{ المر } أنا الله أعلم وأرى . { تلك } يعني : ما ذكر من الأحكام والأخبار قبل هذه الآية { آيات الكتاب } القرآن { والذي أنزل إليك من ربك الحق } ليس كما يقوله المشركون أنك تأتي به من قبل نفسك باطلا { ولكن أكثر الناس } يعني : أهل مكة { لا يؤمنون } .
{ الله الذي رفع السماوات بغير عمد } جمع عماد ، وهي الأساطين { ترونها } أنتم كذلك مرفوعة بغير عماد { ثم استوى على العرش } بالاستيلاء والاقتدار ، وأصله : استواء التدبير ، كما أن أصل القيام الانتصاب ، ثم يقال : قام بالتدبير ، ثم يدل على حدوث العرش المستولى عليه ( لا على حدوث الاستيلاء بعد خلق العرش المستولى عليه ) { وسخر الشمس والقمر } ذللهما لما يراد منهم { كل يجري لأجل مسمى } إلى وقت معلوم ، وهو فناء الدنيا { يدبر الأمر } يصرفه بحكمته { يفصل الآيات } يبين الدلائل التي تدل على التوحيد والبعث { لعلكم بلقاء ربكم توقنون } لكي توقنوا يا أهل مكة بالبعث .
{ وهو الذي مد الأرض } بسطها ووسعها { وجعل فيها رواسي } أوتدها بالجبال { وأنهارا ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين } حلوا وحامضا ، وباقي الآية مضى تفسيره .
{ وفي الأرض قطع متجاورات } قرى بعضها قريب من بعض { وجنات } بساتين { من أعناب } وقوله : { صنوان } وهو أن يكون الأصل واحدا ، ثم يتفرع فيصير نخيلا يحملن ، وأصلهن واحد { وغير صنوان } وهي المتفرقة واحدة واحدة { تسقى } هذه القطع والجنات والنخيل { بماء واحد ونفضل بعضها على بعض } يعني : اختلاف الطعوم { في الأكل } وهو الثمر فمن حلو وحامض ، وجيد ورديء { إن في ذلك لآيات } لدلالات { لقوم يعقلون } أهل الإيمان الذين عقلوا عن الله تعالى .
{ وإن تعجب } يا محمد من عبادتهم ما لا يضر ولا ينفع ، وتكذيبك بعد البيان فتعجب أيضا من إنكارهم البعث ، وهو معنى قوله : { فعجب قولهم أإذا كنا ترابا } الآية . { وأولئك الأغلال } جمع غل ، وهو طوق تقيد به اليد إلى العنق .
{ ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة } يعني : مشركي مكة حين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم بالعذاب استهزاء . يقول : ويستعجلونك بالعذاب الذي لم أعاجلهم به ، وهو قوله : { قبل الحسنة } يعني : إحسانه إليهم في تأخير العقوبة عنهم إلى يوم القيامة { وقد خلت من قبلهم المثلات } وقد مضت من قبلهم العقوبات في الأمم المكذبة ، فلم يعتبروا بها { وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم } بالتوبة . يعني : يتجاوز عن المشركين إذا آمنوا { وإن ربك لشديد العقاب } يعني : لمن أصر على الكفر .
{ ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه } هلا أتانا بآية كما أتى به موسى من العصا واليد { إنما أنت منذر } بالنار لمن عصى ، وليس إليك من الآيات شيء { ولكل قوم هاد } نبي وداع إلى الله عز وجل يدعوهم لما يعطى من الآيات ، لا بما يريدون ويتحكمون .
{ الله يعلم ما تحمل كل أنثى } من علقة ومضغة ، وزائد وناقص ، وذكر وأنثى { وما تغيض الأرحام } تنقصه من مدة الحمل التي هي تسعة أشهر { وما تزداد } على ذلك { وكل شيء عنده بمقدار } علم كل شيء فقدره تقديرا .
{ عالم الغيب } ما غاب عن جميع خلقه { والشهادة } وما شهده الخلق { الكبير } العظيم القدر { المتعال } عما يقوله المشركون .
{ سواء منكم } الآية . يقول : الجاهر بنطقه ، والمضمر في نفسه ، والظاهر في الطرقات ، والمستخفي في الظلمات ، علم الله سبحانه فيهم جميعا سواء ،والمستخفي معناه : المختفي ، والسارب : الظاهر المار على وجهه .
{ له } لله سبحانه { معقبات } ملائكة حفظة تتعاقب في النزول إلى الأرض ، بعضهم بالليل ، وبعضهم بالنهار { من بين يديه } يدي الإنسان { ومن خلفه يحفظونه من أمر الله } أي : بأمره سبحانه مما لم يقدر ، فإذا جاء القدر خلوا بينه وبينه . { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } لا يسلب قوما نعمة حتى يعملوا بمعاصيه { وإذا أراد الله بقوم سوءا } عذابا { فلا مرد له } فلا رد له { وما لهم من دونه من وال } يلي أمرهم ويمنع العذاب عنهم .
{ هو الذي يريكم البرق خوفا } للمسافر { وطمعا } للحاضر في المطر { وينشئ } ويخلق { السحاب الثقال } بالماء .
{ ويسبح الرعد } وهو الملك الموكل بالسحاب { بحمده } وهو ما يسمع من صوته ، وذلك تسبيح لله تعالى { والملائكة من خيفته } أي : وتسبح الملائكة من خيفة الله تعالى وخشيته { ويرسل الصواعق } وهي التي تحرق من برق السحاب ، وينتشر على الأرض ضوؤه { فيصيب بها من يشاء } كما أصاب أربد حين جادل النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو قوله : { وهم يجادلون في الله } والواو للحال ، وكان أربد جادل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أخبرني عن ربنا ، أمن نحاس أم حديد ؟ فأحرقته الصاعقة { وهو شديد المحال } العقوبة أي : القوة .
{ له دعوة الحق } لله من خلقة الدعوة الحق ، وهي كلمة التوحيد لا إله إلا الله { والذين يدعون } يعني : المشركون يدعون { من دونه } الأصنام {لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط } إلا كما يستجاب للذي يبسط كفيه يشير إلى الماء ، ويدعوه إلى فيه { إلا في ضلال } هلاك وبطلان .
{ ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا } يعني : الملائكة والمؤمنين { وكرها } وهم من أكرهوا على السجود ، فسجدوا لله سبحانه من خوف السيف ، واللفظ عام والمراد به الخصوص { وظلالهم بالغدو والآصال } كل شخص مؤمن أو كافر فإن ظله يسجد لله ، ونحن لا نقف على كيفية ذلك .
{ قل } يا محمد للمشركين : { من رب السماوات والأرض } ؟ ثم أخبرهم فقل : { الله } لأنهم لا ينكرون ذلك ، ثم ألزمهم الحجة فقل : { أفاتخذتم من دونه أولياء } توليتم غير رب السماء والأرض أصناما { لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا } ثم ضرب مثلا للذين يعبدها والذي يعبد الله سبحانه ، فقال : { قل هل يستوي الأعمى } المشرك { والبصير } المؤمن { أم هل تستوي الظلمات } الشرك { والنور } الإيمان { أم جعلوا لله شركاء } الآية . يعني : أجعلوا لله شركاء خلقوا مثل ما خلق الله ، فتشابه خلق الشركاء بخلق الله عندهم ؟ وهذه استفهام إنكار ، أي : ليس الأمر على هذا حتى يشتبه الأمر ، بل الله سبحانه هو المتفرد بالخلق ، وهو قوله : { قل الله خالق كل شيء } .
{ أنزل من السماء ماء } يعني : المطر { فسالت أودية } جمع واد { بقدرها } بقدر ما يملأها . أراد بالماء القرآن ، وبالأودية القلوب ، والمعنى : أنزل قرآنا فقبلته القلوب بأقدارها منها ما رزق الكثير ، ومنها ما رزق القليل ، ومنها ما لم يرزق شيئا { فاحتمل السيل زبدا } وهو ما يعلو الماء { رابيا } عاليا فوقه ، والزبد مثل الكفر . يريد : إن الباطل ـ وإن ظهر الحق في بعض الأحوال ـ فإن الله سيمحقه ويبطله ، ويجعل العاقبة للحق وأهله ، وهو معنى قوله : { فأما الزبد فيذهب جفاء } وهو ما رمى به الوادي { وأما ما ينفع الناس } مما ينبت المرعى { فيمكث } يبقى { في الأرض } ثم ضرب مثلا آخر ، وهو قوله : { ومما يوقدون عليه في النار } يعني : جواهر الأرض من الذهب والفضة والنحاس وغيرها مما يدخل النار ، فتوقد عليها وتتخذ منها الحلي ، وهو الذهب والفضة ، والأمتعة وهي للأواني ، يعني : النحاس والرصاص وغيرهما ، وهذا معنى قوله : { ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله } أي : مثل زبد الماء . يريد : إن من هذه الجواهر بعضها خبث ينفيه الكير . { كذلك } كما ذكر من هذه الأشياء { يضرب الله } مثل الحق والباطل ، وهذه الآية فيها تقديم وتأخير في اللفظ ، والمعنى ما أخبرتك به .
{ للذين استجابوا لربهم } أجابوه إلى ما دعاهم إليه { الحسنى } الجنة { والذين لم يستجيبوا له } وهم الكفار { لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به } جعلوه فداء أنفسهم من العذاب { أولئك لهم سوء الحساب } وهو أن لا تقبل منهم حسنة ، ولا يتجاوز عن سيئة .
{ أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى } نزلت في أبي جهل لعنه الله ، وحمزة رضي الله عنه { إنما يتذكر } يتعظ ويرتدع عن المعاصي { أولو الألباب } يعني : المهاجرين والأنصار .
{ الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق } يعني : العهد الذي عاهدهم عليه وهم في صلب آدم .
{ والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل } وهو الإيمان بجميع الرسل .
{ والذين صبروا } على دينهم وما أمروا به { ابتغاء وجه ربهم } طلب تعظيم الله تعالى { ويدرؤون } يدفعون { بالحسنة } بالتوبة { السيئة } المعصية ، وهو أنهم كلما أذنبوا تابوا { أولئك لهم عقبى الدار } يريد : عقابهم الجنة .
{ جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم } ومن صدق بما صدقوا به ـ وإن لم يعمل مثل أعمالهم ـ يلحق بهم كرامة لهم { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب } بالتحية من الله سبحانه ، والهدايا .
{ سلام عليكم } يقولون : سلام عليكم ، والمعنى : سلمكم الله من العذاب { بما صبرتم } بصبركم في دار الدنيا عما لا يحل { فنعم عقبى الدار } فنعم العقبى عقبى داركم التي عملتم فيها ما أعقبكم الذي أنتم فيه .
{ والذين ينقضون } الآية . مفسرة في سورة البقرة .
{ الله يبسط الرزق } يوسعه { لمن يشاء ويقدر } ويضيق { وفرحوا } يعني : مشركي مكة بما نالوا من الدنيا ، وبطروا . { وما الحياة الدنيا في الآخرة } في حياة الآخرة أي : بالقياس إليها { إلا متاع } قليل ذاهب يتمتع به ثم يفنى .
{ويقول الذين كفروا لولا } هلا { أنزل عليه آية من ربه } نزلت في مشركي مكة حين طالبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالآيات { قل إن الله يضل من يشاء } عن دينه ، كما أضلكم بعدما أنزل من الآيات ، وحرمكم الاستدلال بها { ويهدي إليه } يرشد إلى دينه { من أناب } رجع إلى الحق .
