{والصافات صفا} يعني: صفوف الملائكة في السماء.
{فالزاجرات زجرا} يعني: الملائكة تزجر السحاب وتسوقه.
{فالتاليات ذكرا} جماعة قراء القرآن.
{إن إلهكم لواحد} أقسم الله سبحانه بهؤلاء أن إلهكم لواحد.
{ورب المشارق} مطالع الشمس.
{إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب} بضوئها، {و} حفظناها.
{حفظا من كل شيطان مارد} متمرد خبيث.
{لا يسمعون إلى الملإ الأعلى } يعني: الملائكة. {ويقذفون من كل جانب} ويرمون.
{دحورا} يدحرون دحوراً، أي: يباعدون {ولهم عذاب واصب} دائم.
{إلا من خطف الخطفة} سمع الكلمة من الملائكة فأخذها بسرعة {فأتبعه} لحقه {شهاب ثاقب} كوكب مضيء.
{فاستفتهم} فسلهم. يعني: أهل مكة {أهم أشد خلقا أم من خلقنا } من الأمم السالفة قبلهم، وغيرهم من السماوات والأرض. {إنا خلقناهم من طين لازب} لاصق لازم.
{بل عجبت} يا محمد من تكذيبهم إياك {و} هم {يسخرون} من تعجبك.
{وإذا ذكروا لا يذكرون}.
{وإذا رأوا آية} معجزةً سخروا.
{وقالوا إن هذا إلا سحر مبين}.
{ أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون }.
{أو آباؤنا الأولون}.
{قل: نعم} تبعثون {وأنتم داخرون} صاغرون أذلاء.
{فإنما هي} يعني: القيامة {زجرة} صحية {واحدة فإذا هم} أحياء {ينظرون} سوء أعمالهم. وقيل: ما كذبوا به.
{وقالوا: يا ويلنا هذا يوم الدين} يوم نجازي فيه بما عملنا.
{هذا يوم الفصل} بين الحق والباطل. {الذي كنتم به تكذبون}.
{احشروا الذين ظلموا} كفروا {أزواجهم} قرناءهم من الشياطين وأوثانهم.
{فاهدوهم} دلوهم إلى النار.
{وقفوهم} احسبوهم {إنهم مسؤولون} عن أقوالهم وأفعالهم.
{ما لكم لا تناصرون} لا ينصر بعضكم بعضاً.
{بل هم اليوم مستسلمون} منقادون.
{وأقبل بعضهم على بعض} يعني: الأتباع والرؤساء {يتساءلون} يتخاصمون.
{قالوا} يعني: الأتباع للرؤساء {إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين} تقهروننا بالقوة من قبل الدين، فتضلوننا عنه.
{قالوا بل لم تكونوا مؤمنين} أي: إنما الكفر من قبلكم.
{وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين}.
{فحق علينا} جميعاً {قول ربنا} كلمة العذاب.
{فأغويناكم إنا كنا غاوين}.
{فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون}.
{إنا كذلك نفعل بالمجرمين}.
{إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون}.
{ ويقولون أإنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون }.
{بل جاء بالحق وصدق المرسلين}.
{إنكم لذائقوا العذاب الأليم}.
{وما تجزون إلا ما كنتم تعملون}.
{إلا عباد الله المخلصين} المؤمنين لكن عباد الله المخلصين.
{أولئك لهم رزق معلوم} بكرةً وعشياً.
{فواكه وهم مكرمون}.
{في جنات النعيم}.
{على سرر متقابلين}.
{بكأس من معين} خمر تجري على وجه الأرض.
{بيضاء لذة للشاربين} ذات لذاة.
{لا فيها غول} داء ولا وجع {ولا هم عنها ينزفون} لا تذهب بعقولهم.
{وعندهم قاصرات الطرف} نساء لا ينظرن إلى غير أزواجهن {عين} نجل العيون.
{كأنهن بيض} في صفاء لونها {مكنون} يستره ريش النعام.
{فأقبل بعضهم} يعني: أهل الجنة {على بعض يتساءلون} عما مر بهم.
{قال قائل منهم إني كان لي قرين} يعني: الذين قص الله خبرهما في سورة الكهف، كان يقول له قرينه:
{أإنك لمن المصدقين} ممن يصدق بالبعث والجزاء؟ وقوله:
{ أإنا لمدينون } أي: مجزيون.
{قال} الله سبحانه لأهل الجنة: {هل أنتم مطلعون} إلى النار.
{فاطلع} المسلم فرأى قرينه الكافر {في سواء الجحيم} وسطه، فقال له:
{تالله إن كدت لتردين} تهلكني وتضلني.
{ولولا نعمة ربي} عصمته ورحمته {لكنت من المحضرين} في النار.
{أفما نحن بميتين}. {إلا موتتنا الأولى} يقوله أهل الجنة للملائكة حين يذبح الموت، فتقول الملائكة: لا، فيقولون: {إن هذا لهو الفوز العظيم}. {لمثل هذا فليعمل العاملون}.
{إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين}.
{إن هذا لهو الفوز العظيم}.
{لمثل هذا فليعمل العاملون}.
{أذلك} الذي ذكرت من نعيم أهل الجنة {خير نزلا أم شجرة الزقوم}.
{إنا جعلناها فتنة للظالمين} افتتنوا بها، وكذبوا بكونها فصارت فتنةً لهم، وذلك أنهم أنكروا أن يكون في النار شجرة. قال الله تعالى:
{إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم} أصلها في قعر جهنم.
{طلعها} ثمرها {كأنه رؤوس الشياطين} في القبح وكراهية المنظر.
{فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون}.
{ثم إن لهم عليها} على شجرة الزقوم {لشوبا} خلطاً ومزاجاً {من حميم} ماء حار.
{ثم إن مرجعهم} مرجع الكفار {لإلى الجحيم} الذي يجمع هذه الأشياء. وقوله:
{إنهم ألفوا آباءهم ضالين}.
{يهرعون} أي: يزعجون إلى أتباعهم.
{ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين}.
{ولقد أرسلنا فيهم منذرين}.
{فانظر كيف كان عاقبة المنذرين}.
{إلا عباد الله المخلصين}.
{ولقد نادانا نوح} يعني: قوله: {أني مغلوب فانتصر} {فلنعم المجيبون} نحن.
{ونجيناه وأهله من الكرب العظيم} يعني: الغرق.
{وجعلنا ذريته هم الباقين} لأن الخلق كلهم أهلكوا إلا من كان معه في سفينته، وكانوا من ذريته.
{وتركنا عليه في الآخرين} فيمن يأتي بعده ثناءً حسناً، وهو أن يصلي عليه ويسلم، وهو معنى قوله: {سلام على نوح في العالمين}.
{سلام على نوح في العالمين}.
{إنا كذلك نجزي المحسنين}.
{إنه من عبادنا المؤمنين}.
{ثم أغرقنا الآخرين}.
{وإن من شيعته} أهل دينه وملته {لإبراهيم}.
{إذ جاء ربه بقلب سليم} من الشرك.
{إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون}.
{أئفكا آلهة دون الله تريدون}.
{فما ظنكم برب العالمين} قال إبراهيم عليه السلام لقومه وهم يعبدون الأصنام: أي شيء ظنكم برب العالمين وأنتم تعبدون غيره؟
{فنظر نظرة في النجوم} وذلك أنه كان لقومه من الغد عيد يخرجون إليه، ويضعون أطعمتهم بين يدي أصنامهم لتبرك عليها زعموا، فقالوا لإبراهيم: ألا تخرج معنا إلى عيدنا؟ فنظر إلى نجم وقال:
{إني سقيم} وكانوا يتعاطون علم النجوم، فعاملهم من حيث كانوا لئلا ينكروا عليه، واعتل في التخلف عن عيدهم بأنه يعتل، وتأول في قوله: {سقيم} سأسقم.
{فتولوا عنه مدبرين} أدبروا عنه إلى عيدهم وتركوه.
{فراغ} فمال {إلى آلهتهم فقال} إظهار لضعفها وعجزها: {ألا تأكلون} من هذه الأطعمة.
{ما لكم لا تنطقون}.
{فراغ} فمال {عليهم} يضربهم {ضربا باليمين} بيده اليمنى.
{فأقبلوا إليه} من عيدهم {يزفون} يسرعون. فقال لهم إبراهيم محتجاً:
{أتعبدون ما تنحتون}. {والله خلقكم وما تعملون} من نحتكم وجميع أعمالكم.
{والله خلقكم وما تعملون}.
{قالوا ابنوا له بنيانا} حظيرة وأملؤوه ناراً، وألقوا إبراهيم في تلك النار.
{فأرادوا به كيدا} حين قصدوا إحراقه بالنار {فجعلناهم الأسفلين} المقهورين، لأنه علاهم بالحجة والنصرة.
{وقال إني ذاهب إلى ربي} إلى المكان الذي أمرني بالهجرة إليه {سيهدين} يثبتني على الهدى.
{رب هب لي} ولداً {من الصالحين}.
{فبشرناه بغلام حليم} سيد يوصف بالحلم.
{فلما بلغ} ذلك الغلام {معه السعي} أي: أدرك معه العمل {قال: يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك} وذلك أنه أمر في المنام بذبح ولده {فانظر ماذا ترى} ما الذي تراه فيما أقول لك، هل تستسلم له؟ فاستسلم الغلام و{قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين}.
{فلما أسلما} انقادا لأمر الله {وتله للجبين} صرعه على أحد جنبيه.
{وناديناه أن يا إبراهيم}. {قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين}.
{قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين}.
{إن هذا لهو البلاء المبين} الاختيار الظاهر. يعني: حين اختبره بذبح ولده، فانقاد وأطاع.
{وفديناه بذبح} بكبش {عظيم} لأنه رعى في الجنة أربعين خريفاً، وكان الكبش الذي تقبل من ابن آدم عليه السلام.
{وتركنا عليه في الآخرين}.
{سلام على إبراهيم}.
{كذلك نجزي المحسنين}.
{إنه من عبادنا المؤمنين}.
{وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين}.
{وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين}.
{ولقد مننا على موسى وهارون} بالنبوة.
{ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم} يعني: الغرق. وقوله:
{ونصرناهم فكانوا هم الغالبين}.
{وآتيناهما الكتاب المستبين}.
{وهديناهما الصراط المستقيم}.
{وتركنا عليهما في الآخرين}.
{سلام على موسى وهارون}.
{إنا كذلك نجزي المحسنين}.
{إنهما من عبادنا المؤمنين}.
{وإن إلياس لمن المرسلين}.
{إذ قال لقومه ألا تتقون}.
{أتدعون بعلا} يعني: صنماً كان لهم.
{الله ربكم ورب آبائكم الأولين}.
{فكذبوه فإنهم لمحضرون} في النار.
{إلا عباد الله المخلصين} من قومه.
{وتركنا عليه في الآخرين}.
{سلام على إل ياسين} يعني: إلياس عليه السلام. وقيل: يعني قومه ممن ينتسب إلى إتباعه.
{إنا كذلك نجزي المحسنين}ز
{إنه من عبادنا المؤمنين}.
{وإن لوطا لمن المرسلين}.
{إذ نجيناه وأهله أجمعين}.
{إلا عجوزا في الغابرين}.
{ثم دمرنا الآخرين}.
{وإنكم لتمرون عليهم مصبحين}.
{وبالليل أفلا تعقلون}.
{وإن يونس لمن المرسلين}.
{إذ أبق} هرب {إلى الفلك المشحون} السفينة المملوءة حين ذهب مغاضباً، فوقعت السفينة ولم تجر، فقارعه أهل السفينة فخرجت القرعة عليه، فخرج منها وألقى نفسه في البحر، فذلك قوله:
{فساهم} فقارع {فكان من المدحضين} المغلوبين بالقرعة.
{فالتقمه} فابتلعه {الحوت وهو مليم} أتى بما يلام عليه.
{فلولا أنه كان من المسبحين} من المصلين قبل ذلك.
{للبث في بطنه} في بطن الحوت إلى يوم القيامة.
{فنبذناه } طرحناه {بالعراء} وجه الأرض {وهو سقيم} عليل كالفرخ الممعط.
{وأنبتنا عليه} عنده {شجرة من يقطين} وهو القرع ليستظل بها.
{وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون} بل يزيدون.
{فآمنوا فمتعناهم إلى حين} إلى إنقضاء آجالهم.
{فاستفتهم} فسل يا محمد أهل مكة {ألربك البنات ولهم البنون} وذلك أنهم كانوا يزعمون أن الملائكة بنات الله.
{أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون} حاضرون خلقنا إياهم.
{ألا إنهم من إفكهم ليقولون}.
{ولد الله وإنهم لكاذبون}.
{أصطفى البنات على البنين} أتخذ البنات دون البنين فاصطفاها، وجعل لكم البنين؟ كقوله: {أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا}.
{ما لكم كيف تحكمون}.
{أفلا تتذكرون}.
{أم لكم سلطان} برهان {مبين} على أن لله ولداً.
{فاتوا بكتابكم} الذي فيه حجتكم {إن كنتم صادقين}.
{وجعلوا بينه وبين الجنة} يعني: الملائكة {نسبا} حين قالوا: إنهم بنات الله. {ولقد علمت الجنة} الملائكة {إنهم لمحضرون} أن الذين قالوا هذا القول محضرون في النار.
{سبحان الله عما يصفون}.
{إلا عباد الله المخلصين} فإنهم ناجون من النار.
{فإنكم وما تعبدون} من الأصنام.
{ما أنتم عليه بفاتنين} لا تفتنون أحداً على ما يعبدون ولا تضلونه.
{إلا من هو صال الجحيم} أي: إلا من هو في معلوم الله أنه يدخل النار.
{وما منا إلا له} هذا من قول الملائكة، والمعنى: ما منا ملك إلا له {مقام معلوم} من السماء يعبد الله سبحانه هناك.
{وإنا لنحن الصافون} في الصلاة.
{وإنا لنحن المسبحون} المصلون.
{وإن كانوا ليقولون} كان كفار مكة يقولون: لو جاءنا كتاب كما جاء غيرنا من الأولين لأخلصنا عبادة الله سبحانه، فلما جاءهم كفروا به.
{لو أن عندنا ذكرا من الأولين}.
{لكنا عباد الله المخلصين}.
{فسوف يعلمون} عاقبة كفرهم.
{ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين}.
{إنهم لهم المنصورون}.
{وإن جندنا لهم الغالبون} أي: تقدم الوعد بنصرتهم، وهو قوله: {كتب الله لأغلبن أنا ورسلي}.
{فتول عنهم حتى حين}حتى تنقضي المدة التي أمهلوا فيها.
{وأبصرهم} انظر إليهم إذا عذبوا {فسوف يبصرون} ما أنكروا.
{أفبعذابنا يستعجلون} وذلك أنهم كانوا يقولون: متى هذا الوعد؟
{فإذا نزل} العذاب. {بساحتهم} بفنائهم {فساء صباح المنذرين}.
{وتول عنهم حتى حين}.
{وأبصر} انظر فبئس ما يصبحون عند ذلك.
{سبحان ربك رب العزة عما يصفون}
{وسلام على المرسلين}.
{والحمد لله رب العالمين}.