{يا أيها الناس} يا أهل مكة {اتقوا ربكم} أطيعوه {إن زلزلة الساعة شيء عظيم} وهي زلزلة يكون بعدها طلوع الشمس من مغربها.
{يوم ترونها} يعني: الزلزلة {تذهل كل مرضعة عما أرضعت} تتلاك كل إمرأة ترضع ولدها الرضيع اشتعالاً بنفسها وخوفاً {وتضع كل ذات حمل حملها} تسقط ولدها من هول ذلك اليوم {وترى الناس سكارى} من شدة الخوف {وما هم بسكارى} من الشراب {ولكن عذاب الله شديد} فهم يخافونه.
{ومن الناس من يجادل في الله بغير علم} نزلت في النضر بن الحارث وجماعة من قريش كانوا ينكرون البعث، ويقولون: القرآن أساطير الأولين، ويجادلون النبي صلى الله عليه وسلم {ويتبع} في جداله ذلك {كل شيطان مريد} متمرد عات.
{كتب عليه} قضي على الشيطان {أنه من تولاه} اتبعه {فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير} يدعوه إلى النار بما يزين له من الباطل.
{يا أيها الناس} يعني: كفار مكة {إن كنتم في ريب من البعث} شك من الإعادة { فإنا خلقناكم } خلقنا أباكم الذي هو أصل البشر {من تراب ثم} خلقنا ذريته {من نطفة ثم من علقة} وهي الدم الجامد {ثم من مضغة} وهي لحمة قليلة قدر ما يمضغ {مخلقة} مصورة تامة الخلق {وغير مخلقة} وهي ما تمجه الأرحام دماً، يعني: السقط {لنبين لكم} كمال قدرتنا بتصريفنا أطوار خلقكم {ونقر في الأرحام ما نشاء } ننزل فيها ما لا يكون سقطاً {إلى أجل مسمى} إلى وقت خروجه {ثم نخرجكم} من بطون الأمهات {طفلا} صغاراً {ثم لتبلغوا أشدكم} عقولكم ونهاية قوتكم {ومنكم من يتوفى} يموت قبل بلوغ الأشد {ومنكم من يرد إلى أرذل العمر} وهو الهرم والخرف حتى لا يعقل شيئاً، وهو قوله: {لكيلا يعلم من بعد علم شيئا} ثم ذكر دلالةً أخرى على البعث فقال: {وترى الأرض هامدة} جافةً ذات تراب {فإذا أنزلنا عليها الماء} المطر {اهتزت} تحركت بالنبات {وربت} زادت {وأنبتت من كل زوج بهيج} من كل صنف حسن من النبات.
{ذلك} الذي تقدم ذكره من اختلاف أحوال خلق الإنسان، وإحياء الأرض بالمطر {بأن الله هو الحق} الدائم الثابت الموجود {وأنه يحيي الموتى وأنه على كل شيء قدير}.
{وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور}.
{ومن الناس من يجادل في الله بغير علم} نزلت في أبي جهل {ولا هدى} ليس معه من ربه رشاد ولا بيان {ولا كتاب} له نور.
{ثاني عطفه} لاوي عنقه تكبراً {ليضل} الناس عن طاعة الله سبحانه باتباع محمد عليه السلام {له في الدنيا خزي} يعني: القتل ببدر.
{ذلك بما قدمت يداك} هذا العذاب بما كسبت {وأن الله ليس بظلام للعبيد} لا يعاقب بغير جرم.
{ومن الناس من يعبد الله على حرف} على جانب لا يدخل فيه دخول متمكن {فإن أصابه خير} خصب وكثرة مال {اطمأن به} في الدين بذلك الخصب {وإن أصابته فتنة} اختبار بجدب وقلة مال {انقلب على وجهه} رجع عن دينه إلى الكفر.
{يدعو من دون الله ما لا يضره} إن عصاه {ولا ينفعه} إن أطاعه {ذلك هو الضلال البعيد} الذهاب عن الحق.
{يدعو لمن ضره أقرب من نفعه} ضرره بعبادته أقرب من نفعه، ولا ينفع عنده، والعرب تقول لما لا يكون: هو بعيد، والمعنى في هذا أنه يضر ولا ينفع {لبئس المولى} الناصر {ولبئس العشير} الصاحب والخليط.
{إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار إن الله يفعل ما يريد}.
{من كان يظن أن لن ينصره الله} محمداً صلى الله عليه وسلم حتى يظهره على الدين كله فليمت غيظاً، وهو تفسير قوله: {فليمدد بسبب إلى السماء} أي: فليشدد حبلاً في سقفه {ثم ليقطع} أي: ليمد الحبل حتى ينقطع فيموت مختلفاً {فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ} غيظه، وقوله:
{وكذلك أنزلناه آيات بينات وأن الله يهدي من يريد}.
{إن الله يفصل بينهم يوم القيامة } أي: يحكم ويقضي، بأن يدخل المؤمنين الجنة، وغيرهم من هؤلاء الفرق النار. {إن الله على كل شيء شهيد} يريد: إن الله عالم بما في قلوبهم.
{ألم تر أن الله يسجد له} يذل له، وينقاد له {من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب} وذلك أن كل شيء منقاد لله عز وجل على ما خلقه، وعلى ما رزقه، وعلى ما أصحه وعلى ما أسقمه، فالبر والفاجر، والمؤمن والكافر في هذا سواء {ومن يهن الله} يذله بالكفر {فما له من مكرم} أحد يكرمه {إن الله يفعل ما يشاء} يهين من يشاء بالكفر، ويكرم من يشاء بالإيمان.
{هذان خصمان} يعني: المؤمنين والكافرين {اختصموا في ربهم} في دينه {فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار} يلبسون مقطعات النيران {يصب من فوق رؤوسهم الحميم} ماء حار، لو سقطت نقط على جبال الدنيا أذابتها.
{يصهر} يذاب {به} بذلك الماء {ما في بطونهم} من الأمعاء {والجلود} وتنشوي جلودهم فتتساقط.
{ولهم مقامع} سياط {من حديد}.
{كلما أرادوا أن يخرجوا منها} من جهنم {من غم} يصيبهم {أعيدوا فيها} ردوا إليها بالمقاطع، {و} تقول لهم الخزنة: {ذوقوا عذاب الحريق} النار، وقال في الخصم الذين هم المؤمنون:
{إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات} الآية. وهي مفسرة في سورة الكهف.
{وهدوا} أرشدوا في الدنيا {إلى الطيب من القول}ت وهو شهادة أن لا إله إلا الله {وهدوا إلى صراط الحميد} دين الله المحمود في أفعاله.
{إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله} يمنعون عن طاعة الله تعالى. {والمسجد الحرام} يمنعون المؤمنين عنه {الذي جعلناه للناس } خلقناه وبنيناه للناس كلهم لم تخص به بعضاً دون بعض {سواء العاكف فيه والباد} سواء في تعظيم حرمته وقضاء النسك به الحاضر، والذي يأتيه من البلاد، فليس أهل مكة بأحق به من النازع إليه {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم} أي: إلحاداً بظلم، وهو أن يميل إلى الظلم، ومعناه: صيد حمامه وقطع شجره، ودخوله غير محرم، وجميع المعاصي، لأن السيئات تضاعف بمكة كما تضاعف الحسنات.
{وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت} بينا له أين يبنى {أن لا تشرك} يعني: وأمرناه أن لا تشرك {بي شيئا وطهر بيتي} مفسر في سورة البقرة.
{وأذن في الناس} ناد فيهم {بالحج يأتوك رجالا} مشاةً على أرجلهم، {و} ركباناً {على كل ضامر} وهو البعير المهزول {يأتين من كل فج عميق} طريق بعيد.
{ليشهدوا} ليحضروا {منافع لهم} من أمر الدنيا والآخرة {ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام} يعني: التسمية على ما ينجر في يوم النحر وأيام التشويق {فكلوا منها} أمر إباحة، وكان أهل الجاهلية لا يأكلون من نسائكهم، فأمر المسلمون أن يأكلوا {وأطعموا البائس الفقير} الشديد الفقر.
{ثم ليقضوا تفثهم} يعني: ما يخرجون به من الإحرام، وهو أخذ الشارب، وتقليم الظفر، وحلق العانة، ولبس الثوب {وليوفوا نذورهم} يعني: ما نذروه من ير وهدي في أيام الحج {وليطوفوا بالبيت العتيق} القديم: وقيل: المعتق من أن يتسلط عليه جبار. يعني: الكعبة.
{ذلك} أي: الأمر ذلك الذي ذكرت {ومن يعظم حرمات الله} فرائض الله وسننه. {وأحلت لكم الأنعام} أن تأكلوها {إلا ما يتلى عليكم} في قوله: {حرمت عليكم الميتة} الآية. ومعنى هذا النهي تحريم ما حرمه أهل الجاهلية من البحيرة والسائبة وغير ذلك {فاجتنبوا الرجس من الأوثان} يعني: عبادتها {واجتنبوا قول الزور} يعني: الشرك بالله.
{حنفاء لله} مسلمين عادلين عن كل دين سواه. {ومن يشرك بالله فكأنما خر} سقط {من السماء} فاختطفته الطير من الهواء، أو ألفته الريح في {مكان سحيق} بعيد. يعني: إن من أشرك فقد هلك وبعد عن الحق.
{ذلك ومن يعظم شعائر الله} يستسمن البدن {فإن ذلك من} علامات التقوى.
{لكم فيها منافع} الركوب والدر والنسل {إلى أجل مسمى} وهو أن يسميها هدياً {ثم محلها} حيث يحل نحرها عند {البيت العتيق} يعني: الحرم كله.
{ولكل أمة} جماعة سلفت قبلكم {جعلنا منسكا} ذبحاً للقرابين {ليذكروا اسم الله} عند الذبح {على ما رزقهم من بهيمة الأنعام} يعني: الأنعام. {فإلهكم إله واحد} أي: لا تذكروا على ذبائحكم إلا الله وحده {فله أسلموا} أخلصوا العبادة {وبشر المخبتين} المتواضعين.
{الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم والمقيمي الصلاة ومما رزقناهم ينفقون}.
{والبدن} الإبل والبقر {جعلناها لكم من شعائر الله} أعلام دينه {لكم فيها خير} النفع في الدنيا، والأجر في العقبى {فاذكروا اسم الله} وهو أن يقول عند نحرها: الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر {صواف} قائمة معقولة اليد اليسرى {فإذا وجبت جنوبها} سقطت على الأرض {فكلوا منها وأطعموا القانع} الذي يسألك {والمعتر} الذي يتعرض لك ولا يسألك. {كذلك} الذي وفصفنا {سخرناها لكم} يعني: البدن {لعلكم تشكرون} لكي تطيعوني.
{لن ينال الله لحومها ولا دماؤها} كان المشركون يلطخون جدار الكعبة بدماء القرابين، فقال الله تعالى: {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها } أي : لن يصل إلى الله لحومها ولا دماؤها {ولكن يناله التقوى منكم} أي: النية والإخلاص وما أريد به وجه الله تعالى. {لتكبروا الله على ما هداكم} إلى معالم دينه {وبشر المحسنين} الموحدين.
{إن الله يدافع } غائلة المشركين عن المؤمنين {إن الله لا يحب كل خوان} في أمانته {كفورا} لنعمته، وهم الذين تقربوا إلى الأصنام بذبائحهم.
{أذن للذين يقاتلون} يعني: المؤمنين، وهذه أول آية نزلت في الجهاد. والمعنى: أذن لهم أن يقاتلوا {بأنهم ظلموا} بظلم الكافرين إياهم {وإن الله على نصرهم لقدير} وعد من الله تعالى بالنصر.
{الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق} يعني: المهاجرين {إلا أن يقولوا ربنا الله} أي: لم يخرجوا إلا بأن وحدوا الله تعالى {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض} لولا أن دفع الله بعض الناس ببعض {لهدمت صوامع وبيع} في زمان عيسى عليه السلام {وصلوات} في أيام شريعة موسى عليه السلام، يعني: كنائسهم وهي بالعبرانية صلوتا {ومساجد} في أيام شريعة محمد صلى الله عليه وسلم {ولينصرن الله من ينصره} يعني: من نصر دين الله نصره الله على ذلك {إن الله لقوي} على خلقه {عزيز} منيع في سلطانه.
{الذين إن مكناهم في الأرض} يعني: هذه الأمة إذا فتح الله عليهم الأرض {أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور} أي: آخر أمور الخلق ومصيرهم إليه، ثم عزى نبيه فقال:
{وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود}.
{وقوم إبراهيم وقوم لوط}.
{وأصحاب مدين وكذب موسى فأمليت للكافرين } أي: أمهلتهم {ثم أخذتهم} عاقبتهم {فكيف كان نكير} إنكاري عليهم ما فعلوا بالعذاب.
{فكأين من قرية} وكم من قرية {أهلكناها وهي ظالمة} بالكفر {فهي خاوية} ساقطة {على عروشها} سقوفها {وبئر معطلة} متروكة بموت أهلها {وقصر مشيد} رفيع طويل.
{أفلم يسيروا في الأرض} يعني: كفار مكة {فينظروا} إلى مصارع الأمم المكذبة، وهو قوله: { فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها } فيتفكروا ويعتبروا. ثم ذكر أن الأبصار لا تعمى عن رؤية الآيات، ولكن القلوب تعمى، فلا يتفكروا ولا يعتبروا.
{ويستعجلونك بالعذاب} كانوا يقولون له: {فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين}. فقال الله تعالى: {ولن يخلف الله وعده} الذي وعدك من نصرك وإهلاكهم، ثم ذكر أن لهم مع عذاب الدنيا في الآخرة عذاباً طويلاً، وهو قوله تعالى: {وإن يوما عند ربك} أي: من أيام عذابهم {كألف سنة مما تعدون} وذلك أن يوماً من أيام الآخرة كألف سنة في الدنيا، ثم ذكر سبحانه أنه قد أخذ قوماً بعد الإمهال فقال:
{وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير}.
{قل يا أيها الناس إنما أنا لكم نذير مبين}.
{فالذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة ورزق كريم }.
{والذين سعوا في آياتنا} عملوا في إبطالها {معاجزين} مقدرين أنهم يعجزوننا ويفوتوتنا.
{وما أرسلنا من قبلك من رسول} وهو الذي يأتيه جبريل عليه السلام بالوحي عياناً {ولا نبي} وهو الذي تكون نبوته إلهاماً ومناماً {إلا إذا تمنى} قرأ {ألقى الشيطان} في قراءته ما ليس مما يقرأ، يعني: ما جرى على لسان النبي صلى الله عليه وسلم حين قرأ سورة والنجم في مجلس من قريش، فلما بلغ قوله تعالى: {ومناة الثالثة الأخرى} جرى على لسانه: تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى ثم نبهه جبريل عليه السلام على ذلك، فرجع وأخبرهم أن ذلك كان من جهة الشيطان، فذلك قوله: {فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته} يبينها حتى لا يجد أحد سبيلاً إلى إبطالها {والله عليم} بما أوحى إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم {حكيم} في خلقه، ثم ذكر أن ذلك ليفتن الله به قوماً، فقال:
{ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة} ضلالةً {للذين في قلوبهم مرض} وهم أهل النفاق {والقاسية قلوبهم} المشركين {وإن الظالمين} الكافرين {لفي شقاق بعيد} خلاف طويل مع النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين.
{وليعلم الذين أوتوا العلم} التوحيد والقرآن {إنه الحق} أي: الذي أحكم الله سبحانه من آيات القرآن، وهو الحق {فتخبت له قلوبهم} فتخشع.
{ولا يزال الذين كفروا في مرية} في شك {منه} مما ألقي على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم {حتى تأتيهم الساعة} القيامة {بغتة} فجأة {أو يأتيهم عذاب يوم عقيم} يعني: يوم بدر، وكان عقيماً عن أن يكون للكافرين فيه فرح أو راحة، والعقيم معناه: التي لا تلد.
{الملك يومئذ} يعني: يوم القيامة {لله} وحده من غير منازع ولا مدع {يحكم بينهم} ثم بين حكمه فقال: {فالذين آمنوا وعملوا الصالحات في جنات النعيم}.
{والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك لهم عذاب مهين}.
{والذين هاجروا} فارقوا أوطانهم وعشائرهم {في سبيل الله} في طاعة الله {ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا} في الجنة.
{ليدخلنهم مدخلا} أي: إدخالاً وموضعاً {يرضونه} وهو الجنة.
{ذلك} أي: الأمر ذلك الذي قصصنا عليك {ومن عاقب بمثل ما عوقب به} أي: جازي العقوبة بمثلها {ثم بغي عليه} ظلم {لينصرنه الله} يعني: المظلوم.
{وذلك} أي: ذلك النصر للمظلوم بأنه القادر على ما يشاء، فمن قدرته أن {يولج الليل في النهار} يزيد من هذا في ذلك، ومن ذلك في هذا، والباقي ظاهر إلى قوله:
{ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير}.
{ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة إن الله لطيف خبير}.
{له ما في السماوات وما في الأرض وإن الله لهو الغني الحميد}.
{ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض والفلك تجري في البحر بأمره ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرؤوف رحيم}.
{إن الإنسان لكفور} يعني: إن الكافر لجاحد لآيات الله تعالى الدالة على توحيده. وقوله:
{لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه} شريعةً هم عاملون بها {فلا ينازعنك} يجادلنك {في الأمر} نزلت في الذين جادلوا المؤمنين فقالوا: ما لكم تأكلون ما تقتلون، ولا تأكلون مما قتله الله؟
{وإن جادلوك} بباطلهم مراءً وتعنتاً فادفعهم بقولك: {الله أعلم بما تعملون} من التكذيب والكفر.
قال تعالى {الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون}.
{ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك} كله {في كتاب} يعني: اللوح المحفوظ {إن ذلك} يعني: علمه بجميع ذلك {على الله يسير}.
{ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به} بعبادته {سلطانا} حجةً وبرهاناً {وما ليس لهم به علم} لم يأتهم به كتاب ولا نبي {وما للظالمين} المشركين {من نصير} مانع من عذاب الله تعالى.
{وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات} يعني: القرآن {تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر} الإنكار بالعبوس والكراهة {يكادون يسطون} يقعون ويبشطون {بالذين يتلون عليهم آياتنا قل أفأنبئكم بشر من ذلكم} بشر لكم وأكره إليكم من هذا القرآن الذي تسمعون {النار} أي: هي النار.
{يا أيها الناس} يعني: يا أهل مكة {ضرب مثل} بين لكم ولمعبودكم شبه {فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله } من الأصنام {لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا} كلهم لخلقه {وإن يسلبهم الذباب شيئا} مما عليهم من الطيب { لا يستنقذوه منه} لا يستردوه منه لعجزهم {ضعف الطالب والمطلوب} يعني: العابد والمعبود، والطالب: الذباب يطلب من الصنم ما لطخ به من الزعفران والطيب، وهو مثل لعابده يطلب منه الشفاعة والنصرة، والمطلوب: الصنم.
{ما قدروا الله حق قدره} ما عظموه حق تعظيمه إذ أشركوا به ما لا يمتنع من الذباب ولا ينتصر منه.
{الله يصطفي من الملائكة رسلا} مثل جبريل وميكائيل وإسرافيل عليهم السلام {ومن الناس} يعني: النبيين عليهم السلام {إن الله سميع} لقول عباد {بصير} بمن يختاره.
{يعلم ما بين أيديهم} ما عملوه {وما خلفهم} وما هم عاملون مما لم يعلموه.
قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون}.
{وجاهدوا في الله} في سبيل الله {حق جهاده} بينة صادقة {هو اجتباكم} اختاركم لدينه {وما جعل عليكم في الدين من حرج} ضيق، لأنه سهل الشريعة بالترخيص {ملة أبيكم} اتبعوا ملة أبيكم {إبراهيم} كان هو في الحرمة كالأب صلى الله عليه وسلم، ولذلك جعل أبا المسلمين {هو سماكم} أي: الله تعالى سماكم {المسلمين من قبل} أي: من قبل القرآن في سائر الكتب{ وفي هذا }يعني: القرآن {ليكون الرسول شهيدا عليكم} وذلك أنه يشهد لمن صدقه، وعلى من كذبه {وتكونوا شهداء على الناس} تشهدون عليهم أن رسلهم قد بلغتهم، وقوله: {واعتصموا بالله} أي: تمسكوا بدينه {هو مولاكم} ناصركم ومتولي أموركم {فنعم المولى ونعم النصير}