{ الذين آمنوا } بدل من قوله : { من أناب } { وتطمئن قلوبهم بذكر الله } إذا سمعوا ذكر الله سبحانه وتعالى أحبوه واستأنسوا به { ألا بذكر الله تطمئن القلوب } يريد : قلوب المؤمنين .
{ الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم } وهي شجرة غرسها الله سبحانه بيده . وقيل : فرح لهم وقرة أعين .
{ كذلك }كما أرسلنا الأنبياء قبلك { أرسلناك في أمة } في قرن { قد خلت } قد مضت { من قبلها أمم } قرون { لتتلو عليهم الذي أوحينا إليك } يعني : القرآن { وهم يكفرون بالرحمن } وذلك أنهم قالوا : ما نعرف الرحمان إلا صاحب اليمامة { قل هو ربي } أي : الرحمن الذي أنكرتم معرفته هو إلهي وسيدي { لا إله إلا هو } .
{ ولو أن قرآنا } الآية . نزلت حين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : إن كنت نبيا كما تقول فسير عنا جبال مكة ، فإنها ضيقة واجعل لنا فيها عيونا وأنهارا حتى نزرع ونغرس ،وابعث لنا آباءنا من الموتى يكلمونا أنك نبي ، فقال الله سبحانه : { ولو أن قرآنا سيرت به الجبال } يريد : لو قضيت على أن لا يقرأ القرآن على الجبال إلا سارت ، ولا على الأرض إلا تخرقت بالعيون والأنهار ، وعلى الموتى أن لا يكلموا ، ما آمنوا لما سبق عليهم في علمي ، وهذا جواب لو وهو محذوف . { بل } دع ذلك الذي قالوا من تسيير الجبال وغيره فالأمر لله جميعا ، لو شاء أن يؤمنوا لآمنوا ، وإذا لم يشأ لم ينفع ما اقترحوا من الآيات ، وكان المسلمون قد أرادوا أن يظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم آية ليجتمعوا على الإيمان ، فقال الله : { أفلم ييأس الذين آمنوا } يعلم الذين آمنوا { أن لو يشاء الله } لهداهم من غير ظهور الآيات { ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا } من كفرهم وأعمالهم الخبيثة { قارعة } داهية تقرعهم من القتل والأسر ، والحرب ، والجدب { أو تحل } يا محمد أنت { قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله } يعني : القيامة . وقيل : فتح مكة .
{ ولقد استهزئ برسل من قبلك } أوذي وكذب { فأمليت للذين كفروا } أطلت لهم المدة بتأخير العقوبة ليتمادوا في المعصية { ثم أخذتهم } بالعقوبة { فكيف كان عقاب } كيف رأيت ما صنعت بمن استهزأ برسلي ، كذلك أصنع بمشركي قومك .
{ أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت } أي : بجرائه . يعني : متول لذلك ، كما يقال :قام فلان بأمر كذا : إذا كفاه وتولاه ، والقائم على كل نفس هو الله تعالى .والمعنى : أفمن هو بهذه الصفة كمن ليس بهذه الصفة من الأصنام التي لا تضر ولا تنفع ؟ وجواب هذا الاستفهام في قوله : { وجعلوا لله شركاء قل سموهم } بإضافة أفعالهم إليهم إن كانوا شركاء لله تعالى ، كما يضاف إلى الله أفعاله بأسمائه الحسنى ، نحو : الخالق والرازق ، فإن سموهم قل أتنبئونه { أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض } أي : أتخبرون الله بشريك له في الأرض ، وهو لا يعلمه ، بمعنى : أنه ليس له شريك . { أم بظاهر من القول } يعني : أم تقولون مجازا من القول وباطلا لا حقيقة له ، وهو كلام في الظاهر ، ولا حقيقة له في الباطن ، ثم قال : {بل } أي : دع ذكر ما كنا فيه { زين للذين كفروا مكرهم } زين الشيطان لهم الكفر { وصدوا عن السبيل } وصدهم الله سبحانه عن سبيل الهدى { لهم عذاب في الحياة الدنيا } بالقتل والأسر { ولعذاب الآخرة أشق } أشد وأغلظ { وما لهم من الله } من عذاب الله { من واق } حاجز ومانع .
{لهم عذاب في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أشق وما لهم من الله من واق}.
{ مثل الجنة } صفة الجنة { التي وعد المتقون } . وقوله : { أكلها دائم } يريد : إن ثمارها لا تنقطع كثمار الدنيا { وظلها } لا يزول ولا تنسخه الشمس .
{ والذين آتيناهم الكتاب } يعني : مؤمني أهل الكتاب { يفرحون بما أنزل إليك } وذلك أنهم ساءهم قلة ذكر الرحمن في القرآن مع كثرة ذكره في التوراة ، فلما أنزل الله تعالى : { قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن } فرح بذلك مؤمنو أهل الكتاب ، وكفر المشركون بالرحمن ، وقالوا : ما نعرف الرحمن إلا رحمان اليمامة ، وذلك قوله : { ومن الأحزاب } يعني : الكفار الذين تحزبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم { من ينكر بعضه } يعني : ذكر الرحمن .
{ وكذلك } وكما أنزلنا الكتاب على الأنبياء بلسانهم { أنزلناه حكما عربيا } يعني : القرآن ، لأنه به يحكم ويفصل بين الحق والباطل ، وهو بلغة العرب { ولئن اتبعت أهواءهم } وذلك أن المشركين دعوه إلى ملة آبائه ، فتوعده الله سبحانه على ذلك بقوله : { ما لك من الله من ولي ولا واق } .
{ ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا } ينكحونهن { وذرية } وأولادا أنسلوهم ، وذلك أن اليهود عيرت رسول الله صلى الله عليه وسلم بكثرة النساء ، وقالوا : ما له همة إلا النساء والنكاح { وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله } أي : بإطلاقه له الآية ، وهذا جواب للذين سألوه أن يوسع لهم مكة . { لكل أجل كتاب } لكل أجل قدره الله ، ولكل أمر قضاه كتاب أثبت فيه ، فلا تكون آية إلا بأجل قد قضاه الله تعالى في كتاب .
{ يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب } اللوح المحفوظ ، يمحو منه ما يشاء ويثبت ما يشاء ، وظاهر هذه الآية على العموم . وقال قوم : إلا السعادة والشقاوة ، والموت والرزق ، والخلق والخلق .
{ وإنما نرينك بعض الذي نعدهم } من العذاب { أو نتوفينك } قبل ذلك { فإنما عليك البلاغ } يريد : قد بلغت { وعلينا الحساب } إلي مصيرهم فأجازيهم ، أي : ليس عليك إلا البلاغ كيف ما صارت حالهم .
{ أولم يروا } يعني : مشركي مكة { أنا نأتي الأرض } نقصد أرض مكة { ننقصها من أطرافها } بالفتوح على المسلمين . يقول : أولم ير أهل مكة أنا نفتح لمحمد صلى الله عليه وسلم ما حولها من القرى ، أفلا يخافون أن تنالهم يا محمد { والله يحكم } بما يشاء { لا معقب لحكمه } لا أحد يتتبع ما حكم به فيغيره ، والمعنى : لا ناقص لحكمه ولا راد له { وهو سريع الحساب } أي : المجازاة .
{ وقد مكر الذين من قبلهم } يعني : كفار الأمم الخالية ، مكروا بأنبيائهم { فلله المكر جميعا } يعني : إن مكر الماكرين له ، أي : هو من خلقه ، فالمكر جميعا مخلوق له ليس يضر منه شيء إلا بإذنه { يعلم ما تكسب كل نفس } جميع الأكساب معلوم له { وسيعلم الكفار } وهو اسم الجنس { لمن } العاقبة بالحنة وقوله تعالى :
{ ومن عنده علم الكتاب } هم مؤمنو أهل الكتابين ،وكانت شهادتهم قاطعة لقول أهل الخصوم .