{يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير}.
{هو الذي خلقكم} أي: في بطون أمهاتكم {فمنكم كافر ومنكم مؤمن} أي: خلقكم كفاراً ومؤمنين. وقوله:
{فأحسن صوركم} أي: خلقكم أحسن الحيوان.
{يعلم ما في السماوات والأرض ويعلم ما تسرون وما تعلنون والله عليم بذات الصدور}.
{ألم يأتكم} يا أهل مكة {نبأ الذين كفروا من قبل} أي: خبر الأمم الكافرة قبلكم {فذاقوا وبال أمرهم} ذاقوا في الدنيا العقوبة بكفرهم {ولهم} في الآخرة {عذاب أليم}.
{ذلك} أي: ذلك الذي نزل بهم {بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا} استبعدوا أن يكون الداعي إلى الحق بشراً، والمراد بالبشر ههنا الجمع، لذلك قال: {يهدوننا، فكفروا وتولوا} عن الإيمان {واستغنى الله} أي: عن إيمانهم {والله غني} عن خلقه {حميد} في أفعاله. وقوله:
{زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير}.
{فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما تعملون خبير}.
{يوم التغابن} يغبن فيه أهل الجنة أهل النار بأخذ منازلهم التي كانت لهم في الجنة لو آمنوا، ويغبن من ارتفعت منزلته في الجنة من كان دون منزلته، فيظهر في ذلك اليوم غبن كل كافر بترك الإيمان، وغبن كل مؤمن بتقصيره.
{والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير}.
{ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله} بعلمه وإرادته {ومن يؤمن بالله} يصدق بأنه لا تصيبه مصيبة إلا بإذن الله {يهد قلبه} يجعله مهتدياً حتى يشكر عند النعمة، ويصبر عند الشدة.
{وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين}.
{الله لا إله إلا هو وعلى الله فليتوكل المؤمنون}.
{يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم} نزلت في قوم آمنوا، وأرادوا الهجرة فثبطهم أهلهم وأولادهم، وقالوا: لا نصبر على مفارفتكم، فأخبر الله تعالى أنهم أعداء لهم بحملهم إياهم على المعصية وترك الطاعة {فاحذروهم} أن تقبلوا منهم ولا تطيعوهم، ثم إذا هاجر هذا الذي ثبطه أهله عن الهجرة رأى الناس قد تعلموا القرآن، وتفقهوا في الدين فيهم أن يعاقب أهله، فقال الله تعالى: {وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم}.
{إنما أموالكم وأولادكم فتنة} ابتلاء واختبار لكم، فمن كسب الحرام لأجل الأولاد، ومنع ماله عن الحقوق، فهو مفتون بالمال والولد {والله عنده أجر عظيم} لمن صبر عن الحرام، وأنفق المال في حقه.
{فاتقوا الله ما استطعتم} يعني: إذا أمكنكم الجهاد والهجرة فلا يفتننكم الميل إلى الأموال والأولاد عن ذلك. وهذه الآية ناسخة لقوله تعالى: {اتقوا الله حق تقاته}. وقوله: {وأنفقوا خيرا لأنفسكم} أي: قدموا خيراً لأنفسكم من أموالكم {ومن يوق شح نفسه} بخلها وحرصها حتى ينفق المال {فأولئك هم المفلحون} الفائزون بالخير.
{إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم}.
{عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم}.