1-" إذا جاء نصر الله " إظهاره إياك على أعدائك " والفتح " وفتح مكة ، وقيل المراد جنس نصر الله المؤمنين وفتح مكة وسائر البلاد عليهم ، وإنما عبر عن الحصول بالمجيء تجوزاً للإشعار بأن المقدرات متوجهة من الأزل إلى أوقاتها المعينة لها فتقرب منها شيئاً فشيئاً ،وقد قرب النصر من وقته فكن مترقباً لوروده مستعداً لشكره .
2-" ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً " جماعات كثيفة كأهل مكة والطائق واليمن وهوازان وسائر قبائل العرب ،و " يدخلون " حال على أن " رأيت " بمعنى أبصرت أو مفعول ثان على أنه بمعنى علمت .
3-" فسبح بحمد ربك " فتعجب لتيسير الله ما لم يخطر ببال أحد حامداً له ، أو فصل له حامداً على نعمه ." روي أنه صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة بدأ بالمسجد فدخل الكعبة وصلى ثمان ركعات " ، أو فنزهه تعالى عما كانت الظلمة يقولون فيه حامداً له على أن صدق وعده ، أو فأثن على الله تعالى بصفات الجلال حامداً له على صفات الإكرام . " واستغفره " هضماً لنفسك واستقصاراً لعملك واستدراكاً لما فرط منك من الالتفات إلى غيره ،وعنه عليه الصلاة والسلام " إني لأستغفر الله في اليوم والليلة مائة مرة " . وقيل استغفره لأمتك ،وتقديم التسبيح على الحمد ثم الحمد على الاستغفار على طريق النزول من الخالق إلى الخلق . كما قيل ما رأيت شيئاً إلا ورأيت الله قبله ." إنه كان تواباً " لمن استغفره مذ خلق المكلفين ، والأكثر على أن السورة" نزلت قبل فتح مكة ، وأنه نعي لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه لما قرأها بكى العباس رضي الله عنه ، فقال عليه الصلاة والسلام ما يبكيك ، فقال : نعيت إليك نفسك ، فقال إنها لكما تقول " ، ولعل ذلك لدلالتها على تمام الدعوة وكمال أمر الدين فهي كقوله تعالى : " اليوم أكملت لكم دينكم " أو لأن الأمر بالاستغفار تنبيه على ذو الأجل ، ولهذا سميت سورة التوديع . وعنه عليه الصلاة والسلام " من قرأ سورة إذا جاء أعطي من الأجر كمن شهد مع محمد عليه الصلاة والسلام يوم فتح مكة شرفها الله تعالى " .