islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز
14657

19-مريم

كهيعص

{كهيعص} معناه: الله كاف لخلقه، هاد لعباده، يده فوق أيديهم، عالم ببريته، صادق في وعده.

ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا

{ذكر} هذا ذكر {رحمة ربك عبده زكريا} أي: هذا القول الذي أنزلت عليك ذكر رحمة الله سبحانه عبده بإجابة دعائه لما دعاه، وهو قوله:

إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا

{إذ نادى ربه} دعا ربه { نداء خفيا} سراً لم يطلع عليه غير الله.

قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا

{قال رب إني وهن} ضعف {العظم مني} أي: عظمي {واشتعل الرأس شيبا} وكثر شيب رأسي جداً {ولم أكن بدعائك} بدعائي إياك {ربي شقيا} أي: كنت مستجاب الدعوة قد عودتني الإجابة.

وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا

{وإني خفت الموالي} الأقارب وبني العم والعصبة {من ورائي} من بعدي ألا يحسنوا الخلافة لي في دينك {وكانت امرأتي} فيما مضى من الزمان {عاقرا} لم تلد {فهب لي من لدنك وليا} ابناً صالحاً.

يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا

{يرثني ويرث من آل يعقوب} العلم والنبوة {واجعله رب رضيا} مرضياً، فاستجاب الله تعالى دعاءه، وقال:

يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا

{يا زكريا إنا نبشرك بغلام} ولد ذكر {اسمه يحيى} لأنه يحيا بالعلم والطاعة {لم نجعل له من قبل سميا} لم يسم أحد قبله بهذا الإسم، فأحب زكريا أن يعلم من أي جهة يكون له الولد، ومثل امرأته لا تلد، ومثله لا يولد له فقال: {رب أنى يكون لي غلام} ولد.

قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا

{وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا} أي: يبوساً وانتهاءً في السن.

قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا

{قال} جبريل عليه السلام: {كذلك} أي: الأمر كما قيل لك. {قال ربك هو علي هين} أرد عليك قوتك حتى تقوى على الجماع، وأفتق رحم امرأتك بالولد {وقد خلقتك من قبل} يعني: من قبل يحيى {ولم تك شيئا}.

قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آَيَةً قَالَ آَيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا

{قال رب اجعل لي آية} على حمل امرأتي { قال آيتك أن لا تكلم الناس ثلاث ليال سويا } أي: تمنع الكلام وأنت سوي صحيح سليم، فتعلم بذلك أن الله قد وهب لك الولد.

فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا

{فخرج على قومه} وذلك أنهم كانوا ينتظرونه، فخرج عليهم ولم يقدر أن يتكلم {فأوحى إليهم} أشار إليهم {أن سبحوا} صلوا لله تعالى {بكرة وعشيا} فوهبنا له يحيى، وقلنا:

يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا

{يا يحيى خذ الكتاب} التوارة {بقوة} أعطيتكها وقويتك على حفظها والعمل بما فيها {وآتيناه الحكم صبيا} النبوة في صباه.

وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا

{وحنانا} وآتيناه حنانا: رحمة {من لدنا وزكاة} تطهيرا. وقوله:

وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا

{جبارا} أي قتالا متكبرا {عصيا} عاصيا لربه.

وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا

{وسلام عليه} سلامة له منا في الأحوال التي ذكرها، يريد أن الله سبحانه سلمه في هذه الأحوال.

وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا

{واذكر} يا محمد {في الكتاب مريم إذ انتبذت} تنحت من أهلها {مكانا شرقيا} من جانب الشرق، وذلك أنها أرادت الغسل من الحيض فاعتزلت في ناحية شرقية من الدار.

فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا

{فاتخذت من دونهم حجابا} تتستر به عنهم {فأرسلنا إليها روحنا} جبريل عليه السلام {فتمثل} فتصور {لها بشرا} آدمياً {سويا} تام الخلق.

قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا

{قالت إني أعوذ بالرحمن منك} أيها البشر {إن كنت تقيا} مؤمناً مطيعاً فستنتهي عني بتعوذي بالله سبحانه منك.

قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا

{قال} جبريل عليه السلام: {إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا} ولداً صالحاً نبياً.

قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا

{قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر} ليس لي زوج {ولم أك بغيا} وليس بزانية.

قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا

{قال كذلك} أي: الأمر كما وصفت لك. {قال ربك هو علي هين} أن أهب لك غلاماً من غير أب {ولنجعله آية} علامةً للناس على قدرة الله تعالى {ورحمة منا} لمن تبعه على دينه {وكان} ذلك {أمرا مقضيا} قضيت به في سابق علمي، فرفع جبريل عليه السلام جانب درعها، فنفخ في جيبها، فحملت بعيسى عليه السلام، وذلك قوله سبحانه:

فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا

{فحملته فانتبذت به} تباعدت بالحمل {مكانا قصيا} بعيداً من أهلها في أقصى وادي بيت لحم، وذلك أنها لما أحست بالحمل، هربت من قومها مخالفة اللائمة.

فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا

{فأجاءها المخاض} وجع الولادة {إلى جذع النخلة} وذلك أنها حين أخذها الطلق صعدت أكمة، فإذا عليها جذع نخلة، وهو ساقها ولم يكن لها سعف، فسارت إليها وقالت جزعاً مما أصابها: {يا ليتني مت قبل هذا} اليوم وهذا الأمر {وكنت نسيا منسيا} شيئاً متروكاً لا يعرف ولا يذكر، فلما رأى جبريل عليه السلام وسمع جزعها وناداها من تحت الأكمة، وهو قوله:

فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا

{ فناداها من تحتها أن لا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا } نهر ماء جار، وكان تحت الأكمة نهر قد انقطع الماء منه، فأرسل الله سبحانه الماء فيه لمريم.

وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا

{وهزي} وحركي {إليك} إلى نفسك {بجذع النخلة تساقط} النخلة {عليك رطبا جنيا} غضاً ساعة جني، وذلك أن الله تعالى أحيا لها تلك النخلة بعد يبسها، فأورقت وأثمرت وأرطبت.

فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا

{فكلي} من الرطب {واشربي} من الماء السري {وقري عينا} بولدك {فإما ترين من البشر أحدا} فسألك عن ولدك، ولامك عليه {فقولي إني نذرت للرحمن صوما} صمتاً، أي: قولي له: إني أوجبت على نفسي لله سبحانه أن لا أتكلم، وذلك أن الله تعالى أراد أن يظهر براءتها من جهة عيسى عليه السلام يتكلم ببراءة أمه وهو في المهد، فذلك قوله: {فلن أكلم اليوم إنسيا}.

فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا

{فأتت به} بعيسى بعد ما طهرت من نفاسها {قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا} عظيماً منكراً، ولداً من غير أب !

يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا

{يا أخت هارون} كان لها أخ صالح من جهة أبيها يسمى هارون. وقيل: هارون رجل صالح كان من أمثل بني إسرائيل، فقيل لمريم: يا شبيهته في العفاف {ما كان أبوك} عمران {امرأ سوء} زان {وما كانت أمك} حنة {بغيا} زانية، فمن أين لك هذا الولد من غير زوج ؟

فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا

{فأشارت} إلى عيس بأن يجعلوا الكلام معه، فتعجبوا من ذلك وقالوا: {كيف نكلم من كان في المهد صبيا} يعني: رضيعا في الحجر.

قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا

{قال} عيسى عند ذلك: {إني عبد الله} أقر عل نفسه بالعبودية لله سبحانه وتعالى {آتاني الكتاب} علمني التوراة. وقيل: الخط.

وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا

{وجعلني نبيا * وجعلني مباركا} معلماً للخير أدعو إلى الله تعالى {أين ما كنت وأوصاني بالصلاة} أمرني بالصلاة {والزكاة} الطهارة {ما دمت حيا}.

وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا

{وبرا} لطيفاً {بوالدتي} .

وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا

{والسلام علي يوم ولدت} الآية. أي: السلامة على من الله تعالى في هذه الأحوال.

ذَلِكَ عيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ

{ذلك عيسى ابن مريم} أي: الذي قال: {إني عبد الله آتاني الكتاب} الآية، هو عيسى ابن مريم لا ما يقول النصارى من أنه إله، وأنه ابن الله. {قول الحق}أي : هذا الكلام قول الحق، والحق :هو الله سبحانه . وقيل : معنى قوله الحق :أنه كلمة الله {الذي فيه يمترون} يشكون. يعني: اليهود، يقولون: إنه لزنية، وإنه كذاب ساحر، ويقول النصارى: إنه ابن الله.

مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ

{وما كان لله} ما ينبغي له سبحانه {أن يتخذ من ولد} أي: ولداً {سبحانه} تنزيهاً له عن ذلك {فإذا قضى أمرا} أراد كونه {فإنما يقول له كن فيكون} كما قال لعيسى: كن فكان من غير أب.

وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ

{وإن الله ربي وربكم} هذا راجع إلى قوله تعالى: {وأوصاني بالصلاة} وأوصاني بأن الله ربي وربكم {فاعبدوه} {هذا} الذي ذكرت {صراط مستقيم}.

فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمِْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ

{فاختلف الأحزاب} يعني: فرق النصارى {من بينهم} فيما بينهم، وهم النسطورية واليعقوبية والملكانية {فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم} يريد: مشهدهم يوم القيامة.

أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ

{أسمع بهم وأبصر} ما أبصرهم بالهدى يوم القيامة وأطوعهم أن عيسى ليس الله، ولا ابن الله، سبحانه، ولا ثالث ثلاثة، ولكن لا ينفعهم ذلك مع ضلالتهم في الدنيا، وهو قوله: {لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين} من أمر عيسى والقول فيه.

وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ

{وأنذرهم} خوفهم يا محمد {يوم الحسرة} يوم القيامة حين يذبح الموت بين الفريقين {إذ قضي الأمر} أحكم وفرغ منه {وهم في غفلة} في الدنيا من ذلك اليوم {وهم لا يؤمنون} لا يصدقون به .

إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ

{إنا نحن نرث الأرض} لأنا نميت سكانها، {و} نرث {من عليها} لأنا نميتهم {وإلينا يرجعون} للثواب والعقاب.

وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا

{واذكر} لقومك {في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا} مؤمنا مؤقنا {نبيا} رسولا رفيعا.

إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا

{إذ قال لأبيه: يا أبت لم تعبد ما لا يسمع} الدعاء {ولا يبصر} العبادة {ولا يغني} ولا يدفع {عنك} من عذاب الله {شيئا}.

يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا

{يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا} .

يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا

{يا أبت لا تعبد الشيطان} لا تعطه {إن الشيطان كان للرحمن عصيا} عاصيا .

يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا

{يا أبت إني أخاف} إن مت على ما أنت عليه أن يصيبك {عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا} قرينا في النار.

قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آَلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا

{قال} أبوه محبباً له: {أراغب أنت عن آلهتي} أزاهد فيها وتارك لعبادتها؟! { لئن لم تنته } لئن لم يرجع عن مقالتك في عيبها { لأرجمنك } لأشتمنك { واهجرني مليا } زمانا طويلا من الدهر.

قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا

{قال} إبراهيم: {سلام عليك} أي: سلمت مني لا أصيبك بمكروه، وهذا جواب الجاهل، كقوله: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما}. {سأستغفر لك ربي} كان هذا قبل أن نهي عن استغفاره، وعده ذلك رجاء أن يجاب فيه {إنه كان بي حفيا} بارا لطيفا.

وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا

{وأعتزلكم وما تدعون} أفارقكم وأفارق ما تعبدون من أصنامكم {وأدعو ربي} أعبده { عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقيا } بعبادته {شقيا} كما شقيتم أنتم بعبادة الأصنام. يريد: إنه يتقبل عبادتي ويثيبني عليها.

فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا

{فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله} وذهب مهاجراً إلى الشام {وهبنا له} بعد الهجرة {إسحاق ويعقوب وكلا} منهما {جعلنا}ه {نبيا} .

وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا

{ووهبنا لهم من رحمتنا} يعني: النبوة والكتاب {وجعلنا لهم لسان صدق عليا} ثناء حسنا رفيعا في كل أهل الأديان.

وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا

{واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا} موحداً قد أخلص دينه لله.

وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا

{وناديناه من جانب الطور الأيمن} حيث أقبل من مدين يريد مصر، فنودي من الشجرة، وكانت في جانب الجبل على يمين موسى {وقربناه نجيا} قربه الله تعالى من السماوات للمناجاة، حتى سمع صرير القلم يكتب له في الألواح.

وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا

{ووهبنا له من رحمتنا} من نعمتنا عليه {أخاه هارون نبيا} حين سأل ربه فقال: {واجعل لي وزيرا من أهلي * هارون أخي}

وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا

{واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد} إذا وعد وفى، وانتظر إنساناً في مكان وعده عنده حتى حال الحول عليه. {وكان رسولا نبيا} قد بعث إلى جرحهم.

وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا

{وكان يأمر أهله} يعني: قومه {بالصلاة والزكاة} المفروضة عليهم {وكان عند ربه مرضيا} لأنه قام بطاعته.

وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا

{واذكر في الكتاب} القرآن {إدريس} وقصته {إنه كان صديقا نبيا}.

وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا

{ورفعناه مكانا عليا} رفع إلى السماء الرابعة. وقيل: إلى الجنة.

أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا

{أولئك الذين} يعني: الذين ذكرهم من الأنبياء كانوا {من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح} ومن ذرية من حملنا مع نوح في سفينته {ومن ذرية إبراهيم} يعني: إسحاق وإسماعيل ويعقوب {وإسرائيل} يعني: موسى وهارون {وممن هدينا} أرشدنا {واجتبينا } اصطفينا {إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا} جمع باكيا أخبر الله سبحانه أن هؤلاء الأنبياء كانوا إذا سمعوا بآيات الله سبحانه ويكوا من خشية الله تعالى.

فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا

{فخلف من بعدهم} قفا بعد هؤلاء {خلف} قوم سوء، يعني: اليهود والنصارى والمجوس {أضاعوا الصلاة} تركوا الصلاة المفروضة {واتبعوا الشهوات} اللذات من شرب الخمر والزنا {فسوف يلقون غيا} وهو واد في جهنم.

إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا

{إلا من تاب} من الشرك {وآمن} وصدق النبيين {وعمل صالحا} أدى الفرائض {فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا} لا ينقصون من ثواب أعمالهم شيئا.

جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا

{جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب} بالمغيب عنهم ولم يروها {إنه كان وعده مأتيا} يؤتي ما وعده لا محالة، تأتيه أنت كما يأتيك هو.

لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا

{لا يسمعون فيها لغوا} قبيحاً من القول {إلا} لكن {سلاما} قولا حسنا يسلمون منه، والسلام: اسم جامع للخير {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا} على قدر ما يعرفون في الدنيا من الغداء والعشاء.

تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا

{تلك الجنة التي نورث} نعطي وننزل {من عبادنا من كان تقيا} يتقي الله بطاعته واجتناب معاصيه.

وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا

{وما نتنزل} كان جبريل عليه السلام قد احتبس عن النبي صلى الله عليه وسلم أياماً، فلما نزل قال له: ألا زرتنا، فأنزل الله سبحانه: {وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا} من أمر الآخرة {وما خلقنا} ما مضى من أمر الدنيا {وما بين ذلك} ما يكون من هذا الوقت إلى قيام الساعة. وقيل: {له ما بين أيدينا}: يعني: الدنيا، {وما خلفنا} يعني: السماوات، {وما بين ذلك}: الهواء. {وما كان ربك نسيا} تاركاً لك منذ أبطأ عنك الوحي. وقوله:

رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا

{هل تعلم له سميا}ت هل تعلم أحداً يسمى الله غيره؟

وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا

{ويقول الإنسان} يعني: أبي بن خلف { أإذا ما مت لسوف أخرج حيا } يقول: هذا استهزاء وتكذيبا بالبعث، يقول: لسوف أخرج حيا من قبري بعد ما مت!؟

أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا

{أو لا يذكر} يتذكر ويتفكر هذا {الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا} فيعلم أن من قدر على الابتداء قدر على الإعادة، ثم أقسم بنفسه انه يبعثهم فقال:

فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا

{فوربك لنحشرنهم} يعني: منكري البعث {والشياطين} قرناءهم الذين أضلوا {ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا} جماعات، جمع: جثوة.

ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا

{ثم لننزعن} لنخرجن {من كل شيعة} أمة وفرقة {أيهم أشد على الرحمن عتيا} الأعتى فالأعتى منهم، وذلك أنه يبدأ في التعذيب بأشدهم عتيا، ثم الذي يليه.

ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا

{ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا} أحق بدخول النار.

وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا

{وإن منكم} وما منكم من أحد {إلا واردها} إلا وهو يرد النار {كان على ربك} كان الورود على ربك {حتما مقضيا} حتم بذلك وقضى.

ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا

{ثم ننجي} من النار {الذين اتقوا} الشرك {ونذر الظالمين} المشركين {فيها جثيا} أي: جميعا.

وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا

{وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات} يعني: القرآن وما بين الله فيه {قال الذين كفروا} يعني: مشركي قريش {للذين آمنوا أي الفريقين} منا ومنكم {خير مقاما} منزلا ومسكنا {وأحسن نديا} مجلسا، وذلك أنهم كانوا أصحاب مال وزينة من الدنيا، وكان المؤمنون أصحاب فقر ورثاثة، فقال لهم: نحن أعظم شأنا، وأعز مجلسا، وأكرم منزلا أم أنتم؟ فقال الله تعالى:

وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا

{وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا} متاعاً {ورئيا} منظرا من هؤلاء الكفار، فلم يغن ذلك عنهم شيئا.

قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا

{قل من كان في الضلالة} الشرك والجهالة {فليمدد له الرحمن مدا} فإن الله تعالى يمد له فيها ويمهله في كفره، وهذا لفظ أمر معناه الخبر {حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب} في الدنيا {وإما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا} أهم أم المؤمنون؟ وذلك أنهم إن قتلوا ونصر المؤمنون عليهم علموا أنهم اضعف جندا، وإن ماتوا فدخلوا النار علموا أنهم شر مكانا.

وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا

{ويزيد الله الذين اهتدوا هدى} يزيدهم في يقينهم ورشدهم {والباقيات الصالحات} الأعمال الصالحة {خير عند ربك ثوابا} مما يملك الكفار من المال {وخير مردا} أي: في المرد، وهو الآخرة.

أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآَيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا

{أفرأيت الذي كفر بآياتنا} يعني: العاص بن وائل {وقال لأوتين مالا وولدا} وذلك أن خباياً اقتضى ديناً له عليه، فقال: ألستم تزعمون أن في الجنة ذهبا وفضة؟ ولئن كان ما تقولون حقاً فإني لأفضل نصيباً منك، فأخرني حتى أقضيك في الجنة، استهزاء، فذلك قوله: {لأوتين مالا وولدا} يعني: في الجنة، فقال الله تعالى:

أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا

{أطلع الغيب} أعلم علم الغيب حتى عرف أنه في الجنة {أم اتخذ عند الرحمن عهدا} أم قال: لا إله إلا الله حتى يستحق دخول الجنة؟

كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا

{كلا} ليس الأمر كما يقول: {سنكتب ما يقول} سيحفظ عليه ما يقول من الكفر والاستهزاء لنجاريه به {ونمد له من العذاب مدا} نزيده عذاباً فوق العذاب.

وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا

{ونرثه ما يقول} من أن في الجنة ذهبا وفضة، فنجعله لغيره من المسلمين {ويأتينا فردا} خاليا من ماله وولده وخدمه.

وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا

{واتخذوا من دون الله} يعني: أهل مكة {آلهة} وهي الأصنام {ليكونوا لهم عزا} أعوانا يمنعونهم مني.

كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا

{كلا} ليس الأمر على ما ظنوا {سيكفرون بعبادتهم} لأنهم كانوا جمادا لم يعرفوا أنهم يعبدون {ويكونون عليهم ضدا} أعواناً، وذلك أن الله تعالى يحشر آلهتهم فينطقهم، ويركب فيهم العقول فتقول: يا رب عذب هؤلاء الذين عبدونا من دونك.

أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا

{ألم تر} يا محمد {أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين} سلطناهم عليهم بالإغواء {تؤزهم أزا} تزعجهم من الطاعة إلى المعصية.

فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا

{فلا تعجل عليهم} بالعذاب {إنما نعد لهم} الأيام والليالي والأنفاس {عدا} إلى انتهاء أجل العذاب.

يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا

{يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا} ركبانا مكرمين.

وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا

{ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا} عطاشا .

لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا

{لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ} لكم {عند الرحمن عهدا} اعتقد التوحيد وقال: لا إله إلا الله، فإنه يملك الشفاعة، والمعنى: لا يشفع إلا من شهد أن لا إله إلا الله.

وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا

{وقالوا اتخذ الرحمن ولدا} يعني: اليهود والنصارى، ومن زعم أن الملائكة بنات الله.

لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا

{لقد جئتم شيئا إدا} عظيما فظيعا.

تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا

{تكاد السماوات} تقرب من أن {يتفطرن} يتشققن {منه} من هذا القول {وتخر} وتسقط {الجبال هدا} سقوطا.

أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا

{أن دعوا} لأن دعوا {للرحمن ولدا}.

وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا

{وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا} لأنه لا يليق به الولد، ولا مجانسة بينه وبين أحد.

إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا

{إن كل} ما كل {من في السماوات والأرض إلا} وهو يأتي الله سبحانه يوم القيامة مقراً له بالعبودية.

لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا

{لقد أحصاهم وعدهم عدا} أي: علمهم كلهم، فلا يخفي عليه أحد ولا يفوته.

وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا

{وكلهم آتيه يوم القيامة فردا} من ماله وولده وليس معه أحد.

إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا

{إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا} محبةً في قلوب المؤمنين، قيل: نزلت في علي بن أبي طالب. وقيل: في عبد الرحمن بن عوف.

فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا

{فإنما يسرناه} سهلنا القرآن {بلسانك} بلغتك {لتبشر به المتقين} الذين صدقوا وتركوا الشرك {وتنذر به قوما لدا} شداد الخصومة.

وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا

{وكم أهلكنا قبلهم} قبل قومك {من قرن} جماعة {هل تحس} تجد {منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا} صوتا.


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس