1-" قل هو الله أحد " الضمير للشأن كقولك : هو زيد منطلق وارتفاعه بالابتداء وخبره الجملة ولا حاجة إلى العائد لأنها هي هو ، أو لما سئل عنه صلى الله عليه وسلم أي الذي سألتموني عنه هو الله ، إذ روي أن قريشاً قالوا : يا محمد صف لنا ربك الذي تدعونا إليه فنزلت . وأحد بدل أو خبر ثان يدل على مجامع صفات الجلال كما دل الله على جميع صفات الكمال إذ الواحد الحقيقي ما يكون منزه الذات عن أنحاء التركيب والتعدد ، وما يستلزم أحدهما كالجسمية والتحيز والمشاركة في الحقيقة وخواصها كوجوب الوجود والقدرة الذاتية والحكمة التامة المقتضية للألوهية وقرئ هو الله بلا " قل " مع الاتفاق على أنه لا بد منه في " قل يا أيها الكافرون " ، ولا يجوز في تبت ،ولعل ذاك لأن سورة الكافرون مشاقة الرسول أو موادعته لهم و تبت معاتبة عمه فلا يناسب أن تكون منه ، وأما هذا فتوحيد يقول به تارة ويؤمر بأن يدعو إليه أخرى .
2-" الله الصمد " السيد المصمود إليه في الحوائج من صمد إليه إذا قصد ،وهو الموصوف به على الإطلاق فإنه يستغني عن غيره مطلقاً ، وكل ما عداه محتاج إليه في جميع جهاته ، وتعريفه لعلمهم بصمديته بخلاف أحديته وتكرير لفظة " الله " للإشعار بان من لم يتصف به لم يستحق الألوهية ، وإخلاء الجملة عن العاطف لأنها كالنتيجة للأولى أو الدليل عليها .
3-" لم يلد " لأنه لم يجانس ولم يفتقر إلى ما يعينه أو يخلف عنه لامتناع الحاجة والفناء عليه ، ولعل الاقتصاد على لفظ الماضي لوروده رداً على ما قال الملائكة بنات الله ، أو المسيح ابن الله أو ليطابق قوله : " ولم يولد " وذلك لأنه لا يفتقر إلى شيء ولا يسبقه عدم .
4-" ولم يكن له كفواً أحد " أي ولم يكن أحد يكافئه أو يماثله من صاحبة أو غيرها ، وكان أصله أن يوخر الظرف لأنه صلة " كفواً " لكن لما كان المقصود نفي المكافأة عن ذاته تعالى قدم تقديماً للأهم ، ويجوز أن يكون حالاً من المستكن في " كفواً " أو خبراً ، ويكون " كفواً " حالاً من " أحد " ، ولعل ربط الجمل الثلاث بالعطف لأن المراد منها نفي أقسام المكافأة فهي كجملة واحدة منبهة عليها بالجمل ، وقرأ حمزة و يعقوب و نافع في رواية كفواً بالتخفيف ، و حفص " كفواً " بالحركة وقلب الهمزة واواً ، ولاشتمال هذه السور مع قصرها على جميع المعارف الإلهية والرد على من ألحد فيها ، جاء في الحديث " أنها تعد ثلث القرآن " . فإن مقاصده محصورة في بيان العقائد والأحكام والقصص ومن عدلها بكله اعتبر المقصود بالذات من ذلك . وعنه صلى الله عليه وسلم " أنه سمع رجلاً يقرؤها فقال : وجبت قيل : يا رسول الله وما وجبت قال : وجبت له الجنة " .