islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز
14606

15-الحجر

الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ

{ الر } أنا الله أرى . { تلك آيات } هذه آيات { الكتاب } الذي هو قرآن مبين للأحكام .

رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ

{ ربما يود } الآية . نزلت في تمني الكفار الإسلام عند خرةج من يخرج من النار .

ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ

{ ذرهم يأكلوا ويتمتعوا } يقول : دع الكفار يأخذوا حظوظهم من دنياهم { ويلههم الأمل } يشغلهم عن الأخذ بحظهم من الإيمان والطاعة { فسوف يعلمون } إذا وردوا القيامة وبال ما صنعوا .

وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ

{ وما أهلكنا من قرية } يعني : أهلها { إلا ولها كتاب معلوم } أجل ينتهون إليه . يعني : إن لأهل كل قرية أجلا مؤقتا لا يهلكهم حتى يبلغوه .

مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ

{ ما تسبق من أمة أجلها } أي : ما تتقدم الوقت الذي وقت لها { وما يستأخرون } لا يتأخرون عنه .

وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ

{ وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر } أي : القرآن . قالوا هذا استهزاء .

لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ

{ لو ما } هلا { تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين } أنك نبي ، فقال الله عز وجل :

مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ

{ ما ننزل الملائكة إلا بالحق } أي : بالعذاب { وما كانوا إذا منظرين } أي : لو نزلت الملائكة لم ينظروا ولم يمهلوا .

إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ

{ إنا نحن نزلنا الذكر } القرآن { وإنا له لحافظون } من أن يزاد فيه أو ينقص .

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ

{ ولقد أرسلنا من قبلك } أي : رسلا { في شيع الأولين } أي : فرقهم .

وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ

{ وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون } تعزية للنبي صلى الله عليه وسلم .

كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ

{ كذلك } أي : كما فعلوا { نسلكه } ندخل الاستهزاء والشرك والضلال { في قلوب المجرمين } ثم بين أي شيء الذي أدخل في قلوبهم ، فقال :

لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ

{ لا يؤمنون به } أي : بالرسول { وقد خلت } مضت { سنة الأولين } بتكذيب الرسل ، فهؤلاء المشركون يقتفون آثارهم في الكفر .

وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ

{ ولو فتحنا عليهم } على هؤلاء المشركين { بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون } فطفقوا فيه يصعدون لجحدوا ذلك وقالوا :

لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ

{ إنما سكرت أبصارنا } أي : سدت بالسحر ، فتتخايل لأبصارنا غير ما نرى { بل نحن قوم مسحورون } سحرنا محمد _ صلى الله عليه وسلم _ فلا نبصر .

وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ

{ ولقد جعلنا في السماء بروجا } يعني : منازل الشمس والقمر { وزيناها } بالنجوم للمعتبرين والمستدلين على توحيد صانعها .

وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ

{ وحفظناها من كل شيطان رجيم } مرمي بالنجوم .

إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ

{ إلا من استرق السمع } يعني : الخطفة اليسيرة { فأتبعه } لحقه { شهاب } نار { مبين } ظاهر لأهل الأرض .

وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ

{ والأرض مددناها } بسطناها على وجه الماء { وألقينا فيها رواسي } جبالا ثوابت لئلا تتحرك بأهلها { وأنبتنا فيها } في الجبال { من كل شيء موزون } كالذهب والفضة والجواهر .

وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ

{ وجعلنا لكم فيها معايش } من الثمار والحبوب { ومن لستم له برازقين } العبيد والدواب والأنعام ، تقديره : وجعلنا لكم فيها معايش وعبيدا وإماء ودواب نرزقهم ولا ترزقوهم .

وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ

{ وإن من شيء } يعني : من المطر { إلا عندنا خزائنه } أي : في حكمنا وأمرنا { وما ننزله إلا بقدر معلوم } لا ننقصه ولا نزيده ، غير أنه يصرفه إلى من يشاء ، حيث شاء ، كما شاء .

وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ

{ وأرسلنا الرياح لواقح } السحاب تمج الماء فيه ، فهي لواقح ، بمعنى : ملقحات . وقيل : لواقح : حوامل ، لأنها تحمل الماء والتراب والسحاب { فأسقيناكموه } جعلناه سقيا لكم { وما أنتم له } لذلك الماء المنزل من السماء { بخازنين } بحافظين ، أي : ليست خزائنه بأيديكم .

وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ

{ وإنا لنحن نحيي ونميت ونحن الوارثون } إذا مات جميع الخلائق .

وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ

{ ولقد علمنا المستقدمين } الآية . خص رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصف الأول في الصلاة ، فازدحم الناس عليه ، فأنزل الله سبحانه هذه الآية . يقول : قد علمنا جميعهم ، وإنما نجزيهم على نياتهم .

وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ

{وإن ربك هو يحشرهم إنه حكيم عليم}.

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ

{ ولقد خلقنا الإنسان } آدم { من صلصال } طين منتن { من حمإ } طين أسود { مسنون } متغير الرائحة .

وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ

{ والجان } أبا الجن { خلقناه من قبل } خلق آدم { من نار السموم } وهي نار لا دخان لها .

وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ

{وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون}.

فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ

{ فإذا سويته } عدلت صورته { ونفخت فيه } وأجريت فيه { من روحي } المخلوقة لي { فقعوا } فخروا { له ساجدين } سجود تحية . وقوله :

فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ

{فسجد الملائكة كلهم أجمعون}.

إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ

{إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين}.

قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ

{ قال يا إبليس ما لك أن لا تكون مع الساجدين }.

قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ

{قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمإ مسنون}.

قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ

{قال فاخرج منها فإنك رجيم}.

وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ

{ وإن عليك اللعنة } الآية . يقول : يلعنك أهل السماء وأهل الأرض إلى يوم الجزاء ، فتحصل حينئذ من عذاب النار . وقوله :

قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ

{قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون}.

قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ

{قال فإنك من المنظرين}.

إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ

{ إلى يوم الوقت المعلوم } يعني : النفخة الأولى حين يموت الخلائق .

قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ

{ قال رب بما أغويتني } أي : بسبب إغوائك إياي { لأزينن لهم } لأولاد آدم الباطل حتى يقعوا فيه .

إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ

{ إلا عبادك منهم المخلصين } أي : الموحدين المؤمنين الذي أخلصوا دينهم عن الشرك .

قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ

{ قال هذا صراط علي } هذا طريق علي { مستقيم } مرجعه إلي ، فأجازي كلا بأعمالهم . يعني : طريق العبودية .

إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ

{ إن عبادي } يعني : الذين هداهم واجتباهم { ليس لك عليهم سلطان } قوة وحجة في إغوائهم ، ودعائهم إلى الشرك والضلال .

وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ

{ وإن جهنم لموعدهم أجمعين } يريد : إبليس ومن تبعه من الغاوين .

لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ

{ لها } لجهنم { سبعة أبواب } سبعة أطباق ، طبق فوق طبق { لكل باب منهم } من أتباع إبليس { جزء مقسوم } .

إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ

{ إن المتقين } للفواحش والكبائر { في جنات وعيون } يعني : عيون الماء والخمر . يقال لهم :

ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ

{ ادخلوها بسلام } بسلامة { آمنين } من سخط الله سبحانه وعذابه .

وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ

{ ونزعنا ما في صدورهم من غل } ذكرناه في سورة الأعراف . { إخوانا } متآخين { على سرر } جمع سرير { متقابلين } لا يرى بعضهم قفا بعض .

لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ

{ لا يمسهم } لا يصيبهم { فيها نصب } إعياء .

نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ

{ نبئ عبادي } أخبر أوليائي { أني أنا الغفور } لأوليائي { الرحيم } بهم .

وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ

{ وأن عذابي هو العذاب الأليم } لأعدائي .

وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ

{ ونبئهم عن ضيف إبراهيم } يعني : الملائكة الذين أتوه في صورة الأضياف .

إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ

{ إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما } سلموا سلاما فـ { قال } إبراهيم : { إنا منكم وجلون } فزعون .

قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ

{ قالوا لا توجل } : لاتفزع . وقوله :

قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ

{ على أن مسني الكبر } أي : على حالة الكبر { فبم تبشرون } استفهام تعجب كأنه عجب من الولد على كبره .

قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ

{ قالوا بشرناك بالحق } بما قضاه الله أن يكون { فلا تكن من القانطين } الآيسين .

قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ

{ قال ومن يقنط } ييئس { من رحمة ربه إلا الضالون } المكذبون .

قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ

{ قال فما خطبكم } ما شأنكم وما الذي جئتم له ؟

قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ

{ قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين } يعني : قوم لوط .

إِلَّا آَلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ

{ إلا آل لوط } أتباعه الذين كانوا على دينه . وقوله :

إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ

{ قدرنا } قضينا ودبرنا أنها تتخلف وتبقى مع من بقي حتى تهلك . وقوله :

فَلَمَّا جَاءَ آَلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ

{فلما جاء آل لوط المرسلون}.

قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ

{ منكرون } أي : غير معروفين .

قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ

{ قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون } بالعذاب الذي كانوا يشكون في نزوله .

وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ

{ وأتيناك بالحق } بالأمر الثابت الذي لا شك فيه من عذاب قومك .

فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ

{ فأسر بأهلك } مفسر في سورة هود . { واتبع أدبارهم } امش على آثارهم ببناتك وأهلك لئلا يتخلف منهم أحد { ولا يلتفت منكم أحد } لئلا يرى عظيم ما ينزل بهم من العذاب { وامضوا حيث تؤمرون } حيث يقول لكم جبريل عليه السلام .

وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ

{ وقضينا إليه } أوحينا إليه وأخبرناه { ذلك الأمر } الذي أخبرته الملائكة إبراهيم من عذاب قومه وهو { أن دابر هؤلاء } أي : أواخر من تبقى منهم { مقطوع } مهلك { مصبحين } داخلين في وقت الصبح . يريد : إنهم مهلكون هلاك الاستئصال في ذلك الوقت .

وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ

{ وجاء أهل المدينة } مدينة قوم لوط ، وهي سذوم { يستبشرون } يفرحون طمعا منهم في ركوب المعاصي والفاحشة حيث أخبروا أن في بيت لوط مردا حسانا ، فقال لهم لوط :

قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ

{ إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون } عندهم بقصدكم إياهم ، فيعلموا أنه ليس لي عندكم قدر .

وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ

{ واتقوا الله ولا تخزون } مذكور في سورة هود .

قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ

{ قالوا أولم ننهك عن العالمين } عن ضيافتهم ، لأنا نريد منهم الفاحشة ، وكانوا يقصدون بفعلهم الغرباء .

قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ

{ قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين } هذا الشأن . يعني : اللذة وقضاء الوطر . يقول : عليكم بتزويجهن ، أراد أن يقي أضيافه ببناته .

لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ

{ لعمرك } بحياتك يا محمد { إنهم } إن قومك { لفي سكرتهم يعمهون } في ضلالتهم يتمادون . وقيل : يعني : قوم لوط .

فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ

{ فأخذتهم الصيحة } صاح بهم جبريل عليه السلام صيحة أهلكتهم { مشرقين } داخلين في وقت شروق الشمس ، وذلك أن تمام الهلاك كان مع الإشراق . وقوله :

فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ

{فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل}.

إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ

{ للمتوسمين } أي : المتفرسين المتثبتين في النظر حتى يعرفوا حقيقة سمة الشيء .

وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ

{ وإنها } يعني : مدينة قوم لوط { لبسبيل مقيم } على طريق قومك إلى الشام ، وهو طريق لا يندرس ولا يخفى .

إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ

{ إن في ذلك لآية للمؤمنين } لعبرة للمصدقين . يعني : إن المؤمنين اعتبروا بها .

وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ

{ وإن كان أصحاب الأيكة } قوم شعيب ، وكانوا أصحاب غياض وأشجار .

فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ

{ فانتقمنا منهم } بالعذاب . أخذهم الحر أياما ، ثم اضطرم عليهم المكان نارا فهلكوا . { وإنهما } يعني : الأيكة ومدينة قوم لوط { لبإمام مبين } لبطريق واضح .

وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ

{ ولقد كذب أصحاب الحجر } يعني : قوم ثمود ، والحجر اسم واديهم { المرسلين } يعني : صالحا ، وذلك أن من كذب نبيا فقد كذب جميع الرسل .

وَآَتَيْنَاهُمْ آَيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ

{ وآتيناهم آياتنا } يعني : ما أظهر لهم من الآيات في الناقة .

وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آَمِنِينَ

{ وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا } لطول عمرهم كان لا يبقى معهم السقوف ، فاتخذوا كهوفا من الجبال بيوتا { آمنين } من أن يقع عليهم .

فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ

{ فأخذتهم الصيحة } صيحة العذاب { مصبحين } حين دخلوا في وقت الصبح .

فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ

{ فما أغنى عنهم } ما دفع العذاب { ما كانوا يكسبون } من الأموال والأنعام .

وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآَتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ

{ وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق } أي : للثواب والعقاب . أثيب من آمن بي وصدق رسلي ، وأعاقب من كفر بي ، والموعد لذلك الساعة ، وهو قوله تعالى : { وإن الساعة لآتية } أي : إن القيامة تأتي ، فيجازى المشركون بقبيح أعمالهم { فاصفح } عنهم { الصفح الجميل } أي : أعرض إعراضا بغير فحش ولا جزع .

إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ

{ إن ربك هو الخلاق العليم } بما خلق .

وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ

{ ولقد آتيناك سبعا من المثاني } يعني : الفاتحة ، وهي سبع آيات ، وتثنى في كل صلاة . امتن الله على رسوله صلى الله عليه وسلم بهذه السورة ، كما امتن عليه بجميع القرآن حين قال : { والقرآن العظيم } أي : العظيم القدر .

لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ

{ لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به } نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرغبة في الدنيا ، فخظر عليه أن يمد عينيه إليها رغبة فيها . وقوله : { أزواجا منهم } أي : أصنافا من الكفار ، كالمشركين ، واليهود ، وغيرهم . يقول : لا تنظر إلى ما متعناهم به في الدنيا { ولا تحزن عليهم } إن لم يؤمنوا { واخفض جناحك للمؤمنين } لين جانبك وارفق بهم .

وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ

{ وقل إني أنا النذير المبين } أنذركم عذاب الله سبحانه ، وأبين لكم ما يقربكم إليه .

كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ

{ كما أنزلنا } أي : عذابنا { على المقتسمين } وهم الذين اقتسموا طرق مكة يصدون الناس عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله تعالى بهم خزيا ، فماتوا شر ميتة .

الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآَنَ عِضِينَ

{ الذين جعلوا القرآن عضين } جزؤوه أجزاء ، فقالوا : سحر ، وقالوا : أساطير الأولين ، وقالوا : مفترى .

فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ

{ فوربك لنسألنهم أجمعين } .

عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ

{ عما كانوا يعملون } أي : يفترون من القول في القرآن . يريد : لنسألنهم سؤال توبيخ وتقريع .

فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ

{ فاصدع بما تؤمر } يقول : أظهر ما تؤمر ، واجهر بأمرك ، { وأعرض عن المشركين } لا تبال بهم ، ولم يزل النبي صلى الله عليه وسلم مستخفيا حتى نزلت هذه الآية .

إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ

{ إنا كفيناك المستهزئين } وكانوا خمسة نفر : الوليد بن المغيرة ، والعاص بن وائل ، وعدي بن قيس ، والأسود بن المطلب ، والأسود بن عبد يغوث ، سلط الله سبحانه عليهم جبريل عليه السلام حتى قتل كل واحد منهم بآفة ، وكفى نبيه عليه السلام شرهم .

الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ

{الذين يجعلون مع الله إلها آخر فسوف يعلمون}.

وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ

{ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون}.

فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ

{ فسبح بحمد ربك } قل : سبحان الله وبحمده { وكن من الساجدين } المصلين .

وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ

{ واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } أي : الموت .


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس