{لم يكن الذين كفروا} بمحمد صلى الله عليه وسلم {من أهل الكتاب} أي: اليهود والنصارى {والمشركين} يعني: كفار العرب {منفكين} منتهين زائلين عن كفرهم {حتى تأتيهم البينة} يعني: أتتم البينة، أي: البيان والبصيرة، وهو محمد عليه السلام والقرآن. يقول: لم يتركوا كفرهم حتى بعث إليهم محمد عليه السلام، وهذا فيمن آمن من الفريقين، ثم فسر البينة فقال:
{رسول من الله يتلو صحفا} كتباً {مطهرة} من الباطل.
{فيها كتب} أحكام {قيمة} مستقيمة عادلة، ثم ذكر كفار أهل الكتاب، فقال:
{وما تفرق الذين أوتوا الكتاب} أي: ما اختلفوا في كون محمد عليه السلام حقاً لما يجدون من نعته في كتابهم {إلا من بعد ما جاءتهم البينة} إلا من بعد ما بينوا أنه النبي الذي وعدوا به في التوراة والإنجيل، يريد: أنهم كانوا مجتمعين على صحة نبوته، فلما بعث جحدوا نبوته وتفرقوا، فمنهم من كفر بغياً وحسداً، ومنهم من آمن، وهذا كقوله تعالى: {وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم} الآية.
{وما أمروا} يعني: كفار الذين أوتوا الكتاب {إلا ليعبدوا الله} إلا أن يعبدوا الله {مخلصين له الدين} الطاعة، أي: موحدين له لا يعبدون معه غيره. {حنفاء} على دين إبراهيم عليه السلام ودين محمد صلى الله عليه وسلم. وقوله: {وذلك دين القيمة} أي: دين الملة القيمة، وهي المستقيمة، وباقي الآية ظاهر.
{إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية}.
{إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية}.
{جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه}.