islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز
13946

36-يس

يس

{يس} يا إنسان.

وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ

{والقرآن الحكيم} أقسم الله تعالى بالقرآن المحكم أن محمداً صلى الله عليه وسلم من المرسلين، وهو قوله:

إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ

{إنك لمن المرسلين}.

عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ

{على صراط مستقيم} على طريق الأنبياء الذين تقدموك.

تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ

{تنزيل} أي: القرآن تنزيل {العزيز الرحيم}.

لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آَبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ

{لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم} في الفترة {فهم غافلون} عن الإيمان والرشد.

لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ

{لقد حق القول} وجبت عليهم كلمة العذاب {فهم لا يؤمنون} ثم بين سبب تركهم الإيمان فقال:

إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ

{إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا} أراد: في أعناقهم وأيديهم، لأن الغل لا يكون في العنق دون اليد {فهي إلى الأذقان} أي: فأيديهم مجموعة إلى أذقانهم، لأن الغل يجعل في اليد مما يلي الذقن {فهم مقمحون} رافعوا رؤوسهم لا يستطيعون الإطراق، لأن من علت يده إلى ذقنه ارتفع رأسه، وهذا مثل. معناه: أمسكنا أيديهم عن النفقة في سبيل الله بموانع كالأغلال.

وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ

{وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا} هذا وصف إضلال الله تعالى إياهم، فهم بمنزلة من سد طريقه من بين يديه ومن خلقه. يريد: إنهم لا يستطيعون أن يخرجوا من ضلالهم {فأغشيناهم} فأعميناهم عن الهدى {فهم لا يبصرون} ـه ثم ذكر أن هؤلاء لا ينفعهم الإنذار، فقال:

وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ

{وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون}.

إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ

{إنما تنذر من اتبع الذكر } إنما إنذارك من ابتع القرآن فعمل به {وخشي الرحمن بالغيب} خاف اله تعالى ولم يره.

إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ

{إنا نحن نحيي الموتى } عند البعث {ونكتب ما قدموا} من الأعمال {وآثارهم} ما استن به بعدهم. وقيل: خطاهم إلى المساجد. {وكل شيء أحصيناه} عددناه وبيناه {في إمام مبين} وهو اللوح المحفوظ.

وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ

{واضرب لهم مثلا أصحاب القرية} وهي أنطاكية {إذ جاءها المرسلون} رسل عيس عليه السلام.

إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ

{إذ أرسلنا إليهم اثنين} من الحواريين {فكذبوهما فعززنا بثالث} قوينا الرسالة برسول ثالث. وقوله:

قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ

{قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون} .

قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ

{قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون}.

وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ

{وما علينا إلا البلاغ المبين}.

قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ

{إنا تطيرنا بكم} أي: تشاءمنا، وذلك أنهم حبس عنهم المطر، فقالوا: هذا بشؤمكم. {لئن لم تنتهوا لنرجمنكم} لنقتلنكم رجماً بالحجارة.

قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ

{قالوا طائركم معكم} شؤمكم معكم بكفركم {أإن ذكرتم} وعظتم وخوفتم تطيرتم {بل أنتم قوم مسرفون} مجاوزون الحد بشرككم.

وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ

{وجاء من أقصى المدينة رجل} وهو حبيب النجار، كان قد آمن بالرسل، وكان منزله في أقصى البلد، فلما سمع أن القوم كذبوهم وهموا بقتلهم أتاهم يأمرهم بالإيمان، فقال: {يا قوم اتبعوا المرسلين}.

اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ

{اتبعوا من لا يسألكم أجرا} على أداء النصح وتبليغ الرسالة {وهم مهتدون} يعني: الرسل، فقيل له: أنت على دين هؤلاء؟ فقال:

وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ

{وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون}.

أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ

{أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون}.

إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ

{إني إذا لفي ضلال مبين}.

إِنِّي آَمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ

{إني آمنت بربكم فاسمعون} فلما قال ذلك وثبوا إليه فقتلوه، فأدخله الله تعالى الجنة، فذلك قوله تعالى:

قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ

{قيل ادخل الجنة} فلما شاهدها قال: {يا ليت قومي يعلمون}.

بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ

{بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين} أي: بمغفرة ربي.

وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ

الجزء الثالث والعشرون:{ما أنزلنا على قومه} يعني: على قوم حبيب {من جند من السماء} لنصرة الرسل الذين كذبوهم. يريد: لم نحتج في إهلاكهم إلى إرسال جند.

إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ

{إن كانت} ما كانت عقوبتهم {إلا صيحة واحدة} صاح بهم جبريل عليه السلام، فماتوا عن آخرهم، وهو قوله: {فإذا هم خامدون} ساكنون قد ماتوا.

يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ

{يا حسرة على العباد} يعني: هؤلاء حين استهزؤوا بالرسل، فتحسروا عند العقوبة.

أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ

{ألم يروا} يعني: أهل مكة {كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون} يعني: ألم يروا أن الذين أهلكناهم قبلهم لا يرجعون إليهم.

وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ

{وإن كل} وما كل من خلق من الخلق إلا {جميع لدينا محضرون} عند البعث يوم القيامة يحضرهم ليقفوا على ما عملوا.

وَآَيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ

{وآية لهم } على البعث {الأرض الميتة أحييناها}. وقوله:

وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ

{وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون}.

لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ

{وما عملته أيديهم} أي: لم تعمله ولا صنع لهم في ذلك.

سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ

{سبحان الذي خلق الأزواج كلها} أي: الأجناس من النبات والحيوان {ومما لا يعلمون} مما خلق الله سبحانه من جميع الأنواع والأشباه.

وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ

{وآية لهم } ودلالة لهم على توحيد الله سبحانه وقدرته {الليل نسلخ} نخرج {منه النهار} إخراجاً لا يبقى معه شيء من ضوء النهار، والمعنى: ننزع النهار فنذهب به، ونأتي بالليل { فإذا هم مظلمون} داخلون في الظلام.

وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ

{والشمس} أي: وآية لهم الشمس {تجري لمستقر لها} عند انقضاء الدنيا.

وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ

{والقمر قدرناه منازل} ذا منازل {حتى عاد} في آخر منزله {كالعرجون القديم} وهو عود الشمراخ إذا يبس اعوج.

لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ

{لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر} فيجتمعا معاً {ولا الليل سابق النهار} يسبقه فيأتي قبل انقضاء النهار {وكل} من الشمس والقمر والنجوم {في فلك يسبحون}. يسيرون.

وَآَيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ

{وآية لهم أنا حملنا ذريتهم } أباهم {في الفلك المشحون} يعني: سفينة نوح عليه السلام.

وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ

{وخلقنا لهم من مثله} من مثل جنس سفينة نوح {ما يركبون} في البحر.

وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ

{وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم} فلا مغيث لهم {ولا هم ينقذون} ينجون.

إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ

{رحمة منا ومتاعا إلى حين} أي: إلا أن نرحمهم ونمتعهم إلى انقضاء آجالهم.

وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ

{وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم} العذاب الذي عذب به الأمم قبلكم {وما خلفكم} يعني: عذاب الآخرة {لعلكم ترحمون} لكي تكونوا على رجاء الرحمة، وجواب {إذا} محذوف تقديره: وإذا قيل لهم هذا أعرضوا، ودل على هذا قوله تعالى:

وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آَيَةٍ مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ

{وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين}.

وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ

{وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم ال} كان فقراء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون للمشركين: أعطونا من أموالكم ما زعمتم أنها لله تعالى، فكانوا يقولون استهزاءً: {أنطعم من لو يشاء الله أطعمه} فقال الله تعالى: {إن أنتم إلا في ضلال مبين}.

وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ

{ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين} أنا نبعث.

مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ

{ما ينظرون} ما ينتظرون {إلا صيحة واحدة} وهي نفخة إسرافيل {تأخذهم وهم يخصمون} يختصمون، يخاصم بعضهم بعضاً. يعني: يوم تقوم الساعة وهم في غفلة عنها.

فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ

{فلا يستطيعون} بعد ذلك أن يوصوا في أمورهم بشيء {ولا إلى أهلهم يرجعون} لا ينقلبون إلى أهليهم من الأسواق، ويموتون في مكانهم.

وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ

{ونفخ في الصور} يعني: نفخة البعث {فإذا هم من الأجداث} القبور {إلى ربهم ينسلون} يخرجون بسرعة.

قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ

{قالوا: يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا} أي: منامنا، وذلك أنهم كانوا قد رفع عنه العذاب فيا بين النفختين، فيرقدون ثم يقولون: {هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون} أقروا حين لم ينفعهم.

إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ

{إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون} يريد: إن بعثهم وإحياءهم كان بصيحة تصاح بهم، وهو قول إسرافيل عليه السلام: أيتها العظام البالية.

فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ

{فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون}.

إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ

{إن أصحاب الجنة اليوم في شغل} بافتضاض الأبكار { فاكهون} ناعمون فرحون معجبون.

هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ

{هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون}.

لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ

{ولهم ما يدعون} يتمنون.

سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ

{سلام} أي: لهم سلام {قولا} يقوله الله عز وجل قولاً.

وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ

{وامتازوا اليوم أيها المجرمون} أي: انفردوا عن المؤمنين.

أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ

{ألم أعهد إليكم} ألم آمركم {يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين}.

وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ

{وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم}.

وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ

{ولقد أضل منكم جبلا} خلقاً {كثيرا أفلم تكونوا تعقلون} عدوانه وإضلاله.

هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ

{هذه جهنم التي كنتم توعدون}.

اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ

{اصلوها اليوم} ادخلوها وقاسوا حرها {بما كنتم تكفرون} بكفركم.

الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ

{اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون}.

وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ

{ولو نشاء لطمسنا على أعينهم} لأعميناهم وأذهبنا أبصارهم {فاستبقوا الصراط} فتبادروا إلى الطريق {فأنى} يبصرون حينئذ وقد طمسنا أعنيهم؟

وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ

{ولو نشاء لمسخناهم} حجارةً وقردةً وخنازير {على مكانتهم} في منازلهم {فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون} أي: لم يقدروا على ذهاب ولا مجيء.

وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ

{ومن نعمره ننكسه في الخلق} من أطلنا عمره نكسنا خلقه، فصار بدل القوة ضعفاً، وبدل الشباب هرماً {أفلا يعقلون} أنا نفعل ذلك.

وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآَنٌ مُبِينٌ

{وما علمناه الشعر} لم نعلم محمداً صلى الله عليه وسلم قول الشعر {وما ينبغي له} وما يتسهل له ذلك {إن هو} أي: ليس الذي أتى به {إلا ذكر وقرآن مبين}.

لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ

{لينذر من كان حيا} عاقلاً، فلا يغفل ما يخاطب به، لأن الكافر كالميت {ويحق القول على الكافرين} تجب الحجة عليهم.

أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ

{أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما} أي: عملناه من غير واسطة ولا توكيل، ولا شريك أعاننا {أنعاما فهم لها مالكون} ضابطون.

وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ

{وذللناها} سخرناها {لهم فمنها ركوبهم} ما يركبون.

وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ

{ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون}.

وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ

{واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون} يمنعون من عذاب الله تعالى.

لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ

{لا يستطيعون نصرهم} لا تنصرهم آلهتهم {وهم لهم جند محضرون}. في النار، لأن أوثانهم معهم فيها.

فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ

{فلا يحزنك قولهم} فيك بالسوء والقبيح. {إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون} فنجازيهم بذلك.

أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ

{أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة} يعني: العاص بن وائل. وقيل: أبي بن خلف {فإذا هو خصيم مبين} جدل بالباطل، خاصم النبي صلى الله عليه وسلم في إنكار البعث، وهو قوله:

وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ

{وضرب لنا مثلا ونسي خلقه} وهو أنه قال: متى يحيي الله العظم البالي المتفتت؟ ونسي ابتداء خلقه، لأنه لو علم ذلك ما أنكر الإعادة، وهذا معنى قوله: {قال من يحيي العظام وهي رميم} أي: بالية.

قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ

{قل يحييها الذي أنشأها} خلقها {أول مرة وهو بكل خلق} من الابتداء والإعادة {عليم}.

الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ

{الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا} يعني: المرخ والعفار، ومنهما زنود الأعراب {فإذا أنتم منه توقدون} تورون النار، ثم احتج عليهم بخلق السماوات والأرض، فقال:

أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ

{وليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم} ثم ذكر كمال قدرته فقال:

إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ

{إنما أمره إذا أراد شيئا} أي: خلق شيء {أن يقول له كن فيكون} ذلك الشيء.

فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ

{فسبحان} تنزيهاً لله سبحانه من أن يوصف بغير القدرة على الإعادة {الذي بيده ملكوت كل شيء} أي: القدرة على كل شيء {وإليه ترجعون} تردون في الآخرة.


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس