز فَوْزًا عَظِيمًا } </subtitle>يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْل مِنْ اللَّه } : وَلَئِنْ أَظْفَرَكُمْ اللَّه بِعَدُوِّكُمْ , فَأَصَبْتُمْ مِنْهُمْ غَنِيمَة ; { لَيَقُولَنَّ } هَذَا الْمُبَطِّئ الْمُسْلِمِينَ عَنْ الْجِهَاد مَعَكُمْ فِي سَبِيل اللَّه الْمُنَافِق { كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنكُمْ وَبَيْنه مَوَدَّة يَا لَيْتَنِي كُنْت مَعَهُمْ فَأَفُوز } بِمَا أُصِيب مَعَهُمْ مِنْ الْغَنِيمَة { فَوْزًا عَظِيمًا } . وَهَذَا خَبَر مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره عَنْ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ أَنَّ شُهُودهمْ الْحَرْب مَعَ الْمُسْلِمِينَ إِنْ شَهِدُوهَا لِطَلَبِ الْغَنِيمَة , وَإِنْ تَخَلَّفُوا عَنْهَا فَلِلشَّكِّ الَّذِي فِي قُلُوبهمْ , وَأَنَّهُمْ لَا يَرْجُونَ لِحُضُورِهَا ثَوَابًا وَلَا يَخَافُونَ بِالتَّخَلُّفِ عَنْهَا مِنْ اللَّه عِقَابًا . وَكَانَ قَتَادَة وَابْن جُرَيْج يَقُولَانِ : إِنَّمَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنْ الْمُنَافِقِينَ إِذَا كَانَ الظَّفَر لِلْمُسْلِمِينَ : يَا لَيْتَنِي كُنْت مَعَهُمْ , حَسَدًا مِنْهُمْ لَهُمْ . 7855 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْل مِنْ اللَّه لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنكُمْ وَبَيْنه مَوَدَّة يَا لَيْتَنِي كُنْت مَعَهُمْ فَأَفُوز فَوْزًا عَظِيمًا } قَالَ : قَوْل حَاسِد . )7856 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : ( { وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْل مِنْ اللَّه } قَالَ : ظُهُور الْمُسْلِمِينَ عَلَى عَدُوّهُمْ , فَأَصَابُوا الْغَنِيمَة { لِيَقُولَنَّ } { يَا لَيْتَنِي كُنْت مَعَهُمْ فَأَفُوز فَوْزًا عَظِيمًا } قَالَ : قَوْل الْحَاسِد .)

فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآَخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا

وَهَذَا حَضّ مِنْ اللَّه الْمُؤْمِنِينَ عَلَى جِهَاد عَدُوِّهِ مِنْ أَهْل الْكُفْر بِهِ عَلَى أَحَايِينهمْ غَالِبِينَ كَانُوا أَوْ مَغْلُوبِينَ , وَالتَّهَاوُن بِأَحْوَالِ الْمُنَافِقِينَ فِي جِهَاد مَنْ جَاهَدُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ , وَقَعَ جِهَادهمْ إِيَّاهُمْ مَغْلُوبِينَ كَانُوا أَوْ غَالِبِينَ ; مَنْزِلَة مِنْ اللَّه رَفِيعَة . يَقُول اللَّه لَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيل اللَّه } يَعْنِي : فِي دِين اللَّه وَالدُّعَاء إِلَيْهِ وَالدُّخُول فِيمَا أَمَرَ بِهِ أَهْل الْكُفْر بِهِ ,|الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ| { الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاة الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ } يَعْنِي : الَّذِينَ يَبِيعُونَ حَيَاتهمْ الدُّنْيَا بِثَوَابِ الْآخِرَة وَمَا وَعَدَ اللَّه أَهْل طَاعَته فِيهَا . وَبَيْعهمْ إِيَّاهَا بِهَا , إِنْفَاقهمْ أَمْوَالهمْ فِي طَلَب رِضَا اللَّه , كَجِهَادِ مَنْ أُمِرَ بِجِهَادِهِ مِنْ أَعْدَائِهِ وَأَعْدَاء دِينه , وَبَذْلهمْ مُهَجهمْ لَهُ فِي ذَلِكَ . وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى أَنَّ الْأَغْلَب عَلَى مَعْنَى | شَرَيْت | فِي كَلَام الْعَرَب | بِعْت | بِمَا أَغْنَى . وَقَدْ : 7857 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيل اللَّه الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاة الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ } يَقُول : يَبِيعُونَ الْحَيَاة الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ . 7858 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : { يَشْرُونَ الْحَيَاة الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ } فَيَشْرِي : يَبِيع , وَيَشْرِي : يَأْخُذ , وَإِنَّ الْحَمْقَى بَاعُوا الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ .|وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ|أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِمَا لَهُمْ فِي ذَلِكَ إِذَا فَعَلُوهُ , فَقَالَ : { وَمَنْ يُقَاتِل فِي سَبِيل اللَّه فَيُقْتَل أَوْ يَغْلِب فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا } يَقُول : وَمَنْ يُقَاتِل فِي طَلَب إِقَامَة دِين اللَّه وَإِعْلَاء كَلِمَة اللَّه أَعْدَاء اللَّه , فَيُقْتَل , يَقُول : فَيَقْتُلهُ أَعْدَاء اللَّه أَوْ يَغْلِبهُمْ , فَيَظْفَر بِهِمْ .|فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا|يَقُول : فَسَوْفَ نُعْطِيه فِي الْآخِرَة ثَوَابًا وَأَجْرًا عَظِيمًا . وَلَيْسَ لِمَا سَمَّى جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَظِيمًا مِقْدَار يَعْرِف مَبْلَغه عِبَاد اللَّه.

وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيل اللَّه وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَان الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَة الظَّالِم أَهْلهَا } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَمَا لَكُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيل اللَّه , وَفِي الْمُسْتَضْعَفِينَ , يَقُول : عَنْ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْكُمْ مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَان . فَأَمَّا مِنْ الرِّجَال فَإِنَّهُمْ كَانُوا قَدْ أَسْلَمُوا بِمَكَّة , فَغَلَبَتْهُمْ عَشَائِرهمْ عَلَى أَنْفُسهمْ بِالْقَهْرِ لَهُمْ وَآذَوْهُمْ وَنَالُوهُمْ بِالْعَذَابِ وَالْمَكَارِه فِي أَبْدَانهمْ , لِيَفْتِنُوهُمْ عَنْ دِينهمْ . فَحَضَّ اللَّه الْمُؤْمِنِينَ عَلَى اِسْتِنْقَاذهمْ مِنْ أَيْدِي مَنْ قَدْ غَلَبَهُمْ عَلَى أَنْفُسهمْ مِنْ الْكُفَّار , فَقَالَ لَهُمْ : وَمَا شَأْنكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيل اللَّه وَعَنْ مُسْتَضْعَفِي أَهْل دِينكُمْ وَمِلَّتكُمْ الَّذِينَ قَدْ اِسْتَضْعَفَهُمْ الْكُفَّار فَاسْتَذَلُّوهُمْ اِبْتِغَاء فِتْنَتهمْ وَصَدّهمْ عَنْ دِينهمْ مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء ؟ وَالْوِلْدَان جَمْع وَلَد : وَهُمْ الصِّبْيَان . { الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَة الظَّالِم أَهْلهَا } يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَان يَقُولُونَ فِي دُعَائِهِمْ رَبّهمْ بِأَنْ يُنْجِيَهُمْ مِنْ فِتْنَة مَنْ قَدْ اِسْتَضْعَفَهُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ : يَا رَبّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَة الظَّالِم أَهْلهَا - وَالْعَرَب تُسَمِّي كُلّ مَدِينَة قَرْيَة - يَعْنِي : الَّتِي قَدْ ظَلَمَتْنَا وَأَنْفُسهَا أَهْلهَا . وَهِيَ فِي هَذَا الْمَوْضِع فِيمَا فَسَّرَ أَهْل التَّأْوِيل مَكَّة وَخُفِضَ الظَّالِم , لِأَنَّهُ مِنْ صِفَة الْأَهْل , وَقَدْ عَادَتْ الْهَاء وَالْأَلِف اللَّتَانِ فِيهِ عَلَى الْقَرْيَة , وَكَذَلِكَ تَفْعَل الْعَرَب إِذَا تَقَدَّمَتْ صِفَة الِاسْم الَّذِي مَعَهُ عَائِد لِاسْمٍ قَبْلهَا أَتْبَعَتْ إِعْرَابهَا إِعْرَاب الِاسْم الَّذِي قَبْلهَا كَأَنَّهَا صِفَة لَهُ , فَتَقُول : مَرَرْت بِالرَّجُلِ الْكَرِيم أَبُوهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7859 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : ( { مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَان الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَة الظَّالِم أَهْلهَا } قَالَ : أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُقَاتِلُوا عَنْ مُسْتَضْعَفِي الْمُؤْمِنِينَ كَانُوا بِمَكَّة . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَان } الصِّبْيَان { الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَة الظَّالِم أَهْلهَا } مَكَّة , أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُقَاتِلُوا عَنْ مُسْتَضْعَفِينَ مُؤْمِنِينَ كَانُوا بِمَكَّة . )7860 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيل اللَّه وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَان الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَة الظَّالِم أَهْلهَا } يَقُول : وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيل اللَّه وَفِي الْمُسْتَضْعَفِينَ , وَأَمَّا الْقَرْيَة : فَمَكَّة . )7861 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْمُبَارَك , عَنْ عُثْمَان بْن عَطَاء , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيل اللَّه وَالْمُسْتَضْعَفِينَ } قَالَ : وَفِي الْمُسْتَضْعَفِينَ . )7862 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه بْن كَثِير , أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّد بْن مُسْلِم بْن شِهَاب يَقُول : ( { وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيل اللَّه وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَان } قَالَ : فِي سَبِيل اللَّه وَسَبِيل الْمُسْتَضْعَفِينَ . )7863 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن وَقَتَادَة , فِي قَوْله : ( { أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَة الظَّالِم أَهْلهَا } قَالَا : خَرَجَ رَجُل مِنْ الْقَرْيَة الظَّالِمَة إِلَى الْقَرْيَة الصَّالِحَة , فَأَدْرَكَهُ الْمَوْت فِي الطَّرِيق , فَنَأَى بِصَدْرِهِ إِلَى الْقَرْيَة الصَّالِحَة , فَاحْتَجَّتْ فِيهِ مَلَائِكَة الرَّحْمَة وَمَلَائِكَة الْعَذَاب , فَأُمِرُوا أَنْ يُقَدِّرُوا أَقْرَب الْقَرْيَتَيْنِ إِلَيْهِ , فَوَجَدُوهُ أَقْرَب إِلَى الْقَرْيَة الصَّالِحَة بِشِبْرٍ . وَقَالَ بَعْضهمْ : قَرَّبَ اللَّه إِلَيْهِ الْقَرْيَة الصَّالِحَة , فَتَوَفَّتْهُ مَلَائِكَة الرَّحْمَة . )7864 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَان } هُمْ أُنَاس مُسْلِمُونَ كَانُوا بِمَكَّة لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا لِيُهَاجِرُوا , فَعَذَرَهُمْ اللَّه , وَفِيهِمْ نَزَلَ قَوْله : { رَبّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَة الظَّالِم أَهْلهَا } فَهِيَ مَكَّة . )7865 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيل اللَّه وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَان الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَة الظَّالِم أَهْلهَا } قَالَ : وَمَا لَكُمْ لَا تَفْعَلُونَ , تُقَاتِلُونَ لِهَؤُلَاءِ الضُّعَفَاء الْمَسَاكِين الَّذِينَ يَدْعُونَ اللَّه بِأَنْ يُخْرِجهُمْ مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَة الظَّالِم أَهْلهَا , فَهُمْ لَيْسَ لَهُمْ قُوَّة ؟ فَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ حَتَّى يَسْلَم لِلَّهِ هَؤُلَاءِ وَدِينهمْ ؟ قَالَ : وَالْقَرْيَة الظَّالِم أَهْلهَا : مَكَّة .)|وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا| { وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْك وَلِيًّا } يَعْنِي أَنَّهُمْ يَقُولُونَ أَيْضًا فِي دُعَائِهِمْ : يَا رَبّنَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ عِنْدك وَلِيًّا , يَلِي أَمَرْنَا بِالْكِفَايَةِ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ مِنْ فِتْنَة أَهْل الْكُفْر بِك .|وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا| { وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْك نَصِيرًا } يَقُولُونَ : وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ عِنْدك مَنْ يَنْصُرنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا مِنْ أَهْل هَذِهِ الْقَرْيَة الظَّالِم أَهْلهَا , بِصَدِّهِمْ إِيَّانَا عَنْ سَبِيلك , حَتَّى تُظْفِرنَا بِهِمْ وَنُعْلِي دِينك .

الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيل اللَّه } </subtitle>يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره : الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّه وَرَسُوله وَأَيْقَنُوا بِمَوْعُودِ اللَّه لِأَهْلِ الْإِيمَان بِهِ , { يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيل اللَّه } يَقُول : فِي طَاعَة اللَّه وَمِنْهَاج دِينه وَشَرِيعَته الَّتِي شَرَعَهَا لِعِبَادِهِ .|وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ| { وَاَلَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيل الطَّاغُوت } يَقُول : وَاَلَّذِينَ جَحَدُوا وَحْدَانِيَّة اللَّه وَكَذَّبُوا رَسُوله وَمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّهمْ , { يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيل الطَّاغُوت } يَعْنِي : فِي طَاعَة الشَّيْطَان وَطَرِيقه وَمِنْهَاجه الَّذِي شَرَعَهُ لِأَوْلِيَائِهِ مِنْ أَهْل الْكُفْر بِاَللَّهِ . يَقُول اللَّه مُقَوِّيًا عَزْم الْمُؤْمِنِينَ بِهِ مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَمُحَرِّضهمْ عَلَى أَعْدَائِهِ وَأَعْدَاء دِينه مِنْ أَهْل الشِّرْك بِهِ .|فَقَاتِلُوا| { فَقَاتِلُوا } أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ|أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ| { أَوْلِيَاء الشَّيْطَان } يَعْنِي بِذَلِكَ : الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَيُطِيعُونَ أَمْره فِي خِلَاف طَاعَة اللَّه وَالتَّكْذِيب بِهِ , وَيَنْصُرُونَهُ|إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا| { إِنَّ كَيْد الشَّيْطَان كَانَ ضَعِيفًا } يَعْنِي بِكَيْدِهِ : مَا كَادَ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ تَحْزِيبه أَوْلِيَاءَهُ مِنْ الْكُفَّار بِاَللَّهِ عَلَى رَسُوله وَأَوْلِيَائِهِ أَهْل الْإِيمَان بِهِ . يَقُول : فَلَا تَهَابُوا أَوْلِيَاء الشَّيْطَان , فَإِنَّمَا هُمْ حِزْبه وَأَنْصَاره , وَحِزْب الشَّيْطَان أَهْل وَهْن وَضَعْف . وَإِنَّمَا وَصَفَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِالضَّعْفِ , لِأَنَّهُمْ لَا يُقَاتِلُونَ رَجَاء ثَوَاب , وَلَا يَتْرُكُونَ الْقِتَال خَوْف عِقَاب , وَإِنَّمَا يُقَاتِلُونَ حَمِيَّة أَوْ حَسَدًا لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله , وَالْمُؤْمِنُونَ يُقَاتِل مَنْ قَاتَلَ مِنْهُمْ رَجَاء الْعَظِيم مِنْ ثَوَاب اللَّه , وَيَتْرُك الْقِتَال إِنْ تَرَكَهُ عَلَى خَوْف مِنْ وَعِيد اللَّه فِي تَرْكه , فَهُوَ يُقَاتِل عَلَى بَصِيرَة بِمَا لَهُ عِنْد اللَّه إِنْ قُتِلَ , وَبِمَا لَهُ مِنْ الْغَنِيمَة وَالظَّفَر إِنْ سَلِمَ . وَالْكَافِر يُقَاتِل عَلَى حَذَر مِنْ الْقَتْل , وَإِيَاس مِنْ مَعَاد , فَهُوَ ذُو ضَعْف وَخَوْف .

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاة وَآتُوا الزَّكَاة فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَال إِذَا فَرِيق مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاس كَخَشْيَةِ اللَّه أَوْ أَشَدّ خَشْيَة } </subtitle>ذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي قَوْم مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا قَدْ آمَنُوا بِهِ وَصَدَّقُوهُ قَبْل أَنْ يُفْرَض عَلَيْهِمْ الْجِهَاد , وَقَدْ فُرِضَ عَلَيْهِمْ الصَّلَاة وَالزَّكَاة , وَكَانُوا يَسْأَلُونَ اللَّه أَنْ يَفْرِض عَلَيْهِمْ الْقِتَال , فَلَمَّا فَرَضَ عَلَيْهِمْ الْقِتَال شَقَّ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ وَقَالُوا مَا أَخْبَرَ عَنْهُمْ فِي كِتَابه . فَتَأْوِيل قَوْله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ } : أَلَمْ تَرَ بِقَلْبِك يَا مُحَمَّد فَتَعْلَم إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ مِنْ أَصْحَابك حِين سَأَلُوك أَنْ تَسْأَل رَبّك أَنْ يَفْرِض عَلَيْهِمْ الْقِتَال : كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ , فَأَمْسِكُوهَا عَنْ قِتَال الْمُشْرِكِينَ وَحَرْبهمْ . { وَأَقِيمُوا الصَّلَاة } يَقُول : وَأَدُّوا الصَّلَاة الَّتِي فَرَضَهَا اللَّه عَلَيْكُمْ بِحُدُودِهَا . { وَآتُوا الزَّكَاة } يَقُول : وَأَعْطُوا الزَّكَاة أَهْلهَا , الَّذِينَ جَعَلَهَا اللَّه لَهُمْ مِنْ أَمْوَالكُمْ , تَطْهِيرًا لِأَبْدَانِكُمْ وَأَمْوَالكُمْ ; كَرِهُوا مَا أُمِرُوا بِهِ مِنْ كَفّ الْأَيْدِي عَنْ قِتَال الْمُشْرِكِينَ , وَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ . { فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَال } يَقُول : فَلَمَّا فُرِضَ عَلَيْهِمْ الْقِتَال الَّذِي كَانُوا سَأَلُوا أَنْ يُفْرَض عَلَيْهِمْ , { إِذَا فَرِيق مِنْهُمْ } يَعْنِي : جَمَاعَة مِنْهُمْ { يَخْشَوْنَ النَّاس } يَقُول : يَخَافُونَ النَّاس أَنْ يُقَاتِلُوهُمْ , { كَخَشْيَةِ اللَّه أَوْ أَشَدّ خَشْيَة } أَوْ أَشَدّ خَوْفًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا إِنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِيهِ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر الْآثَار بِذَلِكَ , وَالرِّوَايَة عَمَّنْ قَالَهُ : 7866 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن شَقِيق , قَالَ : سَمِعْت أَبِي , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْحُسَيْن بْن وَاقِد , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : (أَنَّ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف وَأَصْحَابًا لَهُ أَتَوْا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالُوا : يَا رَسُول اللَّه , كُنَّا فِي عِزّ وَنَحْنُ مُشْرِكُونَ , فَلَمَّا آمَنَّا صِرْنَا أَذِلَّة ! فَقَالَ : | إِنِّي أُمِرْت بِالْعَفْوِ فَلَا تُقَاتِلُوا | فَلَمَّا حَوَّلَهُ اللَّه إِلَى الْمَدِينَة أُمِرَ بِالْقِتَالِ فَكَفُّوا , فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ } . .. الْآيَة . )7867 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عِكْرِمَة : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ } عَنْ النَّاس , { فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَال إِذَا فَرِيق مِنْهُمْ } نَزَلَتْ فِي أُنَاس مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ اِبْن جُرَيْج : وَقَوْله : { وَقَالُوا رَبّنَا لِمَ كَتَبْت عَلَيْنَا الْقِتَال لَوْلَا أَخَّرْتنَا إِلَى أَجَل قَرِيب } قَالَ : إِلَى أَنْ نَمُوت مَوْتًا هُوَ الْأَجَل الْقَرِيب . )7868 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : قَوْله : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاة } فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ : { إِلَى أَجَل قَرِيب } قَالَ : كَانَ أُنَاس مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهُوَ يَوْمئِذٍ بِمَكَّة قَبْل الْهِجْرَة , تَسَرَّعُوا إِلَى الْقِتَال , فَقَالُوا لِنَبِيِّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ذَرْنَا نَتَّخِذ مَعَاوِل فَنُقَاتِل بِهَا الْمُشْرِكِينَ بِمَكَّة ! فَنَهَاهُمْ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ , قَالَ : | لَمْ أُؤْمَر بِذَلِكَ | . فَلَمَّا كَانَتْ الْهِجْرَة وَأُمِرَ بِالْقِتَالِ , كَرِهَ الْقَوْم ذَلِكَ , فَصَنَعُوا فِيهِ مَا تَسْمَعُونَ , فَقَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { قُلْ مَتَاع الدُّنْيَا قَلِيل وَالْآخِرَة خَيْر لِمَنْ اِتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا } . )7869 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاة وَآتُوا الزَّكَاة } قَالَ : هُمْ قَوْم أَسْلَمُوا قَبْل أَنْ يُفْرَض عَلَيْهِمْ الْقِتَال , وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ إِلَّا الصَّلَاة وَالزَّكَاة , فَسَأَلُوا اللَّه أَنْ يَفْرِض عَلَيْهِمْ الْقِتَال ; { فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَال إِذَا فَرِيق مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاس كَخَشْيَةِ اللَّه أَوْ أَشَدّ خَشْيَة } . .. الْآيَة , إِلَى : { إِلَى أَجَل قَرِيب } وَهُوَ الْمَوْت , قَالَ اللَّه : { قُلْ مَتَاع الدُّنْيَا قَلِيل وَالْآخِرَة خَيْر لِمَنْ اِتَّقَى } . )وَقَالَ آخَرُونَ : نَزَلَتْ هَذِهِ وَآيَات بَعْدهَا فِي الْيَهُود . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7870 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاة } . .. إِلَى قَوْله : { لَاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَان إِلَّا قَلِيلًا } مَا بَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْيَهُود . )7871 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَال إِذَا فَرِيق مِنْهُمْ } . .. إِلَى قَوْله : { لِمَ كَتَبْت عَلَيْنَا الْقِتَال } : نَهَى اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى هَذِهِ الْأُمَّة أَنْ يَصْنَعُوا صَنِيعهمْ .)|وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ| { وَقَالُوا } جَزَعًا مِنْ الْقِتَال الَّذِي فَرَضَ اللَّه عَلَيْهِمْ : { لِمَ كَتَبْت عَلَيْنَا الْقِتَال } : لِمَ فَرَضْت عَلَيْنَا الْقِتَال , رُكُونًا مِنْهُمْ إِلَى الدُّنْيَا , وَإِيثَارًا لِلدَّعَةِ فِيهَا وَالْخَفْض , عَلَى مَكْرُوه لِقَاء الْعَدُوّ , وَمَشَقَّة حَرْبهمْ وَقِتَالهمْ . { لَوْلَا أَخَّرْتنَا } يُخْبِر عَنْهُمْ , قَالُوا : هَلَّا أَخَّرْتنَا { إِلَى أَجَل قَرِيب } يَعْنِي : إِلَى أَنْ يَمُوتُوا عَلَى فُرُشهمْ وَفِي مَنَازِلهمْ .|قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ مَتَاع الدُّنْيَا قَلِيل } . </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { قُلْ مَتَاع الدُّنْيَا قَلِيل } : قُلْ يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذِينَ قَالُوا { رَبّنَا لِمَ كَتَبْت عَلَيْنَا الْقِتَال لَوْلَا أَخَّرْتنَا إِلَى أَجَل قَرِيب } عَيْشكُمْ فِي الدُّنْيَا وَتَمَتُّعكُمْ بِهَا قَلِيل , لِأَنَّهَا فَانِيَة , وَمَا فِيهَا فَانٍ ,|وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ| { وَالْآخِرَة خَيْر } يَعْنِي : وَنَعِيم الْآخِرَة خَيْر , لِأَنَّهَا بَاقِيَة , وَنَعِيمهَا بَاقٍ دَائِم . وَإِنَّمَا قِيلَ : وَالْآخِرَة خَيْر وَمَعْنَى الْكَلَام مَا وَصَفْت مِنْ أَنَّهُ مَعْنِيّ بِهِ نَعِيمهَا , لِدَلَالَةِ ذِكْر الْآخِرَة بِاَلَّذِي ذَكَرْت بِهِ عَلَى الْمَعْنَى الْمُرَاد مِنْهُ|لِمَنِ اتَّقَى| { لِمَنْ اِتَّقَى } يَعْنِي : لِمَنْ اِتَّقَى اللَّه بِأَدَاءِ فَرَائِضه وَاجْتِنَاب مَعَاصِيه , فَأَطَاعَهُ فِي كُلّ ذَلِكَ .|وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا| { وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا } يَعْنِي : وَلَا يَنْقُصكُمْ اللَّه مِنْ أُجُور أَعْمَالكُمْ فَتِيلًا ; وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْفَتِيل فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته هَهُنَا.

أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُمْ الْمَوْت وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوج مُشَيَّدَة } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : حَيْثُمَا تَكُونُوا يَنَلْكُمْ الْمَوْت فَتَمُوتُوا , { وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوج مُشَيَّدَة } يَقُول : لَا تَجْزَعُوا مِنْ الْمَوْت وَلَا تَهْرُبُوا مِنْ الْقِتَال وَتَضْعُفُوا عَنْ لِقَاء عَدُوّكُمْ حَذَرًا عَلَى أَنْفُسكُمْ مِنْ الْقَتْل وَالْمَوْت , فَإِنَّ الْمَوْت بِإِزَائِكُمْ أَيْنَ كُنْتُمْ , وَوَاصِل إِلَى أَنْفُسكُمْ حَيْثُ كُنْتُمْ وَلَوْ تَحَصَّنْتُمْ مِنْهُ بِالْحُصُونِ الْمَنِيعَة . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله : { وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوج مُشَيَّدَة } فَقَالَ بَعْضهمْ : يُعْنَى بِهِ : قُصُور مُحَصَّنَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7872 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوج مُشَيَّدَة } يَقُول : فِي قُصُور مُحَصَّنَة . )7873 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثنا مُؤَمِّل بْن إِسْمَاعِيل , قَالَ : ثنا أَبُو هَمَّام , قَالَ : ثنا كَثِير أَبُو الْفَضْل , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (كَانَ فِيمَنْ قَبْلكُمْ اِمْرَأَة , وَكَانَ لَهَا أَجِير , فَوَلَدَتْ جَارِيَة فَقَالَتْ لِأَجِيرِهَا : اِقْتَبِسْ لَنَا نَارًا ! فَخَرَجَ فَوَجَدَ بِالْبَابِ رَجُلًا , فَقَالَ لَهُ الرَّجُل : مَا وَلَدَتْ هَذِهِ الْمَرْأَة ؟ قَالَ : جَارِيَة , قَالَ : أَمَا إِنَّ هَذِهِ الْجَارِيَة لَا تَمُوت حَتَّى تَبْغِي بِمِائَةٍ , وَيَتَزَوَّجهَا أَجِيرهَا , وَيَكُون مَوْتهَا بِالْعَنْكَبُوتِ . قَالَ : فَقَالَ الْأَجِير فِي نَفْسه : فَأَنَا أُرِيد هَذِهِ بَعْد أَنْ تَفْجُر بِمِائَةٍ . فَأَخَذَ شَفْرَة فَدَخَلَ , فَشَقَّ بَطْن الصَّبِيَّة . وَعُولِجَتْ فَبَرِئَتْ , فَشَبَّتْ , وَكَانَتْ تَبْغِي , فَأَتَتْ سَاحِلًا مِنْ سَوَاحِل الْبَحْر , فَأَقَامَتْ عَلَيْهِ تَبْغِي . وَلَبِثَ الرَّجُل مَا شَاءَ اللَّه , ثُمَّ قَدِمَ ذَلِكَ السَّاحِل وَمَعَهُ مَال كَثِير , فَقَالَ لِامْرَأَةٍ مِنْ أَهْل السَّاحِل : أَبْغِينِي اِمْرَأَة مِنْ أَجْمَل اِمْرَأَة فِي الْقَرْيَة أَتَزَوَّجهَا ! فَقَالَتْ : هَهُنَا اِمْرَأَة مِنْ أَجْمَل النَّاس , وَلَكِنَّهَا تَبْغِي . قَالَ : اِئْتِنِي بِهَا ! فَأَتَتْهَا فَقَالَتْ : قَدْ قَدِمَ رَجُل لَهُ مَال كَثِير , وَقَدْ قَالَ لِي كَذَا , فَقُلْت لَهُ كَذَا . فَقَالَتْ : إِنِّي قَدْ تَرَكْت الْبِغَاء , وَلَكِنْ إِنْ أَرَادَ تَزَوَّجْته . قَالَ : فَتَزَوَّجَهَا , فَوَقَعَتْ مِنْهُ مَوْقِعًا , فَبَيْنَا هُوَ يَوْمًا عِنْدهَا , إِذْ أَخْبَرَهَا بِأَمْرِهِ , فَقَالَتْ : أَنَا تِلْكَ الْجَارِيَة - وَأَرَتْهُ الشَّقّ فِي بَطْنهَا - وَقَدْ كُنْت أَبْغِي , فَمَا أَدْرِي بِمِائَةٍ أَوْ أَقَلّ أَوْ أَكْثَر ; قَالَ : فَإِنَّهُ قَالَ لِي : يَكُون مَوْتهَا بِالْعَنْكَبُوتِ . قَالَ : فَبَنَى لَهَا بُرْجًا بِالصَّحْرَاءِ وَشَيَّدَهُ . فَبَيْنَمَا هُمَا يَوْمًا فِي ذَلِكَ الْبُرْج , إِذَا عَنْكَبُوت فِي السَّقْف فَقَالَتْ : هَذَا يَقْتُلنِي ؟ لَا يَقْتُلهُ أَحَد غَيْرِي ! فَحَرَّكَتْهُ فَسَقَطَ , فَأَتَتْهُ فَوَضَعَتْ إِبْهَام رِجْلهَا عَلَيْهِ فَشَدَخَتْهُ , وَسَاحَ سُمّه بَيْن ظُفْرهَا وَاللَّحْم , فَاسْوَدَّتْ رِجْلهَا فَمَاتَتْ , فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُمْ الْمَوْت وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوج مُشَيَّدَة } . )7874 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : ( { وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوج مُشَيَّدَة } قَالَ : قُصُور مُشَيَّدَة . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : قُصُور بِأَعْيَانِهَا فِي السَّمَاء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7875 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُمْ الْمَوْت وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوج مُشَيَّدَة } وهِيَ قُصُور بِيض فِي سَمَاء الدُّنْيَا مَبْنِيَّة . )7876 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع فِي قَوْله : ( { أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُمْ الْمَوْت وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوج مُشَيَّدَة } يَقُول : وَلَوْ كُنْتُمْ فِي قُصُور فِي السَّمَاء . )وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي مَعْنَى الْمُشَيَّدَة , فَقَالَ بَعْض أَهْل الْبَصْرَة مِنْهُمْ : الْمُشَيَّدَة : الطَّوِيلَة . قَالَ : وَأَمَّا الْمَشِيد بِالتَّخْفِيفِ , فَإِنَّهُ الْمُزَيَّن . وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ نَحْو ذَلِكَ الْقَوْل , غَيْر أَنَّهُ قَالَ : الْمَشِيد بِالتَّخْفِيفِ : الْمَعْمُول بِالشِّيدِ , وَالشِّيد : الْجِصّ . وَقَالَ بَعْض أَهْل الْكُوفَة : الْمَشِيد وَالْمُشَيَّد أَصْلهمَا وَاحِد , غَيْر أَنَّ مَا شُدِّدَ مِنْهُ فَإِنَّمَا يُشَدَّد لِتَرَدُّدِ الْفِعْل فِيهِ فِي جَمْع مِثْل قَوْلهمْ : هَذِهِ ثِيَاب مُصَبَّغَة , وَغَنَم مُذَبَّحَة , فَشُدِّدَ لِأَنَّهَا جَمْع يُفَرَّق فِيهَا الْفِعْل , وَكَذَلِكَ مِثْله قُصُور مُشَيَّدَة , لِأَنَّ الْقُصُور كَثِيرَة تَرَدَّدَ فِيهَا التَّشْيِيد , وَلِذَلِكَ قِيلَ : بُرُوج مُشَيَّدَة , وَمِنْهُ قَوْله : { وَغَلَّقَتْ الْأَبْوَاب } [12 23 ]وَكَمَا يُقَال : كَسَّرْت الْعُود : إِذَا جَعَلْتهُ قِطَعًا , أَيْ قِطْعَة بَعْد قِطْعَة . وَقَدْ يَجُوز فِي ذَلِكَ التَّخْفِيف , فَإِذَا أُفْرِدَ مِنْ ذَلِكَ الْوَاحِد , فَكَانَ الْفِعْل يَتَرَدَّد فِيهِ وَيَكْثُر تَرَدُّده فِي جَمْع مِنْهُ , جَازَ التَّشْدِيد عِنْدهمْ وَالتَّخْفِيف , فَيُقَال مِنْهُ : هَذَا ثَوْب مُخَرَّق وَجِلْد مُقَطَّع , لِتَرَدُّدِ الْفِعْل فِيهِ وَكَثْرَته بِالْقَطْعِ وَالْخَرْق . وَإِنْ كَانَ الْفِعْل لَا يَكْثُر فِيهِ وَلَا يَتَرَدَّد لَمْ يُجِيزُوهُ إِلَّا بِالتَّخْفِيفِ , وَذَلِكَ نَحْو قَوْلهمْ : رَأَيْت كَبْشًا مَذْبُوحًا , وَلَا يُجِيزُونَ فِيهِ | مُذَبَّحًا | , لِأَنَّ الذَّبْح لَا يَتَرَدَّد فِيهِ تَرَدُّد التَّخَرُّق فِي الثَّوْب . وَقَالُوا : فَلِهَذَا قِيلَ : قَصْر مَشِيد , لِأَنَّهُ وَاحِد , فَجُعِلَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلهمْ : كَبْش مَذْبُوح . وَقَالُوا : جَائِز فِي الْقَصْر أَنْ يُقَال قَصْر مُشَيَّد بِالتَّشْدِيدِ , لِتَرَدُّدِ الْبِنَاء فِيهِ وَالتَّشْيِيد , وَلَا يَجُوز ذَلِكَ فِي | كَبْش مَذْبُوح | لِمَا ذَكَرْنَا.|وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَة يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْد اللَّه وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَة يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدك } . </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَة يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْد اللَّه } : وَإِنْ يَنَلْهُمْ رَخَاء وَظَفَر وَفَتْح وَيُصِيبُوا غَنِيمَة يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْد اللَّه , يَعْنِي : مِنْ قِبَل اللَّه وَمِنْ تَقْدِيره , وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَة , يَقُول : وَإِنْ تَنَلْهُمْ شِدَّة مِنْ عَيْش وَهَزِيمَة مِنْ عَدُوّ وَجِرَاح وَأَلَم , يَقُولُوا لَك يَا مُحَمَّد : هَذِهِ مِنْ عِنْدك بِخَطَئِك التَّدْبِير . وَإِنَّمَا هَذَا خَبَر مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره عَنْ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ لِنَبِيِّهِ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ } . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7877 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعْد وَابْن أَبِي جَعْفَر قَالَا : ثنا أَبُو جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة , فِي قَوْله : ( { وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَة يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْد اللَّه وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَة يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدك } قَالَ : هَذِهِ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة مِثْله . 7878 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَة يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْد اللَّه وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَة يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدك } فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ : { وَأَرْسَلْنَاك لِلنَّاسِ رَسُولًا } [4 79 ]قَالَ : إِنَّ هَذِهِ الْآيَات نَزَلَتْ فِي شَأْن الْحَرْب . فَقَرَأَ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْركُمْ فَانْفِرُوا ثُبَات أَوْ اِنْفِرُوا جَمِيعًا } [4 71 ]فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ : { وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَة يَقُولُوا هَذِهِ } مِنْ عِنْد مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام , أَسَاءَ التَّدْبِير وَأَسَاءَ النَّظَر , مَا أَحْسَن التَّدْبِير وَلَا النَّظَر.)|قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ كُلّ مِنْ عِنْد اللَّه } . </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { قُلْ كُلّ مِنْ عِنْد اللَّه } قُلْ يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْقَائِلِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ حَسَنَة هَذِهِ مِنْ عِنْد اللَّه , وَإِذَا أَصَابَتْهُمْ سَيِّئَة هَذِهِ مِنْ عِنْدك : كُلّ ذَلِكَ مِنْ عِنْد اللَّه دُونِي وَدُون غَيْرِي , مِنْ عِنْده الرَّخَاء وَالشِّدَّة , وَمِنْهُ النَّصْر وَالظَّفَر , وَمِنْ عِنْده الْقَتْل وَالْهَزِيمَة. كَمَا : 7879 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّزَّاق , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { قُلْ كُلّ مِنْ عِنْد اللَّه } النِّعَم وَالْمَصَائِب. )7880 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { قُلْ كُلّ مِنْ عِنْد اللَّه } النَّصْر وَالْهَزِيمَة . )7881 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { قُلْ كُلّ مِنْ عِنْد اللَّه فَمَال هَؤُلَاءِ الْقَوْم لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا } يَقُول : الْحَسَنَة وَالسَّيِّئَة مِنْ عِنْد اللَّه , أَمَّا الْحَسَنَة فَأَنْعَمَ بِهَا عَلَيْك , وَأَمَّا السَّيِّئَة فَابْتَلَاك بِهَا .)|فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْم لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا } . </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْم } فَمَا شَأْن هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذِينَ إِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَة يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْد اللَّه , وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَة يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدك , { لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا } يَقُول : لَا يَكَادُونَ يَعْلَمُونَ حَقِيقَة مَا تُخْبِرهُمْ بِهِ مِنْ أَنَّ كُلّ مَا أَصَابَهُمْ مِنْ خَيْر أَوْ شَرّ أَوْ ضَرّ وَشِدَّة أَوْ رَخَاء , فَمِنْ عِنْد اللَّه , لَا يَقْدِر عَلَى ذَلِكَ غَيْره , وَلَا يُصِيب أَحَدًا سَيِّئَة إِلَّا بِتَقْدِيرِهِ , وَلَا يَنَال رَخَاء وَنِعْمَة إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ. وَهَذَا إِعْلَام مِنْ اللَّه عِبَاده أَنَّ مَفَاتِح الْأَشْيَاء كُلّهَا بِيَدِهِ , لَا يَمْلِك شَيْئًا مِنْهَا أَحَد غَيْره .

مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مَا أَصَابَك مِنْ حَسَنَة فَمِنْ اللَّه وَمَا أَصَابَك مِنْ سَيِّئَة فَمِنْ نَفْسك } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { مَا أَصَابَك مِنْ حَسَنَة فَمِنْ اللَّه وَمَا أَصَابَك مِنْ سَيِّئَة فَمِنْ نَفْسك } مَا يُصِيبك يَا مُحَمَّد مِنْ رَخَاء وَنِعْمَة وَعَافِيَة وَسَلَامَة , فَمِنْ فَضْل اللَّه عَلَيْك يَتَفَضَّل بِهِ عَلَيْك إِحْسَانًا مِنْهُ إِلَيْك. وَأَمَّا قَوْله : { وَمَا أَصَابَك مِنْ سَيِّئَة فَمِنْ نَفْسك } يَعْنِي : وَمَا أَصَابَك مِنْ شِدَّة وَمَشَقَّة وَأَذًى وَمَكْرُوه , فَمِنْ نَفْسك , يَعْنِي : بِذَنْبٍ اِسْتَوْجَبَتْهَا بِهِ اِكْتَسَبَتْهُ نَفْسك . كَمَا : 7882 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { مَا أَصَابَك مِنْ حَسَنَة فَمِنْ اللَّه وَمَا أَصَابَك مِنْ سَيِّئَة فَمِنْ نَفْسك } أَمَّا مِنْ نَفْسك , فَيَقُول : مِنْ ذَنْبك . )7883 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { مَا أَصَابَك مِنْ حَسَنَة فَمِنْ اللَّه وَمَا أَصَابَك مِنْ سَيِّئَة فَمِنْ نَفْسك } عُقُوبَة يَا اِبْن آدَم بِذَنْبِك . )قَالَ : وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُول : ( لَا يُصِيب رَجُلًا خَدْش عُود وَلَا عَثْرَة قَدَم وَلَا اِخْتِلَاج عِرْق إِلَّا بِذَنْبٍ , وَمَا يَعْفُو اللَّه أَكْثَر . )7884 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { مَا أَصَابَك مِنْ حَسَنَة فَمِنْ اللَّه وَمَا أَصَابَك مِنْ سَيِّئَة فَمِنْ نَفْسك } يَقُول : الْحَسَنَة : مَا فَتَحَ اللَّه عَلَيْهِ يَوْم بَدْر وَمَا أَصَابَهُ مِنْ الْغَنِيمَة وَالْفَتْح , وَالسَّيِّئَة : مَا أَصَابَهُ يَوْم أُحُد أَنْ شُجَّ فِي وَجْهه وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَته . )7885 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { مَا أَصَابَك مِنْ حَسَنَة فَمِنْ اللَّه وَمَا أَصَابَك مِنْ سَيِّئَة فَمِنْ نَفْسك } يَقُول : بِذَنْبِك . ثُمَّ قَالَ : { كُلّ مِنْ عِنْد اللَّه } النِّعَم وَالْمُصِيبَات . )7886 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعْد وَابْن أَبِي جَعْفَر , قَالَا : ثنا أَبُو جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة , قَوْله : ( { مَا أَصَابَك مِنْ حَسَنَة فَمِنْ اللَّه وَمَا أَصَابَك مِنْ سَيِّئَة فَمِنْ نَفْسك } قَالَ : هَذِهِ فِي الْحَسَنَات وَالسَّيِّئَات . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة مِثْله . 7887 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : ( { وَمَا أَصَابَك مِنْ سَيِّئَة فَمِنْ نَفْسك } قَالَ : عُقُوبَة بِذَنْبِك . )7888 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { مَا أَصَابَك مِنْ حَسَنَة فَمِنْ اللَّه وَمَا أَصَابَك مِنْ سَيِّئَة فَمِنْ نَفْسك } بِذَنْبِك , كَمَا قَالَ لِأَهْلِ أُحُد : { أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَة قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْد أَنْفُسكُمْ } [3 165 ]بِذُنُوبِكُمْ . )7889 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي صَالِح , فِي قَوْله : ( { مَا أَصَابَك مِنْ سَيِّئَة فَمِنْ نَفْسك } قَالَ : بِذَنْبِك , وَأَنَا قَدَّرْتهَا عَلَيْك. )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ سُفْيَان , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي صَالِح , فِي قَوْله : ( { مَا أَصَابَك مِنْ حَسَنَة فَمِنْ اللَّه وَمَا أَصَابَك مِنْ سَيِّئَة فَمِنْ نَفْسك } وَأَنَا الَّذِي قَدَّرْتهَا عَلَيْك . )* - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن عَبْد الرَّحْمَن الْمَسْرُوقِيّ , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن بِشْر , قَالَ : حَدَّثَنِيهِ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد عَنْ أَبِي صَالِح , بِمِثْلِهِ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَمَا وَجْه دُخُول | مِنْ | فِي قَوْله : { مَا أَصَابَك مِنْ حَسَنَة } و { مِنْ سَيِّئَة } ؟ قِيلَ : اِخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ أَهْل الْعَرَبِيَّة , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : أُدْخِلَتْ | مِنْ | , لِأَنَّ | مِنْ | تَحْسُن مَعَ النَّفْي , مِثْل : مَا جَاءَنِي مِنْ أَحَد. قَالَ : وَدُخُول الْخَبَر بِالْفَاءِ لَازِمًا بِمَنْزِلَةِ | مَنْ | . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : أُدْخِلَتْ | مِنْ | مَعَ | مَا | , كَمَا تَدْخُل عَلَى | إِنْ | فِي الْجَزَاء لِأَنَّهُمَا حَرْفَا جَزَاء , وَكَذَلِكَ تَدْخُل مَعَ | مَنْ | إِذَا كَانَتْ جَزَاء , فَتَقُول الْعَرَب : مَنْ يَزُرْك مِنْ أَحَد فَتُكْرِمهُ , كَمَا تَقُول : إِنْ يَزُرْك مِنْ أَحَد فَتُكْرِمهُ . قَالَ : وَأَدْخَلُوهَا مَعَ | مَا | و | مَنْ | , لِيُعْلَم بِدُخُولِهَا مَعَهُمَا أَنَّهُمَا جَزَاء . قَالُوا : وَإِذَا دَخَلَتْ مَعَهُمَا لَمْ تُحْذَف , لِأَنَّهَا إِذَا حُذِفَتْ صَارَ الْفِعْل رَافِعًا شَيْئَيْنِ , وَذَلِكَ أَنَّ | مَا | فِي قَوْله : { مَا أَصَابَك مِنْ حَسَنَة } رُفِعَ بِقَوْلِهِ : { أَصَابَك } فَلَوْ حُذِفَتْ | مِنْ | رَفَعَ قَوْله : { أَصَابَك } السَّيِّئَة , لِأَنَّ مَعْنَاهُ : إِنْ تُصِبْك سَيِّئَة , فَلَمْ يَجُزْ حَذْف | مِنْ | لِذَلِكَ , لِأَنَّ الْفِعْل الَّذِي هُوَ عَلَى فَعَلَ أَوْ يَفْعَل لَا يَرْفَع شَيْئَيْنِ , وَجَازَ ذَلِكَ مَعَ | مَنْ | , لِأَنَّهَا تَشْتَبِه بِالصِّفَاتِ , وَهِيَ فِي مَوْضِع اِسْم , فَأَمَّا | إِنْ | , فَإِنَّ | مِنْ | تَدْخُل مَعَهَا وَتَخْرُج , وَلَا تَخْرُج مَعَ | أَيّ | لِأَنَّهَا تُعْرَب فَيَبِين فِيهَا الْإِعْرَاب , وَدَخَلَتْ مَعَ | مَا | لِأَنَّ الْإِعْرَاب لَا يَظْهَر فِيهَا .|وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأَرْسَلْنَاك لِلنَّاسِ رَسُولًا } . </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَأَرْسَلْنَاك لِلنَّاسِ رَسُولًا } : إِنَّمَا جَعَلْنَاك يَا مُحَمَّد رَسُولًا بَيْننَا وَبَيْن الْخَلْق تُبَلِّغهُمْ مَا أَرْسَلْنَاك بِهِ مِنْ رِسَالَة , وَلَيْسَ عَلَيْك غَيْر الْبَلَاغ وَأَدَاء الرِّسَالَة إِلَى مَنْ أُرْسِلْت , فَإِنْ قَبِلُوا مَا أُرْسِلْت بِهِ فَلِأَنْفُسِهِمْ , وَإِنْ رَدُّوا فَعَلَيْهَا .|وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا| { وَكَفَى بِاَللَّهِ } عَلَيْك وَعَلَيْهِمْ { شَهِيدًا } يَقُول : حَسْبك اللَّه تَعَالَى ذِكْره شَاهِدًا عَلَيْك فِي بَلَاغك مَا أَمَرْتُك بِبَلَاغِهِ مِنْ رِسَالَته وَوَحْيه , وَعَلَى مَنْ أُرْسِلْت إِلَيْهِ فِي قَبُولهمْ مِنْك مَا أُرْسِلْت بِهِ إِلَيْهِمْ , فَإِنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَمْرك وَأَمْرهمْ , وَهُوَ مُجَازِيك بِبَلَاغِك مَا وَعَدَك , وَمُجَازِيهمْ مَا عَمِلُوا مِنْ خَيْر وَشَرّ جَزَاء الْمُحْسِن بِإِحْسَانِهِ , وَالْمُسِيء بِإِسَاءَتِهِ.

مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مَنْ يُطِعْ الرَّسُول فَقَدْ أَطَاعَ اللَّه وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاك عَلَيْهِمْ حَفِيظًا } </subtitle>وَهَذَا إِعْذَار مِنْ اللَّه إِلَى خَلْقه فِي نَبِيّه مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , يَقُول اللَّه تَعَالَى ذِكْره لَهُمْ : مَنْ يُطِعْ مِنْكُمْ أَيّهَا النَّاس مُحَمَّدًا , فَقَدْ أَطَاعَنِي بِطَاعَتِهِ إِيَّاهُ , فَاسْمَعُوا قَوْله , وَأَطِيعُوا أَمْره , فَإِنَّهُ مَهْمَا يَأْمُركُمْ بِهِ مِنْ شَيْء فَمِنْ أَمْرِي يَأْمُركُمْ , وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ مِنْ شَيْء فَمِنْ نَهْيِي , فَلَا يَقُولَنَّ أَحَدكُمْ : إِنَّمَا مُحَمَّد بَشَر مِثْلنَا يُرِيد أَنْ يَتَفَضَّل عَلَيْنَا ! ثُمَّ قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ : وَمَنْ تَوَلَّى عَنْ طَاعَتك يَا مُحَمَّد , فَأَعْرِض عَنْهُ , فَإِنَّا لَمْ نُرْسِلك عَلَيْهِمْ حَفِيظًا , يَعْنِي حَافِظًا لِمَا يَعْمَلُونَ مُحَاسِبًا , بَلْ إِنَّمَا أَرْسَلْنَاك لِتُبَيِّنَ لَهُمْ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ , وَكَفَى بِنَا حَافِظِينَ لِأَعْمَالِهِمْ وَلَهُمْ عَلَيْهَا مُحَاسِبِينَ. وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِيمَا ذُكِرَ قَبْل أَنْ يُؤْمَر بِالْجِهَادِ. كَمَا : 7890 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : سَأَلْت اِبْن زَيْد عَنْ قَوْل اللَّه : ( { فَمَا أَرْسَلْنَاك عَلَيْهِمْ حَفِيظًا } قَالَ : هَذَا أَوَّل مَا بَعَثَهُ , قَالَ : { إِنْ عَلَيْك إِلَّا الْبَلَاغ } [42 48 ]قَالَ : ثُمَّ جَاءَ بَعْد هَذَا يَأْمُرهُ بِجِهَادِهِمْ وَالْغِلْظَة حَتَّى يُسْلِمُوا .)

وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَقُولُونَ طَاعَة فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدك بَيَّتَ طَائِفَة مِنْهُمْ غَيْر الَّذِي تَقُول وَاَللَّه يَكْتُب مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَيَقُولُونَ طَاعَة } يَعْنِي : الْفَرِيق الَّذِي أَخْبَرَ اللَّه عَنْهُمْ أَنَّهُمْ لَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَال , خَشُوا النَّاس كَخَشْيَةِ اللَّه وَأَشَدّ خَشْيَة , يَقُولُونَ لِنَبِيِّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَرَهُمْ بِأَمْرٍ : أَمْرك طَاعَة , وَلَك مِنَّا طَاعَة فِيمَا تَأْمُرنَا بِهِ وَتَنْهَانَا عَنْهُ ! { فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدك } يَقُول : فَإِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدك يَا مُحَمَّد { بَيَّتَ طَائِفَة مِنْهُمْ غَيْر الَّذِي تَقُول } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : غَيَّرَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ لَيْلًا الَّذِي تَقُول لَهُمْ . وَكُلّ عَمَل عُمِلَ لَيْلًا فَقَدْ بُيِّتَ , وَمِنْ ذَلِكَ بَيَّتَ الْعَدُوّ وَهُوَ الْوُقُوع بِهِمْ لَيْلًا , وَمِنْهُ قَوْل عُبَيْدَة بْن هَمَّام : <br>أَتَوْنِي فَلَمْ أَرْضَ مَا بَيَّتُوا .......... وَكَانُوا أَتَوْنِي بِشَيْءٍ نُكُر <br><br>لِأُنْكِح أَيِّمهمْ مُنْذِرًا .......... وَهَلْ يُنْكِح الْعَبْد حُرّ لِحُرّ <br>يَعْنِي بِقَوْلِهِ : | فَلَمْ أَرْضَ مَا بَيَّتُوا لَيْلًا | : أَيْ مَا أَبْرَمُوهُ لَيْلًا وَعَزَمُوا عَلَيْهِ . وَمِنْهُ قَوْل النَّمِر بْن تَوْلَب الْعُكْلِيّ : <br>هَبَّتْ لِتَعْذُلنِي بِلَيْلٍ اسْمَعِ ! .......... سَفَهًا تُبَيِّتُك الْمَلَامَة فَاهْجَعِي <br>يَقُول اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَاَللَّه يَكْتُب مَا يُبَيِّتُونَ } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَاَللَّه يَكْتُب مَا يُغَيِّرُونَ مِنْ قَوْلك لَيْلًا فِي كُتُب أَعْمَالهمْ الَّتِي تَكْتُبهَا حَفَظَته . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7891 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَيَقُولُونَ طَاعَة فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدك بَيَّتَ طَائِفَة مِنْهُمْ غَيْر الَّذِي تَقُول } قَالَ : يُغَيِّرُونَ مَا عَهِدَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . )7892 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن بَزِيع , قَالَ : ثنا يُوسُف بْن خَالِد , قَالَ : ثنا نَافِع بْن مَالِك , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : ( { بَيَّتَ طَائِفَة مِنْهُمْ غَيْر الَّذِي تَقُول } قَالَ : غَيَّرَ أُولَئِكَ مَا قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . )7893 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثني أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَيَقُولُونَ طَاعَة فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدك بَيَّتَ طَائِفَة مِنْهُمْ غَيْر الَّذِي تَقُول } قَالَ : غَيَّرَ أُولَئِكَ مَا قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَيَقُولُونَ طَاعَة فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدك بَيَّتَ طَائِفَة مِنْهُمْ غَيْر الَّذِي تَقُول وَاَللَّه يَكْتُب مَا يُبَيِّتُونَ } قَالَ : هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ يَقُولُونَ إِذَا حَضَرُوا النُّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُمْ بِأَمْرٍ قَالُوا : طَاعَة , فَإِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْده غَيَّرَتْ طَائِفَة مِنْهُمْ مَا يَقُول النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . { وَاَللَّه يَكْتُب مَا يُبَيِّتُونَ } يَقُول : مَا يَقُولُونَ . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : قَوْله : ( { وَيَقُولُونَ طَاعَة فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدك بَيَّتَ طَائِفَة مِنْهُمْ غَيْر الَّذِي تَقُول } قَالَ : يُغَيِّرُونَ مَا قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . )7894 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : ( { وَيَقُولُونَ طَاعَة فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدك بَيَّتَ طَائِفَة مِنْهُمْ غَيْر الَّذِي تَقُول } وَهُمْ نَاس كَانُوا يَقُولُونَ عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمَنَّا بِاَللَّهِ وَرَسُوله لِيَأْمَنُوا عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالهمْ , فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالَفُوا إِلَى غَيْر مَا قَالُوا عِنْده ; فَعَابَهُمْ اللَّه , فَقَالَ : { بَيَّتَ طَائِفَة مِنْهُمْ غَيْر الَّذِي تَقُول } يَقُول : يُغَيِّرُونَ مَا قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . )7895 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { بَيَّتَ طَائِفَة مِنْهُمْ غَيْر الَّذِي تَقُول } : هُمْ أَهْل النِّفَاق. )وَأَمَّا رَفْع | طَاعَة | فَإِنَّهُ بِالْمَتْرُوكِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الظَّاهِر مِنْ الْقَوْل , وَهُوَ : أَمْرك طَاعَة , أَوْ مِنَّا طَاعَة . وَأَمَّا قَوْله : { بَيَّتَ طَائِفَة } فَإِنَّ التَّاء مِنْ بَيَّتَ تُحَرِّكهَا بِالْفَتْحِ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْعِرَاق وَسَائِر الْقُرَّاء , لِأَنَّهَا لَام فِعْل . وَكَانَ بَعْض قُرَّاء الْعِرَاق يُسَكِّنهَا ثُمَّ يُدْغِمهَا فِي الطَّاء لِمُقَارَبَتِهَا فِي الْمَخْرَج . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ , تَرْك الْإِدْغَام , لِأَنَّهَا - أَعْنِي التَّاء وَالطَّاء - مِنْ حَرْفَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ ; وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ تَرْك الْإِدْغَام أَفْصَح اللُّغَتَيْنِ عِنْد الْعَرَب , وَاللُّغَة الْأُخْرَى جَائِزَة - أَعْنِي الْإِدْغَام فِي ذَلِكَ - مَحْكِيَّة .|فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه وَكَفَى بِاَللَّهِ وَكِيلًا } . </subtitle>يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَأَعْرِضْ يَا مُحَمَّد عَنْ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَك فِيمَا تَأْمُرهُمْ : أَمْرك طَاعَة , فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدك خَالَفُوا مَا أَمَرْتهمْ بِهِ وَغَيَّرُوهُ إِلَى مَا نَهَيْتهمْ عَنْهُ , وَخَلِّهِمْ وَمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الضَّلَالَة , وَارْضَ لَهُمْ بِي مُنْتَقِمًا مِنْهُمْ , وَتَوَكَّلْ أَنْتَ يَا مُحَمَّد عَلَى اللَّه. يَقُول : أَيْ وَحَسْبك بِاَللَّهِ وَكِيلًا : أَيْ فِيمَا يَأْمُرك , وَوَلِيًّا لَهَا , وَدَافِعًا عَنْك وَنَاصِرًا .

أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآن وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْد غَيْر اللَّه لَوَجَدُوا فِيهِ اِخْتِلَافًا كَثِيرًا } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآن } أَفَلَا يَتَدَبَّر الْمُبَيِّتُونَ غَيْر الَّذِي تَقُول لَهُمْ يَا مُحَمَّد كِتَاب اللَّه , فَيَعْلَمُوا حُجَّة اللَّه عَلَيْهِمْ فِي طَاعَتك وَاتِّبَاع أَمْرك , وَأَنَّ الَّذِي أَتَيْتهمْ بِهِ مِنْ التَّنْزِيل مِنْ عِنْد رَبّهمْ , لِاتِّسَاقِ مَعَانِيه وَائْتِلَاف أَحْكَامه وَتَأْيِيد بَعْضه بَعْضًا بِالتَّصْدِيقِ , وَشَهَادَة بَعْضه لِبَعْضٍ بِالتَّحْقِيقِ ; فَإِنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ مِنْ عِنْد غَيْر اللَّه لَاخْتَلَفَتْ أَحْكَامه وَتَنَاقَضَتْ مَعَانِيه وَأَبَانَ بَعْضه عَنْ فَسَاد بَعْض . كَمَا : 7896 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآن وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْد غَيْر اللَّه لَوَجَدُوا فِيهِ اِخْتِلَافًا كَثِيرًا } أَيْ قَوْل اللَّه لَا يَخْتَلِف , وَهُوَ حَقّ لَيْسَ فِيهِ بَاطِل , وَإِنَّ قَوْل النَّاس يَخْتَلِف. )7897 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : (إِنَّ الْقُرْآن لَا يُكَذِّب بَعْضه بَعْضًا , وَلَا يَنْقُض بَعْضه بَعْضًا , مَا جَهِلَ النَّاس مِنْ أَمْره فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ تَقْصِير عُقُولهمْ وَجَهَالَتهمْ . وَقَرَأَ : { وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْد غَيْر اللَّه لَوَجَدُوا فِيهِ اِخْتِلَافًا كَثِيرًا } قَالَ : فَحَقّ عَلَى الْمُؤْمِن أَنْ يَقُول : كُلّ مِنْ عِنْد اللَّه , وَيُؤْمِن بِالْمُتَشَابِهِ , وَلَا يَضْرِب بَعْضه بِبَعْضٍ ; وَإِذَا جَهِلَ أَمْرًا وَلَمْ يَعْرِف أَنْ يَقُول : الَّذِي قَالَ اللَّه حَقّ , وَيَعْرِف أَنَّ اللَّه تَعَالَى لَمْ يَقُلْ قَوْلًا وَيَنْقُضهُ , يَنْبَغِي أَنْ يُؤْمِن بِحَقِّيَّةِ مَا جَاءَ مِنْ اللَّه . )7898 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَوْله : ( { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآن } قَالَ : يَتَدَبَّرُونَ النَّظَر فِيهِ .)

وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّي

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْر مِنْ الْأَمْن أَوْ الْخَوْف أَذَاعُوا بِهِ } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْر مِنْ الْأَمْن أَوْ الْخَوْف أَذَاعُوا بِهِ } وَإِذَا جَاءَ هَذِهِ الطَّائِفَة الْمُبَيِّتَة غَيْر الَّذِي يَقُول رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْر مِنْ الْأَمْن . فَالْهَاء وَالْمِيم فِي قَوْله : { وَإِذَا جَاءَهُمْ } مِنْ ذِكْر الطَّائِفَة الْمُبَيِّتَة . يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَإِذَا جَاءَهُمْ خَبَر عَنْ سَرِيَّة لِلْمُسْلِمِينَ غَازِيَة بِأَنَّهُمْ قَدْ أَمِنُوا مِنْ عَدُوّهُمْ بِغَلَبَتِهِمْ إِيَّاهُمْ { أَوْ الْخَوْف } يَقُول : أَوْ تَخَوُّفهمْ مِنْ عَدُوّهُمْ بِإِصَابَةِ عَدُوّهُمْ مِنْهُمْ { أَذَاعُوا بِهِ } يَقُول : أَفْشَوْهُ وَبَثُّوهُ فِي النَّاس قَبْل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَبْل أُمَرَاء سَرَايَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَالْهَاء فِي قَوْله : { أَذَاعُوا بِهِ } مِنْ ذِكْر الْأَمْر وَتَأْوِيله : أَذَاعُوا بِالْأَمْرِ مِنْ الْأَمْن أَوْ الْخَوْف الَّذِي جَاءَهُمْ , يُقَال مِنْهُ أَذَاعَ فُلَان بِهَذَا الْخَبَر وَأَذَاعَهُ , وَمِنْهُ قَوْل أَبِي الْأَسْوَد : <br>أَذَاعَ بِهِ فِي النَّاس حَتَّى كَأَنَّهُ .......... بِعَلْيَاء نَار أُوقِدَتْ بِثَقُوبِ <br>وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7899 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْر مِنْ الْأَمْن أَوْ الْخَوْف أَذَاعُوا بِهِ } يَقُول : سَارَعُوا بِهِ وَأَفْشَوْهُ. )7900 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْر مِنْ الْأَمْن أَوْ الْخَوْف أَذَاعُوا بِهِ } يَقُول : إِذَا جَاءَهُمْ أَمْر أَنَّهُمْ قَدْ أَمِنُوا مِنْ عَدُوّهُمْ , أَوْ أَنَّهُمْ خَائِفُونَ مِنْهُمْ , أَذَاعُوا بِالْحَدِيثِ حَتَّى يَبْلُغ عَدُوّهُمْ أَمْرهمْ . )7901 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْر مِنْ الْأَمْن أَوْ الْخَوْف أَذَاعُوا بِهِ } يَقُول : أَفْشَوْهُ وَشَنَّعُوا بِهِ . )7902 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : ( { وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْر مِنْ الْأَمْن أَوْ الْخَوْف أَذَاعُوا بِهِ } قَالَ : هَذَا فِي الْأَخْبَار إِذَا غَزَتْ سَرِيَّة مِنْ الْمُسْلِمِينَ خُبِّرَ النَّاس عَنْهَا , فَقَالُوا : أَصَابَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ عَدُوّهُمْ كَذَا وَكَذَا , وَأَصَابَ الْعَدُوّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَذَا وَكَذَا . فَأَفْشَوْهُ بَيْنهمْ مِنْ غَيْر أَنْ يَكُون النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي يُخْبِرهُمْ بِهِ . قَالَ اِبْن جُرَيْج : قَالَ اِبْن عَبَّاس : قَوْله { أَذَاعُوا بِهِ } قَالَ : أَعْلَنُوهُ وَأَفْشَوْهُ . )7903 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { أَذَاعُوا بِهِ } قَالَ : نَشَرُوهُ. قَالَ : وَاَلَّذِينَ أَذَاعُوا بِهِ قَوْم , إِمَّا مُنَافِقُونَ , وَإِمَّا آخَرُونَ ضُعَفَاء . )7904 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : (أَفْشَوْهُ وَشَنَّعُوا بِهِ , وَهُمْ أَهْل النِّفَاق .)|وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُول وَإِلَى أُولِي الْأَمْر مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } . </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : وَلَوْ رَدُّوهُ : الْأَمْر الَّذِي نَالَهُمْ مِنْ عَدُوّهُمْ وَالْمُسْلِمِينَ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَإِلَى أُولِي أَمْرهمْ , يَعْنِي : وَإِلَى أُمَرَائِهِمْ , وَسَكَتُوا فَلَمْ يُذِيعُوا مَا جَاءَهُمْ مِنْ الْخَبَر , حَتَّى يَكُون رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ ذَوُو أَمْرهمْ هُمْ الَّذِينَ يَقُولُونَ الْخَبَر عَنْ ذَلِكَ , بَعْد أَنْ ثَبَتَتْ عِنْدهمْ صِحَّته أَوْ بِطُولِهِ , فَيُصَحِّحُوهُ إِنْ كَانَ صَحِيحًا , أَوْ يُبْطِلُوهُ إِنْ كَانَ بَاطِلًا . { لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } يَقُول : لِعِلْمِ حَقِيقَة ذَلِكَ الْخَبَر الَّذِي جَاءَهُمْ بِهِ الَّذِينَ يَبْحَثُونَ عَنْهُ , وَيَسْتَخْرِجُونَهُ مِنْهُمْ , يَعْنِي : أُولِي الْأَمْر . وَالْهَاء وَالْمِيم فِي قَوْله : { مِنْهُمْ } مِنْ ذِكْر أُولِي الْأَمْر. يَقُول : لِعِلْمِ ذَلِكَ مِنْ أُولِي الْأَمْر مَنْ يَسْتَنْبِطهُ . وَكُلّ مُسْتَخْرِج شَيْئًا كَانَ مُسْتَتِرًا عَنْ أَبْصَار الْعُيُون أَوْ عَنْ مَعَارِف الْقُلُوب , فَهُوَ لَهُ مُسْتَنْبِط , يُقَال : اِسْتَنْبَطْت الرَّكِيَّة : إِذَا اِسْتَخْرَجْت مَاءَهَا , وَنَبَطْتهَا أَنْبِطهَا , وَالنَّبَط : الْمَاء الْمُسْتَنْبَط مِنْ الْأَرْض , وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : <br>قَرِيب ثَرَاهُ مَا يَنَال عَدُوّهُ .......... لَهُ نَبَطًا آبِي الْهَوَان قَطُوب <br>يَعْنِي بِالنَّبَطِ : الْمَاء الْمُسْتَنْبَط . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7905 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُول وَإِلَى أُولِي الْأَمْر مِنْهُمْ } يَقُول : وَلَوْ سَكَتُوا وَرَدُّوا الْحَدِيث إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِلَى أُولِي أَمْرهمْ حَتَّى يَتَكَلَّم هُوَ بِهِ , { لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ } يَعْنِي عَنْ الْأَخْبَار , وَهُمْ الَّذِينَ يُنَقِّرُونَ عَنْ الْأَخْبَار. )7906 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُول وَإِلَى أُولِي الْأَمْر مِنْهُمْ } يَقُول : إِلَى عُلَمَائِهِمْ , { لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَفْحَصُونَ عَنْهُ , وَيُهِمّهُمْ ذَلِكَ . )7907 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : ( { وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُول } حَتَّى يَكُون هُوَ الَّذِي يُخْبِرهُمْ , { وَإِلَى أُولِي الْأَمْر مِنْهُمْ } : أُولِي الْفِقْه فِي الدِّين وَالْعَقْل . )7908 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة : ( { وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُول وَإِلَى أُولِي الْأَمْر مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } : يَتَتَبَّعُونَهُ وَيَتَحَسَّسُونَهُ. )7909 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : أَخْبَرَنَا لَيْث , عَنْ مُجَاهِد : ( { لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } قَالَ : الَّذِينَ يَسْأَلُونَ عَنْهُ وَيَتَحَسَّسُونَهُ . )7910 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { يَسْتَنْبِطُونَهُ } قَالَ : قَوْلهمْ : مَا كَانَ ؟ مَاذَا سَمِعْتُمْ ؟ )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة : ( { الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ } قَالَ : يَتَحَسَّسُونَهُ. )7911 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } يَقُول : لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَتَحَسَّسُونَهُ مِنْهُمْ. )7912 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } قَالَ : يَتَتَبَّعُونَهُ . )7913 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْر مِنْ الْأَمْن أَوْ الْخَوْف أَذَاعُوا بِهِ } . .. حَتَّى بَلَغَ : { وَإِلَى أُولِي الْأَمْر مِنْهُمْ } قَالَ : الْوُلَاة الَّذِينَ يَكُونُونَ فِي الْحَرْب عَلَيْهِمْ الَّذِينَ يَتَفَكَّرُونَ فَيَنْظُرُونَ لِمَا جَاءَهُمْ مِنْ الْخَبَر أَصِدْق أَمْ كَذِب ؟ أَبَاطِل فَيُبْطِلُونَهُ , أَوْ حَقّ فَيُحِقُّونَهُ ؟ قَالَ : وَهَذَا فِي الْحَرْب , وَقَرَأَ : { أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ } فَعَلُوا غَيْر هَذَا و { رَدُّوهُ } إِلَى اللَّه و { إِلَى الرَّسُول وَإِلَى أُولِي الْأَمْر مِنْهُمْ } . .. الْآيَة .)|وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَوْلَا فَضْل اللَّه عَلَيْكُمْ وَرَحْمَته لَاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَان إِلَّا قَلِيلًا } . </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَلَوْلَا إِنْعَام اللَّه عَلَيْكُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِفَضْلِهِ وَتَوْفِيقه وَرَحْمَته , فَأَنْقَذَكُمْ مِمَّا اِبْتَلَى هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ بِهِ , الَّذِينَ يَقُولُونَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَرَهُمْ بِأَمْرٍ : طَاعَة , فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْده بَيَّتَ طَائِفَة مِنْهُمْ غَيْر الَّذِي تَقُول , لَكُنْتُمْ مِثْلهمْ , فَاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَان إِلَّا قَلِيلًا , كَمَا اِتَّبَعَهُ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتهمْ . وَخَاطَبَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ذِكْره : { وَلَوْلَا فَضْل اللَّه عَلَيْكُمْ وَرَحْمَته لَاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَان } الَّذِينَ خَاطَبَهُمْ بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْركُمْ فَانْفِرُوا ثُبَات أَوْ اِنْفِرُوا جَمِيعًا } [4 71 ]. ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْقَلِيل الَّذِي اِسْتَثْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَة , مَنْ هُمْ , وَمِنْ أَيّ شَيْء مِنْ الصِّفَات اِسْتَثْنَاهُمْ ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : هُمْ الْمُسْتَنْبِطُونَ مِنْ أُولِي الْأَمْر , اِسْتَثْنَاهُمْ مِنْ قَوْله : { لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } وَنَفَى عَنْهُمْ أَنْ يَعْلَمُوا بِالِاسْتِنْبَاطِ مَا يَعْلَم بِهِ غَيْرهمْ مِنْ الْمُسْتَنْبِطِينَ مِنْ الْخَبَر الْوَارِد عَلَيْهِمْ مِنْ الْأَمْن أَوْ الْخَوْف . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7914 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : (إِنَّمَا هُوَ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ , إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ , وَلَوْلَا فَضْل اللَّه عَلَيْكُمْ وَرَحْمَته لَاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَان. )7915 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : ( { وَلَوْلَا فَضْل اللَّه عَلَيْكُمْ وَرَحْمَته لَاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَان إِلَّا قَلِيلًا } يَقُول : لَاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَان كُلّكُمْ . وَأَمَّا قَوْله : { إِلَّا قَلِيلًا } فَهُوَ كَقَوْلِهِ : { لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } إِلَّا قَلِيلًا. )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك قِرَاءَة عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { وَلَوْلَا فَضْل اللَّه عَلَيْكُمْ وَرَحْمَته لَاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَان إِلَّا قَلِيلًا } قَالَ : يَقُول : لَاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَان كُلّكُمْ ; وَأَمَّا { إِلَّا قَلِيلًا } فَهُوَ كَقَوْلِهِ : { لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ . .. إِلَّا قَلِيلًا } . )7916 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج نَحْوه , يَعْنِي نَحْو قَوْل قَتَادَة , وَقَالَ : لَعَلِمُوهُ إِلَّا قَلِيلًا. وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُمْ الطَّائِفَة الَّذِينَ وَصَفَهُمْ اللَّه أَنَّهُمْ يَقُولُونَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَاعَة , فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْده بَيَّتُوا غَيْر الَّذِي قَالُوا . وَمَعْنَى الْكَلَام : وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْر مِنْ الْأَمْن أَوْ الْخَوْف أَذَاعُوا بِهِ , إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7917 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَلَوْلَا فَضْل اللَّه عَلَيْكُمْ وَرَحْمَته لَاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَان } فَانْقَطَعَ الْكَلَام , وَقَوْله : { إِلَّا قَلِيلًا } فَهُوَ فِي أَوَّل الْآيَة يُخْبِر عَنْ الْمُنَافِقِينَ , قَالَ : { وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْر مِنْ الْأَمْن أَوْ الْخَوْف أَذَاعُوا بِهِ } إِلَّا قَلِيلًا , يَعْنِي بِالْقَلِيلِ الْمُؤْمِنِينَ , يَقُول الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَاب عَدْلًا قَيِّمًا , وَلَمْ يَجْعَل لَهُ عِوَجًا . )7918 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : (هَذِهِ الْآيَة مُقَدَّمَة وَمُؤَخَّرَة , إِنَّمَا هِيَ : أَذَاعُوا بِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ , وَلَوْلَا فَضْل اللَّه عَلَيْكُمْ وَرَحْمَته لَمْ يَنْجُ قَلِيل وَلَا كَثِير . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ اِسْتِثْنَاء مِنْ قَوْله : { لَاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَان } وَقَالُوا : الَّذِينَ اسْتُثْنُوا هُمْ قَوْم لَمْ يَكُونُوا هَمُّوا بِمَا كَانَ الْآخَرُونَ هَمُّوا بِهِ مِنْ اِتِّبَاع الشَّيْطَان , فَعَرَفَ اللَّه الَّذِينَ أَنْقَذَهُمْ مِنْ ذَلِكَ مَوْقِع نِعْمَته مِنْهُمْ , وَاسْتَثْنَى الْآخَرِينَ الَّذِينَ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ مَا كَانَ مِنْ الْآخَرِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7919 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سَلْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم يَقُول فِي قَوْله : ( { وَلَوْلَا فَضْل اللَّه عَلَيْكُمْ وَرَحْمَته لَاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَان إِلَّا قَلِيلًا } قَالَ : هُمْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كَانُوا حَدَّثُوا أَنْفُسهمْ بِأُمُورٍ مِنْ أُمُور الشَّيْطَان , إِلَّا طَائِفَة مِنْهُمْ . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَوْلَا فَضْل اللَّه عَلَيْكُمْ وَرَحْمَته لَاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَان جَمِيعًا . قَالُوا : وَقَوْله : { إِلَّا قَلِيلًا } خَرَجَ مَخْرَج الِاسْتِثْنَاء فِي اللَّفْظ , وَهُوَ دَلِيل عَلَى الْجَمِيع وَالْإِحَاطَة , وَأَنَّهُ لَوْلَا فَضْل اللَّه عَلَيْهِمْ وَرَحْمَته لَمْ يَنْجُ أَحَد مِنْ الضَّلَالَة , فَجَعَلَ قَوْله : { إِلَّا قَلِيلًا } دَلِيلًا عَلَى الْإِحَاطَة . وَاسْتَشْهَدُوا عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِ الطِّرِمَّاح بْن حَكِيم فِي مَدْح يَزِيد بْن الْمُهَلَّب : <br>أَشَمّ كَثِير يَدِيّ النَّوَال .......... قَلِيل الْمَثَالِب وَالْقَادِحَهْ <br>قَالُوا : فَظَاهِر هَذَا الْقَوْل وَصْف الْمَمْدُوح بِأَنَّ فِيهِ الْمَثَالِب وَالْمَعَايِب , وَمَعْلُوم أَنَّ مَعْنَاهُ : أَنَّهُ لَا مَثَالِب فِيهِ وَلَا مَعَايِب ; لِأَنَّ مَنْ وَصَفَ رَجُلًا بِأَنَّ فِيهِ مَعَايِب وَإِنْ وَصَفَ الَّذِي فِيهِ الْمَعَايِب بِالْقِلَّةِ , فَإِنَّمَا ذَمَّهُ وَلَمْ يَمْدَحهُ , وَلَكِنْ ذَلِكَ عَلَى مَا وَصَفْنَا مِنْ نَفْي جَمِيع الْمَعَايِب عَنْهُ. قَالُوا : فَكَذَلِكَ قَوْله : { لَاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَان إِلَّا قَلِيلًا } إِنَّمَا مَعْنَاهُ : لَاتَّبَعْتُمْ جَمِيعكُمْ الشَّيْطَان. وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي قَوْل مَنْ قَالَ : عَنَى بِاسْتِثْنَاءِ الْقَلِيل مِنْ الْإِذَاعَة ; وَقَالَ : مَعْنَى الْكَلَام : وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْر مِنْ الْأَمْن أَوْ الْخَوْف أَذَاعُوا بِهِ إِلَّا قَلِيلًا , وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُول . وَإِنَّمَا قُلْنَا : إِنَّ ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو الْقَوْل فِي ذَلِكَ مِنْ أَحَد الْأَقْوَال الَّتِي ذَكَرْنَا , وَغَيْر جَائِز أَنْ يَكُون مِنْ قَوْل : { لَاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَان } لِأَنَّ مَنْ تَفَضَّلَ اللَّه عَلَيْهِ بِفَضْلِهِ وَرَحْمَته فَغَيْر جَائِز أَنْ يَكُون مِنْ تُبَّاع الشَّيْطَان , وَغَيْر جَائِز أَنْ نَحْمِل مَعَانِيَ كِتَاب اللَّه عَلَى غَيْر الْأَغْلَب الْمَفْهُوم بِالظَّاهِرِ مِنْ الْخِطَاب فِي كَلَام الْعَرَب , وَلَنَا إِلَى حَمْل ذَلِكَ عَلَى الْأَغْلَب مِنْ كَلَام الْعَرَب سَبِيل فَنُوَجِّههُ إِلَى الْمَعْنَى الَّذِي وَجَّهَهُ إِلَيْهِ الْقَائِلُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَان جَمِيعًا , ثُمَّ زَعَمَ أَنَّ قَوْله : { إِلَّا قَلِيلًا } دَلِيل عَلَى الْإِحَاطَة بِالْجَمِيعِ . هَذَا مَعَ خُرُوجه مِنْ تَأْوِيل أَهْل التَّأْوِيل لَا وَجْه لَهُ , وَكَذَلِكَ لَا وَجْه لِتَوْجِيهِ ذَلِكَ إِلَى الِاسْتِثْنَاء مِنْ قَوْله : { لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } لِأَنَّ عِلْم ذَلِكَ إِذَا رُدَّ إِلَى الرَّسُول وَإِلَى أُولِي الْأَمْر مِنْهُمْ , فَبَيَّنَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُولُو الْأَمْر مِنْهُمْ بَعْد وُضُوحه لَهُمْ , اِسْتَوَى فِي عِلْم ذَلِكَ كُلّ مُسْتَنْبِط حَقِيقَة , فَلَا وَجْه لِاسْتِثْنَاءِ بَعْض الْمُسْتَنْبِطِينَ مِنْهُمْ وَخُصُوص بَعْضهمْ بِعِلْمِهِ مَعَ اِسْتِوَاء جَمِيعهمْ فِي عِلْمه . وَإِذْ كَانَ لَا قَوْل فِي ذَلِكَ إِلَّا مَا قُلْنَا , وَدَخَلَ هَذِهِ الْأَقْوَال الثَّلَاثَة مَا بَيَّنَّا مِنْ الْخَلَل , فَبُيِّنَ أَنَّ الصَّحِيح مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ هُوَ الرَّابِع , وَهُوَ الْقَوْل الَّذِي قَضَيْنَا لَهُ بِالصَّوَابِ مِنْ الِاسْتِثْنَاء مِنْ الْإِذَاعَة.

فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَقَاتِلْ فِي سَبِيل اللَّه } </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَقَاتِلْ فِي سَبِيل اللَّه لَا تُكَلَّف إِلَّا نَفْسك } : فَجَاهِد يَا مُحَمَّد أَعْدَاء اللَّه مِنْ أَهْل الشِّرْك بِهِ فِي سَبِيل اللَّه , يَعْنِي : فِي دِينه الَّذِي شَرَعَهُ لَك , وَهُوَ الْإِسْلَام , وَقَاتِلهمْ فِيهِ بِنَفْسِك .|لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ|فَأَمَّا قَوْله : { لَا تُكَلَّف إِلَّا نَفْسك } فَإِنَّهُ يَعْنِي : لَا يُكَلِّفك اللَّه فِيمَا فَرَضَ عَلَيْك مِنْ جِهَاد عَدُوّهُ وَعَدُوّك , إِلَّا مَا حَمَلَك مِنْ ذَلِكَ دُون مَا حَمَلَ غَيْرك مِنْهُ : أَيْ إِنَّك إِنَّمَا تُتَّبَع بِمَا اِكْتَسَبْته دُون مَا اِكْتَسَبَهُ غَيْرك , وَإِنَّمَا عَلَيْك مَا كُلِّفْته دُون مَا كُلِّفَهُ غَيْرك .|وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ|ثُمَّ قَالَ لَهُ : { وَحَرِّضْ الْمُؤْمِنِينَ } يَعْنِي : وَحُضَّهُمْ عَلَى قِتَال مَنْ أَمَرْتُك بِقِتَالِهِمْ مَعَك .|عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا| { عَسَى اللَّه أَنْ يَكُفّ بَأْس الَّذِينَ كَفَرُوا } يَقُول : لَعَلَّ اللَّه أَنْ يَكُفّ قِتَال مَنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ وَجَحَدَ وَحْدَانِيّته , وَأَنْكَرَ رِسَالَتك عَنْك وَعَنْهُمْ وَنِكَايَتهمْ. وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى أَنَّ | عَسَى | مِنْ اللَّه وَاجِبَة بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع .|وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا| { وَاَللَّه أَشَدّ بَأْسًا وَأَشَدّ تَنْكِيلًا } يَقُول : وَاَللَّه أَشَدّ نِكَايَة فِي عَدُوّهُ مِنْ أَهْل الْكُفْر بِهِ مِنْهُمْ فِيك يَا مُحَمَّد وَفِي أَصْحَابك , فَلَا تَنْكُلَنَّ عَنْ قِتَالهمْ , فَإِنِّي رَاصِدهمْ بِالْبَأْسِ وَالنِّكَايَة وَالتَّنْكِيل وَالْعُقُوبَة , لِأُوهِن كَيْدهمْ وَأُضْعِف بَأْسهمْ وَأُعْلِيَ الْحَقّ عَلَيْهِمْ. وَالتَّنْكِيل مَصْدَر مِنْ قَوْل الْقَائِل : نَكَّلْت بِفُلَانٍ , فَأَنَا أُنَكِّل بِهِ تَنْكِيلًا : إِذَا أَوْجَعْته عُقُوبَة . كَمَا : 7920 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَأَشَدّ تَنْكِيلًا } : أَيْ عُقُوبَة .)

مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مَنْ يَشْفَع شَفَاعَة حَسَنَة يَكُنْ لَهُ نَصِيب مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَع شَفَاعَة سَيِّئَة يَكُنْ لَهُ كِفْل مِنْهَا } </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { مَنْ يَشْفَع شَفَاعَة حَسَنَة يَكُنْ لَهُ نَصِيب مِنْهَا } مَنْ يَصِرْ يَا مُحَمَّد شَفْعًا لِوِتْرِ أَصْحَابك , فَيَشْفَعهُمْ فِي جِهَاد عَدُوّهُمْ وَقِتَالهمْ فِي سَبِيل اللَّه ; وَهُوَ الشَّفَاعَة الْحَسَنَة { يَكُنْ لَهُ نَصِيب مِنْهَا } يَقُولهُ : يَكُنْ لَهُ مِنْ شَفَاعَته تِلْكَ نَصِيب , وَهُوَ الْحَظّ مِنْ ثَوَاب اللَّه , وَجَزِيل كَرَامَته . { وَمَنْ يَشْفَع شَفَاعَة سَيِّئَة } يَقُول : وَمَنْ يَشْفَع وِتْر أَهْل الْكُفْر بِاَللَّهِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِهِ , فَيُقَاتِلهُمْ مَعَهُمْ , وَذَلِكَ هُوَ الشَّفَاعَة السَّيِّئَة { يَكُنْ لَهُ كِفْل مِنْهَا } يَعْنِي بِالْكِفْلِ النَّصِيب وَالْحَظّ مِنْ الْوِزْر وَالْإِثْم . وَهُوَ مَأْخُوذ مِنْ كِفْل الْبَعِير وَالْمَرْكَب , وَهُوَ الْكِسَاء أَوْ الشَّيْء يُهَيَّأ عَلَيْهِ شَبِيه بِالسَّرْجِ عَلَى الدَّابَّة , يُقَال مِنْهُ : جَاءَ فُلَان مُكْتَفِلًا : إِذَا جَاءَ عَلَى مَرْكَب قَدْ وُطِّئَ لَهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا لِرُكُوبِهِ . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّهُ عَنَى بِقَوْلِهِ : { مَنْ يَشْفَع شَفَاعَة حَسَنَة يَكُنْ لَهُ نَصِيب مِنْهَا } . .. الْآيَة , شَفَاعَة النَّاس بَعْضهمْ لِبَعْضٍ . وَغَيْر مُسْتَنْكَر أَنْ تَكُون الْآيَة نَزَلَتْ فِيمَا ذَكَرْنَا , ثُمَّ عَمَّ بِذَلِكَ كُلّ شَافِع بِخَيْرٍ أَوْ شَرّ . وَإِنَّمَا اِخْتَرْنَا مَا قُلْنَا مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي سِيَاق الْآيَة الَّتِي أَمَرَ اللَّه نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا بِحَضِّ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَال , فَكَانَ ذَلِكَ بِالْوَعْدِ لِمَنْ أَجَابَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالْوَعِيد لِمَنْ أَبَى إِجَابَته أَشْبَهَ مِنْهُ مِنْ الْحَثّ عَلَى شَفَاعَة النَّاس بَعْضهمْ لِبَعْضٍ الَّتِي لَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْر قَبْل وَلَا لَهَا ذِكْر بَعْد . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ فِي شَفَاعَة النَّاس بَعْضهمْ لِبَعْضٍ : 7921 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { مَنْ يَشْفَع شَفَاعَة حَسَنَة يَكُنْ لَهُ نَصِيب مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَع شَفَاعَة سَيِّئَة } قَالَ : شَفَاعَة بَعْض النَّاس لِبَعْضٍ . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7922 - حُدِّثْت عَنْ اِبْن مَهْدِيّ , عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ حُمَيْد , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : (مَنْ يَشْفَع شَفَاعَة حَسَنَة كَانَ لَهُ فِيهَا أَجْرَانِ , وَلِأَنَّ اللَّه يَقُول : { مَنْ يَشْفَع شَفَاعَة حَسَنَة يَكُنْ لَهُ نَصِيب مِنْهَا } وَلَمْ يَقُلْ : يُشَفَّع . )7923 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ رَجُل , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : (مَنْ يَشْفَع شَفَاعَة حَسَنَة كُتِبَ لَهُ أَجْرهَا مَا جَرَتْ مَنْفَعَتهَا. )7924 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : سُئِلَ اِبْن زَيْد , عَنْ قَوْل اللَّه : ( { مَنْ يَشْفَع شَفَاعَة حَسَنَة يَكُنْ لَهُ نَصِيب مِنْهَا } قَالَ : الشَّفَاعَة الصَّالِحَة الَّتِي يَشْفَع فِيهَا وَعَمِلَ بِهَا هِيَ بَيْنك وَبَيْنه هُمَا فِيهَا شَرِيكَانِ . { مَنْ يَشْفَع شَفَاعَة سَيِّئَة يَكُنْ لَهُ كِفْل مِنْهَا } قَالَ : هُمَا شَرِيكَانِ فِيهَا كَمَا كَانَ أَهْلهَا شَرِيكَيْنِ . )ذِكْر مَنْ قَالَ الْكِفْل النَّصِيب : 7925 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { مَنْ يَشْفَع شَفَاعَة حَسَنَة يَكُنْ لَهُ نَصِيب مِنْهَا } : أَيْ حَظّ مِنْهَا . { مَنْ يَشْفَع شَفَاعَة سَيِّئَة يَكُنْ لَهُ كِفْل مِنْهَا } وَالْكِفْل : هُوَ الْإِثْم . )7926 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَوْله : ( { يَكُنْ لَهُ كِفْل مِنْهَا } أَمَّا الْكِفْل : فَالْحَظّ . )7927 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع : ( { يَكُنْ لَهُ كِفْل مِنْهَا } قَالَ : حَظّ مِنْهَا , فَبِئْسَ الْحَظّ . )7928 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : (الْكِفْل وَالنَّصِيب وَاحِد . وَقَرَأَ : { يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَته } [57 28])|وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَكَانَ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء مُقِيتًا } . </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَكَانَ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء مُقِيتًا } فَقَالَ بَعْضهمْ : تَأْوِيله : وَكَانَ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء حَفِيظًا وَشَهِيدًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7929 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَكَانَ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء مُقِيتًا } يَقُول : حَفِيظًا. )7930 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { مُقِيتًا } شَهِيدًا . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ رَجُل اِسْمه مُجَاهِد , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7931 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : ( { مُقِيتًا } قَالَ : شَهِيدًا , حَسِيبًا , حَفِيظًا. )7932 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن عُثْمَان بْن حَكِيم , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن شَرِيك , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ خُصَيْف , عَنْ مُجَاهِد أَبِي الْحَجَّاج : ( { وَكَانَ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء مُقِيتًا } قَالَ : الْمُقِيت : الْحَسِيب . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : الْقَائِم عَلَى كُلّ شَيْء بِالتَّدْبِيرِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7933 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه بْن كَثِير : ( { وَكَانَ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء مُقِيتًا } قَالَ : الْمُقِيت : الْوَاصِب . )وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ الْقَدِير . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7934 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَكَانَ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء مُقِيتًا } أَمَّا الْمُقِيت : فَالْقَدِير. )7935 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَكَانَ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء مُقِيتًا } قَالَ : عَلَى كُلّ شَيْء قَدِيرًا. الْمُقِيت : الْقَدِير . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَال , قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى الْمُقِيت : الْقَدِير , وَذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا يُذْكَر كَذَلِكَ بِلُغَةِ قُرَيْش , وَيُنْشَد لِلزُّبَيْرِ بْن عَبْد الْمُطَّلِب عَمّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : <br>وَذِي ضِغْن كَفَفْت النَّفْس عَنْهُ .......... وَكُنْت عَلَى مَسَاءَته مُقِيتَا <br>أَيْ قَدِيرًا . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ مِنْهُ قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّع مَنْ يُقِيت | فِي رِوَايَة مَنْ رَوَاهَا : | يُقِيت | : يَعْنِي مَنْ هُوَ تَحْت يَدَيْهِ فِي سُلْطَانه مِنْ أَهْله وَعِيَاله , فَيُقَدِّر لَهُ قُوته . يُقَال مِنْهُ : أَقَاتَ فُلَان الشَّيْء يُقِيته إِقَاتَة , وَقَاتَهُ يَقُوتهُ قِيَاتَة وَقَوْتًا , وَالْقُوت الِاسْم . وَأَمَّا الْمُقِيت فِي بَيْت الْيَهُودِيّ الَّذِي يَقُول فِيهِ : <br>لَيْتَ شِعْرِي وَأَشْعُرَنَّ إِذَا مَا .......... قَرَّبُوهَا مَنْشُورَة وَدُعِيت <br><br>أَلِيَ الْفَضْل أَمْ عَلَيَّ إِذَا حُو .......... سِبْت إِنِّي عَلَى الْحِسَاب مُقِيت <br>فَإِنَّ مَعْنَاهُ : فَإِنِّي عَلَى الْحِسَاب مَوْقُوف , وَهُوَ مِنْ غَيْر هَذَا الْمَعْنَى .

وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَن مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ } : إِذَا دُعِيَ لَكُمْ بِطُولِ الْحَيَاة وَالْبَقَاء وَالسَّلَامَة . { فَحَيُّوا بِأَحْسَن مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا } يَقُول : فَادْعُوا لِمَنْ دَعَا لَكُمْ بِذَلِكَ بِأَحْسَن مِمَّا دَعَا لَكُمْ , { أَوْ رُدُّوهَا } يَقُول : أَوْ رُدُّوا التَّحِيَّة. ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي صِفَة التَّحِيَّة الَّتِي هِيَ أَحْسَن مِمَّا حَيَّا بِهِ الْمُحَيِّي , وَاَلَّتِي هِيَ مِثْلهَا , فَقَالَ بَعْضهمْ : الَّتِي هِيَ أَحْسَن مِنْهَا أَنْ يَقُول الْمُسْلِم عَلَيْهِ إِذَا قِيلَ : | السَّلَام عَلَيْكُمْ | : وَعَلَيْكُمْ السَّلَام وَرَحْمَة اللَّه , وَيَزِيد عَلَى دُعَاء الدَّاعِي لَهُ ; وَالرَّدّ أَنْ يَقُول : السَّلَام عَلَيْكُمْ مِثْلهَا , كَمَا قِيلَ لَهُ , أَوْ يَقُول : وَعَلَيْكُمْ السَّلَام , فَيَدْعُو لِلدَّاعِي لَهُ مِثْل الَّذِي دَعَا لَهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7936 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَن مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا } يَقُول : إِذَا سَلَّمَ عَلَيْك أَحَد , فَقُلْ أَنْتَ : | وَعَلَيْك السَّلَام وَرَحْمَة اللَّه | , أَوْ تَقْطَع إِلَى | السَّلَام عَلَيْك | , كَمَا قَالَ لَك . )7937 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء , قَوْله : ( { وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَن مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا } قَالَ : فِي أَهْل الْإِسْلَام . )7938 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ اِبْن جُرَيْج فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ , عَنْ عَطَاء , قَالَ : (فِي أَهْل الْإِسْلَام . )7939 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ شُرَيْح : (أَنَّهُ كَانَ يَرُدّ : | السَّلَام عَلَيْكُمْ | , كَمَا يُسَلَّم عَلَيْهِ . )7940 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ اِبْن عَوْن وَإِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ إِبْرَاهِيم , (أَنَّهُ كَانَ يَرُدّ : السَّلَام عَلَيْكُمْ وَرَحْمَة اللَّه. )7941 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَطِيَّة , عَنْ اِبْن عُمَر (أَنَّهُ كَانَ يَرُدّ : وَعَلَيْكُمْ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : فَحَيُّوا بِأَحْسَن مِنْهَا أَهْل الْإِسْلَام , أَوْ رُدُّوهَا عَلَى أَهْل الْكُفْر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7942 - حَدَّثَنِي إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن حَبِيب بْن الشَّهِيد , قَالَ : ثنا حُمَيْد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ الْحَسَن بْن صَالِح , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (مَنْ سَلَّمَ عَلَيْك مِنْ خَلْق اللَّه , فَارْدُدْ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مَجُوسِيًّا , فَإِنَّ اللَّه يَقُول : { وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَن مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا } . )7943 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا سَالِم بْن نُوح , قَالَ : ثنا سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَة , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَن مِنْهَا } لِلْمُسْلِمِينَ , { أَوْ رُدُّوهَا } عَلَى أَهْل الْكِتَاب . )* - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : ( { وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَن مِنْهَا } لِلْمُسْلِمِينَ , { أَوْ رُدُّوهَا } عَلَى أَهْل الْكِتَاب . )* - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَن مِنْهَا } يَقُول : حَيُّوا أَحْسَن مِنْهَا : أَيْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ { أَوْ رُدُّوهَا } . أَيْ عَلَى أَهْل الْكِتَاب . )7944 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَن مِنْهَا أَوْ رَدُّوهَا } قَالَ : قَالَ أَبِي : حَقّ عَلَى كُلّ مُسْلِم حُيِّيَ بِتَحِيَّةٍ أَنْ يُحَيِّيَ بِأَحْسَن مِنْهَا , وَإِذَا حَيَّاهُ غَيْر أَهْل الْإِسْلَام أَنْ يَرُدّ عَلَيْهِ مِثْل مَا قَالَ , )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِتَأْوِيلِ الْآيَة قَوْل مَنْ قَالَ ذَلِكَ فِي أَهْل الْإِسْلَام , وَوُجِّهَ مَعْنَاهُ إِلَى أَنَّهُ يَرُدّ السَّلَام عَلَى الْمُسْلِم إِذَا حَيَّاهُ تَحِيَّة أَحْسَن مِنْ تَحِيَّته أَوْ مِثْلهَا. وَذَلِكَ أَنَّ الصِّحَاح مِنْ الْآثَار عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ وَاجِب عَلَى كُلّ مُسْلِم رَدّ تَحِيَّة كُلّ كَافِر أَحْسَن مِنْ تَحِيَّته , وَقَدْ أَمَرَ اللَّه بِرَدّ الْأَحْسَن ; وَالْمِثْل فِي هَذِهِ الْآيَة مِنْ غَيْر تَمْيِيز مِنْهُ بَيْن الْمُسْتَوْجِب رَدّ الْأَحْسَن مِنْ تَحِيَّته عَلَيْهِ وَالْمَرْدُود عَلَيْهِ مِثْلهَا بِدَلَالَةٍ يُعْلَم بِهَا صِحَّة قَوْل مَنْ قَالَ : عَنَى بِرَدِّ الْأَحْسَن الْمُسْلِم , وَبِرَدِّ الْمِثْل : أَهْل الْكُفْر. وَالصَّوَاب إِذْ لَمْ يَكُنْ فِي الْآيَة دَلَالَة عَلَى صِحَّة ذَلِكَ وَلَا بِصِحَّتِهِ أَثَر لَازِم عَنْ الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنْ يَكُون الْخِيَار فِي ذَلِكَ إِلَى الْمُسْلِم عَلَيْهِ بَيْن رَدّ الْأَحْسَن أَوْ الْمِثْل إِلَّا فِي الْمَوْضِع الَّذِي خَصَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ سُنَّة مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَيَكُون مُسَلَّمًا لَهَا . وَقَدْ خَصَّتْ السُّنَّة أَهْل الْكُفْر بِالنَّهْيِ عَنْ رَدّ الْأَحْسَن مِنْ تَحِيَّتهمْ عَلَيْهِمْ أَوْ مِثْلهَا , إِلَّا بِأَنْ يُقَال : | وَعَلَيْكُمْ | , فَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَتَعَدَّى مَا حَدَّ فِي ذَلِكَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَأَمَّا أَهْل الْإِسْلَام , فَإِنَّ لِمَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ فِي الرَّدّ مِنْ الْخِيَار مَا جَعَلَ اللَّه لَهُ مِنْ ذَلِكَ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَأْوِيل ذَلِكَ بِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا خَبَر ; وَذَلِكَ مَا : 7945 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن سَهْل الرَّمْلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن السَّرِيّ الْأَنْطَاكِيّ , قَالَ : ثنا هِشَام بْن لَاحِق , عَنْ عَاصِم الْأَحْوَل , عَنْ أَبِي عُثْمَان النَّهْدِيّ , عَنْ سَلْمَان الْفَارِسِيّ , قَالَ : (جَاءَ رَجُل إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول اللَّه ! فَقَالَ : | وَعَلَيْك وَرَحْمَة اللَّه ! | . ثُمَّ جَاءَ آخَر فَقَالَ : السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول اللَّه وَرَحْمَة اللَّه ! فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه : | وَعَلَيْك وَرَحْمَة اللَّه وَبَرَكَاته ! | . ثُمَّ جَاءَ آخَر فَقَالَ : السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول اللَّه وَرَحْمَة اللَّه وَبَرَكَاته ! فَقَالَ لَهُ : | وَعَلَيْك ! | فَقَالَ لَهُ الرَّجُل : يَا نَبِيّ اللَّه بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي , أَتَاك فُلَان وَفُلَان فَسَلَّمَا عَلَيْك فَرَدَدْت عَلَيْهِمَا أَكْثَر مِمَّا رَدَدْت عَلَيَّ ؟ فَقَالَ : | إِنَّك لَمْ تَدَع لَنَا شَيْئًا , قَالَ اللَّه { وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَن مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا } فَرَدَدْنَاهَا عَلَيْك . )فَإِنْ قَالَ قَائِل : أَفَوَاجِب رَدّ التَّحِيَّة عَلَى مَا أَمَرَ اللَّه بِهِ فِي كِتَابه ؟ قِيلَ : نَعَمْ , وَبِهِ كَانَ يَقُول جَمَاعَة مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7946 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْر أَنَّهُ سَمِعَ جَابِر بْن عَبْد اللَّه يَقُول : مَا رَأَيْته إِلَّا يُوجِبهُ قَوْله : ( { وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَن مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا } . )7947 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ سُفْيَان , عَنْ رَجُل , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : (السَّلَام : تَطَوُّع , وَالرَّدّ فَرِيضَة .)|إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه كَانَ عَلَى كُلّ شَيْء حَسِيبًا } . </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِنَّ اللَّه كَانَ عَلَى كُلّ شَيْء مِمَّا تَعْمَلُونَ أَيّهَا النَّاس مِنْ الْأَعْمَال مِنْ طَاعَة وَمَعْصِيَة حَفِيظًا عَلَيْكُمْ , حَتَّى يُجَازِيكُمْ بِهَا جَزَاءَهُ . كَمَا : 7948 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : (حَسِيبًا , قَالَ : حَفِيظًا . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَأَصْل الْحَسِيب فِي هَذَا الْمَوْضِع عِنْدِي فَعِيل مِنْ الْحِسَاب الَّذِي هُوَ فِي مَعْنَى الْإِحْصَاء , يُقَال مِنْهُ : حَاسَبْت فُلَانًا عَلَى كَذَا وَكَذَا , وَفُلَان حَاسَبَهُ عَلَى كَذَا وَهُوَ حَسِيبه , وَذَلِكَ إِذَا كَانَ صَاحِب حِسَابه. وَقَدْ زَعَمَ بَعْض أَهْل الْبَصْرَة مِنْ أَهْل اللُّغَة أَنَّ مَعْنَى الْحَسِيب فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْكَافِي , يُقَال مِنْهُ : أَحْسَبَنِي الشَّيْء يُحْسِبنِي إِحْسَابًا , بِمَعْنَى : كَفَانِي , مِنْ قَوْلهمْ : حَسْبِي كَذَا وَكَذَا . وَهَذَا غَلَط مِنْ الْقَوْل وَخَطَأ , وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُقَال فِي أَحْسَبْت الشَّيْء : أَحْسَبْت عَلَى الشَّيْء فَهُوَ حَسِيب عَلَيْهِ , وَإِنَّمَا يُقَال : هُوَ حَسْبه وَحَسِيبه , وَاَللَّه يَقُول : { إِنَّ اللَّه كَانَ عَلَى كُلّ شَيْء حَسِيبًا } .

اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { اللَّه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { اللَّه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ } الْمَعْبُود الَّذِي لَا تَنْبَغِي الْعُبُودِيَّة إِلَّا لَهُ هُوَ , الَّذِي لَهُ عِبَادَة كُلّ شَيْء وَطَاعَة كُلّ طَائِع .|لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ|وَقَوْله : { لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة } يَقُول : لَيَبْعَثَنَّكُمْ مِنْ بَعْد مَمَاتكُمْ , وَلَيَحْشُرَنَّكُمْ جَمِيعًا إِلَى مَوْقِف الْحِسَاب الَّذِي يُجَازِي النَّاس فِيهِ بِأَعْمَالِهِمْ , وَيَقْضِي فِيهِ بَيْن أَهْل طَاعَته وَمَعْصِيَته وَأَهْل الْإِيمَان بِهِ وَالْكُفْر .|لَا رَيْبَ فِيهِ| { لَا رَيْب فِيهِ } يَقُول : لَا شَكّ فِي حَقِيقَة مَا أَقُول لَكُمْ مِنْ ذَلِكَ وَأُخْبِركُمْ مِنْ خَبَرِي : أَنِّي جَامِعكُمْ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة بَعْد مَمَاتكُمْ .|وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا| { وَمَنْ أَصْدَق مِنْ اللَّه حَدِيثًا } يَعْنِي بِذَلِكَ : وَاعْلَمُوا حَقِيقَة مَا أُخْبِركُمْ مِنْ الْخَبَر , فَإِنِّي جَامِعكُمْ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لِلْجَزَاءِ وَالْعَرْض وَالْحِسَاب وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب يَقِينًا , فَلَا تَشُكُّوا فِي صِحَّته , وَلَا تَمْتَرُوا فِي حَقِّيَّته , فَإِنَّ قَوْلِي الصِّدْق الَّذِي لَا كَذِب فِيهِ , وَوَعْدِي الصِّدْق الَّذِي لَا خُلْف لَهُ . { وَمَنْ أَصْدَق مِنْ اللَّه حَدِيثًا } يَقُول : وَأَيّ نَاطِق أَصْدَق مِنْ اللَّه حَدِيثًا ؟ وَذَلِكَ أَنَّ الْكَاذِب إِنَّمَا يَكْذِب لِيَجْتَلِب بِكَذِبِهِ إِلَى نَفْسه نَفْعًا أَوْ يَدْفَع بِهِ عَنْهَا ضُرًّا , وَاَللَّه تَعَالَى ذِكْره خَالِق الضُّرّ وَالنَّفْع , فَغَيْر جَائِز أَنْ يَكُون مِنْهُ كَذِب , لِأَنَّهُ لَا يَدْعُوهُ إِلَى اِجْتِلَاب نَفْع إِلَى نَفْسه , أَوْ دَفْع ضُرّ عَنْهَا سِوَاهُ تَعَالَى ذِكْره , فَيَجُوز أَنْ يَكُون لَهُ فِي اِسْتِحَالَة الْكَذِب مِنْهُ نَظِيرًا , وَمَنْ أَصْدَق مِنْ اللَّه حَدِيثًا وَخَبَرًا .

فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ } فَمَا شَأْنكُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ فِي أَهْل النِّفَاق فِئَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ , وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الَّذِينَ نَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : نَزَلَتْ فِي اِخْتِلَاف أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم أُحُد , وَانْصَرَفُوا إِلَى الْمَدِينَة , وَقَالُوا لِرَسُولِ اللَّه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَلِأَصْحَابِهِ : { لَوْ نَعْلَم قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ } [3 167 ]. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7949 - حَدَّثَنِي الْفَضْل بْن زِيَاد الْوَاسِطِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُد , عَنْ شُعْبَة , عَنْ عَدِيّ بْن ثَابِت , قَالَ : سَمِعْت عَبْد اللَّه بْن يَزِيد الْأَنْصَارِيّ يُحَدِّث عَنْ زَيْد بْن ثَابِت : (أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَرَجَ إِلَى أُحُد , رَجَعَتْ طَائِفَة مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ , فَكَانَ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ فِرْقَتَيْنِ , فِرْقَة تَقُول : نَقْتُلهُمْ , وَفِرْقَة تَقُول : لَا . فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاَللَّه أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا } . .. الْآيَة , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَدِينَة : | إِنَّهَا طَيِّبَة وَإِنَّهَا تَنْفِي خَبَثهَا كَمَا تَنْفِي النَّار خَبَث الْفِضَّة . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عَدِيّ بْن ثَابِت , عَنْ عَبْد اللَّه بْن يَزِيد , عَنْ زَيْد بْن ثَابِت , قَالَ : خَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ نَحْوه . * - حَدَّثَنِي زُرَيْق بْن السخت , قَالَ : ثنا شَبَابَة , عَنْ عَدِيّ بْن ثَابِت , عَنْ عَبْد اللَّه بْن يَزِيد , عَنْ زَيْد بْن ثَابِت , قَالَ : (ذَكَرُوا الْمُنَافِقِينَ عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ فَرِيق : نَقْتُلهُمْ , وَقَالَ فَرِيق : لَا نَقْتُلهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ } . .. إِلَى آخِر الْآيَة . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ نَزَلَتْ فِي اِخْتِلَاف كَانَ بَيْن أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْم كَانُوا قَدِمُوا الْمَدِينَة مِنْ مَكَّة , فَأَظْهَرُوا لِلْمُسْلِمِينَ أَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ , ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى مَكَّة وَأَظْهَرُوا لَهُمْ الشِّرْك . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7950 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ } قَالَ : قَوْم خَرَجُوا مِنْ مَكَّة حَتَّى أَتَوْا الْمَدِينَة يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ مُهَاجِرُونَ , ثُمَّ اِرْتَدُّوا بَعْد ذَلِكَ , فَاسْتَأْذَنُوا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَكَّة لِيَأْتُوا بِبَضَائِع لَهُمْ يَتَّجِرُونَ فِيهَا . فَاخْتَلَفَ فِيهِمْ الْمُؤْمِنُونَ , فَقَائِل يَقُول : هُمْ مُنَافِقُونَ , وَقَائِل يَقُول : هُمْ مُؤْمِنُونَ. فَبَيَّنَ اللَّه نِفَاقهمْ , فَأَمَرَ بِقِتَالِهِمْ . فَجَاءُوا بِبَضَائِعِهِمْ يُرِيدُونَ الْمَدِينَة , فَلَقِيَهُمْ هِلَال بْن عُوَيْمِر الْأَسْلَمِيّ , وَبَيْنه وَبَيْن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِلْف , وَهُوَ الَّذِي حُصِرَ صَدْره أَنْ يُقَاتِل الْمُؤْمِنِينَ أَوْ يُقَاتِل قَوْمه , فَدَفَعَ عَنْهُمْ بِأَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ هِلَالًا , وَبَيْنه وَبَيْن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْد . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد مِثْله بِنَحْوِهِ , غَيْر أَنَّهُ قَالَ : (فَبَيَّنَ اللَّه نِفَاقهمْ , وَأَمَرَ بِقِتَالِهِمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوا يَوْمئِذٍ , فَجَاءُوا بِبَضَائِعِهِمْ يُرِيدُونَ هِلَال بْن عُوَيْمِر الْأَسْلَمِيّ , وَبَيْنه وَبَيْن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِلْف . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانَ اِخْتِلَافهمْ فِي قَوْم مِنْ أَهْل الشِّرْك كَانُوا أَظْهَرُوا الْإِسْلَام بِمَكَّة , وَكَانُوا يُعِينُونَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7951 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : ( { فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ } وَذَلِكَ أَنَّ قَوْمًا كَانُوا بِمَكَّة قَدْ تَكَلَّمُوا بِالْإِسْلَامِ , وَكَانُوا يُظَاهِرُونَ الْمُشْرِكِينَ , فَخَرَجُوا مِنْ مَكَّة يَطْلُبُونَ حَاجَة لَهُمْ , فَقَالُوا : إِنْ لَقِيَنَا أَصْحَاب مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام , فَلَيْسَ عَلَيْنَا مِنْهُمْ بَأْس ! وَأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ لَمَّا أُخْبِرُوا أَنَّهُمْ قَدْ خَرَجُوا مِنْ مَكَّة , قَالَتْ فِئَة مِنْ الْمُؤْمِنِينَ : اِرْكَبُوا إِلَى الْخُبَثَاء فَاقْتُلُوهُمْ , فَإِنَّهُمْ يُظَاهِرُونَ عَلَيْكُمْ عَدُوّكُمْ ! وَقَالَتْ فِئَة أُخْرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ : سُبْحَان اللَّه - أَوْ كَمَا قَالُوا - أَتَقْتُلُونَ قَوْمًا قَدْ تَكَلَّمُوا بِمِثْلِ مَا تَكَلَّمْتُمْ بِهِ ؟ مِنْ أَجْل أَنَّهُمْ لَمْ يُهَاجِرُوا وَيَتْرُكُوا دِيَارهمْ تُسْتَحَلّ دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالهمْ لِذَلِكَ ! فَكَانُوا كَذَلِكَ فِئَتَيْنِ , وَالرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام عِنْدهمْ لَا يَنْهَى وَاحِدًا مِنْ الْفَرِيقَيْنِ عَنْ شَيْء ; فَنَزَلَتْ : { فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاَللَّه أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّه }... الْآيَة . )7952 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ } . .. الْآيَة , ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُمَا كَانَا رَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْش كَانَا مَعَ الْمُشْرِكِينَ بِمَكَّة , وَكَانَا قَدْ تَكَلَّمَا بِالْإِسْلَامِ , وَلَمْ يُهَاجِرَا إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَلَقِيَهُمَا نَاس مِنْ أَصْحَاب نَبِيّ اللَّه وَهُمَا مُقْبِلَانِ إِلَى مَكَّة , فَقَالَ بَعْضهمْ : إِنَّ دِمَاءَهُمَا وَأَمْوَالهمَا حَلَال , وَقَالَ بَعْضهمْ : لَا تَحِلّ لَكُمْ . فَتَشَاجَرُوا فِيهِمَا , فَأَنْزَلَ اللَّه فِي ذَلِكَ : { فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاَللَّه أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا } حَتَّى بَلَغَ : { وَلَوْ شَاءَ اللَّه لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ } . )7953 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر بْن رَاشِد , قَالَ : (بَلَغَنِي أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْل مَكَّة كَتَبُوا إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ قَدْ أَسْلَمُوا , وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ كَذِبًا. فَلَقُوهُمْ , فَاخْتَلَفَ فِيهِمْ الْمُسْلِمُونَ , فَقَالَتْ طَائِفَة : دِمَاؤُهُمْ حَلَال , وَقَالَتْ طَائِفَة : دِمَاؤُهُمْ حَرَام ; فَأَنْزَلَ اللَّه : { فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاَللَّه أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا } . )7954 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سَلْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ } هُمْ نَاس تَخَلَّفُوا عَنْ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَقَامُوا بِمَكَّة , وَأَعْلَنُوا الْإِيمَان , وَلَمْ يُهَاجِرُوا . فَاخْتَلَفَ فِيهِمْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَتَوَلَّاهُمْ نَاس مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَتَبَرَّأَ مِنْ وِلَايَتهمْ آخَرُونَ , وَقَالُوا : تَخَلَّفُوا عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُهَاجِرُوا . فَسَمَّاهُمْ اللَّه مُنَافِقِينَ , وَبَرَّأَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ وِلَايَتهمْ , وَأَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَتَوَلَّوْهُمْ حَتَّى يُهَاجِرُوا . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانَ اِخْتِلَافهمْ فِي قَوْم كَانُوا بِالْمَدِينَةِ أَرَادُوا الْخُرُوج عَنْهَا نِفَاقًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7955 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاَللَّه أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا } قَالَ : كَانَ نَاس مِنْ الْمُنَافِقِينَ أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ الْمَدِينَة , فَقَالُوا لِلْمُؤْمِنِينَ : إِنَّا قَدْ أَصَابَنَا أَوْجَاع فِي الْمَدِينَة وَاتَّخَمْنَاهَا , فَلَعَلَّنَا أَنْ نَخْرُج إِلَى الظَّهْر حَتَّى نَتَمَاثَل ثُمَّ نَرْجِع , فَإِنَّا كُنَّا أَصْحَاب بَرِّيَّة . فَانْطَلَقُوا ; وَاخْتَلَفَ فِيهِمْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَتْ طَائِفَة : أَعْدَاء اللَّه الْمُنَافِقُونَ , وَدِدْنَا أَنَّ رَسُول اللَّه أَذِنَ لَنَا فَقَاتَلْنَاهُمْ ! وَقَالَتْ طَائِفَة : لَا , بَلْ إِخْوَاننَا تَخِمَتْهُمْ الْمَدِينَة فَاتَّخَمُوهَا . فَخَرَجُوا إِلَى الظَّهْر يَتَنَزَّهُونَ , فَإِذَا بَرَءُوا رَجَعُوا . فَقَالَ اللَّه : { فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ } يَقُول : مَا لَكُمْ تَكُونُونَ فِيهِمْ فِئَتَيْنِ { وَاَللَّه أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا } . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي اِخْتِلَاف أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْر أَهْل الْإِفْك . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7956 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاَللَّه أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا } حَتَّى بَلَغَ : { فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاء حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيل اللَّه } قَالَ : هَذَا فِي شَأْن اِبْن أُبَيّ حِين تَكَلَّمَ فِي عَائِشَة بِمَا تَكَلَّمَ . فَقَالَ سَعْد بْن مُعَاذ : فَإِنِّي أَبْرَأ إِلَى اللَّه وَإِلَى رَسُوله مِنْهُ ! يُرِيد عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ اِبْن سَلُول. )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ قَوْل مَنْ قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي اِخْتِلَاف أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْم كَانُوا اِرْتَدُّوا عَنْ الْإِسْلَام بَعْد إِسْلَامهمْ مِنْ أَهْل مَكَّة . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ ; لِأَنَّ اِخْتِلَاف أَهْل ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ عَلَى قَوْلَيْنِ : التَّأْوِيل فِي أَحَدهمَا أَنَّهُمْ قَوْم كَانُوا مِنْ أَهْل مَكَّة عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَة عَنْهُمْ , وَالْآخَر أَنَّهُمْ قَوْم كَانُوا مِنْ أَهْل الْمَدِينَة , وَفِي قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاء حَتَّى يُهَاجِرُوا } أَوْضَحَ الدَّلِيل عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا مِنْ غَيْر أَهْل الْمَدِينَة لِأَنَّ الْهِجْرَة كَانَتْ عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى دَاره وَمَدِينَته مِنْ سَائِر أَرْض الْكُفْر , فَأَمَّا مَنْ كَانَ بِالْمَدِينَةِ فِي دَار الْهِجْرَة مُقِيمًا مِنْ الْمُنَافِقِينَ وَأَهْل الشِّرْك , فَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فَرْض هِجْرَة , لِأَنَّهُ فِي دَار الْهِجْرَة كَانَ وَطَنه وَمُقَامه . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي نَصْب قَوْله : { فِئَتَيْنِ } فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ مَنْصُوب عَلَى الْحَال , كَمَا تَقُول : مَا لَك قَائِمًا , يَعْنِي مَا لَك فِي حَال الْقِيَام . وَهَذَا قَوْل بَعْض الْبَصْرِيِّينَ ; وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفِيِّينَ : هُوَ مَنْصُوب عَلَى فِعْل | مَا لَك | , قَالَ : وَلَا يُبَالِي كَانَ الْمَنْصُوب فِي مَا لَك مَعْرِفَة أَوْ نَكِرَة . قَالَ : وَيَجُوز فِي الْكَلَام أَنْ يَقُول : مَا لَك السَّائِر مَعَنَا , لِأَنَّهُ كَالْفِعْلِ الَّذِي يُنْصَب بِكَانَ وَأَظُنّ وَمَا أَشْبَهَهُمَا . قَالَ : وَكُلّ مَوْضِع صَلُحَتْ فِيهِ | فَعَلَ | و | يَفْعَل | مِنْ الْمَنْصُوب جَازَ نَصْب الْمَعْرِفَة مِنْهُ وَالنَّكِرَة , كَمَا يَنْصِب كَانَ وَأَظُنّ لِأَنَّهُنَّ نَوَاقِص فِي الْمَعْنَى وَإِنْ ظَنَنْت أَنَّهُنَّ تَامَّات . وَهَذَا الْقَوْل أَوْلَى بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ , لِأَنَّ الْمَطْلُوب فِي قَوْل الْقَائِل : | مَا لَك قَائِمًا | الْقِيَام , فَهُوَ فِي مَذْهَب كَانَ وَأَخَوَاتهَا وَأَظُنّ وَصَوَاحِبَاتهَا .|وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله عَزَّ وَجَلَّ : { وَاَللَّه أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ : وَاَللَّه رَدَّهُمْ إِلَى أَحْكَام أَهْل الشِّرْك فِي إِبَاحَة دِمَائِهِمْ وَسَبْي ذَرَارِيّهمْ . وَالْإِرْكَاس : الرَّدّ , وَمِنْهُ قَوْل أُمَيَّة بْن أَبِي الصَّلْت : <br>فَأُرْكِسُوا فِي حَمِيم النَّار إِنَّهُمُ .......... كَانُوا عُصَاة وَقَالُوا الْإِفْك وَالزَّوْرَا <br>يُقَال مِنْهُ : أَرْكَسَهُمْ وَرَكَسَهُمْ . وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّهَا فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه وَأُبَيّ : | وَاَللَّه رَكَسَهُمْ | بِغَيْرِ أَلِف . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَاَللَّه أَرْكَسَهُمْ } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : رَدَّهُمْ ; كَمَا قُلْنَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7957 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَاَللَّه أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا } رَدَّهُمْ . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَاَللَّه أَوْقَعَهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7958 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَاَللَّه أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا } يَقُول : أَوْقَعَهُمْ . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : أَضَلَّهُمْ وَأَهْلَكَهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7959 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { وَاَللَّه أَرْكَسَهُمْ } قَالَ : أَهْلَكَهُمْ . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّزَّاق , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { وَاَللَّه أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا } أَهْلَكَهُمْ بِمَا عَمِلُوا. )7960 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَاَللَّه أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا } أَهْلَكَهُمْ . )وَقَدْ أَتَيْنَا عَلَى الْبَيَان عَنْ مَعْنَى ذَلِكَ قَبْل بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته .|أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّه } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّه } أَتُرِيدُونَ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ أَنْ تَهْدُوا إِلَى الْإِسْلَام , فَتُوَفِّقُوا لِلْإِقْرَارِ بِهِ وَالدُّخُول فِيهِ مَنْ أَضَلَّهُ اللَّه عَنْهُ , يَعْنِي بِذَلِكَ : مَنْ خَذَلَهُ اللَّه عَنْهُ فَلَمْ يُوَفِّقهُ لِلْإِقْرَارِ بِهِ . وَإِنَّمَا هَذَا خِطَاب مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره لِلْفِئَةِ الَّتِي دَافَعَتْ عَنْ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ وَصَفَ اللَّه صِفَتهمْ فِي هَذِهِ الْآيَة , يَقُول لَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : أَتَبْغُونَ هِدَايَة هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَضَلَّهُمْ اللَّه فَخَذَلَهُمْ عَنْ الْحَقّ وَاتِّبَاع الْإِسْلَام بِمُدَافَعَتِكُمْ عَنْ قِتَالهمْ مَنْ أَرَادَ قِتَالهمْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ؟|وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا| { وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّه فَلَنْ تَجِد لَهُ سَبِيلًا } يَقُولهُ : وَمَنْ خَذَلَهُ عَنْ دِينه وَاتِّبَاع مَا أَمَرَهُ بِهِ مِنْ الْإِقْرَار بِهِ وَبِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْده , فَأَضَلَّهُ عَنْهُ , فَلَنْ تَجِد لَهُ يَا مُحَمَّد سَبِيلًا , يَقُول : فَلَنْ تَجِد لَهُ طَرِيقًا تَهْدِيه فِيهَا إِلَى إِدْرَاك مَا خَذَلَهُ اللَّه [ عَنْهُ ] , وَلَا مَنْهَجًا يَصِل مِنْهُ إِلَى الْأَمْر الَّذِي قَدْ حَرَمَهُ الْوُصُول إِلَيْهِ .

وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِير

يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ } تَمَنَّى هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ أَنْتُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ فِيهِمْ فِئَتَانِ أَنْ تَكْفُرُوا فَتَجْحَدُوا وَحْدَانِيَّة رَبّكُمْ وَتَصْدِيق نَبِيّكُمْ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .|كَمَا كَفَرُوا|يَقُول : كَمَا جَحَدُوا هُمْ ذَلِكَ .|فَتَكُونُونَ سَوَاءً|يَقُول : فَتَكُونُونَ كُفَّارًا مِثْلهمْ , وَتَسْتَوُونَ أَنْتُمْ وَهُمْ فِي الشِّرْك بِاَللَّهِ .|فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا|يَقُول : حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْ دَار الشِّرْك وَيُفَارِقُوا أَهْلهَا الَّذِينَ هُمْ بِاَللَّهِ مُشْرِكُونَ إِلَى دَار الْإِسْلَام وَأَهْلهَا .|فِي سَبِيلِ اللَّهِ|يَعْنِي فِي اِبْتِغَاء دِين اللَّه , وَهُوَ سَبِيله , فَيَصِيرُوا عِنْد ذَلِكَ مِثْلكُمْ , وَيَكُون لَهُمْ حِينَئِذٍ حُكْمكُمْ. كَمَا : 7961 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاء فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاء حَتَّى يُهَاجِرُوا } يَقُول : حَتَّى يَصْنَعُوا كَمَا صَنَعْتُمْ , يَعْنِي : الْهِجْرَة فِي سَبِيل اللَّه .)|فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله : { فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَإِنْ أَدْبَرَ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ عَنْ الْإِقْرَار بِاَللَّهِ وَرَسُوله , وَتَوَلَّوْا عَنْ الْهِجْرَة مِنْ دَار الشِّرْك إِلَى دَار الْإِسْلَام , وَمِنْ الْكُفْر إِلَى الْإِسْلَام , فَخُذُوهُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ , وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ مِنْ بِلَادهمْ وَغَيْر بِلَادهمْ , أَيْنَ أَصَبْتُمُوهُمْ مِنْ أَرْض اللَّه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7962 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ } فَإِنْ تَوَلَّوْا عَنْ الْهِجْرَة فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ . )7963 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } يَقُول : إِذَا أَظْهَرُوا كُفْرهمْ فَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ .)|وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا| { وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا } يَقُول : وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ خَلِيلًا يُوَالِيكُمْ عَلَى أُمُوركُمْ , وَلَا نَاصِرًا يَنْصُركُمْ عَلَى أَعْدَائِكُمْ , فَإِنَّهُمْ كُفَّار لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا , وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ . وَهَذَا الْخَبَر مِنْ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِبَانَة عَنْ صِحَّة نِفَاق الَّذِينَ اِخْتَلَفَ الْمُؤْمِنُونَ فِي أَمْرهمْ , وَتَحْذِير لِمَنْ دَافَعَ عَنْهُمْ عَنْ الْمُدَافَعَة عَنْهُمْ .

إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْم بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ مِيثَاق } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْم بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ مِيثَاق } فَإِنْ تَوَلَّى هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ اِخْتَلَفْتُمْ فِيهِمْ عَنْ الْإِيمَان بِاَللَّهِ وَرَسُوله , وَأَبَوْا الْهِجْرَة , فَلَمْ يُهَاجِرُوا فِي سَبِيل اللَّه , فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ , سِوَى مَنْ وَصَلَ مِنْهُمْ إِلَى قَوْم بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ مُوَادَعَة وَعَهْد وَمِيثَاق , فَدَخَلُوا فِيهِمْ وَصَارُوا مِنْهُمْ وَرَضُوا بِحُكْمِهِمْ , فَإِنَّ لِمَنْ وَصَلَ إِلَيْهِمْ فَدَخَلَ فِيهِمْ مِنْ أَهْل الشِّرْك رَاضِيًا بِحُكْمِهِمْ فِي حَقْن دِمَائِهِمْ بِدُخُولِهِ فِيهِمْ , أَنْ لَا تُسْبَى نِسَاؤُهُمْ وَذَرَارِيّهمْ , وَلَا تُغْنَم أَمْوَالهمْ. كَمَا : 7964 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْم بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ مِيثَاق } يَقُول : إِذَا أَظْهَرُوا كُفْرهمْ فَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ , فَإِنْ أَحَد مِنْهُمْ دَخَلَ فِي قَوْم بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ مِيثَاق , فَأَجْرُوا عَلَيْهِ مِثْل مَا تُجْرُونَ عَلَى أَهْل الذِّمَّة . )7966 - حَدَّثَنِي يُونُس , عَنْ اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْم بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ مِيثَاق } يَصِلُونَ إِلَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ مِيثَاق مِنْ الْقَوْم , لَهُمْ مِنْ الْأَمَان مِثْل مَا لِهَؤُلَاءِ. )7966 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عِكْرِمَة , قَوْله : ( { إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْم بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ مِيثَاق } قَالَ : نَزَلَتْ فِي هِلَال بْن عُوَيْمِر الْأَسْلَمِيّ وَسُرَاقَة بْن مَالِك بْن جُعْشُم وَخُزَيْمَة بْن عَامِر بْن عَبْد مَنَاف . )وَقَدْ زَعَمَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة , أَنَّ مَعْنَى قَوْله : { إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْم } إِلَّا الَّذِينَ يَتَّصِلُونَ فِي أَنْسَابهمْ لِقَوْمٍ بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ مِيثَاق ; مِنْ قَوْلهمْ : اِتَّصَلَ الرَّجُل , بِمَعْنَى : اِنْتَمَى وَانْتَسَبَ , كَمَا قَالَ الْأَعْشَى فِي صِفَة اِمْرَأَة اِنْتَسَبَتْ إِلَى قَوْم : <br>إِذَا اِتَّصَلَتْ قَالَتْ أَبَكْر بْن وَائِل .......... وَبَكْر سَبَتْهَا وَالْأُنُوف رَوَاغِم <br>يَعْنِي بِقَوْلِهِ : اِتَّصَلَتْ : اِنْتَسَبَتْ . وَلَا وَجْه لِهَذَا التَّأْوِيل فِي هَذَا الْمَوْضِع , لِأَنَّ الِانْتِسَاب إِلَى قَوْم مِنْ أَهْل الْمُوَادَعَة أَوْ الْعَهْد لَوْ كَانَ يُوجِب لِلْمُنْتَسِبِينَ إِلَيْهِمْ مَا لَهُمْ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ الْعَهْد وَالْأَمَان مَا لَهُمْ , لَمَا كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُقَاتِل قُرَيْشًا , وَهُمْ أَنْسِبَاء السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ . وَلِأَهْلِ الْإِيمَان مِنْ الْحَقّ بِإِيمَانِهِمْ أَكْثَر مِمَّا لِأَهْلِ الْعَهْد بِعَهْدِهِمْ , وَفِي قِتَال رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُشْرِكِي قُرَيْش بِتَرْكِهَا الدُّخُول فِيمَا دَخَلَ فِيهِ أَهْل الْإِيمَان مِنْهُمْ , مَعَ قُرْب أَنْسَابهمْ مِنْ أَنْسَاب الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ , الدَّلِيل الْوَاضِح أَنَّ اِنْتِسَاب مَنْ لَا عَهْد لَهُ إِلَى ذِي الْعَهْد مِنْهُمْ , لَمْ يَكُنْ مُوجِبًا لَهُ مِنْ الْعَهْد مَا لِذِي الْعَهْد مِنْ اِنْتِسَابه. فَإِنْ ظَنَّ ذُو غَفْلَة أَنَّ قِتَال النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَاتَلَ مِنْ أَنْسِبَاء الْمُؤْمِنِينَ مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْش إِنَّمَا كَانَ بَعْد مَا نُسِخَ قَوْله : { إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْم بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ مِيثَاق } فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ نَسْخ قِرَاءَة نَزَلَتْ بَعْد فَتْح مَكَّة وَدُخُول قُرَيْش فِي الْإِسْلَام .|أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورهمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمهمْ } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورهمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمهمْ } فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ , إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْم بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ مِيثَاق , أَوْ : إِلَّا الَّذِينَ جَاءُوكُمْ مِنْهُمْ قَدْ حَصِرَتْ صُدُورهمْ عَنْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمهمْ فَدَخَلُوا فِيكُمْ . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { حَصِرَتْ صُدُورهمْ } ضَاقَتْ صُدُورهمْ عَنْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ أَنْ يُقَاتِلُوا قَوْمهمْ , وَالْعَرَب تَقُول لِكُلِّ مَنْ ضَاقَتْ نَفْسه عَنْ شَيْء مِنْ فِعْل أَوْ كَلَام قَدْ حَصِرَ , وَمِنْهُ الْحَصْر فِي الْقِرَاءَة. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7967 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورهمْ } يَقُول : ضَاقَتْ صُدُورهمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمهمْ. )وَفِي قَوْله : { أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورهمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمهمْ } مَتْرُوك تُرِكَ ذِكْره لِدَلَالَةِ الْكَلَام عَلَيْهِ , وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَاهُ : أَوْ جَاءُوكُمْ قَدْ حَصِرَتْ صُدُورهمْ , فَتُرِكَ ذِكْر | قَدْ | لِأَنَّ مِنْ شَأْن الْعَرَب فِعْل مِثْل ذَلِكَ , تَقُول : أَتَانِي فُلَان ذَهَبَ عَقْله , بِمَعْنَى : قَدْ ذَهَبَ عَقْله ; وَمَسْمُوع مِنْهُمْ : أَصْبَحْت نَظَرْت إِلَى ذَات التَّنَانِير , بِمَعْنَى : قَدْ نَظَرْت . وَلِإِضْمَارِ | قَدْ | مَعَ الْمَاضِي جَازَ وَضْع الْمَاضِي مِنْ الْأَفْعَال فِي مَوْضِع الْحَال , لِأَنَّ قَدْ إِذَا دَخَلَتْ مَعَهُ أَدْنَتْهُ مِنْ الْحَال وَأَشْبَهَ الْأَسْمَاء . وَعَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَة , أَعْنِي : { حَصِرَتْ } قَرَأَ الْقُرَّاء فِي جَمِيع الْأَمْصَار , وَبِهَا يُقْرَأ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة عَلَيْهَا . وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ ذَلِكَ : | أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورهمْ | نَصْبًا , وَهِيَ صَحِيحَة فِي الْعَرَبِيَّة فَصِيحَة , غَيْر أَنَّهُ غَيْر جَائِز الْقِرَاءَة بِهَا عِنْدِي لِشُذُوذِهَا وَخُرُوجهَا عَنْ قِرَاءَة قُرَّاء الْإِسْلَام.|وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا|الْقَوْل فِي تَ<br>وِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَوْ شَاءَ اللَّه لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنْ اِعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمْ السَّلَم فَمَا جَعَلَ اللَّه لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَلَوْ شَاءَ اللَّه لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ } وَلَوْ شَاءَ اللَّه لَسَلَّطَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْم بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ مِيثَاق , فَيَدْخُلُونَ فِي جِوَارهمْ وَذِمَّتهمْ , وَاَلَّذِينَ يَجِيئُونَكُمْ قَدْ حَصِرَتْ صُدُورهمْ عَنْ قِتَالكُمْ وَقِتَال قَوْمهمْ عَلَيْكُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ , فَقَاتَلُوكُمْ مَعَ أَعْدَائِكُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ , وَلَكِنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره كَفَّهُمْ عَنْكُمْ . يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَأَطِيعُوا الَّذِي أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ بِكَفِّهِمْ عَنْكُمْ مَعَ سَائِر مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْكُمْ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ مِنْ الْكَفّ عَنْهُمْ إِذَا وَصَلُوا إِلَى قَوْم بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ مِيثَاق , أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورهمْ عَنْ قِتَالكُمْ وَقِتَال قَوْمهمْ . ثُمَّ قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَإِنْ اِعْتَزَلُوكُمْ } يَقُول : فَإِنْ اِعْتَزَلَكُمْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَمَرْتُكُمْ بِالْكَفِّ عَنْ قِتَالهمْ مِنْ الْمُنَافِقِينَ بِدُخُولِهِمْ فِي أَهْل عَهْدكُمْ أَوْ مَصِيرهمْ إِلَيْكُمْ . حَصِرَتْ صُدُورهمْ عَنْ قِتَالكُمْ وَقِتَال قَوْمهمْ , فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ , { وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمْ السَّلَم } يَقُول : وَصَالَحُوكُمْ . وَالسَّلَم : هُوَ الِاسْتِسْلَام , وَإِنَّمَا هَذَا مَثَل كَمَا يَقُول الرَّجُل لِلرَّجُلِ : أَعْطَيْتُك قِيَادِي وَأَلْقَيْت إِلَيْك خِطَامِي , إِذَا اِسْتَسْلَمَ لَهُ وَانْقَادَ لِأَمْرِهِ , فَكَذَلِكَ قَوْله : { وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمْ السَّلَم } إِنَّمَا هُوَ : أَلْقَوْا إِلَيْكُمْ قِيَادهمْ وَاسْتَسْلَمُوا لَكُمْ صُلْحًا مِنْهُمْ لَكُمْ وَسَلَمًا . وَمِنْ السَّلَم قَوْل الطِّرِمَّاح : ش وَذَاكَ أَنَّ تَمِيمًا غَادَرَتْ سَلَمًا /و لِلْأُسْدِ كُلّ حَصَان وَعْثَة اللِّبَد <br>يَعْنِي بِقَوْلِهِ سَلَمًا : اِسْتِسْلَامًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7968 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع : ( { فَإِنْ اِعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمْ السَّلَم } قَالَ : الصُّلْح . )وَأَمَّا قَوْله : { فَمَا جَعَلَ اللَّه لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا } فَإِنَّهُ يَقُول : إِذَا اِسْتَسْلَمَ لَكُمْ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتهمْ صُلْحًا مِنْهُمْ لَكُمْ , فَمَا جَعَلَ اللَّه لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا : أَيْ فَلَمْ يَجْعَل اللَّه لَكُمْ عَلَى أَنْفُسهمْ وَأَمْوَالهمْ وَذَرَارِيّهمْ وَنِسَائِهِمْ طَرِيقًا إِلَى قَتْل أَوْ سِبَاء أَوْ غَنِيمَة , بِإِبَاحَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ لَكُمْ وَلَا إِذْن , فَلَا تَعْرِضُوا لَهُمْ فِي ذَلِكَ إِلَّا سَبِيل خَيْر . ثُمَّ نَسَخَ اللَّه جَمِيع حُكْم هَذِهِ الْآيَة وَاَلَّتِي بَعْدهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى ذِكْره : { فَإِذَا اِنْسَلَخَ الْأَشْهُر الْحُرُم فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } . .. إِلَى قَوْله : { فَخَلُّوا سَبِيلهمْ إِنَّ اللَّه غَفُور رَحِيم } [9 5 ]ذِكْر مَنْ قَالَ فِي ذَلِكَ مِثْل الَّذِي قُلْنَا : 7969 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , عَنْ الْحُسَيْن , عَنْ يَزِيد , عَنْ عِكْرِمَة وَالْحَسَن , قَالَا : قَالَ : ( { فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْم بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ مِيثَاق } . .. إِلَى قَوْله : { وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا } . وَقَالَ فِي الْمُمْتَحَنَة : { لَا يَنْهَاكُمْ اللَّه عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّين وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَاركُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّه يُحِبّ الْمُقْسِطِينَ } [60 8 ]وَقَالَ فِيهَا : { إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّه عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّين وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَاركُمْ } . .. إِلَى : { فَأُولَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ } [60 9 ]. فَنَسَخَ هَؤُلَاءِ الْآيَات الْأَرْبَعَة فِي شَأْن الْمُشْرِكِينَ , فَقَالَ : { بَرَاءَة مِنْ اللَّه وَرَسُوله إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْض أَرْبَعَة أَشْهُر وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْر مُعْجِزِي اللَّه وَأَنَّ اللَّه مُخْزِي الْكَافِرِينَ } [9 1 - 2 ]فَحَمَلَ لَهُمْ أَرْبَعَة أَشْهُر يَسِيحُونَ فِي الْأَرْض , وَأَبْطَلَ مَا كَانَ قَبْل ذَلِكَ . وَقَالَ فِي الَّتِي تَلِيهَا : { فَإِذَا اِنْسَلَخَ الْأَشْهُر الْحُرُم فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلّ مَرْصَد } [9 5 ]ثُمَّ نَسَخَ وَاسْتَثْنَى فَقَالَ : { فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاة وَآتَوْا الزَّكَاة } ... إِلَى قَوْله : { ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنه } [9 5 - 6 ]. )7970 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : ( { فَإِنْ اِعْتَزَلُوكُمْ } قَالَ : نَسَخَتْهَا : { فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } [9 5 ])7971 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحَجَّاج بْن الْمِنْهَال , قَالَ : ثنا هَمَّام بْن يَحْيَى , قَالَ : سَمِعْت قَتَادَة يَقُول فِي قَوْله : ( { إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْم بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ مِيثَاق } . .. إِلَى قَوْله : { فَمَا جَعَلَ اللَّه لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا } ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ بَعْد فِي بَرَاءَة , وَأَمَرَ نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقَاتِل الْمُشْرِكِينَ بِقَوْلِهِ : { فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلّ مَرْصَد } [9 5 ]. )7972 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْم بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ مِيثَاق } . .. الْآيَة , قَالَ : نُسِخَ هَذَا كُلّه أَجْمَع , نَسَخَهُ الْجِهَاد , ضُرِبَ لَهُمْ أَجَل أَرْبَعَة أَشْهُر , إِمَّا أَنْ يُسْلِمُوا وَإِمَّا أَنْ يَكُون الْجِهَاد .)

سَتَجِدُونَ آَخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمهمْ } </subtitle>وَهَؤُلَاءِ فَرِيق آخَر مِنْ الْمُنَافِقِينَ كَانُوا يُظْهِرُونَ الْإِسْلَام لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه لِيَأْمَنُوا بِهِ عِنْدهمْ مِنْ الْقَتْل وَالسِّبَاء وَأَخْذ الْأَمْوَال وَهُمْ كُفَّار , يَعْلَم ذَلِكَ مِنْهُمْ قَوْمهمْ , إِذَا لَقُوهُمْ كَانُوا مَعَهُمْ وَعَبَدُوا مَا يَعْبُدُونَهُ مِنْ دُون اللَّه لِيَأْمَنُوهُمْ عَلَى أَنْفُسهمْ وَأَمْوَالهمْ وَنِسَائِهِمْ وَذَرَارِيّهمْ , يَقُول اللَّه : { كُلَّمَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَة أُرْكِسُوا فِيهَا } يَعْنِي : كُلَّمَا دَعَاهُمْ إِلَى الشِّرْك بِاَللَّهِ اِرْتَدُّوا فَصَارُوا مُشْرِكِينَ مِثْلهمْ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الَّذِينَ عَنَوْا بِهَذِهِ الْآيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُمْ نَاس كَانُوا مِنْ أَهْل مَكَّة أَسْلَمُوا عَلَى مَا وَصَفَهُمْ اللَّه بِهِ مِنْ التَّقِيَّة وَهُمْ كُفَّار , لِيَأْمَنُوا عَلَى أَنْفُسهمْ وَأَمْوَالهمْ وَذَرَارِيّهمْ وَنِسَائِهِمْ , يَقُول اللَّه : { كُلَّمَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَة أُرْكِسُوا فِيهَا } يَعْنِي : كُلَّمَا دَعَاهُمْ إِلَى الشِّرْك بِاَللَّهِ اِرْتَدُّوا , فَصَارُوا مُشْرِكِينَ مِثْلهمْ لِيَأْمَنُوا عِنْد هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7973 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمهمْ } قَالَ نَاس كَانُوا يَأْتُونَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَيُسْلِمُونَ رِيَاء , ثُمَّ يَرْجِعُونَ إِلَى قُرَيْش فَيَرْتَكِسُونَ فِي الْأَوْثَان , يَبْتَغُونَ بِذَلِكَ أَنْ يَأْمَنُوا هَهُنَا وَهَهُنَا , فَأَمَرَ بِقِتَالِهِمْ إِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوا وَيُصْلِحُوا. )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7974 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمهمْ كُلَّمَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَة أُرْكِسُوا فِيهَا } يَقُول : كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ فِتْنَة أُرْكِسُوا فِيهَا . وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُل كَانَ يُوجَد قَدْ تَكَلَّمَ بِالْإِسْلَامِ , فَيُقَرَّب إِلَى الْعُود وَالْجُحْر وَإِلَى الْعَقْرَب وَالْخُنْفُسَاء , فَيَقُول الْمُشْرِكُونَ لِذَلِكَ الْمُتَكَلِّم بِالْإِسْلَامِ : قُلْ هَذَا رَبِّي , لِلْخُنْفُسَاءِ وَالْعَقْرَب . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُمْ قَوْم مِنْ أَهْل الشِّرْك كَانُوا طَلَبُوا الْأَمَان مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَأْمَنُوا عِنْده وَعِنْد أَصْحَابه وَعِنْد الْمُشْرِكِينَ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7975 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمهمْ } قَالَ : حَيّ كَانُوا بِتِهَامَة , قَالُوا : يَا نَبِيّ اللَّه لَا نُقَاتِلك وَلَا نُقَاتِل قَوْمنَا , وَأَرَادُوا أَنْ يَأْمَنُوا نَبِيّ اللَّه وَيَأْمَنُوا قَوْمهمْ . فَأَبَى اللَّه ذَلِكَ عَلَيْهِمْ , فَقَالَ : { كُلَّمَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَة أُرْكِسُوا فِيهَا } يَقُول : كُلَّمَا عَرَضَ لَهُمْ بَلَاء هَلَكُوا فِيهِ . )وَقَالَ آخَرُونَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي نُعَيْم بْن مَسْعُود الْأَشْجَعِيّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7976 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : (ثُمَّ ذَكَرَ نُعَيْم بْن مَسْعُود الْأَشْجَعِيّ , وَكَانَ يَأْمَن فِي الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ , يَنْقُل الْحَدِيث بَيْن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَقَالَ : { سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمهمْ كُلَّمَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَة } يَقُول : إِلَى الشِّرْك.)|كُلَّمَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ|وَأَمَّا تَأْوِيل قَوْله : { كُلَّمَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَة أُرْكِسُوا فِيهَا } فَإِنَّهُمْ كَمَا : 7977 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة فِي قَوْله : ( { كُلَّمَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَة أُرْكِسُوا فِيهَا } قَالَ : كُلَّمَا اُبْتُلُوا بِهَا عَمُوا فِيهَا . )7978 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : (كُلَّمَا عُرِضَ لَهُمْ بَلَاء هَلَكُوا فِيهِ. )وَالْقَوْل فِي ذَلِكَ مَا قَدْ بَيَّنْت قَبْل , وَذَلِكَ أَنَّ الْفِتْنَة فِي كَلَام الْعَرَب : الِاخْتِبَار , وَالْإِرْكَاس : الرُّجُوع . فَتَأْوِيل الْكَلَام : كُلَّمَا رُدُّوا إِلَى الِاخْتِبَار لِيَرْجِعُوا إِلَى الْكُفْر وَالشِّرْك رَجَعُوا إِلَيْهِ .|لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمْ السَّلَم } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمهمْ , وَهِيَ كُلَّمَا دُعُوا إِلَى الشِّرْك أَجَابُوا إِلَيْهِ , وَيُلْقُوا إِلَيْكُمْ السَّلَم , وَلَمْ يَسْتَسْلِمُوا إِلَيْكُمْ فَيُعْطُوكُمْ الْمُقَاد وَيُصَالِحُوكُمْ . كَمَا : 7979 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع : ( { فَإِذْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمْ السَّلَم } قَالَ : الصُّلْح .)|أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ| { وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ } يَقُول : وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ عَنْ قِتَالكُمْ ,|وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ| { فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوهُمْ أَيْنَ أَصَبْتُمُوهُمْ مِنْ الْأَرْض وَلَقِيتُمُوهُمْ فِيهَا فَاقْتُلُوهُمْ , فَإِنَّ دِمَاءَهُمْ لَكُمْ حِينَئِذٍ حَلَال .

وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأ } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأ } وَمَا أَذِنَ اللَّه لِمُؤْمِنٍ وَلَا أَبَاحَ لَهُ أَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا . يَقُول : مَا كَانَ ذَلِكَ لَهُ فِيمَا جَعَلَ لَهُ رَبّه وَأَذِنَ لَهُ فِيهِ مِنْ الْأَشْيَاء الْبَتَّة . كَمَا : 7982 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأ } يَقُول : مَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا أَتَاهُ مِنْ رَبّه مِنْ عَهْد اللَّه الَّذِي عَهِدَ إِلَيْهِ . )وَأَمَّا قَوْله : { إِلَّا خَطَأ } فَإِنَّهُ يَقُول : إِلَّا أَنَّ الْمُؤْمِن قَدْ يَقْتُل الْمُؤْمِن خَطَأ , وَلَيْسَ لَهُ مِمَّا جَعَلَ لَهُ رَبّه فَأَبَاحَهُ لَهُ . وَهَذَا مِنْ الِاسْتِثْنَاء الَّذِي تُسَمِّيه أَهْل الْعَرَبِيَّة : الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطِع , كَمَا قَالَ جَرِير بْن عَطِيَّة : <br>مِنْ الْبِيض لَمْ تَظْعَن بَعِيدًا وَلَمْ تَطَأ .......... عَلَى الْأَرْض إِلَّا رَيْط بُرْدٍ مُرَحَّلِ <br>يَعْنِي : لَمْ تَطَأ عَلَى الْأَرْض إِلَّا أَنْ تَطَأ ذَيْل الْبُرْد , وَلَيْسَ ذَيْلًا لِبُرْدٍ مِنْ الْأَرْض . وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي عَيَّاش بْن أَبِي رَبِيعَة الْمَخْزُومِيّ , وَكَانَ قَدْ قَتَلَ رَجُلًا مُسْلِمًا بَعْد إِسْلَامه وَهُوَ لَا يَعْلَم بِإِسْلَامِهِ . ذِكْر الْآثَار بِذَلِكَ : 7983 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : ( { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأ } قَالَ : عَيَّاش بْن أَبِي رَبِيعَة قَتَلَ رَجُلًا مُؤْمِنًا كَانَ يُعَذِّبهُ مَعَ أَبِي جَهْل , وَهُوَ أَخُوهُ لِأُمِّهِ , فَاتَّبَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَحْسَب أَنَّ ذَلِكَ الرَّجُل كَانَ كَمَا هُوَ وَكَانَ عَيَّاش هَاجَرَ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُؤْمِنًا , فَجَاءَ أَبُو جَهْل وَهُوَ أَخُوهُ لِأُمِّهِ , فَقَالَ : إِنَّ أُمّك تُنَاشِدك رَحِمهَا وَحَقّهَا أَنْ تَرْجِع إِلَيْهَا ! وَهِيَ أَسْمَاء اِبْنَة مَخْرَمَة . فَأَقْبَلَ مَعَهُ , فَرَبَطَهُ أَبُو جَهْل حَتَّى قَدِمَ مَكَّة ; فَلَمَّا رَآهُ الْكُفَّار زَادَهُمْ ذَلِكَ كُفْرًا وَافْتِتَانًا , وَقَالُوا : إِنَّ أَبَا جَهْل لَيَقْدِر مِنْ مُحَمَّد عَلَى مَا يَشَاء وَيَأْخُذ أَصْحَابه . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد بِنَحْوِهِ , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثه : (فَاتَّبَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الرَّجُل وَعَيَّاش يَحْسَبهُ أَنَّهُ كَافِر كَمَا هُوَ , وَكَانَ عَيَّاش هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَة مُؤْمِنًا , فَجَاءَهُ أَبُو جَهْل وَهُوَ أَخُوهُ لِأُمِّهِ , فَقَالَ : إِنَّ أُمّك تَنْشُدك بِرَحِمِهَا وَحَقّهَا إِلَّا رَجَعْت إِلَيْهَا ! وَقَالَ أَيْضًا : فَيَأْخُذ أَصْحَابه فَيَرْبِطهُمْ . )7984 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد بِنَحْوِهِ . قَالَ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : (كَانَ الْحَارِث بْن يَزِيد بْن نُبَيْشَة مِنْ بَنِي عَامِر بْن لُؤَيّ يُعَذِّب عَيَّاش بْن أَبِي رَبِيعَة مَعَ أَبِي جَهْل . ثُمَّ خَرَجَ الْحَارِث بْن يَزِيد مُهَاجِرًا إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَقِيَهُ عَيَّاش بِالْحَرَّةِ فَعَلَاهُ بِالسَّيْفِ حَتَّى سَكَتَ , وَهُوَ يَحْسَب أَنَّهُ كَافِر. ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ , وَنَزَلَتْ : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأ } . .. الْآيَة , فَقَرَأَهَا عَلَيْهِ , ثُمَّ قَالَ لَهُ : | قُمْ فَحَرِّرْ . )7985 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأ } قَالَ : نَزَلَتْ فِي عَيَّاش بْن أَبِي رَبِيعَة الْمَخْزُومِيّ , فَكَانَ أَخًا لِأَبِي جَهْل بْن هِشَام لِأُمِّهِ. وَإِنَّهُ أَسْلَمَ وَهَاجَرَ فِي الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ قَبْل قُدُوم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَطَلَبَهُ أَبُو جَهْل وَالْحَارِث بْن هِشَام وَمَعَهُمَا رَجُل مِنْ بَنِي عَامِر بْن لُؤَيّ , فَأَتَوْهُ بِالْمَدِينَةِ , وَكَانَ عَيَّاش أَحَبّ إِخْوَته إِلَى أُمّه , فَكَلَّمُوهُ وَقَالُوا : إِنَّ أُمّك قَدْ حَلَفَتْ أَنْ لَا يُظِلّهَا بَيْت حَتَّى تَرَاك وَهِيَ مُضْطَجِعَة فِي الشَّمْس , فَأْتِهَا لِتَنْظُر إِلَيْك ثُمَّ اِرْجِعْ ! وَأَعْطَوْهُ مَوْثِقًا مِنْ اللَّه لَا يَحْجِزُونَهُ حَتَّى يَرْجِع إِلَى الْمَدِينَة . فَأَعْطَاهُ بَعْض أَصْحَابه بَعِيرًا لَهُ نَجِيبًا , وَقَالَ : إِنْ خِفْت مِنْهُمْ شَيْئًا فَاقْعُدْ عَلَى النَّجِيب. فَلَمَّا أَخْرَجُوهُ مِنْ الْمَدِينَة أَخَذُوهُ فَأَوْثَقُوهُ , وَجَلَدَهُ الْعَامِرِيّ , فَحَلَفَ لَيَقْتُلَنَّ الْعَامِرِيّ . فَلَمْ يَزَلْ مَحْبُوسًا بِمَكَّة حَتَّى خَرَجَ يَوْم الْفَتْح , فَاسْتَقْبَلَهُ الْعَامِرِيّ وَقَدْ أَسْلَمَ وَلَا يَعْلَم عَيَّاش بِإِسْلَامِهِ , فَضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأ } يَقُول : وَهُوَ لَا يَعْلَم أَنَّهُ مُؤْمِن , { وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأ فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤْمِنَة وَدِيَة مُسَلَّمَة إِلَى أَهْله إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا } فَيَتْرُكُوا الدِّيَة. )وَقَالَ آخَرُونَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي أَبِي الدَّرْدَاء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7986 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأ }. .. الْآيَة . قَالَ : نَزَلَ هَذَا فِي رَجُل قَتَلَهُ أَبُو الدَّرْدَاء كَانُوا فِي سَرِيَّة , فَعَدَلَ أَبُو الدَّرْدَاء إِلَى شِعْب يُرِيد حَاجَة لَهُ , فَوَجَدَ رَجُلًا مِنْ الْقَوْم فِي غَنَم لَهُ , فَحَمَلَ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ , فَقَالَ : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , قَالَ : فَضَرَبَهُ ثُمَّ جَاءَ بِغَنَمِهِ إِلَى الْقَوْم . ثُمَّ وَجَدَ فِي نَفْسه شَيْئًا , فَأَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ , فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | أَلَا شَقَقْت عَنْ قَلْبه ؟ | فَقَالَ : مَا عَسَيْت أَجِد ! هَلْ هُوَ يَا رَسُول اللَّه إِلَّا دَم أَوْ مَاء ؟ قَالَ : | فَقَدْ أَخْبَرَك بِلِسَانِهِ فَلَمْ تُصَدِّقهُ | , قَالَ : كَيْفَ بِي يَا رَسُول اللَّه ؟ قَالَ : | فَكَيْفَ بِلَا إِلَه إِلَّا اللَّه ؟ | قَالَ : فَكَيْفَ بِي يَا رَسُول اللَّه ؟ قَالَ : | فَكَيْفَ بِلَا إِلَه إِلَّا اللَّه | . حَتَّى تَمَنَّيْت أَنْ يَكُون ذَلِكَ مُبْتَدَأ إِسْلَامِي. قَالَ : وَنَزَلَ الْقُرْآن : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأ }. .. حَتَّى بَلَغَ : { إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا } قَالَ : إِلَّا أَنْ يَضَعُوهَا . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه عَرَّفَ عِبَاده بِهَذِهِ الْآيَة مَا عَلَى مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأ مِنْ كَفَّارَة وَدِيَة . وَجَائِز أَنْ تَكُون الْآيَة نَزَلَتْ فِي عَيَّاش بْن أَبِي رَبِيعَة وَقَتِيله , وَفِي أَبِي الدَّرْدَاء وَصَاحِبه . وَأَيّ ذَلِكَ كَانَ فَاَلَّذِي عَنَى اللَّه تَعَالَى بِالْآيَةِ تَعْرِيف عِبَاده مَا ذَكَرْنَا , وَقَدْ عَرَفَ ذَلِكَ مَنْ عَقَلَ عَنْهُ مِنْ عِبَاده تَنْزِيله , وَغَيْر ضَائِرهمْ جَهْلهمْ بِمَنْ نَزَلَتْ فِيهِ.|وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ|ثُمَّ أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عِبَاده بِحُكْمِ مَنْ قَتَلَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ خَطَأ , فَقَالَ : { وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأ فَتَحْرِير رَقَبَة } يَقُول : فَعَلَيْهِ تَحْرِير رَقَبَة مُؤْمِنَة مِنْ مَاله وَدِيَة مُسَلَّمَة يُؤَدِّيهَا عَاقِلَته إِلَى أَهْله : { إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا } يَقُول : إِلَّا أَنْ يَصَّدَّق أَهْل الْقَتِيل خَطَأ عَلَى مَنْ لَزِمَتْهُ دِيَة قَتِيلهمْ , فَيَعْفُوا عَنْهُ وَيَتَجَاوَزُوا عَنْ ذَنْبه , فَيَسْقُط عَنْهُ . وَمَوْضِع | أَنْ | مِنْ قَوْله : { إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا } نَصْب , لِأَنَّ مَعْنَاهُ : فَعَلَيْهِ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا. وَأَمَّا الرَّقَبَة الْمُؤْمِنَة فَإِنَّ أَهْل الْعِلْم مُخْتَلِفُونَ فِي صِفَتهَا , فَقَالَ بَعْضهمْ : لَا تَكُون الرَّقَبَة مُؤْمِنَة حَتَّى تَكُون قَدْ اِخْتَارَتْ الْإِيمَان بَعْد بُلُوغهَا وَصَلَّتْ وَصَامَتْ , وَلَا يَسْتَحِقّ الطِّفْل هَذِهِ الصِّفَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7987 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَبِي حَيَّان , قَالَ : سَأَلْت الشَّعْبِيّ عَنْ قَوْله : ( { فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤْمِنَة } قَالَ : قَدْ صَلَّتْ وَعَرَفَتْ الْإِيمَان . )7988 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤْمِنَة } يَعْنِي بِالْمُؤْمِنَةِ : مَنْ عَقَلَ الْإِيمَان وَصَامَ وَصَلَّى . )7989 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : (مَا كَانَ فِي الْقُرْآن مِنْ رَقَبَة مُؤْمِنَة فَلَا يَجْزِي إِلَّا مَنْ صَامَ وَصَلَّى , وَمَا كَانَ فِي الْقُرْآن مِنْ رَقَبَة لَيْسَتْ مُؤْمِنَة , فَالصَّبِيّ يُجْزِئ. )7990 - حُدِّثْت عَنْ يَزِيد بْن هَارُون , عَنْ هِشَام بْن حَسَّان , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : (كُلّ شَيْء فِي كِتَاب اللَّه { فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤْمِنَة } فَمَنْ صَامَ وَصَلَّى وَعَقَلَ , وَإِذَا قَالَ : | فَتَحْرِير رَقَبَة | : فَمَا شَاءَ . )7991 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم قَالَ : (كُلّ شَيْء فِي الْقُرْآن { فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤْمِنَة } فَاَلَّذِي قَدْ صَلَّى , وَمَا لَمْ تَكُنْ | مُؤْمِنَة | , فَتَحْرِير مَنْ لَمْ يُصَلِّ . )7992 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤْمِنَة } وَالرَّقَبَة الْمُؤْمِنَة عِنْد قَتَادَة : مَنْ قَدْ صَلَّى . وَكَانَ يَكْرَه أَنْ يُعْتِق فِي هَذَا الطِّفْل الَّذِي لَمْ يُصَلِّ وَلَمْ يَبْلُغ ذَلِكَ. )7993 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن طَلْحَة الْيَرْبُوعِيّ , قَالَ : ثنا فُضَيْل بْن عِيَاض , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم فِي قَوْله : ( { فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤْمِنَة } قَالَ : إِذَا عَقَلَ دِينه . )7994 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّزَّاق , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ فِي : ( { فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤْمِنَة } لَا يُجْزِئ فِيهَا صَبِيّ. )7995 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤْمِنَة } يُعْنَى بِالْمُؤْمِنَةِ : مَنْ قَدْ عَقَلَ الْإِيمَان وَصَامَ وَصَلَّى , فَإِنْ لَمْ يَجِد رَقَبَة فَصِيَام شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ , وَعَلَيْهِ دِيَة مُسَلَّمَة إِلَى أَهْله , إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا بِهَا عَلَيْهِ. )وَقَالَ آخَرُونَ : إِذَا كَانَ مَوْلُودًا بَيْن أَبَوَيْنِ مُسْلِمَيْنِ فَهُوَ مُؤْمِن وَإِنْ كَانَ طِفْلًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7996 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء , قَالَ : (كُلّ رَقَبَة وُلِدَتْ فِي الْإِسْلَام فَهِيَ تَجْزِي . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ , قَوْل مَنْ قَالَ : لَا يُجْزِئ فِي قَتْل الْخَطَأ مِنْ الرِّقَاب إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ وَهُوَ يَعْقِل الْإِيمَان مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء إِذَا كَانَ مِمَّنْ كَانَ أَبَوَاهُ عَلَى مِلَّة مِنْ الْمِلَل سِوَى الْإِسْلَام وَوُلِدَ يَتِيمًا وَهُوَ كَذَلِكَ , ثُمَّ لَمْ يُسْلِمَا وَلَا وَاحِد مِنْهُمَا حَتَّى أُعْتِقَ فِي كَفَّارَة الْخَطَأ . وَأَمَّا مَنْ وُلِدَ بَيْن أَبَوَيْنِ مُسْلِمَيْنِ فَقَدْ أَجْمَعَ الْجَمِيع مِنْ أَهْل الْعِلْم أَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغ حَدّ الِاخْتِيَار وَالتَّمْيِيز وَلَمْ يُدْرِك الْحُلُم فَمَحْكُوم لَهُ بِحُكْمِ أَهْل الْإِيمَان فِي الْمُوَارَثَة وَالصَّلَاة عَلَيْهِ إِنْ مَاتَ , وَمَا يَجِب عَلَيْهِ إِنْ جَنَى , وَيَجِب لَهُ إِنْ جُنِيَ عَلَيْهِ , وَفِي الْمُنَاكَحَة . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعهمْ إِجْمَاعًا , فَوَاجِب أَنْ يَكُون لَهُ مِنْ الْحُكْم فِيمَا يُجْزِئ فِيهِ مِنْ كَفَّارَة الْخَطَأ إِنْ أُعْتِقَ فِيهَا مِنْ حُكْم أَهْل الْإِيمَان مِثْل الَّذِي لَهُ مِنْ حُكْم الْإِيمَان فِي سَائِر الْمَعَانِي الَّتِي ذَكَرْنَاهَا وَغَيْرهَا. وَمَنْ أَبَى ذَلِكَ عُكِسَ عَلَيْهِ الْأَمْر فِيهِ , ثُمَّ سُئِلَ الْفَرْق بَيْن ذَلِكَ مِنْ أَصْل أَوْ قِيَاس , فَلَنْ يَقُول فِي شَيْء مِنْ ذَلِكَ قَوْلًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي غَيْره مِثْله .|وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا|وَأَمَّا الدِّيَة الْمُسَلَّمَة إِلَى أَهْل الْقَتِيل فَهِيَ الْمَدْفُوعَة إِلَيْهِمْ عَلَى مَا وَجَبَ لَهُمْ مُوَفَّرَة غَيْر مُنْتَقِصَة حُقُوق أَهْلهمْ مِنْهَا . وَذُكِرَ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ كَانَ يَقُول : هِيَ الْمُوَفَّرَة . 7997 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَدِيَة مُسَلَّمَة إِلَى أَهْله } قَالَ : مُوَفَّرَة. )وَأَمَّا قَوْله : { إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا } فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ : إِلَّا أَنْ يَتَصَدَّقُوا بِالدِّيَةِ عَلَى الْقَاتِل أَوْ عَلَى عَاقِلَته ; فَأُدْغِمَتْ التَّاء مِنْ قَوْله : | يَتَصَدَّقُوا | فِي الصَّاد فَصَارَتَا صَادًا . وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة أُبَيّ : | إِلَّا أَنْ يَتَصَدَّقُوا | . 7998 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا بَكْر بْن الشَّرُود : (فِي حَرْف أُبَيّ : { إِلَّا أَنْ يَتَصَدَّقُوا } .)|فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله : { فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْم عَدُوّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِن فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤْمِنَة } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْم عَدُوّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِن } فَإِنْ كَانَ هَذَا الْقَتِيل الَّذِي قَتَلَهُ الْمُؤْمِن خَطَأ مِنْ قَوْم عَدُوّ لَكُمْ , يَعْنِي : مِنْ عِدَاد قَوْم أَعْدَاء لَكُمْ فِي الدِّين مُشْرِكِينَ , لَمْ يَأْمَنُوكُمْ الْحَرْب عَلَى خِلَافكُمْ عَلَى الْإِسْلَام , وَهُوَ مُؤْمِن { فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤْمِنَة } يَقُول : فَإِذَا قَتَلَ الْمُسْلِم خَطَأ رَجُلًا مِنْ عِدَاد الْمُشْرِكِينَ وَالْمَقْتُول مُؤْمِن وَالْقَاتِل يَحْسَب أَنَّهُ عَلَى كُفْره , فَعَلَيْهِ تَحْرِير رَقَبَة مُؤْمِنَة . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُول مِنْ قَوْم هُمْ عَدُوّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِن ; أَيْ بَيْن أَظْهُركُمْ لَمْ يُهَاجِر , فَقَتَلَهُ مُؤْمِن , فَلَا دِيَة عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ تَحْرِير رَقَبَة مُؤْمِنَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7999 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ سُفْيَان , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة وَالْمُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم فِي قَوْله : ( { فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْم عَدُوّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِن } قَالَ : هُوَ الرَّجُل يُسْلِم فِي دَار الْحَرْب , فَيُقْتَل . قَالَ : لَيْسَ فِيهِ دِيَة , وَفِيهِ الْكَفَّارَة . )8000 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة فِي قَوْله : ( { فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْم عَدُوّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِن } قَالَ : يَعْنِي : الْمَقْتُول يَكُون مُؤْمِنًا وَقَوْمه كُفَّار , قَالَ : فَلَيْسَ لَهُ دِيَة , وَلَكِنْ تَحْرِير رَقَبَة مُؤْمِنَة . )8001 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو غَسَّان , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : { فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْم عَدُوّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِن } قَالَ : (يَكُون الرَّجُل مُؤْمِنًا وَقَوْمه كُفَّار , فَلَا دِيَة لَهُ , وَلَكِنْ تَحْرِير رَقَبَة مُؤْمِنَة . )8002 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْم عَدُوّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِن } فِي دَار الْكُفْر , يَقُول : { فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤْمِنَة } وَلَيْسَ لَهُ دِيَة . )8003 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْم عَدُوّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِن فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤْمِنَة } وَلَا دِيَة لِأَهْلِهِ مِنْ أَجْل أَنَّهُمْ كُفَّار , وَلَيْسَ بَيْنهمْ وَبَيْن اللَّه عَهْد وَلَا ذِمَّة . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحَجَّاج , قَالَ : ثنا حَمَّاد , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْل اللَّه : ( { وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْم عَدُوّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِن } . .. إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : كَانَ الرَّجُل يُسْلِم , ثُمَّ يَأْتِي قَوْمه فَيُقِيم فِيهِمْ وَهُمْ مُشْرِكُونَ , فَيَمُرّ بِهِمْ الْجَيْش لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَيُقْتَل فِيمَنْ يُقْتَل , فَيُعْتِق قَاتِلهُ رَقَبَة وَلَا دِيَة لَهُ . )8004 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم : ( { فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْم عَدُوّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِن فَتَحْرِير رَقَبَة } قَالَ : هَذَا إِذَا كَانَ الرَّجُل الْمُسْلِم مِنْ قَوْم عَدُوّ لَكُمْ : أَيْ لَيْسَ لَهُمْ عَهْد يُقْتَل خَطَأ , فَإِنَّ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ تَحْرِير رَقَبَة مُؤْمِنَة . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْم عَدُوّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِن } فَإِنْ كَانَ فِي أَهْل الْحَرْب وَهُوَ مُؤْمِن , فَقَتَلَهُ خَطَأ , فَعَلَى قَاتِله أَنْ يُكَفِّر بِتَحْرِيرِ رَقَبَة مُؤْمِنَة , أَوْ صِيَام شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ , وَلَا دِيَة عَلَيْهِ . )8005 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْم عَدُوّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِن } الْقَتِيل مُسْلِم وَقَوْمه كُفَّار , { فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤْمِنَة } وَلَا يُؤَدِّي إِلَيْهِمْ الدِّيَة فَيَتَقَوَّوْنَ بِهَا عَلَيْكُمْ. )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِهِ الرَّجُل مِنْ أَهْل الْحَرْب يَقْدَم دَار الْإِسْلَام فَيُسْلِم ثُمَّ يَرْجِع إِلَى دَار الْحَرْب , فَإِذَا مَرَّ بِهِمْ الْجَيْش مِنْ أَهْل الْإِسْلَام هَرَبَ قَوْمه , وَأَقَامَ ذَلِكَ الْمُسْلِم مِنْهُمْ فِيهَا , فَقَتَلَهُ الْمُسْلِمُونَ وَهُمْ يَحْسَبُونَهُ كَافِرًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8006 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْم عَدُوّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِن فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤْمِنَة } فَهُوَ الْمُؤْمِن يَكُون فِي الْعَدُوّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ يَسْمَعُونَ بِالسَّرِيَّةِ مِنْ أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَيَفِرُّونَ وَيَثْبُت الْمُؤْمِن فَيُقْتَل , فَفِيهِ تَحْرِير رَقَبَة مُؤْمِنَة .)|وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْم بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ مِيثَاق فَدِيَة مُسَلَّمَة إِلَى أَهْله وَتَحْرِير رَقَبَة مُؤْمِنَة } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْم بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ مِيثَاق } وَإِنْ كَانَ الْقَتِيل الَّذِي قَتَلَهُ الْمُؤْمِن خَطَأ مِنْ قَوْم بَيْنكُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ وَبَيْنهمْ مِيثَاق : أَيْ عَهْد وَذِمَّة , وَلَيْسُوا أَهْل حَرْب لَكُمْ , { فَدِيَة مُسَلَّمَة إِلَى أَهْله } يَقُول : فَعَلَى قَاتِله دِيَة مُسَلَّمَة إِلَى أَهْله يَتَحَمَّلهَا عَاقِلَته , وَتَحْرِير رَقَبَة مُؤْمِنَة كَفَّارَة لِقَتْلِهِ . ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي صِفَة هَذَا الْقَتِيل الَّذِي هُوَ مِنْ قَوْم بَيْننَا وَبَيْنهمْ مِيثَاق أَهُوَ مُؤْمِن أَوْ كَافِر ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ كَافِر , إِلَّا أَنَّهُ لَزِمَتْ قَاتِله دِيَته ; لِأَنَّ لَهُ وَلِقَوْمِهِ عَهْدًا , فَوَاجِب أَدَاء دِيَته إِلَى قَوْمه لِلْعَهْدِ الَّذِي بَيْنهمْ وَبَيْن الْمُؤْمِنِينَ , وَأَنَّهَا مَال مِنْ أَمْوَالهمْ , وَلَا يَحِلّ لِلْمُؤْمِنِينَ شَيْء مِنْ أَمْوَالهمْ بِغَيْرِ طِيب أَنْفُسهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8007 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْم بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ مِيثَاق } يَقُول : إِذَا كَانَ كَافِرًا فِي ذِمَّتكُمْ فَقُتِلَ , فَعَلَى قَاتِله الدِّيَة مُسَلَّمَة إِلَى أَهْله , وَتَحْرِير رَقَبَة مُؤْمِنَة , أَوْ صِيَام شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ . )8008 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَيُّوب , قَالَ : سَمِعْت الزُّهْرِيّ يَقُول : (دِيَة الذِّمِّيّ دِيَة الْمُسْلِم . قَالَ : وَكَانَ يَتَأَوَّل : { وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْم بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ مِيثَاق فَدِيَة مُسَلَّمَة إِلَى أَهْله } . )8009 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن إِدْرِيس , عَنْ عِيسَى بْن أَبِي الْمُغِيرَة , عَنْ الشَّعْبِيّ فِي قَوْله : ( { وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْم بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ مِيثَاق فَدِيَة مُسَلَّمَة إِلَى أَهْله } قَالَ : مِنْ أَهْل الْعَهْد , وَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ . )8010 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن مَهْدِيّ , عَنْ هُشَيْم , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم : ( { وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْم بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ مِيثَاق } وَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ . )8011 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْم بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ مِيثَاق فَدِيَة مُسَلَّمَة إِلَى أَهْله وَتَحْرِير رَقَبَة مُؤْمِنَة } بِقَتْلِهِ : أَيْ بِاَلَّذِي أَصَابَ مِنْ أَهْل ذِمَّته وَعَهْده ; { فَمَنْ لَمْ يَجِد فَصِيَام شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَة مِنْ اللَّه }. .. الْآيَة )8012 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْم بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ مِيثَاق فَدِيَة مُسَلَّمَة إِلَى أَهْله } يَقُول : فَأَدُّوا إِلَيْهِمْ الدِّيَة بِالْمِيثَاقِ . قَالَ : وَأَهْل الذِّمَّة يَدْخُلُونَ فِي هَذَا , وَتَحْرِير رَقَبَة مُؤْمِنَة , فَمَنْ لَمْ يَجِد فَصِيَام شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ مُؤْمِن , فَعَلَى قَاتِله دِيَة يُؤَدِّيهَا إِلَى قَوْمه مِنْ الْمُشْرِكِينَ , لِأَنَّهُمْ أَهْل ذِمَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8013 - حَدَّثَنِي اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم : ( { وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْم بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ مِيثَاق فَدِيَة مُسَلَّمَة إِلَى أَهْله وَتَحْرِير رَقَبَة مُؤْمِنَة } قَالَ : هَذَا الرَّجُل الْمُسْلِم وَقَوْمه مُشْرِكُونَ لَهُمْ عَقْد , فَتَكُون دِيَته لِقَوْمِهِ وَمِيرَاثه لِلْمُسْلِمِينَ , وَيَعْقِل عَنْهُ قَوْمه وَلَهُمْ دِيَته . )8014 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ هُشَيْم , عَنْ أَبِي إِسْحَاق الْكُوفِيّ , عَنْ جَابِر بْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْم بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ مِيثَاق } قَالَ : وَهُوَ مُؤْمِن . )8015 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن مَهْدِيّ , عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ يُونُس , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : ( { وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْم بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ مِيثَاق } قَالَ : هُوَ كَافِر . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِتَأْوِيلِ الْآيَة قَوْل مَنْ قَالَ : عَنَى بِذَلِكَ الْمَقْتُول مِنْ أَهْل الْعَهْد , لِأَنَّ اللَّه أَبْهَمَ ذَلِكَ , فَقَالَ : { وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْم بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ } وَلَمْ يَقُلْ : | وَهُوَ مُؤْمِن | كَمَا قَالَ فِي الْقَتِيل مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَأَهْل الْحَرْب ; أَوْ عَنَى الْمُؤْمِن مِنْهُمْ وَهُوَ مُؤْمِن . فَكَانَ فِي تَرْكه وَصْفه بِالْإِيمَانِ الَّذِي وَصَفَ بِهِ الْقَتِيلَيْنِ الْمَاضِيَ ذِكْرهمَا قَبْل , الدَّلِيل الْوَاضِح عَلَى صِحَّة مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ. فَإِنْ ظَنَّ ظَانّ أَنَّ فِي قَوْله تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { فَدِيَة مُسَلَّمَة إِلَى أَهْله } دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَهْل الْإِيمَان , لِأَنَّ الدِّيَة عِنْده لَا تَكُون إِلَّا لِمُؤْمِنٍ , فَقَدْ ظَنَّ خَطَأ ; وَذَلِكَ أَنَّ دِيَة الذِّمِّيّ وَأَهْل الْإِسْلَام سَوَاء , لِإِجْمَاعِ جَمِيعهمْ عَلَى أَنَّ دِيَات عَبِيدهمْ الْكُفَّار وَعَبِيد الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَهْل الْإِيمَان سَوَاء , فَكَذَلِكَ حُكْم دِيَات أَحْرَارهمْ سَوَاء , مَعَ أَنَّ دِيَاتهمْ لَوْ كَانَتْ عَلَى مَا قَالَ مَنْ خَالَفَنَا فِي ذَلِكَ , فَجَعَلَهَا عَلَى النِّصْف مِنْ دِيَات أَهْل الْإِيمَان أَوْ عَلَى الثُّلُث , لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ دَلِيل عَلَى أَنَّ الْمَعْنِيّ بِقَوْلِهِ : { وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْم بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ مِيثَاق } مِنْ أَهْل الْإِيمَان , لِأَنَّ دِيَة الْمُؤْمِنَة لَا خِلَاف بَيْن الْجَمِيع , إِلَّا مَنْ لَا يَعُدّ خِلَافًا أَنَّهَا عَلَى النِّصْف مِنْ دِيَة الْمُؤْمِن , وَذَلِكَ غَيْر مُخْرِجهَا مِنْ أَنْ تَكُون دِيَة , فَكَذَلِكَ حُكْم دِيَات أَهْل الذِّمَّة لَوْ كَانَتْ مُقَصَّرَة عَنْ دِيَات أَهْل الْإِيمَان لَمْ يُخْرِجهَا ذَلِكَ مِنْ أَنْ تَكُون دِيَات , فَكَيْفَ وَالْأَمْر فِي ذَلِكَ بِخِلَافِهِ وَدِيَاتهمْ وَدِيَات الْمُؤْمِنِينَ سَوَاء ؟ . وَأَمَّا الْمِيثَاق : فَإِنَّهُ الْعَهْد وَالذِّمَّة , وَقَدْ بَيَّنَّا فِي غَيْر هَذَا الْمَوْضِع أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَالْأَصْل الَّذِي مِنْهُ أُخِذَ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8016 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ فِي قَوْله : ( { وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْم بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ مِيثَاق } يَقُول : عَهْد. )8017 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ فِي قَوْله : ( { وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْم بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ مِيثَاق } قَالَ : هُوَ الْمُعَاهَدَة . )8018 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو غَسَّان , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْم بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ مِيثَاق } عَهْد . )8019 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة , مِثْله . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَمَا صِفَة الْخَطَأ الَّذِي إِذَا قَتَلَ الْمُؤْمِن الْمُؤْمِن أَوْ الْمُعَاهَد لَزِمَتْهُ دِيَته وَالْكَفَّارَة ؟ قِيلَ : هُوَ مَا قَالَ النَّخَعِيّ فِي ذَلِكَ. وَذَلِكَ مَا : 8020 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ الْمُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم قَالَ : (الْخَطَأ أَنْ يُرِيد الشَّيْء فَيُصِيب غَيْره . )8021 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَيَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَا : ثنا هُشَيْم , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : (الْخَطَأ أَنْ يَرْمِيَ الشَّيْء فَيُصِيب إِنْسَانًا وَهُوَ لَا يُرِيدهُ , فَهُوَ خَطَأ , وَهُوَ عَلَى الْعَاقِلَة . )فَإِنْ قَالَ : فَمَا الدِّيَة الْوَاجِبَة فِي ذَلِكَ ؟ قِيلَ : أَمَّا فِي قَتْل الْمُؤْمِن فَمِائَة مِنْ الْإِبِل إِنْ كَانَ مِنْ أَهْل الْإِبِل عَلَى عَاقِلَة قَاتِله , لَا خِلَاف بَيْن الْجَمِيع فِي ذَلِكَ , وَإِنْ كَانَ فِي مَبْلَغ أَسْنَانهَا اِخْتِلَاف بَيْن أَهْل الْعِلْم , فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُول : هِيَ أَرْبَاع : خَمْس وَعِشْرُونَ مِنْهَا حِقَّة , وَخَمْس وَعِشْرُونَ جَذَعَة , وَخَمْس وَعِشْرُونَ بِنْت مَخَاض , وَخَمْس وَعِشْرُونَ بِنْت لَبُون . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8022 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : (فِي الْخَطَأ شِبْه الْعَمْد ثَلَاث وَثَلَاثُونَ حِقَّة , وَثَلَاث وَثَلَاثُونَ جَذَعَة , وَأَرْبَع وَثَلَاثُونَ ثَنِيَّة إِلَى بَازِل عَامّهَا ; وَفِي الْخَطَأ : خَمْس وَعِشْرُونَ حِقَّة , وَخَمْس وَعِشْرُونَ جَذَعَة , وَخَمْس وَعِشْرُونَ بِنْت مَخَاض , وَخَمْس وَعِشْرُونَ بِنْت لَبُون . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ فِرَاس وَالشَّيْبَانِيّ , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب , بِمِثْلِهِ . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ عَاصِم بْن ضَمْرَة , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , بِنَحْوِهِ . * - حَدَّثَنِي وَاصِل بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا اِبْن فُضَيْل , عَنْ أَشْعَث بْن سَوَّار , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : فِي قَتْل الْخَطَأ الدِّيَة مِائَة أَرْبَاعًا , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ أَخْمَاس : عِشْرُونَ حِقَّة , وَعِشْرُونَ جَذَعَة , وَعِشْرُونَ بِنْت لَبُون , وَعِشْرُونَ ابْن لَبُون , وَعِشْرُونَ بِنْت مَخَاض . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8023 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة عَنْ أَبِي مِجْلَز , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود قَالَ : (فِي الْخَطَأ عِشْرُونَ حِقَّة , وَعِشْرُونَ جَذَعَة , وَعِشْرُونَ بِنْت لَبُون , وَعِشْرُونَ ابْن لَبُون , وَعِشْرُونَ بِنْت مَخَاض . )* - حَدَّثَنَا وَاصِل بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا اِبْن فُضَيْل , عَنْ أَشْعَث , عَنْ عَامِر , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود : (فِي قَتْل الْخَطَأ مِائَة مِنْ الْإِبِل أَخْمَاسًا : خَمْس جِذَاع , وَخَمْس حِقَاق , وَخَمْس بَنَات لَبُون , وَخَمْس بَنَات مَخَاض , وَخَمْس بَنِي مَخَاض . )* - حَدَّثَنَا مُجَاهِد بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُلَيْمَان التَّيْمِيّ , عَنْ أَبِي مِجْلَز , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : (الدِّيَة أَخْمَاس دِيَة الْخَطَأ : خَمْس بَنَات مَخَاض , وَخَمْس بَنَات لَبُون , وَخَمْس حِقَاق , وَخَمْس جِذَاع , وَخَمْس بَنِي مَخَاض . )وَاعْتَلَّ قَائِل هَذِهِ الْمَقَالَة بِحَدِيثٍ : 8024 - حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن أَبِي زَائِدَة وَأَبُو خَالِد الْأَحْمَر , عَنْ حَجَّاج , عَنْ زَيْد بْن جُبَيْر , عَنْ الْخِشْف بْن مَالِك , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود : (أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي الدِّيَة فِي الْخَطَأ أَخْمَاسًا . قَالَ أَبُو هِشَام : قَالَ اِبْن أَبِي زَائِدَة : عِشْرُونَ حِقَّة , وَعِشْرُونَ جَذَعَة , وَعِشْرُونَ اِبْنَة لَبُون , وَعِشْرُونَ اِبْنَة مَخَاض , وَعِشْرُونَ ابْن مَخَاض . )* - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ عَلْقَمَة , عَنْ عَبْد اللَّه (أَنَّهُ قَضَى بِذَلِكَ . )وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ أَرْبَاع , غَيْر أَنَّهَا ثَلَاثُونَ حِقَّة , وَثَلَاثُونَ بِنْت لَبُون , وَعِشْرُونَ بِنْت مَخَاض , وَعِشْرُونَ ابْن لَبُون ذُكُور . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8025 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن بَكْر , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ عَبْد رَبّه , عَنْ أَبِي عِيَاض , عَنْ عُثْمَان وَزَيْد بْن ثَابِت قَالَا : (فِي الْخَطَأ شِبْه الْعَمْد : أَرْبَعُونَ جَذَعَة خَلِفَة , وَثَلَاثُونَ حِقَّة , وَثَلَاثُونَ بِنْت مَخَاض ; وَفِي الْخَطَأ : ثَلَاثُونَ حِقَّة , وَثَلَاثُونَ جَذَعَة , وَعِشْرُونَ بِنْت مَخَاض , وَعِشْرُونَ ابْن لَبُون ذُكُور. )8026 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , عَنْ زَيْد بْن ثَابِت فِي دِيَة الْخَطَأ : (ثَلَاثُونَ حِقَّة , وَثَلَاثُونَ بِنْت لَبُون , وَعِشْرُونَ بِنْت مَخَاض , وَعِشْرُونَ ابْن لَبُون ذُكُور . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا اِبْن عَثْمَة , قَالَ : ثنا سَعِيد بْن بَشِير , عَنْ قَتَادَة , عَنْ عَبْد رَبّه , عَنْ أَبِي عِيَاض , عَنْ عُثْمَان بْن عَفَّان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , قَالَ : وَحَدَّثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب عَنْ زَيْد بْن ثَابِت , مِثْله . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّ الْجَمِيع مُجْمِعُونَ أَنَّ فِي الْخَطَأ الْمَحْض عَلَى أَهْل الْإِبِل مِائَة مِنْ الْإِبِل . ثُمَّ اِخْتَلَفُوا فِي مَبَالِغ أَسْنَانهَا , وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقَصِّر بِهَا فِي الَّذِي وَجَبَتْ لَهُ الْأَسْنَان عَنْ أَقَلّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَسْنَانهَا الَّتِي حَدَّهَا الَّذِينَ ذَكَرْنَا اِخْتِلَافهمْ فِيهَا , وَأَنَّهُ لَا يُجَاوِز بِهَا الَّذِي وَجَبَتْ عَنْ أَعْلَاهَا . وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعهمْ إِجْمَاعًا , فَالْوَاجِب أَنْ يَكُون مُجْزِيًا مَنْ لَزِمَتْهُ دِيَة قَتْل خَطَأ : أَيْ هَذِهِ الْأَسْنَان الَّتِي اِخْتَلَفَ الْمُخْتَلِفُونَ فِيهَا أَدَّاهَا إِلَى مَنْ وَجَبَتْ لَهُ , لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى لَمْ يَحُدّ ذَلِكَ بِحَدٍّ لَا يُجَاوِز بِهِ وَلَا يُقَصِّر عَنْهُ وَلَا رَسُوله إِلَّا مَا ذَكَرْت مِنْ إِجْمَاعهمْ فِيمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ , فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلْإِمَامِ مُجَاوَزَة ذَلِكَ فِي الْحُكْم بِتَقْصِيرٍ وَلَا زِيَادَة , وَلَهُ التَّخْيِير فِيمَا بَيْن ذَلِكَ بِمَا رَأَى الصَّلَاح فِيهِ لِلْفَرِيقَيْنِ , وَإِنْ كَانَتْ عَاقِلَة الْقَاتِل مِنْ أَهْل الذَّهَب فَإِنَّ لِوَرَثَةِ الْقَتِيل عَلَيْهِمْ عِنْدنَا أَلْف دِينَار , وَعَلَيْهِ عُلَمَاء الْأَمْصَار . وَقَالَ بَعْضهمْ : ذَلِكَ تَقْوِيم مِنْ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ لِإِبِلٍ عَلَى أَهْل الذَّهَب فِي عَصْره , وَالْوَاجِب أَنْ يُقَوَّم فِي كُلّ زَمَان قِيمَتهَا إِذَا عَدِمَ الْإِبِل عَاقِلَة الْقَاتِل . وَاعْتَلُّوا بِمَا : 8027 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَيُّوب بْن مُوسَى , عَنْ مَكْحُول , قَالَ : (كَانَتْ الدِّيَة تَرْتَفِع وَتَنْخَفِض , فَتُوُفِّيَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ ثَمَانمِائَةِ دِينَار , فَخَشِيَ عُمَر مِنْ بَعْده , فَجَعَلَهَا اِثْنَيْ عَشَر أَلْف دِرْهَم أَوْ أَلْف دِينَار. )وَأَمَّا الَّذِينَ أَوْجَبُوهَا فِي كُلّ زَمَان عَلَى أَهْل الذَّهَب ذَهَبًا أَلْف دِينَار , فَقَالُوا : ذَلِكَ فَرِيضَة فَرَضَهَا اللَّه عَلَى لِسَان رَسُوله , كَمَا فَرَضَ الْإِبِل عَلَى أَهْل الْإِبِل . قَالُوا : وَفِي إِجْمَاع عُلَمَاء الْأَمْصَار فِي كُلّ عَصْر وَزَمَان إِلَّا مَنْ شَذَّ عَنْهُمْ , عَلَى أَنَّهَا لَا تُزَاد عَلَى أَلْف دِينَار وَلَا تُنْقَص عَنْهَا , أَوْضَح الدَّلِيل عَلَى أَنَّهَا الْوَاجِبَة عَلَى أَهْل الذَّهَب وُجُوب الْإِبِل عَلَى أَهْل الْإِبِل , لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ قِيمَة لِمِائَةٍ مِنْ الْإِبِل لَاخْتَلَفَ ذَلِكَ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَان لِتَغَيُّرِ أَسْعَار الْإِبِل. وَهَذَا الْقَوْل هُوَ الْحَقّ فِي ذَلِكَ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ إِجْمَاع الْحُجَّة عَلَيْهِ . وَأَمَّا مِنْ الْوَرِق عَلَى أَهْل الْوَرِق عِنْدنَا , فَاثْنَا عَشَر أَلْف دِرْهَم , وَقَدْ بَيَّنَّا الْعِلَل فِي ذَلِكَ فِي كِتَابنَا | كِتَاب لَطِيف الْقَوْل فِي أَحْكَام شَرَائِع الْإِسْلَام | . وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّمَا عَلَى أَهْل الْوَرِق مِنْ الْوَرِق عَشَرَة آلَاف دِرْهَم . وَأَمَّا دِيَة الْمُعَاهَد الَّذِي بَيْننَا وَبَيْن قَوْمه مِيثَاق , فَإِنَّ أَهْل الْعِلْم اِخْتَلَفُوا فِي مَبْلَغهَا , فَقَالَ بَعْضهمْ : دِيَته وَدِيَة الْحُرّ الْمُسْلِم سَوَاء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8028 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا بِشْر بْن السَّرِيّ , عَنْ إِبْرَاهِيم بْن سَعْد , عَنْ الزُّهْرِيّ : (أَنَّ أَبَا بَكْر وَعُثْمَان رِضْوَان اللَّه عَلَيْهِمَا كَانَا يَجْعَلَانِ دِيَة الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ إِذَا كَانَا مُعَاهَدَيْنِ كَدِيَةِ الْمُسْلِم . )8029 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا بِشْر بْن السَّرِيّ , عَنْ الدَّسْتُوَائِيّ , عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير , عَنْ الْحَكَم بْن عُيَيْنَة : (أَنَّ اِبْن مَسْعُود كَانَ يَجْعَل دِيَة أَهْل الْكِتَاب إِذَا كَانُوا أَهْل ذِمَّة كَدِيَةِ الْمُسْلِمِينَ . )8030 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ حَمَّاد , قَالَ : سَأَلَنِي عَبْد الْحَمِيد عَنْ دِيَة أَهْل الْكِتَاب , فَأَخْبَرْته أَنَّ إِبْرَاهِيم قَالَ : (إِنَّ دِيَتهمْ وَدِيَتنَا سَوَاء . )8031 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو الْوَلِيد , قَالَ : ثنا حَمَّاد , عَنْ إِبْرَاهِيم وَدَاوُد عَنْ الشَّعْبِيّ أَنَّهُمَا قَالَا : (دِيَة الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ وَالْمَجُوسِيّ مِثْل دِيَة الْحُرّ الْمُسْلِم. )8032 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : (كَانَ يُقَال : دِيَة الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ وَالْمَجُوسِيّ كَدِيَةِ الْمُسْلِم إِذَا كَانَتْ لَهُ ذِمَّة . )8033 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد وَعَطَاء أَنَّهُمَا قَالَا : (دِيَة الْمُعَاهَد دِيَة الْمُسْلِم. )* - حَدَّثَنَا سَوَّار بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا الْمَسْعُودِيّ , عَنْ حَمَّاد , عَنْ إِبْرَاهِيم , أَنَّهُ قَالَ : (دِيَة الْمُسْلِم وَالْمُعَاهَد سَوَاء . )8034 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : حَدَّثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَيُّوب , قَالَ : سَمِعْت الزُّهْرِيّ يَقُول : (دِيَة الذِّمِّيّ دِيَة الْمُسْلِم . )8035 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي زَائِدَة , عَنْ أَشْعَث , عَنْ عَامِر قَالَ : (دِيَة الذِّمِّيّ مِثْل دِيَة الْمُسْلِم . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي زَائِدَة , عَنْ سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَة , عَنْ أَبِي مَعْشَر , عَنْ إِبْرَاهِيم مِثْله . * - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم مِثْله . 8036 - ثنا عَبْد الْحَمِيد بْن بَيَان , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن يَزِيد , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ عَامِر , وَبَلَغَهُ أَنَّ الْحَسَن كَانَ يَقُول : (دِيَة الْمَجُوسِيّ ثَمَانمِائَةٍ وَدِيَة الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ أَرْبَعَة آلَاف , فَقَالَ : دِيَتهمْ وَاحِدَة . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ قَيْس بْن مُسْلِم , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : (دِيَة الْمُعَاهَد وَالْمُسْلِم فِي كَفَّارَتهمَا سَوَاء . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : (دِيَة الْمُعَاهَد وَالْمُسْلِم سَوَاء . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ دِيَته عَلَى النِّصْف مِنْ دِيَة الْمُسْلِم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8037 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب (فِي دِيَة الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ قَالَ : جَعَلَهَا عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ نِصْف دِيَة الْمُسْلِم , وَدِيَة الْمَجُوسِيّ ثَمَانمِائَةٍ . فَقُلْت لِعَمْرِو بْن شُعَيْب : إِنَّ الْحَسَن يَقُول : أَرْبَعَة آلَاف , قَالَ : لَعَلَّهُ كَانَ ذَلِكَ قَبْل , وَقَالَ : إِنَّمَا جَعَلَ دِيَة الْمَجُوسِيّ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْد . )8038 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه الْأَشْجَعِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِي الزِّنَاد , عَنْ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز قَالَ : (دِيَة الْمُعَاهَد عَلَى النِّصْف مِنْ دِيَة الْمُسْلِم. )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ دِيَته عَلَى الثُّلُث مِنْ دِيَة الْمُ

وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم خَالِدًا فِيهَا } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا عَامِدًا قَتْله , مُرِيدًا إِتْلَاف نَفْسه , { فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم } يَقُول : فَثَوَابه مِنْ قَتْله إِيَّاهُ جَهَنَّم , يَعْنِي : عَذَاب جَهَنَّم , { خَالِدًا فِيهَا } يَعْنِي : بَاقِيًا فِيهَا. وَالْهَاء وَالْأَلِف فِي قَوْله : | فِيهَا | مِنْ ذِكْر جَهَنَّم . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي صِفَة الْقَتْل الَّذِي يَسْتَحِقّ صَاحِبه أَنْ يُسَمَّى مُتَعَمِّدًا بَعْد إِجْمَاع جَمِيعهمْ عَلَى أَنَّهُ إِذَا ضَرَبَ رَجُل رَجُلًا بِحَدِّ حَدِيد يُجْرَح بِحَدِّهِ , أَوْ يُبْضِع وَيَقْطَع , فَلَمْ يُقْلِع عَنْهُ ضَرْبًا بِهِ , حَتَّى أَتْلَفَ نَفْسه , وَهُوَ فِي حَال ضَرْبه إِيَّاهُ بِهِ قَاصِد ضَرْبه أَنَّهُ عَامِد قَتْله . ثُمَّ اِخْتَلَفُوا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : لَا عَمْد إِلَّا مَا كَانَ كَذَلِكَ عَلَى الصِّفَة الَّتِي وَصَفْنَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8048 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي زَائِدَة , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ عَطَاء : (الْعَمْد : السِّلَاح - أَوْ قَالَ : الْحَدِيد - قَالَ : وَقَالَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : هُوَ السِّلَاح . )8049 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَيَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَا : ثنا هُشَيْم , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : (الْعَمْد مَا كَانَ بِحَدِيدَةٍ , وَمَا كَانَ بِدُونِ حَدِيدَة فَهُوَ شِبْه الْعَمْد , لَا قَوَد فِيهِ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ الْمُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : (الْعَمْد مَا كَانَ بِحَدِيدَةٍ , وَشِبْه الْعَمْد : مَا كَانَ بِخَشَبَةٍ , وَشِبْه الْعَمْد لَا يَكُون إِلَّا فِي النَّفْس . )8050 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن حَمَّاد الدُّولَابِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَمْرو , عَنْ طَاوُس , قَالَ : (مَنْ قُتِلَ فِي عَصَبِيَّة فِي رَمْي يَكُون مِنْهُمْ بِحِجَارَةٍ أَوْ جَلْد بِالسِّيَاطِ أَوْ ضَرْب بِالْعِصِيِّ فَهُوَ خَطَأ دِيَته دِيَة الْخَطَأ , وَمَنْ قُتِلَ عَمْدًا فَهُوَ قَوَد يَدِيه. )8051 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير وَمُغِيرَة , عَنْ الْحَارِث وَأَصْحَابه فِي : (الرَّجُل يَضْرِب الرَّجُل فَيَكُون مَرِيضًا حَتَّى يَمُوت , قَالَ : أَسْأَل الشُّهُود أَنَّهُ ضَرَبَهُ , فَلَمْ يَزَلْ مَرِيضًا مِنْ ضَرْبَته حَتَّى مَاتَ , فَإِنْ كَانَ بِسِلَاحٍ فَهُوَ قَوَد , وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ شِبْه الْعَمْد . )وَقَالَ آخَرُونَ : كُلّ مَا عَمَدَ الضَّارِب إِتْلَاف نَفْس الْمَضْرُوب فَهُوَ عَمْد , إِذَا كَانَ الَّذِي ضَرَبَ بِهِ الْأَغْلَب مِنْهُ أَنَّهُ يَقْتُل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8052 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن يَحْيَى , عَنْ حِبَّان بْن أَبِي جَبَلَة عَنْ عُبَيْد بْن عُمَيْر , أَنَّهُ قَالَ : (وَأَيّ عَمْد هُوَ أَعْمَد مِنْ أَنْ يَضْرِب رَجُلًا بِعَصًا ثُمَّ لَا يُقْلِع عَنْهُ حَتَّى يَمُوت . )8053 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي هَاشِم , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : (إِذَا خَنَقَهُ بِحَبْلٍ حَتَّى يَمُوت أَوْ ضَرَبَهُ بِخَشَبَةٍ حَتَّى يَمُوت فَهُوَ الْقَوَد . )وَعِلَّة مَنْ قَالَ كُلّ مَا عَدَا الْحَدِيد خَطَأ , مَا : 8054 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ جَابِر , عَنْ أَبِي عَازِب , عَنْ النُّعْمَان بْن بَشِير , قَالَ : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كُلّ شَيْء خَطَأ إِلَّا السَّيْف , وَلِكُلّ خَطَأ أَرْش . )وَعِلَّة مَنْ قَالَ : حُكْم كُلّ مَا قُتِلَ الْمَضْرُوب بِهِ مِنْ شَيْء حُكْم السَّيْف مِنْ أَنَّ مَنْ قُتِلَ بِهِ قَتِيل عَمْد , مَا : 8055 - حَدَّثَنَا بِهِ اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو الْوَلِيد , قَالَ : ثنا هَمَّام , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَنَس بْن مَالِك : (أَنَّ يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَة عَلَى أَوْضَاح لَهَا بَيْن حَجَرَيْنِ , فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَتَلَهُ بَيْن حَجَرَيْنِ . )قَالُوا : فَأَقَادَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَاتِل بِحَجَرٍ وَذَلِكَ غَيْر حَدِيد . قَالُوا : وَكَذَلِكَ حُكْم كُلّ مَنْ قَتَلَ رَجُلًا بِشَيْءٍ الْأَغْلَب مِنْهُ أَنَّهُ يُقْتَل مِثْل الْمَقْتُول بِهِ , نَظِير حُكْم الْيَهُودِيّ الْقَاتِل الْجَارِيَة بَيْن الْحَجَرَيْنِ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا قَوْل مَنْ قَالَ : كُلّ مَنْ ضَرَبَ إِنْسَانًا بِشَيْءٍ الْأَغْلَب مِنْهُ أَنَّهُ يُتْلِفهُ , فَلَمْ يُقْلِع عَنْهُ حَتَّى أَتْلَفَ نَفْسه بِهِ أَنَّهُ قَاتِل عَمْد مَا كَانَ الْمَضْرُوب بِهِ مِنْ شَيْء ; لِلَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَأَمَّا قَوْله : { فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم خَالِدًا فِيهَا } فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل اِخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم إِنْ جَازَاهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8056 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ سُلَيْمَان التَّيْمِيّ , عَنْ أَبِي مِجْلَز فِي قَوْله : ( { وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم } قَالَ : هُوَ جَزَاؤُهُ , وَإِنْ شَاءَ تَجَاوَزَ عَنْهُ. )8057 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو النُّعْمَان الْحَكَم بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ يَسَار , عَنْ أَبِي صَالِح : ( { وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم } قَالَ : جَزَاؤُهُ جَهَنَّم إِنْ جَازَاهُ. )وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِذَلِكَ رَجُل بِعَيْنِهِ كَانَ أَسْلَمَ , فَارْتَدَّ عَنْ إِسْلَامه وَقَتَلَ رَجُلًا مُؤْمِنًا ; قَالُوا : فَمَعْنَى الْآيَة : وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا مُسْتَحِلًّا قَتْله , فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم خَالِدًا فِيهَا. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8058 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عِكْرِمَة : (أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَار قَتَلَ أَخَا مِقْيَس بْن صُبَابَة , فَأَعْطَاهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدِّيَة فَقَبِلَهَا , ثُمَّ وَثَبَ عَلَى قَاتِل أَخِيهِ فَقَتَلَهُ . قَالَ اِبْن جُرَيْج وَقَالَ غَيْره : ضَرَبَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِيَته عَلَى بَنِي النَّجَّار , ثُمَّ بَعَثَ مِقْيَسًا وَبَعَثَ مَعَهُ رَجُلًا مِنْ بَنِي فِهْر فِي حَاجَة لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَاحْتَمَلَ مِقْيَس الفِهْرِيّ وَكَانَ أَيِّدًا , فَضَرَبَ بِهِ الْأَرْض , وَرَضَخَ رَأْسه بَيْن حَجَرَيْنِ , ثُمَّ أُلْفِيَ يَتَغَنَّى : <br>قَتَلْت بِهِ فِهْرًا وَحَمَلَتْ عَقْله .......... سَرَاة بَنِي النَّجَّار أَرْبَاب فَارِع <br>فَقَالَ النَّبِيّ : | أَظُنّهُ قَدْ أَحْدَثَ حَدَثًا , أَمَا وَاَللَّه لَئِنْ كَانَ فَعَلَ لَا أُؤَمِّنهُ فِي حِلّ وَلَا حَرَم , وَلَا سِلْم وَلَا حَرْب | فَقُتِلَ يَوْم الْفَتْح ; قَالَ اِبْن جُرَيْج : وَفِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة { وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا } ... الْآيَة . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : إِلَّا مَنْ تَابَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8059 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , قَالَ : ثني سَعِيد بْن جُبَيْر , أَوْ حَدَّثَنِي الْحَكَم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : سَأَلْت اِبْن عَبَّاس عَنْ قَوْله : ( { وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم } قَالَ : إِنَّ الرَّجُل إِذَا عَرَفَ الْإِسْلَام وَشَرَائِع الْإِسْلَام ثُمَّ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم , وَلَا تَوْبَة لَهُ . فَذَكَرْت ذَلِكَ لِمُجَاهِدٍ , فَقَالَ : إِلَّا مَنْ نَدِمَ . )وَقَالَ آخَرُونَ : ذَلِكَ إِيجَاب مِنْ اللَّه الْوَعِيد لِقَاتِلِ الْمُؤْمِن مُتَعَمِّدًا كَائِنًا مَنْ كَانَ الْقَاتِل , عَلَى مَا وَصَفَهُ فِي كِتَابه , وَلَمْ يَجْعَل لَهُ تَوْبَة مِنْ فِعْله . قَالُوا : فَكُلّ قَاتِل مُؤْمِن عَمْدًا فَلَهُ مَا أَوْعَدَهُ اللَّه مِنْ الْعَذَاب وَالْخُلُود فِي النَّار , وَلَا تَوْبَة لَهُ . وَقَالُوا : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة بَعْد الَّتِي فِي سُورَة الْفُرْقَان . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8060 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثنا جَرِير , عَنْ يَحْيَى الْجَابِر , عَنْ سَالِم بْن أَبِي الْجَعْد , قَالَ : (كُنَّا عِنْد اِبْن عَبَّاس بَعْد مَا كُفَّ بَصَره , فَأَتَاهُ رَجُل فَنَادَاهُ : يَا عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس مَا تَرَى فِي رَجُل قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا ؟ فَقَالَ : جَزَاؤُهُ جَهَنَّم خَالِدًا فِيهَا , وَغَضِبَ اللَّه عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ , وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا. قَالَ : أَفَرَأَيْت إِنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اِهْتَدَى ؟ قَالَ اِبْن عَبَّاس : ثَكِلَتْهُ أُمّه , وَأَنَّى لَهُ التَّوْبَة وَالْهُدَى , فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ سَمِعْت نَبِيّكُمْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : | ثَكِلَتْهُ أُمّه ! رَجُل قَتَلَ رَجُلًا مُتَعَمِّدًا , جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة آخِذًا بِيَمِينِهِ أَوْ بِشِمَالِهِ , تَشْخَب أَوْدَاجه دَمًا , فِي قُبُلِ عَرْش الرَّحْمَن , يَلْزَم قَاتِله بِيَدِهِ الْأُخْرَى يَقُول : سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي | . وَاَلَّذِي نَفْس عَبْد اللَّه بِيَدِهِ لَقَدْ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَة فَمَا نَسَخَتْهَا مِنْ آيَة حَتَّى قُبِضَ نَبِيّكُمْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَمَا نَزَلَ بَعْدهَا مِنْ بُرْهَان . )8061 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبُو خَالِد , عَنْ عَمْرو بْن قَيْس , عَنْ يَحْيَى بْن الْحَارِث التَّيْمِيّ , عَنْ سَالِم بْن أَبِي الْجَعْد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( { وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّه عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا } فَقِيلَ لَهُ : وَإِنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ؟ فَقَالَ : وَأَنَّى لَهُ التَّوْبَة !. )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا مُوسَى بْن دَاوُد , قَالَ : ثنا هَمَّام عَنْ يَحْيَى , عَنْ رَجُل , عَنْ سَالِم , قَالَ كُنْت جَالِسًا مَعَ اِبْن عَبَّاس , فَسَأَلَهُ رَجُل فَقَالَ : (أَرَأَيْت رَجُلًا قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا أَيْنَ مَنْزِله ؟ قَالَ : جَهَنَّم خَالِدًا فِيهَا , وَغَضِبَ اللَّه عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ , وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا . قَالَ : أَفَرَأَيْت إِنْ هُوَ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اِهْتَدَى ؟ قَالَ : وَأَنَّى لَهُ الْهُدَى ثَكِلَتْهُ أُمّه ! وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَسَمِعْته يَقُول - يَعْنِي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : | يَجِيء يَوْم الْقِيَامَة مُعَلِّقًا رَأْسه بِإِحْدَى يَدَيْهِ , إِمَّا بِيَمِينِهِ أَوْ بِشِمَالِهِ , آخِذًا صَاحِبه بِيَدِهِ الْأُخْرَى تَشْخَب أَوْدَاجه حِيَال عَرْش الرَّحْمَن يَقُول : يَا رَبّ سَلْ عَبْدك هَذَا عَلَامَ قَتَلَنِي ؟ | فَمَا جَاءَ نَبِيّ بَعْد نَبِيّكُمْ , وَلَا نَزَلَ كِتَاب بَعْد كِتَابكُمْ . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا قَبِيصَة , قَالَ : ثنا عُثْمَان بْن زُرَيْق , عَنْ عَمَّار الدُّهْنِيّ , عَنْ سَالِم بْن أَبِي الْجَعْد , عَنْ اِبْن عَبَّاس بِنَحْوِهِ , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثه : (فَوَاَللَّهِ لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَى نَبِيّكُمْ ثُمَّ مَا نَسَخَهَا شَيْء , وَلَقَدْ سَمِعْته يَقُول : | وَيْل لِقَاتِلِ الْمُؤْمِن , يَجِيء يَوْم الْقِيَامَة آخِذًا رَأْسه بِيَدِهِ | )ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيث نَحْوه . 8062 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ سَعِيد , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : قَالَ لِي عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبْزَى : سُئِلَ اِبْن عَبَّاس عَنْ قَوْله : ( { وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم } فَقَالَ : لَمْ يَنْسَخهَا شَيْء . وَقَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَاَلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْس الَّتِي حَرَّمَ اللَّه إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا } [25 68 ]قَالَ : نَزَلَتْ فِي أَهْل الشِّرْك . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مَنْصُور , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر قَالَ : أَمَرَنِي عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبْزَى أَنْ أَسْأَل اِبْن عَبَّاس عَنْ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ , فَذَكَرَ نَحْوه . 8063 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا طَلْق بْن غَنَّام , عَنْ زَائِدَة , عَنْ مَنْصُور , قَالَ : حَدَّثَنِي سَعِيد بْن جُبَيْر , أَوْ حُدِّثْت عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , (أَنَّ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبْزَى أَمَرَهُ أَنْ يَسْأَل اِبْن عَبَّاس عَنْ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ الَّتِي فِي النِّسَاء : { وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم } . .. إِلَى آخِر الْآيَة , وَاَلَّتِي فِي الْفُرْقَان : { وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا } . .. إِلَى : { وَيَخْلُد فِيهِ مُهَانًا } [25 68 ]قَالَ اِبْن عَبَّاس : إِذَا دَخَلَ الرَّجُل فِي الْإِسْلَام وَعَلِمَ شَرَائِعه وَأَمْرَهُ ثُمَّ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَلَا تَوْبَة لَهُ . وَأَمَّا الَّتِي فِي الْفُرْقَان , فَإِنَّهَا لَمَّا أُنْزِلَتْ قَالَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَهْل مَكَّة : فَقَدْ عَدَلْنَا بِاَللَّهِ وَقَتَلْنَا النَّفْس الَّتِي حَرَّمَ اللَّه بِغَيْرِ الْحَقّ وَآتَيْنَا الْفَوَاحِش , فَمَا يَنْفَعنَا الْإِسْلَام ؟ قَالَ : فَنَزَلَتْ { إِلَّا مَنْ تَابَ } . .. الْآيَة . )8064 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ الْمُغِيرَة بْن النُّعْمَان , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : ( { وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم } قَالَ : مَا نَسَخَهَا شَيْء . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ الْمُغِيرَة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (هِيَ مِنْ آخِر مَا نَزَلَتْ مَا نَسَخَهَا شَيْء . )* - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ الْمُغِيرَة بْن النُّعْمَان , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (اِخْتَلَفَ أَهْل الْكُوفَة فِي قَتْل الْمُؤْمِن , فَدَخَلْت إِلَى اِبْن عَبَّاس فَسَأَلْته , فَقَالَ : لَقَدْ نَزَلَتْ فِي آخِر مَا نَزَلَ مِنْ الْقُرْآن وَمَا نَسَخَهَا شَيْء . )8065 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا آدَم الْعَسْقَلَانِيّ , قَالَ : ثنا شُعْبَة , قَالَ : ثنا أَبُو إِيَاس مُعَاوِيَة بْن قُرَّة , قَالَ : أَخْبَرَنِي شَهْر بْن حَوْشَب , قَالَ : سَمِعْت اِبْن عَبَّاس يَقُول : (نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم } بَعْد قَوْله : { إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا } بِسَنَةٍ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سَلْم بْن قُتَيْبَة , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مُعَاوِيَة بْن قُرَّة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : ( { وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم } قَالَ : نَزَلَتْ بَعْد : { إِلَّا مَنْ تَابَ } بِسَنَةٍ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الصَّمَد بْن عَبْد الْوَارِث , قَالَ : ثنا شُعْبَة , قَالَ : ثنا أَبُو إِيَاس , قَالَ : ثني مَنْ سَمِعَ اِبْن عَبَّاس يَقُول : (فِي قَاتِل الْمُؤْمِن نَزَلَتْ بَعْد ذَلِكَ بِسَنَةٍ , فَقُلْت لِأَبِي إِيَاس : مَنْ أَخْبَرَك ؟ فَقَالَ : شَهْر بْن حَوْشَب . )8066 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ أَبِي حُصَيْن , عَنْ سَعِيد , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : ( { وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا } قَالَ : لَيْسَ لِقَاتِلٍ تَوْبَة إِلَّا أَنْ يَسْتَغْفِر اللَّه. )8067 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا } . .. الْآيَة , قَالَ عَطِيَّة : وَسُئِلَ عَنْهَا اِبْن عَبَّاس , فَزَعَمَ أَنَّهَا نَزَلَتْ بَعْد الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة الْفُرْقَان بِثَمَانِ سِنِينَ , وَهُوَ قَوْله : { وَاَلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر } . .. [25 68 ]إِلَى قَوْله : { غَفُورًا رَحِيمًا } [25 70 ] )8068 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مُطَرِّف , عَنْ أَبِي السَّفَر , عَنْ نَاجِيَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (هُمَا الْمُبْهَمَتَانِ : الشِّرْك , وَالْقَتْل . )8069 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : (أَكْبَر الْكَبَائِر : الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ وَقَتْل النَّفْس الَّتِي حَرَّمَ اللَّه ; لِأَنَّ اللَّه سُبْحَانه يَقُول : { فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّه عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا } . )8070 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ بَعْض أَشْيَاخه الْكُوفِيِّينَ , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ مَسْرُوق , عَنْ اِبْن مَسْعُود فِي قَوْله : ( { وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم } قَالَ : إِنَّهَا لَمُحْكَمَة , وَمَا تَزْدَاد إِلَّا شِدَّة . )8071 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عُثْمَان بْن سَعِيد , قَالَ : ثني هَيَّاج بْن بِسْطَام , عَنْ مُحَمَّد بْن عَمْرو , عَنْ مُوسَى بْن عُقْبَة , عَنْ أَبِي الزِّنَاد , عَنْ خَارِجَة بْن زَيْد , عَنْ زَيْد بْن ثَابِت , قَالَ : (نَزَلَتْ سُورَة النِّسَاء بَعْد سُورَة الْفُرْقَان بِسِتَّةِ أَشْهُر . )8072 - حَدَّثَنَا اِبْن الْبَرْقِيّ قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي مَرْيَم , قَالَ : أَخْبَرَنَا نَافِع بْن يَزِيد , قَالَ : ثني أَبُو صَخْر , عَنْ أَبِي مُعَاوِيَة الْبَجَلِيّ , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : (يَأْتِي الْمَقْتُول يَوْم الْقِيَامَة آخِذًا رَأْسه بِيَمِينِهِ وَأَوْدَاجه تَشْخَب دَمًا , يَقُول : يَا رَبّ دَمِي عِنْد فُلَان ! فَيُؤْخَذَانِ فَيُسْنَدَانِ إِلَى الْعَرْش , فَمَا أَدْرِي مَا يَقْضِي بَيْنهمَا . ثُمَّ نَزَعَ بِهَذِهِ الْآيَة : { وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم خَالِدًا فِيهَا } . .. الْآيَة . قَالَ اِبْن عَبَّاس : وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا نَسَخَهَا اللَّه جَلَّ وَعَزَّ مُنْذُ أَنْزَلَهَا عَلَى نَبِيّكُمْ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام . )8073 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن آدَم , عَنْ اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ أَبِي الزِّنَاد , قَالَ : سَمِعْت رَجُلًا يُحَدِّث خَارِجَة بْن زَيْد بْن ثَابِت , عَنْ زَيْد بْن ثَابِت , قَالَ : سَمِعْت أَبَاك يَقُول : (نَزَلَتْ الشَّدِيدَة بَعْد الْهَيِّنَة بِسِتَّةِ أَشْهُر , قَوْله : { وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا } . .. إِلَى آخِر الْآيَة , بَعْد قَوْله : { وَاَلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر } . .. [25 68 ]إِلَى آخِر الْآيَة . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ أَبِي الزِّنَاد , قَالَ : سَمِعْت رَجُلًا يُحَدِّث خَارِجَة بْن زَيْد , قَالَ : سَمِعْت أَبَاك فِي هَذَا الْمَكَان بِمِنًى يَقُول : (نَزَلَتْ الشَّدِيدَة بَعْد الْهَيِّنَة , قَالَ : أَرَاهُ بِسِتَّةِ أَشْهُر , يَعْنِي : { وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا } بَعْد : { إِنَّ اللَّه لَا يَغْفِر أَنْ يُشْرَك بِهِ } [4 48 ])8074 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سَلَمَة بْن نُبَيْط , عَنْ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم , قَالَ : (مَا نَسَخَهَا شَيْء مُنْذُ نَزَلَتْ , وَلَيْسَ لَهُ تَوْبَة . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْل فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ إِنْ جَزَاهُ جَهَنَّم خَالِدًا فِيهَا , وَلَكِنَّهُ يَعْفُو أَوْ يَتَفَضَّل عَلَى أَهْل الْإِيمَان بِهِ وَبِرَسُولِهِ , فَلَا يُجَازِيهِمْ بِالْخُلُودِ فِيهَا , وَلَكِنَّهُ عَزَّ ذِكْره إِمَّا أَنْ يَعْفُو بِفَضْلِهِ فَلَا يُدْخِلهُ النَّار , وَإِمَّا أَنْ يُدْخِلهُ إِيَّاهَا ثُمَّ يُخْرِجهُ مِنْهَا بِفَضْلِ رَحْمَته لِمَا سَلَفَ مِنْ وَعْده عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ بِقَوْلِهِ : { يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسهمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَة اللَّه إِنَّ اللَّه يَغْفِر الذُّنُوب جَمِيعًا } . [39 53 ]فَإِنْ ظَنَّ ظَانّ أَنَّ الْقَاتِل إِنْ وَجَبَ أَنْ يَكُون دَاخِلًا فِي هَذِهِ الْآيَة , فَقَدْ يَجِب أَنْ يَكُون الْمُشْرِك دَاخِلًا فِيهِ , لِأَنَّ الشِّرْك مِنْ الذُّنُوب , فَإِنَّ اللَّه عَزَّ ذِكْره قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ غَيْر غَافِر الشِّرْك لِأَحَدٍ بِقَوْلِهِ : { إِنَّ اللَّه لَا يَغْفِر أَنْ يُشْرَك بِهِ وَيَغْفِر مَا دُون ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء } [4 48 ]وَالْقَتْل دُون الشِّرْك .|وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ| { وَغَضِبَ اللَّه عَلَيْهِ } يَقُول : وَغَضِبَ اللَّه بِقَتْلِهِ إِيَّاهُ مُتَعَمِّدًا ,|وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا| { وَلَعَنَهُ } يَقُول : وَأَبْعَدَهُ مِنْ رَحْمَته وَأَخْزَاهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا , وَذَلِكَ مَا لَا يَعْلَم قَدْر مَبْلَغه سِوَاهُ تَعَالَى ذِكْره .

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ ق

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيل اللَّه فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَام لَسْت مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاة الدُّنْيَا فَعِنْد اللَّه مَغَانِم كَثِيرَة كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْل فَمَنَّ اللَّه عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } يَا أَيّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّه وَصَدَّقُوا رَسُوله , فِيمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّهمْ ; { إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيل اللَّه } يَقُول : إِذَا سِرْتُمْ مَسِيرًا لِلَّهِ فِي جِهَاد أَعْدَائِكُمْ { فَتَبَيَّنُوا } يَقُول : فَتَأَنَّوْا فِي قَتْل مَنْ أَشْكَلَ عَلَيْكُمْ أَمْره , فَلَمْ تَعْلَمُوا حَقِيقَة إِسْلَامه وَلَا كُفْره , وَلَا تَعْجَلُوا فَتَقْتُلُوا مَنْ اِلْتَبَسَ عَلَيْكُمْ أَمْره , وَلَا تَتَقَدَّمُوا عَلَى قَتْل أَحَد إِلَّا عَلَى قَتْل مَنْ عَلِمْتُمُوهُ يَقِينًا حَرْبًا لَكُمْ وَلِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ. { وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَام } يَقُول : وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ اِسْتَسْلَمَ لَكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلكُمْ , مُظْهِرًا لَكُمْ أَنَّهُ مِنْ أَهْل مِلَّتكُمْ وَدَعْوَتكُمْ , { لَسْت مُؤْمِنًا } فَتَقْتُلُوهُ اِبْتِغَاء عَرَض الْحَيَاة الدُّنْيَا , يَقُول : طَلَب مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا , فَإِنَّ عِنْد اللَّه مَغَانِم كَثِيرَة مِنْ رِزْقه وَفَوَاضِل نِعَمه , فَهِيَ خَيْر لَكُمْ إِنْ أَطَعْتُمْ اللَّه فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَنَهَاكُمْ عَنْهُ فَأَثَابَكُمْ بِهَا عَلَى طَاعَتكُمْ إِيَّاهُ , فَالْتَمِسُوا ذَلِكَ مِنْ عِنْده { كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْل } يَقُول : كَمَا كَانَ هَذَا الَّذِي أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَام فَقُلْت لَهُ لَسْت مُؤْمِنًا فَقَتَلْتُمُوهُ , كَذَلِكَ أَنْتُمْ مِنْ قَبْل , يَعْنِي : مِنْ قَبْل إِعْزَاز اللَّه دِينه بِتُبَّاعِهِ وَأَنْصَاره , تَسْتَخْفُونَ بِدِينِكُمْ كَمَا اِسْتَخْفَى هَذَا الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ , وَأَخَذْتُمْ مَاله بِدِينِهِ مِنْ قَوْمه أَنْ يُظْهِرهُ لَهُمْ حَذَرًا عَلَى نَفْسه مِنْهُمْ . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ مَعْنَى قَوْله : { كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْل } كُنْتُمْ كُفَّارًا مِثْلهمْ. { فَمَنَّ اللَّه عَلَيْكُمْ } يَقُول : فَتَفَضَّلَ اللَّه عَلَيْكُمْ بِإِعْزَازِ دِينه بِأَنْصَارِهِ وَكَثْرَة تُبَّاعه. وَقَدْ قِيلَ : فَمَنَّ اللَّه عَلَيْكُمْ بِالتَّوْبَةِ مِنْ قَتْلكُمْ هَذَا الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ , وَأَخَذْتُمْ مَاله بَعْد مَا أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَام . { فَتَبَيَّنُوا } يَقُول : فَلَا تَعْجَلُوا بِقَتْلِ مَنْ أَرَدْتُمْ قَتْله مِمَّنْ اِلْتَبَسَ عَلَيْكُمْ أَمْر إِسْلَامه , فَلَعَلَّ اللَّه أَنْ يَكُون قَدْ مَنَّ عَلَيْهِ مِنْ الْإِسْلَام بِمِثْلِ الَّذِي مَنَّ بِهِ عَلَيْكُمْ , وَهَدَاهُ لِمِثْلِ الَّذِي هَدَاكُمْ لَهُ مِنْ الْإِيمَان . وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي سَبَب قَتِيل قَتَلَتْهُ سَرِيَّة لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْد مَا قَالَ : إِنِّي مُسْلِم , أَوْ بَعْد مَا شَهِدَ شَهَادَة الْحَقّ , أَوْ بَعْد مَا سَلَّمَ عَلَيْهِمْ , لِغَنِيمَةٍ كَانَتْ مَعَهُ أَوْ غَيْر ذَلِكَ مِنْ مِلْكه , فَأَخَذُوهُ مِنْهُ . ذِكْر الرِّوَايَة وَالْآثَار بِذَلِكَ : 8075 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ نَافِع , أَنَّ اِبْن عُمَر , قَالَ : (بَعَثَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَلِّم بْن جَثَّامَة مَبْعَثًا , فَلَقِيَهُمْ عَامِر بْن الْأَضْبَط , فَحَيَّاهُمْ بِتَحِيَّةِ الْإِسْلَام , وَكَانَتْ بَيْنهمْ إِحْنَة فِي الْجَاهِلِيَّة , فَرَمَاهُ مُحَلِّم بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ. فَجَاءَ الْخَبَر إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَتَكَلَّمَ فِيهِ عُيَيْنَة وَالْأَقْرَع , فَقَالَ الْأَقْرَع : يَا رَسُول اللَّه سُنَّ الْيَوْم وَغَيِّرْ غَدًا ! فَقَالَ عُيَيْنَة : لَا وَاَللَّه حَتَّى تَذُوق نِسَاؤُهُ مِنْ الثُّكْل مَا ذَاقَ نِسَائِي ! فَجَاءَ مُحَلِّم فِي بُرْدَيْنِ , فَجَلَسَ بَيْن يَدَيْ رَسُول اللَّه لِيَسْتَغْفِر لَهُ , فَقَالَ لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | لَا غَفَرَ اللَّه لَك | فَقَامَ وَهُوَ يَتَلَقَّى دُمُوعه بِبُرْدَيْهِ , فَمَا مَضَتْ بِهِ سَابِعَة حَتَّى مَاتَ وَدَفَنُوهُ , فَلَفَظَتْهُ الْأَرْض. فَجَاءُوا إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ , فَقَالَ : | إِنَّ الْأَرْض تَقْبَل مَنْ هُوَ شَرّ مِنْ صَاحِبكُمْ , وَلَكِنَّ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ أَرَادَ أَنْ يَعِظكُمْ | . ثُمَّ طَرَحُوهُ بَيْن صَدَفَيْ جَبَل , وَأَلْقَوْا عَلَيْهِ مِنْ الْحِجَارَة , وَنَزَلَتْ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيل اللَّه فَتَبَيَّنُوا } . .. الْآيَة . )8076 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ يَزِيد بْن عَبْد اللَّه بْن قُسَيْط , عَنْ الْقَعْقَاع بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي حَدْرَد الْأَسْلَمِيّ , عَنْ أَبِيهِ عَبْد اللَّه بْن أَبِي حَدْرَد , قَالَ : (بَعَثَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى إِضَم , فَخَرَجْت فِي نَفَر مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِيهِمْ أَبُو قَتَادَة الْحَارِث بْن رِبْعِيّ وَمُحَلِّم بْن جَثَّامَة بْن قَيْس اللَّيْثِيّ. فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَطْنِ إِضَم , مَرَّ بِنَا عَامِر بْن الْأَضْبَط الْأَشْجَعِيّ عَلَى قَعُود لَهُ مَعَهُ مُتَيِّع لَهُ وَوَطْب مِنْ لَبَن . فَلَمَّا مَرَّ بِنَا سَلَّمَ عَلَيْنَا بِتَحِيَّةِ الْإِسْلَام , فَأَمْسَكْنَا عَنْهُ , وَحَمَلَ عَلَيْهِ مُحَلِّم بْن جَثَّامَة اللَّيْثِيّ لِشَيْءٍ كَانَ بَيْنه وَبَيْنه , فَقَتَلَهُ وَأَخَذَ بَعِيره وَمُتَيِّعَهُ , فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَنَاهُ الْخَبَر , نَزَلَ فِينَا الْقُرْآن : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيل اللَّه فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَام لَسْت مُؤْمِنًا } . .. الْآيَة. )* - حَدَّثَنِي هَارُون بْن إِدْرِيس الْأَصَمّ , قَالَ : ثنا الْمُحَارِبِيّ عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ يَزِيد بْن عَبْد اللَّه بْن قُسَيْط , عَنْ أَبِي حَدْرَد الْأَسْلَمِيّ , عَنْ أَبِيهِ بِنَحْوِهِ . 8077 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ عَمْرو , عَنْ عَطَاء , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (لَحِقَ نَاس مِنْ الْمُسْلِمِينَ رَجُلًا فِي غَنِيمَة لَهُ , فَقَالَ : السَّلَام عَلَيْكُمْ ! فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا تِلْكَ الْغَنِيمَة , فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَام لَسْت مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاة الدُّنْيَا } تِلْكَ الْغَنِيمَة. )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ عَطَاء , عَنْ اِبْن عَبَّاس , بِنَحْوِهِ . * - حَدَّثَنِي سَعِيد بْن الرَّبِيع , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَمْرو سَمِعَ عَطَاء , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : لَحِقَ الْمُسْلِمُونَ رَجُلًا , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْله. 8078 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحِيم بْن سُلَيْمَان , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (مَرَّ رَجُل مِنْ بَنِي سُلَيْم عَلَى نَفَر مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه وَهُوَ فِي غَنَم لَهُ , فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ , فَقَالُوا : مَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا لِيَتَعَوَّذ مِنْكُمْ ! فَعَمَدُوا إِلَيْهِ فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا غَنَمه , فَأَتَوْا بِهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيل اللَّه فَتَبَيَّنُوا } . .. إِلَى آخِر الْآيَة . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مِثْله . 8079 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : (كَانَ الرَّجُل يَتَكَلَّم بِالْإِسْلَامِ وَيُؤْمِن بِاَللَّهِ وَالرَّسُول , وَيَكُون فِي قَوْمه , فَإِذَا جَاءَتْ سَرِيَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُخْبِرَ بِهَا حَيّه - يَعْنِي قَوْمه - فَفَرُّوا , وَأَقَامَ الرَّجُل لَا يَخَاف الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَجْل أَنَّهُ عَلَى دِينهمْ حَتَّى يَلْقَاهُمْ , فَيُلْقِي إِلَيْهِمْ السَّلَام , فَيَقُول الْمُؤْمِنُونَ : لَسْت مُؤْمِنًا ! وَقَدْ أَلْقَى السَّلَام , فَيَقْتُلُونَهُ , فَقَالَ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيل اللَّه فَتَبَيَّنُوا }. .. . إِلَى : { تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاة الدُّنْيَا } يَعْنِي : تَقْتُلُونَهُ إِرَادَة أَنْ يَحِلّ لَكُمْ مَاله الَّذِي وَجَدْتُمْ مَعَهُ , وَذَلِكَ عَرَضُ الْحَيَاة الدُّنْيَا , فَإِنَّ عِنْدِي مَغَانِم كَثِيرَة , فَالْتَمِسُوا مِنْ فَضْل اللَّه . وَهُوَ رَجُل اِسْمه مِرْدَاس جَلَّا قَوْمه هَارِبِينَ مِنْ خَيْل بَعَثَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا رَجُل مِنْ بَنِي لَيْث اِسْمه قُلَيْب , وَلَمْ يُجَامِعهُمْ إِذَا لَقِيَهُمْ مِرْدَاس , فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ فَقَتَلُوهُ , فَأَمَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِهِ بِدِيَتِهِ وَرَدَّ إِلَيْهِمْ مَاله وَنَهَى الْمُؤْمِنِينَ عَنْ مِثْل ذَلِكَ . )8080 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيل اللَّه فَتَبَيَّنُوا } . .. الْآيَة , قَالَ : هَذَا الْحَدِيث فِي شَأْن مِرْدَاس رَجُل مِنْ غَطَفَان ; ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ جَيْشًا عَلَيْهِمْ غَالِب اللَّيْثِيّ إِلَى أَهْل فَدَك , وَبِهِ نَاس مِنْ غَطَفَان وَكَانَ مِرْدَاس مِنْهُمْ , فَفَرَّ أَصْحَابه , فَقَالَ مِرْدَاس : إِنِّي مُؤْمِن وَإِنِّي غَيْر مُتَّبِعكُمْ ! فَصَبَّحَتْهُ الْخَيْل غَدْوَة , فَلَمَّا لَقُوهُ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ مِرْدَاس , فَتَلَقَّوْهُ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَتَلُوهُ , وَأَخَذُوا مَا كَانَ مَعَهُ مِنْ مَتَاع , فَأَنْزَلَ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ فِي شَأْنه : { وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَام لَسْت مُؤْمِنًا } لِأَنَّ تَحِيَّة الْمُسْلِمِينَ السَّلَام , بِهَا يَتَعَارَفُونَ , وَبِهَا يُحَيِّي بَعْضهمْ بَعْضًا . )8081 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيل اللَّه فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَام لَسْت مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاة الدُّنْيَا } . .. الْآيَة . قَالَ : بَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّة عَلَيْهَا أُسَامَة بْن زَيْد إِلَى بَنِي ضَمْرَة , فَلَقُوا رَجُلًا مِنْهُمْ يُدْعَى مِرْدَاس بْن نَهِيك مَعَهُ غَنِيمَة لَهُ وَجَمَل أَحْمَر , فَلَمَّا رَآهُمْ أَوَى إِلَى كَهْف جَبَل , وَاتَّبَعَهُ أُسَامَة , فَلَمَّا بَلَغَ مِرْدَاس الْكَهْف وَضَعَ فِيهِ غَنَمه , ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ : السَّلَام عَلَيْكُمْ , أَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّه ! فَشَدَّ عَلَيْهِ أُسَامَة فَقَتَلَهُ مِنْ أَجْل جَمَله وَغَنِيمَته. وَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بَعَثَ أُسَامَة أَحَبَّ أَنْ يُثْنِيَ عَلَيْهِ خَيْرًا , وَيَسْأَل عَنْهُ أَصْحَابه , فَلَمَّا رَجَعُوا لَمْ يَسْأَلهُمْ عَنْهُ , فَجَعَلَ الْقَوْم يُحَدِّثُونَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَقُولُونَ : يَا رَسُول اللَّه لَوْ رَأَيْت أُسَامَة وَلَقِيَهُ رَجُل فَقَالَ الرَّجُل : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه مُحَمَّد رَسُول اللَّه , فَشَدَّ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ ! وَهُوَ مُعْرِض عَنْهُمْ . فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ , رَفَعَ رَأْسه إِلَى أُسَامَة فَقَالَ : | كَيْفَ أَنْتَ وَلَا إِلَه إِلَّا اللَّه | ؟ قَالَ : يَا رَسُول اللَّه إِنَّمَا قَالَهَا مُتَعَوِّذًا , تَعَوَّذَ بِهَا. فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | هَلَّا شَقَقْت عَنْ قَلْبه فَنَظَرْت إِلَيْهِ ؟ | قَالَ : يَا رَسُول اللَّه إِنَّمَا قَلْبه بَضْعَة مِنْ جَسَده . فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ خَبَر هَذَا , وَأَخْبَرَهُ إِنَّمَا قَتَلَهُ مِنْ أَجْل جَمَله وَغَنَمه , فَذَلِكَ حِين يَقُول : { يَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاة الدُّنْيَا } فَلَمَّا بَلَغَ : { فَمَنَّ اللَّه عَلَيْكُمْ } يَقُول : فَتَابَ اللَّه عَلَيْكُمْ , فَحَلَفَ أُسَامَة أَنْ لَا يُقَاتِل رَجُلًا يَقُول لَا إِلَه إِلَّا اللَّه بَعْد ذَلِكَ الرَّجُل وَمَا لَقِيَ مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ . )8082 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : ( { وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَام لَسْت مُؤْمِنًا } قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَغَارَ عَلَى رَجُل مِنْ الْمُشْرِكِينَ , فَحَمَلَ عَلَيْهِ , فَقَالَ لَهُ الْمُشْرِك : إِنِّي مُسْلِم , أَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه ! فَقَتَلَهُ الْمُسْلِم بَعْد أَنْ قَالَهَا , فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ لِلَّذِي قَتَلَهُ : | أَقَتَلْته وَقَدْ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه ؟ | فَقَالَ وَهُوَ يَعْتَذِر : يَا نَبِيّ اللَّه إِنَّمَا قَالَهَا مُتَعَوِّذًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ . فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | فَهَلَّا شَقَقْت عَنْ قَلْبه ؟ | ثُمَّ مَاتَ قَاتِل الرَّجُل فَقُبِرَ , فَلَفَظَتْهُ الْأَرْض , فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَقْبُرُوهُ , ثُمَّ لَفَظَتْهُ الْأَرْض , حَتَّى فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ ثَلَاث مَرَّات , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | إِنَّ الْأَرْض أَبَتْ أَنْ تَقْبَلهُ فَأَلْقُوهُ فِي غَار مِنْ الْغِيرَان |. قَالَ مَعْمَر : وَقَالَ بَعْضهمْ : إِنَّ الْأَرْض تَقْبَل مَنْ هُوَ شَرّ مِنْهُ , وَلَكِنَّ اللَّه جَعَلَهُ لَكُمْ عِبْرَة . )8083 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوق : (أَنَّ قَوْمًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَقُوا رَجُلًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ فِي غُنَيْمَة لَهُ , فَقَالَ : السَّلَام عَلَيْكُمْ إِنِّي مُؤْمِن ! فَظَنُّوا أَنَّهُ يَتَعَوَّذ بِذَلِكَ , فَقَتَلُوهُ , وَأَخَذُوا غُنَيْمَته . قَالَ : فَأَنْزَلَ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ : { وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَام لَسْت مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاة الدُّنْيَا } تِلْكَ الْغُنَيْمَة ; { كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْل فَمَنَّ اللَّه عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا } . )8084 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ حَبِيب بْن أَبِي عَمْرَة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيل اللَّه فَتَبَيَّنُوا } قَالَ : خَرَجَ الْمِقْدَاد بْن الْأَسْوَد فِي سَرِيَّة بَعَثَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : فَمَرُّوا بِرَجُلٍ فِي غُنَيْمَة لَهُ , فَقَالَ : إِنِّي مُسْلِم ! فَقَتَلَهُ الْمِقْدَاد . فَلَمَّا قَدِمُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَام لَسْت مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاة الدُّنْيَا } قَالَ : الْغُنَيْمَة. )8085 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : نَزَلَ ذَلِكَ فِي رَجُل قَتَلَهُ أَبُو الدَّرْدَاء - فَذَكَرَ مِنْ قِصَّة أَبِي الدَّرْدَاء نَحْو الْقِصَّة الَّتِي ذُكِرَتْ عَنْ أُسَامَة بْن زَيْد , وَقَدْ ذُكِرَتْ فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأ } , ثُمَّ قَالَ فِي الْخَبَر - : وَنَزَلَ الْفُرْقَان : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأ } فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ : { لَسْت مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاة الدُّنْيَا } غَنَمه الَّتِي كَانَتْ عَرَض الْحَيَاة الدُّنْيَا , { فَعِنْد اللَّه مَغَانِم كَثِيرَة } خَيْر مِنْ تِلْكَ الْغَنَم , إِلَى قَوْله : { إِنَّ اللَّه كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } . 8086 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَام لَسْت مُؤْمِنًا } قَالَ : رَاعِي غَنَم , لَقِيَهُ نَفَر مِنْ الْمُؤْمِنِينَ , فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا مَا مَعَهُ , وَلَمْ يَقْبَلُوا مِنْهُ : وَالسَّلَام عَلَيْكُمْ , فَإِنِّي مُؤْمِن . )8087 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : ( { وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَام لَسْت مُؤْمِنًا } قَالَ : حَرَّمَ اللَّه عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَقُولُوا لِمَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه لَسْت مُؤْمِنًا , كَمَا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ الْمَيْتَة , فَهُوَ آمِن عَلَى مَاله وَدَمه , وَلَا تَرُدُّوا عَلَيْهِ قَوْله . )وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { فَتَبَيَّنُوا } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْمَكِّيِّينَ وَالْمَدَنِيِّينَ وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ : { فَتَبَيَّنُوا } بِالْبَاءِ وَالنُّون مِنْ التَّبَيُّن , بِمَعْنَى : التَّأَنِّي وَالنَّظَر وَالْكَشْف عَنْهُ حَتَّى يَتَّضِح . وَقَرَأَ ذَلِكَ عُظْم قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ : | فَتَثَبَّتُوا | بِمَعْنَى التَّثَبُّت الَّذِي هُوَ خِلَاف الْعَجَلَة . وَالْقَوْل عِنْدنَا فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قِرَاءَة الْمُسْلِمِينَ بِمَعْنًى وَاحِد وَإِنْ اِخْتَلَفَتْ بِهِمَا الْأَلْفَاظ , لِأَنَّ الْمُتَثَبِّت مُتَبَيِّن , وَالْمُتَبَيِّن مُتَثَبِّت , فَبِأَيِّ الْقِرَاءَتَيْنِ قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب صَوَاب الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ. وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَام } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْمَكِّيِّينَ وَالْمَدَنِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ | السَّلَم | بِغَيْرِ أَلِف , بِمَعْنَى الِاسْتِسْلَام , وَقَرَأَهُ بَعْض الْكُوفِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ : { السَّلَام } بِأَلِفٍ , بِمَعْنَى التَّحِيَّة . وَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ عِنْدنَا : | لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَم | بِمَعْنَى : مَنْ اِسْتَسْلَمَ لَكُمْ مُذْعِنًا لِلَّهِ بِالتَّوْحِيدِ مُقِرًّا لَكُمْ بِمِلَّتِكُمْ. وَإِنَّمَا اِخْتَرْنَا ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الرِّوَايَة فِي ذَلِكَ , فَمِنْ رَاوٍ رَوَى أَنَّهُ اِسْتَسْلَمَ بِأَنْ شَهِدَ شَهَادَة الْحَقّ وَقَالَ : إِنِّي مُسْلِم ; وَمِنْ رَاوٍ رَوَى أَنَّهُ قَالَ : السَّلَام عَلَيْكُمْ , فَحَيَّاهُمْ تَحِيَّة الْإِسْلَام , وَمِنْ رَاوٍ رَوَى أَنَّهُ كَانَ مُسْلِمًا بِإِسْلَامٍ قَدْ تَقَدَّمَ مِنْهُ قَبْل قَتْلهمْ إِيَّاهُ . وَكُلّ هَذِهِ الْمَعَانِي يَجْمَعهَا السَّلَم , لِأَنَّ الْمُسْلِم مُسْتَسْلِم , وَالْمُحَيِّي بِتَحِيَّةِ الْإِسْلَام مُسْتَسْلِم , وَالْمُتَشَهِّد شَهَادَة الْحَقّ مُسْتَسْلِم لِأَهْلِ الْإِسْلَام , فَمَعْنَى السَّلَم جَامِع جَمِيع الْمَعَانِي الَّتِي رُوِيَتْ فِي أَمْر الْمَقْتُول الَّذِي نَزَلَتْ فِي شَأْنه هَذِهِ الْآيَة , وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي السَّلَام , لِأَنَّ السَّلَام لَا وَجْه لَهُ فِي هَذَا الْمَوْضِع إِلَّا التَّحِيَّة , فَلِذَلِكَ وَصَفْنَا السَّلَم بِالصَّوَابِ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْل } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : كَمَا كَانَ هَذَا الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ بَعْد مَا أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَام مُسْتَخْفِيًا فِي قَوْمه بِدِينِهِ خَوْفًا عَلَى نَفْسه مِنْهُمْ , كُنْتُمْ أَنْتُمْ مُسْتَخْفِينَ بِأَدْيَانِكُمْ مِنْ قَوْمكُمْ حَذَرًا عَلَى أَنْفُسكُمْ مِنْهُمْ , فَمَنَّ اللَّه عَلَيْكُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8088 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه بْن كَثِير , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْله : ( { كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْل } تَسْتَخْفُونَ بِإِيمَانِكُمْ كَمَا اِسْتَخْفَى هَذَا الرَّاعِي بِإِيمَانِهِ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ حَبِيب بْن أَبِي عَمْرَة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : ( { كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْل } تَكْتُمُونَ إِيمَانكُمْ فِي الْمُشْرِكِينَ. )قَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : كَمَا كَانَ هَذَا الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ بَعْد مَا أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَم كَافِرًا كُنْتُمْ كُفَّارًا , فَهَدَاهُ كَمَا هَدَاكُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8089 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْل فَمَنَّ اللَّه عَلَيْكُمْ } كُفَّارًا مِثْله , { فَتَبَيَّنُوا } . )وَأَوْلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ بِتَأْوِيلِ الْآيَة الْقَوْل الْأَوَّل , وَهُوَ قَوْل مَنْ قَالَ : كَذَلِكَ كُنْتُمْ تُخْفُونَ إِيمَانكُمْ فِي قَوْمكُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَأَنْتُمْ مُقِيمِينَ بَيْن أَظْهُرهمْ , كَمَا كَانَ هَذَا الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ مُقِيمًا بَيْن أَظْهُر قَوْمه مِنْ الْمُشْرِكِينَ , مُسْتَخْفِيًا بِدِينِهِ مِنْهُمْ . وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا التَّأْوِيل أَوْلَى بِالصَّوَابِ , لِأَنَّ اللَّه عَزَّ ذِكْره إِنَّمَا عَاتَبَ الَّذِينَ قَتَلُوهُ مِنْ أَهْل الْإِيمَان بَعْد إِلْقَائِهِ إِلَيْهِمْ السَّلَام , وَلَمْ يُقَدْ بِهِ قَاتِلُوهُ لِلَّبْسِ الَّذِي كَانَ دَخَلَ فِي أَمْره عَلَى قَاتِلِيهِ بِمُقَامِهِ بَيْن أَظْهُر قَوْمه مِنْ الْمُشْرِكِينَ , وَظَنّهمْ أَنَّهُ أَلْقَى السَّلَام إِلَى الْمُؤْمِنِينَ تَعَوُّذًا مِنْهُمْ , وَلَمْ يُعَاتِبهُمْ عَلَى قَتْلهمْ إِيَّاهُ مُشْرِكًا , فَيُقَال : كَمَا كَانَ كَافِرًا كُنْتُمْ كُفَّارًا ; بَلْ لَا وَجْه لِذَلِكَ , لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَمْ يُعَاتِب أَحَدًا مِنْ خَلْقه عَلَى قَتْل مُحَارِب لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ مِنْ أَهْل الشِّرْك بَعْد إِذْنه لَهُ بِقَتْلِهِ . وَاخْتَلَفَ أَيْضًا أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { فَمَنَّ اللَّه عَلَيْكُمْ } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : فَمَنَّ اللَّه عَلَيْكُمْ بِإِظْهَارِ دِينه وَإِعْزَاز أَهْله , حَتَّى أَظْهَرُوا الْإِسْلَام بَعْد مَا كَانُوا يَكْتُمُونَهُ مِنْ أَهْل الشِّرْك . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8090 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ حَبِيب بْن أَبِي عَمْرَة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : ( { فَمَنَّ اللَّه عَلَيْكُمْ } فَأَظْهَرَ الْإِسْلَام . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : فَمَنَّ اللَّه عَلَيْكُمْ أَيّهَا الْقَاتِلُونَ الَّذِي أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَام طَلَبَ عَرَضِ الْحَيَاة الدُّنْيَا بِالتَّوْبَةِ مِنْ قَتْلكُمْ إِيَّاهُ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8091 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { فَمَنَّ اللَّه عَلَيْكُمْ } يَقُول : تَابَ اللَّه عَلَيْكُمْ . )وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ التَّأْوِيل الَّذِي ذَكَرْته عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الدَّلَالَة عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْله : { كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْل } مَا وَصَفْنَا قَبْل , فَالْوَاجِب أَنْ يَكُون عَقِيب ذَلِكَ : { فَمَنَّ اللَّه عَلَيْكُمْ } فَرَفَعَ مَا كُنْتُمْ فِيهِ مِنْ الْخَوْف مِنْ أَعْدَائِكُمْ عَنْكُمْ بِإِظْهَارِ دِينه وَإِعْزَاز أَهْله , حَتَّى أَمْكَنَكُمْ إِظْهَار مَا كُنْتُمْ تَسْتَخْفُونَ بِهِ , مِنْ تَوْحِيده وَعِبَادَته , حَذَرًا مِنْ أَهْل الشِّرْك .|فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ| { إِنَّ اللَّه كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } يَقُول : إِنَّ اللَّه كَانَ بِقَتْلِكُمْ مَنْ تَقْتُلُونَ وَكَفّكُمْ عَمَّنْ تَكُفُّونَ عَنْ قَتْله مِنْ أَعْدَاء اللَّه وَأَعْدَائِكُمْ وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أُمُوركُمْ وَأُمُور غَيْركُمْ { خَبِيرًا } يَعْنِي : ذَا خِبْرَة وَعِلْم بِهِ , يَحْفَظهُ عَلَيْكُمْ وَعَلَيْهِمْ , حَتَّى يُجَازِيَ جَمِيعكُمْ بِهِ يَوْم الْقِيَامَة جَزَاء الْمُحْسِن بِإِحْسَانِهِ وَالْمُسِيء بِإِسَاءَتِهِ .

لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّه

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غَيْر أُولِي الضَّرَر وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل اللَّه بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسهمْ فَضَّلَ اللَّه الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسهمْ } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غَيْر أُولِي الضَّرَر وَالْمُجَاهِدُونَ } لَا يَعْتَدِل الْمُتَخَلِّفُونَ عَنْ الْجِهَاد فِي سَبِيل اللَّه مِنْ أَهْل الْإِيمَان بِاَللَّهِ وَبِرَسُولِهِ , الْمُؤْثِرُونَ الدَّعَة وَالْخَفْض وَالْقُعُود فِي مَنَازِلهمْ عَلَى مُقَاسَاة حُزُونَة الْأَسْفَار وَالسَّيْر فِي الْأَرْض وَمَشَقَّة مُلَاقَاة أَعْدَاء اللَّه بِجِهَادِهِمْ فِي ذَات اللَّه وَقِتَالهمْ فِي طَاعَة اللَّه , إِلَّا أَهْل الْعُذْر مِنْهُمْ بِذَهَابِ أَبْصَارهمْ , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْعِلَل الَّتِي لَا سَبِيل لِأَهْلِهَا لِلضَّرَرِ الَّذِي بِهِمْ إِلَى قِتَالهمْ وَجِهَادهمْ فِي سَبِيل اللَّه وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل اللَّه , وَمِنْهَاج دِينه , لِتَكُونَ كَلِمَة اللَّه هِيَ الْعُلْيَا , الْمُسْتَفْرِغُونَ طَاقَتهمْ فِي قِتَال أَعْدَاء اللَّه وَأَعْدَاء دِينهمْ بِأَمْوَالِهِمْ , إِنْفَاقًا لَهَا فِيمَا أَوْهَنَ كَيْد أَعْدَاء أَهْل الْإِيمَان بِاَللَّهِ وَبِأَنْفُسِهِمْ , مُبَاشِرَة بِهَا قِتَالهمْ , بِمَا تَكُون بِهِ كَلِمَة اللَّه الْعَالِيَة , وَكَلِمَة الَّذِينَ كَفَرُوا السَّافِلَة. وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { غَيْرُ أُولِي الضَّرَر } ; فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَمَكَّة وَالشَّام : | وَغَيْرَ أُولِي الضَّرَر | نَصْبًا , بِمَعْنَى : إِلَّا أُولِي الضَّرَر . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْعِرَاق وَالْكُوفَة وَالْبَصْرَة : { غَيْرُ أُولِي الضَّرَر } بِرَفْعِ | غَيْر | عَلَى مَذْهَب النَّعْت لِلْقَاعِدِينَ . وَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ عِنْدنَا : | غَيْر أُولِي الضَّرَر | بِنَصْبِ غَيْر , لِأَنَّ الْأَخْبَار مُتَظَاهِرَة بِأَنَّ قَوْله : | غَيْر أُولِي الضَّرَر | نَزَلَ بَعْد قَوْله : { لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل اللَّه بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسهمْ } اِسْتِثْنَاء مِنْ قَوْله : { لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ } . ذِكْر بَعْض الْأَخْبَار الْوَارِدَة بِذَلِكَ : 8092 - حَدَّثَنَا نَصْر بْن عَلِيّ الْجَهْضَمِيّ , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ الْبَرَاء : أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( اِئْتُونِي بِالْكَتِفِ وَاللَّوْح | ! فَكَتَبَ : { لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ } وَعَمْرو اِبْن أُمّ مَكْتُوم خَلْف ظَهْره , فَقَالَ : هَلْ لِي مِنْ رُخْصَة يَا رَسُول اللَّه ؟ فَنَزَلَتْ . : | غَيْر أُولِي الضَّرَر . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبُو بَكْر بْن عَيَّاش , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ الْبَرَاء , قَالَ : (لَمَّا نَزَلَتْ : { لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ } جَاءَ اِبْن أُمّ مَكْتُوم وَكَانَ أَعْمَى , فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه كَيْفَ وَأَنَا أَعْمَى ؟ فَمَا بَرِحَ حَتَّى نَزَلَتْ : { غَيْر أُولِي الضَّرَر } )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ الْبَرَاء بْن عَازِب فِي قَوْله : ( { لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غَيْر أُولِي الضَّرَر } قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ جَاءَ عَمْرو اِبْن أُمّ مَكْتُوم إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَانَ ضَرِير الْبَصَر , فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه مَا تَأْمُرنِي , فَإِنِّي ضَرِير الْبَصَر ؟ فَأَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَة , فَقَالَ : | اِئْتُونِي بِالْكَتِفِ وَالدَّوَاة , أَوْ اللَّوْح وَالدَّوَاة . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن إِسْرَائِيل الدَّلَّال الرَّمْلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الْمُغِيرَة , قَالَ : ثنا مِسْعَر , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ الْبَرَاء (أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ : { لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ } كَلَّمَهُ اِبْن أُمّ مَكْتُوم , فَأُنْزِلَتْ : { غَيْر أُولِي الضَّرَر } )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق أَنَّهُ سَمِعَ الْبَرَاء يَقُول فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل اللَّه } قَالَ : فَأَمَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدًا , فَجَاءَ بِكَتِفٍ فَكَتَبَهَا , قَالَ : فَشَكَا إِلَيْهِ اِبْن أُمّ مَكْتُوم ضَرَارَته , فَنَزَلَتْ : { لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غَيْر أُولِي الضَّرَر } )قَالَ شُعْبَة : وَأَخْبَرَنِي سَعْد بْن إِبْرَاهِيم , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ رَجُل , عَنْ زَيْد فِي هَذِهِ الْآيَة : { لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ } مِثْل حَدِيث الْبَرَاء . 8093 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا إِسْحَاق بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَبِي سِنَان الشَّيْبَانِيّ , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ زَيْد بْن أَرْقَم , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : ( { لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل اللَّه } جَاءَ اِبْن أُمّ مَكْتُوم , فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه مَا لِي رُخْصَة ؟ قَالَ : لَا قَالَ اِبْن أُمّ مَكْتُوم : اللَّهُمَّ إِنِّي ضَرِير فَرَخِّصْ ! فَأَنْزَلَ اللَّه : { غَيْر أُولِي الضَّرَر } وَأَمَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَتَبَهَا , يَعْنِي الْكَاتِب . )8094 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن بُزَيْع وَيَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَا : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ سَهْل بْن سَعْد , قَالَ : رَأَيْت مَرْوَان بْن الْحَكَم جَالِسًا , فَجِئْت حَتَّى جَلَسْت إِلَيْهِ , فَحَدَّثَنَا عَنْ زَيْد بْن ثَابِت : (أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ : { لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل اللَّه } قَالَ : فَجَاءَ اِبْن أُمّ مَكْتُوم وَهُوَ يُمْلِيهَا عَلَيَّ , فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه لَوْ أَسْتَطِيع الْجِهَاد لَجَاهَدْت ! قَالَ : فَأَنْزَلَ عَلَيْهِ وَفَخِذه عَلَى فَخِذِي , فَثَقُلَتْ , فَظَنَنْت أَنْ تَرُضّ فَخِذِي , ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ , فَقَالَ : { غَيْر أُولِي الضَّرَر } )8095 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ قَبِيصَة بْن ذُؤَيْب , عَنْ زَيْد بْن ثَابِت , قَالَ : (كُنْت أَكْتُب لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : | اُكْتُبْ : { لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل اللَّه } | ! فَجَاءَ عَبْد اللَّه بْن أُمّ مَكْتُوم , فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه إِنِّي أُحِبّ الْجِهَاد فِي سَبِيل اللَّه , وَلَكِنْ بِي مِنْ الزَّمَانَة مَا قَدْ تَرَى , قَدْ ذَهَبَ بَصَرِي. قَالَ زَيْد : فَثَقُلَتْ فَخِذ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَخِذِي حَتَّى خَشِيت أَنْ يَرُضّهَا , ثُمَّ قَالَ : | اُكْتُبْ : لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غَيْر أُولِي الضَّرَر وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل اللَّه |. )8096 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْد الْكَرِيم : أَنَّ مِقْسَمًا مَوْلَى عَبْد اللَّه بْن الْحَارِث أَخْبَرَهُ أَنَّ اِبْن عَبَّاس أَخْبَرَهُ , قَالَ : ( { لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ } عَنْ بَدْر وَالْخَارِجُونَ إِلَى بَدْر . )8097 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا حُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْد الْكَرِيم أَنَّهُ سَمِعَ مِقْسَمًا يُحَدِّث عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُول : ( { لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ } عَنْ بَدْر وَالْخَارِجُونَ إِلَى بَدْر. لَمَّا نَزَلَتْ غَزْوَة بَدْر , قَالَ عَبْد اللَّه اِبْن أُمّ مَكْتُوم وَأَبُو أَحْمَد بْن جَحْش بْن قَيْس الْأَسَدِيّ : يَا رَسُول اللَّه , إِنَّنَا أَعْمَيَانِ , فَهَلْ لَنَا رُخْصَة ؟ فَنَزَلَتْ : { لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غَيْر أُولِي الضَّرَر وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل اللَّه بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسهمْ فَضَّلَ اللَّه الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسهمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَة } )8098 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل اللَّه بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسهمْ } فَسَمِعَ بِذَلِكَ عَبْد اللَّه اِبْن أُمّ مَكْتُوم الْأَعْمَى , فَأَتَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه , قَدْ أَنْزَلَ اللَّه فِي الْجِهَاد مَا قَدْ عَلِمْت وَأَنَا رَجُل ضَرِير الْبَصَر لَا أَسْتَطِيع الْجِهَاد , فَهَلْ لِي مِنْ رُخْصَة عِنْد اللَّه إِنْ قَعَدْت ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | وَمَا أُمِرْت فِي شَأْنك بِشَيْءٍ وَمَا أَدْرِي هَلْ يَكُون لَك وَلِأَصْحَابِك مِنْ رُخْصَة ! | فَقَالَ اِبْن أُمّ مَكْتُوم : اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدك بَصَرِي ! فَأَنْزَلَ اللَّه بَعْد ذَلِكَ عَلَى رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : { لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غَيْر أُولِي الضَّرَر وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل اللَّه } . .. إِلَى قَوْله : { عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَة } . )8099 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد , قَالَ : (نَزَلَتْ : { لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل اللَّه } فَقَالَ رَجُل أَعْمَى : يَا نَبِيّ اللَّه فَأَنَا أُحِبّ الْجِهَاد وَلَا أَسْتَطِيع أَنْ أُجَاهِد ! فَنَزَلَتْ : { غَيْر أُولِي الضَّرَر } . )8100 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ عَبْد اللَّه بْن شَدَّاد , قَالَ : (لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي الْجِهَاد : { لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ } قَالَ عَبْد اللَّه اِبْن أُمّ مَكْتُوم : يَا رَسُول اللَّه إِنِّي ضَرِير كَمَا تَرَى ! فَنَزَلَتْ : { غَيْر أُولِي الضَّرَر } )8101 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غَيْر أُولِي الضَّرَر } عَذَرَ اللَّه أَهْل الْعُذْر مِنْ النَّاس , فَقَالَ : { غَيْر أُولِي الضَّرَر } كَانَ مِنْهُمْ اِبْن أُمّ مَكْتُوم , { وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل اللَّه بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسهمْ } . )8102 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غَيْر أُولِي الضَّرَر وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل اللَّه } ... إِلَى قَوْله : { وَكُلًّا وَعَدَ اللَّه الْحُسْنَى } لَمَّا ذُكِرَ فَضْل الْجِهَاد , قَالَ اِبْن أُمّ مَكْتُوم : يَا رَسُول اللَّه إِنِّي أَعْمَى وَلَا أُطِيق الْجِهَاد ! فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِ : { غَيْر أُولِي الضَّرَر } )8103 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه النُّفَيْلِيّ , قَالَ : ثنا زُهَيْر بْن مُعَاوِيَة , قَالَ : ثنا أَبُو إِسْحَاق , عَنْ الْبَرَاء , قَالَ : (كُنْت عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : | اُدْعُ لِي زَيْدًا وَقُلْ لَهُ يَأْتِي - أَوْ يَجِيء - بِالْكَتِفِ وَالدَّوَاة - أَوْ اللَّوْح وَالدَّوَاة , الشَّكّ مِنْ زُهَيْر - اُكْتُبْ : { لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل اللَّه } فَقَالَ اِبْن أُمّ مَكْتُوم : يَا رَسُول اللَّه إِنَّ بِعَيْنِي ضَرَرًا ! فَنَزَلَتْ قَبْل أَنْ يَبْرَح { غَيْر أُولِي الضَّرَر } )* - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن رَجَاء الْبَصْرِيّ , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ الْبَرَاء بِنَحْوِهِ , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اُدْعُ لِي زَيْدًا وَلْيَجِئْنِي مَعَهُ بِكَتِفٍ وَدَوَاة , أَوْ لَوْح وَدَوَاة . )8104 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ زِيَاد بْن فَيَّاض , عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : (لَمَّا نَزَلَتْ : { لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ } قَالَ عَمْرو ابْن أُمّ مَكْتُوم : يَا رَبّ اِبْتَلَيْتنِي فَكَيْفَ أَصْنَع ؟ فَنَزَلَتْ : { غَيْر أُولِي الضَّرَر } )وَكَانَ اِبْن عَبَّاس يَقُول فِي مَعْنَى : { غَيْر أُولِي الضَّرَر } نَحْوًا مِمَّا قُلْنَا . 8105 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { غَيْر أُولِي الضَّرَر } قَالَ : أَهْل الضَّرَر .)|فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَضَّلَ اللَّه الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسهمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَة } . </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَضَّلَ اللَّه الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسهمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَة } فَضَّلَ اللَّه الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسهمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ مِنْ أُولِي الضَّرَر دَرَجَة وَاحِدَة , يَعْنِي فَضِيلَة وَاحِدَة , وَذَلِكَ بِفَضْلِ جِهَاد بِنَفْسِهِ , فَأَمَّا فِيمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُمَا مُسْتَوِيَانِ . كَمَا : 8106 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك أَنَّهُ سَمِعَ اِبْن جُرَيْج يَقُول فِي : ( { فَضَّلَ اللَّه الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسهمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَة } قَالَ : عَلَى أَهْل الضَّرَر .)|وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَكُلًّا وَعَدَ اللَّه الْحُسْنَى } . </subtitle>يَعْنِي [ بِقَوْلِهِ ] جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَكُلًّا وَعَدَ اللَّه الْحُسْنَى } وَعَدَ اللَّه الْكُلّ مِنْ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسهمْ , وَالْقَاعِدِينَ مِنْ أَهْل الضَّرَر الْحُسْنَى . وَيَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِالْحُسْنَى : الْجَنَّة ; كَمَا : 8107 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { وَكُلًّا وَعَدَ اللَّه الْحُسْنَى } وَهِيَ الْجَنَّة , وَاَللَّه يُؤْتِي كُلّ ذِي فَضْل فَضْله . )8108 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : قَالَ : (الْحُسْنَى : الْجَنَّة .)|وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا|وَأَمَّا قَوْله : { وَفَضَّلَ اللَّه الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا } فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَفَضَّلَ اللَّه الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسهمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ مِنْ غَيْر أُولِي الضَّرَر أَجْرًا عَظِيمًا . كَمَا : 8109 - حَدَّثَنِي الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي جُرَيْج : ( { وَفَضَّلَ اللَّه الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا دَرَجَات مِنْهُ وَمَغْفِرَة } قَالَ : عَلَى الْقَاعِدِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غَيْر أُولِي الضَّرَر .)

دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { دَرَجَات مِنْهُ وَمَغْفِرَة وَرَحْمَة } </subtitle>يَعْنِي [ بِقَوْلِهِ ] جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { دَرَجَات مِنْهُ } فَضَائِل مِنْهُ وَمَنَازِل مِنْ مَنَازِل الْكَرَامَة . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الدَّرَجَات الَّتِي قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ { دَرَجَات مِنْهُ } . فَقَالَ بَعْضهمْ بِمَا : 8110 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { دَرَجَات مِنْهُ وَمَغْفِرَة وَرَحْمَة } كَانَ يُقَال : الْإِسْلَام دَرَجَة , وَالْهِجْرَة فِي الْإِسْلَام دَرَجَة , وَالْجِهَاد فِي الْهِجْرَة دَرَجَة , وَالْقَتْل فِي الْجِهَاد دَرَجَة . )وَقَالَ آخَرُونَ بِمَا : 8111 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : سَأَلْت اِبْن زَيْد عَنْ قَوْل اللَّه تَعَالَى : ( { وَفَضَّلَ اللَّه الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا دَرَجَات مِنْهُ } الدَّرَجَات : هِيَ السَّبْع الَّتِي ذَكَرَهَا فِي سُورَة بَرَاءَة : { مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَة وَمَنْ حَوْلهمْ مِنْ الْأَعْرَاب أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُول اللَّه وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسه ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبهُمْ ظَمَأ وَلَا نَصَب } فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ : { أَحْسَن مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [9 120 : 121 ]قَالَ هَذِهِ السَّبْع الدَّرَجَات . قَالَ : وَكَانَ أَوَّل شَيْء , فَكَانَتْ دَرَجَة الْجِهَاد مُجْمَلَة , فَكَانَ الَّذِي جَاهَدَ بِمَالِهِ لَهُ اِسْم فِي هَذِهِ , فَلَمَّا جَاءَتْ هَذِهِ الدَّرَجَات بِالتَّفْضِيلِ أُخْرِجَ مِنْهَا , فَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهَا إِلَّا النَّفَقَة . فَقَرَأَ : { لَا يُصِيبهُمْ ظَمَأ وَلَا نَصَب } [9 120 ]وَقَالَ : لَيْسَ هَذَا لِصَاحِبِ النَّفَقَة . ثُمَّ قَرَأَ : { وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَة } [9 121 ]قَالَ : وَهَذِهِ نَفَقَة الْقَاعِد. )وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِذَلِكَ دَرَجَات الْجَنَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 8112 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن الْحَسَن الْأَزْدِيّ , قَالَ : ثنا الْأَشْجَعِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ هِشَام بْن حَسَّان , عَنْ جَبَلَة بْن سُحَيْم , عَنْ اِبْن مُحَيْرِيز فِي قَوْله : ( { فَضَّلَ اللَّه الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ } . .. إِلَى قَوْله : { دَرَجَات } قَالَ : الدَّرَجَات : سَبْعُونَ دَرَجَة , مَا بَيْن الدَّرَجَتَيْنِ حُضْر الْفَرَس الْجَوَاد الْمُضَمَّر سَبْعِينَ سَنَة . )وَأَوْلَى التَّأْوِيلَات بِتَأْوِيلِ قَوْله : { دَرَجَات مِنْهُ } أَنْ يَكُون مَعْنِيًّا بِهِ دَرَجَات الْجَنَّة , كَمَا قَالَ اِبْن مُحَيْرِيز ; لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى ذِكْره : { دَرَجَات مِنْهُ } تَرْجَمَة وَبَيَان عَنْ قَوْله : { أَجْرًا عَظِيمًا } , وَمَعْلُوم أَنَّ الْأَجْر إِنَّمَا هُوَ الثَّوَاب وَالْجَزَاء , وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَكَانَتْ الدَّرَجَات وَالْمَغْفِرَة وَالرَّحْمَة تَرْجَمَة عَنْهُ , كَانَ مَعْلُومًا أَنْ لَا وَجْه لِقَوْلِ مَنْ وَجَّهَ مَعْنَى قَوْله : { دَرَجَات مِنْهُ } إِلَى الْأَعْمَال وَزِيَادَتهَا عَلَى أَعْمَال الْقَاعِدِينَ عَنْ الْجِهَاد كَمَا قَالَ قَتَادَة وَابْن زَيْد . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَكَانَ الصَّحِيح مِنْ تَأْوِيل ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا , فَبُيِّنَ أَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : وَفَضَّلَ اللَّه الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيل اللَّه عَلَى الْقَاعِدِينَ مِنْ غَيْر أُولِي الضَّرَر . أَجْرًا عَظِيمًا وَثَوَابًا جَزِيلًا , وَهُوَ دَرَجَات أَعْطَاهُمُوهَا فِي الْآخِرَة مِنْ دَرَجَات الْجَنَّة , رَفَعَهُمْ بِهَا عَلَى الْقَاعِدِينَ بِمَا أَبْلَوْا فِي ذَات اللَّه . { وَمَغْفِرَة } يَقُول : وَصَفَحَ لَهُمْ عَنْ ذُنُوبهمْ , فَتَفَضَّلَ عَلَيْهِمْ بِتَرْكِ عُقُوبَتهمْ عَلَيْهَا . { وَرَحْمَة } يَقُول : وَرَأْفَة بِهِمْ .|وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا| { وَكَانَ اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا } يَقُول : وَلَمْ يَزَلْ اللَّه غَفُورًا لِذُنُوبِ عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ , فَيَصْفَح لَهُمْ عَنْ الْعُقُوبَة عَلَيْهَا { رَحِيمًا } بِهِمْ , يَتَفَضَّل عَلَيْهِمْ بِنِعَمِهِ , مَعَ خِلَافهمْ أَمْره وَنَهْيه وَرُكُوبهمْ مَعَاصِيَهُ .

إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَة ظَالِمِي أَنْفُسهمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْض قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْض اللَّه وَاسِعَة فَتُهَاجِرُوا فِيهَا } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَة } : إِنَّ الَّذِينَ تَقْبِض أَرْوَاحهمْ الْمَلَائِكَة { ظَالِمِي أَنْفُسهمْ } يَعْنِي : مُكْسِبِي أَنْفُسهمْ غَضَب اللَّه وَسَخَطه . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الظُّلْم فِيمَا مَضَى قَبْل . { قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ } يَقُول : قَالَتْ الْمَلَائِكَة لَهُمْ : فِيمَ كُنْتُمْ , فِي أَيّ شَيْء كُنْتُمْ مِنْ دِينكُمْ . { قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْض } يَعْنِي : قَالَ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَة ظَالِمِي أَنْفُسهمْ : كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْض , يَسْتَضْعِفنَا أَهْل الشِّرْك بِاَللَّهِ فِي أَرْضنَا وَبِلَادنَا بِكَثْرَةِ عَدَدهمْ وَقُوَّتهمْ , فَيَمْنَعُونَا مِنْ الْإِيمَان بِاَللَّهِ وَاتِّبَاع رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مَعْذِرَة ضَعِيفَة وَحُجَّة وَاهِيَة. { قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْض اللَّه وَاسِعَة فَتُهَاجِرُوا فِيهَا } يَقُول : فَتَخْرُجُوا مِنْ أَرْضكُمْ وَدُوركُمْ , وَتُفَارِقُوا مَنْ يَمْنَعكُمْ بِهَا مِنْ الْإِيمَان بِاَللَّهِ وَاتِّبَاع رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْأَرْض الَّتِي يَمْنَعكُمْ أَهْلهَا مِنْ سُلْطَان أَهْل الشِّرْك بِاَللَّهِ , فَتُوَحِّدُوا اللَّه فِيهَا وَتَعْبُدُوهُ , وَتَتَّبِعُوا نَبِيّه ؟ وَذُكِرَ أَنَّ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ وَاَلَّتِي بَعْدهمَا نَزَلَتْ فِي أَقْوَام مِنْ أَهْل مَكَّة كَانُوا قَدْ أَسْلَمُوا وَآمَنُوا بِاَللَّهِ وَبِرَسُولِهِ , وَتَخَلَّفُوا عَنْ الْهِجْرَة مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين هَاجَرَ , وَعُرِضَ بَعْضهمْ عَلَى الْفِتْنَة فَافْتُتِنَ , وَشَهِدَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ حَرْب الْمُسْلِمِينَ , فَأَبَى اللَّه قَبُول مَعْذِرَتهمْ الَّتِي اِعْتَذَرُوا بِهَا , الَّتِي بَيَّنَّهَا فِي قَوْله خَبَرًا عَنْهُمْ : { قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْض } . ذِكْر الْأَخْبَار الْوَارِدَة بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ نُزُول الْآيَة فِي الَّذِينَ ذَكَرْنَا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِمْ : 8113 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثنا اِبْن فُضَيْل , قَالَ : ثنا أَشْعَث , عَنْ عِكْرِمَة : ( { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَة ظَالِمِي أَنْفُسهمْ } قَالَ : كَانَ نَاس مِنْ أَهْل مَكَّة أَسْلَمُوا , فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ بِهَا هَلَكَ , قَالَ اللَّه : { فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّم وَسَاءَتْ مَصِيرًا إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَان } إِلَى قَوْله : { عَفُوًّا غَفُورًا } قَالَ اِبْن عَبَّاس : فَأَنَا مِنْهُمْ وَأُمِّي مِنْهُمْ , قَالَ عِكْرِمَة : وَكَانَ الْعَبَّاس مِنْهُمْ . )8114 - أَحْمَد بْن مَنْصُور الرَّمَادِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد الزُّبَيْرِيّ , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن شَرِيك , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (كَانَ قَوْم مِنْ أَهْل مَكَّة أَسْلَمُوا , وَكَانُوا يَسْتَخْفُونَ بِالْإِسْلَامِ , فَأَخْرَجَهُمْ الْمُشْرِكُونَ يَوْم بَدْر مَعَهُمْ , فَأُصِيبَ بَعْضهمْ , فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ : كَانَ أَصْحَابنَا هَؤُلَاءِ مُسْلِمِينَ وَأُكْرِهُوا , فَاسْتَغْفِرُوا لَهُمْ. فَنَزَلَتْ : { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَة ظَالِمِي أَنْفُسهمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ }. .. الْآيَة , قَالَ : فَكُتِبَ إِلَى مَنْ بَقِيَ بِمَكَّة مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِهَذِهِ الْآيَة , وَأَنَّهُ لَا عُذْر لَهُمْ . قَالَ : فَخَرَجُوا , فَلَحِقَهُمْ الْمُشْرِكُونَ , فَأَعْطَوْهُمْ الْفِتْنَة , فَنَزَلَتْ فِيهِمْ : { وَمِنْ النَّاس مَنْ يَقُول آمَنَّا بِاَللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّه }. .. [29 10 ]إِلَى آخِر الْآيَة , فَكَتَبَ الْمُسْلِمُونَ إِلَيْهِمْ بِذَلِكَ , فَحَزِنُوا وَأَيِسُوا مِنْ كُلّ خَيْر , ثُمَّ نَزَلَتْ فِيهِمْ : { ثُمَّ إِنَّ رَبّك لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْد مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبّك مِنْ بَعْدهَا لَغَفُور رَحِيم } [16 110 ]فَكَتَبُوا إِلَيْهِمْ بِذَلِكَ : إِنَّ اللَّه قَدْ جَعَلَ لَكُمْ مَخْرَجًا . فَخَرَجُوا , فَأَدْرَكَهُمْ الْمُشْرِكُونَ , فَقَاتَلُوهُمْ حَتَّى نَجَا مَنْ نَجَا وَقُتِلَ مَنْ قُتِلَ. )8115 - حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي حَيْوَة - أَوْ اِبْن لَهِيعَة , الشَّكّ مِنْ يُونُس - عَنْ أَبِي الْأَسْوَد , أَنَّهُ سَمِعَ مَوْلًى لِابْنِ عَبَّاس يَقُول عَنْ اِبْن عَبَّاس : (إِنَّ نَاسًا مُسْلِمِينَ كَانُوا مَعَ الْمُشْرِكِينَ يُكْثِرُونَ سَوَاد الْمُشْرِكِينَ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَيَأْتِي السَّهْم يُرْمَى بِهِ , فَيُصِيب أَحَدهمْ فَيَقْتُلهُ , أَوْ يُضْرَب فَيُقْتَل , فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِمْ : { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَة ظَالِمِي أَنْفُسهمْ } , حَتَّى بَلَغَ : { فَتُهَاجِرُوا فِيهَا } . )8116 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثنا أَبُو عَبْد الرَّحْمَن الْمُقْرِئ قَالَ : أَخْبَرَنَا حَيْوَة , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن نَوْفَل الْأَسَدِيّ , قَالَ : (قُطِعَ عَلَى أَهْل الْمَدِينَة بَعْث , فَاكْتُتِبْت فِيهِ , فَلَقِيت عِكْرِمَة مَوْلَى اِبْن عَبَّاس , فَنَهَانِي عَنْ ذَلِكَ أَشَدّ النَّهْي . )ثُمَّ قَالَ : أَخْبَرَنِي اِبْن عَبَّاس أَنَّ نَاسًا مُسْلِمِينَ كَانُوا مَعَ الْمُشْرِكِينَ ; ثُمَّ ذَكَرَ مِثْل حَدِيث يُونُس عَنْ اِبْن وَهْب. 8117 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَة ظَالِمِي أَنْفُسهمْ } هُمْ قَوْم تَخَلَّفُوا بَعْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَرَكُوا أَنْ يَخْرُجُوا مَعَهُ , فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْل أَنْ يَلْحَق بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَتْ الْمَلَائِكَة وَجْهه وَدُبُره . )8118 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عِكْرِمَة , قَوْله : ( { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَة ظَالِمِي أَنْفُسهمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ } . .. إِلَى قَوْله : { وَسَاءَتْ مَصِيرًا } قَالَ : نَزَلَتْ فِي قَيْس بْن الْفَاكِه بْن الْمُغِيرَة وَالْحَارِث بْن زَمْعَة بْن الْأَسْوَد وَقَيْس بْن الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة وَأَبِي الْعَاصِ بْن مُنَبِّه بْن الْحَجَّاج وَعَلِيّ بْن أُمَيَّة بْن خَلَف . قَالَ : لَمَّا خَرَجَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قُرَيْش وَأَتْبَاعهمْ لِمَنْعِ أَبِي سُفْيَان بْن حَرْب وَعِير قُرَيْش مِنْ رَسُول اللَّه وَأَصْحَابه , وَأَنْ يَطْلُبُوا مَا نِيلَ مِنْهُمْ يَوْم نَخْلَة , خَرَجُوا مَعَهُمْ بِشُبَّانٍ كَارِهِينَ كَانُوا قَدْ أَسْلَمُوا وَاجْتَمَعُوا بِبَدْرٍ عَلَى غَيْر مَوْعِد , فَقُتِلُوا بِبَدْرٍ كُفَّارًا , وَرَجَعُوا عَنْ الْإِسْلَام , وَهُمْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ سَمَّيْنَاهُمْ . قَالَ اِبْن جُرَيْج وَقَالَ مُجَاهِد : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِيمَنْ قُتِلَ يَوْم بَدْر مِنْ الضُّعَفَاء مِنْ كُفَّار قُرَيْش . قَالَ اِبْن جُرَيْج وَقَالَ عِكْرِمَة : لَمَّا نَزَلَ الْقُرْآن فِي هَؤُلَاءِ النَّفَر , إِلَى قَوْله : { وَسَاءَتْ مَصِيرًا إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَان } قَالَ : يَعْنِي : الشَّيْخ الْكَبِير , وَالْعَجُوز وَالْجَوَارِي وَالصِّغَار وَالْغِلْمَان . )8119 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَة ظَالِمِي أَنْفُسهمْ }. .. إِلَى قَوْله : { وَسَاءَتْ مَصِيرًا } قَالَ : لَمَّا أُسِرَ الْعَبَّاس وَعَقِيل وَنَوْفَل , قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَبَّاسِ : | اِفْدِ نَفْسك وَابْن أَخِيك ! | قَالَ : يَا رَسُول اللَّه أَلَمْ نُصَلِّ قِبْلَتك , وَنَشْهَد شَهَادَتك ؟ قَالَ : | يَا عَبَّاس إِنَّكُمْ خَاصَمْتُمْ فَخُصِمْتُمْ | , ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَة : { أَلَمْ تَكُنْ أَرْض اللَّه وَاسِعَة فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّم وَسَاءَتْ مَصِيرًا } فَيَوْم نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة كَانَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَمْ يُهَاجِر فَهُوَ كَافِر حَتَّى يُهَاجِر , إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ الَّذِينَ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَة وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا , حِيلَة فِي الْمَال , وَالسَّبِيل : الطَّرِيق . قَالَ اِبْن عَبَّاس : كُنْت أَنَا مِنْهُمْ مِنْ الْوِلْدَان . )8120 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , قَالَ : سَمِعْت عِكْرِمَة يَقُول : (كَانَ نَاس بِمَكَّة قَدْ شَهِدُوا أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , فَلَمَّا خَرَجَ الْمُشْرِكُونَ إِلَى بَدْر أَخْرَجُوهُمْ مَعَهُمْ , فَقُتِلُوا , فَنَزَلَتْ : { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَة ظَالِمِي أَنْفُسهمْ } . .. إِلَى قَوْله : { أُولَئِكَ عَسَى اللَّه أَنْ يَعْفُو عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّه عَفُوًّا غَفُورًا } فَكَتَبَ بِهَا الْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ بِالْمَدِينَةِ إِلَى الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ بِمَكَّة . قَالَ : فَخَرَجَ نَاس مِنْ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيق طَلَبَهُمْ الْمُشْرِكُونَ فَأَدْرَكُوهُمْ , فَمِنْهُمْ مَنْ أَعْطَى الْفِتْنَة , فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِمْ : { وَمِنْ النَّاس مَنْ يَقُول آمَنَّا بِاَللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّه جَعَلَ فِتْنَة النَّاس كَعَذَابِ اللَّه } [29 10 ]فَكَتَبَ بِهَا الْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ بِالْمَدِينَةِ إِلَى الْمُسْلِمِينَ بِمَكَّة , وَأَنْزَلَ اللَّه فِي أُولَئِكَ الَّذِينَ أَعْطَوْا الْفِتْنَة : { ثُمَّ إِنَّ رَبّك لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْد مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا }. .. إِلَى { غَفُور رَحِيم } [16 110 ])قَالَ اِبْن عُيَيْنَة : أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن إِسْحَاق فِي قَوْله { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَة } قَالَ : هُمْ خَمْسَة فِتْيَة مِنْ قُرَيْش : عَلِيّ بْن أُمَيَّة , وَأَبُو قَيْس بْن الْفَاكِه , وَزَمْعَة بْن الْأَسْوَد , وَأَبُو الْعَاصِ بْن مُنَبِّه , وَنَسِيت الْخَامِس . 8121 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَة ظَالِمِي أَنْفُسهمْ } . .. الْآيَة , حَدَّثَنَا أَنَّ هَذِهِ الْآيَة أُنْزِلَتْ فِي أُنَاس تَكَلَّمُوا بِالْإِسْلَامِ مِنْ أَهْل مَكَّة , فَخَرَجُوا مَعَ عَدُوّ اللَّه أَبِي جَهْل , فَقُتِلُوا يَوْم بَدْر , فَاعْتَذَرُوا بِغَيْرِ عُذْر , فَأَبَى اللَّه أَنْ يَقْبَل مِنْهُمْ . وَقَوْله { إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَان لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَة وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا } أُنَاس مِنْ أَهْل مَكَّة عَذَرَهُمْ اللَّه , فَاسْتَثْنَاهُمْ فَقَالَ : { أُولَئِكَ عَسَى اللَّه أَنْ يَعْفُو عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّه عَفُوًّا غَفُورًا } قَالَ : وَكَانَ اِبْن عَبَّاس يَقُول : كُنْت أَنَا وَأُمِّي مِنْ الَّذِينَ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَة وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا. )8122 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , قَالَ : ثنا عُبَيْد بْن سَلْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَة ظَالِمِي أَنْفُسهمْ } . .. الْآيَة , قَالَ : أُنَاس مِنْ الْمُنَافِقِينَ تَخَلَّفُوا عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَمْ يَخْرُجُوا مَعَهُ إِلَى الْمَدِينَة , وَخَرَجُوا مَعَ مُشْرِكِي قُرَيْش إِلَى بَدْر , فَأُصِيبُوا يَوْمئِذٍ فِيمَنْ أُصِيبَ , فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَة. )وَأَمَّا قَوْله : { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَة } فَفِيهِ وَجْهَانِ : أَحَدهمَا أَنْ يَكُون تَوَفَّاهُمْ | فِي مَوْضِع نَصْب بِمَعْنَى الْمُضِيّ , لِأَنَّ | فَعَلَ | مَنْصُوبَة فِي كُلّ حَال . وَالْآخَر أَنْ يَكُون فِي مَوْضِع رَفْع بِمَعْنَى الِاسْتِقْبَال , يُرَاد بِهِ : إِنَّ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَة . فَتَكُون إِحْدَى التَّاءَيْنِ مِنْ تَوَفَّاهُمْ مَحْذُوفَة , وَهِيَ مُرَادَة فِي الْكَلِمَة , لِأَنَّ الْعَرَب تَفْعَل ذَلِكَ إِذَا اِجْتَمَعَتْ تَاءَانِ فِي أَوَّل الْكَلِمَة رُبَّمَا حَذَفَتْ إِحْدَاهُمَا وَأَثْبَتَتْ الْأُخْرَى , وَرُبَّمَا أَثْبَتَتْهُمَا جَمِيعًا.|فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ|يَقُول اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّم } : أَيْ فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفْت لَكُمْ صِفَتهمْ , الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَة ظَالِمِي أَنْفُسهمْ , مَأْوَاهُمْ جَهَنَّم , يَقُول : مَصِيرهمْ فِي الْآخِرَة جَهَنَّم , وَهِيَ مَسْكَنهمْ .|وَسَاءَتْ مَصِيرًا| { وَسَاءَتْ مَصِيرًا } يَعْنِي : وَسَاءَتْ جَهَنَّم لِأَهْلِهَا الَّذِينَ صَارُوا إِلَيْهَا مَصِيرًا وَمَسْكَنًا وَمَأْوًى.

إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا

ثُمَّ اِسْتَثْنَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْمُسْتَضْعَفِينَ الَّذِينَ اِسْتَضْعَفَهُمْ الْمُشْرِكُونَ مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَان , وَهُمْ الْعَجَزَة عَنْ الْهِجْرَة بِالْعُسْرَةِ وَقِلَّة الْحِيلَة وَسُوء الْبَصَر وَالْمَعْرِفَة بِالطَّرِيقِ مِنْ أَرْضهمْ أَرْض الشِّرْك إِلَى أَرْض الْإِسْلَام مِنْ الْقَوْم الَّذِينَ أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّم أَنْ تَكُون جَهَنَّم مَأْوَاهُمْ , لِلْعُذْرِ الَّذِي هُمْ فِيهِ , عَلَى مَا بَيَّنَهُ تَعَالَى ذِكْره . وَنَصَبَ الْمُسْتَضْعَفِينَ عَلَى الِاسْتِثْنَاء مِنْ الْهَاء وَالْمِيم اللَّتَيْنِ فِي قَوْله : { فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّم } , 8123 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب قَالَ : سَأَلْته , يَعْنِي اِبْن زَيْد , عَنْ قَوْل اللَّه : ( { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَة ظَالِمِي أَنْفُسهمْ } فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ : { إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَان } فَقَالَ : لَمَّا بُعِثَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَظَهَرَ وَنَبَعَ الْإِيمَان نَبَعَ النِّفَاق مِنْهُ , فَأَتَى إِلَى رَسُول اللَّه رِجَال , فَقَالُوا : يَا رَسُول اللَّه , لَوْلَا أَنَّا نَخَاف هَؤُلَاءِ الْقَوْم يُعَذِّبُونَنَا وَيَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ لَأَسْلَمْنَا , وَلَكِنَّا نَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , وَأَنَّك رَسُول اللَّه ! فَكَانُوا يَقُولُونَ ذَلِكَ لَهُ . فَلَمَّا كَانَ يَوْم بَدْر قَامَ الْمُشْرِكُونَ , فَقَالُوا : لَا يَتَخَلَّف عَنَّا أَحَد إِلَّا هَدَمْنَا دَاره وَاسْتَبَحْنَا مَاله ! فَخَرَجَ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَانُوا يَقُولُونَ ذَلِكَ الْقَوْل لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُمْ , فَقُتِلَتْ طَائِفَة مِنْهُمْ وَأُسِرَتْ طَائِفَة . قَالَ : فَأَمَّا الَّذِينَ قُتِلُوا فَهُمْ الَّذِينَ قَالَ اللَّه فِيهِمْ : { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَة ظَالِمِي أَنْفُسهمْ }. .. الْآيَة كُلّهَا { أَلَمْ تَكُنْ أَرْض اللَّه وَاسِعَة فَتُهَاجِرُوا فِيهَا } وَتَتْرُكُوا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَسْتَضْعِفُونَكُمْ { أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّم وَسَاءَتْ مَصِيرًا } . قَالَ : ثُمَّ عَذَرَ اللَّه أَهْل الصِّدْق فَقَالَ : { إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَان لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَة وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا } يَتَوَجَّهُونَ لَهُ لَوْ خَرَجُوا لَهَلَكُوا , فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّه أَنْ يَعْفُو عَنْهُمْ إِقَامَتهمْ بَيْن ظَهْرَيْ الْمُشْرِكِينَ. وَقَالَ الَّذِينَ أُسِرُوا : يَا رَسُول اللَّه إِنَّك تَعْلَم أَنَّا كُنَّا نَأْتِيك فَنَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَأَنَّك رَسُول اللَّه , وَأَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْم خَرَجْنَا مَعَهُمْ خَوْفًا ! فَقَالَ اللَّه : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنْ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَم اللَّه فِي قُلُوبكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِر لَكُمْ } [8 70 ]صَنِيعكُمْ الَّذِي صَنَعْتُمْ بِخُرُوجِكُمْ مَعَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتك فَقَدْ خَانُوا اللَّه مِنْ قَبْل } [8 71 ]خَرَجُوا مَعَ الْمُشْرِكِينَ { فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاَللَّه عَلِيم حَكِيم } [8 71 ])8124 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن خَالِد بْن خِدَاش , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ حَمَّاد بْن زَيْد , عَنْ أَيُّوب , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي مُلَيْكَة عَنْ اِبْن عَبَّاس : أَنَّهُ قَالَ : (كُنْت أَنَا وَأُمِّي مِمَّنْ عَذَرَ اللَّه إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَان لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَة وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا. )8125 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن آدَم , عَنْ شَرِيك , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : ( { إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَان } قَالَ اِبْن عَبَّاس : أَنَا مِنْ الْمُسْتَضْعَفِينَ . )8126 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { ظَالِمِي أَنْفُسهمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ } قَالَ مَنْ قُتِلَ مِنْ ضُعَفَاء كُفَّار قُرَيْش يَوْم بَدْر. )* - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , نَحْوه . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي يَزِيد , قَالَ : سَمِعْت اِبْن عَبَّاس يَقُول : (كُنْت أَنَا وَأُمِّي مِنْ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ النِّسَاء وَالْوِلْدَان . )8127 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حَجَّاج , قَالَ : ثنا حَمَّاد , عَنْ عَلِيّ بْن زَيْد , عَنْ عَبْد اللَّه أَوْ إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه الْقُرَشِيّ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة : أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فِي دُبُر صَلَاة الظُّهْر : ( اللَّهُمَّ خَلِّصْ الْوَلِيد وَسَلَمَة بْن هِشَام وَعَيَّاش بْن أَبِي رَبِيعَة وَضَعَفَة الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَيْدِي الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَة وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا . )8128 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَة وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا } قَالَ : مُؤْمِنُونَ مُسْتَضْعَفُونَ بِمَكَّة , فَقَالَ فِيهِمْ أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هُمْ بِمَنْزِلَةِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قُتِلُوا بِبَدْرٍ ضُعَفَاء مَعَ كُفَّار قُرَيْش. فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِمْ : { لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَة وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا } . .. الْآيَة )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد نَحْوه . وَأَمَّا قَوْله : { لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَة } فَإِنَّ مَعْنَاهُ كَمَا : 8129 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ عَمْرو , عَنْ عِكْرِمَة فِي قَوْله : ( { لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَة } قَالَ : نُهُوضًا إِلَى الْمَدِينَة ; { وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا } : طَرِيقًا إِلَى الْمَدِينَة . )8130 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا } : طَرِيقًا إِلَى الْمَدِينَة . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله. 8131 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : (الْحِيلَة : الْمَال , وَالسَّبِيل : الطَّرِيق إِلَى الْمَدِينَة .)

فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا

يَقُول اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّه أَنْ يَعْفُو عَنْهُمْ } يَعْنِي : هَؤُلَاءِ الْمُسْتَضْعَفِينَ , يَقُول : لَعَلَّ اللَّه أَنْ يَعْفُو عَنْهُمْ لِلْعُذْرِ الَّذِي هُمْ فِيهِ وَهُمْ مُؤْمِنُونَ , فَيَتَفَضَّل عَلَيْهِمْ بِالصَّفْحِ عَنْهُمْ فِي تَرْكهمْ الْهِجْرَة , إِذْ لَمْ يَتْرُكُوهَا اِخْتِيَارًا وَلَا إِيثَارًا مِنْهُمْ لِدَارِ الْكُفْر عَلَى دَار الْإِسْلَام , وَلَكِنْ لِلْعَجْزِ الَّذِي هُمْ فِيهِ عَنْ النُّقْلَة عَنْهَا .|وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا| { وَكَانَ اللَّه عَفُوًّا غَفُورًا } يَقُول : وَلَمْ يَزَلْ اللَّه عَفُوًّا , يَعْنِي ذَا صَفْح بِفَضْلِهِ عَنْ ذُنُوب عِبَاده بِتَرْكِهِ الْعُقُوبَة عَلَيْهَا , غَفُورًا سَاتِرًا عَلَيْهِمْ ذُنُوبهمْ بِعَفْوِهِ لَهُمْ عَنْهَا .

وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ يُهَاجِر فِي سَبِيل اللَّه يَجِد فِي الْأَرْض مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَة وَمَنْ يَخْرُج مِنْ بَيْته مُهَاجِرًا إِلَى اللَّه وَرَسُوله ثُمَّ يُدْرِكهُ الْمَوْت فَقَدْ وَقَعَ أَجْره عَلَى اللَّه } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَمَنْ يُهَاجِر فِي سَبِيل اللَّه } : وَمَنْ يُفَارِق أَرْض الشِّرْك وَأَهْلهَا هَرَبًا بِدِينِهِ مِنْهَا وَمِنْهُمْ إِلَى أَرْض الْإِسْلَام وَأَهْلهَا الْمُؤْمِنِينَ , { فِي سَبِيل اللَّه } يَعْنِي فِي مِنْهَاج دِين اللَّه وَطَرِيقه الَّذِي شَرَعَهُ لِخَلْقِهِ , وَذَلِكَ الدِّين الْقَيِّم. { يَجِد فِي الْأَرْض مُرَاغَمًا كَثِيرًا } يَقُول : يَجِد هَذَا الْمُهَاجِر فِي سَبِيل اللَّه مُرَاغَمًا كَثِيرًا , وَهُوَ الْمُضْطَرِب فِي الْبِلَاد وَالْمَذْهَب , يُقَال مِنْهُ : رَاغَمَ فُلَان قَوْمه مُرَاغَمًا وَمُرَاغَمَة مَصْدَرَانِ , وَمِنْهُ قَوْل نَابِغَة بَنِي جَعْدَة : <br>كَطَوْدٍ يُلَاذ بِأَرْكَانِهِ .......... عَزِيز الْمُرَاغَم وَالْمَهْرَب <br>وَقَوْله : { وَسَعَة } فَإِنَّهُ يَحْتَمِل السَّعَة فِي أَمْر دِينهمْ بِمَكَّة , وَذَلِكَ مَنْعهمْ إِيَّاهُمْ مِنْ إِظْهَار دِينهمْ وَعِبَادَة رَبّهمْ عَلَانِيَة ثُمَّ أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَمَّنْ خَرَجَ مُهَاجِرًا مِنْ أَرْض الشِّرْك فَارًّا بِدِينِهِ إِلَى اللَّه وَإِلَى رَسُوله إِنْ أَدْرَكَتْهُ مَنِيَّته قَبْل بُلُوغه أَرْض الْإِسْلَام وَدَار الْهِجْرَة , فَقَالَ : مَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ وَقَعَ أَجْره عَلَى اللَّه , وَذَلِكَ ثَوَاب عَمَله وَجَزَاء هِجْرَته وَفِرَاق وَطَنه وَعَشِيرَته إِلَى دَار الْإِسْلَام وَأَهْل دِينه. يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَمَنْ يَخْرُج مُهَاجِرًا مِنْ دَاره إِلَى اللَّه وَإِلَى رَسُوله , فَقَدْ اِسْتَوْجَبَ ثَوَاب هِجْرَته إِنْ لَمْ يَبْلُغ دَار هِجْرَته بِاخْتِرَامِ الْمَنِيَّة إِيَّاهُ قَبْل بُلُوغه إِيَّاهَا عَلَى رَبّه . وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ بِسَبَبِ بَعْض مَنْ كَانَ مُقِيمًا بِمَكَّة وَهُوَ مُسْلِم , فَخَرَجَ لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ اللَّه أَنْزَلَ الْآيَتَيْنِ قَبْلهَا , وَذَلِكَ قَوْله : { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَة ظَالِمِي أَنْفُسهمْ } . .. إِلَى قَوْله : { وَكَانَ اللَّه عَفُوًّا غَفُورًا } فَمَاتَ فِي طَرِيقه قَبْل بُلُوغه الْمَدِينَة . ذِكْر الْأَخْبَار الْوَارِدَة بِذَلِكَ : 8132 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْله : ( { وَمَنْ يَخْرُج مِنْ بَيْته مُهَاجِرًا إِلَى اللَّه وَرَسُوله } قَالَ : كَانَ رَجُل مِنْ خُزَاعَة يُقَال لَهُ ضَمْرَة بْن الْعَيْص أَوْ الْعَيْص بْن ضَمْرَة بْن زِنْبَاع , قَالَ : فَلَمَّا أُمِرُوا بِالْهِجْرَةِ كَانَ مَرِيضًا , فَأَمَرَ أَهْله أَنْ يَفْرِشُوا لَهُ عَلَى سَرِيره وَيَحْمِلُوهُ إِلَى رَسُول اللَّه , قَالَ : فَفَعَلُوا , فَأَتَاهُ الْمَوْت وَهُوَ بِالتَّنْعِيمِ , فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر أَنَّهُ قَالَ : (نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { وَمَنْ يَخْرُج مِنْ بَيْته مُهَاجِرًا إِلَى اللَّه وَرَسُوله ثُمَّ يُدْرِكهُ الْمَوْت فَقَدْ وَقَعَ أَجْره عَلَى اللَّه } فِي ضَمْرَة بْن الْعَيْص بْن الزِّنْبَاع , أَوْ فُلَان بْن ضَمْرَة بْن الْعَيْص بْن الزِّنْبَاع , حِين بَلَغَ التَّنْعِيم مَاتَ فَنَزَلَتْ فِيهِ . )حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ الْعَوَّام التَّيْمِيّ بِنَحْوِ حَدِيث يَعْقُوب , عَنْ هُشَيْم , قَالَ : وَكَانَ رَجُلًا مِنْ خُزَاعَة . 8133 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { وَمَنْ يُهَاجِر فِي سَبِيل اللَّه يَجِد فِي الْأَرْض مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَة } . .. الْآيَة , قَالَ : لَمَّا أَنْزَلَ اللَّه هَؤُلَاءِ الْآيَات وَرَجُل مِنْ الْمُؤْمِنِينَ يُقَال لَهُ ضَمْرَة بِمَكَّة , قَالَ : وَاَللَّه إِنَّ لِي مِنْ الْمَال مَا يُبَلِّغنِي الْمَدِينَة وَأَبْعَد مِنْهَا وَإِنِّي لَأَهْتَدِي , أَخْرِجُونِي ! وَهُوَ مَرِيض حِينَئِذٍ . فَلَمَّا جَاوَزَ الْحَرَم قَبَضَهُ اللَّه فَمَاتَ , فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { وَمَنْ يَخْرُج مِنْ بَيْته مُهَاجِرًا إِلَى اللَّه } . .. )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : (لَمَّا نَزَلَتْ : { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَة ظَالِمِي أَنْفُسهمْ } قَالَ رَجُل مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَوْمئِذٍ وَهُوَ مَرِيض : وَاَللَّه مَا لِي مِنْ عُذْر إِنِّي لَدَلِيل بِالطَّرِيقِ , وَإِنِّي لَمُوسِر , فَاحْمِلُونِي ! فَحَمَلُوهُ فَأَدْرَكَهُ الْمَوْت بِالطَّرِيقِ , فَنَزَلَتْ فِيهِ : { وَمَنْ يَخْرُج مِنْ بَيْته مُهَاجِرًا إِلَى اللَّه وَرَسُوله } . )8134 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , قَالَ : سَمِعْت عِكْرِمَة يَقُول : (لَمَّا أَنْزَلَ اللَّه : { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَة ظَالِمِي أَنْفُسهمْ }. .. الْآيَتَيْنِ , قَالَ رَجُل مِنْ بَنِي ضَمْرَة وَكَانَ مَرِيضًا : أَخْرِجُونِي إِلَى الرَّوْح ! فَأَخْرَجُوهُ , حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْحَصْحَاصِ مَاتَ , فَنَزَلَ فِيهِ : { وَمَنْ يَخْرُج مِنْ بَيْته مُهَاجِرًا إِلَى اللَّه وَرَسُوله } . .. الْآيَة . )8135 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي عَنْ الْمُنْذِر بْن ثَعْلَبَة , عَنْ عِلْبَاء بْن أَحْمَر الْيَشْكُرِيّ , قَوْله : ( { وَمَنْ يَخْرُج مِنْ بَيْته مُهَاجِرًا إِلَى اللَّه وَرَسُوله ثُمَّ يُدْرِكهُ الْمَوْت فَقَدْ وَقَعَ أَجْره عَلَى اللَّه } قَالَ : نَزَلَتْ فِي رَجُل مِنْ خُزَاعَة . )8136 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثنا قُرَّة , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْل اللَّه جَلَّ وَعَزَّ : ( { وَمَنْ يَخْرُج مِنْ بَيْته مُهَاجِرًا إِلَى اللَّه وَرَسُوله ثُمَّ يُدْرِكهُ الْمَوْت فَقَدْ وَقَعَ أَجْره عَلَى اللَّه } قَالَ : لَمَّا سَمِعَ رَجُل مِنْ أَهْل مَكَّة أَنَّ بَنِي كِنَانَة قَدْ ضَرَبَتْ وُجُوههمْ وَأَدْبَارهمْ الْمَلَائِكَة قَالَ لِأَهْلِهِ : أَخْرِجُونِي ! وَقَدْ أُدْنِفَ لِلْمَوْتِ . قَالَ : فَاحْتُمِلَ حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى عَقَبَة قَدْ سَمَّاهَا , فَتُوُفِّيَ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَمَنْ يَخْرُج مِنْ بَيْته مُهَاجِرًا إِلَى اللَّه وَرَسُوله } ... الْآيَة. )8137 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : (لَمَّا سَمِعَ بِهَذِهِ - يَعْنِي بِقَوْلِهِ : { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَة ظَالِمِي أَنْفُسهمْ }. .. إِلَى قَوْله : { وَكَانَ اللَّه عَفُوًّا غَفُورًا } - ضَمْرَة بْن جُنْدُب الضَّمْرِيّ قَالَ لِأَهْلِهِ وَكَانَ وَجِعًا : أَرْحِلُوا رَاحِلَتِي , فَإِنَّ الْأَخْشَبَيْنِ قَدْ غَمَّانِي - يَعْنِي : جَبَلَيْ مَكَّة - لَعَلِّي أَنْ أَخْرُج فَيُصِيبنِي رَوْح ! فَقَعَدَ عَلَى رَاحِلَته ثُمَّ تَوَجَّهَ نَحْو الْمَدِينَة فَمَاتَ بِالطَّرِيقِ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَمَنْ يَخْرُج مِنْ بَيْته مُهَاجِرًا إِلَى اللَّه وَرَسُوله ثُمَّ يُدْرِكهُ الْمَوْت فَقَدْ وَقَعَ أَجْره عَلَى اللَّه } . وَأَمَّا حِين تَوَجَّهَ إِلَى الْمَدِينَة , فَإِنَّهُ قَالَ : اللَّهُمَّ مُهَاجِر إِلَيْك وَإِلَى رَسُولك . )8138 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : (لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة , يَعْنِي قَوْله : { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَة } قَالَ جُنْدُب بْن ضَمْرَة الْجُنْدَعِيّ : اللَّهُمَّ أَبْلَغْت فِي الْمَعْذِرَة وَالْحُجَّة , وَلَا مَعْذِرَة لِي وَلَا حُجَّة. قَالَ : ثُمَّ خَرَجَ وَهُوَ شَيْخ كَبِير فَمَاتَ بِبَعْضِ الطَّرِيق , فَقَالَ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَاتَ قَبْل أَنْ يُهَاجِر , فَلَا نَدْرِي أَعَلَى وِلَايَة أَمْ لَا ؟ فَنَزَلَتْ : { وَمَنْ يَخْرُج مِنْ بَيْته مُهَاجِرًا إِلَى اللَّه وَرَسُوله ثُمَّ يُدْرِكهُ الْمَوْت فَقَدْ وَقَعَ أَجْره عَلَى اللَّه } . )* - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , قَالَ : ثنا عُبَيْد بْن سَلْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول : (لَمَّا أَنْزَلَ اللَّه فِي الَّذِينَ قُتِلُوا مَعَ مُشْرِكِي قُرَيْش بِبَدْرٍ : { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَة ظَالِمِي أَنْفُسهمْ } . .. الْآيَة , سَمِعَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فِيهِمْ رَجُل مِنْ بَنِي لَيْث كَانَ عَلَى دِين النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقِيمًا بِمَكَّة , وَكَانَ مِمَّنْ عَذَرَ اللَّه كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا وَضِيئًا , فَقَالَ لِأَهْلِهِ : مَا أَنَا بِبَائِتٍ اللَّيْلَة بِمَكَّة ! فَخَرَجُوا بِهِ مَرِيضًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ التَّنْعِيم مِنْ طَرِيق الْمَدِينَة أَدْرَكَهُ الْمَوْت , فَنَزَلَ فِيهِ : { وَمَنْ يَخْرُج مِنْ بَيْته مُهَاجِرًا إِلَى اللَّه } . .. الْآيَة . )8139 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَمَنْ يُهَاجِر فِي سَبِيل اللَّه يَجِد فِي الْأَرْض مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَة } قَالَ : هَاجَرَ رَجُل مِنْ بَنِي كِنَانَة يُرِيد النَّبِيّ , فَمَاتَ فِي الطَّرِيق . فَسَخِرَ بِهِ قَوْمه وَاسْتَهْزَءُوا بِهِ , وَقَالُوا : لَا هُوَ بَلَغَ الَّذِي يُرِيد , وَلَا هُوَ أَقَامَ فِي أَهْله يَقُومُونَ عَلَيْهِ وَيُدْفَن ! قَالَ : فَنَزَلَ الْقُرْآن : { وَمَنْ يَخْرُج مِنْ بَيْته مُهَاجِرًا إِلَى اللَّه وَرَسُوله ثُمَّ يُدْرِكهُ الْمَوْت فَقَدْ وَقَعَ أَجْره عَلَى اللَّه } . )8140 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مَنْصُور الرَّمَادِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد الزُّبَيْرِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَة ظَالِمِي أَنْفُسهمْ } وَكَانَ بِمَكَّة رَجُل يُقَال لَهُ ضَمْرَة مِنْ بَنِي بَكْر وَكَانَ مَرِيضًا , فَقَالَ لِأَهْلِهِ : أَخْرِجُونِي مِنْ مَكَّة , فَإِنِّي أَجِد الْحَرّ ! فَقَالُوا : أَيْنَ نُخْرِجك ؟ فَأَشَارَ بِيَدِهِ نَحْو الْمَدِينَة . فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { وَمَنْ يَخْرُج مِنْ بَيْته مُهَاجِرًا إِلَى اللَّه وَرَسُوله } . .. إِلَى آخِر الْآيَة . )8141 - حَدَّثَنِي الْحَارِث بْن أَبِي أُسَامَة , قَالَ : ثنا عَبْد الْعَزِيز بْن أَبَان , قَالَ : ثنا قَيْس , عَنْ سَالِم الْأَفْطَس , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غَيْر أُولِي الضَّرَر } قَالَ : رَخَّصَ فِيهَا قَوْم مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ كَانَ بِمَكَّة مِنْ أَهْل الضَّرَر حَتَّى نَزَلَتْ فَضِيلَة الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ , فَقَالُوا : قَدْ بَيَّنَ اللَّه فَضِيلَة الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ وَرَخَّصَ لِأَهْلِ الضَّرَر . حَتَّى نَزَلَتْ : { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَة ظَالِمِي أَنْفُسهمْ }. .. إِلَى قَوْله : { وَسَاءَتْ مَصِيرًا } قَالُوا : هَذِهِ مُوجِبَة. حَتَّى نَزَلَتْ : { إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَان لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَة وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا } , فَقَالَ ضَمْرَة بْن الْعَيْص الزُّرَقِيّ أَحَد بَنِي لَيْث , وَكَانَ مُصَاب الْبَصَر : إِنِّي لَذُو حِيلَة فِي مَال وَلِي رَقِيق , فَاحْمِلُونِي ! فَخَرَجَ وَهُوَ مَرِيض , فَأَدْرَكَهُ الْمَوْت عِنْد التَّنْعِيم , فَدُفِنَ عِنْد مَسْجِد التَّنْعِيم , فَنَزَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الْآيَة : { وَمَنْ يَخْرُج مِنْ بَيْته مُهَاجِرًا إِلَى اللَّه وَرَسُوله ثُمَّ يُدْرِكهُ الْمَوْت } . .. الْآيَة . )وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل الْمُرَاغَم , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ التَّحَوُّل مِنْ أَرْض إِلَى أَرْض. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8142 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { مُرَاغَمًا كَثِيرًا } قَالَ : الْمَرَاغِم : التَّحَوُّل مِنْ الْأَرْض إِلَى الْأَرْض . )8143 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , قَالَ : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك , يَقُول فِي قَوْله : ( { مُرَاغَمًا كَثِيرًا } يَقُول : مُتَحَوَّلًا. )8144 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع فِي قَوْله : ( { يَجِد فِي الْأَرْض مُرَاغَمًا كَثِيرًا } قَالَ : مُتَحَوَّلًا . )8145 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : ثنا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن أَوْ قَتَادَة : ( { مُرَاغَمًا كَثِيرًا } قَالَ : مُتَحَوَّلًا. )8146 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : ( { يَجِد فِي الْأَرْض مُرَاغَمًا كَثِيرًا } قَالَ : مَنْدُوحَة عَمَّا يَكْرَه. )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : ( { مُرَاغَمًا كَثِيرًا } قَالَ : مُزَحْزِحًا عَمَّا يَكْرَه . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : ( { مُرَاغَمًا كَثِيرًا } قَالَ : مُتَزَحْزِحًا عَمَّا يَكْرَه . )وَقَالَ آخَرُونَ : مُبْتَغَى مَعِيشَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8147 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { يَجِد فِي الْأَرْض مُرَاغَمًا كَثِيرًا } يَقُول : مُبْتَغًى لِلْمَعِيشَةِ . )وَقَالَ آخَرُونَ : الْمُرَاغَم : الْمُهَاجَر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8148 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { مُرَاغَمًا } الْمُرَاغَم : الْمُهَاجَر . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَقَدْ بَيَّنَّا أَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ فِيمَا مَضَى قَبْل . وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي مَعْنَى السَّعَة الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّه فِي هَذَا الْمَوْضِع فَقَالَ : { وَسَعَة } فَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ السَّعَة فِي الرِّزْق . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8149 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَة } قَالَ : السَّعَة فِي الرِّزْق . )8150 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , فِي قَوْله : ( { مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَة } قَالَ : السَّعَة فِي الرِّزْق . )8151 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سَلْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { وَسَعَة } يَقُول : سَعَة فِي الرِّزْق . )وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ مَا : 8152 - حَدَّثَنِي بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { يَجِد فِي الْأَرْض مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَة } : أَيْ وَاَللَّه مِنْ الضَّلَالَة إِلَى الْهُدَى , وَمِنْ الْعَيْلَة إِلَى الْغِنَى . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه أَخْبَرَ أَنَّ مَنْ هَاجَرَ فِي سَبِيله يَجِد فِي الْأَرْض مُضْطَرَبًا وَمُتَّسَعًا ; وَقَدْ يَدْخُل فِي السَّعَة , السَّعَة فِي الرِّزْق , وَالْغِنَى مِنْ الْفَقْر ; وَيَدْخُل فِيهِ السَّعَة مِنْ ضِيق الْهَمّ , وَالْكَرْب الَّذِي كَانَ فِيهِ أَهْل الْإِيمَان بِاَللَّهِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ بِمَكَّة , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ مَعَانِي السَّعَة الَّتِي هِيَ بِمَعْنَى الرَّوْح وَالْفَرَج مِنْ مَكْرُوه مَا كَرِهَ اللَّه لِلْمُؤْمِنِينَ بِمُقَامِهِمْ بَيْن ظَهْرَيْ الْمُشْرِكِينَ وَفِي سُلْطَانهمْ . وَلَمْ يَضَع اللَّه دَلَالَة عَلَى أَنَّهُ عَنَى بِقَوْلِهِ : | وَسَعَة | بَعْض مَعَانِي السَّعَة الَّتِي وَصَفْنَا , فَكُلّ مَعَانِي السَّعَة هِيَ الَّتِي بِمَعْنَى الرَّوْح وَالْفَرَج مِمَّا كَانُوا فِيهِ مِنْ ضِيق الْعَيْش وَغَمّ جِوَار أَهْل الشِّرْك وَضِيق الْمَصْدَر , بِتَعَذُّرِ إِظْهَار الْإِيمَان بِاَللَّهِ وَإِخْلَاص تَوْحِيده وَفِرَاق الْأَنْدَاد وَالْآلِهَة , دَاخِل فِي ذَلِكَ. وَقَدْ تَأَوَّلَ قَوْم مِنْ أَهْل الْعِلْم هَذِهِ الْآيَة , أَعْنِي قَوْله : { وَمَنْ يَخْرُج مِنْ بَيْته مُهَاجِرًا إِلَى اللَّه وَرَسُوله ثُمَّ يُدْرِكهُ الْمَوْت فَقَدْ وَقَعَ أَجْره عَلَى اللَّه } أَنَّهَا فِي حُكْم الْغَازِي يَخْرُج لِلْغَزْوِ فَيُدْرِكهُ الْمَوْت بَعْد مَا يَخْرُج مِنْ مَنْزِله فَاصِلًا فَيَمُوت , أَنَّ لَهُ سَهْمه مِنْ الْمَغْنَم وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَهِدَ الْوَقْعَة . كَمَا : 8153 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا يُوسُف بْن عَدِيّ , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ اِبْن لَهِيعَة , عَنْ يَزِيد بْن أَبِي حَبِيب , (أَنَّ أَهْل الْمَدِينَة يَقُولُونَ : مَنْ خَرَجَ فَاصِلًا وَجَبَ سَهْمه ; وَتَأَوَّلُوا قَوْله تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { وَمَنْ يَخْرُج مِنْ بَيْته مُهَاجِرًا إِلَى اللَّه وَرَسُوله } .)|وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا| { وَكَانَ اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا } يَقُول : وَلَمْ يَزَلْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره غَفُورًا , يَعْنِي : سَاتِرًا ذُنُوب عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ بِالْعَفْوِ لَهُمْ عَنْ الْعُقُوبَة عَلَيْهَا رَحِيمًا بِهِمْ رَفِيقًا .

وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْض فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاة إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْض } : وَإِذَا سِرْتُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ فِي الْأَرْض , { فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح } يَقُول : فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ حَرَج وَلَا إِثْم , { أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاة } : يَعْنِي أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ عَدَدهَا , فَتُصَلُّوا مَا كَانَ لَكُمْ عَدَده مِنْهَا فِي الْحَضَر وَأَنْتُمْ مُقِيمُونَ أَرْبَعًا , اِثْنَتَيْنِ , فِي قَوْل بَعْضهمْ. وَقِيلَ : مَعْنَاهُ : لَا جُنَاح عَلَيْكُمْ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاة إِلَى أَقَلّ عَدَدهَا فِي حَال ضَرْبكُمْ فِي الْأَرْض , أَشَارَ إِلَى وَاحِدَة فِي قَوْل آخَرِينَ . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ لَا جُنَاح عَلَيْكُمْ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ حُدُود الصَّلَاة إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا. يَعْنِي : إِنْ خَشِيتُمْ أَنْ يَفْتِنكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي صَلَاتكُمْ وَفِتْنَتهمْ إِيَّاهُمْ فِيهَا حَمْلُهُمْ عَلَيْهِمْ وَهُمْ فِيهَا سَاجِدُونَ , حَتَّى يَقْتُلُوهُمْ أَوْ يَأْسِرُوهُمْ , فَيَمْنَعُوهُمْ مِنْ إِقَامَتهَا وَأَدَائِهَا , وَيَحُولُوا بَيْنهمْ وَبَيْن عِبَادَة اللَّه وَإِخْلَاص التَّوْحِيد لَهُ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الْقَصْر الَّذِي وَضَعَ اللَّه الْجُنَاح فِيهِ عَنْ فَاعِله , فَقَالَ بَعْضهمْ : فِي السَّفَر مِنْ الصَّلَاة الَّتِي كَانَ وَاجِبًا تَمَامهَا فِي الْحَضَر أَرْبَع رَكَعَات , وَأَذِنَ فِي قَصْرهَا فِي السَّفَر إِلَى اِثْنَتَيْنِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8154 - حَدَّثَنِي عُبَيْد بْن إِسْمَاعِيل الْهَبَّارِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن إِدْرِيس , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ اِبْن أَبِي عَمَّار , عَنْ عَبْد اللَّه بْن بَابَيْهِ , عَنْ يَعْلَى بْن أُمَيَّة , قَالَ : (قُلْت لِعُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : { فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاة إِنْ خِفْتُمْ } وَقَدْ أَمِنَ النَّاس ! فَقَالَ : عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ حَتَّى سَأَلْتُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ , فَقَالَ : | صَدَقَة تَصَدَّقَ اللَّه بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَته . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ اِبْن أَبِي عَمَّار , عَنْ عَبْد اللَّه بْن بَابَيْهِ عَنْ يَعْلَى بْن أُمَيَّة , عَنْ عُمَر , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مِثْله . * - حَدَّثَنَا سَعِيد بْن يَحْيَى الْأُمَوِيّ , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : سَمِعْت عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي عَمَّار يُحَدِّث عَنْ عَبْد اللَّه بْن بَابَيْهِ , يُحَدِّث عَنْ يَعْلَى بْن أُمَيَّة , قَالَ : (قُلْت لِعُمَر بْن الْخَطَّاب أَعْجَب مِنْ قَصْر النَّاس الصَّلَاة وَقَدْ أَمِنُوا , وَقَدْ قَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاة إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا } ! فَقَالَ عُمَر : عَجِبْت مِمَّا عَجِبْت مِنْهُ , فَذَكَرْت ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : | صَدَقَة تَصَدَّقَ اللَّه بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَته . )8155 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا هِشَام بْن عَبْد الْمَلِك , قَالَ : ثنا أَبُو عَوَانَة , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة , قَالَ : (سَافَرْت إِلَى مَكَّة , فَكُنْت أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ , فَلَقِيَنِي قُرَّاء مِنْ أَهْل هَذِهِ النَّاحِيَة , فَقَالُوا : كَيْفَ تُصَلِّي ؟ قُلْت : رَكْعَتَيْنِ , قَالُوا : أَسُنَّة أَوْ قُرْآن ؟ قُلْت : كُلّ ذَلِكَ سُنَّة وَقُرْآن , قُلْت : صَلَّى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ , قَالُوا : إِنَّهُ كَانَ فِي حَرْب ! قُلْت : قَالَ اللَّه : { لَقَدْ صَدَقَ اللَّه رَسُوله الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِد الْحَرَام إِنْ شَاءَ اللَّه آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ } [48 27 ]وَقَالَ : { وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْض فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاة } فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ : { فَإِذَا اِطْمَأْنَنْتُمْ } . )8156 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن هَاشِم , قَالَ : أَخْبَرَنَا يُوسُف , عَنْ أَبِي رَوْق , عَنْ أَبِي أَيُّوب , عَنْ عَلِيّ , قَالَ : (سَأَلَ قَوْم مِنْ التُّجَّار رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالُوا : يَا رَسُول اللَّه إِنَّا نَضْرِب فِي الْأَرْض , فَكَيْفَ نُصَلِّي ؟ فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْض فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاة } ثُمَّ اِنْقَطَعَ الْوَحْي . فَلَمَّا كَانَ بَعْد ذَلِكَ بِحَوْلٍ , غَزَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَصَلَّى الظُّهْر , فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : لَقَدْ أَمْكَنَكُمْ مُحَمَّد وَأَصْحَابه مِنْ ظُهُورهمْ هَلَّا شَدَدْتُمْ عَلَيْهِمْ ! فَقَالَ قَائِل مِنْهُمْ : إِنَّ لَهُمْ أُخْرَى مِثْلهَا فِي أَثَرهَا . فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَيْن الصَّلَاتَيْنِ : { إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا وَإِذَا كُنْت فِيهِمْ فَأَقَمْت لَهُمْ الصَّلَاة فَلْتَقُمْ طَائِفَة مِنْهُمْ مَعَك } . .. إِلَى قَوْله : { إِنَّ اللَّه أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا } فَنَزَلَتْ صَلَاة الْخَوْف. )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَهَذَا تَأْوِيل لِلْآيَةِ حَسَن لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْكَلَام | إِذَا | , وَإِذَا تُؤْذِن بِانْقِطَاعِ مَا بَعْدهَا عَنْ مَعْنَى مَا قَبْلهَا , وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْكَلَام | إِذَا | كَانَ مَعْنَى الْكَلَام عَلَى هَذَا التَّأْوِيل الَّذِي رَوَاهُ سَيْف , عَنْ أَبِي رَوْق : إِنْ خِفْتُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ أَنْ يَفْتِنكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي صَلَاتكُمْ , وَكُنْت فِيهِمْ يَا مُحَمَّد , فَأَقَمْت لَهُمْ الصَّلَاة , فَلْتَقُمْ طَائِفَة مِنْهُمْ مَعَك , الْآيَة . وَبَعْد , فَإِنَّ ذَلِكَ فِيمَا ذُكِرَ فِي قِرَاءَة أُبَيّ بْن كَعْب : | وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْض فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاة أَنْ يَفْتِنكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا | . 8157 - حَدَّثَنِي بِذَلِكَ الْحَارِث , قَالَ : ثنا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثنا الثَّوْرِيّ , عَنْ وَاصِل بْن حَيَّان , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبْزَى , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب (أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ : | أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاة أَنْ يَفْتِنكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا | , وَلَا يَقْرَأ : | إِنْ خِفْتُمْ . )8158 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا بَكْر بْن شَرُود , عَنْ الثَّوْرِيّ , عَنْ وَاصِل الْأَحْدَب , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب (أَنَّهُ قَرَأَ : | أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاة أَنْ يَفْتِنكُمْ | , قَالَ بَكْر : وَهِيَ فِي مُصْحَف الْإِمَام عُثْمَان رَحِمَهُ اللَّه : { إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا } . )وَهَذِهِ الْقِرَاءَة تُنْبِئ عَلَى أَنَّ قَوْله : { إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا } مُوَاصِل قَوْله : { فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاة } وَأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْض فَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاة , وَأَنَّ قَوْله : { وَإِذَا كُنْت فِيهِمْ } قِصَّة مُبْتَدَأَة غَيْر قِصَّة هَذِهِ الْآيَة . وَذَلِكَ أَنَّ تَأْوِيل قِرَاءَة أُبَيّ هَذِهِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْهُ : | وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْض فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاة أَنْ لَا يَفْتِنكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا | , فَحُذِفَتْ | لَا | لِدَلَالَةِ الْكَلَام عَلَيْهَا , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { يُبَيِّن اللَّه لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا } [4 176 ]بِمَعْنَى : أَنْ لَا تَضِلُّوا . فَفِيمَا وَصَفْنَا دَلَالَة بَيِّنَة عَلَى فَسَاد التَّأْوِيل الَّذِي رَوَاهُ سَيْف , عَنْ أَبِي رَوْق . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ الْقَصْر فِي السَّفَر , غَيْر أَنَّهُ إِنَّمَا أَذِنَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِهِ لِلْمُسَافِرِ فِي حَال خَوْفه مِنْ عَدُوّ يَخْشَى أَنْ يَفْتِنهُ فِي صَلَاته . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8159 - حَدَّثَنِي أَبُو عَاصِم عِمْرَان بْن مُحَمَّد الْأَنْصَارِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد الْكَبِير بْن عَبْد الْمَجِيد , قَالَ : ثني عُمَر بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْر الصِّدِّيق , قَالَ : سَمِعْت أَبِي , يَقُول : سَمِعْت عَائِشَة تَقُول فِي السَّفَر : (أَتِمُّوا صَلَاتكُمْ ! فَقَالُوا : إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي السَّفَر رَكْعَتَيْنِ ؟ فَقَالَتْ : إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي حَرْب وَكَانَ يَخَاف , هَلْ تَخَافُونَ أَنْتُمْ ؟ . )8160 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي فُدَيْك , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي ذِئْب , عَنْ اِبْن شِهَاب , عَنْ أُمَيَّة بْن عَبْد اللَّه بْن خَالِد بْن أَسِيد , أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّه بْن عُمَر : (إِنَّا نَجِد فِي كِتَاب اللَّه قَصْر الصَّلَاة فِي الْخَوْف , وَلَا نَجِد قَصْر صَلَاة الْمُسَافِر ؟ فَقَالَ عَبْد اللَّه : إِنَّا وَجَدْنَا نَبِيّنَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْمَل عَمَلًا عَمِلْنَا بِهِ. )8161 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سَهْل الرَّمْلِيّ , قَالَ : ثنا مُؤَمِّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ : (أَنَّ عَائِشَة كَانَتْ تُصَلِّي فِي السَّفَر رَكْعَتَيْنِ . )8162 - حَدَّثَنَا سَعِيد بْن يَحْيَى , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثنا اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قُلْت لِعَطَاءٍ : (أَيّ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُتِمّ الصَّلَاة فِي السَّفَر ؟ قَالَ : عَائِشَة وَسَعْد بْن أَبِي وَقَّاص . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِهَذِهِ الْآيَة : قَصْر صَلَاة الْخَوْف فِي غَيْر حَال الْمُسَايَفَة , قَالُوا : وَفِيهَا نَزَلَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8163 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاة } قَالَ : يَوْم كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه بِعُسْفَانَ وَالْمُشْرِكُونَ بِضَجَنَان , فَتَوَاقَفُوا , فَصَلَّى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ صَلَاة الظُّهْر رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعًا , أَبُو عَاصِم رُكُوعهمْ وَسُجُودهمْ وَقِيَامهمْ مَعًا جَمِيعًا. فَهَمَّ بِهِمْ الْمُشْرِكُونَ أَنْ يُغِيرُوا عَلَى أَمْتِعَتهمْ وَأَثْقَالهمْ , فَأَنْزَلَ اللَّه عَلَيْهِ : { فَلْتَقُمْ طَائِفَة مِنْهُمْ مَعَك } فَصَلَّى الْعَصْر , فَصَفَّ أَصْحَابه صَفَّيْنِ , ثُمَّ كَبَّرَ بِهِمْ جَمِيعًا , ثُمَّ سَجَدَ الْأَوَّلُونَ سَجْدَة وَالْآخَرُونَ قِيَام , ثُمَّ سَجَدَ الْآخَرُونَ حِين قَامَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ كَبَّرَ بِهِمْ وَرَكَعُوا جَمِيعًا , فَتَقَدَّمَ الصَّفّ الْآخَر , وَاسْتَأْخَرَ الْأَوَّل , فَتَعَاقَبُوا السُّجُود كَمَا فَعَلُوا أَوَّل مَرَّة وَقَصَرَ الْعَصْر إِلَى رَكْعَتَيْنِ . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاة } قَالَ : كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه بِعُسْفَانَ وَالْمُشْرِكُونَ بِضَجَنَان , فَتَوَاقَفُوا , فَصَلَّى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه صَلَاة الظُّهْر رَكْعَتَيْنِ رُكُوعهمْ وَسُجُودهمْ وَقِيَامهمْ جَمِيعًا , فَهَمَّ بِهِمْ الْمُشْرِكُونَ أَنْ يُغِيرُوا عَلَى أَمْتِعَتهمْ وَأَثْقَالهمْ , فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { فَلْتَقُمْ طَائِفَة مِنْهُمْ مَعَك } فَصَلَّى بِهِمْ صَلَاة الْعَصْر , فَصَفَّ أَصْحَابه صَفَّيْنِ , ثُمَّ كَبَّرَ بِهِمْ جَمِيعًا , ثُمَّ سَجَدَ الْأَوَّلُونَ بِسُجُودِهِ وَالْآخَرُونَ قِيَام لَمْ يَسْجُدُوا , حَتَّى قَامَ النَّبِيّ , ثُمَّ كَبَّرَ بِهِمْ وَرَكَعُوا جَمِيعًا , فَقَدَّمَ الصَّفّ الْآخَر وَاسْتَأْخَرَ الصَّفّ الْمُقَدَّم , فَتَعَاقَبُوا السُّجُود كَمَا دَخَلُوا أَوَّل مَرَّة , وَقُصِرَتْ صَلَاة الْعَصْر إِلَى رَكْعَتَيْنِ . )8164 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ أَبِي عَيَّاش الزُّرَقِيّ , قَالَ : (كُنَّا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُسْفَانَ , وَعَلَى الْمُشْرِكِينَ خَالِد بْن الْوَلِيد . قَالَ : فَصَلَّيْنَا الظُّهْر , فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : كَانُوا عَلَى حَال لَوْ أَرَدْنَا لَأَصَبْنَا غِرَّة , لَأَصَبْنَا غَفْلَة . فَأُنْزِلَتْ آيَة الْقَصْر بَيْن الظُّهْر وَالْعَصْر , فَأَخَذَ النَّاس السِّلَاح , وَصَفُّوا خَلْف رَسُول اللَّه مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَة وَالْمُشْرِكُونَ مُسْتَقْبِلهمْ , فَكَبَّرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَبَّرُوا جَمِيعًا , ثُمَّ رَكَعَ وَرَكَعُوا جَمِيعًا , ثُمَّ رَفَعَ رَأْسه فَرَفَعُوا جَمِيعًا , ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدَ الصَّفّ الَّذِي يَلِيه وَقَامَ الْآخَرُونَ يَحْرُسُونَهُمْ , فَلَمَّا فَرَغَ هَؤُلَاءِ مِنْ سُجُودهمْ سَجَدَ هَؤُلَاءِ . ثُمَّ نَكَصَ الصَّفّ الَّذِي يَلِيه وَتَقَدَّمَ الْآخَرُونَ فَقَامُوا فِي مَقَامهمْ , فَرَكَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَكَعُوا جَمِيعًا , ثُمَّ رَفَعَ رَأْسه فَرَفَعُوا جَمِيعًا , ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدَ الصَّفّ الَّذِي يَلِيه , وَقَامَ الْآخَرُونَ يَحْرُسُونَهُمْ . فَلَمَّا فَرَغَ هَؤُلَاءِ مِنْ سُجُودهمْ , سَجَدَ هَؤُلَاءِ الْآخَرُونَ , ثُمَّ اِسْتَوَوْا مَعَهُ , فَقَعَدُوا جَمِيعًا , ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا , فَصَلَّاهَا بِعُسْفَانَ , وَصَلَّاهَا يَوْم بَنِي سُلَيْم . )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , عَنْ شَيْبَان النَّحْوِيّ , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ أَبِي عَيَّاش الزُّرَقِيّ . وَعَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ أَبِي عَيَّاش , قَالَ : كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُسْفَانَ , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه. 8165 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُعَاذ بْن هِشَام , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سُلَيْمَان الْيَشْكُرِيّ , أَنَّهُ سَأَلَ جَابِر بْن عَبْد اللَّه عَنْ إِقْصَار الصَّلَاة , أَيّ يَوْم أُنْزِلَ ؟ أَوْ أَيّ يَوْم هُوَ ؟ فَقَالَ جَابِر : (اِنْطَلَقْنَا نَتَلَقَّى عِير قُرَيْش آتِيَة مِنْ الشَّأْم , حَتَّى إِذَا كُنَّا بِنَخْل , جَاءَ رَجُل مِنْ الْقَوْم إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا مُحَمَّد ! قَالَ : | نَعَمْ | , قَالَ : هَلْ تَخَافنِي ؟ قَالَ : | لَا | , قَالَ : فَمَنْ يَمْنَعك مِنِّي ؟ قَالَ : | اللَّه يَمْنَعنِي مِنْك | . قَالَ : فَسَلَّ السَّيْف ثُمَّ هَدَّدَهُ وَأَوْعَدَهُ . ثُمَّ نَادَى بِالرَّحِيلِ وَأَخَذَ السِّلَاح , ثُمَّ نُودِيَ بِالصَّلَاةِ , فَصَلَّى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَائِفَةٍ مِنْ الْقَوْم , وَطَائِفَة أُخْرَى يَحْرُسُونَهُمْ , فَصَلَّى بِاَلَّذِينَ يَلُونَهُ رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ تَأَخَّرَ الَّذِينَ يَلُونَهُ عَلَى أَعْقَابهمْ , فَقَامُوا فِي مَصَافّ أَصْحَابهمْ , ثُمَّ جَاءَ الْآخَرُونَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ وَالْآخَرُونَ يَحْرُسُونَهُمْ , ثُمَّ سَلَّمَ , فَكَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَع رَكَعَات , وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ , فَيَوْمئِذٍ أَنْزَلَ اللَّه فِي إِقْصَار الصَّلَاة , وَأَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِأَخْذِ السِّلَاح. )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِهَا قَصْر صَلَاة الْخَوْف فِي حَال غَيْر شِدَّة الْخَوْف , إِلَّا أَنَّهُ عَنَى بِهِ الْقَصْر فِي صَلَاة السَّفَر , لَا فِي صَلَاة الْإِقَامَة . قَالُوا : وَذَلِكَ أَنَّ صَلَاة السَّفَر فِي غَيْر حَال الْخَوْف رَكْعَتَانِ تَمَام غَيْر قَصْر , كَمَا أَنَّ صَلَاة الْإِقَامَة أَرْبَع رَكَعَات فِي حَال الْإِقَامَة , قَالُوا : فَقُصِرَتْ فِي السَّفَر فِي حَال الْأَمْن غَيْر الْخَوْف عَنْ صَلَاة الْمُقِيم , فَحُمِلَتْ عَلَى النِّصْف , وَهِيَ تَمَام فِي السَّفَر , ثُمَّ قُصِرَتْ فِي حَال الْخَوْف فِي السَّفَر عَنْ صَلَاة الْأَمْن فِيهِ , فَجُعِلَتْ عَلَى النِّصْف رَكْعَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8166 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ , ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْض فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح أَنْ تَقْصُرُوا } . .. إِلَى قَوْله : { عَدُوًّا مُبِينًا } إِنَّ الصَّلَاة إِذَا صُلِّيَتْ رَكْعَتَيْنِ فِي السَّفَر فَهِيَ تَمَام , وَالتَّقْصِير لَا يَحِلّ إِلَّا أَنْ تَخَاف مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَفْتِنُوك عَنْ الصَّلَاة وَالتَّقْصِير رَكْعَة , يَقُوم الْإِمَام , وَيَقُوم جُنْده جُنْدَيْنِ , طَائِفَة خَلْفه , وَطَائِفَة يُوَازُونَ الْعَدُوّ , فَيُصَلِّي بِمَنْ مَعَهُ رَكْعَة وَيَمْشُونَ إِلَيْهِمْ عَلَى أَدْبَارهمْ حَتَّى يَقُومُوا فِي مَقَام أَصْحَابهمْ , وَتِلْكَ الْمِشْيَة الْقَهْقَرَى , ثُمَّ تَأْتِي الطَّائِفَة الْأُخْرَى , فَتُصَلِّي مَعَ الْإِمَام رَكْعَة أُخْرَى , ثُمَّ يَجْلِس الْإِمَام فَيُسَلِّم , فَيَقُومُونَ فَيُصَلُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَة ثُمَّ يَرْجِعُونَ إِلَى صَفّهمْ , وَيَقُوم الْآخَرُونَ فَيُضِيفُونَ إِلَى رَكْعَتهمْ رَكْعَة , وَالنَّاس يَقُولُونَ : لَا , بَلْ هِيَ رَكْعَة وَاحِدَة , لَا يُصَلِّي أَحَد مِنْهُمْ إِلَى رَكْعَته شَيْئًا , تُجْزِئهُ رَكْعَة الْإِمَام , فَيَكُون لِلْإِمَامِ رَكْعَتَانِ , وَلَهُمْ رَكْعَة , فَذَلِكَ قَوْل اللَّه : { وَإِذَا كُنْت فِيهِمْ فَأَقَمْت لَهُمْ الصَّلَاة } . .. إِلَى قَوْله : { وَخُذُوا حِذْركُمْ } . )8167 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن الْوَلِيد الْقُرَشِيّ , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ سِمَاك الْحَنَفِيّ , قَالَ : (سَأَلْت اِبْن عُمَر عَنْ صَلَاة السَّفَر ؟ فَقَالَ : رَكْعَتَانِ تَمَام غَيْر قَصْر إِنَّمَا الْقَصْر صَلَاة الْمَخَافَة . فَقُلْت : وَمَا صَلَاة الْمَخَافَة ؟ قَالَ : يُصَلِّي الْإِمَام بِطَائِفَةٍ رَكْعَة , ثُمَّ يَجِيء هَؤُلَاءِ مَكَان هَؤُلَاءِ وَيَجِيء هَؤُلَاءِ مَكَان هَؤُلَاءِ , فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَة , فَيَكُون لِلْإِمَامِ رَكْعَتَانِ وَلِكُلِّ طَائِفَة رَكْعَة رَكْعَة. )8168 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ سَالِم الْأَفْطَس , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (كَيْفَ تَكُون قَصْرًا وَهُمْ يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ ؟ إِنَّمَا هِيَ رَكْعَة . )8169 - حَدَّثَنِي سَعِيد بْن عَمْرو السَّكُونِيّ , قَالَ : ثنا بَقِيَّة , قَالَ : ثنا الْمَسْعُودِيّ , قَالَ : ثني يَزِيد الْفَقِير , عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : (صَلَاة الْخَوْف رَكْعَة . )8170 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثني عَمِّي عَبْد اللَّه بْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرو بْن الْحَرْث , قَالَ : ثني بَكْر بْن سَوَادَة أَنَّ زِيَاد بْن نَافِع حَدَّثَهُ , عَنْ كَعْب - وَكَانَ مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُطِعَتْ يَده يَوْم الْيَمَامَة - : (أَنَّ صَلَاة الْخَوْف لِكُلِّ طَائِفَة رَكْعَة وَسَجْدَتَانِ. )وَاعْتَلَّ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَة مِنْ الْآثَار بِمَا : 8171 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , قَالَ : ثني أَشْعَث بْن أَبِي الشَّعْثَاء , عَنْ الْأَسْوَد بْن هِلَال , عَنْ ثَعْلَبَة بْن زَهْدَم الْيَرْبُوعِيّ , قَالَ : (كُنَّا مَعَ سَعِيد بْن الْعَاصِ بِطَبَرِسْتَان , فَقَالَ : أَيّكُمْ يَحْفَظ صَلَاة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَوْف ؟ فَقَالَ حُذَيْفَة : أَنَا . فَأَقَامَنَا خَلْفه صَفًّا وَصَفّ مُوَازِي الْعَدُوّ , فَصَلَّى بِاَلَّذِينَ يَلُونَهُ رَكْعَة , ثُمَّ ذَهَبَ هَؤُلَاءِ إِلَى مَصَافّ أُولَئِكَ , وَجَاءَ أُولَئِكَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَة . )8172 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى وَعَبْد الرَّحْمَن , قَالَا : ثنا سُفْيَان , عَنْ الرُّكَيْن بْن الرَّبِيع , عَنْ الْقَاسِم بْن حَسَّان , قَالَ : سَأَلْت زَيْد بْن ثَابِت عَنْهُ , فَحَدَّثَنِي بِنَحْوِهِ . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ الْأَشْعَث , عَنْ الْأَسْوَد بْن هِلَال , عَنْ ثَعْلَبَة بْن زَهْدَم الْيَرْبُوعِيّ , عَنْ حُذَيْفَة بِنَحْوِهِ . 8173 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثني يَحْيَى , قَالَ : ثنا سُفْيَان , قَالَ : ثنا أَبُو بَكْر بْن أَبِي الْجَهْم , عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه , عَنْ اِبْن عَبَّاس : (أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِذِي قَرَد , فَصَفَّ النَّاس خَلْفه صَفَّيْنِ : صَفًّا خَلْفه , وَصَفًّا مُوَازِي الْعَدُوّ ; فَصَلَّى بِاَلَّذِينَ خَلْفه رَكْعَة , ثُمَّ اِنْصَرَفَ هَؤُلَاءِ إِلَى مَكَان هَؤُلَاءِ , وَجَاءَ أُولَئِكَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَة , وَلَمْ يَقْضُوا . )* - حَدَّثَنَا تَمِيم بْن الْمُنْتَصِر , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْحَاق الْأَزْرَق , عَنْ شَرِيك , عَنْ أَبِي بَكْر بْن صُخَيْر , عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . 8174 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا أَبُو عَوَانَة , عَنْ بُكَيْر بْن الْأَخْنَس , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (فَرَضَ اللَّه الصَّلَاة عَلَى لِسَان نَبِيّكُمْ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي الْحَضَر أَرْبَعًا , وَفِي السَّفَر رَكْعَتَيْنِ , وَفِي الْخَوْف رَكْعَة . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا أَبُو عَوَانَة , عَنْ بُكَيْر بْن الْأَخْنَس , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . * - حَدَّثَنَا نَصْر بْن عَبْد الرَّحْمَن الْأَوْدِيّ , قَالَ : ثنا الْمُحَارِبِيّ , عَنْ أَيُّوب بْن عَائِذ الطَّائِيّ , عَنْ بُكَيْر بْن الْأَخْنَس , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . * - حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن مَاهَان , قَالَ : ثنا الْقَاسِم بْن مَالِك , عَنْ أَيُّوب بْن عَائِذ الطَّائِيّ , عَنْ بُكَيْر بْن الْأَخْنَس , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . 8175 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ الْحَكَم , عَنْ يَزِيد الْفَقِير , عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه : (أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ صَلَاة الْخَوْف , فَقَامَ صَفّ بَيْن يَدَيْهِ وَصَفّ خَلْفه , فَصَلَّى بِاَلَّذِينَ خَلْفه رَكْعَة وَسَجْدَتَيْنِ , ثُمَّ تَقَدَّمَ هَؤُلَاءِ حَتَّى قَامُوا مَقَام أَصْحَابهمْ وَجَاءَ أُولَئِكَ حَتَّى قَامُوا مَقَام هَؤُلَاءِ , فَصَلَّى بِهِمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَة وَسَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ , فَكَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ وَلَهُمْ رَكْعَة. )8176 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن وَهْب , قَالَ : ثني عَمِّي عَبْد اللَّه بْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرو بْن الْحَارِث أَنَّ بَكْر بْن سَوَادَة حَدَّثَهُ عَنْ زِيَادَة بْن نَافِع , حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي مُوسَى , أَنَّ جَابِر بْن عَبْد اللَّه حَدَّثَهُمْ : (أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ صَلَاة الْخَوْف يَوْم مُحَارِب وَثَعْلَبَة , لِكُلِّ طَائِفَة رَكْعَة وَسَجْدَتَيْنِ. )8177 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن مُحَمَّد الطُّوسِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد الصَّمَد , قَالَ : ثنا سَعِيد بْن عَبْد الْهَنَّائِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن شَقِيق , قَالَ : ثنا أَبُو هُرَيْرَة : (أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ بَيْن ضَجَنَان وَعُسْفَان , فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : إِنَّ لِهَؤُلَاءِ صَلَاة هِيَ أَحَبّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَبْنَائِهِمْ وَأَبْكَارهمْ , وَهِيَ الْعَصْر , فَأَجْمِعُوا أَمْركُمْ , فَمِيلُوا عَلَيْهِمْ مَيْلَة وَاحِدَة ! وَإِنَّ جِبْرِيل أَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَهُ أَنْ يُقَسِّم أَصْحَابه شَطْرَيْنِ , فَيُصَلِّي بَعْضهمْ وَتَقُوم طَائِفَة أُخْرَى وَرَاءَهُمْ فَيَأْخُذُوا حِذْرهمْ وَأَسْلِحَتهمْ , ثُمَّ يَأْمُر الْأُخْرَى فَيُصَلُّوا مَعَهُ وَيَأْخُذ هَؤُلَاءِ حِذْرهمْ وَأَسْلِحَتهمْ , فَتَكُون لَهُمْ رَكْعَة رَكْعَة مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ . )وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِهِ الْقَصْر فِي السَّفَر , إِلَّا أَنَّهُ عَنَى بِهِ الْقَصْر فِي شِدَّة الْحَرْب وَعِنْد الْمُسَايَفَة , فَأُبِيحَ عِنْد اِلْتِحَام الْحَرْب لِلْمُصَلِّي أَنْ يَرْكَع رَكْعَة إِيمَاء بِرَأْسِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَ بِوَجْهِهِ . قَالُوا : فَذَلِكَ مَعْنَى قَوْله : { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاة إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا } . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8178 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْض } . .. الْآيَة , قَصْر الصَّلَاة إِنْ لَقِيت الْعَدُوّ وَقَدْ حَانَتْ الصَّلَاة أَنْ تُكَبِّر اللَّه وَتَخْفِض رَأْسَك إِيمَاء رَاكِبًا كُنْت أَوْ مَاشِيًا . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال الَّتِي ذَكَرْنَاهَا بِتَأْوِيلِ الْآيَة قَوْل مَنْ قَالَ : عَنَى بِالْقَصْرِ فِيهَا الْقَصْر مِنْ حُدُودهَا , وَذَلِكَ تَرْك إِتْمَام رُكُوعهَا وَسُجُودهَا , وَإِبَاحَة أَدَائِهَا كَيْفَ أَمْكَنَ أَدَاؤُهَا مُسْتَقْبِل الْقِبْلَة فِيهَا وَمُسْتَدْبِرهَا وَرَاكِبًا وَمَاشِيًا , وَذَلِكَ فِي حَال الشَّبْكَة. وَالْمُسَايَفَة وَالْتِحَام الْحَرْب وَتَزَاحُف الصُّفُوف , وَهِيَ الْحَالَة الَّتِي قَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا } [2 239 ]وَأَذِنَ بِالصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَة فِيهَا رَاكِبًا إِيمَاء بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُود عَلَى نَحْو مَا رُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس مِنْ 0 تَأْوِيله ذَلِكَ . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى التَّأْوِيلَات بِقَوْلِهِ : { وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْض فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاة إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا } لِدَلَالَةِ قَوْل اللَّه تَعَالَى : { فَإِذَا اِطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاة } عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ ; لِأَنَّ إِقَامَتهَا إِتْمَام حُدُودهَا مِنْ الرُّكُوع وَالسُّجُود وَسَائِر فُرُوضهَا دُون الزِّيَادَة فِي عَدَدهَا الَّتِي لَمْ تَكُنْ وَاجِبَة فِي حَال الْخَوْف . فَإِنْ ظَنَّ ظَانّ أَنَّ ذَلِكَ أَمْر مِنْ اللَّه بِإِتْمَامِ عَدَدهَا الْوَاجِب عَلَيْهِ فِي حَال الْأَمْن بَعْد زَوَال الْخَوْف , فَقَدْ يَجِب أَنْ يَكُون الْمُسَافِر فِي حَال قَصْره صَلَاته عَنْ صَلَاة الْمُقِيم غَيْر مُقِيم صَلَاته لِنَقْصِ عَدَد صَلَاته مِنْ الْأَرْبَع اللَّازِمَة كَانَتْ لَهُ فِي حَال إِقَامَته إِلَى الرَّكْعَتَيْنِ , فَذَلِكَ قَوْل إِنْ قَالَهُ قَائِل مُخَالِف لِمَا عَلَيْهِ الْأُمَّة مُجْمِعَة مِنْ أَنَّ الْمُسَافِر لَا يَسْتَحِقّ أَنْ يُقَال لَهُ : إِذَا أَتَى بِصَلَاتِهِ بِكَمَالِ حُدُودهَا الْمَفْرُوضَة عَلَيْهِ فِيهَا , وَقَصَرَ عَدَدهَا عَنْ أَرْبَع إِلَى اِثْنَتَيْنِ أَنَّهُ غَيْر مُقِيم صَلَاته . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَكَانَ اللَّه تَعَالَى قَدْ أَمَرَ الَّذِي أَبَاحَ لَهُ أَنْ يَقْصُر صَلَاته خَوْفًا مِنْ عَدُوّهُ أَنْ يَفْتِنهُ , أَنْ يُقِيم صَلَاته إِذَا اِطْمَأَنَّ وَزَالَ الْخَوْف , كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْهِ مِنْ إِقَامَة ذَلِكَ فِي حَال الطُّمَأْنِينَة , عَيْن الَّذِي كَانَ أُسْقِطَ عَنْهُ فِي حَال الْخَوْف , وَإِذْ كَانَ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْهِ فِي حَال الطُّمَأْنِينَة إِقَامَة صَلَاته , فَاَلَّذِي أُسْقِطَ عَنْهُ فِي غَيْر حَال الطُّمَأْنِينَة تَرْك إِقَامَتهَا . وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى أَنَّ تَرْك إِقَامَتهَا , إِنَّمَا هُوَ تَرْك حُدُودهَا عَلَى مَا بَيَّنَّا.|إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا|ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَمَّا عَلَيْهِ أَهْل الْكُفْر لَهُمْ فَقَالَ : { إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا } يَعْنِي : الْجَاحِدُونَ وَحْدَانِيَّة اللَّه كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا , يَقُول : عَدُوًّا قَدْ أَبَانُوا لَكُمْ عَدَاوَتهمْ , بِمُنَاصَبَتِهِمْ لَكُمْ الْحَرْب عَلَى إِيمَانكُمْ بِاَللَّهِ وَبِرَسُولِهِ , وَتَرْككُمْ عِبَادَة مَا يَعْبُدُونَ مِنْ الْأَوْثَان وَالْأَصْنَام , وَمُخَالَفَتكُمْ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الضَّلَالَة .

وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا كُنْت فِيهِمْ فَأَقَمْت لَهُمْ الصَّلَاة فَلْتَقُمْ طَائِفَة مِنْهُمْ مَعَك وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتهمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَة أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَك وَلْيَأْخُذُوا حِذْرهمْ وَأَسْلِحَتهمْ } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَإِذَا كُنْت فِي الضَّارِبِينَ فِي الْأَرْض مِنْ أَصْحَابك يَا مُحَمَّد الْخَائِفِينَ عَدُوّهُمْ أَنْ يَفْتِنهُمْ , { فَأَقَمْت لَهُمْ الصَّلَاة } يَقُول : فَأَقَمْت لَهُمْ الصَّلَاة بِحُدُودِهَا وَرُكُوعهَا وَسُجُودهَا , وَلَمْ تَقْصُرهَا الْقَصْر الَّذِي أَبَحْت لَهُمْ أَنْ يَقْصُرُوهَا فِي حَال تَلَاقِيهِمْ وَعَدُوّهُمْ وَتَزَاحُف بَعْضهمْ عَلَى بَعْض , مِنْ تَرْك إِقَامَة حُدُودهَا وَرُكُوعهَا وَسُجُودهَا وَسَائِر فُرُوضهَا , { فَلْتَقُمْ طَائِفَة مِنْهُمْ مَعَك } يَعْنِي : فَلْتَقُمْ فِرْقَة مِنْ أَصْحَابك الَّذِينَ تَكُون أَنْتَ فِيهِمْ مَعَك فِي صَلَاتك , وَلْيَكُنْ سَائِرهمْ فِي وُجُوه الْعَدُوّ . وَتُرِكَ ذِكْر مَا يَنْبَغِي لِسَائِرِ الطَّوَائِف غَيْر الْمُصَلِّيَة مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَفْعَلهُ لِدَلَالَةِ الْكَلَام الْمَذْكُور عَلَى الْمُرَاد بِهِ وَالِاسْتِغْنَاء بِمَا ذُكِرَ عَمَّا تُرِكَ ذِكْره. { وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتهمْ } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الطَّائِفَة الْمَأْمُورَة بِأَخْذِ السِّلَاح , فَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ الطَّائِفَة الَّتِي كَانَتْ تُصَلِّي مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : وَمَعْنَى الْكَلَام : { وَلْيَأْخُذُوا } يَقُول : وَلْتَأْخُذْ الطَّائِفَة الْمُصَلِّيَة مَعَك مِنْ طَوَائِفهمْ { أَسْلِحَتهمْ } , وَالسِّلَاح الَّذِي أُمِرُوا بِأَخْذِهِ عِنْدهمْ فِي صَلَاتهمْ كَالسَّيْفِ يَتَقَلَّدهُ أَحَدهمْ وَالسِّكِّين وَالْخِنْجَر يَشُدّهُ إِلَى دِرْعه وَثِيَابه الَّتِي هِيَ عَلَيْهِ وَنَحْو ذَلِكَ مِنْ سِلَاحه. وَقَالَ آخَرُونَ بَلْ الطَّائِفَة الْمَأْمُورَة بِأَخْذِ السِّلَاح مِنْهُمْ , الطَّائِفَة الَّتِي كَانَتْ بِإِزَاءِ الْعَدُوّ وَدُون الْمُصَلِّيَة مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَذَلِكَ قَوْل اِبْن عَبَّاس . 8179 - حَدَّثَنِي بِذَلِكَ الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { فَإِذَا سَجَدُوا } يَقُول : فَإِذَا سَجَدَتْ الطَّائِفَة الَّتِي قَامَتْ مَعَك فِي صَلَاتك تُصَلِّي بِصَلَاتِك , فَفَرَغَتْ مِنْ سُجُودهَا. { فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ } يَقُول : فَلْيَصِيرُوا بَعْد فَرَاغهمْ مِنْ سُجُودهمْ خَلْفكُمْ مَصَافِّي الْعَدُوّ فِي الْمَكَان الَّذِي فِيهِ سَائِر الطَّوَائِف الَّتِي لَمْ تُصَلِّ مَعَك وَلَمْ تَدْخُل مَعَك فِي صَلَاتك . )ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ } فَقَالَ بَعْضهمْ : تَأْوِيله : فَإِذَا صَلَّوْا فَفَرَغُوا مِنْ صَلَاتهمْ فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ. ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل هَذِهِ الْمَقَالَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : إِذَا صَلَّتْ هَذِهِ الطَّائِفَة مَعَ الْإِمَام رَكْعَة , سَلَّمَتْ وَانْصَرَفَتْ مِنْ صَلَاتهَا حَتَّى تَأْتِي مَقَام أَصْحَابهَا بِإِزَاءِ الْعَدُوّ وَلَا قَضَاء عَلَيْهَا , وَهُمْ الَّذِينَ قَالُوا : عَنَى اللَّه بِقَوْلِهِ : { فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاة } : أَنْ تَجْعَلُوهَا إِذَا خِفْتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَفْتِنُوكُمْ رَكْعَة . وَرَوَوْا عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى بِطَائِفَةٍ صَلَاة الْخَوْف رَكْعَة وَلَمْ يَقْضُوا , وَبِطَائِفَةٍ أُخْرَى رَكْعَة وَلَمْ يَقْضُوا. وَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْض ذَلِكَ فِيمَا مَضَى وَفِيمَا ذَكَرْنَا كِفَايَة عَنْ اِسْتِيعَاب ذِكْر جَمِيع مَا فِيهِ . وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ : بَلْ الْوَاجِب كَانَ عَلَى هَذِهِ الطَّائِفَة الَّتِي أَمَرَهَا اللَّه بِالْقِيَامِ مَعَ نَبِيّهَا إِذَا أَرَادَ إِقَامَة الصَّلَاة بِهِمْ فِي حَال خَوْف الْعَدُوّ إِذَا فَرَغَتْ مِنْ رَكْعَتهَا الَّتِي أَمَرَهَا اللَّه أَنْ تُصَلِّي مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا أَمَرَهَا بِهِ فِي كِتَابه أَنْ تَقُوم فِي مَقَامهَا الَّذِي صَلَّتْ فِيهِ مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَتُصَلِّي لِأَنْفُسِهَا بَقِيَّة صَلَاتهَا وَتُسَلِّم , وَتَأْتِي مَصَافّ أَصْحَابهَا , وَكَانَ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَثْبُت قَائِمًا فِي مَقَامه حَتَّى تَفْرُغ الطَّائِفَة الَّتِي صَلَّتْ مَعَهُ الرَّكْعَة الْأُولَى مِنْ بَقِيَّة صَلَاتهَا , إِذَا كَانَتْ صَلَاتهَا الَّتِي صَلَّتْ مَعَهُ مِمَّا يَجُوز قَصْر عَدَدهَا عَنْ الْوَاجِب الَّذِي عَلَى الْمُقِيمِينَ فِي أَمْن , وَتَذْهَب إِلَى مَصَافّ أَصْحَابهَا , وَتَأْتِي الطَّائِفَة الْأُخْرَى الَّتِي كَانَتْ مُصَافَّة عَدُوّهَا , فَيُصَلِّي بِهَا رَكْعَة أُخْرَى مِنْ صَلَاتهَا . ثُمَّ هُمْ فِي حُكْم هَذِهِ الطَّائِفَة الثَّانِيَة مُخْتَلِفُونَ , فَقَالَتْ فِرْقَة مِنْ أَهْل هَذِهِ الْمَقَالَة : كَانَ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا فَرَغَ مِنْ رَكْعَتَيْهِ وَرَفَعَ رَأْسه مِنْ سُجُوده مِنْ رَكْعَته الثَّانِيَة أَنْ يَقْعُد لِلتَّشَهُّدِ , وَعَلَى الطَّائِفَة الَّتِي صَلَّتْ مَعَهُ الرَّكْعَة الثَّانِيَة وَلَمْ تُدْرِك مَعَهُ الرَّكْعَة الْأُولَى لِاشْتِغَالِهَا بِعَدُوِّهَا أَنْ تَقُوم فَتَقْضِي رَكْعَتهَا الْفَائِتَة مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَعَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِنْتِظَارهَا قَاعِدًا فِي تَشَهُّده حَتَّى تَفْرُغ هَذِهِ الطَّائِفَة مِنْ رَكْعَتهَا الْفَائِتَة وَتَتَشَهَّد , ثُمَّ يُسَلِّم بِهِمْ. وَقَالَتْ فِرْقَة أُخْرَى مِنْهُمْ : بَلْ كَانَ الْوَاجِب عَلَى الطَّائِفَة الَّتِي لَمْ تُدْرِك مَعَهُ الرَّكْعَة الْأُولَى إِذَا قَعَدَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلتَّشَهُّدِ أَنْ تَقْعُد مَعَهُ لِلتَّشَهُّدِ فَتَتَشَهَّد بِتَشَهُّدِهِ , فَإِذَا فَرَغَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَشَهُّده سَلَّمَ , ثُمَّ قَامَتْ الطَّائِفَة الَّتِي صَلَّتْ مَعَهُ الرَّكْعَة الثَّانِيَة حِينَئِذٍ , فَقَضَتْ رَكْعَتهَا الْفَائِتَة . وَكُلّ قَائِل مِنْ الَّذِينَ ذَكَرْنَا قَوْلهمْ رَوَى عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَارًا بِأَنَّهُ كَمَا قَالَ فَعَلَ. ذِكْر مَنْ قَالَ : اِنْتَظَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّائِفَتَيْنِ حَتَّى قَضَتْ صَلَاتهمَا وَلَمْ يَخْرُج مِنْ صَلَاته إِلَّا بَعْد فَرَاغ الطَّائِفَتَيْنِ مِنْ صَلَاتهمَا : 8180 - حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِك , عَنْ يَزِيد بْن رُومَان , عَنْ صَالِح بْن خَوَّات , عَمَّنْ صَلَّى مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاة الْخَوْف يَوْم ذَات الرِّقَاع : (أَنَّ طَائِفَة صَفَّتْ مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَائِفَة وِجَاه الْعَدُوّ , فَصَلَّى بِاَلَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَة , ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا فَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ , ثُمَّ جَاءَتْ الطَّائِفَة الْأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمْ , ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا , فَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ , ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ . )8181 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني عُبَيْد اللَّه بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا أَبِي , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْقَاسِم , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ صَالِح بْن خَوَّات , عَنْ سَهْل بْن أَبِي حَثْمَة , قَالَ : (صَلَّى النَّبِيّ بِأَصْحَابِهِ فِي خَوْف , فَجَعَلَهُمْ خَلْفه صَفَّيْنِ , فَصَلَّى بِاَلَّذِينَ يَلُونَهُ رَكْعَة , ثُمَّ قَامَ فَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا حَتَّى صَلَّى الَّذِينَ خَلْفه رَكْعَة , ثُمَّ تَقَدَّمَ وَتَخَلَّفَ الَّذِينَ كَانُوا قُدَّامهمْ , فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَة , ثُمَّ جَلَسَ حَتَّى صَلَّى الَّذِينَ تَخَلَّفُوا رَكْعَة , ثُمَّ سَلَّمَ . )* - حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَ : ثنا رَوْح , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْقَاسِم , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ صَالِح بْن خَوَّات , عَنْ سَهْل بْن أَبِي حَثْمَة , عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي صَلَاة الْخَوْف : ( تَقُوم طَائِفَة بَيْن يَدَيْ الْإِمَام وَطَائِفَة خَلْفه , فَيُصَلِّي بِاَلَّذِينَ خَلْفه رَكْعَة وَسَجْدَتَيْنِ ثُمَّ يَقْعُد مَكَانه حَتَّى يَقْضُوا رَكْعَة وَسَجْدَتَيْنِ , ثُمَّ يَتَحَوَّلُونَ إِلَى مَكَان أَصْحَابهمْ , ثُمَّ يَتَحَوَّل أُولَئِكَ إِلَى مَكَان هَؤُلَاءِ فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَة وَسَجْدَتَيْنِ , ثُمَّ يَقْعُد مَكَانه حَتَّى يُصَلُّوا رَكْعَة وَسَجْدَتَيْنِ ثُمَّ يُسَلِّم . )ذِكْر مَنْ قَالَ : كَانَتْ الطَّائِفَة الثَّانِيَة تَقْعُد مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَفْرُغ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صَلَاته , ثُمَّ تَقْضِي مَا بَقِيَ عَلَيْهَا بَعْد : 8182 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : سَمِعْت يَحْيَى بْن سَعِيد , قَالَ : سَمِعْت الْقَاسِم , قَالَ : ثني صَالِح بْن خَوَّات بْن جُبَيْر أَنَّ سَهْل بْن أَبِي حَثْمَة حَدَّثَهُ : (أَنَّ صَلَاة الْخَوْف أَنْ يَقُوم الْإِمَام إِلَى الْقِبْلَة يُصَلِّي وَمَعَهُ طَائِفَة مِنْ أَصْحَابه , وَطَائِفَة أُخْرَى مُوَاجِهَة الْعَدُوّ فَيُصَلِّي , فَيَرْكَع الْإِمَام بِاَلَّذِينَ مَعَهُ , وَيَسْجُد ثُمَّ يَقُوم , فَإِذَا اِسْتَوَى قَائِمًا رَكَعَ الَّذِينَ وَرَاءَهُ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَة وَسَجْدَتَيْنِ , ثُمَّ سَلَّمُوا فَانْصَرَفُوا وَالْإِمَام قَائِم فَقَامُوا إِزَاء الْعَدُوّ , وَأَقْبَلَ الْآخَرُونَ فَكَبَّرُوا مَكَان الْإِمَام , فَرَكَعَ بِهِمْ الْإِمَام وَسَجَدَ ثُمَّ سَلَّمَ , فَقَامُوا فَرَكَعُوا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَة وَسَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمُوا . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن هَارُون , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد أَنَّ صَالِح بْن خَوَّات أَخْبَرَهُ عَنْ سَهْل بْن أَبِي حَثْمَة فِي صَلَاة الْخَوْف , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد وَسَأَلَهُ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد الْأَنْصَارِيّ , عَنْ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد , عَنْ صَالِح , عَنْ سَهْل بْن أَبِي حَثْمَة فِي صَلَاة الْخَوْف , قَالَ : (يَقُوم الْإِمَام مُسْتَقْبِل الْقِبْلَة , وَتَقُوم طَائِفَة مِنْهُمْ مَعَهُ وَطَائِفَة مِنْ قِبَل الْعَدُوّ وُجُوههمْ إِلَى الْعَدُوّ , فَيَرْكَع بِهِمْ رَكْعَة , ثُمَّ يَرْكَعُونَ لِأَنْفُسِهِمْ وَيَسْجُدُونَ سَجْدَتَيْنِ فِي مَكَانهمْ , وَيَذْهَبُونَ إِلَى مَقَام أُولَئِكَ وَيَجِيء أُولَئِكَ فَيَرْكَع بِهِمْ رَكْعَة وَيَسْجُد سَجْدَتَيْنِ ; فَهِيَ لَهُ رَكْعَتَانِ وَلَهُمْ وَاحِدَة , ثُمَّ يَرْكَعُونَ رَكْعَة وَيَسْجُدُونَ سَجْدَتَيْنِ . )* - قَالَ بُنْدَار سَأَلْت يَحْيَى بْن سَعِيد عَنْ هَذَا الْحَدِيث , فَحَدَّثَنِي عَنْ شُعْبَة , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْقَاسِم , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ صَالِح بْن خَوَّات , عَنْ سَهْل بْن أَبِي حَثْمَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ حَدِيث يَحْيَى بْن سَعِيد , وَقَالَ لِي : اُكْتُبْهُ إِلَى جَنْبه , فَلَسْت أَحْفَظهُ , وَلَكِنَّهُ مِثْل حَدِيث يَحْيَى بْن سَعِيد . 8183 - حَدَّثَنَا نَصْر بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه , عَنْ الْقَاسِم بْن مُعَقِّد بْن أَبِي بَكْر , عَنْ صَالِح بْن خَوَّات : (أَنَّ الْإِمَام يَقُوم فَيَصُفّ صَفَّيْنِ , طَائِفَة مُوَاجِهَة الْعَدُوّ , وَطَائِفَة خَلْف الْإِمَام , فَيُصَلِّي الْإِمَام بِاَلَّذِينَ خَلْفه رَكْعَة , ثُمَّ يَقُومُونَ فَيُصَلُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَة , ثُمَّ يُسَلِّمُونَ , ثُمَّ يَنْطَلِقُونَ فَيَصُفُّونَ , وَيَجِيء الْآخَرُونَ فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَة , ثُمَّ يُسَلِّم فَيَقُومُونَ , فَيُصَلُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَة . )8184 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت عُبَيْد اللَّه , عَنْ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد عَنْ صَالِح بْن خَوَّات , عَنْ رَجُل مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : (صَلَاة الْخَوْف أَنْ تَقُوم طَائِفَة مِنْ خَلْف الْإِمَام , وَطَائِفَة يَلُونَ الْعَدُوّ , فَيُصَلِّي الْإِمَام بِاَلَّذِينَ خَلْفه رَكْعَة , وَيَقُوم قَائِمًا فَيُصَلِّي الْقَوْم إِلَيْهَا رَكْعَة أُخْرَى , ثُمَّ يُسَلِّمُونَ فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى أَصْحَابهمْ , وَيَجِيء أَصْحَابهمْ وَالْإِمَام قَائِم , فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَة فَيُسَلِّم , ثُمَّ يَقُومُونَ فَيُصَلُّونَ إِلَيْهَا رَكْعَة أُخْرَى , ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ . قَالَ عُبَيْد اللَّه : فَمَا سَمِعْت فِيمَا نَذْكُرهُ فِي صَلَاة الْخَوْف شَيْئًا هُوَ أَحْسَن عِنْدِي مِنْ هَذَا . )8185 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَإِذَا كُنْت فِيهِمْ فَأَقَمْت لَهُمْ الصَّلَاة فَلْتَقُمْ طَائِفَة مِنْهُمْ مَعَك } فَهَذَا عِنْد الصَّلَاة فِي الْخَوْف يَقُوم الْإِمَام وَتَقُوم مَعَهُ طَائِفَة مِنْهُمْ , وَطَائِفَة يَأْخُذُونَ أَسْلِحَتهمْ , وَيَقِفُونَ بِإِزَاءِ الْعَدُوّ , فَيُصَلِّي الْإِمَام بِمَنْ مَعَهُ رَكْعَة , ثُمَّ يَجْلِس عَلَى هَيْئَته , فَيَقُوم الْقَوْم فَيُصَلُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ الرَّكْعَة الثَّانِيَة وَالْإِمَام جَالِس , ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ حَتَّى يَأْتُوا أَصْحَابهمْ , فَيَقِفُونَ مَوْقِفهمْ , ثُمَّ يُقْبِل الْآخَرُونَ فَيُصَلِّي بِهِمْ الْإِمَام الرَّكْعَة الثَّانِيَة , ثُمَّ يُسَلِّم فَيَقُوم الْقَوْم فَيُصَلُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ الرَّكْعَة الثَّانِيَة ; فَهَكَذَا صَلَّى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم بَطْن نَخْلَة . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ تَأْوِيل قَوْله : { فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ } فَإِذَا سَجَدَتْ الطَّائِفَة الَّتِي قَامَتْ مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين دَخَلَ فِي صَلَاته , فَدَخَلَتْ مَعَهُ فِي صَلَاته السَّجْدَة الثَّانِيَة مِنْ رَكْعَتهَا الْأُولَى فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ , يَعْنِي : مِنْ وَرَائِك يَا مُحَمَّد وَوَرَاء أَصْحَابك الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا بِإِزَاءِ الْعَدُوّ . قَالُوا : وَكَانَتْ هَذِهِ الطَّائِفَة لَا تُسَلِّم مِنْ رَكْعَتهَا إِذَا هِيَ فَرَغَتْ مِنْ سَجْدَتَيْ رَكْعَتهَا الَّتِي صَلَّتْ مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَكِنَّهَا تَمْضِي إِلَى مَوْقِف أَصْحَابهَا بِإِزَاءِ الْعَدُوّ وَعَلَيْهَا بَقِيَّة صَلَاتهَا . قَالُوا : وَكَانَتْ تَأْتِي الطَّائِفَة الْأُخْرَى الَّتِي كَانَتْ بِإِزَاءِ الْعَدُوّ حَتَّى تَدْخُل مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَقِيَّة صَلَاته , فَيُصَلِّي بِهِمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّكْعَة الَّتِي كَانَتْ قَدْ بَقِيَتْ عَلَيْهِ . قَالُوا : وَذَلِكَ مَعْنَى قَوْل اللَّه عَزَّ ذِكْره : { وَلْتَأْتِ طَائِفَة أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَك وَلْيَأْخُذُوا حِذْرهمْ وَأَسْلِحَتهمْ } . ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل هَذِهِ الْمَقَالَة فِي صِفَة قَضَاء مَا كَانَ يَبْقَى عَلَى كُلّ طَائِفَة مِنْ هَاتَيْنِ الطَّائِفَتَيْنِ مِنْ صَلَاتهَا بَعْد فَرَاغ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صَلَاته وَسَلَامه مِنْ صَلَاته عَلَى قَوْل قَائِلِي هَذِهِ الْمَقَالَة وَمُتَأَوِّلِي هَذَا التَّأْوِيل ; فَقَالَ بَعْضهمْ : كَانَتْ الطَّائِفَة الثَّانِيَة الَّتِي صَلَّتْ مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّكْعَة الثَّانِيَة مِنْ صَلَاتهَا إِذَا سَلَّمَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صَلَاته فَقَامَتْ فَقَضَتْ مَا فَاتَهَا مِنْ صَلَاتهَا مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَقَامهَا بَعْد فَرَاغ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صَلَاته , وَالطَّائِفَة الَّتِي صَلَّتْ مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّكْعَة الْأُولَى بِإِزَاءِ الْعَدُوّ بَعْد لَمْ تُتِمّ صَلَاتهَا , فَإِذَا هِيَ فَرَغَتْ مِنْ بَقِيَّة صَلَاتهَا الَّتِي فَاتَتْهَا مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَضَتْ إِلَى مَصَافّ أَصْحَابهَا بِإِزَاءِ الْعَدُوّ , وَجَاءَتْ الطَّائِفَة الْأُولَى الَّتِي صَلَّتْ مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّكْعَة الْأُولَى إِلَى مَقَامهَا الَّتِي كَانَتْ صَلَّتْ فِيهِ خَلْف رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَضَتْ بَقِيَّة صَلَاتهَا . ذِكْر الرِّوَايَة بِذَلِكَ : 8186 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْمَلِك بْن أَبِي الشَّوَارِب , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَاحِد بْن زِيَاد , قَالَ : ثنا خُصَيْف , قَالَ : ثنا أَبُو عُبَيْدَة بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه : (صَلَّى بِنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاة الْخَوْف فَقَامَتْ طَائِفَة مِنَّا خَلْفه , وَطَائِفَة بِإِزَاءِ - أَوْ مُسْتَقْبِلِي - الْعَدُوّ . فَصَلَّى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاَلَّذِينَ خَلْفه رَكْعَة , ثُمَّ نَكَصُوا فَذَهَبُوا إِلَى مَقَام أَصْحَابهمْ , وَجَاءَ الْآخَرُونَ فَقَامُوا خَلْف النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَصَلَّى بِهِمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَة , ثُمَّ سَلَّمَ رَسُول اللَّه , ثُمَّ قَامَ هَؤُلَاءِ فَصَلَّوْا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَة , ثُمَّ ذَهَبُوا فَقَامُوا مَقَام أَصْحَابهمْ مُسْتَقْبِلِي الْعَدُوّ , وَرَجَعَ الْآخَرُونَ إِلَى مَقَامهمْ فَصَلَّوْا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَة. )* - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا اِبْن فُضَيْل , قَالَ : ثنا خُصَيْف , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : صَلَّى بِنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاة الْخَوْف , فَذَكَرَ نَحْوه . * - حَدَّثَنَا تَمِيم بْن الْمُنْتَصِر , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْحَاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا شَرِيك , عَنْ خُصَيْف , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوه . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانَتْ الطَّائِفَة الثَّانِيَة الَّتِي صَلَّتْ مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّكْعَة الثَّانِيَة لَا تَقْضِي بَقِيَّة صَلَاتهَا بَعْد مَا يُسَلِّم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صَلَاته , وَلَكِنَّهَا كَانَتْ تَمْضِي قَبْل أَنْ تَقْضِيَ بَقِيَّة صَلَاتهَا , فَتَقِف مَوْقِف أَصْحَابهَا الَّذِينَ صَلَّوْا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّكْعَة الْأُولَى , وَتَجِيء الطَّائِفَة الْأُولَى إِلَى مَوْقِفهَا الَّذِي صَلَّتْ فِيهِ رَكْعَتهَا الْأُولَى مَعَ رَسُول اللَّه فَتَقْضِي رَكْعَتهَا الَّتِي كَانَتْ بَقِيَتْ عَلَيْهَا مِنْ صَلَاتهَا , فَقَالَ بَعْضهمْ : كَانَتْ تَقْضِي تِلْكَ الرَّكْعَة بِغَيْرِ قِرَاءَة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانَتْ تَقْضِي بِقِرَاءَةٍ , فَإِذَا قَضَتْ رَكْعَتهَا الْبَاقِيَة عَلَيْهَا هُنَالِكَ وَسَلَّمَتْ مَضَتْ إِلَى مَصَافّ أَصْحَابهَا بِإِزَاءِ الْعَدُوّ , وَأَقْبَلَتْ الطَّائِفَة الَّتِي صَلَّتْ مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّكْعَة الثَّانِيَة إِلَى مَقَامهَا الَّذِي صَلَّتْ فِيهِ مَعَ رَسُول اللَّه الرَّكْعَة الثَّانِيَة مِنْ صَلَاة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَضَتْ الرَّكْعَة الثَّانِيَة صَلَاتهَا بِقِرَاءَةٍ , فَإِذَا فَرَغَتْ وَسَلَّمَتْ اِنْصَرَفَتْ إِلَى أَصْحَابهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8187 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حَمَّاد , عَنْ إِبْرَاهِيم فِي صَلَاة الْخَوْف , قَالَ : (يَصُفّ صَفًّا خَلْفه وَصَفًّا بِإِزَاءِ الْعَدُوّ فِي غَيْر مُصَلَّاهُ , فَيُصَلِّي بِالصَّفِّ الَّذِي خَلْفه رَكْعَة , ثُمَّ يَذْهَبُونَ إِلَى مَصَافّ أُولَئِكَ , وَجَاءَ أُولَئِكَ الَّذِينَ بِإِزَاءِ الْعَدُوّ فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَة , ثُمَّ يُسَلِّم عَلَيْهِمْ , وَقَدْ صَلَّى هُوَ رَكْعَتَيْنِ , وَصَلَّى كُلّ صَفّ رَكْعَة , ثُمَّ قَامَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ إِلَى مَصَافّ أُولَئِكَ الَّذِينَ بِإِزَاءِ الْعَدُوّ , فَقَامُوا مَقَامهمْ , وَجَاءُوا فَقَضَوْا الرَّكْعَة , ثُمَّ ذَهَبُوا فَقَامُوا مَقَام أُولَئِكَ الَّذِينَ بِإِزَاءِ الْعَدُوّ , وَجَاءَ أُولَئِكَ فَصَلَّوْا رَكْعَة . قَالَ سُفْيَان : فَيَكُون لِكُلِّ إِنْسَان رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ. )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , وَحَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا زَيْد جَمِيعًا , عَنْ سُفْيَان , قَالَ : كَانَ إِبْرَاهِيم يَقُول فِي صَلَاة الْخَوْف , فَذَكَرَ نَحْوه . 8188 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب , مِثْل ذَلِكَ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كُلّ طَائِفَة مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ تَقْضِي صَلَاتهَا عَلَى مَا أَمْكَنَهَا مِنْ غَيْر تَضْيِيع مِنْهُمْ بَعْضهَا. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8189 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ يُونُس بْن عُبَيْد , عَنْ الْحَسَن : (أَنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ صَلَاة الْخَوْف بِأَصْبَهَان إِذْ غَزَاهَا , قَالَ : فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ مِنْ الْقَوْم رَكْعَة , وَطَائِفَة تَحْرُس , فَنَكَصَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَة وَخَلَفَهُمْ الْآخَرُونَ , فَقَامُوا مَقَامهمْ , فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَة , ثُمَّ سَلَّمَ , فَقَامَتْ كُلّ طَائِفَة فَصَلَّتْ رَكْعَة . )* - حَدَّثَنَا عِمْرَان بْن مُوسَى الْقَزَّاز , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَارِث , قَالَ : حَدَّثَنَا يُونُس , عَنْ الْحَسَن , عَنْ أَبِي مُوسَى , بِنَحْوِهِ. 8190 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُعَاذ بْن هِشَام , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة وَيُونُس بْن جُبَيْر , قَالَا : (صَلَّى أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ بِأَصْحَابِهِ بِأَصْبَهَان , وَمَا بِهِمْ يَوْمئِذٍ خَوْف , وَلَكِنَّهُ أَحَبَّ أَنْ يُعَلِّمهُمْ صَلَاتهمْ , فَصَفَّهُمْ صَفَّيْنِ , صَفًّا خَلْفه وَصَفًّا مُوَاجِهَة الْعَدُوّ مُقْبِلِينَ عَلَى عَدُوّهُمْ , فَصَلَّى بِاَلَّذِينَ يَلُونَهُ رَكْعَة , ثُمَّ ذَهَبُوا إِلَى مَصَافّ أَصْحَابهمْ , وَجَاءَ أُولَئِكَ فَصَفَّهُمْ خَلْفه , فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَة , ثُمَّ سَلَّمَ فَقَضَى هَؤُلَاءِ رَكْعَة وَهَؤُلَاءِ رَكْعَة , ثُمَّ سَلَّمَ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض , فَكَانَتْ لِلْإِمَامِ رَكْعَتَيْنِ فِي جَمَاعَة وَلَهُمْ رَكْعَة رَكْعَة . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة عَنْ أَبِي مُوسَى مِثْله . 8191 - حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَيُّوب , عَنْ نَافِع , عَنْ اِبْن عُمَر أَنَّهُ قَالَ فِي صَلَاة الْخَوْف : (يُصَلِّي طَائِفَة مِنْ الْقَوْم رَكْعَة , وَطَائِفَة تَحْرُس , ثُمَّ يَنْطَلِق هَؤُلَاءِ الَّذِينَ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَة حَتَّى يَقُومُوا مَقَام أَصْحَابهمْ , ثُمَّ يَجِيء أُولَئِكَ فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَة , ثُمَّ يُسَلِّم فَتَقُوم كُلّ طَائِفَة فَتُصَلِّي رَكْعَة . )* - حَدَّثَنَا نَصْر بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه , عَنْ نَافِع , عَنْ اِبْن عُمَر بِنَحْوِهِ . * - حَدَّثَنِي عِمْرَان بْن بَكَّار الْكُلَاعِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن صَالِح , قَالَ : ثنا أَنَّ عَيَّاش , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه عَنْ نَافِع , عَنْ اِبْن عُمَر , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى صَلَاة الْخَوْف , فَذَكَرَ نَحْو . * - حَدَّثَنَا سَعِيد بْن يَحْيَى الْأُمَوِيّ , قَالَ : ثنا أَبِي , قَالَ : ثنا اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيّ , عَنْ سَالِم , عَنْ اِبْن عُمَر أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّث : أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ سَالِم , عَنْ اِبْن عُمَر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بِنَحْوِهِ . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ عَبْد اللَّه بْن نَافِع , عَنْ نَافِع , عَنْ اِبْن عُمَر , قَالَ : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاة الْخَوْف : ( يَقُوم الْأَمِير وَطَائِفَة مِنْ النَّاس فَيَسْجُدُونَ سَجْدَة وَاحِدَة , وَتَكُون طَائِفَة مِنْهُمْ بَيْنهمْ وَبَيْن الْعَدُوّ | )ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن هَارُون الْحَرْبِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو الْمُغِيرَة الْحِمْصِيّ , قَالَ : ثنا الْأَوْزَاعِيّ , عَنْ أَيُّوب بْن مُوسَى , عَنْ نَافِع , عَنْ اِبْن عُمَر , أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلَاة الْخَوْف بِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَة , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه . 8192 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَإِذَا كُنْت فِيهِمْ فَأَقَمْت لَهُمْ الصَّلَاة } . .. إِلَى قَوْله : { فَلْيُصَلُّوا مَعَك } فَإِنَّهُ كَانَتْ تَأْخُذ طَائِفَة مِنْهُمْ السِّلَاح فَيُقْبِلُونَ عَلَى الْعَدُوّ , وَالطَّائِفَة الْأُخْرَى يُصَلُّونَ مَعَ الْإِمَام رَكْعَة ثُمَّ يَأْخُذُونَ أَسْلِحَتهمْ , فَيَسْتَقْبِلُونَ الْعَدُوّ , وَيَرْجِع أَصْحَابهمْ فَيُصَلُّونَ مَعَ الْإِمَام رَكْعَة فَيَكُون لِلْإِمَامِ رَكْعَتَانِ وَلِسَائِرِ النَّاس رَكْعَة وَاحِدَة , ثُمَّ يَقْضُونَ رَكْعَة أُخْرَى , وَهَذَا تَمَام الصَّلَاة . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي صَلَاة الْخَوْف , وَالْعَدُوّ يَوْمئِذٍ فِي ظَهْر الْقِبْلَة بَيْن الْمُسْلِمِينَ وَبَيْن الْقِبْلَة , فَكَانَتْ الصَّلَاة الَّتِي صَلَّى بِهِمْ يَوْمئِذٍ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاة الْخَوْف , إِذْ كَانَ الْعَدُوّ بَيْن الْإِمَام وَالْقِبْلَة . ذِكْر الْأَخْبَار الْمَنْقُولَة بِذَلِكَ : 8193 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثني يُونُس بْن بُكَيْر , عَنْ النَّضْر أَبِي عُمَر , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (خَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاة , فَلَقِيَ الْمُشْرِكِينَ بِعُسْفَانَ , فَلَمَّا صَلَّى الظُّهْر فَرَأَوْهُ يَرْكَع وَيَسْجُد هُوَ وَأَصْحَابه , قَالَ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ يَوْمئِذٍ : كَانَ فُرْصَة لَكُمْ لَوْ أَغَرْتُمْ عَلَيْهِمْ مَا عَلِمُوا بِكُمْ حَتَّى تُوَاقِعُوهُمْ , قَالَ قَائِل مِنْهُمْ : فَإِنَّ لَهُمْ صَلَاة أُخْرَى هِيَ أَحَبّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلهمْ وَأَمْوَالهمْ , فَاسْتَعِدُّوا حَتَّى تُغِيرُوا عَلَيْهِمْ فِيهَا ! فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيّه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام : { وَإِذَا كُنْت فِيهِمْ فَأَقَمْت لَهُمْ الصَّلَاة } . .. إِلَى آخِر الْآيَة , وَأَعْلَمَهُ مَا اِئْتَمَرَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ . فَلَمَّا صَلَّى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَصْر وَكَانُوا قُبَالَته فِي الْقِبْلَة فَجَعَلَ الْمُسْلِمِينَ خَلْفه صَفَّيْنِ فَكَبَّرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَبَّرُوا جَمِيعًا , ثُمَّ رَكَعَ وَرَكَعُوا مَعَهُ جَمِيعًا ; فَلَمَّا سَجَدَ سَجَدَ مَعَهُ الصَّفّ الَّذِينَ يَلُونَهُ , وَقَامَ الصَّفّ الَّذِينَ خَلْفهمْ مُقْبِلِينَ عَلَى الْعَدُوّ ; فَلَمَّا فَرَغَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سُجُوده وَقَامَ , سَجَدَ الصَّفّ الثَّانِي , ثُمَّ قَامُوا وَتَأَخَّرَ الَّذِينَ يَلُونَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقَدَّمَ الْآخَرُونَ , فَكَانُوا يَلُونَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَمَّا رَكَعَ رَكَعُوا مَعَهُ جَمِيعًا , ثُمَّ رَفَعَ فَرَفَعُوا مَعَهُ , ثُمَّ سَجَدَ فَسَجَدَ مَعَهُ الَّذِينَ يَلُونَهُ , وَقَامَ الصَّفّ الثَّانِي مُقْبِلِينَ عَلَى الْعَدُوّ , فَلَمَّا فَرَغَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سُجُوده , وَقَعَدَ الَّذِينَ يَلُونَهُ سَجَدَ الصَّفّ الْمُؤَخَّر ثُمَّ قَعَدُوا , فَتَشَهَّدُوا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمِيعًا , فَلَمَّا سَلَّمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا , فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمْ الْمُشْرِكُونَ يَسْجُد بَعْضهمْ وَيَقُوم بَعْضهمْ يَنْظُر إِلَيْهِمْ , قَالُوا : لَقَدْ أُخْبِرُوا بِمَا أَرَدْنَا ! )8194 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا الْحَكَم بْن بَشِير , قَالَ : ثنا عُمَر بْن ذَرّ , قَالَ : ثني مُجَاهِد , قَالَ : كَانَ النَّبِيّ بِعُسْفَانَ , وَالْمُشْرِكُونَ بِضَجَنَان , بِالْمَاءِ الَّذِي يَلِي مَكَّة , فَلَمَّا صَلَّى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْر فَرَأَوْهُ سَجَدَ وَسَجَدَ النَّاس , قَالُوا : إِذَا صَلَّى صَلَاة بَعْد هَذِهِ أَغَرْنَا عَلَيْهِ ! فَحَذَّرَهُ اللَّه ذَلِكَ , فَقَامَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاة , فَكَبَّرَ وَكَبَّرَ النَّاس مَعَهُ , فَذَكَرَ نَحْوه . 8195 - حَدَّثَنِي عِمْرَان بْن بَكَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن صَالِح , قَالَ ثنا اِبْن عَيَّاش , قَالَ : أَخْبَرَنِي عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر , عَنْ أَبِي الزُّبَيْر , عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : كُنْت مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَقِينَا الْمُشْرِكِينَ بِنَخْل , فَكَانُوا بَيْننَا وَبَيْن الْقِبْلَة , فَلَمَّا حَضَرَتْ الظُّهْر صَلَّى بِنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ جَمِيع , فَلَمَّا فَرَغْنَا تَذَامَرَ الْمُشْرِكُونَ فَقَالُوا : لَوْ كُنَّا حَمَلْنَا عَلَيْهِمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : فَإِنَّ لَهُمْ صَلَاة يَنْتَظِرُونَهَا تَأْتِي الْآن هِيَ أَحَبّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَبْنَائِهِمْ , فَإِذَا صَلَّوْا فَمِيلُوا عَلَيْهِمْ ! قَالَ : فَجَاءَ جِبْرِيل إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخَبَرِ وَعَلَّمَهُ كَيْفَ يُصَلِّي , فَلَمَّا حَضَرَتْ الْعَصْر قَامَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يَلِي الْعَدُوّ , وَقُمْنَا خَلْفه صَفَّيْنِ , فَكَبَّرَ نَبِيّ اللَّه وَكَبَّرْنَا مَعَهُ جَمِيعًا , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن مَعْمَر , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن مَسْعَدَة , عَنْ هِشَام بْن أَبِي عَبْد اللَّه , عَنْ أَبِي الزُّبَيْر , عَنْ جَابِر , عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ . * - حَدَّثَنَا مُؤَمِّل بْن هِشَام , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم , عَنْ هِشَام , عَنْ أَبِي الزُّبَيْر , عَنْ جَابِر , قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَذَكَرَ نَحْوه . 8196 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَبْد الْحَمِيد , قَالَ : ثنا عَبْد الْعَزِيز بْن عَبْد الصَّمَد , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ أَبِي عَيَّاش الزُّرَقِيّ , قَالَ : (كُنَّا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُسْفَانَ , فَصَلَّى بِنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاة الظُّهْر وَعَلَى الْمُشْرِكِينَ خَالِد بْن الْوَلِيد , فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : لَقَدْ أَصَبْنَا مِنْهُمْ غِرَّة ! وَلَقَدْ أَصَبْنَا مِنْهُمْ غَفْلَة ! فَأَنْزَلَ اللَّه صَلَاة الْخَوْف بَيْن الظُّهْر وَالْعَصْر , فَصَلَّى بِنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاة الْعَصْر , يَعْنِي فِرْقَتَيْنِ : فِرْقَة تُصَلِّي مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَفِرْقَة تُصَلِّي خَلْفهمْ يَحْرُسُونَهُمْ , ثُمَّ كَبَّرَ فَكَبَّرُوا جَمِيعًا وَرَكَعُوا جَمِيعًا , ثُمَّ سَجَدَ بِاَلَّذِينَ يَلُونَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ قَامَ فَتَقَدَّمَ الْآخَرُونَ فَسَجَدُوا , ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ بِهِمْ جَمِيعًا , ثُمَّ سَجَدَ بِاَلَّذِينَ يَلُونَهُ حَتَّى تَأَخَّرَ هَؤُلَاءِ فَقَامُوا فِي مَصَافّ أَصْحَابهمْ , ثُمَّ تَقَدَّمَ الْآخَرُونَ فَسَجَدُوا , ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ ; فَكَانَتْ لِكُلِّهِمْ رَكْعَتَيْنِ مَعَ إِمَامهمْ . وَصَلَّى مَرَّة أُخْرَى فِي أَرْض بَنِي سُلَيْم . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : فَتَأَمَّلْ الْآيَة عَلَى قَوْل هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَالُوا هَذِهِ الْمَقَالَة , وَرَوَوْا هَذِهِ الرِّوَايَة : وَإِذَا كُنْت يَا مُحَمَّد فِيهِمْ , يَعْنِي فِي أَصْحَابك خَائِفًا , فَأَقَمْت لَهُمْ الصَّلَاة , فَلْتَقُمْ طَائِفَة مِنْهُمْ مَعَك ; يَعْنِي مِمَّنْ دَخَلَ مَعَك فِي صَلَاتك , { فَإِذَا سَجَدُوا } , يَقُول : فَإِذَا سَجَدَتْ هَذِهِ الطَّائِفَة بِسُجُودِك , وَرَفَعَتْ رُءُوسهَا مِنْ سُجُودهَا { فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ } يَقُول : فَلْيَصِرْ مِنْ خَلْفك , خَلْف الطَّائِفَة الَّتِي حَرَسَتْك وَإِيَّاهُمْ إِذَا سَجَدْت بِهِمْ وَسَجَدُوا مَعَك . { وَلْتَأْتِ طَائِفَة أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا } يَعْنِي الطَّائِفَة الْحَارِسَة الَّتِي صَلَّتْ مَعَهُ غَيْر أَنَّهَا لَمْ تَسْجُد بِسُجُودِهِ , فَمَعْنَى قَوْله : { لَمْ يُصَلُّوا } عَلَى مَذْهَب هَؤُلَاءِ : لَمْ يَسْجُدُوا بِسُجُودِك : { فَلْيُصَلُّوا مَعَك } يَقُول : فَلْيَسْجُدُوا بِسُجُودِك إِذَا سَجَدْت , وَيَحْرُسك وَإِيَّاهُمْ الَّذِينَ سَجَدُوا بِسُجُودِك فِي الرَّكْعَة الْأُولَى. { وَلْيَأْخُذُوا حِذْرهمْ وَأَسْلِحَتهمْ } يَعْنِي الْحَارِسَة . وَأَوْلَى الْأَقْوَال الَّتِي ذَكَرْنَاهَا بِتَأْوِيلِ الْآيَة قَوْل مَنْ قَالَ مَعْنَى ذَلِكَ : فَإِذَا سَجَدَتْ الطَّائِفَة الَّتِي قَامَتْ مَعَك فِي صَلَاتهَا , { فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ } يَعْنِي مِنْ خَلْفك وَخَلْف مَنْ يَدْخُل فِي صَلَاتك مِمَّنْ لَمْ يُصَلِّ مَعَك الرَّكْعَة الْأُولَى بِإِزَاءِ الْعَدُوّ بَعْد فَرَاغهَا مِنْ بَقِيَّة صَلَاتهَا , { وَلْتَأْتِ طَائِفَة أُخْرَى } وَهِيَ الطَّائِفَة الَّتِي كَانَتْ بِإِزَاءِ الْعَدُوّ لَمْ يُصَلُّوا , يَقُول : لَمْ يُصَلُّوا مَعَك الرَّكْعَة الْأُولَى { فَلْيُصَلُّوا مَعَك } يَقُول : فَلْيُصَلُّوا مَعَك الرَّكْعَة الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْك . { وَلْيَأْخُذُوا حِذْرهمْ وَأَسْلِحَتهمْ } لِقِتَالِ عَدُوّهُمْ بَعْد مَا يَفْرُغُونَ مِنْ صَلَاتهمْ ; وَذَلِكَ نَظِير الْخَبَر الَّذِي رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ فَعَلَهُ يَوْم ذَات الرِّقَاع , وَالْخَبَر الَّذِي رَوَى سَهْل بْن أَبِي حَثْمَة . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَة , لِأَنَّ اللَّه عَزَّ ذِكْره قَالَ : { وَإِذَا كُنْت فِيهِمْ فَأَقَمْت لَهُمْ الصَّلَاة } وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى أَنَّ إِقَامَتهَا إِتْمَامهَا بِرُكُوعِهَا وَسُجُودهَا , وَدَلَّلْنَا مَعَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ قَوْله : { فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاة إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا } إِنَّمَا هُوَ إِذْن بِالْقَصْرِ مِنْ رُكُوعهَا وَسُجُودهَا فِي حَال شِدَّة الْخَوْف . فَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ كَانَ بَيِّنًا أَنْ لَا وَجْه لِتَأْوِيلِ مَنْ تَأَوَّلَ ذَلِكَ أَنَّ الطَّائِفَة الْأُولَى إِذَا سَجَدَتْ مَعَ الْإِمَام فَقَدْ اِنْقَضَتْ صَلَاتهَا , لِقَوْلِهِ : { فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ } لِاحْتِمَالِ ذَلِكَ مِنْ الْمَعَانِي مَا ذُكِرَتْ قَبْل , وَلِأَنَّهُ لَا دَلَالَة فِي الْآيَة عَلَى أَنَّ الْقَصْر الَّذِي ذُكِرَ فِي الْآيَة قَبْلهَا عَنَى بِهِ الْقَصْر مِنْ عَدَد الرَّكَعَات . وَإِذْ كَانَ لَا وَجْه لِذَلِكَ , فَقَوْل مَنْ قَالَ : أُرِيدَ بِذَلِكَ التَّقَدُّم وَالتَّأَخُّر فِي الصَّلَاة عَلَى نَحْو صَلَاة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُسْفَانَ أَبْعَد , وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ يَقُول : { وَلْتَأْتِ طَائِفَة أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَك } وَكِلْتَا الطَّائِفَتَيْنِ قَدْ كَانَتْ صَلَّتْ مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَته الْأُولَى فِي صَلَاته بِعُسْفَانَ , وَمُحَال أَنْ تَكُون الَّتِي صَلَّتْ مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ الَّتِي لَمْ تُصَلِّ مَعَهُ . فَإِنْ ظَنَّ ظَانّ أَنَّهُ أُرِيدَ بِقَوْلِهِ : { لَمْ يُصَلُّوا } : لَمْ يَسْجُدُوا , فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْر الظَّاهِر الْمَفْهُوم مِنْ مَعَانِي الصَّلَاة , وَإِنَّمَا تَوَجَّهَ مَعَانِي كَلَام اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِلَى الْأَظْهَر وَالْأَشْهَر مِنْ وُجُوههمَا مَا لَمْ يَمْنَع مِنْ ذَلِكَ مَا يَجِب التَّسْلِيم لَهُ . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْآيَة أَمْر مِنْ اللَّه عَزَّ ذِكْره لِلطَّائِفَةِ الْأُولَى بِتَأْخِيرِ قَضَاء مَا بَقِيَ عَلَيْهَا مِنْ صَلَاتهَا إِلَى فَرَاغ الْإِمَام مِنْ بَقِيَّة صَلَاته , وَلَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ بِإِزَاءِ الْعَدُوّ فِي اِشْتِغَالهَا بِقَضَاءِ ذَلِكَ ضَرَر , لَمْ يَكُنْ لِأَمْرِهَا بِتَأْخِيرِ ذَلِكَ وَانْصِرَافهَا قَبْل قَضَاء بَاقِي صَلَاتهَا عَنْ مَوْضِعهَا مَعْنًى . غَيْر أَنَّ الْأَمْر وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ , فَإِنَّا نَرَى أَنَّ مَنْ صَلَّاهَا مِنْ الْأَئِمَّة فَوَافَقَتْ صَلَاته بَعْض الْوُجُوه الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّاهَا , فَصَلَاته مُجْزِئَة عَنْهُ تَامَّة لِصِحَّةِ الْأَخْبَار بِكُلِّ ذَلِكَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَنَّهُ مِنْ الْأُمُور الَّتِي عَلَّمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّته ثُمَّ أَبَاحَ لَهُمْ الْعَمَل بِأَيِّ ذَلِكَ شَاءُوا .|وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً|وَأَمَّا قَوْله : { وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتكُمْ وَأَمْتِعَتكُمْ } فَإِنَّهُ يَعْنِي : تَمَنَّى الَّذِينَ كَفَرُوا بِاَللَّهِ , لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتكُمْ وَأَمْتِعَتكُمْ , يَقُول : لَوْ تَشْتَغِلُونَ بِصَلَاتِكُمْ عَنْ أَسْلِحَتكُمْ الَّتِي تُقَاتِلُونَهُمْ بِهَا , وَعَنْ أَمْتِعَتكُمْ الَّتِي بِهَا بَلَاغكُمْ فِي أَسْفَاركُمْ فَتَسْهُونَ عَنْهَا . { فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَة وَاحِدَة } يَقُول : فَيَحْمِلُونَ عَلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ مَشَاغِيل بِصَلَاتِكُمْ عَنْ أَسْلِحَتكُمْ وَأَمْتِعَتكُمْ جُمْلَة وَاحِدَة , فَيُصِيبُونَ مِنْكُمْ غِرَّة بِذَلِكَ فَيَقْتُلُونَكُمْ , وَيَسْتَبِيحُونَ عَسْكَركُمْ . يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ فَلَا تَفْعَلُوا ذَلِكَ بَعْد هَذَا , فَتَشْتَغِلُوا جَمِيعكُمْ بِصَلَاتِكُمْ إِذَا حَضَرَتْكُمْ صَلَاتكُمْ وَأَنْتُمْ مُوَاقِفُو الْعَدُوّ , فَتُمَكِّنُوا عَدُوّكُمْ مِنْ أَنْفُسكُمْ وَأَسْلِحَتكُمْ وَأَمْتِعَتكُمْ وَلَكِنْ أَقِيمُوا الصَّلَاة عَلَى مَا بَيَّنْت لَكُمْ , وَخُذُوا مِنْ عَدُوّكُمْ حِذْركُمْ وَأَسْلِحَتكُمْ .|وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَر أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتكُمْ وَخُذُوا حِذْركُمْ } . </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ } وَلَا حَرَج عَلَيْكُمْ وَلَا إِثْم , { إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَر } يَقُول : إِنْ نَالَكُمْ مِنْ مَطَر تُمْطَرُونَهُ وَأَنْتُمْ مُوَاقِفُو عَدُوّكُمْ . { أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى } يَقُول : جَرْحَى أَوْ أَعِلَّاء . { أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتكُمْ } إِنْ ضَعُفْتُمْ عَنْ حَمْلهَا , وَلَكِنْ إِنْ وَضَعْتُمْ أَسْلِحَتكُمْ مِنْ أَذَى مَطَر أَوْ مَرَض , فَخُذُوا مِنْ عَدُوّكُمْ حِذْركُمْ , يَقُول : اِحْتَرِسُوا مِنْهُمْ أَنْ يَمِيلُوا عَلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ عَنْهُمْ غَافِلُونَ غَارُّونَ . وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ قَوْله : { أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى } نَزَلَ فِي عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف , وَكَانَ جَرِيحًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8197 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاس بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْن مُسْلِم , عَنْ س

فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِذَا قَضَيْتُمْ الصَّلَاة فَاذْكُرُوا اللَّه قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبكُمْ } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَإِذَا فَرَغْتُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ مِنْ صَلَاتكُمْ , وَأَنْتُمْ مُوَاقِفُو عَدُوّكُمْ الَّتِي بَيَّنَّاهَا لَكُمْ , فَاذْكُرُوا اللَّه عَلَى كُلّ أَحْوَالكُمْ قِيَامًا وَقُعُودًا , وَمُضْطَجِعِينَ عَلَى جُنُوبكُمْ بِالتَّعْظِيمِ لَهُ , وَالدُّعَاء لِأَنْفُسِكُمْ بِالظَّفَرِ عَلَى عَدُوّكُمْ , لَعَلَّ اللَّه أَنْ يُظْفِركُمْ وَيَنْصُركُمْ عَلَيْهِمْ . وَذَلِكَ نَظِير قَوْله : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَة فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّه كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [8 45 ]. وَكَمَا : 8198 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : ( { فَاذْكُرُوا اللَّه قِيَامًا } يَقُول : لَا يَفْرِض اللَّه عَلَى عِبَاده فَرِيضَة إِلَّا جَعَلَ لَهَا جَزَاء مَعْلُومًا. ثُمَّ عَذَرَ أَهْلهَا فِي حَال عُذْر غَيْر الذِّكْر , فَإِنَّ اللَّه لَمْ يَجْعَل لَهُ حَدًّا يَنْتَهِي إِلَيْهِ , وَلَمْ يَعْذُر أَحَدًا فِي تَرْكه إِلَّا مَغْلُوبًا عَلَى عَقْله , فَقَالَ : فَاذْكُرُوا اللَّه قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبكُمْ , بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار , فِي الْبَرّ وَالْبَحْر , وَفِي السَّفَر وَالنُّور , وَالْغِنَى وَالْفَقْر , وَالسَّقَم وَالصِّحَّة , وَالسِّرّ وَالْعَلَانِيَة , وَعَلَى كُلّ حَال .)|فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ|وَأَمَّا قَوْله : { فَإِذَا اِطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاة } فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل اِخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى قَوْله : { فَإِذَا اِطْمَأْنَنْتُمْ } : فَإِذَا اِسْتَقْرَرْتُمْ فِي أَوْطَانكُمْ وَأَقَمْتُمْ فِي أَمْصَاركُمْ , { فَأَقِيمُوا } يَعْنِي : فَأَتِمُّوا { الصَّلَاة } الَّتِي أَذِنَ لَكُمْ بِقَصْرِهَا فِي حَال خَوْفكُمْ فِي سَفَركُمْ وَضَرْبكُمْ فِي الْأَرْض. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8199 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ رَجُل , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله ( { فَإِذَا اِطْمَأْنَنْتُمْ } قَالَ الْخُرُوج مِنْ دَار السَّفَر إِلَى دَار الْإِقَامَة. )8200 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله ( { فَإِذَا اِطْمَأْنَنْتُمْ } يَقُول : إِذَا اِطْمَأْنَنْتُمْ فِي أَمْصَاركُمْ فَأَتِمُّوا الصَّلَاة . )وَقَالَ آخَرُونَ مَعْنَى ذَلِكَ : فَإِذَا اِسْتَقْرَرْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاة , أَيْ فَأَتِمُّوا حُدُودهَا بِرُكُوعِهَا وَسُجُودهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8201 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ ( { فَإِذَا اِطْمَأْنَنْتُمْ } قَالَ : فَإِذَا اِطْمَأْنَنْتُمْ بَعْد الْخَوْف . )8202 - وَحَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { فَإِذَا اِطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاة } قَالَ : فَإِذَا اِطْمَأْنَنْتُمْ فَصَلُّوا الصَّلَاة لَا تُصَلِّهَا رَاكِبًا وَلَا مَاشِيًا وَلَا قَاعِدًا . )8203 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { فَإِذَا اِطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاة } قَالَ أَتِمُّوهَا . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . قَالَ أَبُو جَعْفَر وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِتَأْوِيلِ الْآيَة , تَأْوِيل مَنْ تَأَوَّلَهُ : فَإِذَا زَالَ خَوْفكُمْ مِنْ عَدُوّكُمْ وَأَمِنْتُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ وَاطْمَأَنَّتْ أَنْفُسكُمْ بِالْأَمْنِ , فَأَقِيمُوا الصَّلَاة , فَأَتِمُّوهَا بِحُدُودِهَا , الْمَفْرُوضَة عَلَيْكُمْ , غَيْر قَاصِرِيهَا عَنْ شَيْء مِنْ حُدُودهَا . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِالْآيَةِ , لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره عَرَّفَ عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ الْوَاجِب عَلَيْهِمْ مِنْ فَرْض صَلَاتهمْ بِهَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ فِي حَالَيْنِ : إِحْدَاهُمَا شِدَّة حَال خَوْف أَذِنَ لَهُمْ فِيهَا بِقَصْرِ الصَّلَاة , عَلَى مَا بَيَّنْت مِنْ قَصْر حُدُودهَا عَنْ التَّمَام , وَالْأُخْرَى حَال غَيْر شِدَّة الْخَوْف أَمَرَهُمْ فِيهَا بِإِقَامَةِ حُدُودهَا , وَإِتْمَامهَا عَلَى مَا وَصَفَهُ لَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مِنْ مُعَاقَبَة بَعْضهمْ بَعْضًا فِي الصَّلَاة خَلْف أَئِمَّتهمْ , وَحِرَاسَة بَعْضهمْ بَعْضًا مِنْ عَدُوّهُمْ وَهِيَ حَالَة لَا قَصْر فِيهَا , لِأَنَّهُ يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْحَال : وَإِذَا كُنْت فِيهِمْ فَأَقَمْت لَهُمْ الصَّلَاة . فَمَعْلُوم بِذَلِكَ أَنَّ قَوْله : { فَإِذَا اِطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاة } إِنَّمَا هُوَ : فَإِذَا اِطْمَأْنَنْتُمْ مِنْ الْحَالَة الَّتِي لَمْ تَكُونُوا مُقِيمِينَ فِيهَا صَلَاتكُمْ فَأَقِيمُوهَا , وَتِلْكَ حَالَة شِدَّة الْخَوْف , لِأَنَّهُ قَدْ أَمَرَهُمْ بِإِقَامَتِهَا فِي حَال غَيْر شِدَّة الْخَوْف بِقَوْلِهِ : { وَإِذَا كُنْت فِيهِمْ فَأَقَمْت لَهُمْ الصَّلَاة } . . الْآيَة .|إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الصَّلَاة كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا } . </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : أَنَّ الصَّلَاة كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فَرِيضَة مَفْرُوضَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8204 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا اِبْن فُضَيْل , عَنْ فُضَيْل بْن مَرْزُوق , عَنْ عَطِيَّة الْعَوْفِيّ فِي قَوْله : ( { إِنَّ الصَّلَاة كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا } قَالَ : فَرِيضَة مَفْرُوضَة . )8205 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة قَالَ : ثني عَلِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { إِنَّ الصَّلَاة كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا } قَالَ : مَفْرُوضًا , الْمَوْقُوت : الْمَفْرُوض . )8206 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : (أَمَّا كِتَابًا مَوْقُوتًا : فَمَفْرُوضًا . )8207 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد : ( { كِتَابًا مَوْقُوتًا } قَالَ : مَفْرُوضًا . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : إِنَّ الصَّلَاة كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فَرْضًا وَاجِبًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8208 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَبِي رَجَاء , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : ( { إِنَّ الصَّلَاة كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا } قَالَ : كِتَابًا وَاجِبًا . )8209 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله ( { كِتَابًا مَوْقُوتًا } قَالَ وَاجِبًا . )* حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 8210 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ مَعْمَر بْن سَام , عَنْ أَبِي جَعْفَر فِي قَوْله : ( { كِتَابًا مَوْقُوتًا } قَالَ : مُوجِبًا . )8211 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثنا أَبِي , قَالَ ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { إِنَّ الصَّلَاة كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا } وَالْمَوْقُوت : الْوَاجِب . )* - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن حَازِم , قَالَ : ثنا مَعْمَر بْن يَحْيَى , قَالَ سَمِعْت أَبَا جَعْفَر يَقُول : ( { إِنَّ الصَّلَاة كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا } قَالَ : وُجُوبهَا . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : إِنَّ الصَّلَاة كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا مُنَجَّمًا يُؤَدُّونَهَا فِي أَنْجُمهَا. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8212 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : ( { إِنَّ الصَّلَاة كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا } قَالَ : قَالَ اِبْن مَسْعُود : إِنَّ لِلصَّلَاةِ وَقْتًا كَوَقْتِ الْحَجّ . )8213 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ زَيْد بْن أَسْلَم فِي قَوْله : ( { إِنَّ الصَّلَاة كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا } قَالَ : مُنَجَّمًا , كُلَّمَا مَضَى نَجْم جَاءَ نَجْم آخَر , يَقُول : كُلَّمَا مَضَى وَقْت جَاءَ وَقْت آخَر . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي جَعْفَر الرَّازِيّ , عَنْ زَيْد بْن أَسْلَم بِمِثْلِهِ. قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَهَذِهِ الْأَقْوَال قَرِيب مَعْنَى بَعْضهَا مِنْ بَعْض , لِأَنَّ مَا كَانَ مَفْرُوضًا فَوَاجِب , وَمَا كَانَ وَاجِبًا أَدَاؤُهُ فِي وَقْت بَعْد وَقْت فَمُنَجَّم . غَيْر أَنَّ أَوْلَى الْمَعَانِي بِتَأْوِيلِ الْكَلِمَة قَوْل مَنْ قَالَ : إِنَّ الصَّلَاة كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فَرْضًا مُنَجَّمًا , لِأَنَّ الْمَوْقُوت إِنَّمَا هُوَ مَفْعُول مِنْ قَوْل الْقَائِل : وَقَّتَ اللَّه عَلَيْك فَرْضه فَهُوَ يَقِتهُ , فَفَرَضَهُ عَلَيْك مَوْقُوت , إِذَا أَخْبَرَ أَنَّهُ جَعَلَ لَهُ وَقْتًا يَجِب عَلَيْك أَدَاؤُهُ . فَكَذَلِكَ مَعْنَى قَوْله : { إِنَّ الصَّلَاة كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا } إِنَّمَا هُوَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فَرْضًا وَقْت وُجُوب أَدَائِهِ , فَبَيَّنَ ذَلِكَ لَهُمْ .

وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تَهِنُوا فِي اِبْتِغَاء الْقَوْم إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنْ اللَّه مَا لَا يَرْجُونَ } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَلَا تَهِنُوا } : وَلَا تَضْعُفُوا , مِنْ قَوْلهمْ : وَهَنَ فُلَان فِي هَذَا الْأَمْر يَهِن وَهْنًا وَوُهُونًا . وَقَوْله : { فِي اِبْتِغَاء الْقَوْم } : يَعْنِي فِي اِلْتِمَاس الْقَوْم وَطَلَبهمْ , وَالْقَوْم هُمْ أَعْدَاء اللَّه وَأَعْدَاء الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَهْل الشِّرْك بِاَللَّهِ { إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ } يَقُول : إِنْ تَكُونُوا أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ تَيْجَعُونَ مِمَّا يَنَالكُمْ مِنْ الْجِرَاح مِنْهُمْ فِي الدُّنْيَا . { فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ } يَقُول : فَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ يَيْجَعُونَ مِمَّا يَنَالهُمْ مِنْكُمْ مِنْ الْجِرَاح وَالْأَذَى , مِثْل مَا تَيْجَعُونَ أَنْتُمْ مِنْ جِرَاحهمْ وَأَذَاهُمْ فِيهَا . { وَتَرْجُونَ } أَنْتُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ { مِنْ اللَّه } مِنْ الثَّوَاب عَلَى مَا يَنَالكُمْ , { مَا لَا يَرْجُونَ } هُمْ عَلَى مَا يَنَالهُمْ مِنْكُمْ . يَقُول : فَأَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ مِنْ ثَوَاب اللَّه لَكُمْ عَلَى مَا يُصِيبكُمْ مِنْهُمْ بِمَا هُمْ بِهِ مُكَذِّبُونَ , أَوْلَى وَأَحْرَى أَنْ تَصْبِرُوا عَلَى حَرْبهمْ وَقِتَالهمْ مِنْهُمْ عَلَى قِتَالكُمْ وَحَرْبكُمْ وَأَنْ تَجِدُّوا مِنْ طَلَبهمْ وَابْتِغَائِهِمْ لِقِتَالِهِمْ عَلَى مَا يَهِنُونَ هُمْ فِيهِ وَلَا يَجِدُّونَ , فَكَيْفَ عَلَى مَا جَدُّوا فِيهِ وَلَمْ يَهِنُوا ؟ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8214 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { وَلَا تَهِنُوا فِي اِبْتِغَاء الْقَوْم إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ } هُمْ , { فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ } يَقُول لَا تَضْعُفُوا فِي طَلَب الْقَوْم , فَإِنَّكُمْ إِنْ تَكُونُوا تَيْجَعُونَ , فَإِنَّهُمْ يَيْجَعُونَ كَمَا تَيْجَعُونَ , وَتَرْجُونَ مِنْ اللَّه مِنْ الْأَجْر وَالثَّوَاب مَا لَا يَرْجُونَ . )8215 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَلَا تَهِنُوا فِي اِبْتِغَاء الْقَوْم إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ } قَالَ : يَقُول : لَا تَضْعُفُوا فِي طَلَب الْقَوْم , فَإِنْ تَكُونُوا تَيْجَعُونَ مِنْ الْجِرَاحَات , فَإِنَّهُمْ يَيْجَعُونَ كَمَا تَيْجَعُونَ . )8216 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَلَا تَهِنُوا فِي اِبْتِغَاء الْقَوْم } : لَا تَضْعُفُوا . )8217 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , قَوْله : ( { وَلَا تَهِنُوا } يَقُول : لَا تَضْعُفُوا . )8218 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَلَا تَهِنُوا فِي اِبْتِغَاء الْقَوْم } قَالَ : يَقُول : لَا تَضْعُفُوا عَنْ اِبْتِغَائِهِمْ , { إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ } الْقِتَال , { فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ } قَالَ : وَهَذَا قَبْل أَنْ تُصِيبهُمْ الْجِرَاح إِنْ كُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الْقِتَال فَتَأْلَمُونَهُ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ , { وَتَرْجُونَ مِنْ اللَّه مَا لَا يَرْجُونَ } يَقُول : فَلَا تَضْعُفُوا فِي اِبْتِغَائِهِمْ مَكَان الْقِتَال . )8219 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ } : تَوْجَعُونَ. )8220 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : ( { إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ } قَالَ : تَوْجَعُونَ لِمَا يُصِيبكُمْ مِنْهُمْ , فَإِنَّهُمْ يَوْجَعُونَ كَمَا تَوْجَعُونَ . { وَتَرْجُونَ } أَنْتُمْ مِنْ الثَّوَاب فِيمَا يُصِيبكُمْ { مَا لَا يَرْجُونَ } . )8221 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا حَفْص بْن عُمَر , قَالَ : ثنا الْحَكَم بْن أَبَان , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (لَمَّا كَانَ قِتَال أُحُد , وَأَصَابَ الْمُسْلِمِينَ مَا أَصَابَ , صَعِدَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَبَل , فَجَاءَ أَبُو سُفْيَان فَقَالَ : يَا مُحَمَّد لَا جُرْح إِلَّا بِجُرْحٍ , الْحَرْب سِجَال , يَوْم لَنَا وَيَوْم لَكُمْ ! فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ : | أَجِيبُوهُ | ! فَقَالُوا : لَا سَوَاء , قَتْلَانَا فِي الْجَنَّة , وَقَتْلَاكُمْ فِي النَّار . فَقَالَ أَبُو سُفْيَان : عُزَّى لَنَا وَلَا عُزَّى لَكُمْ . فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | قُولُوا لَهُ : اللَّه مَوْلَانَا وَلَا مَوْلَى لَكُمْ | . قَالَ أَبُو سُفْيَان : أُعْلُ هُبَل ! أُعْلُ هُبَل ! فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | قُولُوا لَهُ : اللَّه أَعْلَى وَأَجَلّ | . فَقَالَ أَبُو سُفْيَان : مَوْعِدنَا وَمَوْعِدكُمْ بَدْر الصُّغْرَى . وَنَامَ الْمُسْلِمُونَ وَبِهِمْ الْكُلُوم . قَالَ عِكْرِمَة : وَفِيهَا أُنْزِلَتْ : { إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْح فَقَدْ مَسَّ الْقَوْم قَرْح مِثْله وَتِلْكَ الْأَيَّام نُدَاوِلهَا بَيْن النَّاس } [3 140 ]وَفِيهِمْ أُنْزِلَتْ . { إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنْ اللَّه مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّه عَلِيمًا حَكِيمًا } . )8222 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : ( { إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ } قَالَ : يَيْجَعُونَ كَمَا تَيْجَعُونَ . )وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ بَعْضهمْ أَنَّهُ كَانَ يَتَأَوَّل قَوْله : { وَتَرْجُونَ مِنْ اللَّه مَا لَا يَرْجُونَ } : وَتَخَافُونَ مِنْ اللَّه مَا لَا يَخَافُونَ , مِنْ قَوْل اللَّه : { قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّام اللَّه } [45 14 ]بِمَعْنَى : لَا يَخَافُونَ أَيَّام اللَّه . وَغَيْر مَعْرُوف صَرْف الرَّجَاء إِلَى مَعْنَى الْخَوْف فِي كَلَام الْعَرَب , إِلَّا مَعَ جَحْد سَابِق لَهُ , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا } [71 13 ]بِمَعْنَى : لَا تَخَافُونَ لِلَّهِ عَظَمَة , وَكَمَا قَالَ الشَّاعِر الْهُذَلِيّ : <br>لَا تَرْتَجِي حِين تُلَاقِي الذَّائِدَا .......... أَسَبْعَة لَاقَتْ مَعًا أَمْ وَاحِدَا <br>وَكَمَا قَالَ أَبُو ذُؤَيْب : <br>إِذَا لَسَعَتْهُ النَّحْل لَمْ يَرْجُ لَسْعهَا .......... وَخَالَفَهَا فِي بَيْت نُوَب عَوَاسِل <br>وَهِيَ فِيمَا بَلَغَنَا لُغَة أَهْل الْحِجَاز , يَقُولُونَهَا بِمَعْنَى : مَا أُبَالِي وَمَا أَحْفِل .|وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَكَانَ اللَّه عَلِيمًا حَكِيمًا } : </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَلَمْ يَزَلْ اللَّه عَلِيمًا بِمَصَالِح خَلْقه , حَكِيمًا فِي تَدْبِيره وَتَقْدِيره , وَمِنْ عِلْمه أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِمَصَالِحِكُمْ عَرَّفَكُمْ عِنْد حُضُور صَلَاتكُمْ , وَوَاجِبِ فَرْضِ اللَّهِ عَلَيْكُمْ , وَأَنْتُمْ مُوَاقِفُو عَدُوّكُمْ مَا يَكُون بِهِ وُصُولكُمْ إِلَى أَدَاء فَرْض اللَّه عَلَيْكُمْ , وَالسَّلَامَة مِنْ عَدُوّكُمْ وَمِنْ حِكْمَته بَصَّرَكُمْ بِمَا فِيهِ تَأْيِيدكُمْ , وَتَوْهِين كَيْد عَدُوّكُمْ .

إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْك الْكِتَاب بِالْحَقِّ لِتَحْكُم بَيْن النَّاس بِمَا أَرَاك اللَّه وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْك الْكِتَاب بِالْحَقِّ لِتَحْكُم بَيْن النَّاس بِمَا أَرَاك اللَّه } : إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْك يَا مُحَمَّد الْكِتَاب , يَعْنِي الْقُرْآن , { لِتَحْكُم بَيْن النَّاس } لِتَقْضِيَ بَيْن النَّاس , فَتَفْصِل بَيْنهمْ { بِمَا أَرَاك اللَّه } يَعْنِي : بِمَا أَنْزَلَ اللَّه إِلَيْك مِنْ كِتَابه . { وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا } يَقُول : وَلَا تَكُنْ لِمَنْ خَانَ مُسْلِمًا أَوْ مُعَاهَدًا فِي نَفْسه أَوْ مَاله , خَصِيمًا تُخَاصِم عَنْهُ , وَتَدْفَع عَنْهُ مَنْ طَالَبَهُ بِحَقِّهِ الَّذِي خَانَهُ فِيهِ . وَذُكِرَ أَنَّ الْخَائِنِينَ الَّذِينَ عَاتَبَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خُصُومَته عَنْهُمْ بَنُو أُبَيْرِق . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي خِيَانَته الَّتِي كَانَتْ مِنْهُ فَوَصَفَهُ اللَّه بِهَا , فَقَالَ بَعْضهمْ : كَانَتْ سَرِقَة سَرَقَهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8223 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : ( { إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْك الْكِتَاب بِالْحَقِّ لِتَحْكُم بَيْن النَّاس بِمَا أَرَاك اللَّه } ... إِلَى قَوْله : { وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ اِبْتِغَاء مَرْضَات اللَّه } فِيمَا بَيْن ذَلِكَ فِي طُعْمَة بْن أُبَيْرِق وَدِرْعه مِنْ حَدِيد الَّتِي سَرَقَ , وَقَالَ أَصْحَابه مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لِلنَّبِيِّ : اعْذِرْهُ فِي النَّاس بِلِسَانِك ! وَرَمَوْا بِالدِّرْعِ رَجُلًا مِنْ يَهُود بَرِيئًا . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , نَحْوه . 8224 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن أَبِي شُعَيْب أَبُو مُسْلِم الْحَرَّانِيّ , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن سَلَمَة , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ عَاصِم بْن عُمَر بْن قَتَادَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدّه قَتَادَة بْن النُّعْمَان , قَالَ : (كَانَ أَهْل بَيْت مِنَّا يُقَال لَهُمْ بَنُو أُبَيْرِق : بِشْر وَبُشَيْر وَمُبَشِّر , وَكَانَ بُشَيْر رَجُلًا مُنَافِقًا , وَكَانَ يَقُول الشِّعْر يَهْجُو بِهِ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَنْحَلهُ إِلَى بَعْض الْعَرَب , ثُمَّ يَقُول : قَالَ فُلَان كَذَا , وَقَالَ فُلَان كَذَا , فَإِذَا سَمِعَ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الشِّعْر , قَالُوا : وَاَللَّه مَا يَقُول هَذَا الشِّعْر إِلَّا هَذَا الْخَبِيث , فَقَالَ : <br>أَوَكُلَّمَا قَالَ الرِّجَال قَصِيدَة .......... أَضِمُوا وَقَالُوا اِبْن الْأُبَيْرِق قَالَهَا <br>قَالَ : وَكَانُوا أَهْل بَيْت فَاقَة وَحَاجَة فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام , وَكَانَ النَّاس إِنَّمَا طَعَامهمْ بِالْمَدِينَةِ التَّمْر وَالشَّعِير , وَكَانَ الرَّجُل إِذَا كَانَ لَهُ يَسَار فَقَدِمَتْ ضَافِطَة مِنْ الشَّام بِالدَّرْمَك , اِبْتَاعَ الرَّجُل مِنْهُمْ , فَخَصَّ بِهِ نَفْسه , فَأَمَّا الْعِيَال : فَإِنَّمَا طَعَامهمْ التَّمْر وَالشَّعِير . فَقَدِمَتْ ضَافِطَة مِنْ الشَّام , فَابْتَاعَ عَمِّي رِفَاعَة بْن زَيْد حِمْلًا مِنْ الدَّرْمَك , فَجَعَلَهُ فِي مَشْرَبَة لَهُ , وَفِي الْمَشْرَبَة سِلَاح لَهُ : دِرْعَانِ وَسَيْفَاهُمَا وَمَا يُصْلِحهُمَا . فَعُدِيَ عَلَيْهِ مِنْ تَحْت اللَّيْل , فَنُقِبَتْ الْمَشْرَبَة , وَأُخِذَ الطَّعَام وَالسِّلَاح. فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَانِي عَمِّي رِفَاعَة فَقَالَ : يَا اِبْن أَخِي تَعَلَّمْ أَنَّهُ قَدْ عُدِيَ عَلَيْنَا فِي لَيْلَتنَا هَذِهِ , فَنُقِبَتْ مَشْرَبَتنَا , فَذُهِبَ بِسِلَاحِنَا وَطَعَامنَا . قَالَ : فَتَجَسَّسْنَا فِي الدَّار وَسَأَلْنَا , فَقِيلَ لَنَا : قَدْ رَأَيْنَا بَنِي أُبَيْرِق اِسْتَوْقَدُوا فِي هَذِهِ اللَّيْلَة , وَلَا نَرَى فِيمَا نَرَاهُ إِلَّا عَلَى بَعْض طَعَامكُمْ. قَالَ : وَقَدْ كَانَ بَنُو أُبَيْرِق قَالُوا وَنَحْنُ نَسْأَل فِي الدَّار : وَاَللَّه مَا نَرَى صَاحِبكُمْ إِلَّا لَبِيد بْن سَهْم ! رَجُل مِنَّا لَهُ صَلَاح وَإِسْلَام. فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ لَبِيد اِخْتَرَطَ سَيْفه , ثُمَّ أَتَى بَنِي أُبَيْرِق فَقَالَ : وَاَللَّه لَيُخَالِطَنَّكُمْ هَذَا السَّيْف أَوْ لَتُبَيِّنُنَّ هَذِهِ السَّرِقَة ! قَالُوا : إِلَيْك عَنَّا أَيّهَا الرَّجُل , فَوَاَللَّهِ مَا أَنْتَ بِصَاحِبِهَا ! فَسَأَلْنَا فِي الدَّار حَتَّى لَمْ نَشُكّ أَنَّهُمْ أَصْحَابهَا , فَقَالَ عَمِّي : يَا اِبْن أَخِي , لَوْ أَتَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْت ذَلِكَ . قَالَ قَتَادَة : فَأَتَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ , فَقُلْت . يَا رَسُول اللَّه , إِنَّ أَهْل بَيْت مِنَّا أَهْل جَفَاء , عَمَدُوا إِلَى عَمِّي رِفَاعَة فَنَقَبُوا مَشْرَبَة لَهُ , وَأَخَذُوا سِلَاحه وَطَعَامه , فَلْيَرُدُّوا عَلَيْنَا سِلَاحنَا , فَأَمَّا الطَّعَام فَلَا حَاجَة لَنَا فِيهِ . فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | سَأَنْظُرُ فِي ذَلِكَ | . فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ بَنُو أُبَيْرِق أَتَوْا رَجُلًا مِنْهُمْ يُقَال لَهُ أُسَيْر بْن عُرْوَة , فَكَلَّمُوهُ فِي ذَلِكَ , وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَاس مِنْ أَهْل الدَّار , فَأَتَوْا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالُوا : يَا رَسُول اللَّه , إِنَّ قَتَادَة بْن النُّعْمَان وَعَمّه عَمَدُوا إِلَى أَهْل بَيْت مِنَّا أَهْل إِسْلَام وَصَلَاح يَرْمُونَهُمْ بِالسَّرِقَةِ مِنْ غَيْر بَيِّنَة وَلَا ثَبَت . قَالَ قَتَادَة : فَأَتَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمْته , فَقَالَ : | عَمَدْت إِلَى أَهْل بَيْت ذُكِرَ مِنْهُمْ إِسْلَام وَصَلَاح تَرْمِيهِمْ بِالسَّرِقَةِ عَلَى غَيْر بَيِّنَة وَلَا ثَبَت ! | . قَالَ : فَرَجَعْت وَلَوَدِدْت أَنِّي خَرَجْت مِنْ بَعْض مَالِي وَلَمْ أُكَلِّم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ . فَأَتَيْت عَمِّي رِفَاعَة , فَقَالَ : يَا اِبْن أَخِي مَا صَنَعْت ؟ فَأَخْبَرْته بِمَا قَالَ لِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : اللَّه الْمُسْتَعَان. فَلَمْ نَلْبَث أَنْ نَزَلَ الْقُرْآن : { إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْك الْكِتَاب بِالْحَقِّ لِتَحْكُم بَيْن النَّاس بِمَا أَرَاك اللَّه وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا } يَعْنِي : بَنِي أُبَيْرِق , { وَاسْتَغْفِرْ اللَّه } أَيْ مِمَّا قُلْت لِقَتَادَةَ , { إِنَّ اللَّه كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا وَلَا تُجَادِل عَنْ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسهمْ } أَيْ بَنِي أُبَيْرِق { إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا يَسْتَخْفُونَ مِنْ النَّاس } . .. إِلَى قَوْله : { ثُمَّ يَسْتَغْفِر اللَّه يَجِد اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا } : أَيْ أَنَّهُمْ إِنْ يَسْتَغْفِرُوا اللَّه يَغْفِر لَهُمْ , { وَمَنْ يَكْسِب إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبهُ عَلَى نَفْسه وَكَانَ اللَّه عَلِيمًا حَكِيمًا وَمَنْ يَكْسِب خَطِيئَة أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدْ اِحْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا } قَوْلهمْ لِلَبِيد : { وَلَوْلَا فَضْل اللَّه عَلَيْك وَرَحْمَته لَهَمَّتْ طَائِفَة مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوك } يَعْنِي أُسَيْرًا وَأَصْحَابه. { وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسهمْ وَمَا يَضُرُّونَك مِنْ شَيْء وَأَنْزَلَ اللَّه عَلَيْك الْكِتَاب وَالْحِكْمَة } . .. إِلَى قَوْله : { فَسَوْفَ نُؤْتِيه أَجْرًا عَظِيمًا } فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآن أُتِيَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسِّلَاحِ , فَرَدَّهُ إِلَى رِفَاعَة . قَالَ قَتَادَة : فَلَمَّا أَتَيْت عَمِّي بِالسِّلَاحِ وَكَانَ شَيْخًا قَدْ عَسَا فِي الْجَاهِلِيَّة , وَكُنْت أَرَى إِسْلَامه مَدْخُولًا ; فَلَمَّا أَتَيْته بِالسِّلَاحِ , قَالَ : يَا اِبْن أَخِي , هُوَ فِي سَبِيل اللَّه . قَالَ : فَعَرَفْت أَنَّ إِسْلَامه كَانَ صَحِيحًا . فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآن لَحِقَ بُشَيْر بِالْمُشْرِكِينَ فَنَزَلَ عَلَى سُلَافَة بِنْت سَعْد بْن سَهْل , فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِ { وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُول مِنْ بَعْد مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِع غَيْر سَبِيل الْمُؤْمِنِينَ } . .. إِلَى قَوْله : { وَمَنْ يُشْرِك بِاَللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا } . فَلَمَّا نَزَلَ عَلَى سُلَافَة رَمَاهَا حَسَّان بْن ثَابِت بِأَبْيَاتٍ مِنْ شِعْر . فَأَخَذَتْ رَحْله فَوَضَعَتْهُ عَلَى رَأْسهَا ثُمَّ خَرَجَتْ فَرَمَتْهُ بِالْأَبْطُحِ , ثُمَّ قَالَتْ : أَهْدَيْت إِلَيَّ شِعْر حَسَّان ! مَا كُنْت تَأْتِينِي بِخَيْرٍ . )8225 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْك الْكِتَاب بِالْحَقِّ لِتَحْكُم بَيْن النَّاس بِمَا أَرَاك اللَّه } يَقُول : بِمَا أَنْزَلَ اللَّه عَلَيْك وَبَيَّنَ لَك , { وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا } فَقَرَأَ إِلَى قَوْله : { إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا } . ذُكِرَ لَنَا أَنَّ هَؤُلَاءِ الْآيَات أُنْزِلَتْ فِي شَأْن طُعْمَة بْن أُبَيْرِق وَفِيمَا هَمَّ بِهِ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عُذْره , وَبَيَّنَ اللَّه شَأْن طُعْمَة بْن أُبَيْرِق , وَوَعَظَ نَبِيّه وَحَذَّرَهُ أَنْ يَكُون لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا . وَكَانَ طُعْمَة بْن أُبَيْرِق رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَار , ثُمَّ أَحَد بَنِي ظَفَر , سَرَقَ دِرْعًا لِعَمِّهِ كَانَتْ وَدِيعَة عِنْده , ثُمَّ قَذَفَهَا عَلَى يَهُودِيّ كَانَ يَغْشَاهُمْ , يُقَال لَهُ زَيْد بْن السَّمِين , فَجَاءَ الْيَهُودِيّ إِلَى نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهْتِف , فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَوْمه بَنُو ظَفَر جَاءُوا إِلَى نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَعْذِرُوا صَاحِبهمْ , وَكَانَ نَبِيّ اللَّه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَدْ هَمَّ بِعُذْرِهِ , حَتَّى أَنْزَلَ اللَّه فِي شَأْنه مَا أَنْزَلَ , فَقَالَ : { وَلَا تُجَادِل عَنْ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسهمْ } إِلَى قَوْله : { هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِل اللَّه عَنْهُمْ يَوْم الْقِيَامَة } يَعْنِي بِذَلِكَ قَوْمه , { وَمَنْ يَكْسِب خَطِيئَة أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدْ اِحْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا } , وَكَانَ طُعْمَة قَذَفَ بِهَا بَرِيئًا . فَلَمَّا بَيَّنَ اللَّه شَأْن طُعْمَة نَافَقَ وَلَحِقَ بِالْمُشْرِكِينَ بِمَكَّة , فَأَنْزَلَ اللَّه فِي شَأْنه : { وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُول مِنْ بَعْد مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِع غَيْر سَبِيل الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّم وَسَاءَتْ مَصِيرًا } . )8226 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : ( { إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْك الْكِتَاب بِالْحَقِّ لِتَحْكُم بَيْن النَّاس بِمَا أَرَاك اللَّه وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا } وَذَلِكَ أَنَّ نَفَرًا مِنْ الْأَنْصَار غَزَوْا مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْض غَزَوَاته , فَسُرِقَتْ دِرْع لِأَحَدِهِمْ , فَأَظَنَّ بِهَا رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَار , فَأَتَى صَاحِب الدِّرْع رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : إِنَّ طُعْمَة بْن أُبَيْرِق سَرَقَ دِرْعِي . فَأُتِيَ بِهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَمَّا رَأَى السَّارِق ذَلِكَ , عَمَدَ إِلَيْهَا فَأَلْقَاهَا فِي بَيْت رَجُل بَرِيء , وَقَالَ لِنَفَرٍ مِنْ عَشِيرَته : إِنِّي قَدْ غَيَّبْت الدِّرْع وَأَلْقَيْتهَا فِي بَيْت فُلَان , وَسَتُوجَدُ عِنْده. فَانْطَلَقُوا إِلَى نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلًا , فَقَالُوا : يَا نَبِيّ اللَّه إِنَّ صَاحِبنَا بَرِيء , وَإِنَّ سَارِق الدِّرْع فُلَان , وَقَدْ أُحِطْنَا بِذَلِكَ عِلْمًا , فَاعْذِرْ صَاحِبنَا عَلَى رُءُوس النَّاس وَجَادِلْ عَنْهُ , فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يَعْصِمهُ اللَّه بِك يَهْلِك ! فَقَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَرَّأَهُ وَعَذَرَهُ عَلَى رُءُوس النَّاس , فَأَنْزَلَ اللَّه : { إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْك الْكِتَاب بِالْحَقِّ لِتَحْكُم بَيْن النَّاس بِمَا أَرَاك اللَّه وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا } يَقُول : اُحْكُمْ بَيْنهمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّه إِلَيْك فِي الْكِتَاب , { وَاسْتَغْفِرْ اللَّه إِنَّ اللَّه كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا وَلَا تُجَادِل عَنْ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسهمْ } . .. . الْآيَة , ثُمَّ قَالَ لِلَّذِينَ أَتَوْا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلًا : { يَسْتَخْفُونَ مِنْ النَّاس وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنْ اللَّه } ... . إِلَى قَوْله : { أَمْ مَنْ يَكُون عَلَيْهِمْ وَكِيلًا } يَعْنِي الَّذِينَ أَتَوْا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَخْفِينَ بِالْكَذِبِ . ثُمَّ قَالَ : { وَمَنْ يَكْسِب خَطِيئَة أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدْ اِحْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا } يَعْنِي : السَّارِق وَاَلَّذِينَ يُجَادِلُونَ عَنْ السَّارِق . )8227 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْك الْكِتَاب بِالْحَقِّ لِتَحْكُم بَيْن النَّاس بِمَا أَرَاك اللَّه } ... الْآيَة . قَالَ : كَانَ رَجُل سَرَقَ دِرْعًا مِنْ حَدِيد فِي زَمَان النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَرَحَهُ عَلَى يَهُودِيّ , فَقَالَ الْيَهُودِيّ : وَاَللَّه مَا سَرَقْتهَا يَا أَبَا الْقَاسِم , وَلَكِنْ طُرِحَتْ عَلَيَّ ! وَكَانَ لِلرَّجُلِ الَّذِي سَرَقَ جِيرَان يُبَرِّئُونَهُ وَيَطْرَحُونَهُ عَلَى الْيَهُودِيّ وَيَقُولُونَ : يَا رَسُول اللَّه , إِنَّ هَذَا الْيَهُودِيّ الْخَبِيث يَكْفُر بِاَللَّهِ وَبِمَا جِئْت بِهِ ! قَالَ : حَتَّى مَالَ عَلَيْهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعْضِ الْقَوْل , فَعَاتَبَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ , فَقَالَ : { إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْك الْكِتَاب بِالْحَقِّ لِتَحْكُم بَيْن النَّاس بِمَا أَرَاك اللَّه وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا وَاسْتَغْفِرْ اللَّه } بِمَا قُلْت لِهَذَا الْيَهُودِيّ , { إِنَّ اللَّه كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا } . ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى جِيرَانه فَقَالَ { هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ : { أَمَّنْ يَكُون عَلَيْهِمْ وَكِيلًا } . قَالَ : ثُمَّ عَرَضَ التَّوْبَة فَقَالَ : { وَمَنْ يَعْمَل سُوءًا أَوْ يَظْلِم نَفْسه ثُمَّ يَسْتَغْفِر اللَّه يَجِد اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا وَمَنْ يَكْسِب إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبهُ عَلَى نَفْسه } فَمَا أَدْخَلَكُمْ أَنْتُمْ أَيّهَا النَّاس عَلَى خَطِيئَة هَذَا تُكَلِّمُونَ دُونه . { وَكَانَ اللَّه عَلِيمًا حَكِيمًا وَمَنْ يَكْسِب خَطِيئَة أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا } وَإِنْ كَانَ مُشْرِكًا . { فَقَدْ اِحْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا } فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ إِلَى قَوْله : { وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُول مِنْ بَعْد مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى } قَالَ : أَبَى أَنْ يَقْبَل التَّوْبَة الَّتِي عَرَضَ اللَّه لَهُ. وَخَرَجَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ بِمَكَّة , فَنَقَبَ بَيْتًا لِيَسْرِقهُ , فَهَدَمَهُ اللَّه عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ ; فَذَلِكَ قَوْله : { وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُول مِنْ بَعْد مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى } فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ : { وَسَاءَتْ مَصِيرًا } . وَيُقَال : هُوَ طُعْمَة بْن أُبَيْرِق , وَكَانَ نَازِلًا فِي بَنِي ظَفَر . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الْخِيَانَة الَّتِي وَصَفَ اللَّه بِهَا مَنْ وَصَفَهُ بِقَوْلِهِ : { وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا } جُحُوده وَدِيعَة كَانَ أُودِعَهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8228 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْك الْكِتَاب بِالْحَقِّ لِتَحْكُم بَيْن النَّاس بِمَا أَرَاك اللَّه وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا } قَالَ : أَمَّا | مَا أَرَاك اللَّه | : فَمَا أَوْحَى اللَّه إِلَيْك ; قَالَ : نَزَلَتْ فِي طُعْمَة بْن أُبَيْرِق , وَاسْتَوْدَعَهُ رَجُل مِنْ الْيَهُود دِرْعًا , فَانْطَلَقَ بِهَا إِلَى دَاره , فَحَفَرَ لَهَا الْيَهُودِيّ ثُمَّ دَفَنَهَا , فَخَالَفَ إِلَيْهَا طُعْمَة , فَاحْتَفَرَ عَنْهَا , فَأَخَذَهَا . فَلَمَّا جَاءَ الْيَهُودِيّ يَطْلُب دِرْعه كَافَرَهُ عَنْهَا , فَانْطَلَقَ إِلَى نَاس مِنْ الْيَهُود مِنْ عَشِيرَته , فَقَالَ : اِنْطَلِقُوا مَعِي , فَإِنِّي أَعْرِف وَضْع الدِّرْع ! فَلَمَّا عَلِمَ بِهِمْ طُعْمَة , أَخَذَ الدِّرْع فَأَلْقَاهَا فِي دَار أَبِي مُلَيْل الْأَنْصَارِيّ , فَلَمَّا جَاءَتْ الْيَهُود تَطْلُب الدِّرْع فَلَمَّا تَقْدِر عَلَيْهَا , وَقَعَ بِهِ طُعْمَة وَأُنَاس مِنْ قَوْمه , فَسَبُّوهُ , وَقَالَ أَتُخَوِّنُونَنِي ؟ فَانْطَلَقُوا يَطْلُبُونَهَا فِي دَاره , فَأَشْرَفُوا عَلَى بَيْت أَبِي مُلَيْل , فَإِذَا هُمْ بِالدِّرْعِ , وَقَالَ طُعْمَة : أَخَذَهَا أَبُو مُلَيْل . وَجَادَلَتْ الْأَنْصَار دُون طُعْمَة , وَقَالَ لَهُمْ : اِنْطَلِقُوا مَعِي إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُولُوا لَهُ يَنْضَح عَنِّي وَيُكَذِّب حُجَّة الْيَهُودِيّ , فَإِنِّي إِنْ أُكَذَّب كَذَبَ عَلَى أَهْل الْمَدِينَة الْيَهُودِيّ . فَأَتَاهُ أُنَاس مِنْ الْأَنْصَار فَقَالُوا : يَا رَسُول اللَّه جَادِلْ عَنْ طُعْمَة وَأَكْذِب الْيَهُودِيّ ! فَهَمَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَفْعَل , فَأَنْزَلَ اللَّه عَلَيْهِ : { وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا وَاسْتَغْفِرْ اللَّه } مِمَّا أَرَدْت { إِنَّ اللَّه كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا وَلَا تُجَادِل عَنْ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسهمْ إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا } . ثُمَّ ذَكَرَ الْأَنْصَار . وَمُجَادَلَتهمْ عَنْهُ , فَقَالَ : { يَسْتَخْفُونَ مِنْ النَّاس وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنْ اللَّه وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنْ الْقَوْل } يَقُول : يَقُولُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنْ الْقَوْل , { هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِل اللَّه عَنْهُمْ يَوْم الْقِيَامَة } . ثُمَّ دَعَا إِلَى التَّوْبَة , فَقَالَ : { وَمَنْ يَعْمَل سُوءًا أَوْ يَظْلِم نَفْسه ثُمَّ يَسْتَغْفِر اللَّه يَجِد اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا } . ثُمَّ ذَكَرَ قَوْله حِين قَالَ أَخَذَهَا أَبُو مُلَيْل فَقَالَ : { وَمَنْ يَكْسِب إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبهُ عَلَى نَفْسه . .. وَمَنْ يَكْسِب خَطِيئَة أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدْ اِحْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا } . ثُمَّ ذَكَرَ الْأَنْصَار وَإِتْيَانهمْ إِيَّاهُ أَنْ يَنْضَح عَنْ صَاحِبهمْ وَيُجَادِل عَنْهُ فَقَوْله : { لَهَمَّتْ طَائِفَة مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوك وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسهمْ وَمَا يَضُرُّونَك مِنْ شَيْء وَأَنْزَلَ اللَّه عَلَيْك الْكِتَاب وَالْحِكْمَة } يَقُول : النُّبُوَّة . ثُمَّ ذَكَرَ مُنَاجَاتهمْ فِيمَا يُرِيدُونَ أَنْ يُكَذِّبُوا عَنْ طُعْمَة , فَقَالَ : { لَا خَيْر فِي كَثِير مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوف أَوْ إِصْلَاح بَيْن النَّاس } . فَلَمَّا فَضَحَ اللَّه طُعْمَة بِالْمَدِينَةِ بِالْقُرْآنِ , هَرَبَ حَتَّى أَتَى مَكَّة , فَكَفَرَ بَعْد إِسْلَامه. وَنَزَلَ عَلَى الْحَجَّاج بْن عِلَاط السُّلَمِيّ , فَنَقَبَ بَيْت الْحَجَّاج فَأَرَادَ أَنْ يَسْرِقهُ , فَسَمِعَ الْحَجَّاج خَشْخَشَة فِي بَيْته وَقَعْقَعَة جُلُود كَانَتْ عِنْده , فَنَظَرَ فَإِذَا هُوَ بِطُعْمَة , فَقَالَ : ضَيْفِي وَابْن عَمِّي وَأَرَدْت أَنْ تَسْرِقنِي ؟ ! فَأَخْرَجَهُ فَمَاتَ بِحَرَّةِ بَنِي سُلَيْم كَافِرًا , وَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِ : { وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُول مِنْ بَعْد مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِع غَيْر سَبِيل الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى } . .. إِلَى : { وَسَاءَتْ مَصِيرًا } . )8229 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : (اِسْتَوْدَعَ رَجُل مِنْ الْأَنْصَار طُعْمَة بْن أُبَيْرِق مَشْرَبَة لَهُ فِيهَا دِرْع , وَخَرَجَ فَغَابَ . فَلَمَّا قَدِمَ الْأَنْصَارِيّ فَتَحَ مَشْرَبَته فَلَمْ يَجِد الدِّرْع , فَسَأَلَ عَنْهَا طُعْمَة بْن أُبَيْرِق , فَرَمَى بِهَا رَجُلًا مِنْ الْيَهُود يُقَال لَهُ زَيْد بْن السَّمِين . فَتَعَلَّقَ صَاحِب الدِّرْع بِطُعْمَة فِي دِرْعه ; فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَوْمه أَتَوْا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَكَلَّمُوهُ لِيَدْرَأ عَنْهُ فَهَمَّ بِذَلِكَ , فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْك الْكِتَاب بِالْحَقِّ لِتَحْكُم بَيْن النَّاس بِمَا أَرَاك اللَّه وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا وَاسْتَغْفِرْ اللَّه إِنَّ اللَّه كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا وَلَا تُجَادِل عَنْ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسهمْ } يَعْنِي طُعْمَة بْن أُبَيْرِق وَقَوْمه , { هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِل اللَّه عَنْهُمْ يَوْم الْقِيَامَة أَمَّنْ يَكُون عَلَيْهِمْ وَكِيلًا } مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْم طُعْمَة . { وَمَنْ يَعْمَل سُوءًا أَوْ يَظْلِم نَفْسه ثُمَّ يَسْتَغْفِر اللَّه يَجِد اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا } مُحَمَّد وَطُعْمَة وَقَوْمه , قَالَ : { وَمَنْ يَكْسِب إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبهُ عَلَى نَفْسه }. .. الْآيَة , طُعْمَة . { وَمَنْ يَكْسِب خَطِيئَة أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا } يَعْنِي : زَيْد بْن السَّمِين , { فَقَدْ اِحْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا } طُعْمَة بْن أُبَيْرِق . { وَلَوْلَا فَضْل اللَّه عَلَيْك وَرَحْمَته } يَا مُحَمَّد , { لَهَمَّتْ طَائِفَة مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوك وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسهمْ وَمَا يَضُرُّونَك مِنْ شَيْء } قَوْم طُعْمَة بْن أُبَيْرِق . { وَأَنْزَلَ اللَّه عَلَيْك الْكِتَاب وَالْحِكْمَة وَعَلَّمَك مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَم وَكَانَ فَضْل اللَّه عَلَيْك عَظِيمًا } مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . { لَا خَيْر فِي كَثِير مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوف } حَتَّى تَنْقَضِي الْآيَة لِلنَّاسِ عَامَّة . { وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُول مِنْ بَعْد مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِع غَيْر سَبِيل الْمُؤْمِنِينَ } . .. الْآيَة . قَالَ : لَمَّا نَزَلَ الْقُرْآن فِي طُعْمَة بْن أُبَيْرِق لَحِقَ بِقُرَيْشٍ وَرَجَعَ فِي دِينه , ثُمَّ عَدَا عَلَى مَشْرَبَة لِلْحَجَّاجِ بْن عِلَاط الْبَهْزِيّ ثُمَّ السُّلَمِيّ حَلِيف لِبَنِي عَبْد الدَّار , فَنَقَبَهَا , فَسَقَطَ عَلَيْهِ حَجَر فَلَحِجَ . فَلَمَّا أَصْبَحَ أَخْرَجُوهُ مِنْ مَكَّة , فَخَرَجَ فَلَقِيَ , رَكْبًا مِنْ بَهْرَاء مِنْ قُضَاعَة , فَعَرَضَ لَهُمْ , فَقَالَ : اِبْن سَبِيل مُنْقَطِع بِهِ ! فَحَمَلُوهُ حَتَّى إِذَا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْل عَدَا عَلَيْهِمْ فَسَرَقَهُمْ , ثُمَّ اِنْطَلَقَ فَرَجَعُوا فِي طَلَبه فَأَدْرَكُوهُ , فَقَذَفُوهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى مَاتَ . قَالَ اِبْن جُرَيْج : فَهَذِهِ الْآيَات كُلّهَا فِيهِ نَزَلَتْ إِلَى قَوْله : { إِنَّ اللَّه لَا يَغْفِر أَنْ يُشْرَك بِهِ وَيَغْفِر مَا دُون ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء } أُنْزِلَتْ فِي طُعْمَة بْن أُبَيْرِق , يَقُولُونَ : إِنَّهُ رَمَى بِالدِّرْعِ فِي دَار أَبِي مُلَيْل بْن عَبْد اللَّه الْخَزْرَجِيّ , فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآن لَحِقَ بِقُرَيْشٍ , فَكَانَ مِنْ أَمْره مَا كَانَ . )8230 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , ثنا عُبَيْد بْن سَلْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { لِتَحْكُم بَيْن النَّاس بِمَا أَرَاك اللَّه } يَقُول : بِمَا أَنْزَلَ عَلَيْك وَأَرَاكه فِي كِتَابه . وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي رَجُل مِنْ الْأَنْصَار اسْتُودِعَ دِرْعًا فَجَحَدَ صَاحِبهَا , فَخَوَّنَهُ رِجَال مِنْ أَصْحَاب نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَغَضِبَ لَهُ قَوْمه , وَأَتَوْا نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَالُوا : خَوَّنُوا صَاحِبنَا وَهُوَ أَمِين مُسْلِم , فَاعْذِرْهُ يَا نَبِيّ اللَّه وَازْجُرْ عَنْهُ ! فَقَامَ نَبِيّ اللَّه فَعَذَرَهُ وَكَذَّبَ عَنْهُ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ بَرِيء وَأَنَّهُ مَكْذُوب عَلَيْهِ , فَأَنْزَلَ اللَّه بَيَان ذَلِكَ فَقَالَ : { إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْك الْكِتَاب بِالْحَقِّ لِتَحْكُم بَيْن النَّاس بِمَا أَرَاك اللَّه } ... إِلَى قَوْله : { أَمْ مَنْ يَكُون عَلَيْهِمْ وَكِيلًا } فَبَيَّنَ اللَّه خِيَانَته . فَلَحِقَ بِالْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْل مَكَّة , وَارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَام , فَنَزَلَ فِيهِ : { وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُول مِنْ بَعْد مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى } إِلَى قَوْله : { وَسَاءَتْ مَصِيرًا } . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِر الْآيَة قَوْل مَنْ قَالَ : كَانَتْ خِيَانَته الَّتِي وَصَفَهُ اللَّه بِهَا فِي هَذِهِ الْآيَة جُحُوده مَا أُودِعَ , لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوف مِنْ مَعَانِي الْخِيَانَات فِي كَلَام الْعَرَب ; وَتَوْجِيه تَأْوِيل الْقُرْآن إِلَى الْأَشْهَر مِنْ مَعَانِي كَلَام الْعَرَب مَا وُجِدَ إِلَيْهِ سَبِيل أَوْلَى مِنْ غَيْره .

وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا

{ وَاسْتَغْفِرْ اللَّه } يَا مُحَمَّد وَسَلْهُ أَنْ يَصْفَح لَك عَنْ عُقُوبَة ذَنْبك فِي مُخَاصَمَتك عَنْ الْخَائِن مَنْ خَانَ مَالًا لِغَيْرِهِ.|إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا| { إِنَّ اللَّه كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا } يَقُول : إِنَّ اللَّه لَمْ يَزَلْ يَصْفَح عَنْ ذُنُوب عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ بِتَرْكِهِ عُقُوبَتهمْ عَلَيْهَا , إِذَا اِسْتَغْفَرُوهُ مِنْهَا , رَحِيمًا بِهِمْ , فَافْعَلْ ذَلِكَ أَنْتَ يَا مُحَمَّد , يَغْفِر اللَّه لَك مَا سَلَفَ مِنْ خُصُومَتك عَنْ هَذَا الْخَائِن . وَقَدْ قِيلَ إِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ خَاصَمَ عَنْ الْخَائِن , وَلَكِنَّهُ هَمَّ بِذَلِكَ , فَأَمَرَهُ اللَّه بِالِاسْتِغْفَارِ مِمَّا هَمَّ بِهِ مِنْ ذَلِكَ .

وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تُجَادِل عَنْ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسهمْ } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَلَا تُجَادِل } يَا مُحَمَّد فَتُخَاصِم { عَنْ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسهمْ } يَعْنِي : يُخَوِّنُونَ أَنْفُسهمْ , يَجْعَلُونَهَا خَوَنَة بِخِيَانَتِهِمْ مَا خَانُوا مِنْ أَمْوَال مَنْ خَانُوهُ مَاله وَهُمْ بَنُو أُبَيْرِق , يَقُول : لَا تُخَاصِم عَنْهُمْ مَنْ يُطَالِبهُمْ بِحُقُوقِهِمْ , وَمَا خَانُوهُ فِيهِ مِنْ أَمْوَالهمْ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل , وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْر الرِّوَايَة عَنْهُمْ . 8231 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { وَلَا تُجَادِل عَنْ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسهمْ } قَالَ : اخْتَانَ رَجُل عَمًّا لَهُ دِرْعًا , فَقَذَفَ بِهَا يَهُودِيًّا كَانَ يَغْشَاهُمْ , فَجَادَلَ عَمّ الرَّجُل قَوْمه , فَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَذَرَهُ , ثُمَّ لَحِقَ بِأَرْضِ الشِّرْك , فَنَزَلَتْ فِيهِ : { وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُول مِنْ بَعْد مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى } . .. الْآيَة .)|إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا| { إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا } يَقُول : إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ مَنْ كَانَ مِنْ صِفَته خِيَانَة النَّاس فِي أَمْوَالهمْ , وَرُكُوب الْإِثْم فِي ذَلِكَ وَغَيْره , مِمَّا حَرَّمَهُ اللَّه عَلَيْهِ .

يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَسْتَخْفُونَ مِنْ النَّاس وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنْ اللَّه وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنْ الْقَوْل } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { يَسْتَخْفُونَ مِنْ النَّاس } يَسْتَخْفِي هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسهمْ مَا أُوتُوا مِنْ الْخِيَانَة , وَرَكِبُوا مِنْ الْعَار وَالْمَعْصِيَة مِنْ النَّاس الَّذِي لَا يَقْدِرُونَ لَهُمْ عَلَى شَيْء إِلَّا ذِكْرهمْ بِقَبِيحِ مَا أُوتُوا مِنْ فِعْلهمْ وَشَنِيع مَا رَكِبُوا مِنْ جُرْمهمْ إِذَا اِطَّلَعُوا عَلَيْهِ حَيَاء مِنْهُمْ , وَحَذَرًا مِنْ قَبِيح الْأُحْدُوثَة . { وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنْ اللَّه } الَّذِي هُوَ مُطَّلِع عَلَيْهِمْ , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْ أَعْمَالهمْ , وَبِيَدِهِ الْعِقَاب وَالنَّكَال وَتَعْجِيل الْعَذَاب , وَهُوَ أَحَقّ أَنْ يُسْتَحَيَا مِنْهُ مِنْ غَيْره , وَأَوْلَى أَنْ يُعَظَّم بِأَنْ لَا يَرَاهُمْ حَيْثُ يَكْرَهُونَ أَنْ يَرَاهُمْ أَحَد مِنْ خَلْقه { وَهُوَ مَعَهُمْ } يَعْنِي : وَاَللَّه شَاهِدهمْ , { إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنْ الْقَوْل } يَقُول حِين يُسَوُّونَ لَيْلًا مَا لَا يَرْضَى مِنْ الْقَوْل فَيُغَيِّرُونَهُ عَنْ وَجْهه , وَيَكْذِبُونَ فِيهِ . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى التَّبْيِيت فِي غَيْر هَذَا الْمَوْضِع , وَأَنَّهُ كُلّ كَلَام أَوْ أَمْر أُصْلِحَ لَيْلًا. وَقَدْ حُكِيَ عَنْ بَعْض الطَّائِيِّينَ أَنَّ التَّبْيِيت فِي لُغَتهمْ التَّبْدِيل , وَأَنْشَدَ لِلْأَسْوَدِ بْن عَامِر بْن جُوَيْن الطَّائِيّ فِي مُعَاتَبَة رَجُل : <br>وَبَيَّتَ قَوْلِي عَبْد الْمَلِيك .......... قَاتَلَك اللَّه عَبْدًا كَنُودَا <br>بِمَعْنَى : بَدَّلْت قَوْلِي. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي رَزِين أَنَّهُ كَانَ يَقُول فِي مَعْنَى قَوْله : | يُبَيِّتُونَ | يُؤَلِّفُونَ . 8232 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي رَزِين : ( { إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنْ الْقَوْل } قَالَ : يُؤَلِّفُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنْ الْقَوْل. )* - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن سِنَان الْوَاسِطِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي رَزِين , بِنَحْوِهِ. * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي رَزِين , مِثْله . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَهَذَا الْقَوْل شَبِيه الْمَعْنَى بِاَلَّذِي قُلْنَاهُ , وَذَلِكَ أَنَّ التَّأْلِيف هُوَ التَّسْوِيَة وَالتَّغْيِير عَمَّا هُوَ بِهِ وَتَحْوِيله عَنْ مَعْنَاهُ إِلَى غَيْره . وَقَدْ قِيلَ : عَنَى بِقَوْلِهِ : { يَسْتَخْفُونَ مِنْ النَّاس وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنْ اللَّه } : الرَّهْط الَّذِينَ مَشَوْا إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْأَلَة الْمُدَافَعَة عَنْ بَنِي أُبَيْرِق وَالْجِدَال عَنْهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا قَبْل فِيمَا مَضَى عَنْ اِبْن عَبَّاس وَغَيْره .|وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا| { وَكَانَ اللَّه بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَكَانَ اللَّه بِمَا يَعْمَل هَؤُلَاءِ الْمُسْتَخْفُونَ مِنْ النَّاس فِيمَا أُوتُوا مِنْ جُرْمهمْ حَيَاء مِنْهُمْ مِنْ تَبْيِيتهمْ مَا لَا يَرْضَى مِنْ الْقَوْل وَغَيْره مِنْ أَفْعَالهمْ مُحِيطًا مُحْصِيًا , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْهُ , حَافِظًا لِذَلِكَ عَلَيْهِمْ , حَتَّى يُجَازِيَهُمْ عَلَيْهِ جَزَاءَهُمْ .

هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } هَا أَنْتُمْ الَّذِينَ جَادَلْتُمْ يَا مَعْشَر مَنْ جَادَلَ عَنْ بَنِي أُبَيْرِق فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا . وَالْهَاء وَالْمِيم فِي قَوْله : { عَنْهُمْ } مِنْ ذِكْر الْخَائِنِينَ .|الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ| { فَمَنْ يُجَادِل اللَّه عَنْهُمْ } يَقُول : فَمَنْ ذَا يُخَاصِم اللَّه عَنْهُمْ يَوْم الْقِيَامَة : أَيْ يَوْم يَقُوم النَّاس مِنْ قُبُورهمْ لِمَحْشَرِهِمْ , فَيُدَافِع عَنْهُمْ مَا اللَّه فَاعِل بِهِمْ , وَمُعَاقِبهمْ بِهِ . وَإِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّكُمْ أَيّهَا الْمُدَافِعُونَ عَنْ هَؤُلَاءِ الْخَائِنِينَ أَنْفُسهمْ , وَإِنْ دَافَعْتُمْ عَنْهُمْ فِي عَاجِل الدُّنْيَا , فَإِنَّهُمْ سَيَصِيرُونَ فِي آجِل الْآخِرَة إِلَى مَنْ لَا يُدَافِع عَنْهُمْ عِنْده أَحَد فِيمَا يَحِلّ بِهِمْ مِنْ أَلِيم الْعَذَاب وَنَكَال الْعِقَاب .|الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ|وَأَمَّا قَوْله : { أَمَّنْ يَكُون عَلَيْهِمْ وَكِيلًا } فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَمَنْ ذَا الَّذِي يَكُون عَلَى هَؤُلَاءِ الْخَائِنِينَ وَكِيلًا يَوْم الْقِيَامَة : أَيْ وَمَنْ يَتَوَكَّل لَهُمْ فِي خُصُومَة رَبّهمْ عَنْهُمْ يَوْم الْقِيَامَة . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْوَكَالَة فِيمَا مَضَى وَأَنَّهَا الْقِيَام بِأَمْرِ مَنْ تَوَكَّلَ لَهُ.

وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ يَعْمَل سُوءًا أَوْ يَظْلِم نَفْسه ثُمَّ يَسْتَغْفِر اللَّه يَجِد اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا } . </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَمَنْ يَعْمَل ذَنْبًا , وَهُوَ السُّوء , أَوْ يَظْلِم نَفْسه بِإِكْسَابِهِ إِيَّاهَا مَا يَسْتَحِقّ بِهِ عُقُوبَة اللَّه , { ثُمَّ يَسْتَغْفِر اللَّه } يَقُول : ثُمَّ يَتُوب إِلَى اللَّه بِإِنَابَتِهِ مِمَّا عَمِلَ مِنْ السُّوء وَظُلْم نَفْسه وَمُرَاجَعَته مَا يُحِبّهُ اللَّه مِنْ الْأَعْمَال الصَّالِحَة الَّتِي تَمْحُو ذَنْبه وَتُذْهِب جُرْمه , { يَجِد اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا } يَقُول : يَجِد رَبّه سَاتِرًا عَلَيْهِ ذَنْبه بِصَفْحِهِ لَهُ عَنْ عُقُوبَته جُرْمه , رَحِيمًا بِهِ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِيمَنْ عُنِيَ بِهَذِهِ الْآيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِهَا الَّذِينَ وَصَفَهُمْ اللَّه بِالْخِيَانَةِ بِقَوْلِهِ : { وَلَا تُجَادِل عَنْ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسهمْ } . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِهَا الَّذِينَ يُجَادِلُونَ عَنْ الْخَائِنِينَ , الَّذِينَ قَالَ اللَّه لَهُمْ : { هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } وَقَدْ ذَكَرْنَا قَائِلِي الْقَوْلَيْنِ كِلَيْهِمَا فِيمَا مَضَى . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا أَنَّهُ عُنِيَ بِهَا كُلّ مَنْ عَمِلَ سُوءًا أَوْ ظَلَمَ نَفْسه , وَإِنْ كَانَتْ نَزَلَتْ فِي أَمْر الْخَائِنِينَ وَالْمُجَادِلِينَ عَنْهُمْ الَّذِينَ ذَكَرَ اللَّه أَمْرهمْ فِي الْآيَات قَبْلهَا . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8233 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ شُعْبَة , عَنْ عَاصِم , عَنْ أَبِي وَائِل قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه : (كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيل إِذَا أَصَابَ أَحَدهمْ ذَنْبًا أَصْبَحَ قَدْ كَتَبَ كَفَّارَة ذَلِكَ الذَّنْب عَلَى بَابه , وَإِذَا أَصَابَ الْبَوْل شَيْئًا مِنْهُ قَرَضَهُ بِالْمِقْرَاضِ , فَقَالَ رَجُل : لَقَدْ أَتَى اللَّه بَنِي إِسْرَائِيل خَيْرًا . فَقَالَ عَبْد اللَّه : مَا آتَاكُمْ اللَّه خَيْرًا مِمَّا آتَاهُمْ , جَعَلَ اللَّه الْمَاء لَكُمْ طَهُورًا , وَقَالَ : { وَاَلَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَة أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ ذَكَرُوا اللَّه فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ } [3 135 ]وَقَالَ : { وَمَنْ يَعْمَل سُوءًا أَوْ يَظْلِم نَفْسه ثُمَّ يَسْتَغْفِر اللَّه يَجِد اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا } . )8234 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : ثنا اِبْن عَوْن , عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت , قَالَ : (جَاءَتْ اِمْرَأَة إِلَى عَبْد اللَّه بْن مُغَفَّل , فَسَأَلَتْهُ عَنْ اِمْرَأَة فَجَرَتْ فَحَبِلَتْ , فَلَمَّا وَلَدَتْ قَتَلَتْ وَلَدهَا , فَقَالَ اِبْن مُغَفَّل : مَا لَهَا ؟ لَهَا النَّار ! فَانْصَرَفَتْ وَهِيَ تَبْكِي , فَدَعَاهَا , ثُمَّ قَالَ : مَا أَرَى أَمْرك إِلَّا أَحَد أَمْرَيْنِ : { وَمَنْ يَعْمَل سُوءًا أَوْ يَظْلِم نَفْسه ثُمَّ يَسْتَغْفِر اللَّه يَجِد اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا } قَالَ : فَمَسَحَتْ عَيْنهَا ثُمَّ مَضَتْ. )8235 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَمَنْ يَعْمَل سُوءًا أَوْ يَظْلِم نَفْسه ثُمَّ يَسْتَغْفِر اللَّه يَجِد اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا } قَالَ : أَخْبَرَ اللَّه عِبَاده بِحِلْمِهِ وَعَفْوه وَكَرَمه , وَسَعَة رَحْمَته وَمَغْفِرَته , فَمَنْ أَذْنَبَ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا , ثُمَّ يَسْتَغْفِر اللَّه , يَجِد اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا , وَلَوْ كَانَتْ ذُنُوبه أَعْظَم مِنْ السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال.)

وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ يَكْسِب إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبهُ عَلَى نَفْسه } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَمَنْ يَأْتِ ذَنْبًا عَلَى عَمْد مِنْهُ لَهُ وَمَعْرِفَة بِهِ , فَإِنَّمَا يَجْتَرِح وَبَال ذَلِكَ الذَّنْب وَضُرّه وَخِزْيه وَعَاره عَلَى نَفْسه دُون غَيْره مِنْ سَائِر خَلْق اللَّه , يَقُول : فَلَا تُجَادِلُوا أَيّهَا الَّذِينَ تُجَادِلُونَ عَنْ هَؤُلَاءِ الْخَوَنَة , فَإِنَّكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ لَهُمْ عَشِيرَة وَقَرَابَة وَجِيرَانًا بُرَآء مِمَّا أَتَوْهُ مِنْ الذَّنْب وَمِنْ التَّبِعَة الَّتِي يُتَّبَعُونَ بِهَا , فَإِنَّكُمْ مَتَى دَافَعْتُمْ عَنْهُمْ أَوْ خَاصَمْتُمْ بِسَبَبِهِمْ كُنْتُمْ مِثْلهمْ , فَلَا تُدَافِعُوا عَنْهُمْ , وَلَا تُخَاصِمُوا .|وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا|وَأَمَّا قَوْله : { وَكَانَ اللَّه عَلِيمًا حَكِيمًا } فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَكَانَ اللَّه عَالِمًا بِمَا تَفْعَلُونَ أَيّهَا الْمُجَادِلُونَ عَنْ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسهمْ فِي جِدَالكُمْ عَنْهُمْ وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أَفْعَالكُمْ وَأَفْعَال غَيْركُمْ , وَهُوَ يُحْصِيهَا عَلَيْكُمْ وَعَلَيْهِمْ , حَتَّى يُجَازِيَ جَمِيعكُمْ بِهَا. { حَكِيمًا } يَقُول : وَهُوَ حَكِيم بِسِيَاسَتِكُمْ وَتَدْبِيركُمْ , وَتَدْبِير جَمِيع خَلْقه . وَقِيلَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي بَنِي أُبَيْرِق , وَقَدْ ذَكَرْنَا مَنْ قَالَ ذَلِكَ فِيمَا مَضَى قَبْل .

وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَة أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَمَنْ يَعْمَل خَطِيئَة , وَهِيَ الذَّنْب , أَوْ إِثْمًا , وَهُوَ مَا لَا يَحِلّ مِنْ الْمَعْصِيَة . وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْن الْخَطِيئَة وَالْإِثْم , لِأَنَّ الْخَطِيئَة قَدْ تَكُون مِنْ قِبَل الْعَمْد وَغَيْر الْعَمْد , وَالْإِثْم لَا يَكُون إِلَّا مِنْ الْعَمْد , فَفَصَلَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِذَلِكَ بَيْنهمَا , فَقَالَ : وَمَنْ يَأْتِ خَطِيئَة عَلَى غَيْر عَمْد مِنْهُ لَهَا , أَوْ إِثْمًا عَلَى عَمْد مِنْهُ ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا , يَعْنِي بِاَلَّذِي تَعَمَّدَهُ بَرِيئًا , يَعْنِي ثُمَّ يَصِف مَا أَتَى مِنْ خَطَئِهِ أَوْ إِثْمه الَّذِي تَعَمَّدَهُ بَرِيئًا مِمَّا أَضَافَهُ إِلَيْهِ وَنَحَلَهُ إِيَّاهُ ; { فَقَدْ اِحْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا } يَقُول : فَقَدْ تَحَمَّلَ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ فِرْيَة وَكَذِبًا وَإِثْمًا عَظِيمًا , يَعْنِي وَجُرْمًا عَظِيمًا عَلَى عِلْم مِنْهُ وَعَمْد لِمَا أَتَى مِنْ مَعْصِيَته وَذَنْبه . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِيمَنْ عَنَى اللَّه بِقَوْلِهِ : { بَرِيئًا } بَعْد إِجْمَاع جَمِيعهمْ عَلَى أَنَّ الَّذِي رَمَى الْبَرِيء مِنْ الْإِثْم الَّذِي كَانَ أَتَاهُ اِبْن أُبَيْرِق الَّذِي وَصَفْنَا شَأْنه قَبْل . فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِالْبَرِيءِ رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ يُقَال لَهُ لَبِيد بْن سَهْل . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى رَجُلًا مِنْ الْيَهُود يُقَال لَهُ زَيْد بْن السَّمِين , وَقَدْ ذَكَرْنَا رِوَايَة عَمَّنْ قَالَ ذَلِكَ فِيمَا مَضَى . وَمِمَّنْ . قَالَ كَانَ يَهُودِيًّا , اِبْن سِيرِينَ . 8236 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا غُنْدَر , عَنْ شُعْبَة , عَنْ خَالِد الْحَذَّاء , عَنْ اِبْن سِيرِينَ : ( { ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا } قَالَ : يَهُودِيًّا . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا بَدَل بْن الْمُحَبَّر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ خَالِد , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , مِثْله . وَقِيلَ : { يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا } بِمَعْنَى : ثُمَّ يَرْمِ بِالْإِثْمِ الَّذِي أَتَى هَذَا الْخَائِن مَنْ هُوَ بَرِيء مِمَّا رَمَاهُ بِهِ , فَالْهَاء فِي قَوْله | بِهِ | عَائِدَة عَلَى الْإِثْم , وَلَوْ جُعِلَتْ كِنَايَة مِنْ ذِكْر الْإِثْم وَالْخَطِيئَة كَانَ جَائِزًا , لِأَنَّ الْأَفْعَال وَإِنْ اِخْتَلَفَتْ الْعِبَارَات عَنْهَا فَرَاجِعَة إِلَى مَعْنًى وَاحِد بِأَنَّهَا فِعْل .|فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا|وَأَمَّا قَوْله : { فَقَدْ اِحْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا } فَإِنَّ مَعْنَاهُ : فَقَدْ تَحَمَّلَ هَذَا الَّذِي رَمَى بِمَا أَتَى مِنْ الْمَعْصِيَة وَرَكِبَ مِنْ الْإِثْم وَالْخَطِيئَة مَنْ هُوَ بَرِيء مِمَّا رَمَاهُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ بُهْتَانًا , وَهُوَ الْفِرْيَة وَالْكَذِب , وَإِثْمًا مُبِينًا , يَعْنِي وِزْرًا مُبِينًا , يَعْنِي أَنَّهُ يُبَيِّن عَنْ أَمْر عَمَله وَجَرَاءَته عَلَى رَبّه وَتَقَدُّمه عَلَى خِلَافه فِيمَا نَهَاهُ عَنْهُ لِمَنْ يَعْرِف أَمْره .

وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَوْلَا فَضْل اللَّه عَلَيْك وَرَحْمَته لَهَمَّتْ طَائِفَة مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوك وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسهمْ وَمَا يَضُرُّونَك مِنْ شَيْء } </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَلَوْلَا فَضْل اللَّه عَلَيْك وَرَحْمَته } وَلَوْلَا أَنَّ اللَّه تَفَضَّلَ عَلَيْك يَا مُحَمَّد فَعَصَمَك بِتَوْفِيقِهِ وَتِبْيَانه لَك أَمْر هَذَا الْخَائِن , فَكَفَفْت لِذَلِكَ عَنْ الْجِدَال عَنْهُ , وَمُدَافَعَة أَهْل الْحَقّ عَنْ حَقّهمْ قَبْله ; { لَهَمَّتْ طَائِفَة مِنْهُمْ } يَقُول : لَهَمَّتْ فِرْقَة مِنْهُمْ , يَعْنِي مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسهمْ , { أَنْ يُضِلُّوك } يَقُول : يُزِلُّوكَ عَنْ طَرِيق الْحَقّ , وَذَلِكَ لِتَلْبِيسِهِمْ أَمْرَ الْخَائِن عَلَيْهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَهَادَتهمْ لِلْخَائِنِ عِنْده بِأَنَّهُ بَرِيء مِمَّا اِدَّعَى عَلَيْهِ , وَمَسْأَلَتهمْ إِيَّاهُ أَنْ يَعْذُرهُ وَيَقُوم بِمَعْذِرَتِهِ فِي أَصْحَابه , فَقَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : وَمَا يُضِلّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ هَمُّوا بِأَنْ يُضِلُّوك عَنْ الْوَاجِب مِنْ الْحُكْم فِي أَمْر هَذَا الْخَائِن دِرْع جَاره , إِلَّا أَنْفُسهمْ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : مَا كَانَ وَجْه إِضْلَالهمْ أَنْفُسهمْ ؟ قِيلَ : وَجْه إِضْلَالهمْ أَنْفُسهمْ : أَخْذهمْ بِهَا فِي غَيْر مَا أَبَاحَ اللَّه لَهُمْ الْأَخْذ بِهَا فِيهِ مِنْ سُبُله , وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ كَانَ تَقَدَّمَ إِلَيْهِمْ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابه عَلَى لِسَان رَسُوله إِلَى خَلْقه بِالنَّهْيِ عَنْ أَنْ يَتَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْم وَالْعُدْوَان وَالْأَمْر بِالتَّعَاوُنِ عَلَى الْحَقّ , فَكَانَ مِنْ الْوَاجِب لِلَّهِ فِيمَنْ سَعَى فِي أَمْر الْخَائِنِينَ الَّذِينَ وَصَفَ اللَّه أَمْرَهُمْ بِقَوْلِهِ : { وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا } مُعَاوَنَة مَنْ ظَلَمُوهُ دُون مَنْ خَاصَمَهُمْ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَلَب حَقّه مِنْهُمْ , فَكَانَ سَعْيهمْ فِي مَعُونَتهمْ دُون مَعُونَة مَنْ ظَلَمُوهُ , أَخْذًا مِنْهُمْ فِي غَيْر سَبِيل اللَّه , وَذَلِكَ هُوَ إِضْلَالهمْ أَنْفُسهمْ , الَّذِي وَصَفَهُ اللَّه فَقَالَ : { وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسهمْ وَمَا يَضُرُّونَك مِنْ شَيْء } وَمَا يَضُرّك هَؤُلَاءِ الَّذِينَ هَمُّوا لَك أَنْ يُزِلُّوكَ عَنْ الْحَقّ فِي أَمْر هَذَا الْخَائِن مِنْ قَوْمه وَعَشِيرَته مِنْ شَيْء , لِأَنَّ اللَّه مُثَبِّتك وَمُسَدِّدك فِي أُمُورك وَمُبَيِّن لَك أَمْر مَنْ سَعَوْا فِي ضَلَالك عَنْ الْحَقّ فِي أَمْره وَأَمْرهمْ , فَفَاضِحه وَإِيَّاهُمْ .|وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا|وَقَوْله : { وَأَنْزَلَ اللَّه عَلَيْك الْكِتَاب وَالْحِكْمَة } يَقُول : وَمِنْ فَضْل اللَّه عَلَيْك يَا مُحَمَّد مَعَ سَائِر مَا تَفَضَّلَ بِهِ عَلَيْك مِنْ نِعَمه , أَنَّهُ أَنْزَلَ عَلَيْك الْكِتَاب , وَهُوَ الْقُرْآن الَّذِي فِيهِ بَيَان كُلّ شَيْء , وَهُدًى وَمَوْعِظَة , { وَالْحِكْمَة } : يَعْنِي وَأَنْزَلَ عَلَيْك مَعَ الْكِتَاب الْحِكْمَة , وَهِيَ مَا كَانَ فِي الْكِتَاب مُجْمَلًا ذِكْره , مِنْ حَلَاله وَحَرَامه , وَأَمْره وَنَهْيه وَأَحْكَامه , وَوَعْده وَوَعِيده { وَعَلَّمَك مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَم } مِنْ خَبَر الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ , وَمَا كَانَ , وَمَا هُوَ كَائِن قَبْل , ذَلِكَ مِنْ فَضْل اللَّه عَلَيْك يَا مُحَمَّد مُذْ خَلَقَك , فَاشْكُرْهُ عَلَى مَا أَوْلَاك مِنْ إِحْسَانه إِلَيْك بِالتَّمَسُّكِ بِطَاعَتِهِ , وَالْمُسَارَعَة إِلَى رِضَاهُ وَمَحَبَّته , وَلُزُوم الْعَمَل بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْك فِي كِتَابه وَحِكْمَته , وَمُخَالَفَة مَنْ حَاوَلَ إِضْلَالك عَنْ طَرِيقه وَمِنْهَاج دِينه , فَإِنَّ اللَّه هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّاك بِفَضْلِهِ , وَيَكْفِيك غَائِلَة مَنْ أَرَادَك بِسُوءٍ وَحَاوَلَ صَدَّك عَنْ سَبِيله , كَمَا كَفَاك أَمْر الطَّائِفَة الَّتِي هَمَّتْ أَنْ تُضِلّك عَنْ سَبِيله فِي أَمْر هَذَا الْخَائِن , وَلَا أَحَد مِنْ دُونه يُنْقِذك مِنْ سُوء إِنْ أَرَادَ بِك إِنْ أَنْتَ خَالَفْته فِي شَيْء مِنْ أَمْره وَنَهْيه وَاتَّبَعْت هَوَى مَنْ حَاوَلَ صَدَّك عَنْ سَبِيله. وَهَذِهِ الْآيَة تَنْبِيه مِنْ اللَّه نَبِيّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَوْضِع حَظّه , وَتَذْكِير مِنْهُ لَهُ الْوَاجِب عَلَيْهِ مِنْ حَقّه .

لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَا خَيْر فِي كَثِير مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوف أَوْ إِصْلَاح بَيْن النَّاس } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { لَا خَيْر فِي كَثِير مِنْ نَجْوَاهُمْ } : لَا خَيْر فِي كَثِير مِنْ نَجْوَى النَّاس جَمِيعًا . { إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَة أَوْ مَعْرُوف } وَالْمَعْرُوف : هُوَ كُلّ مَا أَمَرَ اللَّه بِهِ أَوْ نَدَبَ إِلَيْهِ مِنْ أَعْمَال الْبِرّ وَالْخَيْر . { أَوْ إِصْلَاح بَيْن النَّاس } وَهُوَ الْإِصْلَاح بَيْن الْمُتَبَايِنَيْنِ أَوْ الْمُخْتَصِمَيْنِ بِمَا أَبَاحَ اللَّه الْإِصْلَاح بَيْنهمَا لِيَتَرَاجَعَا إِلَى مَا فِيهِ الْأُلْفَة وَاجْتِمَاع الْكَلِمَة عَلَى مَا أَذِنَ اللَّه وَأَمَرَ بِهِ . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي مَعْنَى قَوْله : { لَا خَيْر فِي كَثِير مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ } فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : مَعْنَى ذَلِكَ : لَا خَيْر فِي كَثِير مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا فِي نَجْوَى مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ . كَأَنَّهُ عَطَفَ | مَنْ | عَلَى الْهَاء وَالْمِيم الَّتِي فِي | نَجْوَاهُمْ | . وَذَلِكَ خَطَأ عِنْد أَهْل الْعَرَبِيَّة لِأَنَّ إِلَّا لَا تَعْطِف عَلَى الْهَاء وَالْمِيم فِي مِثْل هَذَا الْمَوْضِع مِنْ أَجْل أَنَّهُ لَمْ يَنَلْهُ الْجَحْد . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : قَدْ تَكُون | مَنْ | فِي مَوْضِع خَفْض وَنَصْب ; وَأَمَّا الْخَفْض فَعَلَى قَوْلك : { لَا خَيْر فِي كَثِير مِنْ نَجْوَاهُمْ } إِلَّا فِيمَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ , فَتَكُون النَّجْوَى عَلَى هَذَا التَّأْوِيل هُمْ الرِّجَال الْمُنَاجُونَ , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { مَا يَكُون مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَة إِلَّا هُوَ رَابِعهمْ } [58 7 ]وَكَمَا قَالَ : { وَإِذْ هُمْ نَجْوَى } [17 47 ]وَأَمَّا النَّصْب , فَعَلَى أَنْ تُجْعَل النَّجْوَى فِعْلًا فَيَكُون نَصْبًا , لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُون اِسْتِئْنَاء مُنْقَطِعًا , لِأَنَّهُ مِنْ خِلَاف النَّجْوَى , فَيَكُون ذَلِكَ نَظِير قَوْل الشَّاعِر : <br>. .. . .. . .. .......... . .. وَمَا بِالرَّبْعِ مِنْ أَحَد <br><br>إِلَّا أُوَارِيّ لِأْيًا مَا أُبَيِّنهَا .......... ... . .. ... <br>وَقَدْ يَحْتَمِل | مَنْ | عَلَى هَذَا التَّأْوِيل أَنْ يَكُون رَفْعًا , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>وَبَلْدَة لَيْسَ بِهَا أَنِيس .......... إِلَّا الْيَعَافِير وَإِلَّا الْعِيس <br>قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ , أَنْ تُجْعَل | مَنْ | فِي مَوْضِع خَفْض بِالرَّدِّ عَلَى النَّجْوَى , وَتَكُون النَّجْوَى بِمَعْنَى جَمْع الْمُتَنَاجِينَ , خَرَجَ مَخْرَج السَّكْرَى وَالْجَرْحَى وَالْمَرْضَى , وَذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ أَظْهَر مَعَانِيه , فَيَكُون تَأْوِيل الْكَلَام : لَا خَيْر فِي كَثِير مِنْ الْمُتَنَاجِينَ يَا مُحَمَّد مِنْ النَّاس , إِلَّا فِيمَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوف , أَوْ إِصْلَاح بَيْن النَّاس , فَإِنَّ أُولَئِكَ فِيهِمْ الْخَيْر.|وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ|ثُمَّ أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِمَا وَعَدَ مِنْ فِعْل ذَلِكَ , فَقَالَ : { وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ اِبْتِغَاء مَرْضَات اللَّه } يَقُول : وَمَنْ يَأْمُر بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوف مِنْ الْأَمْر , أَوْ يُصْلِح بَيْن النَّاس اِبْتِغَاء مَرْضَاة اللَّه , يَعْنِي طَلَب رِضَا اللَّه بِفِعْلِهِ ذَلِكَ .|فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا|يَقُول : فَسَوْفَ نُعْطِيه جَزَاء لِمَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ عَظِيمًا , وَلَا حَدّ لِمَبْلَغِ مَا سَمَّى اللَّه عَظِيمًا يَعْلَمهُ سِوَاهُ .

وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُول مِنْ بَعْد مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُول } : وَمَنْ يُبَايِن الرَّسُول مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَادِيًا لَهُ , فَيُفَارِقهُ عَلَى الْعَدَاوَة لَهُ ; { مِنْ بَعْد مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى } يَعْنِي : مِنْ بَعْد مَا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ رَسُول اللَّه , وَأَنَّ مَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه يَهْدِي إِلَى الْحَقّ , وَإِلَى طَرِيق مُسْتَقِيم . وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي الْخَائِنِينَ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ اللَّه فِي قَوْله : { وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا } لَمَّا أَبَى التَّوْبَة مَنْ أَبَى مِنْهُمْ , وَهُوَ طُعْمَة بْن الْأُبَيْرِق , وَلَحِقَ بِالْمُشْرِكِينَ مِنْ عَبَدَة الْأَوْثَان بِمَكَّة مُرْتَدًّا مُفَارِقًا لِرَسُولِ اللَّه وَدِينه .|وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ|يَقُول : وَيَتَّبِع طَرِيقًا غَيْر طَرِيق أَهْل التَّصْدِيق , وَيَسْلُك مِنْهَاجًا غَيْر مِنْهَاجهمْ , وَذَلِكَ هُوَ الْكُفْر بِاَللَّهِ , لِأَنَّ الْكُفْر بِاَللَّهِ وَرَسُوله غَيْر سَبِيل الْمُؤْمِنِينَ وَغَيْر مِنْهَاجهمْ .|نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى|يَقُول : نَجْعَل نَاصِره مَا اِسْتَنْصَرَهُ وَاسْتَعَانَ بِهِ مِنْ الْأَوْثَان وَالْأَصْنَام , وَهِيَ لَا تُغْنِيه وَلَا تَدْفَع عَنْهُ مِنْ عَذَاب اللَّه شَيْئًا وَلَا تَنْفَعهُ. كَمَا : 8237 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى } قَالَ : مِنْ آلِهَة الْبَاطِل . )* - حَدَّثَنِي اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله.|وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ|يَقُولهُ: وَنَجْعَلهُ صِلَاء نَار جَهَنَّم , يَعْنِي نُحَرِّقهُ بِهَا , وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الصَّلْي فِيمَا مَضَى قَبْل بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع.|وَسَاءَتْ مَصِيرًا|يَقُول : وَسَاءَتْ جَهَنَّم مَصِيرًا : مَوْضِعًا يَصِير إِلَيْهِ مَنْ صَارَ إِلَيْهِ .

إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه لَا يَغْفِر أَنْ يُشْرَك بِهِ وَيَغْفِر مَا دُون ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِنَّ اللَّه لَا يَغْفِر لِطُعْمَة إِذْ أَشْرَكَ وَمَاتَ عَلَى شِرْكه بِاَللَّهِ وَلَا لِغَيْرِهِ مِنْ خَلْقه بِشِرْكِهِمْ وَكُفْرهمْ بِهِ ; { وَيَغْفِر مَا دُون ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء } يَقُول : وَيَغْفِر مَا دُون الشِّرْك بِاَللَّهِ مِنْ الذُّنُوب لِمَنْ يَشَاء , يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : أَنَّ طُعْمَة لَوْلَا أَنَّهُ أَشْرَكَ بِاَللَّهِ وَمَاتَ عَلَى شِرْكه لَكَانَ فِي مَشِيئَة اللَّه عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خِيَانَته وَمَعْصِيَته , وَكَانَ إِلَى اللَّه أَمْره فِي عَذَابه وَالْعَفْو عَنْهُ . وَكَذَلِكَ حُكْم كُلّ مَنْ اِجْتَرَمَ جُرْمًا , فَإِلَى اللَّه أَمْره , إِلَّا أَنْ يَكُون جُرْمه شِرْكًا بِاَللَّهِ وَكُفْرًا , فَإِنَّهُ مِمَّنْ خُتِمَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مِنْ أَهْل النَّار إِذَا مَاتَ عَلَى شِرْكه , فَإِذَا مَاتَ عَلَى شِرْكه , فَقَدْ حَرَّمَ اللَّه عَلَيْهِ الْجَنَّة , وَمَأْوَاهُ النَّار. وَقَالَ السُّدِّيّ فِي ذَلِكَ بِمَا : 8238 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { إِنَّ اللَّه لَا يَغْفِر أَنْ يُشْرَك بِهِ وَيَغْفِر مَا دُون ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء } يَقُول : مَنْ يَجْتَنِب الْكَبَائِر مِنْ الْمُسْلِمِينَ .)|وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا|وَأَمَّا قَوْله : { وَمَنْ يُشْرِك بِاَللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا } فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَمَنْ يَجْعَل لِلَّهِ فِي عِبَادَته شَرِيكًا , فَقَدْ ذَهَبَ عَنْ طَرِيق الْحَقّ , وَزَالَ عَنْ قَصْد السَّبِيل ذَهَابًا بَعِيدًا وَزَوَالًا شَدِيدًا . وَذَلِكَ أَنَّهُ بِإِشْرَاكِهِ بِاَللَّهِ فِي عِبَادَته , فَقَدْ أَطَاعَ الشَّيْطَان وَسَلَكَ طَرِيقه وَتَرَكَ طَاعَة اللَّه وَمِنْهَاج دِينه , فَذَاكَ هُوَ الضَّلَال الْبَعِيد وَالْخُسْرَان الْمُبِين.

إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونه إِلَّا إِنَاثًا } </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونه إِلَّا اللَّاتِ وَالْعُزَّى وَمَنَاة , فَسَمَّاهُنَّ اللَّه إِنَاثًا بِتَسْمِيَةِ الْمُشْرِكِينَ إِيَّاهُنَّ بِتَسْمِيَةِ الْإِنَاث . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8239 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك فِي قَوْله : ( { إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونه إِلَّا إِنَاثًا } قَالَ : اللَّات وَالْعُزَّى وَمَنَاة , كُلّهَا مُؤَنَّث . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك بِنَحْوِهِ , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : كُلّهنَّ مُؤَنَّث. 8240 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط عَنْ السُّدِّيّ : ( { إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونه إِلَّا إِنَاثًا } يَقُول : يُسَمُّونَهُمْ إِنَاثًا : لَات , وَمَنَاة , وَعُزَّى . )8241 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونه إِلَّا إِنَاثًا } قَالَ : آلِهَتهمْ : اللَّات , وَالْعُزَّى , وَيَسَاف , وَنَائِلَة , هُمْ إِنَاث يَدْعُونَهُمْ مِنْ دُون اللَّه . وَقَرَأَ : { وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا } . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونه إِلَّا مَوَاتًا لَا رُوح فِيهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8242 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ , عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونه إِلَّا إِنَاثًا } يَقُول : مَيِّتًا . )8243 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونه إِلَّا إِنَاثًا } : أَيْ إِلَّا مَيِّتًا لَا رُوح فِيهِ . )8244 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحَجَّاج , قَالَ : ثنا مُبَارَك بْن فَضَالَة , عَنْ الْحَسَن : ( { إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونه إِلَّا إِنَاثًا } قَالَ : وَالْإِنَاث : كُلّ شَيْء مَيِّت لَيْسَ فِيهِ رُوح خَشَبَة يَابِسَة , أَوْ حَجَر يَابِس , قَالَ اللَّه تَعَالَى : { وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا } . .. إِلَى قَوْله : { فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَان الْأَنْعَام } . )وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَقُولُونَ : إِنَّ الْمَلَائِكَة بَنَات اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8245 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : ( { إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونه إِلَّا إِنَاثًا } قَالَ : الْمَلَائِكَة يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ بَنَات اللَّه . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : أَنَّ أَهْل الْأَوْثَان كَانُوا يُسَمُّونَ أَوْثَانهمْ إِنَاثًا , فَأَنْزَلَ اللَّه ذَلِكَ كَذَلِكَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8246 - حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن هَارُون , عَنْ نُوح بْن قَيْس , عَنْ أَبِي رَجَاء , عَنْ الْحَسَن قَالَ : (كَانَ لِكُلِّ حَيّ مِنْ أَحْيَاء الْعَرَب صَنَم يُسَمُّونَهَا أُنْثَى بَنِي فُلَان , فَأَنْزَلَ اللَّه : { إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونه إِلَّا إِنَاثًا } . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا نُوح بْن قَيْس , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن سَيْف أَبُو رَجَاء الْحُدَّانِيّ , قَالَ : سَمِعْت الْحَسَن يَقُول : كَانَ لِكُلِّ حَيّ مِنْ الْعَرَب , فَذَكَرَ نَحْوه . وَقَالَ آخَرُونَ : الْإِنَاث فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْأَوْثَان . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8247 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { إِنَاثًا } قَالَ : أَوْثَانًا . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله. 8248 - حَدَّثَنَا سُفْيَان , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : (كَانَ فِي مُصْحَف عَائِشَة : | إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونه إِلَّا إِنَاثًا . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : رُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا : | أَنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونه إِلَّا أُثُنًا | , بِمَعْنَى جَمْع وَثَن , فَكَأَنَّهُ جَمَعَ وَثَنًا وُثُنًا , ثُمَّ قَلَبَ الْوَاو هَمْزَة مَضْمُومَة , كَمَا قِيلَ : مَا أَحْسَن هَذِهِ الْأُجُوه , بِمَعْنَى الْوُجُوه , وَكَمَا قِيلَ : { وَإِذَا الرُّسُل أُقِّتَتْ } [77 11 ]بِمَعْنَى : وُقِّتَتْ . وَذُكِرَ عَنْ بَعْضهمْ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ ذَلِكَ : | إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونه إِلَّا أُنُثًا | , كَأَنَّهُ أَرَادَ جَمْع الْإِنَاث , فَجَمَعَهَا أُنُثًا , كَمَا تُجْمَع الثِّمَار ثُمُرًا . وَالْقِرَاءَة الَّتِي لَا أَسْتَجِيز الْقِرَاءَة بِغَيْرِهَا قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ : { إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونه إِلَّا إِنَاثًا } بِمَعْنَى جَمْع أُنْثَى , لِأَنَّهَا كَذَلِكَ فِي مَصَاحِف الْمُسْلِمِينَ , وَلِإِجْمَاعِ الْحُجَّة عَلَى قِرَاءَة ذَلِكَ كَذَلِكَ . وَأَوْلَى التَّأْوِيلَات الَّتِي ذُكِرْت بِتَأْوِيلِ ذَلِكَ إِذْ كَانَ الصَّوَاب عِنْدنَا مِنْ الْقِرَاءَة مَا وَصَفْت , تَأْوِيل مَنْ قَالَ : عَنَى بِذَلِكَ الْآلِهَة الَّتِي كَانَ مُشْرِكُو الْعَرَب يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُون اللَّه , وَيُسَمُّونَهَا بِالْإِنَاثِ مِنْ الْأَسْمَاء كَاللَّاتِ وَالْعُزَّى وَنَائِلَة وَمَنَاة , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَة , لِأَنَّ الْأَظْهَر مِنْ مَعَانِي الْإِنَاث فِي كَلَام الْعَرَب مَا عُرِفَ بِالتَّأْنِيثِ دُون غَيْره . فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَالْوَاجِب تَوْجِيه تَأْوِيله إِلَى الْأَشْهَر مِنْ مَعَانِيه , وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَتَأْوِيل الْآيَة : وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُول مِنْ بَعْد مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى , وَيَتَّبِع غَيْر سَبِيل الْمُؤْمِنِينَ , نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّم وَسَاءَتْ مَصِيرًا , إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونه إِلَّا إِنَاثًا , يَقُول : مَا يَدْعُو الَّذِينَ يُشَاقُّونَ الرَّسُول وَيَتَّبِعُونَ غَيْر سَبِيل الْمُؤْمِنِينَ شَيْئًا مِنْ دُون اللَّه بَعْد اللَّه وَسِوَاهُ , إِلَّا إِنَاثًا , يَعْنِي : إِلَّا مَا سَمَّوْهُ بِأَسْمَاءِ الْإِنَاث كَاللَّاتِ وَالْعُزَّى وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ . يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَحَسْب هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَشْرَكُوا بِاَللَّهِ وَعَبَدُوا مَا عَبَدُوا مِنْ دُونه مِنْ الْأَوْثَان وَالْأَنْدَاد , حُجَّة عَلَيْهِمْ فِي ضَلَالَتهمْ وَكُفْرهمْ وَذَهَابهمْ عَنْ قَصْد السَّبِيل , أَنَّهُمْ يَعْبُدُونَ إِنَاثًا وَيَدْعُونَهَا آلِهَة وَأَرْبَابًا . وَالْإِنَاث مِنْ كُلّ شَيْء أَخَسّه ; فَهُمْ يُقِرُّونَ لِلْخَسِيسِ مِنْ الْأَشْيَاء بِالْعُبُودِيَّةِ عَلَى عِلْم مِنْهُمْ بِخَسَاسَتِهِ , وَيَمْتَنِعُونَ مِنْ إِخْلَاص الْعُبُودِيَّة لِلَّذِي لَهُ مُلْك كُلّ شَيْء وَبِيَدِهِ الْخَلْق وَالْأَمْر.|وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا } . </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا } : وَمَا يَدْعُو هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَدْعُونَ هَذِهِ الْأَوْثَان الْإِنَاث مِنْ دُون اللَّه بِدُعَائِهِمْ إِيَّاهَا إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا , يَعْنِي مُتَمَرِّدًا عَلَى اللَّه فِي خِلَافه فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ وَفِيمَا نَهَاهُ عَنْهُ. كَمَا : 8249 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا } قَالَ : تَمَرَّدَ عَلَى مَعَاصِي اللَّه .)

لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَعَنَهُ اللَّه } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { لَعَنَهُ اللَّه } : أَخْزَاهُ وَأَقْصَاهُ وَأَبْعَدَهُ. وَمَعْنَى الْكَلَام : وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا قَدْ لَعَنَهُ اللَّه وَأَبْعَده مِنْ كُلّ خَيْر .|وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا|وَقَالَ : { لَأَتَّخِذَنَّ } يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّ الشَّيْطَان الْمَرِيد قَالَ لِرَبِّهِ إِذْ لَعَنَهُ : { لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادك نَصِيبًا مَفْرُوضًا } يَعْنِي بِالْمَفْرُوضِ : الْمَعْلُوم ; كَمَا : 8250 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك : ( { نَصِيبًا مَفْرُوضًا } قَالَ : مَعْلُومًا . )فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْفَ يَتَّخِذ الشَّيْطَان مِنْ عِبَاد اللَّه نَصِيبًا مَفْرُوضًا ؟ قِيلَ : يَتَّخِذ مِنْهُمْ ذَلِكَ النَّصِيب بِإِغْوَائِهِ إِيَّاهُمْ عَنْ قَصْد السَّبِيل , وَدُعَائِهِ إِيَّاهُمْ إِلَى طَاعَته , وَتَزْيِينه لَهُمْ الضَّلَال وَالْكُفْر , حَتَّى يُزِيلهُمْ عَنْ مَنْهَج الطَّرِيق ; فَمَنْ أَجَابَ دُعَاءَهُ وَاتَّبَعَ مَا زَيَّنَهُ لَهُ , فَهُوَ مِنْ نَصِيبه الْمَعْلُوم وَحَظّه الْمَقْسُوم . وَإِنَّمَا أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي هَذِهِ الْآيَة بِمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ الشَّيْطَان مِنْ قِيله : { لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادك نَصِيبًا مَفْرُوضًا } لِيَعْلَم الَّذِينَ شَاقُّوا الرَّسُول مِنْ بَعْد مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْهُدَى أَنَّهُمْ مِنْ نَصِيب الشَّيْطَان الَّذِي لَعَنَهُ اللَّه الْمَفْرُوض , وَأَنَّهُ مِمَّنْ صَدَقَ عَلَيْهِمْ ظَنّه . وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى مَعْنَى اللَّعْنَة فِيمَا مَضَى , فَكَرِهْنَا إِعَادَته .

وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَان الْأَنْعَام } </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مُخْبِرًا عَنْ قِيل الشَّيْطَان الْمَرِيد , الَّذِي وَصَفَ صِفَته فِي هَذِهِ الْآيَة : وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأَصُدَّنَّ النَّصِيب الْمَفْرُوض الَّذِي أَتَّخِذهُ مِنْ عِبَادك عَنْ مَحَجَّة الْهُدَى إِلَى الضَّلَال , وَمِنْ الْإِسْلَام إِلَى الْكُفْر . { وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ } يَقُول : لَأُزِيغَنهُمْ بِمَا أَجْعَل فِي نُفُوسهمْ مِنْ الْأَمَانِيّ عَنْ طَاعَتك وَتَوْحِيدك إِلَى طَاعَتِي , وَالشِّرْك بِك . { وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَان الْأَنْعَام } يَقُول : وَلَآمُرَن النَّصِيب الْمَفْرُوض لِي مِنْ عِبَادك بِعِبَادَةِ غَيْرك مِنْ الْأَوْثَان وَالْأَنْدَاد , حَتَّى يَنْسُكُوا لَهُ , وَيُحَرِّمُوا , وَيُحَلِّلُوا لَهُ , وَيُشَرِّعُوا غَيْر الَّذِي شَرَّعْته لَهُمْ فَيَتَّبِعُونِي وَيُخَالِفُونَك. وَالْبَتْك : الْقَطْع , وَهُوَ فِي هَذَا الْمَوْضِع : قَطْع أُذُن الْبَحِيرَة لِيُعْلَم أَنَّهَا بَحِيرَة . وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ الْخَبِيث أَنَّهُ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْبَحِيرَة فَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ بِهَا طَاعَة لَهُ . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8251 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : ( { فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَان الْأَنْعَام } قَالَ : الْبَتْك فِي الْبَحِيرَة وَالسَّائِبَة , كَانُوا يُبَتِّكُونَ آذَانهَا لِطَوَاغِيتِهِمْ . )8252 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَوْله : ( { وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَان الْأَنْعَام } أَمَّا يُبَتِّكُنَّ آذَان الْأَنْعَام : فَيَشُقُّونَهَا فَيَجْعَلُونَهَا بَحِيرَة . )8253 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , عَنْ عِكْرِمَة : ( { فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَان الْأَنْعَام } قَالَ : دِين شَرَعَهُ لَهُمْ إِبْلِيس كَهَيْئَةِ الْبَحَائِر وَالسَّوَائِب .)|وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه } . </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله : { فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه مِنْ الْبَهَائِم بِإِخْصَائِهِمْ إِيَّاهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8254 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ عَمَّار بْن أَبِي عَمَّار , عَنْ اِبْن عَبَّاس , (أَنَّهُ كَرِهَ الْإِخْصَاء , وَقَالَ : فِيهِ نَزَلَتْ { وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه } . )8255 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن دَاوُد , قَالَ : ثنا أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس , عَنْ أَنَس , (أَنَّهُ كَرِهَ الْإِخْصَاء , وَقَالَ : فِيهِ نَزَلَتْ { وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه } . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , قَالَ : (هُوَ الْإِخْصَاء , يَعْنِي قَوْل اللَّه : { وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه } . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا اِبْن فُضَيْل , عَنْ مُطَرِّف , قَالَ : ثني رَجُل , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (إِخْصَاء الْبَهَائِم مِثْله , ثُمَّ قَرَأَ : { وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه } . )8256 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس , قَالَ : (مِنْ تَغْيِير خَلْق اللَّه الْإِخْصَاء. )8257 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا حَسَن بْن سُلَيْمَان , قَالَ : أَخْبَرَنِي شِبْل , أَنَّهُ سَمِعَ شَهْر بْن حَوْشَب قَرَأَ هَذِهِ الْآيَة : ( { فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه } قَالَ : الْخِصَاء , قَالَ : فَأَمَرْت أَبَا التَّيَّاح , فَسَأَلَ الْحَسَن عَنْ خِصَاء الْغَنَم , فَقَالَ : لَا بَأْس بِهِ . )8258 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : ثنا عَمِّي وَهْب بْن نَافِع , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , قَالَ : أَمَرَنِي مُجَاهِد أَنْ أَسْأَل عِكْرِمَة عَنْ قَوْله : ( { فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه } فَسَأَلْته , فَقَالَ : هُوَ الْخِصَاء . )8259 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ عَبْد الْجَبَّار بْن وَرْد , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , قَالَ : قَالَ لِي مُجَاهِد : سَلْ عَنْهَا عِكْرِمَة : ( { وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه } فَسَأَلْته , فَقَالَ : الْإِخْصَاء . قَالَ مُجَاهِد : مَا لَهُ لَعَنَهُ اللَّه ! فَوَاَللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ غَيْر الْإِخْصَاء . ثُمَّ قَالَ : سَلْهُ ! فَسَأَلْته , فَقَالَ عِكْرِمَة : أَلَمْ تَسْمَع إِلَى قَوْل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { فِطْرَة اللَّه الَّتِي فَطَرَ النَّاس عَلَيْهَا لَا تَبْدِيل لِخَلْقِ اللَّه } ؟ [30 30 ]قَالَ : لِدِينِ اللَّه . فَحَدَّثْت بِهِ مُجَاهِدًا فَقَالَ : مَا لَهُ أَخْزَاهُ اللَّه ! )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا حَفْص , عَنْ لَيْث , قَالَ : قَالَ عِكْرِمَة : ( { فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه } قَالَ : الْإِخْصَاء . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هَارُون النَّحْوِيّ , قَالَ : ثنا مَطَر الْوَرَّاق , قَالَ : سُئِلَ عِكْرِمَة , عَنْ قَوْله : ( { وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه } قَالَ : هُوَ الْإِخْصَاء . )8260 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي صَالِح , قَالَ : (الْإِخْصَاء . )* - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس , قَالَ : سَمِعْت أَنَس بْن مَالِك يَقُول فِي قَوْله : ( { وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه } قَالَ : مِنْهُ الْخِصَاء. )* - حَدَّثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ قَتَادَة , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن سَلَمَة , عَنْ عَمَّار بْن أَبِي عَمَّار , عَنْ اِبْن عَبَّاس , بِمِثْلِهِ . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُعَاذ بْن هِشَام , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ قَتَادَة , عَنْ عِكْرِمَة (أَنَّهُ كَرِهَ الْإِخْصَاء , قَالَ : وَفِيهِ نَزَلَتْ : { وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه } . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ دِين اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8261 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه } قَالَ : دِين اللَّه . )8262 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن وَأَبُو أَحْمَد , قَالَا : ثنا سُفْيَان , عَنْ قَيْس بْن مُسْلِم , عَنْ إِبْرَاهِيم : ( { وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه } قَالَ : دِين اللَّه. )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , قَالَ : ثني قَيْس بْن مُسْلِم , عَنْ إِبْرَاهِيم مِثْله. * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , عَنْ سُفْيَان , عَنْ قَيْس بْن مُسْلِم , عَنْ إِبْرَاهِيم , مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , مِثْله . 8263 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : ثنا عَمِّي , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , قَالَ : أَخْبَرْت مُجَاهِدًا بِقَوْلِ عِكْرِمَة فِي قَوْله : ( { فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه } قَالَ : دِين اللَّه . )8264 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هَارُون النَّحْوِيّ , قَالَ : ثنا الْوَرَّاق , قَالَ : ذَكَرْت لِمُجَاهِدٍ قَوْل عِكْرِمَة فِي قَوْله : ( { فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه } فَقَالَ : كَذَبَ الْعَبْد { وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه } قَالَ : دِين اللَّه . )8265 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع وَعَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَا : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , عَنْ مُجَاهِد وَعِكْرِمَة , قَالَا : (دِين اللَّه . )8266 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا الْمُحَارِبِيّ وَحَفْص , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (دِين اللَّه , ثُمَّ قَرَأَ : { ذَلِكَ الدِّين الْقَيِّم } [30 30 ]. )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو وَعَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَا : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه } قَالَ , الْفِطْرَة دِين اللَّه . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه } قَالَ : الْفِطْرَة : الدِّين . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه بْن كَثِير , أَنَّهُ سَمِعَ مُجَاهِدًا يَقُول : ( { وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه } قَالَ : دِين اللَّه. )8267 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه } أَيْ دِين اللَّه , فِي قَوْل الْحَسَن وَقَتَادَة . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : ( { فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه } قَالَ : دِين اللَّه . )8268 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الْمَلِك , عَنْ عُثْمَان بْن الْأَسْوَد , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة فِي قَوْله : ( { فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه } قَالَ : دِين اللَّه . )8269 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه } قَالَ : أَمَّا خَلْق اللَّه : فَدِين اللَّه. )8270 - حَدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , قَالَ : ثنا عُبَيْد بْن سَلْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه } قَالَ : دِين اللَّه , وَهُوَ قَوْل اللَّه : { فِطْرَة اللَّه الَّتِي فَطَرَ النَّاس عَلَيْهَا لَا تَبْدِيل لِخَلْقِ اللَّه } يَقُول : لِدِينِ اللَّه . )8271 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : سَمِعْت اِبْن زَيْد يَقُول فِي قَوْله : ( { وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه } قَالَ : دِين اللَّه , وَقَرَأَ : { لَا تَبْدِيل لِخَلْقِ اللَّه } قَالَ : لِدِينِ اللَّه . )* - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , قَالَ : ثنا قَيْس بْن مُسْلِم , عَنْ إِبْرَاهِيم : ( { وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه } قَالَ : دِين اللَّه . )* - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا مُعَاذ , قَالَ : ثنا عِمْرَان بْن حُدَيْر , عَنْ عِيسَى بْن هِلَال , قَالَ : كَتَبَ كَثِير مَوْلَى اِبْن سَمُرَة إِلَى الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم يَسْأَلهُ عَنْ قَوْله : ( { وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه } فَكَتَبَ : إِنَّهُ دِين اللَّه . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه بِالْوَشْمِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8272 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ يُونُس , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : ( { وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه } قَالَ : الْوَشْم . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن نُوح , عَنْ قَيْس , عَنْ خَالِد بْن قَيْس , عَنْ الْحَسَن : ( { فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه } قَالَ : الْوَشْم . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا يُونُس بْن عُبَيْد أَوْ غَيْره , عَنْ الْحَسَن : ( { فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه } قَالَ : الْوَشْم . )8273 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا أَبُو هِلَال الرَّاسِبِيّ , قَالَ : سَأَلَ رَجُل الْحَسَن : (مَا تَقُول فِي اِمْرَأَة قَشَّرَتْ وَجْههَا ؟ قَالَ : مَا لَهَا لَعَنَهَا اللَّه ! غَيَّرَتْ خَلْق اللَّه . )8274 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه : (لَعَنَ اللَّه الْمُتَفَلِّجَات وَالْمُتَنَمِّصَات وَالْمُسْتَوْشِمَات الْمُغَيِّرَات خَلْق اللَّه . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَلْقَمَة , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : (لَعَنَ اللَّه الْوَاشِرَات وَالْمُسْتَوْشِمَات وَالْمُتَنَمِّصَات وَالْمُتَفَلِّجَات لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَات خَلْق اللَّه . )* - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَلْقَمَة عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : (لَعَنَ اللَّه الْمُتَنَمِّصَات وَالْمُتَفَلِّجَات - قَالَ شُعْبَة : وَأَحْسَبهُ قَالَ - : الْمُغَيِّرَات خَلْق اللَّه . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيل ذَلِكَ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه , قَالَ : دِين اللَّه , وَذَلِكَ لِدَلَالَةِ الْآيَة الْأُخْرَى عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مَعْنَاهُ , وَهِيَ قَوْله : { فِطْرَة اللَّه الَّتِي فَطَرَ النَّاس عَلَيْهَا لَا تَبْدِيل لِخَلْقِ اللَّه ذَلِكَ الدِّين الْقَيِّم } . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ دَخَلَ فِي ذَلِكَ فِعْل كُلّ مَا نَهَى اللَّه عَنْهُ مِنْ خِصَاء مَا لَا يَجُوز خِصَاؤُهُ , وَوَشْم مَا نَهَى عَنْ وَشْمه وَوَشْره , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْمَعَاصِي , وَدَخَلَ فِيهِ تَرْك كُلّ مَا أَمَرَ اللَّه بِهِ , لِأَنَّ الشَّيْطَان لَا شَكَّ أَنَّهُ يَدْعُو إِلَى جَمِيع مَعَاصِي اللَّه , وَيَنْهَى عَنْ جَمِيع طَاعَته , فَذَلِكَ مَعْنَى أَمْره نَصِيبه الْمَفْرُوض مِنْ عِبَاد اللَّه بِتَغْيِيرِ مَا خَلَقَ اللَّه مِنْ دِينه ; وَلَا مَعْنَى لِتَوْجِيهِ مَنْ وَجَّهَ قَوْله : { وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه } إِلَى أَنَّهُ وَعَدَ الْأَمْر بِتَغْيِيرِ بَعْض مَا نَهَى اللَّه عَنْهُ دُون بَعْض , أَوْ بَعْض مَا أَمَرَ بِهِ دُون بَعْض . فَإِذْ كَانَ الَّذِي وَجَّهَ مَعْنَى ذَلِكَ إِلَى الْخِصَاء وَالْوَشْم دُون غَيْره , إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ : كَانَ عِنْده أَنَّهُ عَنَى بِهِ تَغْيِير الْأَجْسَام , فَإِنَّ فِي قَوْله جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِخْبَارًا عَنْ قِيل الشَّيْطَان : { وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق اللَّه } مَا يُنْبِئ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ غَيْر مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ , لِأَنَّ تَبْتِيك آذَان الْأَنْعَام مِنْ تَغْيِير خَلْق اللَّه , الَّذِي هُوَ أَجْسَام . وَقَدْ مَضَى الْخَبَر عَنْهُ أَنَّهُ وَعَدَ الْأَمْرَ بِتَغْيِيرِ خَلْق اللَّه مِنْ الْأَجْسَام مُفَسَّرًا , فَلَا وَجْه لِإِعَادَةِ الْخَبَر عَنْهُ بِهِ مُجْمَلًا , إِذْ كَانَ الْفَصِيح فِي كَلَام الْعَرَب أَنْ يُتَرْجَم عَنْ الْمُجْمَل مِنْ الْكَلَام بِالْمُفَسَّرِ وَبِالْخَاصِّ عَنْ الْعَامِّ دُون التَّرْجَمَة عَنْ الْمُفَسَّر بِالْمُجْمَلِ , وَبِالْعَامِّ عَنْ الْخَاصّ , وَتَوْجِيه كِتَاب اللَّه إِلَى الْأَفْصَح مِنْ الْكَلَام أَوْلَى مِنْ تَوْجِيه إِلَى غَيْره مَا وُجِدَ إِلَيْهِ السَّبِيل .|وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ يَتَّخِذ الشَّيْطَان وَلِيًّا مِنْ دُون اللَّه فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا } . </subtitle>وَهَذَا خَبَر مِنْ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْ حَال نَصِيب الشَّيْطَان الْمَفْرُوض مِنْ الَّذِينَ شَاقُّوا اللَّه وَرَسُوله مِنْ بَعْد مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْهُدَى , يَقُول اللَّه : وَمَنْ يَتَّبِع الشَّيْطَان فَيُطِيعهُ فِي مَعْصِيَة اللَّه , وَخِلَاف أَمْره , وَيُوَالِيه فَيَتَّخِذهُ وَلِيًّا لِنَفْسِهِ وَنَصِيرًا دُون اللَّه , { فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا } يَقُول : فَقَدْ هَلَكَ هَلَاكًا , وَبَخَسَ نَفْسه حَظّهَا فَأَوْبَقَهَا بَخْسًا مُبِينًا يَبِين عَنْ عَطَبه وَهَلَاكه , لِأَنَّ الشَّيْطَان لَا يَمْلِك لَهُ نَصْرًا مِنْ اللَّه إِذَا عَاقَبَهُ عَلَى مَعْصِيَته إِيَّاهُ فِي خِلَافه أَمْره , بَلْ يَخْذُلهُ عِنْد حَاجَته إِلَيْهِ . وَإِنَّمَا حَاله مَعَهُ مَا دَامَ حَيًّا مُمْهِلًا بِالْعُقُوبَةِ , كَمَا وَصَفَهُ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { يَعِدهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدهُمْ الشَّيْطَان إِلَّا غُرُورًا }

يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا

يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : يَعِد الشَّيْطَان الْمَرِيد أَوْلِيَاءَهُ , الَّذِينَ هُمْ نَصِيبه الْمَفْرُوض أَنْ يَكُون لَهُمْ نَصِيرًا مِمَّنْ أَرَادَهُمْ بِسُوءٍ , وَظَهِيرًا لَهُمْ عَلَيْهِ , يَمْنَعهُمْ مِنْهُ وَيُدَافِع عَنْهُمْ , وَيُمَنِّيهِمْ الظَّفَر عَلَى مَنْ حَاوَلَ مَكْرُوههُمْ وَالْفَلَج عَلَيْهِمْ .|وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا|ثُمَّ قَالَ : { وَمَا يَعِدهُمْ الشَّيْطَان إِلَّا غُرُورًا } يَقُول : وَمَا يَعِد الشَّيْطَان أَوْلِيَاءَهُ الَّذِينَ اِتَّخَذُوهُ وَلِيًّا مِنْ دُون اللَّه إِلَّا غُرُورًا , يَعْنِي : إِلَّا بَاطِلًا . وَإِنَّمَا جَعَلَ عِدَته إِيَّاهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مَا وَعَدَهُمْ غُرُورًا , لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ فِي اِتِّخَاذهمْ إِيَّاهُ وَلِيًّا عَلَى حَقِيقَته مِنْ عِدَاته الْكَاذِبَة وَأَمَانِيّه الْبَاطِلَة , حَتَّى إِذَا حَصْحَصَ الْحَقّ وَصَارُوا إِلَى الْحَاجَة إِلَيْهِ , قَالَ لَهُمْ عَدُوّ اللَّه : { إِنَّ اللَّه وَعَدَكُمْ وَعْد الْحَقّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَان إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْت بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْل } [14 22 ], وَكَمَا قَالَ لِلْمُشْرِكِينَ بِبَدْرٍ وَقَدْ زَيَّنَ لَهُمْ أَعْمَالهمْ : { لَا غَالِب لَكُمْ الْيَوْم مِنْ النَّاس وَإِنِّي جَار لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتْ الْفِئَتَانِ } [8 48 ]وَحَصْحَصَ الْحَقّ , وَعَايَنَ حَدّ الْأَمْر , وَنُزُول عَذَاب اللَّه بِحِزْبِهِ { نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيء مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَاف اللَّه وَاَللَّه شَدِيد الْعِقَاب } [8 48 ], فَصَارَتْ عِدَاته عَدُوّ اللَّه إِيَّاهُمْ عِنْد حَاجَتهمْ إِلَيْهِ غُرُورًا { كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبهُ الظَّمْآن مَاء حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّه عِنْده فَوَفَّاهُ حِسَابه } [24 39 ].

أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّم وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { أُولَئِكَ } : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ اِتَّخَذُوا الشَّيْطَان وَلِيًّا مِنْ دُون اللَّه , { مَأْوَاهُمْ جَهَنَّم } يُعْنَى : مَصِيرهمْ الَّذِي يَصِيرُونَ إِلَيْهِ جَهَنَّم ,|وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا|يَقُول : لَا يَجِدُونَ عَنْ جَهَنَّم إِذَا صَيَّرَهُمْ اللَّه إِلَيْهَا يَوْم الْقِيَامَة , مَعْدِلًا يَعْدِلُونَ إِلَيْهِ , يُقَال مِنْهُ : حَاصَ فُلَان عَنْ هَذَا الْأَمْر يَحِيص حَيْصًا وَحُيُوصًا : إِذَا عَدَلَ عَنْهُ , وَمِنْهُ خَبَر اِبْن عُمَر أَنَّهُ قَالَ : بَعَثَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّة كُنْت فِيهِمْ , فَلَقِينَا الْمُشْرِكِينَ فَحِصْنَا حَيْصَة ; وَقَالَ بَعْضهمْ : فَجَاضُوا جَيْضَة , وَالْحَيْص وَالْجَيْض مُتَقَارِبَا الْمَعْنَى .

وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات } : وَاَلَّذِينَ صَدَقُوا اللَّه وَرَسُوله , وَأَقَرُّوا لَهُ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنُّبُوَّةِ وَعَمِلُوا الصَّالِحَات , يَقُول : وَأَدَّوْا فَرَائِض اللَّه الَّتِي فَرَضَهَا عَلَيْهِمْ .|سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ| { سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار } يَقُولهُ : سَوْفَ نُدْخِلهُمْ يَوْم الْقِيَامَة إِذَا صَارُوا إِلَى اللَّه جَزَاء بِمَا عَمِلُوا فِي الدُّنْيَا مِنْ الصَّالِحَات جَنَّات : يَعْنِي بَسَاتِين تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار .|خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا| { خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا } يَقُول : بَاقِينَ فِي هَذِهِ الْجَنَّات الَّتِي وَصَفَهَا أَبَدًا دَائِمًا .|وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا|وَقَوْله { وَعْد اللَّه حَقًّا } يَعْنِي : عِدَة مِنْ اللَّه لَهُمْ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا حَقًّا , يَقِينًا صَادِقًا , لَا كَعِدَةِ الشَّيْطَان الْكَاذِبَة الَّتِي هِيَ غُرُور مَنْ وَعَدَهَا مِنْ أَوْلِيَائِهِ , وَلَكِنْ عِدَة مِمَّنْ لَا يَكْذِب وَلَا يَكُون مِنْهُ الْكَذِب وَلَا يُخْلِف وَعْده . وَإِنَّمَا وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَعْده بِالصِّدْقِ وَالْحَقّ فِي هَذِهِ لِمَا سَبَقَ مِنْ خَبَره جَلَّ ثَنَاؤُهُ , عَنْ قَوْل الشَّيْطَان الَّذِي قَصَّهُ فِي قَوْله , وَقَالَ : { لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادك نَصِيبًا مَفْرُوضًا وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَان الْأَنْعَام } ثُمَّ قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { يَعِدهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدهُمْ الشَّيْطَان إِلَّا غُرُورًا } وَلَكِنَّ اللَّه يَعِد الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات أَنَّهُ سَيُدْخِلُهُمْ جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا , وَعْدًا مِنْهُ حَقًّا , لَا كَوَعْدِ الشَّيْطَان الَّذِي وَصَفَ صِفَته . فَوَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْوَعْدَيْنِ وَالْوَاعِدَيْنِ وَأَخْبَرَ بِحُكْمِ أَهْل كُلّ وَعْد مِنْهُمَا تَنْبِيهًا مِنْهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ خَلْقه عَلَى مَا فِيهِ مَصْلَحَتهمْ وَخَلَاصهمْ مِنْ الْهَلَكَة وَالْعَطَب , لِيَنْزَجِرُوا عَنْ مَعْصِيَته وَيَعْمَلُوا بِطَاعَتِهِ , فَيَفُوزُوا بِمَا أَعَدَّ لَهُمْ فِي جِنَانه مِنْ ثَوَابه.|وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا|ثُمَّ قَالَ لَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَمَنْ أَصْدَق مِنْ اللَّه قِيلًا } يَقُول : وَمَنْ أَصْدَق أَيّهَا النَّاس مِنْ اللَّه قِيلًا : أَيْ لَا أَحَد أَصْدَق مِنْهُ قِيلًا , فَكَيْفَ تَتْرُكُونَ الْعَمَل بِمَا وَعَدَكُمْ عَلَى الْعَمَل بِهِ رَبّكُمْ جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا , وَتَكْفُرُونَ بِهِ , وَتُخَالِفُونَ أَمْره , وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنْ لَا أَحَد أَصْدَق مِنْهُ قِيلًا , وَتَعْمَلُونَ بِمَا يَأْمُركُمْ بِهِ الشَّيْطَان , رَجَاء لِإِدْرَاكِ مَا يَعِدكُمْ مِنْ عِدَاته الْكَاذِبَة وَأَمَانِيّه الْبَاطِلَة , وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ عِدَاته غُرُور لَا صِحَّة لَهَا وَلَا حَقِيقَة , وَتَتَّخِذُونَهُ وَلِيًّا مِنْ دُون اللَّه وَتَتْرُكُونَ أَنْ تُطِيعُوا اللَّه فِيمَا يَأْمُركُمْ بِهِ وَيَنْهَاكُمْ عَنْهُ , فَتَكُونُوا لَهُ أَوْلِيَاء ؟ وَمَعْنَى الْقِيل : الْقَوْل : وَاحِد .

لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيّ أَهْل الْكِتَاب } </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الَّذِينَ عُنُوا بِقَوْلِهِ : { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيّ أَهْل الْكِتَاب } فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِقَوْلِهِ { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ } أَهْل الْإِسْلَام . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8275 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مَنْصُور , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوق , قَالَ : (تَفَاخَرَ النَّصَارَى وَأَهْل الْإِسْلَام , فَقَالَ هَؤُلَاءِ : نَحْنُ أَفْضَل مِنْكُمْ , وَقَالَ هَؤُلَاءِ : نَحْنُ أَفْضَل مِنْكُمْ ; قَالَ : فَأَنْزَلَ اللَّه : { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيّ أَهْل الْكِتَاب } . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوق , قَالَ : (لَمَّا نَزَلَتْ : { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيّ أَهْل الْكِتَاب } قَالَ أَهْل الْكِتَاب : نَحْنُ وَأَنْتُمْ سَوَاء , فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { وَمَنْ يَعْمَل مِنْ الصَّالِحَات مِنْ ذَكَر أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِن } . )* - حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِب وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ مُسْلِم , عَنْ مَسْرُوق فِي قَوْله : ( { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيّ أَهْل الْكِتَاب } قَالَ : اِحْتَجَّ الْمُسْلِمُونَ وَأَهْل الْكِتَاب , فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ : نَحْنُ أَهْدَى مِنْكُمْ , وَقَالَ أَهْل الْكِتَاب : نَحْنُ أَهْدَى مِنْكُمْ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيّ أَهْل الْكِتَاب } قَالَ : فَفَلَجَ عَلَيْهِمْ الْمُسْلِمُونَ بِهَذِهِ الْآيَة : { وَمَنْ يَعْمَل مِنْ الصَّالِحَات مِنْ ذَكَر أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِن }. .. إِلَى آخِر الْآيَتَيْنِ . )8276 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : (ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْل الْكِتَاب اِفْتَخَرُوا , فَقَالَ أَهْل الْكِتَاب : نَبِيّنَا قَبْل نَبِيّكُمْ , وَكِتَابنَا قَبْل كِتَابكُمْ , وَنَحْنُ أَوْلَى بِاَللَّهِ مِنْكُمْ. وَقَالَ الْمُسْلِمُونَ : نَحْنُ أَوْلَى بِاَللَّهِ مِنْكُمْ , نَبِيّنَا خَاتَم النَّبِيِّينَ , وَكِتَابنَا يَقْضِي عَلَى الْكُتُب الَّتِي كَانَتْ قَبْله . فَأَنْزَلَ اللَّه : { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيّ أَهْل الْكِتَاب , مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } . .. إِلَى قَوْله : { وَمَنْ أَحْسَن دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهه لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِن وَاتَّبَعَ مِلَّة إِبْرَاهِيم حَنِيفًا } فَأَفْلَجَ اللَّه حُجَّة الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ مِنْ أَهْل الْأَدْيَان. )8277 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيّ أَهْل الْكِتَاب مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } قَالَ : اِلْتَقَى نَاس مِنْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى , فَقَالَتْ الْيَهُود لِلْمُسْلِمِينَ . نَحْنُ خَيْر مِنْكُمْ , دِيننَا قَبْل دِينكُمْ , وَكِتَابنَا قَبْل كِتَابكُمْ , وَنَبِيّنَا قَبْل نَبِيّكُمْ , وَنَحْنُ عَلَى دِين إِبْرَاهِيم , وَلَنْ يَدْخُل الْجَنَّة إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا. وَقَالَتْ النَّصَارَى مِثْل ذَلِكَ . فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ : كِتَابنَا بَعْد كِتَابكُمْ , وَنَبِيّنَا بَعْد نَبِيّكُمْ , وَقَدْ أُمِرْتُمْ أَنْ تَتَّبِعُونَا وَتَتْرُكُوا أَمْركُمْ , فَنَحْنُ خَيْر مِنْكُمْ , نَحْنُ عَلَى دِين إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق , وَلَنْ يَدْخُل الْجَنَّة إِلَّا مَنْ كَانَ عَلَى دِيننَا . فَرَدَّ اللَّه عَلَيْهِمْ قَوْلهمْ , فَقَالَ : { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيّ أَهْل الْكِتَاب مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } ثُمَّ فَضَّلَ اللَّه الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِمْ , فَقَالَ : { وَمَنْ أَحْسَن دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهه لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِن وَاتَّبَعَ مِلَّة إِبْرَاهِيم حَنِيفًا } . )8278 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سَلْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيّ أَهْل الْكِتَاب مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } تَخَاصَمَ أَهْل الْأَدْيَان , فَقَالَ أَهْل التَّوْرَاة : كِتَابنَا أَوَّل كِتَاب وَخَيْرهَا , وَنَبِيّنَا خَيْر الْأَنْبِيَاء . وَقَالَ أَهْل الْإِنْجِيل نَحْوًا مِنْ ذَلِكَ . وَقَالَ أَهْل الْإِسْلَام : لَا دِين إِلَّا دِين الْإِسْلَام , وَكِتَابنَا نَسَخَ كُلّ كِتَاب , وَنَبِيّنَا خَاتَم النَّبِيِّينَ , وَأُمِرْنَا أَنْ نَعْمَل بِكِتَابِنَا وَنُؤْمِن بِكِتَابِكُمْ. فَقَضَى اللَّه بَيْنهمْ , فَقَالَ : { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيّ أَهْل الْكِتَاب مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } . ثُمَّ خَيَّرَ بَيْن أَهْل الْأَدْيَان , فَفَضَّلَ أَهْل الْفَضْل , فَقَالَ : { وَمَنْ أَحْسَن دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهه لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِن } . .. إِلَى قَوْله : { وَاِتَّخَذَ اللَّه إِبْرَاهِيم خَلِيلًا } . )8279 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيّ أَهْل الْكِتَاب } . .. إِلَى : { وَلَا نَصِيرًا } تَحَاكَمَ أَهْل الْأَدْيَان , فَقَالَ أَهْل التَّوْرَاة : كِتَابنَا خَيْر مِنْ الْكُتُب , أُنْزِلَ قَبْل كِتَابكُمْ , وَنَبِيّنَا خَيْر الْأَنْبِيَاء . وَقَالَ أَهْل الْإِنْجِيل مِثْل ذَلِكَ . وَقَالَ أَهْل الْإِسْلَام : لَا دِين إِلَّا الْإِسْلَام , كِتَابنَا نَسَخَ كُلّ كِتَاب , وَنَبِيّنَا خَاتَم النَّبِيِّينَ , وَأُمِرْتُمْ وَأُمِرْنَا أَنْ نُؤْمِن بِكِتَابِكُمْ , وَنَعْمَل بِكِتَابِنَا . فَقَضَى اللَّه بَيْنهمْ فَقَالَ : { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيّ أَهْل الْكِتَاب مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } وَخَيَّرَ بَيْن أَهْل الْأَدْيَان فَقَالَ : { وَمَنْ أَحْسَن دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهه لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِن وَاتَّبَعَ مِلَّة إِبْرَاهِيم حَنِيفًا وَاِتَّخَذَ اللَّه إِبْرَاهِيم خَلِيلًا } . )8280 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا يَعْلَى بْن عُبَيْد وَأَبُو زُهَيْر , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي صَالِح , قَالَ : (جَلَسَ نَاس مِنْ أَهْل التَّوْرَاة وَأَهْل الْإِنْجِيل وَأَهْل الْإِيمَان , فَقَالَ هَؤُلَاءِ : نَحْنُ أَفْضَل , وَقَالَ هَؤُلَاءِ : نَحْنُ أَفْضَل. فَأَنْزَلَ اللَّه : { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيّ أَهْل الْكِتَاب مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } , ثُمَّ خَصَّ اللَّه أَهْل الْإِيمَان فَقَالَ : { وَمَنْ يَعْمَل مِنْ الصَّالِحَات مِنْ ذَكَر أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِن } . )8281 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي صَالِح , قَالَ : (جَلَسَ أَهْل التَّوْرَاة وَأَهْل الْإِنْجِيل وَأَهْل الزَّبُور وَأَهْل الْإِيمَان , فَتَفَاخَرُوا , فَقَالَ هَؤُلَاءِ : نَحْنُ أَفْضَل , وَهَؤُلَاءِ : نَحْنُ أَفْضَل . فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَمَنْ يَعْمَل مِنْ الصَّالِحَات مِنْ ذَكَر أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِن فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّة وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا } . )8282 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : ( { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيّ أَهْل الْكِتَاب } قَالَ : اِفْتَخَرَ أَهْل الْأَدْيَان , فَقَالَتْ الْيَهُود : كِتَابنَا خَيْر الْكُتُب وَأَكْرَمهَا عَلَى اللَّه , وَنَبِيّنَا أَكْرَم الْأَنْبِيَاء عَلَى اللَّه مُوسَى , كَلَّمَهُ اللَّه قَبَلًا , وَخَلَا بِهِ نَجِيًّا , وَدِيننَا خَيْر الْأَدْيَان . وَقَالَتْ النَّصَارَى : عِيسَى اِبْن مَرْيَم خَاتَم الرُّسُل , وَآتَاهُ اللَّه التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل , وَلَوْ أَدْرَكَهُ مُوسَى لَاتَّبَعَهُ , وَدِيننَا خَيْر الْأَدْيَان . وَقَالَتْ الْمَجُوس وَكُفَّار الْعَرَب : دِيننَا أَقْدَم الْأَدْيَان وَخَيْرهَا . وَقَالَ الْمُسْلِمُونَ : مُحَمَّد نَبِيّنَا خَاتَم النَّبِيِّينَ , وَسَيِّد الْأَنْبِيَاء , وَالْفُرْقَان آخِر مَا أُنْزِلَ مِنْ الْكُتُب مِنْ عِنْد اللَّه , وَهُوَ أَمِين عَلَى كُلّ كِتَاب , وَالْإِسْلَام خَيْر الْأَدْيَان . فَخَيَّرَ اللَّه بَيْنهمْ , فَقَالَ : { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيّ أَهْل الْكِتَاب } . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى اللَّه بِقَوْلِهِ : { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيّ أَهْل الْكِتَاب } أَهْل الشِّرْك بِهِ مِنْ عَبَدَة الْأَوْثَان. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8283 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيّ أَهْل الْكِتَاب } قَالَ : قُرَيْش قَالَتْ : لَنْ نُبْعَث وَلَنْ نُعَذَّب . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ } قَالَ : قَالَتْ قُرَيْش : لَنْ نُبْعَث وَلَنْ نُعَذَّب , فَأَنْزَلَ اللَّه : { مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } . )8284 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد قِي قَوْله : ( { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ . وَلَا أَمَانِيّ أَهْل الْكِتَاب مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } قَالَ : قَالَتْ الْعَرَب : لَنْ نُبْعَث وَلَنْ نُعَذَّب ; وَقَالَتْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى : { لَنْ يَدْخُل الْجَنَّة إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى } [2 111 ], أَوْ قَالُوا { لَنْ تَمَسّنَا النَّار إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَة } [2 80 ]شَكَّ أَبُو بِشْر . )8285 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : ( { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيّ أَهْل الْكِتَاب } قَالَ : قُرَيْش وَكَعْب بْن الْأَشْرَف ; { مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } . )8286 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : سَمِعْت اِبْن زَيْد يَقُول فِي قَوْله : ( { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب } . .. إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : جَاءَ حُيَيّ بْن أَخْطَب إِلَى الْمُشْرِكِينَ , فَقَالُوا لَهُ : يَا حُيَيّ إِنَّكُمْ أَصْحَاب كُتُب , فَنَحْنُ خَيْر أَمْ مُحَمَّد وَأَصْحَابه ؟ فَقَالَ : أَنْتُمْ خَيْر مِنْهُ . فَذَلِكَ قَوْله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب } . .. إِلَى قَوْله : { وَمَنْ يَلْعَن اللَّه فَلَنْ تَجِد لَهُ نَصِيرًا } [4 51 - 52 ]. ثُمَّ قَالَ لِلْمُشْرِكِينَ : { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيّ أَهْل الْكِتَاب } فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ : { وَمَنْ يَعْمَل مِنْ الصَّالِحَات مِنْ ذَكَر أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِن } رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه { فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّة وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا } . قَالَ : وَوَعَدَ اللَّه الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُكَفِّر عَنْهُمْ سَيِّئَاتهمْ , وَلَمْ يَعِد أُولَئِكَ , وَقَرَأَ : { وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتهمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَن الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ } [29 7 ]. )* - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيّ أَهْل الْكِتَاب مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } قَالَ : قَالَتْ قُرَيْش : لَنْ نُبْعَث وَلَنْ نُعَذَّب . )وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِهِ أَهْل الْكِتَاب خَاصَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8287 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ أَبِي أَسِيد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول : ( { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيّ أَهْل الْكِتَاب } . .. الْآيَة , قَالَ : نَزَلَتْ فِي أَهْل الْكِتَاب حِين خَالَفُوا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ , مَا قَالَ مُجَاهِد مِنْ أَنَّهُ عَنَى بِقَوْلِهِ : { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ } مُشْرِكِي قُرَيْش . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ , لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَجْرِ لِأَمَانِيِّهِمْ ذِكْر فِيمَا مَضَى مِنْ الْآي قَبْل قَوْله : { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ } وَإِنَّمَا جَرَى ذِكْر أَمَانِيّ نَصِيب الشَّيْطَان الْمَفْرُوض , وَذَلِكَ فِي قَوْله : { وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَان الْأَنْعَام } وَقَوْله : { يَعِدهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ } فَإِلْحَاق مَعْنَى قَوْله : { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ } بِمَا قَدْ جَرَى ذِكْره قَبْل أَحَقّ وَأَوْلَى مِنْ اِدِّعَاء تَأْوِيل فِيهِ , لَا دَلَالَة عَلَيْهِ مِنْ ظَاهِر التَّنْزِيل , وَلَا أَثَر عَنْ الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَا إِجْمَاع مِنْ أَهْل التَّأْوِيل. وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَتَأْوِيل الْآيَة إِذَنْ : لَيْسَ الْأَمْر بِأَمَانِيِّكُمْ يَا مَعْشَر أَوْلِيَاء الشَّيْطَان وَحِزْبه الَّتِي يُمَنِّيكُمُوهَا وَلِيّكُمْ عَدُوّ اللَّه مِنْ إِنْقَاذكُمْ مِمَّنْ أَرَادَكُمْ بِسُوءٍ , وَنُصْرَتكُمْ عَلَيْهِ , وَإِظْفَاركُمْ بِهِ , وَلَا أَمَانِيّ أَهْل الْكِتَاب الَّذِينَ قَالُوا اِغْتِرَارًا بِاَللَّهِ وَبِحِلْمِهِ عَنْهُمْ : لَنْ تَمَسّنَا النَّار إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَة , وَلَنْ يَدْخُل الْجَنَّة إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى , فَإِنَّ اللَّه مُجَازٍ كُلّ عَامِل مِنْكُمْ جَزَاء عَمَله , مَنْ يَعْمَل مِنْكُمْ سُوءًا , أَوْ مِنْ غَيْركُمْ يُجْزَ بِهِ , وَلَا يَجِد لَهُ مِنْ دُون اللَّه وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا , وَمَنْ يَعْمَل مِنْ الصَّالِحَات مِنْ ذَكَر أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِن فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّة . وَمِمَّا يَدُلّ أَيْضًا عَلَى صِحَّة مَا قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , وَأَنَّهُ عُنِيَ بِقَوْلِهِ : { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ } مُشْرِكُو الْعَرَب كَمَا قَالَ مُجَاهِد : إِنَّ اللَّه وَصَفَ وَعْد الشَّيْطَان مَا وَعَدَ أَوْلِيَاءَهُ , وَأَخْبَرَ بِحَالِ وَعْده , الصَّادِق بِقَوْلِهِ : { وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْد اللَّه حَقًّا } وَقَدْ ذَكَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مَعَ وَصْفه وَعْد الشَّيْطَان أَوْلِيَاءَهُ , وَتَمْنِيَته إِيَّاهُمْ الْأَمَانِيّ بِقَوْلِهِ : { يَعِدهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ } كَمَا ذَكَرَ وَعْده إِيَّاهُمْ , فَاَلَّذِي هُوَ أَشْبَه أَنْ يَتَّبِع تَمْنِيَته إِيَّاهُمْ مِنْ الصِّفَة , بِمِثْلِ الَّذِي اتَّبَعَ عِدَته إِيَّاهُمْ بِهِ مِنْ الصِّفَة . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ صُحِّحَ أَنَّ قَوْله : { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيّ أَهْل الْكِتَاب } مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } ... الْآيَة , إِنَّمَا هُوَ خَبَر مِنْ اللَّه عَنْ أَمَانِيّ أَوْلِيَاء الشَّيْطَان وَمَا إِلَيْهِ صَائِرَة أَمَانِيّهمْ مَعَ سَيِّئ أَعْمَالهمْ مِنْ سُوء الْجَزَاء , وَمَا إِلَيْهِ صَائِرَة أَعْمَال أَوْلِيَاء اللَّه مِنْ حُسْن الْجَزَاء . وَإِنَّمَا ضَمَّ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَهْل الْكِتَاب إِلَى الْمُشْرِكِينَ فِي قَوْله : { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيّ أَهْل الْكِتَاب } لِأَنَّ أَمَانِيّ الْفَرِيقَيْنِ مِنْ تَمْنِيَة الشَّيْطَان إِيَّاهُمْ الَّتِي وَعَدَهُمْ أَنْ يُمَنِّيهُمُوهَا بِقَوْلِهِ : { وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ } .|مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } . </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى بِالسُّوءِ كُلّ مَعْصِيَة لِلَّهِ , وَقَالُوا : مَعْنَى الْآيَة : مَنْ يَرْتَكِب صَغِيرَة أَوْ كَبِيرَة مِنْ مُؤْمِن أَوْ كَافِر مِنْ مَعَاصِي اللَّه , يُجَازِهِ اللَّه بِهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8288 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : أَنَّ زِيَاد بْن الرَّبِيع سَأَلَ أُبَيّ بْن كَعْب عَنْ هَذِهِ الْآيَة : ( { مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } فَقَالَ : مَا كُنْت أَرَاك إِلَّا أَفْقَه مِمَّا أَرَى ! النَّكْبَة وَالْعُود وَالْخَدْش . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا غُنْدَر , عَنْ هِشَام الدَّسْتُوَائِيّ , قَالَ : ثنا قَتَادَة , عَنْ الرَّبِيع بْن زِيَاد , قَالَ : قُلْت لِأُبَيّ بْن كَعْب , قَوْل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ( { مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } وَاَللَّه إِنْ كَانَ كُلّ مَا عَمِلْنَا جُزِينَا بِهِ هَلَكْنَا ! قَالَ : وَاَللَّه إِنْ كُنْت لَأَرَاك أَفْقَه مِمَّا أَرَى ! لَا يُصِيب رَجُلًا خَدْش وَلَا عَثْرَة إِلَّا بِذَنْبٍ , وَمَا يَعْفُو اللَّه عَنْهُ أَكْثَر , حَتَّى اللَّدْغَة وَالنَّفْحَة . )8289 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم بْن بِشْر بْن مَعْرُور , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان بْن حَرْب , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن زَيْد , عَنْ حَجَّاج الصَّوَّاف , عَنْ أَيُّوب , عَنْ أَبِي قِلَابَة , عَنْ أَبِي الْمُهَلَّب , قَالَ : (دَخَلْت عَلَى عَائِشَة كَيْ أَسْأَلهَا عَنْ هَذِهِ الْآيَة : { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيّ أَهْل الْكِتَاب مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } قَالَتْ : ذَاكَ مَا يُصِيبكُمْ فِي الدُّنْيَا )8290 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي خَالِد أَنَّهُ سَمِعَ مُجَاهِدًا يَقُول فِي قَوْله : ( { مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } قَالَ : يُجْزَ بِهِ فِي الدُّنْيَا , قَالَ : قُلْت : وَمَا تَبْلُغ الْمُصِيبَات ؟ قَالَ : مَا تَكْرَه. )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : مَنْ يَعْمَل سُوءًا مِنْ أَهْل الْكُفْر يُجْزَ بِهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8291 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن هَارُون , عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ حُمَيْد , عَنْ الْحَسَن : ( { مَنْ يَعْمَل سُوء يُجْزَ بِهِ } قَالَ : الْكَافِر . ثُمَّ قَرَأَ : { وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُور } [34 17 ]قَالَ : مِنْ الْكُفَّار . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا سَهْل , عَنْ حُمَيْد , عَنْ الْحَسَن , مِثْله . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو هَمَّام الْأَهْوَازِيّ , عَنْ يُونُس بْن عُبَيْد , عَنْ الْحَسَن , أَنَّهُ كَانَ يَقُول : ( { مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } و { وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُور } [34 17 ]يَعْنِي بِذَلِكَ : الْكُفَّار , لَا يَعْنِي بِذَلِكَ أَهْل الصَّلَاة. )8292 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثنا مُبَارَك , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : ( { مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } قَالَ : وَاَللَّه مَا جَازَى اللَّه عَبْدًا بِالْخَيْرِ . وَالشَّرّ إِلَّا عَذَّبَهُ , قَالَ : { لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِي الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى } [53 31 ]قَالَ : أَمَا وَاَللَّه لَقَدْ كَانَتْ لَهُمْ ذُنُوب , وَلَكِنَّهُ غَفَرَهَا لَهُمْ , وَلَمْ يُجَازِهِمْ بِهَا , إِنَّ اللَّه لَا يُجَازِي عَبْده الْمُؤْمِن بِذَنْبٍ , إِذًا تُوبِقهُ ذُنُوبه . )8293 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : سَمِعْت اِبْن زَيْد يَقُول فِي قَوْله : ( { مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } قَالَ : وَعَدَ اللَّه الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُكَفِّر عَنْهُمْ سَيِّئَاتهمْ , وَلَمْ يَعِد أُولَئِكَ , يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ. )8294 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ عَاصِم , عَنْ الْحَسَن : ( { مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } قَالَ : إِنَّمَا ذَلِكَ لِمَنْ أَرَادَ اللَّه هَوَانه ; فَأَمَّا مَنْ أَرَادَ كَرَامَته فَإِنَّهُ مِنْ أَهْل الْجَنَّة { وَعْد الصِّدْق الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ } [46 16 ]. )8295 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك : ( { مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } يَعْنِي بِذَلِكَ . : الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس وَكُفَّار الْعَرَب , وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُون اللَّه وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى السُّوء فِي هَذَا الْمَوْضِع : الشِّرْك . قَالُوا : وَتَأْوِيل قَوْله : { مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } : مَنْ يُشْرِك بِاَللَّهِ يُجْزَ بِشِرْكِهِ وَلَا يَجِد لَهُ مِنْ دُون اللَّه وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8296 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } يَقُول : مَنْ يُشْرِك يُجْزَ بِهِ , وَهُوَ السُّوء , { وَلَا يَجِد لَهُ مِنْ دُون اللَّه وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا } إِلَّا أَنْ يَتُوب قَبْل مَوْته , فَيَتُوب اللَّه عَلَيْهِ . )8297 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ اِبْن أَبِي لَيْلَى , عَنْ الْمِنْهَال بْن عَمْرو , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : ( { مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } قَالَ : الشِّرْك . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى التَّأْوِيلَات الَّتِي ذَكَرْنَاهَا بِتَأْوِيلِ الْآيَة , التَّأْوِيل الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب وَعَائِشَة , وَهُوَ أَنَّ كُلّ مَنْ عَمِلَ سُوءًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا مِنْ مُؤْمِن أَوْ كَافِر , جُوزِيَ بِهِ . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَة , لِعُمُومِ الْآيَة كُلّ عَامِل سُوء , مِنْ غَيْر أَنْ يَخُصّ أَوْ يَسْتَثْنِي مِنْهُمْ أَحَدًا , فَهِيَ عَلَى عُمُومهَا إِذْ لَمْ يَكُنْ فِي الْآيَة دَلَالَة عَلَى خُصُوصهَا وَلَا قَامَتْ حُجَّة بِذَلِكَ مِنْ خَبَر عَنْ الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَأَيْنَ ذَلِكَ مِنْ قَوْل اللَّه : { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّر عَنْكُمْ سَيِّئَاتكُمْ } [4 31 ]وَكَيْفَ يَجُوز أَنْ يُجَازِي عَلَى مَا قَدْ وَعَدَ تَكْفِيره ؟ قِيلَ : إِنَّهُ لَمْ يَعِد بِقَوْلِهِ : { نُكَفِّر عَنْكُمْ سَيِّئَاتكُمْ } تَرَكَ الْمُجَازَاة عَلَيْهَا , وَإِنَّمَا وَعَدَ التَّكْفِير بِتَرْكِ الْفَضِيحَة مِنْهُ لِأَهْلِهَا فِي مَعَادهمْ , كَمَا فَضَحَ أَهْل الشِّرْك وَالنِّفَاق . فَأَمَّا إِذَا جَازَاهُمْ فِي الدُّنْيَا عَلَيْهَا بِالْمَصَائِبِ لِيُكَفِّرهَا عَنْهُمْ بِهَا لِيُوَافُوهُ وَلَا ذَنْب لَهُمْ يَسْتَحِقُّونَ الْمُجَازَاة عَلَيْهِ , فَإِنَّمَا وَفَى لَهُمْ بِمَا وَعَدَهُمْ بِقَوْلِهِ : { نُكَفِّر عَنْكُمْ سَيِّئَاتكُمْ } وَأَنْجَزَ لَهُمْ مَا ضَمِنَ لَهُمْ بِقَوْلِهِ : { وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار } [4 122 ]. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , تَظَاهَرَتْ الْأَخْبَار عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر الْأَخْبَار الْوَارِدَة بِذَلِكَ : 8298 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , وَسُفْيَان بْن وَكِيع وَنَصْر بْن عَلِيّ وَعَبْد اللَّه بْن أَبِي زِيَاد الْقَطَوَانِيّ , قَالُوا : ثنا سُفْيَان بْن عُيَيْنَة , عَنْ اِبْن مُحَيْصِن , عَنْ مُحَمَّد بْن قَيْس بْن مَخْرَمَة , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : (لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } شَقَّتْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ , وَبَلَغَتْ مِنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّه أَنْ تَبْلُغ , فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : | قَارِبُوا وَسَدِّدُوا , فَفِي كُلّ مَا يُصَاب بِهِ الْمُسْلِم كَفَّارَة , حَتَّى النَّكْبَة يُنْكَبهَا , أَوْ الشَّوْكَة يُشَاكُهَا . )8299 - حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن أَبِي زِيَاد وَأَحْمَد بْن مَنْصُور الرَّمَادِيّ , قَالَا : ثنا يَزِيد بْن حَيَّان , قَالَا : حَدَّثَنَا عَبْد الْمَلِك بْن الْحَسَن الْحَارِثِيّ , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن زَيْد بْن قُنْفُذ , عَنْ عَائِشَة , عَنْ أَبِي بَكْر , قَالَ : (لَمَّا نَزَلَتْ : { مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } قَالَ أَبُو بَكْر : يَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كُلّ مَا نَعْمَل نُؤَاخَذ بِهِ ؟ فَقَالَ : | يَا أَبَا بَكْر أَلَيْسَ يُصِيبك كَذَا وَكَذَا ؟ فَهُوَ كَفَّارَته . )8300 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيم بْن سَعِيد الْجَوْهَرِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب بْن عَطَاء , عَنْ زِيَاد الْجَصَّاص , عَنْ عَلِيّ بْن زَيْد , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : ثني عَبْد اللَّه بْن عُمَر , أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَكْر يَقُول : سَمِعْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول ( مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ فِي الدُّنْيَا . )8301 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي بَكْر بْن أَبِي زُهَيْر , عَنْ أَبِي بَكْر الصِّدِّيق أَنَّهُ قَالَ : (يَا نَبِيّ اللَّه كَيْفَ الصَّلَاح بَعْد هَذِهِ الْآيَة ؟ فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | أَيَّة آيَة ؟ | قَالَ : يَقُول اللَّه : { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيّ أَهْل الْكِتَاب مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } فَمَا عَمِلْنَاهُ جُزِينَا بِهِ ؟ فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | غَفَرَ اللَّه لَك يَا أَبَا بَكْر ! أَلَسْت تَمْرَض , أَلَسْت تَحْزَن , أَلَسْت تُصِيبك اللَّأْوَاء ؟ | قَالَ : | فَهُوَ مَا تُجْزَوْنَ بِهِ . )* - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , قَالَ : أَظُنّهُ عَنْ أَبِي بَكْر الثَّقَفِيّ , عَنْ أَبِي بَكْر قَالَ : (لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } قَالَ أَبُو بَكْر : كَيْفَ الصَّلَاح ؟ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه , إِلَّا أَنَّهُ زَادَ فِيهِ | أَلَسْت تُنْكَب ؟ . )* - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي بَكْر بْن أَبِي زُهَيْر , أَنَّ أَبَا بَكْر قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَيْفَ الصَّلَاح ؟ فَذَكَرَ نَحْوه . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد الْمُحَارِبِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو الْجَنْبِيّ , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي بَكْر بْن أَبِي زُهَيْر الثَّقَفِيّ , قَالَ : قَالَ أَبُو بَكْر : يَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَذَكَرَ نَحْوه , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : (فَكُلّ سُوء عَمِلْنَاهُ جُزِينَا بِهِ ؟ وَقَالَ أَيْضًا : | أَلَسْت تَمْرَض , أَلَسْت تَنْصَب , أَلَسْت تَحْزَن , أَلَيْسَ تُصِيبك اللَّأْوَاء ؟ | قَالَ : بَلَى . قَالَ : | هُوَ مَا تُجْزَوْنَ بِهِ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ اِبْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي بَكْر بْن أَبِي زُهَيْر الثَّقَفِيّ , قَالَا : (لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيّ أَهْل الْكِتَاب مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } قَالَ : قَالَ أَبُو بَكْر : يَا رَسُول اللَّه , وَإِنَّا لَنُجْزَى بِكُلِّ شَيْء نَعْمَلهُ ؟ قَالَ : | يَا أَبَا بَكْر أَلَسْت تَنْصَب , أَلَسْت تَحْزَن , أَلَسْت تُصِيبك اللَّأْوَاء ؟ فَهَذَا مِمَّا تُجْزَوْنَ بِهِ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , مَال : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي خَالِد , قَالَ : ثني أَبُو بَكْر بْن أَبِي زُهَيْر الثَّقَفِيّ , عَنْ أَبِي بَكْر , فَذَكَرَ مِثْل ذَلِكَ . 8302 - حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِب وَسُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَا : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ مُسْلِم , قَالَ : قَالَ أَبُو بَكْر : (يَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مَا أَشَدّ هَذِهِ الْآيَة : { مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } قَالَ : | يَا أَبَا بَكْر إِنَّ الْمُصِيبَة فِي الدُّنْيَا جَزَاء | )8303 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا رَوْح بْن عُبَادَة , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِر الْخَرَّاز , عَنْ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة , عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : (قُلْت : إِنِّي لَأَعْلَم أَيّ آيَة فِي كِتَاب اللَّه أَشَدّ ! فَقَالَ لِي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | أَيّ آيَة ؟ | فَقُلْت : { مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } قَالَ : | إِنَّ الْمُؤْمِن لَيُجَازَى بِأَسْوَأ عَمَله فِي الدُّنْيَا | , ثُمَّ ذَكَرَ أَشْيَاء مِنْهُنَّ الْمَرَض وَالنَّصَب , فَكَانَ آخِره أَنْ ذَكَرَ النَّكْبَة , فَقَالَ : | كُلّ ذِي عَمَل يُجْزَى بِعَمَلِهِ يَا عَائِشَة , إِنَّهُ لَيْسَ أَحَد يُحَاسَب يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا يُعَذَّب | . فَقُلْت : أَلَيْسَ يَقُول اللَّه : { فَسَوْفَ يُحَاسَب حِسَابًا يَسِيرًا } ؟ فَقَالَ : | ذَاكَ عِنْد الْعَرْض , إِنَّهُ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَاب عُذِّبَ | , وَقَالَ بِيَدِهِ عَلَى أُصْبُعه كَأَنَّهُ يَنْكُت . )8304 - حَدَّثَنِي الْقَاسِم بْن بِشْر بْن مَعْرُور , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان بْن حَرْب , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ عَلِيّ بْن زَيْد , عَنْ أُمَيَّة , قَالَتْ : (سَأَلْت عَائِشَة عَنْ هَذِهِ الْآيَة : { وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ اللَّه } [2 284 ], و { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيّ أَهْل الْكِتَاب مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } قَالَتْ : مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَد مُنْذُ سَأَلْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا , فَقَالَ : | يَا عَائِشَة ذَاكَ مَثَابَة اللَّه الْعَبْد بِمَا يُصِيبهُ مِنْ الْحُمَّى وَالْكِبَر , وَالْبِضَاعَة يَضَعهَا فِي كُمّه فَيَفْقِدهَا , فَيَفْزَع لَهَا فَيَجِدهَا فِي كُمّه , حَتَّى إِنَّ الْمُؤْمِن لَيَخْرُج مِنْ ذُنُوبه كَمَا يَخْرُج التِّبْر الْأَحْمَر مِنْ الْكِير . )* - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَا : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِر الْخَرَّاز , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي مُلَيْكَة عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : (قُلْت : يَا رَسُول اللَّه , إِنِّي لَأَعْلَم أَشَدّ آيَة فِي الْقُرْآن , فَقَالَ : | مَا هِيَ يَا عَائِشَة ؟ | قُلْت : هِيَ هَذِهِ الْآيَة يَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } فَقَالَ : | هُوَ مَا يُصِيب الْعَبْد الْمُؤْمِن , حَتَّى النَّكْبَة يُنْكَبهَا . )8305 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ الرَّبِيع بْن صُبْح , عَنْ عَطَاء , قَالَ : (لَمَّا نَزَلَتْ { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيّ أَهْل الْكِتَاب مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ } قَالَ أَبُو بَكْر : يَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مَا أَشَدّ هَذِهِ الْآيَة ! قَالَ : | يَا أَبَا بَكْر إِنَّك تَمْرَض , وَإِنَّك تَحْزَن , وَإِنَّك يُصِيبك أَذًى , فَذَاكَ بِذَاكَ . )8306 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح , قَالَ : (لَمَّا نَزَلَتْ , قَالَ أَبُو بَكْر : جَاءَتْ قَاصِمَة الظَّهْر , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | إِنَّمَا هِيَ الْمُصِيبَات فِي الدُّنْيَا | .)|وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا يَجِد لَهُ مِنْ دُون اللَّه وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا } . </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَلَا يَجِد } الَّذِي يَعْمَل سُوءًا مِنْ مَعَاصِي اللَّه وَخِلَاف مَا أَمَرَهُ بِهِ , { مِنْ دُون اللَّه } يَعْنِي : مِنْ بَعْد اللَّه وَسِوَاهُ , { وَلِيًّا } يَلِي أَمْره , وَيَحْمِي عَنْهُ مَا يَنْزِل بِهِ مِنْ عُقُوبَة اللَّه , { وَلَا نَصِيرًا } يَعْنِي : وَلَا نَاصِرًا يَنْصُرهُ مِمَّا يَحِلّ بِهِ مِنْ عُقُوبَة اللَّه وَأَلِيم نَكَاله .

وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ يَعْمَل مِنْ الصَّالِحَات مِنْ ذَكَر أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِن فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّة } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ : { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيّ أَهْل الْكِتَاب } يَقُول اللَّه لَهُمْ : إِنَّمَا يَدْخُل الْجَنَّة وَيُنَعَّم فِيهَا فِي الْآخِرَة , مَنْ يَعْمَل مِنْ الصَّالِحَات مِنْ ذُكُوركُمْ وَإِنَاثكُمْ , وَذُكُور عِبَادِي وَإِنَاثهمْ وَهُوَ مُؤْمِن بِي وَبِرَسُولِي مُحَمَّد , مُصَدِّق بِوَحْدَانِيَّتِي , وَنُبُوَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِي , لَا أَنْتُمْ أَيّهَا الْمُشْرِكُونَ بِي الْمُكَذِّبُونَ رَسُولِي , فَلَا تَطْمَعُوا أَنْ تَحِلُّوا وَأَنْتُمْ كُفَّار مَحَلّ الْمُؤْمِنِينَ بِي وَتَدْخُلُوا مَدَاخِلهمْ فِي الْقِيَامَة وَأَنْتُمْ مُكَذِّبُونَ بِرَسُولِي . كَمَا : 8307 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَوْله : ( { وَمَنْ يَعْمَل مِنْ الصَّالِحَات مِنْ ذَكَر أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِن } قَالَ : أَبَى أَنْ يَقْبَل الْإِيمَان إِلَّا بِالْعَمَلِ الصَّالِح , وَأَبَى أَنْ يَقْبَل الْإِسْلَام إِلَّا بِالْإِحْسَانِ . )فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِل : وَمَا وَجْه دُخُول | مِنْ | فِي قَوْله : { وَمَنْ يَعْمَل مِنْ الصَّالِحَات } , وَلَمْ يَقُلْ : وَمَنْ يَعْمَل الصَّالِحَات ؟ قِيلَ : لِدُخُولِهَا وَجْهَانِ : أَحَدهمَا أَنْ يَكُون اللَّه قَدْ عَلِمَ أَنَّ عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ لَنْ يُطِيقُوا أَنْ يَعْمَلُوا جَمِيع الْأَعْمَال الصَّالِحَات , فَأَوْجَبَ وَعْده لِمَنْ عَمِلَ مَا أَطَاقَ مِنْهَا وَلَمْ يَحْرِمْهُ مِنْ فَضْله بِسَبَبِ مَا عَجَزَتْ عَنْ عَمَله مِنْهَا قُوَاهُ. وَالْآخَر مِنْهُمَا أَنْ يَكُون تَعَالَى ذِكْره أَوْجَبَ وَعْده لِمَنْ اِجْتَنَبَ الْكَبَائِر وَأَدَّى الْفَرَائِض , وَإِنْ قَصَّرَ فِي بَعْض الْوَاجِب لَهُ عَلَيْهِ , تَفَضُّلًا مِنْهُ عَلَى عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ , إِذْ كَانَ الْفَضْل بِهِ أَوْلَى , وَالصَّفْح عَنْ أَهْل الْإِيمَان بِهِ أَحْرَى . وَقَدْ تَقَوَّلَ قَوْم مِنْ أَهْل الْعَرَبِيَّة أَنَّهَا أُدْخِلَتْ فِي هَذَا الْمَوْضِع بِمَعْنَى الْحَذْف , وَيَتَأَوَّلهُ : وَمَنْ يَعْمَل الصَّالِحَات مِنْ ذَكَر أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِن . وَذَلِكَ عِنْدِي غَيْر جَائِز , لِأَنَّ دُخُولهَا لِمَعْنًى , فَغَيْر جَائِز أَنْ يَكُون مَعْنَاهَا الْحَذْف.|وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا|وَأَمَّا قَوْله : { وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا } فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَلَا يَظْلِم اللَّه هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَات مِنْ ثَوَاب عَمَلهمْ مِقْدَار النُّقْرَة الَّتِي تَكُون فِي ظَهْر النَّوَاة فِي الْقِلَّة , فَكَيْفَ بِمَا هُوَ أَعْظَم مِنْ ذَلِكَ وَأَكْثَر. وَإِنَّمَا يُخْبِر بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عِبَاده أَنَّهُ لَا يَبْخَسهُمْ مِنْ جَزَاء أَعْمَالهمْ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا , وَلَكِنْ يُوَفِّيهِمْ ذَلِكَ كَمَا وَعَدَهُمْ . وَبِاَلَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى النَّقِير قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8308 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا } قَالَ : النَّقِير : الَّذِي يَكُون فِي ظَهْر النَّوَاة. )8309 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثنا قُرَّة , عَنْ عَطِيَّة , قَالَ : (النَّقِير : الَّذِي فِي وَسَط النَّوَاة .)

وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ أَحْسَن دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهه لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِن } </subtitle>وَهَذَا قَضَاء مِنْ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِلْإِسْلَامِ وَأَهْله بِالْفَضْلِ عَلَى سَائِر الْمِلَل غَيْره وَأَهْلهَا , يَقُول اللَّه : { وَمَنْ أَحْسَن دِينًا } أَيّهَا النَّاس , وَأَصْوَب طَرِيقًا وَأَهْدَى سَبِيلًا ; { مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهه لِلَّهِ } يَقُول : مِمَّنْ اِسْتَسْلَمَ وَجْهه لِلَّهِ , فَانْقَادَ لَهُ بِالطَّاعَةِ , مُصَدِّقًا نَبِيّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّه . { وَهُوَ مُحْسِن } يَعْنِي : وَهُوَ عَامِل بِمَا أَمَرَهُ بِهِ رَبّه , مُحَرِّم حَرَامه , وَمُحَلِّل حَلَاله. وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَيْضًا الضَّحَّاك . 8310 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : فَضَّلَ اللَّه الْإِسْلَام عَلَى كُلّ دِين , فَقَالَ : { وَمَنْ أَحْسَن دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهه لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِن }. .. إِلَى قَوْله : { وَاِتَّخَذَ اللَّه إِبْرَاهِيم خَلِيلًا } وَلَيْسَ يُقْبَل فِيهِ عَمَل غَيْر الْإِسْلَام , وَهِيَ الْحَنِيفِيَّة .|وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا| { وَاتَّبَعَ مِلَّة إِبْرَاهِيم حَنِيفًا } يَعْنِي بِذَلِكَ : وَاتَّبَعَ الدِّين الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن , وَأَمَرَ بِهِ بَنِيهِ مِنْ بَعْده وَأَوْصَاهُمْ بِهِ ; حَنِيفًا , يَعْنِي : مُسْتَقِيمًا عَلَى مِنْهَاجه وَسَبِيله . وَقَدْ بَيَّنَّا اِخْتِلَاف الْمُخْتَلِفِينَ فِيمَا مَضَى قَبْل فِي مَعْنَى الْحَنِيف وَالدَّلِيل عَلَى الصَّحِيح مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته .|وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاِتَّخَذَ اللَّه إِبْرَاهِيم خَلِيلًا } . </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَاِتَّخَذَ اللَّه إِبْرَاهِيم وَلِيًّا . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَمَا مَعْنَى الْخُلَّة الَّتِي أُعْطِيَهَا إِبْرَاهِيم ؟ قِيلَ : ذَلِكَ مِنْ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام الْعَدَاوَة فِي اللَّه وَالْبُغْض فِيهِ , وَالْوِلَايَة فِي اللَّه وَالْحُبّ فِيهِ , عَلَى مَا يُعْرَف مِنْ مَعَانِي الْخُلَّة . وَأَمَّا مِنْ اللَّه لِإِبْرَاهِيم , فَنُصْرَته عَلَى مَنْ حَاوَلَهُ بِسُوءٍ , كَاَلَّذِي فَعَلَ بِهِ إِذْ أَرَادَهُ نُمْرُوذ بِمَا أَرَادَهُ بِهِ مِنْ الْإِحْرَاق بِالنَّارِ , فَأَنْقَذَهُ مِنْهَا , وَأَعْلَى حُجَّته عَلَيْهِ إِذْ حَاجَّهُ , وَكَمَا فَعَلَ مَلِك مِصْر إِذْ أَرَادَهُ عَنْ أَهْله , وَتَمْكِينه مِمَّا أَحَبَّ , وَتَصْيِيره إِمَامًا لِمَنْ بَعْده مِنْ عِبَاده وَقُدْوَة لِمَنْ خَلَقَهُ فِي طَاعَته وَعِبَادَته , فَذَلِكَ مَعْنَى مُخَالَّته إِيَّاهُ . وَقَدْ قِيلَ : سَمَّاهُ اللَّه خَلِيلًا مِنْ أَجْل أَنَّهُ أَصَابَ أَهْل نَاحِيَته جَدْب , فَارْتَحَلَ إِلَى خَلِيل لَهُ مِنْ أَهْل الْمَوْصِل - وَقَالَ بَعْضهمْ : مِنْ أَهْل مِصْر - فِي امْتِيَار طَعَام لِأَهْلِهِ مِنْ قِبَله فَلَمْ يُصِبْ عِنْده حَاجَته , فَلَمَّا قَرُبَ مِنْ أَهْله مَرَّ بِمَفَازَةٍ ذَات رَمْل , فَقَالَ : لَوْ مَلَأْت غَرَائِرِي مِنْ هَذَا الرَّمْل لِئَلَّا أَغُمّ أَهْلِي بِرُجُوعِي إِلَيْهِمْ بِغَيْرِ مِيرَة , وَلِيَظُنُّوا أَنِّي قَدْ أَتَيْتهمْ بِمَا يُحِبُّونَ ! فَفَعَلَ ذَلِكَ , فَتَحَوَّلَ مَا فِي غَرَائِره مِنْ الرَّمْل دَقِيقًا , فَلَمَّا صَارَ إِلَى مَنْزِله نَامَ وَقَامَ أَهْله , فَفَتَحُوا الْغَرَائِر فَوَجَدُوا دَقِيقًا , فَعَجَنُوا مِنْهُ وَخَبَزُوا , فَاسْتَيْقَظَ فَسَأَلَهُمْ عَنْ الدَّقِيق الَّذِي مِنْهُ خَبَزُوا , فَقَالُوا : مِنْ الدَّقِيق الَّذِي جِئْت بِهِ مِنْ عِنْد خَلِيلك , فَعَلِمَ , فَقَالَ : نَعَمْ هُوَ مِنْ خَلِيلِي اللَّه . قَالُوا : فَسَمَّاهُ اللَّه بِذَلِكَ خَلِيلًا .

وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الْأَرْض } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَاِتَّخَذَ اللَّه إِبْرَاهِيم خَلِيلًا لِطَاعَتِهِ رَبّه , وَإِخْلَاصه الْعِبَادَة لَهُ , وَالْمُسَارَعَة إِلَى رِضَاهُ وَمَحَبَّته , لَا مِنْ حَاجَة بِهِ إِلَيْهِ وَإِلَى خُلَّته , وَكَيْفَ يَحْتَاج إِلَيْهِ وَإِلَى خُلَّته , وَلَهُ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الْأَرْض مِنْ قَلِيل وَكَثِير مُلْكًا , وَالْمَالِك الَّذِي إِلَيْهِ حَاجَة مُلْكه دُون حَاجَته إِلَيْهِ , فَكَذَلِكَ حَاجَة إِبْرَاهِيم إِلَيْهِ , لَا حَاجَته إِلَيْهِ , فَيَتَّخِذهُ مِنْ أَجْل حَاجَته إِلَيْهِ خَلِيلًا , وَلَكِنَّهُ اِتَّخَذَهُ خَلِيلًا لِمُسَارَعَتِهِ إِلَى رِضَاهُ وَمَحَبَّته . يَقُول : فَكَذَلِكَ فَسَارِعُوا إِلَى رِضَايَ وَمَحَبَّتِي لِأَتَّخِذكُمْ لِي أَوْلِيَاء.|وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا| { وَكَانَ اللَّه بِكُلِّ شَيْء مُحِيطًا } وَلَمْ يَزَلْ اللَّه مُحْصِيًا لِكُلِّ مَا هُوَ فَاعِله عِبَاده مِنْ خَيْر وَشَرّ , عَالِمًا بِذَلِكَ , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْهُ , وَلَا يَعْزُب عَنْهُ مِثْقَال ذَرَّة .

وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَسْتَفْتُونَك فِي النِّسَاء قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَاب فِي يَتَامَى النِّسَاء الَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَيَسْتَفْتُونَك فِي النِّسَاء } وَيَسْأَلك يَا مُحَمَّد أَصْحَابك أَنْ تُفْتِيَهُمْ فِي أَمْر النِّسَاء , وَالْوَاجِب لَهُنَّ وَعَلَيْهِنَّ . فَاكْتَفَى بِذِكْرِ النِّسَاء مِنْ ذِكْر شَأْنهنَّ , لِدَلَالَةِ مَا ظَهَرَ مِنْ الْكَلَام عَلَى الْمُرَاد مِنْهُ . { قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ } قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّد : اللَّه يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ , يَعْنِي فِي النِّسَاء . { وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَاب فِي يَتَامَى النِّسَاء اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ } . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَاب } فَقَالَ بَعْضهمْ : يَعْنِي بِقَوْلِهِ : { وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ } قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ , وَفِيمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ , قَالُوا : وَاَلَّذِي يُتْلَى عَلَيْهِمْ هُوَ آيَات الْفَرَائِض , الَّتِي فِي أَوَّل هَذِهِ السُّورَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8311 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام بْن سَلْم , عَنْ عَمْرو بْن أَبِي قَيْس , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَيَسْتَفْتُونَك فِي النِّسَاء قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَاب } قَالَ : كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة لَا يُوَرِّثُونَ الْمَوْلُود حَتَّى يَكْبَر , وَلَا يُوَرِّثُونَ الْمَرْأَة ; فَلَمَّا كَانَ الْإِسْلَام قَالَ : { وَيَسْتَفْتُونَك فِي النِّسَاء قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَاب } فِي أَوَّل السُّورَة فِي الْفَرَائِض اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كَتَبَ اللَّه لَهُنَّ . )8312 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَة : ( { وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَاب فِي يَتَامَى النِّسَاء اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ } قَالَتْ : هَذَا فِي الْيَتِيمَة تَكُون عِنْد الرَّجُل لَعَلَّهَا أَنْ تَكُون شَرِيكَته فِي مَاله , وَهُوَ أَوْلَى بِهَا مِنْ غَيْره , فَيَرْغَب عَنْهَا أَنْ يَنْكِحهَا وَيَعْضُلهَا لِمَالِهَا وَلَا يُنْكِحهَا غَيْره كَرَاهِيَة أَنْ يَشْرَكهُ أَحَد فِي مَالهَا . )8313 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع وَابْن حُمَيْد , قَالَا : ثنا جَرِير , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (كَانُوا لَا يُوَرِّثُونَ فِي الْجَاهِلِيَّة النِّسَاء وَالصَّبِيّ حَتَّى يَحْتَلِم , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَيَسْتَفْتُونَك فِي النِّسَاء قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَاب فِي يَتَامَى النِّسَاء } فِي أَوَّل سُورَة النِّسَاء مِنْ الْفَرَائِض. )8314 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ أَشْعَث , عَنْ جَعْفَر , عَنْ شُعْبَة , قَالَ : (كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة لَا يُوَرِّثُونَ الْيَتِيمَة وَلَا يَنْكِحُونَهَا وَيَعْضُلُونَهَا , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَيَسْتَفْتُونَك فِي النِّسَاء قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ } . .. إِلَى آخِر الْآيَة . )8315 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : أَخْبَرَنِي الْحَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه بْن كَثِير أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيد بْن جُبَيْر يَقُول فِي قَوْله : ( { وَيَسْتَفْتُونَك فِي النِّسَاء قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَاب فِي يَتَامَى النِّسَاء اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ } . .. الْآيَة , قَالَ : كَانَ لَا يَرِث إِلَّا الرَّجُل الَّذِي قَدْ بَلَغَ , لَا يَرِث الرَّجُل الصَّغِير , وَلَا الْمَرْأَة ; فَلَمَّا نَزَلَتْ آيَة الْمَوَارِيث فِي سُورَة النِّسَاء , شَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاس , وَقَالُوا : يَرِث الصَّغِير الَّذِي لَا يَعْمَل فِي الْمَال وَلَا يَقُوم فِيهِ , وَالْمَرْأَة هِيَ كَذَلِكَ فَيَرِثَانِ كَمَا يَرِث الرَّجُل الَّذِي يَعْمَل فِي الْمَال ! فَرَجَوْا أَنْ يَأْتِيَ فِي ذَلِكَ حَدَث مِنْ السَّمَاء , فَانْتَظَرُوا فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُ لَا يَأْتِي حَدَث , قَالُوا : لَئِنْ تَمَّ هَذَا إِنَّهُ لَوَاجِب مَا مِنْهُ بُدّ , ثُمَّ قَالُوا : سَلُوا ! فَسَأَلُوا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَيَسْتَفْتُونَك فِي النِّسَاء قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَاب } فِي أَوَّل السُّورَة : { فِي يَتَامَى النِّسَاء اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ } قَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر : وَكَانَ الْوَلِيّ إِذَا كَانَتْ الْمَرْأَة ذَات جَمَال وَمَال رَغِبَ فِيهَا وَنَكَحَهَا وَاسْتَأْثَرَ بِهَا , وَإِذَا لَمْ تَكُنْ ذَات جَمَال وَمَال أَنْكَحَهَا وَلَمْ يَنْكِحهَا . )8316 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم : ( { وَيَسْتَفْتُونَك فِي النِّسَاء قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَاب فِي يَتَامَى النِّسَاء اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ } قَالَ : كَانُوا إِذَا كَانَتْ الْجَارِيَة يَتِيمَة دَمِيمَة لَمْ يُعْطُوهَا مِيرَاثهَا وَحَبَسُوهَا عَنْ التَّزْوِيج حَتَّى تَمُوت , فَيَرِثُوهَا , فَأَنْزَلَ اللَّه هَذَا . )* - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم فِي قَوْله : ( { وَيَسْتَفْتُونَك فِي النِّسَاء قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ } قَالَ : كَانَ الرَّجُل مِنْهُمْ تَكُون لَهُ الْيَتِيمَة بِهَا الدَّمَامَة وَالْأَمْر الَّذِي يُرَغِّب عَنْهَا فِيهِ وَلَهَا مَال , قَالَ : فَلَا يَتَزَوَّجهَا وَلَا يُزَوِّجهَا حَتَّى تَمُوت فَيَرِثهَا , قَالَ : فَنَهَاهُمْ اللَّه عَنْ ذَلِكَ . )8317 - حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي مَالِك : ( { وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَاب فِي يَتَامَى النِّسَاء اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ } قَالَ : كَانَتْ الْمَرْأَة إِذَا كَانَتْ عِنْد وَلِيّ يَرْغَب عَنْهَا حَبَسَهَا إِنْ لَمْ يَتَزَوَّجهَا وَلَمْ يَدَع أَحَدًا يَتَزَوَّجهَا. )8318 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { فِي يَتَامَى النِّسَاء اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ } قَالَ : كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة لَا يُوَرِّثُونَ النِّسَاء وَلَا الصِّبْيَان شَيْئًا , كَانُوا يَقُولُونَ : لَا يَغْزُونَ وَلَا يَغْنَمُونَ خَيْرًا , فَفَرَضَ اللَّه لَهُنَّ الْمِيرَاث حَقًّا وَاجِبًا , لِيُتَنَافَس أَوْ لِيُنْفَس الرَّجُل فِي مَال يَتِيمَته إِنْ لَمْ تَكُنْ حَسَنَة . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , بِنَحْوِهِ . 8319 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثنا أَبِي , قَالَ : ثنا عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَيَسْتَفْتُونَك فِي النِّسَاء قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَاب } يَعْنِي الْفَرَائِض الَّتِي اِفْتَرَضَ فِي أَمْر النِّسَاء اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ , { وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ } قَالَ : كَانَتْ الْيَتِيمَة تَكُون فِي حَجْر الرَّجُل , فَيَرْغَب أَنْ يَنْكِحهَا , أَوْ يُجَامِعهَا وَلَا يُعْطِيهَا مَالهَا , رَجَاء أَنْ تَمُوت فَيَرِثهَا , وَإِنْ مَاتَ لَهَا حَمِيم لَمْ تُعْطَ مِنْ الْمِيرَاث شَيْئًا , وَكَانَ ذَلِكَ فِي الْجَاهِلِيَّة , فَبَيَّنَ اللَّه لَهُمْ ذَلِكَ . )8320 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَيَسْتَفْتُونَك فِي النِّسَاء قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ } حَتَّى بَلَغَ : { وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ } فَكَانَ الرَّجُل تَكُون فِي حَجْره الْيَتِيمَة بِهَا دَمَامَة وَلَهَا مَال , فَكَانَ يَرْغَب عَنْهَا أَنْ يَتَزَوَّجهَا وَيَحْبِسهَا لِمَالِهَا , فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِ مَا تَسْمَعُونَ . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : ( { وَيَسْتَفْتُونَك فِي النِّسَاء قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ } قَالَ : كَانَتْ الْيَتِيمَة تَكُون فِي حَجْر الرَّجُل فِيهَا دَمَامَة , فَيَرْغَب عَنْهَا أَنْ يَنْكِحهَا , وَلَا يُنْكِحهَا رَغْبَة فِي مَالهَا . )8321 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَوْله : ( { وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَاب فِي يَتَامَى النِّسَاء اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ } . .. إِلَى قَوْله : { بِالْقِسْطِ } قَالَ : كَانَ جَابِر بْن عَبْد اللَّه الْأَنْصَارِيّ ثُمَّ السُّلَمِيّ لَهُ اِبْنَة عَمّ عَمْيَاء , وَكَانَتْ دَمِيمَة , وَكَانَتْ قَدْ وَرِثَتْ عَنْ أَبِيهَا مَالًا , فَكَانَ جَابِر يَرْغَب عَنْ نِكَاحهَا وَلَا يُنْكِحهَا رَهْبَة أَنْ يَذْهَب الزَّوْج بِمَالِهَا , فَسَأَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ . وَكَانَ نَاس فِي حُجُورهمْ جَوَارٍ أَيْضًا مِثْل ذَلِكَ , فَجَعَلَ جَابِر يَسْأَل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَتَرِثُ الْجَارِيَة إِذَا كَانَتْ قَبِيحَة عَمْيَاء ؟ فَجَعَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول | نَعَمْ | , فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِنَّ هَذَا. )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَيَسْتَفْتُونَك فِي النِّسَاء , قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ , وَفِيمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَاب فِي آخِر سُورَة النِّسَاء , وَذَلِكَ قَوْله : { يَسْتَفْتُونَك قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَة } . .. [4 176 ]إِلَى آخِر السُّورَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8322 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثنا سَلَّام بْن سُلَيْم , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر قَالَ : (كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة لَا يُوَرِّثُونَ الْوِلْدَان حَتَّى يَحْتَلِمُوا , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَيَسْتَفْتُونَك فِي النِّسَاء } إِلَى قَوْله : { فَإِنَّ اللَّه كَانَ بِهِ عَلِيمًا } قَالَ : وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَد } . .. [4 176 ]الْآيَة كُلّهَا . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَيَسْتَفْتُونَك فِي النِّسَاء , قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَفِيمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَاب , يَعْنِي فِي أَوَّل هَذِهِ السُّورَة , وَذَلِكَ قَوْله : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } [4 3 ]. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8323 - حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُس اِبْن يَزِيد , عَنْ اِبْن شِهَاب , قَالَ : أَخْبَرَنِي عُرْوَة بْن الزُّبَيْر (أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَة زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , عَنْ قَوْل اللَّه : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } قَالَتْ : يَا اِبْن أُخْتِي هِيَ الْيَتِيمَة تَكُون فِي حَجْر وَلِيّهَا , تُشَارِكهُ فِي مَاله , فَيُعْجِبهُ مَالهَا وَجَمَالهَا , فَيُرِيد وَلِيّهَا أَنْ يَتَزَوَّجهَا بِغَيْرِ أَنْ يُقْسِط فِي صَدَاقهَا , فَيُعْطِيَهَا مِثْل مَا يُعْطِيهَا غَيْره , فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ وَيَبْلُغُوا بِهِنَّ أَعْلَى سُنَّتهنَّ مِنْ الصَّدَاق , وَأُمِرُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا طَابَ لَهُمْ مِنْ النِّسَاء سِوَاهُنَّ. قَالَ عُرْوَة : قَالَتْ عَائِشَة : ثُمَّ إِنَّ النَّاس اِسْتَفْتَوْا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْد هَذِهِ الْآيَة فِيهِنَّ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَيَسْتَفْتُونَك فِي النِّسَاء قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَاب فِي يَتَامَى النِّسَاء اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ } قَالَتْ : وَاَلَّذِي ذَكَرَ اللَّه أَنَّهُ يُتْلَى فِي الْكِتَاب الْآيَة الْأُولَى الَّتِي قَالَ فِيهَا : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } [4 3 ]. )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني اللَّيْث , قَالَ : ثني يُونُس , عَنْ اِبْن شِهَاب , عَنْ عُرْوَة , عَنْ عَائِشَة , مِثْله . فَعَلَى هَذِهِ الْأَقْوَال الثَّلَاثَة الَّتِي ذَكَرْنَاهَا | مَا | الَّتِي فِي قَوْله : { وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ } فِي مَوْضِع خَفْض بِمَعْنَى الْعَطْف عَلَى الْهَاء وَالنُّون الَّتِي فِي قَوْله : { يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ } فَكَأَنَّهُمْ وَجَّهُوا تَأْوِيل الْآيَة : قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ أَيّهَا النَّاس فِي النِّسَاء , وَفِيمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَاب. وَقَالَ آخَرُونَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْم مِنْ أَصْحَابه سَأَلُوهُ عَنْ أَشْيَاء مِنْ أَمْر النِّسَاء , وَتَرَكُوا الْمَسْأَلَة عَنْ أَشْيَاء أُخَر كَانُوا يَفْعَلُونَهَا , فَأَفْتَاهُمْ اللَّه فِيمَا سَأَلُوا عَنْهُ وَفِيمَا تَرَكُوا الْمَسْأَلَة عَنْهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8324 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى وَسُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَ سُفْيَان : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , وَقَالَ اِبْن الْمُثَنَّى : ثني عَبْد الْأَعْلَى قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي مُوسَى فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { وَيَسْتَفْتُونَك فِي النِّسَاء } قَالَ : اِسْتَفْتَوْا نَبِيّ اللَّه فِي النِّسَاء , وَسَكَتُوا عَنْ شَيْء كَانُوا يَفْعَلُونَهُ , فَأَنْزَلَهُ اللَّه : { وَيَسْتَفْتُونَك فِي النِّسَاء قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَاب } وَيُفْتِيكُمْ فِيمَا لَمْ تَسْأَلُوا عَنْهُ . قَالَ : كَانُوا لَا يَتَزَوَّجُونَ الْيَتِيمَة إِذَا كَانَ بِهَا دَمَامَة , وَلَا يَدْفَعُونَ إِلَيْهَا مَالهَا فَتُنْفِق , فَنَزَلَتْ : { قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِي النِّسَاء وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَاب فِي يَتَامَى النِّسَاء اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ } قَالَ : وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْوِلْدَان . قَالَ : كَانُوا يُوَرِّثُونَ الْأَكَابِر وَلَا يُوَرِّثُونَ الْأَصَاغِر , ثُمَّ أَفْتَاهُمْ فِيمَا سَكَتُوا عَنْهُ , فَقَالَ : { وَإِنْ اِمْرَأَة خَافَتْ مِنْ بَعْلهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنهمَا صُلْحًا وَالصُّلْح خَيْر } ), وَلَفْظ الْحَدِيث لِابْنِ الْمُثَنَّى . قَالَ أَبُو جَعْفَر : فَعَلَى هَذَا الْقَوْل الَّذِي يُتْلَى عَلَيْنَا فِي الْكِتَاب الَّذِي قَالَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ } : { وَإِنْ اِمْرَأَة خَافَتْ مِنْ بَعْلهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا } . .. الْآيَة , وَاَلَّذِي سَأَلَ الْقَوْم فَأُجِيبُوا عَنْهُ فِي يَتَامَى النِّسَاء اللَّاتِي كَانُوا لَا يُؤْتُونَهُنَّ مَا كَتَبَ اللَّه لَهُنَّ مِنْ الْمِيرَاث عَمَّنْ وَرِثْنَهُ عَنْهُ . وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال الَّتِي ذَكَرْنَا عَمَّنْ ذَكَرْنَاهَا عَنْهُ بِالصَّوَابِ وَأَشْبَهُهَا بِظَاهِرِ التَّنْزِيل قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى قَوْله : { وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَاب } : وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ مِنْ آيَات الْفَرَائِض فِي أَوَّل هَذِهِ السُّورَة وَآخِرهَا. وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ , لِأَنَّ الصَّدَاق لَيْسَ مِمَّا كُتِبَ لِلنِّسَاءِ إِلَّا بِالنِّكَاحِ , فَمَا لَمْ تَنْكِح فَلَا صَدَاق لَهَا قِبَل أَحَد , وَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهَا قِبَل أَحَد لَمْ يَكُنْ مِمَّا كُتِبَ لَهَا , وَإِذَا لَمْ يَكُنْ كُتِبَ لَهَا , لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِ قَائِل عُنِيَ بِقَوْلِهِ : { وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَاب } : الْإِقْسَاط فِي صَدُقَات يَتَامَى النِّسَاء وَجْه , لِأَنَّ اللَّه قَالَ فِي سِيَاق الْآيَة مُبَيِّنًا عَنْ الْفُتْيَا الَّتِي وَعَدَنَا أَنْ يُفْتِيَنَاهَا فِي يَتَامَى النِّسَاء اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ , فَأَخْبَرَ أَنَّ بَعْض الَّذِي يُفْتِينَا فِيهِ مِنْ أَمْر النِّسَاء أَمْر الْيَتِيمَة الْمَحُول بَيْنهَا وَبَيْن مَا كَتَبَ اللَّه لَهَا , وَالصَّدَاق قَبْل عَقْد النِّكَاح لَيْسَ مِمَّا كَتَبَ اللَّه لَهَا عَلَى أَحَد , فَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّ الَّتِي عُنِيَتْ بِهَذِهِ الْآيَة هِيَ الَّتِي قَدْ حِيلَ بَيْنهَا وَبَيْن الَّذِي كُتِبَ لَهَا مِمَّا يُتْلَى عَلَيْنَا فِي كِتَاب اللَّه . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمِيرَاث الَّذِي يُوجِبهُ اللَّه لَهُنَّ فِي كِتَابه . فَأَمَّا الَّذِي ذُكِرَ عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي مُوسَى , فَإِنَّهُ مَعَ خُرُوجه مِنْ قَوْل أَهْل التَّأْوِيل , بَعِيد مِمَّا يَدُلّ عَلَيْهِ ظَاهِر التَّنْزِيل , وَذَلِكَ أَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ الَّذِي عَنَى اللَّه بِقَوْلِهِ : { وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَاب } هُوَ { وَإِنْ اِمْرَأَة خَافَتْ مِنْ بَعْلهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا } , وَإِذَا وُجِّهَ الْكَلَام إِلَى الْمَعْنَى الَّذِي تَأَوَّلَهُ صَارَ الْكَلَام مُبْتَدَأ مِنْ قَوْله : { فِي يَتَامَى النِّسَاء اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ } تَرْجَمَة بِذَلِكَ عَنْ قَوْله { فِيهِنَّ } وَيَصِير مَعْنَى الْكَلَام : قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ فِي يَتَامَى النِّسَاء اللَّاتِي وَلَا تُؤْتُونَهُنَّ , وَلَا دَلَالَة فِي الْآيَة عَلَى مَا قَالَهُ , وَلَا أَثَر عَمَّنْ يُعْلَم بِقَوْلِهِ صِحَّة ذَلِكَ . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , كَانَ وَصْل مَعَانِي الْكَلَام بَعْضه بِبَعْضٍ أَوْلَى مَا وُجِدَ إِلَيْهِ سَبِيل . فَإِذَا كَانَ الْأَمْر عَلَى مَا وَصَفْنَا , فَقَوْله : { فِي يَتَامَى النِّسَاء } بِأَنْ يَكُون صِلَة لِقَوْلِهِ : { وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ } أَوْلَى مِنْ أَنْ يَكُون تَرْجَمَة عَنْ قَوْله : { قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ } لِقُرْبِهِ مِنْ قَوْله : { وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَاب } , وَانْقِطَاعه عَنْ قَوْله : { يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ } . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَتَأْوِيل الْآيَة : وَيَسْتَفْتُونَك فِي النِّسَاء , قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ , وَفِيمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي كِتَاب اللَّه الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى نَبِيّه فِي أَمْر يَتَامَى النِّسَاء اللَّاتِي لَا تُعْطُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ , يَعْنِي : مَا فَرَضَ اللَّه لَهُنَّ مِنْ الْمِيرَاث عَمَّنْ وَرِثْنَهُ . كَمَا : 8325 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : ( { لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ } قَالَ : لَا تُوَرِّثُونَهُنَّ . )8326 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَوْله : ( { لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ } قَالَ : مِنْ الْمِيرَاث , قَالَ : كَانُوا لَا يُوَرِّثُونَ النِّسَاء , | وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ |. )وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله : { وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَتَرْغَبُونَ عَنْ نِكَاحهنَّ . وَقَدْ مَضَى ذِكْر جَمَاعَة مِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ , وَسَنَذْكُرُ قَوْل آخَرِينَ لَمْ نَذْكُرهُمْ . 8327 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة السَّامِيّ , قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه بْن عَوْن , عَنْ الْحَسَن : ( { وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ } قَالَ : تَرْغَبُونَ عَنْهُنَّ . )* - حَدَّثَنَا يَعْقُوب وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ اِبْن عَوْن , عَنْ الْحَسَن , مِثْله . 8328 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُس بْن يَزِيد , عَنْ اِبْن شِهَاب , عَنْ عُرْوَة , قَالَ : قَالَتْ عَائِشَة فِي قَوْله اللَّه : ( { وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ } : رَغْبَة أَحَدكُمْ عَنْ يَتِيمَته الَّتِي تَكُون فِي حَجْره حِين تَكُون قَلِيلَة الْمَال وَالْجَمَال , فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَنْ رَغِبُوا فِي مَالهَا وَجَمَالهَا مِنْ يَتَامَى النِّسَاء إِلَّا بِالْقِسْطِ مِنْ أَجْل رَغْبَتهمْ عَنْهُنَّ . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , يَعْنِي اِبْن صَالِح ,. قَالَ : ثني اللَّيْث , قَالَ : ثني يُونُس , عَنْ اِبْن شِهَاب , قَالَ : قَالَ عُرْوَة , قَالَتْ عَائِشَة , فَذَكَرَ مِثْله. وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَتَرْغَبُونَ فِي نِكَاحهنَّ . وَقَدْ مَضَى ذِكْر جَمَاعَة مِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ قَبْل , وَنَحْنُ ذَاكِرُو قَوْل مَنْ لَمْ نَذْكُر مِنْهُمْ . 8329 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا اِبْن عَوْن عَنْ مُحَمَّد , عَنْ عُبَيْدَة : ( { وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ } قَالَ : وَتَرْغَبُونَ فِيهِنَّ . )* - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ اِبْن عَوْن , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : قُلْت لِعُبَيْدَة : ( { وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ } قَالَ : تَرْغَبُونَ فِيهِنَّ . )8330 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : ( { فِي يَتَامَى النِّسَاء اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ } فَكَانَ الرَّجُل فِي الْجَاهِلِيَّة تَكُون عِنْده الْيَتِيمَة فَيُلْقِي عَلَيْهَا ثَوْبه , فَإِذَا فَعَلَ بِهَا ذَلِكَ لَمْ يَقْدِر أَحَد أَنْ يَتَزَوَّجهَا أَبَدًا , فَإِنْ كَانَتْ جَمِيلَة وَهَوِيَهَا تَزَوَّجَهَا وَأَكَلَ مَالهَا , وَإِنْ كَانَتْ دَمِيمَة مَنَعَهَا الرَّجُل أَبَدًا حَتَّى تَمُوت فَإِذَا مَاتَتْ وَرِثَهَا , فَحَرَّمَ اللَّه ذَلِكَ وَنَهَى عَنْهُ . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِتَأْوِيلِ الْآيَة قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَتَرْغَبُونَ عَنْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ , لِأَنَّ حَبْسهمْ أَمْوَالهنَّ عَنْهُنَّ , مَعَ عَضْلهمْ إِيَّاهُنَّ إِنَّمَا كَانَ لِيَرِثُوا أَمْوَالهنَّ دُون زَوْج إِنْ تَزَوَّجْنَ . وَلَوْ كَانَ الَّذِينَ حَبَسُوا عَنْهُنَّ أَمْوَالهنَّ إِنَّمَا حَبَسُوهَا عَنْهُنَّ رَغْبَة فِي نِكَاحهنَّ , لَمْ يَكُنْ لِلْحَبْسِ عَنْهُنَّ وَجْه مَعْرُوف , لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَوْلِيَاءَهُنَّ , وَلَمْ يَكُنْ يَمْنَعهُمْ مِنْ نِكَاحهنَّ مَانِع فَيَكُون بِهِ حَاجَة إِلَى حَبْس مَالهَا عَنْهَا لِيَتَّخِذ حَبْسهَا عَنْهَا سَبَبًا إِلَى إِنْكَاحهَا نَفْسهَا مِنْهُ .|وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْوِلْدَان وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ } . </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَيَسْتَفْتُونَك فِي النِّسَاء , قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَفِيمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَاب , وَفِي الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْوِلْدَانِ , وَفِي أَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ . وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَة بِذَلِكَ عَمَّنْ قَالَهُ مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فِيمَا مَضَى , وَاَلَّذِي أَفْتَاهُمْ فِي أَمْر الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْوِلْدَانِ أَنْ يُؤْتُوهُمْ حُقُوقهمْ مِنْ الْمِيرَاث لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يُوَرِّثُونَ الصِّغَار مِنْ أَوْلَاد الْمَيِّت , وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُقْسِطُوا فِيهِمْ فَيَعْدِلُوا وَيُعْطُوهُمْ فَرَائِضهمْ عَلَى مَا قَسَمَ اللَّه لَهُمْ فِي كِتَابه . كَمَا : 8331 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَوْله : ( { وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْوِلْدَان } كَانُوا لَا يُوَرِّثُونَ جَارِيَة وَلَا غُلَامًا صَغِيرًا , فَأَمَرَهُمْ اللَّه أَنْ يَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ. وَالْقِسْط : أَنْ يُعْطَى كُلّ ذِي حَقّ مِنْهُمْ حَقّه , ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى , الصَّغِير مِنْهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْكَبِير . )8332 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَيَسْتَفْتُونَك فِي النِّسَاء قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَاب فِي يَتَامَى النِّسَاء اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ } قَالَ : لَا تُوَرِّثُونَهُنَّ مَالًا , { وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ } قَالَ : فَدَخَلَ النِّسَاء وَالصَّغِير وَالْكَبِير فِي الْمَوَارِيث , وَنَسَخَتْ الْمَوَارِيث ذَلِكَ الْأَوَّل. )8333 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ } أُمِرُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ : بِالْعَدْلِ . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 8334 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي مَالِك : ( { وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْوِلْدَان وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ } قَالَ : كَانُوا لَا يُوَرِّثُونَ إِلَّا الْأَكْبَر فَالْأَكْبَر. )8335 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْوِلْدَان } فَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة لَا يُوَرِّثُونَ الصِّغَار وَلَا الْبَنَات , فَذَلِكَ قَوْله : { لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ } فَنَهَى اللَّه عَنْ ذَلِكَ , وَبَيَّنَ لِكُلِّ ذِي سَهْم سَهْمه , فَقَالَ : { لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ } صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : ( { وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْوِلْدَان وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ } وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يُوَرِّثُونَ الصَّغِير وَالضَّعِيف شَيْئًا , فَأَمَرَ اللَّه أَنْ يُعْطِيه نَصِيبه مِنْ الْمِيرَاث . )8336 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُغِيرَة عَنْ إِبْرَاهِيم : (أَنَّ عُمَر بْن الْخَطَّاب كَانَ إِذَا جَاءَهُ وَلِيّ الْيَتِيمَة فَإِنْ كَانَتْ حَسَنَة غَنِيَّة قَالَ لَهُ عُمَر : زَوِّجْهَا غَيْرك , وَالْتَمِسْ لَهَا مَنْ هُوَ خَيْر مِنْك ! وَإِذَا كَانَتْ بِهَا دَمَامَة وَلَا مَال لَهَا , قَالَ : تَزَوَّجْهَا فَأَنْتَ أَحَقّ بِهَا ! . )8337 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا يُونُس بْن عُبَيْد , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : (جَاءَ رَجُل إِلَى عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب , فَقَالَ : يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ مَا أَمْرِي , وَمَا أَمْر يَتِيمَتِي ؟ قَالَ : فِي أَيّ بَالكُمَا ؟ قَالَ : ثُمَّ قَالَ عَلِيّ : أَمُتَزَوِّجهَا أَنْتَ غَنِيَّة جَمِيلَة ؟ قَالَ : نَعَمْ وَالْإِلَه ! قَالَ : فَتَزَوَّجْهَا دَمِيمَة لَا مَال لَهَا ! ثُمَّ قَالَ عَلِيّ : تَزَوَّجْهَا إِنْ كُنْت خَيْرًا لَهَا , فَإِنْ كَانَ غَيْرك خَيْرًا لَهَا فَأَلْحِقْهَا بِالْخَيْرِ. )قَالَ أَبُو جَعْفَر : فَقِيَامهمْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ كَانَ الْعَدْل فِيمَا أَمَرَ اللَّه فِيهِمْ .|وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْر فَإِنَّ اللَّه كَانَ بِهِ عَلِيمًا } . </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَمَهْمَا يَكُنْ مِنْكُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ مِنْ عَدْل فِي أَمْوَال الْيَتَامَى الَّتِي أَمَرَكُمْ اللَّه أَنْ تَقُومُوا فِيهِمْ بِالْقِسْطِ , وَالِانْتِهَاء إِلَى أَمْر اللَّه فِي ذَلِكَ , وَفِي غَيْره , وَإِلَى طَاعَته , فَإِنَّ اللَّه كَانَ بِهِ عَلِيمًا لَمْ يَزَلْ عَالِمًا بِمَا هُوَ كَائِن مِنْكُمْ , وَهُوَ مُحْصٍ ذَلِكَ كُلّه عَلَيْكُمْ , حَافِظ لَهُ , حَتَّى يُجَازِيَكُمْ بِهِ جَزَاءَكُمْ يَوْم الْقِيَامَة.

وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ اِمْرَأَة خَافَتْ مِنْ بَعْلهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنهمَا صُلْحًا وَالصُّلْح خَيْر } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَإِنْ اِمْرَأَة خَافَتْ مِنْ بَعْلهَا } يَقُول : عَلِمَتْ مِنْ زَوْجهَا { نُشُوزًا } يَعْنِي اِسْتِعْلَاء بِنَفْسِهِ عَنْهَا إِلَى غَيْرهَا , أَثَرَة عَلَيْهَا , وَارْتِفَاعًا بِهَا عَنْهَا , إِمَّا لِبِغْضَةٍ , وَإِمَّا لِكَرَاهَةٍ مِنْهُ بَعْض أَشْيَاء بِهَا , إِمَّا دَمَامَتهَا , وَإِمَّا سِنّهَا وَكِبَرهَا , أَوْ غَيْر ذَلِكَ مِنْ أُمُورهَا . { أَوْ إِعْرَاضًا } يَعْنِي : اِنْصِرَافًا عَنْهَا بِوَجْهِهِ أَوْ بِبَعْضِ مَنَافِعه , الَّتِي كَانَتْ لَهَا مِنْهُ { فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنهمَا صُلْحًا } يَقُول فَلَا حَرَج عَلَيْهِمَا , يَعْنِي : عَلَى الْمَرْأَة الْخَائِفَة نُشُوز بَعْلهَا أَوْ إِعْرَاضه عَنْهَا , أَنْ يُصْلِحَا بَيْنهمَا صُلْحًا , وَهُوَ أَنْ تَتْرُك لَهُ يَوْمهَا , أَوْ تَضَع عَنْهُ بَعْض الْوَاجِب لَهَا مِنْ حَقّ عَلَيْهِ , تَسْتَعْطِفهُ بِذَلِكَ , وَتَسْتَدِيم الْمُقَام فِي حِبَاله , وَالتَّمَسُّك بِالْعَقْدِ الَّذِي بَيْنهَا وَبَيْنه مِنْ النِّكَاح , يَقُول : { وَالصُّلْح خَيْر } يَعْنِي : وَالصُّلْح بِتَرْكِ بَعْض الْحَقّ اِسْتِدَامَة لِلْحُرْمَةِ , وَتَمَاسُكًا بِعَقْدِ النِّكَاح , خَيْر مِنْ طَلَب الْفُرْقَة وَالطَّلَاق . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8338 - حَدَّثَنَا هَنَّاد بْن السَّرِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو الْأَحْوَص , عَنْ سِمَاك , عَنْ خَالِد عَنْ عَرْعَرَة : (أَنَّ رَجُلًا أَتَى عَلِيًّا رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يَسْتَفْتِيه فِي اِمْرَأَة خَافَتْ مِنْ بَعْلهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا , فَقَالَ : قَدْ تَكُون الْمَرْأَة عِنْد الرَّجُل , فَتَنْبُو عَيْنَاهُ عَنْهَا مِنْ دَمَامَتهَا أَوْ كِبَرهَا أَوْ سُوء خُلُقهَا أَوْ فَقْرهَا , فَتَكْرَه فِرَاقه , فَإِنْ وَضَعَتْ لَهُ مِنْ مَهْرهَا شَيْئًا حَلَّ لَهُ , وَإِنْ جَعَلَتْ لَهُ مِنْ أَيَّامهَا شَيْئًا فَلَا حَرَج . )* - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ سِمَاك بْن حَرْب , عَنْ خَالِد , عَنْ عَرْعَرَة , قَالَ : (سُئِلَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : { وَإِنْ اِمْرَأَة خَافَتْ مِنْ بَعْلهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنهمَا صُلْحًا } قَالَ : الْمَرْأَة الْكَبِيرَة أَوْ الدَّمِيمَة أَوْ لَا يُحِبّهَا زَوْجهَا فَيَصْطَلِحَانِ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُد , قَالَ : ثنا شُعْبَة وَحَمَّاد بْن سَلَمَة وَأَبُو الْأَحْوَص , كُلّهمْ عَنْ سِمَاك بْن حَرْب , عَنْ خَالِد عَنْ عَرْعَرَة , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ بِنَحْوِهِ . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ سِمَاك , عَنْ خَالِد عَنْ عَرْعَرَة : (أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّه عَنْهُ عَنْ قَوْله : { فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنهمَا صُلْحًا } قَالَ : تَكُون الْمَرْأَة عِنْد الرَّجُل دَمِيمَة فَتَنْبُو عَيْنه مِنْ دَمَامَتهَا أَوْ كِبَرهَا , فَإِنْ جَعَلَتْ لَهُ مِنْ أَيَّامهَا أَوْ مَالهَا شَيْئًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ جُنَاح . )8339 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثنا جَرِير , عَنْ أَشْعَث , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , قَالَ : (جَاءَ رَجُل إِلَى عُمَر , فَسَأَلَهُ عَنْ آيَة , فَكَرِهَ ذَلِكَ وَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ , فَسَأَلَهُ آخَر عَنْ هَذِهِ الْآيَة : { وَإِنْ اِمْرَأَة خَافَتْ مِنْ بَعْلهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا } فَقَالَ : عَنْ مِثْل هَذَا فَسَلُوا ! ثُمَّ قَالَ : هَذِهِ الْمَرْأَة تَكُون عِنْد الرَّجُل قَدْ خَلَا مِنْ سِنّهَا , فَيَتَزَوَّج الْمَرْأَة الشَّابَّة يَلْتَمِس وَلَدهَا , فَمَا اِصْطَلَحَا عَلَيْهِ مِنْ شَيْء فَهُوَ جَائِز . )8340 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا عُمَر بْن عُيَيْنَة , قَالَ : ثنا عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : ( { وَإِنْ اِمْرَأَة خَافَتْ مِنْ بَعْلهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا } قَالَ : هِيَ الْمَرْأَة تَكُون عِنْد الرَّجُل حَتَّى تَكْبَر , فَيُرِيد أَنْ يَتَزَوَّج عَلَيْهَا , فَيَتَصَالَحَا بَيْنهمَا صُلْحًا , عَنْ أَنَّ لَهَا يَوْمًا وَلِهَذِهِ يَوْمَانِ أَوْ ثَلَاثَة. )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عِمْرَان , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد , عَنْ اِبْن عَبَّاس بِنَحْوِهِ , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : (حَتَّى تَلِد أَوْ تَكْبَر , وَقَالَ أَيْضًا : فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا أَنْ يُصَالِحَا عَلَى لَيْلَة , وَالْأُخْرَى لَيْلَتَيْنِ . )8341 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع وَابْن حُمَيْد , قَالَا : ثنا جَرِير , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (هِيَ الْمَرْأَة تَكُون عِنْد الرَّجُل قَدْ طَالَتْ صُحْبَتهَا وَكَبِرَتْ , فَيُرِيد أَنْ يَسْتَبْدِل بِهَا فَتَكْرَه أَنْ تُفَارِقهُ , فَيَتَزَوَّج عَلَيْهَا , فَيُصَالِحَا عَلَى أَنْ يَجْعَل لَهَا أَيَّامًا , وَلِلْأُخْرَى الْأَيَّام وَالشَّهْر . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو بْن أَبِي قَيْس , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَإِنْ اِمْرَأَة خَافَتْ مِنْ بَعْلهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا } قَالَ : هِيَ الْمَرْأَة تَكُون عِنْد الرَّجُل , فَيُرِيد أَنْ يُفَارِقهَا , فَتَكْرَه أَنْ يُفَارِقهَا , وَيُرِيد أَنْ يَتَزَوَّج , فَيَقُول : إِنِّي لَا أَسْتَطِيع أَنْ أَقْسِم لَك بِمِثْلِ مَا أَقْسِم لَهَا , فَتُصَالِحهُ عَلَى أَنْ يَكُون لَهَا فِي الْأَيَّام يَوْم , فَيَتَرَاضَيَانِ عَلَى ذَلِكَ , فَيَكُونَانِ عَلَى مَا اِصْطَلَحَا عَلَيْهِ . )8342 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَة : ( { وَإِنْ اِمْرَأَة خَافَتْ مِنْ بَعْلهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنهمَا صُلْحًا وَالصُّلْح خَيْر } قَالَتْ هَذَا فِي الْمَرْأَة تَكُون عِنْد الرَّجُل , فَلَعَلَّهُ لَا يَكُون يَسْتَكْثِر مِنْهَا , وَلَا يَكُون لَهَا وَلَد وَلَهَا صُحْبَة , فَتَقُول : لَا تُطَلِّقنِي وَأَنْتَ فِي حِلّ مِنْ شَأْنِي . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حَجَّاج بْن الْمِنْهَال , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ عُرْوَة , عَنْ عَائِشَة فِي قَوْله : ( { وَإِنْ اِمْرَأَة خَافَتْ مِنْ بَعْلهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا } قَالَتْ : هَذَا الرَّجُل يَكُون لَهُ اِمْرَأَتَانِ : إِحْدَاهُمَا قَدْ عَجُزَتْ , أَوْ هِيَ دَمِيمَة لَا يَسْتَكْثِر مِنْهَا , فَتَقُول , لَا تُطَلِّقنِي وَأَنْتَ فِي حِلّ مِنْ شَأْنِي . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَة , بِنَحْوِهِ , غَيْر أَنَّهُ قَالَ : فَتَقُول : (أَجْعَلك مِنْ شَأْنِي فِي حِلّ , فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي ذَلِكَ. )8343 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : ( { وَإِنْ اِمْرَأَة خَافَتْ مِنْ بَعْلهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا } فَتِلْكَ الْمَرْأَة تَكُون عِنْد الرَّجُل لَا يَرَى مِنْهَا كَثِير مَا يُحِبّ , وَلَهُ اِمْرَأَة غَيْرهَا أَحَبّ إِلَيْهِ مِنْهَا , فَيُؤْثِرهَا عَلَيْهَا , فَأَمَرَهُ اللَّه إِذَا كَانَ ذَلِكَ أَنْ يَقُول لَهَا : يَا هَذِهِ إِنْ شِئْت أَنْ تُقِيمِي عَلَى مَا تَرَيْنَ مِنْ الْأَثَرَة فَأُوَاسِيك وَأُنْفِق عَلَيْك فَأَقِيمِي , وَإِنْ كَرِهْت خَلَّيْت سَبِيلك . فَإِنْ هِيَ رَضِيَتْ أَنْ تُقِيم بَعْد أَنْ يُخَيِّرهَا فَلَا جُنَاح عَلَيْهِ , وَهُوَ قَوْله : { وَالصُّلْح خَيْر } وَهُوَ التَّخْيِير. )8344 - حَدَّثَنَا الرَّبِيع بْن سُلَيْمَان وَبَحْر بْن نَصْر , قَالَا : ثنا اِبْن وَهْب , قَالَ : ثني اِبْن أَبِي الزِّنَاد , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : (أَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَة فِي الْمَرْأَة إِذَا دَخَلَتْ فِي السِّنّ , فَتَجْعَل يَوْمهَا لِامْرَأَةٍ أُخْرَى , قَالَتْ : فَفِي ذَلِكَ أُنْزِلَتْ : { فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنهمَا صُلْحًا } . )8345 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَام , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , عَنْ عُبَيْدَة , قَالَ : (سَأَلْته عَنْ قَوْل اللَّه : { وَإِنْ اِمْرَأَة خَافَتْ مِنْ بَعْلهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا } قَالَ : هِيَ الْمَرْأَة تَكُون مَعَ زَوْجهَا , فَيُرِيد أَنْ يَتَزَوَّج عَلَيْهَا فَتُصَالِحهُ مِنْ يَوْمهَا عَلَى صُلْح. قَالَ : فَهُمَا عَلَى مَا اِصْطَلَحَا عَلَيْهِ , فَإِنْ اِنْتَقَضَتْ بِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْدِل عَلَيْهَا أَوْ يُفَارِقهَا . )8346 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم أَنَّهُ كَانَ يَقُول ذَلِكَ . 8347 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حَجَّاج , عَنْ مُجَاهِد أَنَّهُ كَانَ يَقُول ذَلِكَ . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَيُّوب , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , عَنْ عَبْدَة فِي قَوْله : ( { وَإِنْ اِمْرَأَة خَافَتْ مِنْ بَعْلهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا } . .. إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : يُصَالِحهَا عَلَى مَا رَضِيَتْ دُون حَقّهَا , فَلَهُ ذَلِكَ مَا رَضِيَتْ , فَإِذَا أَنْكَرَتْ أَوْ قَالَتْ : غِرْت , فَلَهَا أَنْ يَعْدِل عَلَيْهَا أَوْ يُرْضِيَهَا أَوْ يُطَلِّقهَا . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , عَنْ أَيُّوب , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : (سَأَلْت عُبَيْدَة عَنْ قَوْل اللَّه : { وَإِنْ اِمْرَأَة خَافَتْ مِنْ بَعْلهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا } قَالَ : هُوَ الرَّجُل تَكُون لَهُ اِمْرَأَة قَدْ خَلَا مِنْ سِنّهَا , فَتُصَالِحهُ عَنْ حَقّهَا عَلَى شَيْء , فَهُوَ لَهُ مَا رَضِيَتْ , فَإِذَا كَرِهَتْ , فَلَهَا أَنْ يَعْدِل عَلَيْهَا أَوْ يُرْضِيهَا مِنْ حَقّهَا , أَوْ يُطَلِّقهَا . )* - ثنا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ هِشَام , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , قَالَ : سَأَلْت عُبَيْدَة عَنْ قَوْله : { وَإِنْ اِمْرَأَة خَافَتْ مِنْ بَعْلهَا نُشُوزًا } فَذَكَرَ نَحْو ذَلِكَ , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : فَإِنْ سَخِطَتْ فَلَهُ أَنْ يُرْضِيَهَا , أَوْ يُوَفِّيَهَا حَقّهَا كُلّه , أَوْ يُطَلِّقهَا. 8348 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , قَالَ : قَالَ إِبْرَاهِيم : (إِذَا شَاءَتْ كَانَتْ عَلَى حَقّهَا , وَإِنْ شَاءَتْ أَبَتْ , فَرَدَّتْ الصُّلْح فَذَاكَ بِيَدِهَا , فَإِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا , وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا عَلَى حَقّهَا . )8349 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم : ( { وَإِنْ اِمْرَأَة خَافَتْ مِنْ بَعْلهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا } قَالَ : قَالَ عَلِيّ : تَكُون الْمَرْأَة عِنْد الرَّجُل الزَّمَان الْكَثِير , فَتَخَاف أَنْ يُطَلِّقهَا , فَتُصَالِحهُ عَلَى صُلْح مَا شَاءَ وَشَاءَتْ , يَبِيت عِنْدهَا فِي كَذَا وَكَذَا لَيْلَة , وَعِنْد أُخْرَى مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ , وَأَنْ تَكُون نَفَقَتهَا دُون مَا كَانَتْ ; وَمَا صَالَحَتْهُ عَلَيْهِ مِنْ شَيْء فَهُوَ جَائِز . )8350 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن عَبْد الْمَلِك , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الْحَكَم : ( { وَإِنْ اِمْرَأَة خَافَتْ مِنْ بَعْلهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا } قَالَ : هِيَ الْمَرْأَة تَكُون عِنْد الرَّجُل , فَيُرِيد أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلهَا , فَإِذَا خَافَتْ ذَلِكَ مِنْهُ فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنهمَا صُلْحًا , تَدَع مِنْ أَيَّامهَا إِذَا تَزَوَّجَ . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : ( { وَإِنْ اِمْرَأَة خَافَتْ مِنْ بَعْلهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا } . .. إِلَى قَوْله : { وَالصُّلْح خَيْر } هُوَ الرَّجُل تَكُون تَحْته الْمَرْأَة الْكَبِيرَة , فَيَنْكِح عَلَيْهَا الْمَرْأَة الشَّابَّة , فَيَكْرَه أَنْ يُفَارِق أُمّ وَلَده , فَيُصَالِحهَا عَلَى عَطِيَّة مِنْ مَاله وَنَفْسه , فَيَطِيب لَهُ ذَلِكَ الصُّلْح . )8351 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَإِنْ اِمْرَأَة خَافَتْ مِنْ بَعْلهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا } فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ { فَإِنَّ اللَّه كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } وَهَذَا فِي الرَّجُل تَكُون عِنْده الْمَرْأَة قَدْ خَلَا مِنْ سِنّهَا وَهَانَ عَلَيْهِ بَعْض أَمْرهَا , فَيَقُول : إِنْ كُنْت رَاضِيَة مِنْ نَفْسِي وَمَالِي بِدُونِ مَا كُنْت تَرْضَيْنَ بِهِ قَبْل الْيَوْم , فَإِنْ اِصْطَلَحَا مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَمْر اللَّه فَقَدْ أَحَلَّ لَهُمَا ذَلِكَ , وَإِنْ أَبَتْ فَإِنَّهُ لَا يَصْلُح لَهُ أَنْ يَحْبِسهَا عَلَى الْخَسْف . )8352 - حُدِّثْت عَنْ الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَسُلَيْمَان بْن يَسَار : (أَنَّ رَافِع بْن خَدِيج كَانَ تَحْته اِمْرَأَة قَدْ خَلَا مِنْ سِنّهَا , فَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا شَابَّة , فَآثَرَ الشَّابَّة عَلَيْهَا , فَأَبَتْ اِمْرَأَته الْأُولَى أَنْ تُقِيم عَلَى ذَلِكَ , فَطَلَّقَهَا تَطْلِيقَة , حَتَّى إِذَا بَقِيَ مِنْ أَجَلهَا يَسِير , قَالَ : إِنْ شِئْت رَاجَعْتُك وَصَبَرْت عَلَى الْأَثَرَة , وَإِنْ شِئْت تَرَكْتُك حَتَّى يَخْلُو أَجَلك . قَالَتْ : بَلْ رَاجِعْنِي وَأَصْبِر عَلَى الْأَثَرَة ! فَرَاجَعَهَا . ثُمَّ آثَرَ عَلَيْهَا فَلَمْ تَصْبِر عَلَى الْأَثَرَة فَطَلَّقَهَا أُخْرَى , وَآثَرَ عَلَيْهَا الشَّابَّة . قَالَ : فَذَلِكَ الصُّلْح الَّذِي بَلَغَنَا أَنَّ اللَّه أَنْزَلَ فِيهِ : { وَإِنْ اِمْرَأَة خَافَتْ مِنْ بَعْلهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنهمَا صُلْحًا } . )قَالَ الْحَسَن : قَالَ عَبْد الرَّزَّاق : قَالَ مَعْمَر : وَأَخْبَرَنِي أَيُّوب عَنْ اِبْن سِيرِينَ , عَنْ عُبَيْدَة بِمِثْلِ حَدِيث الزُّهْرِيّ , وَزَادَ فِيهِ , فَإِنْ أَضَرَّ بِهَا الثَّالِثَة فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُوَفِّيهَا حَقّهَا , أَوْ يُطَلِّقهَا . 8353 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { مِنْ بَعْلهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا } قَالَ : قَوْل الرَّجُل لِامْرَأَتِهِ : أَنْتِ كَبِيرَة , وَأَنَا أُرِيد أَنْ أَسْتَبْدِل اِمْرَأَة شَابَّة وَضِيئَة , فَقَرِّي عَلَى وَلَدك , فَلَا أَقْسِم لَك مِنْ نَفْسِي شَيْئًا . فَذَلِكَ الصُّلْح بَيْنهمَا , وَهُوَ أَبُو السَّنَابِل بْن بَعْكَك. )8354 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح : ( { مِنْ بَعْلهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا } ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه , قَالَ شِبْل : فَقُلْت لَهُ : فَإِنْ كَانَتْ لَك اِمْرَأَة فَتَقْسِم لَهَا , وَلَمْ تَقْسِم لِهَذِهِ ؟ قَالَ : إِذَا صَالَحَتْهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء. )8355 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ جَبَّار , قَالَ : (سَأَلْت عَامِرًا عَنْ الرَّجُل تَكُون عِنْده الْمَرْأَة يُرِيد أَنْ يُطَلِّقهَا فَتَقُول : لَا تُطَلِّقنِي , وَاقْسِمْ لِي يَوْمًا , وَلِلَّتِي تَزَوَّج يَوْمَيْنِ ! قَالَ : لَا بَأْس بِهِ هُوَ صُلْح . )8356 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَإِنْ اِمْرَأَة خَافَتْ مِنْ بَعْلهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنهمَا صُلْحًا وَالصُّلْح خَيْر } قَالَ : الْمَرْأَة تَرَى مِنْ زَوْجهَا بَعْض الْجَفَاء وَتَكُون قَدْ كَبِرَتْ , أَوْ لَا تَلِد , فَيُرِيد زَوْجهَا أَنْ يَنْكِح غَيْرهَا فَيَأْتِيهَا , فَيَقُول : إِنِّي أُرِيد أَنْ أَنْكِح اِمْرَأَة شَابَّة أَنْسَب مِنْك , لَعَلَّهَا أَنْ تَلِد لِي وَأُوثِرهَا فِي الْأَيَّام وَالنَّفَقَة . فَإِنْ رَضِيَتْ بِذَلِكَ وَإِلَّا طَلَّقَهَا , فَيَصْطَلِحَانِ عَلَى مَا أَحَبَّا . )8357 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَإِنْ اِمْرَأَة خَافَتْ مِنْ بَعْلهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا } قَالَ : نُشُوزًا عَنْهَا , غَرِضَ بِهَا الرَّجُل تَكُون لَهُ الْمَرْأَتَانِ - أَوْ إِعْرَاضًا بِتَرْكِهَا - { فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنهمَا صُلْحًا } إِمَّا أَنْ يُرْضِيَهَا فَتُحَلِّلَهُ , وَإِمَّا أَنْ تُرْضِيَهُ فَتَعْطِفهُ عَلَى نَفْسهَا . )8358 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَإِنْ اِمْرَأَة خَافَتْ مِنْ بَعْلهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا } يَعْنِي : الْبُغْض. )8359 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سَلْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { وَإِنْ اِمْرَأَة خَافَتْ مِنْ بَعْلهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا } فَهُوَ الرَّجُل تَكُون تَحْته الْمَرْأَة الْكَبِيرَة , فَيَتَزَوَّج عَلَيْهَا الْمَرْأَة الشَّابَّة , فَيَمِيل إِلَيْهَا , وَتَكُون أَعْجَبَ إِلَيْهِ مِنْ الْكَبِيرَة , فَيُصَالِح الْكَبِيرَة عَلَى أَنْ يُعْطِيهَا مِنْ مَاله , وَيَقْسِم لَهَا مِنْ نَفْسه نَصِيبًا مَعْلُومًا . )8360 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ وَزَيْد بْن أَخْرَم , قَالَا : ثنا أَبُو دَاوُد , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان بْن مُعَاذ , عَنْ سِمَاك بْن حَرْب , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (خَشِيَتْ سَوْدَة أَنْ يُطَلِّقهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَتْ : لَا تُطَلِّقنِي عَلَى نِسَائِك , وَلَا تَقْسِم لِي ! فَفَعَلَ , فَنَزَلَتْ : { وَإِنْ اِمْرَأَة خَافَتْ مِنْ بَعْلهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا } . )وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : | أَنْ يَصَّالَحَا بَيْنهمَا صُلْحًا | فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَبَعْض أَهْل الْبَصْرَة بِفَتْحِ الْيَاء وَتَشْدِيد الصَّاد , بِمَعْنَى : أَنْ يَتَصَالَحَا بَيْنهمَا صُلْحًا , ثُمَّ أُدْغِمَتْ التَّاء فِي الصَّاد فَصُيِّرَتَا صَادًا مُشَدَّدَة . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْكُوفَة : { أَنْ يُصْلِحَا بَيْنهمَا صُلْحًا } بِضَمِّ الْيَاء وَتَخْفِيف الصَّاد , بِمَعْنَى : اصَّلَحَ الزَّوْج وَالْمَرْأَة بَيْنَهُمَا . وَأَعْجَب الْقِرَاءَتَيْنِ فِي ذَلِكَ إِلَيَّ , قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ : | إِلَّا أَنْ يَصَّالَحَا بَيْنهمَا صُلْحًا |. بِفَتْحِ الْيَاء وَتَشْدِيد الصَّاد , بِمَعْنَى : يَتَصَالَحَا , لِأَنَّ التَّصَالُح فِي هَذَا الْمَوْضِع أَشْهَر وَأَوْضَح مَعْنًى وَأَفْصَح وَأَكْثَر عَلَى أَلْسُن الْعَرَب مِنْ الْإِصْلَاح , وَالْإِصْلَاح فِي خِلَاف الْإِفْسَاد أَشْهَر مِنْهُ فِي مَعْنَى التَّصَالُح . فَإِنْ ظَنَّ ظَانّ أَنَّ فِي قَوْله : { صُلْحًا } دَلَالَة عَلَى أَنَّ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ : { يُصْلِحَا } بِضَمِّ الْيَاء أَوْلَى بِالصَّوَابِ , فَإِنَّ الْأَمْر فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا ظَنَّ , وَذَلِكَ أَنَّ الصُّلْح اِسْم وَلَيْسَ بِفِعْلٍ فَيُسْتَدَلّ بِهِ عَلَى أَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي قَوْله : { يُصْلِحَا بَيْنهمَا صُلْحًا } .|وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأُحْضِرَتْ الْأَنْفُس الشُّحّ } . </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : وَأُحْضِرَتْ أَنْفُس النِّسَاء الشُّحّ عَلَى أَنْصِبَائِهِنَّ مِنْ أَنْفُس أَزْوَاجهنَّ وَأَمْوَالهنَّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8361 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عِمْرَان بْن عُيَيْنَة , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَأُحْضِرَتْ الْأَنْفُس الشُّحّ } قَالَ : نَصِيبهَا مِنْهَا . )8362 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , وَحَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا اِبْن يَمَان , قَالَا جَمِيعًا ثنا سُفْيَان , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : ( { وَأُحْضِرَتْ الْأَنْفُس الشُّحّ } قَالَ : فِي الْأَيَّام . )8363 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء : ( { وَأُحْضِرَتْ الْأَنْفُس الشُّحّ } قَالَ : فِي الْأَيَّام وَالنَّفَقَة. )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا اِبْن مَهْدِيّ وَابْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء , قَالَ : (فِي النَّفَقَة. )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا رَوْح , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء , قَالَ : (فِي النَّفَقَة . )* - وَحَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء : ( { وَأُحْضِرَتْ الْأَنْفُس الشُّحّ } قَالَ : فِي الْأَيَّام . )8364 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { وَأُحْضِرَتْ الْأَنْفُس الشُّحّ } قَالَ : نَفْس الْمَرْأَة عَلَى نَصِيبهَا مِنْ زَوْجهَا مِنْ نَفْسه وَمَاله . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , بِمِثْلِهِ . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا اِبْن يَمَان عَنْ سُفْيَان , عَنْ رَجُل , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : (فِي النَّفَقَة . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا اِبْن مَهْدِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الشَّيْبَانِيّ , عَنْ بُكَيْر بْن الْأَخْنَس , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (فِي الْأَيَّام وَالنَّفَقَة. )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا اِبْن مَهْدِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الشَّيْبَانِيّ , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (فِي الْأَيَّام وَالنَّفَقَة. )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْله : ( { وَأُحْضِرَتْ الْأَنْفُس الشُّحّ } قَالَ : الْمَرْأَة تَشِحّ عَلَى مَال زَوْجهَا وَنَفْسه . )8365 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : أَخْبَرَنَا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (جَاءَتْ الْمَرْأَة حِين نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { وَإِنْ اِمْرَأَة خَافَتْ مِنْ بَعْلهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا } قَالَتْ : إِنِّي أُرِيد أَنْ تَقْسِم لِي مِنْ نَفْسك ! وَقَدْ كَانَتْ رَضِيَتْ أَنْ يَدَعهَا فَلَا يُطَلِّقهَا وَلَا يَأْتِيهَا ; فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَأُحْضِرَتْ الْأَنْفُس الشُّحّ } . )8366 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَأُحْضِرَتْ الْأَنْفُس الشُّحّ } قَالَ : تَطَّلَّع نَفْسهَا إِلَى زَوْجهَا وَإِلَى نَفَقَته . قَالَ : وَزَعَمَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَفِي سَوْدَة بِنْت زَمْعَة كَانَتْ قَدْ كَبِرَتْ , فَأَرَادَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُطَلِّقهَا , فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يُمْسِكهَا وَيَجْعَل يَوْمهَا لِعَائِشَة , فَشَحَّتْ بِمَكَانِهَا مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَأُحْضِرَتْ نَفْس كُلّ وَاحِد مِنْ الرَّجُل وَالْمَرْأَة الشُّحّ بِحَقِّهِ قِبَل صَاحِبه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8367 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : سَمِعْت اِبْن زَيْد يَقُول فِي قَوْله : ( { وَأُحْضِرَتْ الْأَنْفُس الشُّحّ } قَالَ : لَا تَطِيب نَفْسه أَنْ يُعْطِيَهَا شَيْئًا فَتُحَلِّلهُ , وَلَا تَطِيب نَفْسهَا أَنْ تُعْطِيَهُ شَيْئًا مِنْ مَالهَا , فَتَعْطِفهُ عَلَيْهَا . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ , قَوْل مَنْ قَالَ : عَنَى بِذَلِكَ : أُحْضِرَتْ أَنْفُس النِّسَاء الشُّحّ بِأَنْصِبَائِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجهنَّ فِي الْأَيَّام وَالنَّفَقَة . وَالشُّحّ : الْإِفْرَاط فِي الْحِرْص عَلَى الشَّيْء , وَهُوَ فِي هَذَا الْمَوْضِع : إِفْرَاط حِرْص الْمَرْأَة عَلَى نَصِيبهَا مِنْ أَيَّامهَا مِنْ زَوْجهَا وَنَفَقَتهَا . فَتَأْوِيل الْكَلَام : وَأُحْضِرَتْ أَنْفُس النِّسَاء أَهْوَاءَهُنَّ مِنْ فَرْط الْحِرْص عَلَى حُقُوقهنَّ مِنْ أَزْوَاجهنَّ , وَالشُّحّ بِذَلِكَ عَلَى ضَرَائِرهنَّ . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي مَعْنَى الشُّحّ , ذُكِرَ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ كَانَ يَقُول. 8368 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَأُحْضِرَتْ الْأَنْفُس الشُّحّ } وَالشُّحّ : هَوَاهُ فِي الشَّيْء يَحْرِص عَلَيْهِ . )وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا الْقَوْل أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْ قَوْل مَنْ قَالَ : عَنَى بِذَلِكَ : وَأُحْضِرَتْ أَنْفُس الرِّجَال وَالنِّسَاء الشُّحّ , عَلَى مَا قَالَهُ اِبْن زَيْد , لِأَنَّ مُصَالَحَة الرَّجُل اِمْرَأَته بِإِعْطَائِهِ إِيَّاهَا مِنْ مَاله جُعْلًا عَلَى أَنْ تَصْفَح لَهُ عَنْ الْقَسْم لَهَا غَيْر جَائِزَة , وَذَلِكَ أَنَّهُ غَيْر مُعْتَاض عِوَضًا مِنْ جُعْله الَّذِي بَذَلَهُ لَهَا , وَالْجُعْل لَا يَصِحّ إِلَّا عَلَى عِوَض : إِمَّا عَيْن , وَإِمَّا مَنْفَعَة . وَالرَّجُل مَتَى حَمَلَ لِلْمَرْأَةِ جُعْلًا عَلَى أَنْ تَصْفَح لَهُ عَنْ يَوْمهَا وَلَيْلَتهَا فَلَمْ يَمْلِك عَلَيْهَا عَيْنًا وَلَا مَنْفَعَة. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , كَانَ ذَلِكَ مِنْ مَعَانِي أَكْل الْمَال بِالْبَاطِلِ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَمَعْلُوم أَنَّهُ لَا وَجْه لِقَوْلِ مَنْ قَالَ : عَنَى بِذَلِكَ : الرَّجُل وَالْمَرْأَة . فَإِنْ ظَنَّ ظَانّ أَنَّ ذَلِكَ إِذْ كَانَ حَقًّا لِلْمَرْأَةِ , وَلَهَا الْمُطَالَبَة بِهِ , فَلِلرَّجُلِ اِفْتِدَاؤُهُ مِنْهَا بِجُعْلٍ , فَإِنَّ شُفْعَة الْمُسْتَشْفِع فِي حِصَّة مِنْ دَار اِشْتَرَاهَا رَجُل مِنْ شَرِيك لَهُ فِيهَا حَقّ , لَهُ الْمُطَالَبَة بِهَا , فَقَدْ يَجِب أَنْ يَكُون لِلْمَطْلُوبِ اِفْتِدَاء ذَلِكَ مِنْهُ بِجُعْلٍ , وَفِي إِجْمَاع الْجَمِيع عَلَى أَنَّ الصُّلْح فِي ذَلِكَ عَلَى عِوَض غَيْر جَائِز , إِذْ كَانَ غَيْر مُعْتَاض مِنْهُ الْمَطْلُوب فِي الشُّفْعَة عَيْنًا وَلَا نَفْعًا , مَا يَدُلّ عَلَى بُطُول صُلْح الرَّجُل اِمْرَأَته عَلَى عِوَض , عَلَى أَنْ تَصْفَح عَنْ مُطَالَبَتهَا إِيَّاهُ بِالْقِسْمَةِ لَهَا . وَإِذْ فَسَدَ ذَلِكَ صَحَّ أَنَّ تَأْوِيل الْآيَة مَا قُلْنَا . وَقَدْ أَبَانَ الْخَبَر الَّذِي تَرَكْنَاهُ عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَسُلَيْمَان بْن يَسَار , أَنَّ قَوْله : { وَإِنْ اِمْرَأَة خَافَتْ مِنْ بَعْلهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا }. .. الْآيَة , نَزَلَتْ فِي أَمْر رَافِع بْن خَدِيج وَزَوْجَته , إِذْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا شَابَّة , فَآثَرَ الشَّابَّة عَلَيْهَا , فَأَبَتْ الْكَبِيرَة أَنْ تَقَرّ عَلَى الْأَثَرَة , فَطَلَّقَهَا تَطْلِيقَة وَتَرَكَهَا , فَلَمَّا قَارَبَ اِنْقِضَاء عِدَّتهَا , خَيَّرَهَا بَيْن الْفِرَاق وَالرَّجْعَة وَالصَّبْر عَلَى الْأَثَرَة , فَاخْتَارَتْ الرَّجْعَة وَالصَّبْر عَلَى الْأَثَرَة , فَرَاجَعَهَا وَآثَرَ عَلَيْهَا , فَلَمْ تَصْبِر فَطَلَّقَهَا . فَفِي ذَلِكَ دَلِيل وَاضِح عَلَى أَنَّ قَوْله : { وَأُحْضِرَتْ الْأَنْفُس الشُّحّ } إِنَّمَا عَنَى بِهِ : وَأُحْضِرَتْ أَنْفُس النِّسَاء الشُّحّ بِحُقُوقِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجهنَّ عَلَى مَا وَصَفْنَا .|وَإِنْ تُحْسِنُوا|وَأَمَّا قَوْله : { وَإِنْ تُحْسِنُوا } فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَإِنْ تُحْسِنُوا أَيّهَا الرِّجَال فِي أَفْعَالكُمْ إِلَى نِسَائِكُمْ إِذَا كَرِهْتُمْ مِنْهُنَّ دَمَامَة أَوْ خُلُقًا , أَوْ بَعْض مَا تَكْرَهُونَ مِنْهُنَّ بِالصَّبْرِ عَلَيْهِنَّ , وَإِعْفَائِهِنَّ حُقُوقهنَّ , وَعِشْرَتهنَّ بِالْمَعْرُوفِ|وَتَتَّقُوا|يَقُول : وَتَتَّقُوا اللَّه فِيهِنَّ بِتَرْكِ الْجَوْر مِنْكُمْ عَلَيْهِنَّ فِيمَا يَجِب لِمَنْ كَرِهْتُمُوهُ مِنْهُنَّ عَلَيْكُمْ مِنْ الْقِسْمَة لَهُ وَالنَّفَقَة وَالْعِشْرَة بِالْمَعْرُوفِ .|فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا| { فَإِنَّ اللَّه كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } يَقُول : فَإِنَّ اللَّه كَانَ بِمَا تَعْلَمُونَ فِي أُمُور نِسَائِكُمْ أَيّهَا الرِّجَال مِنْ الْإِحْسَان إِلَيْهِنَّ , وَالْعِشْرَة بِالْمَعْرُوفِ , وَالْجَوْر عَلَيْهِنَّ فِيمَا يَلْزَمكُمْ لَهُنَّ وَيَجِب { خَبِيرًا } يَعْنِي عَالِمًا خَابِرًا , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْء , بَلْ هُوَ بِهِ عَالِم , وَلَهُ مُحْصٍ عَلَيْكُمْ , حَتَّى يُوَفِّيَكُمْ جَزَاء ذَلِكَ الْمُحْسِن مِنْكُمْ بِإِحْسَانِهِ وَالْمُسِيء بِإِسَاءَتِهِ.

وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْن النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْن النِّسَاء } : لَنْ تُطِيقُوا أَيّهَا الرِّجَال أَنْ تُسَوُّوا بَيْن نِسَائِكُمْ وَأَزْوَاجكُمْ فِي حُبّهنَّ بِقُلُوبِكُمْ حَتَّى تَعْدِلُوا بَيْنهنَّ فِي ذَلِكَ , مِمَّا لَا تَمْلِكُونَهُ , وَلَيْسَ إِلَيْكُمْ . { وَلَوْ حَرَصْتُمْ } يَقُول : وَلَوْ حَرَصْتُمْ فِي تَسْوِيَتكُمْ بَيْنهنَّ فِي ذَلِكَ. كَمَا : 8369 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْن النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ } قَالَ : وَاجِب أَنْ لَا تَسْتَطِيعُوا الْعَدْل بَيْنهنَّ . )وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ مَا قُلْنَا فِي قَوْله : { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْن النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ } : 8370 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ هِشَام بْن حَسَّان , عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ , عَنْ عُبَيْدَة : ( { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْن النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ } قَالَ : بِنَفْسِهِ فِي الْحُبّ وَالْجِمَاع. )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ يُونُس , عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ , عَنْ عُبَيْدَة : ( { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْن النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ } قَالَ بِنَفْسِهِ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا حَفْص , عَنْ أَشْعَث , وَهِشَام , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , عَنْ عُبَيْدَة , قَالَ : سَأَلْته عَنْ قَوْله : ( { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْن النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ } فَقَالَ : فِي الْجِمَاع . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ هِشَام , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , عَنْ عُبَيْدَة , قَالَ : (فِي الْحُبّ وَالْجِمَاع . )8371 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا سَهْل , عَنْ عَمْرو , عَنْ الْحَسَن : (فِي الْحُبّ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ هِشَام , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , عَنْ عُبَيْدَة , قَالَ : (فِي الْحُبّ وَالْجِمَاع . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ أَيُّوب , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , عَنْ عُبَيْدَة , عَنْ قَوْله : ( { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْن النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ } قَالَ : فِي الْمَوَدَّة , كَأَنَّهُ يَعْنِي الْحُبّ . )8372 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْن النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ } يَقُول : لَا تَسْتَطِيع أَنْ تَعْدِلَا بِالشَّهْوَةِ فِيمَا بَيْنهنَّ وَلَوْ حَرَصْت . )8373 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , وَحَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَهُ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : (ذُكِرَ لَنَا أَنَّ عُمَر بْن الْخَطَّاب كَانَ يَقُول : اللَّهُمَّ أَمَّا قَلْبِي , فَلَا أَمْلِك , وَأَمَّا سِوَى ذَلِكَ فَأَرْجُو أَنْ أَعْدِل . )8374 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْن النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ } يَعْنِي : فِي الْحُبّ وَالْجِمَاع . )8375 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , وَحَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَا جَمِيعًا : ثنا أَيُّوب , عَنْ أَبِي قِلَابَة : (أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْسِم بَيْن نِسَائِهِ فَيَعْدِل , ثُمَّ يَقُول : | اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِك , فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِك وَلَا أَمْلِك . )8376 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا حُسَيْن بْن عَلِيّ , عَنْ زَائِدَة , عَنْ عَبْد الْعَزِيز بْن رَفِيع , عَنْ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة قَالَ : (نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي عَائِشَة : { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْن النِّسَاء } . )8377 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : (فِي الشَّهْوَة وَالْجِمَاع . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا الْمُحَارِبِيّ , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : (فِي الْجِمَاع . )8378 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثنا زَيْد بْن أَبِي الزَّرْقَاء , قَالَ : قَالَ سُفْيَان فِي قَوْله : ( { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْن النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ } قَالَ : فِي الْحُبّ وَالْجِمَاع . )8379 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْن النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ } قَالَ : مَا يَكُون مِنْ بَدَنه وَقَلْبه , فَذَلِكَ شَيْء لَا يَسْتَطِيع أَنْ يَمْلِكهُ .)|فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ| { فَلَا تَمِيلُوا كُلّ الْمَيْل } يَقُول : فَلَا تَمِيلُوا بِأَهْوَائِكُمْ إِلَى مَنْ لَمْ تَمْلِكُوا مَحَبَّته مِنْهُنَّ كُلّ الْمَيْل , حَتَّى يَحْمِلكُمْ ذَلِكَ عَلَى أَنْ تَجُورُوا عَلَى صَوَاحِبهَا فِي تَرْك أَدَاء الْوَاجِب لَهُنَّ عَلَيْكُمْ مِنْ حَقّ فِي الْقَسْم لَهُنَّ , وَالنَّفَقَة عَلَيْهِنَّ , وَالْعِشْرَة بِالْمَعْرُوفِ . ذِكْر مَنْ قَالَ مَا قُلْنَا فِي تَأْوِيل قَوْله : { فَلَا تَمِيلُوا كُلّ الْمَيْل } : 8380 - حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا اِبْن عَوْن , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : (قُلْت لِعُبَيْدَة : { فَلَا تَمِيلُوا كُلّ الْمَيْل } قَالَ : بِنَفْسِهِ . )* - حَدَّثَنَا سُفْيَان , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ اِبْن عَوْن , عَنْ مُحَمَّد , عَنْ عُبَيْدَة , مِثْله . 8381 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , عَنْ هِشَام , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , عَنْ عُبَيْدَة : ( { فَلَا تَمِيلُوا كُلّ الْمَيْل } قَالَ هِشَام : أَظُنّهُ قَالَ : فِي الْحُبّ وَالْجِمَاع. )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَام , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , عَنْ عُبَيْدَة فِي قَوْله : ( { كُلّ الْمَيْل } قَالَ : بِنَفْسِهِ . )* - حَدَّثَنَا بَحْر بْن نَصْر الْخَوْلَانِيّ , قَالَ : ثنا بِشْر بْن بَكْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْأَوْزَاعِيّ , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , قَالَ : سَأَلْت عُبَيْدَة عَنْ قَوْل اللَّه : ( { فَلَا تَمِيلُوا كُلّ الْمَيْل } قَالَ : بِنَفْسِهِ . )8382 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا سَهْل بْن يُوسُف , عَنْ عَمْرو , عَنْ الْحَسَن : ( { فَلَا تَمِيلُوا كُلّ الْمَيْل } قَالَ : فِي الْغِشْيَان وَالْقَسْم. )8383 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { فَلَا تَمِيلُوا كُلّ الْمَيْل } : لَا تَعَمَّدُوا الْإِسَاءَة. )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن بَكْر , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : بَلَغَنِي عَنْ مُجَاهِد : ( { فَلَا تَمِيلُوا كُلّ الْمَيْل } قَالَ : يَتَعَمَّد أَنْ يُسِيء وَيَظْلِم . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى بْن مَيْمُون , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 8384 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { فَلَا تَمِيلُوا كُلّ الْمَيْل } قَالَ : هَذَا فِي الْعَمَل فِي مَبِيته عِنْدهَا , وَفِيمَا تُصِيب مِنْ خَيْره . )8385 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { فَلَا تَمِيلُوا كُلّ الْمَيْل } يَقُول : يَمِيل عَلَيْهَا فَلَا يُنْفِق عَلَيْهَا , وَلَا يَقْسِم لَهَا يَوْمًا . )8386 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ مُجَاهِد : ( { فَلَا تَمِيلُوا كُلّ الْمَيْل } قَالَ : يَتَعَمَّد الْإِسَاءَة , يَقُول : لَا تَمِيلُوا كُلّ الْمَيْل , قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّهُ الْجِمَاع . )8387 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ حَمَّاد بْن زَيْد , عَنْ أَيُّوب , عَنْ أَبِي قِلَابَة , قَالَ : (كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِم بَيْن نِسَائِهِ , فَيَعْدِل وَيَقُول : | اللَّهُمَّ هَذِهِ قِسْمَتِي فِيمَا أَمْلِك , فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِك وَلَا أَمْلِك . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , عَنْ أَيُّوب , عَنْ أَبِي قِلَابَة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن يَزِيد , عَنْ عَائِشَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بِمِثْلِهِ. 8388 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ هَمَّام بْن يَحْيَى , عَنْ قَتَادَة , عَنْ النَّضْر بْن أَنَس , عَنْ بَشِير بْن نَهِيك , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : ( مَنْ كَانَتْ لَهُ اِمْرَأَتَانِ يَمِيل مَعَ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة أَحَد شِقَّيْهِ سَاقِط | .)|فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ| { فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ } يَقُول : فَتَذَرُوا الَّتِي هِيَ سِوَى الَّتِي مِلْتُمْ بِأَهْوَائِكُمْ إِلَيْهَا كَالْمُعَلَّقَةِ , يَعْنِي : كَاَلَّتِي لَا هِيَ ذَات زَوْج , وَلَا هِيَ أَيِّم . ذِكْر مَنْ قَالَ مَا قُلْنَا فِي تَأْوِيل قَوْله : { فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ } : 8389 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ } قَالَ : تَذَرُوهَا لَا هِيَ أَيِّم , وَلَا ذَات زَوْج . )8390 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن يَمَان , عَنْ أَشْعَث , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : ( { فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ } قَالَ : لَا أَيِّمًا وَلَا ذَات بَعْل. )8391 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا اِبْن يَمَان , عَنْ مُبَارَك , عَنْ الْحَسَن ; ( { فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ } قَالَ : لَا مُطَلَّقَة , وَلَا ذَات بَعْل . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا سَهْل بْن يُوسُف , عَنْ عَمْرو , عَنْ الْحَسَن , مِثْله. 8392 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ } : أَيْ كَالْمَحْبُوسَةِ أَوْ كَالْمَسْجُونَةِ . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : ( { فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ } قَالَ : كَالْمَسْجُونَةِ . )8393 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام بْن سَلْم , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع فِي قَوْله : ( { فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ } يَقُول : لَا مُطَلَّقَة , وَلَا ذَات بَعْل. )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس فِي قَوْله : ( { فَلَا تَمِيلُوا كُلّ الْمَيْل فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ } لَا مُطَلَّقَة , وَلَا ذَات بَعْل . )8394 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن بَكْر , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : بَلَغَنِي عَنْ مُجَاهِد : ( { فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ } قَالَ : لَا أَيِّمًا , وَلَا ذَات بَعْل . )8395 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح : ( { فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ } لَيْسَتْ بِأَيِّمٍ , وَلَا ذَات زَوْج . )8396 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا الْمُحَارِبِيّ وَأَبُو خَالِد وَأَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : (لَا تَدَعهَا , كَأَنَّهَا لَيْسَ لَهَا زَوْج . )8397 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ } قَالَ : لَا أَيِّمًا , وَلَا ذَات بَعْل . )8398 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ } قَالَ : الْمُعَلَّقَة : الَّتِي لَيْسَتْ بِمُخَلَّاةٍ وَنَفْسهَا فَتَبْتَغِي لَهَا , وَلَيْسَتْ مُتَهَيِّئَة كَهَيْئَةِ الْمَرْأَة مِنْ زَوْجهَا , لَا هِيَ عِنْد زَوْجهَا وَلَا مُفَارَقَة فَتَبْتَغِي لِنَفْسِهَا , فَتِلْكَ الْمُعَلَّقَة . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَإِنَّمَا أَمَرَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { فَلَا تَمِيلُوا كُلّ الْمَيْل فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ } الرِّجَال بِالْعَدْلِ بَيْن أَزْوَاجهنَّ فِيمَا اِسْتَطَاعُوا فِيهِ الْعَدْل بَيْنهنَّ مِنْ الْقِسْمَة بَيْنهنَّ وَالنَّفَقَة , وَتَرْك الْجَوْر فِي ذَلِكَ بِإِيثَارِ إِحْدَاهُنَّ عَلَى الْأُخْرَى فِيمَا فُرِضَ عَلَيْهِمْ الْعَدْل بَيْنهنَّ فِيهِ , إِذْ كَانَ قَدْ صَفَحَ لَهُمْ عَمَّا لَا يُطِيقُونَ الْعَدْل فِيهِ بَيْنهنَّ , مِمَّا فِي الْقُلُوب مِنْ الْمَحَبَّة وَالْهَوَى.|وَإِنْ تُصْلِحُوا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ تُصْلِحُوا } . </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَإِنْ تُصْلِحُوا أَعْمَالكُمْ أَيّهَا النَّاس , فَتَعْدِلُوا فِي قَسْمكُمْ بَيْن أَزْوَاجكُمْ وَمَا فَرَضَ اللَّه لَهُنَّ عَلَيْكُمْ مِنْ النَّفَقَة وَالْعِشْرَة بِالْمَعْرُوفِ , فَلَا تَجُورُوا فِي ذَلِكَ .|وَتَتَّقُوا| { وَتَتَّقُوا } يَقُول : وَتَتَّقُوا اللَّه فِي الْمَيْل الَّذِي نَهَاكُمْ عَنْهُ , بِأَنْ تَمِيلُوا لِإِحْدَاهُنَّ عَلَى الْأُخْرَى , فَتَظْلِمُوهَا حَقّهَا مِمَّا أَوْجَبَهَا اللَّه لَهُ عَلَيْكُمْ.|فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا| { فَإِنَّ اللَّه كَانَ غَفُورًا } يَقُول : فَإِنَّ اللَّه يَسْتُر عَلَيْكُمْ مَا سَلَفَ مِنْكُمْ مِنْ مَيْلكُمْ وَجَوْركُمْ عَلَيْهِنَّ قَبْل ذَلِكَ بِتَرْكِهِ عُقُوبَتكُمْ عَلَيْهِ , وَيُغَطِّي ذَلِكَ عَلَيْكُمْ بِعَفْوِهِ عَنْكُمْ مَا مَضَى مِنْكُمْ فِي ذَلِكَ قَبْل .|رَحِيمًا| { رَحِيمًا } يَقُول : وَكَانَ رَحِيمًا بِكُمْ إِذَا تَابَ عَلَيْكُمْ , فَقَبِلَ تَوْبَتكُمْ. الَّذِي سَلَفَ مِنْكُمْ مِنْ جَوْركُمْ فِي ذَلِكَ عَلَيْهِنَّ , وَفِي تَرْخِيصه لَكُمْ الصُّلْح بَيْنكُمْ وَبَيْنهنَّ , بِصَفْحِهِنَّ عَنْ حُقُوقهنَّ لَكُمْ مِنْ الْقَسْم عَلَى أَنْ يُطَلَّقْنَ .

وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّه كُلًّا مِنْ سَعَته } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَإِنْ أَبَتْ الْمَرْأَة الَّتِي قَدْ نَشَزَ عَلَيْهَا زَوْجهَا , أَوْ أَعْرَضَ عَنْهَا بِالْمَيْلِ مِنْهُ إِلَى ضَرَّتهَا لِجَمَالِهَا أَوْ شَبَابهَا , أَوْ غَيْر ذَلِكَ مِمَّا تَمِيل النُّفُوس بِهِ إِلَيْهَا الصُّلْح , لِصَفْحِهَا لِزَوْجِهَا عَنْ يَوْمهَا وَلَيْلَتهَا , وَطَلَبَتْ حَقّهَا مِنْهُ مِنْ الْقَسْم وَالنَّفَقَة وَمَا أَوْجَبَ اللَّه لَهَا عَلَيْهِ , وَأَبَى الزَّوْج الْأَخْذ عَلَيْهَا. بِالْإِحْسَانِ الَّذِي نَدَبَهُ اللَّه إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ : { وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّه كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } وَإِلْحَاقهَا فِي الْقَسْم لَهَا وَالنَّفَقَة وَالْعِشْرَة بِاَلَّتِي هُوَ إِلَيْهَا , مَائِل , فَتَفَرَّقَا بِطَلَاقِ الزَّوْج إِيَّاهَا ; { يُغْنِ اللَّه كُلًّا مِنْ سَعَته } يَقُول يُغْنِ اللَّه الزَّوْج وَالْمَرْأَة الْمُطَلَّقَة مِنْ سَعَة فَضْله , أَمَّا هَذِهِ فَبِزَوْجٍ هُوَ أَصْلَح لَهَا مِنْ الْمُطَلِّق الْأَوَّل , أَوْ بِرِزْقٍ وَاسِع وَعِصْمَة ; وَأَمَّا هَذَا فَبِرِزْقٍ وَاسِع وَزَوْجَة هِيَ أَصْلَح لَهُ مِنْ الْمُطَلَّقَة أَوْ عِفَّة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8399 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : ( { وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّه كُلًّا مِنْ سَعَته } قَالَ : الطَّلَاق يُغْنِي اللَّه كُلًّا مِنْ سَعَته . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله .|وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا| { وَكَانَ اللَّه وَاسِعًا } يَعْنِي : وَكَانَ اللَّه وَاسِعًا لَهُمَا فِي رِزْقه إِيَّاهُمَا وَغَيْرهمَا مِنْ خَلْقه.|حَكِيمًا| { حَكِيمًا } فِيمَا قَضَى بَيْنه وَبَيْنهَا مِنْ الْفُرْقَة وَالطَّلَاق , وَسَائِر الْمَعَانِي الَّتِي عَرَفْنَاهَا مِنْ الْحُكْم بَيْنهمَا فِي هَذِهِ الْآيَات وَغَيْرهَا وَفِي غَيْر ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامه وَتَدْبِيره وَقَضَايَاهُ فِي خَلْقه .

وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الْأَرْض } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَلِلَّهِ مُلْك جَمِيع مَا حَوَتْهُ السَّمَوَات السَّبْع وَالْأَرَضُونَ السَّبْع مِنْ الْأَشْيَاء كُلّهَا . وَإِنَّمَا ذَكَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِعَقِبِ ذَلِكَ قَوْله : { وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّه كُلًّا مِنْ سَعَته } تَنْبِيهًا مِنْهُ خَلْقَهُ عَلَى مَوْضِع الرَّغْبَة عِنْد فِرَاق أَحَدهمْ زَوْجَته , لِيَفْزَعُوا إِلَيْهِ عِنْد الْجَزَع مِنْ الْحَاجَة وَالْفَاقَة وَالْوَحْشَة بِفِرَاقِ سَكَنه وَزَوْجَته , وَتَذْكِيرًا مِنْهُ لَهُ أَنَّهُ الَّذِي لَهُ الْأَشْيَاء كُلّهَا وَأَنَّ مَنْ كَانَ لَهُ مُلْك جَمِيع الْأَشْيَاء فَغَيْر مُتَعَذِّر عَلَيْهِ أَنْ يُغْنِيه , وَكُلّ ذِي فَاقَة وَحَاجَة , وَيُؤْنِس كُلّ ذِي وَحْشَة .|وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ|ثُمَّ رَجَعَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِلَى عَذْل مَنْ سَعَى فِي أَمْر بَنِي أُبَيْرِق وَتَوْبِيخهمْ وَوَعِيد مَنْ فَعَلَ مَا فَعَلَ الْمُرْتَدّ مِنْهُمْ , فَقَالَ : { وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ وَإِيَّاكُمْ } يَقُول : وَلَقَدْ أَمَرْنَا أَهْل الْكِتَاب وَهُمْ أَهْل التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَإِيَّاكُمْ , يَقُول . وَأَمَرْنَاكُمْ وَقُلْنَا لَكُمْ وَلَهُمْ : { اِتَّقُوا اللَّه } يَقُول : اِحْذَرُوا أَنْ تَعْصُوهُ وَتُخَالِفُوا أَمْره وَنَهْيه ,|وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا| { وَإِنْ تَكْفُرُوا } يَقُول : وَإِنْ تَجْحَدُوا وَصِيَّته إِيَّاكُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ فَتُخَالِفُوهَا , { فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الْأَرْض } يَقُول : فَإِنَّكُمْ لَا تَضُرُّونَ بِخِلَافِكُمْ وَصِيَّته غَيْر أَنْفُسكُمْ , وَلَا تَعْدُونَ فِي كُفْركُمْ ذَلِكَ أَنْ تَكُونُوا أَمْثَال الْيَهُود وَالنَّصَارَى فِي نُزُول عُقُوبَته بِكُمْ وَحُلُول غَضَبه عَلَيْكُمْ كَمَا حَلَّ بِهِمْ , إِذْ بَدَّلُوا عَهْده وَنَقَضُوا مِيثَاقه , فَغَيَّرَ بِهِمْ مَا كَانُوا فِيهِ مِنْ خَفْض الْعَيْش وَأَمْن السِّرْب , وَجَعَلَ مِنْهُمْ الْقِرَدَة وَالْخَنَازِير ; وَذَلِكَ أَنَّ لَهُ مُلْك جَمِيع مَا حَوَتْهُ السَّمَوَات وَالْأَرْض لَا يَمْتَنِع عَلَيْهِ شَيْء أَرَادَهُ بِجَمِيعِهِ وَبِشَيْءٍ مِنْهُ مِنْ إِعْزَاز مَنْ أَرَادَ إِعْزَازه وَإِذْلَال مَنْ أَرَادَ إِذْلَاله وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْأُمُور كُلّهَا , لِأَنَّ الْخَلْق خَلْقه بِهِمْ إِلَيْهِ الْفَاقَة وَالْحَاجَة , وَبِهِ قِوَامهمْ وَبَقَاؤُهُمْ وَهَلَاكهمْ وَفَنَاؤُهُمْ , وَهُوَ الْغَنِيّ الَّذِي لَا حَاجَة تَحِلّ بِهِ إِلَى شَيْء وَلَا فَاقَة تَنْزِل بِهِ تَضْطَرّهُ إِلَيْكُمْ أَيّهَا النَّاس وَلَا إِلَى غَيْركُمْ , وَالْحَمِيد الَّذِي اِسْتَوْجَبَ عَلَيْكُمْ أَيّهَا الْخَلْق الْحَمْد بِصَنَائِعِهِ الْحَمِيدَة إِلَيْكُمْ وَآلَائِهِ الْجَمِيلَة لَدَيْكُمْ , فَاسْتَدِيمُوا ذَلِكَ أَيّهَا النَّاس بِاتِّقَائِهِ , وَالْمُسَارَعَة إِلَى طَاعَته فِيمَا يَأْمُركُمْ بِهِ وَيَنْهَاكُمْ عَنْهُ . كَمَا : 8400 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن هَاشِم , قَالَ : أَخْبَرَنَا سَيْف , عَنْ أَبِي رَوْق عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : ( { وَكَانَ اللَّه غَنِيًّا حَمِيدًا } قَالَ : غَنِيًّا عَنْ خَلْقه { حَمِيدًا } قَالَ : مُسْتَحْمَدًا إِلَيْهِمْ .)

وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الْأَرْض وَكَفَى بِاَللَّهِ وَكِيلًا } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَلِلَّهِ مُلْك جَمِيع مَا حَوَتْهُ السَّمَوَات وَالْأَرْض , وَهُوَ الْقَيِّم بِجَمِيعِهِ , وَالْحَافِظ لِذَلِكَ كُلّه , لَا يَعْزُب عَنْهُ عِلْم شَيْء مِنْهُ , وَلَا يَئُودهُ حِفْظه وَتَدْبِيره . كَمَا : 8401 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا هِشَام , عَنْ عَمْرو , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { وَكَفَى بِاَللَّهِ وَكِيلًا } قَالَ : حَفِيظًا . )فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَمَا وَجْه تَكْرَار قَوْله : { وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الْأَرْض } فِي آيَتَيْنِ إِحْدَاهُنَّ فِي إِثْر الْأُخْرَى ؟ قِيلَ : كَرَّرَ ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ مَعْنَى الْخَبَرَيْنِ عَمَّا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض فِي الْآيَتَيْنِ , وَذَلِكَ أَنَّ الْخَبَر عَنْهُ فِي إِحْدَى الْآيَتَيْنِ ذِكْر حَاجَته إِلَى بَارِئِهِ وَغِنَى بَارِئِهِ عَنْهُ , وَفِي الْأُخْرَى حِفْظ بَارِئِهِ إِيَّاهُ بِهِ وَعِلْمه بِهِ وَتَدْبِيره . فَإِنْ قَالَ : أَفَلَا قِيلَ : وَكَانَ اللَّه غَنِيًّا حَمِيدًا وَكَفَى بِاَللَّهِ وَكِيلًا ؟ قِيلَ : إِنَّ الَّذِي فِي الْآيَة الَّتِي قَالَ فِيهَا : { وَكَانَ اللَّه غَنِيًّا حَمِيدًا } مِمَّا صَلُحَ أَنْ يَخْتِم مَا خَتَمَ بِهِ مِنْ وَصْف اللَّه بِالْغِنَى وَأَنَّهُ مَحْمُود وَلَمْ يَذْكُر فِيهَا مَا يَصْلُح أَنْ يَخْتِم بِوَصْفِهِ مَعَهُ بِالْحِفْظِ وَالتَّدْبِير , فَلِذَلِكَ كَرَّرَ قَوْله : { وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الْأَرْض } .

إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآَخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيّهَا النَّاس وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّه عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { إِنْ يَشَأْ } اللَّه أَيّهَا النَّاس { يُذْهِبْكُمْ } أَيْ يُذْهِبْكُمْ بِإِهْلَاكِكُمْ وَإِفْنَائِكُمْ . { وَيَأْتِ بِآخَرِينَ } يَقُول : وَيَأْتِ بِنَاسٍ آخَرِينَ غَيْركُمْ , لِمُؤَازَرَةِ نَبِيّه مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنُصْرَته. { وَكَانَ اللَّه عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا } يَقُول : وَكَانَ اللَّه عَلَى إِهْلَاككُمْ وَإِفْنَائِكُمْ , وَاسْتِبْدَال آخَرِينَ غَيْركُمْ بِكُمْ قَدِيرًا , يَعْنِي : ذَا قُدْرَة عَلَى ذَلِكَ . وَإِنَّمَا وَبَّخَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِهَذِهِ الْآيَات الْخَائِنِينَ الَّذِينَ خَانُوا الدِّرْع الَّتِي وَصَفْنَا شَأْنهَا , الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ اللَّه فِي قَوْله , { وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا } [4 105 ]وَحَذَّرَ أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونُوا مِثْلهمْ , وَأَنْ يَفْعَلُوا فِعْل الْمُرْتَدّ مِنْهُمْ فِي اِرْتِدَاده وَلِحَاقه بِالْمُشْرِكِينَ , وَعَرَّفَهُمْ أَنَّ مَنْ فَعَلَ فِعْله مِنْهُمْ فَلَنْ يَضُرّ إِلَّا نَفْسه وَلَنْ يُوبِق بِرِدَّتِهِ غَيْر نَفْسه , لِأَنَّهُ الْمُحْتَاج مَعَ جَمِيع مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الْأَرْض إِلَى اللَّه , وَاَللَّه الْغَنِيّ عَنْهُمْ . ثُمَّ تَوَعَّدَهُمْ فِي قَوْله : { إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيّهَا النَّاس وَيَأْتِ بِآخَرِينَ } بِالْهَلَاكِ وَالِاسْتِئْصَال إِنْ هُمْ فَعَلُوا فِعْل اِبْن أُبَيْرِق طُعْمَة الْمُرْتَدّ , وَبِاسْتِبْدَالِ آخَرِينَ غَيْرهمْ بِهِمْ لِنُصْرَةِ نَبِيّه مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصُحْبَته وَمُؤَازَرَته عَلَى دِينه , كَمَا قَالَ فِي الْآيَة الْأُخْرَى : { وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِل قَوْمًا غَيْركُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالكُمْ } [47 38 ]. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَنَّهَا لَمَّا نَزَلَتْ , ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى ظَهْر سَلْمَان , فَقَالَ : | هُمْ قَوْم هَذَا | )يَعْنِي عَجَم الْفُرْس ; كَذَلِكَ : 8402 - حُدِّثْت عَنْ عَبْد الْعَزِيز بْن مُحَمَّد , عَنْ سُهَيْل بْن أَبِي صَالِح , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَالَ قَتَادَة فِي ذَلِكَ بِمَا : 8403 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : ( { إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيّهَا النَّاس وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّه عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا } قَادِر وَاَللَّه رَبّنَا عَلَى ذَلِكَ , أَنْ يُهْلِك مَنْ يَشَاء مِنْ خَلْقه , وَيَأْتِي بِآخَرِينَ مِنْ بَعْدهمْ.)

مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى - { مَنْ كَانَ يُرِيد ثَوَاب الدُّنْيَا فَعِنْد اللَّه ثَوَاب الدُّنْيَا وَالْآخِرَة } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { مَنْ كَانَ يُرِيد } مِمَّنْ أَظْهَرَ الْإِيمَان لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْل النِّفَاق الَّذِينَ يَسْتَبْطِنُونَ الْكُفْر وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ يُظْهِرُونَ الْإِيمَان . { ثَوَاب الدُّنْيَا } يَعْنِي : عَرَضَ الدُّنْيَا , بِإِظْهَارِ مَا أَظْهَرَ مِنْ الْإِيمَان بِلِسَانِهِ . { فَعِنْد اللَّه ثَوَاب الدُّنْيَا } يَعْنِي : جَزَاؤُهُ فِي الدُّنْيَا مِنْهَا وَثَوَابه فِيهَا , هُوَ مَا يُصِيب مِنْ الْمَغْنَم إِذَا شَهِدَ مَعَ النَّبِيّ مَشْهَدًا , وَأَمِنَهُ عَلَى نَفْسه وَذُرِّيَّته وَمَاله , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ . وَأَمَّا ثَوَابه فِي الْآخِرَة فَنَار جَهَنَّم . فَمَعْنَى الْآيَة : مَنْ كَانَ مِنْ الْعَامِلِينَ فِي الدُّنْيَا مِنْ الْمُنَافِقِينَ يُرِيد بِعَمَلِهِ ثَوَاب الدُّنْيَا وَجَزَاءَهَا مِنْ عَمَله , فَإِنَّ اللَّه مُجَازِيه جَزَاءَهُ فِي الدُّنْيَا مِنْ الدُّنْيَا , وَجَزَاءَهُ فِي الْآخِرَة مِنْ الْعِقَاب وَالنَّكَال وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه قَادِر عَلَى ذَلِكَ كُلّه , وَهُوَ مَالِك جَمِيعه , كَمَا قَالَ فِي الْآيَة الْأُخْرَى : { مَنْ كَانَ يُرِيد الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزِينَتهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالهمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَة إِلَّا النَّار وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِل مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [11 15 : 16 ]. وَإِنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الَّذِينَ سَعَوْا فِي أَمْر بَنِي أُبَيْرِق , وَاَلَّذِينَ وَصَفَهُمْ فِي قَوْله : { وَلَا تُجَادِل عَنْ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسهمْ إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا يَسْتَخْفُونَ مِنْ النَّاس وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنْ اللَّه وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنْ الْقَوْل } [4 107 : 108 ]وَمَنْ كَانَ مِنْ نُظَرَائِهِمْ فِي أَفْعَالهمْ وَنِفَاقهمْ .|وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا|وَقَوْله : { وَكَانَ اللَّه سَمِيعًا بَصِيرًا } يَعْنِي : وَكَانَ اللَّه سَمِيعًا لِمَا يَقُول هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ ثَوَاب الدُّنْيَا بِأَعْمَالِهِمْ , وَإِظْهَارهمْ لِلْمُؤْمِنِينَ مَا يُظْهِرُونَ لَهُمْ إِذَا لَقُوا الْمُؤْمِنِينَ وَقَوْلهمْ لَهُمْ آمَنَّا . { بَصِيرًا } : يَعْنِي : وَكَانَ ذَا بَصَر بِهِمْ وَبِمَا هُمْ عَلَيْهِ مُنْطَوُونَ لِلْمُؤْمِنِينَ فِيمَا يَكْتُمُونَهُ وَلَا يُبْدُونَهُ لَهُمْ مِنْ الْغِشّ وَالْغِلّ الَّذِي فِي صُدُورهمْ.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاَللَّه أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا } </subtitle>وَهَذَا تَقَدَّمَ مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره إِلَى عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ بِهِ وَبِرَسُولِهِ أَنْ يَفْعَلُوا فِعْل الَّذِينَ سَعَوْا إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَأْمُر بَنِي أُبَيْرِق , أَنْ يَقُوم بِالْعُذْرِ لَهُمْ فِي أَصْحَابه وَذَبّهمْ عَنْهُمْ وَتَحْسِينهمْ أَمْرهمْ بِأَنَّهُمْ أَهْل فَاقَة وَفَقْر ; يَقُول اللَّه لَهُمْ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ } يَقُولهُ : لِيَكُنْ مِنْ أَخْلَاقكُمْ وَصِفَاتكُمْ الْقِيَام بِالْقِسْطِ , يَعْنِي بِالْعَدْلِ . { شُهَدَاء لِلَّهِ } وَالشُّهَدَاء : جَمْع شَهِيد , وَنُصِبَتْ الشُّهَدَاء عَلَى الْقَطْع مِمَّا فِي قَوْله : | قَوَّامِينَ | , مِنْ ذِكْر الَّذِينَ آمَنُوا , وَمَعْنَاهُ : قُومُوا بِالْقِسْطِ لِلَّهِ عِنْد شَهَادَتكُمْ , أَوْ حِين شَهَادَتكُمْ . { وَلَوْ عَلَى أَنْفُسكُمْ } يَقُول : وَلَوْ كَانَتْ شَهَادَتكُمْ عَلَى أَنْفُسكُمْ , أَوْ عَلَى وَالِدَيْكُمْ أَوْ أَقْرَبِيكُمْ , فَقُومُوا فِيهَا بِالْقِسْطِ وَالْعَدْل , وَأَقِيمُوهَا عَلَى صِحَّتهَا بِأَنْ تَقُولُوا فِيهَا الْحَقّ , وَلَا تَمِيلُوا فِيهَا لِغَنِيٍّ لِغِنَاهُ عَلَى فَقِير , وَلَا لِفَقِيرِ لِفَقْرِهِ عَلَى غَنِيّ فَتَجُورُوا , فَإِنَّ اللَّه الَّذِي سَوَّى بَيْن حُكْم الْغَنِيّ وَالْفَقِير فِيمَا أَلْزَمَكُمْ أَيّهَا النَّاس مِنْ إِقَامَة الشَّهَادَة لِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا بِالْعَدْلِ أَوْلَى بِهِمَا , وَأَحَقّ مِنْكُمْ , لِأَنَّهُ مَالِكهمَا وَأَوْلَى بِهِمَا دُونكُمْ , فَهُوَ أَعْلَم بِمَا فِيهِ مَصْلَحَة كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ وَفِي غَيْره مِنْ الْأُمُور كُلّهَا مِنْكُمْ , فَلِذَلِكَ أَمَرَكُمْ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنهمَا فِي الشَّهَادَة لَهُمَا وَعَلَيْهَا . { فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا } يَقُول : فَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاء أَنْفُسكُمْ فِي الْمَيْل فِي شَهَادَتكُمْ إِذَا قُمْتُمْ بِهَا لِغَنِيٍّ عَلَى فَقِير أَوْ لِفَقِيرٍ عَلَى غَنِيّ إِلَّا أَحَد الْفَرِيقَيْنِ فَتَقُولُوا غَيْر الْحَقّ , وَلَكِنْ قُومُوا فِيهِ بِالْقِسْطِ وَأَدُّوا الشَّهَادَة عَلَى مَا أَمَرَكُمْ اللَّه بِأَدَائِهَا بِالْعَدْلِ لِمَنْ شَهِدْتُمْ عَلَيْهِ وَلَهُ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْفَ يَقُوم بِالشَّهَادَةِ عَلَى نَفْسه الشَّاهِد بِالْقِسْطِ , وَهَلْ يَشْهَد الشَّاهِد عَلَى نَفْسه ؟ قِيلَ : نَعَمْ , وَذَلِكَ أَنْ يَكُون عَلَيْهِ حَقّ لِغَيْرِهِ , فَيُقِرّ لَهُ بِهِ , فَذَلِكَ قِيَام مِنْهُ لَهُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى نَفْسه . وَهَذِهِ الْآيَة عِنْدِي تَأْدِيب مِنْ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَفْعَلُوا مَا فَعَلَهُ الَّذِينَ عَذَرُوا بَنِي أُبَيْرِق فِي سَرِقَتهمْ مَا سَرَقُوا وَخِيَانَتهمْ مَا خَانُوا مِنْ ذِكْر مَا قِيلَ عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَهَادَتهمْ لَهُمْ عِنْده بِالصَّلَاحِ , فَقَالَ لَهُمْ : إِذَا قُمْتُمْ بِالشَّهَادَةِ لِإِنْسَانٍ أَوْ عَلَيْهِ , فَقُومُوا فِيهَا بِالْعَدْلِ وَلَوْ كَانَتْ شَهَادَتكُمْ عَلَى أَنْفُسكُمْ وَآبَائِكُمْ وَأُمَّهَاتكُمْ وَأَقْرِبَائِكُمْ , فَلَا يَحْمِلَنَّكُمْ غِنَى مَنْ شَهِدْتُمْ لَهُ أَوْ فَقْره أَوْ قَرَابَته وَرَحِمه مِنْكُمْ عَلَى الشَّهَادَة لَهُ بِالزُّورِ وَلَا عَلَى تَرْك الشَّهَادَة عَلَيْهِ بِالْحَقِّ وَكِتْمَانهَا . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّهَا نَزَلَتْ تَأْدِيبًا لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8404 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن حُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ فِي قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلَّهِ } قَالَ : نَزَلَتْ فِي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَاخْتَصَمَ إِلَيْهِ رَجُلَانِ غَنِيّ وَفَقِير , وَكَانَ ضِلْعه مَعَ الْفَقِير , يَرَى أَنَّ الْفَقِير لَا يَظْلِم الْغَنِيّ , فَأَبَى اللَّه إِلَّا أَنْ يَقُوم بِالْقِسْطِ فِي الْغَنِيّ وَالْفَقِير , فَقَالَ : { إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاَللَّه أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا } ... الْآيَة . )وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ نَحْو قَوْلنَا إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي الشَّهَادَة أَمْرًا مِنْ اللَّه الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُسَوُّوا فِي قِيَامهمْ بِشَهَادَاتِهِمْ لِمَنْ قَامُوا بِهَا بَيْن الْغَنِيّ وَالْفَقِير. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8405 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ } قَالَ : أَمَرَ اللَّه الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَقُولُوا الْحَقّ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسهمْ أَوْ آبَائِهِمْ أَوْ أَبْنَائِهِمْ , وَلَا يُحَابُوا غَنِيًّا لِغِنَاهُ , وَلَا يَرْحَمُوا مِسْكِينًا لِمَسْكَنَتِهِ , وَذَلِكَ قَوْله : { إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاَللَّه أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا } فَتَذَرُوا الْحَقّ فَتَجُورُوا . )8406 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ يُونُس , عَنْ اِبْن شِهَاب فِي شَهَادَة الْوَالِد لِوَلَدِهِ وَذِي الْقَرَابَة , قَالَ : (كَانَ ذَلِكَ فِيمَا مَضَى مِنْ السُّنَّة فِي سَلَف الْمُسْلِمِينَ , وَكَانُوا يَتَأَوَّلُونَ فِي ذَلِكَ قَوْل اللَّه : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاَللَّه أَوْلَى بِهِمَا } ... الْآيَة , فَلَمْ يَكُنْ يُتَّهَم سَلَف الْمُسْلِمِينَ الصَّالِح فِي شَهَادَة الْوَالِد لِوَلَدِهِ , وَلَا الْوَلَد لِوَالِدِهِ , وَلَا الْأَخ لِأَخِيهِ , وَلَا الرَّجُل لِامْرَأَتِهِ , ثُمَّ دَخِلَ النَّاس بَعْد ذَلِكَ فَظَهَرَتْ مِنْهُمْ أُمُور حَمَلَتْ الْوُلَاة عَلَى اِتِّهَامهمْ , فَتُرِكَتْ شَهَادَة مَنْ يُتَّهَم إِذَا كَانَتْ مِنْ أَقْرِبَائِهِمْ وَصَارَ ذَلِكَ مِنْ الْوَلَد وَالْوَالِد وَالْأَخ وَالزَّوْج وَالْمَرْأَة لَمْ يُتَّهَم إِلَّا هَؤُلَاءِ فِي آخِر الزَّمَان . )8407 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلَّهِ } . .. إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : لَا يَحْمِلك فَقْر هَذَا عَلَى أَنْ تَرْحَمهُ فَلَا تُقِيم عَلَيْهِ الشَّهَادَة , قَالَ : يَقُول هَذَا لِلشَّاهِدِ . )8408 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلَّهِ } . .. الْآيَة , هَذَا فِي الشَّهَادَة , فَأَقِمْ الشَّهَادَة يَا اِبْن آدَم وَلَوْ عَلَى نَفْسك , أَوْ الْوَالِدَيْنِ , أَوْ عَلَى ذَوِي قَرَابَتك , أَوْ أَشْرَاف قَوْمك , فَإِنَّمَا الشَّهَادَة لِلَّهِ وَلَيْسَتْ لِلنَّاسِ , وَإِنَّ اللَّه رَضِيَ الْعَدْل لِنَفْسِهِ ; وَالْإِقْسَاط وَالْعَدْل مِيزَان اللَّه فِي الْأَرْض , بِهِ يَرُدّ اللَّه مِنْ الشَّدِيد عَلَى الضَّعِيف , مِنْ الْكَاذِب عَلَى الصَّادِق , وَمِنْ الْمُبْطِل عَلَى الْمُحِقّ , وَبِالْعَدْلِ يُصَدِّق الصَّادِق , وَيُكَذِّب الْكَاذِب , وَيَرُدّ الْمُعْتَدِيَ , وَيُوَبِّخهُ تَعَالَى رَبّنَا وَتَبَارَكَ , وَبِالْعَدْلِ يُصْلِح النَّاس . يَا اِبْن آدَم إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا , فَاَللَّه أَوْلَى بِهِمَا , يَقُول : أَوْلَى بِغَنِيِّكُمْ وَفَقِيركُمْ . قَالَ : وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ : يَا رَبّ أَيّ شَيْء وَضَعْت فِي الْأَرْض أَقَلّ ؟ قَالَ : | الْعَدْل أَقَلّ مَا وَضَعْت فِي الْأَرْض , فَلَا يَمْنَعك غِنَى غَنِيٍّ وَلَا فَقْر فَقِير أَنْ تَشْهَد عَلَيْهِ بِمَا تَعْلَم , فَإِنَّ ذَلِكَ عَلَيْك مِنْ الْحَقّ | . وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَاَللَّه أَوْلَى بِهِمَا } . )وَقَدْ قِيلَ : { إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا } . .. الْآيَة , أُرِيدَ : فَاَللَّه أَوْلَى بِغِنَى الْغَنِيّ وَفَقْر الْفَقِير , لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ لَا مِنْ غَيْره , فَلِذَلِكَ قَالَ | بِهِمَا | , وَلَمْ يَقُلْ | بِهِ | . وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّمَا قِيلَ | بِهِمَا | لِأَنَّهُ قَالَ : { إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا } فَلَمْ يَقْصِد فَقِيرًا بِعَيْنِهِ وَلَا غَنِيًّا بِعَيْنِهِ , وَهُوَ مَجْهُول , وَإِذَا كَانَ مَجْهُولًا جَازَ الرَّدّ عَلَيْهِ بِالتَّوْحِيدِ وَالتَّثْنِيَة وَالْجَمْع . وَذَكَرَ قَائِلُو هَذَا الْقَوْل أَنَّهُ فِي قِرَاءَة أُبَيّ : | فَاَللَّه أَوْلَى بِهِمْ | . وَقَالَ آخَرُونَ : | أَوْ | بِمَعْنَى الْوَاو فِي هَذَا الْمَوْضِع. وَقَالَ آخَرُونَ : جَازَ تَثْنِيَة قَوْله | بِهِمَا | , لِأَنَّهُمَا قَدْ ذُكِّرَا كَمَا قِيلَ : { وَلَهُ أَخ أَوْ أُخْت فَلِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا } [4 12 ]. وَقِيلَ : جَازَ لِأَنَّهُ أُضْمِرَ فِيهِ | مَنْ | كَأَنَّهُ قِيلَ : إِنْ يَكُنْ مَنْ خَاصَمَ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا , بِمَعْنَى : غَنِيَّيْنِ أَوْ فَقِيرَيْنِ , فَاَللَّه أَوْلَى بِهِمَا . وَتَأْوِيل قَوْله ; { فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا } أَيْ عَنْ الْحَقّ , فَتَجُورُوا بِتَرْكِ إِقَامَة الشَّهَادَة بِالْحَقِّ . وَلَوْ وُجِّهَ إِلَى أَنَّ مَعْنَاهُ : فَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاء أَنْفُسكُمْ هَرَبًا مِنْ أَنْ تَعْدِلُوا عَنْ الْحَقّ فِي إِقَامَة الشَّهَادَة بِالْقِسْطِ كَانَ وَجْهًا . وَقَدْ قِيلَ : مَعْنَى ذَلِكَ : فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى لِتَعْدِلُوا , كَمَا يُقَال : لَا تَتَّبِع هَوَاك لِتُرْضِيَ رَبّك , بِمَعْنَى : أَنْهَاك عَنْهُ كَمَا تُرْضِي رَبّك بِتَرْكِهِ .|تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا } . </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى : وَإِنْ تَلْوُوا أَيّهَا الْحُكَّام فِي الْحُكْم لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ عَلَى الْآخَر أَوْ تُعْرِضُوا , فَإِنَّ اللَّه كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا . وَوَجَّهُوا مَعْنَى الْآيَة إِلَى أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْحُكَّام عَلَى نَحْو الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ السُّدِّيّ مِنْ قَوْله : إِنَّ الْآيَة نَزَلَتْ فِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , عَلَى مَا ذَكَرْنَا قَبْل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8409 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثنا جَرِير , عَنْ قَابُوس بْن أَبِي ظَبْيَان , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْل اللَّه : ( { وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا } قَالَ : هُمَا الرَّجُلَانِ يَجْلِسَانِ بَيْن يَدَيْ الْقَاضِي , فَيَكُون لَيّ الْقَاضِي وَإِعْرَاضه لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَر . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَإِنْ تَلْوُوا أَيّهَا الشُّهَدَاء فِي شَهَادَاتكُمْ فَتُحَرِّفُوهَا وَلَا تُقِيمُوهَا , أَوْ تُعْرِضُوا عَنْهَا فَتَتْرُكُوهَا. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8410 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا } يَقُول : إِنْ تَلْوُوا بِأَلْسِنَتِكُمْ بِالشَّهَادَةِ أَوْ تُعْرِضُوا عَنْهَا . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلَّهِ } . .. إِلَى قَوْله : { وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا } يَقُول : تَلْوِي لِسَانك بِغَيْرِ الْحَقّ , وَهِيَ اللَّجْلَجَة , فَلَا تُقِيم الشَّهَادَة عَلَى وَجْههَا . وَالْإِعْرَاض التَّرْك . )8411 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { وَإِنْ تَلْوُوا } : أَيْ تُبَدِّلُوا الشَّهَادَة ; { أَوْ تُعْرِضُوا } قَالَ : تَكْتُمُوهَا . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَإِنْ تَلْوُوا } قَالَ : بِتَبْدِيلِ الشَّهَادَة , وَالْإِعْرَاض : كِتْمَانهَا . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا } قَالَ : إِنْ تُحَرِّفُوا , أَوْ تَتْرُكُوا . )8412 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا } قَالَ : تَلَجْلَجُوا أَوْ تَكْتُمُوا ; وَهَذَا فِي الشَّهَادَة . )8413 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا } أَمَّا تَلْوُوا : فَتَلْوِي لِلشَّهَادَةِ فَتُحَرِّفهَا حَتَّى لَا تُقِيمهَا ; وَأَمَّا | تُعْرِضُوا | : فَتُعْرِض عَنْهَا فَتَكْتُمهَا وَتَقُول : لَيْسَ عِنْدِي شَهَادَة . )8414 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : ( { وَإِنْ تَلْوُوا } فَتَكْتُمُوا الشَّهَادَة , تَلْوِي : تَنْقُص مِنْهَا , أَوْ تُعْرِض عَنْهَا فَتَكْتُمهَا فَتَأْبَى أَنْ تَشْهَد عَلَيْهِ , تَقُول : أَكْتُم عَنْهُ لِأَنَّهُ مِسْكِين أَرْحَمهُ فَتَقُول : لَا أُقِيم الشَّهَادَة عَلَيْهِ , وَتَقُول : هَذَا غَنِيّ أُبْقِيه وَأَرْجُو مَا قَبْله فَلَا أَشْهَد عَلَيْهِ , فَذَلِكَ قَوْله : { إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا } . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَإِنْ تَلْوُوا } تُحَرِّفُوا { أَوْ تُعْرِضُوا } : تَتْرُكُوا . )8415 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُمَارَة , قَالَ : ثنا حَسَن بْن عَطِيَّة , قَالَ : ثنا فُضَيْل بْن مَرْزُوق , عَنْ عَطِيَّة فِي قَوْله : ( { وَإِنْ تَلْوُوا } قَالَ : إِنْ تَلَجْلَجُوا فِي الشَّهَادَة فَتُفْسِدُوهَا , { أَوْ تُعْرِضُوا } قَالَ : فَتَتْرُكُوهَا . )8416 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْله : ( { وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا } قَالَ : إِنْ تَلْوُوا فِي الشَّهَادَة , أَنْ لَا تُقِيمُوهَا عَلَى وَجْههَا { أَوْ تُعْرِضُوا } قَالَ : تَكْتُمُوا الشَّهَادَة . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حَمَّاد , قَالَ : ثنا شَيْبَان , عَنْ قَتَادَة أَنَّهُ كَانَ يَقُول : ( { وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا } يَعْنِي : تَلَجْلَجُوا { أَوْ تُعْرِضُوا } قَالَ : تَدَعهَا فَلَا تَشْهَد . )* - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , قَالَ : ثنا عُبَيْد بْن سَلْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا } أَمَّا تَلْوُوا : فَهُوَ أَنْ يَلْوِيَ الرَّجُل لِسَانه بِغَيْرِ الْحَقّ , يَعْنِي فِي الشَّهَادَة . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ تَأْوِيل مَنْ تَأَوَّلَهُ : أَنَّهُ لَيّ الشَّاهِد شَهَادَته لِمَنْ يَشْهَد لَهُ وَعَلَيْهِ ; وَذَلِكَ تَحْرِيفه إِيَّاهَا لِسَانه وَتَرْكه إِقَامَتهَا لِيُبْطِل بِذَلِكَ شَهَادَته لِمَنْ شَهِدَ لَهُ وَعَمَّنْ شَهِدَ عَلَيْهِ . وَأَمَّا إِعْرَاضه عَنْهَا , فَإِنَّهُ تَرْكه أَدَاءَهَا وَالْقِيَام بِهَا فَلَا يَشْهَد بِهَا. وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا التَّأْوِيل أَوْلَى بِالصَّوَابِ , لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَالَ : { كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلَّهِ } فَأَمَرَهُمْ بِالْقِيَامِ بِالْعَدْلِ شُهَدَاء , وَأَظْهَرُ مَعَانِي الشُّهَدَاء مَا ذَكَرْنَا مِنْ وَصْفهمْ بِالشَّهَادَةِ . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَإِنْ تَلْوُوا } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار سِوَى الْكُوفَة { وَإِنْ تَلْوُوا } بِوَاوَيْنِ مِنْ : لَوَانِي الرَّجُل حَقِّي , وَالْقَوْم يَلْوُونَنِي دَيْنِي , وَذَلِكَ إِذًا مَطْلُوب , لَيًّا . وَقَرَأَ ذَلِكَ جَمَاعَة مِنْ قُرَّاء أَهْل الْكُوفَة : | وَإِنْ تَلُوا | بِوَاوٍ وَاحِدَة ; وَلِقِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَجْهَانِ : أَحَدهمَا أَنْ يَكُون قَارِئُهَا أَرَادَ هَمْز الْوَاو لِانْضِمَامِهَا , ثُمَّ أَسْقَطَ الْهَمْز , فَصَارَ إِعْرَاب الْهَمْز فِي اللَّام إِذْ أَسْقَطَهُ , وَبَقِيَتْ وَاو وَاحِدَة , كَأَنَّهُ أَرَادَ : تَلْوُوا , ثُمَّ حَذَفَ الْهَمْز . وَإِذَا عُنِيَ هَذَا الْوَجْه كَانَ مَعْنَاهُ مَعْنَى مَنْ قَرَأَ : { وَإِنْ تَلْوُوا } بِوَاوَيْنِ غَيْر أَنَّهُ خَالَفَ الْمَعْرُوف مِنْ كَلَام الْعَرَب , وَذَلِكَ أَنَّ الْوَاو الثَّانِيَة مِنْ قَوْله : { تَلْوُوا } وَاو جَمْع , وَهِيَ عَلَم لِمَعْنًى , فَلَا يَصِحّ هَمْزهَا ثُمَّ حَذْفهَا بَعْد هَمْزهَا , فَيَبْطُل عَلَم الْمَعْنَى الَّذِي لَهُ أُدْخِلَتْ الْوَاو الْمَحْذُوفَة . وَالْوَجْه الْآخَر : أَنْ يَكُون قَارِئُهَا كَذَلِكَ , أَرَادَ : إِنْ تَلُوا , مِنْ الْوِلَايَة , فَيَكُون مَعْنَاهُ : وَإِنْ تَلُوا أُمُور النَّاس , أَوْ تَتْرُكُوا . وَهَذَا مَعْنَى إِذَا وَجَّهَ الْقَارِئ قِرَاءَته عَلَى مَا وَصَفْنَا إِلَيْهِ , خَارِج عَنْ مَعَانِي أَهْل التَّأْوِيل وَمَا وَجَّهَ إِلَيْهِ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعُونَ تَأْوِيل الْآيَة . فَإِذَا كَانَ فَسَاد ذَلِكَ وَاضِحًا مِنْ كِلَا وَجْهَيْهِ , فَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَة الَّذِي لَا يَصْلُح غَيْره أَنْ يُقْرَأ بِهِ عِنْدنَا : { وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا } بِمَعْنَى اللَّيّ : الَّذِي هُوَ مَطْل , فَيَكُون تَأْوِيل الْكَلَام : وَإِنْ تَدْفَعُوا الْقِيَام بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْههَا لِمَنْ لَزِمَكُمْ الْقِيَام لَهُ بِهَا . فَتُغَيِّرُوهَا , وَتُبَدِّلُوا , أَوْ تُعْرِضُوا عَنْهَا , فَتَتْرُكُوا الْقِيَام لَهُ بِهَا , كَمَا يَلْوِي الرَّجُل دَيْن الرَّجُل , فَيُدَافِعهُ بِأَدَائِهِ إِلَيْهِ عَلَى مَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ لَهُ مَطْلًا مِنْهُ لَهُ , كَمَا قَالَ الْأَعْشَى : <br>يَلْوِينَنِي دَيْنِي النَّهَار وَأَقْتَضِي .......... دَيْنِي إِذَا وَقَذَ النُّعَاس الرُّقَّدَا<br>|تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ|وَأَمَّا تَأْوِيل قَوْله : { فَإِنَّ اللَّه كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } فَإِنَّهُ أَرَادَ : فَإِنَّ اللَّه كَانَ بِمَا يَعْمَلُونَ مِنْ إِقَامَتكُمْ الشَّهَادَة وَتَحْرِيفكُمْ إِيَّاهَا وَإِعْرَاضكُمْ عَنْهَا بِكِتْمَانِكُمُوهَا , خَبِيرًا , يَعْنِي : ذَا خِبْرَة وَعِلْم بِهِ , يَحْفَظ ذَلِكَ مِنْكُمْ عَلَيْكُمْ حَتَّى يُجَازِيَكُمْ بِهِ جَزَاءَكُمْ فِي الْآخِرَة , الْمُحْسِن مِنْكُمْ بِإِحْسَانِهِ , وَالْمُسِيء بِإِسَاءَتِهِ , يَقُول : فَاتَّقُوا رَبّكُمْ فِي ذَلِكَ .

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَال

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله وَالْكِتَاب الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُوله وَالْكِتَاب الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْل } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } : بِمَنْ قَبْل مُحَمَّد مِنْ الْأَنْبِيَاء وَالرُّسُل , وَصَدَّقُوا بِمَا جَاءُوهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه . { آمِنُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله } يَقُول : صَدِّقُوا بِاَللَّهِ , وَبِمُحَمَّدٍ رَسُوله , أَنَّهُ لِلَّهِ رَسُول مُرْسَل إِلَيْكُمْ وَإِلَى سَائِر الْأُمَم قَبْلكُمْ . { وَالْكِتَاب الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُوله } يَقُول : وَصَدِّقُوا بِمَا جَاءَكُمْ بِهِ مُحَمَّد مِنْ الْكِتَاب الَّذِي نَزَّلَهُ اللَّه عَلَيْهِ , وَذَلِكَ الْقُرْآن . { وَالْكِتَاب الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْل } يَقُول : وَآمِنُوا بِالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّه مِنْ قَبْل الْكِتَاب الَّذِي نَزَّلَهُ عَلَى مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَمَا وَجْه دُعَاء هَؤُلَاءِ إِلَى الْإِيمَان بِاَللَّهِ وَرَسُوله وَكُتُبه وَقَدْ سَمَّاهُمْ مُؤْمِنِينَ ؟ قِيلَ : إِنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَمْ يُسَمِّهِمْ مُؤْمِنِينَ , وَإِنَّمَا وَصَفَهُمْ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا , وَذَلِكَ وَصْف لَهُمْ بِخُصُوصٍ مِنْ التَّصْدِيق , وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا صِنْفَيْنِ : أَهْل تَوْرَاة مُصَدِّقِينَ بِهَا وَبِمَنْ جَاءَ بِهَا , وَهُمْ مُكَذِّبُونَ بِالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآن وَعِيسَى وَمُحَمَّد صَلَوَات اللَّه عَلَيْهِمَا ; وَصِنْف أَهْل إِنْجِيل وَهُمْ مُصَدِّقُونَ بِهِ وَبِالتَّوْرَاةِ وَسَائِر الْكُتُب , مُكَذِّبُونَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْفُرْقَان . فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَهُمْ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } يَعْنِي : بِمَا هُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ مِنْ الْكُتُب وَالرُّسُل , { آمِنُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله } مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , { وَالْكِتَاب الَّذِينَ نَزَّلَ عَلَى رَسُوله } فَإِنَّكُمْ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّه تَجِدُونَ صِفَته فِي كُتُبكُمْ , { وَالْكِتَاب الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْل } الَّذِي تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ , فَإِنَّكُمْ لَنْ تَكُونُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ وَأَنْتُمْ بِمُحَمَّدٍ مُكَذِّبُونَ , لِأَنَّ كِتَابكُمْ يَأْمُركُمْ بِالتَّصْدِيقِ بِهِ وَبِمَا جَاءَكُمْ بِهِ , فَآمِنُوا بِكِتَابِكُمْ فِي اِتِّبَاعكُمْ مُحَمَّدًا , وَإِلَّا فَأَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ. فَهَذَا وَجْه أَمْرهمْ بِالْإِيمَانِ بِمَا أَمَرَهُمْ بِالْإِيمَانِ بِهِ , بَعْد أَنْ وَصَفَهُمْ بِمَا وَصَفَهُمْ بِقَوْلِهِ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } .|قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ|وَأَمَّا قَوْله : { وَمَنْ يَكْفُر بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَته وَكُتُبه وَرُسُله وَالْيَوْم الْآخِر } فَإِنَّ مَعْنَاهُ : وَمَنْ يَكْفُر بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَجْحَد نُبُوَّته , فَهُوَ يَكْفُر بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَته وَكُتُبه وَرُسُله وَالْيَوْم الْآخِر , لِأَنَّ جُحُود الشَّيْء مِنْ ذَلِكَ بِمَعْنَى جُحُوده جَمِيعه ; وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَصِحّ إِيمَان أَحَد مِنْ الْخَلْق إِلَّا بِالْإِيمَانِ بِمَا أَمَرَهُ اللَّه بِالْإِيمَانِ بِهِ , وَالْكُفْر بِشَيْءٍ مِنْهُ كُفْر بِجَمِيعِهِ , فَلِذَلِكَ قَالَ : { وَمَنْ يَكْفُر بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَته وَكُتُبه وَرُسُله وَالْيَوْم الْآخِر } بِعَقِبِ خِطَابه أَهْل الْكِتَاب , وَأَمْره إِيَّاهُمْ بِالْإِيمَانِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَهْدِيدًا مِنْهُ لَهُمْ , وَهُمْ مُقِرُّونَ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّه وَالْمَلَائِكَة وَالْكُتُب وَالرُّسُل وَالْيَوْم الْآخِر سِوَى مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا جَاءَ بِهِ مِنْ الْفُرْقَان .|الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا|وَأَمَّا قَوْله : { فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا } فَإِنَّهُ يَعْنِي : فَقَدْ ذَهَبَ عَنْ قَصْد السَّبِيل , وَجَارَ عَنْ مَحَجَّة الطَّرِيق إِلَى الْمَهَالِك ذَهَابًا وَجَوْرًا بَعِيدًا , لِأَنَّ كُفْر مَنْ كَفَرَ بِذَلِكَ خُرُوج مِنْهُ عَنْ دِين اللَّه الَّذِي شَرَعَهُ لِعِبَادِهِ , وَالْخُرُوج عَنْ دِين اللَّه : الْهَلَاك الَّذِي فِيهِ الْبَوَار , وَالضَّلَال عَنْ الْهُدَى هُوَ الضَّلَال .

إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ اِزْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنْ اللَّه لِيَغْفِر لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا } </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : تَأْوِيله : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا } بِمُوسَى { ثُمَّ كَفَرُوا } بِهِ { ثُمَّ آمَنُوا } يَعْنِي النَّصَارَى بِعِيسَى , { ثُمَّ كَفَرُوا } بِهِ { ثُمَّ اِزْدَادُوا كُفْرًا } بِمُحَمَّدٍ , { لَمْ يَكُنْ اللَّه لِيَغْفِر لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا } . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8417 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ اِزْدَادُوا كُفْرًا } وَهُمْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى , آمَنَتْ الْيَهُود بِالتَّوْرَاةِ , ثُمَّ كَفَرَتْ ; وَآمَنَتْ النَّصَارَى بِالْإِنْجِيلِ , ثُمَّ كَفَرَتْ ; وَكُفْرهمْ بِهِ : تَرْكهمْ إِيَّاهُ , ثُمَّ اِزْدَادُوا كُفْرًا بِالْفُرْقَانِ وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ اللَّه : { لَمْ يَكُنْ اللَّه لِيَغْفِر لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا } يَقُول : لَمْ يَكُنْ اللَّه لِيَغْفِر لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيق هُدًى , وَقَدْ كَفَرُوا بِكِتَابِ اللَّه وَبِرَسُولِهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . )8418 - حَدَّثَنَا : الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : ( { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا } قَالَ : هَؤُلَاءِ الْيَهُود آمَنُوا بِالتَّوْرَاةِ , ثُمَّ كَفَرُوا . ثُمَّ ذَكَرَ النَّصَارَى , ثُمَّ قَالَ : { ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ اِزْدَادُوا كُفْرًا } يَقُول : آمَنُوا بِالْإِنْجِيلِ ثُمَّ كَفَرُوا بِهِ , ثُمَّ اِزْدَادُوا كُفْرًا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِذَلِكَ : أَهْل النِّفَاق أَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ اِرْتَدُّوا , ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ اِرْتَدُّوا , ثُمَّ اِزْدَادُوا كُفْرًا بِمَوْتِهِمْ عَلَى كُفْرهمْ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8419 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ اِزْدَادُوا كُفْرًا } قَالَ : كُنَّا نَحْسَبهُمْ الْمُنَافِقِينَ , وَيَدْخُل فِي ذَلِكَ مَنْ كَانَ مِثْلهمْ . { ثُمَّ اِزْدَادُوا كُفْرًا } قَالَ : تَمُّوا عَلَى كُفْرهمْ حَتَّى مَاتُوا. )8420 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { ثُمَّ اِزْدَادُوا كُفْرًا } قَالَ : مَاتُوا. )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { ثُمَّ اِزْدَادُوا كُفْرًا } قَالَ : حَتَّى مَاتُوا . )8421 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا } . .. الْآيَة , قَالَ : هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ آمَنُوا مَرَّتَيْنِ , وَكَفَرُوا مَرَّتَيْنِ , ثُمَّ اِزْدَادُوا كُفْرًا بَعْد ذَلِكَ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُمْ أَهْل الْكِتَابَيْنِ : التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل , أَتَوْا ذُنُوبًا فِي كُفْرهمْ فَتَابُوا , فَلَمْ تُقْبَل مِنْهُمْ التَّوْبَة فِيهَا مَعَ إِقَامَتهمْ عَلَى كُفْرهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8422 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبُو خَالِد , عَنْ دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة : ( { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ اِزْدَادُوا كُفْرًا } قَالَ : هُمْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَذْنَبُوا فِي شِرْكهمْ , ثُمَّ تَابُوا فَلَمْ تُقْبَل تَوْبَتهمْ , وَلَوْ تَابُوا مِنْ الشِّرْك لَقُبِلَ مِنْهُمْ. )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِتَأْوِيلِ الْآيَة قَوْل مَنْ قَالَ : عُنِيَ بِذَلِكَ أَهْل الْكِتَاب الَّذِينَ أَقَرُّوا بِحُكْمِ التَّوْرَاة , ثُمَّ كَذَّبُوا بِخِلَافِهِمْ إِيَّاهُ , ثُمَّ أَقَرَّ مَنْ أَقَرَّ مِنْهُمْ بِعِيسَى وَالْإِنْجِيل , ثُمَّ كَذَّبَ بِهِ بِخِلَافِهِ إِيَّاهُ , ثُمَّ كَذَّبَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْفُرْقَان , فَازْدَادَ بِتَكْذِيبِهِ بِهِ كُفْرًا عَلَى كُفْره. وَإِنَّمَا قُلْنَا : ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيل هَذِهِ الْآيَة , لِأَنَّ الْآيَة قَبْلهَا فِي قَصَص أَهْل الْكِتَابَيْنِ , أَعْنِي قَوْله : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله } وَلَا دَلَالَة تَدُلّ عَلَى أَنَّ قَوْله : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا } مُنْقَطِع مَعْنَاهُ مِنْ مَعْنَى مَا قَبْله , فَإِلْحَاقه بِمَا قَبْله أَوْلَى حَتَّى تَأْتِيَ دَلَالَة دَالَّة عَلَى اِنْقِطَاعه مِنْهُ . وَأَمَّا قَوْله : { لَمْ يَكُنْ اللَّه لِيَغْفِر لَهُمْ } فَإِنَّهُ يَعْنِي : لَمْ يَكُنْ اللَّه لِيَسْتُر عَلَيْهِمْ كُفْرهمْ وَذُنُوبهمْ بِعَفْوِهِ عَنْ الْعُقُوبَة لَهُمْ عَلَيْهِ , وَلَكِنَّهُ يَفْضَحهُمْ عَلَى رُءُوس الْأَشْهَاد . { وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا } يَقُول : وَلَمْ يَكُنْ لِيُسَدِّدهُمْ لِإِصَابَةِ طَرِيق الْحَقّ فَيُوَفِّقهُمْ لَهَا , وَلَكِنَّهُ يَخْذُلهُمْ عَنْهَا عُقُوبَة لَهُمْ عَلَى عَظِيم جُرْمهمْ وَجَرَاءَتهمْ عَلَى رَبّهمْ . وَقَدْ ذَهَبَ قَوْم إِلَى أَنَّ الْمُرْتَدّ يُسْتَتَاب ثَلَاثًا اِنْتِزَاعًا مِنْهُمْ بِهَذِهِ الْآيَة , وَخَالَفَهُمْ عَلَى ذَلِكَ آخَرُونَ . ذِكْر مَنْ قَالَ يُسْتَتَاب ثَلَاثًا : 8423 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا حَفْص , عَنْ أَشْعَث , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ عَلِيّ عَلَيْهِ السَّلَام , قَالَ : (إِنْ كُنْت لَمُسْتَتِيب الْمُرْتَدّ ثَلَاثًا . ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَة { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا } . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ جَابِر , عَنْ عَامِر , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : (يُسْتَتَاب الْمُرْتَدّ ثَلَاثًا , ثُمَّ قَرَأَ : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ اِزْدَادُوا كُفْرًا } . )8424 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَبْد الْكَرِيم , عَنْ رَجُل , عَنْ اِبْن عُمَر , قَالَ : (يُسْتَتَاب الْمُرْتَدّ ثَلَاثًا . )وَقَالَ آخَرُونَ : يُسْتَتَاب كُلَّمَا اِرْتَدَّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8425 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَمْرو بْن قَيْس , عَمَّنْ سَمِعَ إِبْرَاهِيم , قَالَ : (يُسْتَتَاب الْمُرْتَدّ كُلَّمَا اِرْتَدَّ . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَفِي قِيَام الْحُجَّة بِأَنَّ الْمُرْتَدّ يُسْتَتَاب الْمَرَّة الْأُولَى , الدَّلِيل الْوَاضِح عَلَى أَنَّ حُكْم كُلّ مَرَّة اِرْتَدَّ فِيهَا عَنْ الْإِسْلَام حُكْم الْمَرَّة الْأُولَى فِي أَنَّ تَوْبَته مَقْبُولَة , وَأَنَّ إِسْلَامه حَقَنَ لَهُ دَمه ; لِأَنَّ الْعِلَّة الَّتِي حَقَنَتْ دَمه فِي الْمَرَّة الْأُولَى إِسْلَامه , فَغَيْر جَائِز أَنْ تُوجَد الْعِلَّة الَّتِي مِنْ أَجْلهَا كَانَ دَمه مَحْقُونًا فِي الْحَالَة الْأُولَى ثُمَّ يَكُون دَمه مُبَاحًا مَعَ وُجُودهَا , إِلَّا أَنْ يُفَرَّق بَيْن حُكْم الْمَرَّة الْأُولَى وَسَائِر الْمَرَّات غَيْرهَا مَا يَجِب التَّسْلِيم لَهُ مِنْ أَصْل مُحْكَم , فَيَخْرُج حُكْم الْقِيَاس حِينَئِذٍ .

بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { بَشِّرْ الْمُنَافِقِينَ } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { بَشِّرْ الْمُنَافِقِينَ } : أَخْبِرْ الْمُنَافِقِينَ , وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى التَّبْشِير فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته.|بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا|يَعْنِي : بِأَنَّ لَهُمْ يَوْم الْقِيَامَة مِنْ اللَّه عَلَى نِفَاقهمْ , عَذَابًا أَلِيمًا , وَهُوَ الْمُوجِع , وَذَلِكَ عَذَاب جَهَنَّم .

الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ } </subtitle>أَمَّا قَوْله جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ } فَمِنْ صِفَة الْمُنَافِقِينَ . يَقُول اللَّه لِنَبِيِّهِ : يَا مُحَمَّد , بَشِّرْ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ أَهْل الْكُفْر بِي وَالْإِلْحَاد فِي دِينِي أَوْلِيَاء : يَعْنِي أَنْصَارًا وَأَخِلَّاء مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ , يَعْنِي : مِنْ غَيْر الْمُؤْمِنِينَ .|أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ| { أَيَبْتَغُونَ عِنْدهمْ الْعِزَّة } يَقُول : أَيَطْلُبُونَ عِنْدهمْ الْمَنَعَة وَالْقُوَّة بِاِتِّخَاذِهِمْ إِيَّاهُمْ أَوْلِيَاء مِنْ دُون أَهْل الْإِيمَان بِي.|فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا| { فَإِنَّ الْعِزَّة لِلَّهِ جَمِيعًا } يَقُول : فَإِنَّ الَّذِينَ اِتَّخَذُوهُمْ مِنْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء اِبْتِغَاء الْعِزَّة عِنْدهمْ , هُمْ الْأَذِلَّاء الْأَقِلَّاء , فَهَلَّا اِتَّخَذُوا الْأَوْلِيَاء مِنْ الْمُؤْمِنِينَ , فَيَلْتَمِسُوا الْعِزَّة وَالْمَنَعَة وَالنُّصْرَة مِنْ عِنْد اللَّه , الَّذِي لَهُ الْعِزَّة وَالْمَنَعَة , الَّذِي يُعِزّ مَنْ يَشَاء , وَيُذِلّ مَنْ يَشَاء فَيُعِزّهُمْ وَيَمْنَعهُمْ ؟ وَأَصْل الْعِزَّة : الشِّدَّة ; وَمِنْهُ قِيلَ لِلْأَرْضِ الصُّلْبَة الشَّدِيدَة : عَزَاز , وَقِيلَ : قَدْ اِسْتَعَزَّ عَلَى الْمَرِيض : إِذَا اِشْتَدَّ مَرَضه وَكَادَ يَشْفِي , وَيُقَال : تَعَزَّزَ اللَّحْم : إِذَا اِشْتَدَّ ; وَمِنْهُ قِيلَ : عَزَّ عَلَيَّ أَنْ يَكُون كَذَا وَكَذَا , بِمَعْنَى : اِشْتَدَّ عَلَيَّ .

وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِر

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَدْ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَاب أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَات اللَّه يُكْفَر بِهَا وَيُسْتَهْزَأ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيث غَيْره إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلهمْ } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : بَشِّرْ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ. { وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَاب } يَقُول : أَخْبَرَ مَنْ اِتَّخَذَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ الْكُفَّار أَنْصَارًا وَأَوْلِيَاء بَعْدَمَا نَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْقُرْآن . { أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَات اللَّه يُكْفَر بِهَا وَيُسْتَهْزَأ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيث غَيْره } يَعْنِي : بَعْدَمَا عَلِمُوا نَهْي اللَّه عَنْ مُجَالَسَة الْكُفَّار الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِحُجَجِ اللَّه وَآي كِتَابه , وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهَا , { حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيث غَيْره } يَعْنِي بِقَوْلِهِ : { يَخُوضُوا } : يَتَحَدَّثُوا حَدِيثًا غَيْره بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا . وَقَوْله : { إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلهمْ } يَعْنِي : وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ أَنَّكُمْ إِنْ جَالَسْتُمْ مَنْ يَكْفُر بِآيَاتِ اللَّه , وَيَسْتَهْزِئ بِهَا وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ فَأَنْتُمْ مِثْله , يَعْنِي : فَأَنْتُمْ إِنْ لَمْ تَقُومُوا عَنْهُمْ فِي تِلْكَ الْحَال مِثْلهمْ فِي فِعْلهمْ , لِأَنَّكُمْ قَدْ عَصَيْتُمْ اللَّه بِجُلُوسِكُمْ مَعَهُمْ , وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ آيَات اللَّه يُكْفَر بِهَا وَيُسْتَهْزَأ بِهَا , كَمَا عَصَوْهُ بِاسْتِهْزَائِهِمْ بِآيَاتِ اللَّه , فَقَدْ أَتَيْتُمْ مِنْ مَعْصِيَة اللَّه نَحْو الَّذِي أَتَوْهُ مِنْهَا , فَأَنْتُمْ إِذًا مِثْلهمْ فِي رُكُوبكُمْ مَعْصِيَة اللَّه , وَإِتْيَانكُمْ مَا نَهَاكُمْ اللَّه عَنْهُ . وَفِي هَذِهِ الْآيَة الدَّلَالَة الْوَاضِحَة عَلَى النَّهْي عَنْ مُجَالَسَة أَهْل الْبَاطِل مِنْ كُلّ نَوْع مِنْ الْمُبْتَدِعَة وَالْفَسَقَة عِنْد خَوْضهمْ فِي بَاطِلهمْ . وَبِنَحْوِ ذَلِكَ كَانَ جَمَاعَة مِنْ الْأُمَّة الْمَاضِيَة يَقُولُونَ تَأَوُّلًا مِنْهُمْ هَذِهِ الْآيَة , إِنَّهُ مُرَاد بِهَا النَّهْي عَنْ مُشَاهَدَة كُلّ بَاطِل عِنْد خَوْض أَهْله فِيهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8426 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن هَارُون , عَنْ الْعَوَّام بْن حَوْشَب , عَنْ إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ , عَنْ أَبِي وَائِل , قَالَ : (إِنَّ الرَّجُل لَيَتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ فِي الْمَجْلِس مِنْ الْكَذِب لِيُضْحِك بِهَا جُلَسَاءَهُ , فَيَسْخَط اللَّه عَلَيْهِمْ . قَالَ : فَذَكَرْت ذَلِكَ لِإِبْرَاهِيم النَّخَعِيّ , فَقَالَ : صَدَقَ أَبُو وَائِل ! أَوَلَيْسَ ذَلِكَ فِي كِتَاب اللَّه : { أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَات اللَّه يُكْفَر بِهَا وَيُسْتَهْزَأ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيث غَيْره إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلهمْ } . )8427 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن إِدْرِيس , عَنْ الْعَلَاء بْن الْمِنْهَال , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , قَالَ : (أَخَذَ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز قَوْمًا عَلَى شَرَاب , فَضَرَبَهُمْ وَفِيهِمْ صَائِم , فَقَالُوا : إِنَّ هَذَا صَائِم فَتَلَا : { فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيث غَيْره إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلهمْ } . )8428 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَات اللَّه يُكْفَر بِهَا وَيُسْتَهْزَأ بِهَا } وَقَوْل : { وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُل فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيله } [6 153 ], وَقَوْله : { أَقِيمُوا الدِّين وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ } [42 13 ], وَنَحْو هَذَا مِنْ الْقُرْآن , قَالَ : أَمَرَ اللَّه الْمُؤْمِنِينَ بِالْجَمَاعَةِ , وَنَهَاهُمْ عَنْ الِاخْتِلَاف وَالْفُرْقَة , وَأَخْبَرَهُمْ : إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلكُمْ بِالْمِرَاءِ وَالْخُصُومَات فِي دِين اللَّه . )وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : | وَقَدْ نُزِّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَاب | فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة الْقُرَّاء بِضَمِّ النُّون وَتَثْقِيل الزَّاي وَتَشْدِيدهَا عَلَى وَجْه مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِله. وَقَرَأَ بَعْض الْكُوفِيِّينَ بِفَتْحِ النُّون وَتَشْدِيد الزَّاي عَلَى مَعْنَى : وَقَدْ نَزَّلَ اللَّه عَلَيْكُمْ . وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض الْمَكِّيِّينَ : | وَقَدْ نَزَلَ عَلَيْكُمْ | بِفَتْحِ النُّون وَتَخْفِيف الزَّاي , بِمَعْنَى : وَقَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّه أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْقِرَاءَات الثَّلَاثَة وَجْه يَبْعُد مَعْنَاهُ مِمَّا يَحْتَمِلهُ الْكَلَام , غَيْر أَنَّ الَّذِي أَخْتَار الْقِرَاءَة بِهِ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ : | وَقَدْ نُزِّلَ | بِضَمِّ النُّون وَتَشْدِيد الزَّاي , عَلَى وَجْه مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِله ; لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام فِيهِ : التَّقْدِيم عَلَى مَا وَصَلْت قَبْل , عَلَى مَعْنَى الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ ; | وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَاب أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَات اللَّه يُكْفَر بِهَا | . .. إِلَى قَوْله : { حَدِيث غَيْره } { أَيَبْتَغُونَ عِنْدهمْ الْعِزَّة } . فَقَوْله : { فَإِنَّ الْعِزَّة لِلَّهِ جَمِيعًا } يَعْنِي التَّأْخِير , فَلِذَلِكَ كَانَ ضَمّ النُّون مِنْ قَوْله : | نُزِّلَ | أَصْوَب عِنْدنَا فِي هَذَا الْمَوْضِع . وَكَذَا اِخْتَلَفُوا فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَالْكِتَاب الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُوله وَالْكِتَاب الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْل } [4 136 ]فَقَرَأَهُ بِفَتْحِ | وَأَنْزَلَ | أَكْثَر الْقُرَّاء , بِمَعْنَى : وَالْكِتَاب الَّذِي نَزَّلَ اللَّه عَلَى رَسُوله , وَالْكِتَاب الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْل . وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض قُرَّاء الْبَصْرَة بِضَمِّهِ فِي الْحَرْفَيْنِ كِلَيْهِمَا , بِمَعْنَى : مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِله . وَهُمَا مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , غَيْر أَنَّ الْفَتْح فِي ذَلِكَ أَعْجَب إِلَيَّ مِنْ الضَّمّ , لِأَنَّ ذِكْر اللَّه قَدْ جَرَى قَبْل ذَلِكَ فِي قَوْله : { آمِنُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله } .|إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا|وَقَوْله : { إِنَّ اللَّه جَامِع الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّم } يَقُول : إِنَّ اللَّه جَامِع الْفَرِيقَيْنِ مِنْ أَهْل الْكُفْر وَالنِّفَاق فِي الْقِيَامَة فِي النَّار , فَمُوَفِّق بَيْنهمْ فِي عِقَابه فِي جَهَنَّم وَأَلِيم عَذَابه , كَمَا اِتَّفَقُوا فِي الدُّنْيَا فَاجْتَمَعُوا عَلَى عَدَاوَة الْمُؤْمِنِينَ وَتَوَازَرُوا عَلَى التَّخْذِيل عَنْ دِين اللَّه وَعَنْ الَّذِي اِرْتَضَاهُ وَأَمَرَ بِهِ أَهْله.

الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْح مِنْ اللَّه قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيب قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ } الَّذِينَ يَنْتَظِرُونَ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِكُمْ . { فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْح مِنْ اللَّه } يَعْنِي : فَإِنْ فَتَحَ اللَّه عَلَيْكُمْ فَتْحًا مِنْ عَدُوّكُمْ , فَأَفَاءَ عَلَيْكُمْ فَيْئًا مِنْ الْمَغَانِم . { قَالُوا } لَكُمْ { أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ } نُجَاهِد عَدُوّكُمْ , وَنَغْزُوهُمْ مَعَكُمْ , فَأَعْطُونَا نَصِيبًا مِنْ الْغَنِيمَة , فَإِنَّا قَدْ شَهِدْنَا الْقِتَال مَعَكُمْ . { وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيب } يَعْنِي : وَإِنْ كَانَ لِأَعْدَائِكُمْ مِنْ الْكَافِرِينَ حَظّ مِنْكُمْ بِإِصَابَتِهِمْ مِنْكُمْ . { قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذ عَلَيْكُمْ } يَعْنِي : قَالَ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ لِلْكَافِرِينَ : { أَلَمْ تَسْتَحْوِذ عَلَيْكُمْ } : أَلَمْ نَغْلِب عَلَيْكُمْ حَتَّى قَهَرْتُمْ الْمُؤْمِنِينَ , وَنَمْنَعكُمْ مِنْهُمْ بِتَخْذِيلِنَا إِيَّاهُمْ , حَتَّى اِمْتَنَعُوا مِنْكُمْ فَانْصَرَفُوا . { فَاَللَّه يَحْكُم بَيْنهمْ يَوْم الْقِيَامَة } يَعْنِي : فَاَللَّه يَحْكُم بَيْن الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُنَافِقِينَ يَوْم الْقِيَامَة , فَيَفْصِل بَيْنكُمْ بِالْقَضَاءِ الْفَاصِل بِإِدْخَالِ أَهْل الْإِيمَان جَنَّته وَأَهْل النِّفَاق مَعَ أَوْلِيَائِهِمْ مِنْ الْكُفَّار نَاره . { وَلَنْ يَجْعَل اللَّه لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا } يَعْنِي : حُجَّة يَوْم الْقِيَامَة , وَذَلِكَ وَعْد مِنْ اللَّه الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُ لَنْ يُدْخِل الْمُنَافِقِينَ مَدْخَلهمْ مِنْ الْجَنَّة وَلَا الْمُؤْمِنِينَ مَدْخَل الْمُنَافِقِينَ , فَيَكُون بِذَلِكَ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حُجَّة , بِأَنْ يَقُولُوا لَهُمْ : أَنْ اُدْخُلُوا مَدْخَلهمْ , هَا أَنْتُمْ كُنْتُمْ فِي الدُّنْيَا أَعْدَاءَنَا , وَكَانَ الْمُنَافِقُونَ أَوْلِيَاءَنَا , وَقَدْ اِجْتَمَعْتُمْ فِي النَّار فَيَجْمَع بَيْنكُمْ وَبَيْن أَوْلِيَائِنَا , فَأَيْنَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ تُقَاتِلُونَنَا مِنْ أَجْله فِي الدُّنْيَا ؟ فَذَلِكَ هُوَ السَّبِيل الَّذِي وَعَدَ اللَّه الْمُؤْمِنِينَ أَنْ لَا يَجْعَلهَا عَلَيْهِمْ لِلْكَافِرِينَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8429 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : ( { فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْح مِنْ اللَّه } قَالَ : الْمُنَافِقُونَ يَتَرَبَّصُونَ بِالْمُسْلِمِينَ , فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْح قَالَ : إِنْ أَصَابَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ عَدُوّهُمْ غَنِيمَة , قَالَ الْمُنَافِقُونَ : أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ ؟ قَدْ كُنَّا مَعَكُمْ فَأَعْطُونَا غَنِيمَة مِثْل مَا تَأْخُذُونَ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيب يُصِيبُونَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ , قَالَ الْمُنَافِقُونَ لِلْكَافِرِينَ : أَلَمْ نَسْتَحْوِذ عَلَيْكُمْ , وَنَمْنَعكُمْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ؟ قَدْ كُنَّا نُثَبِّطهُمْ عَنْكُمْ . )وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأَوُّل قَوْله : { أَلَمْ نَسْتَحْوِذ عَلَيْكُمْ } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : أَلَمْ نَغْلِب عَلَيْكُمْ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8430 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ فِي قَوْله : ( { أَلَمْ نَسْتَحْوِذ عَلَيْكُمْ } قَالَ : نَغْلِب عَلَيْكُمْ . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : أَلَمْ نُبَيِّن لَكُمْ أَنَّا مَعَكُمْ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8431 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : ( { أَلَمْ نَسْتَحْوِذ عَلَيْكُمْ } أَلَمْ نُبَيِّن لَكُمْ أَنَّا مَعَكُمْ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ مُتَقَارِبَا الْمَعْنَى , وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ تَأَوَّلَهُ بِمَعْنَى : أَلَمْ نُبَيِّن لَكُمْ إِنَّمَا أَرَادَ إِنْ شَاءَ اللَّه أَلَمْ نَغْلِب عَلَيْكُمْ بِمَا كَانَ مِنَّا مِنْ الْبَيَان لَكُمْ أَنَّا مَعَكُمْ . وَأَصْل الِاسْتِحْوَاذ فِي كَلَام الْعَرَب فِيمَا بَلَغَنَا الْغَلَبَة , وَمِنْهُ قَوْل اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { اِسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَان فَأَنْسَاهُمْ ذِكْر اللَّه } [58 19 ]بِمَعْنَى غَلَبَ عَلَيْهِمْ , يُقَال مِنْهُ : حَاذَ عَلَيْهِ , وَاسْتَحَاذَ يَحِيذ وَيَسْتَحِيذ , وَأَحَاذَ يُحِيذ . وَمِنْ لُغَة مَنْ قَالَ حَاذَ , قَوْل الْعَجَّاج فِي صِفَة ثَوْر وَكَلْب : <br>يَحُوذهُنَّ وَلَهُ حُوذِيّ <br>وَقَدْ أَنْشَدَ بَعْضهمْ : <br>يَحُوزهُنَّ وَلَهُ حُوزِي <br>وَهُمَا مُتَقَارِبَا الْمَعْنَى . وَمِنْ لُغَة مَنْ قَالَ أَحَاذَ , قَوْل لَبِيد فِي صِفَة عَيْر وَأُتُن : <br>إِذَا اِجْتَمَعَتْ وَأَحْوَذَ جَانِبَيْهَا .......... وَأَوْرَدَهَا عَلَى عُوج طِوَال <br>يَعْنِي بِقَوْلِهِ : وَأَحْوَذَ جَانِبَيْهَا : غَلَبَهَا وَقَهَرَهَا حَتَّى حَاذَ كِلَا جَانِبَيْهِ فَلَمْ يَشِذّ مِنْهَا شَيْء . وَكَانَ الْقِيَاس فِي قَوْله : { اِسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَان } أَنْ يَأْتِيَ اسْتَحَاذ عَلَيْهِمْ , لِأَنَّ الْوَاو إِذَا كَانَتْ عَيْن الْفِعْل وَكَانَتْ مُتَحَرِّكَة بِالْفَتْحِ وَمَا قَبْلهَا سَاكِن , جَعَلَتْ الْعَرَب حَرَكَتهَا فِي فَاء الْفِعْل قَبْلهَا , وَحَوَّلُوهَا أَلِفًا مُتَّبِعَة حَرَكَة مَا قَبْلهَا , كَقَوْلِهِمْ : اِسْتَحَالَ هَذَا الشَّيْء عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ حَالَ يَحُول , وَاسْتَنَارَ فُلَان بِنُورِ اللَّه مِنْ النُّور , وَاسْتَعَاذَ بِاَللَّهِ مِنْ عَاذَ يَعُوذ . وَرُبَّمَا تَرَكُوا ذَلِكَ عَلَى أَصْله , كَمَا قَالَ لَبِيد : | وَأَحْوَذَ | , وَلَمْ يَقُلْ : | وَأَحَاذَ | , وَبِهَذِهِ اللُّغَة جَاءَ الْقُرْآن فِي قَوْله : { اِسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَان } .|فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا|وَأَمَّا قَوْله : { فَاَللَّه يَحْكُم بَيْنكُمْ يَوْم الْقِيَامَة وَلَنْ يَجْعَل اللَّه لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا } فَلَا خِلَاف بَيْنهمْ فِي أَنَّ مَعْنَاهُ : وَلَنْ يَجْعَل اللَّه لِلْكَافِرِينَ يَوْمئِذٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا. ذِكْر الْخَبَر عَمَّنْ قَالَ ذَلِكَ : 8432 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ ذِرّ , عَنْ يُسَيْع الْحَضْرَمِيّ , قَالَ : (كُنْت عِنْد عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , فَقَالَ رَجُل : يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ أَرَأَيْت قَوْل اللَّه : { وَلَنْ يَجْعَل اللَّه لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا } وَهُمْ يُقَاتِلُونَنَا فَيَظْهَرُونَ وَيَقْتُلُونَ ؟ قَالَ لَهُ عَلِيّ : اُدْنُهُ ! ثُمَّ قَالَ : { فَاَللَّه يَحْكُم بَيْنكُمْ يَوْم الْقِيَامَة وَلَنْ يَجْعَل اللَّه لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا } يَوْم الْقِيَامَة . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ ذِرّ , عَنْ يُسَيْع الْكِنْدِيّ فِي قَوْله : ( { وَلَنْ يَجْعَل اللَّه لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا } قَالَ : جَاءَ رَجُل إِلَى عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب , فَقَالَ : كَيْفَ هَذِهِ الْآيَة : { وَلَنْ يَجْعَل اللَّه لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا } ؟ فَقَالَ عَلِيّ : اُدْنُهُ ! { فَاَللَّه يَحْكُم بَيْنكُمْ يَوْم الْقِيَامَة وَلَنْ يَجْعَل اللَّه } يَوْم الْقِيَامَة { لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا } . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ ذِرّ , عَنْ يُسَيْع الْحَضْرَمِيّ , عَنْ عَلِيّ بِنَحْوِهِ . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا غُنْدَر , عَنْ شُعْبَة , قَالَ : سَمِعْت سُلَيْمَان يُحَدِّث عَنْ ذِرّ , عَنْ رَجُل , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { وَلَنْ يَجْعَل اللَّه لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا } قَالَ : فِي الْآخِرَة . )8433 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي مَالِك : ( { وَلَنْ يَجْعَل اللَّه لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا } يَوْم الْقِيَامَة . )8434 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَلَنْ يَجْعَل اللَّه لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا } قَالَ : ذَاكَ يَوْم الْقِيَامَة . )وَأَمَّا السَّبِيل فِي هَذَا الْمَوْضِع فَالْحُجَّة . كَمَا : 8435 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ فِي قَوْله : ( { وَلَنْ يَجْعَل اللَّه لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا } قَالَ : حُجَّة.)

إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّه وَهُوَ خَادِعهمْ } </subtitle>قَدْ دَلَّلْنَا فِيمَا مَضَى قَبْل عَلَى مَعْنَى خِدَاع الْمُنَافِق رَبّه وَوَجْه خِدَاع اللَّه إِيَّاهُمْ , بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع , مَعَ اِخْتِلَاف الْمُخْتَلِفِينَ فِي ذَلِكَ . فَتَأْوِيل ذَلِكَ : أَنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّه بِإِحْرَازِهِمْ بِنِفَاقِهِمْ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ , وَاَللَّه خَادِعهمْ بِمَا حَكَمَ فِيهِمْ مِنْ مَنْع دِمَائِهِمْ بِمَا أَظْهَرُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ مِنْ الْإِيمَان , مَعَ عِلْمه بِبَاطِنِ ضَمَائِرهمْ , وَاعْتِقَادهمْ الْكُفْر , اِسْتِدْرَاجًا مِنْهُ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا حَتَّى يَلْقَوْهُ فِي الْآخِرَة , فَيُورِدهُمْ بِمَا اسْتَبْطَنُوا مِنْ الْكُفْر نَار جَهَنَّم . كَمَا : 8436 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّه وَهُوَ خَادِعهمْ } قَالَ : يُعْطِيهِمْ يَوْم الْقِيَامَة نُورًا يَمْشُونَ بِهِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ كَمَا كَانُوا مَعَهُمْ فِي الدُّنْيَا , ثُمَّ يَسْلُبهُمْ ذَلِكَ النُّور فَيُطْفِئهُ , فَيَقُومُونَ فِي ظُلْمَتهمْ وَيَضْرِب بَيْنهمْ بِالسُّورِ . )8437 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : ( { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّه وَهُوَ خَادِعهمْ } قَالَ : نَزَلَتْ فِي عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ , وَأَبِي عَامِر بْن النُّعْمَان , وَفِي الْمُنَافِقِينَ ; يُخَادِعُونَ اللَّه وَهُوَ خَادِعهمْ , قَالَ : مِثْل قَوْله فِي الْبَقَرَة : { يُخَادِعُونَ اللَّه وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسهمْ } [2 9 ]. قَالَ : وَأَمَّا قَوْله : { وَهُوَ خَادِعهمْ } فَيَقُول : فِي النُّور الَّذِي يُعْطَى الْمُنَافِقُونَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ , فَيُعْطَوْنَ النُّور , فَإِذَا بَلَغُوا السُّور سُلِبَ , وَمَا ذَكَرَ اللَّه مِنْ قَوْله : { اُنْظُرُونَا نَقْتَبِس مِنْ نُوركُمْ } [57 13 ]قَالَ : قَوْله : { وَهُوَ خَادِعهمْ } . )8438 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن هَارُون , عَنْ سُفْيَان بْن حُسَيْن , عَنْ الْحَسَن , (أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَرَأَ : { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّه وَهُوَ خَادِعهمْ } قَالَ : يُلْقَى عَلَى كُلّ مُؤْمِن وَمُنَافِق نُور يَمْشُونَ بِهِ , حَتَّى إِذَا اِنْتَهَوْا إِلَى الصِّرَاط طَفِئَ نُور الْمُنَافِقِينَ , وَمَضَى الْمُؤْمِنُونَ بِنُورِهِمْ , فَيُنَادُونَهُمْ : { اُنْظُرُونَا نَقْتَبِس مِنْ نُوركُمْ } . .. إِلَى قَوْله : { وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسكُمْ } [57 14 ]قَالَ الْحَسَن : فَتِلْكَ خَدِيعَة اللَّه إِيَّاهُمْ .)|وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ|وَأَمَّا قَوْله : { وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاة قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاس } فَإِنَّهُ يَعْنِي : أَنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْمَلُونَ شَيْئًا مِنْ الْأَعْمَال الَّتِي فَرَضَهَا اللَّه عَلَى الْمُؤْمِنِينَ عَلَى وَجْه التَّقَرُّب بِهَا إِلَى اللَّه , لِأَنَّهُمْ غَيْر مُوقِنِينَ بِمَعَادٍ وَلَا ثَوَاب وَلَا عِقَاب , وَإِنَّمَا يَعْمَلُونَ مَا عَمِلُوا مِنْ الْأَعْمَال الظَّاهِرَة بَقَاء عَلَى أَنْفُسهمْ وَحِذَارًا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهَا أَنْ يَقْتُلُوا أَوْ يَسْلُبُوا أَمْوَالهمْ , فَهُمْ إِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاة الَّتِي هِيَ مِنْ الْفَرَائِض الظَّاهِرَة , قَامُوا كُسَالَى إِلَيْهَا , رِيَاء لِلْمُؤْمِنِينَ , لِيَحْسَبُوهُمْ مِنْهُمْ وَلَيْسُوا مِنْهُمْ ; لِأَنَّهُمْ غَيْر مُعْتَقِدِي فَرْضهَا وَوُجُوبهَا عَلَيْهِمْ , فَهُمْ فِي قِيَامهمْ إِلَيْهَا كُسَالَى . كَمَا : 8439 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاة قَامُوا كُسَالَى } قَالَ : وَاَللَّه لَوْلَا النَّاس مَا صَلَّى الْمُنَافِق وَلَا يُصَلِّي إِلَّا رِيَاء وَسُمْعَة . )8440 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاة قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاس } قَالَ : هُمْ الْمُنَافِقُونَ , لَوْلَا الرِّيَاء مَا صَلَّوْا.)|وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا|وَأَمَّا قَوْله : { وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّه إِلَّا قَلِيلًا } فَلَعَلَّ قَائِلًا أَنْ يَقُول : وَهَلْ مِنْ ذِكْر اللَّه شَيْء قَلِيل ؟ قِيلَ لَهُ : إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إِلَيْهِ ذَهَبَتْ , إِنَّمَا مَعْنَاهُ : وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّه إِلَّا ذِكْرًا رِيَاء , لِيَدْفَعُوا بِهِ عَنْ أَنْفُسهمْ الْقَتْل وَالسِّبَاء وَسَلْب الْأَمْوَال , لَا ذِكْر مُوقِن مُصَدِّق بِتَوْحِيدِ اللَّه مُخْلِص لَهُ الرُّبُوبِيَّة , فَلِذَلِكَ سَمَّاهُ اللَّه قَلِيلًا , لِأَنَّهُ غَيْر مَقْصُود بِهِ اللَّه وَلَا مُبْتَغًى بِهِ التَّقَرُّب إِلَى اللَّه , وَلَا مُرَادًا بِهِ ثَوَاب اللَّه , وَمَا عِنْده فَهُوَ وَإِنْ كَثُرَ مِنْ وَجْه نَصَبِ عَامِله , وَذَاكِرِهِ فِي مَعْنَى السَّرَاب الَّذِي لَهُ ظَاهِر بِغَيْرِ حَقِيقَة مَاء . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8441 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , عَنْ أَبِي الْأَشْهَب , قَالَ : (قَرَأَ الْحَسَن : { وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّه إِلَّا قَلِيلًا } قَالَ : إِنَّمَا قَلَّ لِأَنَّهُ كَانَ لِغَيْرِ اللَّه. )8442 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّه إِلَّا قَلِيلًا } قَالَ : إِنَّمَا قَلَّ ذِكْر الْمُنَافِق لِأَنَّ اللَّه لَمْ يَقْبَلهُ , وَكُلّ مَا رَدَّ اللَّه قَلِيل وَكُلّ مَا قَبِلَ اللَّه كَثِير .)

مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مُذَبْذَبِينَ بَيْن ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { مُذَبْذَبِينَ } : مُرَدِّدِينَ , وَأَصْل التَّذَبْذُب : التَّحَرُّك وَالِاضْطِرَاب , كَمَا قَالَ النَّابِغَة : <br>أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّه أَعْطَاك سُورَة .......... تَرَى كُلّ مُلْك دُونهَا يَتَذَبْذَب <br>وَإِنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ : أَنَّ الْمُنَافِقِينَ مُتَحَيِّرُونَ فِي دِينهمْ , لَا يَرْجِعُونَ إِلَى اِعْتِقَاد شَيْء عَلَى صِحَّة فَهْم لَا مَعَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى بَصِيرَة , وَلَا مَعَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى جَهَالَة , وَلَكِنَّهُمْ حَيَارَى بَيْن ذَلِكَ , فَمَثَلهمْ الْمَثَل الَّذِي ضَرَبَ لَهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , الَّذِي : 8443 - حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه عَنْ نَافِع , عَنْ اِبْن عُمَر , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : ( مَثَل الْمُنَافِق كَمَثَلِ الشَّاة الْعَائِرَة بَيْن الْغَنَمَيْنِ , تَعِير إِلَى هَذِهِ مَرَّة وَإِلَى هَذِهِ مَرَّة , لَا تَدْرِي أَيَّتهمَا تَتْبَع . )* - وَحَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى مَرَّة أُخْرَى عَنْ عَبْد الْوَهَّاب , فَوَقَفَهُ عَلَى اِبْن عُمَر وَلَمْ يَرْفَعهُ , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب مَرَّتَيْنِ كَذَلِكَ . * - ثني عِمْرَان بْن بَكَّار , قَالَ : ثنا أَبُو رَوْح , قَالَ : ثنا اِبْن عَبَّاس , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر , عَنْ نَافِع , عَنْ اِبْن عُمَر , عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مِثْله . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8444 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { مُذَبْذَبِينَ بَيْن ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ } يَقُول : لَيْسُوا بِمُشْرِكِينَ فَيُظْهِرُوا الشِّرْك , وَلَيْسُوا بِمُؤْمِنِينَ. )8445 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { مُذَبْذَبِينَ بَيْن ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ } يَقُول : لَيْسُوا بِمُؤْمِنِينَ مُخْلِصِينَ وَلَا مُشْرِكِينَ مُصَرِّحِينَ بِالشِّرْكِ . قَالَ : وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَانَ يَضْرِب مَثَلًا لِلْمُؤْمِنِ وَالْمُنَافِق وَالْكَافِر , كَمَثَلِ رَهْط ثَلَاثَة دُفِعُوا إِلَى نَهَر , فَوَقَعَ الْمُؤْمِن فَقَطَعَ , ثُمَّ وَقَعَ الْمُنَافِق حَتَّى إِذَا كَادَ يَصِل إِلَى الْمُؤْمِن , نَادَاهُ الْكَافِر : أَنْ هَلُمَّ إِلَيَّ فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْك ! وَنَادَاهُ الْمُؤْمِن : أَنْ هَلُمَّ إِلَيَّ فَإِنَّ عِنْدِي وَعِنْدِي ! يُحْصِي لَهُ مَا عِنْده . فَمَا زَالَ الْمُنَافِق يَتَرَدَّد بَيْنهمَا حَتَّى أَتَى عَلَيْهِ الْمَاء فَغَرَّقَهُ , وَإِنَّ الْمُنَافِق لَمْ يَزَلْ فِي شَكّ وَشُبْهَة حَتَّى أَتَى عَلَيْهِ الْمَوْت وَهُوَ كَذَلِكَ . قَالَ : وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُول : | مَثَل الْمُنَافِق كَمَثَلِ ثَاغِيَة بَيْن غَنَمَيْنِ رَأَتْ غَنَمًا عَلَى نَشَز , فَأَتَتْهَا فَلَمْ تُعْرَف , ثُمَّ رَأَتْ غَنَمًا عَلَى نَشَز فَأَتَتْهَا وَشَامَّتْهَا فَلَمْ تُعْرَف . )8446 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { مُذَبْذَبِينَ } قَالَ : الْمُنَافِقُونَ . )8447 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { مُذَبْذَبِينَ بَيْن ذَلِكَ إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ } يَقُول : لَا إِلَى أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ الْيَهُود. )8448 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : ( { مُذَبْذَبِينَ بَيْن ذَلِكَ } قَالَ : لَمْ يُخْلِصُوا الْإِيمَان فَيَكُونُوا مَعَ الْمُؤْمِنِينَ , وَلَيْسُوا مَعَ أَهْل الشِّرْك . )8449 - حَدَّثَنَا : يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { مُذَبْذَبِينَ بَيْن ذَلِكَ } : بَيْن الْإِسْلَام وَالْكُفْر { لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ } .)|وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا|وَأَمَّا قَوْله : { وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّه فَلَنْ تَجِد لَهُ سَبِيلًا } فَإِنَّهُ يَعْنِي : مَنْ يَخْذُلهُ اللَّه عَنْ طَرِيق الرَّشَاد وَذَلِكَ هُوَ الْإِسْلَام الَّذِي دَعَا اللَّه إِلَيْهِ عِبَاده , يَقُول : مَنْ يَخْذُلهُ اللَّه عَنْهُ فَلَمْ يُوَفِّقهُ لَهُ , فَلَنْ تَجِد لَهُ يَا مُحَمَّد سَبِيلًا : يَعْنِي طَرِيقًا يَسْلُكهُ إِلَى الْحَقّ غَيْره . وَأَيّ سَبِيل يَكُون لَهُ إِلَى الْحَقّ غَيْر الْإِسْلَام ؟ وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : أَنَّهُ مَنْ يَتَّبِع غَيْره دِينًا فَلَنْ يُقْبَل مِنْهُ , وَمَنْ أَضَلَّهُ اللَّه عَنْهُ فَقَدْ غَوَى , فَلَا هَادِي لَهُ غَيْره .

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا } </subtitle>وَهَذَا نَهْي مِنْ اللَّه عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَتَخَلَّقُوا بِأَخْلَاقِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ , فَيَكُونُوا مِثْلهمْ فِي رُكُوب مَا نَهَاهُمْ عَنْهُ مِنْ مُوَالَاة أَعْدَائِهِ . يَقُول لَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله , لَا تُوَالُوا الْكُفَّار فَتُؤَازِرُوهُمْ مِنْ دُون أَهْل مِلَّتكُمْ وَدِينكُمْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ , فَتَكُونُوا كَمَنْ أَوْجَبَ لَهُ النَّار مِنْ الْمُنَافِقِينَ . ثُمَّ قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مُتَوَعِّدًا مَنْ اِتَّخَذَ مِنْهُمْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ إِنْ هُوَ لَمْ يَرْتَدِع عَنْ مُوَالَاته وَيَنْزَجِر عَنْ مُخَالَّته أَنْ يَلْحَقهُ بِأَهْلِ وِلَايَتهمْ مِنْ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ أَمَرَ نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَبْشِيرِهِمْ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا : أَتُرِيدُونَ أَيّهَا الْمُتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ , مِمَّنْ قَدْ آمَنَ بِي وَبِرَسُولِي أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا , يَقُول : حُجَّة بِاِتِّخَاذِكُمْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ , فَتَسْتَوْجِبُوا مِنْهُ مَا اِسْتَوْجَبَهُ أَهْل النِّفَاق الَّذِينَ وَصَفَ لَكُمْ صِفَتهمْ وَأَخْبَرَكُمْ بِمَحَلِّهِمْ عِنْده { مُبِينًا } يَعْنِي : عَنْ صِحَّتهَا وَحَقِّيَّتِهَا , يَقُول : لَا تَعَرَّضُوا لِغَضَبِ اللَّه بِإِيجَابِكُمْ الْحُجَّة عَلَى أَنْفُسكُمْ فِي تَقَدُّمكُمْ عَلَى مَا نَهَاكُمْ رَبّكُمْ مِنْ مُوَالَاة أَعْدَائِهِ وَأَهْل الْكُفْر وَبِمِثْلِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 8450 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا } قَالَ : إِنَّ لِلَّهِ السُّلْطَان عَلَى خَلْقه , وَلَكِنَّهُ يَقُول عُذْرًا مُبِينًا . )8451 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا قَبِيصَة بْن عُقْبَة , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ رَجُل , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : (مَا كَانَ فِي الْقُرْآن مِنْ سُلْطَان فَهُوَ حُجَّة . )8452 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { سُلْطَانًا مُبِينًا } قَالَ : حُجَّة . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله .

إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْك الْأَسْفَل مِنْ النَّار } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْك الْأَسْفَل مِنْ النَّار } : إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الطَّبَق الْأَسْفَل مِنْ أَطْبَاق جَهَنَّم . وَكُلّ طَبَق مِنْ أَطْبَاق جَهَنَّم دَرْك , وَفِيهِ لُغَتَانِ : دَرَك بِفَتْحِ الرَّاء , وَدَرْك بِتَسْكِينِهَا , فَمَنْ فَتَحَ الرَّاء جَمَعَهُ فِي الْقِلَّة أَدْرَاك , وَإِنْ شَاءَ جَمَعَهُ فِي الْكَثْرَة الدُّرُوك , وَمَنْ سَكَّنَ الرَّاء قَالَ : ثَلَاثَة أَدْرُك , وَلِلْكَثِيرِ : الدُّرُوك . وَقَدْ اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة : | فِي الدَّرَك | بِفَتْحِ الرَّاء . وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة بِتَسْكِينِ الرَّاء . وَهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب , لِاتِّفَاقِ مَعْنَى ذَلِكَ وَاسْتِفَاضَة الْقِرَاءَة بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا فِي قِرَاءَة الْإِسْلَام . غَيْر أَنِّي رَأَيْت أَهْل الْعِلْم بِالْعَرَبِيَّةِ يَذْكُرُونَ أَنَّ فَتْح الرَّاء مِنْهُ فِي الْعَرَب أَشْهَر مِنْ تَسْكِينهَا , وَحَكَوْا سَمَاعًا مِنْهُمْ : أَعْطِنِي دَرَكًا أَصِلُ بِهِ حَبْلِي , وَذَلِكَ إِذَا سَأَلَ مَا يَصِل بِهِ حَبْله الَّذِي قَدْ عَجَزَ عَنْ بُلُوغ الرَّكِيَّة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8453 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْل , عَنْ خَيْثَمَة , عَنْ عَبْد اللَّه : ( { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْك الْأَسْفَل مِنْ النَّار } قَالَ : فِي تَوَابِيت مِنْ حَدِيد مُبْهَمَة عَلَيْهِمْ . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا وَهْب بْن جَرِير , عَنْ شُعْبَة , عَنْ سَلَمَة , عَنْ خَيْثَمَة , عَنْ عَبْد اللَّه قَالَ : (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي تَوَابِيت مِنْ حَدِيد مُقْفَلَة عَلَيْهِمْ فِي النَّار . )8454 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَاصِم , عَنْ ذَكْوَان , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة : ( { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْك الْأَسْفَل مِنْ النَّار } قَالَ : فِي تَوَابِيت تُرْتَج عَلَيْهِمْ . )8455 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثنا مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْك الْأَسْفَل مِنْ النَّار } يَعْنِي : فِي أَسْفَل النَّار. )8456 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ لِي عَبْد اللَّه بْن كَثِير , قَوْله : ( { فِي الدَّرْك الْأَسْفَل مِنْ النَّار } قَالَ : سَمِعْنَا أَنَّ جَهَنَّم أَدْرَاك , مَنَازِل . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْل , عَنْ خَيْثَمَة , عَنْ عَبْد اللَّه : ( { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْك الْأَسْفَل مِنْ النَّار } قَالَ : تَوَابِيت مِنْ نَار تُطْبَق عَلَيْهِمْ.)|وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا|وَأَمَّا قَوْله : { وَلَنْ تَجِد لَهُمْ نَصِيرًا } فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَلَنْ تَجِد لِهَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ يَا مُحَمَّد مِنْ اللَّه إِذَا جَعَلَهُمْ فِي الدَّرْك الْأَسْفَل مِنْ النَّار نَاصِرًا يَنْصُرهُمْ مِنْهُ , فَيُنْقِذهُمْ مِنْ عَذَابه , وَيَدْفَع عَنْهُمْ أَلِيم عِقَابه .

إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا

وَهَذَا اِسْتِثْنَاء مِنْ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ , اِسْتَثْنَى التَّائِبِينَ مِنْ نِفَاقهمْ إِذَا أَصْلَحُوا وَأَخْلَصُوا الدِّين لِلَّهِ وَحْده وَتَبَرَّءُوا مِنْ الْآلِهَة وَالْأَنْدَاد , وَصَدَّقُوا رَسُوله , أَنْ يَكُونُوا مَعَ الْمُصِرِّينَ عَلَى نِفَاقهمْ , حَتَّى يُوَفِّيَهُمْ مَنَايَاهُمْ فِي الْآخِرَة , وَأَنْ يَدْخُلُوا مَدَاخِلهمْ مِنْ جَهَنَّم . بَلْ وَعَدَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنْ يُحِلّهُمْ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ مَحَلّ الْكَرَامَة , وَيُسْكِنهُمْ مَعَهُمْ مَسَاكِنهمْ فِي الْجَنَّة , وَوَعَدَهُمْ مِنْ الْجَزَاء عَلَى تَوْبَتهمْ الْجَزِيل مِنْ الْعَطَاء , فَقَالَ : { وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّه الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا } . فَتَأْوِيل الْآيَة : { إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا } أَيْ رَاجَعُوا الْحَقّ , وَأَبَوْا إِلَّا الْإِقْرَار بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّه وَتَصْدِيق رَسُوله وَمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّه , مِنْ نِفَاقهمْ . وَهَذَا الْقَوْل , هُوَ مَعْنَى قَوْل حُذَيْفَة بْن الْيَمَان الَّذِي : 8457 - حَدَّثَنَا بِهِ اِبْن حُمَيْد وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ حُذَيْفَة : (لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّة قَوْم كَانُوا مُنَافِقِينَ ! فَقَالَ عَبْد اللَّه : وَمَا عِلْمك بِذَلِكَ ؟ فَغَضِبَ حُذَيْفَة , ثُمَّ قَامَ فَتَنَحَّى. فَلَمَّا تَفَرَّقُوا مَرَّ بِهِ عَلْقَمَة فَدَعَاهُ , فَقَالَ : أَمَّا إِنَّ صَاحِبك يَعْلَم الَّذِي قُلْت ! ثُمَّ قَرَأَ { إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاَللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينهمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّه الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا } .)|وَأَصْلَحُوا|يَعْنِي وَأَصْلَحُوا أَعْمَالهمْ , فَعَمِلُوا بِمَا أَمَرَهُمْ اللَّه بِهِ وَأَدَّوْا فَرَائِضه , وَانْتَهَوْا عَمَّا نَهَاهُمْ عَنْهُ وَانْزَجَرُوا عَنْ مَعَاصِيه .|وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ|يَقُول : وَتَمَسَّكُوا بِعَهْدِ اللَّه . وَقَدْ دَلَّلْنَا فِيمَا مَضَى قَبْل , عَلَى أَنَّ الِاعْتِصَام : التَّمَسُّك وَالتَّعَلُّق , فَالِاعْتِصَام بِاَللَّهِ : التَّمَسُّك بِعَهْدِهِ وَمِيثَاقه الَّذِي عَهِدَ فِي كِتَابه إِلَى خَلْقه مِنْ طَاعَته وَتَرْك مَعْصِيَته .|وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ|يَقُول : وَأَخْلَصُوا طَاعَتهمْ وَأَعْمَالهمْ الَّتِي يَعْمَلُونَهَا لِلَّهِ , فَأَرَادُوهُ بِهَا , وَلَمْ يَعْمَلُوهَا رِئَاء النَّاس وَلَا عَلَى شَكّ مِنْهُمْ فِي دِينهمْ وَامْتِرَاء مِنْهُمْ , فِي أَنَّ اللَّه مُحْصٍ عَلَيْهِمْ مَا عَمِلُوا , فَيُجَازِي الْمُحْسِن بِإِحْسَانِهِ وَالْمُسِيء بِإِسَاءَتِهِ ; وَلَكِنَّهُمْ عَمِلُوهَا عَلَى يَقِين مِنْهُمْ فِي ثَوَاب الْمُحْسِن عَلَى إِحْسَانه وَجَزَاء الْمُسِيء عَلَى إِسَاءَته , أَوْ يَتَفَضَّل عَلَيْهِ رَبّه فَيَعْفُو , مُتَقَرِّبِينَ بِهَا إِلَى اللَّه مُرِيدِينَ بِهَا وَجْه اللَّه ; فَذَلِكَ مَعْنَى إِخْلَاصهمْ لِلَّهِ دِينهمْ .|فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ|ثُمَّ قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ } يَقُول : فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتهمْ مِنْ الْمُنَافِقِينَ بَعْد تَوْبَتهمْ وَإِصْلَاحهمْ وَاعْتِصَامهمْ بِاَللَّهِ وَإِخْلَاصهمْ لَهُ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْجَنَّة , لَا مَعَ الْمُنَافِقِينَ الَّذِي مَاتُوا عَلَى نِفَاقهمْ , الَّذِي أَوْعَدَهُمْ الدَّرْك الْأَسْفَل مِنْ النَّار .|وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا|ثُمَّ قَالَ : { وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّه الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا } يَقُول : وَسَوْفَ يُعْطِي اللَّه هَؤُلَاءِ الَّذِينَ هَذِهِ صِفَتهمْ عَلَى تَوْبَتهمْ وَإِصْلَاحهمْ وَاعْتِصَامهمْ بِاَللَّهِ وَإِخْلَاصهمْ دِينهمْ لَهُ عَلَى إِيمَانهمْ , ثَوَابًا عَظِيمًا , وَذَلِكَ دَرَجَات فِي الْجَنَّة , كَمَا أَعْطَى الَّذِينَ مَاتُوا عَلَى النِّفَاق مَنَازِل فِي النَّار , وَهِيَ السُّفْلَى مِنْهَا ; لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَعَدَ عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُؤْتِيَهُمْ عَلَى إِيمَانهمْ ذَلِكَ , كَمَا أَوْعَدَ الْمُنَافِقِينَ عَلَى نِفَاقهمْ مَا ذَكَرَ فِي كِتَابه .

مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مَا يَفْعَل اللَّه بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّه شَاكِرًا عَلِيمًا } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { مَا يَفْعَل اللَّه بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ } : مَا يَصْنَع اللَّه أَيّهَا الْمُنَافِقُونَ بِعَذَابِكُمْ , إِنْ أَنْتُمْ تُبْتُمْ إِلَى اللَّه وَرَجَعْتُمْ إِلَى الْحَقّ الْوَاجِب لِلَّهِ عَلَيْكُمْ , فَشَكَرْتُمُوهُ عَلَى مَا أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ مِنْ نِعَمه فِي أَنْفُسكُمْ وَأَهَالِيكُمْ وَأَوْلَادكُمْ , بِالْإِنَابَةِ إِلَى تَوْحِيده وَالِاعْتِصَام بِهِ , وَإِخْلَاصكُمْ أَعْمَالكُمْ لِوَجْهِهِ , وَتَرْك رِيَاء النَّاس بِهَا , وَآمَنْتُمْ بِرَسُولِهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَدَّقْتُمُوهُ وَأَقْرَرْتُمْ بِمَا جَاءَكُمْ بِهِ مِنْ عِنْده فَعَمِلْتُمْ بِهِ . يَقُول : لَا حَاجَة بِاَللَّهِ أَنْ يَجْعَلكُمْ فِي الدَّرْك الْأَسْفَل مِنْ النَّار إِنْ أَنْتُمْ أَنَبْتُمْ إِلَى طَاعَته وَرَاجَعْتُمْ الْعَمَل بِمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَتَرْك مَا نَهَاكُمْ عَنْهُ ; لِأَنَّهُ لَا يَجْتَلِب بِعَذَابِكُمْ إِلَى نَفْسه نَفْعًا وَلَا يَدْفَع عَنْهَا ضُرًّا , وَإِنَّمَا عُقُوبَته مَنْ عَاقَبَ مِنْ خَلْقه جَزَاء مِنْهُ لَهُ عَلَى جَرَاءَته عَلَيْهِ وَعَلَى خِلَافه أَمْره وَنَهْيه وَكُفْرَانه شُكْر نِعَمه عَلَيْهِ . فَإِنْ أَنْتُمْ شَكَرْتُمْ لَهُ عَلَى نِعَمه وَأَطَعْتُمُوهُ فِي أَمْره وَنَهْيه , فَلَا حَاجَة بِهِ إِلَى تَعْذِيبكُمْ , بَلْ يَشْكُر لَكُمْ مَا يَكُون مِنْكُمْ مِنْ طَاعَة لَهُ وَشُكْر , بِمُجَازَاتِكُمْ عَلَى ذَلِكَ بِمَا تَقْصُر عَنْهُ أَمَانِيّكُمْ فَلَمْ تَبْلُغهُ آمَالكُمْ . { وَكَانَ اللَّه شَاكِرًا } لَكُمْ وَلِعِبَادِهِ عَلَى طَاعَتهمْ إِيَّاهُ بِإِجْزَالِهِ لَهُمْ الثَّوَاب عَلَيْهَا , وَإِعْظَامه لَهُمْ الْعِوَض مِنْهَا . { عَلِيمًا } بِمَا تَعْمَلُونَ أَيّهَا الْمُنَافِقُونَ وَغَيْركُمْ مِنْ خَيْر وَشَرّ وَصَالِح وَطَالِح , مُحْصٍ ذَلِكَ كُلّه عَلَيْكُمْ مُحِيط بِجَمِيعِهِ , حَتَّى يُجَازِيَكُمْ جَزَاءَكُمْ يَوْم الْقِيَامَة , الْمُحْسِن بِإِحْسَانِهِ وَالْمُسِيء بِإِسَاءَتِهِ . وَقَدْ : 8458 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { مَا يَفْعَل اللَّه بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّه شَاكِرًا عَلِيمًا } قَالَ : إِنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَا يُعَذِّب شَاكِرًا وَلَا مُؤْمِنًا.)

لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَا يُحِبّ اللَّه الْجَهْر بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْل إِلَّا مَنْ ظُلِمَ } </subtitle>اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار بِضَمِّ الظَّاء. وَقَرَأَهُ بَعْضهمْ : | إِلَّا مَنْ ظَلَمَ | بِفَتْحِ الظَّاء . ثُمَّ اِخْتَلَفَ الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ بِضَمِّ الظَّاء فِي تَأْوِيله ; فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَا يُحِبّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره أَنْ يَجْهَر أَحَدنَا بِالدُّعَاءِ عَلَى أَحَد , وَذَلِكَ عِنْدهمْ هُوَ الْجَهْر بِالسُّوءِ ; { إِلَّا مَنْ ظُلِمَ } يَقُول : إِلَّا مَنْ ظُلِمَ فَيَدْعُو عَلَى ظَالِمه , فَإِنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَا يَكْرَه لَهُ ذَلِكَ , لِأَنَّهُ قَدْ رَخَّصَ لَهُ فِي ذَلِكَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8459 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { لَا يُحِبّ اللَّه الْجَهْر بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْل } يَقُول : لَا يُحِبّ اللَّه أَنْ يَدْعُو أَحَد عَلَى أَحَد أَنْ يَكُون مَظْلُومًا , فَإِنَّهُ قَدْ أَرْخَصَ لَهُ أَنْ يَدْعُو عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ , وَذَلِكَ قَوْله : { إِلَّا مَنْ ظُلِمَ } وَإِنْ صَبَرَ فَهُوَ خَيْر لَهُ . )8460 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { لَا يُحِبّ اللَّه الْجَهْر بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْل إِلَّا مَنْ ظُلِمَ } فَإِنَّهُ يُحِبّ الْجَهْر بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْل . )8461 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { لَا يُحِبّ اللَّه الْجَهْر بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْل إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّه سَمِيعًا عَلِيمًا } عَذَرَ اللَّه الْمَظْلُوم كَمَا تَسْمَعُونَ أَنْ يَدْعُو . )8462 - حَدَّثَنِي الْحَرْث , قَالَ : ثنا أَبُو عُبَيْد , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ يُونُس , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : (هُوَ الرَّجُل يَظْلِم الرَّجُل , فَلَا يَدْعُ عَلَيْهِ , وَلَكِنْ لِيَقُلْ : اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِ ! اللَّهُمَّ اِسْتَخْرِجْ , لِي حَقِّي ! اللَّهُمَّ حُلْ بَيْنه وَبَيْن مَا يُرِيد ! وَنَحْوه مِنْ الدُّعَاء . )ف | مَنْ | عَلَى قَوْل اِبْن عَبَّاس هَذَا فِي مَوْضِع رَفْع , لِأَنَّهُ وَجَّهَهُ إِلَى أَنَّ الْجَهْر بِالسُّوءِ فِي مَعْنَى الدُّعَاء , وَاسْتَثْنَى الْمَظْلُوم مِنْهُ , فَكَانَ مَعْنَى الْكَلَام عَلَى قَوْله : لَا يُحِبّ اللَّه أَنْ يَجْهَر بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْل , إِلَّا الْمَظْلُوم فَلَا حَرَج عَلَيْهِ فِي الْجَهْر بِهِ . وَهَذَا مَذْهَب يَرَاهُ أَهْل الْعَرَبِيَّة خَطَأ فِي الْعَرَبِيَّة , وَذَلِكَ أَنَّ | مَنْ | لَا يَجُوز أَنْ يَكُون رَفْعًا عِنْدهمْ بِالْجَهْرِ , لِأَنَّهَا فِي صِلَة | أَنْ | , وَأَنْ لَمْ يَنَلْهُ الْجَحْد فَلَا يَجُوز الْعَطْف عَلَيْهِ ; مِنْ الْخَطَأ عِنْدهمْ أَنْ يُقَال : لَا يُعْجِبنِي أَنْ يَقُوم إِلَّا زَيْد . وَقَدْ يَحْتَمِل أَنْ تَكُون | مَنْ | نَصْبًا عَلَى تَأْوِيل قَوْل اِبْن عَبَّاس , وَيَكُون قَوْله : { لَا يُحِبّ اللَّه الْجَهْر بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْل } كَلَامًا تَامًّا , ثُمَّ قِيلَ : { إِلَّا مَنْ ظُلِمَ } فَلَا حَرَج عَلَيْهِ , فَيَكُون | مَنْ | اِسْتِثْنَاء مِنْ الْفِعْل , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَبْل الِاسْتِثْنَاء شَيْء ظَاهِر يُسْتَثْنَى مِنْهُ , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { لَسْت عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ } [88 22 : 23 ]وَكَقَوْلِهِمْ : إِنِّي لَأَكْرَه الْخُصُومَة وَالْمِرَاء , اللَّهُمَّ إِلَّا رَجُلًا يُرِيد اللَّه بِذَلِكَ. وَلَمْ يُذْكَرْ قَبْله شَيْء مِنْ الْأَسْمَاء . و | مَنْ | عَلَى قَوْل الْحَسَن هَذَا نُصِبَ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ مَعْنَى الْكَلَام , لَا مِنْ الِاسْم كَمَا ذَكَرْنَا قَبْل فِي تَأْوِيل قَوْل اِبْن عَبَّاس إِذَا وَجَّهَ | مَنْ | إِلَى النَّصْب , وَكَقَوْلِ الْقَائِل : كَانَ مِنْ الْأَمْر كَذَا وَكَذَا , اللَّهُمَّ إِلَّا أَنَّ فُلَانًا جَزَاهُ اللَّه خَيْرًا فَعَلَ كَذَا وَكَذَا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : لَا يُحِبّ اللَّه الْجَهْر بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْل , إِلَّا مَنْ ظُلِمَ فَيُخْبِر بِمَا نِيلَ مِنْهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8463 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (هُوَ الرَّجُل يَنْزِل بِالرَّجُلِ , فَلَا يُحْسِن ضِيَافَته , فَيَخْرُج مِنْ عِنْده , فَيَقُول : أَسَاءَ ضِيَافَتِي وَلَمْ يُحْسِن . )8464 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : ( { إِلَّا مَنْ ظُلِمَ } قَالَ : إِلَّا مَنْ أَثَرَ مَا قِيلَ لَهُ . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحَجَّاج بْن الْمِنْهَال , قَالَ : ثنا حَمَّاد , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { لَا يُحِبّ اللَّه الْجَهْر بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْل إِلَّا مَنْ ظُلِمَ } قَالَ : هُوَ الضَّيْف الْمُحَوَّل رَحْله , فَإِنَّهُ يَجْهَر لِصَاحِبِهِ بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْل . )وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِذَلِكَ الرَّجُل يَنْزِل بِالرَّجُلِ فَلَا يَقْرِيه , فَيَنَال مِنْ الَّذِي لَمْ يَقْرِهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8465 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { إِلَّا مَنْ ظُلِمَ } قَالَ : إِلَّا مَنْ ظُلِمَ فَانْتَصَرَ يَجْهَر بِالسُّوءِ . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , مِثْله . 8466 - وَحَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا سُفْيَان بْن عُيَيْنَة , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ إِبْرَاهِيم بْن أَبِي بَكْر , عَنْ مُجَاهِد . وَعَنْ حُمَيْد الْأَعْرَج , عَنْ مُجَاهِد : ( { لَا يُحِبّ اللَّه الْجَهْر بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْل إِلَّا مَنْ ظُلِمَ } . قَالَ : هُوَ الرَّجُل يَنْزِل بِالرَّجُلِ فَلَا يُحْسِن إِلَيْهِ , فَقَدْ رَخَّصَ اللَّه لَهُ أَنْ يَقُول فِيهِ . )* - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن حَمَّاد الدُّولَابِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ إِبْرَاهِيم بْن أَبِي بَكْر , عَنْ مُجَاهِد : ( { لَا يُحِبّ اللَّه الْجَهْر بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْل إِلَّا مَنْ ظُلِمَ } قَالَ : هُوَ فِي الضِّيَافَة يَأْتِي الرَّجُل الْقَوْم فَيَنْزِل عَلَيْهِمْ فَلَا يُضَيِّفُونَهُ , رَخَّصَ اللَّه لَهُ أَنْ يَقُول فِيهِمْ . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْمُثَنَّى بْن الصَّبَاح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { لَا يُحِبّ اللَّه الْجَهْر بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْل } . .. الْآيَة , قَالَ : ضَافَ رَجُل رَجُلًا , فَلَمْ يُؤَدِّ إِلَيْهِ حَقّ ضِيَافَته , فَلَمَّا خَرَجَ أَخْبَرَ النَّاس , فَقَالَ : ضِفْت فُلَانًا فَلَمْ يُؤَدِّ حَقّ ضِيَافَتِي , فَذَلِكَ جَهْر بِالسُّوءِ { إِلَّا مَنْ ظُلِمَ } حِين لَمْ يُؤَدَّ إِلَيْهِ ضِيَافَته. )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج , قَالَ مُجَاهِد : (إِلَّا مَنْ ظُلِمَ فَانْتَصَرَ يَجْهَر بِسُوءٍ . قَالَ مُجَاهِد : نَزَلَتْ فِي رَجُل ضَافَ رَجُلًا بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْض فَلَمْ يُضِفْهُ , فَنَزَلَتْ { إِلَّا مَنْ ظُلِمَ } ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يُضِفْهُ , لَا يَزِيد عَلَى ذَلِكَ . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : إِلَّا مَنْ ظُلِمَ فَانْتَصَرَ مِنْ ظَالِمه , فَإِنَّ اللَّه قَدْ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8467 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { لَا يُحِبّ اللَّه الْجَهْر بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْل إِلَّا مَنْ ظُلِمَ } يَقُول : إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْجَهْر بِالسُّوءِ مِنْ أَحَد مِنْ الْخَلْق , وَلَكِنْ مَنْ ظُلِمَ فَانْتَصَرَ بِمِثْلِ مَا ظُلِمَ , فَلَيْسَ عَلَيْهِ جُنَاح. )ف | مَنْ | عَلَى هَذِهِ الْأَقْوَال الَّتِي ذَكَرْنَاهَا سِوَى قَوْل اِبْن عَبَّاس فِي مَوْضِع نَصْب عَلَى اِنْقِطَاعه مِنْ الْأَوَّل , وَالْعَرَب مِنْ شَأْنهَا أَنْ تَنْصِب مَا بَعْد إِلَّا فِي الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطِع ; فَكَانَ مَعْنَى الْكَلَام عَلَى هَذِهِ الْأَقْوَال سِوَى قَوْل اِبْن عَبَّاس : لَا يُحِبّ اللَّه الْجَهْر بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْل , وَلَكِنْ مَنْ ظُلِمَ فَلَا حَرَج عَلَيْهِ أَنْ يُخْبِر بِمَا نِيلَ مِنْهُ أَوْ يَنْتَصِر مِمَّنْ ظَلَمَهُ . وَقَرَأَ ذَلِكَ آخَرُونَ بِفَتْحِ الظَّاء : | إِلَّا مَنْ ظَلَمَ | وَتَأَوَّلُوهُ : لَا يُحِبّ اللَّه الْجَهْر بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْل , إِلَّا مَنْ ظَلَمَ , فَلَا بَأْس أَنْ يُجْهَر لَهُ بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8468 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : (كَانَ أَبِي يَقْرَأ : | لَا يُحِبّ اللَّه الْجَهْر بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْل إِلَّا مَنْ ظَلَمَ | قَالَ اِبْن زَيْد : يَقُول : إِلَّا مَنْ أَقَامَ عَلَى ذَلِكَ النِّفَاق فَيُجْهَر لَهُ بِالسُّوءِ حَتَّى يَنْزِع. قَالَ : وَهَذِهِ مِثْل : { وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْم الْفُسُوق } [49 11 ]أَنْ تُسَمِّيَهُ بِالْفِسْقِ { بَعْد الْإِيمَان } [49 11 ]بَعْد إِذْ كَانَ مُؤْمِنًا , { وَمَنْ لَمْ يَتُبْ } [49 11 ]مِنْ ذَلِكَ الْعَمَل الَّذِي قِيلَ لَهُ , { فَأُولَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ } [49 11 ]قَالَ : هُوَ أَشَرّ مِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ لَهُ . )8469 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله , ( لَا يُحِبّ اللَّه الْجَهْر بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْل إِلَّا مَنْ ظَلَمَ | فَقَرَأَ : { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْك الْأَسْفَل مِنْ النَّار } حَتَّى بَلَغَ : { وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّه الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا } ثُمَّ قَالَ بَعْد مَا قَالَ : هُمْ فِي الدَّرْك الْأَسْفَل مِنْ النَّار. { مَا يَفْعَل اللَّه بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّه شَاكِرًا عَلِيمًا } | لَا يُحِبّ اللَّه الْجَهْر بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْل إِلَّا مَنْ ظَلَمَ | قَالَ : لَا يُحِبّ اللَّه أَنْ يَقُول لِهَذَا : أَلَسْت نَافَقْت ؟ أَلَسْت الْمُنَافِق الَّذِي ظَلَمْت وَفَعَلْت وَفَعَلْت ؟ مِنْ بَعْد مَا تَابَ , | إِلَّا مَنْ ظَلَمَ | , إِلَّا مَنْ أَقَامَ عَلَى النِّفَاق . قَالَ : وَكَانَ أَبِي يَقُول ذَلِكَ لَهُ وَيَقْرَؤُهَا : | إِلَّا مَنْ ظَلَمَ . )ف | مَنْ | عَلَى هَذَا التَّأْوِيل نُصِبَ لِتَعَلُّقِهِ بِالْجَهْرِ . وَتَأْوِيل الْكَلَام عَلَى قَوْل قَائِل هَذَا الْقَوْل : لَا يُحِبّ اللَّه أَنْ يَجْهَر أَحَد لِأَحَدٍ مِنْ الْمُنَافِقِينَ بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْل | إِلَّا مَنْ ظَلَمَ | مِنْهُمْ , فَأَقَامَ عَلَى نِفَاقه فَإِنَّهُ لَا بَأْس بِالْجَهْرِ لَهُ بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْل . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ : { إِلَّا مَنْ ظُلِمَ } بِضَمِّ الظَّاء , لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء وَأَهْل التَّأْوِيل عَلَى صِحَّتهَا , وَشُذُوذ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ بِالْفَتْحِ . فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ أَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ , فَالصَّوَاب فِي تَأْوِيل ذَلِكَ : لَا يُحِبّ اللَّه أَيّهَا النَّاس أَنْ يَجْهَر أَحَد لِأَحَدٍ بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْل { إِلَّا مَنْ ظُلِمَ } بِمَعْنَى : إِلَّا مَنْ ظُلِمَ فَلَا حَرَج عَلَيْهِ أَنْ يُخْبِر بِمَا أُسِيءَ إِلَيْهِ . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ , دَخَلَ فِيهِ إِخْبَار مَنْ لَمْ يُقْرَ أَوْ أُسِيءَ قِرَاهُ , أَوْ نِيلَ بِظُلْمٍ فِي نَفْسه أَوْ مَاله عَنْوَة مِنْ سَائِر النَّاس , وَكَذَلِكَ دُعَاؤُهُ عَلَى مَنْ نَالَهُ بِظُلْمٍ ; أَنْ يَنْصُرهُ اللَّه عَلَيْهِ , لِأَنَّ فِي دُعَائِهِ عَلَيْهِ إِعْلَامًا مِنْهُ لِمَنْ سَمِعَ دُعَاءَهُ عَلَيْهِ بِالسُّوءِ لَهُ . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , ف | مَنْ | فِي مَوْضِع نَصْب , لِأَنَّهُ مُنْقَطِع عَمَّا قَبْله , وَأَنَّهُ لَا أَسْمَاء قَبْله يُسْتَثْنَى مِنْهَا , فَهُوَ نَظِير قَوْل : { لَسْت عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ } [88 22 : 23 ].|وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا|وَأَمَّا قَوْله : { وَكَانَ اللَّه سَمِيعًا عَلِيمًا } فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَكَانَ اللَّه سَمِيعًا لِمَا يَجْهَرُونَ بِهِ مِنْ سُوء الْقَوْل لِمَنْ يَجْهَرُونَ لَهُ بِهِ , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أَصْوَاتكُمْ وَكَلَامكُمْ , عَلِيمًا بِمَا تُخْفُونَ مِنْ سُوء قَوْلكُمْ وَكَلَامكُمْ لِمَنْ تُخْفُونَ لَهُ بِهِ , فَلَا تَجْهَرُونَ لَهُ بِهِ , مُحْصٍ كُلّ ذَلِكَ عَلَيْكُمْ حَتَّى يُجَازِيَكُمْ عَلَى ذَلِكَ كُلّه جَزَاءَكُمْ الْمُسِيء بِإِسَاءَتِهِ وَالْمُحْسِن بِإِحْسَانِهِ.

إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنْ تَبْدُوَا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوء فَإِنَّ اللَّه كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ { إِنْ تَبْدُوا } أَيّهَا النَّاس خَيْرًا يَقُول : إِنْ تَقُولُوا جَمِيلًا مِنْ الْقَوْل لِمَنْ أَحْسَنَ إِلَيْكُمْ , فَتُظْهِرُوا ذَلِكَ شُكْرًا مِنْكُمْ لَهُ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ مِنْ حُسْن إِلَيْكُمْ , { أَوْ تُخْفُوهُ } يَقُول : أَوْ تَتْرُكُوا إِظْهَار ذَلِكَ فَلَا تُبْدُوهُ , { أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوء } يَقُول : أَوْ تَصْفَحُوا لِمَنْ أَسَاءَ إِلَيْكُمْ عَنْ إِسَاءَته , فَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْل الَّذِي قَدْ أَذِنْت لَكُمْ أَنْ تَجْهَرُوا لَهُ بِهِ . { فَإِنَّ اللَّه كَانَ عَفُوًّا } يَقُول : لَمْ يَزَلْ ذَا عَفْو عَنْ خَلْقه , يَصْفَح لَهُمْ عَمَّنْ عَصَاهُ وَخَالَفَ أَمْره . { قَدِيرًا } يَقُول : ذَا قُدْرَة عَلَى الِانْتِقَام مِنْهُمْ. وَإِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ : أَنَّ اللَّه لَمْ يَزَلْ ذَا عَفْو عَنْ عِبَاده مَعَ قُدْرَته عَلَى عِقَابهمْ عَلَى مَعْصِيَتهمْ إِيَّاهُ . يَقُول : فَاعْفُوا أَنْتُمْ أَيْضًا أَيّهَا النَّاس عَمَّنْ أَتَى إِلَيْكُمْ ظُلْمًا , وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْل وَإِنْ قَدَرْتُمْ عَلَى الْإِسَاءَة إِلَيْهِ , كَمَا يَعْفُو عَنْكُمْ رَبّكُمْ مَعَ قُدْرَته عَلَى عِقَابكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْصُونَهُ وَتُخَالِفُونَ أَمْره . وَفِي قَوْله جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوء فَإِنَّ اللَّه كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا } الدَّلَالَة الْوَاضِحَة عَلَى أَنَّ تَأْوِيل قَوْله : { لَا يُحِبّ اللَّه الْجَهْر بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْل إِلَّا مَنْ ظُلِمَ } بِخِلَافِ التَّأْوِيل الَّذِي تَأَوَّلَهُ زَيْد بْن أَسْلَم فِي زَعْمه أَنَّ مَعْنَاهُ : لَا يُحِبّ اللَّه الْجَهْر بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْل لِأَهْلِ النِّفَاق , إِلَّا مَنْ أَقَامَ عَلَى نِفَاقه , فَإِنَّهُ لَا بَأْس بِالْجَهْرِ لَهُ بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْل . وَذَلِكَ أَنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَالَ عَقِيب ذَلِكَ : { إِنْ تَبْدُوَا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوء } ومَعْقُول أَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَمْ يَأْمُر الْمُؤْمِنِينَ بِالْعَفْوِ عَنْ الْمُنَافِقِينَ عَلَى نِفَاقهمْ , وَلَا نَهَاهُمْ أَنْ يُسَمُّوا مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مُعْلِن النِّفَاق مُنَافِقًا , بَلْ الْعَفْو عَنْ ذَلِكَ مِمَّا لَا وَجْه لَهُ مَعْقُول , لِأَنَّ الْعَفْو الْمَفْهُوم إِنَّمَا هُوَ صَفْح الْمَرْء عَمَّا لَهُ قِبَل غَيْره مِنْ حَقّ , وَتَسْمِيَة الْمُنَافِق بِاسْمِهِ لَيْسَ بِحَقٍّ لِأَحَدٍ قَبْله فَيُؤْمَر بِعَفْوِهِ عَنْهُ , وَإِنَّمَا هُوَ اِسْم لَهُ , وَغَيْر مَفْهُوم الْأَمْر بِالْعَفْوِ عَنْ تَسْمِيَة الشَّيْء بِمَا هُوَ اِسْمه .

إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاَللَّهِ وَرُسُله وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْن اللَّه وَرُسُله وَيَقُولُونَ نُؤْمِن بِبَعْضٍ وَنَكْفُر بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْن ذَلِكَ سَبِيلًا } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاَللَّهِ وَرُسُله } مِنْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى , { وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْن اللَّه وَرُسُله } بِأَنْ يُكَذِّبُوا رُسُل اللَّه الَّذِينَ أَرْسَلَهُمْ إِلَى خَلْقه بِوَحْيِهِ , وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ اِفْتَرَوْا عَلَى رَبّهمْ , وَذَلِكَ هُوَ مَعْنَى إِرَادَتهمْ التَّفْرِيق بَيْن اللَّه وَرُسُله , بِنِحْلَتِهِمْ إِيَّاهُمْ الْكَذِب وَالْفِرْيَة عَلَى اللَّه , وَادِّعَائِهِمْ عَلَيْهِمْ الْأَبَاطِيل. { وَيَقُولُونَ نُؤْمِن بِبَعْضٍ } يَعْنِي أَنَّهُمْ يَقُولُونَ : نُصَدِّق بِهَذَا وَنُكَذِّب بِهَذَا , كَمَا فَعَلَتْ الْيَهُود مِنْ تَكْذِيبهمْ عِيسَى وَمُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ وَتَصْدِيقهمْ بِمُوسَى وَسَائِر الْأَنْبِيَاء قَبْله بِزَعْمِهِمْ , وَكَمَا فَعَلَتْ النَّصَارَى مِنْ تَكْذِيبهمْ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَصْدِيقهمْ بِعِيسَى وَسَائِر الْأَنْبِيَاء قَبْله بِزَعْمِهِمْ. { وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْن ذَلِكَ سَبِيلًا } يَقُول : وَيُرِيد الْمُفَرِّقُونَ بَيْن اللَّه وَرُسُله , الزَّاعِمُونَ أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِبَعْضٍ وَيَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ , أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْن أَضْعَاف قَوْلهمْ : نُؤْمِن بِبَعْضِ الْأَنْبِيَاء وَنَكْفُر بِبَعْضٍ , سَبِيلًا : يَعْنِي طَرِيقًا إِلَى الضَّلَالَة الَّتِي أَحْدَثُوهَا وَالْبِدْعَة الَّتِي اِبْتَدَعُوهَا , يَدْعُونَ أَهْل الْجَهْر مِنْ النَّاس إِلَيْهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8470 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاَللَّهِ وَرُسُله وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْن اللَّه وَرُسُله وَيَقُولُونَ نُؤْمِن بِبَعْضٍ وَنَكْفُر بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْن ذَلِكَ سَبِيلًا أُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا } أُولَئِكَ أَعْدَاء اللَّه الْيَهُود وَالنَّصَارَى , آمَنَتْ الْيَهُود بِالتَّوْرَاةِ وَمُوسَى وَكَفَرُوا بِالْإِنْجِيلِ وَعِيسَى ; وَآمَنَتْ النَّصَارَى بِالْإِنْجِيلِ وَعِيسَى وَكَفَرُوا بِالْقُرْآنِ وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَاِتَّخَذُوا الْيَهُودِيَّة وَالنَّصْرَانِيَّة , وَهُمَا بِدْعَتَانِ لَيْسَتَا مِنْ اللَّه , وَتَرَكُوا الْإِسْلَام وَهُوَ دِين اللَّه الَّذِي بَعَثَ بِهِ رُسُله . )8471 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاَللَّهِ وَرُسُله وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْن اللَّه وَرُسُله } يَقُولُونَ : مُحَمَّد لَيْسَ بِرَسُولٍ لِلَّهِ وَتَقُول الْيَهُود : عِيسَى لَيْسَ بِرَسُولٍ لِلَّهِ , فَقَدْ فَرَّقُوا بَيْن اللَّه وَبَيْن رُسُله . { وَيَقُولُونَ نُؤْمِن بِبَعْضٍ وَنَكْفُر بِبَعْضٍ } فَهَؤُلَاءِ يُؤْمِنُونَ بِبَعْضٍ وَيَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ . )8472 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : ( { إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاَللَّهِ وَرُسُله } . .. إِلَى قَوْله : { بَيْن ذَلِكَ سَبِيلًا } قَالَ : الْيَهُود وَالنَّصَارَى : آمَنَتْ الْيَهُود بِعُزَيْرٍ وَكَفَرَتْ بِعِيسَى , وَآمَنَتْ النَّصَارَى بِعِيسَى وَكَفَرَتْ بِعُزَيْرٍ , وَكَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالنَّبِيِّ وَيَكْفُرُونَ بِالْآخَرِ. { وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْن ذَلِكَ سَبِيلًا } قَالَ : دِينًا يَدِينُونَ بِهِ لِلَّهِ .)

أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا

فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِعِبَادِهِ , مُنَبِّهًا لَهُمْ عَلَى ضَلَالَتهمْ وَكُفْرهمْ : { أُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ حَقًّا } يَقُول : أَيّهَا النَّاس هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفْت لَكُمْ صِفَتهمْ هُمْ أَهْل الْكُفْر بِي , الْمُسْتَحِقُّونَ عَذَابِي وَالْخُلُود فِي نَارِي حَقًّا , فَاسْتَيْقِنُوا ذَلِكَ , وَلَا يُشَكِّكَنَّكُمْ فِي أَمْرهمْ اِنْتِحَالهمْ الْكَذِب وَدَعْوَاهُمْ أَنَّهُمْ يُقِرُّونَ بِمَا زَعَمُوا أَنَّهُمْ بِهِ مُقِرُّونَ مِنْ الْكُتُب وَالرُّسُل , فَإِنَّهُمْ فِي دَعْوَاهُمْ مَا اِدَّعَوْا مِنْ ذَلِكَ كَذَبَة. وَذَلِكَ أَنَّ الْمُؤْمِن بِالْكُتُبِ وَالرُّسُل , هُوَ الْمُصَدِّق بِجَمِيعِ مَا فِي الْكِتَاب الَّذِي يَزْعُم أَنَّهُ بِهِ مُصَدِّق وَبِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُول الَّذِي يَزْعُم أَنَّهُ بِهِ مُؤْمِن , فَأَمَّا مَنْ صَدَّقَ بِبَعْضِ ذَلِكَ وَكَذَّبَ بِبَعْضٍ , فَهُوَ لِنُبُوَّةِ مَنْ كَذَّبَ بِبَعْضِ مَا جَاءَ بِهِ جَاحِد , وَمَنْ جَحَدَ نُبُوَّة نَبِيّ فَهُوَ بِهِ مُكَذِّب. وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ جَحَدُوا نُبُوَّة بَعْض الْأَنْبِيَاء وَزَعَمُوا أَنَّهُمْ مُصَدِّقُونَ بِبَعْضٍ , مُكَذِّبُونَ مَنْ زَعَمُوا أَنَّهُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ , لِتَكْذِيبِهِمْ بِبَعْضِ مَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّهمْ , فَهُمْ بِاَللَّهِ وَبِرُسُلِهِ - الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ بِهِمْ مُصَدِّقُونَ , وَاَلَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ بِهِمْ . مُكَذِّبُونَ - كَافِرُونَ , فَهُمْ الْجَاحِدُونَ وَحْدَانِيَّة اللَّه وَنُبُوَّة أَنْبِيَائِهِ , حَقّ الْجُحُود الْمُكَذِّبُونَ بِذَلِكَ حَقّ التَّكْذِيب , فَاحْذَرُوا أَنْ تَغْتَرُّوا بِهِمْ وَبِبِدْعَتِهِمْ , فَإِنَّا قَدْ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا .|وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا|وَأَمَّا قَوْله : { وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا } فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ جَحَدَ بِاَللَّهِ وَرَسُوله جُحُود هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفْت لَكُمْ أَيّهَا النَّاس أَمْرهمْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب وَلِغَيْرِهِمْ مِنْ سَائِر أَجْنَاس الْكُفَّار عَذَابًا فِي الْآخِرَة مُهِينًا , يَعْنِي : يُهِين مَنْ عُذِّبَ بِهِ بِخُلُودِهِ فِيهِ .

وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَلَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَرُسُله وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْن أَحَد مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورهمْ } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَاَلَّذِينَ صَدَّقُوا بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّه , وَأَقَرُّوا بِنُبُوَّةِ رُسُله أَجْمَعِينَ , وَصَدَّقُوهُمْ فِيمَا جَاءُوهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه مِنْ شَرَائِع دِينه ; { وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْن أَحَد مِنْهُمْ } يَقُول : وَلَمْ يُكَذِّبُوا بَعْضهمْ , وَيُصَدِّقُوا بَعْضهمْ , وَلَكِنَّهُمْ أَقَرُّوا أَنَّ كُلّ مَا جَاءُوا بِهِ مِنْ عِنْد رَبّهمْ حَقّ . { أُولَئِكَ } يَقُول : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ هَذِهِ صِفَتهمْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ بِاَللَّهِ وَرُسُله , { سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ } يَقُول : سَوْفَ يُعْطِيهِمْ { أُجُورهمْ } يَعْنِي : جَزَاءَهُمْ , وَثَوَابهمْ عَلَى تَصْدِيقهمْ الرُّسُل فِي تَوْحِيد اللَّه وَشَرَائِع دِينه وَمَا جَاءَتْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه .|وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا| { وَكَانَ اللَّه غَفُورًا } يَقُول : يَغْفِر لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ خَلْقه مَا سَلَفَ لَهُ مِنْ آثَامه , فَيَسْتُر عَلَيْهِ بِعَفْوِهِ لَهُ عَنْهُ وَتَرْكه الْعُقُوبَة عَلَيْهِ , فَإِنَّهُ لَمْ يَزَلْ لِذُنُوبِ الْمُنِيبِينَ إِلَيْهِ مِنْ خَلْقه { غَفُورًا رَحِيمًا } , يَعْنِي : وَلَمْ يَزَلْ بِهِمْ رَحِيمًا بِتَفَضُّلِهِ عَلَيْهِمْ الْهِدَايَة إِلَى سَبِيل الْحَقّ وَتَوْفِيقه إِيَّاهُمْ لِمَا فِيهِ خَلَاص رِقَابهمْ مِنْ النَّار .

يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَسْأَلك أَهْل الْكِتَاب أَنْ تُنَزِّل عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنْ السَّمَاء } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { يَسْأَلك } يَا مُحَمَّد { أَهْل الْكِتَاب } يَعْنِي بِذَلِكَ : أَهْل التَّوْرَاة مِنْ الْيَهُود , { أَنْ تُنَزِّل عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنْ السَّمَاء } . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْكِتَاب الَّذِي سَأَلَ الْيَهُود مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُنَزِّل عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاء , فَقَالَ بَعْضهمْ : سَأَلُوهُ أَنْ يُنَزِّل عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنْ السَّمَاء مَكْتُوبًا , كَمَا جَاءَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيل بِالتَّوْرَاةِ مَكْتُوبَة مِنْ عِنْد اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8473 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { يَسْأَلك أَهْل الْكِتَاب أَنْ تُنَزِّل عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنْ السَّمَاء } قَالَتْ الْيَهُود : إِنْ كُنْت صَادِقًا أَنَّك رَسُول اللَّه , فَأْتِنَا كِتَابًا مَكْتُوبًا مِنْ السَّمَاء كَمَا جَاءَ بِهِ مُوسَى. )8474 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثنا أَبُو مَعْشَر , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , قَالَ : (جَاءَ أُنَاس مِنْ الْيَهُود إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالُوا , إِنَّ مُوسَى جَاءَ بِالْأَلْوَاحِ مِنْ عِنْد اللَّه , فَأْتِنَا بِالْأَلْوَاحِ مِنْ عِنْد اللَّه حَتَّى نُصَدِّقك ! فَأَنْزَلَ اللَّه : { يَسْأَلك أَهْل الْكِتَاب أَنْ تُنَزِّل عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنْ السَّمَاء } ... إِلَى قَوْله : { وَقَوْلهمْ عَلَى مَرْيَم بُهْتَانًا عَظِيمًا } . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ سَأَلُوهُ أَنْ يُنَزِّل عَلَيْهِمْ كِتَابًا خَاصًّا لَهُمْ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8475 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { يَسْأَلك أَهْل الْكِتَاب أَنْ تُنَزِّل عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنْ السَّمَاء } أَيْ كِتَابًا خَاصًّا { فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَر مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّه جَهْرَة } . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ سَأَلُوهُ أَنْ يُنَزِّل عَلَى رِجَال مِنْهُمْ بِأَعْيَانِهِمْ كُتُبًا بِالْأَمْرِ بِتَصْدِيقِهِ وَاتِّبَاعه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8476 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : ( { يَسْأَلك أَهْل الْكِتَاب أَنْ تُنَزِّل عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنْ السَّمَاء } وَذَلِكَ أَنَّ الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَتَوْا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالُوا : لَنْ نُتَابِعك عَلَى مَا تَدْعُونَا إِلَيْهِ , حَتَّى تَأْتِينَا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْد اللَّه إِلَى فُلَان أَنَّك رَسُول اللَّه , وَإِلَى فُلَان بِكِتَابٍ أَنَّك رَسُول اللَّه ! قَالَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { يَسْأَلك أَهْل الْكِتَاب أَنْ تُنَزِّل عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنْ السَّمَاء فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَر مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّه جَهْرَة } . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : إِنَّ أَهْل التَّوْرَاة سَأَلُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْأَل رَبّه أَنْ يُنَزِّل عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنْ السَّمَاء آيَة , مُعْجِزَة جَمِيع الْخَلْق عَنْ أَنْ يَأْتُوا مِثْلهَا , شَاهِدَة لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصِّدْقِ , آمِرَة لَهُمْ بِاتِّبَاعِهِ. وَجَائِز أَنْ يَكُون الَّذِي سَأَلُوهُ مِنْ ذَلِكَ كِتَابًا مَكْتُوبًا يَنْزِل عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاء إِلَى جَمَاعَتهمْ , وَجَائِز أَنْ يَكُون ذَلِكَ كُتُبًا إِلَى أَشْخَاص بِأَعْيُنِهِمْ . بَلْ الَّذِي هُوَ أَوْلَى بِظَاهِرِ التِّلَاوَة أَنْ تَكُون مَسْأَلَتهمْ إِيَّاهُ ذَلِكَ كَانَتْ مَسْأَلَة لِيَنْزِل الْكِتَاب الْوَاحِد إِلَى جَمَاعَتهمْ لِذِكْرِ اللَّه تَعَالَى فِي خَبَره عَنْهُمْ الْكِتَاب بِلَفْظِ الْوَاحِد , بِقَوْلِهِ : { يَسْأَلك أَهْل الْكِتَاب أَنْ تُنَزِّل عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنْ السَّمَاء } وَلَمْ يَقُلْ : | كُتُبًا |.|فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً|وَأَمَّا قَوْله : { فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَر مِنْ ذَلِكَ } فَإِنَّهُ تَوْبِيخ مِنْ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ سَائِلِي الْكِتَاب الَّذِي سَأَلُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُنَزِّلهُ عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاء فِي مَسْأَلَتهمْ إِيَّاهُ ذَلِكَ , وَتَقْرِيع مِنْهُ لَهُمْ . يَقُول لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا مُحَمَّد لَا يَعْظُمَنَّ عَلَيْك مَسْأَلَتهمْ ذَلِكَ , فَإِنَّهُمْ مِنْ جَهْلهمْ بِاَللَّهِ وَجَرَاءَتهمْ عَلَيْهِ وَاغْتِرَارهمْ بِحِلْمِهِ , لَوْ أَنْزَلْت عَلَيْهِمْ الْكِتَاب الَّذِي سَأَلُوك أَنْ تُنْزِلهُ عَلَيْهِمْ , لَخَالَفُوا أَمْر اللَّه كَمَا خَالَفُوهُ بَعْد إِحْيَاء اللَّه أَوَائِلهمْ مِنْ صَعْقَتهمْ , فَعَبَدُوا الْعِجْل , وَاِتَّخَذُوهُ إِلَهًا يَعْبُدُونَهُ مِنْ دُون خَالِقهمْ وَبَارِئِهِمْ الَّذِي أَرَاهُمْ مِنْ قُدْرَته وَعَظِيم سُلْطَانه مَا أَرَاهُمْ ; لِأَنَّهُمْ لَنْ يَعْدُوا أَنْ يَكُونُوا كَأَوَائِلِهِمْ وَأَسْلَافهمْ . ثُمَّ قَصَّ اللَّه مِنْ قِصَّتهمْ وَقِصَّة مُوسَى مَا قَصَّ , يَقُول اللَّه : { فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَر مِنْ ذَلِكَ } يَعْنِي : فَقَدْ سَأَلَ أَسْلَاف هَؤُلَاءِ الْيَهُود وَأَوَائِلهمْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَعْظَم مِمَّا سَأَلُوك مِنْ تَنْزِيل كِتَاب عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاء فَقَالُوا لَهُ { أَرِنَا اللَّه جَهْرَة } : أَيْ عِيَانًا نُعَايِنهُ وَنَنْظُر إِلَيْهِ . وَقَدْ أَتَيْنَا عَلَى مَعْنَى الْجَهْرَة بِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الرِّوَايَة وَالشَّوَاهِد عَلَى صِحَّة مَا قُلْنَا فِي مَعْنَاهُ فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع. وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ كَانَ يَقُول فِي ذَلِكَ بِمَا : 8477 - حَدَّثَنِي بِهِ الْحَارِث , قَالَ : ثنا أَبُو عُبَيْد , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ هَارُون بْن مُوسَى , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن مُعَاوِيَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي هَذِهِ الْآيَة , قَالَ : (إِنَّهُمْ إِذَا رَأَوْهُ فَقَدْ رَأَوْهُ , إِنَّمَا قَالُوا : | جَهْرَة أَرِنَا اللَّه | قَالَ : هُوَ مُقَدَّم وَمُؤَخَّر. )وَكَانَ اِبْن عَبَّاس يَتَأَوَّل ذَلِكَ أَنَّ سُؤَالهمْ مُوسَى كَانَ جَهْرَة.|فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ|وَأَمَّا قَوْله : { فَأَخَذَتْهُمْ الصَّاعِقَة } فَإِنَّهُ يَقُول : فَصَعِقُوا بِظُلْمِهِمْ أَنْفُسهمْ , وَظُلْمهمْ أَنْفُسهمْ كَانَ مَسْأَلَتهمْ مُوسَى أَنْ يُرِيَهُمْ رَبّهمْ جَهْرَة , لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَسْأَلَته . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الصَّاعِقَة فِيمَا مَضَى بِاخْتِلَافِ الْمُخْتَلِفِينَ فِي تَأْوِيلهَا وَالدَّلِيل عَلَى أَوْلَى مَا قِيلَ فِيهَا بِالصَّوَابِ .|ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ|وَأَمَّا قَوْله : { ثُمَّ اِتَّخَذُوا الْعِجْل } فَإِنَّهُ يَعْنِي : ثُمَّ اِتَّخَذَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ سَأَلُوا مُوسَى مَا سَأَلُوهُ مِنْ رُؤْيَة رَبّهمْ جَهْرَة , بَعْد مَا أَحْيَاهُمْ اللَّه , فَبَعَثَهُمْ مِنْ صَعْقَتهمْ الْعِجْل الَّذِي كَانَ السَّامِرِيّ نَبَذَ فِيهِ مَا نَبَذَ مِنْ الْقَبْضَة الَّتِي قَبَضَهَا مِنْ أَثَر فَرَس جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام , إِلَهًا يَعْبُدُونَهُ مِنْ دُون اللَّه . وَقَدْ أَتَيْنَا عَلَى ذِكْر السَّبَب الَّذِي مِنْ أَجْله اِتَّخَذُوا الْعِجْل وَكَيْفَ كَانَ أَمْرهمْ وَأَمْره فِيمَا مَضَى بِمَا فِيهِ الْكِفَايَة .|مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ|وَقَوْله : { مِنْ بَعْد مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَات } يَعْنِي : مِنْ بَعْد مَا جَاءَتْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ سَأَلُوا مُوسَى مَا سَأَلُوا الْبَيِّنَات مِنْ اللَّه , وَالدَّلَالَات الْوَاضِحَات بِأَنَّهُمْ لَنْ يَرَوْا اللَّه عِيَانًا جِهَارًا . وَإِنَّمَا عَنَى بِالْبَيِّنَاتِ : أَنَّهَا آيَات تُبَيِّن عَنْ أَنَّهُمْ لَنْ يَرَوْا اللَّه فِي أَيَّام حَيَاتهمْ فِي الدُّنْيَا جَهْرَة , وَكَانَتْ تِلْكَ الْآيَات الْبَيِّنَات لَهُمْ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ , إِصْعَاق اللَّه إِيَّاهُمْ عِنْد مَسْأَلَتهمْ مُوسَى أَنْ يُرِيَهُمْ رَبّه جَهْرَة , ثُمَّ إِحْيَاءَهُ إِيَّاهُمْ بَعْد مَمَاتهمْ مَعَ سَائِر الْآيَات الَّتِي أَرَاهُمْ اللَّه دَلَالَة عَلَى ذَلِكَ . يَقُول اللَّه مُقَبِّحًا إِلَيْهِمْ فِعْلهمْ ذَلِكَ وَمُوَضِّحًا لِعِبَادِهِ جَهْلهمْ وَنَقْص عُقُولهمْ وَأَحْلَامهمْ : ثُمَّ أَقَرُّوا لِلْعِجْلِ بِأَنَّهُ لَهُمْ إِلَه , وَهُمْ يَرَوْنَهُ عِيَانًا وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ جِهَارًا , بَعْد مَا أَرَاهُمْ رَبّهمْ مِنْ الْآيَات الْبَيِّنَات مَا أَرَاهُمْ , أَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ رَبّهمْ جَهْرَة وَعِيَانًا فِي حَيَاتهمْ الدُّنْيَا , فَعَكَفُوا عَلَى عِبَادَته مُصَدِّقِينَ بِأُلُوهَتِهِ .|فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ|وَقَوْله : { فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ } يَقُول : فَعَفَوْنَا لِعَبَدَةِ الْعِجْل عَنْ عِبَادَتهمْ إِيَّاهُ , وَلِلْمُصَدِّقِينَ مِنْهُمْ بِأَنَّهُ إِلَههمْ , بَعْد الَّذِي أَرَاهُمْ اللَّه أَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ رَبّهمْ فِي حَيَاتهمْ مِنْ الْآيَات مَا أَرَاهُمْ عَنْ تَصْدِيقهمْ بِذَلِكَ بِالتَّوْبَةِ الَّتِي تَابُوهَا إِلَى رَبّهمْ بِقَتْلِهِمْ أَنْفُسهمْ وَصَبْرهمْ فِي ذَلِكَ عَلَى أَمْر رَبّهمْ .|وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا| { وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا } يَقُول : وَآتَيْنَا مُوسَى حُجَّة تُبَيِّن عَنْ صِدْقه وَحَقِّيَّة نُبُوَّته , وَتِلْكَ الْحُجَّة هِيَ الْآيَات الْبَيِّنَات الَّتِي آتَاهُ اللَّه إِيَّاهَا .

وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَرَفَعْنَا فَوْقهمْ الطُّور بِمِيثَاقِهِمْ } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَرَفَعْنَا فَوْقهمْ الطُّور } يَعْنِي : الْجَبَل , وَذَلِكَ لَمَّا اِمْتَنَعُوا مِنْ الْعَمَل بِمَا فِي التَّوْرَاة , وَقَبُول مَا جَاءَهُمْ بِهِ مُوسَى فِيهَا . { بِمِيثَاقِهِمْ } يَعْنِي : بِمَا أَعْطَوْا اللَّه الْمِيثَاق وَالْعَهْد : لَنَعْمَلَنَّ بِمَا فِي التَّوْرَاة .|وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا| { وَقُلْنَا لَهُمْ اُدْخُلُوا الْبَاب سُجَّدًا } يَعْنِي : بَاب حِطَّة , حِين أُمِرُوا أَنْ يَدْخُلُوا مِنْهُ سُجُودًا , فَدَخَلُوا يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاههمْ . كَمَا : 8478 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَقُلْنَا لَهُمْ اُدْخُلُوا الْبَاب سُجَّدًا } قَالَ : كُنَّا نُحَدِّث أَنَّهُ بَاب مِنْ أَبْوَاب بَيْت الْمَقْدِسِ .|وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ| { وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْت } يَعْنِي بِقَوْلِهِ : { لَا تَعْدُوا فِي السَّبْت } لَا تَتَجَاوَزُوا فِي يَوْم السَّبْت مَا أُبِيحَ لَكُمْ إِلَى مَا لَمْ يُبَحْ لَكُمْ . { وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْت } أَمَرَ الْقَوْم أَنْ لَا يَأْكُلُوا الْحِيتَان يَوْم السَّبْت وَلَا يَعْرِضُوا لَهَا , وَأَحَلَّ لَهُمْ مَا وَرَاء ذَلِكَ . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَمْصَار الْإِسْلَام : { لَا تَعْدُوا فِي السَّبْت } بِتَخْفِيفِ الْعَيْن ; مِنْ قَوْل الْقَائِل : عَدَوْت فِي الْأَمْر : إِذَا تَجَاوَزْت الْحَقّ فِيهِ , أَعْدُو عَدْوًا وَعُدْوَانًا وَعَدَاء. وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة : | وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُّوا | بِتَسْكِينِ الْعَيْن وَتَشْدِيد الدَّال وَالْجَمْع بَيْن سَاكِنَيْنِ , بِمَعْنَى : | تَعْتَدُوا | ثُمَّ تُدْغَم التَّاء فِي الدَّال فَتَصِير دَالًا مُشَدَّدَة مَضْمُومَة , كَمَا قَرَأَ مَنْ قَرَأَ : { أَمْ مَنْ لَا يَهْدِّي } [10 35 ]بِتَسْكِينِ الْهَاء .|وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا|وَقَوْله { وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } يَعْنِي : عَهْدًا مُؤَكَّدًا شَدِيدًا , بِأَنَّهُمْ يَعْمَلُونَ بِمَا أَمَرَهُمْ اللَّه بِهِ وَيَنْتَهُونَ عَمَّا نَهَاهُمْ اللَّه عَنْهُ مِمَّا ذَكَرَهُ فِي هَذِهِ الْآيَة وَمِمَّا فِي التَّوْرَاة . وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى السَّبَب الَّذِي مِنْ أَجْله كَانُوا أُمِرُوا بِدُخُولِ الْبَاب سُجَّدًا , وَمَا كَانَ مِنْ أَمْرهمْ فِي ذَلِكَ , وَخَبَرهمْ وَقِصَّتهمْ , وَقِصَّة السَّبْت , وَمَا كَانَ اِعْتِدَاؤُهُمْ فِيهِ , بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع .

فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقهمْ وَكُفْرهمْ بِآيَاتِ اللَّه وَقَتْلهمْ الْأَنْبِيَاء بِغَيْرِ حَقّ وَقَوْلهمْ قُلُوبنَا غُلْف بَلْ طَبَعَ اللَّه عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَبِنَقْضِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفْت صِفَتهمْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب مِيثَاقهمْ , يَعْنِي عُهُودهمْ الَّتِي عَاهَدُوا اللَّه أَنْ يَعْمَلُوا بِمَا فِي التَّوْرَاة . { وَكُفْرهمْ بِآيَاتِ اللَّه } يَقُول : وَجُحُودهمْ بِآيَاتِ اللَّه , يَعْنِي : بِأَعْلَامِ اللَّه وَأَدِلَّته الَّتِي اِحْتَجَّ بِهَا عَلَيْهِمْ فِي صِدْق أَنْبِيَائِهِ وَرُسُله , وَحَقِّيَّة مَا جَاءُوهُمْ بِهِ مِنْ عِنْده . { وَقَتْلهمْ الْأَنْبِيَاء بِغَيْرِ حَقّ } يَقُول : وَبِقَتْلِهِمْ الْأَنْبِيَاء بَعْد قِيَام الْحُجَّة عَلَيْهِمْ بِنُبُوَّتِهِمْ بِغَيْرِ حَقّ , يَعْنِي : بِغَيْرِ اِسْتِحْقَاق مِنْهُمْ ذَلِكَ لِكَبِيرَةٍ أَتَوْهَا وَلَا خَطِيئَة اِسْتَوْجَبُوا الْقَتْل عَلَيْهَا . وَقَوْلهمْ : { قُلُوبنَا غُلْف } يَعْنِي : وَبِقَوْلِهِمْ : قُلُوبنَا غُلْف , يَعْنِي يَقُولُونَ : عَلَيْهَا غِشَاوَة وَأَغْطِيَة عَمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ , فَلَا نَفْقَه مَا تَقُول . وَلَا نَعْقِلهُ . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْغُلْف , وَذَكَرْنَا مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الرِّوَايَة فِيمَا مَضَى قَبْل . { بَلْ طَبَعَ اللَّه عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : كَذَبُوا فِي قَوْلهمْ قُلُوبنَا غُلْف , مَا هِيَ بِغُلْفٍ وَلَا عَلَيْهَا أَغْطِيَة ; وَلَكِنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ جَعَلَ عَلَيْهَا طَابَعًا بِكُفْرِهِمْ بِاَللَّهِ. وَقَدْ بَيَّنَّا صِفَة الطَّبْع عَلَى الْقَلْب فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8479 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : ( { فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقهمْ } يَقُول : فَبِنَقْضِهِمْ مِيثَاقهمْ لَعَنَّاهُمْ ; { وَقَوْلهمْ قُلُوبنَا غُلْف } : أَيْ لَا نَفْقَه , { بَلْ طَبَعَ اللَّه عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ } وَلَعَنَهُمْ حِين فَعَلُوا ذَلِكَ . )وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى قَوْله : { فَبِمَا نَقْضِهِمْ } . .. الْآيَة , هَلْ هُوَ مُوَاصِل لِمَا قَبْله مِنْ الْكَلَام , أَوْ هُوَ مُنْفَصِل مِنْهُ ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ مُنْفَصِل مِمَّا قَبْله , وَمَعْنَاهُ : فَبِنَقْضِهِمْ مِيثَاقهمْ وَكُفْرهمْ بِآيَاتِ اللَّه وَقَتْلهمْ الْأَنْبِيَاء بِغَيْرِ حَقّ { وَقَوْلهمْ قُلُوبنَا غُلْف بَلْ طَبَعَ اللَّه عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ } وَلَعَنَهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8480 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا } لَمَّا تَرَكَ الْقَوْم أَمْر اللَّه , وَقَتَلُوا رُسُله , وَكَفَرُوا بِآيَاتِهِ , وَنَقَضُوا الْمِيثَاق الَّذِي أَخَذَ عَلَيْهِمْ . { طَبَعَ اللَّه عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ } وَلَعَنَهُمْ. )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ مُوَاصِل لِمَا قَبْله ; قَالُوا : وَمَعْنَى الْكَلَام : فَأَخَذَتْهُمْ الصَّاعِقَة بِظُلْمِهِمْ , فَبِنَقْضِهِمْ مِيثَاقهمْ , وَكُفْرهمْ بِآيَاتِ اللَّه , وَبِقَتْلِهِمْ الْأَنْبِيَاء بِغَيْرِ حَقّ وَبِكَذَا وَكَذَا أَخَذَتْهُمْ الصَّاعِقَة . قَالُوا : فَتَبِعَ الْكَلَام بَعْضه بَعْضًا , وَمَعْنَاهُ مَرْدُود إِلَى أَوَّله . وَتَفْسِير ظُلْمهمْ الَّذِي أَخَذَتْهُمْ الصَّاعِقَة مِنْ أَجْله بِمَا فَسَّرَ بِهِ تَعَالَى ذِكْره مِنْ نَقْضِهِمْ الْمِيثَاق , وَقَتْلهمْ الْأَنْبِيَاء , وَسَائِر مَا بَيَّنَ مِنْ أَمْرهمْ الَّذِي ظَلَمُوا فِيهِ أَنْفُسهمْ. وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّ قَوْله : { فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقهمْ } وَمَا بَعْده مُنْفَصِل مَعْنَاهُ مِنْ مَعْنَى مَا قَبْله ; وَأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقهمْ وَكُفْرهمْ بِآيَاتِ اللَّه , وَبِكَذَا وَبِكَذَا , لَعَنَّاهُمْ وَغَضِبْنَا عَلَيْهِمْ , فَتُرِكَ ذِكْر | لَعَنَّاهُمْ | لِدَلَالَةِ قَوْله : { بَلْ طَبَعَ اللَّه عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ } عَلَى مَعْنَى ذَلِكَ , إِذْ كَانَ مَنْ طُبِعَ عَلَى قَلْبه فَقَدْ لُعِنَ وَسُخِطَ عَلَيْهِ . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ , لِأَنَّ الَّذِينَ أَخَذَتْهُمْ الصَّاعِقَة إِنَّمَا كَانُوا عَلَى عَهْد مُوسَى وَاَلَّذِينَ قَتَلُوا الْأَنْبِيَاء وَاَلَّذِينَ رَمَوْا مَرْيَم بِالْبُهْتَانِ الْعَظِيم , وَقَالُوا : قَتَلْنَا الْمَسِيح , كَانُوا بَعْد مُوسَى بِدَهْرٍ طَوِيل , وَلَمْ يُدْرِك الَّذِينَ رَمَوْا مَرْيَم بِالْبُهْتَانِ الْعَظِيم زَمَان مُوسَى وَلَا مَنْ صَعِقَ مِنْ قَوْمه . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَمَعْلُوم أَنَّ الَّذِينَ أَخَذَتْهُمْ الصَّاعِقَة لَمْ تَأْخُذهُمْ عُقُوبَة لِرَمْيِهِمْ مَرْيَم بِالْبُهْتَانِ الْعَظِيم , وَلَا لِقَوْلِهِمْ : إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيح عِيسَى اِبْن مَرْيَم . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَبَيَّنَ أَنَّ الْقَوْم الَّذِينَ قَالُوا هَذِهِ الْمَقَالَة , غَيْر الَّذِينَ عُوقِبُوا بِالصَّاعِقَةِ . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , كَانَ بَيِّنًا اِنْفِصَال مَعْنَى قَوْله : { فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقهمْ } مِنْ مَعْنَى قَوْله : { فَأَخَذَتْهُمْ الصَّاعِقَة بِظُلْمِهِمْ } .|فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا| { فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا } يَقُول : فَلَا يُؤْمِن هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفَ اللَّه صِفَتهمْ لِطَبْعِهِ عَلَى قُلُوبهمْ , فَيُصَدِّقُوا بِاَللَّهِ وَرُسُله وَمَا جَاءَتْهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه إِلَّا إِيمَانًا قَلِيلًا , يَعْنِي : تَصْدِيقًا قَلِيلًا. وَإِنَّمَا صَارَ قَلِيلًا لِأَنَّهُمْ لَمْ يُصَدِّقُوا عَلَى مَا أَمَرَهُمْ اللَّه بِهِ , وَلَكِنْ صَدَّقُوا بِبَعْضِ الْأَنْبِيَاء وَبِبَعْضِ الْكُتُب وَكَذَّبُوا بِبَعْضٍ , فَكَانَ تَصْدِيقهمْ بِمَا صَدَّقُوا بِهِ قَلِيلًا , لِأَنَّهُمْ وَإِنْ صَدَّقُوا بِهِ مِنْ وَجْه , فَهُمْ بِهِ مُكَذِّبُونَ مِنْ وَجْه آخَر . وَذَلِكَ مِنْ وَجْه تَكْذِيبهمْ مَنْ كَذَّبُوا بِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاء وَمَا جَاءُوا بِهِ مِنْ كُتُب اللَّه وَرُسُل اللَّه يُصَدِّق بَعْضهمْ بَعْضًا , وَبِذَلِكَ أَمَرَ كُلّ نَبِيّ أُمَّته , وَكَذَلِكَ كُتُب اللَّه يُصَدِّق بَعْضهَا بَعْضًا وَيُحَقِّق بَعْض بَعْضًا , فَالْمُكَذِّب بِبَعْضِهَا مُكَذِّب بِجَمِيعِهَا مِنْ جِهَة جُحُوده مَا صَدَّقَهُ الْكِتَاب الَّذِي يُقِرّ بِصِحَّتِهِ , فَلِذَلِكَ صَارَ إِيمَانهمْ بِمَا آمَنُوا مِنْ ذَلِكَ قَلِيلًا .

وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلهمْ عَلَى مَرْيَم بُهْتَانًا عَظِيمًا } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَبِكُفْرِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتهمْ { وَقَوْلهمْ عَلَى مَرْيَم بُهْتَانًا عَظِيمًا } يَعْنِي : بِفِرْيَتِهِمْ عَلَيْهَا , وَرَمْيهمْ إِيَّاهَا بِالزِّنَا , وَهُوَ الْبُهْتَان الْعَظِيم ; لِأَنَّهُمْ رَمَوْهَا بِذَلِكَ وَهِيَ مِمَّا رَمَوْهَا بِهِ بِغَيْرِ ثَبَت وَلَا بُرْهَان بَرِيئَة , فَبَهَتُوهَا بِالْبَاطِلِ مِنْ الْقَوْل. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8481 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَقَوْلهمْ عَلَى مَرْيَم بُهْتَانًا عَظِيمًا } يَعْنِي أَنَّهُمْ رَمَوْهَا بِالزِّنَا . )8482 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط عَنْ السُّدِّيّ : قَوْله : ( { وَقَوْلهمْ عَلَى مَرْيَم بُهْتَانًا عَظِيمًا } حِين قَذَفُوهَا بِالزِّنَا. )8483 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا يَعْلَى بْن عُبَيْد , عَنْ جُوَيْبِر فِي قَوْله : ( { وَقَوْلهمْ عَلَى مَرْيَم بُهْتَانًا عَظِيمًا } قَالَ : قَالُوا زَنَتْ .)

وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَل

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَوْلهمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيح عِيسَى اِبْن مَرْيَم رَسُول اللَّه وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَبِقَوْلِهِمْ { إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيح عِيسَى اِبْن مَرْيَم رَسُول اللَّه } . ثُمَّ كَذَّبَهُمْ اللَّه فِي قِيلهمْ , فَقَالَ : { وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ } يَعْنِي : وَمَا قَتَلُوا عِيسَى وَمَا صَلَبُوهُ , وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ. وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي صِفَة التَّشْبِيه الَّذِي شُبِّهَ لِلْيَهُودِ فِي أَمْر عِيسَى , فَقَالَ بَعْضهمْ : لَمَّا أَحَاطَتْ الْيَهُود بِهِ وَبِأَصْحَابِهِ , أَحَاطُوا بِهِمْ , وَهُمْ لَا يُثْبِتُونَ مَعْرِفَة عِيسَى بِعَيْنِهِ , وَذَلِكَ أَنَّهُمْ جَمِيعًا حُوِّلُوا فِي صُورَة عِيسَى , فَأَشْكَلَ عَلَى الَّذِينَ كَانُوا يُرِيدُونَ قَتْل عِيسَى , عِيسَى مِنْ غَيْره مِنْهُمْ , وَخَرَجَ إِلَيْهِمْ بَعْض مَنْ كَانَ فِي الْبَيْت مَعَ عِيسَى , فَقَتَلُوهُ وَهُمْ يَحْسَبُونَهُ عِيسَى . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8484 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَعْقُوب الْقُمِّيّ , عَنْ هَارُون بْن عَنْتَرَة , عَنْ وَهْب اِبْن مُنَبِّه , قَالَ : (أَتَى عِيسَى وَمَعَهُ سَبْعَة عَشَر مِنْ الْحَوَارِيِّينَ فِي بَيْت , وَأَحَاطُوا بِهِمْ , فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِمْ صَوَّرَهُمْ اللَّه كُلّهمْ عَلَى صُورَة عِيسَى , فَقَالُوا لَهُمْ : سَحَرْتُمُونَا ! لَتُبْرِزُنَّ لَنَا عِيسَى أَوْ لَنَقْتُلَنَّكُمْ جَمِيعًا ! فَقَالَ عِيسَى لِأَصْحَابِهِ : مَنْ يَشْتَرِي نَفْسه مِنْكُمْ الْيَوْم بِالْجَنَّةِ ؟ فَقَالَ رَجُل مِنْهُمْ : أَنَا فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ : أَنَا عِيسَى ! وَقَدْ صَوَّرَهُ اللَّه عَلَى صُورَة عِيسَى , فَأَخَذُوهُ فَقَتَلُوهُ وَصَلَبُوهُ. فَمِنْ ثَمَّ شُبِّهَ لَهُمْ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ قَتَلُوا عِيسَى , وَظَنَّتْ النَّصَارَى مِثْل ذَلِكَ أَنَّهُ عِيسَى , وَرَفَعَ اللَّه عِيسَى مِنْ يَوْمه ذَلِكَ . )وَقَدْ رُوِيَ عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه غَيْر هَذَا الْقَوْل , وَهُوَ مَا : 8485 - حَدَّثَنِي بِهِ الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الْكَرِيم , قَالَ : ثني عَبْد الصَّمَد بْن مُنَقِّل , أَنَّهُ سَمِعَ وَهْبًا يَقُول : (إِنَّ عِيسَى اِبْن مَرْيَم لَمَّا أَعْلَمَهُ اللَّه أَنَّهُ خَارِج مِنْ الدُّنْيَا جَزِعَ مِنْ الْمَوْت وَشَقَّ عَلَيْهِ , فَدَعَا الْحَوَارِيِّينَ وَصَنَعَ لَهُمْ طَعَامًا , فَقَالَ : اُحْضُرُونِي اللَّيْلَة , فَإِنَّ لِي إِلَيْكُمْ حَاجَة ! فَلَمَّا اِجْتَمَعُوا إِلَيْهِ مِنْ اللَّيْل عَشَّاهُمْ , وَقَامَ يَخْدُمهُمْ , فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ الطَّعَام أَخَذَ يَغْسِل أَيْدِيهمْ وَيُوَضِّئهُمْ بِيَدِهِ وَيَمْسَح أَيْدِيهمْ بِثِيَابِهِ , فَتَعَاظَمُوا ذَلِكَ وَتَكَارَهُوهُ , فَقَالَ : أَلَا مَنْ رَدَّ عَلَيَّ شَيْئًا اللَّيْلَة مِمَّا أَصْنَع فَلَيْسَ مِنِّي وَلَا أَنَا مِنْهُ ! فَأَقَرُّوهُ , حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ , قَالَ : أَمَّا مَا صَنَعْت بِكُمْ اللَّيْلَة مِمَّا خَدَمْتُكُمْ عَلَى الطَّعَام وَغَسَلْت أَيْدِيَكُمْ بِيَدِي , فَلْيَكُنْ لَكُمْ بِي أُسْوَة , فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَ أَنِّي خَيْركُمْ , فَلَا يَتَعَظَّم بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض , وَلْيَبْذُلْ بَعْضكُمْ لِبَعْضٍ نَفْسه كَمَا بَذَلْت نَفْسِي لَكُمْ . وَأَمَّا حَاجَتِي الَّتِي اِسْتَعَنْتُكُمْ عَلَيْهَا , فَتَدْعُونَ لِي اللَّه وَتَجْتَهِدُونَ فِي الدُّعَاء أَنْ يُؤَخِّر أَجَلِي ! فَلَمَّا نَصَبُوا أَنْفُسهمْ لِلدُّعَاءِ , وَأَرَادُوا أَنْ يَجْتَهِدُوا , أَخَذَهُمْ النَّوْم حَتَّى لَمْ يَسْتَطِيعُوا دُعَاء , فَجَعَلَ يُوقِظهُمْ وَيَقُول : سُبْحَان اللَّه أَمَا تَصْبِرُونَ لِي لَيْلَة وَاحِدَة تُعِينُونِي فِيهَا ؟ قَالُوا : وَاَللَّه مَا نَدْرِي مَا لَنَا , لَقَدْ كُنَّا نَسْمُر فَنُكْثِر السَّمَر , وَمَا نُطِيق اللَّيْلَة سَمَرًا وَمَا نُرِيد دُعَاء إِلَّا حِيلَ بَيْننَا وَبَيْنه ! فَقَالَ : يُذْهَب بِالرَّاعِي وَتَتَفَرَّق الْغَنَم . وَجَعَلَ يَأْتِي بِكَلَامٍ نَحْو هَذَا يَنْعَى بِهِ نَفْسه , ثُمَّ قَالَ : الْحَقّ لَيَكْفُرَنَّ بِي أَحَدكُمْ قَبْل أَنْ يَصِيح الدِّيك ثَلَاث مَرَّات , وَلَيَبِيعنِي أَحَدكُمْ بِدَرَاهِم يَسِيرَة , وَلَيَأْكُلَنَّ ثَمَنِي ! فَخَرَجُوا وَتَفَرَّقُوا. وَكَانَتْ الْيَهُود تَطْلُبهُ , فَأَخَذُوا شَمْعُون أَحَد الْحَوَارِيِّينَ , فَقَالُوا : هَذَا مِنْ أَصْحَابه , فَجَحَدَ , وَقَالَ : مَا أَنَا بِصَاحِبِهِ , فَتَرَكُوهُ . ثُمَّ أَخَذَهُ آخَرُونَ , فَجَحَدَ كَذَلِكَ , ثُمَّ سَمِعَ صَوْت دِيك , فَبَكَى وَأَحْزَنَهُ. فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى أَحَد الْحَوَارِيِّينَ إِلَى الْيَهُود , فَقَالَ : مَا تَجْعَلُونَ لِي إِنْ دَلَلْتُكُمْ عَلَى الْمَسِيح ؟ فَجَعَلُوا لَهُ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا , فَأَخَذَهَا وَدَلَّهُمْ عَلَيْهِ , وَكَانَ شُبِّهَ عَلَيْهِمْ قَبْل ذَلِكَ , فَأَخَذُوهُ فَاسْتَوْثَقُوا مِنْهُ وَرَبَطُوهُ بِالْحَبْلِ , فَجَعَلُوا يَقُودُونَهُ وَيَقُولُونَ لَهُ : أَنْتَ كُنْت تُحْيِي الْمَوْتَى وَتَنْتَهِر الشَّيْطَان وَتُبَرِّئ الْمَجْنُون ؟ أَفَلَا تُنَجِّي نَفْسك مِنْ هَذَا الْحَبْل ؟ وَيَبْصُقُونَ عَلَيْهِ , وَيُلْقُونَ عَلَيْهِ الشَّوْك , حَتَّى أَتَوْا بِهِ الْخَشَبَة الَّتِي أَرَادُوا أَنْ يَصْلُبُوهُ عَلَيْهَا , فَرَفَعَهُ اللَّه إِلَيْهِ , وَصَلَبُوا مَا شُبِّهَ لَهُمْ , فَمَكَثَ سَبْعًا. ثُمَّ إِنَّ أُمّه وَالْمَرْأَة الَّتِي كَانَ يُدَاوِيهَا عِيسَى فَأَبْرَأَهَا اللَّه مِنْ الْجُنُون جَاءَتَا تَبْكِيَانِ حَيْثُ كَانَ الْمَصْلُوب , فَجَاءَهُمَا عِيسَى , فَقَالَ : عَلَامَ تَبْكِيَانِ ؟ قَالَتَا عَلَيْك , فَقَالَ : إِنِّي قَدْ رَفَعَنِي اللَّه إِلَيْهِ , وَلَمْ يُصِبْنِي إِلَّا خَيْر , وَإِنَّ هَذَا شَيْء شُبِّهَ لَهُمْ , فَأْمُرَا الْحَوَارِيِّينَ أَنْ يَلْقَوْنِي إِلَى مَكَان كَذَا وَكَذَا ! فَلَقُوهُ إِلَى ذَلِكَ الْمَكَان أَحَد عَشَر , وَفَقَدَ الَّذِي كَانَ بَاعَهُ وَدَلَّ عَلَيْهِ الْيَهُود , فَسَأَلَ عَنْهُ أَصْحَابه , فَقَالُوا : إِنَّهُ نَدِمَ عَلَى مَا صَنَعَ , فَاخْتَنَقَ وَقَتَلَ نَفْسه . فَقَالَ : لَوْ تَابَ لَتَابَ اللَّه عَلَيْهِ ! ثُمَّ سَأَلَهُمْ عَنْ غُلَام يَتْبَعهُمْ يُقَال لَهُ : يُحَنَّا , فَقَالَ : هُوَ مَعَكُمْ فَانْطَلِقُوا فَإِنَّهُ سَيُصْبِحُ كُلّ إِنْسَان مِنْكُمْ يُحَدِّث بِلُغَةِ قَوْم , فَلْيُنْذِرْهُمْ وَلْيَدْعُهُمْ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ سَأَلَ عِيسَى مَنْ كَانَ مَعَهُ فِي الْبَيْت أَنْ يُلْقَى عَلَى بَعْضهمْ شَبَهه , فَانْتَدَبَ لِذَلِكَ رَجُل , فَأُلْقِيَ عَلَيْهِ شَبَهه , فَقُتِلَ ذَلِكَ الرَّجُل وَرُفِعَ عِيسَى اِبْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8486 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيح عِيسَى اِبْن مَرْيَم رَسُول اللَّه وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ } ... إِلَى قَوْله : { وَكَانَ اللَّه عَزِيزًا حَكِيمًا } أُولَئِكَ أَعْدَاء اللَّه الْيَهُود اِئْتَمَرُوا بِقَتْلِ عِيسَى اِبْن مَرْيَم رَسُول اللَّه , وَزَعَمُوا أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ وَصَلَبُوهُ . وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه عِيسَى اِبْن مَرْيَم قَالَ لِأَصْحَابِهِ : أَيّكُمْ يُقْذَف عَلَيْهِ شَبَهِي فَإِنَّهُ مَقْتُول ؟ فَقَالَ رَجُل مِنْ أَصْحَابه : أَنَا يَا نَبِيّ اللَّه. فَقُتِلَ ذَلِكَ الرَّجُل , وَمَنَعَ اللَّه نَبِيّه وَرَفَعَهُ إِلَيْهِ . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : ( { وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ } قَالَ : أُلْقِيَ شَبَهه عَلَى رَجُل مِنْ الْحَوَارِيِّينَ فَقُتِلَ , وَكَانَ عِيسَى اِبْن مَرْيَم عَرَضَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ , فَقَالَ : أَيّكُمْ أُلْقِيَ شَبَهِي عَلَيْهِ لَهُ الْجَنَّة ؟ فَقَالَ رَجُل : عَلَيَّ. )8487 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : (أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيل حَصَرُوا عِيسَى وَتِسْعَة عَشَر رَجُلًا مِنْ الْحَوَارِيِّينَ فِي بَيْت , فَقَالَ عِيسَى لِأَصْحَابِهِ : مَنْ يَأْخُذ صُورَتِي فَيُقْتَل وَلَهُ الْجَنَّة ؟ فَأَخَذَهَا رَجُل مِنْهُمْ . وَصُعِدَ بِعِيسَى إِلَى السَّمَاء , فَلَمَّا خَرَجَ الْحَوَارِيُّونَ أَبْصَرُوهُمْ تِسْعَة عَشَر , فَأَخْبَرُوهُمْ أَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَدْ صُعِدَ بِهِ إِلَى السَّمَاء , فَجَعَلُوا يَعُدُّونَ الْقَوْم فَيَجِدُونَهُمْ يَنْقُصُونَ رَجُلًا مِنْ الْعِدَّة , وَيَرَوْنَ صُورَة عِيسَى فِيهِمْ , فَشَكُّوا فِيهِ . وَعَلَى ذَلِكَ قَتَلُوا الرَّجُل وَهُمْ يَرَوْنَ أَنَّهُ عِيسَى وَصَلَبُوهُ , فَذَلِكَ قَوْل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ } . .. إِلَى قَوْله : { وَكَانَ اللَّه عَزِيزًا حَكِيمًا } . )8488 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة : (أَنَّ عِيسَى اِبْن مَرْيَم قَالَ : أَيّكُمْ يُلْقَى عَلَيْهِ شَبَهِي فَيُقْتَل مَكَانِي ؟ فَقَالَ رَجُل مِنْ أَصْحَابه : أَنَا يَا رَسُول اللَّه . فَأُلْقِيَ عَلَيْهِ شَبَهه , فَقَتَلُوهُ , فَذَلِكَ قَوْله : { وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ } . )8489 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : (كَانَ اِسْم مَلِك بَنِي إِسْرَائِيل الَّذِي بُعِثَ إِلَى عِيسَى لِيَقْتُلهُ , رَجُلًا مِنْهُمْ يُقَال لَهُ : دَاوُد , فَلَمَّا أَجْمَعُوا لِذَلِكَ مِنْهُ لَمْ يَفْظَع عَبْد مِنْ عِبَاد اللَّه بِالْمَوْتِ فِيمَا ذُكِرَ لِي فَظَعه , وَلَمْ يَجْزَع مِنْهُ جَزَعه , وَلَمْ يَدْعُ اللَّه فِي صَرْفه عَنْهُ دُعَاءَهُ ; حَتَّى إِنَّهُ لَيَقُول فِيمَا يَزْعُمُونَ : اللَّهُمَّ إِنْ كُنْت صَارِفًا هَذِهِ الْكَأْس عَنْ أَحَد مِنْ خَلْقك , فَاصْرِفْهَا عَنِّي ! وَحَتَّى إِنَّ جِلْده مِنْ كَرْب ذَلِكَ لَيَتَفَصَّد دَمًا . فَدَخَلَ الْمَدْخَل الَّذِي أَجْمَعُوا أَنْ يَدْخُل عَلَيْهِ فِيهِ لِيَقْتُلُوهُ هُوَ وَأَصْحَابه , وَهُمْ ثَلَاثَة عَشَر بِعِيسَى , فَلَمَّا أَيْقَنَ أَنَّهُمْ دَاخِلُونَ عَلَيْهِ , قَالَ لِأَصْحَابِهِ مِنْ الْحَوَارِيِّينَ وَكَانُوا اِثْنَيْ عَشَر رَجُلًا : بُطْرُس , وَيَعْقُوب بْن زَبْدِي , وَيُحَنَّس أَخُو يَعْقُوب , وَأَنْدَرَاوُس , وَفِيلِبُّس , وَأَبْرَثَلْمَا , وَمَتَّى , وَتُومَاس , وَيَعْقُوب بْن حَلْقيا , وَتُدَّاوُس , وفتاتيا , وَيُودُس زَكَرِيَّا يُوطَا . قَالَ اِبْن حُمَيْد : قَالَ سَلَمَة : قَالَ اِبْن إِسْحَاق : وَكَانَ فِيهِمْ فِيمَا ذُكِرَ لِي رَجُل اِسْمه سَرْجِس , فَكَانُوا ثَلَاثَة عَشَر رَجُلًا سِوَى عِيسَى جَحَدَتْهُ النَّصَارَى , وَذَلِكَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي شُبِّهَ لِلْيَهُودِ مَكَان عِيسَى . قَالَ : فَلَا أَدْرِي مَا هُوَ مِنْ هَؤُلَاءِ الِاثْنَيْ عَشَر , أَمْ كَانُوا ثَلَاثَة عَشَر , فَجَحَدُوهُ حِين أَقَرُّوا لِلْيَهُودِ بِصَلْبِ عِيسَى وَكَفَرُوا بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْخَبَر عَنْهُ . فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَة عَشَر فَإِنَّهُمْ دَخَلُوا الْمَدْخَل حِين دَخَلُوا وَهُمْ بِعِيسَى أَرْبَعَة عَشَر , وَإِنْ كَانَ اِثْنَيْ عَشَر فَإِنَّهُمْ دَخَلُوا الْمَدْخَل حِين دَخَلُوا وَهُمْ بِعِيسَى ثَلَاثَة عَشَر . حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني رَجُل كَانَ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ أَنَّ عِيسَى حِين جَاءَهُ مِنْ اللَّه { إِنِّي رَافِعك إِلَيَّ } قَالَ : يَا مَعْشَر الْحَوَارِيِّينَ : أَيّكُمْ يُحِبّ أَنْ يَكُون رَفِيقِي فِي الْجَنَّة حَتَّى يُشَبَّه لِلْقَوْمِ فِي صُورَتِي فَيَقْتُلُوهُ مَكَانِي ؟ فَقَالَ سَرْجِس : أَنَا يَا رُوح اللَّه ! قَالَ : فَاجْلِسْ فِي مَجْلِسِي. فَجَلَسَ فِيهِ , وَرَفَعَ عِيسَى صَلَوَات اللَّه عَلَيْهِ , فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَأَخَذُوهُ , فَصَلَبُوهُ , فَكَانَ هُوَ الَّذِي صَلَبُوهُ وَشُبِّهَ لَهُمْ بِهِ . وَكَانَتْ عِدَّتهمْ حِين دَخَلُوا مَعَ عِيسَى مَعْلُومَة , قَدْ رَأَوْهُمْ فَأَحْصَوْا عِدَّتهمْ , فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ لِيَأْخُذُوهُ وَجَدُوا عِيسَى فِيمَا يَرَوْنَ وَأَصْحَابه وَفَقَدُوا رَجُلًا مِنْ الْعِدَّة , فَهُوَ الَّذِي اِخْتَلَفُوا فِيهِ . وَكَانُوا لَا يَعْرِفُونَ عِيسَى , حَتَّى جَعَلُوا لِيُودُس زَكَرِيَّا يُوطَا ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا عَلَى أَنْ يَدُلّهُمْ عَلَيْهِ وَيُعَرِّفهُمْ إِيَّاهُ , فَقَالَ لَهُمْ : إِذَا دَخَلْتُمْ عَلَيْهِ فَإِنِّي سَأُقَبِّلُهُ , وَهُوَ الَّذِي أُقَبِّل فَخُذُوهُ ! فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ , وَقَدْ رُفِعَ عِيسَى , رَأَى سَرْجِس فِي صُورَة عِيسَى , فَلَمْ يَشُكّ أَنَّهُ هُوَ عِيسَى , فَأَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ , فَأَخَذُوهُ فَصَلَبُوهُ. ثُمَّ إِنَّ يُودُس زَكَرِيَّا يُوطَا نَدِمَ عَلَى مَا صَنَعَ , فَاخْتَنَقَ بِحَبْلٍ حَتَّى قَتَلَ نَفْسه , وَهُوَ مَلْعُون فِي النَّصَارَى , وَقَدْ كَانَ أَحَد الْمَعْدُودِينَ مِنْ أَصْحَابه. وَبَعْض النَّصَارَى يَزْعُم أَنَّ يُودُس زَكَرِيَّا يُوطَا هُوَ الَّذِي شُبِّهَ لَهُمْ فَصَلَبُوهُ , وَهُوَ يَقُول : إِنِّي لَسْت بِصَاحِبِكُمْ ! أَنَا الَّذِي دَلَلْتُكُمْ عَلَيْهِ ! وَاَللَّه أَعْلَم أَيّ ذَلِكَ كَانَ . )8490 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : (بَلَغَنَا أَنَّ عِيسَى اِبْن مَرْيَم قَالَ لِأَصْحَابِهِ : أَيّكُمْ يَنْتَدِب فَيُلْقَى عَلَيْهِ شَبَهِي فَيُقْتَل ؟ فَقَالَ رَجُل مِنْ أَصْحَابه : أَنَا يَا نَبِيّ اللَّه . فَأُلْقِيَ عَلَيْهِ شَبَهُهُ فَقُتِلَ , وَرَفَعَ اللَّه نَبِيّه إِلَيْهِ. )8491 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { شُبِّهَ لَهُمْ } قَالَ : صَلَبُوا رَجُلًا غَيْر عِيسَى يَحْسَبُونَهُ إِيَّاهُ . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ } فَذَكَرَ مِثْله . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (صَلَبُوا رَجُلًا شَبَّهُوهُ بِعِيسَى يَحْسَبُونَهُ إِيَّاهُ , وَرَفَعَ اللَّه إِلَيْهِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام حَيًّا. )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ أَحَد الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه , مِنْ أَنَّ شَبَه عِيسَى أُلْقِيَ عَلَى جَمِيع مَنْ كَانَ فِي الْبَيْت مَعَ عِيسَى حِين أُحِيطَ بِهِ وَبِهِمْ , مِنْ غَيْر مَسْأَلَة عِيسَى إِيَّاهُمْ ذَلِكَ , وَلَكِنْ لِيَخْزِيَ اللَّه بِذَلِكَ الْيَهُود وَيُنْقِذ بِهِ نَبِيّه عَلَيْهِ السَّلَام مِنْ مَكْرُوه مَا أَرَادُوا بِهِ مِنْ الْقَتْل , وَيَبْتَلِي بِهِ مَنْ أَرَادَ اِبْتِلَاءَهُ مِنْ عِبَاده فِي قِيله فِي عِيسَى وَصِدْق الْخَبَر عَنْ أَمْره . أَوْ الْقَوْل الَّذِي رَوَاهُ عَبْد الْعَزِيز عَنْهُ . وَإِنَّمَا قُلْنَا : ذَلِكَ أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِالصَّوَابِ , لِأَنَّ الَّذِينَ شَهِدُوا عِيسَى مِنْ الْحَوَارِيِّينَ لَوْ كَانُوا فِي حَال مَا رُفِعَ عِيسَى , وَأُلْقِيَ شَبَهه عَلَيْهِ مَنْ أُلْقِيَ عَلَيْهِ شَبَهه , كَانُوا قَدْ عَايَنُوا عِيسَى وَهُوَ يُرْفَع مِنْ بَيْنهمْ , وَأَثْبَتُوا الَّذِي أُلْقِيَ عَلَيْهِ شَبَهه , وَعَايَنُوهُ مُتَحَوِّلًا فِي صُورَته بَعْد الَّذِي كَانَ بِهِ مِنْ صُورَة نَفْسه بِمَحْضَرٍ مِنْهُمْ , لَمْ يَخْفَ ذَلِكَ مِنْ أَمْر عِيسَى , وَأَمْر مَنْ أُلْقِيَ عَلَيْهِ شَبَهه عَلَيْهِمْ مَعَ مُعَايَنَتهمْ ذَلِكَ كُلّه , وَلَمْ يَلْتَبِس وَلَمْ يُشْكِل عَلَيْهِمْ وَإِنْ أَشْكَلَ عَلَى غَيْرهمْ مِنْ أَعْدَائِهِمْ مِنْ الْيَهُود أَنَّ الْمَقْتُول وَالْمَصْلُوب كَانَ غَيْر عِيسَى , وَأَنَّ عِيسَى رُفِعَ مِنْ بَيْنهمْ حَيًّا . وَكَيْفَ يَجُوز أَنْ يَكُون قَدْ أَشْكَلَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ , وَقَدْ سَمِعُوا مِنْ عِيسَى مَقَالَته : مَنْ يُلْقَى عَلَيْهِ شَبَهِي وَيَكُون رَفِيقِي فِي الْجَنَّة ؟ إِنْ كَانَ قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ , وَسَمِعُوا جَوَاب مُجِيبه مِنْهُمْ : أَنَا , وَعَايَنُوا تَحَوُّل الْمُجِيب فِي صُورَة عِيسَى بِعَقِبِ جَوَابه . وَلَكِنَّ ذَلِكَ كَانَ إِنْ شَاءَ اللَّه عَلَى نَحْو مَا وَصَفَ وَهْب بْن مُنَبِّه , إِمَّا أَنْ يَكُون الْقَوْم الَّذِينَ كَانُوا مَعَ عِيسَى فِي الْبَيْت الَّذِي رُفِعَ مِنْهُ مِنْ حَوَارِيّه حَوَّلَهُمْ اللَّه جَمِيعًا فِي صُورَة عِيسَى حِين أَرَادَ اللَّه رَفْعه , فَلَمْ يُثْبِتُوا عِيسَى مَعْرِفَة بِعَيْنِهِ مِنْ غَيْره لِتَشَابُهِ صُوَر جَمِيعهمْ , فَقَتَلَتْ الْيَهُود مِنْهُمْ مَنْ قَتَلَتْ وَهُمْ يَرَوْنَهُ بِصُورَةِ عِيسَى وَيَحْسَبُونَهُ إِيَّاهُ , لِأَنَّهُمْ كَانُوا بِهِ عَارِفِينَ قَبْل ذَلِكَ , وَظَنَّ الَّذِينَ كَانُوا فِي الْبَيْت مَعَ عِيسَى مِثْل الَّذِي ظَنَّتْ الْيَهُود , لِأَنَّهُمْ لَمْ يُمَيِّزُوا شَخْص عِيسَى مِنْ شَخْص غَيْره لِتَشَابُهِ شَخْصه وَشَخْص غَيْره مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ فِي الْبَيْت , فَاتَّفَقُوا جَمِيعهمْ - أَعْنِي الْيَهُود وَالنَّصَارَى - مِنْ أَجْل ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَقْتُول كَانَ عِيسَى , وَلَمْ يَكُنْ بِهِ , وَلَكِنَّهُ شُبِّهَ لَهُمْ , كَمَا قَالَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ } . أَوْ يَكُون الْأَمْر فِي ذَلِكَ كَانَ عَلَى نَحْو مَا رَوَى عَبْد الصَّمَد بْن مَعْقِل , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه , أَنَّ الْقَوْم الَّذِينَ كَانُوا مَعَ عِيسَى فِي الْبَيْت تَفَرَّقُوا عَنْهُ قَبْل أَنْ يَدْخُل عَلَيْهِ الْيَهُود , وَبَقِيَ عِيسَى , وَأُلْقِيَ شَبَهه عَلَى بَعْض أَصْحَابه الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ فِي الْبَيْت بَعْد مَا تَفَرَّقَ الْقَوْم غَيْر عِيسَى وَغَيْر الَّذِي أُلْقِيَ عَلَيْهِ شَبَهه , وَرُفِعَ عِيسَى , فَقُتِلَ الَّذِي تَحَوَّلَ فِي صُورَة عِيسَى مِنْ أَصْحَابه , وَظَنَّ أَصْحَابه وَالْيَهُود أَنَّ الَّذِي قُتِلَ وَصُلِبَ هُوَ عِيسَى لِمَا رَأَوْا مِنْ شَبَهه بِهِ وَخَفَاء أَمْر عِيسَى عَلَيْهِمْ ; لِأَنَّ رَفْعه وَتَحَوُّل الْمَقْتُول فِي صُورَته كَانَ بَعْد تَفَرُّق أَصْحَابه عَنْهُ , وَقَدْ كَانُوا سَمِعُوا عِيسَى مِنْ اللَّيْل يَنْعَى نَفْسه وَيَحْزَن لِمَا قَدْ ظَنَّ أَنَّهُ نَازِل بِهِ مِنْ الْمَوْت , فَحَكَوْا مَا كَانَ عِنْدهمْ حَقًّا , وَالْأَمْر عِنْد اللَّه فِي الْحَقِيقَة بِخِلَافِ مَا حَكَوْا , فَلَمْ يَسْتَحِقّ الَّذِينَ حَكَوْا ذَلِكَ مِنْ حَوَارِيِّيهِ أَنْ يَكُونُوا كَذَبَة , أَوْ حَكَوْا مَا كَانَ حَقًّا عِنْدهمْ فِي الظَّاهِر وَإِنْ كَانَ الْأَمْر عِنْد اللَّه فِي الْحَقِيقَة بِخِلَافِ الَّذِي حَكَوْا .|وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنَّ الَّذِينَ اِخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكّ مِنْهُ } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَإِنَّ الَّذِينَ اِخْتَلَفُوا فِيهِ } الْيَهُود الَّذِينَ أَحَاطُوا بِعِيسَى وَأَصْحَابه حِين أَرَادُوا قَتْله . وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا قَدْ عَرَفُوا عِدَّة مَنْ فِي الْبَيْت قَبْل دُخُولهمْ فِيمَا ذُكِرَ ; فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِمْ , فَقَدُوا وَاحِدًا مِنْهُمْ , فَالْتَبَسَ أَمْر عِيسَى عَلَيْهِمْ بِفَقْدِهِمْ وَاحِدًا مِنْ الْعِدَّة الَّتِي كَانُوا قَدْ أَحْصَوْهَا , وَقَتَلُوا مَنْ قَتَلُوا عَلَى شَكّ مِنْهُمْ فِي أَمْر عِيسَى . وَهَذَا التَّأْوِيل عَلَى قَوْل مَنْ قَالَ : لَمْ يُفَارِق الْحَوَارِيُّونَ عِيسَى حَتَّى رُفِعَ وَدَخَلَ عَلَيْهِمْ الْيَهُود . وَأَمَّا تَأْوِيله عَلَى قَوْل مَنْ قَالَ : تَفَرَّقُوا عَنْهُ مِنْ اللَّيْل , فَإِنَّهُ : وَإِنَّ الَّذِينَ اِخْتَلَفُوا فِي عِيسَى , هَلْ هُوَ الَّذِي بَقِيَ فِي الْبَيْت مِنْهُمْ بَعْد خُرُوج مَنْ خَرَجَ مِنْهُمْ مِنْ الْعِدَّة الَّتِي كَانَتْ فِيهِ أَمْ لَا ؟ لَفِي شَكّ مِنْهُ , يَعْنِي : مِنْ قَتْله , لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَحْصَوْا مِنْ الْعِدَّة حِين دَخَلُوا الْبَيْت أَكْثَر مِمَّنْ خَرَجَ مِنْهُ وَمَنْ وُجِدَ فِيهِ , فَشَكُّوا فِي الَّذِي قَتَلُوهُ هَلْ هُوَ عِيسَى أَمْ لَا مِنْ أَجْل فَقْدِهِمْ مَنْ فَقَدُوا مِنْ الْعَدَد الَّذِي كَانُوا أَحْصَوْهُ , وَلَكِنَّهُمْ قَالُوا : قَتَلْنَا عِيسَى , لِمُشَابَهَةِ الْمَقْتُول عِيسَى فِي الصُّورَة .|مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ|يَقُول اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْم } يَعْنِي : أَنَّهُمْ قَتَلُوا مَنْ قَتَلُوهُ عَلَى شَكّ مِنْهُمْ فِيهِ وَاخْتِلَاف , هَلْ هُوَ عِيسَى أَمْ غَيْره ؟ مِنْ غَيْر أَنْ يَكُون لَهُمْ بِمَنْ قَتَلُوهُ عِلْم مَنْ هُوَ , هُوَ عِيسَى أَمْ هُوَ غَيْره ؟ { إِلَّا اِتِّبَاع الظَّنّ } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ : مَا كَانَ لَهُمْ بِمَنْ قَتَلُوهُ مِنْ عِلْم , وَلَكِنَّهُمْ اِتَّبَعُوا ظَنَّهُمْ , فَقَتَلُوهُ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّهُ عِيسَى وَأَنَّهُ الَّذِي يُرِيدُونَ قَتْله , وَلَمْ يَكُنْ بِهِ .|وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا|يَقُول : وَمَا قَتَلُوا هَذَا الَّذِي اِتَّبَعُوهُ فِي الْمَقْتُول الَّذِي قَتَلُوهُ وَهُمْ يَحْسَبُونَهُ عِيسَى يَقِينًا أَنَّهُ عِيسَى , وَلَا أَنَّهُ غَيْره , وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا مِنْهُ عَلَى ظَنّ وَشُبْهَة ; وَهَذَا كَقَوْلِ الرَّجُل لِلرَّجُلِ : مَا قَتَلْت هَذَا الْأَمْر عِلْمًا وَمَا قَتَلْته يَقِينًا , إِذَا تَكَلَّمَ فِيهِ بِالظَّنِّ عَلَى غَيْر يَقِين عِلْم ; فَالْهَاء فِي قَوْله : { وَمَا قَتَلُوهُ } عَائِدَة عَلَى الظَّنّ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8492 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا } قَالَ : يَعْنِي : لَمْ يَقْتُلُوا ظَنّهمْ يَقِينًا . )8493 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا يَعْلَى بْن عُبَيْد , عَنْ جُوَيْبِر فِي قَوْله : ( { وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا } قَالَ : مَا قَتَلُوا ظَنّهمْ يَقِينًا . )وَقَالَ السُّدِّيّ فِي ذَلِكَ , مَا : 8494 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا } : وَمَا قَتَلُوا أَمْره يَقِينًا أَنَّ الرَّجُل هُوَ عِيسَى , بَلْ رَفَعَهُ اللَّه إِلَيْهِ.)

بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { بَلْ رَفَعَهُ اللَّه إِلَيْهِ } </subtitle>أَمَّا قَوْله جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { بَلْ رَفَعَهُ اللَّه إِلَيْهِ } فَإِنَّهُ يَعْنِي : بَلْ رَفَعَ اللَّه الْمَسِيح إِلَيْهِ , يَقُول : لَمْ يَقْتُلُوهُ وَلَمْ يَصْلُبُوهُ , وَلَكِنَّ اللَّه رَفَعَهُ إِلَيْهِ , فَطَهَّرَهُ مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا . وَقَدْ بَيَّنَّا كَيْفَ كَانَ رَفْع اللَّه إيَّاهُ فِيمَا مَضَى وَذَكَرْنَا اِخْتِلَاف الْمُخْتَلِفِينَ فِي ذَلِكَ وَالصَّحِيح مِنْ الْقَوْل فِيهِ بِالْأَدِلَّةِ الشَّاهِدَة عَلَى صِحَّته بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته .|وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا|وَأَمَّا قَوْله : { وَكَانَ اللَّه عَزِيزًا حَكِيمًا } فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَلَمْ يَزَلْ اللَّه مُنْتَقِمًا مِنْ أَعْدَائِهِ , كَانْتِقَامِهِ مِنْ الَّذِينَ أَخَذَتْهُمْ الصَّاعِقَة بِظُلْمِهِمْ , وَكَلَعْنِهِ الَّذِينَ قَصَّ قِصَّتهمْ بِقَوْلِهِ : { فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقهمْ وَكُفْرهمْ بِآيَاتِ اللَّه } حَكِيمًا , يَقُول : ذَا حِكْمَة فِي تَدْبِيره وَتَصْرِيفه خَلْقه فِي قَضَائِهِ , يَقُول : فَاحْذَرُوا أَيّهَا السَّائِلُونَ مُحَمَّدًا أَنْ يُنَزِّل عَلَيْكُمْ كِتَابًا مِنْ السَّمَاء مِنْ حُلُول عُقُوبَتِي بِكُمْ , كَمَا حَلَّ بِأَوَائِلِكُمْ الَّذِينَ فَعَلُوا فِعْلكُمْ فِي تَكْذِيبهمْ رُسُلِي , وَافْتِرَائِهِمْ عَلَى أَوْلِيَائِي. وَقَدْ : 8495 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن أَبِي سَارَّة الرُّؤَاسِيّ , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ الْمِنْهَال , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : ( { وَكَانَ اللَّه عَزِيزًا حَكِيمًا } قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : أَنَّهُ كَذَلِكَ .)

وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته } </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : { وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ } يَعْنِي بِعِيسَى { قَبْل مَوْته } يَعْنِي : قَبْل مَوْت عِيسَى , يُوَجَّهُ ذَلِكَ إِلَى أَنَّ جَمِيعهمْ يُصَدِّقُونَ بِهِ إِذَا نَزَلَ لِقَتْلِ الدَّجَّال , فَتَصِير الْمِلَل كُلّهَا وَاحِدَة , وَهِيَ مِلَّة الْإِسْلَام الْحَنِيفِيَّة , دِين إِبْرَاهِيم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8496 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي حُصَيْن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته } قَالَ : قَبْل مَوْت عِيسَى اِبْن مَرْيَم . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِي حُصَيْن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته } قَالَ : قَبْل مَوْت عِيسَى . )8497 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك فِي قَوْله : ( { إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته } قَالَ : ذَلِكَ عِنْد نُزُول عِيسَى اِبْن مَرْيَم لَا يَبْقَى أَحَد مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ . )8498 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحَجَّاج بْن الْمِنْهَال , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ حُمَيْد , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : ( { قَبْل مَوْته } قَالَ : قَبْل أَنْ يَمُوت عِيسَى اِبْن مَرْيَم. )8499 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَبِي رَجَاء , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : ( { وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته } قَالَ : قَبْل مَوْت عِيسَى , وَاَللَّه إِنَّهُ الْآن لَحَيّ عِنْد اللَّه , وَلَكِنْ إِذَا نَزَلَ آمَنُوا بِهِ أَجْمَعُونَ . )8500 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : ( { وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته } يَقُول : قَبْل مَوْت عِيسَى . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته } قَالَ : قَبْل مَوْت عِيسَى . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته } قَالَ : قَبْل مَوْت عِيسَى إِذَا نَزَلَ آمَنَتْ بِهِ الْأَدْيَان كُلّهَا . )* - حَدَّثَنَا أَبُو وَكِيع قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ أَبِي جَعْفَر الرَّازِيّ , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : (قَبْل مَوْت عِيسَى . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , عَنْ عَوْف , عَنْ الْحَسَن : ( { إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته } قَالَ : عِيسَى وَلَمْ يَمُتْ بَعْد . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عِمْرَان بْن عُيَيْنَة , عَنْ حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك , قَالَ : (لَا يَبْقَى أَحَد مِنْهُمْ عِنْد نُزُول عِيسَى إِلَّا آمَنَ بِهِ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك , قَالَ : (قَبْل مَوْت عِيسَى. )8501 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته } قَالَ : إِذَا نَزَلَ عِيسَى اِبْن مَرْيَم فَقَتَلَ الدَّجَّال لَمْ يَبْقَ يَهُودِيّ فِي الْأَرْض إِلَّا آمَنَ بِهِ , قَالَ : وَذَلِكَ حِين لَا يَنْفَعهُمْ الْإِيمَان . )8502 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته } يَعْنِي : أَنَّهُ سَيُدْرِكُ أُنَاسًا مِنْ أَهْل الْكِتَاب حِين يُبْعَث عِيسَى , فَيُؤْمِنُونَ بِهِ , وَيَوْم الْقِيَامَة يَكُون عَلَيْهِمْ شَهِيدًا . )8503 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مَنْصُور بْن زَاذَان , عَنْ الْحَسَن أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته } . قَالَ أَبُو جَعْفَر : أَظُنّهُ إِنَّمَا قَالَ : إِذَا خَرَجَ عِيسَى آمَنَتْ بِهِ الْيَهُود . )وَقَالَ آخَرُونَ : يَعْنِي بِذَلِكَ : وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِعِيسَى قَبْل مَوْت الْكِتَابِيّ . ذِكْر مَنْ كَانَ يُوَجِّه ذَلِكَ , إِلَى أَنَّهُ إِذَا عَايَنَ عَلِمَ الْحَقّ مِنْ الْبَاطِل , لِأَنَّ كُلّ مَنْ نَزَلَ بِهِ الْمَوْت لَمْ تَخْرُج نَفْسه حَتَّى يَتَبَيَّن لَهُ الْحَقّ مِنْ الْبَاطِل فِي دِينه : 8504 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته } قَالَ : لَا يَمُوت يَهُودِيّ حَتَّى يُؤْمِن بِعِيسَى . )8505 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع وَابْن حُمَيْد , قَالَا : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته } قَالَ : لَا تَخْرُج نَفْسه , حَتَّى يُؤْمِن بِعِيسَى , وَإِنْ غَرِقَ , أَوْ تَرَدَّى مِنْ حَائِط , أَوْ أَيّ مِيتَة كَانَتْ . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته } كُلّ صَاحِب كِتَاب لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ بِعِيسَى قَبْل مَوْته , مَوْت صَاحِب الْكِتَاب . )8506 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ } كُلّ صَاحِب كِتَاب يُؤْمِن بِعِيسَى قَبْل مَوْته , قَبْل مَوْت صَاحِب الْكِتَاب ; قَالَ اِبْن عَبَّاس : لَوْ ضُرِبَتْ عُنُقه , لَمْ تَخْرُج نَفْسه حَتَّى يُؤْمِن بِعِيسَى . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا أَبُو تُمَيْلَة يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن بْن وَاقِد , عَنْ يَزِيد النَّحْوِيّ , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (لَا يَمُوت الْيَهُودِيّ , حَتَّى يَشْهَد أَنَّ عِيسَى عَبْد اللَّه وَرَسُوله , وَلَوْ عُجِّلَ عَلَيْهِ بِالسِّلَاحِ . )8507 - حَدَّثَنِي إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن حَبِيب بْن الشَّهِيد , قَالَ : ثنا عَتَّاب بْن بَشِير , عَنْ خُصَيْف , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته } قَالَ : هِيَ فِي قِرَاءَة أُبَيّ : | قَبْل مَوْتهمْ | . لَيْسَ يَهُودِيّ يَمُوت أَبَدًا حَتَّى يُؤْمِن بِعِيسَى ; قِيلَ لِابْنِ عَبَّاس : أَرَأَيْت إِنْ خَرَّ مِنْ فَوْق بَيْت ؟ قَالَ : يَتَكَلَّم بِهِ فِي الْهَوِيّ . فَقِيلَ : أَرَأَيْت إِنْ ضُرِبَتْ عُنُق أَحَد مِنْهُمْ ؟ قَالَ : يَتَلَجْلَج بِهَا لِسَانه . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني أَبُو نُعَيْم الْفَضْل بْن دُكَيْن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ خُصَيْف , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته } قَالَ : لَا يَمُوت يَهُودِيّ حَتَّى يُؤْمِن بِعِيسَى اِبْن مَرْيَم , قِيلَ : وَإِنْ ضُرِبَ بِالسَّيْفِ ؟ قَالَ : يَتَكَلَّم بِهِ , قِيلَ : وَإِنْ هَوَى ؟ قَالَ : يَتَكَلَّم بِهِ وَهُوَ يَهْوِي . )* - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي هَارُون الْغَنَوِيّ , عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس , أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته } قَالَ : لَوْ أَنَّ يَهُودِيًّا وَقَعَ مِنْ فَوْق هَذَا الْبَيْت لَمْ يَمُتْ حَتَّى يُؤْمِن بِهِ ; يَعْنِي : بِعِيسَى . )8508 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني عَبْد الصَّمَد , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مَوْلًى لِقُرَيْشٍ , قَالَ : سَمِعْت عِكْرِمَة يَقُول : (لَوْ وَقَعَ يَهُودِيّ مِنْ فَوْق الْقَصْر , لَمْ يَبْلُغ إِلَى الْأَرْض , حَتَّى يُؤْمِن بِعِيسَى. )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي هَاشِم الرُّمَّانِيّ , عَنْ مُجَاهِد : ( { لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته } قَالَ : وَإِنْ وَقَعَ مِنْ فَوْق الْبَيْت لَا يَمُوت حَتَّى يُؤْمِن بِهِ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو بْن أَبِي قَيْس , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته } قَالَ : لَا يَمُوت رَجُل مِنْ أَهْل الْكِتَاب حَتَّى يُؤْمِن بِهِ , وَإِنْ غَرِقَ , أَوْ تَرَدَّى , أَوْ مَاتَ بِشَيْءٍ . )* - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته } قَالَ : لَا تَخْرُج نَفْسه حَتَّى يُؤْمِن بِهِ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ خُصَيْف , عَنْ عِكْرِمَة : ( { وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته } قَالَ : لَا يَمُوت أَحَدهمْ حَتَّى يُؤْمِن بِهِ , يَعْنِي : بِعِيسَى , وَإِنْ خَرَّ مِنْ فَوْق بَيْت يُؤْمِن بِهِ وَهُوَ يَهْوِي . )8509 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : (لَيْسَ أَحَد مِنْ الْيَهُود يَخْرُج مِنْ الدُّنْيَا حَتَّى يُؤْمِن بِعِيسَى . )8510 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ فُرَات الْقَزَّاز , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : ( { وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته } قَالَ : لَا يَمُوت أَحَد مِنْهُمْ , حَتَّى يُؤْمِن بِعِيسَى , يَعْنِي : الْيَهُود وَالنَّصَارَى . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ فُرَات , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : ( { وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته } قَالَ : لَا يَمُوت أَحَد مِنْهُمْ , حَتَّى يُؤْمِن بِعِيسَى قَبْل أَنْ يَمُوت. )8511 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا الْحَكَم بْن عَطِيَّة , عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ : ( { وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته } قَالَ : مَوْت الرَّجُل مِنْ أَهْل الْكِتَاب . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته } قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : لَيْسَ مِنْ يَهُودِيّ وَلَا نَصْرَانِيّ يَمُوت حَتَّى يُؤْمِن بِعِيسَى اِبْن مَرْيَم . فَقَالَ لَهُ رَجُل مِنْ أَصْحَابه : كَيْفَ وَالرَّجُل يَغْرَق , أَوْ يَحْتَرِق , أَوْ يَسْقُط عَلَيْهِ الْجِدَار , أَوْ يَأْكُلهُ السَّبْع ؟ فَقَالَ : لَا تَخْرُج رُوحه مِنْ جَسَده حَتَّى يَقْذِف فِيهِ الْإِيمَان بِعِيسَى . )* - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته } قَالَ : لَا يَمُوت أَحَد مِنْ الْيَهُود حَتَّى يَشْهَد أَنَّ عِيسَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. )8512 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا يَعْلَى , عَنْ جُوَيْبِر فِي قَوْله : ( { لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته } قَالَ : فِي قِرَاءَة أُبَيّ : | قَبْل مَوْتهمْ |. )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْل مَوْت الْكِتَابِيّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8513 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحَجَّاج بْن الْمِنْهَال , قَالَ : ثنا حَمَّاد , عَنْ حُمَيْد , قَالَ : قَالَ عِكْرِمَة : (لَا يَمُوت النَّصْرَانِيّ وَالْيَهُودِيّ حَتَّى يُؤْمِن بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , يَعْنِي فِي قَوْله : { وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته } . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال بِالصِّحَّةِ وَالصَّوَاب قَوْل مَنْ قَالَ : تَأْوِيل ذَلِكَ : وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِعِيسَى قَبْل مَوْت عِيسَى . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْ غَيْره مِنْ الْأَقْوَال , لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ حَكَمَ لِكُلِّ مُؤْمِن بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحُكْمِ أَهْل الْإِيمَان فِي الْمُوَارَثَة وَالصَّلَاة عَلَيْهِ وَإِلْحَاق صِغَار أَوْلَاده بِحُكْمِهِ فِي الْمِلَّة , فَلَوْ كَانَ كُلّ كِتَابِيّ يُؤْمِن بِعِيسَى قَبْل مَوْته , لَوَجَبَ أَنْ لَا يَرِث الْكِتَابِيّ إِذَا مَاتَ عَلَى مِلَّته إِلَّا أَوْلَاده الصِّغَار أَوْ الْبَالِغُونَ مِنْهُمْ مِنْ أَهْل الْإِسْلَام , إِنْ كَانَ لَهُ وَلَد صَغِير أَوْ بَالِغ مُسْلِم , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَد صَغِير وَلَا بَالِغ مُسْلِم , كَانَ مِيرَاثه مَصْرُوفًا حَيْثُ يَصْرِف مَال الْمُسْلِم , يَمُوت وَلَا وَارِث لَهُ , وَأَنْ يَكُون حُكْمه حُكْم الْمُسْلِمِينَ فِي الصَّلَاة عَلَيْهِ وَغُسْله وَتَقْبِيره , لِأَنَّ مَنْ مَاتَ مُؤْمِنًا بِعِيسَى فَقَدْ مَاتَ مُؤْمِنًا بِمُحَمَّدٍ وَبِجَمِيعِ الرُّسُل ; وَذَلِكَ أَنَّ عِيسَى صَلَوَات اللَّه عَلَيْهِ جَاءَ بِتَصْدِيقِ مُحَمَّد وَجَمِيع الْمُرْسَلِينَ , فَالْمُصَدِّق بِعِيسَى وَالْمُؤْمِن بِهِ مُصَدِّق بِمُحَمَّدٍ وَبِجَمِيعِ أَنْبِيَاء اللَّه وَرُسُله , كَمَا أَنَّ الْمُؤْمِن بِمُحَمَّدٍ مُؤْمِن بِعِيسَى وَبِجَمِيعِ أَنْبِيَاء اللَّه وَرُسُله , فَغَيْر جَائِز أَنْ يَكُون مُؤْمِنًا بِعِيسَى مَنْ كَانَ بِمُحَمَّدٍ مُكَذِّبًا . فَإِنْ ظَنَّ ظَانّ أَنَّ مَعْنَى إِيمَان الْيَهُودِيّ بِعِيسَى , الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّه فِي قَوْله : { وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته } إِنَّمَا هُوَ إِقْرَاره بِأَنَّهُ لِلَّهِ نَبِيّ مَبْعُوث دُون تَصْدِيقه بِجَمِيعِ مَا أَتَى بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه , فَقَدْ ظَنَّ خَطَأ . وَذَلِكَ أَنَّهُ غَيْر جَائِز أَنْ يَكُون مَنْسُوبًا إِلَى الْإِقْرَار بِنُبُوَّةِ نَبِيّ مَنْ كَانَ لَهُ مُكَذِّبًا فِي بَعْض مَا جَاءَ بِهِ مِنْ وَحْي اللَّه وَتَنْزِيله , بَلْ غَيْر جَائِز أَنْ يَكُون مَنْسُوبًا إِلَى الْإِقْرَار بِنُبُوَّةِ أَحَد مِنْ أَنْبِيَاء اللَّه لِأَنَّ الْأَنْبِيَاء جَاءَتْ الْأُمَمَ بِتَصْدِيقِ جَمِيع أَنْبِيَاء اللَّه وَرُسُله ; فَالْمُكَذِّب بَعْض أَنْبِيَاء اللَّه فِيمَا أَتَى بِهِ أُمَّته مِنْ عِنْد اللَّه مُكَذِّب جَمِيع أَنْبِيَاء اللَّه فِيمَا دَعَوْا إِلَيْهِ مِنْ دِين عِبَاد اللَّه . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , كَانَ فِي إِجْمَاع الْجَمِيع مِنْ أَهْل الْإِسْلَام عَلَى أَنَّ كُلّ كِتَابِيّ مَاتَ قَبْل إِقْرَاره بِمُحَمَّدٍ صَلَوَات اللَّه عَلَيْهِ وَمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه , مَحْكُوم لَهُ بِحُكْمِ الْمَسْأَلَة الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا أَيَّام حَيَاته , غَيْر مَنْقُول شَيْء مِنْ أَحْكَامه فِي نَفْسه وَمَاله وَوَلَده صِغَارهمْ وَكِبَارهمْ بِمَوْتِهِ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ فِي حَيَاته , أَدَلُّ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْل اللَّه : { وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته } إِنَّمَا مَعْنَاهُ : إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِعِيسَى قَبْل مَوْت عِيسَى , وَأَنَّ ذَلِكَ فِي خَاصّ مِنْ أَهْل الْكِتَاب , وَمَعْنِيّ بِهِ أَهْل زَمَان مِنْهُمْ دُون أَهْل كُلّ الْأَزْمِنَة الَّتِي كَانَتْ بَعْد عِيسَى , وَأَنَّ ذَلِكَ كَائِن عِنْد نُزُوله . كَاَلَّذِي : 8514 - حَدَّثَنِي بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثني يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن آدَم , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الْأَنْبِيَاء إِخْوَة لِعَلَّاتٍ أُمَّهَاتهمْ شَتَّى وَدِينهمْ وَاحِد , وَإِنِّي أَوْلَى النَّاس بِعِيسَى اِبْن مَرْيَم لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنه نَبِيّ . وَإِنَّهُ نَازِل , فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ , فَإِنَّهُ رَجُل مَرْبُوع الْخَلْق إِلَى الْحُمْرَة وَالْبَيَاض , سَبْط الشَّعَر كَأَنَّ رَأْسه يَقْطُر وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَل , بَيْن مُمَصَّرَتَيْنِ , فَيَدُقّ الصَّلِيب , وَيَقْتُل الْخِنْزِير , وَيَضَع الْجِزْيَة , وَيَفِيض الْمَال , وَيُقَاتِل النَّاس عَلَى الْإِسْلَام حَتَّى يُهْلِك اللَّه فِي زَمَانه الْمِلَل كُلّهَا غَيْر الْإِسْلَام , وَيُهْلِك اللَّه فِي زَمَانه مَسِيح الضَّلَالَة الْكَذَّاب الدَّجَّال , وَتَقَع الْأَمَنَة فِي الْأَرْض فِي زَمَانه حَتَّى تَرْتَع الْأُسُود مَعَ الْإِبِل وَالنُّمُور مَعَ الْبَقَر وَالذِّئَاب مَعَ الْغَنَم , وَتَلْعَب الْغِلْمَان وَالصِّبْيَان بِالْحَيَّاتِ لَا يَضُرّ بَعْضهمْ بَعْضًا , ثُمَّ يَلْبَث فِي الْأَرْض مَا شَاءَ اللَّه | وَرُبَّمَا قَالَ : | أَرْبَعِينَ سَنَة , ثُمَّ يُتَوَفَّى وَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ وَيَدْفِنُونَهُ . )وَأَمَّا الَّذِي قَالَ : عُنِيَ بِقَوْلِهِ : { لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته } لَيُؤْمِنَنَّ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْل مَوْت الْكِتَابِيّ , فَمِمَّا لَا وَجْه لَهُ مَفْهُوم ; لِأَنَّهُ مَعَ فَسَاده مِنْ الْوَجْه الَّذِي دَلَّلْنَا عَلَى فَسَاد قَوْل مَنْ قَالَ : عُنِيَ بِهِ : لَيُؤْمِنَنَّ بِعِيسَى قَبْل مَوْت الْكِتَابِيّ , يَزِيدهُ فَسَادًا أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ لِمُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي الْآيَات الَّتِي قَبْل ذَلِكَ ذِكْر , فَيَجُوزَ صَرْف الْهَاء الَّتِي فِي قَوْله : { لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ } إِلَى أَنَّهَا مِنْ ذِكْره , وَإِنَّمَا قَوْله : { لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ } فِي سِيَاق ذِكْر عِيسَى وَأُمّه وَالْيَهُود , فَغَيْر جَائِز صَرْف الْكَلَام عَمَّا هُوَ فِي سِيَاقه إِلَى غَيْره إِلَّا بِحُجَّةٍ يَجِب التَّسْلِيم لَهَا مِنْ دَلَالَة ظَاهِر التَّنْزِيل أَوْ خَبَر عَنْ الرَّسُول تَقُوم بِهِ حُجَّة ; فَأَمَّا الدَّعَاوَى فَلَا تَتَعَذَّر عَلَى أَحَد . فَتَأْوِيل الْآيَة إِذْ كَانَ الْأَمْر عَلَى مَا وَصَفْت : وَمَا مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا مَنْ لَيُؤْمِنَنَّ بِعِيسَى قَبْل مَوْت عِيسَى , وَحَذَفَ | مَنْ | بَعْد | إِلَّا | لِدَلَالَةِ الْكَلَام عَلَيْهِ , فَاسْتُغْنِيَ بِدَلَالَتِهِ عَنْ إِظْهَاره كَسَائِرِ مَا قَدْ تَقَدَّمَ مِنْ أَمْثَاله الَّتِي قَدْ أَتَيْنَا عَلَى الْبَيَان عَنْهَا .|وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَوْم الْقِيَامَة يَكُون عَلَيْهِمْ شَهِيدًا } . </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَيَوْم الْقِيَامَة يَكُون } عِيسَى عَلَى أَهْل الْكِتَاب { شَهِيدًا } يَعْنِي : شَاهِدًا عَلَيْهِمْ بِتَكْذِيبِ مَنْ كَذَّبَهُ مِنْهُمْ , وَتَصْدِيق مَنْ صَدَّقَهُ مِنْهُمْ فِيمَا أَتَاهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه وَبِإِبْلَاغِهِ رِسَالَة رَبّه. كَاَلَّذِي : 8515 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : ( { وَيَوْم الْقِيَامَة يَكُون عَلَيْهِمْ شَهِيدًا } أَنَّهُ قَدْ أَبْلَغَهُمْ مَا أَرْسَلَهُ بِهِ إِلَيْهِمْ . )8516 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { وَيَوْم الْقِيَامَة يَكُون عَلَيْهِمْ شَهِيدًا } يَقُول : يَكُون عَلَيْهِمْ شَهِيدًا يَوْم الْقِيَامَة , عَلَى أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ رِسَالَة رَبّه وَأَقَرَّ بِالْعُبُودِيَّةِ عَلَى نَفْسه .)

فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَبِظُلْمٍ مِنْ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَات أُحِلَّتْ لَهُمْ } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَحَرَّمْنَا عَلَى الْيَهُود الَّذِينَ نَقَضُوا مِيثَاقهمْ الَّذِي وَاثَقُوا رَبّهمْ , وَكَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّه , وَقَتَلُوا أَنْبِيَاءَهُمْ , وَقَالُوا الْبُهْتَان عَلَى مَرْيَم , وَفَعَلُوا مَا وَصَفَهُمْ اللَّه فِي كِتَابه طَيِّبَات مِنْ الْمَآكِل وَغَيْرهَا كَانَتْ لَهُمْ حَلَالًا , عُقُوبَة لَهُمْ بِظُلْمِهِمْ الَّذِي أَخْبَرَ اللَّه عَنْهُمْ فِي كِتَابه. كَمَا : 8517 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { فَبِظُلْمٍ مِنْ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَات أُحِلَّتْ لَهُمْ } . .. الْآيَة , عُوقِبَ الْقَوْم بِظُلْمٍ ظَلَمُوهُ وَبَغْي بَغَوْهُ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ أَشْيَاء بِبَغْيِهِمْ وَبِظُلْمِهِمْ .)|وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا|وَقَوْله : { وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيل اللَّه كَثِيرًا } يَعْنِي : وَبِصَدِّهِمْ عِبَاد اللَّه عَنْ دِينه وَسُبُله الَّتِي شَرَعَهَا لِعِبَادِهِ صَدًّا كَثِيرًا , وَكَانَ صَدّهمْ عَنْ سَبِيل اللَّه بِقَوْلِهِمْ عَلَى اللَّه الْبَاطِل , وَادِّعَائِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ عَنْ اللَّه , وَتَبْدِيلهمْ كِتَاب اللَّه وَتَحْرِيف مَعَانِيه عَنْ وُجُوهه , وَكَانَ مِنْ عَظِيم ذَلِكَ جُحُودهمْ نُبُوَّة نَبِيّنَا مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَرْكهمْ بَيَان مَا قَدْ عَلِمُوا مِنْ أَمْره لِمَنْ جَهِلَ أَمْره مِنْ النَّاس. وَبِنَحْوِ ذَلِكَ كَانَ مُجَاهِد يَقُول . 8518 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثني أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثني عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : ( { وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيل اللَّه كَثِيرًا } قَالَ : أَنْفُسهمْ وَغَيْرهمْ عَنْ الْحَقّ . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد مِثْله .

وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا

وَقَوْله : { وَأَخْذهمْ الرِّبَا } وَهُوَ أَخْذهمْ مَا أَفْضَلُوا عَلَى رُءُوس أَمْوَالهمْ لِفَضْلِ تَأْخِير فِي الْأَجَل بَعْد مَحِلّهَا. وَقَدْ بَيَّنْت مَعْنَى الرِّبَا فِيمَا مَضَى قَبْل بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته .|وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ| { وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ } : يَعْنِي عَنْ أَخْذ الرِّبَا .|وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ|وَقَوْله : { وَأَكْلهمْ أَمْوَال النَّاس بِالْبَاطِلِ } يَعْنِي : مَا كَانُوا يَأْخُذُونَ مِنْ الرِّشَا عَلَى الْحُكْم , كَمَا وَصَفَهُمْ اللَّه بِهِ فِي قَوْله : { وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْم وَالْعُدْوَان وَأَكْلهمْ السُّحْت لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [5 62 ]وَكَانَ مِنْ أَكْلهمْ أَمْوَال النَّاس بِالْبَاطِلِ مَا كَانُوا يَأْخُذُونَ مِنْ أَثْمَان الْكُتُب الَّتِي كَانُوا يَكْتُبُونَهَا بِأَيْدِيهِمْ , ثُمَّ يَقُولُونَ : هَذَا مِنْ عِنْد اللَّه , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْمَآكِل الْخَسِيسَة الْخَبِيثَة. فَعَاقَبَهُمْ اللَّه عَلَى جَمِيع ذَلِكَ بِتَحْرِيمِهِ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ مِنْ الطَّيِّبَات الَّتِي كَانَتْ لَهُمْ حَلَالًا قَبْل ذَلِكَ . وَإِنَّمَا وَصَفَهُمْ اللَّه بِأَنَّهُمْ كَانُوا مَا أَكَلُوا مِنْ أَمْوَال النَّاس كَذَلِكَ بِالْبَاطِلِ بِأَنَّهُمْ أَكَلُوهُ بِغَيْرِ اِسْتِحْقَاق وَأَخَذُوا أَمْوَالهمْ مِنْهُمْ بِغَيْرِ اِسْتِيجَاب ,|وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا|فَقَوْله : { وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا } يَعْنِي : وَجَعَلْنَا لِلْكَافِرِينَ بِاَللَّهِ وَبِرَسُولِهِ مُحَمَّد مِنْ هَؤُلَاءِ الْيَهُود الْعَذَاب الْأَلِيم , وَهُوَ الْمُوجِع مِنْ عَذَاب جَهَنَّم , عُدَّة يَصْلَوْنَهَا فِي الْآخِرَة , إِذَا وَرَدُوا عَلَى رَبّهمْ فَيُعَاقِبهُمْ بِهَا .

لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَج

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَكِنْ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاة وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاة وَالْمُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر } </subtitle>هَذَا مِنْ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ اِسْتِثْنَاء , اِسْتَثْنَى مِنْ أَهْل الْكِتَاب مِنْ الْيَهُود الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتهمْ فِي هَذِهِ الْآيَات الَّتِي مَضَتْ مِنْ قَوْله : { يَسْأَلك أَهْل الْكِتَاب أَنْ تُنَزِّل عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنْ السَّمَاء } ثُمَّ قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِعِبَادِهِ , مُبَيِّنًا لَهُمْ حُكْم مَنْ قَدْ هَدَاهُ لِدِينِهِ مِنْهُمْ وَوَفَّقَهُ لِرُشْدِهِ : مَا كُلّ أَهْل الْكِتَاب صِفَتهمْ الصِّفَة الَّتِي وَصَفْت لَكُمْ , { لَكِنْ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم مِنْهُمْ } وَهُمْ الَّذِينَ قَدْ رَسَخُوا فِي الْعِلْم بِأَحْكَامِ اللَّه الَّتِي جَاءَتْ بِهَا أَنْبِيَاؤُهُ , وَأَتْقَنُوا ذَلِكَ , وَعَرَفُوا حَقِيقَته . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الرُّسُوخ فِي الْعِلْم بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع. { وَالْمُؤْمِنُونَ } يَعْنِي : وَالْمُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَرُسُله , وَهُمْ يُؤْمِنُونَ بِالْقُرْآنِ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّه إِلَيْك يَا مُحَمَّد , وَبِالْكُتُبِ الَّتِي أَنْزَلَهَا عَلَى مَنْ قَبْلك مِنْ الْأَنْبِيَاء وَالرُّسُل , وَلَا يَسْأَلُونَك كَمَا سَأَلَ هَؤُلَاءِ الْجَهَلَة مِنْهُمْ أَنْ تُنَزِّل عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنْ السَّمَاء , لِأَنَّهُمْ قَدْ عَلِمُوا بِمَا قَرَءُوا مِنْ كُتُب اللَّه وَأَتَتْهُمْ بِهِ أَنْبِيَاؤُهُمْ , أَنَّك لِلَّهِ رَسُول وَاجِب عَلَيْهِمْ اِتِّبَاعك , لَا يَسَعهُمْ غَيْر ذَلِكَ , فَلَا حَاجَة بِهِمْ إِلَى أَنْ يَسْأَلُوك آيَة مُعْجِزَة , وَلَا دَلَالَة غَيْر الَّذِي قَدْ عَلِمُوا مِنْ أَمْرك بِالْعِلْمِ الرَّاسِخ فِي قُلُوبهمْ مِنْ إِخْبَار أَنْبِيَائِهِمْ إِيَّاهُمْ بِذَلِكَ وَبِمَا أَعْطَيْتُك مِنْ الْأَدِلَّة عَلَى نُبُوَّتك , فَهُمْ لِذَلِكَ مِنْ عِلْمهمْ وَرُسُوخهمْ فِيهِ { يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك } مِنْ الْكِتَاب { و } بِ { مَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك } مِنْ سَائِر الْكُتُب . كَمَا : 8519 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { لَكِنْ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك } اِسْتَثْنَى اللَّه ثَنِيَّة مِنْ أَهْل الْكِتَاب , وَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِن بِاَللَّهِ , وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْهِمْ , وَمَا أُنْزِلَ عَلَى نَبِيّ اللَّه , يُؤْمِنُونَ بِهِ وَيُصَدِّقُونَ بِهِ , وَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقّ مِنْ رَبّهمْ. )ثُمَّ اُخْتُلِفَ فِي الْمُقِيمِينَ الصَّلَاة , أَهُمْ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم , أَمْ هُمْ غَيْرهمْ ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : هُمْ هُمْ . ثُمَّ اِخْتَلَفَ قَائِلُو ذَلِكَ فِي سَبَب مُخَالَفَة إِعْرَابهمْ إِعْرَاب الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم , وَهُمَا مِنْ صِفَة نَوْع مِنْ النَّاس , فَقَالَ بَعْضهمْ : ذَلِكَ غَلَط مِنْ الْكَاتِب , وَإِنَّمَا هُوَ : لَكِنْ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم مِنْهُمْ , وَالْمُقِيمُونَ الصَّلَاة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8520 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحَجَّاج بْن الْمِنْهَال , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ الزُّبَيْر , قَالَ : (قُلْت لِأَبَان بْن عُثْمَان بْن عَفَّان : مَا شَأْنهَا كُتِبَتْ { لَكِنْ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاة } ؟ قَالَ : إِنَّ الْكَاتِب لَمَّا كَتَبَ { لَكِنْ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم مِنْهُمْ } حَتَّى إِذَا بَلَغَ قَالَ : مَا أَكْتُب ؟ قِيلَ لَهُ اُكْتُبْ { وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاة } فَكَتَبَ مَا قِيلَ لَهُ . )8521 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ , (أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَة عَنْ قَوْله : { وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاة } , وَعَنْ قَوْله : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَاَلَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ } [5 69 , وَعَنْ قَوْله : { إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ } ]20 63 [فَقَالَتْ : يَا اِبْن أُخْتِي هَذَا عَمَل الْكِتَاب أَخْطَئُوا فِي الْكِتَاب . )وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة اِبْن مَسْعُود : | وَالْمُقِيمُونَ الصَّلَاة |. وَقَالَ آخَرُونَ , وَهُوَ قَوْل بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة وَالْبَصْرَة : وَالْمُقِيمُونَ الصَّلَاة مِنْ صِفَة الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم , وَلَكِنَّ الْكَلَام لَمَّا تَطَاوَلَ وَاعْتُرِضَ بَيْن الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْم وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاة مَا اعْتُرِضَ مِنْ الْكَلَام فَطَالَ نُصِبَ الْمُقِيمِينَ عَلَى وَجْه الْمَدْح , قَالُوا : وَالْعَرَب تَفْعَل ذَلِكَ فِي صِفَة الشَّيْء الْوَاحِد وَنَعْته إِذَا تَطَاوَلَتْ بِمَدْحٍ أَوْ ذَمّ خَالَفُوا بَيْن إِعْرَاب أَوَّله وَأَوْسَطه أَحْيَانًا ثُمَّ رَجَعُوا بِآخِرِهِ إِلَى إِعْرَاب أَوَّله , وَرُبَّمَا أَجْرَوْا إِعْرَاب آخِره عَلَى إِعْرَاب أَوْسَطه , وَرُبَّمَا أَجْرَوْا ذَلِكَ عَلَى نَوْع وَاحِد مِنْ الْإِعْرَاب . وَاسْتَشْهَدُوا لِقَوْلِهِمْ ذَلِكَ بِالْآيَاتِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي قَوْله : { وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء } ]2 177 [وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الْمُقِيمُونَ الصَّلَاة مِنْ صِفَة غَيْر الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْم فِي هَذَا الْمَوْضِع وَإِنْ كَانَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم مِنْ الْمُقِيمِينَ الصَّلَاة . وَقَالَ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَة جَمِيعًا : مَوْضِع الْمُقِيمِينَ فِي الْإِعْرَاب خَفْض , فَقَالَ : بَعْضهمْ : مَوْضِعه خَفْض عَلَى الْعَطْف عَلَى | مَا | الَّتِي فِي قَوْله : { يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك } وَيُؤْمِنُونَ بِالْمُقِيمِينَ الصَّلَاة . ثُمَّ اِخْتَلَفَ مُتَأَوِّلُو ذَلِكَ فِي هَذَا التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الْكَلَام , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك , وَبِإِقَامِ الصَّلَاة . قَالُوا : ثُمَّ اِرْتَفَعَ قَوْله : | وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاة | , عَطْفًا عَلَى مَا فِي | يُؤْمِنُونَ | مِنْ ذِكْر الْمُؤْمِنِينَ , كَأَنَّهُ قِيلَ : وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك هُمْ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الْمُقِيمُونَ الصَّلَاة : الْمَلَائِكَة . قَالُوا : وَإِقَامَتهمْ الصَّلَاة : تَسْبِيحهمْ رَبّهمْ وَاسْتِغْفَارهمْ لِمَنْ فِي الْأَرْض . قَالُوا : وَمَعْنَى الْكَلَام : وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك وَبِالْمَلَائِكَةِ . وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك , وَيُؤْمِنُونَ بِالْمُقِيمِينَ الصَّلَاة , هُمْ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاة , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَيُؤْمِن لِلْمُؤْمِنِينَ } ]9 61 [. وَأَنْكَرَ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَة أَنْ يَكُون الْمُقِيمِينَ مَنْصُوبًا عَلَى الْمَدْح ; وَقَالُوا : إِنَّمَا تَنْصِب الْعَرَب عَلَى الْمَدْح مِنْ نَعْت مَنْ ذَكَرَتْهُ بَعْد تَمَام خَبَره ; قَالُوا : وَخَبَر الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْم قَوْله : { أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا } . قَالَ : فَغَيْر جَائِز نَصْب الْمُقِيمِينَ عَلَى الْمَدْح وَهُوَ فِي وَسَط الْكَلَام وَلَمَّا يَتِمّ خَبَر الِابْتِدَاء. وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَكِنْ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم مِنْهُمْ , وَمِنْ الْمُقِيمِينَ الصَّلَاة . وَقَالُوا : مَوْضِع الْمُقِيمِينَ خَفْض. وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَاهُ : وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك وَإِلَى الْمُقِيمِينَ الصَّلَاة . وَقَالَ أَبُو جَعْفَر : وَهَذَا الْوَجْه وَاَلَّذِي قَبْله مُنْكَر عِنْد الْعَرَب , وَلَا تَكَاد الْعَرَب تَعْطِف الظَّاهِر عَلَى مَكْنِيّ فِي حَال الْخَفْض وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَدْ جَاءَ فِي بَعْض أَشْعَارهَا . وَأَوْلَى الْأَقْوَال عِنْدِي بِالصَّوَابِ , أَنْ يَكُون الْمُقِيمِينَ فِي مَوْضِع خَفْض نَسَقًا عَلَى | مَا | الَّتِي فِي قَوْله : { بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك } وَأَنْ يُوَجَّهَ مَعْنَى الْمُقِيمِينَ الصَّلَاة إِلَى الْمَلَائِكَة , فَيَكُون تَأْوِيل الْكَلَام : وَالْمُؤْمِنُونَ مِنْهُمْ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك يَا مُحَمَّد مِنْ الْكِتَاب وَبِمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك مِنْ كُتُبِي وَبِالْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاة ; ثُمَّ يَرْجِع إِلَى صِفَة الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْم فَيَقُول : لَكِنْ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم مِنْهُمْ , وَالْمُؤْمِنُونَ بِالْكُتُبِ , وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاة , وَالْمُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر. وَإِنَّمَا اِخْتَرْنَا هَذَا عَلَى غَيْره , لِأَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة أُبَيّ بْن كَعْب : | وَالْمُقِيمِينَ | , وَكَذَلِكَ هُوَ فِي مُصْحَفه فِيمَا ذَكَرُوا , فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ خَطَأ مِنْ الْكَاتِب لَكَانَ الْوَاجِب أَنْ يَكُون فِي كُلّ الْمَصَاحِف غَيْر مُصْحَفنَا الَّذِي كَتَبَهُ لَنَا الْكَاتِب الَّذِي أَخْطَأَ فِي كِتَابه بِخِلَافِ مَا هُوَ فِي مُصْحَفنَا وَفِي اِتِّفَاق مُصْحَفنَا وَمُصْحَف أُبَيّ فِي ذَلِكَ , مَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ الَّذِي فِي مُصْحَفنَا مِنْ ذَلِكَ صَوَاب غَيْر خَطَأ , مَعَ أَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ خَطَأ مِنْ جِهَة الْخَطّ , لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ أُخِذَ عَنْهُمْ الْقُرْآن مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُونَ مَنْ عَلَّمُوا ذَلِكَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْه اللَّحْن , وَلَأَصْلَحُوهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ , وَلَقَّنُوهُ لِلْأُمَّةِ تَعْلِيمًا عَلَى وَجْه الصَّوَاب . وَفِي نَقْل الْمُسْلِمِينَ جَمِيعًا ذَلِكَ قِرَاءَة عَلَى مَا هُوَ بِهِ فِي الْخَطّ مَرْسُومًا أَدَلّ الدَّلِيل عَلَى صِحَّة ذَلِكَ وَصَوَابه , وَأَنْ لَا صُنْع فِي ذَلِكَ لِلْكَاتِبِ . وَأَمَّا مَنْ وَجَّهَ ذَلِكَ إِلَى النَّصْب عَلَى وَجْه الْمَدْح لِلرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْم وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَدْ يُحْتَمَل عَلَى بُعْد مِنْ كَلَام الْعَرَب لِمَا قَدْ ذَكَرْنَا قَبْل مِنْ الْعِلَّة , وَهُوَ أَنَّ الْعَرَب لَا تَعْدِل عَنْ إِعْرَاب الِاسْم الْمَنْعُوت بِنَعْتٍ فِي نَعْته إِلَّا بَعْد تَمَام خَبَره , وَكَلَام اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَفْصَح الْكَلَام , فَغَيْر جَائِز تَوْجِيهه إِلَّا إِلَى الَّذِي هُوَ بِهِ مِنْ الْفَصَاحَة . وَأَمَّا تَوْجِيه مَنْ وَجَّهَ ذَلِكَ إِلَى الْعَطْف بِهِ عَلَى الْهَاء وَالْمِيم فِي قَوْله : { لَكِنْ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم مِنْهُمْ } أَوْ إِلَى الْعَطْف بِهِ عَلَى الْكَاف مِنْ قَوْله : { بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك } أَوْ إِلَى الْكَاف مِنْ قَوْله : { وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك } فَإِنَّهُ أَبْعَد مِنْ الْفَصَاحَة مِنْ نَصْبه عَلَى الْمَدْح لِمَا قَدْ ذَكَرْت قَبْل مِنْ قُبْح رَدّ الظَّاهِر عَلَى الْمَكْنِيّ فِي الْخَفْض . وَأَمَّا تَوْجِيه مَنْ وَجَّهَ الْمُقِيمِينَ إِلَى الْإِقَامَة , فَإِنَّهُ دَعْوَى لَا بُرْهَان عَلَيْهَا مِنْ دَلَالَة ظَاهِر التَّنْزِيل وَلَا خَبَر تَثْبُت حُجَّته , وَغَيْر جَائِز نَقُلْ ظَاهِر التَّنْزِيل إِلَى بَاطِن بِغَيْرِ بُرْهَان . وَأَمَّا قَوْله : { وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاة } فَإِنَّهُ مَعْطُوف بِهِ عَلَى قَوْله : { وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ } وَهُوَ مِنْ صِفَتهمْ. وَتَأْوِيله : وَاَلَّذِينَ يُعْطُونَ زَكَاة أَمْوَالهمْ مَنْ جَعَلَهَا اللَّه لَهُ وَصَرَفَهَا إِلَيْهِ ; { وَالْمُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر } يَعْنِي : وَالْمُصَدِّقُونَ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّه وَأُلُوهِيَّته , وَالْبَعْث بَعْد الْمَمَات , وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب|أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا| { أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا } يَقُول : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ هَذِهِ صِفَتهمْ سَنُؤْتِيهِمْ , يَقُول : سَنُعْطِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا , يَعْنِي : جَزَاء عَلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ مِنْ طَاعَة اللَّه , وَاتِّبَاع أَمْره , وَثَوَابًا عَظِيمًا , وَذَلِكَ الْجَنَّة.

إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْك كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوح وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْده وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب وَالْأَسْبَاط وَعِيسَى وَأَيُّوب وَيُونُس وَهَارُون وَسُلَيْمَان } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْك كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوح } : إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْك يَا مُحَمَّد بِالنُّبُوَّةِ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى نُوح وَإِلَى سَائِر الْأَنْبِيَاء الَّذِينَ سَمَّيْتهمْ لَك مِنْ بَعْده وَاَلَّذِينَ لَمْ أُسَمِّهِمْ لَك . كَمَا : 8522 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ مُنْذِر الثَّوْرِيّ , عَنْ الرَّبِيع بْن خُثَيْم فِي قَوْله : ( { إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْك كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوح وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْده } قَالَ : أَوْحَى إِلَيْك كَمَا أَوْحَى إِلَى جَمِيع النَّبِيِّينَ مِنْ قَبْله . )وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لِأَنَّ بَعْض الْيَهُود لَمَّا فَضَحَهُمْ اللَّه بِالْآيَاتِ الَّتِي أَنْزَلَهَا عَلَى رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَذَلِكَ مِنْ قَوْله : { يَسْأَلك أَهْل الْكِتَاب أَنْ تُنَزِّل عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنْ السَّمَاء } فَتَلَا ذَلِكَ عَلَيْهِمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالُوا : مَا أَنْزَلَ اللَّه عَلَى بَشَر مِنْ شَيْء بَعْد مُوسَى . فَأَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَات تَكْذِيبًا لَهُمْ , وَأَخْبَرَ نَبِيّه وَالْمُؤْمِنِينَ بِهِ أَنَّهُ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ بَعْد مُوسَى وَعَلَى مَنْ سَمَّاهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَة وَعَلَى آخَرِينَ لَمْ يُسَمِّهِمْ. كَمَا : 8523 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا يُونُس بْن بُكَيْر , وَحَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد مَوْلَى زَيْد بْن ثَابِت , قَالَ : ثني سَعِيد بْن جُبَيْر أَوْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : قَالَ سُكَيْن وَعَدِيّ بْن زَيْد : (يَا مُحَمَّد مَا نَعْلَم اللَّه أَنْزَلَ عَلَى بَشَر مِنْ شَيْء بَعْد مُوسَى , فَأَنْزَلَ اللَّه فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلهمَا : { إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْك كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوح وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْده } . .. إِلَى آخِر الْآيَات . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ قَالُوا : لَمَّا أَنْزَلَ اللَّه الْآيَات الَّتِي قَبْل هَذِهِ فِي ذِكْرهمْ مَا أَنْزَلَ اللَّه عَلَى بَشَر مِنْ شَيْء , وَلَا عَلَى مُوسَى , وَلَا عَلَى عِيسَى , فَأَنْزَلَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَمَا قَدَرُوا اللَّه حَقّ قَدْره إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّه عَلَى بَشَر مِنْ شَيْء } وَلَا عَلَى مُوسَى , وَلَا عَلَى عِيسَى . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8524 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثنا أَبُو مَعْشَر , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , قَالَ : (أَنْزَلَ اللَّه : { يَسْأَلك أَهْل الْكِتَاب أَنْ تُنَزِّل عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنْ السَّمَاء } . .. إِلَى قَوْله : { وَقَوْلهمْ عَلَى مَرْيَم بُهْتَانًا عَظِيمًا } , فَلَمَّا تَلَاهَا عَلَيْهِمْ - يَعْنِي عَلَى الْيَهُود - وَأَخْبَرَهُمْ بِأَعْمَالِهِمْ الْخَبِيثَة , جَحَدُوا كُلّ مَا أَنْزَلَ اللَّه , وَقَالُوا : مَا أَنْزَلَ اللَّه عَلَى بَشَر مِنْ شَيْء , وَلَا عَلَى مُوسَى , وَلَا عَلَى عِيسَى , وَمَا أَنْزَلَ اللَّه عَلَى نَبِيّ مِنْ شَيْء . قَالَ : فَحَلَّ حُبْوَته , وَقَالَ : وَلَا عَلَى أَحَد ! فَأَنْزَلَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَمَا قَدَرُوا اللَّه حَقّ قَدْره إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّه عَلَى بَشَر مِنْ شَيْء } [6 91 ].)|وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا|وَأَمَّا قَوْله : { وَآتَيْنَا دَاوُد زَبُورًا } فَإِنَّ الْقُرَّاء اِخْتَلَفَتْ فِي قِرَاءَته , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَمْصَار الْإِسْلَام غَيْر نَفَر مِنْ قُرَّاء الْكُوفَة : { وَآتَيْنَا دَاوُد زَبُورًا } بِفَتْحِ الزَّاي عَلَى التَّوْحِيد , بِمَعْنَى : وَآتَيْنَا دَاوُد الْكِتَاب الْمُسَمَّى زَبُورًا. وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ : | وَآتَيْنَا دَاوُد زُبُورًا | بِضَمِّ الزَّاي جَمْع زُبُر , كَأَنَّهُمْ وَجَّهُوا تَأْوِيله : وَآتَيْنَا دَاوُد كُتُبًا وَصُحُفًا مَزْبُورَة , مِنْ قَوْلهمْ : زَبَرْت الْكِتَاب أَزْبُرهُ زَبْرًا , وَذَبَرْته أَذْبُرهُ ذَبْرًا : إِذَا كَتَبْته . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ عِنْدنَا , قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ : { وَآتَيْنَا دَاوُد زَبُورًا } بِفَتْحِ الزَّاي عَلَى أَنَّهُ اِسْم الْكِتَاب الَّذِي أُوتِيَهُ دَاوُد , كَمَا سَمَّى الْكِتَاب الَّذِي أُوتِيَهُ مُوسَى التَّوْرَاة , وَاَلَّذِي أُوتِيَهُ عِيسَى الْإِنْجِيل , وَاَلَّذِي أُوتِيَهُ مُحَمَّد الْفُرْقَان , لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الِاسْم الْمَعْرُوف بِهِ مَا أُوتِيَ دَاوُد , وَإِنَّمَا تَقُول الْعَرَب زَبُور دَاوُد , وَبِذَلِكَ يَعْرِف كِتَابه سَائِر الْأُمَم .

وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْك مِنْ قَبْل وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْك } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْك كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوح وَإِلَى رُسُل قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْك وَرُسُل لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْك . فَلَعَلَّ قَائِلًا أَنْ يَقُول : فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ , فَمَا بَال قَوْله : { وَرُسُلًا } مَنْصُوبًا غَيْر مَخْفُوض ؟ قِيلَ : نُصِبَ ذَلِكَ إِذَا لَمْ تَعُدْ عَلَيْهِ | إِلَى | الَّتِي خَفَضَتْ الْأَسْمَاء قَبْله , وَكَانَتْ الْأَسْمَاء قَبْلهَا وَإِنْ كَانَتْ مَخْفُوضَة , فَإِنَّهَا فِي مَعْنَى النَّصْب , لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : إِنَّا أَرْسَلْنَاك رَسُولًا كَمَا أَرْسَلْنَا نُوحًا وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْده , فَعُطِفَتْ الرُّسُل عَلَى مَعْنَى الْأَسْمَاء قَبْلهَا فِي الْإِعْرَاب , لِانْقِطَاعِهَا عَنْهَا دُون أَلْفَاظهَا , إِذْ لَمْ يَعُدْ عَلَيْهَا مَا خَفَضَهَا , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>لَوْ جِئْت بِالْخُبْزِ لَهُ مُنَشَّرَا .......... وَالْبَيْض مَطْبُوخًا مَعًا وَالسُّكَّرَا <br><br>لَمْ يُرْضِهِ ذَلِكَ حَتَّى يَسْكَرَا <br>وَقَدْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون نَصْب الرُّسُل , لِتَعَلُّقِ الْوَاو بِالْفِعْلِ , بِمَعْنَى : وَقَصَصْنَا رُسُلًا عَلَيْك مِنْ قَبْل , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { يُدْخِل مَنْ يَشَاء فِي رَحْمَته وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا } [76 31 ], وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة أُبَيّ : | وَرُسُل قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْك مِنْ قَبْل وَرُسُل لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْك | فَرُفِعَ ذَلِكَ إِذَا قُرِئَ كَذَلِكَ بِعَائِدِ الذِّكْر فِي قَوْله : { قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْك } .|وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا|وَأَمَّا قَوْله : { وَكَلَّمَ اللَّه مُوسَى تَكْلِيمًا } فَإِنَّهُ يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَخَاطَبَ اللَّه بِكَلَامِهِ مُوسَى خِطَابًا . وَقَدْ : 8525 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا نُوح بْن أَبِي مَرْيَم , وَسُئِلَ : (كَيْفَ كَلَّمَ اللَّه مُوسَى تَكْلِيمًا ؟ فَقَالَ : مُشَافَهَة. )8526 - وَقَدْ حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , عَنْ اِبْن مُبَارَك , عَنْ مَعْمَر وَيُونُس , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ أَبِي بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَارِث بْن هِشَام , قَالَ : أَخْبَرَنِي جَزْء بْن جَابِر الْخَثْعَمِيّ , قَالَ : سَمِعْت كَعْبًا يَقُول : (إِنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَمَّا كَلَّمَ مُوسَى , كَلَّمَهُ بِالْأَلْسِنَةِ كُلّهَا قَبْل كَلَامه - يَعْنِي كَلَام مُوسَى - فَجَعَلَ يَقُول : يَا رَبّ لَا أَفْهَم ! حَتَّى كَلَّمَهُ بِلِسَانِهِ آخِر الْأَلْسِنَة , فَقَالَ : يَا رَبّ هَكَذَا كَلَامك ؟ قَالَ : لَا , وَلَوْ سَمِعْت كَلَامِي - أَيْ عَلَى وَجْهه - لَمْ تَكُ شَيْئًا . قَالَ اِبْن وَكِيع , قَالَ أَبُو أُسَامَة : وَزَادَنِي أَبُو بَكْر الصَّغَانِيّ فِي هَذَا الْحَدِيث : إِنَّ مُوسَى قَالَ : يَا رَبّ هَلْ فِي خَلْقك شَيْء يُشْبِه كَلَامك ؟ قَالَ : لَا , وَأَقْرَب خَلْقِي شَبَهًا بِكَلَامِي , أَشَدّ مَا تَسْمَع النَّاس مِنْ الصَّوَاعِق . )8527 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , عَنْ عُمَر بْن حَمْزَة بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر , قَالَ : سَمِعْت مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , يَقُول : (سُئِلَ مُوسَى : مَا شَبَّهْت كَلَام رَبّك مِمَّا خَلَقَ ؟ فَقَالَ مُوسَى : الرَّعْد السَّاكِن . )* - حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُس , عَنْ اِبْن شِهَاب , قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَن , أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ جَزْء بْن جَابِر الْخَثْعَمِيّ , قَالَ : (لَمَّا كَلَّمَ اللَّه مُوسَى بِالْأَلْسِنَةِ كُلّهَا قَبْل لِسَانه , فَطَفِقَ يَقُول : وَاَللَّه يَا رَبّ مَا أَفْقَه هَذَا ! حَتَّى كَلَّمَهُ بِلِسَانِهِ آخِر الْأَلْسِنَة بِمِثْلِ صَوْته , فَقَالَ مُوسَى : يَا رَبّ هَذَا كَلَامك ؟ قَالَ : لَا , قَالَ : هَلْ فِي خَلْقك شَيْء يُشْبِه كَلَامك ؟ قَالَ : لَا , وَأَقْرَب خَلْقِي شَبَهًا بِكَلَامِي , أَشَدّ مَا يَسْمَع النَّاس مِنْ الصَّوَاعِق. )* - حَدَّثَنِي أَبُو يُونُس الْمَكِّيّ , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي أُوَيْس , قَالَ : أَخْبَرَنِي أَخِي , عَنْ سُلَيْمَان , عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي عَتِيق , عَنْ اِبْن شِهَاب , عَنْ أَبِي بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَارِث بْن هِشَام , أَنَّهُ أَخْبَرَهُ جَزْء بْن جَابِر الْخَثْعَمِيّ , أَنَّهُ سَمِعَ الْأَحْبَار تَقُول : (لَمَّا كَلَّمَ اللَّه مُوسَى بِالْأَلْسِنَةِ كُلّهَا قَبْل لِسَانه , فَطَفِقَ مُوسَى يَقُول : أَيْ رَبّ , وَاَللَّه مَا أَفْقَه هَذَا ! حَتَّى كَلَّمَهُ آخِر الْأَلْسِنَة بِلِسَانِهِ بِمِثْلِ صَوْته , فَقَالَ مُوسَى : أَيْ رَبّ , أَهَكَذَا كَلَامك ؟ فَقَالَ : لَوْ كَلَّمْتُك بِكَلَامِي لَمْ تَكُنْ شَيْئًا . قَالَ : أَيْ رَبّ هَلْ فِي خَلْقك شَيْء يُشْبِه كَلَامك ؟ فَقَالَ : لَا , وَأَقْرَب خَلْقِي شَبَهًا بِكَلَامِي , أَشَدّ مَا يُسْمَع مِنْ الصَّوَاعِق . )* - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الرَّحِيم , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا زُهَيْر , عَنْ يَحْيَى , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ أَبِي بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَارِث بْن هِشَام , عَنْ جَزْء بْن جَابِر , أَنَّهُ سَمِعَ كَعْبًا يَقُول : (لَمَّا كَلَّمَ اللَّه مُوسَى بِالْأَلْسِنَةِ قَبْل لِسَانه , طَفِقَ مُوسَى يَقُول : أَيْ رَبّ , إِنِّي لَا أَفْقَه هَذَا ! حَتَّى كَلَّمَهُ اللَّه آخِر الْأَلْسِنَة بِمِثْلِ لِسَانه , فَقَالَ مُوسَى : أَيْ رَبّ هَذَا كَلَامك ؟ قَالَ اللَّه : لَوْ كَلَّمْتُك بِكَلَامِي لَمْ تَكُنْ شَيْئًا . قَالَ : يَا رَبّ , فَهَلْ مِنْ خَلْقك شَيْء يُشْبِه كَلَامك ؟ قَالَ : لَا , وَأَقْرَب خَلْقِي شَبَهًا بِكَلَامِي , أَشَدّ مَا يُسْمَع مِنْ الصَّوَاعِق.)

رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُون لِلنَّاسِ عَلَى اللَّه حُجَّة بَعْد الرُّسُل } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِكَ : { إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْك كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوح وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْده } وَمَنْ ذُكِرَ مِنْ الرُّسُل { رُسُلًا } فَنَصَبَ بِهِ الرُّسُل عَلَى الْقَطْع مِنْ أَسْمَاء الْأَنْبِيَاء الَّذِينَ ذَكَرَ أَسْمَاءَهُمْ . { مُبَشِّرِينَ } يَقُول : أَرْسَلْتهمْ رُسُلًا إِلَى خَلْقِي وَعِبَادِي مُبَشِّرِينَ بِثَوَابِي مَنْ أَطَاعَنِي وَاتَّبَعَ أَمْرِي وَصَدَّقَ رُسُلِي , { وَمُنْذِرِينَ } عِقَابِي مَنْ عَصَانِي وَخَالَفَ أَمْرِي وَكَذَّبَ رُسُلِي . { لِئَلَّا يَكُون لِلنَّاسِ عَلَى اللَّه حُجَّة بَعْد الرُّسُل } يَقُول : أَرْسَلْت رُسُلِي إِلَى عِبَادِي مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ , لِئَلَّا يَحْتَجّ مَنْ كَفَرَ بِي وَعَبَدَ الْأَنْدَاد مِنْ دُونِي , أَوْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِي بِأَنْ يَقُول إِنْ أَرَدْت عِقَابه : { لَوْلَا أَرْسَلْت إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِع آيَاتك مِنْ قَبْل أَنْ نَذِلّ وَنَخْزَى } [20 134 ]فَقَطَعَ حُجَّة كُلّ مُبْطِل أَلْحَدَ فِي تَوْحِيده وَخَالَفَ أَمْره بِجَمِيعِ مَعَانِي الْحُجَج الْقَاطِعَة عُذْره , إِعْذَارًا مِنْهُ بِذَلِكَ إِلَيْهِمْ , لِتَكُونَ لِلَّهِ الْحُجَّة الْبَالِغَة عَلَيْهِمْ وَعَلَى جَمِيع خَلْقه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8528 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { لِئَلَّا يَكُون لِلنَّاسِ عَلَى اللَّه حُجَّة بَعْد الرُّسُل } فَيَقُولُوا : مَا أَرْسَلْت إِلَيْنَا رُسُلًا.)|وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا| { وَكَانَ اللَّه عَزِيزًا حَكِيمًا } يَقُول : وَلَمْ يَزَلْ اللَّه ذَا عِزَّة فِي اِنْتِقَامه مِمَّنْ اِنْتَقَمَ مِنْ خَلْقه عَلَى كُفْره بِهِ وَمَعْصِيَته إِيَّاهُ بَعْد تَثْبِيته حُجَّته عَلَيْهِ بِرُسُلِهِ وَأَدِلَّته , حَكِيمًا فِي تَدْبِيره فِيهِمْ مَا دَبَّرَهُ .

لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَكِنْ اللَّه يَشْهَد بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْك أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَة يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاَللَّهِ شَهِيدًا } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِنْ يَكْفُر بِاَلَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْك يَا مُحَمَّد الْيَهُود الَّذِينَ سَأَلُوك أَنْ تُنَزِّل عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنْ السَّمَاء , وَقَالُوا لَك : مَا أَنْزَلَ اللَّه عَلَى بَشَر مِنْ شَيْء فَكَذَّبُوك , فَقَدْ كَذَبُوا مَا الْأَمْر , كَمَا قَالُوا : لَكِنْ اللَّه يَشْهَد بِتَنْزِيلِهِ إِلَيْك مَا أَنْزَلَهُ مِنْ كِتَابه وَوَحْيه , أَنْزَلَ ذَلِكَ إِلَيْك بِعِلْمٍ مِنْهُ بِأَنَّك خِيرَته مِنْ خَلْقه وَصَفِيّه مِنْ عِبَاده , وَيَشْهَد لَك بِذَلِكَ مَلَائِكَته , فَلَا يَحْزُنك تَكْذِيب مَنْ كَذَّبَك , وَخِلَاف مَنْ خَالَفَك . { وَكَفَى بِاَللَّهِ شَهِيدًا } يَقُول : وَحَسْبك بِاَللَّهِ شَاهِدًا عَلَى صِدْقك دُون مَا سِوَاهُ مِنْ خَلْقه , فَإِنَّهُ إِذَا شَهِدَ لَك بِالصِّدْقِ رَبّك لَمْ يَضُرّك تَكْذِيب مَنْ كَذَّبَك . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي قَوْم مِنْ الْيَهُود دَعَاهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى اِتِّبَاعه , وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ حَقِيقَة نُبُوَّته , فَجَحَدُوا نُبُوَّته وَأَنْكَرُوا مَعْرِفَته . ذِكْر الْخَبَر بِذَلِكَ : 8529 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا يُونُس , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد مَوْلَى زَيْد بْن ثَابِت , قَالَ : ثني سَعِيد بْن جُبَيْر , أَوْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (دَخَلَ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَة مِنْ يَهُود , فَقَالَ لَهُمْ : | إِنِّي وَاَللَّه أَعْلَم أَنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُول اللَّه ! | فَقَالُوا : مَا نَعْلَم ذَلِكَ . فَأَنْزَلَ اللَّه : { لَكِنْ اللَّه يَشْهَد بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْك أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَة يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاَللَّهِ شَهِيدًا } . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , قَالَ : ثني اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد , عَنْ عِكْرِمَة وَسَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : دَخَلَتْ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِصَابَة مِنْ الْيَهُود , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه . 8530 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { لَكِنْ اللَّه يَشْهَد بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْك أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَة يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاَللَّهِ شَهِيدًا } شُهُود وَاَللَّه غَيْر مُتَّهَمَة.)

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيل اللَّه } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِنَّ الَّذِينَ جَحَدُوا يَا مُحَمَّد نُبُوَّتك بَعْد عِلْمهمْ بِهَا مِنْ أَهْل الْكِتَاب الَّذِينَ اِقْتَصَصْت عَلَيْك قِصَّتهمْ , وَأَنْكَرُوا أَنْ يَكُون اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَوْحَى إِلَيْك كِتَابه , { وَصَدُّوا عَنْ سَبِيل اللَّه } يَعْنِي عَنْ الدِّين الَّذِي بَعَثَك اللَّه بِهِ إِلَى خَلْقه وَهُوَ الْإِسْلَام . وَكَانَ صَدّهمْ عَنْهُ : قِيلهمْ لِلنَّاسِ الَّذِينَ يَسْأَلُونَهُمْ عَنْ مُحَمَّد مِنْ أَهْل الشِّرْك : مَا نَجِد صِفَة مُحَمَّد فِي كِتَابنَا , وَادِّعَاءَهُمْ أَنَّهُمْ عُهِدَ إِلَيْهِمْ أَنَّ النُّبُوَّة لَا تَكُون إِلَّا فِي وَلَد هَارُون وَمِنْ ذُرِّيَّة دَاوُد , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُور الَّتِي كَانُوا يُثَبِّطُونَ النَّاس بِهَا عَنْ اِتِّبَاع رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّصْدِيق بِهِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه .|قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا|وَقَوْله : { قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا } يَعْنِي : قَدْ جَارُوا عَنْ قَصْد الطَّرِيق جَوْرًا شَدِيدًا , وَزَالُوا عَنْ الْمَحَجَّة . وَإِنَّمَا يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِجَوْرِهِمْ عَنْ الْمَحَجَّة , وَضَلَالهمْ عَنْهَا : إِخْطَاءَهُمْ دِين اللَّه الَّذِي اِرْتَضَاهُ لِعِبَادِهِ وَابْتَعَثَ بِهِ رُسُله , يَقُول : مَنْ جَحَدَ رِسَالَة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَدَّ عَمَّا بُعِثَ بِهِ مِنْ الْمِلَّة مِنْ قَبْل مِنْهُ , فَقَدْ ضَلَّ فَذَهَبَ عَنْ الدِّين الَّذِي هُوَ دِين اللَّه الَّذِي اِبْتَعَثَ بِهِ أَنْبِيَاءَهُ ضَلَالًا بَعِيدًا .

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنْ اللَّه لِيَغْفِر لَهُمْ } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِنَّ الَّذِينَ جَحَدُوا رِسَالَة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَفَرُوا بِاَللَّهِ بِجُحُودِ ذَلِكَ وَظَلَمُوا بِمُقَامِهِمْ عَلَى الْكُفْر , عَلَى عِلْم مِنْهُمْ بِظُلْمِهِمْ عِبَاد اللَّه , وَحَسَدًا لِلْعَرَبِ , وَبَغْيًا عَلَى رَسُوله مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , { لَمْ يَكُنْ اللَّه لِيَغْفِر لَهُمْ } يَعْنِي : لَمْ يَكُنْ اللَّه لِيَعْفُوَ عَنْ ذُنُوبهمْ بِتَرْكِهِ عُقُوبَتهمْ عَلَيْهَا , وَلَكِنَّهُ يَفْضَحهُمْ بِهَا بِعُقُوبَتِهِ إِيَّاهُمْ عَلَيْهَا .|وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا| { وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا } يَقُول : وَلَمْ يَكُنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره لِيَهْدِيَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا , الَّذِينَ وَصَفْنَا صِفَتهمْ , فَيُوَفِّقهُمْ لِطَرِيقٍ مِنْ الطُّرُق الَّتِي يَنَالُونَ بِهَا ثَوَاب اللَّه , وَيَصِلُونَ بِلُزُومِهِمْ إِيَّاهُ إِلَى الْجَنَّة , وَلَكِنَّهُ يَخْذُلهُمْ عَنْ ذَلِكَ , حَتَّى يَسْلُكُوا طَرِيق جَهَنَّم .

إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا

وَإِنَّمَا كَنَّى بِذِكْرِ الطَّرِيق عَنْ الدِّين ; وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَام : لَمْ يَكُنْ اللَّه لِيُوَفِّقهُمْ لِلْإِسْلَامِ , وَلَكِنَّهُ يَخْذُلهُمْ عَنْهُ إِلَى طَرِيق جَهَنَّم , وَهُوَ الْكُفْر , يَعْنِي : حَتَّى يَكْفُرُوا بِاَللَّهِ وَرُسُله , فَيَدْخُلُوا جَهَنَّم خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا , يَقُول : مُقِيمِينَ فِيهَا أَبَدًا .|وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا| { وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّه يَسِيرًا } يَقُول : وَكَانَ تَخْلِيد هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفْت لَكُمْ صِفَتهمْ فِي جَهَنَّم عَلَى اللَّه يَسِيرًا , لِأَنَّهُ لَا يَقْدِر مَنْ أَرَادَ ذَلِكَ بِهِ عَلَى الِامْتِنَاع مِنْهُ , وَلَا لَهُ أَحَد يَمْنَعهُ مِنْهُ , وَلَا يُسْتَصْعَب عَلَيْهِ مَا أَرَادَ فِعْله بِهِ مِنْ ذَلِكَ , وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّه يَسِيرًا , لِأَنَّ الْخَلْق خَلْقه , وَالْأَمْر أَمْره.

يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآَمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله : تَعَالَى : { يَا أَيّهَا النَّاس قَدْ جَاءَكُمْ الرَّسُول بِالْحَقِّ مِنْ رَبّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ } </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { يَا أَيّهَا النَّاس } مُشْرِكِي الْعَرَب , وَسَائِر أَصْنَاف الْكُفْر . { قَدْ جَاءَكُمْ الرَّسُول } يَعْنِي : مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَدْ جَاءَكُمْ { بِالْحَقِّ مِنْ رَبّكُمْ } يَقُول : بِالْإِسْلَامِ الَّذِي اِرْتَضَاهُ اللَّه لِعِبَادِهِ دِينًا , يَقُول : مِنْ رَبّكُمْ : يَعْنِي مِنْ عِنْد رَبّكُمْ . { فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ } يَقُول : فَصَدِّقُوهُ وَصَدِّقُوا بِمَا جَاءَكُمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّكُمْ مِنْ الدِّين , فَإِنَّ الْإِيمَان بِذَلِكَ خَيْر لَكُمْ مِنْ الْكُفْر بِهِ . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْله نُصِبَ قَوْله : { خَيْرًا لَكُمْ } فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : نَصَبَ خَيْرًا عَلَى الْخُرُوج مِمَّا قَبْله مِنْ الْكَلَام , لِأَنَّ مَا قَبْله مِنْ الْكَلَام قَدْ تَمَّ , وَذَلِكَ قَوْله : { فَآمِنُوا } , وَقَالَ : قَدْ سَمِعْت الْعَرَب تَفْعَل ذَلِكَ فِي كُلّ خَبَر كَانَ تَامًّا ثُمَّ اِتَّصَلَ بِهِ كَلَام بَعْد تَمَامه عَلَى نَحْو اِتِّصَال | خَيْر | بِمَا قَبْله , فَتَقُول : لَتَقُومَنَّ خَيْرًا لَك , وَلَوْ فَعَلْت ذَلِكَ خَيْرًا لَك , وَاتَّقِ اللَّه خَيْرًا لَك . قَالَ : وَأَمَّا إِذَا كَانَ الْكَلَام نَاقِصًا , فَلَا يَكُون إِلَّا بِالرَّفْعِ كَقَوْلِك : إِنَّ تَتَّقِ اللَّه خَيْر لَك , و { وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْر لَكُمْ } [4 25 ]. وَقَالَ آخَر مِنْهُمْ : جَاءَ النَّصْب فِي | خَيْر | , لِأَنَّ أَصْل الْكَلَام : فَآمِنُوا هُوَ خَيْر لَكُمْ , فَلَمَّا سَقَطَ | هُوَ | الَّذِي هُوَ مَصْدَر اِتَّصَلَ الْكَلَام بِمَا قَبْله , وَاَلَّذِي قَبْله مَعْرِفَة و | خَيْر | نَكِرَة , فَانْتُصِبَ لِاتِّصَالِهِ بِالْمَعْرِفَةِ , لِأَنَّ الْإِضْمَار مِنْ الْفِعْل : قُمْ فَالْقِيَام خَيْر لَك , وَلَا تَقُمْ فَتَرْك الْقِيَام خَيْر لَك ; فَلَمَّا سَقَطَ اِتَّصَلَ بِالْأَوَّلِ . وَقَالَ : أَلَا تَرَى أَنَّك تَرَى الْكِنَايَة عَنْ الْأَمْر تَصْلُح قَبْل الْخَبَر , فَتَقُول لِلرَّجُلِ : اِتَّقِ اللَّه هُوَ خَيْر لَك , أَيْ الِاتِّقَاء خَيْر لَك . وَقَالَ : لَيْسَ نَصْبه عَلَى إِضْمَار | يَكُنْ | , لِأَنَّ ذَلِكَ يَأْتِي بِقِيَاسٍ يُبْطِل هَذَا , أَلَا تَرَى أَنَّك تَقُول : اِتَّقِ اللَّه تَكُنْ مُحْسِنًا , وَلَا يَجُوز أَنْ تَقُول : اِتَّقِ اللَّه مُحْسِنًا , وَأَنْتَ تُضْمِر | كَانَ | , وَلَا يَصْلُح أَنْ تَقُول : اُنْصُرْنَا أَخَانَا , وَأَنْتَ تُرِيد : تَكُنْ أَخَانَا . وَزَعَمَ قَائِل هَذَا الْقَوْل أَنَّهُ لَا يُجِيز ذَلِكَ إِلَّا فِي | أَفْعَل | خَاصَّة , فَتَقُول : اِفْعَلْ هَذَا خَيْرًا لَك , وَلَا تَفْعَل هَذَا خَيْرًا لَك وَأَفْضَل لَك ; وَلَا تَقُول : صَلَاحًا لَك . وَزَعَمَ أَنَّهُ إِنَّمَا قِيلَ مَعَ | أَفْعَل | , لِأَنَّ | أَفْعَل | يَدُلّ عَلَى أَنَّ هَذَا أَصْلَح مِنْ ذَلِكَ . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : نُصِبَ | خَيْرًا | لِأَنَّهُ حِين قَالَ لَهُمْ : آمِنُوا , أَمَرَهُمْ بِمَا هُوَ خَيْر لَهُمْ , فَكَأَنَّهُ قَالَ : اِعْمَلُوا خَيْرًا لَكُمْ , وَكَذَلِكَ : اِنْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ , قَالَ : وَهَذَا إِنَّمَا يَكُون فِي الْأَمْر وَالنَّهْي خَاصَّة , وَلَا يَكُون فِي الْخَبَر , لَا تَقُول : أَنْ أَنْتَهِي خَيْرًا لِي , وَلَكِنْ يُرْفَع عَلَى كَلَامَيْنِ لِأَنَّ الْأَمْر وَالنَّهْي يُضْمَر فِيهِمَا , فَكَأَنَّك أَخْرَجْته مِنْ شَيْء إِلَى شَيْء , لِأَنَّك حِين قُلْت لَهُ اِنْتَهِ , كَأَنَّك قُلْت لَهُ : اُخْرُجْ مِنْ ذَا , وَادْخُلْ فِي آخَر ; وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِ الشَّاعِر عُمَر بْن أَبِي رَبِيعَة : <br>فَوَاعِدِيهِ سَرْحَتَيْ مَالِكٍ .......... أَوْ الرُّبَا بَيْنهمَا أَسْهَلَا <br>كَمَا تَقُول : وَاعِدِيهِ خَيْرًا لَك . قَالَ : وَقَدْ سَمِعْت نَصْب هَذَا فِي الْخَبَر , تَقُول الْعَرَب : آتِي الْبَيْت خَيْرًا لِي وَأَتْرُكهُ خَيْرًا لِي , وَهُوَ عَلَى مَا فَسَّرْت لَك فِي الْأَمْر وَالنَّهْي . وَقَالَ آخَر مِنْهُمْ : نَصَبَ | خَيْرًا | بِفِعْلٍ مُضْمَر , وَاكْتَفَى مِنْ ذَلِكَ الْمُضْمَر بِقَوْلِهِ : لَا تَفْعَل هَذَا وَافْعَلْ الْخَيْر , وَأَجَازَهُ فِي غَيْر | أَفْعَل | , فَقَالَ : لَا تَفْعَل ذَاكَ صَلَاحًا لَك . وَقَالَ آخَر مِنْهُمْ : نَصَبَ | خَيْرًا | عَلَى ضَمِير جَوَاب : يَكُنْ خَيْرًا لَكُمْ , وَقَالَ : كَذَلِكَ كُلّ أَمْر وَنَهْي .|لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ| { وَإِنْ تَكْفُرُوا } يَقُول : وَإِنْ تَجْحَدُوا رِسَالَته , وَتُكَذِّبُوا بِهِ وَبِمَا جَاءَكُمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّكُمْ , فَإِنَّ جُحُودكُمْ ذَلِكَ وَتَكْذِيبكُمْ بِهِ لَنْ يَضُرّ غَيْركُمْ , وَإِنَّمَا مَكْرُوه ذَلِكَ عَائِد عَلَيْكُمْ دُون اللَّه الَّذِي أَمَرَكُمْ بِاَلَّذِي بَعَثَ بِهِ إِلَيْكُمْ رَسُوله مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَذَلِكَ أَنَّ { لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض } مُلْكًا وَخَلْقًا , لَا يَنْقُص كُفْركُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ بِهِ مِنْ أَمْره , وَعِصْيَانكُمْ إِيَّاهُ فِيمَا عَصَيْتُمُوهُ فِيهِ مِنْ مُلْكه وَسُلْطَانه شَيْئًا .|وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا| { وَكَانَ اللَّه عَلِيمًا حَكِيمًا } يَقُول : وَكَانَ اللَّه عَلِيمًا بِمَا أَنْتُمْ صَائِرُونَ إِلَيْهِ مِنْ طَاعَته فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَفِيمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ وَمَعْصِيَته فِي ذَلِكَ , وَعَلَى عِلْم مِنْهُ بِذَلِكَ مِنْكُمْ أَمَرَكُمْ وَنَهَاكُمْ . { حَكِيمًا } يَعْنِي : حَكِيمًا فِي أَمْره إِيَّاكُمْ بِمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَفِي نَهْيه إِيَّاكُمْ عَمَّا نَهَاكُمْ عَنْهُ , وَفِي غَيْر ذَلِكَ مِنْ تَدْبِيره فِيكُمْ وَفِي غَيْركُمْ مِنْ خَلْقه .

يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَهْل الْكِتَاب لَا تَغْلُوا فِي دِينكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّه إِلَّا الْحَقّ } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { يَا أَهْل الْكِتَاب } : يَا أَهْل الْإِنْجِيل مِنْ النَّصَارَى , { لَا تَغْلُوا فِي دِينكُمْ } يَقُول : لَا تُجَاوِزُوا الْحَقّ فِي دِينكُمْ فَتُفَرِّطُوا فِيهِ , وَلَا تَقُولُوا فِي عِيسَى غَيْر الْحَقّ , فَإِنَّ قِيلكُمْ فِي عِيسَى إِنَّهُ اِبْن اللَّه قَوْل مِنْكُمْ عَلَى اللَّه غَيْر الْحَقّ , لِأَنَّ اللَّه لَمْ يَتَّخِذ وَلَدًا , فَيَكُون عِيسَى أَوْ غَيْره مِنْ خَلْقه لَهُ اِبْنًا . { وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّه إِلَّا الْحَقّ } وَأَصْل الْغُلُوّ فِي كُلّ شَيْء : مُجَاوَزَة حَدّه الَّذِي هُوَ حَدّه , يُقَال مِنْهُ فِي الدِّين قَدْ غَلَا فَهُوَ يَغْلُو غُلُوًّا , وَغَلَا بِالْجَارِيَةِ عَظْمهَا وَلَحْمهَا : إِذَا أَسْرَعَتْ الشَّبَاب , فَجَاوَزَتْ لِدَاتِهَا , يَغْلُو بِهَا غُلُوًّا وَغَلَاء ; وَمِنْ ذَلِكَ قَوْل الْحَارِث بْن خَالِد الْمَخْزُومِيّ : <br>خَمْصَانَة قَلِق مُوَشَّحهَا .......... رُؤْد الشَّبَاب غَلَا بِهَا عَظْم <br>8531 - وَقَدْ حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , قَالَ : (صَارُوا فَرِيقَيْنِ : فَرِيق غَلَوْا فِي الدِّين , فَكَانَ غُلُوّهُمْ فِيهِ : الشَّكّ فِيهِ وَالرَّغْبَة عَنْهُ . وَفَرِيق مِنْهُمْ قَصَرُوا عَنْهُ فَفَسَقُوا عَنْ أَمْر رَبّهمْ .)|الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّمَا الْمَسِيح عِيسَى اِبْن مَرْيَم رَسُول اللَّه } </subtitle>يَعْنِي ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { إِنَّمَا الْمَسِيح عِيسَى اِبْن مَرْيَم } : مَا الْمَسِيح أَيّهَا الْغَالُونَ فِي دِينهمْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب بِابْنِ اللَّه كَمَا تَزْعُمُونَ , وَلَكِنَّهُ عِيسَى اِبْن مَرْيَم دُون غَيْرهَا مِنْ الْخَلْق , لَا نَسَب لَهُ غَيْر ذَلِكَ . ثُمَّ نَعَتَهُ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِنَعْتِهِ وَوَصَفَهُ بِصِفَتِهِ , فَقَالَ : هُوَ رَسُول اللَّه , أَرْسَلَهُ اللَّه بِالْحَقِّ إِلَى مَنْ أَرْسَلَهُ إِلَيْهِ مِنْ خَلْقه . وَأَصْل الْمَسِيح : الْمَمْسُوح , صُرِفَ مِنْ مَفْعُول إِلَى فَعِيل , وَسَمَّاهُ اللَّه بِذَلِكَ لِتَطْهِيرِهِ إِيَّاهُ مِنْ الذُّنُوب ; وَقِيلَ : مُسِحَ مِنْ الذُّنُوب وَالْأَدْنَاس الَّتِي تَكُون فِي الْآدَمِيِّينَ , كَمَا يُمْسَح الشَّيْء مِنْ الْأَذَى الَّذِي يَكُون فِيهِ فَيَطْهُر مِنْهُ , وَلِذَلِكَ قَالَ مُجَاهِد وَمَنْ قَالَ مِثْل قَوْله : الْمَسِيح : الصِّدِّيق. وَقَدْ زَعَمَ بَعْض النَّاس أَنَّ أَصْل هَذِهِ الْكَلِمَة عِبْرَانِيَّة أَوْ سُرْيَانِيَّة | مَشِيحَا | فَعُرِّبَتْ , فَقِيلَ الْمَسِيح , كَمَا عُرِّبَ سَائِر أَسْمَاء الْأَنْبِيَاء الَّتِي فِي الْقُرْآن مِثْل إِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق وَمُوسَى وَعِيسَى . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَلَيْسَ مَا مُثِّلَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ لِلْمَسِيحِ بِنَظِيرٍ ; وَذَلِكَ أَنَّ إِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ , أَسْمَاء لَا صِفَات , وَالْمَسِيح صِفَة , وَغَيْر جَائِز أَنْ تُخَاطَب الْعَرَب وَغَيْرهَا مِنْ أَجْنَاس الْخَلْق فِي صِفَة شَيْء إِلَّا بِمِثْلِ مَا يُفْهَم عَمَّنْ خَاطَبَهَا , وَلَوْ كَانَ الْمَسِيح مِنْ غَيْر كَلَام الْعَرَب وَلَمْ تَكُنْ الْعَرَب تَعْقِل مَعْنَاهُ مَا خُوطِبَتْ بِهِ . وَقَدْ أَتَيْنَا مِنْ الْبَيَان عَنْ نَظَائِر ذَلِكَ فِيمَا مَضَى بِمَا فِيهِ الْكِفَايَة عَنْ إِعَادَته. وَأَمَّا الْمَسِيح الدَّجَّال , فَإِنَّهُ أَيْضًا بِمَعْنَى الْمَمْسُوح الْعَيْن , صُرِفَ مِنْ مَفْعُول إِلَى فَعِيل , فَمَعْنَى الْمَسِيح فِي عِيسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْمَمْسُوح الْبَدَن مِنْ الْأَدْنَاس وَالْآثَام , وَمَعْنَى الْمَسِيح فِي الدَّجَّال : الْمَمْسُوح الْعَيْن الْيُمْنَى أَوْ الْيُسْرَى كَاَلَّذِي رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ .|اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى|وَأَمَّا قَوْله : { وَكَلِمَته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم } فَإِنَّهُ يَعْنِي بِالْكَلِمَةِ : الرِّسَالَة الَّتِي أَمَرَ اللَّه مَلَائِكَته أَنْ تَأْتِيَ مَرْيَم بِهَا , بِشَارَة مِنْ اللَّه لَهَا الَّتِي ذَكَرَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي قَوْله : { إِذْ قَالَتْ الْمَلَائِكَة يَا مَرْيَم إِنَّ اللَّه يُبَشِّرك بِكَلِمَةٍ مِنْهُ } يَعْنِي : بِرِسَالَةٍ مِنْهُ , وَبِشَارَة مِنْ عِنْده وَقَدْ قَالَ قَتَادَة فِي ذَلِكَ , مَا : 8532 - حَدَّثَنَا بِهِ الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر عَنْ قَتَادَة : ( { وَكَلِمَته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم } قَالَ : هُوَ قَوْله : كُنْ فَكَانَ. )وَقَدْ بَيَّنَّا اِخْتِلَاف الْمُخْتَلِفِينَ مِنْ أَهْل الْإِسْلَام فِي ذَلِكَ فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع. وَقَوْله : { أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم } يَعْنِي : أَعْلَمَهَا بِهَا وَأَخْبَرَهَا , كَمَا يُقَال : أَلْقَيْت إِلَيْك كَلِمَة حَسَنَة , بِمَعْنَى أَخْبَرْتُك بِهَا , وَكَلَّمْتُك بِهَا .|مَرْيَمَ وَرُوحٌ|وَأَمَّا قَوْله : { وَرُوح مِنْهُ } فَإِنَّ أَهْل الْعِلْم اِخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى قَوْله : { وَرُوح مِنْهُ } : وَنَفْخَة مِنْهُ , لِأَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ نَفْخَة جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فِي دِرْع مَرْيَم بِأَمْرِ اللَّه إِيَّاهُ بِذَلِكَ , فَنُسِبَ إِلَى أَنَّهُ رُوح مِنْ اللَّه , لِأَنَّهُ بِأَمْرِهِ كَانَ , قَالَ : وَإِنَّمَا سُمِّيَ النَّفْخ رُوحًا لِأَنَّهَا رِيح تَخْرُج مِنْ الرُّوح , وَاسْتَشْهَدُوا عَلَى ذَلِكَ مِنْ قَوْلهمْ بِقَوْلِ ذِي الرُّمَّة فِي صِفَة نَار نَعَتَهَا : <br>فَلَمَّا بَدَتْ كَفَّنْتهَا وَهْيَ طِفْلَة .......... بِطَلْسَاء لَمْ تَكْمُل ذِرَاعًا وَلَا شِبْرًا <br><br>وَقُلْت لَهُ اِرْفَعْهَا إِلَيْك وَأَحْيِهَا .......... بِرُوحِك وَاقْتَتْهُ لَهَا قِيتَة قَدْرَا <br><br>وَظَاهِرْ لَهَا مِنْ بَائِس الشَّخْت وَاسْتَعِنْ .......... عَلَيْهَا الصَّبَا وَاجْعَلْ يَدَيْك لَهَا سِتْرَا <br><br>فَلَمَّا جَرَتْ لِلْجَزْلِ جَرْيًا كَأَنَّهُ .......... سَنَا الْبَرْق أَحْدَثْنَا لِخَالِقِهَا شُكْرَا <br>وَقَالُوا : يَعْنِي بِقَوْلِهِ : أَحْيِهَا بِرُوحِك : أَيْ أَحْيِهَا بِنَفْخِك . وَقَالَ بَعْضهمْ : يَعْنِي بِقَوْلِهِ : { وَرُوح مِنْهُ } : أَنَّهُ كَانَ إِنْسَانًا بِإِحْيَاءِ اللَّه لَهُ بِقَوْلِهِ : | كُنْ | , قَالُوا : وَإِنَّمَا مَعْنَى قَوْله : { وَرُوح مِنْهُ } : وَحَيَاة مِنْهُ , بِمَعْنَى : إِحْيَاء اللَّه إِيَّاهُ بِتَكْوِينِهِ . وَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى قَوْله : { وَرُوح مِنْهُ } وَرَحْمَة مِنْهُ كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي مَوْضِع آخَر : { وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ } [58 22 ]. قَالَ : وَمَعْنَاهُ فِي هَذَا الْمَوْضِع : وَرَحْمَة مِنْهُ . قَالَ : فَجَعَلَ اللَّه عِيسَى رَحْمَة مِنْهُ عَلَى مَنْ اِتَّبَعَهُ وَآمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ , لِأَنَّهُ هَدَاهُمْ إِلَى سَبِيل الرَّشَاد . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَرُوح مِنْ اللَّه خَلَقَهَا فَصَوَّرَهَا , ثُمَّ أَرْسَلَهَا إِلَى مَرْيَم , فَدَخَلَتْ فِي فِيهَا , فَصَيَّرَهَا اللَّه تَعَالَى رُوح عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8533 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن سَعْد , قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة , عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب فِي قَوْله : ( { وَإِذْ أَخَذَ رَبّك مِنْ بَنِي آدَم مِنْ ظُهُورهمْ ذُرِّيَّتهمْ } [7 172 ]قَالَ : أَخَذَهُمْ فَجَعَلَهُمْ أَرْوَاحًا , ثُمَّ صَوَّرَهُمْ , ثُمَّ اِسْتَنْطَقَهُمْ , فَكَانَ رُوح عِيسَى مِنْ تِلْكَ الْأَرْوَاح الَّتِي أَخَذَ عَلَيْهَا الْعَهْد وَالْمِيثَاق , فَأَرْسَلَ ذَلِكَ الرُّوح إِلَى مَرْيَم , فَدَخَلَ فِي فِيهَا فَحَمَلَتْ الَّذِي خَاطَبَهَا , وَهُوَ رُوح عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى الرُّوح هَهُنَا : جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام . قَالُوا : وَمَعْنَى الْكَلَام : وَكَلِمَته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم , وَأَلْقَاهَا أَيْضًا إِلَيْهَا رُوح مِنْ اللَّه , ثُمَّ مِنْ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام . وَلِكُلِّ هَذِهِ الْأَقْوَال وَجْه وَمَذْهَب غَيْر بَعِيد مِنْ الصَّوَاب .|مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَآمِنُوا بِاَللَّهِ وَرُسُله } </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَآمِنُوا بِاَللَّهِ وَرُسُله } فَصَدِّقُوا يَا أَهْل الْكِتَاب بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّه وَرُبُوبِيَّته , وَأَنَّهُ لَا وَلَد لَهُ , وَصَدِّقُوا رُسُله فِيمَا جَاءُوكُمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه , وَفِيمَا أَخْبَرْتُكُمْ بِهِ أَنَّ اللَّه وَاحِد لَا شَرِيك لَهُ , وَلَا صَاحِبَة لَهُ , وَلَا وَلَد لَهُ.|وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا| { وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَة } يَعْنِي : وَلَا تَقُولُوا الْأَرْبَاب ثَلَاثَة . وَرُفِعَتْ الثَّلَاثَة بِمَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ الظَّاهِر , وَهُوَ | هُمْ | . وَمَعْنَى الْكَلَام : وَلَا تَقُولُوا هُمْ ثَلَاثَة. وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْقَوْل حِكَايَة , وَالْعَرَب تَفْعَل ذَلِكَ فِي الْحِكَايَة , وَمِنْهُ قَوْل اللَّه : { سَيَقُولُونَ ثَلَاثَة رَابِعهمْ كَلْبهمْ } وَكَذَلِكَ كُلّ مَا وَرَدَ مِنْ مَرْفُوع بَعْد الْقَوْل لَا رَافِع مَعَهُ , فَفِيهِ إِضْمَار اِسْم رَافِع لِذَلِكَ الِاسْم .|ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا|ثُمَّ قَالَ لَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مُتَوَعِّدًا لَهُمْ فِي قَوْلهمْ الْعَظِيم الَّذِي قَالُوهُ فِي اللَّه : اِنْتَهُوا أَيّهَا الْقَائِلُونَ اللَّه ثَالِث ثَلَاثَة عَمَّا تَقُولُونَ مِنْ الزُّور وَالشَّكّ بِاَللَّهِ , فَإِنَّ الِانْتِهَاء عَنْ ذَلِكَ خَيْر لَكُمْ مِنْ قِيله , لِمَا لَكُمْ عِنْد اللَّه مِنْ الْعِقَاب الْعَاجِل لَكُمْ عَلَى قِيلكُمْ ذَلِكَ , إِنْ أَقَمْتُمْ عَلَيْهِ وَلَمْ تُنِيبُوا إِلَى الْحَقّ الَّذِي أَمَرْتُكُمْ بِالْإِنَابَةِ إِلَيْهِ وَالْآجِل فِي مَعَادكُمْ.|لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّمَا اللَّه إِلَه وَاحِد } </subtitle>يَعْنِي بِقَوْلِهِ : { إِنَّمَا اللَّه إِلَه وَاحِد } : مَا اللَّه أَيّهَا الْقَائِلُونَ : اللَّه ثَالِث ثَلَاثَة كَمَا تَقُولُونَ , لِأَنَّ مَنْ كَانَ لَهُ وَلَد فَلَيْسَ بِإِلَهٍ , وَكَذَلِكَ مَنْ كَانَ لَهُ صَاحِبَة فَغَيْر جَائِز أَنْ يَكُون إِلَهًا مَعْبُودًا , وَلَكِنَّ اللَّه الَّذِي لَهُ الْأُلُوهَة وَالْعِبَادَة , إِلَه وَاحِد مَعْبُود , لَا وَلَد لَهُ , وَلَا وَالِد , وَلَا صَاحِبَة , وَلَا شَرِيك .|وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ|ثُمَّ نَزَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ نَفْسه وَعَظَّمَهَا وَرَفَعَهَا عَمَّا قَالَ فِيهِ أَعْدَاؤُهُ الْكَفَرَة بِهِ , فَقَالَ : { سُبْحَانه أَنْ يَكُون لَهُ وَلَد } يَقُول : عَلَا اللَّه وَجَلَّ وَعَزَّ وَتَعَظَّمَ وَتَنَزَّهَ عَنْ أَنْ يَكُون لَهُ وَلَد أَوْ صَاحِبَة .|وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي|ثُمَّ أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عِبَاده أَنَّ عِيسَى وَأُمّه , وَمَنْ فِي السَّمَوَات وَمَنْ فِي الْأَرْض , عَبِيده , وَمُلْكه , وَخَلْقه , وَأَنَّهُ رَازِقهمْ وَخَالِقهمْ , وَأَنَّهُمْ أَهْل حَاجَة وَفَاقَة إِلَيْهِ , اِحْتِجَاجًا مِنْهُ بِذَلِكَ عَلَى مَنْ اِدَّعَى أَنَّ الْمَسِيح اِبْنه , وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ اِبْنه كَمَا قَالُوا لَمْ يَكُنْ ذَا حَاجَة إِلَيْهِ , وَلَا كَانَ لَهُ عَبْدًا مَمْلُوكًا , فَقَالَ : { لَهُ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الْأَرْض } يَعْنِي : لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الْأَرْض مِنْ الْأَشْيَاء كُلّهَا , مُلْكًا وَخَلْقًا , وَهُوَ يَرْزُقهُمْ وَيَقُوتهُمْ وَيُدَبِّرهُمْ , فَكَيْفَ يَكُون الْمَسِيح اِبْنًا لِلَّهِ وَهُوَ فِي الْأَرْض أَوْ فِي السَّمَوَات غَيْر خَارِج مِنْ أَنْ يَكُون فِي بَعْض هَذِهِ الْأَمَاكِن !|الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ|وَقَوْله : { وَكَفَى بِاَللَّهِ وَكِيلًا } يَقُول : وَحَسْب مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الْأَرْض بِاَللَّهِ قَيِّمًا وَمُدَبِّرًا وَرَازِقًا , مِنْ الْحَاجَة مَعَهُ إِلَى غَيْره .

لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَنْ يَسْتَنْكِف الْمَسِيح أَنْ يَكُون عَبْدًا لِلَّهِ } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { لَنْ يَسْتَنْكِف الْمَسِيح } : لَنْ يَأْنَف وَلَنْ يَسْتَكْبِر الْمَسِيح { أَنْ يَكُون عَبْدًا لِلَّهِ } يَعْنِي : مِنْ أَنْ يَكُون عَبْدًا لِلَّهِ . كَمَا : 8534 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { لَنْ يَسْتَنْكِف الْمَسِيح أَنْ يَكُون عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَة الْمُقَرَّبُونَ } : لَنْ يَحْتَشِم الْمَسِيح أَنْ يَكُون عَبْد اللَّه وَلَا الْمَلَائِكَة .)|وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ|وَأَمَّا قَوْله : { وَلَا الْمَلَائِكَة الْمُقَرَّبُونَ } فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَلَنْ يَسْتَنْكِف أَيْضًا مِنْ الْإِقْرَار لِلَّهِ بِالْعُبُودِيَّةِ , وَالْإِذْعَان لَهُ بِذَلِكَ رُسُله الْمُقَرَّبُونَ الَّذِينَ قَرَّبَهُمْ اللَّه وَرَفَعَ مَنَازِلهمْ عَلَى غَيْرهمْ مِنْ خَلْقه . وَرُوِيَ عَنْ الضَّحَّاك أَنَّهُ كَانَ يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 8535 - حَدَّثَنِي بِهِ جَعْفَر بْن مُحَمَّد الْبُزُورِيّ , قَالَ : ثنا يَعْلَى بْن عُبَيْد , عَنْ الْأَجْلَح , قَالَ : (قُلْت لِلضَّحَّاكِ : مَا الْمُقَرَّبُونَ ؟ قَالَ : أَقْرَبهمْ إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة .)|وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ يَسْتَنْكِف عَنْ عِبَادَته وَيَسْتَكْبِر فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِكَ : وَمَنْ يَتَعَظَّم عَنْ عِبَادَة رَبّه , وَيَأْنَف مِنْ التَّذَلُّل وَالْخُضُوع لَهُ بِالطَّاعَةِ مِنْ الْخَلْق كُلّهمْ , وَيَسْتَكْبِر عَنْ ذَلِكَ .|فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا|يَقُول : فَسَيَبْعَثُهُمْ يَوْم الْقِيَامَة جَمِيعًا , فَيَجْمَعهُمْ لِمَوْعِدِهِمْ عِنْده .

فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرً

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورهمْ } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِكَ : فَأَمَّا الْمُؤْمِنُونَ الْمُقِرُّونَ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّه , الْخَاضِعُونَ لَهُ بِالطَّاعَةِ , الْمُتَذَلِّلُونَ لَهُ بِالْعُبُودِيَّةِ , وَالْعَامِلُونَ الصَّالِحَات مِنْ الْأَعْمَال , وَذَلِكَ أَنْ يُرَدُّوا عَلَى رَبّهمْ , قَدْ آمَنُوا بِهِ وَبِرُسُلِهِ , وَعَمِلُوا بِمَا أَتَاهُمْ بِهِ رُسُله مِنْ عِنْد رَبّهمْ , مِنْ فِعْل مَا أَمَرَهُمْ بِهِ , وَاجْتِنَاب مَا أَمَرَهُمْ بِاجْتِنَابِهِ ; { فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورهمْ } يَقُول : فَيُؤْتِيهِمْ جَزَاء أَعْمَالهمْ الصَّالِحَة وَافِيًا تَامًّا .|وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ| { وَيَزِيدهُمْ مِنْ فَضْله } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَيَزِيدهُمْ عَلَى مَا وَعَدَهُمْ مِنْ الْجَزَاء عَلَى أَعْمَالهمْ الصَّالِحَة وَالثَّوَاب عَلَيْهَا مِنْ الْفَضْل وَالزِّيَادَة مَا لَمْ يُعَرِّفهُمْ مَبْلَغه وَلَمْ يَحُدّ لَهُمْ مُنْتَهَاهُ . وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه وَعَدَ مَنْ جَاءَ مِنْ عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ بِالْحَسَنَةِ الْوَاحِدَة عَشْر أَمْثَالهَا مِنْ الثَّوَاب وَالْجَزَاء , فَذَلِكَ هُوَ أَجْر كُلّ عَامِل عَلَى عَمَله الصَّالِح مِنْ أَهْل الْإِيمَان الْمَحْدُود مَبْلَغه , وَالزِّيَادَة عَلَى ذَلِكَ تَفَضُّل مِنْ اللَّه عَلَيْهِمْ , وَإِنْ كَانَ كُلّ ذَلِكَ مِنْ فَضْله عَلَى عِبَاده ; غَيْر أَنَّ الَّذِي وَعَدَ عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُوَفِّيَهُمْ فَلَا يَنْقُصهُمْ مِنْ الثَّوَاب عَلَى أَعْمَالهمْ الصَّالِحَة , هُوَ مَا حَدَّ مَبْلَغه مِنْ الْعَشْر , وَالزِّيَادَة عَلَى ذَلِكَ غَيْر مَحْدُود مَبْلَغهَا , فَيَزِيد مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقه عَلَى ذَلِكَ قَدْر مَا يَشَاء , لَا حَدّ لِقَدْرِهِ يُوقَف عَلَيْهِ . وَقَدْ قَالَ بَعْضهمْ : الزِّيَادَة إِلَى سَبْعمِائَةِ ضِعْف . وَقَالَ آخَرُونَ : إِلَى أَلْفَيْنِ. وَقَدْ ذَكَرْت اِخْتِلَاف الْمُخْتَلِفِينَ فِي ذَلِكَ فِيمَا مَضَى قَبْل بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع.|وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا|وَقَوْله : { وَأَمَّا الَّذِينَ اِسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا } فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَأَمَّا الَّذِينَ تَعَظَّمُوا عَنْ الْإِقْرَار لِلَّهِ بِالْعُبُودَةِ وَالْإِذْعَان لَهُ بِالطَّاعَةِ , وَاسْتَكْبَرُوا عَنْ التَّذَلُّل لِأُلُوهَتِهِ وَعِبَادَته وَتَسْلِيم الرُّبُوبِيَّة وَالْوَحْدَانِيَّة لَهُ .|فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا| { فَيُعَذِّبهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا } يَعْنِي : عَذَابًا مُوجِعًا .|وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا| { وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُون اللَّه وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا } يَقُول : وَلَا يَجِد الْمُسْتَنْكِفُونَ مِنْ عِبَادَته وَالْمُسْتَكْبِرُونَ عَنْهَا إِذَا عَذَّبَهُمْ اللَّه الْأَلِيم مِنْ عَذَابه سِوَى اللَّه لِأَنْفُسِهِمْ وَلِيًّا يُنَجِّيهِمْ مِنْ عَذَابه وَيُنْقِذهُمْ مِنْهُ . وَلَا نَصِيرًا : وَلَا نَاصِرًا يَنْصُرهُمْ , فَيَسْتَنْقِذهُمْ مِنْ رَبّهمْ , وَيَدْفَع عَنْهُمْ بِقُوَّتِهِ مَا أَحَلَّ بِهِمْ مِنْ نِقْمَته , كَاَلَّذِي كَانُوا يَفْعَلُونَ بِهِمْ إِذَا أَرَادَهُمْ غَيْرهمْ مِنْ أَهْل الدُّنْيَا فِي الدُّنْيَا بِسُوءٍ مِنْ نُصْرَتهمْ وَالْمُدَافَعَة عَنْهُمْ.

يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا النَّاس قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَان مِنْ رَبّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { يَا أَيّهَا النَّاس قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَان مِنْ رَبّكُمْ } : يَا أَيّهَا النَّاس مِنْ جَمِيع أَصْنَاف الْمِلَل , يَهُودهَا وَنَصَاراهَا وَمُشْرِكِيهَا , الَّذِينَ قَصَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَصَصهمْ فِي هَذِهِ السُّورَة ; { قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَان مِنْ رَبّكُمْ } يَقُول : قَدْ جَاءَتْكُمْ حُجَّة مِنْ اللَّه تُبَرْهِن لَكُمْ بِطُولِ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مُقِيمُونَ مِنْ أَدْيَانكُمْ وَمِلَلكُمْ , وَهُوَ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , الَّذِي جَعَلَهُ اللَّه عَلَيْكُمْ حُجَّة قَطَعَ بِهَا عُذْركُمْ , وَأَبْلَغَ إِلَيْكُمْ فِي الْمَعْذِرَة بِإِرْسَالِهِ إِلَيْكُمْ , مَعَ تَعْرِيفه إِيَّاكُمْ صِحَّة نُبُوَّته وَتَحْقِيق رِسَالَته . { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا } يَقُول : وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ مَعَهُ نُورًا مُبِينًا , يَعْنِي : يُبَيِّن لَكُمْ الْمَحَجَّة الْوَاضِحَة وَالسُّبُل الْهَادِيَة إِلَى مَا فِيهِ لَكُمْ النَّجَاة مِنْ عَذَاب اللَّه وَأَلِيم عِقَابه إِنْ سَلَكْتُمُوهَا وَاسْتَنَرْتُمْ بِضَوْئِهِ . وَذَلِكَ النُّور الْمُبِين هُوَ الْقُرْآن الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّه عَلَى مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8536 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : ( { بُرْهَان مِنْ رَبّكُمْ } قَالَ : حُجَّة . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 8537 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { يَا أَيّهَا النَّاس قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَان مِنْ رَبّكُمْ } : أَيْ بَيِّنَة مِنْ رَبّكُمْ , { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا } , وَهُوَ هَذَا الْقُرْآن . )8538 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَان مِنْ رَبّكُمْ } يَقُول : حُجَّة. )8539 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : (بُرْهَان , قَالَ : بَيِّنَة ; { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا } قَالَ : الْقُرْآن .)

فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَأَمَّا الَّذِينَ صَدَّقُوا بِاَللَّهِ , وَأَقَرُّوا بِوَحْدَانِيَّتِهِ , وَمَا بَعَثَ بِهِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْل الْمِلَل ; { وَاعْتَصَمُوا بِهِ } يَقُول : وَتَمَسَّكُوا بِالنُّورِ الْمُبِين الَّذِي أُنْزِلَ إِلَى نَبِيّه ; كَمَا : 8540 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : ( { وَاعْتَصَمُوا بِهِ } قَالَ : بِالْقُرْآنِ .)|فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ| { فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَة مِنْهُ وَفَضْل } يَقُول : فَسَوْفَ تَنَالهُمْ رَحْمَته الَّتِي تُنَجِّيهِمْ مِنْ عِقَابه وَتُوجِب لَهُمْ ثَوَابه وَرَحْمَته وَجَنَّته , وَيُلْحِقهُمْ مِنْ فَضْله مَا أَلْحَقَ أَهْل الْإِيمَان بِهِ وَالتَّصْدِيق بِرُسُلِهِ .|وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا| { وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا } يَقُول : وَيُوَفِّقهُمْ لِإِصَابَةِ فَضْله الَّذِي تَفَضَّلَ بِهِ عَلَى أَوْلِيَائِهِ , وَيُسَدِّدهُمْ لِسُلُوكِ مَنْهَج مَنْ أَنْعَمَ عَلَيْهِ مِنْ أَهْل طَاعَته , وَلِاقْتِفَاءِ آثَارهمْ , وَاتِّبَاع دِينهمْ . وَذَلِكَ هُوَ الصِّرَاط الْمُسْتَقِيم , وَهُوَ دِين اللَّه الَّذِي اِرْتَضَاهُ لِعِبَادِهِ , وَهُوَ الْإِسْلَام . وَنَصَبَ الصِّرَاط الْمُسْتَقِيم عَلَى الْقَطْع مِنْ الْهَاء الَّتِي فِي قَوْله |إِلَيْهِ | .

يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَسْتَفْتُونَك قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَة إِنْ اِمْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَد وَلَهُ أُخْت فَلَهَا نِصْف مَا تَرَكَ } </subtitle>يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { يَسْتَفْتُونَك } يَسْأَلُونَك يَا مُحَمَّد أَنْ تُفْتِيَهُمْ فِي الْكَلَالَة. وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْكَلَالَة فِيمَا مَضَى بِالشَّوَاهِدِ الدَّالَّة عَلَى صِحَّته , وَقَدْ ذَكَرْنَا اِخْتِلَاف الْمُخْتَلِفِينَ فِيهِ فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَته , وَبَيَّنَّا أَنَّ الْكَلَالَة عِنْدنَا مَا عَدَا الْوَلَد وَالْوَالِد. { إِنْ اِمْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَد وَلَهُ أُخْت فَلَهَا نِصْف مَا تَرَكَ } يَعْنِي بِقَوْلِهِ : { إِنْ اِمْرُؤٌ هَلَكَ } : إِنْ إِنْسَان مِنْ النَّاس مَاتَ. كَمَا : 8541 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ( { إِنْ اِمْرُؤٌ هَلَكَ } يَقُول : مَاتَ . ) { لَيْسَ لَهُ وَلَد } ذَكَر وَلَا أُنْثَى { وَلَهُ أُخْت } يَعْنِي : وَلِلْمَيِّتِ أُخْت لِأَبِيهِ وَأُمّه , أَوْ لِأَبِيهِ . { فَلَهَا نِصْف مَا تَرَكَ } يَقُول : فَلِأُخْتِهِ الَّتِي تَرَكَهَا بَعْده بِالصِّفَةِ الَّتِي وَصَفْنَا نِصْف تَرِكَته مِيرَاثًا عَنْهُ دُون سَائِر عَصَبَته , وَمَا بَقِيَ فَلِعَصَبَتِهِ . وَذُكِرَ أَنَّ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَمَّهُمْ شَأْن الْكَلَالَة , فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِيهَا هَذِهِ الْآيَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8542 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { يَسْتَفْتُونَك قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَة } فَسَأَلُوا عَنْهَا نَبِيّ اللَّه , فَأَنْزَلَ اللَّه فِي ذَلِكَ الْقُرْآن : { إِنْ اِمْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَد } فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ : { وَاَللَّه بِكُلِّ شَيْء عَلِيم } . قَالَ : وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ أَبَا بَكْر الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ فِي خُطْبَته : أَلَا إِنَّ الْآيَة الَّتِي أَنْزَلَ اللَّه فِي أَوَّل سُورَة النِّسَاء فِي شَأْن الْفَرَائِض أَنْزَلَهَا اللَّه فِي الْوَلَد وَالْوَالِد , وَالْآيَة الثَّانِيَة أَنْزَلَهَا فِي الزَّوْج وَالزَّوْجَة وَالْإِخْوَة مِنْ الْأُمّ , وَالْآيَة الَّتِي خَتَمَ بِهَا سُورَة النِّسَاء أَنْزَلَهَا فِي الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات مِنْ الْأَب وَالْأُمّ , وَالْآيَة الَّتِي خَتَمَ بِهَا سُورَة الْأَنْفَال أَنْزَلَهَا فِي أُولِي الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه مِمَّا جَرَّتْ الرَّحِم مِنْ الْعَصَبَة . )8543 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ الشَّيْبَانِيّ , عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , قَالَ : (سَأَلَ عُمَر بْن الْخَطَّاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْكَلَالَة , فَقَالَ : | أَلَيْسَ قَدْ بَيَّنَ اللَّه ذَلِكَ ؟ | قَالَ فَنَزَلَتْ : { يَسْتَفْتُونَك قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَة } . )8544 - حَدَّثَنَا مُؤَمِّل بْن هِشَام أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم , عَنْ هِشَام الدَّسْتُوَائِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو الزُّبَيْر , عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : (اِشْتَكَيْت وَعِنْدِي تِسْع أَخَوَات لِي أَوْ سَبْع - أَبُو جَعْفَر الَّذِي يَشُكّ - فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَنَفَخَ وَجْهِي , فَأَفَقْت وَقُلْت : يَا رَسُول اللَّه , أَلَا أُوصِي لِأَخَوَاتِي بِالثُّلُثِ ؟ قَالَ : | أَحْسِنْ | , قُلْت : الشَّطْر ؟ قَالَ : | أَحْسِنْ | . ثُمَّ خَرَجَ وَتَرَكَنِي , ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ فَقَالَ : | يَا جَابِر إِنِّي لَا أَرَاك مَيِّتًا مِنْ وَجَعك هَذَا , وَإِنَّ اللَّه قَدْ أَنْزَلَ فِي الَّذِي لِأَخَوَاتِك فَجَعَلَ لَهُنَّ الثُّلُثَيْنِ | . قَالَ : فَكَانَ جَابِر يَقُول : أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِيَّ : { يَسْتَفْتُونَك قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَة } . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ هِشَام , يَعْنِي الدَّسْتُوَائِيّ , عَنْ أَبِي الزُّبَيْر , عَنْ جَابِر , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مِثْله . 8545 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُفْيَان بْن عُيَيْنَة , عَنْ اِبْن الْمُنْكَدِر , عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : (مَرِضْت فَأَتَانِي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودنِي هُوَ وَأَبُو بَكْر , وَهُمَا مَاشِيَانِ , فَوَجَدُونِي قَدْ أُغْمِيَ عَلَيَّ , فَتَوَضَّأَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ صَبَّ عَلَيَّ مِنْ وَضُوئِهِ , فَأَفَقْت , فَقُلْت : يَا رَسُول اللَّه كَيْفَ أَقْضِي فِي مَالِي , أَوْ كَيْفَ أَصْنَع فِي مَالِي ؟ وَكَانَ لَهُ تِسْع أَخَوَات وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَالِد وَلَا وَلَد . قَالَ : فَلَمْ يُجِبْنِي شَيْئًا حَتَّى نَزَلَتْ آيَة الْمِيرَاث : { يَسْتَفْتُونَك قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَة } ... إِلَى آخِر السُّورَة. قَالَ اِبْن الْمُنْكَدِر : قَالَ جَابِر : إِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِيَّ. )وَكَانَ بَعْض أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : إِنَّ هَذِهِ الْآيَة هِيَ آخِر آيَة أُنْزِلَتْ مِنْ الْقُرْآن. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8546 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن بْن وَاقِد , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ الْبَرَاء بْن عَازِب , قَالَ : سَمِعْته يَقُول : (إِنَّ آخِر آيَة نَزَلَتْ مِنْ الْقُرْآن : { يَسْتَفْتُونَك قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَة } . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ اِبْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ الْبَرَاء , قَالَ : (آخِر آيَة نَزَلَتْ مِنْ الْقُرْآن : { يَسْتَفْتُونَك قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَة } . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن خَلَف , قَالَ : ثنا عَبْد الصَّمَد بْن النُّعْمَان , قَالَ : ثنا مَالِك بْن مِغْوَل , عَنْ أَبِي السَّفَر , عَنْ الْبَرَاء , قَالَ : (آخِر آيَة نَزَلَتْ مِنْ الْقُرْآن : { يَسْتَفْتُونَك قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَة } . )8547 - حَدَّثَنَا هَارُون بْن إِسْحَاق الْهَمْدَانِيّ , قَالَ : ثنا مُصْعَب بْن الْمِقْدَام , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ الْبَرَاء , قَالَ : (آخِر سُورَة نَزَلَتْ كَامِلَة بَرَاءَة , وَآخِر آيَة نَزَلَتْ خَاتِمَة سُورَة النِّسَاء : { يَسْتَفْتُونَك قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَة } . )وَاخْتُلِفَ فِي الْمَكَان الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ الْآيَة , فَقَالَ جَابِر بْن عَبْد اللَّه : نَزَلَتْ فِي الْمَدِينَة . وَقَدْ ذُكِرَتْ الرِّوَايَة بِذَلِكَ عَنْهُ فِيمَا مَضَى بَعْضهَا فِي أَوَّل السُّورَة عِنْد فَاتِحَة آيَة الْمَوَارِيث , وَبَعْضهَا فِي مُبْتَدَأ الْإِخْبَار عَنْ السَّبَب الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الْآيَة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ أُنْزِلَتْ فِي مَسِير كَانَ فِيهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8548 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن حُمَيْد , عَنْ مَعْمَر , عَنْ أَيُّوب , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , قَالَ : (نَزَلَتْ : { يَسْتَفْتُونَك قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَة } وَالنَّبِيّ فِي مَسِير لَهُ , وَإِلَى جَنْبه حُذَيْفَة بْن الْيَمَان , فَبَلَّغَهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُذَيْفَة , وَبَلَّغَهَا حُذَيْفَة عُمَر بْن الْخَطَّاب وَهُوَ يَسِير خَلْفه . فَلَمَّا اِسْتُخْلِفَ عُمَر سَأَلَ عَنْهَا حُذَيْفَة , وَرَجَا أَنْ يَكُون عِنْده تَفْسِيرهَا , فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَة : وَاَللَّه إِنَّك لَعَاجِز إِنْ ظَنَنْت أَنَّ إِمَارَتك تَحْمِلنِي أَنْ أُحَدِّثك فِيهَا بِمَا لَمْ أُحَدِّثك يَوْمئِذٍ ! فَقَالَ عُمَر : لَمْ أُرِدْ هَذَا رَحِمَك اللَّه . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ أَيُّوب , عَنْ اِبْن سِيرِينَ بِنَحْوِهِ , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثه : (فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَة : وَاَللَّه إِنَّك لَأَحْمَق إِنْ ظَنَنْت . )* - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا اِبْن عَوْن , عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ , قَالَ : (كَانُوا فِي مَسِير وَرَأْس رَاحِلَة حُذَيْفَة عِنْد رِدْف رَاحِلَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَرَأْس رَاحِلَة عُمَر عِنْد رِدْف رَاحِلَة حُذَيْفَة قَالَ : وَنَزَلَتْ : { يَسْتَفْتُونَك قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَة } فَلَقَّاهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُذَيْفَة , فَلَقَّاهَا حُذَيْفَة عُمَر. فَلَمَّا كَانَ بَعْد ذَلِكَ سَأَلَ عُمَر عَنْهَا حُذَيْفَة . فَقَالَ : وَاَللَّه إِنَّك لَأَحْمَق إِنْ كُنْت ظَنَنْت أَنَّهُ لَقَّانِيهَا رَسُول اللَّه فَلَقَّيْتُكهَا كَمَا لَقَّانِيهَا , وَاَللَّه لَا أَزِيدك عَلَيْهَا شَيْئًا أَبَدًا ! قَالَ : وَكَانَ عُمَر يَقُول : اللَّهُمَّ إِنْ كُنْت بَيَّنْتهَا لَهُ , فَإِنَّهَا لَمْ تَبِنْ لِي . )وَاخْتُلِفَ عَنْ عُمَر فِي الْكَلَالَة , فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِيهَا عِنْد وَفَاته : هُوَ مَنْ لَا وَلَد لَهُ وَلَا وَالِد , وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَة عَنْهُ بِذَلِكَ فِيمَا مَضَى فِي أَوَّل هَذِهِ السُّورَة فِي آيَة الْمِيرَاث . وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ قَبْل وَفَاته : هُوَ مَا خَلَا الْأَب. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8549 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن عَرَفَة , قَالَ : ثنا شَبَابَة , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَالِم بْن أَبِي الْجَعْد , عَنْ مَعْدَان بْن أَبِي طَلْحَة الْيَعْمُرِيّ , قَالَ : قَالَ عُمَر بْن الْخَطَّاب : (مَا أَغْلَظَ لِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَوْ مَا نَازَعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَيْء مَا نَازَعْته فِي آيَة الْكَلَالَة , حَتَّى ضَرَبَ صَدْرِي , وَقَالَ : | يَكْفِيك مِنْهَا آيَة الصَّيْف الَّتِي أُنْزِلَتْ فِي آخِر سُورَة النِّسَاء { يَسْتَفْتُونَك قُلْ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَة } | وَسَأَقْضِي فِيهَا بِقَضَاءٍ يَعْلَمهُ مَنْ يَقْرَأ وَمَنْ لَا يَقْرَأ : هُوَ مَا خَلَا الْأَب - كَذَا أَحْسَب قَالَ اِبْن عَرَفَة ; قَالَ شَبَابَة : الشَّكّ مِنْ شُعْبَة . )وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : إِنِّي لَأَسْتَحْيِي أَنْ أُحَالِف فِيهِ أَبَا بَكْر . وَكَانَ أَبُو بَكْر يَقُول : هُوَ مَا خَلَا الْوَلَد وَالْوَالِد , وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَة بِذَلِكَ عَنْهُ فِيمَا مَضَى فِي أَوَّل السُّورَة . وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ عِنْد وَفَاته : قَدْ كُنْت كَتَبْت فِي الْكَلَالَة كِتَابًا وَكُنْت أَسْتَخِير اللَّه فِيهِ , وَقَدْ رَأَيْت أَنْ أَتْرُككُمْ عَلَى مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ . وَأَنَّهُ كَانَ يَتَمَنَّى فِي حَيَاته أَنْ يَكُون لَهُ بِهَا عِلْم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8550 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن حُمَيْد الْمَعْمَرِيّ , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : (أَنَّ عُمَر بْن الْخَطَّاب كَتَبَ فِي الْجَدّ وَالْكَلَالَة كِتَابًا , فَمَكَثَ يَسْتَخِير اللَّه فِيهِ , يَقُول : اللَّهُمَّ إِنْ عَلِمْت فِيهِ خَيْرًا فَأَمْضِهِ ! حَتَّى إِذَا طُعِنَ دَعَا بِالْكِتَابِ فَمُحِيَ , فَلَمْ يَدْرِ أَحَد مَا كَتَبَ فِيهِ , فَقَالَ : إِنِّي كُنْت كَتَبْت فِي الْجَدّ وَالْكَلَالَة كِتَابًا وَكُنْت أَسْتَخِير اللَّه فِيهِ , فَرَأَيْت أَنْ أَتْرُككُمْ عَلَى مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ. )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , عَنْ عُمَر , بِنَحْوِهِ. 8551 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن مُرَّة , عَنْ مُرَّة الْهَمْدَانِيّ , قَالَ : قَالَ عُمَر : (ثَلَاث لَأَنْ يَكُون النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَّنَهُنَّ لَنَا أَحَبّ إِلَيَّ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا : الْكَلَالَة , وَالْخِلَافَة , وَأَبْوَاب الرِّبَا. )8552 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عَثَّام , قَالَ : ثنا الْأَعْمَش , قَالَ : سَمِعْتهمْ يَذْكُرُونَ , وَلَا أَرَى إِبْرَاهِيم إِلَّا فِيهِمْ , عَنْ عُمَر قَالَ : (لَأَنْ أَكُون أَعْلَم الْكَلَالَة أَحَبّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُون لِي مِثْل جِزْيَة قُصُور الرُّوم . )8553 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عَثَّام , قَالَ : ثنا الْأَعْمَش , عَنْ قَيْس بْن مُسْلِم , عَنْ طَارِق بْن شِهَاب , قَالَ : (أَخَذَ عُمَر كَتِفًا , وَجَمَعَ أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ قَالَ : لَأَقْضِيَنَّ فِي الْكَلَالَة قَضَاء تَحَدَّثُ بِهِ النِّسَاء فِي خُدُورهنَّ ! فَخَرَجَتْ حِينَئِذٍ حَيَّة مِنْ الْبَيْت , فَتَفَرَّقُوا , فَقَالَ : لَوْ أَرَادَ اللَّه أَنْ يُتِمّ هَذَا الْأَمْر لَأَتَمَّهُ . )8554 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا أَبُو حَيَّان , قَالَ : ثني الشَّعْبِيّ , عَنْ اِبْن عُمَر , قَالَ : سَمِعْت عُمَر بْن الْخَطَّاب يَخْطُب عَلَى مِنْبَر الْمَدِينَة , فَقَالَ : (أَيّهَا النَّاس : ثَلَاث وَدِدْت أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُفَارِقنَا حَتَّى يَعْهَد إِلَيْنَا فِيهِنَّ عَهْدًا يُنْتَهَى إِلَيْهِ : الْجَدّ , وَالْكَلَالَة , وَأَبْوَاب الرِّبَا . )* - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَة , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَالِم بْن أَبِي الْجَعْد , عَنْ مَعْدَان بْن أَبِي طَلْحَة , أَنَّ عُمَر بْن الْخَطَّاب , قَالَ : (مَا سَأَلْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْء أَكْثَر مِمَّا سَأَلْت عَنْ الْكَلَالَة , حَتَّى طَعَنَ بِأُصْبُعِهِ فِي صَدْرِي , وَقَالَ : | تَكْفِيك آيَة الصَّيْف الَّتِي فِي آخِر سُورَة النِّسَاء |. )* - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن سَعِيد الْجَوْهَرِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن بَكْر السَّهْمِيّ , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَالِم بْن أَبِي الْجَعْد , عَنْ مَعْدَان , عَنْ عُمَر , قَالَ : (لَمْ أَدَع شَيْئًا أَهَمّ عِنْدِي مِنْ أَمْر الْكَلَالَة , فَمَا أَغْلَظَ لِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَيْء مَا أَغْلَظَ لِي فِيهَا , حَتَّى طَعَنَ بِأُصْبُعِهِ فِي صَدْرِي , أَوْ قَالَ فِي جَنْبِي , فَقَالَ : | تَكْفِيك الْآيَة الَّتِي أُنْزِلَتْ فِي آخِر النِّسَاء . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا اِبْن عَدِيّ , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَالِم بْن أَبِي الْجَعْد , عَنْ مَعْدَان بْن أَبِي طَلْحَة , أَنَّ عُمَر بْن الْخَطَّاب خَطَبَ النَّاس يَوْم الْجُمُعَة , فَقَالَ : (إِنِّي وَاَللَّه مَا أَدَع بَعْدِي شَيْئًا هُوَ أَهَمّ إِلَيَّ مِنْ أَمْر الْكَلَالَة , وَقَدْ سَأَلْت عَنْهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَمَا أَغْلَظَ لِي فِي شَيْء مَا أَغْلَظَ لِي فِيهَا , حَتَّى طَعَنَ فِي نَحْرِي وَقَالَ : | تَكْفِيك آيَة الصَّيْف الَّتِي أُنْزِلَتْ فِي آخِر سُورَة النِّسَاء | , وَإِنْ أَعِشْ أَقْضِ فِيهَا بِقَضِيَّةٍ لَا يَخْتَلِف فِيهَا أَحَد قَرَأَ الْقُرْآن . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا هِشَام , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَالِم بْن أَبِي الْجَعْد , عَنْ مَعْدَان بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب , بِنَحْوِهِ . 8555 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن شَقِيق , قَالَ : سَمِعْت أَبِي يَقُول : أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَة , عَنْ جَابِر , عَنْ الْحَسَن بْن مَسْرُوق , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : (سَأَلْت عُمَر وَهُوَ يَخْطُب النَّاس عَنْ ذِي قَرَابَة لِي وَرِثَ كَلَالَة , فَقَالَ : الْكَلَالَة , الْكَلَالَة , الْكَلَالَة ! وَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ , ثُمَّ قَالَ : وَاَللَّه لَأَنْ أَعْلَمَهَا أَحَبّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُون لِي مَا عَلَى الْأَرْض مِنْ شَيْء , سَأَلْت عَنْهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : | أَلَمْ تَسْمَع الْآيَة الَّتِي أُنْزِلَتْ فِي الصَّيْف ؟ | فَأَعَادَهَا ثَلَاث مَرَّات . )8556 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , عَنْ زَكَرِيَّا , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ أَبِي سَلَمَة , قَالَ : (جَاءَ رَجُل إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَسَأَلَهُ عَنْ الْكَلَالَة , فَقَالَ : | أَلَمْ تَسْمَع الْآيَة الَّتِي أُنْزِلَتْ فِي الصَّيْف , { وَإِنْ كَانَ رَجُل يُورَث كَلَالَة } | . .. إِلَى آخِر الْآيَة . )8557 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن خَلَف , قَالَ : ثنا إِسْحَاق بْن عِيسَى , قَالَ : ثنا اِبْن لَهِيعَة , عَنْ يَزِيد بْن أَبِي حَبِيب , عَنْ أَبِي الْخَيْر : (أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عُقْبَة عَنْ الْكَلَالَة , فَقَالَ : أَلَا تَعْجَبُونَ مِنْ هَذَا ؟ يَسْأَلنِي عَنْ الْكَلَالَة , وَمَا عَضَلَ بِأَصْحَابِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْء مَا أَعْضَلَتْ بِهِمْ الْكَلَالَة ! )قَالَ أَبُو جَعْفَر : فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَمَا وَجْه قَوْله جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { إِنْ اِمْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَد وَلَهُ أُخْت فَلَهَا نِصْف مَا تَرَكَ } وَلَقَدْ عَلِمْت اِتِّفَاق جَمِيع أَهْل الْقِبْلَة مَا خَلَا اِبْن عَبَّاس وَابْن الزُّبَيْر , عَلَى أَنَّ الْمَيِّت لَوْ تَرَكَ اِبْنَة وَأُخْتًا , أَنَّ لِابْنَتِهِ النِّصْف , وَمَا بَقِيَ فَلِأُخْتِهِ إِذَا كَانَتْ أُخْته لِأَبِيهِ وَأُمّه أَوْ لِأَبِيهِ ؟ وَأَيْنَ ذَلِكَ مِنْ قَوْله : { إِنْ اِمْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَد وَلَهُ أُخْت فَلَهَا نِصْف مَا تَرَكَ } وَقَدْ وَرَّثُوهَا النِّصْف مَعَ الْوَلَد ؟ قِيلَ : إِنَّ الْأَمْر فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا ذَهَبْت إِلَيْهِ , إِنَّمَا جَعَلَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { إِنْ اِمْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَد وَلَهُ أُخْت فَلَهَا نِصْف مَا تَرَكَ } إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَلَد ذَكَر وَلَا أُنْثَى وَكَانَ مَوْرُوثًا كَلَالَة , النِّصْف مِنْ تَرِكَته فَرِيضَة لَهَا مُسَمَّاة ; فَأَمَّا إِذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ وَلَد أُنْثَى فَهِيَ مَعَ عَصَبَة يَصِير لَهَا مَا كَانَ يَصِير لِلْعَصَبَةِ غَيْرهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ , وَذَلِكَ غَيْر مَحْدُود بِحَدٍّ , وَلَا مَفْرُوض لَهَا فَرْض سِهَام أَهْل الْمِيرَاث بِمِيرَاثِهِمْ عَنْ مَيِّتهمْ . وَلَمْ يَقُلْ اللَّه فِي كِتَابه : فَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَد فَلَا شَيْء لِأُخْتِهِ مَعَهُ , فَيَكُون لِمَا رُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَابْن الزُّبَيْر فِي ذَلِكَ وَجْه يُوَجَّه إِلَيْهِ , وَإِنَّمَا بَيَّنَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مَبْلَغ حَقّهَا إِذَا وُرِثَ الْمَيِّت كَلَالَة وَتَرَكَ بَيَان مَا لَهَا مِنْ حَقّ إِذَا لَمْ يُورَث كَلَالَة فِي كِتَابه وَبَيَّنَهُ بِوَحْيِهِ عَلَى لِسَان رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَجَعَلَهَا عَصَبَة مَعَ إِنَاث وَلَد الْمَيِّت , وَذَلِكَ مَعْنًى غَيْر مَعْنَى وِرَاثَتهَا الْمَيِّت إِذَا كَانَ مَوْرُوثًا كَلَالَة .|وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَهُوَ يَرِثهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَد } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِكَ : وَأَخُو الْمَرْأَة يَرِثهَا إِنْ مَاتَتْ قَبْله إِذَا وُرِثَتْ كَلَالَة وَلَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَد وَلَا وَالِد .|فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله : { فَإِنْ كَانَتَا اِثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَة رِجَالًا وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { فَإِنْ كَانَتَا اِثْنَتَيْنِ } : فَإِنْ كَانَتْ الْمَتْرُوكَة مِنْ الْأَخَوَات لِأَبِيهِ وَأُمّه أَوْ لِأَبِيهِ اِثْنَتَيْنِ , فَلَهُمَا ثُلُثَا مَا تَرَكَ أَخُوهُمَا الْمَيِّت إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَد وَوُرِثَ كَلَالَة . { وَإِنْ كَانُوا إِخْوَة } يَعْنِي : وَإِنْ كَانَ الْمَتْرُوكُونَ مِنْ إِخْوَته رِجَالًا وَنِسَاء . { فَلِلذَّكَرِ } مِنْهُمْ بِمِيرَاثِهِمْ عَنْهُ مِنْ تَرِكَتِهِ { مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ } يَعْنِي : مِثْل نَصِيب اِثْنَتَيْنِ مِنْ أَخَوَاته , وَذَلِكَ إِذَا وُرِثَ كَلَالَة , وَالْإِخْوَة وَالْأَخَوَات إِخْوَته وَأَخَوَاته لِأَبِيهِ وَأُمّه , أَوْ لِأَبِيهِ.|يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يُبَيِّن اللَّه لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : يُبَيِّن اللَّه لَكُمْ قِسْمَة مَوَارِيثكُمْ , وَحُكْم الْكَلَالَة , وَكَيْفَ فَرَائِضهمْ { أَنْ تَضِلُّوا } بِمَعْنَى : لِئَلَّا تَضِلُّوا فِي أَمْر الْمَوَارِيث وَقِسْمَتهَا : أَيْ لِئَلَّا تَجُورُوا عَنْ الْحَقّ فِي ذَلِكَ , وَتُخْطِئُوا الْحُكْم فِيهِ , فَتَضِلُّوا عَنْ قَصْد السَّبِيل . كَمَا : 8558 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : ( { يُبَيِّن اللَّه لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا } قَالَ : فِي شَأْن الْمَوَارِيث . )8559 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن حُمَيْد الْمَعْمَرِيّ , وَحَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق قَالَا جَمِيعًا : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ أَيُّوب , عَنْ ابْن سِيرِينَ , قَالَ : (كَانَ عُمَر إِذَا قَرَأَ : { يُبَيِّن اللَّه لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا } قَالَ : اللَّهُمَّ مَنْ بَيَّنْت لَهُ الْكَلَالَة فَلَمْ تُبَيَّنْ لِي . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَمَوْضِع | أَنْ | فِي قَوْله : { يُبَيِّن اللَّه لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا } نَصْب فِي قَوْل بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة لِاتِّصَالِهَا بِالْفِعْلِ , وَفِي قَوْل بَعْضهمْ خَفْض , بِمَعْنَى : يُبَيِّن اللَّه لَكُمْ بِأَنْ لَا تَضِلُّوا , وَلِئَلَّا تَضِلُّوا ; وَأُسْقِطَتْ | لَا | مِنْ اللَّفْظ وَهِيَ مَطْلُوبَة فِي الْمَعْنَى , لِدَلَالَةِ الْكَلَام عَلَيْهَا , وَالْعَرَب تَفْعَل ذَلِكَ , تَقُول : جِئْتُك أَنْ تَلُومنِي , بِمَعْنَى : جِئْتُك أَنْ لَا تَلُومنِي , كَمَا قَالَ الْقُطَامِيّ فِي صِفَة نَاقَة : <br>رَأَيْنَا مَا يَرَى الْبُصَرَاء فِيهَا .......... فَآلَيْنَا عَلَيْهَا أَنْ تُبَاعَا <br>بِمَعْنَى : أَلَّا تُبَاع.|وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَللَّه بِكُلِّ شَيْء عَلِيم } </subtitle>يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَاَللَّه بِكُلِّ شَيْء } مِنْ مَصَالِح عِبَاده فِي قِسْمَة مَوَارِيثهمْ وَغَيْرهَا وَجَمِيع الْأَشْيَاء { عَلِيم } يَقُول : هُوَ بِذَلِكَ كُلّه ذُو عِلْم .


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس