{الحاقة} أي: القيامة، لأنها حقت فلا كاذبة لها.
{ما الحاقة} استفهام معناه التعظيم لشأنها، كقولك: زيد ما هو؟
{وما أدراك ما الحاقة} أي شيء أعلمك ما ذلك اليوم؟ ثم ذكر أمر من كذب بالقيامة، فقال:
{كذبت ثمود وعاد بالقارعة} بالقيامة التي تقرع القلوب.
{فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية} أي: بالصيحة الطاغية، وهي التي جاوزت المقدار.
{وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية} عتت على خزانها فلم تطعهم.
{سخرها عليهم} استعملها عليهم كما شاء. وقوله: {حسوما} أي: دائمةً متتابعةً والمعنى: تحسمهم حسوماً، أي: تذهبهم وتفنيهم {فترى القوم} أي: أهل القرى {فيها} أي: في تلك الأيام {صرعى} جمع صريع {كأنهم أعجاز} أصول {نخل خاوية} ساقطة.
{فهل ترى لهم من باقية} أي: هل ترى منهم باقياً.
{وجاء فرعون ومن قبله} أي: تباعه. ومن قرأ {ومن قبله} فمعناه: من تقدمه من الأمم {والمؤتفكات} أي: أهل قرى قوم لوط {بالخاطئة} بالخطأ العظيم، وهو الكفر.
{فعصوا رسول ربهم فأخذهم أخذة رابية} زائدةً تزيد على الأخذات.
{إنا لما طغى الماء} جاوز حده. يعني: أيام الطوفان {حملناكم} أي: حملنا آباءكم {في الجارية} وهي السفينة.
{لنجعلها} لنجعل تلك الفعلة التي فعلنا من إغراق قوم نوح وإنجاء من معه {لكم تذكرة} تتذكرونها فتتعظون بها {وتعيها أذن واعية} لتحفظها كل أذن تحفظ ما سمعت.
{فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة} أي: النفخة الأولى لقيام الساعة.
{وحملت الأرض والجبال فدكتا} كسرتا {دكة واحدة} فصارت هباءً منبثاً.
{فيومئذ وقعت الواقعة} قامت القيامة.
{وانشقت السماء فهي يومئذ واهية} أي: متشققة.
{والملك} يعني: الملائكة {على أرجائها} نواحيها {ويحمل عرش ربك فوقهم} فوق الملائكة {يومئذ ثمانية} أملاك.
{يومئذ تعرضون} على ربكم {لا تخفى منكم خافية} كقوله: {لا يخفى على الله منهم شيء}.
{ فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرؤوا كتابيه } خذوا فاقرؤوا كتابي، وذلك لما يرى فيه الحسنات.
{إني ظننت أني ملاق حسابيه} أي: أيقنت أني أحاسب.
{فهو في عيشة راضية} ذات رضى، أي: يرضى بها صاحبها.
{في جنة عالية}.
{قطوفها دانية} ثمارها قريبة من مريدها على أي حال كان. يقال لهم:
{كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم} قدمتم لآخرتم من الأعمال الصالحة {في الأيام الخالية} الماضية في الدنيا. وقوله:
{وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه}.
{ولم أدر ما حسابيه}.
{يا ليتها كانت القاضية} يقول: ليت الموتة التي متها لم أحي بعدها.
{ما أغنى عني ماليه}.
{هلك عني سلطانيه} ذهب عني حجتي، وزال عن ملكي وقوتي، فيقول الله لخزنة جهنم:
{خذوه فغلوه}. {ثم الجحيم صلوه} أدخلوه.
{ثم الجحيم صلوه}.
{ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه} أي: أدخلوه في تلك السلسة، فتدخل في دبره وتخرج من فيه، وهي سلسة لو جمع حديد الدنيا ما وزن حلقةً منها.
{إنه كان لا يؤمن بالله العظيم}.
{ولا يحض على طعام المسكين} لا يأمر بالصدقة على الفقراء.
{فليس له اليوم هاهنا حميم} قريب ينفعه.
{ولا طعام إلا من غسلين} وهو صديد أهل النار.
{لا يأكله إلا الخاطئون} وهم الكافرون.
{فلا أقسم} {لا} زائدة {بما تبصرون} ما ترون من المخلوقات.
{وما لا تبصرون} ما ترون منها.
{إنه} إن القرآن {لقول} لتلاوة {رسول كريم} على الله. يعني: محمداً صلوات الله عليه.
{وما هو بقول شاعر} أي: ليس هو شاعراً {قليلا ما تؤمنون} {ما} لغو مؤكدة.
{ولا بقول كاهن} وهو الذي يخبر عن المغيبات من جهة النجوم كذباً وباطلاً، ثم بين أن ما يتلوه من الله تعالى، فقال:
{تنزيل من رب العالمين}.
{ولو تقول علينا بعض الأقاويل} يعني: النبي صلى الله عليه وسلم لو قال ما لم يؤمر به، وأتى بشيء من قبل نفسه. {لأخذنا منه باليمين} {من} صلة، والمعنى: لأخذناه بالقوة والقدرة.
{لأخذنا منه باليمين}.
{ثم لقطعنا منه الوتين} وهو نياط القلب، أي: لأهلكناه.
{فما منكم من أحد عنه حاجزين} أي: لم يحجزنا عنه أحد منكم.
{إنه لتذكرة للمتقين}.
{وإنا لنعلم أن منكم مكذبين}.
{وإنه} أي: القرآن {لحسرة على الكافرين} يوم القيامة إذا رأوا ثواب متابعيه.
{وإنه لحق اليقين} أي: وإنه اليقين حق اليقين.
{فسبح باسم ربك العظيم} نزهه عن السوء.