{إذا وقعت الواقعة} جاءت القيامة.
{ليس لوقعتها} لمجيئها {كاذبة} كذب.
{خافضة رافعة} تخفض قوماً إلى النار، وترفع آخرين إلى الجنة.
{إذا رجت الأرض رجا} حركت الأرض حركةً شديدةً.
{وبست الجبال بسا} فتت فتاً.
{فكانت هباء منبثا} غباراً متفرقاً.
{وكنتم} في ذلك اليوم {أزواجا} أصنافاً {ثلاثة} ثم بين الأصناف، فقال:
{فأصحاب الميمنة} وهم الذين يؤتون كتبهم بأيمانهم. وقيل: الذين كانوا عل يمين آدم عليه السلام حين أخرج الذرية من ظهره {ما أصحاب الميمنة} أي شيء هم؟ على التعظيم لشأنهم.
{وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} أي: الشمال. تفسيرها على ضد تفسير التي قبلها.
{والسابقون} إلى الإيمان من كل أمة {السابقون} إلى رحمة الله وجنته.
{أولئك المقربون} إلى كرامة الله.
{في جنات النعيم}.
{ثلة من الأولين} جماعة من الأمم الماضية.
{وقليل من الآخرين} من هذه الأمة. يريد: من سابقي الأمم وسابقي هذه الأمة.
{على سرر موضونة} منسوجة بقضبان الذهب والجواهر.
{متكئين عليها متقابلين}.
{ولدان مخلدون} غلمان لا يموتون ولا يهرمون.
{بأكواب} بأقداح لا عرى لها {وأباريق} التي لها عرى وخراطيم {وكأس} إناء {من معين} من خمر جارية.
{لا يصدعون عنها} لا ينالهم الصداع عن شربها {ولا ينزفون} ولا يسكرون.
{وفاكهة مما يتخيرون} يختارون.
{ولحم طير مما يشتهون}.
{وحور} جوار وعلمان شديدات سواد الأعين وبياضها {عين} ضخام العيون.
{كأمثال} كأشباه {اللؤلؤ المكنون} في صفاء اللون، والمكنون: المستور في كنه، وهو الصدف.
{جزاء بما كانوا يعملون}.
{لا يسمعون فيها} في الجنات {لغوا} كاملاً فاحشاً {ولا تأثيما} ولا ما يوقع في الإثم.
{إلا قليلا} قولاً {سلاما سلاما} ما يسلمون فيه من اللغو والإثم، ثم ذكر منازل أصحاب الميمنة، فقال:
{وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين}.
{في سدر} وهو نوع من الشجر {منضود} مقطوع الشوك، لا كسدر الدنيا.
{وطلح} وهو شجر الموز {منضود} نضد بالحمل من أوله إلى آخره، فليست له سوق بارزة.
{وظل ممدود} دائم ثابت.
{وماء مسكوب} جار غير منقطع.
{وفاكهة كثيرة}.
{لا مقطوعة} بالأزمان {ولا ممنوعة} بالأثمان.
{وفرش مرفوعة} على السررظ.
{إنا أنشأناهن} خلقناهن، أي: الحور العين {إنشاء} خلقاً من غير ولادة.
{فجعلناهن أبكارا} عذارى.
{عربا} متحببات إلى الأزواج، عواشق لهم {أترابا} مستويات في السن.
{لأصحاب اليمين}.
{ثلة من الأولين} من الأمم الماضية.
{وثلة من الآخرين} من هذه الأمة. يعني: إن أصحاب الجنة نصفان: نصف من الأمم الماضية، ونصف من هذه الأمة، ثم ذكر منازل أصحاب الشمال، فقال:
{وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال}.
{في سموم} ريح حارة {وحميم}.
{وظل من يحموم} دخان شديد السواد {لا بارد} المنزل {ولا كريم} المنظر.
{إنهم كانوا قبل ذلك} في الدنيا {مترفين} منعمين لا يتعبون في طاعة الله.
{وكانوا يصرون على الحنث العظيم} يقيمون على الذنب العظيم، وهو الشرك، وكانوا ينكرون البعث { وكانوا يقولون أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون } فقال الله تعالى:
{وكانوا يصرون على الحنث}.
{ أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون }.
{أو آباؤنا الأولون}.
{قل إن الأولين والآخرين}. {لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم} وهو يوم القيامة ومعنى {إلى ميقات} لميقات يوم. وقوله:
{لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم}.
{ثم إنكم أيها الضالون المكذبون}.
{لآكلون من شجر من زقوم}.
{فمالئون منها البطون}.
{فشاربون عليه من الحميم}.
{شرب الهيم} أي: الإبل العطاش.
{هذا نزلهم} ما أعد لهم من الرزق {يوم الدين} المجازاة.
{نحن خلقناكم} ابتداءً {فلولا} فهلاً {تصدقون} بالخلق الثاني، وهو البعث.
{أفرأيتم ما تمنون} تصبون في الأرحام من المني.
{أأنتم تخلقونه} بشراً {أم نحن الخالقون}.
{نحن قدرنا} قضينا {بينكم الموت وما نحن بمسبوقين}.
{على أن نبدل أمثالكم} أي: إن أردنا أن نخلق خلقاً غيركم لم نسبق ولا فاتنا ذلك {وننشئكم} نخلقكم {في ما لا تعلمون} من الصور، أي: نجعلكم قردةً وخنازير، والمعنى: لسنا عاجزين عن خلق أمثالكم بدلاً منكم، ومسخكم من صوركم إلى غيرها.
{ولقد علمتم النشأة الأولى} الخلقة الأولى، أي: أقررتم بأن الله خلقكم في بطون أمهاتكم {فلولا تذكرون} أني قادر على إعادتكم.
{أفرأيتم ما تحرثون} تقلبون من الأرض وتلقون فيه من البذر.
{أأنتم تزرعونه} تنبتونه {أم نحن الزارعون}.
{لو نشاء لجعلناه حطاما} تبناً يابساً لا حب فيه {فظلتم تفكهون} تعجبون وتندمون مما نزل بكم، ومما علمتم من الحرث، وتقولون:
{إنا لمغرمون} صار ما أنفقنا على الحرث غرماً علينا.
{بل نحن محرومون} ممنوعون منعنا رزقنا. وقوله:
{أفرأيتم الماء الذي تشربون}.
{أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون}.
{أجاجا} أي: ملحاً لا يمكن شربه.
{أفرأيتم النار التي تورون} تقدحون.
{أأنتم أنشأتم} خلقتم {شجرتها} التي تخرج منها.
{نحن جعلناها تذكرة} يتذكر بها نار جهنم {ومتاعا} ومنفعةً {للمقوين} للمسافرين.
{فسبح باسم ربك العظيم} أي: نزه الله مما يقول المشركون.
{فلا أقسم} لا زائدة {بمواقع النجوم} مساقطها ومغاربها. وقيل: أراد نجوم القرآن.
{وإنه لقسم لو تعلمون عظيم}.
{إنه لقرآن كريم} حسن عزيز.
{في كتاب مكنون} مصون عند الله.
{لا يمسه} باليد، أي: المصحف {إلا المطهرون} من الجنابات والأحداث.
{تنزيل من رب العالمين}.
{أفبهذا الحديث} أي: القرآن {أنتم مدهنون} مكذبون.
{وتجعلون رزقكم} شكر رزقكم، فحذف الشكر {أنكم تكذبون} بسقيا الله إذا مطرتم، وتقولون: مطرنا بنوء كذا.
{فلولا} فهلاً {إذا بلغت} الروح {الحلقوم}.
{وأنتم} يا أصحاب الميت {حينئذ تنظرون} إليه وهو في النزع.
{ونحن أقرب إليه منكم} بالعلم والقدرة {ولكن لا تبصرون} لا تعلمون ذلك.
{فلولا إن كنتم غير مدينين}مملوكين ومجزيين.
{ترجعونها} أي: تردون الروح إلى الميت {إن كنتم صادقين} أنكم غير مملوكين وغير مدبرين. وقوله: {ترجعونها} جواب واحد لشيئين، وقوله: {فلولا إذا بلغت الحلقوم} وقوله: {فلولا إن كنتم} ثم ذكر مال الخلق بعد الموت فقال:
{فأما إن كان من المقربين}. {فروح} فلهم روح، أي: استراحة وبرد {وريحان} ورزق حسن.
{وأما إن كان من أصحاب اليمين}. {فسلام لك من أصحاب اليمين} أي: إنك ترى فيهم ما تحب من السلامة وقد علمت ما أعد لهم من الجزاء، لأنه قد بين لك في قوله: {في سدر مخضود} الآيات.
{وأما إن كان من أصحاب اليمين}ز
{فسلام لك من أصحاب اليمين}.
{وأما إن كان من المكذبين الضالين} وهم أصحاب المشأمة.
{فنزل من حميم} فلهم نزل أعد لهم من شراب جهنم.
{وتصلية جحيم} إدخال النار.
{إن هذا} الذي ذكرت {لهو حق اليقين}.
{فسبح باسم ربك العظيم} أي: نزه الله من السوء.