islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز
14626

20-طه

طه

{طه} يا رجل.

مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى

{ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} لتتعب بكثرة الجهد، وذلك أنه كان يصلي الليل كله بمكة حتى تورمت قدماه، وقال له الكفار: إنك لتشقى بترك ديننا فأنزل الله تعالى هذه الآية.

إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى

{إلا تذكرة} أي: ما أنزلناه إلا تذكرة، موعظة {لمن يخشى} يخاف الله عز وجل.

تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا

{تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلى} جمع العليا.

الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى

{الرحمن على العرش} من أنه أعظم المخلوقات {استوى} أي: أقبل على خلقه، كقوله: {ثم استوى إلى السماء} مع أنه أعظم المخلوقات، أي: استولى. وقوله:

لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى

{وما تحت الثرى} ما تحت الأرض، والثرى: التراب الندي.

وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى

{وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر} وهو ما أسررت في نفسك {وأخفى} وهو ما ستحدث به نفسك مما لم يكن بعد، والمعنى: إنه يعلم هذا، فكيف ما جهر به؟

اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى

{الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى}.

وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى

{وهل أتاك} يا محمد. {حديث موسى} خبره وقصته.

إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى

{إذ رأى نارا} في طريقه إلى مصر لما أخذ امرأته الطلق {فقال لأهله} لامرأته {امكثوا} أقيموا مكانكم. {إني آنست} أبصرت {نارا لعلي آتيكم منها بقبس} شعلة نار {أو أجد على النار هدى} من يهديني ويدلني على الطريق، وكان قد ضل عن الطريق.

فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى

{فلما أتاها} أي: النار.

إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى

{نودي يا موسى * إني أنا ربك فاخلع نعليك} وكانت من جلد حمار ميت غير مدبوغ، لذلك أمر بخلعها {إنك بالواد المقدس} المطهر {طوى} اسم ذلك الوادي.

وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى

{وأنا اخترتك} اصطفيتك للنبوة {فاستمع لما يوحى} إليك مني.

إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي

{وأقم الصلاة لذكري} لتذكرني فيها.

إِنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى

{إن الساعة} القيامة {آتية أكاد أخفيها} أسترها للتهويل والتعظيم، وأكاد صلة. {لتجزى} في ذلك اليوم {كل نفس بما تسعى} تعمل.

فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى

{فلا يصدنك} يمنعك {عنها} عن الإيمان بالساعة {من لا يؤمن بها واتبع هواه} مراده {فتردى} فتهلك.

وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى

{وما تلك} وما التي {بيمينك} في يدك اليمنى؟

قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآَرِبُ أُخْرَى

{قال هي عصاي أتوكأ عليها} أتحامل عليها عند المشي والإعياء {وأهش} أخبط الورق عن الشجر {بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى} حاجات أخرى سوى التوكؤ والهش. وقوله:

قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى

{قال ألقها يا موسى}.

فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى

{فألقاها فإذا هي حية تسعى}.

قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى

{سنعيدها سيرتها الأولى} أي: نردها عصاً كما كانت.

وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آَيَةً أُخْرَى

{واضمم يدك إلى جناحك} جناح الإنسان: عضه إلى أصل إبطه، يريد: أدخلها تحت جناحك {تخرج بيضاء من غير سوء} برص أو داء {آية أخرى} لك سوى العصا.

لِنُرِيَكَ مِنْ آَيَاتِنَا الْكُبْرَى

{لنريك من آياتنا الكبرى} وكانت يده أكبر آياته.

اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى

{اذهب إلى فرعون إنه طغى} كفر بأنعمي، وتكبر عن عبادتي، فعند ذلك.

قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي

{قال} موسى: {رب اشرح لي صدري} وسع ولين لي قلبي بالإيمان والنبوة.

وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي

{ويسر لي أمري} وسهل علي ما أمرتني به من تبليغ الرسالة.

وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي

{واحلل} افتح {عقدة من لساني} وكانت في لسانه رتة للجمرة التي وضعها على لسانه في صباه.

