{لا أقسم} لا صلة، معناه: أقسم، وقيل: لا رد لإنكار المشركين البعث، ثم قال: أقسم {بيوم القيامة}.
{ولا أقسم بالنفس اللوامة} وهي نفس ابن آدم تلومه يوم القيامة إن كان عمل شراً لم عمله، وإن كان عمل خيراً لامته على ترك الاستكثار منه، وجواب هذا القسم مضمر على تقدير: إنكم مبعوثون، ودل عليه ما بعده من الكلام، وهو قوله:
{أيحسب الإنسان} أي: الكافر {ألن نجمع عظامه} للبعث والإحياء بعد التفرقة والبلى!
{بلى قادرين} بلى نقدر على جمعها و{على أن نسوي بنانه} نجعله كخف البعير، فلا يمكن أن يعمل بها شيئاً. وقيل: نسوي بنائه على ما كانت وإن دقت عظامها وصغرت.
{بل يريد الإنسان ليفجر أمامه} يؤخر التوبة ويمضي في معاصي الله تعالى قدماً قدماً، فيقدم الأعمال السيئة. وقيل: معناه ليكفر بما قدامه، يدل على هذا قوله:
{يسأل أيان} متى {يوم القيامة} تكذيباً به واستبعاداً لوقوعه.
{فإذا برق البصر} فزع وتحير.
{وخسف القمر} أظلم وذهب ضوءه.
{وجمع الشمس والقمر} أي: جمعا في ذهاب نورهما.
{يقول الإنسان يومئذ أين المفر} أي: الفرار؟
{كلا} لا مفر ذلك اليوم و{لا وزر} ولا ملجأ ولا حرز.
{إلى ربك يومئذ المستقر} المنتهى والمصير.
{ينبأ الإنسان} يخبر {بما قدم وأخر} بأول عمله وآخره.
{بل الإنسان على نفسه بصيرة} أي: شاهد عليها بعملها، يشهد عليه جوارحه، وأدخلت الهاء في البصيرة للمبالغة. وقيل: لأنه أراد بالإنسان الجوارح.
{ولو ألقى معاذيره} ولو اعتذر وجادل فعليه من نفسه من يكذب عذره. وقيل: معناه: ولو أرخى الستور وأغلق الأبواب، والمعذار: الستر بلغة اليمن.
{لا تحرك به} بالوحي {لسانك لتعجل به} كان جبريل عليه السلام إذا نزل بالقرآن تلاه النبي صلى الله عليه وسلم قبل فراغ جبريل كراهيةً أن ينفلت منه، فأعلم الله تعالى أنه لا ينسبه إياه، وأنه يجمعه في قلبه، فقال:
{إن علينا جمعه وقرآنه} قراءته عليك حتى تعيه.
{فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} أي: لا تعجل بالتلاوة إلى أن يقرأ عليك.
{ثم إن علينا بيانه} أي: علينا أن ننزله قرآناً فيه بيان للناس.
{كلا} زجر وتنبيه . {بل تحبون العاجلة}.
{وتذرون الآخرة} أي: تختارون الدنيا على العقبى.
{وجوه يومئذ} يوم القيامة {ناضرة} مضيئة حسنة.
{إلى ربها ناظرة} تنظر إلى خالقها عياناً.
{ووجوه يومئذ باسرة} كالحة.
{تظن} توقن {أن يفعل بها فاقرة} داهية عظيمة من العذاب.
{كلا إذا بلغت التراقي} يعني: النفس. بلغت عظام الحلق.
{وقيل من راق} قال من حضر ذلك الذي قارب الموت: هل من طبيب يداويه، وراق يرقيه فيشفى برقيته؟
{وظن} أيقن الذي نزل به الموت {أنه الفراق} من الدنيا والأهل والمال.
{والتفت الساق بالساق} التفت ساقاه لشدة النزع. وقيل: تتابعت عليه الشدائد.
{إلى ربك يومئذ المساق} المنتهى والمرجع بسوق الملائكة الروح إلى حيث أمر الله سبحانه.
{فلا صدق ولا صلى}يعني: أبا جهل لعنه الله.
{ولكن كذب وتولى} عن الإيمان.
{ثم ذهب إلى أهله يتمطى} يتبختر.
{أولى لك فأولى}. {ثم أولى لك فأولى} هذا تهديد ووعيد له، والمعنى: وليك المكروه يا أبا جهل، أي: لومك المكروه.
{ثم أولى لك فأولى}.
{أيحسب الإنسان أن يترك سدى} مهملاً غير مأمور ولا منهي.
{ألم يك نطفة من مني يمنى} يصب في الرحم.
{ثم كان علقة فخلق فسوى} فخلقه الله فسوى خلقه، حتى صار إنساناً بعد أن كان علقةً.
{فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى} فخلق من الإنسان صنفين الرجل والمرأة.
{أليس ذلك} الذي فعل هذا {بقادر على أن يحيي الموتى}؟ بلى وهو على كل شيء قدير.