{تبارك} أي: تعالى وتعظم {الذي بيده الملك} يؤتيه من يشاء وينزعه عمن يشاء.
{الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم} في الحياة {أيكم أحسن عملا} أي: أطوع لله وأروع عن محارمه، ثم يجازيكم بعد الموت.
{الذي خلق سبع سماوات طباقا} بعضها فوق بعض {ما ترى في خلق الرحمن} أي: خلقه السماء {من تفاوت} اضطرب واختلاف، بل هي مستويةً مستقيمة {فارجع البصر} أعد فيها النظر {هل ترى من فطور} صدوع وشقوق. {ثم ارجع البصر} كرر النظر {كرتين} مرتين.
{ينقلب إليك البصر} ينصرف ويرجع {خاسئا} صاغراً ذليلاً {وهو حسير} أي: وقد أعيا من قبل أن يرى في السماء خللاً.
{ولقد زينا السماء الدنيا} التي تدنو منكم {بمصابيح} بكواكب {وجعلناها رجوما} مرامي {للشياطين} إذا استرقوا السمع {وأعتدنا لهم} في الآخرة {عذاب السعير}.
{وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير}.
{إذا ألقوا فيها سمعوا لها} لجهنم {شهيقا} صوتاً كصوت الحمار {وهي تفور} تغلي.
{تكاد تميز من الغيظ} تنقطع غضباً على الكفار {كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها} سؤال توبيخ: {ألم يأتكم نذير} رسول في الدنيا ينذركم عذاب الله؟ فقالوا:
{قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير}.
{لو كنا نسمع} من الرسل من يفهم ويتفكر {أو نعقل} عقل من ينظر {ما كنا في أصحاب السعير}. وقوله:
{فاعترفوا بذنبهم}بتكذيب الرسل، ثم اعترفوا بجهلهم {فسحقا لأصحاب السعير} أي: أسحقهم الله سحقاً، أي: باعدهم من رحمته مباعدةً.
{إن الذين يخشون ربهم بالغيب} قبل معاينة العذاب وأحكام الآخرة.
{وأسروا قولكم أو اجهروا به} نزلت في المشركين الذين كانوا ينالون من رسول الله صلى الله عليه وسلم بألسنتهم، فيخبره الله تعالى، فقالوا: فيما بينهم: أسروا قولكم كيلا يسمع إله محمد، فقال الله تعالى:
{ألا يعلم من خلق} أي: ألا يعلم ما في صدوركم وما تسرون به من خلقكم؟
{هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا} سهلاً مسخرةً {فامشوا في مناكبها} جوانبها {وإليه النشور} إليه يبعث الخلق.
{أأمنتم من في السماء} قدرته وسلطانه وعرشه {أن يخسف بكم الأرض} تغور بكم {فإذا هي تمور} تتحرك بكم وترتفع فوقكم. وقوله:
{فستعلمون} أي: عند معاينة العذاب {كيف نذير} أي: إنذاري بالعذاب.
{ولقد كذب الذين من قبلهم فكيف كان نكير} إنكاري إذ أهلكتهم.
{أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات} باسطات أجنحتها {ويقبضن} يضربن بها جنوبهن {ما يمسكهن} في حال القبض والبسط {إلا الرحمن} بقدرته.
{أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن} يدفع عنكم عذابه.
{بل لجوا} تمادوا {في عتو} عصيان وضلال {ونفور} تباعد عن الحق.
{أفمن يمشي مكبا على وجهه} أي: الكافر يحشر يوم القيامة وهو يمشي على وجهه. يقال: كببت فلاناً على وجهه فأكب هو. يقول هذا {أهدى أمن يمشي سويا} مستوياً مستقيماً {على صراط مستقيم} وهو المؤمن.
{قل هو الذي أنشأكم} خلقكم {وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون} أي: لا تشكرون خالقكم وخالق هذه الأعضاء لكم إذ أشركتم به غيره.
{قل هو الذي ذرأكم} خلقكم {في الأرض وإليه تحشرون}
{ويقولون متى هذا الوعد} أي: وعد الحشر.
{قل إنما العلم} بوقوعه ومجيئه {عند الله وإنما أنا نذير} مخوف {مبين} أبين لكم الشريعة.
{فلما رأوه} أي: العذاب في الآخرة {زلفة} قريباً {سيئت وجوه الذين كفروا} تبين في وجوههم السوء، وعلتها الكآبة {وقيل هذا} العذاب {الذي كنتم به تدعون} تفتعلون من الدعاء، أي: تدعون الله به إذ تقولون: {اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك} الآية.
{قل أرأيتم إن أهلكني الله} فعذبني {ومن معي أو رحمنا} غفر لنا {فمن يجير الكافرين من عذاب أليم} يعني: نحن مع إيماننا خائفون نخاف عذاب الله ونرجو رحمته، فمن يمنعكم من عذابه وأنتم كافرون؟
{قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا فستعلمون من هو في ضلال مبين}.
{قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا} غائراً ذاهباً في الأرض {فمن يأتيكم بماء معين} ظاهر تناله الأيدي والدلاء.