يَفْقَهُوا قَوْلِي

{يفقهوا قولي} كي يفهموا كلامي.

وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي

{واجعل لي وزيرا} معيناً {من أهلي} وهو،

هَارُونَ أَخِي

{هارون}.

اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي

{اشدد به أزري} قو به ظهري.

وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي

{وأشركه في أمري} اجعل ما أمرتني به من النبوة بيني وبينه.

كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا

{كي نسبحك} نصلي لك {كثيرا}.

وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا

{ونذكرك كثيرا} باللسان على كل حال.

إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا

{إنك كنت بنا بصيرا} عالماً، فاستجاب الله له، وقال تعالى:

قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى

{قد أوتيت سؤلك يا موسى} أعطيت مرادك، ثم ذكر منته السالفة عليه بقوله تعالى:

وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى

{ولقد مننا عليك مرة أخرى} قبل هذه، وهي:

إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى

{إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى} أي: ألهمناها ما يلهم الإنسان من الصواب، وهو إلهام الله تعالى إياها:

أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي

{أن اقذفيه} اجعليه {في التابوت فاقذفيه} فاطرحيه {في اليم} يعني: نهر النيل {فليلقه اليم بالساحل} فيرده الماء إلى الشط {يأخذه عدو لي وعدو له} وهو فرعون {وألقيت عليك محبة مني} حتى لم يقتلك عدوك الذي أخذك من الماء، وهو أنه حببه إلى الخلق كلهم، فلا يراه مؤمن ولا كافر إلا أحبه. {ولتصنع} ولتربى وتغذى {على عيني} على محبتي ومرادي. يعني: إذ رده إلى أمه حتى غدته، وهو قوله:

إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئ

{إذ تمشي أختك} متعرفةً خبرك وما يكون من أمرك بعد الطرح في الماء {فتقول} لكم: {هل أدلكم على من يكفله} يرضعه ويضمه إليه، وذلك حين أبى موسى عليه السلام أن يقبل ثدي امرأة، فلما قال لهم ذلك قولوا: نعم، فجاءت بالأم، فدفع إليها، فذلك قوله: {فرجعناك إلى أمك كي تقر عينها} بلقائك وبقائك {ولا تحزن} على فقدك {وقتلت نفسا} يعني: القبطي الذي قتله {فنجيناك من الغم} من غم أن تقتل به {وفتناك فتونا} اختبرناك اختباراً بأشياء قبل النبوة {فلبثت} مكثت {سنين في أهل مدين} عشر سنين في منزل شعيب {ثم جئت على قدر} على رأس أربعين سنة. وهو القدر الذي يوحى فيه إلى الأنبياء عليهم السلام.

وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي

{واصطنعتك لنفسي} اخترتك بالرسالة لكي تحبني وتقوم بأمري.

اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآَيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي

{اذهب أنت وأخوك بآياتي} يعني: بما أعطاهما من المعجزة {ولا تنيا} لا تفترا.

اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى

{اذهبا إلى فرعون إنه طغى} علا وتكبر.

فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى

{فقولا له قولا لينا} كنياه وعداه على الإيمان نعيما وعمرا طويلا في صحة، ومصيرا إلى الجنة {لعله يتذكر} يتعظ {أو يخشى} يخاف الله تعالى، ومعنى( لعل) ها هنا يعود إلى حال موسى وهارون. أي: اذهبا أنتما على رجائكما وطعمكما، وقد علم الله تعالى ما يكون منه.

قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى

{قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا} يجعل علينا بالقتل والعقوبة {أو أن يطغى} يتكبر ويستعصي.

قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى

{قال لا تخافا إنني معكما} بالعون والنصرة {أسمع} ما يقول {وأرى} ما يفعل. وقوله:

فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى

{فأرسل معنا بني إسرائيل} أي: خل عنهم ولا تستخرهم {ولا تعذبهم} ولا تتعبهم في العمل. {قد جئناك بآية من ربك} يعني: اليد البيضاء والعصا {والسلام على من اتبع الهدى} سلم من أسلم.

إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى

{إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب} أنبياء الله {وتولى} أعرض عن الإيمان. وقوله:

قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى

{قال فمن ربكما يا موسى}.

قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى

{ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه} أي: أتقن كل شيء مما خلق، وخلقه على الهيئة التي بها ينتفع، والتي هي أصلح وأحكم لما يراد منه {ثم هدى} أي: هداه لمعيشته، ثم سأله فرعون عن أعمال الأمم الماضية، وهو قوله:

قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى

{فما بال القرون الأولى} الماضية؟ فأجابه موسى عليه السلام بأن أعمالهم محفوظة عند الله يجازون بها، وهو قوله:

قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى

{علمها عند ربي في كتاب} وهو اللوح المحفوظ {لا يضل ربي} لا يخطئ، ومعناه: لا يترك من كفر به حتى ينتقم منه {ولا ينسى} من وحده حتى يجازيه.

الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى

{الذي جعل لكم الأرض مهدا} فراشاً {وسلك لكم فيها سبلا} وسهل لكم فيها طرقاً {وأنزل من السماء ماء} يريد: المطر، وتم ها هنا جواب موسى، ثم تلون الخطاب، وقال الله تعالى: {فأخرجنا به أزواجا} أصنافاً {من نبات شتى} مختلفة الألوان والطعوم.

كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى

{كلوا} منها {وارعوا أنعامكم} فيها، أي: أسيموها واسرحوها في نبات الأرض {إن في ذلك} الذي ذكرت {لآيات} لعبرة {لأولي النهى} لذوي العقول.

مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى

{منها خلقناكم} يعني: آدم عليه السلام {وفيها نعيدكم} عند الموت {ومنها نخرجكم} عند البعث {تارة} مرةً {أخرى}.

وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آَيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى

{ولقد أريناه} يعني: فرعون {آياتنا كلها} الآيات التسع {فكذب} بها، وزعم أنها سحر {وأبى} أن يسلم.

قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى

{قال} لموسى: {أجئتنا لتخرجنا من أرضنا} من أرض مصر.

فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى

{بسحرك يا موسى * فلنأتينك بسحر مثله} فلنعارضن سحرك بسحر مثله {فاجعل بيننا وبينك موعدا} لمعارضتنا إياك، لا نخلف ذلك الموعد {نحن ولا أنت} وأراد بالموعدت ها هنا موضعا يتواعدون للاجتماع هناك، وهو قوله: {مكانا سوى} أي: يكون النصف فيما بيننا وبينك.

قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى

{قال موعدكم يوم الزينة} أي: وقت موعدكم يوم الزينة، وهو يوم عيد كان لهم {وأن يحشر الناس ضحى} يريد: يجمع أهل مصر في ذلك اليوم نهاراً، أراد موسى صلوات الله عليه أن يكون أبلغ في الحجة، وأشهر ذكرا في الجمع.

فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى

{فتولى} فأدبر {فرعون فجمع كيده} حيله وسحرته {ثم أتى} الميعاد.

قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى

{قال لهم موسى} للسحرة: {لا تفتروا على الله كذبا} لا تشركوا مع الله أحدا {فيسحتكم} فيستأصلكم {بعذاب وقد خاب من افترى} خسر من ادعى مع الله تعالى إلها آخر.

فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى

{فتنازعوا أمرهم بينهم} فتشاوروا بينهم، يعني: السحرة {وأسروا النجوى} تكلموا فيما بينهم سرا من فرعون، فقالوا: إن غلبنا موسى اتبعناه.

قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى

{قالوا إن هذان لساحران} يعنون: موسى وهارون عليهما السلام {يريدان أن يخرجاكم من أرضكم} من مصر ويغلبا عليها {بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى} بجماعتكم الأشراف، أي: يصرفا وجوههم إليهما.

فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى

{فأجمعوا كيدكم} أي: اعزموا على الكيد من غير اختلاف بينكم فيه {ثم ائتوا صفا} مجتمعين مصطفين، ليكون أشد لهيبتكم {وقد أفلح اليوم من استعلى} أي: قد سعد اليوم من غلب.

قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى

{قالوا يا موسى إما أن تلقي} عصاك من يدك إلى الأرض {وإما أن نكون أول من ألقى}.

قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى

{قال بل ألقوا} أنتم، فألقوا {فإذا حبالهم وعصيهم} جمع العصا {يخيل إليه} يشبه لموسى {أنها تسعى} وذلك أنها تحركت بنوع حيلة وتمويه، وظن موسى أنها تسعى نحوه.

فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى

{فأوجس} فأضمر {في نفسه خيفة} خوفا، خاف أن لا يفوز ولا يغلب فلا يصدق، حتى قال الله تعالى له:

قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى

{لا تخف إنك أنت الأعلى} الغالب.

وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى

{وألق ما في يمينك تلقف} تبتلع {ما صنعوا إنما صنعوا } أي: الذين صنعوه {كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى} ولا يسعد الساحر ما كان. فألقى موسى عصاه فتلقفت كل الذي صنعوه، وعند ذلك ألقي.

فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى

{السحرة سجدا} خروا ساجدين لله تعالى {قالوا آمنا برب هارون وموسى}.

قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى

{قال آمنتم له} صدقتموه {قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم} معلمكم {الذي علمكم السحر فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف} اليد اليمنى والرجل اليسرى {ولأصلبنكم في جذوع النخل} عل رؤوس النخل {ولتعلمن أينا أشد عذابا} أنا أو رب موسى {وأبقى} وأدوم.

قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا

{قالوا لن نؤثرك} لن نختار دينك {على ما جاءنا من البينات} اليقين والهدى {والذي فطرنا} ولا نختارك على الذي خلقنا {فاقض ما أنت قاض} فاصنع ما أنت صانع منت القطع والصلب {إنما تقضي هذه الحياة الدنيا} إنما سلطانك وملكك في هذه الحياة الدنيا.

إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى

{إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا} الشرك الذي كنا فيه {وما أكرهتنا عليه من السحر} وإكراهك إيانا على تعلم السحر {والله خير} لنا منك {وأبقى} لأنك فإن هالك.

إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا

{إنه من يأت ربه مجرما} مات على الشرك {فإن له جهنم لا يموت فيها} فيستريح بالموت {ولا يحيا} حياة تنفعه.

وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا

{ومن يأته مؤمنا} ما على الإيمان {قد عمل الصالحات} قد أدى الفرائض {فأولئك لهم الدرجات العلى} في الجنة. وقوله:

جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى

{جزاء من تزكى} تطهر من الشرك بقول: لا إله إلا الله.

وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى

{ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي} سر بهم ليلاً من أرض مصر {فاضرب لهم} بعصاك {طريقا في البحر يبسا} يابساً { لا تخاف دركا} من فرعون خلقك {ولا تخشى} غرقا في البحر.

فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ

{فأتبعهم} فلحقهم {فرعون بجنوده فغشيهم من اليم} فعلاهم من البحر {ما غشيهم} ما غرقهم.

وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى

{وأضل فرعون قومه وما هدى} رد عليه حيث قال: {وما أهديكم إلا سبيل الرشاد}، ثم ذكر مننه على بني إسرائيل فقال:

يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى

{قد أنجيناكم من عدوكم} فرعون {وواعدناكم} لإيتاء الكتاب {جانب الطور الأيمن} وذلك أن الله سبحانه وعد موسى أن يأتي هذا المكان، فيؤتيه كتابا فيه الحلال والحرام والأحكام، ووعدهم موسى أن يأتي هذا المكان عند ذهابه عنهم. {ونزلنا عليكم المن والسلوى} يعني: في التيه.

كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى

{كلوا} أي: وقلنا لهم: كلوا {من طيبات} حلالات {ما رزقناكم ولا تطغوا} ولا تكفروا النعمة {فيه فيحل} فيجب {عليكم غضبي ومن يحلل} يجب {عليه غضبي فقد هوى} هلك وصار إلى الهاوية.

وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى

{وإني لغفار لمن تاب} من الشرك {وآمن} وصدق بالله {وعمل صالحا} بطاعة الله {ثم اهتدى} أقام على ذلك حتى مات عليه.

وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى

{وما أعجلك عن قومك} يعني: السبعين الذين اختارهم، وذلك أنه سبقهم شوقاً إلى ميعاد الله، وأمرهم أن يتبعوه، فذلك قوله:

قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى

{قال: هم أولاء على أثري} يجيئون بعدي {وعجلت إليك} بسبقي إياهم {لترضى} لتزداد عن رضى.

قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ

{قال فإنا قد فتنا قومك} أي: ألقيناهم في الفتنة واختبرناهم {من بعدك} من بعد خروجك من بينهم {وأضلهم السامري} بدعائهم إلى عبادة العجل.

فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي

{فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا} شديد الحزن. {قال: يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا} أنه يعطيكم التوراة صدقاً لذلك الموعد. {أفطال عليكم العهد} مدة مفارقتي إياكم {أم أردتم أن يحل} أن يجب {عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي} باتخاذ العجل ولم تنظروا رجوعي إليكم.

قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ

{قالوا: ما أخلفنا موعدك بملكنا} باختيارنا ونحن نملك من أمرنا شيئا ولكن السامري استغلونا وهو معنى قوله: {ولكنا حملنا أوزارا} أثقالا {من زينة القوم} من خلي آل فرعون {فقذفناها} ألقيناها في النار بأمر السامري، وذلك أنه قال: اجمعوها وألقوها في النار ليرجع موسى، فيرى فيها رأيه {فكذلك ألقى السامري} ما معه من الحلي في النار، وهو قوله: {فكذلك ألقى السامري} ثم صاغ لهم عجلا، وهو قوله:

فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ

{فأخرج لهم عجلا جسدا} لحماً ودماً {له خوار} صوت، فسجدوا له، وافتتنوا به، وقالوا: {هذا إلهكم وإله موسى فنسي} فتركه ها هنا وخرج يطلبه. قال الله تعالى احتجاجا عليهم.

أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا

{أفلا يرون ألا يرجع} أنه لا يرجع {إليهم قولا} لا يكلمهم العجل ولا يجيبهم {ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا}.

وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي

{ولقد قال لهم هارون من قبل} من قبل رجوع موسى: {يا قوم إنما فتنتم به} ابتليتم بالعجل {وإن ربكم الرحمن} لا العجل {فاتبعوني} على ديني {وأطيعوا أمري}.

قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى

{قالوا لن نبرح عليه عاكفين} على عبادته مقيمين {حتى يرجع إلينا موسى} فلما رجع موسى.

قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا

{قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا}ت أخطأوا الطريق بعبادة العجل { أن لا تتبعن } أن تتبعني وتلحق بي وتخبرني؟ {أفعصيت أمري} حيث أقمت فيما بينهم وهم يعبدون غير الله!؟ ثم أخذ شعر رأسه بيمينه ولحيته بشماله غضبا وإنكارا عليه، فقال:

أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي

{ أن لا تتبعن أفعصيت أمري }

قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي

{يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل} خشيت إن فارقتهم واتبتعك أن يصيروا حزبين يقتل بعضهم بعضاً، فتقول: أوقعت الفرقة فيما بينهم {ولم ترقب قولي} لم تحفظ وصيتي في حسن الخلافة عليهم، ثم أقبل موسى على السامري فقال:

قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ

{فما خطبك} فما قصتك وما الذي تخاطب به فيما صنعت؟

قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي

{قال: بصرت بما لم يبصروا به} علمت ما لم يعلمه بنو إسرائيل. قال موسى: وما ذلك؟ قال: رأيت جبريل عليه السلام على فرس الحياة، فألقي في نفسي أن أقبض من أثرها، فما ألقيته على شيء إلا صار له روح ولحم ودم، فحين رأيت قومك سألوك أن تجعل لهم إلها زينت لي نفسي ذلك، فذلك قوله: {فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها} طرحتها في العجل {وكذلك سولت لي نفسي} حدثني نفسي.

قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا

{قال} له موسى صلوات الله عليه: {فاذهب فإن لك في الحياة} يعني: ما دمت حيا {أن تقول لا مساس} لا تخالط أحدا ولا يخالطك، وأمر موسى بني إسرائيل ألا يخالطوه، وصار السامري بحيث لو مسه أحد أو مس هو أحدا حم كلاهما {وإن لك موعدا} لعذابك {لن تخلفه} لن يخلفكه الله {وانظر إلى إلهك }معبودك {الذي ظلت عليه عاكفا} دمت عليه مقيماً تعبده {لنحرقنه} بالنار {ثم لننسفنه} لنذرينه في البحر.

إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا

{إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو} لا العجل {وسع كل شيء علما} علم كل شيء علما.

كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آَتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا

{كذلك} كما قصصنا عليك هذه القصة {نقص عليك من أنباء ما قد سبق} من الأمور {وقد آتيناك من لدنا ذكرا} يعني: القرآن.

مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا

{من أعرض عنه} فلم يؤمن به {فإنه يحمل يوم القيامة وزرا} حملا ثقيلا من الكفر.

خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا

{خالدين فيه} لا يغفر ربك لهم ذلك، ولا يكفر عنهم شيء {وساء لهم يوم القيامة حملا} بئس ما حملوا على أنفسهم من المآثم كفرا بالقرآن.

يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا

{يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين} الذين اتخذوا مع الله إلها آخر {يومئذ زرقا} زرق العيون سود الوجوه.

يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا

{يتخافتون} يتساررون {بينهم إن لبثتم} في قبوركم إلا عشر ليال. يريدون. ما بين النفختين، وهو أربعون سنة يرفع العذاب في تلك المدة عن الكفار، فيستقصرون تلك المدة إذا عاينوا هول القيامة. قال الله تعالى:

نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا

{نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة} أعدلهم قولا {إن لبثتم إلا يوما}.

وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا

{ويسألونك عن الجبا} سألوا النبي صلى الله عليه وسلم كيف تكون الجبال يوم القيامة؟ {فقل ينسفها ربي نسفا} يصيرها كالهباء المنثور حتى تستوي مع الأرض، وهو قوله:

فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا

{فيذرها قاعاً صفصفا} مكانا مستويا،

لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا

{لا ترى فيها عوجا ولا أمتا} انخفاضا وارتفاعا.

يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا

{يومئذ يتبعون الداعي} الذي يدعوهم إلى موقف القيامة، ولا يقدرون ألا يتبعوا {وخشعت} سكنت {الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا} وطء الأقدام نقلها إلى المحشر.

يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا

{يومئذ} يوم القيامة {لا تنفع الشفاعة} أحدا {إلا من أذن له الرحمن} في أن يشفع له، وهم المسلمون الذين رضي الله قولهم، لأنهم قالوا: لا إله إلا الله وهذا معنى قوله: {ورضي له قولا}.

يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا

{يعلم ما بين أيديهم} من أمر الآخرة {وما خلفهم} من أمر الدنيا. وقيل ما قدموا وما خلفوا من خير وشر {ولا يحيطون به علما} وهم لا يعلمون ذلك

وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا

{وعنت الوجوه} خضعت وذلت {للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما} خسر من أشرك بالله.

وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا

{ومن يعمل من الصالحات} الطاعات لله {وهو مؤمن} مصدق بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم {فلا يخاف ظلما ولا هضما} لا يخاف أن يزاد في سيئاته، ولا ينقص من حسناته.

وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا

{وكذلك} وهكذا {أنزلناه قرآنا عربيا وصرفنا} بينا {فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم} القرآن {ذكرا} وموعظة.

فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا

{ولا تعجل بالقرآن} كان إذا نزل جبريل عليه السلام بالوحي يقرؤه مع جبريل عليه السلام مخافة النسيان، فأنزل الله سبحانه: {ولا تعجل بالقرآن} أي: بقرأءته {من قبل أن يقضى إليك وحيه } من قبل أن يفرغ جبريل مما يريد من التلاوة {وقل رب زدني علما} بالقرآن، وكان كلما نزل عليه شيء من القرآن ازداد به علما.

وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا

{ولقد عهدنا إلى آدم} أمرناه وأوصينا إليه {من قبل} هؤلاء الذين تركوا أمري، ونفضوا عهدي في تكذيبك {فنسي} فترك ما أمر به {ولم نجد له عزما} حفظا لما أمر به. وقوله:

وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى

{وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى}.

فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى

{فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى}.

إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى

{ إن لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى }.

وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى

{ولا تضحى} أي: لا يؤذيك حر الشمس. وقوله:

فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى

{شجرة الخلد} يعني: من أكل منها لم يمت. وقوله:

فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى

{فغوى} فأخطأ ولم ينل مراده مما أكل. ويقال: لم يرشد.

ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى

{ثم اجتباه} اختاره {ربه فتاب عليه} عاد عليه بالرحمة والمغفرة {وهدى} أي: هداه إلى التوبة. وقوله:

قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى

{قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى}.

وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى

{من أعرض عن ذكري} موعظتي، وهي القرآن {فإن له معيشة ضنكا}ضيقى. يعني : في جهنم وقيل : يعني عذاب القبر { ونحشره يوم القيامة أعمى } البصر.

قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا

{قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا}.

قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى

{قال كذلك أتتك آياتنا} يقول: كما أتتك آياتي {فنسيتها} فتركتها ولم تؤمن بها {وكذلك اليوم تنسى} تترك في جهنم.

وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآَيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى

{وكذلك} وكما تجزي من أعرض عن القرآن {نجزي من أسرف} أشرك. {ولعذاب الآخرة أشد} مما يعذبهم به في الدنيا والقبر {وأبقى} وأدوم.

أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى

{أفلم يهد لهم} أفلم يتبين لهم بياناً يهتدون به {كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون} هؤلاء إذا سافروا في مساكن أولئك الذين أهلكناهم بتكذيب الأنبياء {إن في ذلك لآيات} لعبراً {لأولي النهى}لذوي العقول.

وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى

{ولولا كلمة سبقت من ربك} في تأخير العذاب عنهم {لكان لزاما} لكان العذاب لازماً لهم في الدنيا {وأجل مسمى} وهو القيامة. وقوله:

فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى

{وسبح بحمد ربك} صل لربك {قبل طلوع الشمس} صلاة الفجر {وقبل غروبها } صلاة العصر {ومن آناء الليل فسبح} فصل المغرب والعشاء الآخرة {وأطراف النهار} صل صلاة الظهر في طرف النصف الثاني، وسمى الواحد باسم الجمع {لعلك ترضى} لكي ترضى من الثواب في المعاد.

وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى

{ولا تمدن عينيك} مفسر في سورة الحجر. وقوله: {زهرة الحياة الدنيا} أي: زينتها وبهجتها {لنفتنهم فيه} لنجعل ذلك فتنةً لهم {ورزق ربك} لك في المعاد {خير وأبقى} أكثر وأدوم.

وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى

{وأمر أهلك بالصلاة} يعني: قريشا. وقيل: أهل بيته {لا نسألك رزقا} لخلقنا ولا لنفسك {نحن نرزقك والعاقبة} الجنة {للتقوى} لأهل التقوى. يعني: لك ولمن صدقك، ونزلت هذه الآيات لما استسلف رسول الله صلى الله عليه وسلم من يهودي وأبى أن يعطيه إلا برهن، وحزن لذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى

{وقالوا} يعني: المشركين {لولا} هلا {يأتينا} محمد عليه السلام {بآية من ربه} مما كانوا يقترحون من الآيات. قال الله: {أولم تأتهم بينة} بيان {ما في الصحف الأولى} يعني: في القرآن بيان ما في التوراة والإنجيل والزبور.

وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى

{ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله} من قبل نزول القرآن. وقوله: {من قبل أن نذل} بالعذاب {ونخزى} في جهنم.

قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى

{قل} يا محمد لهم: {كل متربص} منتظر دوائر الزمان، ولمن يكون النصر {فتربصوا فستعلمون} في القيامة {من أصحاب الصراط السوي} المستقيم {ومن اهتدى} من الضلالة نحن أم أنتم.


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس