islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز
12387

68-القلم

ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ

{ن} أقسم الله بالحوت الذي على ظهره الأرض. {والقلم} يعني: القلم الذي خلقه الله تعالى، فجرى بالكائنات إلى يوم القيامة {وما يسطرون} أي: وما تكتب الملائكة.

مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ

{ما أنت بنعمة ربك} بإنعامه عليك بالنبوة {بمجنون} أي: إنك لا تكون مجنوناً وقد أنعم الله عليك بالنبوة، وهذا جواب لقولهم: {وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون}.

وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ

{وإن لك لأجرا غير ممنون} غير مقطوع ولا منقوص.

وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ

{وإنك لعلى خلق عظيم} أي: أنت على الخلق الذي أمرك الله به في القرآن.

فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ

{فستبصر} يا محمد {ويبصرون} أي: المشركون الذين رموه بالجنون.

بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ

{بأيكم المفتون} الفتنة، أبك أم بهم.

إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ

{هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين}.

فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ

{فلا تطع المكذبين} فيما دعوك إليه من دينهم.

وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ

{ودوا لو تدهن فيدهنون} تلين فلينون لك.

وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ

{ولا تطع كل حلاف} كثير الحلف بالباطل، أي: الوليد بن المغيرة {مهين} حقير.

هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ

{هماز} عياب {مشاء بنميم} ساع بين الناس بالنميمة.

مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ

{مناع للخير} بخيل بالمال عن الحقوق {معتد} مجاوز في الظلم {أثيم} آثم.

عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ

{عتل} جاف غليظ {بعد ذلك} مع ذكرنا من أوصافه {زنيم} ملحق بقومه وليس منهم.

أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ

{أن كان} لأن كان {ذا مال وبنين} يكذب بالقرآن. وهو قوله:

إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ

{إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين} والمعنى: أيجعل مجازاة نعمة الله عليه بالمال والبنين الكفر باياتنا؟

سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ

{سنسمه على الخرطوم} سنجعل على أنفه علامةً باقيةً ما عاش، نخطم أنفه بالسيف يوم بدر.

إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ

{إنا بلوناهم} امتحنا أهل مكة بالقحط والجوع {كما بلونا أصحاب الجنة} كما امتحنا أصحاب البستان بإحراقها وذهاب قوتهم منها، وكانوا قوماً بناحية اليمن، وكان لهم أب وله جنة كان يتصدق فيها على المساكين، فلما مات قال بنوه: نحن جماعة، وإن فعلنا ما كان يفعل أبونا ضاق علينا الأمر، فخلقوا ليقطعن ثمرها بسدفة من الليل كيلا يشعر المساكين فيأتوهم، وهو قوله: {إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين}.

وَلَا يَسْتَثْنُونَ

{ولا يستثنون} ولا يقولون إن شاء الله.

فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ

{فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون} أي: أنزل الله عليها ناراً أحرقتها.

فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ

{فأصبحت كالصريم} كالليل المظلم سوداء.

فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ

{فتنادوا مصبحين} نادى بعضهم بعضاً لما أصبحوا ليخرجوا إلى الصرام، وهو قوله:

أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ

{أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين} قاطعين الثمر.

فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ

{فانطلقوا} ذهبوا إليها {وهم يتخافتون} يسارون الكلام بينهم.

أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ

بـ {أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين}.

وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ

{وغدوا على حرد} قصد وجد {قادرين} عند أنفسهم على ثمر الجنة.

فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ

{فلما رأوها} سواد محترقةً {قالوا إنا لضالون} مخطئون طريقنا، وليست هذه جنتنا، ثم عملوا أنها عقوبة من الله تعالى فقالوا:

بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ

{بل نحن محرومون} حرمنا ثمر جنتنا بمنعنا المساكين.

قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ

{قال أوسطهم} أعدلهم وأفضلهم: {ألم أقل لكم لولا تسبحون} هلا تستثنون، ومعنى التسبيح ها هنا الاستثناء بإن الله، لأنه تعظيم لله، وكل تعظيم لله فهو تسبيح له.

قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ

{قالوا سبحان ربنا} نزهوه عن أن يكون ظالماً، وأقروا على أنفسهم بالظلم فقالوا: {إنا كنا ظالمين}.

فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ

{فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون} يلوم بعضهم بعضاً بما فعلوا من الهرب من المساكين ومنع حقهم.

قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ

{قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين} بمنع حق الفقراء وترك الاستثناء.

عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ

{عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها} من هذه الجنة {إنا إلى ربنا راغبون}.

كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ

{كذلك العذاب} كما فعلنا بهم نفعل بمن خالف أمرنا، ثم بين ما عند الله للمؤمنين، فقال تعالى:

إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ

{إن للمتقين عند ربهم جنات النعيم} فلما نزلت قال بعض قريش: إن كان ما تذكرون حقاً فإن لنا في الآخرة أكثر مما لكم، فنزل:

أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ

{أفنجعل المسلمين كالمجرمين}. {ما لكم كيف تحكمون}.

مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ

{ما لكم كيف تحكمون}.

أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ

{أم لكم كتاب} نزل من عند الله {فيه} ما تقولون {تدرسون} تقرون ما فيه.

إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ

{إن لكم فيه} في ذلك الكتاب {لما تخيرون} تختارون.

أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ

{أم لكم أيمان} عهود ومواثيق {علينا بالغة} محكمة لا ينقطع عهدها {إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون} تقضون. وكسرت إن في الآيتين لمكان اللازم في جوابها، وحقها الفتح لو لم تكن اللام.

سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ

فـ {سلهم} يا محمد {أيهم بذلك} الذين يقولون من أن لهم في الآخرة حظاً {زعيم} كفيل لهم.

أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ

{أم لهم شركاء} آلهة تكفل لهم بما يقولون {فليأتوا بشركائهم} لتكفل لهم {إن كانوا صادقين} فيما يقولون.

يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ

{يوم يكشف عن ساق} عن شدة من الأمر، وهو يوم القيامة. قال ابن عباس رضي الله عنه: أشد ساعة في القيامة، فصار كشف الساق عبارة عن شدة الأمر {ويدعون إلى السجود} أي: الكافرون والمنافقون {فلا يستطيعون} يصير ظهرهم طبقاً واحداً كلما أراد أن يسجد واحد منهم خر على قفاه.

خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ

{خاشعة أبصارهم} ذليلةً لا يرفعونها {ترهقهم} تغشاهم {ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود} في الدنيا {وهم سالمون} فيأبون ولا يسجدون لله.

فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ

{فذرني ومن يكذب بهذا الحديث} دعني والمكذبين بهذا القرآن، أي: كلهم إلي ولا تشغل قلبك بهم، فإني أكفيك أمرهم. {سنستدرجهم من حيث لا يعلمون} أي: نأخذهم قليلاً قليلاً ولا نباغتهم.

وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ

{وأملي لهم} أمهلهم كي يزدادوا تمادياً في الشرك {إن كيدي متين} شديد لا يطاق.

أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ

{أم تسألهم} بل أتسألهم على ما آتيتهم به من الرسالة {أجرا فهم من مغرم} مما يعطونك {مثقلون}.

أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ

{أم عندهم الغيب} علم ما في غد {فهم يكتبون} يحكمون. وقوله:

فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ

{ولا تكن كصاحب الحوت} كيونس في الضجر والعجلة {إذ نادى} دعا ربه {وهو مكظوم} مملوء غماً.

لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ

{لولا أن تداركه} أدركه {نعمة} رحمة {من ربه لنبذ} لطرح حين ألقاه الحوت {بالعراء} بالأرض الفضاء الواسعة، لأنها خالية من البناء والإنسان والأشجار {وهو مذموم} مجرم.

فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ

{فاجتباه ربه} فاختاره {فجعله من الصالحين} بأن رحمه وتاب عليه.

وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ

{وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر} أي: إنهم لشدة إبغاضهم وعداوتهم لك إذا قرأت القرآن ينظرون إليك نظراً شديداً يكاد يصرعك ويسقطك عن مكانك {ويقولون إنه لمجنون}.

وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ

{وما هو} أي: القرآن {إلا ذكر} عظمة {للعالمين}.


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس