islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز
14296

27-النمل

طس تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ

{طس تلك آيات القرآن} هذه الآيات التي وعدتم بها، وذلك أنهم وعدوا بالقرآن في كتبهم {وكتاب} أي: وآيات كتاب {مبين}.

هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ

{هدى} أي: هو هدىً {وبشرى للمؤمنين}.

الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ

{إن الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم أعمالهم} جعلنا جزاءهم على كفرهم أن زينا لهم أعمالهم القبيحة حتى رأوها حسنةً {فهم يعمهون} يتحيرون.

إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ

{أولئك الذين لهم سوء العذاب} في الدنيا القتل ببدر، {وهم في الآخرة هم الأخسرون} بحرمان النجاة، والمنع من الجنان.

أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ

{وإنك لتلقى القرآن} الآية. أي: يلقى إليك القرآن وحياً من الله سبحانه.

وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآَنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ

{وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم}.

إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا سَآَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آَتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ

{إذ قال موسى} اذكر يا محمد قصة موسى حين قال {لأهله} في مسيره من مدين إلى مصر، وقد ضل الطريق، وأصلد زنده: {إني آنست نارا} أبصرتها من بعيد { سآتيكم منها بخبر } عن الطريق أين هو {أو آتيكم بشهاب قبس} شعلة نار أقتبسها لكم {لعلكم تصطلون} تستدفئون من البرد.

فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

{فلما جاءها نودي أن بورك من في النار} أي: من في طلب النار وقصدها، والمعنى: بورك فيك يا موسى. يقال: بورك فلان، وبورك له، وبورك فيه {ومن حولها} وفيمن حولها من الملائكة، وهذا تحية من الله سبحانه لموسى وتكرمة له {وسبحان الله رب العالمين} تنزيهاً لله من السوء. وقوله:

يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

{يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم}.

وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ

{تهتز} أي: تتحرك {كأنها جان} حية خفيفة {ولى مدبرا ولم يعقب} ولم يرجع ولم يلتفت قلنا: {يا موسى لا تخف}.

إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ

{إلا من ظلم} لكن من ظلم نفسه {ثم بدل حسنا بعد سوء} أي: تاب {فإني غفور رحيم}. وقوله:

وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آَيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ

{في تسع آيات} أي: من تسع آيات أنت مرسل بها. {إلى فرعون وقومه} وقوله:

فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آَيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ

{مبصرة} أي: مضيئةً واضحةً.

وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ

{وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم} الآية. معناها: وجحدوا بها ظلماً وترفعاً عن أن يؤمنوا بما جاء به موسى وهم يعلمون أنها من عند الله عز وجل.

وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ

{ولقد آتينا داود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين}.

وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ

{وورث سليمان داود} نبوته وعلمه دون سائر أولاده {وقال: يا أيها الناس علمنا منطق الطير} فهمنا ما يقوله الطير.

وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ

{وحشر} وجمع {لسليمان جنوده} في مسير له {فهم يوزعون} يحبس أولهم على آخرهم حتى يجتمعوا.

حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ

{حتى إذا أتوا على واد النمل} كان هذا الوادي بالشام، وكانت نمله كأمثال الذباب {لا يحطمنكم سليمان وجنوده} لا يكسرنكم بأن يطؤوكم.

فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ

{فتبسم} سليمان عليه السلام لما سمع قولها، وتذكر ما أنعم الله به عليه فقال: {رب أوزعني} ألهمني {أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحاً ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين}.

وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ

{وتفقد الطير} طلبها وبحث عنها {فقال: ما لي لا أرى الهدهد أم كان} بل أكان {من الغائبين} لذلك لم يره.

لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ

{لأعذبنه عذابا شديدا} لأنتفن ريشه وألقينه في الشمس {أو ليأتيني بسلطان مبين} حجة واضحة في غيبته.

فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ

{فمكث غير بعيد} لم يطل الوقت حتى جاء الهدهد، وقال لسليمان: {أحطت بما لم تحط به} علمت ما لم تعلمه {وجئتك من سبإ } وهي مدينة باليمن {بنبإ يقين} بخبر لا شك فيه. وقوله:

إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ

{وأوتيت من كل شيء} أي: مما يعطى الملوك {ولها عرش} سرير {عظيم}. وقوله:

وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ

{وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون}.

أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ

{ أن لا يسجدوا } أي: لأن لا يسجدوا لله {الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض} القطر من السماء، والنبات من الأرض. وقوله:

اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ

{الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم}.

قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ

{قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين}.

اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ

{ثم تول عنهم} أي: استأخر غير بعيد {فانظر ماذا يرجعون} ما يردون من الجواب، فمضى الهدهد، وألقى إليها الكتاب، فـ

قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ

{قالت يا أيها الملأ إني ألقي إلي كتاب كريم} حسن ما فيه، ثم بينت ما فيه فقالت:

إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

{إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم}.

أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ

{ أن لا تعلوا علي } أي: لا تترفعوا علي وإن كنتم ملوكاً {وأتوني مسلمين} طائعين منقادين.

قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ

{قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري} بينوا لي ما أعمل {ما كنت قاطعة} قاضيةً وفاضلةً {أمرا حتى تشهدون} حتى تحضرون، أي: لا أقطع أمراً دونكم.

قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ

{قالوا} مجيبين لها: {نحن أولو قوة} في القتال {وأولو بأس شديد} عند الحرب {والأمر إليك} أيتها الملكة {فانظري ماذا تأمرين} نطعك.

قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ

{قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية } عنوةً وغلبةً {أفسدوها} خربوها {وجعلوا أعزة أهلها أذلة} أهانوا أشرافها بها، ليستقيم لهم الأمر، أشارت إلى أنها لو جاءت سليمان محاربةً اجتاحت إلى التخريب والإفساد، وصدقها الله سبحانه في قولها فقال: {وكذلك يفعلون}.

وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ

{وإني مرسلة إليهم بهدية} أصانعه بها وأختبره أملك هو أم نبي؟ فإن كان ملكاً قبلها، وإن كان نبياً لهم يقبلها {فناظرة بم} بأي شيء {يرجع المرسلون} من عنده.

فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آَتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آَتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ

{فلما جاء} البريد أو الرسول {سليمان قال أتمدونن بمال فما آتاني الله } من الدين والنبوة والحكمة {خير مما آتاكم} من الدنيا {بل أنتم بهديتكم تفرحون} لأنهم أهل مكاثرة بالدنيا، ثم قال للرسول:

ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ

{ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم} لا طاقة لهم {بها ولنخرجنهم منها} من أرضهم {أذلة} فجاءها الرسول وأخبرها بما رأى وشاهد، فتجهزت للمسير إلى سليمان، فلما علم سليمان عليه السلام بمسيرها إليه.

قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ

{قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها} سريرها {قبل أن يأتوني مسلمين} لأنه حينئذ لا يحل أخذ ما في أيديهم.

قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ

{قال عفريت من الجن} وهو المارد القوي: {أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك }من مجلسك الذي جلست فيه للحكم {وإني عليه} على حمله {لقوي أمين} على ما فيه من الجواهر، فقال سليمان عليه السلام: أريد أسرع من هذا، فـ

قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِ

{قال الذي عنده علم من الكتاب} وهو آصف بن برخيا، وكان قد قرأ كتب الله سبحانه {أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك } قبل أن يرجع إليك الشخص من منتهى طرفك {فلما رآه } رأى سليمان عليه السلام العرش {مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر } نعمته { أم أكفر } ها { ومن شكر فإنما يشكر لنفسه} لأن نفع ذلك يعود إليه، حيث يستوجب المزيد {ومن كفر فإن ربي غني} عن شكره {كريم} بالإفضال على من يكفر النعمة.

قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ

{قال نكروا} غيروا لها {عرشها} بتغيير صورته {ننظر أتهتدي} أتعلم أنه عرشها فتعرفه.

فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ

{فلما جاءت قيل: أهكذا عرشك قالت كأنه هو} شبهته به، لأنه كان مغيراً، وأراد سليمان أن يختبر عقلها، لأنه قيل له: إن في عقلها شيئاً، ثم قالت: {وأوتينا العلم} بصحة نبوة سليمان {من قبلها} من قبل هذه الآية التي رأيتها في إحضار العرش {وكنا مسلمين} مناقدين له قبل مجيئنا.

وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ

{وصدها} ومنعها عن الإيمان {ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين} فنشأت فيهم، ولم تعرف إلا قوماً يعبدون الشمس.

قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

{قيل لها ادخلي الصرح} وذلك أنه قيل لسليمان عليه السلام: إن قدميها كحافر الحمار، فأراد سليمان أن يرى قدميها، فاتخذ له ساحةً من زجاج تحته الماء والسمك، وجلس سليمان في صدر الصرح، وقيل لها: ادخلي الصرح {فلما رأته حسبته لجة} ماءً، وهي معظمه {وكشفت عن ساقيها} لدخول الماء، فرأى سليمان قدمها وإذا هي أحسن الناس ساقاً وقدماً، و{قال} لها: {إنه صرح ممرد} أملس {من قوارير}، ثم إن سليمان عليه السلام دعاها إلى الإسلام فأجابت و{قالت: رب إني ظلمت نفسي} بالكفر {وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين}. وقوله:

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ

{فإذا هم فريقان} فإذا قوم صالح فريقان مؤمن وكافر {يختصمون} يقول كل فريق: الحق معي، وطلبت الفرقة الكافرة على تصديق صالح عليه السلام العذاب، فقال:

قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ

{يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة} أي: لم قلتم: إن كان ما أتيت به حقاً فأنتا بالعذاب {لولا} هلا {تستغفرون الله} بالتوبة من الكفر {لعلكم ترحمون} لكي ترحموا.

قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ

{قالوا اطيرنا بك} تشاءمنا بك {وبمن معك} وذلك أنهم قحطوا بتكذيبهم، فقالوا: أصابنا القحط بشؤمك وشؤم أصحابك، فقال صالح عليه السلام: {طائركم عند الله} أي: ما أصابكم من خير وشر فمن الله {بل أنتم قوم تفتنون} تختبرون بالخير والشر.

وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ

{وكان في المدينة} مدينة ثمود {تسعة رهط} كانو عتادة قوم صالح.

قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ

{قالوا: تقاسموا} احلفوا {بالله لنبيتنه وأهله} لنأتين صالحاً ليلاً، ولنقتلته وأهله {ثم لنقولن} لولي دمه: {ما شهدنا مهلك أهله } ما حضرنا إهلاكهم {وإنا لصادقون} في قولنا.

وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ

{ومكروا مكرا} لتبييت صالح {ومكرنا مكرا} جازيناهم على ذلك. وقوله:

فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ

{أنا دمرناهم} وذلك أنهم لما خرجوا ليلاً لإهلاك صالح دمغتهم الملائكة بالحجارة من حيث لا يرونهم فقتلوهم، وقوله: {وقومهم أجمعين} إهلاك قوم ثمود بالصيحة.

فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ

{فتلك بيوتهم} مساكنهم {خاوية} ساقطةً خاليةً {بما ظلموا} بكفرهم بالله سبحانه، وقوله:

وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ

{وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون}.

وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ

{أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون} تعلمون أنها فاحشة، فهو أعظم لذنوبكم وقوله:

أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ

{ أإنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون }.

فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آَلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ

{إنهم أناس يتطهرون} يتنزهن عن أدبار الرجال، يقولونه استهزاءً. وقوله:

فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ

{قدرناها من الغابرين} أي: قضينا عليها أنها من الباقين في العذاب.

وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ

{وأمطرنا عليهم} على شذاذهم ومن كان منهم في الأسفار {مطرا} وهو الحجارة.

قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آَللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ

{قل} لهم يا محمد: {الحمد لله} أي: على إهلاك الكفار من الأمم الخالية {وسلام على عباده الذين اصطفى} اصطفاهم لرسالته {آلله خير أما يشركون} به من الأصنام. وقوله:

أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ

{حدائق ذات بهجة} أي: بساتين ذات حسن {ما كان لكم أن تنبتوا شجرها} أي: ما قدرتم عليه {بل هم قوم يعدلون} يشركون.

أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ

{أمن جعل الأرض قرارا } لا تتحرك {وجعل خلالها أنهارا } وسطها انهاراً جاريةً {وجعل لها رواسي} جبالاً ثوابت {وجعل بين البحرين} العذب والمالح {حاجزا} مانعاً من قدرته حتى لا يختلطا.

أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ

{أمن يجيب المضطر } المجهود ذا الضرورة {ويكشف السوء} الضر {ويجعلكم خلفاء الأرض} سكانها بإهلاك من قلبكم.

أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ

{أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته أإله مع الله تعالى الله عما يشركون}.

أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ

{ومن يرزقكم من السماء} المطر {و} من {الأرض} النبات. وقوله:

قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ

{قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون}.

بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآَخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ

{بل ادارك علمهم في الآخرة } أي: لحقهم علمهم بأن الساعة والبعث حق في الآخرة حين لا ينفعهم ذلك، ومن قرأ: (إدراك)فمعناه: تدارك، أي: تكامل عملهم يوم القيامة، لأنهم يبعثون ويشاهدون ما وعدوا. {بل هم في شك منها} في الدنيا {بل هم منها} من علمها {عمون} جاهلون. وقوله:

وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآَبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ

{ وقال الذين كفروا أإذا كنا ترابا وآباؤنا أإنا لمخرجون }.

لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ

{لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين}.

قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ

{قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين}.

وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ

{ولا تحزن عليهم} أي: على تكذيبهم وإعراضهم عنك {ولا تكن في ضيق مما يمكرون} ولا تضيق قلبك بمكرهم.

وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ

{ويقولون متى هذا الوعد} أي: وعد العذاب {إن كنتم صادقين} أن العذاب نازل بالمكذب.

قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ

{قل عسى أن يكون ردف لكم} أي: ردفكم، والمعنى: تبعكم ودنا منكم {بعض الذي تستعجلون} من العذاب، وكان ذلك يوم بدر.

وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ

{وإن ربك لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون}.

وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ

{وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون}.

وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ

{وما من غائبة} أي: جملة غائبة عن الخلق {إلا في كتاب مبين} وهو اللوح المحفوظ.

إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ

{إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون} وذلك أن بني إسرائيل اختلفوا حتى لعن بعضهم بعضاً، فقال الله سبحانه: إن هذا القرآن ليقص عليهم الهدى مما اختلفوا فيه لو أخذوا به.

وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ

{وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين}.

إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ

{إن ربك يقضي بينهم} بين المختلفين في الدين {بحكمه} يوم القيامة {وهو العزيز} القوي فلا يرد له أمر {العليم} بأحوالهم.

فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ

{فتوكل على الله إنك على الحق المبين}.

إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ

{إنك لا تسمع الموتى} الكفار {ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين} يعني: الكفار الذين هم بمنزلة الصم ولا يسمعون النداء إذا أعرضوا.

وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ

{وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم} يريد: إنه أعمالهم حتى لا يهتدوا، فكيف يهدي النبي صلى الله عليه وسلم عن ضلالتهم قوماً عمياً. {إن تسمع} ما تسمع سماع إفهام {إلا من يؤمن بآياتنا } بأدلتنا {فهم مسلمون} في علم الله سبحانه.

وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآَيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ

{وإذا وقع القول عليهم} وجب العذاب والسخط عليهم، وذلك حين لا يقبل الله سبحانه من كافر إيمانه، ولم يبق إلا من يموت كافراً في علم الله سبحانه {أخرجنا لهم دابة من الأرض} وخروجها من أول أشراط القيامة {تكلمهم} تحدثهم بما يسوءهم { أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون} تخبر الدابة من رآها أن أهل مكة كانوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن لا يوقنون، ومن كسر: {إن الناس} كان المعنى: تقول لهم: إن الناس.

وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ

{ويوم نحشر} نجمع {من كل أمة فوجا} جماعةً {ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون} يحبس أولهم على آخرهم ليجتمعوا.

حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآَيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ

{حتى إذا جاؤوا قال} الله تعالى لهم: {أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما} ولم تعرفوها حق معرفتها، وهذا توبيخ لهم {أماذا كنتم تعملون} حين لم تتفكروا فيها.

وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ

{ووقع القول} وجبت الحجة {عليهم بما ظلموا} بإشراكهم {فهم لا ينطقون} بحجة وعذر، ثم ذكر الدليل على قدرته وإلهيته سبحانه وتعالى، فقال:

أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ

{ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون} وقوله:

وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ

{إلا من شاء الله} يعني: الشهداء {وكل أتوه} يأتون الله سبحانه {داخرين} صاغرين.

وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ

{وترى الجبال تحسبها جامدة} واقفةً مستقرةً {وهي تمر مر السحاب} وذلك أن كل شيء عظيم، وكل جمع كثير يقصر عنه الطرف لكثرته فهو في حسبان الناظر واقف وهو يسير {صنع الله} أي: صنع الله ذلك صنعه {الذي أتقن} أحكم {كل شيء}.

مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آَمِنُونَ

{من جاء بالحسنة} وهي كلمة لا إله إلا الله {فله خير منها} فمنها يصل إليه الخير {ومن جاء بالسيئة} الشرك {فكبت} ألقيت وطرحت {وجوههم في النار} وقيل لهم: {هل تجزون إلا ما كنتم} بما كنتم {تعملون}.

وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ

قل يا محمد: {إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة} يعني: مكة {الذي حرمها} جعلها حرماً آمناً {وله كل شيء} ملكاً وخلقاً. وقوله:

إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ

{إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين}.

وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآَنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ

{ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين} أي: ليس على إلا البلاغ.

وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ

{وقل الحمد لله سيريكم آياته} أيها المشركون. يعني: يوم بدر {فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون}.


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس