islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز
14747

23-المؤمنون

قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ

{قد أفلح المؤمنون} سعد المصدقون، ونالوا البقاء في الجنة.

الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ

{الذين هم في صلاتهم خاشعون} ساكنون لا يرفعون أبصارهم عن مواضع سجودهم.

وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ

{والذين هم عن اللغو معرضون} عن كل ما لا يجمل في الشرع من قول وفعل.

وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ

{والذين هم للزكاة فاعلون} للصدقة الواجبة مودون.

وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ

{والذين هم لفروجهم حافظون} يحفظونها عن المعاصي.

إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ

{إلا على أزواجهم} من زوجاتهم {أو ما ملكت أيمانهم} من الإماء {فإنهم غير ملومين} لا يلامون في وطئهن.

فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ

{فمن ابتغى} طلب ما {وراء ذلك} ما بعد الزوجة والأمة {فأولئك هم العادون} المتعدون عن الحلال إلى الحرام.

وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ

{والذين هم لأماناتهم} ما أئتمنوا عليه من أمر الدين والدنيا {وعهدهم راعون} وحلفهم الذي يوجد عليهم راعون، يرعون ذلك ويقومون بإتمامه.

وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ

{والذين هم على صلواتهم يحافظون} بأدائها في مواقيتها.

أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ

{أولئك هم الوارثون} ثم ذكر ما يرثون فقال:

الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ

{الذين يرثون الفردوس} وذلك أن الله تعالى جعل لكل امرئ بيتاً في الجنة، فمن عمل عمل أهل الجنة ورث بيته في الجنة، والفردوس خير الجنان.

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ

{ولقد خلقنا الإنسان} ابن آدم {من سلالة} من ماء سل واستخرج من ظهر آدم، وكان آدم عليه السلام خلق من طين.

ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ

{ثم جعلناه} جعلنا الإنسان {نطفة} في أول بدو خلقه {في قرار مكين} يعني: الرحم. وقوله.

ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ

{ثم أنشأناه خلقا آخر} قيل: يريد الذكورية والأنوثية. وقيل: يعني: نفخ الروح. وقيل: نبات الشعر والأسنان {فتبارك الله} استحق التعظيم والثناء بدوام بقائه {أحسن الخالقين} المصورين والمقدرين.

ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ

{ثم إنكم بعد ذلك لميتون}.

ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ

{ثم إنكم يوم القيامة تبعثون}.

وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ

{ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق} سبع سماوات، كل سماء طريقة {وما كنا عن الخلق غافلين} عمن خلقنا من الخلق كلهم.

وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ

{وأنزلنا من السماء ماء بقدر} بمقدار معلوم عند الله تعالى {فأسكناه} أثبتناه {في الأرض} قيل: هو النيل ودجلة، والفرات، وسيحان وجيحان. وقيل: هو جميع المياه في الأرض {وإنا على ذهاب به لقادرون} حتى تهلكوا أنتم ومواشيكم عطشاً. وقوله:

فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ

{فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون}.

وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآَكِلِينَ

{وشجرة تخرج} يعني: الزيتون {من طور سيناء} يعني: جبلاً معروفاً، أول ما ينبت الزيتون ينبت هناك {تنبت بالدهن} لأنه يتخذ الدهن من الزيتون {وصبغ} إدام {للآكلين}. وقوله:

وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ

{وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون}.

وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ

{وعليها وعلى الفلك تحملون}.

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ

{ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره}.

فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آَبَائِنَا الْأَوَّلِينَ

{يريد أن يتفضل عليكم} يتشرف عليكم، فيكون أفضل منكم بأن يكون متبوعاً، وتكونوا له تبعاً {ولو شاء الله لأنزل ملائكة} تبلغنا عنه {ما سمعنا بهذا} الذي يدعو إليه نوح {في آبائنا الأولين}.

إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ

{إن هو} ما هو {إلا رجل به جنة} جنون {فتربصوا به حتى حين} انتظروا موته حتى يموت.

قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ

{قال رب انصرني} بإهلاكهم {بما كذبون} بتكذيبهم إياي. وقوله:

فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ

{فأوحينا إليه} الآية. مفسرة في سورة هود. {فاسلك فيها} أي أدخل في السفينة، والباقي مفسر في سورة هود.

فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ

{فإذا استويت} اعتدلت في السفينة راكباً. الآية.

وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ

{وقل رب أنزلني} منها {منزلا} إنزالاً {مباركا} فاستجاب الله تعالى دعاءه حيث قال: {اهبط بسلام منا وبركات عليك} وبارك فيهم بعد إنزالهم من السفينة، حتى كان جميع الخلق من نسل نوح ومن كان معه في السفينة.

إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ

{إن في ذلك} الذي ذكرت {لآيات} لدلالات على قدرتنا {وإن كنا لمبتلين} مختبرين طاعتهم بإرسال نوح إليهم.

ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ

{ثم أنشأنا من بعدهم} أحدثنا {قرنا آخرين} يعني: عاداً.

فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ

{فأرسلنا فيهم رسولا منهم} وهو هود. وقوله:

وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآَخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ

{وأترفناهم} أي: نعمناهم ووسعنا عليهم. وقوله:

وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ

{ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون}.

أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ

{أنكم مخرجون} أي: من قبوركم أحياء.

هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ

{هيهات هيهات} بعداً {لما توعدون} من البعث.

إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ

{إن هي} ما هي {إلا حياتنا الدنيا} يعني: الحياة الدانية في هذه الدار {نموت ونحيا} يموت الآباء، ويحيا الأولاد.

إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ

{إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين}.

قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ

{قال رب انصرني} عليهم {بما كذبون} بتكذيبهم إياي.

قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ

{قال عما قليل} عن قريب {ليصبحن نادمين} يندمون إذا نزل بهم العذاب على التكذيب.

فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ

{فأخذتهم الصيحة} صيحة العذاب {بالحق} بالأمر من الله تعالى {فجعلناهم غثاء} هلكى هامدين كغثاء السيل، وهو ما يحمله من بالي الشجر {فبعدا} فهلاكاً {للقوم الظالمين} المشركين.

ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُونًا آَخَرِينَ

{ثم أنشأنا من بعدهم قرونا آخرين}.

مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ

{ما تسبق من أمة أجلها} لا تموت قبل أجلها {وما يستأخرون} بعد الأجل طرفة عين. وقوله:

ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ

{تترا} أي: متتابعةً {وجعلناهم أحاديث} أي: لمن بعدهم يتحدثون بهم.وقوله:

ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ

قال تعالى {ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين}.

إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ

{وكانوا قوما عالين} مستكبرين قاهرين غيرهم بالظلم.

فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ

{وقومهما لنا عابدون} أي: مطيعون متذللون.

فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ

{فكذبوهما فكانوا من المهلكين}.

وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ

{ولقد آتينا موسى الكتاب لعلهم يهتدون} لكي يهتدي به قومه.

وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آَيَةً وَآَوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ

{وجعلنا ابن مريم وأمه آية} دلالةً على قدرتنا {وآويناهما إلى ربوة} يعني: بيت المقدس، وهو أقرب الأرض إلى السماء {ذات قرار} أرض مستوية، وساحة واسعة {ومعين} ماء ظاهر. وقيل: هي دمشق.

يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ

{يا أيها الرسل كلوا من الطيبات} هذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، والمراد به أن الله تبارك وتعالى كأنه أخبر انه قد قال لجميع الرسل قبله هذا القول وأمرهم بهذا، والمعنى: كلوا من الحلال.

وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ

{وإن هذه أمتكم أمة واحدة} أي: ملتكم أيها الرسل ملة واحدة، وهي الإسلام {وأنا ربكم} شرعتها لكم وبينتها لكم {فاتقون} فخافون.

فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ

{فتقطعوا أمرهم بينهم} يعني: المشركين واليهود والنصارى {وزيرا} فرقاً {كل حزب} جماعة {بما لديهم} بما عندهم من الدين {فرحون} معجبون مسرورون.

فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ

{فذرهم في غمرتهم} حيرتهم وضلالتهم {حتى حين} يريد: حتى حين الهلاك بالسيف أو الموت.

أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ

{أيحسبون أنما نمدهم به} ما نبسط عليهم {من مال وبنين} من المال والأولاد في هذه الدنيا.

نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ

{نسارع لهم في الخيرات} نعطيهم ذلك ثواباً لهم {بل لا يشعرون} أن ذلك استدراج، ثم رجع إلى ذكر أوليائه فقال:

إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ

{إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون} خائفون عذابه ومكره.

وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ

{والذين هم بآيات ربهم يؤمنون}.

وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ

{والذين هم بربهم لا يشركون}.

وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ

{والذين يؤتون ما آتوا} يعطون ما يعطون {وقلوبهم وجلة} خائفة أن ذلك لا يقبل منهم، وقد أيقنوا أنهم إلى ربهم صائرون بالموت. وقوله:

أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ

{وهم لها سابقون} أي: إليها، ثم ذكر أنه لم يكلف العبد إلا ما يسعه، فقال:

وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ

{ولا نكلف نفسا إلا وسعها} فمن لم يستطع أن يصلي قائماً فليصل جالساً {ولدينا كتاب} يعني: اللوح المحفوظ {ينطق بالحق} يبين بالصدق {وهم لا يظلمون} لا ينقصون من ثواب أعمالهم، ثم عاد إلى ذكر المشركين فقال:

بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ

{بل قلوبهم في غمرة} في جهالة وغفلة {من هذا} الكتاب الذي ينطق بالحق {ولهم أعمال من دون ذلك} وللمشركين أعمال حبيثة دون أعمال المؤمنين الذين ذكرهم {هم لها عاملون}.

حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ

{حتى إذا أخذنا مترفيهم} رؤساءهم وأغنياءهم {بالعذاب} بالقحط والجوع سبع سنين { إذا هم يجأرون} يضجون ويجزعون، ونقول لهم:

لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ

{لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون} لا تمنعون، ولا ينفعكم جزعكم.

قَدْ كَانَتْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ

{قد كانت آياتي تتلى عليكم} يعني: القرآن {فكنتم على أعقابكم} على أدياركم {تنكصون} ترجعون القهقرى مكذبين به.

مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ

{مستكبرين به } أي: بالحرم، تقولون: لا يظهر علينا أحد، لأنا أهل الحرم {سامرا} سماراً بالليل {تهجرون} تهذون وتقولون الهجر من سب النبي صلى الله عليه وسلم.

أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آَبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ

{أفلم يدبروا القول} يتدبروا القرآن، فيقفوا على صدقك {أم جاءهم} بل أجاءهم {ما لم يأت آباءهم الأولين} يريد: إن إنزال الكتاب قد كان قبل هذا، فليس إنزال الكتاب عليك ببديع ينكرونه.

أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ

{أم لم يعرفوا رسولهم} الذي نشأ فيما بينهم وعرفوه بالصدق.

أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ

{أم يقولون} بل أيقولون {به جنة} جنون {بل جاءهم} ليس الأمر كما يقولون، بل جاءهم الرسول {بالحق} بالقرآن من عند الله.

وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ

{ولو اتبع الحق} القرآن الذي يدعو إلى المحاسن {أهواءهم} التي تدعو إلى المقابح، أي: لو كان التنزيل بما يحبون {لفسدت السماوات والأرض} وذلك أنها خلفت دلالةً على توحيد الله، فلو كان القرآن على مرادهم لكن يدعو إلى الشرك، وذلك يؤدي إلى إفساد أدلة التوحيد، وقوله: {ومن فيهن} لأنهم حينئذ يشركون بالله تعالى. {بل أتيناهم بذكرهم} بشرهم في الدنيا والآخرة.

أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ

{أم تسألهم} أنت يا محمد على ما جئت به {خرجا}جعلاً وأجراً {فخراج ربك} فعطاه ربك وثوابه {خير}. وقوله:

وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ

{وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم}.

وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ

{لناكبون} أي: عادلون مائلون.

وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ

{ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر} جذب وقحط {للجوا} لتمادوا {في طغيانهم يعمهون} نزلت هذه الآية حين شكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: قتلت الآباء بالسيف، والأبناء بالجوع.

وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ

{ولقد أخذناهم بالعذاب} بالجوع {فما استكانوا لربهم} ما تواضعوا.

حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ

{حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد} يوم بدر. وقيل: عذاب الآخرة {إذا هم فيه مبلسون} آيسون من كل خير. وقوله:

وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ

قال تعالى {وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون}.

وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ

قال تعالى {وهو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون}.

وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ

{وله اختلاف الليل والنهار}أي: هو الذي جعلنهما مختلفين. وقوله:

بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ

{بل قالوا مثل ما قال الأولون}.

قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ

{ قالوا أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون}.

لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ

{لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين}.

قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ

{قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون}.

سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ

{سيقولون لله قل أفلا تتقون}.

قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ

{قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم}.

سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ

{سيقولون لله قل أفلا تتقون}.

قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ

{ملكوت كل شيء} أي: ملكه. يعني: من يملك كل شيء؟ {وهو يجير} يؤمن من يشاء {ولا يجار عليه} لا يؤمن من أخافه. وقوله:

سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ

{فأنى تسحرون} تخدعون وتصرفون عن توحيده وطاعته.

بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ

{بل أتيناهم بالحق} يعني: القرآن {وإنهم لكاذبون} أن الملائكة بنات الله.

مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ

{ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق} ينفرد بمخلوقاته فيمنع الإله الآخر عن الاستيلاء عليها {ولعلا بعضهم على بعض} بالقهر والمزاحمة كالعادة بين الملوك {سبحان الله} تنزيهاً له {عما يصفون} من الكذب.

عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ

{عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون}.

قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ

{قل رب إما تريني ما يوعدون} ما يوعد المشركون من العذاب.

رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ

{فلا تجعلني} معهم أي: إن أنزلت بهم النقمة فاجعلني خارجاً منهم.

وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ

{وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون}.

ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ

{ادفع بالتي هي أحسن} من الحلم والصفح {السيئة} التي تأتيك منهم من الأذى والمكروه {نحن أعلم بما يصفون} فنجازيهم به، وهذا كان قبل الأمر بالقتال.

وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ

{وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين} نزعاتها ووساوسها.

وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ

{وأعوذ بك رب أن يحضرون} في شيء من أموري. وقوله:

حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ

{رب ارجعون} أي: ارددني إلى الدنيا.

لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ

{لعلي أعمل صالحا} أي: بالتوحيد {فيما تركت} حين كنت في الدنيا {كلا} لا يرجع إلى الدنيا {إنها كلمة هو قائلها} عند الموت، ولا يجاب إلى ذلك، {ومن ورائهم} أمامهم {برزخ} حاجز بينهم وبين الرجوع إلى الدنيا.

فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ

{فإذا نفخ في الصور} النفخة الأخيرة {فلا أنساب بينهم يومئذ} لا يفتخرون بالأنساب {ولا يتساءلون} كما يتساءلون في الدنيا من أي قبيلة ونسب أنت.

فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ

{فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون}.

وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ

{ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون}.

تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ

{تفلح} تحرق. {وهم فيها كالحون} عابسون لتقلص شفاههم بالانشواء، فيقال لهم:

أَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ

{ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون}.

قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ

{قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا} التي قضيت علينا {وكنا قوما ضالين} أقروا على أنفسهم بالضلال، وقوله:

رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ

{ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون}.

قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ

{اخسؤوا} أي: تباعدوا تباعد سخط عليكم. وقوله:

إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ

{إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين}.

فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ

{فاتخذتموهم سخريا } أي: سخرتم منهم، واسهزأتم {حتى أنسوكم ذكري} لاشتغالكم بالاستهزاء.

إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ

{إني جزيتهم اليوم} قابلت عملهم بما يستحقون من الثواب {بما صبروا} على أذاكم {أنهم هم الفائزون} الناجون من العذاب والنار.

قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ

{قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين} قال الله تعالى لمنكري البعث إذا بعثهم من قبورهم: كم لبثتم في قبوركم؟ وهذا سؤال توبيخ لهم، لأنهم كانوا ينكرون أن يبعثوا من قبورهم.

قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ

{قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم} وذلك أن العذاب رفع عنهم فيما بين النفختين، ونسوا ما كانوا فيه من العذاب، فاستقصروا مدة لبثهم، فلذلك قالوا: {لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادين} أي: فاسأل الملائكة الذين يحفظون عدد ما لبثنا.

قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ

{قال إن لبثتم} ما لبثتم {إلا قليلا} وإن طال لبثكم، في طول لبثكم في النار { لو أنكم كنتم تعلمون } مقدار لبثكم في القبر، وذلك أنهم لم يعلموا ذلك حيث قالوا: {لبثنا يوما أو بعض يوم} فقيل: لهم: لو كنتم تعلمون ذلك كان قليلاً عند طول لبثكم في النار.

أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ

{أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا} أي: للعبث لا لحكمة من ثواب للمطيع، وعقاب للعاصي. وقيل: عبثاً للعبث، حتى تعبثوا وتغفلوا وتلهوا.

فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ

{رب العرش الكريم} أي: السرير الحسن.

وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ

{ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به} لا حجة له بما يفعل من عبادته غير الله { فإنما حسابه عند ربه } جزاؤه عند الله تعالى، فهو يجازيه لما يستحقه {إنه لا يفلح الكافرون} لا يسعد المكذبون، ثم أمر رسوله أن يستغفر للمؤمنين، ويسأل لهم الرحمة فقال:

وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ

{وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين}.


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس