1 -" ألم " .
2 -" تلك آيات الكتاب الحكيم " سبق بيانه في (( يونس )) .
3 -" هدىً ورحمةً للمحسنين " حالان من الآيات والعامل فيهما معنى الإشارة ، ورفعهما حمزة على الخبر بعد الخبر أو الخبر لمحذوف .
4 -" الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون " بيان لإحسانهم أو تخصيص لهذه الثلاثة من شعبه لفضل اعتداد بها وتكرير الضمير للتوكيد ولما حيل بينه وبين خبره .
5 -" أولئك على هدىً من ربهم وأولئك هم المفلحون " لاستجماعهم العقيدة الحقة والعمل الصالح .
6 -" ومن الناس من يشتري لهو الحديث " ما يلهي عما يعني كالأحاديث التي لا أصل لها والأساطير التي لا اعتبار بها والمضاحك وفضول الكلام ، والإضافة بمعنى من وهي تبيينية إن أراد بالحديث المنكر وتبعيضية إن أراد به الأعم منه . وقيل نزلت في النضر بن الحارث اشترى كتب الأعاجم وكان يحدث بها قريشاً ويقول : إن كان محمد يحدثكم بحديث عاد وثمود فأنا أحدثكم بحديث رستم واسفنديار والأكاسرة . وقيل كان يشتري القيان ويحملهن على معاشرة من أراد الإسلام ومنعه عنه . " ليضل عن سبيل الله " دينه أو قراءة كتابه ، وقرأ ابن كثير و أبو عمرو بفتح الياء بمعنى ليثبت على ضلاله ويزيد فيه . " بغير علم " بحال ما يشتريه أو بالتجارة حيث استبدل اللهو بقراءة القرآن . " ويتخذها هزواً " ويتخذ السبيل سخرية ، وقد نصبه حمزة و الكسائي و يعقوب و حفص عطفاً على " ليضل " . " أولئك لهم عذاب مهين " لإهانتهم الحق باستئثار الباطل عليه .
7 -" وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبراً " متكبراً لا يعبأ بها . " كأن لم يسمعها " مشابهاً حاله حال من لم يسمعها . " كأن في أذنيه وقراً " مشابهاً من في أذنيه ثقل لا يقدر أن يسمع ، والأولى حال من المستكن في " ولى " أو في " مستكبراً " ، والثانية بدل منها أو حال من المستكن في " لم يسمعها " ويجوز أن يكونا استئنافين ، وقرأ نافع " في أذنيه " . " فبشره بعذاب أليم " أعلمه بأن العذاب يحيق به لا محالة وذكر البشارة على التهكم .
8 -" إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم " أي لهم نعيم الجنات فعكس للمبالغة .
9 -" خالدين فيها " حال من الضمير في " لهم " أو من " جنات النعيم " والعامل ما تعلق به اللام . " وعد الله حقاً " مصدران مؤكدان الأول لنفسه والثاني لغيره لأن قوله " لهم جنات " وعد وليس كل وعد حقاً . " وهو العزيز " الذي لا يغلبه شيء فيمنعه عن إنجاز وعده ووعيده . " الحكيم " الذي لا يفعل إلا ما تستدعيه حكمته .
10 -" خلق السموات بغير عمد ترونها " قد سبق في (( الرعد )) . " وألقى في الأرض رواسي " جبالاً شوامخ . " أن تميد بكم " كراهة أن تميد بكم ، فإن تشابه أجزائها يقتضي تبدل أحيازها وأوضاعها لامتناع اختصاص كل منها لذاته أو لشيء من لوازمه بحيز ووضع معينين . " وبث فيها من كل دابة وأنزلنا من السماء ماءً فأنبتنا فيها من كل زوج كريم " من كل صنف كثير المنفعة وكأنه استدل بذلك على عزته التي هي كمال القدرة ، وحكمته التي هي كمال العلم ، ومهد به قاعدة التوحيد وقررها بقوله :
11 -" هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه " هذا الذي ذكر مخلوقه فماذا خلق آلهتكم حتى استحقوا مشاركته ، و " ماذا " نصب بـ " خلق " أو ما مرتفع بالابتداء وخبره ذا بصلته " فأروني " معلق عنه . " بل الظالمون في ضلال مبين " إضراب عن تبكيتهم إلى التسجيل عليهم بالضلال الذي لا يخفى على ناظر ، ووضع الظاهر موضع المضمر للدلالة على أنهم ظالمون بإشراكهم .
12 -" ولقد آتينا لقمان الحكمة " يعني لقمان بن باعوراء ن أولاد آزر ابن أخت أيوب أو خالته ، وعاش حتى أدرك داود عليه الصلاة والسلام وأخذ منه العلم وكان يفتي قبل مبعثه ، والجمهور على أنه كان حكيماً ولم يكن نبياً . والحكمة في عرف العلماء : استكمال النفس الإنسانية باقتباس العلوم النظرية ، واكتساب الملكة التامة على الأفعال الفاضلة على قدر طاقتها . ومن حكمته أن صحب داود شهوراً وكان يسرد الدرع فلم يسأله عنها فلما أتمها لبسها وقال : نعم لبوس الحرب أنت فقال : الصمت حكم وقليل فاعله ، وأن داود عليه السلام قال له يوماً كيف أصبحت فقال أصبحت في يدي غيري ، فتفكر داود فيه فصعق صعقة . وأنه أمره بأن يذبح شاة ويأتي بأطيب مضغتين منها فأتى باللسان والقلب ، ثم بعد أيام أمره بأن يأتي بأخبث مضغتين فأتى بهما أيضاً فسأله عن ذلك فقال : هما أطيب شيء إذا طابا وأخبث شيء إذا خبثا . " أن اشكر لله " لأن أشكر أو أي أشكر فإن إيتاء الحكمة في معنى القول . " ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه " لأن نفعه عائد إليها وهو دوام النعمة واستحقاق مزيدها . " ومن كفر فإن الله غني " لا يحتاج إلى الشكر . " حميد " حقيق بالحمد وإن لم يحمد ، أو محمود ينطق بحمده جميع مخلوقاته بلسان الحال .
13 -" وإذ قال لقمان لابنه " أنعم أو أشكم أو ماثان . " وهو يعظه يا بني " تصغير إشفاق ، وقرأ ابن كثير هنا وفي " يا بني أقم الصلاة " بإسكان الياء ، و حفص فيهما وفي " يا بني إنها إن تك " بفتح الياء ومثله البزي في الأخير وقرأ الباقون في الثلاثة بكسر الياء . " لا تشرك بالله " قيل كان كافراً فلم يزل به حتى أسلم ، ومن وقف على " لا تشرك " جعل بالله قسماً . " إن الشرك لظلم عظيم " لأنه تسوية بين من لا نعمة إلا منه ومن لا نعمة منه .
14 -" ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً " ذات وهن أو تهن وهناً " على وهن " أي تضعف ضعفاً فوق ضعف فإنها لا تزال يتضاعف ضعفها والجملة في موضع الحال ، وقرئ بالتحريك يقال وهن يهن وهنا ووهن يوهن وهنا . " وفصاله في عامين " وفطامه في انقضاء عامين وكانت ترضعه في تلك المدة ، وقرئ (( وفصله في عامين )) وفيه دليل على أن أقصى مدة الرضاعة حولان . " أن اشكر لي ولوالديك " تفسير لـ " وصينا " أو علة له أو بدل من والديه بدل الاشتمال ، وذكر الحمل والفصال في البين اعتراض مؤكد للتوصية في حقها خصوصاً ومن ثم قال عليه الصلاة والسلام لمن قال من أبر " أمك ثم أمك ثم أمك ثم قال بعد ذلك أباك " . " إلي المصير " فأحاسبك على شكرك وكفرك .
15 -" وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم " باستحقاقه الإشراك تقليداً لهما ، وقيل أراد بنفي العلم به نفيه . " فلا تطعهما " في ذلك . " وصاحبهما في الدنيا معروفاً " صحاباً معروفاً يرتضيه الشرع ويقتضيه الكرم . " واتبع " في الدين " سبيل من أناب إلي " بالتوحيد والإخلاص في الطاعة . " ثم إلي مرجعكم " مرجعك ومرجعهما . " فأنبئكم بما كنتم تعملون " بأن أجازيك على إيمانك وأجازيهما على كفرهما ، والآيتان معترضتان في تضاعيف وصية لقمان تأكيداً لما فيا من النهي عن الشرك كأنه قال : وقد وصينا بمثل ما وصى به ، وذكر الوالدين للمبالغة في ذلك فإنهما منع أنهما تلو الباري في استحقاق التعظيم والطاعة لا يجوز أن يستحقاه في الإشراك فما ظنك بغيرهما . نزولهما في سعد بن أبي وقاص وأمه مكثت لإسلامه ثلاثاً لم تطعم فيها شيئاً ، ولذلك قيل من أناب إليه أبو بكر رضي الله عنه فإنه أسلم بدعوته .
