islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

تفسير البيضاوى
16907

64-التغابن

يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

1-" يسبح لله ما في السموات وما في الأرض " بدلالتها على كماله واستغنائه . " له الملك وله الحمد " قدم الظرفين للدلالة على اختصاص الأمرين به من حيث الحقيقة . " وهو على كل شيء قدير " لأن نسبة المقتضية للقدرة إلى الكل على سواء ثم شرع فيما ادعاه فقال :

هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ

2-" هو الذي خلقكم فمنكم كافر " مقدر كفره موجه إليه ما يحمله عليه . " ومنكم مؤمن " مقدر إيمانه موفق لما يدعوه إليه . " والله بما تعملون بصير " فيعاملكم بما يناسب أعمالكم .

خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ

3-" خلق السموات والأرض بالحق " بالحكمة البالغة . " وصوركم فأحسن صوركم " فصوركم من جملة ما خلق فيهما بأحسن صورة ، حيث زينكم بصفوة أوصاف الكائنات ، وخصكم بخلاصة خصائص المبدعات ، وجعلكم أنموذج جميع المخلوقات . "وإليه المصير " فأحسنوا سرائركم حتى لا يمسخ بالعذاب ظواهركم .

يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ

4-" يعلم ما في السموات والأرض ويعلم ما تسرون وما تعلنون والله عليم بذات الصدور " فلا يخفى عليه ما يصح أن يعلم كلياً كان أو جزئياً ، لأن نسبة المقتضى لعلمه إلى الكل واحدة ، وتقديم تقرير القدرة على العلم لأن دلالة المخلوقات على قدرته أولاً وبالذات وعلى علمه بما فيها من الإتقان والاختصاص ببعض الأنحاء .

أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

5-" ألم يأتكم " يا أيها الكفار . " نبأ الذين كفروا من قبل " كقوم نوح وهود وصالح عليهم السلام . " فذاقوا وبال أمرهم " ضرر كفرهم في الدنيا ، وأصله الثقل ومنه الوبيل لطعام يثقل على المعدة ، والوابل المطر الثقيل القطار . "ولهم عذاب أليم " في الآخرة .

ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ

6-" ذلك " أي المذكور من الوبال والعذاب " بأنه " بسبب أن الشأن " كانت تأتيهم رسلهم بالبينات " بالمعجزات . "فقالوا أبشر يهدوننا " أنكروا وتعجبوا من أن يكون الرسل بشراً والبشر يطلق للواحد والجمع . "فكفروا " بالرسل " وتولوا " عن التدبر في البينات " واستغنى الله " عن كل شيء فضلاً من طاعتهم . "والله غني " عن عبادتهم وغيرها ." حميد " يدل على حمده كل مخلوق .

زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ

7-" زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا " الزعم ادعاء العلم ولذلك يتعدى إلى مفعولين وقد قام مقامهما أن بما في حيزه " قل بلى " أي بلى تبعثون " وربي لتبعثن " قسم أكد به الجواب " ثم لتنبؤن بما عملتم " بالمحاسبة والمجازاة . " وذلك على الله يسير " لقبول المادة وحصول القدرة التامة .

فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ

8-" فآمنوا بالله ورسوله " محمد عليه الصلاة والسلام . " والنور الذي أنزلنا " يعني القرآن فيه بإعجازه بنفسه مظهر لغيره مما فيه شرحه وبيانه . " والله بما تعملون خبير " فمجاز عليه .

يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ

9-" يوم يجمعكم " ظرف " لتنبؤن " أو مقد رباذكر ، وقرأ يعقوب نجمعكم . " ليوم الجمع " لأجل ما فيه من الحساب والجزاء والجمع جمع الملائكة والثقلين . " ذلك يوم التغابن " يغبن فيه بعضهم بعضاً لنزول السعداء منازل الأشقياء لو كانوا سعداء وبالعكس ، مستعار من تغابن التجار واللام فيه للدلالة على أن التغابن الحقيقي هو التغابن في أمور الآخرة لعظمها ودوامها . " ومن يؤمن بالله ويعمل صالحاً " أي عملاً صالحاً . "يكفر عنه سيئاته ويدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً " وقرأ نافع و ابن عامر بالنون فيهما . " ذلك الفوز العظيم " الإشارة إلى مجموع الأمرين ، ولذلك جعله الفوز العظيم لأنه جامع للمصالح من دفع المضار وجلب المنافع .

وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ

10-" والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير " كأنها والآية المتقدمة بيان لـ" التغابن " وتفصيل له .

مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ

11-" ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله " إلا بتقديره وإرادته . " ومن يؤمن بالله يهد قلبه " للثبات والاسترجاع عند حلولها ، وقرئ " يهد قلبه " بالرفع على إقامته مقام الفاعل وبالنصب على طريقة " سفه نفسه " ، ويهدأ بالهمزة أي يسكن . " والله بكل شيء عليم " حتى القلوب وأحوالها .

وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ

12-" وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين " أي فإن توليتم فلا بأس عليه إذ وظيفته التبليغ وقد بلغ .

اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ

13-" الله لا إله إلا هو وعلى الله فليتوكل المؤمنون " لأن إيمانهم بأن الكل منه يقتضي ذلك .

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ

14-" يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم " يشغلكم عن طاعة الله أو يخاصمكم في أمر الدين أو الدنيا . " فاحذروهم " ولا تأمنوا غوائلهم . "وإن تعفوا " عن ذنوبهم بترك المعاقبة " وتصفحوا " بالإعراض وترك التثريب عليها . " وتغفروا " بإخفائها وتمهيد معذرتهم فيها . " فإن الله غفور رحيم " يعاملكم بمثل ماعملتم ويتفضل عليكم .

إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ

15-" إنما أموالكم وأولادكم فتنة " اختبار لكم . "والله عنده أجر عظيم " لمن آثر محبه الله وطاعته على محبة الأموال والأولاد والسعي لهم .

فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ

16-" فاتقوا الله ما استطعتم " أي أبذلوا في تقواه جهدكم وطاقتكم " واسمعوا " مواعظه . "وأطيعوا " أوامره . "وأنفقوا " في وجوه الخير خالصاً لوجهه . " خيراً لأنفسكم " أي افعلوا ما هو خير لها ، وهو تأكيد للحث على امتثال هذه الأوامر ، ويجوز أن يكون صفة مصدر محذوف تقديره : انفاقاً خيراً أو خبراً لكان مقدراً جواباً للأوامر . "ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون " سبق تفسيره .

إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ

17-" إن تقرضوا الله " تصرفوا المال فيما أمره . "قرضاً حسناً " مقروناً بإخلاص وطيب قلب . " يضاعفه لكم " يجعل لكم بالواحد عشراً إلى سبعمائة وأكثر ، و قرأ ابن كثير و ابن عامر و يعقوب يضعفه لكم . " ويغفر لكم " ببركة الإنفاق . " والله شكور " يعطي الجزيل بالقليل . " حليم " لا يعاجل بالعقوبة .

عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

18-" عالم الغيب والشهادة " ولا يخفى عليه شيء . " العزيز الحكيم " تام القدرة والعلم . عن النبي صلى الله عليه وسلم "من قرأ سورة التغابن دفع عنه موت الفجأة " والله أعلم .


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس