{الرحمن}.
{علم القرآن} علم نبيه عليه السلام القران، ليس كما يقول المشركون: إنما يعلمه بشر. وقيل: معناه: يسر القران لأن يذكر، فعلمه هذه الأمة حتى حفظوه.
{خلق الإنسان} يعني: النبي صلى الله عليه وسلم.
{علمه البيان} القرآن الذين فيه بيان كل شيء. وقيل: {خلق الإنسان} يعني: ابن آدم، فعلمه النطق وفضله به على سائر الحيوان.
{الشمس والقمر} يجريان {بحسبان} بحساب لا يجاوزانه.
{والنجم} كل نبت لا يقوم على ساق، ولا يبقى على الشتاء. {والشجر يسجدان} يخضعان لله تعالى بما يريد منهما.
{والسماء رفعها} فوق الأرض {ووضع الميزان} العدل والإنصاف.
{أن لا} لئلا {تطغوا} تجاوزوا القدر {في الميزان}.
{وأقيموا الوزن بالقسط} بالعدل {ولا تخسروا الميزان} لا تنقصوا الوزن.
{والأرض وضعها للأنام} للجن والإنس.
{فيها فاكهة} أنواع الفواكه {والنخل ذات الأكمام} أوعية الثمر.
{والحب ذو العصف} أي: ورق الزرع. وقيل: هو التبن {والريحان} الرزق، ثم خاطب الجن والإنس فقال:
{فبأي آلاء} نعم {ربكما} من هذه الأشياء التي ذكرها {تكذبان} لأنها كلها منعم بها عليكم في دلالتها إياكم على وحدانية الله سبحانه، ثم كرر في هذه السورة هذه الآية توكيداً وتذكيراً لنعمه.
{خلق الإنسان} آدم {من صلصال} طين يابس يسمع له صلصلة {كالفخار} وهو ما طبخ من الطين.
{وخلق الجان} أي: أبا الجن {من مارج} من لهب النار الخالص.
{فبأي آلاء ربكما تكذبان}.
{رب المشرقين ورب المغربين} مشرق الصيف ومشرق الشتاء، وكذلك المغربان.
{فبأي آلاء ربكما تكذبان}.
{مرج البحرين} خلط البحر العذب والبحر المالح {يلتقيان} يجتمعان، وذلك أن البحر المالح فيه عيون ماء عذب.
{بينهما برزخ} حاجز من قدرة الله {لا يبغيان} لا يختلطان ولا يجاوزان ما قدر الله لهما، فلا الملح يختلط بالعذب، ولا العذب يختلط بالملح.
{فبأي آلاء ربكما تكذبان}.
{يخرج منهما} أراد: من أحدهما، وهو الملح {اللؤلؤ} وهو الحب الذي يخرج من البحر {والمرجان} صغار اللؤلؤ.
{فبأي آلاء ربكما تكذبان}.
{وله الجوار} السفن {المنشآت} المرفوعات. {كالأعلام} كالجبال في العظم.
{فبأي آلاء ربكما تكذبان}.
{كل من عليها} على الأرض من حيوان {فإن} هالك.
{ويبقى وجه ربك} وهو السيد {ذو الجلال} العظمة {والإكرام} لأنبيائه وأوليائه.
{فبأي آلاء ربكما تكذبان}.
{يسأله من في السماوات والأرض} من ملك وإنس وجن الرزق والمغفرة وما يحتاجون إليه {كل يوم هو في شأن} من إظهار أفعاله، وإحداث ما يريد من إحياء وإماتة، وخفض ورفع ، وقبض وبسط.
{فبأي آلاء ربكما تكذبان} .
{سنفرغ لكم} سنقصد لحسابكم بعد الإمهال {أيها الثقلان} يعني: الجن والإنس.
{فبأي آلاء ربكما تكذبان}.
{يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا} تخرجوا {من أقطار السماوات والأرض} نواحيها هاربين من الموت {فانفذوا} فاخرجوا {لا تنفذون إلا بسلطان} أي: حيث ما كنتم شاهدتم حجة الله وسلطاناً يدل على أنه واحد.
{فبأي آلاء ربكما تكذبان}.
{يرسل عليكما شواظ من نار} وهو اللهب الذي لا دخان له {ونحاس} وهو الدخان الذي لا لهب له أي: يرسل هذا مرةً، وهو في يوم القيامة يحاط على الخلق بلسان من نار {فلا تنتصران} أي: تمتنعان.
{ فبأي آلاء ربكما تكذبان}.
{فإذا انشقت السماء} انفجرت أبوباً لنزول الملائكة {فكانت وردة} في اختلاف ألوانه.
{فبأي آلاء ربكما تكذبان}.
{فيومئذ لا يسأل عن ذنبه} سؤال استفهام، ولكن يسألون سؤال تقريع وتوبيخ.
{فبأي آلاء ربكما تكذبان} .
{يعرف المجرمون بسيماهم} بعلامتهم، وهي سواد الوجوه، وزرقة العيون {فيؤخذ بالنواصي والأقدام} تضم نواصيهم إلى أقامهم،ويلقون في النار، والنواصي: جمع الناصية، وهو شعر الجبهة، ثم يقال لهم:
{فبأي آلاء ربكما تكذبان}.
{هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون}.
{يطوفون بينها وبين حميم آن} وهو الذي قد انتهى في الحرارة، والمعنى أنهم إذا استغاثوا من النار جعل غيائهم الحميم الآني، فيطاف بهم مرةً إلى الحميم مرةً إلى النار.
{فبأي آلاء ربكما تكذبان}.
{ولمن خاف مقام ربه} قيامه بين يدي الله تعالى للحساب، فترك المعصية {جنتان}.
{فبأي آلاء ربكما تكذبان} .
{ذواتا أفنان} أغصان.
{فبأي آلاء ربكما تكذبان}.
{فيهما عينان تجريان} إحداهما بالماء الزلال، والأخرى بالخمر.
{فبأي آلاء ربكما تكذبان}.
{فيهما من كل فاكهة زوجان} نوعان كلاهما حلو.
{فبأي آلاء ربكما تكذبان}.
{متكئين على فرش} جمع فراش {بطائنها} ما بطن منها، وهو ضد الظاهر {من إستبرق} وهو ما غلظ من الديباج {وجنى الجنتين} ثمرهما {دان} قريب يناله القاعد والقائم.
{فبأي آلاء ربكما تكذبان}.
{فيهن قاصرات الطرف} حابسات الأعين إلا على أزواجهن، ولا ينظرون إلى غيرهم {لم يطمثهن} لم يجامعهن {إنس قبلهم} قبل أزواجهن {ولا جان}.
{فبأي آلاء ربكما تكذبان}.
{كأنهن الياقوت} في الصفاء {والمرجان} في البياض.
{فبأي آلاء ربكما تكذبان} .
{هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} ما جزاء من أحسن في الدنيا بطاعة الله تعالى إلا الإحسان إليه في الآخر بالجنة ونعيمها.
{فبأي آلاء ربكما تكذبان}.
{ومن دونهما}وسوى الجنتين الأوليين {جنتان} أخريان.
{فبأي آلاء ربكما تكذبان}.
{مدهامتان} سوداوان لشدة الخضرة.
{فبأي آلاء ربكما تكذبان}.
{فيهما عينان نضاختان}.
{فبأي آلاء ربكما تكذبان}.
{فيهما فاكهة ونخل ورمان}.
{فبأي آلاء ربكما تكذبان}.
{فيهن خيرات} نساء فاضلات الأخلاق {حسان} الوجوه.
{فبأي آلاء ربكما تكذبان}.
{حور} سود الأحداق {مقصورات} محبوسات {في الخيام} من الذر المجوفة.
{فبأي آلاء ربكما تكذبان}.
{لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان}.
{فبأي آلاء ربكما تكذبان}.
{متكئين على رفرف} وهو ما فضل من الفرش والبسط. وقيل: الوسائد. {وعبقري} أي: الزرابي والطنافس {حسان} ثم ختم السورة بما ينبغي أن يمجد به ويعظم، فقال:
{فبأي آلاء ربكما تكذبان}.
{تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام}.