16 -" يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل " أي أن الخصلة من الإحسان أو الإساءة إن تك مثلاً في الصغر كحبة الخردل . ورفع نافع " مثقال " على أن الهاء ضمير القصة وكان تامة وتأنيثها لإضافة المثقال إلى الحبة كقول الشاعر : كما شرقت صدر القناة من الدم أو لأن المراد به الحسنة أو السيئة . " فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض " في أخفى مكان وأحرزه كجوف صخرة أ أعلاه كمحدب السموات أو أسفله كمقعر الأرض . وقرئ بكسر الكاف من وكن الطائر إذا استقر في وكنته . " يأت بها الله " يحضرها فيحاسب عليها . " إن الله لطيف " يصل علمه إلى كل خفي . " خبير " عالم بكنهه .
17 -" يا بني أقم الصلاة " تكميلاً لنفسك . " وأمر بالمعروف وانه عن المنكر " تكميلاً لغيرك . " واصبر على ما أصابك " من الشدائد سيما في ذلك . " إن ذلك " إشارة إلى الصبر أو إلى كل ما أمر به . " من عزم الأمور " مما عزمه الله من الأمور أي قطعه قطع إيجاب مصدر أطلق للمفعول ، ويجوز أن يكون بمعنى الفاعل من قوله " فإذا عزم الأمر " أي جد .
18 -" ولا تصعر خدك للناس " لا تمله عنهم ولا تولهم صفحة وجهك كما يفعله المتكبرون من الصعر وهو داء البعير فيلوي عنقه . وقرأ نافع و أبو عمرو و حمزة و الكسائي (( ولا تصاعر )) ، وقرئ (( ولا تصعر )) والكل واحد مثل علاه وأعلاه وعالاه . " ولا تمش في الأرض مرحاً " أي فرحاً مصدر وقع موقع الحال أي تمرح مرحاً أو لأجل المرح وهو البطر . " إن الله لا يحب كل مختال فخور " علة للنهي وتأخير الـ " فخور " وهو مقابل للمصعر خده والمختال للماشي مرحاً لتوافق رؤوس الآي .
19 -" واقصد في مشيك " توسط فيه بين الدبيب والإسراع . وعنه عليه الصلاة والسلام : " سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن " ، وقول عائشة في عمر رضي الله عنهما كان إذا مشى أسرع فالمراد ما فوق دبيب المتماوت ، وقرئ بقطع الهمزة من أقصد الرامي إذا سدد سهمه نحو الرمية . " واغضض من صوتك " وانقص منه واقصر . " إن أنكر الأصوات " أوحشها . " لصوت الحمير " والحمار مثل في الذم سيما نهاقه ولذلك يكنى عنه فيقال طويل الأذنين ، وفي تمثيل الصوت المرتفع بصوته ثم إخراجه مخرج الاستعارة مبالغة شديدة وتوحيد الصوت لأن المراد تفضيل الجنس في النكير دون الآحاد أو لأنه مصدر في الأصل .
20 -" ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات " بأن جعله أسباباً محصلة لمنافعكم . " وما في الأرض " بأن مكنكم من الانتفاع به بوسط أو غير وسط " وأسبغ عليكم نعمه ظاهرةً وباطنةً " محسوسة ومعقولة ما تعرفونه وما لا تعرفونه وقد مر شرح النعمة وتفصيلها في الفاتحة ، وقرئ (( وأصبغ )) بالإبدال وهو جار في كل سين اجتمع من الغين أو الخاء أو القاف كصلخ وصقر، وقرأ نافع و أبو عمرو و حفص (( نعمه )) بالجمع والإضافة . " ومن الناس من يجادل في الله " في توحيده وصفاته . " بغير علم " مستفاد من دليل . " ولا هدى " راجع إلى رسول . " ولا كتاب منير " أنزله الله بل بالتقليد كما قال :
21 -" وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا " وهو منع صريح من التقليد في الأصول . " أو لو كان الشيطان يدعوهم " يحتمل أن يكون الضمير " لهم " ولآبائهم . " إلى عذاب السعير " إلى ما يؤول إليه من التقليد أو الإشراك وجواب محذوف مثل لاتبعوه ، والاستفهام للإنكار والتعجب .
22 -" ومن يسلم وجهه إلى الله " بأن فوض أمره إليه وأقبل بشراشره عليه من أسلمت المتاع إلى الزبون ، ويؤيده القراءة بالتشديد وحيث عدي باللام فلتضمن معنى الإخلاص . " وهو محسن " في عمله . " فقد استمسك بالعروة الوثقى " تعلق بأوثق ما يتعلق به ، وهو تمثيل للمتوكل المشتغل بالطاعة بمن أراد أن يترقى إلى شاهق جبل فتمسك بأوثق عرى الحبل المتدلي منه . " وإلى الله عاقبة الأمور " إذ الكل صائر إليه .
23 -" ومن كفر فلا يحزنك كفره " فإنه لا يضرك في الدنيا والآخرة ، وقرئ " فلا يحزنك " من أحزن وليس بمستفيض . " إلينا مرجعهم " في الدارين . " فننبئهم بما عملوا " بالإهلاك والتعذيب . " إن الله عليم بذات الصدور " فمجاز عليه فضلاً عما في الظاهر .
24 -" نمتعهم قليلاً " تمتيعاً أو زماناً قليلاً فإن ما يزول بالنسبة إلى ما يدوم قليل . " ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ " يثقل عليهم ثقل الأجرام الغلاظ أو يضم إلى الإحراق الضغط .
25 -" ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله " لوضوح الدليل المانع من إسناد الخلق إلى غيره بحيث اضطروا إلى إذاعته . " قل الحمد لله " على إلزامهم وإلجائهم إلى الاعتراف بما يوجب بطلان معتقدهم . " بل أكثرهم لا يعلمون " أن ذلك يلزمهم .
26 -" لله ما في السموات والأرض " لا يستحق العبادة فيهما غيره " إن الله هو الغني " عن حمد الحامدين . " الحميد " المستحق للحمد وإن لم يحمد .
27 -" ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام " ولو ثبت تكون الأشجار أقلاماً ، وتوحيد " شجرة " لأن المراد تفصيل الآحاد . " والبحر يمده من بعده سبعة أبحر " والبحر المحيط بسعته مداداً ممدوداً بسبعة أبحر ، فأغنى عن ذكر المداد بمده لأنه من مد الدواة وأمدها ، ورفعه للعطف على محل أن ومعموليها وبمده حال أو للابتداء على أنه مستأنف أو الواو للحال ، ونصبه البصريان بالعطف على اسم " أن " أو إضمار فعل يفسره " يمده " ، وقرئ (( تمده )) بالياء والتاء . " ما نفدت كلمات الله " بكتبها بتلك الأقلام بذلك المداد وإيثار جمع القلة للإشعار بأن ذلك لا يفي بالقليل فكيف بالكثير . " إن الله عزيز " لا يعجزه شيء . " حكيم " لا يخرج عن علمه وحمته أمر ، والآية جواب لليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أمروا وفد قريش أن يسألوه عن قوله تعالى : " وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً " وقد أنزل التوراة وفيها علم كل شيء .
28 -" ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة " إلا كخلقها وبعثها إذ لا يشغله شأن عن شأن لأنه يكفي لوجود الكل تعلق إرادته الواجبة مع قدرته الذاتية كما قال " إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون " " إن الله سميع " يسمع كل مسموع " بصير " يبصر كل مبصر لا يشغله إدراك بعضها عن بعض فكذلك الحق .
29 -" ألم تر أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري " كل من النيرين يجري في فلكه . " إلى أجل مسمى " إلى منتهى معلوم الشمس إلى آخر السنة والقمر إلى آخر الشهر . وقيل إلى يوم القيامة والفرق بينه وبين قوله " لأجل مسمى " أن الـ " أجل " ها هنا منتهى الجري وثمة غرضه حقيقة أو مجازاً وكلا المعنيين حاصل في الغايات . " وأن الله بما تعملون خبير " عالم بكنهه .
30 -" ذلك " إشارة إلى الذي ذكر من سعة العلم وشمول القدرة وعجائب الصنع واختصاص الباري بها . " بأن الله هو الحق " بسبب أنه الثابت في ذاته الواجب من جميع جهاته ، أو الثابت إلهيته . " وأن ما يدعون من دونه هو الباطل " المعدوم في حد ذاته لأنه لا يوجد ولا يتصف إلا بجعله أو الباطل إلهيته . وقرأ البصريان والكوفيون غير أبي بكر بالياء . " وأن الله هو العلي الكبير " مترفع على كل شيء ومتسلط عليه .
31 -" ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمة الله " بإحسانه في تهيئة أسبابه وهو استشهاد آخر على باهر قدرته وكمال حكمه وشمول إنعامه والباء للصلة أو الحال ، وقرئ " الفلك " بالتثقيل و (( بنعمات الله )) بسكون العين ، وقد جوز في مثله الكسر والفتح والسكون . " ليريكم من آياته " دلائله . " إن في ذلك لآيات لكل صبار " على المشاق فيتعب نفسه بالتفكر في الآفاق والأنفس . " شكور " يعرف النعم ويتعرف مانحها ، أو للمؤمنين فإن الإيمان نصفان نصف صبر ونصف شكر .
32 -" وإذا غشيهم " علاهم وغطاهم . " موج كالظلل " كما يظل من جبل أو سحاب أو غيرهما ، وقرئ كالظلال جمع ظلة كقلة وقلال . " دعوا الله مخلصين له الدين " لزوال ما ينازع الفطرة من الهوى والتقليد بما دهاهم من الخوف الشديد . " فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد " مقيم على الطريق القصد الذي هو التوحيد ، أو متوسط في الكفر لانزجاره بعض الانزجار . " وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار " غدار فإنه نقض للعهد الفطري ، أو لما كان في البحر والختر أشد الغدر . " كفور " للنعم .
33 -" يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوماً لا يجزي والد عن ولده " لا يقضي عنه ، وقرئ (( لا يجزئ )) من أجزأ إذا أغنى والراجع إلى الموصوف محذوف أي لا يجزي فيه . " ولا مولود " عطف على " والد " أو مبتدأ خبره . " هو جاز عن والده شيئاً " وتغيير النظم للدلالة على أن المولود أولى بأن لا يجزي ، وقطع طمع من توقع من المؤمنين أن ينفع أباه الكافر في الآخرة . " إن وعد الله " بالثواب والعقاب . " حق " لا يمكن خلفه . " فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور " الشيطان بأن يرجيكم التوبة والمغفرة فيجسركم على المعاصي .
34 -" إن الله عنده علم الساعة " علم وقت قيامها . لما روي "أن الحرث بن عمرو أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : متى قيام الساعة ؟ وإني قد ألقيت حباتي في الأرض فتى السماء تمطر ؟ وحمل امرأتي أذكر أم أنثى ؟ وما أ'مل غداً وأين أموت ؟ فنزلت" . وعنه عليه الصلاة والسلام " مفاتح الغيب خمس وتلا هذه الآية" . " وينزل الغيث " في إبانة المقدر له والمحل المعين له في علمه ، وقرأ نافع و ابن عامر و عاصم بالتشديد . " ويعلم ما في الأرحام " أذكر أم أنثى أتام أم ناقص . " وما تدري نفس ماذا تكسب غداً " من خير أو شر وربما تعزم على شيء وتفعل خلافه . " وما تدري نفس بأي أرض تموت " كما لا تدري في أي وقت تموت . روي أن ملك الموت مر على سليمان فجعل ينظر إلى رجل من جلسائه يديم النظم إليه ، فقال الرجل من هذا ؟ قال : ملك الموت فقال كأنه يريدني فمر الريح أن تحملني وتلقيني بالهند ففعل فقال الملك : كان دوام نظري إليه تعجباً منه إذ أمرت أن أقبض روحه بالهند وهو عندك )) ، وإنما جعل العلم لله تعالى والدراية للعبد لأن فيها معنى الحيلة فيشعر بالفرق بين العلمين ، ويدل على أنه إن أعمل حيلة وأنفذ فيها وسعه لم يعرف ما هو الحق به من كسبه وعاقبته فكيف بغيره مما لم ينصب له دليل عليه ، وقرئ (( بأية أرض )) وشبه سيبويه تأنيثها بتأنيث كل في " كلهن " . " إن الله عليم " يعلم الأشياء كلها . " خبير " يعلم بواطنها كما نعلم ظواهرها . وعنه عليه الصلاة والسلام " من قرأ سورة لقمان كان له لقمان رفيقاً يوم القيامة ، وأعطي من الحسنات عشراً عشراً بعدد من عمل بالمعروف ونهى عن المنكر " .