إذا جاءك المنافقون - يا محمد - قالوا بألسنتهم: نشهد إنك لرسول الله، والله يعلم إنك لرسوله، والله يشهد إن المنافقين لكاذبون فى دعواهم الإيمان بك لعدم تصديقهم بقلوبهم.
جعلوا أيمانهم الكاذبة وقاية لهم من المؤاخذة، فمنعوا أنفسهم عن طريق الله المستقيم.<BR>إنهم قَبُحَ ما كانوا يعملون فى النفاق والأيمان الكاذبة.
ذلك - الذى دأبوا عليه من الظهور بغير حقيقته والحلف بالأيمان الكاذبة - بسبب أنهم آمنوا بألسنتهم، ثم كفروا بقلوبهم، فختم على قلوبهم بهذا الكفر، فهم لا يفهمون ما ينجيهم من عذاب الله.
وإذا أبصرتهم تُعجبك أجسامهم لوجاهتم، وإن يتحدثوا تسمع لقولهم لحلاوته، وهم مع ذلك فارغة قلوبهم من الإيمان كأنهم خُشب مسندة لا حياة فيها.<BR>يحسبون كل نازلة عليهم – لشعورهم بحقيقة حالهم - هم العدو فاحذرهم - طردهم الله من رحمته - كيف يصرفون عن الحق إلى ما هم عليه من النفاق.
وإذا قيل لهم: أقبلوا يستغفر لكم رسول الله حركوا رؤوسهم استهزاء، ورأيتهم يُعرضون وهم مستكبرون عن الامتثال.
سواء على هؤلاء المنافقين استغفارك لهم أو عدم استغفارك لأنهم لن يرجعوا عن نفاقهم، فلن يغفر الله لهم، إن الله لا يهدى إلى الحق الخارجين على أمره، وغير المؤمنون به.
هم الذين يقولون لأهل المدينة: لا تُنفقوا على مَن عند رسول الله من المؤمنين حتى يتفرقوا عنه، ولله خزائن السموات والأرض وما فيها من أرزاق يعطيها من يشاء ولكن المنافقين لا يفهمون ذلك.
يقول المنافقون متوعدين: والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن فريقنا الأعز منها فريق المؤمنين الأذل، ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين لا لهؤلاء المتوعدين، ولكن المنافقين لا يعلمون.
يا أيها الذين صدَّقوا بالله ورسوله، لا تشغلكم العناية بأموالهم ولا أولادكم عن ذكر الله وأداء ما فرضه عليكم، ومن تشغله أمواله وأولاده عن ذلك فأولئك هم الخاسرون يوم القيامة.
وأنفقوا - أيها المؤمنون - من الأموال التى رزقناكم مبادرين بذلك من قبل أن يأتى أحدكم الموت، فيقول نادمًا: رب هلا أمهلتنى إلى وقت قصير، فَأَصَّدَّق وأكن من الصالحين فى عمل الصالحات.
ولن يمهل الله نفسًا إذا حان وقت موتها، والله تام العلم بما تعملون، فيجازيكم عليه.