islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

تفسير البيضاوى
16913

83-المطففين

وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ

1-" ويل للمطففين " التطفيف البخس في الكيل والوزن لأن ما يبخس طفيف أي حقير . روي أن أهل المدينة كانوا أخبث الناس كيلاً فنزلت فأحسنوه ،وفي الحديث " خمس بخمس ما نقض العهد قوم إلا سلط الله عليهم عدوهم ،وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر ، وما ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت ،ولا طففوا الكيل إلا منعوا النبات وأخذوا بالسنين ، ولا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم القطر " .

الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ

2-" الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون " أي إذا اكتالوا من الناس حقوقهم يأخذونها وافية ، وإنما أبدل " على " بمن للدلالة على أن اكتيالهم لما لهم على الناس ، أو اكتيال يتحامل فيه عليهم .

وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ

3-" وإذا كالوهم أو وزنوهم " أي إذا كالوا الناس أو وزنوا لهم . "يخسرون " فحذف الجار وأوصل الفعل كقوله : ولقد جنيتك أكمؤاً وعساقلا بمعنى جنيت لك أو كالوا مكيلهم فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ، ولا يحسن جعل المنفصل تأكيداً للمتصل فإنه يخرج الكلام عن مقابلة ما قبله إذ المقصود بيان اختلاف حالهم في الأخذ والدفع ، لا في المباشرة وعدمها ويستدعي إثبات الألف بعد الواو كما هو خط المصحف في نظائره .

أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ

4-" ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون " فإن من ظن ذلك لم يتجاسر على أمثال هذه القبائح فكيف بمن تيقنه وفيه إنكار وتعجيب من حالهم .

لِيَوْمٍ عَظِيمٍ

5-" ليوم عظيم " عظمه لعظم ما يكون فيه .

يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ

6-" يوم يقوم الناس " نصب بمبعوثون أو بدل من الجار والمجرور ويؤيده القراءة بالجر " لرب العالمين " لحكمه . وفي هذا الإنكار والتعجيب وذكر الظن ووصف اليوم بالعظم ، وقيام الناس فيه لله ، والتعبير عنه برب العالمين مبالغات في المنع عن التطفيف وتعظيم إثمه .

كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ

7-" كلا " ردع عن التطفيف والغفلة عن البعث والحساب " إن كتاب الفجار " ما يكتب من أعمالهم أو كتابة أعمالهم " لفي سجين " كتاب جامع لأعمال الفجرة من الثقلين كما قال :

وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ

8-" وما أدراك ما سجين ".

كِتَابٌ مَرْقُومٌ

9-" كتاب مرقوم " أي مسطور بين الكتابة أو معلم بعلم من رآه أنه لا خير فيه ، فعيل من السجن لقب به الكتاب لأنه سبب الحبس ، أو لأنه مطروح كما قيل : تحت الأرضين في مكان وحش ، وقيل اسم مكان والتقدير ما كتاب السجين ، أو محل كتاب مرقوم فحذف المضاف .

وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ

10-" ويل يومئذ للمكذبين " بالحق أو بذلك .

الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ

11-" الذين يكذبون بيوم الدين " صفة مخصصة أو موضحة أو ذامة .

وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ

12-"وما يكذب به إلا كل معتد " متجاوز عن النظر غال في التقليد حتى استقصر قدرة الله تعالى وعلمه فاستحال منه الإعادة . " أثيم " منهمك في الشهوات المخدجة بحيث أشغلته عما وراءها وحملته على الإتقان لما عداه .

إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ

13-" إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين " من فرط جهله وإعراضه عن الحق فلا تنفعه شواهد النقل كما لم تنفعه دلائل العقل .

كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ

14-" كلا " ردع عن هذا القوك . " بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون " رد لما قالوه وبيان لما أدى بهم إلى هذا القول ، بأن غلب عليهم حب المعاصي بالانهماك فيها حتى صار ذلك صدأ على قلوبهم فعمي عليهم معرفة الحق والباطل ، فإن كثرة الأفعال سبب لحصول الملكات كما قال عليه الصلاةوالسلام " إن العبد كلما أذنب حصل في قلبه نكتة سوداء حتى يسود قلبه " والرين الصدأ ، وقرأ حفص " بل ران" بإظهار اللام .

كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ

15-" كلا " ردع عن الكسب الرائن " إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون " فلا يرونه بخلاف المؤمنين ومن أنكر الرؤية جعله تمثيلاً لأهانتهم بإهانة من يمنع عن الدخول على الملوك أو قدر مضافاً مثل ربهم ، أو قرب ربهم .

ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ

16-" ثم إنهم لصالوا الجحيم " ليدخلون النار ويصلون بها .

ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ

17-" ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون " تقوله لهم الزبانية .

كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ

18-" كلا " تكرير ليعقب بوعد الأبرار كما عقب بوعيد الفجار إشعاراً بأن التطفيف فجور والإيفاء بر ، أو ردع عن التكذيب . " إن كتاب الأبرار لفي عليين " .

وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ

19-" وما أدراك ما عليون " .

كِتَابٌ مَرْقُومٌ

20-" كتاب مرقوم " الكلام فيه ما مر في نظيره .

يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ

21-" يشهده المقربون " يحضرونه فيحفظونه ، أو يشهدون على ما فيه يوم القيامة ,

إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ

22-" إن الأبرار لفي نعيم " .

عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ

23-" على الأرائك " على الأسرة في الحجال . " ينظرون " إلى ما يسرده من النعم والمتفرجات .

تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ

24-" تعرف في وجوههم نضرة النعيم " بهجة التنعم وبريقه ، وقرأ يعقوب تعرف على البناء للمفعول و نضرة بالرفع .

يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ

25-" يسقون من رحيق " شراب خالص . " مختوم " .

خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ

26-" ختامه مسك " أي مختوم أوانيه بالمسك مكان الطين ، ولعله تمثيل لنفاسته ، أو الذي له ختام أي مقطع هو رائحة المسك ، وقرأ الكسائي خاتمه بفتح التاء أي ما يختم به ويقطع . " وفي ذلك " يعني الرحيق أو النعيم " فليتنافس المتنافسون " فليرتغب المرتغبون .

وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ

27-" ومزاجه من تسنيم " علم لعين بعينها سميت تسنيماً لارتفاع مكانها أو رفعة شرابها .

عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ

28-" عيناً يشرب بها المقربون " فإنهم يشربونها صرفاً لأنهم لم يشتغلوا بغير الله ، وتمزج لسائر أهل الجنة وانتصاب " عيناً " على المدح أو الحال " من تسنيم " والكلام في الباء كما في " يشرب بها عباد الله " .

إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ

29-" إن الذين أجرموا " يعني رؤساء قريش . " كانوا من الذين آمنوا يضحكون " كانوا يستهزئون بفقراء المؤمنين .

وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ

30-" وإذا مروا بهم يتغامزون " يغمز بعضهم بعضاً ويشيرون بأعينهم .

وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ

31-" وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين " متلذذين بالسخرية منهم ،وقرأ حفص فكهين .

وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ

32-" وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون " وإذا رأوا المؤمنين نسبوهم إلى الضلال .

وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ

33-" وما أرسلوا عليهم " على المؤمنين . " حافظين " يحفظون عليهم أعمالهم ويشهدون برشدهم وضلالهم .

فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ

34-" فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون " حين يرونهم أذلاء مغلوبين في النار . وقيل يفتح لهم باب إلى الجنة فيقال لهم اخرجوا إليها ،فإذا وصلوا أغلق دونهم فيضحك المؤمنين منهم .

عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ

35-" على الأرائك ينظرون " حال من " يضحكون " .

هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ

36-" هل ثوب الكفار " أي هل أثيبوا . "ما كانوا يفعلون " وقرأ حمزة و الكسائي بادغام اللام في الثاء . عن النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة المطففين سقاه الله من الرحيق المختوم يوم القيامة " .


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس