islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز
14295

41-فصلت

حم

{حم}.

تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

{تنزيل من الرحمن الرحيم} ابتداء وخبره قوله:

كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ

{كتاب فصلت آياته} بينت. {لقوم يعلمون} لمن يعلم ذلك ممن يعلم العربية.

بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ

{بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون}.

وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آَذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ

{وقالوا قلوبنا في أكنة} أغطية. {وفي آذاننا وقر} صمم، أي: نحن في ترك القبول منك بمنزلة من لا يفقه ولا يسمع. {ومن بيننا وبينك حجاب} خلاف في الدين فلا نجتمع معك ولا وافقك {فاعمل} على دينك فـ {إننا عاملون} على ديننا. وقوله:

قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ

{فاستقيموا إليه} وجهوا إليه وجوهكم بالطاعة. {وويل للمشركين}.

الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ

{الذين لا يؤتون الزكاة} لا يؤمنون بوجوبها فلا يؤدونها.

إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ

{إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون}.

قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ

{ قل أإنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين } الأحد والإثنين.

وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ

{وبارك فيها} بما خلق فيها من المنافع {وقدر فيها أقواتها} أرزاق أهلها وما يصلح لمعاشهم في البحار والأنهار، والأشجار والدواب {في أربعة أيام} في تتمة أربعة أيام وهو يوم الثلاثاء والأربعاء، فصارت الجملة أربعة أيام خلق الله الأرض وما فيها من سبب الأقوات والمنافع والتجارات، فتم أمرها في أربعة أيام {سواء} أي: استوت استواء، وسواءً {للسائلين} عن ذلك، أي: لمن سأل في كم خلقت السماوات والأرض؟ فيقال: في أربعة أيام.

ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ

{ثم استوى} قصد وعمد {إلى} خلق {السماء وهي دخان} بخار مرتفع عن الماء {فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها} بما خلقت فيكما من المنافع، وأخرجاها لمنافع خلقي. قال للسماوات: أطلعي شمسك وقمرك ونجومك، وقال للأرض: أخرجي ماءك وثمارك طائعةً أو كارهةً، ففعلتا ما أمرهما طوعاً، وهو قوله: {قالتا أتينا طائعين}.

فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ

{فقضاهن} صنعهن وأحكمهن {سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها} أوحى في أهل كل سماء بما أراد من الأمر والنهي. وقوله: {وحفظا} أي: حفظناها من استماع الشياطين بالكواكب حفظاً.

فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ

{فإن أعرضوا} عن الإيمان بعد هذا البيان {فقل أنذرتكم} خوفتكم {صاعقة} مهلكةً تنزل بكم كما نزلت بمن قبلكم {إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم} أتت الرسل إياهم ومن كان قبلهم {ومن خلفهم} ومن بعد الرسل الذين أرسلوا إلى آبائهم جاءتهم الرسل أنفسهم. وقوله:

إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ

{ إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم أن لا تعبدوا إلا الله قالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكة فإنا بما أرسلتم به كافرون }.

فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ

{فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون}.

فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ

{ريحا صرصرا} أي: لها صوت شديد {في أيام نحسات} مشؤومات عليهم وقوله:

وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ

{وأما ثمود فهديناهم} دعوناهم ودللناهم {فاستحبوا العمى على الهدى} فاختاروا الكفر على الإيمان {فأخذتهم صاعقة} مهلكة {العذاب} ذي {الهون} وهو الهوان، أي: العذاب الذي يهينهم. وقوله:

وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ

{ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون}.

وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ

{ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون}.

حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ

{حتى إذا ما جاؤوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون}.

وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ

{وهو خلقكم أول مرة} ابتداء إخبار عن الله تعالى، وليس من كلام الجلود.

وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ

{وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم} أي من أن يشهد عليكم سمعكم أي: لم تكونوا تخافون أن يشهد عليكم جوارحكم، فتستتروا منها {ولكن ظننتم أن الله} أي: ظننتم أن ما تخفون {لا يعلم} الله ذلك ولا يطلع عليه، وذلك الظن منكم بربكم.

وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ

{أرداكم} أهلككم.

فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ

{فإن يصبروا} في جهنم {فالنار مثوى لهم} أي: مقامهم لا يخرجون منها {وإن يستعتبوا} يطلبوا الصلح { فما هم من المعتبين} أي: ممن يصالح ويرضى.

وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ

{وقيضنا لهم } أي: سببنا لهم {قرناء} من الشياطين {فزينوا لهم ما بين أيديهم} من أمر الدنيا حتى آثروه {وما خلفهم} من أمر الآخرة، فدعوهم إلى التكذيب به، وأن لا جنة ولا نار، ولا بعث ولا حساب. {وحق عليهم القول في أمم} مع أمم بالخسران والهلاك. وقوله:

وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ

{والغوا فيه} أي: عارضوه بكلام لا يفهم من المكاء، والصفير، وباطل الكلام {لعلكم تغلبون} ـه على قراءته فيترك القراءة. وقوله:

فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ

{فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون}.

ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ

{ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون}.

وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ

{ ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس } يعنون: إبليس وقابيل، لأنهما أول من سن الضلالة {نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا} في الدرك الأسفل من النار.

إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ

{إن الذين قالوا ربنا الله} أي: وحدوه {ثم استقاموا} على التوحيد، فلم يشركوا به شيئاً {تتنزل عليهم الملائكة} عند الموت { أن لا تخافوا } ذنوبكم {ولا تحزنوا} عليها، فإن الله يغفرها لكم.

نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ

{نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة } أي: أنصاركم وأحباؤكم، وهم قرناؤهم الذين كانوا معهم في الدنيا من الحفظة، يقولون لهم: لن نفارقكم في القيامة حتى ندخلكم الجنة. {ولكم فيها ما تدعون} تمنون وتسألون.

نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ

{نزلا} أي: جعل الله ذلك رزقاً لهم مهيئاً.

وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ

{ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله} الآية. قيل: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه دعا إلى توحيد الله. وقيل: إنها نزلت في المؤذنين.

وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ

{ولا تستوي الحسنة ولا السيئة} لا زائدة {ادفع} السيئة {بالتي هي أحسن} كالغضب يدفع بالصبر، والجهل والحلم، والإساءة بالعفو {فإذا الذي بينك وبينه عداوة} يصير لك كأنه صديق قريب إذا فعلت ذلك.

وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ

{وما يلقاها} أي: ما يلقى هذه الخصلة {إلا الذين صبروا} بكظم الغيظ واحتمال الأذى {وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم} وهو الجنة.

وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ

{وإما ينزغنك من الشيطان نزغ} أي: إن صرفك عن الاحتمال نزغ الشيطان {فاستعذ بالله} من شره وامض على حلمك.

وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ

{ومن آياته} علاماته التي تدل على أنه واحد {الليل والنهار والشمس والقمر}. الآية.

فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ

{فإن استكبروا} أي: الكفار. يقول: إن استكبروا عن السجود لله {فالذين عند ربك} وهم الملائكة {يسبحون له} يصلون له {بالليل والنهار وهم لا يسأمون} لا يملون.

وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

{ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة } مغبرةً لا نبات فيها {فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت} تحركت بالنبات {وربت} انتفخت وعلت، ثم تصدعت عن النبات.

إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آَيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آَمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ

{إن الذين يلحدون في آياتنا} يجعلون الكلام فيها على غير جهته، بأن ينسبوها إلى الكذب والسحر {لا يخفون علينا } بل نعلمهم ونجازيهم بذلك.

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ

{إن الذين كفروا بالذكر} أي: بالقرآن {لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز} منيع من الشيطان والباطل.

لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ

{لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} أي: الكتب التي تقدمت لا تبطله، ولا يأتي كتاب بعده يبطله. وقيل: إنه محفوظ من أن ينقص منه فيأتيه الباطل من بين يديه، أو يزاد فيه فيأتيه الباطل من خلقه.

مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ

{ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك} أي: إن كذبك قومك فقد كذب الذين من قبلك.

وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ م

{ولو جعلناه قرآنا أعجميا } لا بلسان العرب {لقالوا لولا فصلت} بينت {آياته} بلغتنا حتى نعرفها {أأعجمي وعربي} أي: القرآن أعجمي، ونبي عربي {قل هو} أي: القرآن {للذين آمنوا هدى } من الضلالة {وشفاء} من الجهل {والذين لا يؤمنون} في ترك قبوله بمنزلة من {في آذانهم وقر وهو} أي: القرآن {عليهم} ذو {عمى} لأنهم لا يفقهونه {أولئك ينادون من مكان بعيد} أي: كأنهم لقلة استماعهم وانتفاعهم ينادون إلى الإيمان بالقرآن من حيث لا يسمعونه لبعد المسافة.

وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ

{ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه } بالتكذيب والتصديق، والإيمان به والكفر كما فعل قومك {ولولا كلمة سبقت من ربك} بتأخير العذاب عن قومك {لقضي بينهم} لفرغ من هلاكهم {وإنهم لفي شك منه} من القرآن {مريب}.

مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ

{من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد}.

إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آَذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ

{إليه يرد علم الساعة} لأنه لا يعلمه غيره {وما تخرج من ثمرات من أكمامها} أوعيتها {ويوم يناديهم أين شركائي} الذين كنتم تزعمون {قالوا آذناك } أعلمناك {ما منا من شهيد} شاهد أن لك شريكاً، لما عاينوا القيامة تبرؤوا من معبوديهم.

وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ

{وضل عنهم} زال وبطل {ما كانوا يدعون من قبل} يثقون به ويعبدون قبل يوم القيامة {وظنوا} علموا {ما لهم من محيص} من مهرب.

لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ

{لا يسأم الإنسان من دعاء الخير} لا يمل الكافر من الدعاء بالصحة والمال {وإن مسه الشر} الفقر والضر { فيؤوس } من روح الله {قنوط} من رحمته. وقوله:

وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُ

{ليقولن هذا لي} أي: هذا واجب لي بعملي استحققه {وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى} أي: لست أوقن بالبعث وقيام الساعة، فإن كان الأمر على ذلك إن لي عنده لثواباً.

وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ

{وإذا أنعمنا على الإنسان} الآية. يقول: إذا كان الكافر في نعمة تباعد عن ذكر الله، وإذا مسته الحاجة أكثر الدعاء.

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ

{قل أرأيتم إن كان} القرآن {من عند الله ثم كفرتم به من أضل} منكم، لأنهم في {شقاق بعيد} أي: في خلاف بعيد عن الحق بكفرهم بالقرآن.

سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ

{سنريهم آياتنا في الآفاق} ما يفتح على محمد صلى الله عليه وسلم من القرى {وفي أنفسهم} فتح مكة {حتى يتبين لهم} أن القرآن حق وصدق منزل من عند الله تعالى. {أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد} وهو يشهد لمحمد عليه السلام ولكتابه بالصدق.

أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ

{ألا إنهم في مرية} شك {من لقاء ربهم} من البعث والمصير إليه {ألا إنه بكل شيء محيط} عالم.


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس