{عبس} كلح {وتولى} أعرض.
{أن} لأن. {جاءه الأعمى} وهو عبد الله بن أم مكتوم أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يدعو أشراف قريش إلى الإسلام، فجعل يناديه ويكرر النداء، ولا يدري أنه مشتغل حتى ظهرت الكراهية في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعبس وأعرض عنه، وأقبل على القوم الذين يكلمهم، فأنزل الله تعالى هذه الآيات.
{وما يدريك لعله} لعل الأعمى {يزكى} يتطهر من ذنوبه بالإسلام، وذلك أنه أتاه يطلب الإسلام، ويقول له: علمني مما علمك الله.
{أو يذكر} يتعظ {فتنفعه الذكرى} الموعظة، ثم عاتبه عز وجل فقال:
{أما من استغنى} أثرى من المال.
{فأنت له تصدى} تقبل عليه وتتعرض له.
{ وما عليك أن لا يزكى } أي شيء عليك في أن لا يسلم، لأنه ليس عليك إسلامه، إنما عليك البلاغ.
{وأما من جاءك يسعى} أي: الأعمى.
{وهو يخشى} الله تعالى.
{فأنت عنه تلهى} تتشاغل.
{كلا} ردع وزجر، أي: لا تفعل مثل ما فعلت {إنها} إن آيات القرآن {تذكرة} تذكير للخلق.
{فمن شاء ذكره} يعني: القرآن، ثم أخبر بجلالته في اللوح المحفوظ عنده، فقال:
{في صحف مكرمة} .
{مرفوعة} رفيعة القدر {مطهرة} لا يمسها إلى المطهرون.
{بأيدي سفرة} كتبة ، وهم الملائكة.
{كرام بررة} جمع بار.
{قتل الإنسان} لعن الكافر. يعني: عتبة بن أبي لهب {ما أكفره} ما أشد كفره.
{من أي شيء خلقه} استفهام معناه التقرير، ثم فسر فقال:
{من نطفة خلقه فقدره} أطواراً من علقة ومضغة إلى أن خرج من بطن أمه، وهو قوله:
{ثم السبيل يسره} أي: طريق خروجه من بطن أمه.
{ثم أماته} قبض روحه {فأقبره} جعل له قبراً يوارى فيه، ولم يجعله ممن يلقى إلى السباع والطير.
{ثم إذا شاء أنشره} أحياه بعد موته.
{كلا} حقاً {لما} لم {يقض} هذا الكافر {ما أمره} به ربه.
{فلينظر الإنسان إلى طعامه} كيف قدره ربه ودبره له.
{أنا صببنا الماء صبا} أي: المطر من السحاب.
{ثم شققنا الأرض شقا} بالنبات.
{فأنبتنا فيها حبا}.
{وعنبا وقضبا} وهو القت الرطب.
{وزيتونا ونخلا}.
{وحدائق غلبا} بساتين كثيرة الأشجار.
{وفاكهة وأبا} أي: الكلأ الذي ترعاه الماشية.
{متاعا} منفعةً {لكم ولأنعامكم}.
{فإذا جاءت الصاخة} صيحة القيامة.
{يوم يفر المرء من أخيه}. {وأمه وأبيه}.
{وأمه وأبيه}.
{وصاحبته وبنيه} لا يلتفت إلى واحد منهم لشغله بنفسه، وهو قوله:
{لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه} يشغله عن شأن غيره.
{وجوه يومئذ مسفرة} مضيئة.
{ضاحكة مستبشرة} فرحة.
{ووجوه يومئذ عليها غبرة} غبار.
{ترهقها} تغشاها {قترة} ظلمة وسواد.
{أولئك} أهل هذه الحال {هم الكفرة الفجرة}.