1-" إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله " الشهادة إخبار عن علم من الشهود وهو الحضور والاطلاع ،ولذلك صدق المشهور به وكذبهم في الشهادة بقوله : " والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون " لأنهم لم يعتقدوا ذلك .
2-" اتخذوا أيمانهم " حلفهم الكاذب أو شهادتهم هذه ، فإنها تجري مجرى الحلف في التوكيد ، وقرئ إيمانهم " جنةً " وقاية من القتل والسبي " فصدوا عن سبيل الله " صداً أو صدوداً . " إنهم ساء ما كانوا يعملون " من نفاقهم وصدهم .
3-" ذلك " إشارة إلى الكلام المتقدم أي ذلك القول الشاهد على سوء أعمالهم ، أو إلى الحال المذكورة من النفاق والكذب والاستجنان بالإيمان . " بأنهم آمنوا " بسبب أنهم آمنوا ظاهراً " ثم كفروا " سراً . " آمنوا " إذا رأوا آية " ثم كفروا " حيثما سمعوا من شياطينهم شبهة " فطبع على قلوبهم " حتى تمرنوا على الكفر فاستحكموا فيه . " فهم لا يفقهون " حقيه الإيمان ولا يعرفون صحته .
4-" وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم " لضخامتها وصباحتها . " وإن يقولوا تسمع لقولهم " لذلاقتهم وحلاوة كلامهم ، وكان ابن أبي جسيماً فصيحاً يحضر مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في جمع مثله ، فيعجب بهيكلهم ويصغي إلى كلامهم . " كأنهم خشب مسندةً " حال من الضمير المجرور في " قولهم " أي سمع لما يقولونه مشبهين بأخشاب منصوبة مسندة إلى الحائط في كونهم أشباحاً خالية عن العلم والنظر ن وقيل الـ" خشب " جمع خشباء وهي الخشبة التي نخر جوفها ،شبهوا بها في حسن المنظر وقبح المخبر ، وقرأ أبو عمرو و الكسائي و قنبل عن ابن كثير بسكون الشين على النخفيف ،أو على أنه كبدن في جمع بدنة " يحسبون كل صيحة عليهم " أي واقعة عليهم لجبنهم واتهامهم ، فـ" عليهم " ثاني مفعولي " يحسبون " ، ويجوز أن يكون صلته والمفعول : " هم العدو " وعلى هذا يكون الضمير للكل وجمعه بالنظر إلى الخبر لكن ترتب قوله : "فاحذرهم " عليه يدل على أن الضمير للمنافقين . " قاتلهم الله " دعاء عليهم وهو طلب من ذاته أن يلعنهم ، أو تعليم للمؤمنين أن يدعوا عليهم بذلك . " أنى يؤفكون " كيف يصرفون عن الحق .
5-" وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم " عطفوها أعراضاً واستكباراً عن ذلك ، وقرأ نافع بتخفيف الواو . " رأيتهم يصدون " يعرضون عن الاستغفار . " وهم مستكبرون " عن الاعتذار .
6-" سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم " لرسوخهم في الكفر . " إن الله لا يهدي القوم الفاسقين " الخارجين عن مظنة الاستصلاح لانهماكهم في الكفر والنفاق .
7-" هم الذين يقولون " أي للأنصار . "لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا " يعنون فقراء المهاجرين . " ولله خزائن السموات والأرض " بيده الأرزاق والقسم . " ولكن المنافقين لا يفقهون " ذلك لجهلهم بالله .
8-" يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل " روي أن أعرابياً نازع أنصارياً في بعض العزوات على ماء ،فضرب الأعرابي رأسه بخشبة ،فشكى إلى أين ابن أبي فقال : لا تنفقوا على من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ينفضوا ، وإذا رجعنا إلى المدينة فليخرجن الأعز منها الأذل ،عنى بالأعز نفسه بالأذل رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقرئ ليخرجن بفتح الياء و ليخرجن على بناء المفعول و لنخرجن بالنون ، ونصب الأعز و الأذل على هذه القراءات مصدر أو حال على تقدير مضاف كخروج أو إخراج أو مثل . " ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين " ولله الغلبة والقوة ولمن أعزه من رسوله والمؤمنين . " ولكن المنافقين لا يعلمون " من فرط جهلهم وغرورهم .
9-" يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله " لا يشفلكم تدبيرها والاهتمام بها عن ذكره الصلوات وسائر العبادات المذكورة للمعبود ،والمراد نهيهم عن اللهو بها . وتوجيه النهي إليها للمبالغة ولذا قال : " ومن يفعل ذلك " أي اللهو بها وهو الشغل . " فأولئك هم الخاسرون " لأنهم باعوا العظيم الباقي بالحقير الفاني .
10-" أنفقوا مما رزقناكم " بعض أموالكم ادخاراً للآخرة . " من قبل أن يأتي أحدكم الموت " أي يرى دلالته " فيقول رب لولا أخرتني " هلا أمهلتني ." إلى أجل قريب " أمد غير بعيد . " فأصدق " فأتصدق . " و أكن من الصالحين " بالتدارك ، و جزم " أكن " للعطف على موضع الفاء وما بعده ، وقرأ أبو عمرو و أكون منصوباً عطفاً على " فأصدق " ، وقرئ بالرفع على و أنا أكون فيكون عدة بالصلاح .
11-" ولن يؤخر الله نفساً " ولن يمهلها . " إذا جاء أجلها " آخر عمرها . " والله خبير بما تعملون " فمجاز عليه ، وقرأ أبو بكر بالياء ليوافق ما قبله في الغيبة . عن النبي صلى الله عليه وسلم" من قرأ سورة المنافقين برئ من النفاق " .